"النصوص الشرعية القطعية" والمؤسسة الكنسية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

دفاع اكتشف المزيد حول دفاع
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "النصوص الشرعية القطعية" والمؤسسة الكنسية

    بقلم د. زينب عبد العزيز


    أستاذة الحضارة الفرنسية


    نشرت جريدة "اليوم السابع"، يوم الأحد الموافق 5/9/2010، خبرا يتكون من ثلاث نقاط هي:


    * أن الأقباط العاملين في السعودية يطالبون ببناء كنائس لأن عدم وجودها يجعلهم يعانون من مشاكل روحية.


    * أن الكنيسة القبطية لديها كنائس في الكثير من الدول العربية فيما عدا السعودية.


    * أن بابا الفاتيكان قد جدد طلبه ببناء أول كنيسة في السعودية، إلا أن الفقهاء والعلماء السعوديين قد رفضوا ذلك باعتباره مخالفا للنصوص الشرعية القطعية بشأن بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب.


    وقبل أن أتناول الموضوع الرئيسي، وهو المطالبة ببناء كنائس في السعودية، أسأل هؤلاء الأقباط الذين يعانون من مشاكل روحية: ما الذي دفعكم للذهاب للعمل في السعودية وأنتم تعلمون يقينا ومسبقا أنها خالية من الكنائس؟! والإجابة بكل أسف لا تخرج عن أحد أمرين: إما إغراء المال، أو القيام بدور العمالة (الاستخباراتية) المزدوج لصالح المؤسسة الكنسية. والازدواجية هنا تعنى: إما القيام بدور مخلب القط الذي تتذرع به الكنيسة القبطية للوصول إلى مآربها، وإما القيام بدور التجسس لصالح نفس الكنيسة، أو الاثنين معا.. وكلاهما بكل أسف يمس الكرامة بلا جدال ويمس الولاء للوطن.. كما أن مثل هذا الوضع للعاملين بعقود مؤقتة، بالسعودية أو بغيرها من البلدان، يقع تحت مسمى "العمالة السيارة"، أي العمالة عابرة السبيل وليسوا من المواطنين. والعمالة السيارة لا حقوق دستورية لها على الدولة التي تستضيفها لفترات محدودة، لأنها عابرة سبيل، مثلها مثل السياح والزوار، وعليها الالتزام التام والاحترام الكامل لقوانين وعادات الدولة التي تعمل بها.


    وتنطبق نفس الإجابة تقريبا على النقطة التالية، بمعنى أن عدم وجود كنائس بالسعودية أمر يعلمه الجميع بما فيهم قادة الكنائس والعاملين بها، خاصة الكنيسة القبطية، التي تعيش بملايينها الثلاثة من الأتباع وسط قرابة ثمانين مليونا من المسلمين، أي أن ذلك ليس بأمر مخفي أو بجديد، لأنه محرم شرعا وساري المفعول منذ أيام الرسول صلوات الله عليه: أن كل أرض المملكة أرض حرم. وكون بعض الدول العربية قد رضخت للضغوط وسمحت ببناء كنائس رغم ندرة وجود مواطنين مسيحيين بها، فهذا لا يبرر ولا يجوز أن تقوم السعودية، أرض الحرمين الشريفين، بعمل الشيء نفسه -لكي لا أقول نفس الخطأ- لأن أي كنيسة اليوم لا تستخدم للعبادة فحسب، وإنما تستخدم أساسا لمشاريع التنصير، وهو القرار الذي أصدره مجمع الفاتيكان الثاني باستخدام الكنائس المحلية في عملية التبشير والتنصير. والعمالة السيارة لا حقوق لها على الدولة التي تعمل بها إلا ما يكفله لها قانون العمل، فقط لا غير.


    ونأتي لبابا الفاتيكان، بنديكت 16، وبناء كنائس في أرض المملكة السعودية، أو على حد تعبير البابا الراحل يوحنا بولس الثاني: "رشق أرض المملكة بالكنائس وغرسها بالأناجيل"!! فهذه الفكرة العدوانية الاستفزازية ترجع أيضا إلى مجمع الفاتيكان الثاني (1965) وقراره تنصير العالم، وهو قرار يعد أحد أسباب البلاء الذي يعترى العالم حاليا: فلا يمكن اقتلاع أي فرد أو أية دولة من دينها وتقف صامتة. وقد أعرب البابا الراحل يوحنا بولس الثاني صراحة عن هذا المطلب في كتاب: "الجغرافيا السياسية للفاتيكان"(1992) والذي يسير البابا الحالي على خطاه بكل إصرار وتعنت.. إذ نطالع في ذلك الكتاب أن الهدف المعلن بوضوح لا مواربة فيه هو: فتح الأراضي السعودية على مصراعيها أمام عمليات التنصير وبناء الكنائس، بل لقد كان هذا هو أحد المطالب التي دار النقاش حولها عند زيارة خادم الحرمين المؤسفة للفاتيكان، الأمر الذي نراه مكتوبا بكل وضوح -لكي لا أقول بكل وقاحة وجبروت- في الفقرة التالية:


    "كيف يمكن قبول ادعاءات السلطات السعودية باعتبار أن مجمل هذه المملكة عبارة عن منطقة مقدسة -وليس منطقة الحجاز التي تضم مكة والمدينة فحسب- لأن هذا الموقف يؤدى إلى منع المسيحيين من إقامة أي صليب على ذلك "المسجد" الذي تبلغ مساحته 2149690 كيلومترا مربعا" (صفحة256).. وفي مكان آخر تم اقتراح الاكتفاء بأسوار الحرمين واستباحة كل ما عداها!.. وعملية الزج بالكنيسة القبطية في نفس المطالبة الفاتيكانية يعنى أنها محاولة لمزيد من الضغوط على السعودية وإقحام مصر لمساندة طلبها الجائر، كما يكشف عن تواطؤ دور الكنيسة القبطية مع الفاتيكان في هذا الموضوع تحديدا، مما يضع ولاء هذه الكنيسة القبطية لمصر وللأغلبية الساحقة المسلمة محل نظر..


    أما عن موضوع الكنائس بصفة عامة فهي بدعة من البدع التي تم إدخالها على ما يعرف بالديانة المسيحية، فالسيد المسيح لا يعرف شيئا عن الكنائس، ولم يطالب بإقامة كنيسة، لأنه كان يبشر باقتراب حدوث "ملكوت السماوات" في عهده وخلال أيام، فكيف يفكر في بناء كنائس للتعبد مستقبلا؟!


    وفقا لأقوال السيد المسيح لم يكن هناك أي أمل في مستقبل ما لاقتراب نهاية العالم في عهده وفقا لدعوته. ثم إن من كان يلوم بطرس ويؤنبه قائلا: "يا قليل الإيمان لماذا شككت؟" (متى 14: 31).. وبعد ذلك بقليل نراه يقول له: "اذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس" (16: 23)، وإذا كانت هذه الإدانة الصارمة صادرة عن السيد المسيح لبطرس فكيف يعقل أن نراه يقول له -يقول لنفس الشخص الذي يشك والذي لا إيمان له-: "وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16: 18)؟!.. وهذه الجمل أو الأرقام مما ثبت أنها من الإضافات التراكمية اللاحقة.


    والتناقض ليس واضحا فحسب في هذا التضارب، وإنما أيضا في استخدام نفس كلمة "كنيسة"، التي تمثل عملية تزوير لغوى لأنها لم تكن معروفة ولا موجودة لغويا أيام السيد المسيح.. فهي مشتقة عن اليونانية (ekklesia) وتعنى اجتماع أو جمعية، كما باتت تعنى بعد ذلك -مجازا- المكان الذي يجتمع فيه الأتباع. ويقال إن أول استخدام لها وفقا لأعمال الرسل كان سنة 60 ميلادية، ثم قامت المؤسسة الكنسية بإطلاقها على أول اجتماع تم في أورشليم/القدس بين الحواريين سنة 48، برئاسة يعقوب شقيق السيد المسيح الذي تولى قيادة الحواريين بعد السيد المسيح. وفي هذا الاجتماع الأول الذي انعقد لتدارس ما العمل، تم الإعلان عن إلغاء العهد الممثل في الختان الذي فرضه الرب وأراده عهدا أبديا، وإحلال بدعة التعميد بدلا عنه لتسهيل عملية الدخول في المسيحية أو قبولها، إذ كان الختان يقف عقبة في وجه الكثير من البالغين.. وتعد هذه البدعة أول تحريف أساسي لأنه يمثل الخروج عن الشرع وتبديله من أجل إدخال مزيد من الأتباع في المسيحية.. والسيد المسيح لم يطلق اسم "كنيسة كاثوليكية" على الإطلاق وإنما أغناسيوس الإنطاكي سنة 112 في رسالته إلى مسيحيي مدينة أزمير. ثم تبنى مجمع القسطنطينية سنة 381 هذه التركيبة وأدخلها في عقيدة الإيمان، وفرض اللعنة والحرمان على من لا يقبلها أو لا يؤمن بها.


    ومما كثر ترديده في المجال الفاتيكاني أيام زيارة خادم الحرمين للفاتيكان، أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين السعودية والفاتيكان.. وهنا لا بد من تحديد أنه لا يجب ولا يجوز أن تكون هناك أية علاقات دبلوماسية بين المملكة السعودية والفاتيكان، لأن مثل هذه الاتفاقية ستكون الركيزة الرسمية التي سيتعللون بها رسميا لبناء الكنائس، وهو ما يكتبونه وليس بسر من الأسرار.


    إن الالتزام بنصوصنا الشرعية القطعية لا فصال ولا نقاش فيه، والالتزام بها فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وقد أمر سيدنا رسول الله بإخراج اليهود والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتبعه الصحابي في ذلك، لأن الجزيرة العربية هي محل قبلة المسلمين، ولا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله. بل لقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا تحدثوا كنيسة في الإسلام ولا تجددوا ما ذهب منها". ومن أقواله عليه الصلاة والسلام: "لا تكون قبلتان في بلد واحد"، "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب"، "لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة"، "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، "لا يجتمع بيت رحمة وبيت عذاب".. وعن السيدة عائشة، رضي الله عنها، قالت: "آخر ما عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، أن لا يترك بجزيرة العرب دينان".. ولا يسع المجال هنا لأورد كل ما أنزله المولى عز وجل في القرآن الكريم من آيات تفضح ما تم من تحريف وتبديل ومآخذ في المسيحية الحالية وفي نصوصها، وكلها إدانات أثبتها علماء الغرب المسيحي بعد ذلك، وكثير منهم كنسيون. فهل يعقل أن نخرج عن دين الله وعن تعاليم سيدنا رسول الله من أجل إرضاء بعض القائمين على ديانة هم أول من يعرف أنها عانت الأمرين من التبديل والتحريف عبر المجامع على مر العصور؟! بل لقد اعترف الفاتيكان في مجمعه الثاني (1965) أن الأناجيل ليست منزلة من عند الله وأن من كتبها هم بشر، وأن الاختلافات التي فيها وبينها هي "من قبيل التعددية في التعبير"!


    والأمر ليس مرفوعا لخادم الحرمين الشريفين فحسب، وإنما لكافة القيادات الإسلامية وأصحاب القرار في العالم الإسلامي والعربي لوضع شطحات هذه المؤسسات الاستفزازية التنصيرية في المكان الذي يجب أن توضع فيه وتلتزم به.. وعلى كل هذه القيادات الإسلامية بكل مستوياتها أن تدرك بوضوح: ما المنتظر منها من جانب الفاتيكان وقساوسته، وما المنتظر منها من كافة المسلمين، دفاعا عن النصوص الشرعية القطعية..


    والمقارنة بين الكفتين خيانة الإسلام والخضوع للمطالب الكنسية، أو الدفاع عن الإسلام والحفاظ عليه، مقارنة لا يجب بل ولا يجوز أن توجد أصلا..


    13/9/2010

  • #2

    والأمر ليس مرفوعا لخادم الحرمين الشريفين فحسب، وإنما لكافة القيادات الإسلامية وأصحاب القرار في العالم الإسلامي والعربي لوضع شطحات هذه المؤسسات الاستفزازية التنصيرية في المكان الذي يجب أن توضع فيه وتلتزم به.
    وعلى كل هذه القيادات الإسلامية بكل مستوياتها أن تدرك بوضوح: ما المنتظر منها من جانب الفاتيكان وقساوسته، وما المنتظر منها من كافة المسلمين، دفاعا عن النصوص الشرعية القطعية..
    والمقارنة بين الكفتين خيانة الإسلام والخضوع للمطالب الكنسية، أو الدفاع عن الإسلام والحفاظ عليه .

    مقارنة لا يجب بل ولا يجوز أن توجد أصلا..

    اللهُ الْمستعانُ .
    أستغفرُ اللهَ لِى وللمسلمينَ حتى يرضَى اللهُ وبعدَ رضاه، رضاً برضاه .
    " ... وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّـى لِتَرْضَى"
    اللَّهُمَّ اجعَل مِصرَ وأَهلَهَا وسَائِرَ بِلادِ المسلِميْنَه فِى ضَمانِكَ وأمانِكَ .

    تعليق


    • #3
      [align=right]السعودية تمر بمنحنى خطير خلال تلك الفترة والسنوات القليلة الماضية، وللأسف المتابعين للوضع السعودي الداخلي قليل بل إنه قليل جدا، هناك تغيرات واسعة الانتشار تجرى في المملكة على صعيد الخطاب الديني ودعوى التغريب بدأت تتصاعد أكثر وأكثر فإقالة الدعاة المحاربين لهذا الفكر التغريبي أصبحت في تزايد يوماً بعد يوم سواء كان من منصب حكومي، أو منعهم من الظهور في القنوات الخاصة وإغلاق بعض مواقعهم على الإنترنت، وهذا في حقيقة الأمر ﻻ يبشر بخير فالمللكة لها أياد بيضاء على الأمة الإسلامية كلها وخصوصاً في الثلاثة عقود الماضية، التي نهضت فيها المملكة في إحياء وخدمة كتب التراث الإسلامي، فالفضل بعد الله سبحانه وتعالى في زيادة المعرفة لدى الشباب المسلم وخصوصاً في باب الإعتقاد يرجع لها، فبعد أن كان السلفيون قلة قليلة من ثلاثة عقود مضت أصبحوا الآن سوادا عظيماً، فأقول ما يحاك للملكة ضرره بالغ جدا على كافة المسلمين في أنحاء العالم، فاللهم احفظها من كيد الكائدين.

      ولمزيد من تفاصيل المشروع التغريبي الذي تم التخطيط له وينفذ منذ سنوات أرجو الإطلاع على هذه المقالة http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=2587790

      ملحوظة: المقالة طويلة نوعاً ما لكنها هامة لمن يريد أن يقف على حقيقة هذا المشروع[/CENTER]

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 30 أكت, 2020, 01:10 ص
      رد 1
      63 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
      ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 8 أبر, 2019, 01:23 م
      ردود 0
      98 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة Ehab_Ehab1
      بواسطة Ehab_Ehab1
       
      ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 2 ماي, 2017, 11:44 م
      رد 1
      1,062 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أسامة المسلم  
      ابتدأ بواسطة دفاع, 30 أكت, 2016, 03:01 م
      ردود 0
      1,196 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة دفاع
      بواسطة دفاع
       
      يعمل...
      X