و استأصلهم الرب من ارضهم بغضب.. كما في هذا اليوم

[أكرمنى ربى بالاسلام]

نص (الرب استأصل بني إسرائيل بغضب وغيظ كما في هذا اليوم) - (تثنية 29: 28) يعني أن كاتب النص عاصر فترة عصيبة على بني إسرائيل بعد زمان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بفترة طويلة

المقدمة :-
عندما تكلم الباحثون عن الاصحاح الأخير من سفر التثنية والذي يشير إلى وفاة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وعدم معرفة أحد مكان قبره ، وأن هذا دليل على أن كاتب السفر لم يكن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

زعم المدافعون عن قانونية الأسفار الخمسة الأولى أن موسى لم يكتب الاصحاح الأخير فقط، وأن من كتبه هو يشوع بن نون أو كاهن معاصر له. ولكن الغريب أنه لا يوجد نص يشير إلى أن يشوع بن نون أو معاصر له كتب هذا الاصحاح.


على العموم سوف أجاريهم في زعمهم ولكن ما رأيهم في هذا النص :-


فقرة: (و استاصلهم الرب من ارضهم بغضب و سخط و غيظ عظيم و القاهم الى ارض اخرى كما في هذا اليوم)من تثنية 29: 28 ، يعني أنكاتب النص عاصر فترة عصيبة على بني إسرائيل مثل التي مروا بها في عهد نبوخذ نصر أو في عهد أنطيوخس إبيفانس ، السلوقي اليوناني أو الرومان :-

---

أ- سفر التثنية يقول أن الكاتب عاصر فترة عصيبة على بني إسرائيل
كانت عقاب من الرب عليهم بسبب خطاياهم :-

فنقرأ من سفر التثنية :-
29 :18 لئلا يكون فيكم رجل أو امراة أو عشيرة أو سبط قلبه اليوم منصرف عن الرب الهنا لكي يذهب ليعبد الهة تلك الامم لئلا يكون فيكم اصل يثمر علقما و افسنتينا
29 :19 فيكون متى سمع كلام هذه اللعنة يتبرك في قلبه قائلا يكون لي سلام اني باصرار قلبي اسلك لافناء الريان مع العطشان
29 :20 لا يشاء الرب ان يرفق به بل يدخن حينئذ غضب الرب و غيرته على ذلك الرجل فتحل عليه كل اللعنات المكتوبة في هذا الكتاب و يمحو الرب اسمه من تحت السماء
29 :21 و يفرزه الرب للشر من جميع اسباط إسرائيل حسب جميع لعنات العهد المكتوبة في كتاب الشريعة هذا

ثم نقرأ :-
29 :24 و يقول جميع الامم لماذا فعل الرب هكذا بهذه الأرض لماذا حمو هذا الغضب العظيم
29 :25 فيقولون لانهم تركوا عهد الرب اله ابائهم الذي قطعه معهم حين اخرجهم من ارض مصر
29 :26 و ذهبوا و عبدوا الهة أخرى و سجدوا لها الهة لم يعرفوها و لا قسمت لهم
29 :27 فاشتعل غضب الرب على تلك الأرض حتى جلب عليها كل اللعنات المكتوبة في هذا السفر
29 :28 و استاصلهم الرب من ارضهم بغضب و سخط و غيظ عظيم و القاهم إلى ارض أخرى كما في هذا اليوم

المقصود من هذا النص هم بني إسرائيل ، فيوضح النص أنه نتيجة ترك بني إسرائيل عهدهم مع الرب فإن غضب الرب سيشتعل عليهم لأنهم ذهبوا وعبدوا آلهة أخرى لم تقسم لهم و لهذا فإن الرب سوف يستأصلهم من أرضهم بغضب وسخط إلى أرض أخرى (كما في هذا اليوم)

جملة (كما في هذا اليوم) تعني أن الكاتب عاصر فترة أخطأ فيها بني إسرائيل وعاقبهم الله عز وجل على ذلك عقاب شديد حيث استأصلهم من الأرض وشتتهم.

فنقرأ من تفسير القمص أنطونيوس فكرى لهذا النص :-
(قسمت لهم = كلمة قسم تعني نصيب والمفروض أن الرب هو نصيبهم وليست الأوثان.)
انتهى


راجع هذا الرابط :-

https://st-takla.org/pub_Bible-Inter...ter-29.html#28

---

ولا يمكن أن يكون المقصود بالنص أمم أخرى ، لأنه طبقا لنفس سفر التثنية فإن الأمم الأخرى قد قسم لهم الرب عبادة الأوثان

فنقرأ من سفر التثنية :-
4 :19 و لئلا ترفع عينيك إلى السماء و تنظر الشمس و القمر و النجوم كل جند السماء التي قسمها الرب الهك لجميع الشعوب التي تحت كل السماء فتغتر و تسجد لها و تعبدها

---

ولا يمكن أن يكون المقصود خروج سيدنا يعقوب وبنيه من فلسطين لأنه لم يكن بغضب وغيظ بل كان بأمر ورضا من الرب

فنقرأ من سفر التكوين :-
46 :2 فكلم الله إسرائيل في رؤى الليل و قال يعقوب يعقوب فقال هانذا
46 :3 فقال أنا الله اله ابيكلا تخف من النزول إلى مصر لأني اجعلك امة عظيمة هناك
46 :4 أنا انزل معك إلى مصر و أنا اصعدك أيضا و يضع يوسف يده على عينيك

---

و لا يمكن أن يكون المقصود في زمان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لأنه
في ذلك الزمان خرج بني إسرائيل من مصر بيت العبودية (تثنية 5: 6 ،، 6: 12 ،، 8: 14 ،، 13: 5 ،، 13: 10 ،، 26: 6) إلى الأرض الموعودة

يعني الكاتب لم يكن معاصر لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ولا كان معاصرًا ليشوع بن نون، لأن - في زمان يشوع بن نون - حصل بنو إسرائيل على الأرض الموعودة ولم يستأصلهم الرب منها,

وبالطبع استأصلهم من أرضهم بغضب المقصود بها أرض كنعان

فنقرأ من سفر التكوين :-
12 :6 و اجتاز ابرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة و كان الكنعانيون حينئذ في الأرض
12 :7 و ظهر الرب لابرام و قال لنسلك اعطي هذه الأرض فبنى هناك مذبحا للرب الذي ظهر له

يعني المقصود أنه استأصلهم من أرض فلسطين بغضب و شتتهم

يتبع

[أكرمنى ربى بالاسلام]

ب- بني إسرائيل تم تشتيتهم في عهد نبوخذ نصر
وفي عهد اليونانيين والرومان :-

هناك فترات عصيبة مرت في حياة بني إسرائيل تم فيها استأصلهم من الأرض الموعودة بغضب من الله عز وجل
اثنان منهم كان تشتت كامل وهما :-

الأولى :- في عهد نبوخذ نصر (راجع سفر إرميا )

والثانية :- في عهد الامبراطور الروماني هادريان فى عام 135 ميلادي عندما طرد بني إسرائيل (يهود ومسيحيين) من أورشليم وتحريم دخولهم إليها وذلك فى أعقاب فشل ثورة بار كوخبا

وقام هذا الإمبراطور ببناء مدينة وثنية جديدة على أنقاض القدس أطلق عليها اسم كولونيا ايليا كابوتاليا
Aelia Capitolina وضريحان لجوبتر وفينوس
فحرم اليهود من الصعود الى الجبل الذى كان مقام عليه المعبد

فنقرأ عن تلك الثورة :-

(Although Jewish Christians hailed Jesus as the Messiah and did not support Bar Kokhba, they were barred from Jerusalem along with the rest of the Jews.)

راجع هذا الرابط :-

http://en.wikipedia.org/wiki/Bar_Kokhba_revolt

وأيضا

http://en.wikipedia.org/wiki/Jewish%..._Kokhba_Revolt

ولكن بين نبوخذ نصر وبين الإمبراطور الروماني هادريان كانت هناك فترتين حدث فيهما تشتت جزئي و سبى لبنى إسرائيل :-
أحدهما كان في عصر الإمبراطور اليوناني السلوقي أنطيوخس أبيفانيوس والذي استخدم فيه الإجبار لهلهنة من تبقى من بني إسرائيل على نهج أجدادهم (يعتنقوا عبادات وعادات الهلنيين أي اليونانيين) وكان قد سبقه البطالمة فى هذا الأمر ولكن بدون إجبار حيث استخدموا أسلوب الترغيب ، حتى عندما وصل لزمان هذا الإمبراطور كان هناك بالفعل جزء من بني إسرائيل قد تركوا دين أجداهم

[أكرمنى ربى بالاسلام]

فنقرأ من كتاب قصة الحضارة وهو كتاب موسوعي تاريخي من تأليف الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ويل ديورانت وزوجته أريل ديورانت :-
كتاب قصة الحضارة -> حياة اليونان -> انتشار الهلنستية -> الهلنية والشرق -> الهلنية واليهود :-

( أدخل الغزاة اليونان في هذه الحياة البسيطة المتزمتة كل ما في الحضارة الأبيقورية من أسباب اللهو والغواية ….

كما نقرأ :-
كانت تقوم في كل واحدة من هذه المدن نظم ومؤسسات يونانية وهياكل للآلهة والإلهات اليونانية، ومدارس، ومجامع علمية، ومدارس وساحات للألعاب الرياضية، وألعاب يشترك فيها الناس وهم عراة. وأقبل على أورشليم من هذه المدن ومن الإسكندرية، وأنطاكية، وديلوس، ورودس يونان ويهود يحملون العدوى الهلنية، عدوى التبحر في العلم والفلسفة، والفن، والأدب، والاستمتاع بالجمال واللذة، والغناء، والرقص، والشراب، والطعام، والألعاب الرياضية، والعشيقات، والغلمان؛ فضلاً عن السفسطة المرحة، التي ترتاب في جميع القوانين الأخلاقية، والتشكك الذي قضى على كل عقيدة في خوارق الطبيعة) .- صفحة رقم 2671 - (8/392)

كما نقرأ :-
(وأحس اليهود الذين كانوا يطلبون المناصب من الموظفين اليونان بأن من حسن السياسة أن يتكلموا اللغة اليونانية، وأن يعيشوا كما يعيش اليونان، بل أن يقولوا بضع كلمات طيبة في حق الآلهة اليونانية.)
انتهى

راجع هذا الرابط :-

http://islamport.com/d/3/amm/1/234/2612.html#

ثم قام أنطيوخس أبيفانيوس بقتل بعض اليهود وسبى البعض مما جعل عدد من اليهود يهربون إلى مصر وفى البلاد المختلفة ، وكان هذا تشتت جزئي

أما الفترة الثانية :- كان في عهد الرومان وتحديدا في عام 73 م عندما قام الرومان بهدم الهيكل وسبى بعض اليهود عقب فشل ثورتهم الأولى ضد الرومان


و بسبب ما ذكرته في المبحث الخامس حول الوقت الذي أصبح فيه الأدوميين أخوة بني إسرائيل (في عهد يوحنا هركانوس المكابى) و كذلك الفترة التي كان فيها المصريين شعب مضياف لبنى إسرائيل ، لذلك أرجح أن كاتب هذا النص من سفر التثنية كان معاصر الإمبراطور اليوناني السلوقي أنطيوخس أبيفانيوس أو في عهد قريب منه

راجع هذا الرابط :-
خطأ تاريخي في (تثنية 23 :7) حول علاقة بني إسرائيل بالأدوميين والمصريين


وعلى العموم وأيًا كان تاريخ تلك الفترة العصيبة التي مرت ببنى إسرائيل وأشار إليها الكاتب بجملة (كما في هذا اليوم) فإن هذا كان بعد زمان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ويشوع بن نون بفترة طويلة ، فلم يكن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام هو كاتب الأسفار الخمسة الأولى بالشكل الذي نراه حاليا

[أكرمنى ربى بالاسلام]

2- تكرار جملة (إلى هذا اليوم) في نصوص الأسفار الخمسة الأولى توضح أنه ليس الاصحاح 34 فقط من سفر التثنية هو الذي لم يكتبه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام :-


ليس فقط الاصحاح 34 من سفر التثنية وليس فقط العدد (تثنية 29: 28) هما اللذين لم يكتبهما سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام و لكن من الواضح الأسفار الخمسة الأولى كلها لم يكتبها لتكرار جملة (إلى هذا اليوم) في النصوص حيث نجد :-

• أ- جملة (و دعاها على اسمه باشان حووث يائير الى هذا اليوم) تثنية 3: 14 تعنى أن هذا السفر تم كتابته بعد زمان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بوقت طويل

نقرأ من سفر التثنية:-
3 :14 يائير ابن منسى اخذ كل كورة ارجوب الى تخم الجشوريين و المعكيين و دعاها على اسمه باشان حووث يائير ((الى هذا اليوم))

و أيضا :-
10 :8 في ذلك الوقت افرز الرب سبط لاوي ليحملوا تابوت عهد الرب و لكي يقفوا امام الرب ليخدموه و يباركوا باسمه ((الى هذا اليوم))

• ب- جملة ( فكتب موسى هذا النشيد في ذلك اليوم) من تثنية 31: 22 تعنى أن كاتب السفر ليس سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

و إنما هو شخص يقص علينا ما فعله سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

فنقرأ من سفر التثنية :-
31 :22 ((فكتب موسى هذا النشيد في ذلك اليوم)) و علم بني اسرائيل اياه
31 :23 ((و اوصى يشوع بن نون)) و قال تشدد و تشجع لانك انت تدخل ببني اسرائيل الارض التي اقسمت لهم عنها و انا اكون معك

• ج- جملة (و اوصى موسى الشعب في ذلك اليوم) من تثنية 27 :11 تعنى أن كاتب السفر كان فى زمان بعد سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

الجملة واضحة ، فهي لا يقولها الا شخص يقص ما حدث فى زمان ماضى وهو ليس سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام