حوار الأديان وتخريب الإسلام..

تقليص

عن الكاتب

تقليص

دفاع اكتشف المزيد حول دفاع
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوار الأديان وتخريب الإسلام..

    [align=right]
    أ. د. زينب عبد العزيز
    أستاذ الحضارة الفرنسية


    إن ما قدمه المسئولون عن حوار الأديان فى الأزهر من تنازلات فى حق الإسلام ، سواء أكانت
    تنازلات معلنة أم غير معلنة ، تستوجب وقفة تحذيرية مما يتم ترتيبه لتنازلات أخرى مقبلة، أكثر فداحة ،علّهم يفيقون من غفلتهم المهينة..

    ولا يسع المجال هنا لسرد كل ما تم فعلا من تنازلات ، لكننى أقدم عرضا لواقعة تمت فعلا فى لبنان ويقدمونها كنموذج مطلوب تطبيقه فى بلدان أخرى.. ففى يوم الخميس 18 مارس 2010 أعلن مجلس الوزراء اللبنانى إعتماده لقرار جعل عيد "بشارة مريم" عيدا قوميا مشتركا للمسلمين والمسيحيين" ! ويواصل الخبر، الذى تم نشره آنذاك فى العديد من وسائل الإعلام الفرنسية واللبنانية أو تلك الخاصة بالحوار بين الأديان ، قائلا :

    "وقد تم قبول هذه المبادرة غير المسبوقة بحماس شديد فى كافة الأوساط المهتمة بالحوار. وأعلن مجلس الوزراء أنه إستند فى سَن هذا القرار على أن مريم العذراء هى قاسم مشترك أعظم بين المسيحيين والمسلمين الذين يكنّون لها مكانة عالية فى عبادتهم المشتركة. ونلاحظ أن الإنجيل والقرآن يؤكدان على أن المسيح قد وُلد من مريم بميلاد عذرى. وهذا يمثل إيمانا مشتركا للمسيحيين والمسلمين، حتى وإن إختلفت ديانتيهما بعد ذلك حول المسيح الذى هو بالنسبة للمسيحيين ذو طبيعة إلهية. وسوف يتم إعتبار هذا العيد إجازة رسمية تتم خلاله برامج مشتركة إجتماعية وثقافية ودينية تبرز النقاط المشتركة الثقافية والدينية بين المسيحيين والمسلمين.
    "إن هذا القرار سيكون يوم السبت المقبل محور المباحثات التى ستدور بين رئيس الوزراء اللبنانى والبابا بنديكت 16 فى الفاتيكان. كما أن هذه المبادرة يمكنها أن تكون مثالا تتبناه دولا أخرى غير لبنان.
    "وكان وفدا مكونا من السادة ميشيل إدّة ، رئيس المؤسسة المارونية فى العالم ، وإبراهيم شمس الدين ، الوزير الأسبق ، قد سلّما المشروع يوم الثلاثاء (16 مارس 2010 ) لرئيس الوزراء. والجدير بالذكر أنه منذ ثلاث سنوات كانت تتم احتفالات مشتركة بعيد البشارة فى كلية السيدة العذراء بچمهور تحت عنوان : "معاً حول سيدتنا مريم " ، وذلك تحت إشراف جمعية الصداقة لخريجى هذه الكلية، بالإشتراك مع وفود أجنبية خاصة من الأزهر.
    "ومن اكثر الشخصيات فعالية فى إقامة هذا العيد الشيخ محمد نُكّارى ، الأمين العام لدار الإفتاء الأسبق والأستاذ بجامعة القديس يوسف وعضو "فريق البحث الإسلامي المسيحي" (GRIC) ، وهى جمعية دولية من الباحثين الذين يساهمون فى لقاءات الحوار بين الأديان.. (شعار الإحتفالية ويمثل السيدة مريم وهى ترتدى الحجاب فلماذا يحاربونه ؟)

    لقد آثرت ترجمة الخبر عن الفرنسية ليقرأه ويتأمله كل من يساهم فى لعبة حوار الأديان ، وخاصة كل من بيده أن يوقف هذه المهزلة المتواصلة الإيقاع فى عملية تخريب الإسلام أو بمعنى أدق : كل من يشارك فى عملية تذويب الإسلام خطوة خطوة إلى أن يختفى فى غياهب المسيحية كما يسعون حاليا !.

    ويصف الخبر هذه المبادرة "بأنها نبوئية الطابع ، أى أن هناك ما بعدها من خطوات، وأنها اتت كثمرة لجهود وتأملات مشتركة بين اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، المقتنعون بأهمية التعايش معا فى مناخ من الثقة والإحترام المتبادل. كما تشهد برغبة عميقة لدى الجانبين فى إيجاد نقاط من التقارب والوحدة، بعيدا عن الإختلافات والتعارضات التى لاحت عبر القرون، وخاصة فى التاريخ الحديث. كما أنها نبوئية بمعنى أنها قد باغتت كل المؤسسات الدينية بختلف مشاربها"..

    وقد تضمن الإحتفال تبادل الكلمات الرسمية ، أنقل منها كلمة الشيخ محمد نُكّارى ، علّه يدرك هو وباقى المشايخ المنساقون فى ركابه وركاب حوار الأديان فداحة ما أقره ، وعلّهم يفيقون من غفلتهم أو من تواطؤهم جهلا أو عن عمد :
    "إن هذا اللقاء يفيد البلد ومواطنيه ؛ ولا يؤذى سوى العدو الذى يتربص الخلاف والفتنة ليثبت أن المسلمين والمسيحيين غير قادرين على العيش مع أشخاص مختلفى الديانة. إن لقاءنا هذا، مسلمين ومسيحيين من عقائد مختلفة، يثبت أنه بخلاف المواطنة أننا مرتبطون بحب إنسانة محبوبة، مختارة وطاهرة، هى أم وديعة الخُلق، طيبة وعطوف، فى نطاق إحترام إيماننا الإسلامى أو المسيحي. ولا توجد أية إهانة فى ان نتشارك هذا الحب، ولن يتم خلال هذا اللقاء ذكر إلا رباط الحب والتبجيل لهذه العذراء التى توحد بيننا. ولن نناقش خلافاتنا : المسلم سيظل مسلما والمسيحى سيظل مسيحيا. إن هذا اللقاء لا يهدف مطلقا إلى إضافة عيدا جديدا للأعياد الإسلامية، فلا أي سلطة سياسية أو "دينية" يمكنها أن تضيف عيدا فى العقيدة المسلمة بخلاف العيدان الإسلاميان : عيد الفطر وعيد الأضحى. ولا يعنى ذلك أيضا إضافة عيدا مسيحيا جديدا : إن عيد البشارة سيبقى على ما هو عليه. كما لا يوجد فى لقائنا هذا أية ممارسة دينية مسلمة أو مسيحية مشتركة. فهذا اللقاء لا يخترع دينا جديدا، ولا مذهبا جديدا، ولا طقوس خاصة بهذه المناسبة : ومن أجل كل هذه الأسباب أردنا منذ البداية أن يصبح لقاءنا هذا عيدا وطنيا مشتركا وليس عيدا دينيا" !

    ولا يسعنى إلا أن ابدأ بقول : عارٌ عليك !
    عار عليك أيها الشيخ المسلم ، يا من كنت تشغل منصب الأمين العام لدار الإفتاء، أى أنه من المفترض فيك معرفة أشد تفاصيل دينك وأهم الأسباب التى دعت إلى تنزيله، وتعلم أن ثلث القرآن الكريم يدين عملية تأليه عيسى بن مريم كما يدين كل عمليات الشرك بالله التى تمت وأدت إلى ابتعاد النصارى عن التوحيد بعداً كفورا، ويدين كل عمليات التحريف والتبديل التى تمت فى الأناجيل حتى بات عدد الأخطاء والمتناقضات بها اكبر من عدد كلماتها، ـ وهو الثابت فى أغلب المراجع والموسوعات منذ عصر التنوير بل وما قبله !..

    كان الأكرم ألا تتغاضى عن أساسيةٌ من أساسيات الإسلام لتقبل بأن يتم هذا التلاعب بيديك، والمراوغة بالألفاظ والمعانى إلى هذا الحد الذى يُبعدك عن تعاليم دينك. ولن أشير إلا إلى جزئيتين من هذا الكمّ المتراص من المغالطات الواضحة : لو لم يكن الإحتفال بالسيدة مريم أم "ربنا يسوع المسيح" كما يقولون، عيدا دينياً فى نظرك فما عساه أن يكون، عيدا للطبخ أم عيدا لعرض للأزياء ؟! ومثال آخر على المغالطة والتمويه : تقول: "إن عيد البشارة سيبقى على ما هو عليه" والمعروف كما تقول ان إسمه "عيد البشارة" أو "عيد بشارة مريم"، ومن الواضح أنك تعلم ان عبارة "البشارة" تعنى بشارة السيدة مريم بأنها ستنجب يسوع الذى تم تأليهه ! وهو عيد دينى رسمى يتم الإحتفال به فى كافة البلدان المسيحية منذ ان قامت الكنيسة باختراعه وفرضه على الأتباع فى مجمع أفسوس عام 431 .

    وقد قامت الكنيسة بترقية السيدة مريم وجعلتها "أم الله" Θεοτόκος (Mère de Dieu) لتتمشى مع بدعة تأليه يسوع وإشراكها فى الشفاعة معه، وهو ما يتناقض مع نصوص الأناجيل التى تحدد ان الشفاعة ليسوع وحده، وهذا الإسم ، "أم الله" مُطلق على العديد من المدارس فى كافة البلدان الإسلامية ، ورغم ما بهذه العبارة من كفر و مساس بإيمان المسلمين ، فألله ليس كمثله شئ ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، نسكت ونصمت حرجاً او رضوخا للضغوط ، لكن هنا يجب أن نعلن بوضوح أننا يقينا كمسلمين لا نعبد السيدة مريم ولا نشرك أحدا بالله عز وجل، ونؤمن فقط بما انزله الله سبحانه وتعالى عنها تكريما لها ، وهو يفوق بكثير ما هو مكتوب عنها من شذرات ضحلة فى الأناجيل، فقد نفى عنها ربنا سبحانه وتعالى تهمة الزنا التى ألصقها بها اليهود ولا تزال باقية فى نصوصهم !..

    وقد إنتهى الإحتفال بعد تبادل الكلمات الترسيخية لهذه البدعة بفرية آخرى لها مغزاها، فقد تم تأليف أغنية مُزج فيها بين الآذان لإقامة الصلاة وتحية جبريل لمريم قبل أن يبشرها ، والعبارة هى : Ave Maria أى "السلام عليك يا مريم". وفيما يلى رابط الأغنية التى نشرها العديد من الجرائد الأجنبية والمواقع، وأسم الأغنية " "Islamo-Christian Ave Mariaوتبدأ بعبارة :
    "الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله " "Ave Maria: ولو ترجمنا العبارة بكاملها لأصبح معناها : "الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله، السلام عليك يا مريم" بدلا من : "أشهد ان محمدا رسول الله" !
    فهل من المعقول أن يصل التفريط فى أحد رموز الإسلام إلى هذه الدرجة ؟

    http://www.youtube.com/watch?v=q25fAkpXchk


    وإذا ما أضفنا ما تم فرضه فى مصر وإعتبار عيد ميلاد "ربنا يسوع" عيدا قوميا وفقا للتقويم القبطى وإجازة رسمية فى الدولة ، التى هى دولة إسلامية على الأقل بحكم العدد لأن ستة وتسعين بالمائة مسلمون وأربعة بالمائة نصارى بكل فرقهم ، فلا يجوز بأى حق أو تحت أى مسمى ان يقبل الأزهر بأن يحتفل المسلمون برب النصارى وإلههم.. وكذلك إذا ما اضفنا ان عيد الفصح هذا العام قد قامت الدولة بمنحه إجازة رسمية لهيئتان مدنيتان من هيئاتها تحت عبارة : "تقرر ان يكون يوم الأحد ويوم الإثنين إجازة رسمية للعاملين فى البورصة بمناسبة عيد الفصح وعيد شم النسيم"، والهيئة الأخرى هى البنوك ، لأدركنا ـ عملا بنظام التسلل البطئ خطوة خطوة، أن الأجهزة المسئولة عن الأعياد والإجازات فى طريقها إلى جعله عيدا رسميا هو أيضا! وبذلك يصبح عيد ميلاد "ربنا يسوع" ، وعيد الفصح الذى هو عيد بعث وقيامة "ربنا يسوع" من الموت، وعيد البشارة الذى هو الإعلان عن قدوم من سيصبح "ربنا يسوع" ، لأدركنا إلى أين تقودنا لجان الحوار الملعون بين الأديان، نعم اقول "الحوار الملعون" لأنه منذ اختلاق بدعة الحوار بين الأديان وكان الغرض منه مكتوباً فى نصوص المجمع الذى أعلنه، ومعنى هذه العبارة تحديدا فى كافة الوثائق الفاتيكانية تعنى : "الحوار لكسب الوقت حتى تتم عملية تنصيرالعالم"..

    ولو إستعرضنا كل ما قدمته الحكومات المسلمة من تنازلات منذ أن قرر مجمع الفاتيكان الثانى (1965) تنصير العالم حتى يومنا هذا لأدركنا فداحة ما نحن فيه بزعم البحث عن المشترك ، أو بزعم حماية الوحدة الوطنية !. ومعروف أن هذه الوحدة لم تبدأ فى الإنهيار فعلا إلا عندما قرر الفاتيكان تنصير العالم وفرض على كافة الكنائس المحلية وعلى كافة الأتباع، اينما كانوا، الإشتراك فى عمليات التنصير ، وكلها قرارات مكتوبة ومنشورة ومترجمة إلى عدة لغات !

    وفى النهاية لا يسعنى إلا تقديم هذا العرض المرير إلى فضيلة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، علّه يتمكن من وقف الإشتراك فى مهزلة الحوار بين الأديان، وضرورة توعية رجاله الأفاضل فهذه البدعة، بدعة الحوار بين الأديان، التى إبتدعها نفس مجمع الفاتيكان الثانى لتسهيل عملية تنصير العالم، لم تأت على الإسلام والمسلمين إلا بكل مهانة وتناقض لتعاليم الإسلام ، وفتحت الباب على مصراعيه لترمح فرق المنصرين وتعربد فى البلدان الإسلامية علي حساب الإسلام والمسلمين. وإذا ما كانت هذه العمليات تتم قديما فى كتمان وحرص شديدين فقد اصبحت تتم بكل جبروت بنظام النهش خطوة خطوة حتى لا يشعر أحد بتلك اللعبة الهدامة، بزعم البحث عن المشترك وإستبعاد الإختلافات ، التى هى هنا من الأساسيات الأساسية فى الإسلام القائم على التوحيد ، وليس على الشرك بالله عز وجل وعلى تأليه البشر أو على بدعة الثالوث..

    أرجو ألا ينتهى الأمر كالمعتاد بعبارات من قبيل : نرفض، ونعترض، ونشجب، وندين.. فكلها عبارات جوفاء تُطلق ذرا للرماد فى الأعين ولا قيمة لها ولا طائل منها إلا إضاعة الوقت وتثبيت الأخطاء والجرائم التى تُرتكب فى حق الإسلام. والمطلوب هو قرار فعّال ورفض صريح واضح لكل عمليات التخريب التى تمت وتتم ضد الإسلام والمسلمين.

    والأمر مرفوع لفضيلة شيخ الأزهر، وللإتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ولكل من بيده تصويب الأمر علّهم يفيقون من غفلتهم ويتحركون.

    فهل من مجيب ؟!


    23 إبريل 2010
    [/CENTER]

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    الدعوة إلى (وحدة الأديان) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد ، دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجَرّ أهله إلى رِدّة شاملة ،

    ومصداق ذلك في قول الله سبحانه

    { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً } .



    السؤال












    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
    شيخنا الكريم حفظك الله ورعاك ،،ما رايكم فيما يدعى اليوم بحوار الاديان ؟نرجوا إفادتنا جزاك الله عنا كل خير ،،،




    الجواب : الشيخ عبد الرحمن السحيم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت .


    سبق أن صدر بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة ، وهذا نصّه :الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :

    فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات ، وما يُنشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى (وحدة الأديان) : دين الإسلام ، ودين اليهودية ، ودين النصارى ، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد ، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة ، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد ، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة ، وما يُعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب.وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:



    أولا :

    إن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة ، والتي أجمع عليها المسلمون : أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام ، وأنه خاتمة الأديان ، وناسخ لجميع ما قَبله من الأديان والملل والشرائع ، فلم يَبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام ، قال الله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ } ، وقال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا } ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان .



    ثانيا :

    ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن كتاب الله تعالى : (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نُزولا وعهدًا بِرَبّ العالمين ، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يَبقَ كِتاب مُنزل يُتعبد الله به سوى القرآن الكريم ، قال الله تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ } .



    ثالثا :

    يجب الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد نُسخا بالقرآن الكريم ، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان ، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم ، منها قول الله تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ } ، وقوله جل وعلا: { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } ، وقوله سبحانه : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .ولهذا فما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام ، وما سوى ذلك فهو مُحَرّف أو مُبَدّل ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام : أفي شك أنت يا بن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟! لو كان أخي موسى حيا ما وَسِعَه إلاّ اتِّبَاعي . رواه أحمد والدارمي وغيرهما.



    رابعا :

    ومِن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، كما قال الله تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } ، فلم يَبْق رسول يجب اتِّباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورُسله حَيا لَمَا وَسِعه إلاَّ اتباعه صلى الله عليه وسلم ، وإنه لا يسع أتْبَاعهم إلاَّ ذلك ، كما قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } ، ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نَزَل في آخر الزمان يكون تابِعًا لِمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ، وحَاكما بشريعته ، وقال الله تعالى : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .كما أن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين ، قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } ، وقال سبحانه : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } ، وغيرها من الآيات .



    خامسا :

    ومِن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كُفر كل مَن لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم ، وتسميته كافِرًا ممن قامت عليه الحجة ، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين ، وأنه من أهل النار ، كما قال تعالى : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } ، وقال جل وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } ، وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } ، وقال تعالى : { هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ } الآية ، وغيرها من الآيات.وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة : يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلتُ به إلاَّ كان من أهل النار . ولهذا فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر ، طَردًا لقاعدة الشريعة : (من لم يكفر الكافر بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر) .



    سادسا :

    وأمام هذه الأصول الاعتقادية ، والحقائق الشرعية ، فإن الدعوة إلى (وحدة الأديان) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد ، دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجَرّ أهله إلى رِدّة شاملة ، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : { وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا } ، وقوله جل وعلا: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً } .




    سابعا :

    وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر ، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين ، فلا وَلاء ولا بَراء ، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله ، والله جل وتقدس يقول : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ، ويقول جل وعلا : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } .




    ثامنا:

    إن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر رِدّة صريحة عن دِين الإسلام ؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد ، فترضى بالكفر بالله عز وجل ، وتُبْطِل صِدق القرآن ونَسخه لجميع ما قَبله مِن الشرائع والأديان ، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعا ، محرمة قَطعا بجميع أدلة التشريع في الإسلام مِن قرآن وسُنة وإجماع .




    تاسعا : وبناء على ما تقدم :


    1- فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلا عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.


    2- لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد؟ فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد؛ لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل).



    3- كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة: (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمع واحد ؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك . كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله ؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام ، والله تعالى يقول : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (1) بل هي بيوت يكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (22 / 162) : (ليست - البيع والكنائس - بيوتا لله ، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله ، وإن كان قد يذكر فيها ، فالبيوت بمنزلة أهلها ، وأهلها الكفار ، فهي بيوت عبادة الكفار) .




    عاشرا :

    ومما يجب أن يُعْلم : أن دعوة الكفار بعامة ، وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين ، بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، ولكن ذلك لا يكون إلاَّ بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن ، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام ، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام، ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويَحيا مَن حيّ عن بينة ، قال الله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } . أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان ؛ فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون ، والله المستعان على ما يصفون ، قال تعالى : { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } .

    وإن اللجنة إذ تقرر ما تقدم ذكره وتبينه للناس؛ فإنها توصي المسلمين بعامة ، وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته ، وحماية الإسلام ، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته ، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة : (وحدة الأديان)، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين، وترويجها بينهم.

    نسأل الله سبحانه، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا .وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اهـ .


    ولسماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ردّ على تلك الدعاوى بعنوان :لا أخوة بين المسلمين والكافرين ولا دين حق غير دين الإسلام وذلك على الوصلة التالية


    http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8286و

    هنا سؤال آخر يقول :ما هو ردك يا شيخناالفاضل على قول " دعاة وحدة الأديان " بوجوب تطوير الإسلام حتى يواكب العصر؟ وما هوحكم من يعتقد ذلك ويُروّج له ؟ وسوف تقع ترجمة ردك هذا إلى اللغة الألمانية ونشره علىموقع دعاة وحدة الأديان


    والجواب للشيخ السحيم

    لا شك أن هذه الدعوة باطلة شرعا وعقلا .فهذه الدعوة لا يقبلها اليهود ولا النصارى ، وغنما قال بها ودعا إليها بعض ضعاف المسلمين نتيجة الهزيمة النفسية .فلا يُمكن لليهود أن يتنازلوا عن شيء من دينهم ولا النصارى ، ولكنهم يُريدوننا أن نتنازل وأن نتخلّى عن ديننا ، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) [ القرآن الكريم . سورة البقرة : آية 120 ] .وقوله سبحانه وتعالى : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) [ القرآن الكريم . سورة البقرة : آية 145 ] .وهذا كلّه يوضح ويُبين عن حقائق تلك الدعاوى ، التي يزعمون بها وحدة الأديان ، وهم لا يُريدون وحدة بل يُريدون من المسلمين أن يتنازلوا عن دينهم .ولو تنازلوا هم عن دينهم فإننا لا نتنازل عن ديننا ، وهكذا يجب أن يكون ، فدِين الله عز وجل صالح لكل زمان ومكان ، وهو دين كامل محفوظ بحفظ الله .وهو يواكب الحياة فهو دين الحياة دِين الإسلام هو دين العدل ، وهو دِين الرّحمة ، وهو دين الشمولية لكل مناحي الحياة ، وهو الدِين العالمي ، الذي يجمع بين الناس ولا يُفرّق بينهم ، فلا فرق بين أحمر ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى .ودين الإسلام هو المهيمن على سائر الأديان ؛ لأن كل دين كان يختص بزمان أو مكان ، أما دين الإسلام فإنه المهيمن على جميع الأديان لأنه لا دِين بعده .ولذا قال الله عز وجل : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) [ القرآن الكريم . سورة المائدة : آية 48 ] .ثم إن مسألة الدعوة إلى وحدة الأديان هي من دعاوى المنافقين ، ولذا قال الله عز وجل عن المنافقين : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا ) [ القرآن الكريم . سورة النساء : الآيات 61 - 63 ] .فالمنافقون هم الذين يُريدون التوفيق بين دِين الله ، وهو الإسلام ، وبين الأديان الأخرى .والمنافقون كانوا يركنون إلى اليهود ويسمعون منهم ، كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) [ القرآن الكريم . سورة البقرة : الآية 14 ] .وقد آيسنا ربنا من إيمان اليهود ، فقال ربنا سبحانه وتعالى : ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) ؟ [ القرآن الكريم . سورة البقرة : الآيات 75 - 77 ] .وآيسنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من إسلام اليهود ، فقال : لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود . رواه البخاري ومسلم . فهل يُرجى بعد ذلك أن يكون هناك وحدة أديان ؟وموقف المؤمن واضح من مثل هذه القضية ، الذي كان يُعلنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على قراءة سورة ( الكافرون ) في راتبة المغرب وراتبة الفجر . وفيها إعلان البراءة مما يعبد الكفار ، وإيضاح موقف المسلم الواضح الجلي ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) .فهو إعلان بوضوح وبجلاء عن تميّز المسلم في دينه ومباينته للكفار ، وأنه لا يُمكن التلاقي بين الأديان ، ولا الرضا بأنصاف الحلول .والذين يدعون إلى وحدة الأديان يُريدون الحصول على دين مُلفّق !
    وأين هم من موقف أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه وقد ارتدّ من ارتد من قبائل العرب ، فكلّمه عمر رضي الله عنه في ذلك ، فغضب أبو بكر غضبة ما غضبها قبل يومه ذلك ولا بعده ، انتصر فيها لدِين الله عز وجل حتى قال قولته المشهورة : جبّار في الجاهلية خوّار في الإسلام ؟!أمَا إن أبا بكر رضي الله عنه لم يَرْضَ بأنصاف الحلول فيقبل منهم الصلاة دون الزكاة ، ولم يرض منهم بِدين ناقص ، بل قال لعمر : والله لأُقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . فقال عمر رضي الله عنه : فو الله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق . رواه البخاري ومسلم .فأين دُعاة وحدة الأديان من هذا الموقف الذي وقفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمام من منع الزكاة ، فكيف به لو رأى من أراد تلفيق دِينِه ، أو تقريبه من الأديان المحرّفة المنسوخة ؟!ومن يزعم أنه سوف يقوم بتطوير دِين الإسلام فإلى أي مدى سوف يُطوّره ؟وإلى حـدّ سوف يتنازل ؟وما هو القدر الذي سوف يُبقي عليه ويُبقيه من دِين الإسلام ؟وماذا سيأخذ من الأديان الأخرى ؟وكم هي النسبة المسوح بها ؟!إن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي لم يدعو إلى وِحدة الأديان ولا التقريب بينها ، مع أن اليهود كانوا معه في المدينة ، والنصارى معه في جزيرة العرب ، إذ كانوا في نجران .ومع ذلك لم يكن هناك تقريب بينه وبينهم بل كانت المفاصلة بينه وبين أعدائه ؛ لأنه لا يُمكن أن يُخلط الحق بالباطل ، ولا أن يُعبد الله بما شرع وبما لم يشرع ، ولا أن يؤخذ ببعض الكتاب ويُترك بعضه ، فهذا كفر بالله العظيم ، وقد عاب الله على اليهود ذلك فقال : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [ القرآن الكريم . سورة البقرة : الآية 85 ] .وهذا هو حُكم الله فيمن يُريد أن يأخذ ببعض الكتاب ويترك بعضه .فإن الله سبحانه وتعالى سمّى ترك بعض الكتاب كُفراً به سبحانه وتعالى .ومن أراد التقريب بين الأديان فإنه ولا بد سوف يتخلّى عن بعض دينه ، وسوف يكفر ببعض كتابه .ومن أراد تقريب الأديان ودعا إلى وحدة الأديان فإنه لا محالة سوف يتنازل عن أهم مهمات العقيدة ، بل لا بـدّ أن يكفر بالقرآن العظيم .فالمسلم الذي يقرأ الفاتحة هو في حقيقته يسأل الله أن يهديه صراط الله المستقيم ، وهو دِين الإسلام ، ويستعيذ بالله من صراط المغضوب عليهم ، وهم اليهود ، ومن صراط الضالين ، وهم النصارى !فأي وحدة يطلب ؟وإلى أي دعوة يدعو ؟ليكفر بفاتحة الكتاب أولاً ثم يدعو إلى ما شاء !وقد قال رب العزة سبحانه وتعالى : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) [ القرآن الكريم . سورة الكهف : الآية 29 ] .وهذا على سبيل التهديد والوعيد لا أنه على سبيل التخيير .

    ثم إن الدعوة إلى وحدة الأديان تكذيب بما أخبر به الله ورسوله من بقاء الصراع والقتال بين المسلمين واليهود والنصارى ، وما أخبر به من أخبار الملاحم التي تكون في آخر الزمان .كما أنها مخالفة لسنة كونية ثابتة من سُنن الله التي لا تتبدل ولا تتحوّل ، وهي سُنة المدافَعَة بين الأمم التي قال الله عز وجل فيها : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ ) [ القرآن الكريم . سورة البقرة : الآية 251 ] فكأن هؤلاء يُريدون الإفساد في الأرض !ويُضادّون سنة الإدالة في الأيام التي قال الله عز وجل فيها : (َ تِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) [ القرآن الكريم . سورة آل عمران : الآية 140 ]

    والله تعالى أعلى وأعلم .

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 30 أكت, 2020, 01:10 ص
    رد 1
    63 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 8 أبر, 2019, 01:23 م
    ردود 0
    98 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
    بواسطة Ehab_Ehab1
     
    ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 2 ماي, 2017, 11:44 م
    رد 1
    1,062 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة أسامة المسلم  
    ابتدأ بواسطة دفاع, 30 أكت, 2016, 03:01 م
    ردود 0
    1,195 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة دفاع
    بواسطة دفاع
     
    يعمل...
    X