العقد والعطر ..

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشهيدة مسلم اكتشف المزيد حول الشهيدة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقد والعطر ..

    المـُعـَلـَّمة


    حين وقفت المُعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم :
    إنني أحبكم جميعاً ..
    هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي، يدعى تيدي ستودارد.



    لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علامات x بخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق.



    وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون، كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية .. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما !!




    لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي:
    تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق.



    وكتب عنه معلمه في الصف الثاني :
    تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب.



    أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه :
    لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات.





    بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع :
    تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس.





    وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق، ما عدا تيدي.
    فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي.
    وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط ..
    ولكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم.
    بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها:


    إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي !!
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .
    .


    وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة..
    ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة، والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة معلمة فصل ..
    وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت استجابته أسرع، وبنهاية السنة الدراسية، أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ المدللين عندها.


    وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي، يقول لها فيها:
    إنها أفضل معلمة قابلها في حياته.


    مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه.
    ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله،
    وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.



    وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه:
    إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن.



    وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء :
    دكتور ثيودور إف. ستودارد !!



    لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه :
    إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك..
    والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد !!


    واحتضن كل منهما الآخر، وهمس دكتور ستودارد في أذن السيدة تومسون قائلاً لها:
    أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.



    فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها:
    أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة
    لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.


    تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز ستودارد لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.





    إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً

    والعاقل لا ينخدع بالقشورعن اللباب..


    ولا بالمظهر عن المخبر..


    ولا بالشكل عن المضمون ..


    يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام..


    وأن تسبر غور ما ترى ..


    خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار..


    موّارة بالعواطف ..


    والمشاعر..

    والأحاسيس..


    والأهواء ..


    والأفكار..











    أرجوأن تكون هذه القصة موقظة لمن يقرؤها





    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة الشهيدة مشاهدة المشاركة

    وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة..


    وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي، يقول لها فيها:
    إنها أفضل معلمة قابلها في حياته.


    مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه.
    ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله،
    وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته


    لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه :
    إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك..
    والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد !!


    فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها:
    أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة
    لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.

    قصة مؤثرة وجميلة جدا تبرز معاني رفيعة في التربية والتعامل مع الأطفال والرعايا
    كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
    هكذا علمنا رسول الله
    كيف نكون مربين
    يخطئ الكثير من الأباء والمربين .....

    عندما يسرف في انتقاد أبنائه .....أنت فاشل ...أنت لاتصلح لشيئ .....مفيش فايدة ...... عمرك ماهتتغير

    تلك المعاملة تؤثر بالسلب في حياة الفرد وتجعل من عقله أداة مقاومة للتغيير وللتطوير ولن يب
    ذل مجهود لتطوير نفسه طالما هو سيئ في عيون الأخرين

    وليس
    ذلك في التربية فحسب ولكن في الإدارة ايضا والشركات والتعامل مع الموظفين والعمال
    ولن نعجب حينما نسمع أن الكلمة الطيبة صدقة .....فهل أدركنا قيمتها ؟؟؟ وبكم تصدقنا في كل يوم؟؟؟

    موضوع مفيد أختنا الفاضلة
    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

    صورة خاتم المرسلين سيدنا محمد ستبقى مشرقة مهما حاول المشككون تشويهها.
    وكذلك سيبقى نور القرآن الكريم مضيئاً براقا مهما حاول الملحدون الإساءة إليه.
    يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( التوبة )

    تعليق


    • #3
      الله بجد قصة جميلة جدا لقد أبكتني هذه القصة

      يا جماعة راعوا ان في ناس مرهفين وبالراحة علينا شوية

      اخونا نيمو منزل موضوع الولد اللي باباه ومامته مش معبرينه وهنا يا عيني الواد امه توفت وحالته صعبة

      بس بصراحة مواضيع جميلة جدا وتيقظ كل من غفل قلبه قبل عقله

      وجزاك الله خيرا
      [glint]

      تعليق


      • #4


        بسم الله الرحمان الرحمان الرحيم
        غاليتي الشهيدة

        لم أستطع منع دموعي من الانهمار وأنا أقرأ هذه القصة ... و لست أدري أي وصف أضع لها ..سوى أنها حقا تمس شغ
        اف القلب و تعصر العين و تدمعها ...
        أتساءل كم من المعلمين و الاساتذة استطاع يوما أن يطبع بصمته في حياة تلميذ له أو طالب إلى آخر العمر ..
        لأنه فقط عرف أن يكون الانسان الموجه المحتضن المتفهم ..قبل أن يكون الانسان المعلم ..

        فالتدريس ليس فقط رسالتك بأن تعلم علما ... بقدر ماهو أن تصنع روحا و فكرا ..
        .

        و يغفل للاسف كثير من حاملي شرف هذه المهنة أن ينظروا إلى كل طالب على أنه نواة انسان و ثمرة نزرعها لمستقبل أمتنا ...

        لنكن حذرين حين نزرع القيم ..و في أي أرض نزرعها ..

        لنجعل عيوننا ترى دواخل أبنائنا ..أجل هم كذلك ..
        لأن كل طفل تدرسه هو أمانة لديك و ابن ترعاه .. فاتق الله فيه ...
        فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته

        فاجعل رعيتك تذكرك كل حياتها بخير ما فيك و تدعو لك ... فربما تكون دعوة صادقة من قلب غيرته مفتاح دخولك لجنة رب العباد ..

        تحياتي لكل اساتذتي الافاضل .. يا من جعلوا حياتي نورا بما علموني إياه ...

        حفظك الله غاليتي بما حفظ به الذكر الحكيم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة nimo1810 مشاهدة المشاركة



          المشاركة الأصلية بواسطة أمةالإسلام مشاهدة المشاركة
          الله بجد قصة جميلة جدا لقد أبكتني هذه القصة

          المشاركة الأصلية بواسطة إسلامي نور حياتي مشاهدة المشاركة

          بسم الله الرحمان الرحمان الرحيم
          غاليتي الشهيدة


          لم أستطع منع دموعي من الانهمار وأنا أقرأ هذه القصة ...
          أخي نيمو .. أخواتي أمة الإسلام و إسلامي نور حياتي .. أنا أيضاً بكيت كثيراً عندما قرأت القصة ..
          لدرجة أنني فـُضحت أمام صغيراتي ..
          بتعيطي ليه يا ماما ؟! بتعيطي ليه يا ماما ؟!

          وسوف أحكي لكم عن خواطي تجاه تلك القصة ..




          غداً إن شاء الله ..

          جزاكم الله خيراً على حسن تفاعلكم .. بارك الله فيكم ..
          ولا حرمني الله من دعائك يا حبيبتي الغالية د. فاطمة ..
          واللهم آمين ..
          .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة الشهيدة مشاهدة المشاركة
            سوف أحكي لكم عن خواطي تجاه تلك القصة ..

            غداً إن شاء الله ..

            جزاكم الله خيراً على حسن تفاعلكم .. بارك الله فيكم ..


            جزانا وجزاكم الله خيرا
            منتظرييييييييييين إن شاء الله
            صورة خاتم المرسلين سيدنا محمد ستبقى مشرقة مهما حاول المشككون تشويهها.
            وكذلك سيبقى نور القرآن الكريم مضيئاً براقا مهما حاول الملحدون الإساءة إليه.
            يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( التوبة )

            تعليق


            • #7
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

              الخاطرة الأولى ..

              أول ما جعلني أبكي وأنا أقرأ هذه القصة هو أنني تذكرت موقفين في حياتي ..

              أول موقف :
              كان عندما كنا صغاراً .. يمكن وأنا عندي 6 سنين ..
              وقتها مرضت أمي مرض شديد ودخلت المستشفى عدة أشهر ..
              أبي كان مسافراً ..
              وكنت أنا وأخي عند جدتي ..
              أقل ما يمكن أن أصف به حالنا وقتها أننا كنا فعلاً أيتام ..
              مش هقدر أقول غير إني كنت هموت ..
              وذكريات هذه الفترة لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي ..
              كنا مبهدلين ومتبهدلين ..
              وكنت أشعر أننا أقل من أطفال خالاتي ..
              لأنهم يأتون لزيارة جدتي ثم يرجعون لبيوتهم ..
              أما نحن .. فلا نرجع ..

              الحمد لله شفيت أمي ..
              فرق كبير جداً بين حياة اليتم والحياة في حضن الأم ..

              الموقف الثاني :
              كان عندما ذهبت أمي للحج وكنا كباراً .. أنا كنت في ثانوية عامة وأخي في ثانية ثانوي ..
              لكن أيضاً البيت كان خواء ..
              حتى ماكناش عارفين ناكل .. كنا نأكل كل يوم بطاطس

              ووقت رجوعها .. سعادة غير عادية .. وفعلاً البيت نوّر ..

              وأخوف ما أخاف أن يحدث الموقف الثالث الذي تنقطع به رؤيتي لها في هذه الدنيا ..

              وكثيراً أقول لنفسي :
              الضمان الوحيد للاجتماع بها في الآخرة هو طاعة الله في الدنيا ..
              ومعاونتها على طاعة الله في الدنيا ..

              وبالرغم من أن فكرة فراقها في الدنيا صعباة .. إلا أن فكرة فراقها في الآخرة فكرة مريعة ..

              أطال الله في عمرها وختم لنا ولها بالصالحات ..
              وجمع بيني وبينها في جنته ..
              اللهم آمين ..


              الخاطرة الثانية ..

              أنا أيضاً كان لي معلمة .. معلمة فصل .. كانت معلمتي وأنا في الصف الأول والثاني الابتدائي ..
              واستمرت علاقتي الحميمة بها حتى تزوجت ..
              وكانت حاضرة يوم زفافي ..
              اسمها ميس سمية ..
              وكان حضورها غالياً عندي جداً ..
              وحضنتني في نهاية الحفل واغرورقت عينانا بالدموع وقتها .. وقعدت تضحكني ..
              وتقولي : ها ها ها إوعي تعيطي ..
              فضحكت وسحبت العياط .. عادي عادي

              وأيضاً يومها هي من علمتني كيف أحمل بوكيه الورد !!

              ولا أنسى فقد قالت لي : هتفضحينا قدام العريس .. يا بنتي إنتي شايلة شنطة مدرسة ؟
              وكانت بجواري حتى ركبت السيارة .. وهي من أغلقت باب السيارة ..

              وأنا أحبها جداً (( ميس سمية )) كانت شخصية رااااائعة ..
              ومعلمة ومربية ناجحة ..
              أثرت تأثيراً إيجابياً في شخصيتنا ..
              وكانت عادلة جداً .. حبوبة وعطوفة وقوية في نفس الوقت ..
              شخصيتها كانت تأسرنا كأطفال ..

              جزاها الله خيراً .. وجعل ذلك في ميزان حسناتها ..
              اللهم آمين ..


              كانت هاتان الفكرتان الأساسيتان اللاتي سيطرن عليّ وأنا أقرأ هذه القصة ..

              لي عودة إن شاء الله .. لأكمل كلامي .. لأنني أريد أن أقول أشياء أخرى ..

              سلام عليكم ..
              .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة الشهيدة مشاهدة المشاركة

                وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون..

                كان يُطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ ..
                فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية .. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما !!

                لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي:
                تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق.

                وكتب عنه معلمه في الصف الثاني :
                تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب.

                أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه :
                لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات.

                بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع :
                تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس.


                وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها،


                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


                أريد أن أشير هنا إلى أهمية هذا الجزء المقتبس من القصة ..
                وتحديداً موضوع .. السجلات والملفات الخاصة بكل طفل ..
                هذا نظام محترم جداً معمول به في المدارس الراقية وهو ما يسمى بالبورتوفوليو ..
                وهو عبارة عن تخصيص ملف لكل طفل منذ التحاقه بالمدرسة .. يكتب فيه كل معلم ملحوظاته عن الطفل ..
                وتحتفظ المدرسة بهذا الملف على مدار الأعوام الدراسية حتى يقرأه ويطلع عليه كل معلم جديد يأتي لتدريس هذا الطفل ..


                والقصة هنا تبرز أهمية مثل هذا الأمر ..

                الذي للأسف تغفل عنه معظم مدارسنا مع أنه لا يكلف شيء سوى ملف وأمانة المعلمين في تدوين ملاحظاتهم ..

                لذلك فأنا أنصح كل مسئول عن مدرسة أن ينفذ هذا الأمر في مدرسته ..
                وأنصح كل معلم أو معلمة أن تشير على مديرين المدرسة بتنفيذ هذا الأمر ..
                والأهم من ذلك أنصح كل ولي أمر أن يطلب ويلح ويؤكد على ضرورة وجود مثل هذا النظام في مدرسة أبناءه ..
                وليكن إيجابياً ويصر على ذلك .. حتى يتم تنفيذ وتعميم الأمر ..

                مثل هذه الأمور قد تبدو بسيطة لكن (وكما رأينا في القصة) قد يجعلها الله سبباً في تعديل مسار حياة كاملة لطفل من أطفالنا ..

                فقط لنستعن بالله ولا نعجز ..

                و جزاكم الله خيراً ..
                .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                تعليق


                • #9
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  موضوع رائع ....... يحمل الكثير بين كلماته.

                  وجزاك الله خيرا حبيبتى ( الشهيدة ) موضوعاتك هادفة وراقية أحبها ........
                  وإضافتك فى المشاركة رقم 8 هامة جدا ......... وأؤيدك بالطبع فيها ...............

                  ولكن هذه مست قلبى
                  أكثر
                  واحتضن كل منهما الآخر، وهمس دكتور ستودارد في أذن السيدة تومسون قائلاً لها:
                  أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن
                  أن أكون مبرزاً ومتميزاً.
                  جميل أن الإنسان يكون لديه من يهتم به ويحبه ............
                  والأجمل إنك تنجحى وتبرزى من أجمل سعادة من تحبى ورؤية الحب والفخر فى
                  عيون هؤلاء الأشخاص.


                  شـكــ وبارك الله فيكِ ـــرا .

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة solema مشاهدة المشاركة
                    جميل أن الإنسان يكون لديه من يهتم به ويحبه ............
                    والأجمل إنك تنجحى وتبرزى من أجمل سعادة من تحبى ورؤية الحب والفخر فى
                    عيون هؤلاء الأشخاص.

                    صدقتي سوليما ..

                    من أجمل الأحاسيس التي قد يمر بها الإنسان هي حينما يرى نظرات الإمتنان في عيون من اجتهد لإسعادهم ..

                    من لم يشكر الناس .. لم يشكر الله ..

                    جزاك الله خيراً على تشريفك لموضوعي حبيبتي


                    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                    تعليق


                    • #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      القصة جميلة جدا ومبنية على محاولة الفهم ... عالم الطفولة فعلا هو الأساس في بناء شخصية الإنسان


                      المشاركة الأصلية بواسطة الشهيدة مشاهدة المشاركة
                      كان عندما كنا صغاراً .. يمكن وأنا عندي 6 سنين ..
                      وقتها مرضت أمي مرض شديد ودخلت المستشفى عدة أشهر ..
                      أبي كان مسافراً ..
                      وكنت أنا وأخي عند جدتي ..
                      أقل ما يمكن أن أصف به حالنا وقتها أننا كنا فعلاً أيتام ..
                      مش هقدر أقول غير إني كنت هموت ..
                      وذكريات هذه الفترة لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي ..
                      كنا مبهدلين ومتبهدلين ..
                      رغم ما في قصة أختنا الشهيدة من حزن لكن الحمد لله أنها إنتهت على خير.




                      دمتم بخيررررررررر
                      الـ SHARKـاوي
                      إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
                      ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
                      فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
                      فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
                      ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

                      تعليق


                      • #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


                        بارك الله فيك أختنا الفاضله الشهيدة

                        بكيت طبعا مثلكم علي الجزء الخاص بقوله لها



                        إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي !!


                        كم تأثرنا جميعا ايجابا او سلبا بمعلمه مرحله الطفوله

                        بأعتبارهاالام الثانيه بعد الام الحقيقيه

                        فهي التي قضينا معها النصف الثاني من وقتنا

                        فأرجو من كل معلمة الان أن لا تحكم علي طفل بالمدرسه من خلال تعليق معلمه أخري

                        او شكل الطفل او مدي استجابته وتأخذ في تعنيفه

                        وان كانت الضغوط عليها فعلا كثيرة كالكثافه العاليه بداخل الفصل

                        فلتتذكر ان لها ابناء في يد معلمه أخري تتمني أن تحقق فيهم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم

                        وقل أعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون

                        لتقول له كلمه تشجيع

                        مدح

                        تحاول أن تخرج منه كلمه صحيحه وتجعل الصغار يصفقون له

                        والله عن تجربه بتجدي الطفل بيحاول أن يتغلب علي أهماله

                        أو عدم تركيزة و....يحاول أن يستجيب مع المعلمه

                        والله المستعان



                        علي فكرة اول الموضوع جميل ونصف الموضوع والتعليقات روعه وافأجئ بالرد الاخير

                        وبعدين معاكم خذوا عبرة من الموضوع يا جماعه وبلاش فيلم عالم الحيوان دة
                        اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

                        تعليق


                        • #13
                          بقلم د/محمدبن أحمد الرشيد (وزير سابق)


                          قال: بداية القصة كانت حين كلفت بتدريس مادة القرآن الكريم والتوحيد للصف الثالث الابتدائي قبل نهاية الفصل الدراسي الأول بشهر واحد، حينها طلبت من كل تلميذ أن يقرأ، حتى أعرف مستواهم، وبعدها أضع خطتي حسب المستوى الذي أجده عندهم.

                          فلما وصل الدور إلى أحد التلاميذ وكان قابعاً في آخر زاوية في الصف، قلت له اقرأ.. قال الجميع بصوت واحد (ما يعرف، ما يعرف يا أستاذ)؛ فآلمني الكلام،

                          وأوجعني منظر الطفل البريء الذي احمر وجهه، وأخذ العرق يتصبب منه، دق الجرس وخرج التلاميذ للفسحة، وبقيتُ مع هذا الطفل الذي آلمني وضعه، وتكلمت معه، أناقشه، لعلي أساعده،

                          فاتضح لي أنه محبط، وغير واثق من قدراته، حتى هانت عليه نفسه؛ لأنه يرى أن جميع التلاميذ أحسن منه، وأنه لا يستطيع أن يقرأ مثلهم، ذهبت من فوري، وطلبت ملف هذا الطفل؛ لأطلع على حالته الأسرية، فوجدته من أسرة ميسورة، ويعيش مع أمه، وأبيه، وإخوته، وبيته مستقر، واستنتجت بعدها أن الدمار النفسي الذي يسيطر عليه ليس من البيت والأسرة،

                          بل إنه من المدرسة، ويرجع السبب حتماً إلى موقف محرج الوصلات . عرض له من معلم، أو زميل صده بعنف، أو تهكم على إجابته، أو قراءته، شعر بعدها بهوان النفس والإحباط، وأخذت المواقف المحرجة والإحباطات تتراكم عليه في كل حصة من المعلمين والزملاء، عندها فكرت جدياً في انتشال هذا الطفل مما هو فيه، خاصة وأنني أعرف بحكم الخبرة مع الأطفال أن كل ذكي حساس، وكل ذكي مرهف المشاعر، ولا يدافع عن نفسه، ولا يدخل في مهاترات قد يكون بعدها أكثرخسارة.

                          وبدأت معه خطتي، بأن غيرت مكان جلوسه، وأجلسته أمامي في الصف الأول، وقررت أن أعطي هذا التلميذ تميزاً لا يوجد إلا فيه وحده، ليتحدى به الجميع، وعندها تعود له ثقته بنفسه، ويشعر بقيمته وإنسانيته بين زملائه، خاصة بعد أن عرفت قوة ذكائه.

                          كتبت له جملة صعبة النطق، وأفهمته معاني كلماتها، حتى يتخيلها فيسهل عليه حفظها. كنا نرددها ونحن صغار، كتبتها على ورقة صغيرة، ووضعت عليها الحركات، وقلت له: احفظ هذه الجملة غيباً بسرعة، ولا يطَّلع عليها أحد من أسرتك، ولا من زملائك، وراجعتها معه خلسة عن أعين التلاميذ حين خرجوا إلى الفسحة، إذ لم يكن هو حريصاً على الفسحة، لأنه ليس له صاحب ولا رفيق، وكنت قد عودت تلاميذي على أن أروي لهم قصة في نهاية كل حصة شريطة أن يؤدوا كل ما أكلفهم به من حفظ وواجبات، وإذا تعثر بعضهم أو أحدهم في الحفظ أو الواجب منعت عنهم القصة، ليساعدوا زميلهم المتعثر في حفظه، أو واجبه، ويعاتبوه لأنه ضيَّع عليهم القصة. بعدها التزم الجميع بواجباتي لهم؛ حفاظاً على رضاي، وتشوقاً إلى استمرار القصة.

                          وفي أحد الأيام، وبعد أن قام الجميع بالتسميع طلبوا مني إكمال قصة الأمس، فقلت لهم: إلى أين وصلنا فيها؟ قالوا: وصلنا عند السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ديار بني سعد، ماذا حدث بعد ذلك؟ فقلت لهم: لن أكملها لكم اليوم، فتساءلوا جميعاً: لماذا يا أستاذ؟ كلنا أدينا التسميع والواجبات!

                          قلت لهم: عندي قصة جديدة، أرويها لكم اليوم فقط، وغداً نعود لإكمال قصة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا وما هي؟ فسردت عليهم قصة من خيالي، من أجل أن أُدخل فيها الجملة الصعبة التي حفظها ذلك الطالب وفهمها سلفاً، وقلت لهم: إن هناك جماعة يسكنون قرية واحدة يقال لهم (القراقبة)، كانوا يحتفلون بعيد الأضحى، ويذبحون فيه البقر، ويتفاخرون بذبائحهم، حتى أن كل واحد منهم يربي بقرته من شهر الحج إلى شهر الحج سنة كاملة، يغذيها بأجود الأعلاف، حتى تكون سمينة، وكان عند (علي القرقبي) بقرة يربطها أمام باب بيته في القرية، وكانت أكبر وأسمن بقرة في القرية كلها، والكل يتمنون متى يأتي الحج، وتذبح هذه البقرة، ليشربوا من مرقها، ويأكلوا من لحمها.

                          ولكن المشكلة أن أهل القرية عندهم عادة هي أنهم إذا ذبحوا الأضاحي يطبخون رقابها، ويضعون المرق في أوانٍ، تجمع في المكان الذي يتعايدون فيه، فدخل الشباب وأخذوا يتذوقون المرق من كل إناء، فصاح أحدهم مفتخراً بذكائه: عرفتها، عرفتها، فقالوا له: ماذا عرفت؟

                          قال: (أنا عرفت مرقة رقبة بقرة علي القرقبي من بين مراق رقاب أبقار القراقبة[
                          وبعد هذه العبارة قلت لتلاميذي: من الذكي الذي يعيد هذه العبارة، فتفاجأوا جميعاً، وطلبوا مني إعادتها، فأعدتها لهم، وقلت: من الذكي الذي يعيدها؟ فحاول رائد الصف، والذين يشعرون في أنفسهم بالتميز، فلم يستطيعوا إعادة حتى ثلاث كلمات منها، فقلت لهم: هذه لا يستطيع أن يقولها إلا ذكي فهم معناها، أين الذكي فيكم؟ والذي يريد المشاركة أطلب منه الخروج عند السبورة ومواجهة زملائه، وأنا أنظر إلى هذا التلميذ، فإذا نظرت إليه يخفض يده؛ لأنه يخشى الإخفاق، فثقته بنفسه معدومة، خاصة أنه رأى فلاناً وفلاناً من الذين يشار إليهم بالبنان يتعثرون، وأين هو من هؤلاء الذين أخفقوا؟ وإذا أعرضت عنه ألمحُ أنه يرفع إصبعه عالياً. وبعد أن عجز الجميع طلبت من هذا الصبي:

                          1- أن يقول الجملة وهو جالس في مكانه، وذلك لخوفي عليه إذا خرج ونظر إلى التلاميذ أن يصيبه البكم الاختياريمن شدة خجله وحساسيته، فقالها وهو جالس على كرسيه؛ فصفقت له، وإذا بي أنا الوحيد المصفق، وكأن التلاميذ لم يصدقوني، لأنه قالها بصوت خافت، علاوة على أن التلاميذ لم يلقوا له بالاً.

                          2- طلبت منه إعادتها مرة ثانية، ولكن أمرته بالوقوف في مكانه، مع رفع الصوت، وابتسمت في وجهه، وقلت له: أنت البطل، أنت أذكى من في الفصل
                          فقام وأعاد الجملة، ورفع صوته، فصفقت له أنا ومن حوله من التلاميذ، فقال الآخرون: قالها يا أستاذ! قلت نعم، لأنه ذكي .
                          - الآن وثقت من هذا التلميذ العجيب بعد أن حمسته، وشجعته، وظهر لي ذلك في نبرات صوته. فقلت: أخرج أمام السبورة، وقلها مرة أخرى، وأخذت أشحذ همته وشجاعته، أنت الذكي، أنت البطل، فخرج وقالها والجميع منصتون، ويستمعون في ذهول.

                          4- ثم طلب مني التلاميذ أن آمره بأن يعيدها لهم.. فرفضت طلبهم، وقلت لهم: اطلبوا أنتم منه. وهدفي من ذلك أولاً: أن أشعرهم أنه أحسن منهم، وأنه ذكي، وثانياً: حتى يثق هو بنفسه، وأن التلاميذ يخطبون وده، وأنه مهم بينهم، وثالثاً: أن الفهم الذي عنده ليس عند غيره، وأن التلعثم وتقطيع الكلام الذي كان يصيبه أصاب جميع زملائه في هذا الموقف.

                          5- وطلبوا منه الإعادة مرة أخرى، فأخذت بيده، وقلت لهم أتعبتموه وهو يعيد لكم وأنتم لا تحفظون، ولا تفهمون، لأنني على ثقة أنهم سيطلبون إعادتها منه مرات كثيرة، فتركت ذلك له حتى يزداد ثقة بنفسه.

                          6- دق جرس انتهاء الحصة، وجاء وقت النزول إلى فناء المدرسة للفسحة، فلم يخرجوا من الصف إلا بهذا الطالب معهم، وأخذوا ينادونه باسمه، وكوّنوا كوكبة تمشي وهو يمشي بينهم كأنه قائد، أو لاعب كرة يحمل الكأس، والفريق من حوله، فخرجت خلفهم، وشاهدت التلاميذ ينادون إخوانهم وأصدقاءهم في الصفوف العليا، ويجتمعون حول هذا الطالب النجيب وهو يعيد لهم، وهم يرددون خلفه، وهو يصحح لهم، وكثر أصدقاء هذا الولد وجلساؤه بعد أن كان نسياً منسياً، ووثق بنفسه
                          وفي هذا اليوم نفسه طلبت منه أن يعرض هذه الجملة على أبيه وأمه، وإخوته، وجميع معارفه، وأن يتحداهم بإعادتها، وما هو إلا أسبوع واحد وجاءت إجازة نصف العام، وهنا ينبغي التنويه إلى أن حفظ تلك العبارة جاء نتيجة الفهم لمعناها. إذ إن عدم إدراك مفهوم كل كلمة فيها سيجعل حفظها حفظاً ببغاوياً، وهو ما ليس ينشده التربويون.


                          وبعد الإجازة جاء والده إلى المدرسة، ولأول مرة أقابله، فقال: جزاك الله خيراً يا أستاذ، بارك الله لك في أولادك، جزاء ما فعلت مع ولدي، وقال: لقد سألني الأقارب الذين زارونا في الإجازة: من هو الطبيب الذي عالجت عنده ولدك، إذ كنا نعرفه يتهته في كلامه، خجولاً منطوياً على نفسه، والآن تحدى الكبار والصغار رجالاً ونساءً، وتحداهم بإعادة جملة صعبة، عجزنا نحن أن نرددها بعده، فقلت لهم إنه معلمه عوض الزايدي، جزاه الله خيراً.

                          واستمرت علاقتي بالأب حتى الآن، وأخذ يخبرني عن ولده، وأنه انطلق بعد هذه القصة العلاجية وحقق ما لم يكن متوقعاً أبداً:

                          1- حفظ القرآن الكريم حاملاً، وأصبح عضواً فاعلاً في نشاطات الجماعة ورحلاتها.

                          2- تخرج في الثانوية العامة القسم العلمي بامتياز، حيث حقق 96% في المجموع الكلي للدرجات.

                          3- التحق بالجامعة قسم الرياضيات، وفي كل سنة دراسية كان ينال الكثير من شهادات الشكر والثناء والتميز، حتى أنه تخرج بامتياز مع مرتبة شرف.

                          4- عُين معيداً في إحدى الكليات بجامعاتنا.. وعلمت أنه حصل على قبول للدراسات العليا في واحدة من أعرق الجامعات العالمية، ولا يزال المستقبل الواعد ينتظره بالكثير، خاصة أنه ذاق حلاوة تميزه.

                          هذا ... وإني لعلى يقين من أن أحداث هذه القصة الكبيرة جداً.. العظيمة أثراً لا تحتاج إلى تعليق، أو في حاجة إلى ثناء وتقدير للمعلم الذي هو بطلها، وفاعل حقيقي لأحداثها، وإني لأدعو الكُتَّاب إلى تلمس مثل هذه النجاحات وإبرازها، وعدم الإقلال من شأنها؛ لأن لها مردودها العظيم على الأجيال كلها، كما عرفنا. هكذا تكون التربية الناجعة، وهكذا المربي المحلق الناجح


                          الأعمال الكبيرة تحتاج إلى همم كبيرة، مع رغبة صادقة في التعامل مع المواقف بصدق وإخلاص
                          اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

                          تعليق


                          • #14
                            جزاكِ الله خيراً حبيبتنا وأستاذتنا الفاضلة / أم رودي ..

                            بارك الله فيكِ ..

                            قصة أكثر من رائعة .. ( بس وبعدين بئى .. هيا دي صفحة العياط ولا إيه ؟ )

                            وأجمل في هذه القصة أنها من واقع مجتمعنا ..

                            فأنا الآن أشعر بالفخر لهذا الولد الذي كان صغيراً .. وأصبح الآن رجلاً عظيماً ..


                            وأكثر ما يسعدني في القصة :

                            أن كان النجاح حليفاُ لأحد إخواني .. في الله .. بعد أن كان وضعه محزنا صغيراً ..


                            أما المعلم ..

                            فهذا المعلم لا يمكن لي ولا لغيري أن يوفيه حقه من الكلمات ..

                            جزاه الله خير الجزاء ..


                            تذكرت الآن .. أول معلم لي .. وكانت لي معه حكاية .. وأحداث .. من أروع الأحداث التي حدثت لي في حياتي ..


                            بل أروعها على الإطلاق ..


                            فقد جعل الله هذا المعلم سبباً في تغيير مسار حياتي 360 درجة ..




                            أستاذ إسماعيل ..


                            أرويها لكم .. لأهميتها بالنسبة لي ..


                            إن شاء الله قريباً ..
                            .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              جزاك الله خيرا حبيبتى ( أم رودى ) مشاركتك رقم 19 رائعة بجد .

                              والمدرس ما أروعه عندما يكون على وعى بسيكولوجية تلاميذه ويكون قادرا
                              على التعامل معهم ........... استفدت منها كثيرأ .

                              والأن نريد معرفة قصة أستاذ ( اسماعيل ) أين ( الشهيدة ) ................؟!

                              نحن ننتظر .................

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ 4 أسابيع
                              ردود 0
                              16 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 12 فبر, 2024, 07:30 م
                              ردود 0
                              18 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 5 ينا, 2023, 12:04 ص
                              ردود 0
                              54 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 3 سبت, 2022, 12:10 ص
                              ردود 0
                              20 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 4 أغس, 2022, 07:06 م
                              ردود 0
                              35 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              يعمل...
                              X