عدالة الصحابة - والرد على الشبهات المثارة حولها

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عدالة الصحابة - والرد على الشبهات المثارة حولها


    عدالة الصحابة - ورد الشبهات حولها


    في الحوار مع المخالِف الذي يُريد أن يتحرر من النص .. قد يستخدِمُ مغالطاتٍ من قبيل توهُمِ الصحابةِ, أو كذِبِهِم , أو عدم الثقةِ في نقلِهِم وهذا مما لا يقول بهِ أهل السنةِ والجماعة .. وغرضُهُ أنه لو شكّك في الناقل فإنهُ سيسْقُطُ المنقول .. ويرمي المخالِفُ بهذه الإدّعاءاتِ دون أي دليلٍ أو حجةٍ برهانيّةٍ يُثبِتُ بها افتراءَه .. فدوْمًا ينبغي التنبُه في الحوارات مع المخالِف لما يرْمي به من مغالطاتٍ , والوقوف على غرضِهِ منها .. ومحاولةُ التشْكيكِ في عدالةِ الصحابةِ بالوهْم أو الكذِبِ أو التجْريحِ هو دأب الغلاةُ في الطعن فى عدالة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين وتابعيهم ومن نقلوا لنا دين الله عز وجل ،كل يطْعَنُ لأجلِ هواه وبغيته ومراده , واتحد في هذه الغايةِ المبتدعة الرافضة (الطاعِنون في الصحابة) ، والخوارج ، والمعتزلة ، وتبِعَهُم القرآنيون والمستشرقون والملاحدة .. ويُحاوِلون جهْدَهُم الطعْن في عدالتِهِم .. فإن هم نجحوا في ذلِك فقد سقَطَ الدينُ الإسْلامي بالكُلية , ولا يبقى لهم إلا إملاء ما يُريدون .. وكما قلنا : إذا طعنوا في الناقل سقَطَ المنقول ..


    توضيحُ المُرادِ بعدالة الصحابةِ عند أهل السنة:

    وأهل السنة يُجْمِعون على عدالة الصحابة .. والعدالة تعني الإستقامةُ على الدين وصدق القول وعدمُ تعمُد الكذِبِ على رسول الله صلى اللهُ عليْهِ وسلّم .. وليس المقصود من العدل أن يكون بريئاً من كل ذنب أو أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط , فهم بشر يُصيبُ ويُخطىء , ومن قارف إثماً - وهم قلة نادرة جداً - استوجب الحدّ ثم حدوا , كان ذلك كفارة لهم , وتابوا وحسنت توبتهم .. يغفر الله لهم ونُحْسِنُ الظن بهم سنة برسول الله الذي أحسَنَ الظن في أصْحابِهِ كما سيأتي بيانُه .. ولِذا فالمراد بالعدالةِ أن يكون الغالب عليهم التدين ، والتحرى فى فعل الطاعات والإستقامةُ والصِّدق ..

    والصحابةُ كُلُّهُم عدولٌ لا يُفرق أهل السنة في ذلِك بين من تقدم إسلامه ومن تأخر، ومن هاجر ومن لم يهاجر، ومن اشترك فى الغزوات ومن لم يشترك ، ومن لابس الفتنة ومن لم يلابسها, ومهما جرى بيْنهم من خلاف فمن اجتهد وأصاب منهم له أجر الإجتهاد وأجر الإصابة , ومن أخطأ له أجر الإجتهاد ويغفر الله له خطأه , ونُحْسِنُ الظن بهم سنة برسول الله الذي أحسَنَ الظن في أصْحابِهِ .. لا نسُبُّهم ولا ننتقِصُ من قدرِهِم , ولا نُفرط ونغالي في حقهم .. فأهل السنة والجماعة وسط بين الجفاةِ والغلاة .. وعدالة الصحابة عند أهل السنة هو من المعلوم من الدين بالضرورة، فالصحابي الذي ينْقُل عن رسول الله مُصدّق فيما يقول .. رضِيَ اللهُ عنهُم وأرْضاهُم.
    قال ابن الصلاح في علومِ الحديثِ 1/176 : " للصحابة بأسرهم خصيصة ، وهى أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب، والسنة، وإجماع من يعتد به فى الإجماع من الأمة"

    وقال العراقى في ألفيته 3/13- 14 : "إن جميع الأمة مجمعة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم وأما من لابس الفتن منهم وذلك حين مقتل عثمان رضي الله عنه فأجمع من يعتد به أيضاً فى الإجماع على تعديلهم إحساناً للظن بهم، وحملاً لهم فى ذلك على الاجتهاد ".

    أدلة عدالة الصحابة من القرآن والسنة:

    فهؤلاء المهاجرين والأنصار من رضي الله عنهم : ومن أصدقُ من الله ؟؟!! .. رضي الله عنهم فقال تعالى " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " .. .. وقد رضيَ الله عنهم فقال : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً " , وكان عددهم ألفانِ وأربعماءَة .. قال عنهم صلى الله عليْهِ وسلّم " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها" ..
    قال شيخ الإسْلام ابن تيمية " والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة ".

    وتاب الله عليْهِم فقال تعالى "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم "

    وقال تعالى عنهم " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما "

    وهؤلاء صحابةُ رسول الله المهاجِرين : منهم يعدلهم الله ويشهد لهم من فوق سبع سماوات بالصدق ونصرة الله ورسوله, فيقول الله عنهم "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" ..

    وهؤلاء صحابةُ رسول الله الأنصار : في الآية التالية يشْهدُ الله لصحابةِ رسول الله من الأنصار الذين استقبلوا رسول الله وصحابته في المدينةِ فيعدلهم ويشهد لهم بالفلاح فيقول عنهم " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ", وقال صلى الله عليه وسلم " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الانصار" وقال صلى الله عليه وسلم فيهم أيْضًا " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق"

    وهذا أمر الله للمسْلمين جميعًا وما اوجب أن نقوله عنهم : ففي تكلمة نفس الآية يقول تعالى عن من أتى من بعدِهِم , وماذا يقولون عن الصحابةِ والمؤمنين السابقين : " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم " .. وقالت عائِشة رضي الله عنها " أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي فسبوهم" .. وقال الإمام مالِك " الذي يسب الصحابة ليس له من مال الفئ نصيب ؛ لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء".

    وأين هؤلاء من رسول الله .. فلم يرْضى رسول الله بسب أصحابِهِ , ولا باتهامِهِم في ظاهِر أفعالِهِم .. فعن أبي سعيد الخُدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شئ، فسبه خالد, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا تسبوا أحداً من أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل اُحُد ذهباً ما أدرك مُد أحدِهم ولا نصِيفَه" .. وقال صلى الله عليه وسلم " أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" .. وقال صلى الله عليه وسلم: " النجوم أمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يُوعَدُون،وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعَدُون"

    وعمر بن الخطاب حين أراد أن يضرِب حاطب بالسيف فقال للنبي , دعني اضرب عنق هذا المنافق , فقال النبي صلى الله عليه وسلم " انه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ونزلت (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون إليهم بالمودة "..
    يقول ابن القيم "والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال".

    فنحن أهلُ السنةِ والجماعةِ من اطاع الله فيمن أحبّ الله ورضي عنهم وأرضوه .. ربنا لا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا .. ونحنُ من حفِظْنا حقّ من حفِظوا لنا الدين .. ونقلوا لنا كتاب الله عز وجل , وسنةَ نبيِّهِ صلى اللهُ عليْهِ وسلّم.. فاللهم اجزِهِم ونبينا عنّا خيْر الجزاء.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:35 م.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

  • #2
    شبهات حول عدالة الصحابة *


    والرد عليها يشتمل على مطلبين :
    المطلب الأول : شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها .

    المطلب الثانى : شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها .

    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:34 م.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

    تعليق


    • #3
      المطلب الأول : شبهاتهم من القرآن الكريم والرد عليها

      إن لأهل الزيغ والإلحاد قديماً وحديثاً ؛ شبهات كثيرة ، يطعنون بها فى عدالة الصحابة ، وأساس تلك الشبهات الرافضة ؛ الذين فاقوا اليهود والنصارى فى خصلتين كما قال الشعبى(1) - رحمه الله تعالى - فيما رواه عنه ابن الجوزى فى الموضوعات قال : "… فضلت الرافضة على اليهود والنصارى بخصلتين.سئلت اليهود من خير أهل ملتكم ؟ قالوا أصحاب موسى-عليه السلام - وسئلت النصارى فقالوا أصحاب عيسى- عليه السلام - ، وسئلت الرافضة من شر أهل ملتكم ؟ فقالوا حوارى محمد ، وأمروا بالإستغفار لهم فسبوهم " (2).

      فمن مطاعنهم فى عدالة الصحابة : ما استدلوا به من :
      1- قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا } (3) وقالوا نزلت فى أكثر الصحابة الذين انفضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير التى جاءت من الشام، وتركوه وحده فى خطبة الجمعة، وتوجهوا إلى اللهو، واشتغلوا بالتجارة، وذلك دليل على عدم الديانة (4).
      2-واستدلوا أيضاً بما ورد فى القرآن الكريم من آيات تتحدث عن النفاق والمنافقين، وحملوها على أتقى خلق الله ، وأطهرهم (رضوان الله عليهم أجمعين) كقوله تعالى : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } (5).
      وأيدوا ذلك بما جاء فى السنة المطهرة من أحاديث يطلق فيها لفظ الصحابة على المنافقين.
      مثل حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : "أتى رَجُلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالجِعْرَانَة مُنْصَرَفَهُ من حُنين. وفى ثوب بلال رضي الله عنه فِضَةٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها. يعطى الناس. فقال: يا محمد ُ! اعْدِلْ 0 قال : " ويلك ومن يَعْدِلُ إذا لم أَكُنْ اَعْدِلُ؟ لقد خِبْتُ وَخَسِرْتُ إن لم أكن أعدِل ُ" فقال عمر بن الخطابرضي الله عنه دعنى يا رسول الله فأقُتل هذا المنافق.فقال : "مَعَاذ الله ! أَنْ يتحدث الناس أَنى أَقْتُلُ أَصْحَاِبى. إِنَّ هذا وأصحابَهُ يقرأون القرآنّ لا يُجاوزُ حَنَاجِرَهُم. يَمرُقُونَ منه كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيِة " (6).

      3- واستدلوا أيضاً بقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } (7)
      وقوله تعالى : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ } (8)

      وقالوا : الفرار من الزحف من أكبر الكبائر(9).


      ويجاب عما سبق بما يلى :


      أولاً : قصة انفضاض أكثر الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير القادمة من الشام ، وتركهم خطبة الجمعة ، إنما وقع ذلك فى بدء زمن الهجرة ، ولم يكونوا إذ ذاك واقفين على الآداب الشرعية كما ينبغى ، كما أن كبار الصحابة كأبى بكر وعمر كانوا قائمين عنده، كما ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحة.

      فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : بينما النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً إذ قدمت عير المدينة ، فابتدرها(1)
      فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : بينما النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً إذ قدمت عير المدينة ، فابتدرها(10)أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق منهم إلا اثنى عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهم ونزلت الآية : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا } (11)،
      ولذا لم يشنع عليهم ، ولم يتوعدهم سبحانه وتعالى بعذاب ولم يعاتبم الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً " (12).


      ورد آخر على هذه القصة وهو : أنه ورد فى بعض الأخبار أنها وقعت لما كان النبى صلى الله عليه وسلم يقدم الصلاة على الخطبة يوم الجمعة ، وانفضاضهم وقع فى الخطبة ، وليس فى الصلاة كما هو الظاهر من بعض الروايات ، والتى ركز عليها بعض الرافضة ، كمحمود أبو رية(13)، ومروان خليفات(14) ، وغيرهم.




      ويدل على أن الإنفضاض كان فى الخطبة ما جاء فى رواية مسلم السابقة : بينما النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً.



      يقول الحافظ ابن حجر : "ترجيح كون الإنفضاض وقع فى الخطبة لا فى الصلاة ، هو اللائق بالصحابة تحسيناً للظن بهم ، وعلى تقدير أن يكون فى الصلاة حمل على أن ذلك وقع قبل النهى كآية { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } (15) وقبل النهى عن الفعل الكثير فى الصلاة ونزول قوله تعالى : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } (16).

      ويؤيد ذلك : ما رواه أبو داود فى المراسيل أن هذه القصة كانت لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة قبل الخطبة ، مثل العيدين ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس فى ترك الجمعة شئ ، فأنزل الله عز وجل : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا } فقدم النبى صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة ، وأخر الصلاة . (17).

      وهو ما رجحه أيضاً النووى فى شرحه على مسلم (18).


      وعلى كل تقدير أنه فى الصلاة ، فلم يكن تقدم لهم نهى عن ذلك ، فلما نزلت آية الجمعة ، وفهموا منها ذم ذلك ، اجتنبوه " (19).


      يقول الألوسى (20) : " ورواية أن ذلك وقع منهم مراراً" إن أريد بها رواية البيهقى فى شعب الإيمان(21) عن مُقَاتِل بن حيان(22) أنه قال : بلغنى والله أعلم أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات، فمثل ذلك لا يلتفت إليه، ولا يعول عند المحدثين عليه، وإن أريد بها غيرها فليبين، ولتثبت صحته، وأنى بذلك؟ وبالجملة : الطعن فى الصحابة بهذه القصة التى كانت من بعضهم فى أوائل أمرهم، وقد أعقبها منهم عبادات لا تحصى، سفه ظاهر، وجهل وافر " (23).


      ثانياً : أما نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان فى المدينة منافقين، وأن النبى صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ الصحابة عليهم : "معاذ الله! أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى ". هذه الشبهة فى وهن بيت العنكبوت ، وهى فرية واضحة لا تثبت لها قدم.

      أولاً : لأن إطلاق لفظ الصحابة على المنافق كما جاء فى الحديث هذا الإطلاق لغوى، وليس اصطلاحى نظير قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ } (24) وقوله تعالى : { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } (25) فإضافة صحبة النبى صلى الله عليه وسلم إلى المشركين والكافرين إنما هى صحبة الزمان والمكان لا صحبة الإيمان، وذلك كقوله تعالى فى حق سيدنا يوسف - عليه السلام - : { يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } (26).

      فالصحبة فى الحديث الشريف، بمعناها اللغوى كما فى الآيات السابقة، وليست الصحبة الاصطلاحية، فتعريفها السابق يخرج المنافقين والمرتدين.


      ثم كيف يكون المنافقون من الصحابة بالمعنى الإصطلاحى وقد نفاه عنهم رب العزة بقوله : { وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } (27).

      ثم إن المنافقين لم يكونوا مجهولين فى مجتمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولم يكونوا هم السواد الأعظم، والجمهور الغالب فيهم، وإنما كانوا فئة معلومة آل أمرهم إلى الخزى والفضيحة، حيث علم بعضهم بعينه، والبعض الآخر منهم علم بأوصافه، فقد ذكر الله فى كتابه العزيز من أوصافهم ، وخصوصاً فى سورة التوبة ، ما جعل منهم طائفة متميزة منبوذة، لا يخفى أمرها على أحد، كما لا يخفى على أحد حالهم فى زماننا. فأين هذه الفئة المنافقة ممن أثبت الله لهم فى كتابه نقيض صفات المنافقين، حيث أخبر عن رضاه عنهم، من فوق سبع سماوات، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس"(28).


      ويدل على ما سبق من قلة المنافقين فى المجتمع الإسلامى، وأنهم فئة معلومة تكفل رب العزة بفضحهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب عظيم.

      ما رواه حذيفة بن اليمان(29) رضي الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنافقين. قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم فى أمتى - وفى رواية - فى أصحابى إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها حتى يَلِجَ الجَمَلُ فى سم الخياط. ثَمانيةٌ منهم تَكْفِيكُهُمُ الدُّبِيْلَةُ، سِرَاجٌ من النارِ، يظهرُ فى أكتافِهِم حتى يَنْجُمَ من صُدَورِهِم"(30).

      وعن ابن عباس (31) - رضى الله عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ظل حجرةٍ من حجره ، وعنده نفرٌ من المسلمين قد كان يقلصُ عنها الظل ، قال : سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعين شيطان فلا تكلموه، فدخل رجل أزرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تسبُنى أنت وفلانٌ وفلان ، لقوم دعا بأسمائهم، فانطلق إليهم فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله عز وجل { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } (32).


      ... أما ما استدل به محمود أبو رية من قول "أُسَيْدُ بن حُضَيْر، لسعدُ بنُ عبادةُ إنك منافق تجادل عن المنافقين" وقوله فهؤلاء البدريون منهم من قال لآخر منهم : "إنك منافق ولم يكفر النبى لا هذا ولا ذاك"(33).

      هذا الذى يزعمه الرافضى محمود أبو ريه من فرط جهله ، وتضليله وبتره لسبب ذلك القول.


      وهو كما جاء فى الصحيحين فى قصة الإفك لما قال صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر : "يا معشر المسلمين من يعذرنى من رجل قد بلغ أذاه فى أهل بيتى فوالله ما علمت على أهلى إلا خيراً. ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً. وما كان يدخل على أهلى إلا معى" فقام سعد بن معاذ الأنصارى فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت عائشة - رضى الله عنها - فقام سعد بن عبادة(34)، وهو سيد الخزرج ، وكان رجلاً صالحاً. ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير(35) ، وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ! لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين ... " (36).

      فكما هو واضح من قصة الحديث أن قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة "فإنك منافق" وقع منه على جهة المبالغة ، فى زجره عن القول الذى قاله حمية للخزرج ، ومجادلته عن ابن أُبى، وغيره. ولم يرد أُسيدُ بإطلاقه "فإنك منافق" لم يرد به نفاق الكفر، وإنما أراد أنه كان يظهر المودة للأوس، ثم ظهر منه فى هذه القصة، ضد ذلك فأشبه حال المنافق، لأن حقيقته إظهار شئ وإخفاء غيره.



      ولعل هذا هو السبب فى ترك إنكار النبى صلى الله عليه وسلم (37) وهو أقوى دليل على الخصم.

      ومع كل هذا فقد تقرر أن العدالة لا تعنى العصمة من الذنوب ، أو السهو، أو الخطأ، ومن فضل الله عليهم رضي الله عنهم أن وعدهم بالمغفرة ، ولا سيما أهل بدر، وهم من أهلها .
      فعن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب حاطب بن أبى بلتعه إلى أهل مكة فأطلع الله تعالى عليه نبيه صلى الله عليه وسلم فبعث علياً والزبير فى أثر الكتاب فأدركا امراة على بعير فاستخرجاه من قرن من قرونها، فأتيا به نبى الله صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه ، فأرسل إلى حاطب فقال "يا حاطب إنك كتبت هذا الكتاب ؟ " قال نعم : يا رسول الله ! قال : "فما حملك على ذلك"؟ قال : يا رسول الله ! إنى والله لناصح لله عز وجل ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنى كنت غريباً فى أهل مكة وكان أهلى بين ظهرانيهم ، فخشيت عليهم ، فكتبت كتاباً لا يضر الله ورسوله شيئاً ، وعسى أن يكون فيه منفعة لأهلى. قال عمر : فاخترطت سيفى وقلت : يا رسول الله أمكنى منه فإنه قد كفر فأضرب عنقه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا ابن الخطاب وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل هذه العصابة من أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فإنى قد غفرت لكم " (38) أ.هـ.





      ثالثاً : أما ما استدلوا به من فرار بعض الصحابة يوم الزحف فى غزوتى أحد وحنين، ما استدلوا به حجة عليهم.


      ففى عتاب الفرار يوم أحد قال عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } ثم ختم العتاب بقوله تعالى : { وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } (39). ولا تعيير بعد عفو الله تعالى عن الجميع(40) ".


      وفى عتاب الفرار يوم حنين قال عز وجل : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ } ثم يمتن رب العزة عليهم بقوله تعالى : { ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } (41).

      وهل تنزل السكينة إلا على قوم مؤمنين؟!! .. نعم تنزل السكينة على قوم مؤمنين ليزدادوا بها إيماناً مع إيمانه ، وصدق رب العزة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } (42) ويقول عز وجل : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } (43).

      وهل بعد تلك الشهادات العلا لهم بالإيمان والتقوى من تعيير؟!!


      اللهم إنى أعوذ بك من الخذلان وسوء العاقبة ... آمين .

      __________
      * كتبهُ عماد السيد الشربيني.
      (1) هو : عامر بن شراحيل بن عبد ذى كبار، الشعبى الحميرى ، أبو عمرو ، علامة التابعي ن، كان إماماً حافظاً يضرب المثل بحفظه ، روى عن على ، وأبى هريرة ، وعائشة ، وابن عمر ، وغيرهم مات سنة 103هـ. له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1/461 رقم 3103، والكاشف 1/522 رقم 2531، والثقات للعجلى ص243 رقم 751، ووفيات الأعيان 3/12-16 رقم 317.
      (2) الموضوعات 1/339
      (3) الآية 11 من سورة الجمعة.
      (4) مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 271 -272، وينظر : الصافى فى تفسير القرآن للكاشانى 2/701، وتفسير القمى لعلى بن إبراهيم القمى 2/367، ومجمع البيان للطبرسى 5/287، 288، وتفسير فرات الكوفى لفرات بن إبراهيم ص 185، وأعيان الشيعة لمحسن الأمين 1/114، وأضواء على السنة لمحمود أبو رية ص 359، وركبت السفينة لمروان خليفات ص 223، والإفصاح فى إمامة على بن أبى طالب لمحمد بن النعمان العكبرى ص 37.


      (5) الآية 101 من سورة التوبة.
      (6) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم 4/170، 171 رقم 1063. وينظر : الفصول المهمة فى تأليف الأمة لعبد الحسين الموسوى ص 203، والصحابة فى نظر الشيعة الإماميةلأسد حيدر ص 31 - 32، ومقدمة مرآة العقول فى شرح أخبار آل الرسول لمرتضى العسكرى 1/8، ومعالم المدرستين له أيضاً المجلد 1/130، وأضواء على السنة محمود أبو رية ص 354، 356، والحسبة ص 60 وما بعدها، ولماذا القرآن ص 82 - 84 كلاهما لأحمد صبحى منصور، وانظر : له أيضا مقاله (الصحابة بين القداسة والتكفير) مجلة روزاليوسف العدد 3564 ص 22-24، والنص والاجتهاد لعبد الحسين شرف الدين ص335، 336، وركبت السفينة لمروان خليفات ص 219 - 223، ومساحة للحوار لأحمد حسين يعقوب ص 131، 169، 171، ونظرية عدالة الصحابة له أيضاً ص 39،وأهل السنة شعب الله المختار لصالح الوردانى ص 37، 102، ومع الدكتور موسى الموسوى فى كتابه الشيعة والتصحيح للدكتور علاء الدين القزوينى ص 151، 153، والإفصاح فى إمامة على للشيخ محمد العكبرى ص 37، 39، والخلافة المغتصبة لإدريس الحسينى ص 45، 91، والشيعة هم أهل السنة للدكتور محمد التيجانى ص285.
      (7) الآية 155 من سورة آل عمران.
      (8) الآية 25 من سورة التوبة.
      (9) مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 273، وينظر : تفسير الصافى للكاشانى 1/691، وتفسير القمى لعلى إبراهيم القمى 1/287، والميزان فى تفسير القرآن محمد حسين الطباطبائى 9/226، وركبت السفينة لمروان خليفات ص230،والإفصاح فى إمامة على بن أبى طالب لمحمد بن النعمان العكبرى ص 36، 41، ولقد شيعنى الحسين لإدريس الحسينى ص 350.
      (10) ابتدرها : أى أسرعوا إليها. لسان العرب 4/48.
      (11) الآية 11 من سورة الجمعة، والحديث أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة، باب فى قوله تعالى : "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا" 3/415 رقم863 ، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب تفسير "وإذا رأوا تجارة أو لهواً " 8/511 رقم 4899.
      (12) مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 272 بتصرف . وينظر : روح المعانى للألوسى 28/107.
      (13) كاتب مصرى كان منتسباً إلى الأزهر فى صدر شبابه، فلما انتقل إلى مرحلة الثانوية الأزهرية أعياه أن ينجح فيها، اكثر من مرة ، فعمل مصححاً للأخطاء المطبعية بجريدة فى بلده، ثم موظفاً فى دائرة البلدية حتى أحيل إلى التقاعد، من مصنفاته التى طعن فيها فى السنة المطهرة والسيرة الواردة فيها. أضواء على السنة، وقصة الحديث المحمدى، وشيخ المضيرة (أبو هريرة) ينظر : السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص466.وينظر استدلاله بهذه الشبهة فى كتابه أضواء على السنة ص 359.
      (14) كاتب سورى معاصر حصل على العالية (الليسانس) من كلية الشريعة بسوريا، تشيع وغالي في
      تشيعه من مؤلفاته : وركبت السفينة.وينظر استدلاله بهذه الشبهة فى كتابه وركبت السفينة ص 223.
      (15) الآية 33 من سورة محمد.
      (16) الآية 2 من سورة المؤمنون وانظر : فتح البارى 2/493 رقم 936 بتصرف يسير.
      (17) المراسيل ص 50 رقم 61.
      (18) المنهاج شرح مسلم 3/416، 417 رقم 863، وينظر : تفسير القرآن العظيم 4/367.
      (19) ينظر : فتح البارى 2/493 رقم 936.
      (20) هو : محمود شكرى بن عبد الله بن شهاب الدين، محمود الألوسى، الحسينى، أبو المعالى، عالم بالأدب، والدين، والتاريخ، ومن الدعاة إلى الإصلاح، من مصنفاته : روح المعانى، ومختصر التحفة الإثنى عشرية ، مات بغداد سنة 1342هـ ، له ترجمة فى الأعلام للزركلى 7/172،173 .
      (21) الرواية أوردها السيوطى فى الدر المنثور : 8/166، ولم يعزها لغيره.
      (22) هو:مقاتل بن حَيَّان النَّبَطىُّ، أبو بسطام البَلْخِىُّ، صدوق فاضل، اخطأ الأزدى فى زعمه أن وكيعاً كذبه، إنما كذب مقاتل بن سليمان. مات قبيل الخمسين بأرض الهند. له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2/210 رقم6891، وتذكرة الحفاظ 1/174 رقم 168، وطبقات المفسرين للداودى 2/329، وخلاصة تهذيب الكمال ص 330، ولسان الميزان 9/198 رقم 14548.
      (23) روح المعانى للألوسى 28/107.
      (24) الآية 184 من سورة الأعراف.
      (25) الآية 2 من سورة النجم، وفى هذه الآية وما فى معناها بطلان لسؤال الرافضى مروان خليفات ومن قال بقوله. قال : قال تعالى "وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ" الآية 101 من سورة التوبة، قال : فنصت الآية على أن هناك منافقين لا يعلمهم إلا الله فمن هم حتى نتجنب أخذ الأحاديث عنهم" أ.هـ ينظر : وركبت السفينة ص 230، 231، ونسى خليفات على فرض التسليم بزعمه، ما أفاض فيه رب العزة من ذكر أوصافهم فى سورة التوبة، وغيرها من سائر سور القرآن، كما تناسى وعد الله المذكور فى ختام الآية، وهو فضحهم فى الدنيا، ولهم فى الآخرة عذاب عظيم : "نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" وإلا فالخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم كان فى بدء الأمر ثم أعلمه رب العزة بأسمائهم، فضلاً عما= =ذكر فى القرآن من صفاتهم، ويؤكد هذا أخبار النبى صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم بأسمائهم، وسيأتى قريباً ذكر الحديث.
      (26) الآية 39 من سورة يوسف.
      (27) الآية 56 من سورة التوبة.
      (28) ينظر : عقيدة أهل السنة والجماعة فى الصحابة للدكتور ناصر الشيخ 3/963.
      (29) له ترجمة فى:الإستيعاب1/334 رقم 492، وأسد الغابة 1/706 رقم 1113، والإصابة 1/317 رقم 1652، وتاريخ الصحابة 73 رقم 267، ومشاهير علماء الأمصار ص55 رقم 267.
      (30) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب صفات المنافقين 9/136، 137 رقم 2779.
      (31) هو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، صحابى جليل. له ترجمة فى : الإستيعاب 3/933 رقم 1606، أسد الغابة 3/291 رقم 3037، وتاريخ الصحابة ص 148 رقم 717، ومشاهير علماء الأمصار ص 15 رقم 17، وتذكرة الحفاظ 1/40 رقم 18.
      (32) الآية 18 من سورة المجادلة، والحديث أخرجه أخرجه البيهقى فى دلائل النبوة 5/282، 283 والحاكم فى المستدرك كتاب التفسير، باب تفسير سورة المجادلة 2/524 رقم 3795، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وسكت عنه الذهبى .
      (33) أضواء على السنة ص 359.
      (34) سعد بن عبادة صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 2/30 رقم 3173، والإستيعاب 2/594 رقم 944، وأسد الغابة 2/441 رقم 2012، ومشاهير علماء الأمصار 15 رقم 20.
      (35) أسٍيد بن حضير صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 1/49 رقم 185، وتاريخ الصحابة ص30 رقم 25، ومشاهير علماء الأمصار ص20 رقم 36، والإستيعاب 1/92 رقم 54، و أسد الغابة 1/240 رقم 170.
      (36) جزء من حديث طويل أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً
      إلى قوله هم الكاذبون" 8/306-308= =رقم 4750 ومسلم (بشرح النووى) كتاب التوبة، باب فى حديث الإفك وقبول توبة القاذف 9/115، 118 رقم 2770.
      (37) فتح البارى 8/330 رقم 4750 بتصرف، وينظر : منهاج السنة لابن تيمية 3/192.
      (38) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر أهل بدر 4/87 رقم 6966، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى.

      (39) الآية 155 من سورة آل عمران.
      (40) روح المعانى للألوسى 4/99، وينظر : مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 273
      (41) الآية 26 من سورة التوبة.

      (42) الآية 4 من سورة الفتح.
      (43) الآية 26 من سورة الفتح.
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:34 م.
      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
      *******************
      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
      ********************
      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

      تعليق


      • #4
        المطلب الثانى : شبهاتهم من السنة النبوية والرد عليها

        بعد أن تحايل أهل الزيغ من الرافضة وأذيالهم ، على بعض آيات من القرآن الكريم ، ليحوروا معانيها، ويستدلوا بهذا التحوير على عدم عدالة الصحابة ، وتكفيرهم ، نجدهم هنا باسم السنة النبوية ، ونصوصها يستشهدون بها أيضًا على عدم عدالتهم ، وهكذا عكس المشاغبون القضية ، ونظروا في السنة النبوية المطهرة ، فما وافق دعواهم منها قبلوه ، واعترضوا به على منازعيهم ، وما احتجوا به لا حجة لهم فيه ؛ لأن ما استشهدوا به إما أحاديث مكذوبة ، وضعيفة ، وإما صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا به .


        وإليك ما استشهدوا به والجواب عنه:
        1- استدلوا من السنة المطهرة : بقوله صلى الله عليه وسلم : "… ألا وإنه سَيْجَاءُ برجالٍ من أمتى فيؤخذُ بِهمْ ذات الشمال، فأقول : يا ربِّ أُصيحَابى، فيقال : إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } (1) فيقال : إن هؤلاء لا يَزَالوا مُرْتَدِّينَ على أعقابِهِم منذ فَارَقْتَهُم"(2)
        2- واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : "لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "(3) وقالوا : تقاتل الصحابة فى صفين والجمل (4).
        3- واستدلوا بماروى عن بُرَيْدَة رضي الله عنه(5) قال: جاء رجل إلى قوم فى جانب المدينة فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أحكم برأيى فيكم، فى كذا وكذا. وقد كان خطب امرأة منهم فى الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه، فبعث القوم إلى النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه، فقال : "كذب عدو الله". ثم أرسل رجلاً فقال : "إن أنت وجدته ميتاً فأحرقه" فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"(6)
        واستدل آخرون بالطعن فى عدالة الصحابة بما تمليه عليهم عقولهم الضالة من فهم أعوج لسيرة الصحابة ، وتاريخهم المجيد ، كما فعل مفتى الماركسية خليل عبد الكريم(7) فى كتابه "مجتمع يثرب العلاقة بين الرجل والمرأة فى العهدين المحمدى والخليفى" فقد صور مجتمع المدينة المنورة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلفائه الراشدين ، وصحابته الأطهار، تصويراً شائناً قبيحاً، وجعله أشبه بمجتمع الحيوانات التى لا هم لها إلا إشباع الغرائز الجنسية بأى شكل ، وبغير ضابط من دين أو خلق ، غير مكترثين بالنصوص الدينية التى تمنعهم من هذا الهبوط "( (8).

        كما أصدر كتاباً آخر بعنوان " شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة " وهو من ثلاثة أسفار، الأول بعنوان " محمد والصحابة " والثانى " الصحابة والصحابة " والثالث " الصحابة والمجتمع " تناول فيها المؤلف تاريخ الصحابة ، وسيرتهم بأسلوب فج قبيح ينبئ عن سوء فهمه ، وجهله ، وحقده الدفين ، ضد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك فعل سعيد العشماوى(9) وغيرهم(10) .
        ويجاب عما سبق بما يلى :

        أولاً : أما استدلالهم بحديث الحوض ، وما جاء فيه من وصف الصحابة بالردة.


        فهذا من زندقة الرافضة ، ومن تلبيسهم ، وتضليلهم. فإن المراد بالأصحاب هنا ليس المعنى الإصطلاحى عند علماء المسلمين ، بل المراد بهم مطلق المؤمنين بالنبى صلى الله عليه وسلم المتبعين لشريعته ، وهذا كما يقال لمقلدى أبى حنيفة أصحاب أبى حنيفة ، ولمقلدى الشافعى أصحاب الشافعى وهكذا ، وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع .


        وكذا يقول الرجل للماضين ، الموافقين له فى المذهب : " أصحابنا " مع أن بينه وبينهم عدة من السنين ، ومعرفته صلى الله عليه وسلم لهم مع عدم رؤيتهم فى الدنيا ؛ بسبب أمارات تلوح عليهم يعرفها النبى صلى الله عليه وسلم .


        فعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن حوضى لأبعد من أَيَلَةَ مِن عَدَنٍ(11)، والذى نفسى بيده ! إنى لأزودُ عنه الرجال كما يَزُودُ الرجلُ الإبلَ الغريبةَ عن حوضه "، قالوا: يا رسول الله ! أو تعرفنا ؟ قال : " نعم تَرِدُون علىَّ غُرًّا مُحَجَّلينَ من آثار الوضوء. ليست لأَحدٍ غَيْرِكُم " (12).

        ولو افترضنا أن المراد بالأصحاب فى الحديث ، الأصحاب فى زمنه صلى الله عليه وسلم . فالمراد بهم : الذين صاحبوه صحبة الزمان والمكان مع نفاقهم ، كما سبق من قوله تعالى : { ما ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } (13). وعلى هذا فالمراد بالمرتدين من أصحابه فى الحديث هم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق رضي الله عنه . وقد علمت أن التعريف الإصطلاحى للصحابة يخرج من ارتد ومات على ردته - والعياذ بالله - .

        وفى الحديث ما يؤيد المعانى السابقة ، كقوله صلى الله عليه وسلم "أصيحابى" بالتصغير، كما جاء فى بعض الروايات ، قال الخطابى : "فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك ، وإنما وقع لبعض جفاة الأعراب ، ولم يقع من أحد من الصحابة المشهورين " (14). وفى قوله صلى الله عليه وسلم : "فيقال" : هل شعرت ما عملوا بعدك " "فيه إشارة إلى أنه لم يعرف أشخاصهم بأعيانها ، وإن كان قد عرف إنهم من هذه الأمة " (15).



        أما حمل الحديث على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى الإصطلاحى- فهذا ما لا يقوله مسلم!! وهو ما يدحضه ما سبق ذكره من تعديل الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع الأمة على ذلك أ.هـ.







        ثانياً : أما ما احتجوا به من حديث " لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " والزعم بأن الصحابة استحل بعضهم دماء بعض فى صفين والجمل.



        فالحق أن هذه الشبهة من أخطر الشبه ؛ التى احتج بها الرافضة الزنادقة ، وأذيالهم من دعاة العلمانية، الذين اتخذوا من تلك الفتن مادة دسمة ، طعنوا بها فى عدالة الصحابة، وفتنوا بذلك عوام المسلمين ، وممن لا علم له ، بضربهم على (الوتر الحساس) وهو : دعوى ظلم الصحابة رضي الله عنهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الفتن ".

        وهذا ما فعله طه حسين فى كتابه " الفتنة الكبرى - عثمان بن عفان رضي الله عنه " (16). وقال بقوله محمود أبو رية (17)، وغير واحد من دعاة الرافضة واللادينية (18). حتى وجدنا من يجهر من الرافضة قائلاً : "معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه" - كافر ابن كافر - ولعنة الله على معاوية ، فقد بغى على الحق ، وخرج على طاعة الإمام علىّ ، وشتت شمل المسلمين ، وفرق كلمتهم ، فأساس فرقة المسلمين إلى الآن هو معاوية الذى خرج عن طاعة الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه" (19).



        والجواب عن هذا الإفك يطول(20)، وهو بحاجة إلى تحقيق دقيق(21). أكتفى هنا بخلاصة القول.

        وهو أنه لا حجة لهم فى الحديث ، ولا فى الفتن التى وقعت بين سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين- والتى أشعلها سلفهم من الخوارج ، والرافضة ، والزنادقة. فقوله : "لا ترجعوا بعدى". بصيغة النهى والتحذير من قتال المؤمن.






        وإطلاق الكفر على قتال المؤمن محمول على معانى متعددة :

        1- مبالغة فى التحذير من ذلك ، لينزجر السامع عن الإقدام عليه وليس ظاهر اللفظ مراداً ، أو أنه على سبيل التشبيه لأن ذلك فعل الكافر " (22). والمعنى لا تفعلوا فعل الكفار فتشبهوهم فى حالة قتل بعضهم بعضاً (23).
        2- وقيل : المعنى كفاراً بحرمة الدماء ، وحرمة المسلمين ، وحقوق الدين .
        3- وقيل : كفاراً بنعمة الله عز وجل.

        4- وقيل : المراد ستر الحق ، والكفر لغة الستر، لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه ، فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه .
        5- وقيل: إن الفعل المذكور يفضى إلى الكفر، لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصى جره شؤم ذلك إلى أشد منها ؛ فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإسلام .


        6-وقيل : اللفظ على ظاهره للمستحل قتال أخيه المسلم ..


        وقيل غير ذلك (24).
        وما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من قتال لم يكن عن استحلال له حتى يحمل الحديث على ظاهره وأن قتالهم كفر، كما استدل الخوارج ومن شايعهم بقوله صلى الله عليه وسلم : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"(25).


        كيف والقرآن الكريم يكذبهم فى هذا الفهم السطحى قال تعالى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (26). فسماهم أخوة ، ووصفهم بأنهم مؤمنون ، مع وجود الاقتتال بينهم ، والبغى من بعضهم على بعض.
        يقول الحافظ ابن كثير(27) : " وبهذا استدل البخارى(28) وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت ، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم ، وهكذا ثبت فى صحيح البخارى من حديث الحسن(29)، عن أبى بكرة(30) رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر- والحسن بن علىّ إلى جنبه- وهو يقبل على الناس مرة ، وعليه أخرى ويقول : إن ابنى هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين (31) . فكان كما قال صلى الله عليه وسلم ، أصلح الله تعالى به بين أهل الشام ، وأهل العراق ، بعد الحروب الطويلة ، والواقعات المهولة " (32)


        يقول الإمام ابن تيمية : "والذين قاتلوا الإمام على رضي الله عنه لا يخلوا : إما أن يكونوا عصاة ، أو مجتهدين مخطئين أو مصيبين ، وعلى كل تقدير، فهذا لا يقدح فى إيمانهم ، ولا فى عدالتهم ، ولا يمنعهم الجنة ، بما سبق من تصريح القرآن الكريم ، من تسميتهم إخوة ، ووصفهم بأنهم مؤمنون ، وتأكيد النبى صلى الله عليه وسلم ذلك بما سبق من رواية الحسن بن على عن أبى بكرة رضي الله عنه . ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين ، وإن قالوا فى إحداهما أنهم كانوا بغاة(33) . والبغى إذا كان بتأويل كان صاحبه مجتهدا ً، والمجتهد المخطئ لا يكفر، ولا يفسق وإن تعمد البغى فهو ذنب من الذنوب ، والذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة ، وشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ودعاء المؤمنين، وغير ذلك(34). وعلى هذا القول إجماع الأمة من علمائها.


        يقول الإمام الآمدى : " فالواجب أن يحمل كل ما جرى بينهم من الفتن على أحسن حال، وإن كان ذلك إنما لما أدى إليه اجتهاد كل فريق من اعتقاده أن الواجب ما صار إليه ، وأنه أوفق للدين وأصلح للمسلمين. وإلا فجمهور الصحابة وسادتهم تأخروا عن تلك الفتن والخوض فيها كما قال محمد بن سيرين (35) : "هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف فما حضر منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين "
        وإسناد هذه الرواية كما قال ابن تيمية أصح إسناد على وجه الأرض (36). وعلى هذا فالذى خاض فى تلك الفتن من الصحابة إما أن يكون كل مجتهد مصيباً، أو أن المصيب واحد ، والآخر مخطئ فى اجتهاده مأجور عليه. وعلى كلا التقديرين ، فالشهادة والرواية من الفريقين لا تكون مردودة ، إما بتقدير الإصابة فظاهر، وإما بتقدير الخطأ مع الاجتهاد فبالإجماع " (37).

        يقول الإمام الجوينى(38) : "أما التوقف فى تعديل كل نفر من الذين لابسوا الفتن، وخاضوا المحن ، ومتضمن هذا، الإنكفاف عن الرواية عنهم ، فهذا باطل من دين الأمة، وإجماع العلماء على تحسين الظن بهم ، وردهم إلى ما تمهد لهم من المآثر بالسبيل السابقة ، وهذا من نفائس الكلام " (39) أ.هـ.

        وصدق عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى : "تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا تخضب بها السنتنا " (40) أ.هـ.


        والله تبارك وتعالى أعلى أعلم




        ثالثاً : أما ما زعمه غلاة الشيعة ، والمستشرقون ، ودعاة اللادينية : أن بداية الوضع كانت فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم ووقعت من صحابته الكرام ، واستدلالهم على ذلك بالروايات السابقة (41). وغيرها مما جاء فيها تخطئة بعض الصحابة لبعضهم ، واستشهادهم بذلك على أنهم كانوا يشكون فى صدق بعضهم بعضاً ، وأنهم كانوا يكذِّب بعضهم بعضاً ، وأنهم تسارعوا على الخلافة وانقسموا شيعاً وأحزاباً ( وأخذ كل حزب يدعم موقفه بحديث يضعه على النبى صلى الله عليه وسلم ، واشتد ذلك الأمر فى العصر الأموى ، والعباسى حيث تحولت تلك الأكاذيب إلى أحاديث ، وتم تدوينها فى العصر العباسى ضمن كتب الحديث الصحاح ) (42).
        فهذا لا يقوله إلا قوم امتلأت قلوبهم حقداً وبغضاً على من اختارهم واصطفاهم ربهم عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وتبليغ رسالته إلى الخلق كافة . وهذا الكذب ترديد لما قاله قديماً جولد تسيهر(43) فى العقيدة والشريعة فى الإسلام قائلاً: " ولا نستطيع أن نعزو الأحاديث الموضوعة للأجيال المتأخرة وحدها، بل هناك أحاديث عليها طابع القدم ، وهذه إما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم أو هى من عمل رجال الإسلام القدامى … " (44) .


        وردد ذلك من غلاة الشيعة على الشهرستانى(45) فى كتابه " منع تدوين الحديث أسباب ونتائج" قائلاً : "السنة المتداولة اليوم ليست سنة الرسول ، بل هى سنة الرجال ؛ فى كم ضخم من أبوابها ومفرداتها "(46) وفى موضع آخر : يصف السنة المطهرة بأنها " فقه الرجال " (47)
        ويجاب عما سبق بما يلى :

        بداية الوضع فى الحديث وبراءة الصحابة رضي الله عنهم منه :



        اختلف العلماء فى بداية ظهور الوضع فى الحديث إلى قولين :
        1- القول الأول : ذهب إلى أن بدايته فى عهد النبوة المباركة ، وبه قال الدكتور صلاح الدين الأدلى(48)، والدكتور فاروق حماده(49)، واستدلوا على ذلك بما روى عن بُرَيْدَة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى قوم فى جانب المدينة فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أحكم برأيى فيكم، فى كذا وكذا. وقد كان خطب امرأة منهم فى الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه ، فبعث القوم إلى النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه، فقال : "كذب عدو الله". ثم أرسل رجلاً فقال : "إن أنت وجدته ميتاً فأحرقه" فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"(50).


        2- القول الثانى : ذهب إلى أن بداية الوضع فى الحديث ، كانت باندلاع الفتنة التى أشعل فتيلها أقوام من الحاقدين على الإسلام ، ويعتبر الدكتور السباعى سنة أربعين من الهجرة هى الحد الفاصل بين صفاء السنة وخلوصها من الكذب والوضع ، وبين التزايد فيها واتخاذها وسيلة لخدمة الأغراض السياسية والإنقسامات الداخلية بعد أن اتخذ الخلاف بين علىّ ومعاوية - رضى الله عنهما- شكلاً حربياً سالت به دماء وأزهقت منه أرواح ، وبعد أن انقسم المسلمون إلى طوائف متعددة(51). وربما بدأ قبل ذلك ، فى الفتنة التى كانت زمن عثمان رضي الله عنه ، هذا إذا اعتبرناها الفتنة المذكورة فى خبر ابن سيرين ، والتى جعلها بداية لطلب الإسناد.

        قلت : وأياً كانت بداية الوضع فى الحديث " زمن النبوة المباركة " أو " زمن الفتنة " فلا يمكن أن يكون الوضع فى الحديث وقع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم العدول الثقات المعروفين بالخيرية ، والتقى ، والبر والصلاح ، والذين يدور عليهم نقل الحديث.

        وعلى فرض صحة الروايات التى تشير إلى أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة. فليس فيها ما يشكك فى صدق الصحابة ، ولا ما يطعن فى عدالتهم ، إذ كان معهم منافقون ، وهم الذين كانت تصدر منهم أعمال النفاق ، فلا يبعد أن يكون الرجل الوارد فى تلك الروايات واحد من المنافقين ؛ وبذلك قال الدكتور صلاح الدين الأدلبى(52)، والدكتور فاروق حمادة(53) دفاعاً عن تهمة الصحابة بالكذب عليه صلى الله عليه وسلم فى زمانه ، وهما من أصحاب القول الأول أن بداية الوضع زمن النبوة المباركة.


        وصفوة القول : " لا يختلف منصفان فى أن العصر الأول للإسلام يُعَدُ أنظف العصور وأسلمها من حيث استقامة المجتمع ، وتوفيق رجاله وصلاحهم ولا غرو ، فإن جلّ القيادات كانت من الصحابة "(54) .

        كما أن التربية القرآنية التى غرسها صلى الله عليه وسلم فى صحبه ، وتعهدها بالرعاية كانت عاملاً فعالاً فى تطهير نفوس الأصحاب مما يطرأ عادة على القلوب والنفوس من أهواء ورغائب تكون مدعاة للكذب والإفتراء ، ولا سيما والقرآن الكريم يتوعد الكاذبين بأشد الوعيد ، ويصف الكذب بأنه ظلم قال تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ } (55) . وقال سبحانه : { قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ } (56).


        وكيف يكذبون! وقد اشتهر وأعلن فيهم وتواتر عنهم قوله صلى الله عليه وسلم : "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (57) وكيف نتصور وصفهم بالكذب وعشرات من الآيات القرآنية ، وعشرات أخرى من الأحاديث النبوية تزكيهم وتصفهم بالصدق ، والإخلاص ، والتقوى؟!! .

        بل إنه كما يقول الدكتور السباعى - رحمه الله تعالى- : " ليس من السهل علينا أن نتصور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فدوا الرسول بأرواحهم وأموالهم وهجروا فى سبيل الإسلام أوطانهم وأقرباءهم ، وامتزج حب الله وخوفه بدمائهم ولحومهم : ليس من السهل أن نتصور هؤلاء الأصحاب يقدمون على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما كانت الدواعى إلى ذلك(58)


        ولقد دلنا تاريخ الصحابة فى حياة الرسول وبعده ، أنهم كانوا على خشية من الله وتقى يمنعهم من الإفتراء على الله ورسوله ، وكانوا على حرص شديد على الشريعة وأحكامها ، والذب عنها ، وإبلاغها إلى الناس ، كما تلقوها عن رسوله ، يتحملون فى سبيل ذلك كل تضحية ويخاصمون كل أمير أو خليفة أو أى رجل يرون فيه انحرافاً عن دين الله عز وجل لا يخشون لوماً ، ولا موتاً ، ولا أذى ، ولا اضطهاداً ، وإليك أمثلة على صدق ذلك .





        نماذج من جراءة الصحابة فى حفظ الشريعة :

        1- فهذا الفاروق عمر رضي الله عنه الذى تهابه أعتى الإمبراطوريات ويخاف سطوته العادلة أشجع الرجال، تقف فى وجهه امرأة لتقول له : لا، وذلك حين دعا إلى أمر رأت فيه هذه المرأة مخالفة لتعاليم القرآن، فقد خطب الناس يوماً فقال : " أيها الناس لا تغالوا فى مهور النساء لو كان ذلك مكرمة عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فتتصدى له امرأة على مسمع من الصحابة فتقول له : "يا أمير المؤمنين! كتاب الله عز وجل أحق أن يتبع أو قولك ؟ قال : بل كتاب الله عز وجل ، فما ذلك ؟ قالت نهيت الناس آنفاً أن يغالوا فى صدق النساء والله عز وجل يقول فى كتابه العزيز : { وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } (59) فقال عمر : كل أحد أفقه من عمر، مرتين أو ثلاثاً ، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس : إنى نهيتكم أن تغالوا فى صدق النساء ؛ ألا فليفعل كل رجل فى ماله ما بدا له(60) .

        2- ويذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى محاربة الممتنعين عن أداء الزكاة فيعارضه عمر طالما أن نصاً نبوياً يمنع دماء من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو قوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله، فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله"، فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال والله لو منعونى عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقاتلتهم على منعه فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبى بكر للقتال فعرفت أنه حق " (61).


        3-وهذا على بن أبى طالب رضي الله عنه يعارض عمر رضي الله عنه فى همه برجم امرأة ولدت لستة أشهر، فقال له علىّ : ليس ذاك لك : إن الله عز وجل يقول فى كتابه { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } (62) فقد يكون فى البطن ستة أشهر، والرضاع أربعة وعشرين شهراً فذلك تمام ما قال الله : ثلاثون شهراً ، فخلى عنها عمر"(63).


        4- وهذا أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه ينكر على مروان من الحكم والى المدينة تقديم الخطبة على صلاة العيد مبيناً أنه عمل مخالف للسنة النبوية (64).


        5-وها هو ابن عمر- كما يروى لنا الذهبى فى "تذكرة الحفاظ" يقوم - والحجاج(65)يخطب فيقول : أى ابن عمر متكلماً عن الحجاج : عدو الله استحل حرم الله ، وخرب بيت الله وقتل أولياء الله - جل جلاله -. وروى الذهبى أن الحجاج خطب فقال : إن ابن الزبير بدل كلام الله ، فقال ابن عمر: كذبت لم يكن ابن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت ، قال الحجاج : إنك شيخ قد خرفت اقعد. قال ابن عمر : أما إنك لو عدت عدت ) (66).


        مثل هذه الأخبار، ومئات أمثالها قد استفاضت بها كتب التاريخ ، وهى تدل دلالة قاطعة على ما كان عليه الصحابة من الشجاعة ، والأمانة ، والجرأة فى الحق ، والتفانى فى الدفاع عنه ، بحيث يستحيل أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعاً لهوى أو رغبة فى دنيا ، إذ لا يكذب إلا الجبان ، كما يستحيل عليهم أن يسكتوا عمن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الذين لا يسكتون عن اجتهاد خاطئ ؛ يذهب إليه بعضهم بعد فكر وإمعان نظر.


        وهذا غاية ما يكون بينهم من خلاف فقهى لا يتعدى اختلاف وجهات النظر فى أمر دينى وكل منهم يطلب الحق وينشده (67).





        وما يرد من ألفاظ التكذيب على ألسنة بعضهم ، فإنما هو تخطئة بعضهم لبعض، وبيان ما وقع فيه بعضهم من وَهَم الكلام. والكذب بهذا المعنى لا يعصم منه أحد ، لا من الصحابة ، ولا ممن دونهم ، وقد جاءت كلمة "الكذب" فى أحاديث كثيرة بمعنى الخطأ ، من ذلك مايلى :
        قول النبى صلى الله عليه وسلم : "كذب من قال ذلك"(68) فى الرد على من ظن أن عامر بن الأكوع(69) : "قتل نفسه فى غزوة خيبر حيث أصابه سيفه ، وهو يبارز "مرحباً" ملك اليهود . وقوله صلى الله عليه وسلم : "كذب أبو السنابل(70)، ليس كما قال، قد حللت فانكحى". وذلك فى الرد على أبى السنابل الذى قال لسبيعة بنت الحارث(71)، وقد وضعت حملها بعد وفاة زوجها بأيام : إنك لا تحلين حتى تمكثى أربعة أشهر وعشراً. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " كذب أبو السنابل ، ليس كما قال "(72).

        وعلى نحو هذا الإستعمال لكلمة "كذب" جاء استعمال الصحابة لها .
        1-كقول ابن عباس رضي الله عنهما عن نوف البكالى(73) : "كذب نَوْف" عندما قال صاحب الخضر ليس موسى بنى إسرائيل ، وإنما موسى آخر - ونوف من الصالحين العباد ، ومقصود ابن عباس : اخطأ نوف (74).

        2-ومنه قول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : "كذب أبو محمد" حيث قال : " الوتر واجب " .

        3- ومنه قول عائشة - رضى الله عنها - لما بلغها أن أبا هريرة يحدث بأنه "لا شؤم إلا فى ثلاث" قالت : "كذب - والذى أنزل على أبى القاسم - من يقول : " لا شؤم إلا فى ثلاث - ثم ذكرت الحديث " (75) .

        4- "واسْتَمَعَ الزبير بن العوام رضي الله عنه ، إلى أبى هريرة يحدث ، فجعل يقول كلما سمع حديثاً : كذب … صدق … كذب ، فسأله عروة ابنه : يا أبت ما قولك : صدق … كذب. قال : يا بنى : أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا شك فيه ، ولكن منها ما يضعه على مواضعه ، ومنها ما وضعه على غير مواضعه " (76) .

        فعائشة والزبير رضي الله عنهما لا يريدان بقولهما - كذب أى اختلق - حاشاهم من ذلك - وإنما المراد اخطأ فى فهم بعض الأحاديث ؛ ووضعها فى غير محل الإستشهاد بها، كما صرح الزبير بن العوام رضي الله عنه، فعدالة أبى هريرة بين الصحابة أعظم من أن تمس بجرح ، وما اتهم به كذباً من أعداء الإسلام تصدى للرد عليه رهط من علماء الإسلام (77).


        فهذا كله من الكذب الخطأ، ومعناه "اخطأ قائل ذلك". وسمى كذباً ؛ لأنه يشبهه ، لأنه ضد الصواب ، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد(78) . وما استدرك به بعض الصحابة بعضاً فى الرواية لا يعد كذباً ، كيف لا ! والصحابة يتفاوتون فى روايتهم عن النبى صلى الله عليه وسلم بين مكثر ومقل ، يحضر بعضهم مجلساً للرسول صلى الله عليه وسلم يغيب عنه آخرون، فينفرد الحاضرون بما لم يسمعه المتخلفون ، حتى يبلغوا به فيما بعد. ومن هذا القبيل كتاب " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة " للإمام بدر الدين الزركشى. كما وقع لجماعة من الصحابة غيرها ، استدركوا على مثيلهم ، ونفوا ما رواه وخطؤوه فيه.


        ويدل على ما سبق ما رواه الحاكم عن البراء بن عازب رضي الله عنه : " ليس كلنا كان يسمع حديث النبى صلى الله عليه وسلم ، كانت لنا ضيعة وأشغال ، ولكن كان الناس لم يكونوا يكذبون فيحدث الشاهد الغائب " (79). وعن القاسم بن محمد(80) قال : " لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر مرفوعاً : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه قَالَتْ إِنَّكُم لَتُحَدِّثُونِّىٍ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلاَ مُكَذَّبَيِنْ وَلِكَنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ(81)، وفى رواية قالت : "يغفر الله لأبى عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسى أو اخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يُبكى عليها فقال : إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب فى قبرها"(82).




        كل ذلك وغيره الكثير، يدل على ثقة الصحابة بعضهم ببعض، ثقة لا يشوبها شك ولا ريبة، لما يؤمنون به من تدينهم بالصدق، وأنه عندهم رأس الفضائل، وبه قام الإسلام ، وساد أولئك الصفوة المختارة من أهله الأولين. وصدقت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما ما كَانَ خُلُق أَبْغضَ إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب(83).


        وعلى هذا : فإذا ورد على لسان أحد من الصحابة نفى ما رواه نظيره ، أو قوله فى مثيله : كذب فلان …، أو نحو هذا من العبارات، فالمراد به أنه أخطأ أو نسى؛ لأن الكذب عند أهل السنة هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو عليه عمداً أو نسياناً أو خطأ ، ولكن الإثم يختص بالعامد ، كما جاء فى الحديث : " من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " (84).


        قال الإمام النووى (85) : بعد تعريفه للكذب عند أهل السنة : "وقالت المعتزلة ، شرطة العمدية ودليل خطاب هذه الأحاديث لنا، فإن قيده عليه السلام بالعمد ، لكونه قد يكون عمداً، وقد يكون سهواً ، مع أن الإجماع والنصوص المشهورة فى الكتاب والسنة متوافقة متظاهرة على أنه لا إثم على الناسى والغالط ، فلو أطلق صلى الله عليه وسلم الكذب لتوهم أنه يأثم الناسى أيضاً فقيده وأما الروايات المطلقة ، فمحمولة على المقيدة بالعمد (86). أ.هـ.




        الرد على زعم أعداء السنة المطهرة بأن لفظة "متعمداً" فى حديث "من كذب علىّ" مختلقة :



        زعم أعداء السنة بأن لفظة "متعمداً" مختلقة ، وأدرجها العلماء ليسوغوا بها ، وضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبة من غير عمد ، كما كان يفعل الصالحون من المؤمنين ويقولون "نحن نكذب له لا عليه " أو يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ ، أو الوهم أو سوء الفهم … إلخ"(87).



        الجواب : هذا زعم كله كذب لأن " لفظة متعمداً " أخرجها البخارى فى صحيحه فى أكثر رواياته(88)،واتفق معه الإمام مسلم فى تخريجها فى صحيحه(89). وأفاض الحافظ ابن حجر فى بيان ثبوتها (90)، ورغم ذلك يكذب محمود أبو رية بذكره للبخارى وابن حجر ضمن من لا يثبتون هذه الزيادة (91).

        يقول فضيلة الدكتور محمد أبو شهبة : ولا أحد يدرى - كيف يجتمع الوضع حسبة مع عدم التعمد ؟ إن معنى الحسبة أن يقصد الواضع وجه الله ، وثوابه ، وخدمة الشريعة - على حسب زعمه - بالترغيب فى فعل الخير والفضائل ، وهم قوم من جهلة الصوفية ، والكرامية ، جوزوا الوضع فى الترغيب والترهيب ، وربما تمسكوا بقوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } (92) . وقوله صلى الله عليه وسلم "من كذب علىَّ ليضل به الناس"(93).

        فكيف يجامع قصد الوضع ، عدم التعمد ؟!

        وتفسير الحسبة بأنها عن غير عمد غير مقبول ولا مسلم. ثم إن رفع إثم الخطأ أو السهو ليس بهذه الكلمة ، وإنما ثبت بأدلة أخرى ، وقد تقرر فى الشريعة أنه لا إثم على المخطئ والناسى ، ما لم يكن بتقصير منه فذكر الكلمة لا يفيد هؤلاء الرواة شيئاً ما دام هذا أمراً مقرراً . والسر فى ذكرها أن الحديث لما رتب وعيداً شديداً على الكاذب ، والمخطئ ، والساهى، والناسى، لا إثم عليهم ، كان من الدقة والحيطة فى التعبير التقييد بالعمد ، وذلك لرفع توهم الإثم على المخطئ والغالط والناسى ، وهو ما نقله الإمام النووى عن مذهب أهل السنة والمعتزلة أيضاً.



        على أن أئمة الحديث وإن قالوا برفع الإثم عن المخطئ ، والناسى ، والغالط ، فقد جعلوا ما ألحق بالحديث غلطاً ، أو سهوا ً، أو خطأً ، من قبيل الشبيه بالموضوع فى كونه كذباً فى نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا تحل روايته إلا مقروناً ببيان أمره ، وإلى هذا ذهب الأئمة، الخليلى ، وابن الصلاح ، والعراقى ، وغيرهم ، وقد اعتبره بعض أئمة الجرح - كابن معين ، وابن أبى حاتم - من قبيل الموضوع المختلق ، وذهب بعض الأئمة إلى أنه من قبيل المدرج ، ومهما يكن من شئ فقد جعلوا هذا النوع من الغلط أو الوهم مما يطعن فى عدالة الراوى وضبطه (94) أ.هـ.





        فأين هذا الذى يقرره الجهابذة من المحدثين مما يزعمه الأفاكون أمثال محمود أبو رية ، فى قوله كلمة "متعمداً" "يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ ، أو الوهم أو سوء الفهم … إلخ" ؟!! .



        يقول الشيخ المعلمى اليمانى : "ولا يتوهمن أحد أن كلمة "متعمداً" تخرج من حدث جازماً وهو شاك ، كلا فإن هذا متعمد بالإجماع ، ولا نعلم أحداً من الناس حتى من أهل الجهل والضلالة زعم أن كلمة "متعمداً" تخرج هذا ، وإنما وجد من أهل الجهل والضلال من تشبث بكلمة " علىَّ " فقال : نحن نكذب له لا عليه . فلو شكك محمود أبو ريه ، ومن قال بقوله، فى كلمة " علىَّ " لكان أقرب (1).أهـ



        والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم





        _______________________

        (1) جزء من الآية 117 من سورة المائدة.
        (2) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التفسير، باب قوله تعالى : "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ " 8/135 رقم 4625، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة 9/210 رقم 2860 من حديث ابن عباس رضي الله عنه . وينظر : مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 272، وشبهات حول الشيعة لعباس الموسوى ص 115، 116، ثم اهتديت لمحمد التيجانى ص 119، 120، وأعيان الشيعة لمحسن الأمين 1/117، ومعالم المدرستين : لمرتضى العسكرى المجلد 1/132، والنص والاجتهاد لعبد الحسين شرف الدين ص 337، وركبت السفينة 224 - 228، ونظرية عدالة الصحابة ص 53-54، والخدعة رحلتى من السنة إلى الشيعة 98، ومع الدكتور موسى الموسوى للدكتور علاء الدين القزوينى ص 152، 153 - 159، والإفصاح فى إمامة على بن أبى طالب ص 30، 31، والخلافة المغتصبة ص 193، ولقد شيعنى الحسين ص349، وأضواء على السنة ص354-356، وأهل السنة شعب الله المختار ص 37.
        (3) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الفتن، باب قول النبى صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض 13/29 رقم 7080، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض 1/332 رقم 65 من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه .
        (4) أضواء على السنة ص 354، وينظر : نظرية عدالة الصحابة لأحمد حسين يعقوب ص 53، والخلافة المغتصبة لإدريس الحسينى ص93، والفتنة الكبرى (عثمان) لطه حسين ص170-173، دين السلطان لنيازى عز الدين ص 34، 103، 110، 124، 795، والسلطة فى الإسلام لعبدالجواد ياسين ص 241، 260، 267، والصلاة لمحمد نجيب 32 - 37، وحوار ومناقشة كتاب عائشة لهشام آل قطيط ص312 وغيرهم.
        (5) بُرَيْدَةُ هو : بُرَيْدَةُ بن الحُصَيْب، صحابى جليل له ترجمة فى : الإستيعاب 1/185 رقم 217، ومشاهير علماء الأمصار ص 78 رقم 414، أسد الغابة 1/367رقم 398.
        (6) أخرجه ابن عدى فى الكامل 4/1371، ونقله عنه ابن الجوزى فى مقدمة كتابة (الموضوعات) 1/55، 56 من حديث بريدة رضي الله عنه، وفى إسناده بروايته عند ابن عدى ، وروايتيه عند ابن الجوزى (صالح بن حيان القرشى) اتفقت كلمة المحدثين النقاد على تضعيفه وجرحه ، كما تراه فى ترجمته فى : تهذيب التهذيب 4/386، وتقريب التهذيب 1/427 رقم 2862، والجرح والتعديل 4/398 رقم 1739، والمجروحين لابن حبان 1/365، والضعفاء والمتروكين للنسائى ص135 رقم 311، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 170 وترجم له الحافظ الذهبى فى الميزان 2/292 فذكر من منكراته هذا الحديث نفسه ، وقال : رواه كله صاحب (الصارم المسلول) ص 169 من طريق البغوى عن يحيى الحمانى عن على بن مسهر وصححه، ولم يصح بوجه. والحديث أخرجه الطبرانى فى الأوسط 3/59 عن عبد الله بن عمرو بن العاصرضي الله عنه، وفى إسناده عطاء بن السائب الكوفى وقد اختلط كما قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/145، وقد نص الطبرانى أن هذا الحديث لم يروه عن عطاء إلا وهيب بن خالد ، وقد ذكر أبو داود أنه سمع منه بعد اختلاطه. ينظر : نهاية الاغتباط ص241 رقم 71، وفى تهذيب التهذيب 7/203 رقم 385 رواية وهيب عنه فى جملة ما يدخل فى الإختلاط، هذا وقد تتبع الأستاذ عبدالفتاح أبو غدة هذا الحديث برواياته المتعددة فى كتابه "لمحات من تاريخ السنة" تحت عنوان "بطلان الأحاديث الدالة على وجود الكذب على النبى صلى الله عليه وسلم فى حياته ص 56 - 65، وقال : وأما الحديث الذى جاء فى سبب ورود حديث "من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، فهو حديث منكر لا يصح الإلتفات إليه ولا التعويل عليه، ينظر: لمحات من تاريخ السنة ص 56.
        (7) خليل عبد الكريم : كاتب مصرى معاصر، حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول - جامعة القاهرة حالياً. أطلق عليه "مفتى الماركسية" أونة، "والشيوعى الملتحى" آونة أخرى. ينظر: السنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال البنا ص 163.
        (8) ينظر : مجلة الأزهر مقال " لا تسبوا أصحاب ى" لفضيلة الشيخ عبد المقصود عسكر عدد ربيع الأول 1418هـ - يوليه 1997 ص 384.
        (9) ينظر : له الخلافة الإسلامية ، وأصول الشريعة ، وحصاد العقل وغير ذلك.
        (10) سيأتى ذكر من طعن فى الصحابة باتهامهم بالكذب قريباًً0 و ينظر فيمن طعن فى عدالة الصحابة بحجة أنهم بشر لا عصمة لهم. نقد الحديث فى علم الرواية والدراية لحسين الحاج 1/350، 351، وإنذار من السماء ص 39 ، 69 ، 127 ،154، وتبصير الأمة بحقيقة السنة ص396-426، والدولة والمجتمع محمد شحرور 160 وما بعدها ، والإمام الشافعى لنصر أبو زيد ص55،56، 76، والأصلان العظيمان ص 284 - 288 ، والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص 24 - 28، 30، 65، 85، 261.
        (11) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر حالياً) مما يلى الشام. معجم البلدان 1/347، وعدن : مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن. معجم البلدان 4/100، وبحر الهند يسمى الآن المحيط الهندى.
        (12) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل فى الوضوء 2/137 رقم 248. وينظر : مختصر التحفة الإثنى عشرية ص 272.
        (13) الآية 2 من سورة النجم.
        (14) ينظر: فتح البارى 8/135،136 رقم 4625، وينظر : تأويل مختلف الحديث ص 213-215.
        (15) فتح البارى 11/484 رقم 6593 ، ومختصر التحفة الإثنى عشرية ص 273.
        (16) ينظر : الفتنة الكبرى ص 170 - 173.
        (17) ينظر : أضواء على السنة ص 360 - 362.
        (18) ينظر : دين السلطان لنيازى عز الدين ص 34، 103، 110، 124، 795، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 260 وما بعدها.
        (19) قال ذلك الرافضى حسن شحاته (قبحه الله تعالى) ينظر:مجلة روز اليوسف العدد3562 ص35.
        (20) سيأتى الدفاع عن سيدنا معاوية رضي الله عنه فى المبحث السادس : من أراد معاوية رضي الله عنه فإنما أراد الصحابة جميعاً رضي الله عنهم .
        (21) ممن حقق فى تلك الفتن الإمام ابن العربى فى العواصم من القواصم ، وابن تيمية فى منهاج السنة. وغيرهما والأمر فى حاجة إلى مزيد من التحقيق. والله أعلم.
        (22) ينظر : فتح البارى 13/30 أرقام 7076 - 7080.
        (23) ينظر : المصدر السابق 1/262 رقم 121.
        (24) المصدر نفسه 12/201، 202 رقم 6868، 13/30 أرقام 7076 - 7080.
        (25) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر 1/135 رقم 48، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان قول النبىصلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 1/330 رقم 64 من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
        (26) الآيتان 9 ، 10 من سورة الحجرات.
        (27) هو : إسماعيل بن عمر بن كثير ، أبو الفداء ، الدمشقى، الشافعى ، كان عالماً حافظاً فقيهاً ، ومفسراً نقاداً ، ومؤرخاً كبيراً، من مصنفاته : تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية، مات سنة 774هـ. له ترجمة فى : الدرر الكامنة لابن حجر 1/373 رقم 944، وطبقات المفسرين للداودى 1/111 رقم 103، والبدر الطالع للشوكانى 1/153 رقم 95.
        (28) صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان ، باب المعاصى من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بإرتكابها إلا بالشرك لقوله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : "إنك امرؤ فيك جاهلية" وقول الله تعالى : "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وباب "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" فسماهم مؤمنين 1/106 رقمى 30، 31.
        (29) الحسن هو : ابن على بن أبى طالب رضي الله عنهما صحابى جليل له ترجمة فى : الإصابة 1/328 رقم 1719، وأسد الغابة 2/13 رقم 1165، ومشاهير علماء الأمصار 12 رقم 6.
        (30) أبو بكرة هو:نفيع بن مسروح بن كلده ، صحابى جليل ، له ترجمة : أسد الغابة 5/334 رقم 5289، وتاريخ الصحابة ص249 رقم 1373، ومشاهير علماء الأمصار ص48 رقم 220 والإستيعاب 4/1614 رقم 2877.
        (31) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلح، باب قول النبىصلى الله عليه وسلم للحسن بن على رضي الله عنه"إن ابنى هذا سيد … الحديث" وقوله جل ذكره "فأصلحوا بينهما" 5/361 رقم 2704.
        (32) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/211.
        (33) ويعنون بهذه الطائفة التى بغت طائفة معاوية رضي الله عنه ودليلهم فى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمار "تقتلك الفئة الباغية" أخرجه مسلم "بشرح النووى" كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر أخيه 9/266 رقم 2916، من حديث أم سلمة -رضى الله عنها- وكان عمار رضي الله عنه يقاتل مع الإمام على رضي الله عنه والوصف بالبغى هنا لا ينفى عنهم العدالة كما تشهد بذلك آية الحجرات فى قوله تعالى : "فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ"
        (34) منهاج السنة 2/205 بتصرف . وينظر : أصول الدين للبغدادى ص 289 وما بعدها.
        (35)هو محمد بن سيرين الأنصارى ، أبو بكر بن أبى عمرة البصرى ، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، مات سنة 110هـ . له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2 /85 رقم 5966، والكاشف 2 /178 رقم 4898، والثقات للعجلى ص 450 رقم 1464، ومشاهير علماء الأمصار ص 113 رقم 643.
        (36) منهاج السنة 3/186.
        (37) الإحكام للآمدى 2/82 بتصرف . وينظر : فواتح الرحموت 2/155، 156، والبحر المحيط 4/299، وإرشاد الفحول 1/275، والباعث الحثيث ص 154، وعقيدة أهل السنة فى الصحابة الكرام للدكتور ناصر الشيخ مبحث (الحرب التى دارت بين على بن أبى طالب، وبعض الصحابة - رضى الله عنهم- وموقف أهل السنة منها 2/700 - 748 .
        (38) هو : عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجوينى ، المكنى بأبى المعالى ، الملقب بإمام الحرمين ،أعلم
        المتأخرين من أصحاب الشافعى .من مؤلفاته : البرهان فى أصول الفقه ، والإرشاد فى علم الكلام.
        مات سنة 478هـ. له ترجمة فى : سير أعلام النبلاء 11 /137 رقم 4313، وشذرات الذهب 3 /360، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2 /466-470 رقم 8 .
        (39) البرهان فى أصول الفقه 1/241، 242.
        (40) ينظر : فتح المغيث للسخاوى 3/96.
        (41) ينظر : أضواء على السنة ص 65، والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص 139، وإنذار من السماء ص 700، 701، ودين السلطان ص 258، 325، وتبصير الأمة بحقيقة السنة ص 294،428، وفجر الإسلام ص 211، ومعالم المدرستين المجلد 1/435، والنص والاجتهاد عبد الحسين شرف الدين ص 335، وتأملات فى الحديث عند السنة والشيعة زكريا داود ص 126، ودراسات محمدية ترجمة الأستاذ الصديق بشير نقلاً عن مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد 10 ص539.
        (42) قاله أحمد صبحى فى كتابه الحسبة ص 10، 39، وينظر مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 35، والصلاة فى القرآن ص56،57، وينظر: الحديث فى الإسلام للمستشرق الفريد غيوم ص20-30 نقلاً عن منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة عزية على طه ص 57، 58.
        (43) مستشرق مجرى يهودى ، رحل إلى سورية وفلسطين ومصر، ولازم بعض علماء الأزهر، له تصانيف باللغات الألمانية، والإنجليزية، والفرنسية، ترجم بعضها إلى العربية، قال الدكتور السباعى : عرف بعدائه للإسلام ، وبخطورة كتاباته عنه ، وهو من محررى دائرة المعارف الإسلامية، كتب عن القرآن والحديث ، ومن كتبه : تاريخ مذاهب التفسير الإسلامى، والعقيدة والشريعة فى الإسلام، وغير ذلك مات سنة 1921م له ترجمة فى : الأعلام للزركلى 1/284، والاستشراق للدكتور السباعى ص31، 32، وآراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره للدكتور عمر إبراهيم 1/161، 162 .
        (44) العقيدة والشريعة ص49،50 ، وينظر : له دراسات محمدية ترجمة الأستاذ الصديق بشير نقلاً عن
        مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد 10 ص 511، 521. وينظر : أصول الفقه المحمدى لشاخت
        ترجمة الصديق بشير نقلاً عن المرجع السابق العدد 11 ص 689.
        (45) كاتب شيعي معاصر، من مصنفاته منع تدوين الحديث أسباب ونتائج، طعن فيه في حجية السنة
        النبوية وفي رواتها من الصحابة الأعلام ، وخاصة أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم .
        (46) منع تدوين الحديث ص 302.
        (47) المصدر السابق ص 330.
        (48) منهج نقد المتن عند علماء الحديث ص 40، 41.
        (49) المنهج الإسلامى فى الجرح والتعديل ص 271 - 273.
        (50) سبق تخريجه ص 35 .


        (51) السنة ومكانتها للدكتور السباعى ص 75، وممن ذهب إلى القول الثانى الدكتور همام سعيد فى كتابه الفكر المنهجى عند المحدثين ص 51، والدكتور أبو لبابة فى كتابه أصول علم الحديث ص89-91، والأستاذ أبو غدة فى كتابه لمحات من تاريخ السنة ص 73 - 76 وغيرهم.
        (52) منهج نقد المتن عند علماء الحديث ص 41.
        (53) المنهج الإسلامى فى الجرح والتعديل ص 273، وسبقهم إلى ذلك الإمام ابن حزم فى كتابة الإحكام فى مباحث المرسل فصل (ليس كل من أدرك النبى صلى الله عليه وسلم ورآه صحابياً 2/218. فبعد أن روى الحديث السابق من رواية بريدة رضي الله عنه وفى إسناده أيضاً "صالح بن حيان القرشى"، قال ابن حزم : فهذا من كان فى عصره صلى الله عليه وسلم يكذب عليه كما ترى فلا يقبل إلا من سمى وعرف فضله، وقبل ذكره للحديث قال : "وقد كان فى المدينة فى عصره عليه السلام منافقون بنص القرآن، وكان بها أيضاً من لا ترضى حاله "كهيت" المخنث الذى أمر عليه السلام بنفيه، والحكم ابن أبى العاص الطريد وغيرهما، فليس هؤلاء ممن يقع عليهم اسم الصحابة أ.هـ. وهذا الذى قاله الإمام ابن حزم قبل روايته لحديث بريدة يؤكد حمله تلك الرواية على رجل من المنافقين، لا على أحد من الصحابة العدول الثقات. ومن العجب أن محمود أبو رية استشهد برواية ابن حزم ولم ينقل كلامه السابق. بنظر : أضواء على السنة ص 65، وتابعه على ذلك من الشيعة زكريا عباس داود فى كتابه تأملات فى الحديث ص 123، كما لم يلتفت الأستاذ أبو غدة -رحمه الله- إلى أن ابن حزم حمل رواية بريدة على رجل من المنافقين، فغلط الأستاذ أبو غدة الإمام ابن حزم ظناً منه أنه اعتد بصحة الحديث عندما ذكره فى موضعين من كتابه. ينظر : لمحات من تاريخ وعلوم الحديث للأستاذ أبو غدة ص 58 هامش.
        (54) أصول علم الحديث للدكتور أبو لبابة ص89 .
        (55) الآية 32 من سورة الزمر.
        (56) الآية 69 من سورة يونس.
        (57) أخرجه مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول اللهصلى الله عليه وسلم 1/101 رقم4 والبخارى (بشرح فتح البارى)كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت3/191رقم 1291 .
        (58) السنة ومكانتها للدكتور السباعى ص 76 ، وقارن بالإسلام على مفترق الطرق للأستاذ محمد أسد ص 94.
        (59) جزء من الآية 20 من سورة النساء.
        (60) أخرجه سعيد بن منصور فى سننه باب ما جاء فى الصداق 1/166، 167 رقم 598 وأخرجه أبو يعلى فى مسنده وفيه " كل الناس أفقه من عمر"، قال الهيثمى فى مجمع الزوائد 4/284 : فيه مجالد بن سعيد وفيه ضعف وقد وثق.
        (61) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان ، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله 1/232 رقم 32 ، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب استتابة المرتدين، باب قتل من أبى قبول الفرائض 12/288 رقم 6924،
        (62) جزء من الآية 15 من سورة الأحقاف.
        (63) أخرجه سعيد بن منصور فى سننه ، باب المرأة تلد لستة أشهر 2/66 رقم 2074.
        (64) قصة الحديث أخرجها البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر 2/520 رقم 956، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان كون النهى عن المنكر من الإيمان 1/296 رقمى 78، 79، وينظر : إنكار كعب بن عجرة رضي الله عنه على عبد الرحمن ابن أم الحكم خطبته يوم الجمعة قاعداً قائلاً : "انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا " وقال الله تعالى : "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا" أ.هـ الآية 11 من سورة الجمعة، والحديث أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة باب قوله تعالى : "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا" 3/416 رقم 864.
        (65) الحجاج : هو الحجاج ابن يوسف بن أبى عقيل الثقفى، الأمير، المشهور، الظالم، المبير، وقع ذكره وكلامه فى الصحيحين وغيرهما، وليس بأهل بأن يروى عنه، ولى إمرة العراق عشرين سنة، مات سنة 95هـ. له ترجمة فى : تقريب التهذيب 1/190 رقم 1144، ووفيات الأعيان 2/29 رقم 149، والجرح والتعديل 3/168 رقم 717، والكاشف 1/313 رقم 946، وسير أعلام النبلاء 4/343 رقم 117، ولسان الميزان 2/333 رقم 2351.
        (66) تذكرة الحفاظ 1/37، 39.
        (67) السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 76 - 78 بتصرف.
        (68) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجهاد والسير، باب غزوة خيبر 6/404 رقم 1802، وباب غزوة ذى قرر وغيرها 6/419 رقم 1807.
        (69) عامر بن الأكوع : صحابى جليل له ترجمة فى : الاستيعاب 2/785 رقم 1317، واسد الغابة 3/114 رقم 2680، وتجريد أسماء الصحابة 1/283، والإصابة 3/350 رقمى 364، 393.
        (70) أبو السنابل : هو حَبَّةُ بن بَعْكَكٍ، صحابى جليل له ترجمة فى : الاستيعاب 1/318 رقم 468، أسد الغابة 1/669 رقم 1030، وتاريخ الصحابة ص 77 رقم 299، ومشاهير علماء الأمصار ص 28 رقم 84، والإصابة 1/304 رقم 1565.
        (71) سبيعة بنت الحارث:صحابية جليلة لها ترجمة فى:تاريخ الصحابة ص130 رقم 630، والاستيعاب 4/1859 رقم 3370، واسد الغابة 7/138 رقم 6979، والإصابة 4/326 رقم 11278.
        (72) أخرجه سعيد بن منصور فى سننه كتاب الطلاق، باب فى عدة الحامل المتوفى عنها زوجها 1/350 رقمى 1506، 1508.
        (73) نَوْف البكالى : هو نَوْف، بفتح النون وسكون الواو، ابن فَضَالة، بفتح الفاء والمعجمة، البكالى، بكسر الموحدة وتخفيف الكاف، ابن امرأة كعب، شامى مستور، وإنما كذب ابن عباس ما رواه عن أهل الكتاب، مات سنة بعد التسعين من الهجرة. له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2/255 رقم 7239، والجرح والتعديل 8/505 رقم 2311.
        (74) انظر : الفكر المنهجى عند المحدثين للدكتور همام عبد الرحيم ص 52.
        (75) أخرجه أبو داود كتاب الصلاة ، باب فيمن لم يوتر 2/62 رقم 1420، والنسائى فى سننه كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات الخمس والمحافظة عليها 1/230 رقم 461، والموطأ كتاب صلاة الليل، باب الأمر بالوتر 1/120 رقم 13.
        (76) البداية والنهاية لابن كثير 8/ 112، وانظر : توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى للدكتور رفعت فوزى ص 34.
        (77) ينظر بعض من تصدى للدفاع عنه فى المبحث السابع " أبو هريرة راوية الإسلام رغم آنف الحاقدين" .
        (78) ينظر : لسان العرب 1/704، وينظر : فتح البارى 1/242، والمكانة العلمية لعبد الرزاق الصنعانى فى الحديث النبوى لفضيلة الأستاذ الدكتور إسماعيل الدفتار مبحث (مراجعة الصحابة بعضهم لبعض فى ضبط ما يروونه لا تعنى الاتهام) 1/295.
        (79) المستدرك كتاب العلم ، باب فضل توقير العالم 1/ 216 رقم 438 وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى .
        (80) القاسم بن محمد : هو القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق التيمى، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، روى عن عائشة، وأبى هريرة، وفاطمة بنت قيس، وعنه الزهرى، وأبو الزناد. مات سنة 106هـ على الصحيح. له ترجمة فى : تقريب التهذيب 2/23 رقم 5506 والكاشف 2/130 رقم 4528 ، ومشاهير علماء الأمصار ص 82 رقم 427.
        (81) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجنائز،باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه3/501رقم929
        (82) أخرجه مسلم فى الموضع السابق 3/503 رقم 932، وينظر : فتح البارى 3/184 حيث نقل عن القرطبى قوله : "إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوى بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضاً ولم يسمع بعضاً بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون فلا وجه للنفى مع إمكان حمله على محمل صحيح .. إلخ".
        (83) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب البر والصلة، باب ما جاء فى الصدق والكذب 4/307 رقم1973 وقال : هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد فى مسنده 6/152، وابن أبى الدنيا فى مكارم الأخلاق 112 رقم 139، 145، والحديث ذكره الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/142، وعزاه إلى أحمد، والبزار، وقال إسناده صحيح.
        (84) سبق تخريجه ص 35 . وينظر : لمحات من تاريخ السنة للأستاذ عبد الفتاح أبو غدة ص 73.
        (85) هو أبو زكريا، يحيى بن شرف الحوارنى، الشافعى ، كان إماماً حافظاً متفناً ، صاحب تصانيف نافعة فى الحديث ، والفقه ، وغيرها "كشرح مسلم" و"شرح المهذب" و"المبهمات" وغير ذلك مات سنة 676هـ له ترجمة فى : تذكرة الحفاظ 4/1470 رقم 1162، وشذرات الذهب 5/345، وطبقات الشافعية لابن كثير 2/909.
        (86) المنهاج شرح مسلم للنووى 1/104.
        (87) ينظر : أضواء على السنة ص 60، وتابعه جمال البنا فى كتابة السنة ودورها فى الفقه الجديد ص139 وقال بقولهم نيازى عز الدين فى كتابيه إنذار من السماء ص 700، 701، ودين السلطان ص 170، 243، 258، 325، وينظر : تبصير الأمة بحقيقة السنة ص 294.
        (88) البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبى صلى الله عليه وسلم 1/243، 244 رقمى 108، 110.
        (89) ينظر:مسلم (بشرح النووى) المقدمة ، باب تغليظ الكذب على رسول اللهصلى الله عليه وسلم 100،101رقمى3،4 .
        (90) فتح البارى 1/242 رقمى 108، 110.
        (91) أضواء على السنة ص 62 هامش.
        (92) جزء من الآية 144 من سورة الأنعام.
        (93) قال الحافظ ابن حجر : الحديث أخرجه البزار من حديث ابن مسعود وقد اختلف فى وصله وإرساله، ورجح الدارقطنى والحاكم إرساله، وأخرجه الدارمى من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف، وعلى تقدير ثبوته فليست اللام فيه للعلة بل للصيرورة كما فسر قوله تعالى "فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ" : والمعنى أن مال أمره إلى الإضلال، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له كقوله تعالى : "لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً" وقوله تعالى : "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ" فإن قتل الأولاد، ومضاعفة الربا والإضلال فى هذه الآيات إنما هو لتأكيد الأمر فيها لا اختصاص الحكم أ.هـ. ينظر : فتح البارى 1/241، 6/626، وفتح المغيث للسخاوى 1/288، 289، وينظر : الموضوعات لابن الجوزى 1/94 - 98.
        (94) دفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شهبة ص52، 53 بتصرف، وينظر : رد الأئمة للراوى المتساهل فى التحمل والأداء وصور من ذلك التساهل فى: فتح المغيث للسخاوى 1/385-389، وتدريب الراوى 1/299،340، وتوضيح الأفكار 2/255 - 258.
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:31 م.
        "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
        رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
        *******************
        موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
        ********************
        "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
        وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
        والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
        (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

        تعليق


        • #5
          مواضيع بالمنتدى للرد على شُبهات الطعن على عدالة الصحابة:

          1- الإسرائيليات والحديث النبوي !!!

          http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=214

          2- (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)
          http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=16604

          3- لا تسبوا أصحابي
          http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=27505

          4- هذه عقيدتنا في الصحابة
          http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=35105
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:29 م.
          "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
          رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
          *******************
          موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
          ********************
          "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
          وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
          والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
          (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك أستاذنا الحبيب / د.أمير
            وجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عبد المنعم مشاهدة المشاركة
              بارك الله فيك أستاذنا الحبيب / د.أمير
              وجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

              اللهم آمين وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم أستاذنا الكريم , وأخي في الله عبدالمنعم.. ونفعنا وإياكم بما علّمنا , ونسأله أن يرزقنا وإخواننا الإخلاص في القول والعمل.
              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:27 م.
              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
              *******************
              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
              ********************
              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك أستاذنا دكتورنا الحبيب أميرعبدالله
                لو سمحت ان اضيف لموضوعك القيم والرائع بعض أقوال العلماء والصحابة


                يقول الإمام القرطبي رحمه الله
                " الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم.
                ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود " انتهى


                يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49)
                " على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .

                يقول ابن مسعود رضي الله عنه:
                " إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى

                رواه أحمد في "المسند" (1/379) وقال المحققون : إسناده حسن

                و قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810) .


                ويروي لنا أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح قال: " دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له :صف لي عليا ؟ فقال : أو تعفني يا أمير المؤمنين ؟ قال :لا أعفيك قال :أما إذا ولا بد فإنه كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارة نجومه ، يميل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن وهو يقول : يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ، ثم يقول للدنيا إلي تغررت ؟ إلي تشوفت ؟ هيهات هيهات ، غري غيري ، قد بتتك ثلاثا ، فعمرك قصير ، ومجلسك حقير ، وخطرك يسير ، آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ، فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء فقال معاوية رضي الله عنه : كذا كان أبو الحسن رحمه الله ، كيف وجدك عليه يا ضرار ؟ قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها ثم قام فخرج " .
                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:27 م.

                تعليق


                • #9
                  الإجماع على عدالة الصحابة فقد حكاه غير واحد من أهل العلم:

                  فقد قال ابن عبد البر (ت - 463هـ) رحمه الله: (ونحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول) .
                  وقال ابن الصلاح (ت - 642هـ) رحمه الله: (للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة) .
                  ثم قال: (إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، فكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك؛ لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم) .
                  وهكذا قال ابن حجر العسقلاني (ت - 852هـ) ، والسخاوي (ت - 902هـ) - رحمهما الله - وغيرهما.

                  ومن السنة والإيمان بصحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عدم سبهم وتنقصهم، والتعرض لأعراضهم بسوء وقدح، وعدم الخوض فيما وقع بين الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين:

                  يقول الله عزّ وجل: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] .
                  وهم داخلون من باب أولى في الوعيد العام على من آذى المؤمنين، وفي النهي عن الغيبة، في قول الله عزّ وجل: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } [الأحزاب: 58] ، وقال سبحانه: { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } [الحجرات: 12] .
                  وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» .
                  وقال عليه الصلاة والسلام: «دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسى بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهباً، أو مثل الجبال ذهباً لما بلغتم أعمالهم» .
                  وقال عليه الصلاة والسلام: «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .
                  وهم داخلون في الوعيد العام على سباب المسلمين، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».

                  وسأورد نماذج من كلام السلف، وأهل العلم يبين تحريم سب الصحابة، ووجوب الإمساك عما شجر بينهم، وإن كان فيها شيء من الطول والكثرة، وذلك لكي يتضح منها منهج أهل السنة والجماعة في الموقف مما شجر بين الصحابة - رضوان الله عليهم -، وليتقرر إطباق علماء الأمة المعتبرين قاطبة على وجوب حفظ اللسان تجاه الصحابة، وأن لا يذكروا إلا بخير:

                  فقال عمر بن عبد العزيز (ت - 101هـ) رحمه الله: (تلك دماء طهر الله يدي منها، أفلا أطهر منها لساني، مثل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل العيون، ودواء العيون ترك مسها) .
                  وقال الإمام مالك (ت - 179هـ) رحمه الله: (من يبغض أحداً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان في قلبه عليهم غل، فليس له حق في فيء المسلمين، ثم قرأ قول الله سبحانه وتعالى: { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} إلى قوله: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ } [الحشر: 7 - 10] ، وذكر بين يديه رجل ينتقص أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقرأ مالك هذه الآية: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } إلى قوله: { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } [الفتح: 29] ، ثم قال: من أصبح من الناس في قلبه غل على أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقد أصابته الآية).
                  وسئل الإمام أحمد (ت - 241هـ) رحمه الله: ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟ قال: (ما أقول فيهم إلا الحسنى) .
                  وقال البربهاري (ت - 329هـ) رحمه الله: (اعلم أنه من تناول أحداً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاعلم أنه إنما أراد محمداً صلّى الله عليه وسلّم، وقد آذاه في قبره) .
                  وقال ابن أبي زيد القيرواني (ت - 386هـ) رحمه الله: (وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب) .
                  وقال الصابوني (ت - 449هـ) رحمه الله: (من أبغضهم وسبهم، ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض والخوارج - لعنهم الله - فقد هلك في الهالكين.. ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم، ونقصاً فيهم) .
                  وقد انتقد ابن الصلاح (ت - 642هـ) رحمه الله ابن عبد البر (ت - 463هـ) رحمه الله إيراده ما شجر بين الصحابة، فحين أثنى على كتابه (الاستيعاب) قال بعد ذلك: (لولا ما شانه به من إيراده كثيراً مما شجر بين الصحابة)(78) .
                  وقال الإمام الذهبي (ت - 748هـ) رحمه الله: (تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين -، ومازال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا: فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه، لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة، وآحاد العلماء) .
                  ثم جعل شروطاً لجواز الاطلاع على هذه الأمور، والبحث فيها بقوله: (وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوةً: للعالم المنصف، العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله - تعالى - حيث يقول { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا } [الحشر: 10] ، فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم، وجهاد محّاء، وعبادة ممحصة).

                  ومن الإيمان بالصحابة: الإقرار بمنزلة أهل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيهم أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وأن لهم مكانة خاصة بحكم قربهم منه صلّى الله عليه وسلّم.
                  ومما ورد فيهم في كتاب الله قوله عزّ وجل: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [الأحزاب: 6] ، وقال سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: 33] ، وقال عزّ وجل: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [الأحزاب: 28 - 32] .
                  ومن السنة قول المصطفى الكريم صلوات ربي وسلامه عليه حين قام خطيباً: «أما بعد: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».
                  وقد أمرنا بالصلاة عليهم في كل صلاة، وصيغتها ما ذكره الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» .
                  وقد كان أبو بكر الصديق (ت - 13هـ) رضي الله عنه أعرف الناس بمنزلة أهل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد حث على إرضائهم، والقرب منهم، وعدم إيذائهم وسبهم بقوله: (ارقبوا محمداً صلّى الله عليه وسلّم في أهل بيته) .
                  وقوله: (والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحب إلي أن أصل من قرابتي).
                  وفضائلهم كثيرة متعددة: سواء كان الفضل العام لهم جميعاً، أو فضائلهم بأشخاصهم وأعيانهم مما لا يتسع المقام لذكره.

                  منقول بتصرف من كتاب دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية [عرض ونقد]
                  المؤلف : عبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن

                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 12 أغس, 2020, 02:27 م.

                  تعليق


                  • #10
                    الشبهة: رد عدالة الصحابة بدعوى ارتدادهم عن الإسلام

                    وتدور هذه الشبهة على تأويل بعض الأحاديث الصحيحة ابتغاء الفتنة، فمن هذه الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يرِد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُجلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي» فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى، قال ابن قتيبة رحمه الله: (قالوا: حديث يحتج به الروافض في إكفار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قالوا: رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَرِدَنَّ على الحوض أقوام، ثم لَيُختلجن دوني، فأقول: أُصيحابي أصيحابي. فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم»، وهذه حجة الرافضة في إكفارهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علياً وأبا ذر والمقداد وسلمان وعمار بن ياسر وحذيفة) ، والحاصل أنهم يزعمون أن في هذا الحديث نصاً على ارتداد الصحابة عن الإسلام، وبالتالي انتفاء عدالتهم.

                    * جواب الشبهة:
                    إن مدار اللبس في هذه الشبهة هو ورود لفظ (أصحابي) في الحديث ، وفي بعض الروايات (أصيحابي)، وما عدا ذلك لا إشكال فيه، ولقد تكلم شراح الحديث على هذا الحديث واعتنوا ببيان مقصود هذا اللفظ، وحاصل الأقوال فيه ما يلي:
                    1. أنهم من ارتدوا عن الإسلام على عهد أبي بكر رضي الله عنه وقاتلهم وماتوا على ردتهم.
                    2. أنهم قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين.
                    3. أنهم المنافقون والمرتدون .
                    4. أنهم أصحاب الكبائر والبدع الذين ماتوا على الإسلام.
                    والذي يقوى ويرجح من هذه الأقوال أن المقصود بهم من ارتد بعده صلى الله عليه وسلم ومات على ردته وكفره وهم نفرٌ قليل، ويقوي هذا الاختيار قرائن عدة منها ما يلي:
                    1- أن لفظ «أصحابي» في الحديث محمول على المعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي للصحبة كما تقدم تعريفه.
                    قال الحافظ ابن حجر: (وأُجيب بحمل الصحبة على المعنى الأعم) ، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ﴾ [التكوير: 22]، قال الإمام الطبري رحمه الله: (يقول تعالى ذكره وما صاحبكم أيها الناس محمد بمجنون فيتكلم عن جنة ويهذي هذيان المجانين بل جاء بالحق وصدق المرسلين).
                    وهذا خطاب لكل الناس من آمن منهم ومن لم يؤمن، ومع ذلك استعمل لفظ الصحبة وهو قطعاً بالمعنى اللغوي لا بالمعنى الاصطلاحي.
                    ومثل قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: 46].
                    قال الإمام الطبري رحمه الله: (وقوله: ﴿تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ﴾ يقول لأنه ليس بمجنون، وقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ يقول ما محمد إلا نذير لكم ينذركم على كفركم بالله عقابه).
                    وهذا خطاب صريح للكفار ومع ذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه صاحبهم، وهذا كما لا يخفى بالمعنى اللغوي العام لا بالمعنى الاصطلاحي.
                    2- إن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء القوم لا يلزم أن تكون معرفة بسيما المؤمنين بل يحتمل أن تكون معرفته لهم بأعيانهم، قال ابن حجر رحمه الله: (ورجح عياض والباجي وغيرهما ما قال قبيصة راوي الخبر أنهم من ارتد بعده صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من معرفته لهم أن يكون عليهم السيما لأنها كرامة يظهر بها عمل المسلم، والمرتد قد حبط عمله، فقد يكون عرفهم بأعيانهم لا بصفتهم باعتبار ما كانوا عليه قبل ارتدادهم).
                    3- إن كونهم من أصحاب البدع بعيد جداً، لأن الصحابة لم تظهر منهم البدعة أبداً، فلم يؤثر أو يثبت أن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث أو ابتدع شيئاً في الدين، قال ابن حجر: (وأما دخول أصحاب البدع في ذلك فاستُبعد لتعبيره في الخبر بقوله «أصحابي» وأصحاب البدع إنما حدثوا بعده).
                    4- إن كونهم أصحاب الكبائر بعيد أيضاً لأن من تلبس من الصحابة بشيء من الكبائر فقد ثبتت له المغفرة إما على الإجمال أو على التفصيل كما قدمنا في جواب الشبهة الثالثة.
                    5- إن لفظ «أُصيحابي» يقوي كونهم من ارتدوا بعده صلى الله عليه وسلم ، قال ابن قتيبة رحمه الله بعد ذكره هذه الشبهة: (ونحن نقول: إنهم لو تدبروا الحديث وفهموا ألفاظه لاستدلوا على أنه لم يُرد بذلك إلا القليل، ويدلك على ذلك قوله (ليردن على الحوض أقوام)، ولو أرادهم جميعاً إلا مَن ذَكروا لقال «لتردن على الحوض ثم لتختلجن دوني»)، وقال رحمه الله: (وكذلك أيضاً قوله «أُصيحابي» بالتصغير وإنما يريد بذلك تقليل العدد).
                    ومما يشهد لصحة هذا الترجيح رواية مسلم وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيرِدنَّ على الحوض رجالٌ ممن صاحبني، حتى إذا رايتهم ورُفعوا إلي اختُلجوا دوني، فلأقولنَّ: أي رب أُصيحابي أُصيحابي، فليقالنَّ لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
                    ووجه الدلالة في قوله صلى الله عليه وسلم: «رجالٌ ممن صاحبني» فهذا يكاد يكون نصاً في المسألة.
                    قال الإمام النووي رحمه الله: (قال القاضي: هذا دليل لصحة تأويل من تأول أنهم أهل الردة، ولهذا قال فيهم: سحقاً سحقاً، ولا يقول ذلك في مذنبي الأمة، بل يشفع لهم ويهتم لأمرهم).
                    فهذه القرائن ترجح بل تؤكد على أن المقصود باللفظ وبالحديث هم من ارتد بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم ممن كان قد آمن به أو أظهر إسلامه في حياته صلوات الله وسلامه عليه ثم ارتد بعد ذلك ومات على الكفر، وهؤلاء ليسوا من الصحابة فلا يكون حالهم مورداً للطعن في الصحابة، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شهد الله تعالى لهم برضاه عنهم فليسوا منهم قطعاً، قال ابن قتيبة رحمه الله: (فكيف يجوز أن يرضى الله عز وجل عن أقوام ويحمدهم ويضرب لهم مثلاً من التوراة والإنجيل وهو يعلم أنهم يرتدون على أعقابهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إلا أن يقولوا إنه لم يعلم، وهذا هو شر الكافرين).
                    قلت: وهذا الجواب في غاية الحسن.
                    وثمة دليل آخر يدفع الشبهة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد صح في الحديث عن أُسيد بن حُضير رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً؟ قال: «ستلقون بعدي أَثَرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض».
                    ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه صراحةً بما لا يحتمل التأويل أنهم يلقونه على الحوض، فدل هذا على أن الذين يُختلجون دونه ليسوا صحابته رضوان الله تعالى عليهم، وإنما هم أقوام آخرون كما تقدم.
                    ويتوجه هذا الاستدلال على القول بأن الراجح فيمن يُختلج دون الحوض هم الذين صحبوه ثم ارتدوا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كما تقدم، والله أعلم.

                    * المرجع:
                    - حجية الصحابة في أصول الدين: د. وسيم فتح الله.

                    تعليق


                    • #11
                      الشبهة: رد عدالة الصحابة بحجة التقييم والتدقيق الموضوعي في الحكم عليهم

                      يقول بعض المبتدعة من الروافض أصحاب هذه الشبهة في معرض الحديث عن علم أحوال الرواة وعلوم جرح وتعديل الرجال:
                      (...أما الشيعة فتمتاز عن غيرها من المذاهب بإخضاع كافة الرواة من دون استثناء لهذا التقييم للتعرّف على حالهم ولتمييز الصالحين منهم من الطالحين و المؤمنين عن المنافقين ، كي يتسنى لهم الأخذ من الصالحين و المؤمنين دون غيرهم . أما السنة فيستثنون الرواة من الصحابة من هذا التدقيق و التقييم ، فهم لا يخضعونهم أبدا ًإلى التقييم ويقولون بعدالة جميع الصحابة بلا استثناء .
                      هذا وإن موضوع عدالة الصحابة من المواضيع الحساسة التي شغلت جانباً مهماً من أبحاث الحديث والرجال ، وقد ذهب جمهور من أبناء العامة إلى أن جميع الصحابة عدول ولا ينبغي أن تنالهم يد الجرح و التعديل كما تناله غيرهم من المسلمين.. والعجيب أنهم مع ادعاء الإجماع على قداسة الصحابة، وأنهم فوق مستوى الجرح والتعديل ، رووا عشرات الأحاديث التي اختارها أصحاب الصحاح حول ارتداد الصحابة عن الدين والتمرّد على أصوله ومبادئه على نحو لا يدع مجالاً للريب في أنهم كانوا كسائر الناس فيهم الصالح والطالح ، والمنافق والمؤمن، إلى غير ذلك من الأصناف التي يقف عليها المتتبع لآيات الذكر الحكيم والسنة النبوية ، وهذا أمر عجيب جداً ...).
                      ثم ذكر هؤلاء المبتدعة من الروافض مواصفات الراوي المقبول روايته و مؤهلاته وهي: الإسلام والعقل و البلوغ والعدالة والإيمان، وفسروا الإيمان بقولهم: (أي كون الراوي شيعياً إمامياً إثنا عشرياً).
                      فمدار هذه الشبهة على ادعاء النزاهة في البحث العلمي وادعاء الموضوعية في الحكم على الرواة كل الرواة، والنفوذ من خلال هذه الدعوى إلى وضع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في ميزان الجرح والتعديل، وإيهام أن هذا المسلك هو المسلك العلمي الذي تقتضيه ضرورة التثبت والتحري في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبطبيعة الحال فإن هذا المسلك يقوم على عدم تعديل أحد من الصحابة بمجرد ثبوت الصحبة، بل لا بد من أن يقوم معدلوهم بنقد كل صحابي على حدة والحكم عليه بالجرح أو التعديل وفق مواصفات الراوي المقبول التي ذكروها، ولعلهم اختزلوا عناء البحث عن عدالة كل صحابي على حدة عندما فسروا مواصفات الراوي المقبول بكونه (شيعياً إمامياً اثنا عشرياً) لأن أحداً من الصحابة ليس على هذا الوصف حاشاهم.

                      جواب الشبهة:
                      - إن هذه الشبهة مشتملة على عدة مغالطات وأباطيل من وجوه هي:
                      * المغالطة الأولى: تتمثل في الدعوى الزائفة التي تَنسب إلى أهل السنة (ادعاء الإجماع على قداسة الصحابة): إذ ليس لهذه الدعوى أصلٌ لا في كلام أهل السنة ولا في إجماعهم، فمسألة العدالة شيء ومسألة التقديس شيء آخر، ولكنه محض الافتراء.
                      * والمغالطة الأخرى: هي ادعاء أن أهل السنة لا يبحثون في عدالة الصحابة: وهذا كذب؛ فإن علماء الحديث من أهل السنة يبحثون في عدالة الصحابة من وجهين:
                      • أحدهما: التثبت من كون الراوي صحابياً.
                      • والثاني: الإذعان والقبول والتسليم المطلق لشهادة الله عز وجل للصحابة بالعدالة كما قدمنا الأدلة على ذلك في مبحث عدالة الصحابة.
                      والذي يستدرك على شهادة الله عز وجل أَولى بأن يُجرح هو نفسه لا أن يكون هو جارحاً لغيره، فأهل السنة يقيمون على عدالة الصحابة أقوى الأدلة على الإطلاق، وهؤلاء يجرحون الصحابة بأوهى الأكاذيب على الإطلاق ليصلوا إلى مبتغاهم وهو رد السنة الصحيحة، بل ومبتغاهم الأكبر وهو رد القرآن الكريم الذي لم ينقله لنا إلا الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
                      وأعيد في هذا المقام كلام أبي زرعة الرازي رحمه الله ليتبين غرض هؤلاء: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة) [الكفاية في علم الرواية – البغدادي – 1/49].
                      وأما زعمهم أنه يجب أن نميز بين كافة الرواة بما فيهم الصحابة (للتعرّف على حالهم ولتمييز الصالحين منهم من الطالحين والمؤمنين عن المنافقين ، كي يتسنى لهم الأخذ من الصالحين والمؤمنين دون غيرهم)، فهذا كلامٌ بيِّن البطلان، لأن حقيقته أن هؤلاء يدعون أن في الصحابة من هو صالح ومن هو طالح، ومن هو مؤمن ومن هو منافق، وبطلان هذا الكلام من وجهين:
                      * أحدهما: أننا في تعريف الصحابة رضوان الله تعالى عليهم قد قيَّدنا الصحابي بوصف الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم والموت على الإسلام.
                      * والثاني: أن مبحث العدالة بالنسبة للصحابة لا يراد منه النظر في تلبس بعضهم بذنب أو بمفسق، وإنما يراد منه إثبات عدم الحاجة للتكلف في البحث عن أحوالهم لحصول الثقة فيما ينقلونه إلينا بقرائن أخرى هي أقوى وأرجح من قرائن العدالة عند غيرهم (وسيأتي مزيد بيان لهذه النقطة إن شاء الله في جواب الشبهة الثالثة).
                      قال ابن الأنباري: (المراد من عدالة الصحابة قبول روايتهم من غير تكلف البحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية إلا أن يثبت ارتكاب قادح، ولم يثبت).
                      إن حقيقة هذه الشبهة تنجلي عند النظر في مواصفات الراوي المقبول عند هؤلاء، حيث فسروا وقيدوا وصف الإيمان بقولهم (كون الراوي شيعياً إمامياً إثنا عشرياً)، فهم مع ادعاء النزاهة والبحث العلمي في عَرض الصحابة على ميزان الجرح والتعديل قد أصدروا حكمهم المسبق على كل الصحابة حين وضعوا هذا الشرط والقيد الزائف الباطل، لأن الصحابة جميعاً أبرأ وأنقى وأسمى وأشرف من أن تكون هذه صفتهم، بل إن علياً والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين لا تنطبق عليهم هذه المواصفات والقيود التي افتراها هؤلاء الذين يزعمون التشيع إليهم، وهم على هذا شأنهم شأن الصحابة في ميزان مبتدعة الروافض ليسوا عدولاً كلهم – حاشاهم – بناء على قول هؤلاء الباحثين العلميين النزهاء، فتأمل ما في كلامهم وهرائهم هذا من باطل، ثم قل: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16].
                      فهم قد افتروا قيداً في مواصفات الراوي المقبول يُخرج كل الصحابة عن العدالة المزعومة عندهم، ونحن نتحداهم أن يثبتوا لنا اسم صحابي واحد ينطبق عليه شرط العدالة الذي زعموه، فإذا لم يثبتوا ولن يثبتوا تبينت حقيقة دعواهم وهي الطعن في كل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وهذا دليل بطلان شبهتهم لما يترتب عليها من لوازم فاسدة ، وبالله التوفيق.
                      * المرجع:
                      - حجية الصحابة في أصول الدين: د. وسيم فتح الله.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: عدالة الصحابة - والرد على الشبهات المثارة حولها

                        السَلام عَليكُم

                        * تَم دَمْج المُشارَكات 10 و 11 بِمَعّرِفَتِي
                        مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ. كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة mohamed faid, 9 أغس, 2023, 04:37 ص
                        ردود 0
                        192 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة mohamed faid
                        بواسطة mohamed faid
                         
                        ابتدأ بواسطة mohamed faid, 13 يول, 2023, 09:49 ص
                        ردود 5
                        274 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة mohamed faid
                        بواسطة mohamed faid
                         
                        ابتدأ بواسطة mohamed faid, 6 يول, 2023, 05:11 ص
                        ردود 0
                        272 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة mohamed faid
                        بواسطة mohamed faid
                         
                        ابتدأ بواسطة mohamed faid, 2 يول, 2023, 08:23 م
                        ردود 0
                        52 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة mohamed faid
                        بواسطة mohamed faid
                         
                        ابتدأ بواسطة رمضان الخضرى, 29 يون, 2023, 01:16 ص
                        ردود 6
                        161 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة issammo
                        بواسطة issammo
                         
                        يعمل...
                        X