ذات ليلة
من ليالي رمضان الجميلة تاقت نفسي لصلاة
التراويح
في المسجد و على الرغم من علمي أن صلاة المرآة في بيتها أفضل
إلا أنني
متعلقة بالمسجد أجد فيه الراحة و السكينة و خاصة في رمضان
كان صغر سن أولادي و
حرصي على عدم إزعاج المصليات يمنعني من الذهاب إلى صلاة التراويح
فكنت اكتفى
بصلاتها في المنزل و تنقلي من النافذة إلى الشرفة لأسمع صوت
الصلاة و أبكى لحرماني
منها و في هذه الليلة شعر زوجي بحرماني هذا فعرض عليا أن اذهب معه
و أصلي ما تيسر
لي و أسرعت بفرحة إلى المسجد مع أولادي داعية الله أن يمن عليا
بصلاة و لو ركعتين
فقط
دخلت المسجد و أنا في قمة السعادة و صليت العشاء في آمان الله و
بدأ المسجد
يمتلئ استعدادا لتراويح
و كانت هناك أطفال كثيرون و بدأت الصلاة و بدء الأولاد
في إثارة شيء من الأصوات العالية فعزمت أن أغادر بعد هاتين
الركعتين و أتقدم
للمصليات باعتذاري عن الأولاد و على الرغم من أن الركعة الواحدة
يقرأ فيها الإمام
ربع حزب إلا أنني لم أشعر بأي ألم في قدمي أنا من تصلى بقصار
السور فلا تستطيع
الوقوف من الألم و لكن الخشوع في الصلاة لا يجعلنا نشعر بأي ألم و
بكيت و أنا أصلى
و احمد الله بداخلي أنني صليت الركعتين إلى تمنيتهم من الله عز
وجل
و ما أن
سلمت من الركعتين حتى التفت أخت في الله في الصفوف الأولى محدقة
بنا و قد احتدت
نبرات صوتها ناهرة لنا: لو سمحتم من معها أطفال صغار أما أن
تسكتهم و أما أن تغادر
هذا لا يصح قالت هذا الكلام و أنا أستعد للمغادرة قبل حديثها ظلت
الأخوات يلححن
عليا أن أبقى و لا أغضب من أختنا فأقسمت لهن أنني لست غاضبة منها
قائلة: يا أخواتي
لقد سألت الله أن أصلى ركعتين فقط و استجاب لي فله الحمد
أشفقن عليا قائلات :لا
حول و لا قوة إلا بالله
و مشيت و الدموع في عيني و أعينهن و سألت نفسي ألم تكن
هناك طريقة أفضل من هذه التي تعاملت بها أختنا معنا ألم يكن القول
اللين أفضل و
خاصة أنها لم تنتظر لترى ماذا سنفعل
كان يمكنها أن تبش في وجهنا مناشدة إيانا
أن نحاول إسكات الأطفال أو تشير إلى أنهن لا يستطعن التركيز في
الصلاة أو كانت
احتملتنا و صبرت علينا حتى نصلى الركعتين و نمشى
أخواتي في الله الكرم هين وجه
بشوش و كلام لين
عندما أرسل الله عز وجل سيدنا موسى و سيدنا هارون إلى فرعون
أمرهما بلين القول
بسم الله الرحمن الرحيم
(فَقُولَا لَهُ قَوْلاً
لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )طه44
فكيف بمن توجه أخت لها في
الله ؟!
لما لا نترفق بعضنا ببعض أين الرحمة فيما بيننا و أين الهين اللين
السهل
القريب من الناس
حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا سعيد يعني ابن
عبد الرحمن الجمحي عن موسى بن عقبة عن الأودي عن
ابن مسعود
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال حرم على النار كل
هين لين سهل
قريب من الناس )
اللهم اجعلنا ممن حرمتهم على النار بسهولتهم و لينهم و قربهم من
الناس اللهم آمين
.