رحـلـة .. في أرجاء الأنـدلـس .. صور ، و ذكــريات .. (.. آه يـا ذكـرى ..)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

حاملة اللواء مسلمة اكتشف المزيد حول حاملة اللواء
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحـلـة .. في أرجاء الأنـدلـس .. صور ، و ذكــريات .. (.. آه يـا ذكـرى ..)




    الزمان:
    أوائل القرن الهجري السابع ، الموافق أوائل القرن الميلادي الثالث عشر.

    المكان:
    جنوب أسبانيا ، أو ما كان يُعرَف آنذاك بـ"الأندلس".

    الحدث: مُدُن الأندلس تتساقط واحدةً واحدة كما يسقُط الذباب ، أمام الملك النصراني "أذفنش" ، سقطت مُدُن الأندلس و لم يبقَ إلا إقليم غرناطة ، وحيداً ، يائساً.
    بهذا ، سقطت الأندلس فعلاً.


    رجلٌ اسمه صالح ابن يزيد ، يسمع الأخبار ، و يرى ما يجري.




    قبضةٌ من الألم تعتصر قلبه. أنفاسٌ ساخنة تُلهِب صدره. يقاوم العَبَرات ، يجاهدها ، يحاول أن يتجلّد. أخيراً نَجَح صالح في كبح دموعه. بدأت
    الأفكار و الذكريات تعمل عملها في عقله ، بينما يتذكر - بحسرة - ما حَصَل في شمال الأندلس. اندَفَعت الخيول عليها راكبوها حاملين الأخبار القاتمة
    لأهل الجنوب. فوضى ، و هَرَج. أخبارٌ بشعة ، لا يصدقها البعض ، و البعض قد شلّته تلك الأنباء.
    هل حقاً بدأت الأندلس في الزوال؟ هل سقطت قلاع الحضارة و الازدهار التي وصل صيتها إلى أرجاء الأرض؟ أحقٌّ ما يتناقله أهل البلد؟
    أصحيحةٌ تلك الفواجع التي ألقاها الفرسان القادمون بذعر من الشمال؟
    ملك النصارى يقتل المسلمين ، و يبيد حضارتهم ، و يسبي نساءهم ، و يحوّل مساجدهم كنائساً نصرانية؟
    لا! لا يمكن هذا! الأندلس لنا! عشنا فيها بأمانٍ و نعمة لم يُرَ مثلها! امتلكناها أكثر من 5 قرون! لا يمكن أن تسقط مدننا الشمّاء و حضارتنا المسلمة التي نَشَرت العدل و الإزدهار! لن تسقط بهذه السهولة!
    مستحيل!




    يقف صالح صامتاً ، مدافعاً عَبَراته ، يراقب الفرسان القادمين من الشمال ، و هم يركضون بخيولهم داخل مدينته ، مشدوهين ، مذهولين ، تشابهت قصصهم و أخبارهم.
    صالح لا يحتاج إلى تلك الأخبار ، فقد رآها بنفسه ، و نَزَح من الشمال بعد أن انكبت الفرنجة على المسلمين هناك تسومهم سوء العذاب. لكن الأمر بشع .. أبشع من أن يُصدَّق ، و رغم أن صالح عاشه ، فهو أقرب إلى أن يكون كابوساً مزعجاً و حلماً بشعاً. كثُر النازحون و حاملو الأخبار ، فرأى صالح أنّ كلهم عاشوا ما عاشه و علموا ما علمه.




    إذاً ليس حلماً .. إنه حقيقة! إنها الحقيقة المرة: لقد سقطت الأندلس!
    أندلسنا الحبيبة ، التهمها بنو الصليب! قتلوا ، و أفسدوا ، و اغتصبوا ، و نهبوا ، و كذلك يفعلون!
    جيوش المسلمين؟ خيولهم؟ أسلحتهم؟
    انهارت.
    سقطت.
    تشتتت.




    أُثيرت عويصفاتٌ ترابية صغيرة بسبب الخيول المندفعة بالأخبار القاتمة إلى المدينة.

    جرى جوادً جانب صالح ، و فارسه يقصد أهله و قبيلته لينبئّهم بالأخبار الشنيعة. أثارت حوافر الفرس الغبار بجانب صالح. و بينما ذرّات الغبار تموج
    في بعضها حول قدميه ، اخترقتها دمعةٌ ساخنة. لم يعُد صالح يصبر ، و انتصرت دموعه أخيراً ، فترك مُدافعتها ، و أطلق لها العنان تجري على خديه ، تنهمر
    انهماراً ، و الحسرة تأكل قلبه ، و الألم يمزق كيانه.




    الأندلس ، سقطت.

    الأندلس ، انهارت.

    الأندلس ، دُنِّسَت.


    يتذكر صالح صيحات الاستغاثة من المسلمات.
    يكاد صالح يرى أمام وجهه نظرات الرعب مرة أخرى ، و المرتسمة على أوجه الأطفال و هم يُساقون كالخراف للسبي.
    يوشك صالح أن يشم رائحة دماء أهل التوحيد و بنو الشرك و التثليث يريقونها كأنما يريقون السويق.
    يكاد يحس صالح بيدِ فارسٍ مسلم تقبض يده بقوة و هو يلفظ أنفاسة الأخيرة بعد أن دافع باستماتة عن عِرضه ، و دينه ، و بلده.




    و بينما أنفاس صالح تتأجج ، و قلبه يتمزّق ، و دموع حسرته لا يتوقف جريانها على خديه ، و هو يرى المعمعة ، و الرعب ، و الذعر ، و الأسى ؛
    أثناء هذا كله ، تتحول مشاعره المشحونة إلى أبياتٍ حزينة ، متألمة ، ثكلى ، قد كلّلتها الحسرة ، و تعلّقت بها الآلام.
    تتفجر قريحته بكل ألم الدنيا ، و أسى التاريخ كله ، بكل عفوية ، و من خلال عَبَراته الخانقة ، فيسطّر في سماء التاريخ إحدى أعظم المراثي ، و التي عرفها المسلمون بكنيته: أبو
    البقاء الرندي ، من "رندة" جنوب الأندلس ،
    فيقول مكلوماً ، أسِفاً ، باكياً:



    لكل شيء إذا ما تم نــقـصـان ***** فلا يغر بطيب العيش إنسان
    هي الأمور كما شاهدتها دولٌ ***** من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
    وهذه الدار لا تـبـقي على أحد ***** ولا يدوم على حال لها شانُ
    يمزق الدهر حتمًا كل سـابغـةٍ***** إذا نبت مشرفيات وخرصان
    وينتضي كل سيــف للفناء ولو ***** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
    أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ ***** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
    وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرمٍ ***** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
    وأين ما حازه قارون من ذهب ***** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
    أتى على الكل أمر لا مرد له***** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
    وصار ما كان من مُلك ومن مَلك ***** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
    دار الزمان على دارا وقاتله ***** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
    كأنما الصعب لم يسهل له سببُ ***** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
    فجائع الدهر أنواع منوعة ***** وللزمان مسرات وأحزانُ
    وللحوادث سلوان يسهلها ***** وما لما حل بالإسلام سلوانُ
    دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له ***** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
    أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ ***** حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
    فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ ***** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
    وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم ***** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
    وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ ***** ونهرها العذب فياض وملآنُ
    قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما ***** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
    تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ ***** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
    حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما ***** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
    حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ ***** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
    يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ ***** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
    وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ ***** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
    تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها ***** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
    يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً ***** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
    وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ ***** كأنها في ظلام النقع نيرانُ
    وراتعين وراء البحر في دعةٍ ***** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
    أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ ***** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
    كم يستغيث بنا المستضعفون وهم ***** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
    لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ ***** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
    ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ ***** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
    يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ ***** أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
    بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم ***** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
    فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ ***** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
    ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ ***** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
    يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما ***** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ



    ثم يستحضر أبو البقاء صورةً مؤلمة:


    وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ ***** إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
    يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً ***** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ



    و لا يصبر أبو البقاء على كل هذا الألم ، فينتحب كالثكلى ، و بكل أسف الدنيا ، بألمٍ لو قُسِّم على أهل الأرض لقتلهم غماً و كمداً ،
    و بحسرةٍ ، و نفسٍ فجيعة و فؤادٍ مطعون ، تصرخ دموعه بالبيت
    الخالد:



    لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ ***** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ



    نعم ، الأندلس تمزّقت ، و لا ينكر ذلك مُنكِر.
    سَقَطت ، بكل عظمتها ، و حُسنِها ، و نعيمها ، و بهجتها. جنة الأرض ، ذهبت.
    نعيمٌ يكذّبه أهل الأقطار البعيدة ، تلاشى و اندثر ، و لم يبقَ منه إلا "غرناطة" لتحكي المأساة لعقودٍ تَلَت ، ليأتي عليها الدور بعد أخواتها بقرابة ِقَرنين.



    كيف بدأت هذه المأساة؟



    لنُعد للوراء بضع قرون....


    بدأت القصة كلها عام 90هـ (708م)...

    مَلَك الأندلس رجلٌ يُدعى "رودريك" (أو "رودريجِز") ، و هو من سمّته العرب بـ"لذريق".
    كان "رودريك" هذا آخر ملوك الأندلس.
    سقطت الأندلس في عهده ، و أخذها منه المسلمون.
    هل تعلمون السبب في ذلك؟



    لم يضِع المُلك منه بسبب أخطاءٍ سياسية.


    و لم يتشتت عزّه بسبب أعداءٍ كثيرين و حسّاد.


    و لم يفقد دولته بسبب أنه طغى مثلاً و تجبر و ظَلَم لسنين و سنين.


    و ليس بسبب أنه أحمق ، مثلاً.


    هل تعلمون السبب في ضياع ملكه و تمزّق مملكته؟


    إنها نزوة. نزوةٌ عابرة.


    كان من شأن النصارى آنذاك في تلك الأقاليم أن يبلغ آبناؤهم الحلم فيزوّجوهم بعضهم ، فلما تماثَلَت ابنةٌ لحاكم منطقة الجزيرة الخضراء (مدينة في جنوب غرب إسبانيا) للبلوغ ، جهّزها والدها (واسمه "جوليان") للزواج ، و أرسلها إلى زوجها المستقبلي في مدينة طليطلة ، و التي كان بها دار المُلك ،
    في فورةِ رغبة ، تعدى "رودريك" عليها ونال منها ضد إرادتها ، فكتَبَت إلى والدها بذلك ، فبلغ منه الغضب مبلغاً عظيماً ، حتى لم يجد انتقاماً يشفي غليله أكثر من أن يأتي بشعبٍ آخر ليحتل بلاد "رودريك" و يستولي عليها ، و أقسم بآلهته لَيزيلنَّ مُلكَ "رودريك" : أرسل "جوليان" إلى موسى بن نصير (والي المغرب تحت الوليد بن عبد الملك) و استدعاه ، و أخذ العهد منه لنفسه و أصحابه و ما رغبوا أن يأمنوا ، ثم أغرى موسى بالأندلس ، و زيّنها له ، و أخبره بحُسنِها ، و هوّن شأن المقاتلة من رجالها ، و دعاه إلى غزوها ، فأرسل موسى بذلك إلى الوليد ، و وافق الوليد ، و أوصى موسى بالحذر من البحر ، و اختباره ، فأرسل موسى إلى طارق بن زياد (من البربر ، ضخم الجسد ، نشأ على الصلاح و الشجاعة) لينفّذ ذلك .
    جهّز طارق الجيش و السلاح ، و ركبوا البحر ، و حَمَلتهم الجواري إلى إسبانيا ، و بينما كان طارق نائماً أثناء إبحار السُفُن ، يروي لنا الرواة أنه غلبته عيناه ، فرأى النبي - صلى الله
    عليه و سلم - وحوله المهاجرون والأنصار قد تقلدوا السيوف، وتنكبوا القسى، فيقول له النبي: "يا طارق تقدم لشأنك" ، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدامه ، فهب من نومه مستبشراً وبشر أصحابه ولم يشك في الظفر.
    و كان ذلك أثناء انشغال "رودريك" بإخماد ثورة في الشمال ، فلما علم "رودريك" بذلك فزع و عظُم عليه ذلك ، فعاد مُسرعاً و بدأ في إعداد العدة لمواجهة العدو
    القادم من الجنوب.



    يروي التاريخ الإسلامي قصةً لعلها مرتبطة ببعض المنجمين ، فيقول الحميري عن "رودريك":


    "و لذريق لم يكن من أبناء الملوك ولا بصحيح النسب في القوط، وإنما نال الملك من طريق الغصب والتسور عندما مات غيطشة الملك وكان أثيراً لديه
    فاستصغر أولاده واستمال طائفةً من الرجال مالوا إليه فانتزع الملك من ولد غيطشة، وغيطشة آخر ملوك القوط بالأندلس، ولي سنة 77 من الهجرة فملك خمسة عشرة سنة.



    وكانت طليطلة دار المملكة بالأندلس حينئذٍ، وكان بها بيت مغلق متحامى الفتح يلزمه من ثقات القوط قوم قد وكلوا به لئلا يفتح، قد عهد الأول في ذلك إلى الآخر، كلما ملك منهم ملك زاد على البيت قفلاً، فلما ولي لذريق عزم على فتح الباب والاطلاع على ما في البيت، فأعظم ذلك أكابرهم، وتضرعوا إليه في الكف فأبى، وظن أنه بيت مالٍ، ففض الأقفال عنه ودخله فأصابه فارغاً لا شيء فيه إلا تابوتاً عليه قفل، فأمر بفتحه فألفاه أيضاً فارغاً ليس فيه إلا شقة مدرجة قد صورت فيها صور العرب على الخيول وعليهم العمائم، متقلدي السيوف،
    متنكبي القسي، رافعي الرايات على الرماح، وفي أعلاها كتابة بالعجمية فقرئت فإذا هي: إذا كسرت هذه الأقفال من هذا البيت وفتح هذا التابوت فظهر ما فيه
    من هذه الصور فإن الأمة المصورة فيه تغلب على الأندلس وتملكها، فوجم لذريق وعظم غمه وغم العجم وأمر برد الأقفال وإقرار الحراس على حالهم."



    و التقى المسلمون و النصارى ، و كان جيش طارق أغلبه من البربر ليس فيه من العرب إلا قليل ، و ذُكِر أن فيهم صحابيٌّ اسمه "المنيذر الإفريقي" ، و بعض التابعين ، و كان جيش "رودريك" ضخماً ، قوامه 100 ألف مقاتل ، ضد جيشٍ من البربر من 12 ألف مقاتل ، فيهم قليلٌ من العرب.


    و في معركةٍ فاصلة ، فتح المسلمون الأندلس ، و هزموا "رودريك" و جنوده ، و هرب "رودريك" فلم يُسمَع به بعد ذلك ، و قيل أنه غرق في النهر ، و سَقَطت المدن واحدةً واحدة ، فأخذوا مدينة Sevilla (إشبيلية) ، و Cordoba (قرطبة) ، و Toledo (طليطلة) ، و Granada (غرناطة) ، و Malaga (ملاقة) ، و جيّان (Jaen) ، و الكثير غيْرَهنّ ، و تمكن منهنَّ المسلمون.
    هذه خريطة لإسبانيا حالياً ، فتأملوا أسماء المدن أعلاه:






    و ينقل المسلمون روايات عجيبة عن الأندلس ، فقد ذكروا أن مما أخذه المسلمون منها مائدةً لنبي الله سليمان ، و وصفوا حُسنَها و عليها من الدر و الجوهر و الذهب الشئ العظيم ، و ذكروا أنها أُرسِلَت إلى ملك المسلمين آنذاك الوليد ابن عبد الملك قبل وفاته بقليل ، و كان طارق ابن زياد قد وجدها في كنيسة في طليطلة ، و ذَكَر الحميري أن أول ملوك إسبانيا (إسبان ابن تايتَس) قد أخذ المائدة من بيت المقدس بعد أن حَضَر فتحها مع الملك البابلي العظيم (عظيمٌ في شأنه ، حَقيرٌ في دينه و نفسه ، مجوسي خبيث) بختنصّر ، أو نبوخذنصر (Nebuchadnezzar) ، و كان ذلك قبل ميلاد عيسى بقرابة 600 سنة.
    بختنصّر هذا مَلَك الأرض ، و قتل اليهود ، و هَدَم الهيكل الأول ، و كان لم يُكَد يُرَ مُلكٌ كملكه ، لا من قبل و لا من بعد. و غير المائدة ، غنم المسلمون كثير من الأموال و الذهب ، و حملوا إلى دار المُلك قرابة 30 ألفا من السبي ، كلهنّ أبكار ، من بنات الأعيان و الملوك.



    و قيل أن الوليد مات قبل أن تصل إليه تلك النفائس ، و وَصَلت إلى خَلَفه سليمان بن عبدالملك ، و الذي تولى الملك بعده.
    و قال المقري أن مائدة سليمان الآن بروما ، و أقول: ربما تكون في خزائن الفاتيكان ، و الله أعلم.



    موضوع فرعي: الأمم التي استوطنت الأندلس



    ذكر مؤرّخو الإسلام أن أول من سَكَن الأندلس قومٌ يسمَّون الأندلش ، و كان هذا بعد الطوفان الذي أهلك قوم نوح ، و غير العرب تسميتها فأحالوا الشين سيناً ، و كان هؤلاء القوم أهل سوء و فسق ، فأفسدوا في الأرض و ظَهَر خُبثُهم ، فانقلب حال بلادهم إلى القحط و الضيق و الضنك ، و جفّت العيون و انقطع المطر و أجدبت الأرض ، حتى هلك منهم
    ما لا يُحصى ، و فرّ من بقي (و هم قليل) ، فخَلَت الأندلس و ظلت على هذا الحال قرابة قرن في بعض الروايات ، حتى كان أنْ ضاق الحال بأهل أفريقيا ،
    فحمل مَلِكهم جماعةً من قومه إلى الأندلس ، ليخف عدد الأفارقة و يخف الضيق عليهم ، فلما وصلوا فوجئوا أنها انفجرت أنهاراً و عيوناً ، غير ما عُرِفَ عنها ، و اخضرّت و أخصبت ، فسرّهم ذلك و نزلوها ، و دام ملكهم زمناً ثم اندثروا و بادوا ، فأتى مكانهم الروم من إيطاليا و سكنوها ، و سُمِّيَت باسم ملكهم الأول هناك إسبان ابن تايتَس ، أو طيطس ، و كان إسبان هذا هو
    الذي بنى "إشبيلية".



    يروي الرواة قصةً تُنسَب إلى الخضر عليه السلام ، و لا أدري عن صحتها ، فقد تكون موضوعة أو صحيحة ، إذ يروي "المقري" في كتاب "نفح الطيب من غصن
    الأندلس الرطيب" عن ابن حيان في "المقتبس" ، فيقول:



    "ذكر رواة العجم أن الخضر عليه السلام وقف بإشبان المذكور وهو يحرث الأرض بفدنٍ له أيام حراثته، فقال له: يا إشبان، إنّك لذو شانٍ، وسوف يحظيك
    زمانٌ، ويعليك سلطانٌ، فإذا أنت غلبت على إيليا فارفق بذرية الأنبياء، فقال له إشبان: أساخرٌ رحمك الله؟ أنّى يكون هذا مني وأنا ضعيفٌ ممتهنٌ حقيرٌ فقيرٌ ليس مثلي ينال السلطان؟
    فقال له: قد قدّر ذلك فيك من قدّر في عصاك اليابسة ما تراه، فنظر إشبان إلى عصاه، فإذا بها قد أورقت، فريع لما رأى من الآية، وذهب الخضر عنه، وقد وقع الكلام بخلده، ووقرت في نفسه الثقة بكونه، فترك الامتهان من وقته، وداخل الناس، وصحب أهل البأس منهم، وسما به جدّه فارتقى في طلب السلطان حتى أدرك منه عظيماً، وكان منه ما كان.
    ثم أتى عليه ما أتى على القرون قبله، وكان ملكه كلّه عشرين سنةً، وتمادى ملك الإشبانيين بعده إلى أن ملك منهم الأندلس خمسة وخمسون ملكاً."



    توالت دولٌ و أمم على مُلك الأندلس ، إلى أن أتت أمة الجوث ، و هم من سماهم العرب "القوط" (Goth بالإنجليزي ، و تلك الطائفة الإسبانية تحديداً اسمها Visigoth).
    كان القوط هؤلاء هم آخر قوم سكنوا الأندلس قبل أن يفتحها المسلمون.
    لم يندثروا تماماً بعد الفتح ، و كانوا بالجوار ، و أخذوا الأندلس منا لاحقاً ، و إنا لله و إنا إليه راجعون.




    عصر الإسلام ، و صِفة الأندلس


    بعد النصر الكبير ، شيّد المسلمون المساجد في الأندلس ، و نشروا نور الإسلام ، و أقاموا العدل و الحق ، كما فعلوا في أي قطرٍ فتحه الإسلام ، و ظل هذا حال الأندلس.


    لكن ، شيئاً فشيئاً ، ساعدت عوامل الأندلس على قيام حضارة إسلامية جديدة ، لم يصنع المسلمون مثلها سابقاً.
    كانت الأندلس مرتعاً خصباً لقيام الحضارة.
    كانت تبعث على الحياة و البهجة ، فكل شئٍ فيها كان طيباً كريماً.
    وَصَفها "الحميري" في كتاب "صفة جزيرة الأندلس" فقال:



    "والأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جبايتها، صينية في جواهر معادنها، عدنية في منافع سواحلها؛ وفيها آثار عظيمة لليونانيين أهل الحكمة وحاملي الفلسفة..."



    و نقل المقري عنها من كلام غيره من عجيب حُسنِها ، فقال:

    "وقال الوزير لسان الدين بن الخطيب - رحمه الله تعالى - في بعض كلامٍ له أجرى فيه ذكر البلاد الأندلسية، أعادها الله تعالى للإسلام ببركة المصطفى
    عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام، ما نصّه: خصّ الله تعالى بلاد الأندلس من الرّيع وغدق السّقيا، ولذاذة الأقوات، وفراهة الحيوان، ودرور الفواكه، وكثرة المياه، وتبحر العمران، وجودة اللباس، وشرف الآنية، وكثرة السلاح، وصحّة الهواء، وابيضاض ألوان الإنسان، ونبل الأذهان، وقبول الصنائع، وشهامة الطباع، ونفوذ الإدراك، وإحكام التمدّن والاعتمار، بما حرمه الكثير من الأقطار ممّا سواها.



    قال أبو عامرٍ السالمي، في كتابه المسمى "بدرر القلائد وغرر الفوائد":
    الأندلس من الإقليم الشامي، وهو خير الأقاليم، وأعدلها هواءً وتراباً، وأعذبها ماءً وأطيبها هواءً وحيواناً ونباتاً، وهو أوسط الأقاليم، وخير الأمور أوسطها."



    و ليس البلاد فقط ، بل قد جَرَت الألسن بفضل أهل الأندلس ، و جمعهم لشتى الفضائل و أكملها ، فقال صاحب "نفح الطيب" فيهم:


    "ثم قال صاحب الفرحة: وأهل الأندلس عرب في الأنساب والعزة والأنفة وعلو الهمم وفصاحة الألسن وطيب النفوس وإباء الضيم وقلة احتمال الذل والسماحة بما في أيديهم والنزاهة عن الخضوع وإتيان الدنية، هنديون في إفراط عنايتهم بالعلوم وحبهم فيها وضبطهم لها وروايتهم، بغداديون في ظرفهم ونظافتهم ورقة أخلاقهم ونباهتهم وذكائهم وحسن نظرهم وجودة قرائحهم ولطافة أذهانهم وحدة أفكارهم ونفوذ خواطرهم، يونانيون في استنباطهم للمياه ومعاناتهم لضروب الغراسات واختيارهم لأجناس الفواكه وتدبيرهم لتركيب الشجر وتحسينهم للبساتين بأنواع الخضر وصنوف الزهر، فهم أحكم الناس لأسباب الفلاحة، ومنهم ابن بصال صاحب "كتاب الفلاحة" الذي شهدت له التجربة بفضله، وهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال ومقاساة النصب في تحسين الصنائع وأحذق الناس بالفروسية، وأبصرهم بالطعن والضرب."



    و قد قيل أنهم أنظف خلق الله ، يكادون يُبالغون في ذلك ، حتى أنه يكون المقل منهم جائعاً ، فيعطيه الله قوت يومه ، فيطوي سائر يومه و يبتاع بماله ذاك صابوناً يتنظف به.
    وكان فيهم ظرافة ، و فكاهة ، و كانوا أشبه في زيّهم و سلاحهم بالنصارى ، و كان كثيرٌ منهم لا يعتمّ ، و إذا رأوا مسلماً أتى من الشرق متعمماً و هيئته كهيئة العرب تعجبوا من ذلك و أشاروا إليه.



    أماالسبب الحقيقي لسقوط الأندلس ، فكما يلي:
    ظلت الأندلس على خيرٍ وفير ردحاً من الزمن ، إلا أنه لا يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها ، و حيث أن طارق ابن زياد و جيشه كانوا أهل صلاحٍ و تقوى و إيمان ، مؤثرين الآخرة على الدنيا ، فلم يكن خَلَفُهم كذلك ، بل كثر العشق و التعشق ، و الموسيقى و التغني بها ، و الإنشاد في المدام و التشهي على كل ما حسُنت صورته ، إناثاً و ذكوراً ، و لم يتشبهوا بسيرة رسول الله ، و لا بسيرة عمر ، فضعف أمرهم ، و تشتتوا ،
    و ظَهَر ملوك الطوائف: ملكٌ لكل إقليم ، يتناوشون و يتقاتلون ، كل ذلك و النصارى يحشدون و ينشدون الثأر ، بل إن أحد الملوك هؤلاء (المعتمد ابن عباد) عاون ملك النصارى "ألفونسو" على اجتياح بلد أخيه من أمه و أبيه ، لنزاعٍ سياسي تافه ، سامحه الله ، و أدرك خطأه لاحقاً و عوض عنه بأن استعان بمجموعة من مسلمي المغرب ، بقيادة يوسف ابن تاشفين ، فهزم النصارى شر هزيمة و لله الحمد ، لكن لم يدم الحال هكذا ، و بقيت الفرقة و البعد عن الله ، و انشغل الناس بالدنيا ، فكان لزاماً أن تسقط الأندلس ،
    و هل في ذلك شك؟
    منذ متى و نحن أمة حضارة و عز؟
    بل عِزُّنا بالإسلام و أصوله و فروعه ، فمتى ما تركنا ذلك أُذلِلنا ، و الأندلس خير شاهد ، بل إن حالنا اليوم خيرٌ شاهداً مِن ذلك.



    أما مُدُن الأندلس ، فكنَّ - من ناحيةٍ دنوية بحتة - جناناً في الأرض ، و لنرَ بعض أخبار مُدُنها:



    غرناطة (و في بعض اللفظات "أغرناطة")



    تَقَع على بُعد 430 كيلومتراً (تقريباً) جنوب العاصمة الحالية مدريد ، و تعني بلغتها الأصلية "الرمّانة" ،
    روى المقري نقلاً عن الشقندي في "نفح الطيب" عنها:
    "أما غرناطة فإنها دمشق بلاد الأندلس، ومسرح الأبصار، ومطمح الأنفس، ولم تخل من أشرافٍ أماثلٍ، وعلماءٍ أكابرٍ، وشعراءٍ أفاضلٍ، انتهى؛ ولو لم يكن لها إلى ما خصّها الله تعالى به من المرج الطويل العريض ونهر شنيل لكفاها" ،
    و قد تغنّى بها المفتتنون ، فقال أحدهم:




    غـرناطة ما لها نظيرٌ...................... ما مصر ما الشام ما العراق؟
    ما هي إلا العروس تجلى...................... وتلك من جمـلة الصّداق

    و كان في غرناطة وادٍ حَسَن ، حوله البساتين و الأنهار ، يُسمّى وادي الأشات (أو وادي آش) و ساكنوه أهل شِعرٍ و أدب ، و أنشد أحد شعرائه في حُسنه:
    وادي الأشات يهيج وجدي كلّما...................أذكرت ما قضّت بك النعمـاء
    لله ظلّك والهجـير مـسـلّـطٌ..........................قد برّدت لفـحـاتـه الأنـداء
    والشمس ترغب أن تفوز بلحظةٍ ................منه فتطرف طرفهـا الأفـياء
    والنهر يبسم بالحبـاب كـأنّـه.......................سلخٌ نضتـه حـيّةٌ رقـشـاء
    فلذاك تحذره الغصون فميلهـا.....................أبداً على جـنـبـاتـه إيمـاء




    [صورة حالية للوادي]


    و ذَكَر المقري أمراً غريباً في شأن الأندلس ، فقال أن هناك شجرتين عظيمتين ، إحداهما في وادي آش و الأخرى في طرف غرناطة ، في جوفِ كلٍّ منهما خياطٌ يحيك الثياب ، و أقول: لعلهما اتّخذا ذَيْنِكَ المكانين مركزين لتجارتهما من باب توفير الإيجار (!).

    و قبل غرناطة ، كان هناك مدينة تسمى "إلبيرة" ، بينهما قرابة 5،9 كيلومتر ، فلما أفسدتها الفِتَن انتقل الناس إلى غرناطة.
    و كان في غرناطة جبلٌ يًسمّى "جبل الثلج" ، و كان من شأنه أنه لا يفارقه الثلج صيفاً و لا شتاءاً.


    قبل سقوط غرناطة التام (و كانت هي آخر معاقل الإسلام) بربع قرن ، كانت على وشك أن تُجتاح من قِبَل النصارى ، فاستنجد أهلها ببني الأحمر في شمال أفريقيا ، فأغاثهم الحاكم الشجاع المجاهد الصالح يوسف بن نصر (رحمه الله و غفر له) ، و بعد استقرار الأمور ، بَحَث بنو الأحمر عن مكان في غرناطة يضعون فيه قصر حكمهم ، و اختاروا منطقة الحمراء شمال شرق غرناطة ، و وضعوا فيه قصرهم ، و كانوا يديرون منه شؤون الناس ، و كان أعجوبةً إسلامية ، و تحفةً فنية لا تزال تدهش الناظر.
    هذا القصر لا زال موجوداً إلى اليوم ،
    و هذه صورة له:



    صورة من الحديقة:



    صورة خارجية للأعمدة:



    صورة أخرى لها:



    صورة للفناء و النافورة:



    ساحة الأسود ، و هي جزء من قصر الحمراء:



    صورة أخرى للنافورة و هي تعمل:



    من هذه الغرفة ، أُديرَت شؤون البلاد:



    سَقَطت غرناطة عام 1492 ميلادي ، و حوّل النصارى مساجدها إلى كنائس ، و ظلّت غرناطة بلا مساجد لقرونٍ طويلة ، إلى أن افتُتِحَ مسجدٌ عام 1424 الموافق 2003 و لله الحمد و المنة، و ارتفع أذان التوحيد لأول مرة بعد أن أنتنت البلاد برائحة الشرك لأكثر من 5 قرون:



    قرطبة

    فَتَحها مغيث بن الحارث تحت إمرة طارق ، بها الجامع المعروف ، و بنى فيها المسلمون جسراً عظيماً على النهر ، بأمرٍ من عمر بن عبد العزيز ، و كانت أرض علمٍ و فقه ، و منها خَرَج العالم الكبير أبو عبد الله القرطبي ، صاحب التفسير الشهير "الجامع لأحكام القرآن" ، و كانت عاصمة الدولة الأموية بقيادة عبد الرحمن الداخل و التي قامت أثناء وجود الدولة العباسية .
    قال فيها أحد علماء الأندلس:


    بأربعٍ فاقت الأمصـار قـرطــبـةٌ...................منهنّ قنطرة الوادي، وجامـعـها
    هاتان ثنتان، والزهراء ثـالـثةٌ..................والعلم أعظم شيءٍ، وهو رابعها


    يقول عنها الحجاري في "المسهب":
    "كانت مركز الكرماء، ومعدن العلماء، وهي من الأندلس بمنزلة الرأس من الجسد، ونهرها من أحسن الأنهار، مكتنفٌ بديباج المروج مطرزٌ بالأزهار، تصدح في جنباته الأطيار، وتنعر النواعير ويبسم النّوّار، وقرطاها الزاهرة والزهراء، حاضرتا الملك وأفقا النعماء والسرّاء" ،
    و تكلم عنها الحميري في "صفة جزيرة الأندلس فقال:
    "قاعدة الأندلس، أم مدائنها ومستقر خلافة الأمويين بها، وآثارهم بها ظاهرة، وفضائل قرطبة ومناقب خلفائها أشهر من أن تذكر؛ وهم أعلام البلاد، وأعيان الناس؛ اشتهروا بصحة المذهب، وطيب المكسب، وحسن الزي، وعلو الهمة، وجميل الأخلاق؛ وكان فيها أعلام العلماء، وسادة الفضلاء؛ وتجارها مياسير، وأحوالهم واسعة..."


    لما تميّزَت بعض مُدُن الأندلس بالطبيعة و الخضرة ، كانت قرطبة مدينةً حضارية كبيرة.
    سأل أحد سلاطين الأندلس ، و اسمه يوسف بن عبد المؤمن ، أديباً و مؤرخاً لهم ، يُدعى موسى بن سعيد العنسي ،
    فقال: ما عندك في قرطبة؟
    قال له: ما كان لي أن أتكلّم حتى أسمع مذهب أمير المؤمنين فيها،
    فقال السلطان: إن ملوك بني أمية حين اتخذوها حضرة مملكتهم لعلى بصيرةٍ، الديار المنفسحة الكثيرة، والشوارع المتسعة، والمباني الضخمة المشيدة، والنهر الجاري، والهواء المعتدل، والخارج الناضر، والمحرث العظيم، والشّعراء الكافية، والتوسط بين شرق الأندلس وغربها،
    قال: فقلت: ما أبقى لي أمير المؤمنين ما أقول.


    و في قرطبة شُيِّدَ أحد أشهر المساجد في تاريخ الإسلام ، و هو الجامع الكبير ، و ذلك في عهد عبد الرحمن الداخل.
    كان هذا صرحاً معمارياً بديعاً يخلب اللب و يأسر الفؤاد.
    قال الحميري فيه:
    "...وفيها المسجد الجامع المشهور أمره، الشائع ذكره؛ من أجل مصانع الدنيا كبر مساحةٍ، وأحكام صنعةٍ، وجمال هيئةٍ، وإتقان بنيةٍ؛ تهمم به الخلفاء المروانيون، فزادوا فيه زيادةً بعد زيادة، وتتميماً إثر تتميم، حتى بلغ الغاية في الإتقان، فصار يحار فيه الطرف، ويعجز عن حسنه الوصف؛ فليس في مساجد المسلمين مثله تنميقاً وطولاً وعرضاً..."


    صورة من داخل المسجد:



    صورة أخرى للنقوش:



    تأمل
    المسجد...



    أما عبد الرحمن الداخل ، فقصته من أعجب القصص:
    هو حفيد هشام بن عبد الملك ، الخليفة الأموي.
    لما قامت الدولة العباسية ، طغَت و بَغَت و قَتَلت الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم من بني أمية ، فكان من المُستهدفين عبد الرحمن بن معاوية (المعروف بالـ"داخل") ، ففر و أهله إلى
    قريةٍ على نهر الفرات ، و يروي بداية هذه القصة التاريخية العجيبة فيقول: "
    إني لجالس يوماً في تلك القرية في ظلمة بيت تواريت فيه لرمدٍ كان بي، وابني سليمان بكر ولدي يلعب قدّامي، وهو يومئذٍ ابن أربع سنينٍ أو نحوها، إذ دخل الصبي من باب البيت فازعاً باكياً فأهوى إلى حجري، فجعلت أدفعه إلى ما كان بي ويأبى إلا التعلق، وهو دهشٌ يقول ما يقوله الصبيان عند الفزع، فخرجت لأنظر، فإذا بالروع قد نزل بالقرية، ونظرت فإذا بالرايات السود عليها منحطة، وأخٍ لي حديث السن كان معي يشتد هارباً ويقول لي: النجاء يا أخي، فهذه رايات المسودة، فضربت بيدي على دنانير تناولتها، ونجوت بنفسي والصبي أخي معي، وأعلمت أخواتي بمتوجهي و مكان مقصدي، وأمرتهن أن يلحقنني ومولاي بدر معهن، وخرجت فكمنت في موضع ناء عن القرية، فما كان إلا ساعةً حتى أقبلت الخيل فأحاطت بالدار، فلم تجد أثراً ومضيت ولحقني بدر، فأتيت رجلاً من معارفي بشط الفرات، فأمرته أن يبتاع لي دواب وما يصلح لسفري، فدلّ علي عبد سوء له العامل، فما راعنا إلا جلبة الخيل تحفزنا فاشتددنا في الهرب،
    فسبقناها إلى الفرات، فرمينا فيه بأنفسنا،
    والخيل تنادينا من الشط: ارجعا لا بأس عليكما،
    فسبحت حاثاً لنفسي وكنت أحسن السبح، وسبح الغلام أخي، فلما قطعنا نصف الفرات قصر أخي ودهش، فالتفت إليه لأقوي من قلبه، وإذا هو قد
    أصغى إليهم وهم يخدعونه عن نفسه،
    فناديته: تقتل يا أخي، إلي إلي،
    فلم يسمعني، وإذا هو قد اغتر بأمانهم، وخشي الغرق، فاستعجل الانقلاب نحوهم، وقطعت أنا الفرات، وبعضهم قد هم بالتجرد للسباحة في أثري، فاستكفه أصحابه عن ذلك، فتركوني، ثم قدموا الصبي أخي الذي صار إليهم بالأمان فضربوا عنقه، ومضوا برأسه وأنا أنظر إليه وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فاحتملت فيه ثكلاً ملأني مخافةً، ومضيت إلى وجهي أحسب أني طائر وأنا ساعٍ على قدمي، فلجأت إلى غيضةٍ أشبة، فتورايت فيها حتى انقطع الطلب، ثم خرجت أؤم المغرب حتى وصلت إلى إفريقية."


    توالت الأحداث منذ ذاك ، إلى أن دخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلس و كبر شأنه فيها ، فمَلَك قرطبة و فتح مُدناً حولها ، و أقام دولةً أموية نافَسَت الدولة العباسية في بغداد ، فسبحان الله ، تحول من طريدٍ يائس إلى ملكٍ عظيم الشأن ،
    و يصفه المقري نقلاً عن ابن حيان فيقول:
    "كان عبد الرحمن راجح الحلم، فاسح العلم، ثاقب الفهم، كثير الحزم، نافذ العزم، بريئاً من العجز، سريع النهضة متصل الحركة، لايخلد إلى راحة، ولايسكن إلى دعة، ولايكل الأمور
    إلى غيره، ثم لا ينفرد في إبرامها برأيهم شجاعاً مقداماً، بعيد الغور شديد الحدة قليل الطمأنينة بليغاً مفهوماً شاعراً محسناً سمحاً سخياً طلق اللسان، وكان يلبس البياض ويعتم به ويؤثره، وكان قد أعطي هيبة من وليه وعدوه، وكان يحضر الجنائز، ويصلي عليها، ويصلي بالناس إذا كان حاضراً الجمع والأعياد، ويخطب على المنبر، ويعود المرضى، ويكثر مباشرة الناس والمشي
    بينهم، إلى أن حضر في يوم جنازة فتصدى له في منصرفه عنها رجل متظلم عامي وقاح ذو عارضة ،
    فقال له: أصلح الله الأمير، إن قاضيك ظلمني وأنا أستجيرك من الظلم،
    فقال له: تنصف إن صدقت،
    فمد الرجل يده إلى عنانه وقال: أيها الأمير أسالك بالله لما برحت من مكانك حتى تأمر قاضيك بإنصافي فإنه معك، فوجم الأمير والتفت إلى من حوله من حشمه، فرآهم قليلاً، ودعا بالقاضي وأمر بإنصافه، فلما عاد إلى قصره كلمه بعض رجاله ممن كان يكره خروجه وابتذاله فيما جرى،
    فقال له: إن هذا الخروج الكثير- أبقى الله تعالى الأمير- لا يجمل بالسلطان العزيز، وإن عيون العامة تخلق تجلته، ولا تؤمن بوادرهم عليه، فليس الناس كما عهدوا، فترك من يومئذ شهود الجنائز وحضور المحافل، ووكل بذلك ولده هشاماً."


    و كان عبد الرحمن الداخل أفصح الناس ، و ما كان من أبناء و أحفاد مروان أفصح منه ،
    و مما يُنقَل في ذلك:
    "مثل بين يديه رجلٌ من جند قنسرين يستجديه
    فقال له: يا ابن الخلائف الراشدين، والسادة الأكرمين، إليك فررت وبك عذت من زمنٍ ظلومٍ ودهرٍ غشومٍ، قلّل المال وكثر العيال وشعث الحال فصير إلى نداك المآل، وأنت ولي الحمد والمجد والمرجو للرفد،
    فقال له عبد الرحمن مسرعاً:
    قد سمعنا مقالتك وقضينا حاجتك، وأمرنا بعونك على دهرك، على كرهنا لسوء مقامك، فلا تعودن ولا سواك لمثله من إراقة ماء وجهك بتصريح المسألة والإلحاف في الطلبة، وإذا ألم بك خطب أو حزبك أمر فارفعه إلينا في رقعة لا تعدوك، كيما نستر عليك خلتك، ونكف شمات العدو عنك، بعد رفعك لها إلى مالكك ومالكنا عز وجهه بإخلاص الدعاء وصدق النية، وأمر له بجائزة حسنة، وخرج الناس يتعجبون منه من حسن منطقه وبراعة أدبه، وكف فيما بعد ذوو الحاجات عن مقابلته بها شفاهاً في مجلسه."


    و لكن رغم الصفات الحسناء أعلاه ، فلم يكن عبد الرحمن الداخل يمتلك حلم معاوية أو لين عثمان ،
    و قد روي في شأن حزمه و صرامته:
    "ولما فتح الداخل سرقسطة، وحصل في يده ثائرها الحسين الأنصاري، وشدخت رؤوس وجوهها بالعمد ، وانتهى نصره فيها إلى غاية أمله، أقبل خواصه يهنئونه، فجرى بينهم أحد من لا
    يؤبه به من الجند، فهنأه بصوت عال،
    فقال الداخل: والله لولا أن هذا اليوم يوم أسبغ علي فيه النعمة من هو فوقي فأوجب علي ذلك أن أنعم فيه على من هو دوني لأصلينك ما تعرضت له من سوء النكال، من تكون حتى تقبل مهنئاً رافعاً صوتك غير متلجلج ولا متهيب لمكان الإمارة ولا عارف بقيمتها حتى كأنك تخاطب أباك أو أخاك ؟
    وإن جهلك ليحملك على العود لمثلها، فلا تجد مثل هذا الشافع في مثلها من عقوبة،
    فقال : ولعل فتوحات الأمير يقترن اتصالها باتصال جهلي وذنوبي، فتشفع لي متى أتيت بمثل هذه الزلة، لا أعدمنيه الله تعالى، فتهلل وجه الأمير،
    وقال: ليس هذا باعتذار جاهل،
    ثم قال: نبهونا على أنفسكم، إذا لم تجدوا من ينبهنا عليها، ورفع مرتبته، وزاد في عطائه."


    إشبيلية

    إحدى أعظم مُدُن الأندلس ، قيل أن من بناها هو الامبراطور يوليوس قيصر ، و ذلك لما وَصَلها و أعجبته طبيعتها (و الله أعلم) ، و فيها نهرٌ عظيم ،
    و قد قال أحد الشعراء في نهرها:


    شقّ النسيم عليه جيب قميصـه.....فانساب من شطيّه يطلب ثاره
    فتضاحكت ورق الحمام بدوحها.....هزءاً فضمّ من الحياء إزاره


    و في أحد أقاليم إشبيلية ، في إحدى الحمامات ، كانت هناك صورة لجارية من مرمرٍ معها صبي ، وكأن حيّةً تريده ، لم يسمع في الأخبار ولا رثي في الآثار صورةٌ أبدع منها ، جعلت في بعض الحمامات وتعشّقها جماعةٌ من العوام.


    و كانت إشبيلية معتدلة الهواء ، حسناء الماء ، و أهلها مياسير ذوو أموالٍ عظيمة ، و تجارتهم الزيت ، وسكنت فيها أعدادٌ كبيرة من النصارى ، و كانت قبلة دينية لهم منذ أن سَكَنها القوط ، و تسامح المسلمون مع النصارى ، فسَكَن الاثنان في دعة ، و أسلمت جموعٌ من النصارى ، و تناكح المسلمون و النصارى ، فتزوج الفاتحون النصرانيات الإسبانيات ، و نَتَج جيلٌ من مسلمي
    إسبانيا سُمّوا "المولدين" ، و صاروا هم عامة سكان إشبيلية لاحقاً.
    و في عهد عبدالرحمن الداخل ، في منتصف القرن الهجري الثاني ، استحالت إشبيلية إلى إحدى بؤَر الحضارة ، و استَلَمها الأمويون من بعده فحافطوا على التراث الحضاري بل زادوا فيه من المباني و أوجه الحضارة.


    مضيق جبل طارق الذي عبره المسلمون:





    برج الذهب ، و بالإسبانية يُسمى هذا الصرح "Torre del Oro" ، بناه الموحدون كجزء من قلعة إشبيلية لصد هجمات النصارى ، و لم يدُم ذلك طويلاً ، فسقطت إشبيلية بعد ذلك بقرابة ربع قرن:



    منارة "لا جيرالدا" ، "La Giralda" بالإسبانية ، إحدى أجمل أبنية إشبيلية ، كانت منارةً عظيمة شاهقة ، و كانت برج مراقبة لا يُقدّر بثمن ، و لما هم النصارى بالاستيلاء على إشبيلية بقيادة ألفونسو ، أراد المسلمون أن يدمروا المنارة لكي لا ينتفع بها النصارى في حروبهم ، فهددهم ألفونسو بالقتل ،
    فلم يفعلوا:




    طليطلة

    مدينة عريقة تقع في مركز الأندلس ، استولى عليها الرومان عام 193 قبل الميلاد ، و بينها و المدن الأخرى مسافاتٌ متساوية تقريباً ، عظيمة الشأن ، هي التي وجد فيها "رودريك" (لذريق) التابوت ذو النبوءة (كما ورد في البداية) ، و دخلها جمعٌ عظيم من الملوك حتى سُمّيَت "مدينة الأملاك" ، كان منهم - كما يُنقَل - يوليوس قيصر ، و النبي سليمان ،
    و عيسى (عليهما السلام) ، و ذو القرنين ، و فيها وجد طارق بن زياد ما زُعِمَ أنها مائدة سليمان و التي منحها الملك البابلي العظيم بختنصّر لأشبان ، مؤسس إسبانيا قبل قرونٍ بعيدة جداً.


    و عندما فتح طارق طليطلة ، وجد فيها من الكنوز الشيء العظيم ، فكان من ذلك مائة وسبعون تاجاً من الدر والياقوت والأحجار الكريمة ، و وجد حوضاً ضخماً مصنوعاً من الذهب ، حتى لأن الخيل تمرح فيه من ضخامته ، و قد امتلأ بأواني الذهب و الفضة و النفيس من المواد ، و كان لا يصدقه عقل.

    كانت طليطلة - كالكثير من مُدُن الأندلس - جنة ، امتلأت أنهاراً و بساتيناً و رياضاً و خضرة ، و كانت (بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط الأندلس) عاصمة القوط (الإسبان النصارى قبل إتيان المسلمين).

    أبو عبد الله الصغير ، آخر ملوك الأندلس .. عندما سقطت غرناطة ، قالت له أمه "إبكِ كالنساء ملكاً لم تحفظه مثل الرجال".




    الكنيسة الكبرى .. و التي كانت من أكبر مساجد الجمعة في تاريخ الإسلام:



    تابع إن شاء الله

    روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
    وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.




  • #2

    نُبذة مختصرة لخط زمن أحداثٍ مهمة في الأندلس:
    90 هـ (709 م):
    "جوليان" ، أمير أحد أقاليم إسبانيا ، يقرر الانتقام من ملك النصارى الإسبان "رودريك" لتعدّيه على ابنته.

    91 هـ (710 م):
    بعد إقناع "جوليان" لموسى بن نصير بفتح الأندلس ، يرسل موسى سريةً تغنم و تهزم بعض النصارى.
    قائد السرية اسمه "طريف"
    و المدينة التي فتحها لا تزال تحمل اسمه إلى اليوم: Tarifa في جنوب إسبانيا.

    92 هـ ( 711 م):
    الفتح الكبير:
    طارق بن زياد يدخل الأندلس ، و يفتح مُدُنها واحدةً واحدة ، حتى أتت معركته الكُبرى مع "رودريك" و التي هَزَم فيها المسلمون (12 ألفاً) النصارى (100 ألفاً).

    113 هـ (732 م):
    مسلمو الأندلس (بقيادة عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي) يغزون فرنسا و يهزمهم "تشارلز مارتيل" (و يعني اسمه "تشارلز المطرقة") هزيمةً ساحقة ، و تتم استعادة الأراضي التي استولوا عليها و طرد المسلمين من فرنسا.

    138 هـ (755 م):
    بداية مُلك عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، و الذي سُمِّيَ "عبد الرحمن الداخل" ، و كان مُلكه أثناء مُلك أبي جعفر المنصور ، و سماه أبو جعفر "صقر قريش" لِما رآه من " أنه فعل بالأندلس ما فعل، وما ركب إليها من الأخطار، وأنّه نهد إليها من أنأى ديار المشرق من غير عصابة ولا أنصار، فغلب أهلها على أمرهم، وتناول الملك من أيديهم بقوّة شكيمة، ومضاء عزم حتى انقاد له الأمر" كما أورَدَ المقري.

    422 هـ (1031 م):
    هشام بن محمد ، و الملقب بالمعتد بالله ، يُخلَع من المُلك ، مما ينهي مُلك بني أمية للأندلس ، و هو مُلكٌ دام أكثر من 3 قرون.
    كانت دولة بني أمية عاملاً موحّداً للمسلمين فلما سَقَطت ، كان ذلك إيذاناً بسقوط الأندلس.
    بعد انقضاء الدولة ، ظَهَر ملوك الطوائف.

    479 هـ (1086 م):
    معركة الزلاقة العظيمة:
    بعد طُغيان ملك النصارى ألفونسو و استيلائه على طليطلة ، استنجد مسلمو الأندلس بيوسف بن تاشفين (و كان مسلماً غير عربي ، من البربر) ، فاستجاب ، و أقبل بجيشٍ عرمرم ، و قابل جيوش النصارى المجتمعة ، و هزَمهم في هذه المعركة ، و سيأتي ذِكرُها إن شاء الله.

    542 هـ (1147 م):
    سقوط دولة المرابطين (و كانت اسماً لدولة يوسف بن تاشفين) و ظهور دولة الموحدين بقيادة محمد بن تومرت.

    609 هـ (1212 م):
    هزيمة الموحدين أمام قوات ملك النصارى ألفونسو الثامن (غير ألفونسو السابق ذكره).
    النصارى يستردون أراضيهم ولم يبقَ إلا إقليم غرناطة في يد المسلمين.

    610 هـ (1213 م):
    وفاة محمد الناصر ، ملك دولة الموحدين ، وبذلك بدأ ضعف دولة الموحدين.

    633 هـ (1236 م):
    سقوط قرطبة في يد النصارى.

    668 هـ ( 1269م):
    سقوط دولة الموحدين و مقتل ملكها الأخير إدريس الثاني.

    892 هـ (1487 م):
    سقوط مالاقة في يد إيزابيلا و فيرديناند.

    ربيع الأول ، 897 هـ (يناير ، 1492 م):
    سقوط الأندلس:
    آخر ملوك الأندلس ، أبو عبد الله الصغير ، يستسلم للملكة إيزابيلا و الملك فيرديناند.

    أحداث في تاريخ الأندلس

    معركة الزلاقة
    هذه المعركة يجب أن تكون تذكرة لمدى خطورة أمرين هما:
    1) ترك الجهاد في سبيل الله ،
    2) الخروج على ولاة أمر المسلمين.
    سُمِّيَت بهذا الاسم لأنها وَقَعت عند سهلٍ يُسمَّى "الزلاقة".
    و قصّتها أنه بعد مخالفة المسلمين لكلام الله و رسوله بعدم الخروج على ولاة الأمر ، فخلعوا آخر ملوك بني أمية في الأندلس ، تفرّق المسلمون ،
    و صارت الأندلس دويلات حقيرة هزيلة ، و خاف ملوكها من النصارى ، فالنصارى متوحدون ، و المسلمون تركوا الجهاد و آثروا الدنيا و استكانوا إليها ،
    فكانت حربهم على إخوانهم ، و اجتهد ملوك الطوائف في قتال بعضهم ، و محاولة الاستيلاء على مُلك الأندلس ،
    فهان أمرها على النصارى بقيادة ألفونسو و لم يشكوا أنها من نصيبهم ، فكان ألفونسو يُنهِك المسلمين بالجزية التي دفعوها عن يدٍ و هم صاغرون ،
    و بغاراته العشوائية عليهم ، حتى إذا انقض عليهم أبادهم بأقل قدرٍ ممكن من الخسائر.
    و كان أقل ما يُقال عن موقف قادة الدويلات الأندلسية أنه كان مخزياً ، مُكللاً بالعار.
    لم يكتفوا بقتال بعضهم على هذه الدنيا الحقيرة ، بل لما بدأ ألفونسو في غاراته وهجومه عليهم ، وضع بعضهم عهوداً معه ألا يساعدوا إخوانهم مقابل تفاهاتٍ وعدهم بها ألفونسو ، بل إن بعضهم عاون ألفونسو عندما اجتاح بلاد المسلمين ، و وضعوا يدهم في يده - و العياذ بالله - و أغاروا على المسلمين في باقي الدويلات ، بل إن بعض هؤلاء الملوك منحوا ألفونسو بناتهم كزوجات أو حظيات.

    أعد ألفونسو العدة لغزو طليطلة و التي كانت عاصمة أجداده القوط قبل أن يفتحها المسلمون ، و أرسل إلى باقي ملوك الطوائف يرهبهم و يتوعدهم إنْ هم حاولوا أن يغيثوها ، و حاصرها ألفونسو ثم فتحها ، و سقطت لمصيرها المحتوم ، و عندما نجح ألفونسو في الاستيلاء على طليطلة ، دق هذا ناقوس الخطر في أنحاء الدويلات الصغيرة ، فقد كان هذا حدثاً عظيماً لم يحدث مثله من قبل ، و أدركوا سوء تدبيرهم و فساد رأيهم ، و أنهم لم يعطوا الأمر حقه من الأهمية ، فلم يكُن النصارى يجرؤون على مثل ذلك سابقاً ، و كان ممن عاون النصارى على طليطلة "المعتمد بن عباد" ملك إقليم إشبيلية ، فلما افترسها النصارى ندم على ما فعل ، فقد كان حاكمها هو أخوه ، و عاون النصارى على أخيه مقابل فتاتٍ من الدنيا ، فاتّخذ - لاحقاً - قراراً تاريخياً لعله أن يكفّر تلك الفعلة الشنيعة ،
    و قبل أن أذكر ذلك القرار ، يحسن بي أن أذكر أن خلافاً نشأ بين الاثنين (الطاغية ألفونسو و المعتمد بن عباد) ، فبينما ألفونسو يُرسل رسله ليأخذوا الجزية من حكّام الدويلات ، كان ممن أرسل يهودي إلى المعتمد بن عباد ، فلما وصل السفير اليهودي ( و كان اسمه "ابن شاليب") ، نظر إلى ما أعده المعتمد من الجزية فرفضه ، و بكل غطرسة أمر المعتمد أن يُكمل جزيته ، فلا تليق بألفونسو ، فرد عليه المعتنمد في ذلك ، فأعاد اليهودي الرد و أغلظ فيه ، و هدد و توعد ، و خوّفه باحتلال إشبيلية ، فغضب المعتمد و أخذ خشبةً فضرب بها رأس السفير فحطمه و قتله ، ثم صلبه ، و أخذ من معه من المرافقين فرماهم في السجون على دهشةٍ منهم ، فلم يكُن أحدٌ من ملوك الدويلات يجرؤ على شئٍ كهذا ، و استشار المعتمد الفقهاء فاستحسنوا ما صنع ، و لما علم ألفونسو بما فعل المعتمد ، غضب و هاج ، و حرّك جيشه إلى إشبيلية و أغار على حدودها ، فنهب و قتل ، و حاصر إشبيلية 3 أيام ثم تركها مؤقتاً ، و في ذلك كله المعتمد يحاول أن يرده و يقاوم ، فلما انجلى ألفونسو و بدأ يحشد الجيوش الكبيرة عَلِم المعتمد أنْ لا قِِبَل له بذلك ، حينها اتخّذ المعتمد القرار التاريخي ، و استنجد بيوسف بن تاشفين (و هو من البربر) ملك دولة المرابطين في المغرب ، و كانت دولة جهادٍ في سبيل الله ، و خاف بعض الأمراء أن يستولي يوسف على دولة المعتمد بعد الحرب مع ألفونسو ، و منهم ابنه الرشيد ،
    قال لأبيه المعتمد: "يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا ملكنا، ويبدد شملنا؟" ،
    فرد المعتمد: "أي بني ، والله لا يسمع عني أبداً أنني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للنصارى ، فتقوم علي اللعنة في منابر الإسلام مثل ما قامت على غيري ... إن دهينا من مداخلة الأضداد لنا فأهون الأمرين أمر الملثمين (و هو لقب المرابطين)" ،
    ثم أتبعها المعتمد بعبارته الشهيرة: "تالله إنني لأوثر أن أرعى الجمال لسلطان مراكش على أن أغدو تابعاً لملك النصارى وأن أؤدي له الجزية ، إن رعي الجمال خير من رعي الخنازير".

    أرسل المعتمد رسالة الاستنجاد إلى يوسف بن تاشفين ، و أخبره السفراء بسوء حالهم و طغيان ألفونسو و استيلائه على طليطلة ، و استعداده لإبادة المسلمين في الأندلس و تنصيرها ، فرقّ لهم ، بل إن المعتمد ذهب بنفسه إلى يوسف و استنجده ، فحزم يوسف أمره ، و قرر أن يواجه الطاغية ، فحشد و أعدّ ، و عبر بجيشه إلى الأندلس عام 479هـ ،
    فلما وصل ، استُقبِلَ بحفاوةٍ و سرورٍ بالغيَن ، و أمر يوسف أن تكون قوات الأندلس تحت إمرة المعتمد ، و قوات المرابطين تحت إمرة يوسف ، و كان يوسف حذراً في أمره ذلك كله ، فلم يواجه النصارى من قبل.

    عندما علم ألفونسو بهذا ، ألغى حصاره الذي كان قد فرضه على مدينة سرقسطة (و التي كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط) ، و أرسل إلى النصارى في الشمال يسألهم النصرة ، فانكب النصارى لمعاونته من فرنسا و إسبانيا ، و كانوا أكثر عدداً و قوة من المسلمين ، و معهم القساوسة يحملون الصلبان و الأناجيل و يشدون من أزر النصارى ،
    و اقترب الجمعان من اللقاء ، و استقرّا قرابة 5 كيلومترات من بعضهما.

    تراسل الفريقان ، فذكر ألفونسو ما عنده من الجند و العتاد ، و خوّف يوسف من ذلك و بالغ في ما عنده ، فأرسل إليه يوسف باختصار: "الذي يكون ستراه" ، فقلق ألفونسو من ذلك و علم أنه رجل حرب و عزيمة.

    و أثناء تراسل الفريقين قال ألفونسو ليوسف: "إن يومكم هو الجمعة و يومنا الأحد ، فلنقتتل يوم السبت" ،
    و أحس يوسف أنها خدعة ، و علم أن النصراني لن يفي بذلك ، فأخذ حِذْرَه و ارتقب الهجوم يوم الجمعة ، و صدق حدسه ، فقد هجم ألفونسو فجر الجمعة هجوماً مفاجئاً على القوات الأندلسية أربكهم و أجبرهم على التراجع ، و لم يثبت إلا المعتمد في قلّةٍ من رجاله ، قاتلوا أشد القتال ، و أثخن النصارى الجراح في المعتمد ،
    زاد الأمر سوءاً أنّ غدرَ ألفونسو لحق بالملثمين (المرابطين) أيضاً ، فهجم على مقدمتهم و أجبرهم على التراجع ، و لاحت هزيمة المسلمين ، و كثر القتل فيهم ، حينها دفع يوسف بقواته إلى الهجوم تحت قيادة المجاهد الفذ "سير بن أبي بكر" ، فهجموا على النصارى هجمةً قوية ، و قتلوا منهم ، و أكثروا القتل و أثخنوه ، فصَعُبَ الأمر على النصارى ،
    و زادهم يوسف مشقةً و بلاءاً بخطةٍ رائدة ، فشق صفوف النصارى و وصل إلى معسكرهم الرئيسي ، فحصد حرسه النصارى و أشعل فيه النار ،
    فعظم ذلك على ألفونسو و راعه ، فتراجع عن موقعه و هجم على المسلمين ، و التقيا في معركةٍ طاحنة فقتلا بعضهما و كثر القتل في الجانبين ، و بدأ القتل يزيد في صفوف النصارى ، و زاد يوسف الأمر مرارةً عليهم فأمر فرقةً خاصة من حرسه أن تنقض الانقضاضة الأخيرة ، فهجموا على النصارى (و كانت الفرقة من 4 آلاف مقاتل) و أبادوا منهم خلقاً كثيراً ، و رجحت الكفة أخيراً لصالح المسلمين و لاحت لوائح النصر الكبير ، و النصارى يُقتلون بأعدادٍ هائلة ، و استطاع أحد أفراد الفرقة الخاصة أن يصل لألفونسو نفسه و يطعنه طعنةً عميقة في فخذه ظل يعرج بسببها بقية حياته ، و نجا ألفونسو ، فلما أحس بالهزيمة فر و معه بعض فرسانه ، و عددهم قرابة 500 ، و هربوا بعد الهزيمة المنكرة و المجزرة المريعة التي أبادتهم ، و حتى الذين فروا ماتوا متأثرين بجراحهم في الطريق ، فلم يصل ألفونسو إلا و معه أقل من مائة ، و نصر الله المسلمين نصراً عظيماً مؤزراً ، و سُحِق جيش النصارى و معه كرامة ألفونسو ،
    و تحطم خوف الأندلسيين من النصارى و فتح الله على المجاهد الصالح (نحسبه كذلك) يوسف بن تاشفين و لله الحمد ، و رغم أن المسلمين لم يستعيدوا طليطلة ، إلا أن ذلك ردع النصارى عن أي فكرة للهجوم على المسلمين في المستقبل القريب ، و كان أن توقف المسلمون عن دفع الجزية لألفونسو ، و أوقف غاراته ، و نجت سرقسطة من الحصار الصليبي ، و أخّر النصر السقوط الكامل للأندلس 4 قرون.

    و لكن ما يدهش فعلاً هو عدم استرداد طليطلة من أيدي النصارى ، خاصة و أن ذلك كان أمراً سهلاً بعد القضاء على جيش ألفونسو ، و من بقي من جيشه ليحرس طليطلة ما كان لهم قِبَل بجيش المسلمين و لم يكونوا ليستطيعوا رده ، لكن قضى الله أمراً ، و رجع المرابطون إلى أفريقيا ، و رجع ملوك الطوائف إلى الصراع بينهم ، و إلا فلم يكن الطريق ممهداً لاسترداد طليطلة فحسب ، بل إنما ما كان يملكه المسلمون من إيمان و قوة كان يكفي لفتح بقية أوروبا ، و إعادة المحاولة بعد الهزيمة الكبرى في بلاط الشهداء.
    لكن ، قدّر الله و ما شاء فعل.

    أما المجاهد الصالح يوسف بن تاشفين ، فرغم أنه كان من البربر ، إلا أنه ضرب أعظم الأمثلة في الالتزام بروح الإسلام ، فبينما اتّخذ ملوك الطوائف العرب المُلك لعباً و لهواً و قتالاً بينهم ، كان ما فعله يوسف بعد النصر المبين أن أرسل سفيرين إلى المستظهر بالله ، الخليفة العباسي ، و معهما هدايا ، و بشّره بالفتح و طلب منه أن يقلده الولاية هناك ، فوافق المستظهر ، و كان يوسف يُسمّى "أمير المسلمين" ، و قد أراده البعض أن يتّخذ لقبه "أمير المؤمنين" و يعلن الخلافة إلا أنه أبى و فضل توحيد المسلمين على ذلك ، ففعل ما فعل أعلاه ، و هو درسٌ في التواضع لا يكاد يُرى مثله ، رحمه الله و غفر له.

    معركة الأرك
    كان يوسف بن تاشفين هو أساس دولة الملثمين أو المرابطين ، فلما توفي لم يستطع خَلَفُه مواصلة إبقاء الدولة حية ، فسقطت أمام هجمات دولة الموحدين ، و هي دولة إسلامية أخرى من البربر، و كان من ملوك هذه الدولة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ، و قد خاض معركةً ضخمة تقارب في حجمها معركة الزلاقة أو تزيد عنها ، هي معركة الأرك ، و خاضها ضد أحد
    ملوك النصارى و اسمه ألفونسو الثامن (غير السالف ذكره ، فبينهما عشرات السنين) ، و ألفونسو اسمٌ شائع جداً عند اللاتينيين ، هو عندهم كـ"عبد الله" عندنا.
    بعد تولي يعقوب الملك ، أرسل إليه ألفونسو رسالةً ساخرة يدعوه فيها إلى القتال بعد أن اجتمع لدى ألفونسو الكثير من الجنود.
    أخذ يعقوب الخطاب الساخر و أمر بقراءته أمام الجنود ، فاستحث عزيمتهم و حنقهم على ألفونسو و جنوده ، و كانت غلطةً سياسية بشعة لألفونسو ، دفع ثمنها من
    كرامته لاحقاً و من دماء جنوده و أموال مملكته.

    كان عدد الجيشين متقارباً ، و التقيا عند مكانٍ قريب من مكان معركة الزلاقة التي حدثت قبل ذلك بقرابة 90 سنة ، و كان النصارى متمركزين على قمة تلة ، فلما أراد المسلمون الهجوم عليها نزل عليهم قرابة ثمانية آلاف منهم نزلةً قوية على قلب الجيش أربكت المسلمين ، لكن المسلمين صمدوا و ردوا الهجمة ، فهجم النصارى مرة أخرى و ردهم المسلمون ، لكن هذان الدفاعان استهلكا طاقة المسلمين ، فلما هجم النصارى للمرة الثالثة على المسلمين الذين عند سفح التل تزعزعوا و زُلزِلوا ، و قتل النصارى الكثير من تلك الفرقة من المسلمين و أرغموهم على التراجع ، و بدأت الكفة تميل لصالح النصارى ، إلا أن الجناح الأيمن للمسلمين هجم هجمةً مفاجئة على قلب جيش النصارى (و الذي أضعفه اندفاع فرسانه على قلب جيش المسلمين) ، و كان ألفونسو بنفسه موجوداً في القلب و يحيط به عشرة آلاف جندي نصراني ، و انقض المسلمون عليهم و أخذوا فيهم قتلاً ، إلا أنهم صمدوا بقوة ، و قد عوض المسلمون نقصهم بالإيمان الراسخ ، و اشتعلت نار المعركة أكثر في قتال القلب ذاك ، تكاد الأرض تلتهب تحتهم من شراسة قتالهم ، و مرت الساعات في قتلٍ و قتال ، و المسلمون ثابتون ، و النصارى لا يتراجعون ، حتى أغلظ المسلمون الهجمة فبدأ النصارى يتراجعون و يفرون ، إلا ألفونسو و العشرة آلاف الذين حوله فلم يتراجعوا ، و بدأوا يتساقطون مقتولين حول ملكهم و لا يتزعزعون ، و
    ألفونسو قد عزم على الموت دون ذلك ، و بدأت مقاومة النصارى تخمد حتى حُصِِرَت في المدافعين عن ألفونسو ، و كان هذا مبشر النصر للمؤمنين ، و لاحت لوائح الهزيمة فأخذو ملكهم و هربوا ، و انتهت المعركة بفوز المسلمين فوزاً ساحقاً ، هائلاً ، محطِّماً ، مدمراً.

    هزم المسلمون النصارى الإسبان هزيمةً لم يُر مثلها ، و غنموا شيئاً لم يُرَ مثله منذ أزمانٍ بعيدة مع ما في الأندلس من خير ، فينقل المقري أن المسلمين غنموا قرابة 600 ألف من
    الأنعام ، منها 80 ألف جواد ، استخدمها النصارى لحمل متاعهم لأنهم لا يستخدمون الإبل (تلك المخلوقات العجيبة) ، فباع المسلمون الأسير بدرهم ، والفرس بخمسة دراهم ، والحمار بدرهم ، والسيف بنصف درهم ، و نجا ألفونسو الثامن بشر حال ، فحلق رأسه و لحيته ، و نكس الصليب ، و نذر أن لا يقرب امرأةً حتى يهزم المسلمين ، و بدأ في جمع قواته و الاستعداد للثأر ، و التقى مرة أخرى مع يعقوب ، و أيضاً هزمه الله شر هزيمة ، ففر مرة أخرى إلى طليطلة ، و حاصرها يعقوب ، و ضرب قلاعها بالمجانق ، و أوشكت أن تسقط و يستعيدها المسلمون ، إلى أن خرجت والدة ألفونسو و بناته و نساؤه ، فوقفوا أمام يعقوب و استنجدوه و بكوا و سألوه أن يبقي لهم أباهم ، فوافق يعقوب ، و أكرمهنّ و منحهن الأموال و العطايا و ترك
    البلد لهنّ ، و إنا لله و إنا إليه راجعون ، و لما رجع جاءه رُسُل ألفونسو يطلب الصلح فوافق.

    لكن ليت هذا كان حال سلفه ، بل ضعف أمر المسلمين لاحقاً لما تركوا الجهاد ، و هانوا على الناس ، إلى أن أتى اليوم المؤلم....

    المراجع:
    1) موقع الوراق - كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"
    2) موقع الورّاق - كتاب "صفة جزيرة الأندلس"
    3) موقع الفسطاط
    4) موقع الإسلام
    www.al-islam.com
    5) موقع التاريخ دوت كوم - شوقي أبو خليل


    الصورة أعلاه هي لحصن القصبة في غرناطة ، و الذي كان يصد هجمات النصارى و يحتمي به المسلمون. بعد أن صَمَدَت غرناطة لأكثر من قرنين في وجه النصارى ، سَقَطت أخيراً أمام جحافل إيزابيلا و فيرديناند ، و في 2 يناير 1492 ، الموافق 1 ربيع الأول عام 897 لهجرة الرسول ، علّق النصارى الصليب على هذا الحصن أعلاه ، في الساعة الثالثة عصراً ، و كان ذلك هو الإعلان الرسمي لسقوط الأندلس.

    نقلا عن الأخ أبي الوليد المهاجر من فرسان السنة بتصرف يسير

    التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; 7 ينا, 2012, 06:47 م.
    روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
    وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



    تعليق


    • #3


      فيلم وثائقي قصير عن الأندلس : الفردوس المفقود

      الجزء الأول


      الجزء الثاني



      روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
      وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 19 فبر, 2023, 10:23 م
      ردود 0
      37 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
      ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 20 سبت, 2021, 07:32 م
      ردود 3
      82 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
       
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 أبر, 2021, 03:16 ص
      ردود 0
      93 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
       
      ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 11 أبر, 2021, 12:20 م
      ردود 0
      62 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
      ابتدأ بواسطة أكرمنى ربى بالاسلام, 1 فبر, 2021, 08:35 م
      ردود 13
      134 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أكرمنى ربى بالاسلام  
      يعمل...
      X