سلسلة من عند الله أم من عند البشر: (1) مشاكل النص يوحنا 1: 1-14

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد نعيم مسلم اكتشف المزيد حول أحمد نعيم
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة من عند الله أم من عند البشر: (1) مشاكل النص يوحنا 1: 1-14

    (يوحنا 1: 1-3، 14)
    1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. 2هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. 3كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ............ 14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا."
    هذا النص يطول عليه الكلام ..ويستشهد به المسيحيون على عقيدتهم القائلة بأن يسوع إله!! وليس لهم ذلك. وسوف يتم تناول النص من عدة جوانب.
    أولا: هذا النص لم يقله المسيح نفسه، فلا يكون من عند الله، بل قاله كاتب إنجيل يوحنا... فمن هو؟
    تقول دائرة المعارف البريطانية: " أما إنجيل يوحنا، فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور، أراد صاحبه مضادة حواريين لبعضهما، وهما القديسان متى ويوحنا.... وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم، ليربطوا ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي الذي ألّف هذا الكتاب في الجيل الثاني بالحواري يوحنا الصياد الجليلي، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى، لخبطهم على غير هدى ".
    وعند تفحص الإنجيل أيضاً تجد ما يمتنع معه نسبته الإنجيل إلى الحواري يوحنا، فالإنجيل يظهر بأسلوب غنوصي يتحدث عن نظرية الفيض المعروفة عند فيلو السكندري. ولا يمكن لصائد السمك يوحنا أن يكتبه، خاصة أن يوحنا عديم العلم وعامي كما وصفه سفر أعمال الرسل " فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا " (أعمال 4/13). وأما ما جاء في خاتمة الإنجيل مما استدل به القائلون بأن يوحنا هو كاتب الإنجيل وهو قوله: "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا، وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق " (يوحنا 21 / 24). فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب. ثم إن بعض المؤرخين ومنهم تشارلز الفريد، وروبرت إيزلز وغيرهما قالوا بأن يوحنا مات مشنوقاً سنة 44م على يد غريباس الأول، وعليه فليس هو مؤلف هذا الإنجيل، إذ أن هذا الإنجيل قد كتب في نهاية القرن الميلادي الأول أو أوائل الثاني. وفيلو السكندري 20» ق.م -40 م «عاش في العصر الهلنستى بالإسكندرية، وهو فيلسوف ومفكر يهودي كان متأثرًا بالفلسفة اليونانية، فقد كان يعتبر أن العقل أو اللوجوس هو الذي صدر عنه وجود كل المخلوقات. وكان يكني هذا اللوجوس بقوله»: الكلمة «ومن المعروف أن يوحنا كتب إنجيله بعد وفاة» فيلو «واستعار منه مصطلح »الكلمة. «
    فمن هو كاتب الإنجيل الحقيقي؟ يجيب القس فهيم عزيز في مدخله إلى الإنجيل: " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة: لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل". وقال مفسر إنجيل يوحنا جون مارش: "ومن المحتمل أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا، من الممكن أن يكون يوحنا مرقص خلافاً لما هو شائع من أنه يوحنا بن زبدي.. وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع، ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة، فقام حينئذ بتسجيل جديد لقصة يسوع". وقال المحقق رطشنبدر: " إن هذا الإنجيل كله، وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه، بل صنفها أحد في ابتداء القرن الثاني، ونسبها إلى يوحنا ليعتبره الناس". ويوافقه استادلن، ويرى أن الكاتب " طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية ". وترجح مدخل الترجمة الرهبانية اليسوعية أن إنجيل يوحنا صنفه بعض تلاميذ المؤلف وأضافوا إليه بعض التعليقات (مثل 4: 2 و4: 1 و4: 44 و7: 39 و11: 2 و19: 35) وكذلك أضافوا الاصحاح 21 مما جعل الإنجيل قليل الترتيب وبه لحمات غير محكمة وبعض فقراته غير متصلة بسياق الكلام (مثل 3: 13-21 و31-36 و1: 15). ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا التلميذ، ولا يعرف كاتبه الحقيقي، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون. وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها:
    اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة فهو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص توحي بتأليه المسيح، بدون تصريح، بل هو كُتب لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: "إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها، والسبب: أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح" ويؤكد ذلك جرجس زوين، فيذكر عن أساقفة آسيا أنهم اجتمعوا "والتمسوا منه أن يكتب عن المسيح، وينادي بإنجيل مما لم يكتبه الإنجيليون الآخرون". ويقول الأب روغيه في كتابه "المدخل إلى الإنجيل":" إنه عالم آخر، فهو يختلف عن بقية الأناجيل في اختيار الموضوعات والخطب والأسلوب والجغرافيا والتاريخ، بل والرؤيا اللاهوتية". لذا تقول دائرة المعارف الأمريكية: " من الصعب الجمع بين هذا الإنجيل والأناجيل الثلاثة، بمعنى أن لو قدرنا أنها صحيحة لتحتم أن يكون هذا الإنجيل كاذباً". ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية (يوحنا 7: 53 إلى يوحنا 8/1 -11) والتي يقول عنها مدخل الرهبانية اليسوعية إلى هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت في زمن لاحق". كما أن كثيراً من المحققين يعتقدون بأن الإصحاح الأخير ليس من تأليف مؤلف الإنجيل، وهذا ما يعترف به كاتبو مقدمة الرهبانية اليسوعية، إذ اعتبرت الإصحاح العشرين خاتمة للإنجيل، واعتبرت الإصحاح الأخير ملحقاً بالإنجيل.
    ثانيا: إذا تجاوزنا كل هذا، واعتبرنا جدلا أن يوحنا بن زيدي كتب هذا الإنجيل، فإننا نقف أمام مقدمته التي لا تنتمي أسلوبيا ولا لاهوتيا لباقي الإنجيل. فهي مكتوبة بأسلوب شعري موزون كما يقول بارت إيرمان في كتابه " مقدمة تاريخية للكتابات المسيحية المبكرة" ص 179: " توجد بعض الفقرات التي يبدو أنها لكُتَّاب مختلفين، لقد نظرنا بالفعل سريعا على سبيل المثال، في المقدمة. لقد ميز العلماء من فتره طويلة الطابع الشعري في الفقرة ،الذي يجعلها مختلفة تماما عما في بقية الإنجيل، فبالفعل تبدو كأنها ترنيمة من حيث الجودة، كما لو كانت مؤلفة خصيصا ليتم غنائها لتمجيد المسيح. لاحظ،على سبيل المثال، كيف أن العبارات المتنوعة عن "الكلمة" مرتبطة مع بعضها بمصطلحات أساسية، بحيث أن نهاية الجملة تقابل بداية الجملة التي تليها، وهذا النمط يمكن رؤيته بشكل أوضح عند قراءة هذه الفقرة باللغة اليونانية الأصلية حيث أن الترجمة الحرفية تُظهر "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، و كان الكلمة الله ....فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه." . هل من الممكن أن تكون هذه الترنيمة قد كُتبت بواسطة شخص آخر غير كاتب الإنجيل الرابع، الذي استعارها كمقدمة في بداية إنجيله عن سيرة يسوع الذاتية؟ معظم العلماء يجدون هذا الرأي مقنع تماما، إشارةً إلى أن الموضوع المركزي في المقدمة أن يسوع هو الكلمة صُنعت في الجسد، ولا يظهر هذا في اي مكان آخر من الإنجيل بأكمله، وهذا يشير إلى أنه أيَّا من كان كاتب هذه المقدمة، فهو لم يكتب باقي الإنجيل لذلك فربما نتعامل مع كُتَّاب مختلفين".
    وفي نفس السياق يقول البابا تواضروس الثاني في كتابه "مفتاح العهد الجديد -البشارات الأربعة" ص 167 ما يلي:
    "ونلاحظ أن إنجيل يوحنا بدون المقدمة (يو 1: 1-18) يبدو كتابا يهوديا، ولكن بإضافة المقدمة يتضح أنه يتناسب مع العالم اليوناني، ولذلك فمن المحتمل أن المقدمة أضيفت على العمل الأصلي-بعد ذلك-لجذب المزيد من القراء، كذلك الإصحاح الأخير (21) ربما أضيف بعد انتهاء الكتابة كما يتضح من الآيات الأخيرة في (يو 20: 30-31). هذه الأمور تجعلنا نقول إنه من المحتمل جدا أن هذا الإنجيل قد تكون على عدة مراحل".
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	557 
الحجم:	238.9 كيلوبايت 
الهوية:	828963


    ثالثا: النص عليه خلاف كبير وتحريف في الترجمة من اليونانية لأن لفظ الله الثاني ليس معرفا بـ (ال) كالأول فتكون قراءته الصحيحة لغويا ("وإلها" " أو "مقدسة" أو "إلهية" كانت الكلمة) ولفظ إله بدون أداة تعريف لا تعني بالضرورة الله المعبود بحق، بل تأتي أحيانًا على معنى السيد والرئيس المطاع أو على معنى ملاك عظيم. وبعض الترجمات تقرر ذلك مثل (ترجمة العالم الجديد) التي تنص على:
    Ἐν ἀρχῇ ἦν ὁ Λόγος ,καὶ ὁ Λόγος ἦν πρὸς τὸν Θεόν ,καὶ Θεὸς ἦν ὁ Λόγος
    In the beginning was the word, and the word was with God, and a god was the word
    (τὸν Θεόν )= God = الله (معرفة بـ ال)
    while (Θεὸς ) = a god = إله (غير معرفة بـ ال)
    (NWT) In [the] beginning the Word was, and the Word was with God, and the Word was a god. (New World Translation of nthebHily scriptures).
    وكذلك هذه الترجمة وتسمى (العهد الجديد ترجمة أمريكية)
    In the beginning the Word existed. The Word was with God، and the Word was divine. The New Testament، An American Translation، Edgar Goodspeed and J. M. Powis Smith، The University of Chicago Press، p. 173
    وفى (قاموس الكتاب المقدس) لجون ماكنزى طبعة كوليير صفحة 317:
    Jn 1:1 should rigorously be translated 'the word was with the God [=the Father]، and the word was a divine being.' The Dictionary of the Bible by John McKenzie، Collier Books، p. 317
    والخلاصة أن وضع الكلام يسمح بهذه المعاني وكلها تدل على مخلوق له خصائص إلهية قدسية ولكن ليس الإله العلي الأعلى "الله" الذي يستحق العبادة. والمهم الذي أيضًا نريد معرفته هو انه لدينا كلمتين مختلفتين في الاصل اليوناني (الأولى معرفة بـ ال والثانية غير معرفة بـ ال) قد ترجمتا بلفظة واحدة وهي "الله "في افتتاحية يوحنا وهذا خطأ في الترجمة., حيث المفروض أن الغير معرفة تترجم إله. ويرد البعض بأن هناك قاعدة تسمى قاعدة "كولويل" لحذف أداة التعريف مع بقاء حكمه .. ونقول لهم من أين جاء "كولويل" بهذه القاعدة التي لم يسبقه إليها اليونانيون أنفسهم ..إنها مفصلة تفصيلا. ولماذا لم تأخذ بها الطبعات الإنجليزية التي ذكرتها أعلاه.
    رابعا: ليس من المنطق أن تقول العبارة التي تسبقها (وكان الكلمة عند الله) ثم يقال أن (الكلمة هي الله), فلا يمكن أن تكون الكلمة "عنده" وفي نفس الوقت هي "ذاته". فإما أن تكون عنده ومغايرة له أو تكون هي ذاته, ولا يجتمعان, لأنه لو قلنا أن الكلمة هي الله لصار منطوق النص هو: في البدء كان الله، وكان الله عند الله! وكان الله هو الله، الله كان في البدء عند الله!!
    ولاشك أن هذا المنطوق يجعل افتتاحية يوحنا نصًا مختل المبنى غير مستقيم المعنى، بل لا معنى له ولا يصح. ومن البديهي أن نفس الشيء لا يكون عند نفسه، فلا يصح أن نقول كان زيد عند زيد!! أما على التفسير الذي ذكرناه، بأن الله الثانية الغير معرفة بـ ال بمعنى كائن روحي عظيم أو إله وهو غير الله، صح أن نعتبره كان عند الله. وإذا فحصنا إنجيل يوحنا كاملا لا نجده يقول أن المسيح هو الله فهذه ليست عقيدة يوحنا في بقية إنجيله كما سنوضح فيما بعد, فمثلا: في يوحنا [14: 28[ »لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب. لان أبي أعظم مني«. هل يستطيع أي شخص أن يذهب إلى نفسه وتكون نفسه أعظم منه لاحظ نحن ننقل كلام يوحنا! وفي يوحنا [17: 1[ »تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة. مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضا«. وهذه معناها على مذهبهم انه يخاطب نفسه قائلا مجدت نفسي حتى أمجد نفسي!!!! وفي يوحنا [17: 24[: »أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم«. هل الله أحب نفسه قبل خلق العالم وأعطى نفسه مجدا. والخلاصة هنا أن هذا العدد في بداية انجيل يوحنا لا ينسجم حتى مع بقية إنجيل يوحنا نفسه.
    خامسا: لو بحثنا عن ورود لفظ "الكلمة" أو كلمة الله" أو "كلام الله" في باقي الكتاب سوف نجد: في المزمور 33: 9 ».لأنه قال فكان هو أمر فصار» وفي الترجمة الحديثة للكتاب المقدس: «قال كلمةً فكان, وأمر فصار». فكلمة "قال"، وكلمة "أمر"، وكلمة "ليكن" هي كلمة التكوين، (وهي ما يقابل في القرآن كن فيكون) وهو ما ورد في بسفر التكوين الإصحاح الأول »وقال الله ليكن نور فكان نور« فكلمة ليكن هي كلمة التكوين. وفي المزمور [33: 6 ,9] يقول النص » بكلمة الرب صنعت السماوات... إنه قال فكان، وأمر فوجد «. وعلى ذلك فبكلمة من الله يكون كل ما هو كائن. ولما كان تكوين المسيح وحمل أمه به قد خلى مما جعله الله سببًا للحمل وهو التلقيح بماء الرجل لما في الرحم، أضيف هذا التكوين إلي كلمة التكوين وهي قول الله "ليكن" وأطلقت الكلمة على المكوّن إيذانًا بذلك أو إشارة له وبشرى به وهذا من قبيل المجاز, كما جاء بكلام الأنبياء عنه وبشارتهم به فقد ورد في سفر أرميا [33: 14] قوله: » ها أيام تأتي يقول الرب: وأقيم الكلمة الصالحة التي تكلمت بها إلي بيت إسرائيل وإلي بيت يهوذا في تلك الأيام» فهنا المراد بالكلمة الصالحة هي "كلمة الوعد والبشرى بالمسيح المنتظر", لأنه كثيرًا ما يطلق لفظ» الكلمة« في الكتاب المقدس ويراد بها كلمة الوعد والبشرى. ومثال ذلك: ما ورد في المزمور الخامس بعد المائة الفقرة الثانية والأربعين ما نصه: «لأنه ذكر كلمة قدسه مع إبراهيم عبده«. وورد في سفر أخبار الأيام الأول [16: 15] ما نصه: »اذكروا إلي الأبد عهده الكلمة التي أوصى بها إلي ألف جيل الذي قطعه مع إبراهيم.« لكن المسيح لم يسم نفسه أو يشير إليها بلفظ "الكلمة" كما يدعون. فلو قلنا أن المسيح كان في بدايته كلمة، فهل الكلمة هي التي تنطق بنفسها أم ينطق بها غيرها؟ لا شك أن الكلمة تأتي من نطق الغير بها، إذًا من الذي نطق بكلمة (كن عيسى) فكان؟ أليس هو الله؟ ومعنى أن الكلمة كانت عند الله، أي نطق الله بها وهي كلمة (كن عيسى.. فكان).. أما أن تتحول الكلمة التي نطق الله بها فتكون هي الله نفسه فهذا غير منطقي، هل رأيت إنسانًا نطق بكلمة، ثم تحولت هذه الكلمة في الحال لتصبح هي نفس الإنسان الذي نطق بها؟! هل تتحول القصيدة التي ألقاها شاعر إلى أن تكون هي نفس الشاعر؟! أم أن الشاعر هو ناطق، والقصيدة منطوقة بفمه فيكون هو ناطقها أي موجدها وصانعها، والقصيدة مصنوعة مصوغة بإرادته؟
    سادسا: بالتأمل في هذا النص سنجد أن فيه إبطال لعقيدة التثليث، لأنه يتحدث عن الله والكلمة فقط ولا يوجد أثر للأقنوم الثالث المزعوم وهو الروح القدس! فإذا كان الروح القدس هو إله حق مساوي للأب ومساو للابن في كل شيء وأن له كل المجد الذي للأب والابن. فلماذا لم يذكر في هذه الافتتاحية المهمة؟
    سابعا: أن الكتاب المقدس ليس فيه نص يطلق على المسيح أو قول للمسيح أنه "الكلمة" أبدا, وأن هذا الوصف مفترى على المسيح فلم يصف نفسه ولا وصفه أحد بأنه "الكلمة". ولكن جاءت مفردات "كلمة الله" و"كلامي" و"الكلمة" بمعنى الوحي أو الكتاب أو الإنجيل أو الدين أو الإيمان أو الأمر أو الشرع أو القضاء أو الحكم. مثل: إرميا 7: 1-2 "1اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلاً: 2«قِفْ فِي بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ وَنَادِ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ وَقُلْ: اِسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا الدَّاخِلِينَ فِي هذِهِ الأَبْوَابِ لِتَسْجُدُوا لِلرَّبِّ. " وإرميا 10: 1-2 (1اِسْمَعُوا الْكَلِمَةَ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ عَلَيْكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. 2هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «لاَ تَتَعَلَّمُوا طَرِيقَ الأُمَمِ، وَمِنْ آيَاتِ السَّمَاوَاتِ لاَ تَرْتَعِبُوا), إرميا 14: 17 (17وَتَقُولُ لَهُمْ هذِهِ الْكَلِمَةَ: لِتَذْرِفْ عَيْنَايَ دُمُوعًا لَيْلاً وَنَهَارًا وَلاَ تَكُفَّا), وإرميا 18: 18 (18فَقَالُوا: «هَلُمَّ فَنُفَكِّرُ عَلَى إِرْمِيَا أَفْكَارًا، لأَنَّ الشَّرِيعَةَ لاَ تَبِيدُ عَنِ الْكَاهِنِ، وَلاَ الْمَشُورَةَ عَنِ الْحَكِيمِ، وَلاَ الْكَلِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ.), وإرميا 22: 1-2 («هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: انْزِلْ إِلَى بَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا وَتَكَلَّمْ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ، 2وَقُلِ: اسْمَعْ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا مَلِكَ يَهُوذَا), إرميا 32: 1 (1اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ), إرميا 33: 14 («هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ الْكَلِمَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تَكَلَّمْتُ بِهَا إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَإِلَى بَيْتِ يَهُوذَا), حزقيال 3: 16-17 (16وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ السَّبْعَةِ الأَيَّامِ أَنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ صَارَتْ إِلَيَّ قَائِلَةً: 17«يَا ابْنَ آدَمَ، قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيبًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. فَاسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِي وَأَنْذِرْهُمْ مِنْ قِبَلِي.), حزقيال 12: 28 (28لِذلِكَ قُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ يَطُولُ بَعْدُ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِي. اَلْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ بِهَا تَكُونُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».), متى 13: 20-23 (20وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، 21وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ. 22وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 23وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».), مرقص 2: 2 (وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلاَ مَا حَوْلَ الْبَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْكَلِمَةِ), مرقص 9: 10 (فَحَفِظُوا الْكَلِمَةَ لأَنْفُسِهِمْ يَتَسَاءَلُونَ:«مَا هُوَ الْقِيَامُ مِنَ الأَمْوَاتِ؟»), أعمال 4: 4 (وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ), أعمال 10: 44 (44فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ.), ), أعمال 11: 19 (19أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْ.) وفي رسالة يوحنا الأولى 2: 7 "7أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ. "
    ثامنا: والنقطة الكارثية قوله بعدها في يوحنا 1: 14 أن الكلمة صار جسدا, فلو كانت الكلمة هي الله كما قال فإن الله لا "يصير" ولا "يتحول" ولا "يتغير" من إله بلا جسد إلى إله ذي جسد. لأنه إما تحول من حالة أقل كمالا إلى حالة أكمل فلا يكون إلها قبل التحول, وإن تحول من صورة أكمل إلى صورة أقل كمالا فلم يعد إلها بعد التحول, وإن كانت الصورتان في نفس الكمال فلا يكون هناك داع للتحول ويكون عبثا لا يليق بالله, ففعل "صار" ليس من شأن الله على أي حال. ففي ملاخي 3: 6 .... لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا. وحيث أنه كما أسلفنا, عبارات يوحنا في باقي إنجيله تنفي كون المسيح الله، و ذلك عندما اعتبره مخلوقا خاضعا لله مستمدا منه وبيّن أن اللهَ تعالى إلهُ المسيح وأن الله هو الإله الحقيقي وحده, فتكون الترجمة الصحيحة لعبارة "والكلمة صار جسدا " هي: " والكلمة صُنِعَتْ جسدا " أو "صُنِعَ للكلمة جسدا" أي أنه بالأمر الإلهي (كن) تم خلق إنسان بشر, أو "وأثر الكلمة صار جسدا". وهذا الجسد هو الذي أقام بيننا وليس الله سبحانه. وهاتان الترجمتان توضحان أن الله صنع بالكلمة أو من أثر الكلمة التي تكلم بها جسدا, لا أنه تحول بنفسه إلى جسد أو اتحد بجسد مصنوع (طبقا لعقيدة التجسد الوثنية), والراجح أن يوحنا لم يقصد أن الله تجسد لأن ذلك يتعارض مع عقيدته الواضحة في بقية إنجيله التي تفرق بين الله والمسيح:
    (Etheridge Bible) And the Word flesh was made, and tabernacled with us.
    (King James Version) And the Word was made flesh, and dwelt among us.
    والتعبير (was made) يدل أن الجسد صنع بفعل فاعل وهو الله, فيكون مخلوقا من مخلوقات الله دالا على قدرته, وليس الأمر تحولا أو تغيرا طرأ على الله (became flesh).
    تاسعا: هي أن الله سبحانه يتكلم دائما ولايزال متكلما إذا شاء وبما شاء وليس معنى "كلمة الله" أنها تخص المسيح فقط, نعم المسيح خلق بكلمة الله التي هي "كن" فهو كلمة من الله ومخلوق بكلمة منه وخلق الله الجسد بكلمته وأمره ومشيئته، ولكن الله يتكلم إذا شاء متى شاء بما شاء مثل: (لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ بِالْكَلِمَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ) (إرميا 34: 5) و ((اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلاً: «قِفْ فِي بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ وَنَادِ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ وَقُلْ: اِسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا الدَّاخِلِينَ فِي هذِهِ الأَبْوَابِ لِتَسْجُدُوا لِلرَّبِّ. )) (إرميا 7: 1-2).. فكل أمر أو كلام قاله الرب أو وحي من عنده فهو كلمة الله وليس كلمة "كن" فقط التي خلق بها المسيح وآدم, لكنهم حصروا وصف "كلمة الله" في المسيح وحده من عند أنفسهم اتباعا للهوى بلا نص كتابي أو دليل, كأن الله ليس له كلمة سوى كلمة "كن".
    عاشرا: أن قوله:» في البدء «لا يعني الأزل، والله، بذاته أو بصفاته، ليس له بدء ولا منتهى، لأن الذي له بدء أو منتهى يكون مخلوقا. بل يحتمل غيره، كما هو وارد (أ) في سفر التكوين [1:1] »في البدء خلق الله السموات والأرض «أي في أول التكوين أو الخلق, لا في الأزل. (ب) وكما في قوله في إنجيل متى إصحاح 8» ولكن من البدء لم يكن هذا« أي من عهد الزيجة, لا في الأزل. (ج) وكما في قوله في إنجيل لوقا [1: 2] »كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء« أي من أول خدمة المسيح, لا في الأزل. (د) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [6: 64] »لأن يسوع من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون« أي من ابتداء خدمته وإتيان التلاميذ إليه, لا في الأزل. (هـ) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [8: 44] »ذاك كان قتالًا للناس من البدء« أي منذ خلق الإنسان الأول لا من بدء نفسه، لأنه كان في البدء ملاك نور. (و) وكما في رسالة يوحنا الأولى [2: 7] قوله »بل وصيته قديمة كانت عندكم من البدء« أي أشار به إلى بداءة إيمانهم بالمسيح, لا إلى الأزل. (ز) وكما في قوله في إنجيل يوحنا [16: 4] »ولم أقل لكم من البداءة لأني كنت معكم« . أي من بداءة خدمته, لا من الأزل. (ح) وكما في رسالة يوحنا الأولى [2: 5] قوله »والآن أطلب منك بالبرية لا كأني أكتب إليك وصية جديدة بل كانت عندنا من البدء« أي منذ سمعنا الانجيل, لا منذ الازل.
    وبعد كل هذا السرد السؤال: هل هذا النص من عند الله أم من عند البشر؟

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ أسبوع واحد
ردود 0
7 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د تيماء
بواسطة د تيماء
 
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 4 ديس, 2023, 07:45 م
ردود 0
97 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
 
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 3 ديس, 2023, 09:45 م
ردود 0
96 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
 
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 30 نوف, 2023, 12:50 ص
ردود 0
49 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
 
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 6 نوف, 2023, 01:29 ص
ردود 0
193 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
 
يعمل...
X