ظلمات يوم القيامة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

نور محمد نور محمد مسلم اكتشف المزيد حول نور محمد نور محمد
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ظلمات يوم القيامة

    فى الظلم
    1-أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الشَّرِيعَةِ تَرْجِعُ إلَى الظُّلْمِ إمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَإِمَّا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ ، وَكُلَّمَا كَانَ ظُلْمًا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَهُوَ ظُلْمُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ ؛ وَلَا يَنْعَكِسُ فَجَمِيعُ الذُّنُوبِ تَدْخُلُ فِي ظُلْمِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ . 2- وَأَوَّلُ مَنْ اعْتَرَفَ بِهَذَا أَبُو الْبَشَرِ لَمَّا تَلَقَّى مِنْ رَبِّهِ الْكَلِمَاتِ فَقَالَ :
    { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } فَكَانَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ اعْتِرَافُهُ بِذَنْبِهِ وَطَلَبُهُ رَبَّهُ عَلَى وَجْهِ الِافْتِقَارِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ .
    3- فَالْمَغْفِرَةُ إزَالَةُ السَّيِّئَاتِ وَالرَّحْمَةُ إنْزَالُ الْخَيْرَاتِ فَهَذَا ظُلْمٌ لِنَفْسِهِ لَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ لِغَيْرِهِ . 4- وَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذَكَرَ الَّذِي هُوَ مِنْ عَدُوِّهِ
    { فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ } { قَالَ رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ } فَاعْتَرَفَ بِظُلْمِهِ نَفْسَهُ فِيمَا كَانَ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا .
    5-وَقَالَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } 6-وَفِي الصَّحِيحِ { الدُّعَاءُ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فَهَذَا الدُّعَاءُ مُطَابِقٌ لِدُعَاءِ آدَمَ فِي الِاعْتِرَافِ بِظُلْمِ النَّفْسِ وَمَسْأَلَةِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ .
    7-{ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَوَى عَلَى الدَّابَّةِ : فَحَمِدَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ قَالَ : لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، ثُمَّ يَضْحَكُ } وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
    8-وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالظُّلْمُ نَوْعَانِ : تَفْرِيطٌ فِي الْحَقِّ وَتَعَدٍّ لِلْحَدِّ كَمَا قَدْ قَرَّرْت ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ؛ 9-فَإِنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ ظُلْمٌ كَمَا أَنَّ فِعْلَ الْمُحَرَّمِ ظُلْمٌ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَطْلَ - وَهُوَ تَأْخِيرُ الْوَفَاءِ - ظُلْمٌ فَكَيْفَ بِتَرْكِهِ

    10-ومن المعروف أَنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَّ الطَّاعَاتِ الْوُجُودِيَّةَ أَعْظَمُ مِنْ الطَّاعَاتِ الْعَدَمِيَّةِ فَيَكُونُ جِنْسُ الظُّلْمِ بِتَرْكِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ أَعْظَمَ مِنْ جِنْسِ الظُّلْمِ بِتَعَدِّي الْحُدُودِ .
    11- وَقَرَّرْت أَيْضًا أَنَّ الْوَرَعَ الْمَشْرُوعَ هُوَ أَدَاءُ الْوَاجِبِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمِ لَيْسَ هُوَ تَرْكَ الْمُحَرَّمِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ التَّقْوَى اسْمٌ لِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ . كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ حَدَّهَا فِي قَوْلِهِ : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ } - إلَى قَوْلِهِ - { أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } .

    12-وَمِنْ هُنَا يَغْلَطُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَيَنْظُرُونَ مَا فِي الْفِعْلِ أَوْ الْمَالِ مِنْ كَرَاهَةٍ تُوجِبُ تَرْكَهُ وَلَا يَنْظُرُونَ مَا فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَمْرٍ يُوجِبُ فِعْلَهُ .
    13- مِثَالُ ذَلِكَ مَا سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَد : عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ مَالًا فِيهِ شُبْهَةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَسَأَلَهُ الْوَارِثُ هَلْ يَتَوَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُشْتَبَهِ ؟ فَقَالَ لَهُ أَحْمَد : أَتَتْرُكُ ذِمَّةَ أَبِيك مُرْتَهِنَةً ذَكَرَهَا أَبُو طَالِبٍ

    14- وَهَذَا عَيْنُ الْفِقْهِ ؛ فَإِنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ وَالْغَرِيمُ حَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْوَارِثُ الدَّيْنَ وَإِلَّا فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَجُوزُ إضَاعَةُ التَّرِكَةِ المشتبهة الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَرِيمِ
    15- وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا إضْرَارُ الْمَيِّتِ بِتَرْكِ ذِمَّتِهِ مُرْتَهِنَةً . فَفِي الْإِعْرَاضِ عَنْ التَّرِكَةِ إضْرَارُ الْمَيِّتِ وَإِضْرَارُ الْمُسْتَحِقِّ وَهَذَانِ ظُلْمَانِ مُحَقَّقَانِ بِتَرْكِ وَاجِبَيْنِ
    16- وَهَكَذَا جَمِيعُ الْخَلْقِ عَلَيْهِمْ وَاجِبَاتٌ : مِنْ نَفَقَاتِ أَنْفُسِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ وَقَضَاءِ دُيُونِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ . فَإِذَا تَرَكُوهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ظُلْمًا مُحَقَّقًا . وَإِذَا فَعَلُوهَا بِشُبْهَةٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ ظُلْمُهُمْ .
    17- فَكَيْفَ يَتَوَرَّعُ الْمُسْلِمُ عَنْ ظُلْمٍ مُحْتَمَلٍ بِارْتِكَابِ ظُلْمٍ مُحَقَّقٍ وَلِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُحِبُّ الْمَالَ : يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ وَيُؤَدِّي بِهِ أَمَانَتَهُ وَيَصُونُ بِهِ نَفْسَهُ وَيَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ الْخَلْقِ .
    18-وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : النَّاكِحُ يُرِيدُ الْعَفَافَ وَالْمُكَاتَبُ يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالْغَارِمُ يُرِيدُ الْوَفَاءَ } فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُؤْمِنُ : عِفَّةَ فَرْجِهِ ؛ وَتَخْلِيصَ رَقَبَتِهِ وَبَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ . 19- فَأَخْبَرَ أَنَّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ ؛ وَصِيَانَةِ النَّفْسِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ النَّاسِ . لَا تُتَمَّمُ إلَّا بِالْمَالِ
    20- وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ . وَمَنْ لَا يُحِبُّ أَدَاءَ مِثْلِ هَذَا الْوَاجِبِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَقُومُ الدِّينُ إلَّا بِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ . فَهَذِهِ مِلَّةٌ وَلَهَا تَفَاصِيلُ كَثِيرَةٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
    21-وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فَسَادُهُ رَاجِحٌ عَلَى صَلَاحِهِ وَلَا يُشْرَعُ الْتِزَامُ الْفَسَادِ مِمَّنْ يُشْرَعُ لَهُ دَفْعُهُ .
    و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وذوجتى والمؤمنين


مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2023, 06:55 م
ردود 0
26 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 11 يول, 2023, 05:19 م
ردود 0
20 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 10 يول, 2023, 07:05 م
رد 1
21 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 4 يول, 2023, 10:07 م
ردود 0
15 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 30 يون, 2023, 04:06 م
ردود 0
18 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
يعمل...
X