(وما أدراك) (وما يدريك) والفرق بينهما

تقليص

عن الكاتب

تقليص

باحث شرعي مسلم اكتشف المزيد حول باحث شرعي
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (وما أدراك) (وما يدريك) والفرق بينهما


    من الاستعمالات القرآنية الجديرة بالتنبه استعمال الفعلين: {وما أدراك} {وما يدريك} جاء الأول منهما في اثني عشر موضعاً في القرآن الكريم، في حين جاء ثانيهما في ثلاثة مواضع فقط.

    ولعل ابن المبرَّد أول من نبه إلى الفرق بين الاستعمالين ، فقد ذكر في كتابه "ما اتفق لفظه واختلف معناه" ما حاصله من فرق بين الاستعمالين، أن {وما يدريك} وقع في كل مواضعه في القرآن الكريم بدون جواب، في حين أن {وما أدراك} غالباً ما يتبعه جواب. والاستفهام في كلا الاستعمالين خرج مخرج التقرير والتعظيم.

    ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: كل شيء من القرآن من قوله: {وما أدراك} فقد أدراه -أي: للنبي صلى الله عليه وسلم-، وكل شيء من قوله: {وما يدريك} فقد طُويَ عنه. وروى السيوطي عن ابن أبي حاتم، عن سفيان بن عيينة، قال: كل شيء في القرآن: {وما يدريك} فلم يُخْبر، {وما أدراك} فقد أخبر به. والمراد بالضمير في قول سفيان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

    وقال الراغب الأصفهاني: "كل موضع ذُكر في القرآن {وما أدراك} فقد عقَّب ببيانه، نحو {وما أدراك ما هيه * نار حامية} (القارعة:10-11)، {وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر} (القدر:2-3)، {ثم ما أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئا} (الانفطار:18-19)، {وما أدراك ما الحاقة * كذبت ثمود وعاد بالقارعة} (الحاقة:3-4). وكل موضع ذكر فيه: {وما يدريك} لم يعقبه بذلك، نحو: {وما يدريك لعله يزكى} (عبس:3)، {وما يدريك لعل الساعة قريب} الشورى:17)، كأنه يريد تفسير ما نُقل عن ابن عباس، وغيره.

    وقد قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: "ولم أر من اللغويين من وفَّى هذا التركيب حقه من البيان، وبعضهم لم يذكره أصلاً"؛ ومن ثم فقد أوضح الفرق بين الاستعمالين، فقال: إن قولهم: (ما يدريك) له ثلاثة استعمالات:

    أحدها: أن يكون مراداً به الرد على المخاطب في ظن يظنه، فيقال له: ما يدريك أنه كذا، فيجعل متعلق فعل الدراية هو الظن الذي يريد المتكلم رده على المخاطب، وهذا الاستعمال يجري فيه تركيب ما يدريك وما أدراك وما تصرف منهما مجرى المثل، فلا يغير عن استعماله، ويكون الاستفهام فيه إنكاريًّا، ويلزم أن يكون متعلق الدراية على نحو ظن المخاطَب من إثبات أو نفي، نحو (ما يدريك أنه يفعل) (وما يدريك أنه لا يفعل).

    ثانيها: أن يرد بعد فعل الدراية حرف الرجاء، نحو: {وما يدريك لعله يزكى} (عبس:3)، إذا كان المخاطب غافلاً عن ظنه.

    ثالثها: نحو {وما أدراك ما القارعة} (القارعة:3)، مما وقع بعده (ما) الاستفهامية؛ لقصد التهويل والتعظيم.

    والملاحظ في الآيات التي صُدِّرت بقوله سبحانه: {وما أدراك} أنه قد جاء بيان المسؤول عن إدراكه؛ فقوله تعالى: {وما أدراك ما يوم الدين} (الانفطار:17) بُيِّن بقوله تعالى: {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} (الانفطار:19). وقوله عز وجل: {وما أدراك ما سجين} (المطففين:8) بُيِّن بقوله سبحانه: {كتاب مرقوم} (المطففين:9). وقوله تبارك وتعالى: {وما أدراك ما الطارق} بُيِّن بقوله عز وجل: {النجم الثاقب} (الطارق:3). وقل الشي نفسه فيما تقدم من آيات مشابهة.

    وأما قوله سبحانه: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت} (لقمان:34) فليس من هذا الباب؛ لأن (ما) هنا في الآية نافية، و(ما) فيما سلف استفهامية.

    وحاصل ما تقدم، أن الآيات التي بدأت بقوله سبحانه: {وما أدراك} قد أعقبها بيان الأمر المسؤول عنه. أما الآيات التي بدأت بقوله عز وجل: {وما يدريك} فلم تُتبع ببيان ما هو مسؤول عنه، وعادة ما يتبع هذا الفعل أداة الترجي (لعل) إذ يكون المخاطب غافلاً عن ظنه. والغرض من كلا الاستعمالين تعظيم الأمر المسؤول عنه وتهويله.
    منقول بتصرف،
    للاستزادة في هذا الموضوع من هنا

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2023, 06:55 م
ردود 0
19 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 11 يول, 2023, 05:19 م
ردود 0
18 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 10 يول, 2023, 07:05 م
رد 1
20 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 4 يول, 2023, 10:07 م
ردود 0
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 30 يون, 2023, 04:06 م
ردود 0
15 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
يعمل...
X