الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

تقليص

عن الكاتب

تقليص

المهندس زهدي جمال الدين مسلم اكتشف المزيد حول المهندس زهدي جمال الدين
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    الفرع الثاني

    جريمة عرض فعل منافي للحياء

    قال تعالي: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يوسف:23.
    جلسة 8 من فبراير سنة 1970
    برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.
    الطعن رقم 1782 لسنة 39 القضائية
    (أ) إجراءات المحاكمة. "سماع الشهود".
    عدم التزام المحكمة بسماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو إجراء مواجهة بينهم.
    (ب) ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". فعل فاضح علني. تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
    ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال تخدش حياءها تتوافر به جريمتا الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. قيام الارتباط بين هاتين الجريمتين. وجوب تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الجريمة الأولى. مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون.
    (ج) نقض. "الحكم في الطعن". "سلطة محكمة النقض".
    لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959
    (د، هـ) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". "تسبيب أحكامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
    (د) محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. مثال لإجراءات صحيحة.
    (هـ) عدم التزام المحكمة الاستئنافية عند تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها بإعادة ذكر تلك الأسباب في حكمها. كفاية الإحالة إليها.
    (و) إثبات. "شهود" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
    وزن أقوال الشاهد. أمر موضوعي. للمحكمة الأخذ بقوله في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب. للمحكمة الإعراض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيها.
    1- لا توجب المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
    2-إن ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه مما تتوافر به أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
    3-تجيز الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من جريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها رغم قيام الارتباط بينهما، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد.
    4-المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وأقوال شاهدي النفي اللذين حضرا، وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي الثالثة فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل.
    5-من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على أسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها.
    6-وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب، ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به.


    الوقائع
    اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 يوليو سنة 1968 بدائرة قسم الأزبكية:
    (أولاً) فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.
    (ثانياً) تعرض لأنثى في الطريق العام. وطلبت عقابه بالمادتين 278 و306 مكرر (أ) من قانون العقوبات وادعت مدنياً المجني عليها......
    وطلبت القضاء لها بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح آداب القاهرة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام
    (أولاً) بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الأولى.
    (ثانياً) بحبسه أربعة وعشرين ساعة عن التهمة الثانية حبساً بسيطاً وكفالة 1 ج لوقف تنفيذ العقوبة.
    (ثالثاً) بإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزامه بمصاريف الدعوى المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم.
    ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول استئناف المتهم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته المصروفات المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


    المحكمة
    حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الفعل الفاضح والتعرض لأنثى قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة سماع أقوال شهود الإثبات والنفي إلا أنها لم تجبه إلى طلبه كما أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي رغم أن محكمة أول درجة لم تكن قد سمعت أقوال الشاهد سيد طه الذي سمعته محكمة ثاني درجة فقط كما أطرح الحكم أقوال بعض الشهود لعدم اطمئنانه إليها دون أن يبين العلة في ذلك ثم أن المحكمة سمعت أقوال الشهود في جلسات متفرقة ولم تسمعها في جلسة واحدة ولم تواجه الشهود بعضهم بعضاً وأخيراً فإن الحكم لم يورد أدلة الإدانة ولم يطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى.
    وحيث إن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المحكمة سمعت أقوال شهود الإثبات وصرحت للطاعن بإعلان شهود نفي فحضر اثنان من هؤلاء الشهود وسمعتهما المحكمة ولم يحضر الاثنان الآخران. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وسمعت أقوال شاهدي النفي اللذين حضرا وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي نادية جبريل فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن عبده سليمان شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها. وكان وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. وكانت المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك لها ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكانت ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه، مما تتوافر بها أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ كانت المادة 35 فقرة ثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها، إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
    ولعل فرض عقوبة الغرامة على فعل من هذا القبيل لا ينسجم مع الحكمة التي من أجلها كان الفعل جريمة، فالحبس أشد إيلاما وأدعي لإصلاح الجاني وردعه وغيره من مجرد دفع غرامة أضحت مع تغير قيمة العملة ضئيلة القيمة يثور الشك في قدرتها على التأثير على الجاني وإصلاحه في الوقت الذي قد لا تشكل مثل هذه الغرامة ردعا له أو لغيره. وربما يكون جديرا بالمشرع الأردني مراجعة النص المتعلق بجريمة عرض فعل مناف للحياء على ضوء هدى القرآن بجعل عقوبتها الحبس مدة تتناسب مع جسامة الجريمة وملابساتها وعدم التعويل على الغرامة – وبقيمتها الحالية- كرداع لجريمة قد تؤدي إلى تعقيدات قانونية واجتماعية جمة ولعل مسلك المشرع في جريمة المداعبة المنافية للحياء بحصر العقوبة بالحبس كان أكثر توفيقا وتوافقا مع الهدي القرآني على ما بينا. ويستفاد مما ورد في سورة يوسف في شأن مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عن نفسه أن الجاني في هذه الجريمة قد يكون ذكرا أو أنثي وكذلك المجني عليه، خلافا لبعض الجرائم التي لا يكون الجاني فيها إلا ذكرا والمجني عليها كجريمة الاغتصاب.
    جاء في "بوابة الأحكام القضائية " "محكمة النقض" -"الفعل الفاضح "
    الحكم رقم 1782 لسنة 39 ق
    » فهذه الجريمة تنافي الحياء والاحتشام الواجب اتباعهما بين الناس، وتشكل انتهاكا لقيمة الفضيلة في المجتمع، ناهيك عما فيها من تحرش بالمجن عليه وتعد على حريته وعفافه، ولهذه كله، ولغيره من الأسباب الخاصة بامرأة العزيز كسيدة متزوجة من رجل يشغل منصبا عاما مهما، فقد عمدت إلى التكلم على فعلتها بإغلاق الأبواب ومراودة يوسف عن نفسه، ولمعرفتها بسوء فعلتها، وعاقبتها الوخيمة فقد سارعت إلى نفي التهمه عن نفسها لدى مفاجأة زوجها لها وهي تراود يوسف عن نفسه، مدعية أنه هو من أراد بها سوءا وطالبت بإيقاع عقوبة السجن أو التعذيب بيوسف ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25..احكام النقض - المكتب الفني – جنائي العدد الأول - السنة 21 - صـ 238. »


    تعليق


    • #47
      الفرع الثالث

      الشروع في الجريمة

      قال تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يوسف:23.
      ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ يوسف:24.
      وفي مقام آخر في السورة يقول تعالى: ﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف: ٣٢
      تعرض هذه الآيات الكريمة لواقعة مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عن نفسه، وسعيها لإغوائه ودفعه لارتكاب الفاحشة، ويفيد النص القرآني بأن امرأة العزيز شرعت في التحضير لجريمتها فغلقت الأبواب ودعته لنفسها وذلك بإلحاح يظهره سياق السورة في مواضع مختلفة، ولكنه أمتنع عن تلبية طلبها وحاول الهرب منها حتى لا تنال منه، أو يضعف بآدمته أمام إغرائها (الصابوني، محمد على ورضا، صالح أحمد" مختصر تفسير الطبري"، عالم الكتب، بيروت، 1985، ص588-559. 2).
      والمؤكد من صريح نص الآيات أن سيدنا يوسف حافظ على عصمته بعون من الله، ولم يقع في الزنا بمفهومة المادي والقانوني، فباء- عليه السلام- بالرضوان وباءت امرأة العزيز بالفضيحة والخسران لشروعها في اقتراف فعل محرم منهي عنه شرعا، معاقب عليه قانونا.
      فالجريمة في القانون إذا ارتكبت بإتيان الفاعل لركنها المادي المؤدي -وفق المجرى العادي للأمور- إلى النتيجة الجرمية فإنها تقع جريمة كاملة مستحقة العقوبة المحددة لها.
      أما إذا اقتصر نشاط الفاعل على البدء في تنفيذ فعل من الأفعال الظاهرة المؤذية إلى ارتكاب الجريمة ولم يتمكن من إتمام الأفعال اللازمة لحصول تلك الجريمة لحيلولة أسباب لا دخل لإرادته فيها، فإن ما قام بها الفاعل لا يعدو كونه شروعا في الجريمة يعاقب عليها القانون عادة بعقوبات أخف من العقوبة المفروضة في حال ارتكاب الجريمة كاملة، كما أن العقاب على الشروع في قانون العقوبات المصري يقتصر على الجرائم التي اعتبرها القانون جنايات، وعلى بعض الجنح التي ورد نص صريح يعاقب على الشروع فيها.
      وفي إطار تحديدها لمفهوم لشروع في الجريمة الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها، أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني يسعى إلى بلوغها، متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعاً إلى سبب غير إرادي. فالجاني في هذا النموذج قطع شوطاً ملموساً على طريق إتمام الجريمة، ولكن ذلك الإتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته: فمن يطلق رصاصة على الغير بقصد قتله فتطيش رصاصته، أو لا تصيبه إلا بأذى طفيف، أو يضع أخر يده على سلاحه فيمنعه من إطلاق الرصاصة، يعد قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في الجريمة المستهدفة أصلاً والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لولاه لتحققت النتيجة. ويراجع في هذا الأمر:
      1-دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 324.
      2- الدكتور محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات-القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة، رقم 370، ص 353.
      3-الدكتور جلال ثروت، نظم القسم العام في قانون العقوبات، الجزء الأول، نظرية الجريمة، رقم 303 ص 355.
      4-الدكتور مأمون سلامة، قانون العقوبات-القسم العام، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، ص 378.
      وقد عرفت المادة 45 من قانون العقوبات الشروع بأنه:
      »البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. ولا يعتبر شروعاً في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك. «
      اركان الشروع في القانون المصري
      تقوم الجريمة في صورة الشروع على ثلاثة عناصر رئيسية، وذلك حسبما يبين من نص المادة 45 من قانون العقوبات، وهي:
      1- موضع البدء في التنفيذ في مسار الجريمة: لا مجال للشروع في الجريمة إلا إذا قطع الجاني، على طريق الجريمة، مسافة يمكن معها القول بأنه قد بدأ في تنفيذها. ولكن تحديد ذلك ليس بالأمر اليسير. ويرجع هذا إلى أن المشروع الإجرامي، في الجرائم الكبرى على وجه الخصوص، يمر بمسار طويل يبدأ بالمرحلة النفسية الخالصة، ثم التحضير لارتكاب الجريمة، ثم البدء في تنفيذها، ثم تنفيذها كاملة.( دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012 ، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 332).
      2- القصد الجنائي:يعد القصد الجنائي (الركن المعنوي) هو الركن الثاني الذي يفترضه الشروع. وقد أشارت إليه صراحة المادة (45) من قانون العقوبات وهو يتطلب أن يكون الجاني قد أرتكب الفعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة معينة في صورة تامة. والمشرع لا يعاقب على الشروع في جميع الجرائم، مما يعني أن اتجاه قصد الجاني إلى ارتكاب جريمة معينة يتيح التعرف على حكم القانون في الشروع فيها. (الدكتور محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات-القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة، رقم 370، ص360).
      3- عدم تمام الجريمة لسبب غير إرادي:يفترض النموذج القانوني لجريمة الشروع ليس فقط تخلف النتيجة الإجرامية التي كان الجاني يسعى إليها، وإنما كذلك أن يكون التخلف راجعًا إلى أسباب خارجة عن إرادته. ويثير هذا الشرط الأخير ثلاثة تساؤلات فرعية يتعلق أولها بالتمييز بين البدء في التنفيذ والتنفيذ الكامل، وثانيهما بماهية العدول الذي يحول دون قيام الشروع، وثالثهما بالحالة التي يكون من المستحيل فيها تحقق النتيجة الإجرامية. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 349).
      ثمة صورتان أساسيتان للشروع أولاهما:
      الشروع التام، ويعرف كذلك بالجريمة الخائبة، وفيها يستنفد الجاني نشاطه الإجرامي كاملاً وتتخلف النتيجة لسبب خارج عن إرادته، ومن ذلك أن يضرب شخص امرأة أو يعطيها مادة بقصد إسقاطها فلا يتحقق ذلك، أو أن يطلق رصاصته تجاه المجني عليه فلا يصيب هذا الأخير، أو أن يكسر خزينة لسرقة مستند معين فلا يجده بها. ويدخل في صورة الشروع التام كذلك ما يعرف بالجريمة المستحيلة، وفيها يستنفد النشاط الإجرامي في ظروف كان يستحيل فيها تحقق النتيجة لعامل كان الجاني يجهله، كمحاولة السرقة من جيب خال، أو قتل شخص فارق الحياة بالفعل أو بسلاح غير محشو برصاص، أو إسقاط امرأة غير حبلى. مبادئ قانون العقوبات القسم العام، دكتور أحمد عوض بلال، طبعة 2011-2012، الناشر دار النهضة العربية، ص324
      والصورة الثانية للشروع هي الشروع الناقص أو ما يعرف بالجريمة الموقوفة، وفيها لا يسنفد الجاني نشاطه الإجرامي حتى نهايته، وإنما يوقفه أو يحبطه عامل خارجي فلا يستكمل النشاط ولا تتحقق النتيجة، كما لو تأهب «أ» لإطلاق عيار ناري تجاه «ب» وتدخل «ج» فأمسك بيده وحال دون إطلاق العيار؛ أو تسلق «أ» سور منزل بقصد السرقة ولم يتم مشروعه على أثر رؤية رجل الشرطة قادمًا نحوه، وهكذا.
      وليس ثمة فارق من الناحية القانونية بين صورتي الشروع فيما يتعلق بالتجريم والعقاب: فكل منهما يستكمل عناصر الشروع، ولكل منهما يتقرر ذات العقاب.
      والحكمة من معاقبة الشروع بعقوبة نقل عن عقوبة الجريمة الكاملة واضحة في أن الجريمة لم تقع، وبالتالي فمعاقبة الفاعل عن جريمة كاملة فيه مجافاة للعدالة، كما أن في تخفيض عقوبة المفروضة على الشروع في جريمة ما قد يشجع الفاعل على مراجعة نفسه قبل إكمال جريمته طمعا في الحصول على عقوبة مخففة وهو ما أخذ به المشرع في حالة العدول الاختياري حيث أعفي من العقوبة المقررة للشروع إذا عدل باختياره عن إتمام الجريمة تشجيعا له على العدول.
      العدول الذي يحول دون قيام الشروع
      يفترض الشروع أن الجاني يسعى إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ولكنه فشل في بلوغها لأسباب خارجة عن إرادته: فإذا كان ثمة عدول عن تحقق النتيجة في هذا الفرض، فهو عدول اضطراري أو غير اختياري من قبل الجاني. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 366).
      وعلى هذا النحو، يقدم المشرع للجاني وعدًا بصفح تشريعي إن هو ثاب إلى رشده وحال بإرادته دون تحقق النتيجة الإجرامية.
      وهذا مسلك حذي بتأييد من جانب الفقهاء لأنه يدعم الدور الوقائي للسياسة الجنائية في مواجهة الإجرام، حيث يتفق والطبيعة البشرية التي تحتاج إلى تدعيم العوامل المانعة من الإجرام في مواجهة العوامل الدافعة إليه؛ هذا فضلًا عن أن مصلحة المجتمع في عدم عقاب من عدل اختيارًا عن إتمام مشروعه الإجرامي تفوق مصلحته في تقرير العقاب رغم العدول. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 350).
      والعدول الذي يحول دون قيام الشروع في الجريمة المقصودة هو ذلك الذي يتوافر فيه شرطان يتعلق أولهما بطبيعته وثانيهما بتوقيت حدوثه. فبالنسبة للشرط المتعلق بطبيعة الشروع أن يكون العدول عن إتمام المشروع الإجرامي ذا طبيعة اختيارية، أي أن يكون راجعًا إلى إرادة تلقائية من الجاني بالانسحاب من المشروع الجرامي والحيلولة دون إتمامه. أما بالنسبة للشرط المتعلق بتوقيت العدول، يلزم بالإضافة إلى ذلك أن يقع قبل تمام الجريمة بتحقق نتيجتها وقبل قيام الشروع بتحقق أركانه كاملة، فإذا حدث عدول بعد هذا أو ذاك، فلا نكون إلا بصدد (ندم متأخر) أو (توبة إيجابية لاحقة) لا أثر لها في نفي الجريمة أو الشروع.

      تعليق


      • #48
        الفرع الرابع

        الجرم المشهود


        قال تعالي: ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25.
        تشير هذه الآية الى واقعة العزيز لزوجته تلاحق سيدنا يوسف الهارب منه إثر مراودتها له عن نفسه، وهي آية فيها تصوير حركي يوحي بما كان يدور بين يوسف وامرأة العزيز من أمر المراودة، هذه الحركة التي أتاها سيدنا يوسف محاولا الخروج والابتعاد اعراضا منه عن الفاحشة تركت أثرا سيكون له دور حاسم في تبرئة يوسف مما عاجلت امرأة العزيز باتهامه به.
        وفي الجانب القانوني، تصور الآية ما يعرف في القانون بالتلبس في الجريمة، أو الجرم المشهود، وهي من الأوضاع القانونية التي رتب عليها المشرع الجزائي أحكاما قانونية خاصة تختلف حسب طبيعة الواقعة وملابساتها، في جريمة الزنا ، فللجرم المشهود معنى آخر ، إذ يكفي فيها أن يوجد الزاني والزانية في حالة مريبة لا تترك مجالاً للشك في ارتكاب هذا الجرم أو يصعب رؤية الجناة متلبسين بالجرم ، حيث أن الفقه والاجتهاد يتفقان على أن حالة الجرم المشهود لا تكون قائمة عند مفاجأة الفاعلين وهما يرتكبان الجريمة دون سواها من الحالات ، وإنما تكون كذلك عندما يفاجأن في حالة لا تدع مجالاً للشك في إنهما مرتكبان جريمة الزنا .
        حالات الجرم المشهود:
        يتضح من نص المادة /28/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية أن الجرم يعتبر مشهوداً في أربع حالات:
        1-الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه.
        2- الجرم الذي يشاهد عند الانتهاء من ارتكابه.
        3- حالة القبض على مرتكب الجرم بناء على صراخ الناس.
        4-حالة ضبط مرتكب الجرم ومعه أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها أنه فاعله، وذلك في الأربع والعشرين ساعة من وقوع الفعل.
        وهناك حالة خاصة، وهي حالة ملحقة بالجرم المشهود بموجب المادة /42/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك إذا حدثت جناية أو جنحة غير مشهودة داخل بيت وطلب صاحبه إلى النائب العام إجراء التحقيق بشأنها.
        وفيما يلي شرح لكل حالة من حالات الجرم المشهود:
        أ- الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه:
        وتقوم هذه الحالة حين مشاهدة الجريمة أثناء اقتراف الركن المادي لها لرؤية الجاني أو المعتدي وهو يطعن المتعدي عليه بسلاح حاد، والمشاهدة هنا غالباً ما تكون عن طريق الرؤية ولكن هذا ليس بشرط لاعتبار جريمة مشهودة أن المشاهدة هنا يمكن حصولها بأية حاسة من الحواس، كحاسة الشم أو السمع، كأن يضبط شخص ورائحة المخدر تنبعث من فمه.
        ب- مشاهد الجرم عند الانتهاء من ارتكابه:
        وهذه حالة اعتبارية للجرم المشهود، ومثال ذلك:
        مشاهدة الفاعل يخرج مسرعاً من مكان وقوع الجريمة وهو مضطرب ومثاله قول الله سبحانه وتعالى:
        ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25.
        وتطبيقاً لذلك حكمت محكمة النقض:
        (حيث أن الفقه والاجتهاد يتفقان على أن حالة الجرم المشهود لا تكون قائمة عند مشاهدة الفاعلين وهما يرتكبان الجريمة دون سواها من الحالات، وإنما تكون كذلك عندما يفاجأن في حالة لا تدع مجالاً للشك في أنهما مرتكبان جريمة الزنا وفي حالة تفترض بالضرورة أن الزنا قد وقع …..).
        ج- القبض على مرتكب الجرم بناء على صراخ الناس:
        هي حالة اعتبارية للجرم المشهود، حيث يفترض أن موظف الضابطة العدلية لم يشهد الجريمة إبان وقوعها بل شاهد فاعلها يتبعه الناس بالصراخ وهو يفر من الناس سواءً وقعت عليهم الجريمة أم لم تقع ، ويشترط لقيام هذه الحالة أن يكون من وقع عليه الاعتداء من مرتكب الجريمة أن يقوم بالصياح عقب ارتكاب الجريمة بفترة قصيرة .
        أو يكون الجاني في الحالة التي ضبط فيها تدل على انه هو من اقترف الجرم كأن يشاهد على ملابسه بقع دم، أو في جسمه خدوش أو غير ذلك …….
        د- شروط الجرم المشهود:
        لاعتبار الجرم مشهوداً وبالتالي اتسـاع سـلطات الضبط حتى تشمل التحقيق ما يلــي:
        1-أن تتوافر حالة من حالات الجرم المشهود.
        2-أن تتم المشاهد من قبل موظف الضابطة العدلية ذاته.
        3-أن تحصل المشاهدة بصورة مشروعة.
        فإذا لم تتوافر حالة الجرم المشهود الذي سبق ذكرها لا يعتبر الجرم مشهوداً وبالتالي لم يعد في سلطة الضابط العدلية القيام بأعمال التحقيق.
        فالجرم المشهود لا يعتبر مشهوداً إذا علم موظف الضبط من غيره نبأ وقوعه، ولم يشاهد بنفسه الجرم في إحدى حالاته.
        وبالرجوع إلى الآية الكريمة نجد ان امرأة العزيز تركت آثارا وعلامات تدل على مراودتاها ليوسف عن نفسه كما شهد بذلك شاهدا من أهلها، وهي آثار أو علامات تدل على فعل ما جعله مشهودا وفق المفهوم القانوني الوارد في قانون أصول المحاكمات الجزائية.

        تعليق


        • #49
          المطلب الثاني

          العفو العام والعفو الخاص

          بالإضافة إلى المبادئ والجرائم التي سبقت الإشارة إليها فقد وردت في سورة يوسف إشارات لبعض المسائل التي تتصل بالقانون الجنائي ومن أبرزها موضوع العفو العام والعفو الخاص، فقد جاء في محكم التنزيل قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ يوسف الآية 88.
          وكذلك قوله تعالى من سورة يوسف في الآية 78﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
          تبرز هذه الآية موقف أخوة سيدنا يوسف لما رجعوا يستعطفون يوسف عليه السلام بشأن أخيهم بنيامين الذي دبر حيلة قانونية جعلته يستبقي أخاه عنده بعد أن جعل السقاية في رحله وسؤاله أخوته عن جزاء من يعثر على صواع الملك في رحله، فكان جوابهم أن يسترق عقابا على "سرقته" وبعد استخراج الصواع من رحل "بنيامين" وتطبيق الجزاء الذي قال به أخوة يوسف أنفسهم، تحادثوا وقرروا مخاطبة سيدنا يوسف في شأن أخيهم. واستعطافه بغية العفو عنه والسماح له بالعودة معهم.
          وهو نظام أقرب الى ما بات يعرف اليوم بالعفو عن مرتكبي الجرائم بنوعية العام والخاص، فما هو العفو العام والخاص وما هي أحكامها في ظل قانون العقوبات.
          ما الفرق بين العفو العام والعفو الخاص في قانون العقوبات؟
          العفو العام
          ويطلق عليه بعضهم العفو الشامل أو العفو من الجريمة؛ لأن من شأنه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال المجرِّمة أصلاً، والعفو العام يصدر بقانون عن السلطة التشريعية فيشمل جريمة أو عدداً من الجرائم، ويكون من شأنه محو الصفة الجرمية عنها.
          والهدف من العفو العام هو التهدئة الاجتماعية وذلك بإسدال ستار النسيان على بعض الجرائم التي ارْتُكِبَتْ في ظروف اجتماعية سيئة، غالباً ما تكون مرتبطة بفترات الاضطراب السياسي، فيريد المشرّع بهذا العفو نسيان تلك الجرائم من أجل نسيان تلك الظروف السيئة التي عاصرتها؛ ليتمكن المجتمع من الاستمرار والعبور إلى مرحلة جديدة من حياته، من هنا فإن المجال الأوسع للعفو العام هو الجرائم السياسية والجرائم العسكرية وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي.
          ويمتاز العفو العام بمجموعة من الخصائص أهمها:
          طابعه الموضوعي؛ إذ يستفيد منه جميع المساهمين في الجرائم التي شملها العفو، كذلك طابعه الجزائي حيث تقتصر آثاره على الصفة الإجرامية للفعل دون المساس بالحقوق لشخصية المجني عليه، وأخيراً أثره الرجعي؛ إذ يمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه.
          ويشترط للعفو العام في قانون العقوبات المصري
          شرط وحيد هو صدوره عن السلطة التشريعية، فالعفو العام إما أن يكون بقانون يُصَدِّق عليه مجلس الشعب أو بمرسوم تشريعي يصدر عن رئيس الدولة.
          العفو الخاص
          ويطلق عليه بعضهم العفو من العقوبة، من حيث أن تأثيره يشمل العقوبة وحسب، وهو بالتعريف: منحة من رئيس الدولة تزول بموجبها العقوبة عن المحكوم عليه كلها أو بعضها، أو تُسْتَبْدَلُ بعقوبة أخرى أخف منها،
          وللعفو الخاص وفق أحكام قانون العقوبات المصري شروط متعددة هي:
          1ـ العفو الخاص يُمْنَحُ بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة، يحدد فيه اسم المعفو عنه وعقوبته المسقَطة، والعقوبة المتبقية إذا كان الإسقاط جزئياً، والعقوبة المستبدلة إن وجدت.
          2ـ العفو الخاص لا يُمْنَحُ إلا إذا كان المدعى عليه قد حوكم وصدر بحقه حكم جزائي مبرم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة ، فهو طريق احتياطي وأخير.
          3ـ لا يُمْنَحُ رئيس الدولة العفو الخاص إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وهي تتألف من خمسة قضاة يعينهم رئيس الدولة. تقوم هذه اللجنة بدراسة طلب العفو المحال إليها، ثم تبدي رأيها فيه ومهما كان رأيها سواء بالسلب أو الإيجاب فهو رأي استشاري محض، وتعود لرئيس الدولة الكلمة الأخيرة في منح العفو الخاص أو حجبه.
          4ـ يمكن أن يكون العفو شرطياً، ويمكن أن يناط بأحد الالتزامات الآتية، أو بأكثر منها:
          أ ـ أن يقدم المحكوم عليه كفالة احتياطية.
          ب ـ أن يخضع للرعاية.
          ج ـ أن يحصل المدعي الشخصي على تعويضه كله أو بعضه في مدة لا تتجاوز السنتين في الجنحة أو الستة أشهر في المخالفة.
          5ـ إذا كان الفعل المقترف جناية، وجب التعويض على المدعي الشخصي، كلياً أو جزئياً في مهلة أقصاها ثلاث سنوات.
          آثار العفو مدنياً وجزائياً
          آثار العفو العام
          • ـ العفو العام يشمل الجريمة والعقوبة معاً، فهو لا يؤدي إلى زوال العقوبة وحسب؛ بل يؤدي إلى زوال الجريمة برمتها، شأنه في ذلك شأن أسباب التبرير، والعفو العام يؤثر على الدعوى العامة في جميع مراحلها سواء قبل صدور حكم جزائي مبرم فيها أو بعده.
          • ـ يشمل العفو العام جميع العقوبات الأصلية والفرعية والإضافية، ولكنه لا يشمل تدابير الإصلاح والاحتراز، إلا إذا نص قانون العفو صراحة على ذلك.
          • ـ لا يؤثر العفو العام على الحقوق الشخصية، حيث تبقى هذه الحقوق خاضعة لأحكام القانون المدني.
          • ـ العفو العام يلغي الحكم نهائياً، حيث يتم شطبه من السجل العدلي للمحكوم عليه ولا يدخل في التكرار أو اعتياد الإجرام أو وقف التنفيذ حيث تعتبر الجريمة شيئاً لم يكن.
          آثار العفو الخاص
          • ـ العفو الخاص شخصي لا يستفيد منه إلا الشخص الذي ورد اسمه في مرسوم العفو، ولا يمتد أثره إلى بقية المساهمين في الجريمة.
          • ـ يؤثر العفو الخاص في العقوبة وحسب، ولا يمتد أثره إلى الجريمة، فالعفو الخاص يُسْقِطُ العقوبة، ولا يسقط الحكم، وهو يصدر إما بإسقاط العقوبة كلياً أو جزئياً أو استبدالها بعقوبة أخف منها، ومن ثمَّ يدخل الحكم في احتساب التكرار واعتياد الإجرام، وفي أحكام وقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ.
          • ـ العفو الخاص يشمل العقوبة الأصلية فقط، ولا يشمل العقوبات الفرعية والإضافية والتدابير الاحترازية المقضي بها إلى جانب العقوبة الأصلية، إلا إذا نص مرسوم العفو صراحة على ذلك.
          • ـ لا يؤثّر العفو الخاص في الحقوق الشخصية للمجني عليه، وتبقى هذه الحقوق خاضعة لأحكام القانون المدني، ويبقى للمضرور من جراء الجريمة الحق في التعويض.
          وحيث أن ما طلبه إخوة يوسف هو العفو الخاص وليس العام فلن نستغرق أكثر في دراسة العفو العام وفصيل أحكامه، والعفو الخاص سبب آخر لسقوط العقوبة أو إبدالها أو تخفيفها كليا أو جزئيا وهو كما سب البيان
          كذلك في حالة العفو الخاص فالأمر في غالب الأحوال يتعلق بشخص أو أشخاص معينين وهو في السياق القرآني أخو نبي الله يوسف عليه السلام المتهم بالسرقة.
          ومن الواضح أن أخوة يوسف لم يطلبوا العفو الخاص إلا بعد أن اتضح الحكم الذي سيطال أخاهم وهو الاسترقاق حسب الشريعة السائدة في مصر آنذاك وهم لم يطلبوا العفو عن أخيهم إلا بعد أن طلبوا أن يتم إنزال الحكم في أحدهم بدلا منه ورفض هذا الطلب تنفيذا لمبدأ شخصية العقوبة الذي سبق بيانه.


          تعليق


          • #50
            المطلب الثالث

            أمور إنسانيَّة متكررة يمارسها الناس عند وقوعهم تحت طائلة القانون

            نشاهد حالة لدى الناس متكررة مدى الدهور، تتمثل في:
            1- إنَّ الذي تكون الأمور في غير صالحه، نراه يوزِّع الاتهامات، ويهذي ويهذر، بكلام لا يقدِّم ولا يؤخِّر، بل قد يسيء الى القائل لا غير، ظاناً أنَّ ذلك يدفع عنه المساءلة، أو يُظهِره بمظهر الإنسان الطيِّب، حتّى لا ينال اللوم من الناس، زيادة على العقوبة ...
            ﴿ قالوا إن يسرِق فقد سرق أخٌ له من قبل فأسرَّها يوسفُ في نفسِهِ ولم يُبْدِها لهم قال أنتم شرٌ مكاناً والله أعلم بما تصفون يوسف 77 .
            فأرادوا أن يقولوا أنَّهم صالحون، وأنَّ هذا السارق هو أخوهم من أبيهم، وهذا وأخوه [يقصدون يُوُسُف] هم على هذه الشاكلة!!..
            لكن هل يُغني مثلُ هذا، في مثل هذا الموقف؟.
            جوابه هو عين ما نراه في حياتنا العمليَّة، حين يتكلم المحكومون وأقاربُهم بما لا يُجدي، فقد: (سبق السيف العذل).
            2- فلما ذهبت السكرةُ، وجاءت الفكرةُ، عاودتهم حالةٌ من حالات بني البشر الأخرى، وهي:
            الرجاء، والاسترحام، وتقديم المعاذير، والمقترحات..
            ﴿ قالوا يا أيَّها العزيزُ إنَّ له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدَنا مكانَه إنّا نَراك من المُحسنين يوسف 78.
            أما الجانب القانوني في هذه المسألة، فقد عالجه قانونان:
            أ. قانون العقوبات، ونصوصه التي تخصُّ الموضوع، هي:
            يعدُّ فاعلاً للجريمة:
            1- من ارتكبها وحده، أو مع غيره.
            2- من ساهم في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال، فقام عمداً أثناء ارتكابها بعملٍ من الأعمال المكوِّنة لها ….
            ويُفهم أنّ غير الفاعل، أو الشريك لا يُسأل عن أيِّ فعلل جرمي، لا على سبيل: التطوُّع، أو المساعدة ولو كانت لسبب إنساني، ولا حتَّى لسبب قانوني...
            أ. لا تجوز محاكمة غير المتَّهم الذي أُحيل على المحاكمة.
            ب. في قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة.. فمما ورد فيها:
            إذا اعترف المتهم بالتهمة الموجَّهة إليه…ورأت المحكمة أنَّ اعترافه مشوب، أو أنَّه لا يقدِّر نتائجه ….
            فالمحكمة تُقدِّر كون الإقرار صحيح، أم كان مشوباً بأيَّة شائبة، حتى ولو كانت تحمُّل العقوبة عن: مريضٍ، أو بِراً بقريبٍ عزيز، وما شاكل ذلك وغير خافٍ أننا لسنا في موضع الاستقصاء، بل يكفينا التمثيل لكل قاعدة من القواعد، لندلِّل على التوافق، أو قل أنَّ ما ورد في السورة هو مما يجري التعامل به قانوناً.. الآن!..
            ومن خلال ما تقدم يتبين لنا براعة وإعجاز القران الكريم في كل نواحي الحياة وإصلاحها لكل الأزمنة والأمكنة وبيانها في هذه السورة المباركة أهم المبادئ الأساسية في التحقيق في الجرائم الجنائية العالمية علما أن القرءان الكريم يحتوي على مبادئ قانونية أخرى رائعة مثل (البصمة) ودورها في كشف الجرائم بمختلف أنواعها كما في سورة القيامة ﴿ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ القيامة:4 لكونها تختلف من إنسان إلى أخر كما اكتشفها العلم الحديث.
            وقد أكدت أوراق المؤتمر الذي عقدته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعنوان:
            "مدى حجية البصمة الوراثية في إثبات البنوة"، والذي شارك فيه عدد من أبرز العلماء والأطباء المتخصصين في هذا المجال أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في ترتيب جيناته ضمن كل خلية من خلايا جسده، ولا يشاركه فيها أي إنسان آخر في العالم، وهو ما يعرف بـ "البصمة الوراثية" وأكد أحد الباحثين أن هذه البصمة تتضمن البنية التفصيلية التي تدل على كل شخص بعينه، ولا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، فضلاً عن تعرف الشخصية وإثباتها.
            وقد جاءت البصمة الوراثية بالمشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية دونما كشف للعورة، أو مشاهدة لعملية الجماع بين الزوجين ودونما تشكك في ذمم الشهود أو المقربين؛ لأن الأمر يرجع إلى كشف آلي مطبوع مسجل عليه صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان، والتي تتطابق في نصفها مع الأم الحقيقية ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل القطع؟
            إن وسائل إثبات النسب ليست أموراً تعبدية حتى نتحرج من إهمالها بعد ظهور نعمة الله تعالى بالبصمة الوراثية، ولن نهملها في الحقيقية؛ لأنها حيلة المقل، فإذا لم تتيسر الإمكانات لتعميم البصمة الوراثية فليس أمامنا بد من الاستمرار في تلك الوسائل الشرعية المعروفة.
            إن اعتماد "البصمة الوراثية " دليلاً قطعياً للفراش الحقيقي ينشئ دعوى جديدة يمكن أن نطلق عليها "دعوى تصحيح النسب" لم يكن لها من قبل ذيوع، وإن كان أصلها في الكتاب والسنة.
            وهذا يزيدنا ثقة واطمئنانا بإعجاز الآية القرآنية ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ الأنعام:38.
            أي أن القران الكريم قد تطرق إلى كل جوانب الحياة إما بشكل مباشر أو غير مباشرو العاقل بالإشارة يفهم.


            تعليق


            • #51
              النتائج والتوصيات
              ببلاغة معجزة عرضت سورة يوسف لقصة سيدنا يوسف، والمحن التي قدر له أن يعانيها ومع أقرب الناس إليه -إخوته من جهة وامرأة العزيز التي عاش في بيتها من جهة أخري-، وقد تضمنت السورة إشارات ومبادئ وأفكار قانونية تواضعت عليها القوانين التي سنها البشر في زمان القصة وفيما تلاء من أزمنة،
              ولاحظت الدارسة أن هذه المبادئ والأفكار القانونية قد وجدت تطبيعا واستجابة من المشرع المصري لما تمثله من فكر قانوني أصيل وفى النظام القانوني المصري يبرز القانون المدني المصري كأكثر القوانين المصرية تأثرا بالتوجيهات الربانية الواردة في القرآن، دون إغفال لتأثر قانون الأصول المحاكمات المصرية وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات المصري بتلك التوجيهات والاشارات القانونية التي عرضت لها الدراسة بالرصد والبحث والتحليل.
              وينبغي في هذا المقام التأكيد على أهمية دراسة القرآن الكريم من منظور قانوني، لأنه تشريع الخالق، وهو أصلح للمخلوق من أي تشريع آخر، ولقد كان هاجس الباحث في هذه الدراسة أن يساهم في وضع لبنه من هذا الصدد، تحتاج المزيد من الجهد والبحث لإكمال البناء وتحقيق الفائدة المرجوة وصولا بالتشريع الى أرقي درجات الجودة والضبط من خلال السير على هدي ما جاء في القرآن الكريم من مبادئ وأفكار، وإعمال العقل فيها تحليلا واجتهادا.
              وإعمالا لقوله تعالى في الآية 111 والأخيرة من سورة يوسف ﴿ لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ، توصي الدراسة بما يلي:
              أن يتم إعادة التشريع من قبل هيئات تضم أشخاصا على علم وفهم بعلوم القرآن الكريم بيانا ومضمونا، والعلوم الشرعية بصورة عامة، وما فيها من مفاهيم وأفكار ودلالات من شأنها تجويد التشريعات بتضمينها ما جاء في مصادر الشريعة من هدى وعدل وحكمة.
              تطعيم الدراسات القانونية في الجامعات والمعاهد المتخصصة بالعلوم القانونية والقضائية بالمزيد من المواد التي تخص علوم القرآن والعلوم الشرعية عموما بهدف تعزيز قدرات الطلبة على الرابط والمقارنة بين العلوم القانونية والشرعية والاستفادة من ذلك.
              الحرص على توقير المحاكمة العادلة لأي متهم من خلال تمكينه من تقديم دفاعه وعدم الحكم عليه إلا بعد ثبوت مخالفته للقانون ادلة قاطعة الدلالة تحقيقا للعدالة وإعمالا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
              تعزيز استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وعدم السماح بالتأثير على القاضي في معرض قيامه لواجبه لما في ذلك من افتئات على السلطة القضائية ومساس أكيد بقيم العدالة والنزاهة والحياد.
              تعزيز الاجتهاد كلما كان النص غامضا أو لا يحق قصد المشرع وروح التشريع وجعل قاعدة " لا مساغ للاجتهاد في مورد النص" خاصة بالأحكام القطعية الدلالة، وتلك التي تحقق روح التشريع.
              وهذه التوصيات وإن كانت لا تتعلق بنص أو حكم معين، إلا أنها ترتبط بكل النصوص وكل الأحكام من خلال اتصالها الوثيق بالسياسة التشريعية العامة أو العلوم القانونية أو إدارة المرفق الفضائي.
              اما باقي التوصيات، فهي خاصة بتفاصيل بعض الأحكام التي عرضت لها الدراسة تباعا حسب تسلسل ورودها في خطة البحث وفيما يلي إجمالا لأبرزها:
              ضرورة توضيح الحكم فيما يتعلق بالبيع بثمن بخس لما يحيط بهذا البيع من شبهات، فالإنسان في معاملاته المدنية لا يقايض الشيء إلا بما يعادله أو يدانيه في القيمة، فمثل هذا البيع تحوم حوله الشبهات خصوصا فيما يتعلق بمشروعية مالكية البائع للمبيع، أو غرضه من البيع.
              النص على ان تكون الجائزة -محل التزام – الواعد بجائزة محددة وليس كما يجري عليه العمل أحيانا بأن من يحق أمرا معينا أو يجد شيئا مفقودا سيكون له مكافأة حسنة، لأن في ذلك جهالة فاحشة لمحل الالتزام، الأمر الذي لا يصح قانونا، لأن من شأن تجهيل محل التزام الواعد فتح الباب لنشوب نزاع مستحكم حول ماهية الجائزة المستحقة لمن استوفي شروط استحقاقها.
              حصر عقوبة جريمة عرض فعل مناف للحياء بالحبس ولمدة رادعة وعدم الأخذ بالغرامة كعقوبة لجريمة لها من الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية الشيء الكثير، وما ينطبق علي أية جريمة لها آثار سلبية جسمية لأن العقوبة في المال قد لا تشكل عامل ردع كاف لبعض المجرمين، وبالتناوب تغليظ العقوبات المالية لتكون أكثر دفاعية في زجر الجاني وردع غيره.
              رد الدعوى المدنية أو الجزائية شكلا في حال عدم تقديم المدعى أو المشتكي لأية بينات تؤيد دعواه ومن دون أن يكون مطلوبا من المدعى عليه ان يقدم أي دليل لدحض دعوي المدعي، لأن الأصل في القانون المدني براءة الذمة وكذلك البراءة في قانون العقوبات، والقاعدة ان من يدعى خلاف الأصل فعليه يقع عبء إثبات ما يدعيه.


              تعليق


              • #52



                مقدمة

                ماذا عن تطبيق الشريعة الإسلامية
                الآن، وليس قبل الآن
                مع إننا لم نتصور تطبيقاً للشريعة إلا بعد تعديلات جذرية في مضمون وشكل الشريعة نفسها، وفى رؤية العقيدة أيضاً، وفى نشر هذه الرؤية الجديدة وتعميقها حتى تشمل أغلبية المواطنين، إلا أن هناك عقبات ومحاذير خارج إطار هذين - أي العقيدة والشريعة - يتعين علينا أن نحسب حسابها وأن يكون لدينا حلولاً لما تثيره من مشكلات وإجابات لما ستطرحه من تساؤلات.
                الدستور والجدل القائم حوله
                في مشروع دستور جمهورية مصر العربية الصادر في يوم الجمعة 16 من المحرم 1434 هجرية الموافق 30 من نوفمبر 2012 ميلادية والمعد بمعرفة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. ورد في مادته الثانية النص التالي:
                (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع).
                وفي مادته الثالثة:
                (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيس للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قيادتهم الروحية).
                ونظراً لأن عبارة (مبادئ الشريعة الإسلامية) عبارة عامة يندرج تحتها الفقه الإباضي والقادياني والشيعي وهو ما يتنافي مع المادة الرابعة من الدستور والتي تنص على أن الأزهر الشريف هو الجهة الوحيدة المنوطة بالتشريع.. كان لابد من توضيح مفهوم المقصود من عبارة (مبادئ الشريعة الإسلامية) وذلك في المادة 219 في الفصل الثاني تحت عنوان أحكام عامة ما نصه:
                (مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة).
                ونظرا لغياب فقه المصطلحات وجدنا بعضاً من قادة الجماعات المعتبرة يدلون بتصريحات تنم على عدم الفهم للمادة (219) والشارحة للمادة الثانية فراحوا يرجون أن المقصود بعبارة (مذاهب أهل السنة والجماعة) الواردة في النص المقصود بها الجماعة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين.. وأن الأزهر وافق عليها بعدما تم رشوة شيخ الأزهر في المادة الرابعة والتي تنص على دور الأزهر في التشريع حيث ورد في المادة عبارة (شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، ويحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء)..
                يعني واحدة بواحدة..
                هكذا قالوا في خطبهم ومحاضراتهم.. وناقشناهم وجادلناهم.. ولكن وسائل الإعلام قد أتاحت لهم مساحات أوسع للتعبير عن آرائهم فحدثت الفتنة في مصر حول الدستور..
                لأن المقصود بعبارة (مذاهب أهل السنة والجماعة) الواردة في نص المادة 219 يعرف المفهوم من وراءها طالب الصف الأول في المرحلة الإعدادية الأزهرية.
                فأهل السنة يقصد بهم أهل الفقه على المذاهب الأربعة وأضيف إليهم الفقه الظاهري وذلك في مواجهة الفقه الشيعي والقادياني وأن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول فلا نسب منهم أحداً..
                والمقصود بالجماعة.. أي الأشعرية والماتردية في مواجهة فكر المعتزلة بقيادة واصل بن عطاء.. فعلى الأشاعرة أتباعهم المالكية والشافعية و الحنابلة أما الماتريدية فأتباعهم الأحناف ، ولا علاقة أبداً بالجماعة السلفية ولا الإخوان بهذه المادة نهائياً..




                تعليق


                • #53
                  الفصل الأول

                  شهادتي للتاريخ

                  قبل اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات بعام وتحديداً عام 1980م جاءني الأستاذ إبراهيم خطاب عضو مجلس الشورى رحمه الله بنسخة من قوانين تقنين الشريعة الإسلامية وعليها خاتم مجلس الشعب، وكان ضمن الكلام الذي دار بيننا أن الرئيس السادات - رحمه الله - كان قد عهد للدكتور صوفي أبو طالبرئيس مجلس الشعب بمسئولية إعادة تقنين كافة القوانين المعمول بها في مصر طبقاً للشريعة الإسلامية ، ولقد تم بدأ العمل الفعلي للتقنين في عام 1978 وتمت الاستعانة بصفوة من العلماء المتخصصين من الأزهر والقضاة وأساتذة كليات الحقوق وبعض الخبراء من المسلمين والمسيحيين، وتم تقسيم العمل إلى لجان يرأس كل لجنة أحد أعضاء مجلس الشعب المتخصصين في المجال، إلى جانب هؤلاء الخبراء. وكانت الخطة تقوم على عدم التقيد بالراجح في مذهب معين، بل الأخذ بالرأي المناسب من أي مذهب من المذاهب الفقهية.
                  وشرعوا في التقنين على أبواب الفقه وتقسيماته، وما لم يجدوه في كتب الفقه يلجئون إلى مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام، وفي حالة تعدد الآراء الفقهية للمسألة الواحدة كانوا يختارون واحداً منها مع ذكر الآراء الأخرى ومصادرها على هامش الصفحة ليرجع إليها من يشاء.
                  كانت هذه هي خطة العمل كما هو مدون في مقدمة ذلك العمل الجبار..
                  هذا هو السادات الذي اتهم بالردة والخيانة والكفر.. ومن ثم تم استباحة دمه ..
                  لماذا؟.. لأنه لا يطبق شرع الله.. وكأن شرع الله تعالي مجرد ورقة وقلم..
                  وفي حواره مع الدكتور صوفي أبو طالب المنشور على الموقع التالي:
                  http://www.islamonline.net/servlet/S...ArticleA_C&cid
                  وذلك يوم الثلاثاء22 مايو 2007..
                  سأل الأستاذ عاطف مظهر الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الأسبق ـ ضمن ما سأل فقال:
                  * هل يعني هذا الكلام أن مشروع تقنين الشريعة كانت تتبناه مجموعة أفراد في السلطة.. أم كان مشروعا للدولة المصرية؟.
                  - الوصف الأدق له أنه كان مشروعا يساير (توجه) الدولة، وليس (مشروعا) للدولة، لأنه توقف بالفعل بعد أن غيرت الدولة سياستها منه!!، ولأن الدولة أحيانا إذا أرادت شيئا تجعل أحد أعضاء المجلس يقدم الاقتراح بقانون بإيعاز منها وبالنيابة عنها، وكان الرئيس السادات في كل الاجتماعات يحثنا على الإسراع لإنجاز مشروع التقنين.. وكان يطالبنا بعدم الانتظار حتى يكتمل تقنين كل القوانين، واقترح مرة أن ندفع بما ننجزه أولا بأول إلى مجلس الشعب لأخذ الموافقة عليه تمهيدا لتطبيقه وسريانه في المنظومة القانونية.
                  * هذا كلام جديد على الناس.. فهل كان السادات جادا فعلا في هذا الشأن وينوي تطبيق الشريعة في مصر؟ وهل أجهض حادث اغتياله تحقيق هذا المشروع؟.
                  *أستطيع أن أجزم أن الرئيس السادات (رحمه الله) كان جادا في مسألة تطبيق الشريعة، وكان سلوكه وكلامه يقطعان بذلك.. ولو قدرت له الحياة عاما أو عامين آخرين لرأينا تقنين الشريعة مطبقا على أرض الواقع. وكان الرئيس السادات في كل الاجتماعات يحثنا على الإسراع لإنجاز مشروع التقنين.. وكان يطالبنا بعدم الانتظار حتى يكتمل تقنين كل القوانين، واقترح مرة أن ندفع بما ننجزه أولا بأول إلى مجلس الشعب لأخذ الموافقة عليه تمهيدا لتطبيقه وسريانه في المنظومة القانونية.
                  والحديث منشور بتمامه في نهاية الدراسة..
                  وتحتفظ مكتبتي بنسخة أصلية من هذه القوانين وعليها خاتم مجلس الشعب، فهذه النسخة الوثيقة هي التي تبرأ ساحة الرئيس المصري محمد أنور السادات وكل من ساهم في إخراجها شهود عليها وكل أعضاء مجلسي الشعب والشورى الذين كانوا يعدون أنفسهم بالموافقة سواء من كان يرتضيها أو من يرفضها، كل هؤلاء شهود عليها.
                  هذه النسخة الوثيقة سوف يقابل بها السادات ربه باعتباره أول رئيس يقنن لمبادئ الشريعة الإسلامية بمصر وكأن دمه سال عليها من الخارجين عليه والذين أباحوا دمه.. مثل ما سال دم عثمان بن عفان على المصحف الذي كتبه وذلك من الخارجين عليه كذلك..
                  وهذه القوانين التي صاغها كبار رجال الفقه الجنائي والمدني والاقتصادي مطبوعة طباعة فاخرة في دول الخليج وعندي منها أيضاً نسخة في مكتبتي..
                  ولم يمت العمل في تقنين الشريعة بموت السادات رحمه الله ولكنه استمر حتى تم الانتهاء من كافة القوانين سواء الجنائية منها أو المدنية أو الاقتصادية..
                  يقول الدكتور صوفي:
                  (ومع حلول عام 1983 تم الانتهاء من جميع أعمال التقنين، وقمنا بطباعتها وعرضها على مجلس الشعب، وحظي بالموافقة عليه بالإجماع من أعضاء المجلس المسلمين والمسيحيين.. ومضابط المجلس مازالت موجودة وثابتة، وتشير إلى مدى تحمس المسيحيين لتطبيق الشريعة الإسلامية.).أ.ھ.
                  ومن مضبطة مجلس الشعب الجلسة الحادية والستين (دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث) المعقودة بتاريخ 20 يونيو 1982م أنقل لكم التالي:
                  أولاً: اقتراح بمشروع قانون بإصدار قانون العقوبات
                  باسم الشعب
                  رئيس الجمهورية
                  قرر مجلس الشعب للقانون الآتي نصه وقد أصدرناه:
                  (المادة الأولى)
                  يلغى القانون رقم 58 لسنة 1937 بإصدار قانون العقوبات ويستعاض عنه بأحكام القانون المرافق الصادر طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
                  (المادة الثانية)
                  ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من ..................
                  يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها.


                  مشروعات تقنين أحكام الشريعة الإسلامية
                  أولاً: تشكيل لجان خاصة للنظر في أعمال لجان تقنين أحكام الشريعة الإسلامية
                  (مضبطة الجلسة الحادية والستين ـ دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث) المعقودة بتاريخ 20 يونيو 1982م.
                  رئيس المجلس:
                  يسعدنا أن أعرض على المجلس ما تم انجازه في موضوع تقنين الشريعة الإسلامية الذي طال انتظار الشعب له.
                  كان المجلس إعمالا لحكم المادة الثانية من الدستور قد وافق بجلسته المعقودة في 17 من ديسمبر سنة 1978 ,على تشكيل لجنة خاصة لدراسة الاقتراحات الخاصة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتقنينها, وقد رخص للجنة في أن تستهدى بكل الدراسات والتقنينات والقوانين الخاصة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ,سواء في مصر أو في الخارج, كما رخص المجلس لها في الاستعانة بمن تراه من الخبراء والمتخصصين في الشريعة الإسلامية وفى القانون.
                  واستنادا إلى هذا القرار، ضم إلى اللجنة الخاصة بعض أساتذة الشريعة الإسلامية والقانون وبعض رجال القضاء, وعقدت اللجنة أول اجتماع لها 20 من ديسمبر سنة 1978- وقد بدأت اللجنة - تيسيرا للعمل ورغبة في الإسراع وانجاز مهمتها ـ بتشكيل سبع لجان فرعية , هي لجان: التقاضي , والقوانين الاجتماعية, والمعاملات المالية والاقتصادية, والقانون المدني , والعقوبات , والتجارة, والتجارة البحرية .
                  وقد أنجزت هذه اللجان معظم أعمالها. وعرضتها على اللجنة الخاصة التي رأت أن تستأنس برأي الأزهر الشريف والجامعات والجهات القضائية فبعثت إليها بهذه الأعمال لإبداء الرأي في شأنها.
                  وقد روجعت بعض المشروعات المقترحة في ضوء ما انتهى إليه من رأي أو اقتراح من تلك الجهات واكتملت صياغتها النهائية.
                  كما أحطت المجلس علما في 12 من يوليه سنة 1980 في بياني إليه عن نشاطه خلال دور الانعقاد العادي الأول بمناسبة فض هذا الدور، بما انتهت إليه لجان تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وما أنجزت من عمل.
                  وفى 29 من ابريل سنة 1981 أحيط المجلس علما بذلك وأقر تشكيل اللجنة الخاصة, ولجانها الفرعية بعد أن أحيط علما بكل ما أنجزته هذه اللجنة ولجانها الفرعية.
                  وأحطته كذلك ـ في بياني إليه في 12 من أغسطس سنة 1981 عن نشاط المجلس، فإني أقترح على حضراتكم الموافقة على إعادة تشكيل اللجنة الخاصة على أن تعاونها سبع لجان فرعية، وتتولى اللجنة الخاصة وضع خطة العمل ومتابعة أعمال اللجان الفرعية والتنسيق بين ما تنجزه من أعمال، وتتولى كل لجنة من اللجان الفرعية دراسة أحد المشروعات التي أنجزتها اللجنة الفنية السابقة وهي:
                  لجنة التقاضي.
                  لجنة القوانين الاجتماعية.
                  لجنة المعاملات المالية والاقتصادية.
                  لجنة المعاملات المدنية.
                  لجنة العقوبات.
                  لجنة التجارة العامة.
                  لجنة التجارة البحرية.
                  وللجنة الخاصة وغيرها من اللجان الفرعية الاستعانة بمن ترى الاستعانة به من الخبراء والمتخصصين في الشريعة الإسلامية والقانون.
                  ومعنى ذلك أن هناك مشروعات تمت صياغتها بعد استطلاع رأي كل الجهات المسئولة المختصة، ولما كان الأمر يقتضي تشكيل لجان خاصة طبقاً للدستور واللائحة لعرض الموضوع على المجلس في صيغته النهائية، فإنني أقترح على حضراتكم هذا الأسلوب حتى يتسنى لنا نظر ذلك في الاجتماع المقبل إن شاء الله تعالى.
                  فهل توافقون حضراتكم على مبدأ تشكيل اللجان؟.
                  (موافقة).
                  رئيس المجلس:
                  استناداً إلى نص الفقرة الثانية من المادة 82 من اللائحة الداخلية للمجلس فإني اقترح على حضراتكم الموافقة على أن يكون تشكيل هذه اللجان على النحو التالي:
                  أولاً: الجنة الخاصة:
                  الدكتور صوفي أبو طالب رئيساً
                  الأعضاء
                  الأستاذ حافظ بدوي
                  الأستاذ إبراهيم شكري
                  الأستاذ أحمد على موسى
                  الأستاذ كامل ليلة
                  الأستاذ جمال العطيفي
                  الأستاذ طلبة عويضة
                  الأستاذ ممتاز نصار
                  الأستاذ حنا ناروز
                  الدكتور محمد على محجوب
                  وينضم إليهم من الأساتذة والمتخصصين السادة:
                  فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر
                  وزير العدل
                  وزير الأوقاف
                  رئيس جامعة الأزهر
                  فضيلة المفتي
                  رئيس محكمة النقض
                  رئيس مجلس الدولة
                  النائب العام
                  رئيس إدارة قضايا الحكومة
                  رئيس محكمة استئناف القاهرة
                  مدير عام النيابة الإدارية
                  عبد العزيز عيسى وزير شئون الأزهر سابقاً
                  عبد المنعم النمر وزير الأوقاف سابقاً
                  زكريا البري وزير الأوقاف سابقاً
                  عبد المنعم فرج الصدة نائب رئيس جامعة القاهرة سابقاً
                  عبد الحليم الجندي رئيس إدارة قضايا الحكومة سابقا
                  إبراهيم القليوبي النائب العام سابقاً
                  أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة
                  أحمد فتحي مرسي نائب رئيس محكمة النقض سابقا وعضو مجلس الشورى
                  عبد الله المشد عضو مجمع البحوث الإسلامية
                  عطية صقر عضو مجمع البحوث الإسلامية
                  إبراهيم الوقفي عضو مجمع البحوث الإسلامية
                  محمد أنيس عبادة رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون سابقاً
                  حسين حامد رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة
                  إبراهيم صالح نائب رئيس محكمة النقض
                  أحمد السيد سليمان نائب الأمين العام السابق لمجلس الشعب ومستشار ورئيس المجلس
                  الدكتور جمال الدين محمود أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
                  الدكتور فتحي سرور أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بحقوق القاهرة
                  نقيب المحامين
                  عمداء كليات الحقوق
                  عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
                  اللجان الفرعية
                  1 ـ لجنة التقاضي
                  الأستاذ ممتاز نصار رئيسا
                  الأعضاء
                  الأستاذ عبد الرحمن توفيق خشبة
                  الأستاذ عبد الله على حسن
                  الأستاذ فتحي زكي الصادق محمد على
                  الأستاذة بثينة الطويل
                  الأستاذ حامد على كريم
                  الأستاذة عنايات أبو اليزيد يوسف
                  الأستاذ إبراهيم الزاهد
                  الأستاذ على السيد هلال
                  2 ـ لجنة القوانين الجنائية:
                  الأستاذ حافظ بدوى.................رئيسا
                  الأعضاء
                  كمال خير الله
                  وديع داود فريد
                  حسين مهدي
                  طارق عبد الحميد الجندي
                  حازم أبو ستيت
                  محمد عبد الغفور السوداني
                  محمد عبد الحميد المراكبي
                  3_لجنة المعاملات الدينية :
                  الرؤساء
                  الدكتور جمال العطيفي ..................رئيسا
                  الأعضاء
                  الأستاذ عبد الباري سليمان
                  صلاح الطاروطي
                  جورج روفائيل رزق
                  عبد الرحيم عبد الرحمن حمادي
                  علي علي الزقم
                  محي الدين عبد الغفار محرم
                  عويس عبد الحفيظ عليوة
                  الأستاذة سماء الحاج أدهم محمد عليوة
                  4-لجنة التجارة البحرية:
                  الأستاذ احمد على موسى ..................رئيسا
                  الأعضاء
                  حنا ناروز
                  مصطفى غباشي
                  عبد الغفار أبو طالب
                  حسين أبو هيف
                  عبد السميع عبد السلام مبروك
                  5-لجنة القانون التجاري
                  دكتور محمد كامل ليلة ...................رئيسا
                  الأعضاء
                  الأستاذ حسين وشاحي
                  احمد أبو زيد الوكيل
                  سعد أحمد بهنساوي قناوي
                  عدلي عبد الشهيد
                  6_لجنة القوانين الاجتماعية:
                  الدكتور محمد محجوب........................رئيسا
                  الأعضاء:
                  الأستاذ محمد على أبو زيد
                  الأستاذة فايده كامل
                  الأستاذ أحمد محمد أبو زيد
                  محمود نافع
                  محمود أحمد سلام أبو عقيل
                  إسماعيل أبو المجد رضوان
                  أبو المكارم عبد العزيز عبد الرحيم
                  نشأت كامل برسوم
                  محمود الفران
                  7_لجنة القوانين المالية والاقتصادية:
                  الدكتور طلبة عويضة.........................رئيسا
                  الأستاذ حسن وزيرى السيد
                  مصطفى محمد سليمان
                  اسطفان باسيلي
                  محمد عامر جاب الله
                  شاكر السعيد قزميل
                  محمود محمد عبد الرحمن دبور
                  الشيخ صلاح أبو إسماعيل
                  وهذه اللجان وظيفتها النظر في المشروعات التي أنجزت وإعداد تقرير عنها بصلاحيتها أو بتعديلها حسبما ترى اللجنة الخاصة لكي يعرض على المجلس تمهيدا لإحالتها إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمناقشتها واستطلاع الرأي فيها تمهيدا لعرضها على المجلس.
                  فهل توافقون حضراتكم على هذا التشكيل.
                  (موافقة).

                  تعليق


                  • #54
                    ثانياً: بيان السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب عن مشروعات تقنين الشريعة الإسلامية والموجود في مضبطة الجلسة السبعين (دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث) المعقود بتاريخ الأول من يوليو 1982م.
                    رئيس المجلس:
                    الإخوة والأخوات أعضاء المجلس:
                    يسعدني اليوم ونحن نختتم هذه الدورة من أدوار انعقاد المجلس الموقر، أن يكون حسن الختام بفضل الله تعالى وتوفيقه عملاً خارقاً وهو إنجاز عمل تاريخي ضخم ـ إعمالاً للتعديل الدستوري للمادة الثانية من الدستور ـ التي تقضي بأن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
                    ولقد وافقتم حضراتكم بجلسة 20 يونيو 1982 على تشكيل اللجنة الخاصة واللجان الفرعية التي ستتولى تقديم مشروعات تقنيني الشريعة الإسلامية التي تم انجازها ولعل حضراتكم تذكرون ما عرضته على المجلس عن المراحل المختلفة التي مر بها هذا العمل الجليل منذ اتخذ المجلس في 17 ديسمبر سنة 1978م قراره بالبدء في تقنين الشريعة، ولست بحاجة إلى الحديث عن الجهود أو الصعوبات التي اكتنفت إعداد هذه التشريعات فحسبنا اليوم أن الأمل والرجاء قد تحولا إلى عمل جليل بناء.
                    إنه وإن كان الزملاء رؤساء اللجان الفرعية، سيقدمون لحضراتكم بيانا عن كل من هذه المشروعات إلا انه يجدر بي، أن أشير بادئ ي بدء إلى أن وضع الشريعة الإسلامية موضع التطبيق والنزول على أحكامها هو عودة بالشعب المصري، بل بالأمة العربية والإسلامية كلها إلى ذاتها العربية بعد اغتراب عشناه في ظل القوانين الأجنبية أكثر من قرن من الزمان.
                    إنه إنهاء للتناقض بين القيم الأخلاقية ـ نبت هذه الأرض الطيبة ـ والسياج الحضاري الذي يربط شعبنا بين القوانين الوضعية كما يتضح من النظرة الدينية والأخلاقية في شأن بعض الأعمال كالزنا وشرب الخمر والربا، وبين النظرة إليها وفقاً للقوانين الوضعية القائمة في هذا الخصوص، وما يترتب على ذلك من تمزق نفسي، بل إحباط، للتناقض بين ما يؤمن به الإنسان المصري والقوانين التي تحكمه.
                    ويجدر بي في هذا المقام وقبل أن أعرض للسمات والملامح الأساسية لهذه التشريعات، أن أسجل أمامكم، أن هذا العمل الذي أنجزناه إعمالاً للمادة الثانية من الدستور، قد روعي في إعداده وسيراعى في تطبيقه أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الدستورية على السواء، بمعنى أننا كلنا يعلم أن الإسلام يكفل حرية العقيدة لغير المسلمين من أهل الكتاب إعمالاً لمبدأ (لا إكراه في الدين) كما يكفل المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات إعمالاً لمبدأ (لهم ما لنا وعليهم ما علينا).
                    ويجدر بنا هنا أن نؤكد أن الدستور المصري قد أفرد العديد من المواد لتطبيق هذين المبدأين، ومن ذلك المادة 40 من الدستور التي نصت على أن:
                    (المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).
                    كما صت المادة 46 على أن:
                    (تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية).
                    وهذان النصان الدستوريان قاطعان وحاسمان في تقرير المبدأين الإسلاميين (لا إكراه في الدين) و
                    (ولأهل الكتاب ما للمسلمين ولهم ما عليهم).
                    وفضلاً عما سبق، فمن المسلمات أنه يتعين تفسير أي نص في الدستور بما يتفق مع باقي نصوصه وليس بمعزل عن أي منها، وهذا ما يخضع له تفسير النص المعدل للمادة الثانية من الدستور مثل باقي نصوصه كما أنه من المسلمات أيضاً أن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء تقرر أن غير المسلمين من أهل الكتاب يخضعون في أمور أحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وغيرهما لشرائع ملتهم، وقد استقر على ذلك رأي فقهاء الشريعة منذ أقدم العصور نزولاً على ما ورد في الكتاب والسنة ولذلك روعي في التقنينات خضوع غير المسلمين في مسائل الأحوال الشخصية لقوانين ملتهم.
                    وأهم الملامح الأساسية للتقنينات الجديدة تظهر فيما يلي:
                    1 ـ أن هذه التقنينات مأخوذة من الشريعة الإسلامية نصاً أو مخرجة على حكم شرعي، أو أصل من أصولها وذلك دون التقيد بمذهب فقهي معين، ومن هنا استنبطت الحكام من آراء الفقهاء التي تتفق وظروف المجتمع، ولست في حاجة إلى أن اذكر لحضراتكم أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين:
                    النوع الأول: أحكام قطعية الثبوت والدلالة، وهذه لا مجال للاجتهاد فيها.
                    النوع الثاني: أحكام اجتهادية، إما لأنها ظنية الثبوت وإما لكونها ظنية الدلالة.
                    ومن المسلم به بالنسبة للأحكام الاجتهادية أنها تتغير بتغير الزمان والمكان الأمر الذي أدى معه إلى تعدد المذاهب الإسلامية بل والآراء داخل المذهب الواحد، وهو ما أعطى للفقه الإسلامي مرونة وحيوية أمكن معها القول بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.
                    2 ـ حرصت اللجان الفنية التي تولت إعداد هذه التشريعات على بيان الأصل الشرعي لكل نص من نصوص أو الأصل أو المبدأ الذي خرجت الحكم عليه حتى يكون الرجوع في التفسير والتأويل إلى مراجع الفقه الإسلامي بدلا من الالتجاء دائماً إلى الفقه الأجنبي.
                    3 ـ أما بالنسبة للعلاقات الاجتماعية والمعاملات المالية الجديدة التي استحدثت ولم يتطرق لها فقهاء الشريعة فقد اجتهدت اللجان في استنباط الأحكام التي تتفق وظروف المجتمع وروح العصر بشرط مطابقتها لروح الشريعة الإسلامية وأصولها، ومن أمثلة ذلك معاملات البنوك والتأمينات وطرق استثمار المال...الخ.
                    4 ـ إنه في سبيل الحفاظ على التراث الفقهي المصري ومبادئ القضاء التي استقرت طوال القرن الماضي فقد حرصت اللجان على الأخذ بالمصطلحات القانونية المألوفة ولم تخرج عليها في الصياغة إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك..
                    أما المضمون والمعاني فهما مطابقان للفقه الإسلامي.
                    والتشريعات التي تم انجازها هي:
                    1 ـ مشروع قانون المعاملات المدنية: ويقع في أكثر من 1000 مادة.
                    2 ـ مشروع قانون الإثبات: ويقع في 181 مادة.
                    3 ـ مشروع قانون التقاضي: ويقع في 513 مادة.
                    4 : مشروع قانون العقوبات: القسم العام والحدود والتعزيرات: ويقع في 630 مادة.
                    5 ـ مشروع قانون التجارة البحرية: ويقع في 443 مادة.
                    6 ـ مشروع قانون التجارة: ويقع في 776 مادة.
                    الإخوة والأخوات:
                    إن هذا العمل التاريخي الذي كانت إشارة البدء فيه من مجلسكم الموقر مازال بحاجة إلى جهد جهيد يتعين أن يسعى إليه كل الذين يريدون للشريعة الازدهار، كل في مجال تخصصه وهذا يقتضينا أن نبدأ منذ الآن بما يأتي:
                    تهيئة المناخ الاجتماعي لقبول التقنينات الجديدة ويكون ذلك من خلال وسائل الإعلام المتعددة وعقد جلسة استطلاع في الموضوعات التي جدت في المجتمع بعد إقفال باب الاجتهاد، وتبنت اللجنة بعض الآراء فيها مثل أعمال البنوك ونظم التأمينات ونظم استثمار الأموال..الخ.
                    يتعين تنظيم دورات تدريبية حتى ينفسح المجال أمام القضاة لدراسة واستيعاب التشريعات الجديدة.
                    يتعين تغيير برامج الدراسة في كليات الحقوق في الجامعات المصرية بما يتمشى مع التقنينات الجديدة.
                    بهذا يكون مجلسكم الموقر قد وفى بما وعد به في مدة تعتبر قياسية، ففي أربعين شهراً أنجز مجلسكم الموقر هذا العمل الذي سيكون خالداً بإذن الله تعالى.
                    وكلنا نعلم أن القانون المدني الذي صدر عام 1948 تم انجازه في أثنى عشر عاماً، وفي هذا المجلس تم انجاز خمس مجموعات كاملة خلال أربعين شهراً.
                    فباسمكم أقدم خالص الشكر والتقدير للإخوة أعضاء اللجان الفنية من أساتذة ومستشارين، وللإخوة الذين عملوا معهم هنا من العاملين بالأمانة العامة للمجلس، على هذا الجهد الذي أتموه، بعيداً عن الضوء أو أية ضجة إعلامية، ولم يتقاضوا عليه أجراً.
                    فباسمكم جميعاً أقدم لهم الشكر والتقدير.
                    حفظ الله أمتنا وسدد خطاها على طريق العزة والنصر.
                    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                    ثالثا: كلمة السيد العضو حافظ بدوي
                    رئيس لجنة القوانين الجنائية عن مشروع قانون العقوبات
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    أيها الإخوة:
                    إن الذي نبحثه الآن ليس أمراً عاديا ولكنه أمر يجب أن نحتفي به لأنه أمل كبير لشعبنا، ولأنه أمنية غالية لكل فرد في بلدنا، ومن وجهة نظري ـ وأرجو أن أكون معبراً عن أرائكم جميعاً ـ نحن نعتبر هذا اليوم عيداً لنا، لأنه حقق أكبر أمل لكل فرد في شعبنا، وإنني أذكر في سنة ألف وتسعمائة وواحد وسبعين إبان وضع مشروع الدستور الدائم وكنا نجول بين أرجاء مصرنا من أقصاها إلى أقصاها, وكان النداء الأول في كل قرية من قرانا وفي كل مدينة من مدننا وفي كل مجتمع من مجتمعنا وفي كل جامعة من جامعاتنا أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً لتشريعاتنا ومن أجل ذلك نصت المادة الثانية من دستور سنة ألف وتسعمائة وواحد وسبعين على أن ( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع).
                    وقبل التعديل الأخير وفي سنة ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين قال الأستاذ الفاضل الدكتور صوفي أبو طالب/ وكما ذكرت ليس ذلك مجاملة له ، قال لقد آن الأوان ـ وهنا وفي هذا المجلس الموقر ـ لأن توضع المادة الثانية من الدستور موضع التنفيذ، واقترح ووافق المجلس على اقتراحه بأن تشكل لجان فنية لتقنين الشريعة الإسلامية الأمر الذي أجد لزاما علىّ أن أقول له شكراً وتقديراً وعرفاناً بذلك الفضل الكبير الذي سيسجله له التاريخ.
                    السيد الأستاذ الفاضل رئيس المجلس:
                    لقد وافق المجلس على تشكيل خمس لجان وكان بين هذه اللجان الخمسة لجنة لتقنين الشريعة الإسلامية خاصة بقانون العقوبات وعملت هذه اللجنة أربعين شهراً أي ثلاث سنوات ونصف، واشهد أنها عملت ليلها ونهارها وكانت مكونة من صفوة من علماء الأزهر الشريف وأساتذة الجامعات ورجال القضاء وفي مقدمتهم:
                    1 ـ الأستاذ الفاضل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق الذي كان مفتياً لجمهورية مصر العربية في ذلك الوقت.
                    2 ـ الأستاذ المستشار أحمد حسن هيكل، رئيس محكمة النقض الأسبق.
                    3 ـ الأستاذ الدكتور محمد أنيس عبادة، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الشريف.
                    4 ـ الأستاذ المستشار السيد عبد العزيز هندي، المستشار بمحكمة النقض.
                    5 ـ الأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور، أستاذ قانون العقوبات بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
                    6 ـ الأستاذ المستشار صلاح يونس، نائب رئيس محكمة النقض.
                    7 ـ الأستاذ الدكتور جمال الدين محمود، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمستشار بمحكمة النقض.
                    8 ـ الأستاذ المستشار محمد رفيق البسطويسي، المستشار بمحكمة النقض، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
                    9 ـ الأستاذ المستشار مسعود سعداوي، المحامي العام لدى محكمة النقض.
                    كما شارك في جانب من اجتماعات هذه اللجنة السادة:
                    الأستاذ الدكتور محمد محي الدين عوض، نائب رئيس جامعة المنصورة.
                    الأستاذ الدكتور عبد العزيز عامر، الأستاذ السابق للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
                    الأستاذ الدكتور محمد السعيد عبد ربه، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الشريف.
                    الأستاذ الدكتور محمود طنطاوي، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس.
                    الأستاذ الدكتور عبد العظيم مرسي وزير، أستاذ مساعد القانون الجنائي بحقوق المنصورة.
                    الأستاذ الدكتور تيمور فوزي مصطفى كامل، المستشار بمجلس الدولة.
                    وقد قام بأعمال أمانة اللجنة طيلة هذه الفترة وبذل جهوداً غير عادية تذكرها لهما بالتقدير الأستاذ محمد البحيري وكيل الوزارة بالمجلس والأستاذ شبل السيد بدوي الباحث الفني.
                    ويجدر بنا أن نشير إلى أن مشروع قانون العقوبات (ملحق رقم 19) كبير وهو مظهر مشرف ـ وأن نعرف أن الشريعة الإسلامية ليست رقاباً ولا أيدي تقطع ولكنها الرحمة والعدل والمساواة ـ يجب أن أشير إلى أن القانون الذي أعدته اللجنة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية يتألف من:
                    الكتاب الأول: ويضم الأحكام العامة لقانون العقوبات.
                    الكتاب الثاني: ويتضمن الأحكام الخاصة بالحدود الشرعية والقصاص في النفس، والقصاص فيما دون النفس.
                    الكتاب الثالث: ويضم الأحكام الخاصة بالعقوبات التعزيرية.
                    وفيما يلي بيان موجز عن بعض الأحكام التي تضمنتها الكتب الثلاثة التي يتألف منها مشروع قانون العقوبات..
                    الكتاب الأول الذي يضم النظرية العامة يوضح النظرية العامة للعقوبات في الشريعة الإسلامية وهي نظرية كلها عدل ورحمة ولين وينقسم إلى سبعة أبواب بيانها على النحو التالي:
                    الباب الأول: ويشمل قانون العقوبات ونطاق تطبيقه من حيث الزمان والمكان.
                    الباب الثاني: عن الجريمة وأنواعها وقد نص في هذا الباب على أن الجرائم الحدية تعد جنايات. أما الجرائم التعزيرية فإنها تحدد وفق العقوبة المقررة قانوناً.
                    كما تضمن هذا الباب أركان الجريمة وأحكام الشروع فيها أو أسباب الإباحة وموانع العقاب.
                    الباب الثالث: يتضمن الأحكام الخاصة بالمساهمة الجنائية والأهلية الجنائية.
                    الباب الرابع: ويتضمن أنواع العقوبات الأصلية والتبعية، كما يتضمن كيفية تطبيق العقوبات وأحكام العود.
                    الباب الخامس: يختص بتنفيذ العقوبة.
                    الباب السادس: ويشمل أحكام العفو عن العقوبة والعفو الشامل.
                    الباب السابع: يتضمن الأحكام المشتركة بين الحدود.
                    ويرتكز الكتاب الأول على الأسس الآتية:
                    التمييز بين الجرائم الحدية والجرائم التعزيرية.. ويقصد بالجرائم الحدية وهي الجرائم الموجبة لعقوبة مقدرة شرعا على النحو الذي تتضمنه أحكام هذا المشروع، أما ما عدا ذلك فإنه يعد جريمة تعزيرية.
                    يقوم المشروع على أن الهدف من توقيع العقوبة هو إصلاح حال المجرم وبالتالي إصلاح حال المجتمع، كما أنه يعتمد أساساً على سياسة الأب الرحيم الذي يقسو للإصلاح ويحذر للعبرة فالعقوبات في الشريعة الإسلامية زواجر قبل الفعل روادع بعده.
                    الالتزام بمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة.
                    الالتزام بمبدأ المسئولية الشخصية، إعمالاً لقول الله تعالى: ﴿ كل نفس بما كسبت رهينة.
                    الأخذ بالعقوبات البدنية والتدابير، كنوع من العقوبات التعزيرية.
                    تقييد العقوبة حسب جسامة الجريمة وخطورة مرتكبها.
                    الكتاب الثاني ويتضمن الحدود.
                    ويشتمل هذا الكتاب على ثمانية أبواب
                    يختص كل منها بالأحكام المتعلقة بكل حد على حدة.
                    الباب الأول يشتمل على الأحكام المتعلقة بحد السرقة.
                    أما الباب الثاني فيشتمل على الأحكام الخاصة بحد الحرابة.
                    والباب الثالث عن حد الزنا.
                    والباب الرابع عن حد القذف.
                    والباب الخامس عن حد الشرب وتحريم الخمر.
                    والباب السادس عن حد الردة.
                    والباب السابع عن القصاص في النفس.
                    والباب الثامن عن القصاص فيما دون النفس.
                    ويحتوي كل باب من هذه البواب على تعريف الجريمة الحدية وكيفية ارتكابها وإثباتها وشروط توقيع العقوبة الحدية وكذلك شروط الإعفاء منها ودر الحد.
                    كما يتضمن النص على توقيع العقوبة التعزيرية المقررة في حالة عدم توافر أحد الشروط اللازمة لتوقيع العقوبة الحدية.
                    وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللجنة قد رأت الأخذ بالأحكام الفقهية التي يتفق عليها جمهور الفقهاء والعلماء ولا تتعارض مع ظروف الحال في بلادنا، كما رأت أن تكون الأحكام الخاصة بالحدود واضحة حتى تتيح لكل مطلع عليها أن يتبين مقصدها دون غموض أو تجهيل.
                    أما الكتاب الثالث فيختص بالتعازير.
                    ويشتمل هذا الكتاب على أربعة عشر باباً.
                    الباب الأول ويختص بالجرائم الماسة بأمن الوطن الخارجي والداخلي.
                    الباب الثاني ويتضمن الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني.
                    الباب الثالث عن الجرائم المخلة بواجبات العمل والنيابة عن الغير.
                    الباب الرابع عن الجرائم الواقعة على السلطات العامة.
                    الباب الخامس عن الجرائم المخلة بسير العمل.
                    الباب السادس عن الجرائم المخلة بالثقة العامة.
                    الباب السابع عن الجرائم ذات الخطر والضرر العام.
                    الباب الثامن عن الجرائم الماسة بحرمة الأديان.
                    الباب التاسع عن الجرائم الواقعة على الأشخاص.
                    الباب العاشر عن الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق العلانية.
                    الباب الحادي عشر عن الجرائم الماسة بالاعتبار والآداب العامة واستراق السمع وإفشاء الأسرار,
                    الباب الثاني عشر عن الجرائم الواقعة على المال.
                    الباب الثالث عشر عن القمار وأوراق اليانصيب.
                    الباب الرابع عشر عن الجرائم المتعلقة بالصحة العامة والمقلقة للراحة والمعرضة للخطر.
                    ويرتكز الكتاب الثالث على المبادئ التالية:
                    وضع عقوبة تعزيرية للجرائم الحدية التي لم تتوافر لها شروط إقامة الحد وذلك للحيلولة دون إفلات المجرم من العقاب عن جريمة اقترفها.
                    تجريم الأفعال التي يرى ولي الأمر ضرورة تجريمها صوناً للمجتمع وحمايته لأمنه وأمان مواطنيه وتسييراً للحياة العامة.
                    تجريم الأفعال التي لم يرد لها ذكر في الكتاب والسنة ويرى ولي الأمر أن تجريمها ضروري لكي لا تمتد يد العابثين إلى مصالح الناس وحتى يطمئن كل مواطن على يومه وغده.
                    وأخيراً انتهت اللجنة الفنية منذ أيام فقط وأعضاؤها هم الذين كرتهم وأستأذن في تكرار الشكر لهم لأنهم عاشوا أياماً صعبة ورغم كبر سنهم فإنهم كانوا يأتون من أقصى القاهرة إلى هذا المجلس ليؤدوا هذا الواجب الديني إرضاء لربهم ودينهم ووطنهم ولشعبهم.
                    لقد أنهت هذه اللجنة الفنية عملها وقدمت لنا تقريراً وافياً وأعضاؤها من صفوة العلماء والمستشارين وأساتذة القانون ومن العاملين بالكتاب والسنة في كل مكان.
                    وأخيراً وافق المجلس الموقر على تشكيل لجان برلمانية ومن هذه اللجان البرلمانية لجنة العقوبات التي راجعت هذه المبادئ وهذه الأحكام ورأت أنها صالحة للعرض على المجلس.
                    تحية لكم أيها الإخوة الأعضاء وتهنئة لكم أيضاً بأن تطبيق الشريعة الإسلامية تحقق بوجودكم في هذا المكان فحققتم أغلى أمل لهذا الشعب العظيم، حقق الله عز وجل كل آمالنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                    تعليق


                    • #55
                      الفصل الثاني حوار مع الدكتور صوفي أبو طالب

                      د. صوفي أبو طالب: مشروع تقنين الشريعة جاهز منذ 1983!
                      حوار - عاطف مظهر ـ إسلام أون لاين. الثلاثاء. مايو. 22, 2007
                      كشف الدكتور "صوفي أبو طالب" رئيس مجلس الشعب المصري الأسبق في حوار "لإسلام أون لاين" عن مفاجآت مثيرة ومعلومات تنشر للمرة الأولى.. منها أن الرئيس الراحل أنور السادات كان هو المحرك الحقيقي لمشروع تقنين الشريعة الذي عملت فيه لجان مجلس الشعب في أواخر السبعينيات، وانتهت منه تماما في أوائل الثمانينيات.
                      واعتبر أبو طالب أن حادثة اغتيال السادات هي التي عطلت فعليا تطبيق قوانين الشريعة في مصر؛ لأن المشروع تم ركنه في أدراج مجلس الشعب بعد ذلك، مع عدم وجود قرار من القيادة السياسية لتفعيلها مرة أخرى.
                      وحول السجال الدائر عن تعديل المادة الثانية من الدستور، قال: إن أحدا أيا كان في مصر لن يستطيع الاقتراب منها لأنها في حماية الشعب؛ وأكد أن خوف بعض الأقباط من الشريعة غير مبرر؛ لأن الإسلام يكفل لهم المساواة التامة ويضمن لهم كافة حقوق المواطنة، موضحا أن رموزا وشخصيات قبطية بارزة شاركت بفاعلية في أعمال لجان التقنين، ولم يكن هناك مثل هذه النعرات المتعصبة والجديدة على طبيعة الشعب المصري.
                      وفي موضوع التوريث أكد أنه لا يتوقع نجاح مشروع التوريث، وقال: إن تمريره ليس بالسهولة التي يتصورها البعض؛ فهناك عراقيل قد تتسبب في فشل الخطة في اللحظات الأخيرة!!
                      وإلى نص الحوار:
                      * نلاحظ منذ فترة طويلة عزوفك عن الفعاليات السياسية والإعلامية.. فما أسباب ذلك؟ وماذا تفعل الآن؟
                      - بعد انتهاء فترة رئاستي لمجلس الشعب، آثرت العودة مرة أخرى لممارسة عملي الأصلي كأستاذ للقانون في جامعة القاهرة، للإسهام في تخريج أجيال جديدة من القانونيين، وفضلت الابتعاد تماما عن العمل السياسي؛ لأن لكل فترة رجالها، وأنا أشعر أنني قد أديت دوري السياسي بقدر المستطاع.
                      * عاصرت حقبتي السادات ومبارك، وكنت من الرموز المشاركة في مؤسسة الحكم في كلا العهدين.. فما الفروق السياسية التي لاحظتها بين الرجلين؟
                      - هناك بالطبع فروق واضحة وملموسة تتبدى في نوعية القرارات السياسية المتخذة، وكيفية التفاعل مع الأحداث، ولكن هناك أيضا سمات مشتركة تجمع بينهما، فيجب ألا ننسى أن الرجلين كليهما جاءا من معينٍ واحد(!!).
                      **مشروع تقنين الشريعة "مركون" في أدراج مجلس الشعب وجاهز للتطبيق منذ عام 1983
                      * كنت أحد الداعين لتطبيق الشريعة الإسلامية، وتبنيت خلال فترة رئاستك لمجلس الشعب مشروعا لتقنين الشريعة.. فما أسباب حماسك الشديد لهذا الأمر؟.
                      - نعم كنت وما زلت من الداعين لتطبيق الشريعة، حتى نعود لذاتنا وهويتنا، والعودة للشريعة ليس ترفا، بل هو وضع للأمور في نصابها وضرورة للنهضة والتقدم التي لا تقوم إلا على الوحدة بين المسلمين، ولن يتوحد المسلمون إلا تحت راية الإسلام والشريعة، وعندما ابتعدنا عن هذه الراية والمظلة الموحدة للصف الإسلامي تفرقنا شيعا وأحزابا وطوائف، وبدأنا نتعارك مع بعضنا ولم نعتصم بحبل الله جميعاً كما أمرنا المولى سبحانه وتعالى.
                      كما أنها مطلب عزيز لغالبية الشعب، وهذه حقيقة لا يجادل فيها أحد ولا ينكرها إلا جاحد أو جهول، فلكل شعب خصائص تميزه، ولكل حضارة في الدنيا جانبها المعنوي الذي يمثل خصوصيتها، ويشمل اللغة والفنون والثقافة بصفة عامة بما فيها الدين، والأمة التي تتخلى عن الجانب المعنوي لحضارتها تذوب في الأمة التي تنقل عنها..
                      انظر إلى دستور الاتحاد الأوروبي وتأكيده على أن الحضارة الأوروبية الحديثة هي امتداد للحضارة الرومانية، وينص على أن المشرع الأوروبي يجب أن يستلهم فيما يصدره من تشريعات وقوانين مبادئ وقيم الحضارة الكلاسيكية، أي الفلسفة الإغريقية والقانون الروماني، وعليه ألا يخرج عنهما.. فلماذا يستكثرون علينا هذا الأمر؟!.
                      * البعض يتساءل عن الفائدة العملية لتطبيق الشريعة، ويقولون إن القوانين الوضعية والاتفاقات والمعاهدات الدولية فيها الكفاية.. فما تقييمك لهذا الكلام؟.
                      - الفائدة أن نحقق الاستقلال القانوني والقضائي حتى يتفاعل الناس مع القوانين ولا يلقون بها وراء ظهورهم ويتحايلون من أجل عدم تطبيقها فتشيع الفوضى.. وسأضرب لك مثلا على ذلك: كان هناك نص في القانون المدني الذي صدر عام 1883 يقول بأن على الزوجة أن تنفق على زوجها وحماتها وأخت زوجها.. ومن وضع هذا النص نقل نقلاً أعمى عن القانون الفرنسي والقانون الروماني، فبقي غير مطبق لأنه بعيد عن عاداتنا وتقاليدنا.. فالقانون مرآة المجتمع.
                      وميزة الشريعة أن الجميع سيلتزم بها في السر والعلن، لأنها من عند الله تعالى، بخلاف القانون الوضعي الذي يلتزم به الناس خوفاً من العقوبة الدنيوية، فإذا استطاع أن يفلت من تلك العقوبة فلن يلتزم به ولن يطبقه، والدليل على ذلك أن هناك بعض مقاولي البناء الذين يغشون في كميات ونسب مواد البناء لتحقيق أكبر مكاسب مادية ممكنة، وقد تسقط العمارات التي يقومون ببنائها بسبب ذلك، ولكننا نجد نفس المقاول يحرص على أداء العمرة والحج مرات ومرات ودفع الزكاة، فهو يعتبر الغش والتحايل على القانون الوضعي شطارة، أما الحج والعمرة ودفع الزكاة فهي تغفر الذنوب وأوامر شرعية وليست وضعية.
                      **عدم تطبيق تقنينات الشريعة الآن يرجع لعدم رغبة القيادة السياسية في مصر.. والأغرب هو عدم تقدم عضو واحد بطلب إخراج المشروع من أدراج المجلس طيلة هذه السنوات(!!) .
                      * لكن هناك من يعترض على مفهوم تقنين الشريعة زاعما أن الشريعة موجودة في كتب الفقه.. فهل الشريعة تحتاج فعلا إلى تقنين؟.
                      - بالفعل الشريعة تحتاج إلى التقنين لأن فيها آراء متعددة، وتعدد الآراء جاء إثراء للشريعة، فمثلا كان سن الحضانة في الماضي ينتهي عند بلوغ الصبي سبع سنين والبنت تسع سنين لأن كليهما يستغني عن خدمة أبويه في هذه السن، وهذا ما قال به المذهب الحنفي.
                      وفي أيامنا هذه امتد سن الحضانة حتى التخرج من الجامعة، بسبب تغير وتبدل ظروف الحياة، وهذا هو معنى تغير الأحكام بتغير الزمان.. الأمر الذي يبرر الحاجة إلى اجتهاد جديد واستنباط أحكام فقهية تناسب العصر، كما أن اختلافات المذاهب الفقهية نفسها سهلت علينا العمل لتوحيد المسائل الفقهية والقانونية، وإدماجها في المنظومة القانونية السارية وصياغتها في مواد قانونية عامة.
                      * تربط دائما في كلامك بين الشأن السياسي والجانب التشريعي الذي تعتبره مؤشرا على استقلال القرار الوطني.. فهل المسألة برأيك تحتاج إلى هذا الربط؟.
                      - طوال 14 قرنا كانت الشريعة هي الحاكمة في جميع بلاد المسلمين وعلى كافة المواطنين مسلمين وغير مسلمين، وطنيين وأجانب إلى أن جاء القرن التاسع عشر الميلادي فتغيرت الظروف والأوضاع بقدوم الاستعمار الأوروبي إلى بلادنا، وجرى تنصيب حكام جاءوا بإرادة واختيار المستعمر، فبات همهم وواجبهم الأول البقاء في الحكم بأي طريقة كانت، وحاولوا إرضاء القوى الأجنبية بإبعاد الشريعة عن التطبيق حتى نتشبه بأوروبا.
                      وإذا لم يكن الحاكم الذي يحكم الدولة الإسلامية في ظل الاستعمار الأوروبي (خواجة) فإن المستشار الخاص به غالباً ما كان (خواجة أوروبي) يشير عليه باستبعاد الشريعة من التحاكم إليها وينصحه باستخدام القوانين الأوروبية.. هذا التحول من التطبيق الكامل للشريعة على مدى القرون الماضية إلى إحلال القوانين الأوروبية محل الشريعة لم يحدث إلا في القرن التاسع عشر رغم رفض الناس لهذه القوانين المستوردة.
                      ومع تنامي شعور الوطنية تم النص في أول دستور للبلاد عام 1923 على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام.. وفي دستور عام 1971 تغير النص إلى أن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع. وفي عام 1980 جرى استفتاء شعبي لتعديل المادة الثانية وجعل الشريعة من مصدر رئيسي للتشريع إلى (المصدر الرئيسي للتشريع) من باب استجلاء النص وتأكيده، وكان هذا كله نتيجة ضغوط شعبية، وقد كتبت في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة بخط يدي أنه في حالة عدم وجود نص في الشريعة، نأخذ من القوانين الأخرى بشرط ألا يتعارض ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية.
                      وقد أرادت مصر بذلك أن تعود إلى وجهها الإسلامي، فتم تشكيل لجنة لتقنين الشريعة الإسلامية، وكنت رئيسا لها منذ توليتي رئاسة مجلس الشعب في السبعينيات.
                      * هناك تصريح منشور لوزير الأوقاف الأسبق الشيخ "إبراهيم الدسوقي" في أحد اجتماعات لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب عام 1982 أكد فيه أنه تم الانتهاء من 95% من قوانين الشريعة ويجري العمل على الانتهاء من النسبة المتبقية، هذا الكلام قيل منذ 25 عاما.. فلماذا لم نسمع عنه شيئا بعد ذلك؟.
                      - لقد بدأنا العمل الفعلي للتقنين في عام 1978 وقمنا بالاستعانة بصفوة من العلماء المتخصصين من الأزهر والقضاة وأساتذة كليات الحقوق وبعض الخبراء من المسلمين والمسيحيين، وقسمنا العمل إلى لجان يرأس كل لجنة أحد أعضاء مجلس الشعب إلى جانب هؤلاء الخبراء. وكانت الخطة تقوم على عدم التقيد بالراجح في مذهب معين، بل الأخذ بالرأي المناسب من أي مذهب من المذاهب الفقهية.
                      وشرعنا في التقنين على أبواب الفقه وتقسيماته، وما لم نجده في كتب الفقه نلجأ إلى مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام، وفي حالة تعدد الآراء الفقهية للمسألة الواحدة نختار واحداً منها مع ذكر الآراء الأخرى ومصادرها على هامش الصفحة ليرجع إليها من يشاء.
                      ومع حلول عام 1983 تم الانتهاء من جميع أعمال التقنين، وقمنا بطباعتها وعرضها على مجلس الشعب، وحظي بالموافقة عليه بالإجماع من أعضاء المجلس المسلمين والمسيحيين.. ومضابط المجلس مازالت موجودة وثابتة، وتشير إلى مدى تحمس المسيحيين لتطبيق الشريعة الإسلامية.
                      * هل يعني هذا الكلام أن مشروع تقنين الشريعة كانت تتبناه مجموعة أفراد في السلطة.. أم كان مشروعا للدولة المصرية؟.
                      - الوصف الأدق له أنه كان مشروعا يساير (توجه) الدولة، وليس (مشروعا) للدولة، لأنه توقف بالفعل بعد أن غيرت الدولة سياستها منه!!، ولأن الدولة أحيانا إذا أرادت شيئا تجعل أحد أعضاء المجلس يقدم الاقتراح بقانون بإيعاز منها وبالنيابة عنها، وكان الرئيس السادات في كل الاجتماعات يحثنا على الإسراع لإنجاز مشروع التقنين.. وكان يطالبنا بعدم الانتظار حتى يكتمل تقنين كل القوانين، واقترح مرة أن ندفع بما ننجزه أولا بأول إلى مجلس الشعب لأخذ الموافقة عليه تمهيدا لتطبيقه وسريانه في المنظومة القانونية.
                      * هذا كلام جديد على الناس.. فهل كان السادات جادا فعلا في هذا الشأن وينوي تطبيق الشريعة في مصر؟ وهل أجهض حادث اغتياله تحقيق هذا المشروع؟.
                      - استطيع أن أجزم أن الرئيس السادات (رحمه الله) كان جادا في مسألة تطبيق الشريعة، وكان سلوكه وكلامه يقطعان بذلك.. ولو قدرت له الحياة عاما أو عامين آخرين لرأينا تقنين الشريعة مطبقا على أرض الواقع.
                      أما بخصوص حادثة اغتياله، فلا أنا ولا أنت نعرف الجناة الحقيقيين الذين ارتكبوا هذه الجريمة (!!!).
                      **طبعنا آلاف النسخ من أعمال التقنين ووزعناها على مكتبات الجامعات والمراكز البحثية وعلى كبار الشخصيات.. لكنها اختفت فجأة بطريقة غامضة!! ..
                      * ما الذي حدث بعد اغتيال السادات وأوقف تطبيق أحكام الشريعة التي قمتم بتقنينها؟.
                      - هذه قصة كبيرة.. ولكن باختصار يوجد في لائحة مجلس الشعب ما يسمى بمشروع القانون وهو الذي تقدمه الدولة، واقتراح بقانون وهو الذي يقدمه عضو المجلس من خلال لجنة الاقتراحات والشكاوى التي تحكم على مدى صلاحيته. ولأن الاقتراح بتقنين الشريعة لم يكن مشروعا مقدما من الحكومة إنما تم تقديمه من جانبنا باعتباري رئيسا لمجلس الشعب؛ وبالتالي هذا الاقتراح بتعديل القوانين القائمة وتغييرها بأحكام الشريعة كان لا بد من موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوى عليه، وتمت الموافقة وأحيل إلى اللجنة التشريعية بالمجلس وبدأت اللجنة التشريعية في دراسته ومرت سنة ولم ينته فيه الرأي بالرفض أو القبول إلى أن انتهى الفصل التشريعي.
                      وطبقاً للائحة يسقط الاقتراح بانتهاء الفصل التشريعي للمجلس وينبغي تقديمه من جديد ولم يتقدم أحد بالمشروع مرة أخرى عقب خروجي عام 1983 من المجلس.. وأذكر أن رئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب قال لي إنه ليس لديه مشروع قانون أو اقتراح بقانون إنما ما لديه هو أوراق مكتوبة!!.
                      * ولماذا لم يقم أحد أعضاء المجلس بتقديم طلب جديد حتى تأخذ قوانين الشريعة دورتها ويتم المصادقة عليها من مجلس الشعب.. وهل كان هناك قرار من القيادة السياسية بإيقاف هذا المشروع؟.
                      - للأسف لم يتقدم أحد من أعضاء المجلس بتقديم اقتراح بقانون لإقرار قوانين الشريعة.. وقد سألت الدكتور رفعت المحجوب في ذلك الوقت، وكانت إجابته أن الظروف السياسية والوضع العام لا يسمحان بذلك، وهذا معناه أن القيادة السياسية لا ترغب في الموضوع(!!)، وظلت القوانين في أدراج المجلس حتى الآن منذ عام 1983.
                      لكن الأغرب من ذلك أن كثيرين من الغيورين والراغبين في تطبيق الشريعة من أعضاء المجلس جاءوني، فقلت لهم تقدموا أنتم باقتراح بقانون، ونرى ماذا يفعلون، لكن أحدا منهم لم يتقدم.. والأشد غرابة أننا طبعنا آلاف النسخ من هذا التقنين، وقمنا بتوزيعها على مكتبات الجامعات والمراكز البحثية ومكاتب أساتذة كليات الحقوق والقضاة العاملين بالمحاكم والصحافة وكبار الشخصيات، وكل من له اهتمام بالموضوع، لكنها اختفت كلها بطريقة غامضة بيد جهة مجهولة!!.
                      * هل توجد بالفعل ضغوط خارجية لتعطيل مشروع تقنين الشريعة.. أم أنه قرار داخلي برأيك؟.
                      - الأمور متداخلة وغير واضحة أمامي.. والقرار السياسي قد يتأثر بكلا العاملين معا؛ فالدولة كانت تساعد، وفجأة توقف الموضوع، وقد حدث أمران خارجيان قد يكونان السبب في التعطيل: الأول الثورة الإيرانية عام 1979 وتهديدات إيران بتصدير الثورة، والبعض فهم أن تطبيق الشريعة سيجعل مصر إمارة إسلامية..
                      والحدث الثاني وهو تطبيق الشريعة في السودان وكان هذا محل جدل بيني وبين النميري رئيس السودان، فقد أخذ بالمبادئ والأحكام المتطرفة في محاولة لتقنين الشريعة وتطبيقها.. مثل رأي الإمام مالك الذي يحرم شرب الخمر على الإطلاق، في حين أن رأي أبي حنيفة يسمح بشرب الخمر لغير المسلمين طالما أن دينهم يسمح بذلك ومعلوم أن أبناء الجنوب يشربون الخمر، وكان ذلك سببا لإشعال التمرد ضده وتدخل مجلس الكنائس العالمي وانتهى الأمر بالانقلاب عليه.
                      * هل نوعية أعضاء مجلس الشعب في الثمانينيات لعبت دورا في دفع مشروع تقنين الشريعة للأمام.. وما الفرق بينهم وبين أعضاء مجلس الشعب اليوم؟.
                      - بالطبع فقد كان المجلس يضم مجموعة متميزة من الأعضاء المميزين.. أذكر منهم الشيخ صلاح أبو إسماعيل والمستشار ممتاز نصار وغيرهم.. أما الآن فقد دخل عدد من الأعضاء المجلس "بفلوسهم" وهم يريدون فقط استعادة هذه الفلوس أو زيادتها!!.
                      * ما رأيك في زعم البعض من أن إقدام السادات على الإفراج عن الإسلاميين المعتقلين وإعطائهم الحرية كان للتخلص من اليساريين؟.
                      - هذا الكلام غير صحيح بالمرة وهي شائعات مختلقة، فالسادات أطلق سراح الإسلاميين المعتقلين وحررهم من القيود التي كانوا فيها بعد أن كان اليسار مسيطرا تماما على الساحة.. كل ما في الأمر أنه سمح لهم بالتمتع بحقوق المواطنة المسلوبة منهم كنوع من تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، ولأن اليساريين ليس لهم وزن في الشارع أطلقوا مثل هذه الأكاذيب المغلوطة.
                      * وما رأيك في السجال الدائر الآن ومطالبة البعض بتغيير المادة الثانية من الدستور؟.. وهل يمكن أن يحدث ذلك؟.
                      - أشك كثيرا في أن يحقق المطالبون بتغيير المادة الثانية هدفهم؛ لأن اليسار لا حياة ولا مستقبل له في مصر، وزعماء هذا التيار معزولون عن الناس، وهناك حقيقة لا بد من التأكيد عليها وهي أن الابتعاد عن الدين في مصر خطر وخطأ.. لأن الشعب المصري متدين بطبيعته، والتيار العلماني الذي يدعو لفصل الدين عن الدولة -كما حدث في تركيا- هو أيضا لا حياة ولا مستقبل له في مصر.
                      * ولكن هل يمكن أن تُعقد صفقة ما مع السلطة تفضي إلى تغيير المادة الثانية والإجهاز عليها؟.
                      - لا يمكن هذا أيضا لأنهم لن يجدوا عضواً واحداً يساير هذا الاتجاه، ولعل ما حدث مؤخرا من هجوم وانتقادات حادة ضد وزير الثقافة بسبب تصريحاته حول موضوع الحجاب وقيام أعضاء من الحزب الوطني بقيادة هذا الهجوم مما يؤكد ذلك، كما أن مؤسسة الرئاسة ليس في مصلحتها تبني هذا الاتجاه والاصطدام مع مشاعر الناس.
                      * ولكن مع تزايد الضغوط من جانب العلمانيين واليساريين، بل ومن الأمريكان، قد ترضخ الدولة وتقوم بتغيير تلك المادة؟.
                      - ضغوط العلمانيين واليساريين لا قيمة لها.. كما أن الإدارة الأمريكية غارقة في المشاكل وهي ليست على استعداد للتورط أكثر بإدخال نفسها في هذا الأمر.
                      * يقول العلمانيون في معرض رفضهم للمادة الثانية إن الدولة كيان محايد، لا ينبغي وصفه بالإسلامي أو الكونفشيوسي أو البوذي أو أي صفة أخرى، حتى تحقق مبدأ المواطنة.. فما رأيكم في هذا الطرح؟.
                      - هؤلاء يتكلمون وفق مفاهيم غربية مقطوعة الصلة بخصوصيتنا وهويتنا.. فهم لا يدركون أن هناك فروقا محددة تفصل بين الدين والكهنوت، فأوروبا اليوم تفصل بين الدولة والدين بمفهومه الأوروبي (الكهنوتي).. بينما الإسلام يجمع بين الدين والدولة ولا يوجد فيه كهنوت.

                      تعليق


                      • #56
                        وحين نصف الدولة بأنها إسلامية فإن ذلك يعني أنها تستمد ثقافتها وتشريعاتها من تراثها الإسلامي، وهذا التراث شارك في وضعه المسلمون وغير المسلمين، وعليه فإن النص على أن دين الدولة هو الإسلام هو الذي يضمن لغير المسلمين حقوقهم ويجعله واجبا شرعيا وليس مجرد نصوص قانونية وضعية يسهل التلاعب بها والخروج عليها.
                        **لن يستطيع أحد أيا كان في مصر تغيير المادة الثانية من الدستور لأنها في حماية الشعب.
                        * لو ألغينا المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة.. فما المصدر البديل الذي نستقي منه القوانين؟.
                        - لن يكون أمامنا في هذه الحالة إلا القوانين الوضعية الغربية المستمدة من القانون الروماني متمثلة في التشريعات الفرنسية والإيطالية والإسبانية.. فكأننا نتخلى عن هويتنا واستقلالنا القضائي والقانوني لصالح قوانين الدول التي احتلت بلادنا ونهبت ثرواتنا.
                        ومن يقولون بأن المرجعية الدولية المتمثلة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تكفي بديلاً عن الشريعة الإسلامية، نرد عليهم بأن هذه الاتفاقات والمعاهدات التي تصدر عن الأمم المتحدة تعبر عن فلسفة مادية غربية لا تتناسب مع ثقافتنا، ومن يراهنون على تلك المعاهدات لتوفير حقوق المواطنة في البلدان العربية والإسلامية، نسألهم: وهل ساوت المجتمعات الأوروبية والأمريكية بين المواطنين فيها!!.. أليس هناك تمييز عنصري وتهميش للمسلمين المقيمين في الغرب؟.. ألم تسمح تلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية بزواج الرجل من الرجل والمرأة من المرأة فهل نأخذ بهذه القوانين ونرفض الشريعة؟!.
                        * ثمة تكهنات تقول إن إدخال مادة المواطنة يستهدف إلغاء المادة الثانية فما رأيكم؟.
                        - من يطلق هذا الكلام يفهم المواطنة على أنها استبعاد للشريعة وإلغاء للمادة الثانية، وينسى أن المواطنة كحقوق وواجبات هي مفهوم إسلامي وإن كانت كمصطلح أصلها إغريقي، والإسلام أقام أول دولة على مبدأ المواطنة والمساواة التامة بين المواطنين بصرف النظر عن دينهم أو لونهم وهي دولة المدينة التي وضع دستورها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما سمي (الصحيفة) وهي أول دستور يحدد حقوق وواجبات المواطنين ويساوي بينهم، على عكس الوضع الذي كان سائداً في أوروبا حيث القانون ينص على أن الناس على دين ملوكهم، وإلا فلا حق لمن يخالف ذلك في المواطنة والحقوق المترتبة عليها.
                        * هناك من يزعم بأن تطبيق الشريعة ينتقص من حقوق المسيحيين؟.
                        - هذا كلام يمزج بين الخطأ والجهل؛ لأن الشريعة الإسلامية التي طبقت على مدى قرون طويلة من الزمان أنصفت غير المسلمين في البلاد الإسلامية بأكثر مما فعلت أي حضارة أخرى في العالم؛ ويكفي تلك القاعدة الذهبية التي تجسد حقوق المواطنة لكل من يقيم في البلدان الإسلامية (لهم ما لنا وعليهم ما علينا).
                        * ولكن بعض المسيحيين يبدون تخوفات ويثيرون اعتراضات تستند على حجج تبدو منطقية.. فكيف تنظرون إليها؟.
                        - هذا الموضوع كان مثار نقاش بيني وبين البابا شنودة، الذي أبدى تخوفه من بضعة أمور: منها شهادة غير المسلم على المسلم، وقضاء غير المسلم على المسلم، وهو مبدأ مطبق حاليا في القضاء المصري، ويستند على رأي الإمام أبي حنيفة الذي أجاز ذلك.. وكان تخوف البابا شنودة من أن يأتي حاكم يأخذ بالرأي الآخر الذي لا يبيح ذلك، فقلت له إن هذا لو حدث فسيكون كارثة على الجميع، المسيحي والمسلم على السواء(!!).
                        * سمعنا مؤخرا من يطالب بمعادلة المادة الثانية للدستور وتضمينها نصاً يضيف الشريعة المسيحية كمصدر للتشريع للإخوة المسيحيين كنوع من الترضية لهم؟.
                        - المسيحية ديانة سماوية عظيمة، ولكن ليس فيها شريعة تنظم حياة البشر كما هو الحال في الإسلام.. فالمسيح عليه السلام كان يردد "مملكتي ليست هنا إنما في السماء" وأعلى درجات الكمال عند المسيحي، هي الرهبنة.
                        أما الإسلام فهو عقيدة وشريعة ودين ودولة، ووقت ظهور المسيحية كان هناك قانون بلغ أعلى درجات كماله، وهو القانون الروماني؛ فالناس في ذلك الوقت لم يكونوا في حاجة إلى حماية قانونية.. ولكنهم كانوا في حاجة إلى هداية روحية وأخلاقية فجاءت المسيحية لتعويض هذا النقص.
                        وحين جاء الإسلام لم يغرق في التفاصيل كما فعلت الشريعة اليهودية؛ لأن اليهودية هي أيضاً عقيدة وشريعة، ولأن الشريعة التي جاء بها الإسلام هي خاتم الرسالات السماوية فقد سمح بالاجتهاد فيما لا نص فيه.. فالقرآن الكريم يقول ﴿ أحل الله البيع) وترك عملية البيع بدون تفاصيل ليسمح مع تقدم العصور بأنواع من البيع لم تكن موجودة زمن نزول الرسالة.ووضع الفقهاء قاعدة ذهبية تقول (تتغير الأحكام بتغير الزمان).. وهذا الزمان يتضمن المعنى الفلكي والمكاني الثقافي، وهي قاعدة تفتح الباب واسعاً للاجتهاد بشروطه فيما لا نص فيه من القرآن الكريم والسنة النبوية.
                        المرجع
                        http://www.islamonline.net/servlet/S...ah%2FSRALayout


                        تعليق من عندنا على الحوار
                        الكثير لا يعرف الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مصر الأسبق عقب اغتيال السادات لمدة ثمانية أيام من السادس من أكتوبر حتى الرابع عشر من أكتوبر عام 1981م؟ وماذا عن مشروع تقينين الشريعة الذى طلبه السادات من مجلس النواب الذى كان يرأسه دكتور صوفي أبو طالب قُبيل اغتيال السادات؟.
                        دكتور صوفي أبو طالب عالم قانون وسياسي وبرلماني ورئيس البرلمان و مصر الأسبق.
                        ولد الدكتور صوفي حسن ابو طالب لأسرة كبيرة من مركز طامية فى محافظة الفيوم (جنوب غرب القاهرة) في 27 يناير عام 1925.. وتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1946. وحصل منها أيضاً على دبلوم القانون العام في 1947، وفي عام 1948 أوفد في بعثة إلى فرنسا وفي عام 1949 حصل على دبلوم تاريخ القانون والقانون الروماني من جامعة باريس. وفي عام 1950 حصل على دبلوم القانون الخاص من جامعة باريس، وفي عام 1957 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس، كما حصل في عام 1957 على جائزة أفضل رسالة دكتوراه من ذات الجامعة، وفي عام 1959 حصل على «دبلوم قوانين البحر المتوسط» من جامعة روما.
                        لقد تدرج الدكتور صوفي في وظائف هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة القاهرة حتى وصل إلى درجة أستاذ جامعي، ورئيس قسم تاريخ القانون. وفي الفترة من عام 1966 إلى 1967 عين مستشارًا لجامعة أسيوط.، ثم خلال الفترة من 1967 إلى 1973 عين مستشارًا لجامعة القاهرة. وفي الفترة من عام 1973 حتى 1975 عين نائبًا لرئيس جامعة القاهرة، وفي الفترة من 1975 إلى 1978 تولي منصب رئيس جامعة القاهرة. ويرجع له الفضل في تأسيس جامعة القاهرة فرع الفيوم.
                        بدأ الدكتور صوفي حياته السياسية في عام 1976 انتخب عضوًا بمجلس الشعب عن دائرة طامية بالفيوم، وكان حينها رئيسًا للجنة التعليم بالمجلس. وفي عام 1978 تولى رئاسة مجلس الشعب بالإضافة إلى منصب رئيس لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بالمجلس، وخلال تلك الفترة عاصر حادث اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، فتولى منصب رئيس الجمهورية بالنيابة وذلك بناءً على كونه رئيسًا لمجلس الشعب، حيث أن الدستور المصري (دستور عام 1971) يقرر بأن يتولى رئيس مجلس الشعب المنصب الرئاسي وخلو منصب رئيس الجمهورية بالوفاة. وترك رئاسة البرلمان بعام 1983.؟
                        أما قصة تقنين الشريعة فهي قصة مهمة أن الفترة الأخيرة من حكم السادات.
                        ( 1970- 1981) أعلن أنه «رئيس مسلم لدولة مسلمة، وجعل لقبه «الرئيس المؤمن»، ولكي يمرر تعديلاً دستورياً يسمح له بالجلوس على كرسي الرئاسة مدى الحياة، بعد أن كان قد تعهد بالرحيل بعد دورتين رئاسيتين، أضاف إلى التعديلات وللمرة الأولى في تاريخ الدساتير نصا يقول: «الشريعة الإسلامية مصدر أساسي والإسلام هو الدين الرسمي للدولة»، وسعى السادات فيما بعد إلى تقنين الشريعة الإسلامية بالفعل، وكلف رئيس مجلس الشعب المصري الراحل الدكتور صوفي أبو طالب بمهمة إعداد مدونة قانونية مستمدة بالكامل من الشريعة، وبدأ العمل الفعلي للتقنين في عام 1978، و استعان د. صوفي أبوطالب بصفوة من العلماء المتخصصين من الأزهر والقضاة وأساتذة كلية الحقوق والفقهاء الدستوريين وبعض الخبراء من المسلمين والمسيحيين، وتم تقسيم العمل إلى لجان يرأس كل لجنة أحد أعضاء مجلس الشعب إلى جانب هؤلاء الخبراء وارتكزت خطة العمل على عدم التقيد بالراجح في مذهب معين، بل الأخذ بالرأي المناسب من أي مذهب من المذاهب الفقهية. وبدأ التقنين على أبواب الفقه وتقسيماته، وما لم يكن له حكم في كتب الفقه لجأ الخبراء إلى مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام، وفي حالة تعدد الآراء الفقهية للمسألة الواحدة، اختارت اللجنة حكماً منها مع ذكر الآراء الأخرى ومصادرها على هامش الصفحة ليرجع إليها من يشاء. ومع حلول عام 1982 تم الانتهاء من جميع أعمال التقنين وطباعتها وعرضت على مجلس الشعب المصري، وحظيت بالموافقة عليها بالإجماع من أعضاء المجلس المسلمين والمسيحيين، وهو ما سجلته مضابط المجلس حتى الآن.
                        وانتجت لجان مجلس الشعب خمس مشروعات قوانين طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية وهي: مشروع قانون المعاملات المدنية (1136 مادة)، مشروع قانون إجراءات التقاضي والإثبات (71 مادة)، مشروع قانون العقوبات (630 مادة)، مشروع قانون التجارة (776 مادة)، مشروع قانون التجارة البحرية (443 مادة). وكان من المفترض أن يبدأ المجلس مناقشة هذه المشروعات بقوانين مادة مادة، لكن فجأة توقف كل شيء، ودفنت هذه التجربة في أدراج مجلس الشعب ولم تخرج منه حتى الآن. ويبدو أن الظروف السياسية والوضع العام لا يسمحان بذلك، وهذا معناه أن القيادة السياسية آنذاك (حسني مبارك) لا ترغب في تنفيذ المشروع، وأرجع د. صوفي أبو طالب ذلك التوقف إلى أمرين الأول: الثورة الإيرانية عام 1979 وتهديدات إيران بتصدير الثورة وتخوف البعض من أن تطبيق الشريعة قد يجعل من مصر إمارة إسلامية.
                        وجزم الدكتور صوفي أبو طالب بأن الرئيس الراحل أنور السادات كان جاداً في مسألة تطبيق الشريعة وأنه لو قدرت له الحياة عاماً أو عامين لرأينا تقنين الشريعة مطبقا على أرض الواقع.

                        تعليق


                        • #57
                          ولقد قام الرئيس محمد حسني مبارك بعد توليه الرياسة بعشرة أعوام بطبع مضبطة مجلس الشعب في مجلدين فاخرين بعد أن كتب اسمه بالداخل ليوهم القارئ بانه صاحب ذلك المجهود الضخم وفي سرية تامة تم تعديل القوانين الوضعية طبقا لما هو منصوص عليه في مضبطة مجلس الشعب ...ولقد قمت بنقل احكاماً تعرضت لها دراستي مستعينا بالمواد القانونية المعدلة طبقا للشريعة الإسلامية.


                          قائمة المراجع:
                          1- ابن كثير، الحافظ عماد الدين، دار المعرفة، 1969، " تفسير القرآن العظيم" ج2، بيروت.
                          2- ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين " لسان العرب" متوفر الكترونيا على الرابط التالي:
                          3- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة 10/12/1948:
                          4- البنا، خليل " آن الأوان للاجتهاد في مورد النص مسايرة لروح العصر ومصلحة الإنسان مقال في صحيفة الرأي الأردنية، العدد 14384، السبت 27/2/2010
                          5) جمعة، عبد الرحمن، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني- عقد البيع – دراسة متقابلة مع الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية (المصري والسوري والكويتي واليمني وقانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحددة وقانون الالتزامات والعقود المغربي)"، دار وائل للنشر 2005، ط1
                          6) جمعة، عبد الرحمن، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني- عقد البيع – دراسة متقابلة مع الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية (المصري والسوري والكويتي واليمني وقانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحددة وقانون الالتزامات والعقود المغربي)"، دار وائل للنشر 2005، ط1
                          7) الخالدي، صلاح " القصص القرآني: عرض وقائع وتحليل أحداث"، دار القلم، دمشق، 1998، ط1، الجزء الثاني.
                          8) دستور جمهورية مصر العربية.
                          9) الزعبي، عوض " المدخل الى عالم القانون" دار وائل للنشر – عمان – ط2، 2003
                          10) الزعبي، عوض أحمد " أصول المحاكمات المدنية: التنظيم القضائي – الاختصاص – التقاضي – الأحكام وطرق الطعن"، دار وائل للنشر، عمان، ط1، 2003
                          11) الزعبي، محمد يوسف " العقود المسماة: شرح عقد البيع في القانون الأردني" بدون دار نشر، 1999
                          12) السرحان، عدنان وخاطر، نوري شرح القانون المدني – مصادر الحقوق الشخصية – دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، ط1
                          13) السعيد، كامل شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية- دراسة تحليله تأصيلية مقارنة في القوانين الأردنية والمصرية والسورية وغيرها، دار القافة – عمان، 2005.
                          14) الصابوني، محمد على ورضا، صالح أحمد " مختصر تفسير الطبري"، عالم الكتب، بيروت، ط1، المجلد الأول، 1985
                          15) عباس، فضل حسن " قصص القرآن الكريم" دار النفائس، عمان للنشر والتوزيع، 2007، ط2
                          16) قانون أصول المحاكمات الجزائية المصرية
                          http://www.daralthaqafa.com/Item.aspx?ItemId=300
                          17) قانون أصول المحاكمات المدنية المصرية http://www.lcrdye.org/7567/
                          18) قانون أصول الأحوال الشخصية المصرية
                          https://akhbarelyom.com/news/newdetails/2934123/1/-
                          https://manshurat.org/taxonomy/term/4092
                          19) قانون البينات المصري
                          https://www.marefa.org/%D9%82%D8%A7%...A8%D8%A7%D8%AA
                          20) القرطبي، أبو عبد الله " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق البخاري، هشام، 2003
                          21) القضاة، مفلح عواد " أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي"، دار الثقافة- عمان، ط1، 2004
                          22) المجالي نظام شرح قانون العقوبات: القسم العام – دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة والمسؤولية الجزائية"، دار الثقافة- عمان، 2005
                          23) مجلة الأحكام العدلية العثمانية
                          24) الموقع الإلكتروني لموسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية، محمد راتب النابلسي
                          25) نظام التشريعات المصرية.
                          26) نوفل، أحمد، 1989، سورة يوسف: دراسة تحليله. دار الفرقان الأردن
                          27) نوفل، أحمد مقال بعنوان "مسلسل النبي يوسف... ملاحظات"، صحيفة السبيل الأردنية، العدد رقم 972، تاريخ النشر 27/9/2009









                          تعليق


                          • #58

                            فهرس الكتــــــــــــــــــــــــــــاب
                            الباب الأول المباحث القانونية في سورة يوسف.. 2
                            مقدمة 3
                            المبحث الأول الآيات المتصلة بالتنازع الدولي من حيثُ الاختصاص التشريعي. 16
                            المطلب الأول تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص... 16
                            المطلب الثاني الروابط القانونية للمجتمعات المختلفة 22
                            المبحث الثاني الآيات المتصلة بقانون الأحوال الشخصية والتي تشمل فقط الحديث عن: 25
                            المطلب الأول العبودية والتبني والكفالة 25
                            المطلب الثاني القضاء على التبني. 39
                            المطلب الثالث الكفالة 66
                            المبحث الثالث الآيات المتصلة بالقانون المدني. 73
                            المطلب الأول (البيع بثمن بخس) 74
                            المطلب الثاني (الشرط الواقف) 77
                            المطلب الثالث (الوعد بجائزة _ الجعالة) 81
                            المطلب الرابع القوة القاهرة وأثرها على الالتزام 84
                            المبحث الرابع الآيات المتصلة بقانون أصول المحاكمات وقانون الإثبات. 87
                            المطلب الأول. 88
                            المطلب الثاني اللائحة الجوابية 93
                            المطلب الثالث البينات- الخبرة والقرائن. 107
                            الفرع الثاني القرينة المادية 112
                            الفرع الثالث مبــدأ قانــونيٌّ (شخصيَّة العقـــــوبة) 118
                            الفرع الرابع حق المتهم في الدفاع عن نفسه 123
                            المطلب الرابع قضيتي الثبوت والتحاكم 133
                            المطلب الخامس الحيل الفقهية 156
                            المطلب السادس علاقة يوسف بقميصه علاقة تستحق التأمل.. 169
                            المطلب السابع امرأة العزيز بين المعصية والتوبة 176
                            المطلب الثامن هل حظي سيدنا يوسف بمحاكمة عادلة؟ 196
                            المطلب التاسع إعادة المحاكمة 198
                            الفصل السادس في سماع الشهود 201
                            الفصل السابع في الاستجواب والمواجهة 202
                            المطلب العاشر عدم جواز اصطناع الدليل. 204
                            المبحث الخامس.. 207
                            المطلب الأول بعض الأنماط الجرمية التي عرضت لها سورة يوسف.. 208
                            المطلب الثاني العفو العام والعفو الخاص... 232
                            المطلب الثالث أمور إنسانيَّة متكررة يمارسها الناس عند وقوعهم تحت طائلة القانون. 236
                            مقدمة 242
                            الفصل الأول شهادتي للتاريخ. 244

                            تعليق


                            • #59
                              لتحميل الكتاب

                              هنا

                              وهنا

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 14 ينا, 2024, 03:18 م
                              ردود 0
                              13 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة دكتور أشرف
                              بواسطة دكتور أشرف
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 20 فبر, 2023, 03:45 ص
                              ردود 0
                              185 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 9 فبر, 2023, 12:19 ص
                              ردود 0
                              37 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة دكتور أشرف
                              بواسطة دكتور أشرف
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 ديس, 2021, 09:29 ص
                              ردود 0
                              291 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 25 نوف, 2021, 06:30 ص
                              رد 1
                              482 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مصري مسلم
                              بواسطة مصري مسلم
                               
                              يعمل...
                              X