نقد الصوفية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عادل خراط مسلم اكتشف المزيد حول عادل خراط
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نقد الصوفية

    وقفات مع الصوفية : 1

    الغوث بن مُرّ ، المُلقّب ب 《 صوفة 》هو أوّل من انفرد بخدمة الله سبحانه عند بيته الحرام في الجاهلية .

    ما علاقة هذا الشخص بواقعنا المُعاصر ؟!

    العلاقة وطيدة !!

    كان الإنتساب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان و الإسلام، فيُقال : مسلم و مؤمن ، ثم حدث اسم : زاهد و عابد ، ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد و التعبد فتخلوا عن الدنيا و انقطعوا إلى العبادة ، و اتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها و أخلاقا تخلّقوا بها ، و سُمّوا 《 الصوفية 》تشبّها ب 《 صوفة 》.

    سُئل وليد بن القاسم : إلى أيّ شيء يُنسب الصوفي ؟!
    فقال : " كان قوم في الجاهلية يُقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله عز و جل و قطنوا الكعبة ، فمن تشبه بهم فهم الصوفية ".

    و أضاف عبد الغني : " فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر ".

    قال الزبير بن بكار : " كانت الإجازة بالحج للناس من عرفة إلى الغوث بن مر بن أدّ بن طابخة ، ثم كانت في ولده و كان يُقال لهم : صوفة ، و كان إذا حانت الإجازة قالت العرب : أجِز صوفة ".

    قال أبو عبيدة : " صوفة و صوفان يقال لكل من وَلي من البيت شيئا من غير أهله أو قام بشيء من أمر المناسك ، يقال لهم : صوفة و صوفان ".

    رُوي عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي أنه قال : " إنما سُمي الغوث ابن مر صوفة لأنه ما كان يعيش لأمه ولد ، فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة و لتجعلنه ربيط الكعبة ، ففعلت، فقيل له صوفة و لولده من بعده ".

    قال عقال بن شبة : " قالت أم تميم بن مر وقد ولدت نسوة : لله عليّ إن ولدت غلاما لأُعبّدنّه للبيت . فولدت الغوث بن مر، فلما ربطته عند البيت أصابه الحرّ فمرت به و قد سقط و استرخى. فقالت : ما سار ابني إلا صوفة . و كان الحج و إجازة الناس من عرفة إلى منى و من منى إلى مكة لصوفة . فلم تزل الإجازة في عقب صوفة حتى أخذتها عدوان ، فلم تزل في عدوان حتى أخذتها قريش ".

    و بالتالي : فإذا ذهبنا نتحقّق من منشأ التصوف نجد جذوره في الجاهلية ، فتمّ إحياؤها بصورة إسلامية لتمرير عقائد و عبادات ما أنزل الله بها من سلطان .

    فلنقف مع أحد أعظم أوتاد الصوفية ، و أجلّ أقطابهم و شيوخهم المعتمدين: كان كافرا زنديقا حُلوليا حتى النّخاع .

    { و للعلم : فمُريد الصوفية في بدايته يكون مُلتزما ثم مبتدعا، فيترقى في البدع إلى أن يصير إما حُلوليا أو اتّحاديا بالضرورة }.

    قد تكلم شيخ الصوفية الأعظم ، و أعظم قُطب عندهم: أبو حمزة في جامع طرسوس فقبِلوه ، فبينما هو ذات يوم يتكلم إذ صاح غراب على سطح الجامع فزعق أبو حمزة و قال : لبيك لبيك ، فنسبوه إلى الزندقة ، و قالوا : حُلولي زنديق ، و بيع فرسه بالمناداة على باب الجامع : هذا فرس الزنديق .

    شهد فيه أبو بكر الفرغاني فقال : و كان أبو حمزة إذا سمع شيئا يقول : لبيك لبيك ، فأطلقوا عليه أنه حلولي .
    فحاول أبو عليّ أن يُبرر له فقال : إنما جعله داعيا من الحق أيقظه للذكر .

    قال عنه الروزباري: أُطلق على أبي حمزة أنه حلولي و ذلك أنه كان إذا سمع صوتا مثل هبوب الرياح و خرير الماء و صياح الطيور، كان يصيح و يقول : لبيك لبيك ، فرموه بالحلول.

    قال السراج : دخل أبو حمزة دار الحارث المحاسبي فصاحت الشاة 《 ماع 》 فشهق أبو حمزة شهقة و قال : لبيك يا سيدي ، فغضب الحارث المحاسبي و عمد إلى سكين و قال : إن لم تتب من هذا الذي أنت فيه أذبحك ، فقال أبو حمزة : إذاً أنت لم تحسن تسمع هذا الذي أنا فيه فلِم تأكل النخّالة بالرماد ؟!

    لذا ..

    من نظر إلى تعظيم شخص و لم ينظر بالدليل إلى ما صدر عنه كان كمن ينظر إلى ما جرى على يد المسيح عليه السلام من الأمور الخارقة و لم ينظر إليه فادّعى فيه الإلهية ، و لو نظر إليه و أنه لا يقوم إلا بالطعام لم يُعطه إلا ما يستحقه.​

  • #2
    وقفات مع الصوفية : 2

    [ الصوفية ]

    قال جمال الدين بن الجوزي رحمه الله : " الصوفية من جملة الزهاد ، و قد ذكرنا تلبيس إبليس على الزهاد إلا أن الصوفية انفردوا عن الزهاد بصفات و أحوال و توسّموا بسمات فاحتجنا إلى إفرادهم بالذكر ، و التصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون إليها بالسماع و الرقص فمال إليهم طُلاب الآخرة من العوام لما يُظهرونه من التزهد ، و مال إليهم طلاب الدنيا لما يرونه عندهم من الراحة و اللعب ، فلا بد من كشف تلبيس إبليس عليهم في طريقة القوم ؛ و لا ينكشف ذلك إلا بكشف أصل هذه الطريقة و فروعها و شرح أمورها ].

    ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصُّفة، و إنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة من صفة 《 صوفة 》في الإنقطاع إلى الله عز و جل و ملازمة الفقر ، فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم و ما لهم أهل و لا مال، فبُنيت لهم صُفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم و قيل لهم: أهل الصفة .

    و استدلوا بحديث بإسناد عن الحسن البصري رحمه الله قال : بُنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول: " السلام عليكم يا أهل الصفة " ، فيقولون: و عليك السلام يا رسول الله، فيقول: " كيف أصبحتم؟ " ، فيقولون : بخير يا رسول الله.

    قلتُ : الحديث مرسل عن الحسن البصري، فسقط الصحابي و بذا يضعف الحديث .

    ثم استدلوا برواية بإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال: كنت من أهل الصفة، و كنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجل، فيبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه، فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ناموا في المسجد ".

    قلتُ : الحديث رواه أبو نعيم في الحلية ، الجزء الأول ، ص : 352 ، و هو حديث ضعيف .

    أما أهل الصفة قد قعدوا في المسجد ضرورة ، و أكلوا من الصدقة ضرورة ، فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال و خرجوا .
    ثم إن نسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط ؛ لأنه لو كان كذلك لقيل : صُفِّي .

    و ذهب بعضهم إلى أن نسبة الصوفية يرجع إلى بقلة رعناء قصيرة تسمى : الصوفانة، فنُسبوا إليها لاجتزائهم بنيات الصحراء ، و هذا أيضا غلط لأنه لو نُسبوا إليها لقيل : صوفاني.

    و آخرون قالوا: الصوفي هو منسوب إلى صوفة القفا ، و هي الشعرات النابتة في مؤخره ، كأن الصوفي عطف به إلى الحق و صرفه عن الخلق .

    و آخرون قالوا : بل هو منسوب إلى الصوف ، و هذا يُحتمل.

    أما الصحيح و المترجح عندي أن الصوفية منتسبون اسما و عقدا و منهجا و مسلكا لصُوفة بن مر الذي تحدثت عنه في مقالة سابقة فلُتراجَع في مكانها .

    هذا الإسم ظهر للقوم قبل سنة مائتين ، و لما أظهره أوائلهم تكلموا فيه و عبروا عن صفته بعبارات كثيرة ، و حاصلها أن التصوف عندهم رياضة النفس ، و مجاهدة الطبع بردّه عن الأخلاق الرذيلة ، و حمله على الأخلاق الجميلة من الزهد و الحِلم و الصبر و الإخلاص و الصدق إلى غير ذلك من الخصال الحميدة الحسنة التي تكسب المدائح في الدنيا و الثواب في الأخرى.

    الحديث بإسناد عن الطوسي يقول : سمعت أبا بكر بن المثاقف يقول: سألت الجُنيد بن محمد عن التصوف فقال : الخروج عن كل خلق رديء و الدخول في كل خُلق سَني .

    و بإسناد عن عبد الواحد بن بكر قال : سمعت محمد بن خفيف يقول : قال رُويم : كل الخلق قعدوا على الرسوم و قعدت هذه الطائفة على الحقائق ، و طالَب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع و هم طالبوا أنفسهم بحقيقة الورع و مداومة الصدق .

    نعم ، على هذا كان أوائل القوم، فلعب بهم الشيطان في أشياء ثم لبّس على من بعدهم من تابعيهم ، فكلما مضى قرن زاد طمع الخبيث في القرن الثاني فزاد تلاعبه بهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكين .

    فلْنقف مع مُتناثرات عن أقطاب الصوفية المُعتمدين المُعتبرين الذين لا يُختلف على إمامتهم بين جميع الزوايا الطُّرُقية .

    قال السراج : أنكر جماعة من العلماء على أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز و نسبوه إلى الكفر بألفاظ وجدوها في كتاب صنفه ،و هو كتاب { السر } ، و منه قوله : " عبد طائع ما أذن له ملزم التعظيم لله فقدّس الله نفسه ".

    قال السراج : و أبو العباس أحمد بن عطاء نُسب إلى الكفر و الزندقة ، و كم من مرة قد أخذ الجُنيد مع علمه و شهد عليه بالكفر و الزندقة .

    و قال السراج أيضا : ذُكر عن أبي بكرة محمد بن موسى الفرغاني الواسطي أنه قال : من ذكر افترى و من صبر اجترى ، و إياك أن تلاحظ حبيبا أو كليما أو خليلا و أنت تجد إلى ملاحظة الحق سبيلا .
    فقيل له : أوَلا أصلي عليهم ؟!
    قال : صلّ عليهم بلا وقار و لا تجعل لها في قلبك مقدارا.

    و قال أيضا : بلغني أن جماعة من الحُلوليين زعموا أن الحق عز و جل اصطفى أجساما حلّ فيها بمعاني الربوبية و أزال عنها معاني البشرية .

    فالحق نقول :

    سُئل شُعبة و سفيان بن سعيد و سفيان بن عيينة و مالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ أو يُتهم في الحديث ، فقالوا جميعا : يُبين أمره .

    كان الإمام أحمد بن حنبل يمدح الرجل و يبالغ ثم يذكر غلطه في الشيء بعد الشيء فيقول : نِعم الرجل فلان لولا أن خُلة فيه .
    ثم قال عن سُري السقطي - أحد أقطاب الصوفية المعتمدين - : الشيخ المعروف بطيب المطعم .
    ثم حُكي له عنه أنه قال : إن الله عز و جل لما خلق الحروف سجدت الباء ، فقال : نفّروا الناس عنه .

    لذا فردنا على الصوفية من هذا الباب .​

    تعليق


    • #3
      وقفات مع الصوفية : 3

      سبق و أن قُلنا بأن أوائل الصوفية كانوا يُقرون بأن التعويل على الكتاب و السنة ، ثم تلاعَب الشيطان بهم لقلة علمهم .
      فقد رُوي عن أبي سليمان الداراني رحمه الله بأنه قال : " ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما ، فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين : الكتاب و السنة " .
      و قال أبو يزيد البسطامي: " لو نظرتم إلى رجل أُعطي من الكرامات حتى يرتفع على الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر و النهي و حفظ الحدود ".

      على هذا كان أوائلهم ، ثم صدّهم إبليس عن العلم و أراهم أن المقصود العمل ، فلما أطفأ الشيطان مصباح العلم عندهم تخبّطوا في الظلمات .

      منهم من رأوا بأن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يُصلح أبدانهم ، و شبّهوا المال بالعقارب و نسوا أنه خُلق للمصالح، و بالغوا في الحمل على النفوس حتى إنه كان فيهم من لا يضطجع .
      و هؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة .

      و فيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة و هو لا يدري .

      ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع و الفقر و الوساوس و الخطرات و صنفوا في ذلك ، مثل الحارث المحاسبي.

      و جاء آخرون فهذّبوا مذهب التصوف و أفردوه بصفات ميّزوه بها من الإختصاص بالمُرقّعة و السماع و الوجد و الرقص و التصفيق ، و تميّزوا بزيادة النظافة و الطهارة .

      ثم ما زال الأمر ينمى و الأشياخ يضعون لهم أوضاعا و يتكلمون بواقعاتهم ، و يتفق بُعدهم عن العلماء - لا بل رُؤيتهم ما هم فيه أو في العلوم - حتى سمّوه العلم الباطن ؛ و جعلوا علم الشريعة العلم الظاهر .

      و منهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادّعى عشق الحق و الهيمان فيه ، فكأنهم تخايلوا شخصا مُستحسَن الصورة فهاموا به ، و هؤلاء بين الكفر و البدعة.

      ثم تشعّبت بأقوام منهم الطرق، ففسُدت عقائدهم .
      فمن هؤلاء من قال بالحُلول ، و منهم من قال بالإتحاد .
      و الحلولية قوم قالوا بحُلول روح الإله فيهم كابن عربي و الحلّاج ، و الإتحادية هم من فَنوا في ذات الإله ؛ و هو مذهب أشبه بالنيرفانا الهندوكية.

      و ما زالوا يتخبّطون بفُنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سُننا ، فجاء أبو عبد الرحمن السلمي فصنّف لهم كتاب [ السنن ] و جمع لهم حقائق التفسير ، فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك على أصل من أصول العلم ، و إنما حملوه على مذاهبهم.
      و العجب من ورعهم في الطعام و انبساطهم في القرآن!!

      قال محمد بن يوسف القطان النيسابوري رحمه الله : " كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة ، و لم يكن سمع من الأصم شيئا يسيرا ، فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع ، حدّث عن الأصم بتاريخ يحي بن معين و بأشياء كثيرة سواه ، و كان يضع للصوفية الأحاديث ".

      و صنف لهم أبو نصر السراج كتابا سماه [ لمع الصوفية ] ذكر فيه من الإعتقاد القبيح و الكلام المرذول.

      و صنف لهم أبو طالب المكي كتاب [ قوت القلوب ] فذكر فيه الأحاديث الباطلة و ما لا يُستند فيه إلى أصل من صلوات الأيام و الليالي ؛ و غير ذلك من المواضيع ، و ذكر فيه الإعتقاد الفاسد ، و ذكر فيه عن بعض الصوفية أن الله عز و جل يتجلى في الدنيا لأوليائه.
      كرر أبو طالب في كتابه هذا قول : ( قال بعض المكاشفين ) أكثر من مائة مرة، و هذا كلام فارغ.

      قال أبو طاهر محمد بن العلاف : دخل أبو طالب المكي إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين بن سالم فانتمى إلى مقالته ، و قدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ ، فخلط في كلامه ، فحُفظ عنه أنه قال : " ليس على المخلوق أضرّ من الخالق "، فبدّعه الناس و هجروه، فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك .

      قال أبو بكر بن الخطيب : صنف أبو طالب المكي كتابا سمّاه [ قوت القلوب ] على لسان الصوفية، و ذكر فيه أشياء منكرة مُستَبشَعة في الصفات .

      و هكذا بدأ الترقي في مذهب التصوف بين البدعة و الزندقة .

      فمنهم من قال بالنظر إلى الشواهد المُستحسَنات ، و منهم من قال بأن الله حالٌّ في المستحسنات.

      قال السراج : بلغني عن جماعة من أهل الشام أنهم يدعون الرؤية بالقلوب في الدنيا كالرؤية بالعيان في الآخرة.

      و قال أيضا : بلغني أن أبا الحسين النوري شهد عليه غلام الخليل أنه سمعه يقول : أنا أعشق الله عز و جل و هو يعشقني .
      فقال النوري : سمعت الله يقول : { يحبهم و يحبونه } ، و ليس العشق بأكثر من المحبة .

      قال القاضي أبو يعلى رحمه الله : و قد ذهبت الحلولية إلى أن الله عز و جل يُعشق .

      قلتُ : و هذا جهل من ثلاثة أوجه :

      ١- من حيث الإسم: فإن العشق عند أهل اللغة لا يكون إلا لما يُنكح .
      ٢- أن صفات الله عز و جل منقولة ، فهو يُحِب و لا يقال يَعشق ، و يحَب و لا يقال يُعشق ، كما يقال يَعلم و لا يقال يَعرف .
      ٣- من أين للنوري له أن الله تعالى يحبه ، فهذه دعوى بلا دليل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم - و هو حديث ضعيف جدا ذكرتُه للإستئناس - : " من قال إني في الجنة فهو في النار ".
      رواه العجلوني في ( كشف الخفا ).

      على أي ..

      إذا ثبت هذا من أقوال شيوخ الصوفية ؛ أو وقعت من بعض أشياخهم غلطات لبُعدهم عن العلم ، فإن كان ذلك صحيحا عنهم توجب الرد عليهم ؛ إذ لا مُحاباة في الحق ، و إن لم يصح عنهم حذّرنا من مثل هذه الأقوال و ذلك المذهب من أي شخص صدر .

      فأما المُشبهون بالقوم و ليسوا منهم فأغلاطهم كثيرة .​

      تعليق


      • #4
        وقفات مع الصوفية : 4

        التصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ، و يدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد و قد ذموا التصوف .

        صنّف أبو نعيم الأصبهاني كتاب ( حلية الأولياء ) على طريقة الصوفية و ذكر في حدود التصوف أشياء منكرة و قبيحة ، و لم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر و عمر و عثمان و عليا و سادات الصحابة رضي الله عنهم، فذكر عنهم فيه العجب ، و ذكر منهم شُريحا القاضي و الحسن البصري و سفيان الثوري و أحمد بن حنبل .

        كذلك فعل السلمي في كتابه ( طبقات الصوفية ) فذكر من ضمنهم الفضيل و إبراهيم بن أدهم و معروفا الكرخي و جعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد.

        ذكر الإمام جمال الدين ابن الجوزي رحمه الله في مقدمة كتابه ( صفة الصفوة ) عيوب و مساوئ كتاب ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم و هي عشرة - تلخيصا - :

        ١ - ذكر أسماء يترحم لأصحابها.
        ٢- ذكر ما لا يليق بالكتاب .
        ٣- تكرار الأخبار .
        ٤- الإطالة فيما يروي من الحديث .
        ٥- ذكر أحاديث باطلة.
        ٦- السجع البارد .
        ٧- إضافة التصوف للصحابة.
        ٨- إطالة الكلام فيما لا طائل فيه.
        ٩- ذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها .
        ١٠- و أنه خلط في ترتيب التراجم.

        و قال رحمه الله في مسألة إضافة التصوف للصحابة رضي الله عنهم : " و ليس عنه هؤلاء خير من التصوف " .

        صنف عبد الكريم بن هوازن القُشيري كتاب ( الرسالة ) على طريقة الصوفية ، فذكر فيها العجائب من الكلام: في الفناء و البقاء ، و القبض و البسط ، و الوقت و الحال ، و الوجد و الوجود، و الجمع و التفرقة ، و الصحو و السكر ، و الذوق و الشرب ، و المحو و الإثبات ، و التجلي و المحاضرة ، و المكاشفة و اللوائح ، و الطوالع و اللوامع، و التكوين و التمكين، و الشريعة و الحقيقة ، إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء و تفسيره أعجب منه .

        و صنّف محمد بن طاهر المقدسي كتاب ( صفوة التصوف ) فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها .

        و قطب الصوفية هذا المسمى بمحمد بن طاهر كان يذهب مذهب الإباحة كما وصفه الحافظ أبو الفضل بن ناصر ، و قال : و ليس ابن طاهر بمن يُحتج به .

        صنف بن طاهر هذا كتابا في جواز النظر إلى المُرد ، أورد فيه حكاية عن يحي بن معين قال: رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها ، فقيل له : تصلي عليها ؟ فقال : صلى الله عليها و على كل مليح.

        صنف أبو حامد الغزالي كتابا على طريقتهم سماه ( إحياء علوم الدين ) و ملأه بالأحاديث الباطلة و هو لا يعلم بطلانها ، و تكلم في علم المكاشفة و خرج عن قانون الفقه .
        قال : إن المراد بالكوكب و الشمس و القمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز و جل .

        لم يُرد أبو حامد هذه المعروفات، و هذا من جنس كلام الباطنية .

        و لذا عمد المقدسي إلى كتابه ( منهاج القاصدين ) ليُهذب فيه ( إحياء علوم الدين ) ، و أنا أنصح بقراءة كتاب ( الإحياء ) بتخريج الحافظ زين الدين العراقي لأنه خرج فيه الأحاديث و الآثار ، و من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء كما هو معروف عند أهل العلم .

        ثم صنف أبو حامد كذلك في التصوف كتاب ( المفصح بالأحوال ) و قال من جملة ما قال فيه : أن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة و أرواح الأنبياء ،و يسمعون منهم أصواتا و يقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق .

        السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنن و بالإسلام و الآثار ، و إقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم ، و إنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد ، و ما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة و لا كلاما أرق من كلامهم ، و في سِير السلف نوع خشونة .
        ثم إن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة و التعبد و في ضمنها الراحة و السماع ، و الطباع تميل إليها.

        و قد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين و الأمراء فصاروا أصدقاء .

        جمهور هذه التصانيف التي صُنفت على طريقة الصوفية لا تستند إلى أصل، و إنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض و دونوها؛ و قد سموها : العلم الباطن .

        سُئل الإمام أحمد عن الوساوس و الخطرات، فقال : ما تكلم فيها الصحابة و لا التابعون .

        و قد رُوي عن ذي النون نفس ما قاله الإمام أحمد رغم أنه مُنتسب للصوفية .

        سمع الإمام أحمد كلام الحارث المحاسبي فقال لصاحب له : لا أرى لك أن تُجالسهم.

        سُئل أبو زرعة عن الحارث المحاسبي و كتبه فقال : إياك و هذه الكتب ، كتب بدع و ضلالات ، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب .
        قيل له : في هذه الكتب عبرة .
        قال : من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة ، بلغكم أن مالك بن أنس و سفيان الثوري و الأوزاعي و الأئمة المتقدمة صنفوا مثل هذه الكتب في الخطرات و الوساوس و هذه الأشياء ، هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي و مرة بعبد الرحيم الدبيلي و مرة بحاتم الأصم و مرة بشقيق.
        ثم قال : ما أسرع الناس إلى البدع .​

        تعليق


        • #5
          وقفات مع الصوفية : 5

          جوابا على رسالة معالي السيد عبد العزيز سليم !!

          و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

          أولا .. جُملتك أشبه باللهجة المغربية و إن سكنتَ مصر الشقيقة ، فهذا يعني أنني أُجيب مغربيا .

          ثانيا .. الفعل [ تنتقد ] لا [ تنقضد ] ، ففعل تنقضد غير موجود في لغة العرب ، و لكنه متوفر في معاجم الطُّرقية .

          ثالثا .. أما سؤالك عمّن أكون ؟!
          فأنا عبد من عباد الله ، كثير الذنوب ، فإن لم يرحمني ربي فيا خسارتي.

          رابعا .. أما الصوفية فأسيادك أنت ؛ لا أنا .

          خامسا .. سؤالك يا عزيزي هو نفس السؤال الذي كنتُ أطرحه على من ينتقد الصوفية يوم كنتُ أدرس في الإعدادية في تسعينات القرن المنصرم، حيث أنني كنتُ صوفيا حتى النخاع ، و لكن صوفي الطاجين و الأُجرة على السماع كي أُموّل بتلك الأجرة مشروع دراستي.

          سادسا.. أنا أذكر بعض ما صحّ من أغلاط الصوفية ، و الله يعلم أنني لا أقصد ببيان غلط الغالط إلا تنزيه الشريعة و الغيرة عليها من الدّخَل ؛ و ما عليّ من الفاعل و القائل ، و إنما أؤدي بذلك أمانة العلم ، و ما زال العلماء يبين كل واحد منهم غلط صاحبه قصدا لبيان الحق لا لإظهار عيب الغالط ، و لا اعتبار بقول جاهل : كيف ترد على فلان الزاهد المتبرك به ؟!
          لأن الإنقياد إنما يكون إلى ما جاءت به الشريعة لا إلى الأشخاص، و قد يكون الرجل من الأولياء و أهل الجنة و له غلطات فلا تمنع منزلته بيان زلاته.

          مثلا :

          قُطبكم الأعظم ، و شيخ مشايخ الصوفية : أبو يزيد البسطامي؛ قال : " من ترك قراءة القرآن و التقشف و لزوم الجماعة و حضور الجنائز و عيادة المرضى و ادعى بهذا الشأن فهو مبتدع " .

          و الله إنه لكلام في غاية الروعة ، و هو كلام حق لا شك فيه !!

          لكن !!!

          لك أن تتصور أن قُطبكم أبا طالب المكي ذكر في كتابه [ قوت القلوب ] ، في الجزء الثاني ، ص : 69 أن - شيخ مشايخ الصوفية - أبا يزيد البسطامي قيل له : بلغتَ جبل قاف ؟! فقال : جبل قاف قريب الشأن من جبل كاف ، و جبل عين ، جبل صاد 😀

          و ذكر أحد الصوفية أن أبا يزيد صعد جبل قاف و رأى سفينة نوح مطروحة عليه ، و قال : إن لله عبدا بالبصرة يرفع رجله و هو قاعد فيضعها على جبل قاف 😃

          فأيّ عقل يستسيغ هذا ؟!

          يذكر صاحب [ قوت القلوب ] في نفس الجزء ، الصفحة: 70 أن أبا يزيد قيل له : هل دخلتَ إرم ذات العماد ؟! قال : لقد دخلتُ ألف مدينة لله في ملكه أدناها ذات العماد 😄

          قلتُ : كيف و الله عز وجل يقول : { التي لم يُخلق مثلها في البلاد } .
          إنه الملكوت الذي يزينه عقل ملوث بالبدع و المنكرات ، و لا أرى ذلك إلا من جراء الجوع الشديد و العطش الأشد و الخروج إلى البراري ، و الجلوس في جمّارة القيظ حتى ذهبت العقول ، فلا غث عندها و لا سمين .

          و كثير عند الصوفية من هذا الكلام الذي منه : إن وليا من أولياء الله عبر الأرض كلها في خطوة واحدة .
          فالله الله في رسوله عليه السلام الذي أُسري به و عُرج في ليلة واحدة ، بل ركب البراق .
          فتلك عقول ذاهبة لا رجعة فيها 😁

          لذا ، من أراد الإقتداء من شباب الصوفية فليقتدِ بهذه الآثار عن مشايخهم .

          سُري السقطي ؛ أحد أعلام الصوفية قال : من ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط .

          قال الجُنيد : علمنا منوط بالكتاب و السنة ، من لم يحفظ الكتاب و يكتب الحديث و لم يتفقه لا يُقتدى به .

          و قال أيضا: ما أخذنا التصوف عن القيل و القال ؛ لكن عن الجوع و ترك الدنيا ،و قطع المألوفات و المستحسنات ، لأن التصوف من صفاء المعاملة مع الله تعالى ، و أصله التفرق عن الدنيا .

          قال حارثة : عزفت نفسي في الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت نهاري .

          قال أبو بكر الشفاف : من ضيع حدود الأمر و النهي في الظاهر حُرم مشاهدة القلب في الباطن .

          قال الحسن النوري لبعض أصحابه : من رأيته يدّعي حالة لا يدل عليها دليل و لا يشهد لها حفظ ظاهر فاتّهمه على دينه .

          و قال الجريري : أمرنا هذا كله مجموع على فضل واحد هو : أن تُلزم قلبك المراقبة و يكون العلم على ظاهرك قائما .

          و قال أبو جعفر : من لم يزِن أقواله و أفعاله و أحواله بالكتاب و السنة و لم يتهم خاطره فلا تعدّه في ديوان الرجال .

          هؤلاء أقطابكم يا شباب الصوفية ، فاقتدوا بآثارهم هذه !!

          نعم ، أنا لا أنكر محاولات صوفية للإصلاح ، كان منها : [ الرسالة القُشيرية ] التي تعتبر واحدة من عمليات النقد الذاتي للتصوف ، فقد حاول القُشيري فيها الإصلاح ، لكن على منهجه هو ، و تفوق عليه عبد القادر الجيلاني تلميذ ابن قدامة المقدسي و أحد الراسخين في العلم ، و كانت محاولات محمودة كالبذرة أُلقيت في الأرض لم يتعهّدها أحد ، فذلك - أي : عيوب الصوفية - عبء ينوء به العصبة أولوا القوة .

          لم يكن اسم التصوف قد عُرف إلا في بداية القرن الثالث الهجري ، و قد كانت نسبته إلى ( صوفة بن مرة ) أو إلى أهل الصفة ، أو نسبة إلى لبس الصوف و هو لباس الزهاد و الرهبان قديما، أو نسبة إلى ( سوفيا ) و هي الحكمة باليونانية ، أو نسبة إلى الصفاء كما قال أبو سعيد الحراز : الصوفي هو من صفا قلبه لربه فامتلأ قلبه نورا .
          و قيل : خل فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الصفاء .

          و الواضح أن الصوفية إنما أرادوا تسويغ أفعالهم فحاولوا ربط أنفسهم لمصدر يتصل بالسنة المطهرة، و يتأولوا و يتنطعوا ، إلا أن الحجج ظاهرة الضعف ، و يظهر عليهم فقد الدليل و الحجة.​

          تعليق


          • #6
            وقفات مع الصوفية : 6

            في هذه الوقفة لن أقول شيئا، بل أدع أقطاب الصوفية يقولون، و الحكم لكم.

            قال عمرو المكي : كنت أماشي الحسين بن منصور في بعض أزقة مكة و كنت أقرأ القرآن فسمع قراءتي فقال : يمكنني أن أقول مثل هذا، ففارقته.

            قال محمد بن يحي الرازي : سمعت عمرو بن عثمان يلعن الحلاج و يقول : لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت : بأي شيء وجد عليه الشيخ؟ فقال : قرأت آية من كتاب الله عز و جل فقال : يمكنني أن أقول أو أؤلف مثله و أتكلم به.

            قال أبو بكر بن ممشاد : حضر عندنا بالدينور رجل و معه مخلاة فما كان يفارقها بالليل و لا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه : من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان، فوجه إلى بغداد فأحضر و عرض عليه، فقال : هذا خطي و أنا كتبته، فقالوا : كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية، فقال : ما أدعي الربوبية و لكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله تعالى و اليد فيه آلة، فقيل له : هل معك أحد؟ فقال : نعم، ابن عطاء و أبو محمد الجريري و أبو بكر الشبلي، و أبو محمد الجريري يتستر، و الشبلي يتستر، فإن كان ابن عطاء فأحضر الجريري فسُئل، فقال : قائل هذا كافر ، يُقتل من يقول هذا، و سئل الشبلي فقال : من يقول هذا يمنع، و سئل ابن عطاء عن مقالة الحلاج فقال بمقالته و كان سبب قتله.

            و الحلاج هو أبو مغيث، و يقال أبو عبد الله، و كان جده فارسيا مجوسيا، الحسين بن منصور بن محمد الحلاج، و الفقهاء على أنه كافر ممخرق كذاب مشعبذ، و قال عن سفيان بن عيينة : كان فيه شبه من اليهود.
            قُتل سنة 309 للهجرة.

            سئل أبو عبد الله بن خفيف عن معنى هذه الأبيات :

            سبحان من أظهر ناسوته ،،، سر سنا لاهوته الثاقب
            ثم بدا في خلقه ظاهرا ،،، في صورة الآكل و الشارب
            حتى لقد عاينه خلقه ،،، كلحظة الحاجب بالحاجب

            فقال الشيخ : على قائله لعنة الله.
            قال عيسى بن فورك : هذا شعر الحسين بن منصور، قال : إن كان هذا اعتقاده فهو كافر ، إلا أنه ربما يكون متقولا عليه.

            و مما ينسب إلى الحلاج قوله :

            مزجت روحك في روحي كما ،،، كما تمزج الخمرة بالماء الزلال
            فإذا مسك شيء مسني ،،، فإذا أنت أنا في كل حال

            أدخلت بنت السمري على حامد الوزير فسألها عن الحلاج، فقالت : حملني أبي إليه فقال : قد زوجتك من ابني سليمان و هو مقيم بنيسابور فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك و اصعدي في آخر النهار إلى السطح و قومي على الرماد و اجعلي فطرك عليه و على ملح جريش، و استقبليني بوجهك و اذكري لي ما أنكرتيه منه فإني أسمع و أرى.
            قالت : و كنت ليلة نائمة في السطح فأحسست به قد غشيني فانتبهت مذعورة لما كان منه، فقال : إنما جئت لأوقظك للصلاة.
            فلما نزلنا قالت ابنته : اسجدي له ، فقلت : أو يسجد أحد لغير الله؟ فسمع كلامي فقال : نعم إله في السماء و إله في الأرض.

            هذا من بقايا ديانات الهند، فإذا رأوا صورة حسنة خروا لها سجدا كما ذكر المقدسي في البدء و التاريخ الجزء الخامس، ص: 91 تعقيبا على هذه الحادثة.

            و نسب إلى الحلاج قوله عن القرآن : يمكنني أن أؤلف مثله و أتكلم به.
            ذكره البغدادي في تاريخ بغداد، الجزء الثامن، ص: 121.

            قال أبو عبد الرحمن السلمي : أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال و مقامات أهل الولاية ذو النون المصري، فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم و كان رئيس مصر و كان يذهب مذهب مالك و هجره، لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة.

            قال السلمي : أُخرج أبو سليمان الداراني من دمشق و قالوا بأنه يزعم أنه يرى الملائكة و أنهم يكلمونه.

            شهد قوم على أحمد بن الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة.

            أنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذُكر للحسين بن عيسى أنه يقول : لي معراج كما كان للنبي صلى الله عليه وسلم معراج فأخرجوه من بسطام، و أقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام.

            أما سهل بن عبد الله التستري فكان يقول : إن الملائكة و الجن و الشياطين يحضرونه ، و يتكلم عليهم، فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى الفاتح فخرج إلى البصرة فمات بها.

            أما الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام و الصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات.

            ذكر أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال : احذروا من الحارث أشد التحذير، الحارث أصل البلية، يعني في حوادث كلام جهم، ذاك جالسه فلان و فلان، و أخرجهم إلى رأي جهم، ما زال مأوى أصحاب الكلام، حارث بمنزلة الأسد المرابط، انظر أي يوم يثب على الناس.​

            تعليق


            • #7
              وقفات مع الصوفية : 7

              [ تلاقي الصوفية مع عقائد الغنوصية ]

              الحلاج !! رأس الصوفية الغنوصية هو سيد و قطبٌ رباني لدى الطّرق الثلاث : الكركرية و الدرقاوية و العلوية ، و التصاق الكركرية به أعلى رتبة من أخواتها، للإستزادة فلتُراجع وقفتي ( 6 ).

              نفتح الصفحة 42 من الكتاب الممنوع على عوام الطرق الصوفية الثلاث، و هو كتاب يُمنع طبعه و نشره إلا لمشايخ الطرق الصوفية و مُقدميهم ، و هو كتاب [ الطّوّاسين ] للحلّاج ، و لنقرأ في الصفحة المذكورة : ( ما كان في أهل السماء موحد إلا إبليس ، فصاحبيَّ و أستاذَيّ إبليس و فرعون ، و إبليس هُدد بالنار فما رجع عن دعواه، و فرعون أُغرق في اليم و ما رجع عن دعواه ).

              ذكر ابن النديم في [ الفهرست ] ، ص : 191 بأن الحلاج قال : إذا بنى الرجل بيتا و صام أياما ثم طاف حوله عريانا أغناه عن الحج.

              و قال البيروني في كتابه [ الآثار الباقية ]، ص : 212 : كان للحلاج بيت فيه بستان و بِركة سمك يأتي فيها للبُسطاء دون أن يشعروا بالفاكهة و السمك زاعما أنها من عند الله، و اشتُهر ذلك ؛ فعرض عليه النوبختي و هو شيعي قال له : أؤمن إذا أعدت الشعر إلى صلعتي، فعجز و افتُضح أمره.

              و قال ابن الجوزي في [ نقد العلم و العلماء ] ، ص : 196 : " اتفق علماء العصر على إباحة دم الحلاج، فأوّل من قال إنه حلال الدم أبو عمرو القاضي و وافقه العلماء، و إنما سكت عنه أبو العباس سريج ، قال : لا أدري ما يقول. و الإجماع دليلٌ معصوم من الخطأ".

              و استدل ابن الجوزي بالحديث الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله أجاركم أن تجتمعوا على ضلالة كلكم }.

              قال الفقيه الأصبهاني ، محمد بن داود - و لا أعلم أحدا كان شديدا على الحلاج منه - : إن كان ما أنزل الله عز و جل على نبيه صلى الله عليه وسلم حقا، فما يقول الحلاج باطل.

              لذا.. قد تعصّب للحلاج جماعة من الصوفية ، و هم ثلاث فِرق المذكورة و غيرهم ، جهلا منهم و قلة مبالاة بإجماع الفقهاء، فقد اتصلت هذه الفِرق برموز الغنّوصية الأُول ؛ و قالوا بمقالاتهم.

              الصوفي الغنّوصي إبراهيم بن محمد النصر آبادي قال : إن كان بعد النبيين و الصديقين موحد فهو الحلاج.

              و على هذا أكثر قُصّاص زماننا و صوفية وقتنا جهلا منهم بالشرع و بُعدا عن معرفة النقل.​

              تعليق


              • #8
                وقفات مع الصوفية : 8

                ما يجب أن يعلمه الجميع أن هناك فرقا بين الصوفية و الأشاعرة ، فكل أشعري صوفي، و لكن ليس كل صوفي أشعري، فالأشاعرة أخذوا بمَذهَبي التفويض و التأويل، بينما الصوفية أخذوا بمذاهب متفرقة : التأويل تارة و التفويض تارة و التجسيم تارات ، و الحلول و الإتحاد و غير ذلك.

                فها هو الشيخ فوزي الكركري يثبت عقيدَتي الحُلول و الإتحاد، و عقيدة التجسيم في رؤيته لله عز و جل في الدنيا، و ليس هذا بغريب؛ و إنما هي عقائد القوم الكُفرية تُتلى على العوام من مريديهم الجَهلة باسم ( العلم الباطن )، و هذا ليس خاصّا بالطريقة الكركرية؛ و إنما توافقهم عليها الطريقة الحبيبية كذلك و غيرهم كثير.

                و مصدر هذا الإعتقاد الذي أتى به الشيخ فوزي الكركري في المقطع هو شرح الزنديق الصوفي أبو الحسين النوري، فما قصته؟!

                روى الحافظ أبو نعيم بأنه سمع عمر البنا البغدادي بمكة يحكي أنه لما كانت محنة غلام الخليل و نسبة الصوفية إلى الزندقة ، أمر الخليفة بالقبض عليهم، فأُخذ النوري في جماعة و أُدخلوا على الخليفة ؛ فأمر بضرب أعناقهم، فتقدم النوري مبتدرا إلى السيّاف ليضرب عنقه ، فقال له السياف : ما دعاك إلى البدار؟ قال : آثرت حياة أصحابي على حياتي هذه اللحظة؛ فتوقف السياف فرفع الأمر إلى الخليفة فرد أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل بن إسحاق فأمر بخليتهم.

                قال أحمد بن عطاء : كان يسعى بالصوفية ببغداد غلام الخليل إلى الخليفة، فقال : ها هنا قوم زنادقة، فأخذ أبو الحسين النوري و أبو حمزة الصوفي و أبو بكر الدقاق و جماعة من أقران هؤلاء ، و استتر الجُنيد بن محمد بالفقه على مذهب أبي ثور، فأُدخلوا إلى الخليفة فأمر بضرب أعناقهم، فأوّل من بدر أبو الحسين النوري، فقال له السياف : لم بادرت أنت من بين أصحابك و لم ترُع؟ قال : أحببت أن أوثر أصحابي بالحياة مقدار هذه الساعة، فرد الخليفة أمرهم إلى القاضي فأُطلقوا.

                من أسباب هذه القصة أن النوري قال : أنا أعشق الله و الله يعشقني، فشهد عليه بهذا، ثم تقدُّم النوري إلى السياف إعانة على نفسه فهو خطأ أيضا.

                قال الرُّقَيُّ الصوفي : كان لنا بيت ضيافة فجاءنا فقير عليه خرقتان يكنى بأبي سليمان فقال : الضيافة، فقلت لابني : امض به إلى البيت فأقام عندنا تسعة أيام فأكل في كل ثلاثة أيام أكلة، فسألته المقام فقال : الضيافة ثلاثة أيام، فقلت له : لا تقطع عنا أخبارك، فغاب عنا اثنتي عشرة سنة ثم قدم فقلت : من أين؟ فقال : رأيت شيخا يقال له أبو شعيب المقفع مبتلى فأقمت عنده أخدمه سنة فوقع في نفسي أن أسأله أي شيء كان أصل بلائه، فلما دنوت منه ابتدأني قبل أن أسأله فقال : و ما سؤالك عما لا يعنيك، فصبرت حتى تم لي ثلاث سنين، فقال في الثالثة : لا بد لك، فقلت له : إن رأيت، فقال : بينما أنا أصلي بالليل إذ لاح لي من المحراب نور فقلت : اخسأ يا ملعون فإن ربي عز و جل غني عن أن يبرز للخلق ثلاث مرات، قال : ثم سمعت نداء من المحراب يا أبا شعيب، فقلت : لبيك، فقال : تحب أن أقبضك في وقتك أو نجازيك على ما مضى لك أو نبتليك ببلاء، نرفعك به في عليين فاخترت البلاء فسقطت عيناي و يداي و رجلاي، قال : فمكثت أخدمه تمام اثنتي عشرة سنة، فقال يوما من الأيام : ادن مني فدنوت منه فسمعت أعضاءه يخاطب بعضها بعضا، ابرز حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه و هو يسبح و يقدس ثم مات.

                و هذه الحكاية توهم أن الرجل رأى الله عز و جل فلما أنكر عوقب.

                و عدد لا يُحصى من الصوفية يقولون بأن الله عز و جل يُرى في الدنيا.

                ذكر عبد الله بن أحمد البلخي في كتابه [ المقالات ] : قد حكى قوم من المشبهة أنهم يجيزون رؤية الله تعالى بالأبصار في الدنيا، و أنهم لا ينكرون أن يكون بعض من تلقاهم في السكك، و إن قوما يجيزون مع ذلك مصافحته و ملازمته و ملامسته و يدعون أنهم يزورونه و يزورهم ، و هم يُسمون بالعراق أصحاب الباطن و أصحاب الوساوس و أصحاب الخطرات.

                و هذا فوق القبيح، نعوذ بالله من الخذلان.​

                تعليق


                • #9
                  وقفات مع الصوفية : 9

                  بعد الوقفات الثمانية الماضية ظهرت على وجوه أتباع الطرق الصوفية ملامح الذّعر و فقد الدليل ، بل انعدامه من الأصل، و اليوم سأتحدث عن مسألة كثُرت في القوم و خاصة أتباع الطريقتين : الدُّكالية و الكركرية، ألا و هي : وساوسهم في استعمال الماء الكثير و كثرة تطهّرهم.

                  دخل ابن عقيل رباطا - زاوية - فتوضأ؛ فضحكوا منه مريدي تلك الزاوية لقلة استعماله الماء، و ما علموا أن من أسبغ الوضوء برطل من الماء كفاه.

                  قال أبو حامد الشيرازي لفقيرٍ - مُريد زاوية - : من أين تتوضأ ؟ فقال : من النهر؛ بي وسوسة في الطهارة، قال : كان عهدي بالصوفية يسخرون من الشيطان؛ و الآن يسخر بهم الشيطان.

                  و قد ثبت أن منهم من يمشي بالمَداس على الحصير المنسوج ، و هذا لا بأس به إلا أنه ربما نظر المبتدئ إلى من يقتدي به فيظن ذلك شريعة ، و ما كان خيار السلف على هذا النحو.

                  و العجب ممن يبالغ في الإحتراز إلى هذا الحد متصفا بتنظيف ظاهرِه و باطنُه محشُوٌّ بوَسخ عقيدة وحدة الوجود، و كَدَر عقائد الحلولية.​

                  تعليق


                  • #10
                    وقفات مع الصوفية : 10

                    إن من بدع الصوفية عامة - و خاصة الطريقة الصديقية بمصر - صلاة ركعتين بعد لُبس المرقعة؛ و التوبة 😊

                    فقد ذكر محمد بن طاهر المقدسي احتجاجهم بالحديث المتفق عليه عن ثمامة بن أثال أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره حين أسلم أن يغتسل.

                    ما أقبح بالجاهل إذا تعاطى ما ليس من شغله، فإن ثمامة كان كافرا فأسلم ، و إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل في مذهب جماعة من الفقهاء منهم الإمام أحمد بن حنبل، و أما صلاة ركعتين فما أمر بها أحد من العلماء لمن أسلم؛ و ليس في حديث ثمامة ذكر صلاة فيُقاس عليه ، و هل هذا إلا ابتداع في الواقع سمّوه سُنة ؟!

                    و من أقبح الأشياء قول ابن طاهر المقدسي أن: " الصوفية ينفردون بسُنن "، لأنها إن كانت منسوبة إلى الشرع فالمسلمون كلهم فيها سواء، و الفقهاء أعرف بها ، فما وجه انفراد الصوفية بها؟! و إن كانت بآرائهم فإنما انفردوا بها لأنهم اخترعوها ابتداعا.

                    و الحق أقول : إن مَنزَع الصلاة عند الصوفية منزع خطير جدا؛ فقسماً بالله الذي لا إله إلا هو أنني سأشهدُ بهذه الشهادة أمام الله عز و جل غدا يوم القيامة و الله شهيد على ما أقول :

                    لقد عاشرتُ الصوفية ؛ على طريقة أحمد العلوي ( الطريقة العلوية ) لمدة ستّ سنين تقريبا، فكان من أسباب تركي لهذا المذهب اللعين مسألة الصلاة.

                    1- لقد ذهبت عدد من صلواتنا أدراج الرياح، حيث أن الزاوية كانت بجوار المسجد؛ و يفصل بينها طريق فيه ثلاثة أمتار، يصلي الإمام في المسجد مع شخصين من المأمومين أو ثلاثة؛ و نصلي في الزاوية أكثر من ثلاث صفوف.
                    فأيّ بهتان هذا ؟! أستغفر الله على هذا الذنب العظيم.
                    و لا زال الأمر على ذلك ليومنا هذا في تلك الزاوية.

                    بل الأدهى و الأمر !!

                    2- أن قبلة المسلمين في المسجد ليست هي قبلة الزاوية التي تبعد بثلاثة أمتار عن المسجد!!
                    فلما سألتُ مُقدَّم الزاوية بأننا لا نُصلي للقبلة؟!
                    أجابني بأن هذه القبلة عرّفنا بها الشيخ العارف ( الباذنجان الهالك الذي نصلي اتجاه قبره المغروس في الزاوية ).

                    بل الأدهى من هذا كله!!

                    3- أن شيخا عجوزا - و قد هلك منذ مدة - صلى راتبة المغرب ( ركعتين بعد المغرب اتجاه القبر لا اتجاه القبلة ) فأخبره شيخ الزاوية الهالك بأن لا يعود للصلاة مرة أخرى، فعليه حين يأتي للزاوية أن يجلس و ينظر في وجوه الحاضرين ( أهل الله حسب زعمه ) فالنظر إليهم أفضل من صلاة راتبة المغرب؛ بل هي أفضل من صلاة الفريضة.

                    فيا عباد الله!! ارفعوا عنكم الجهل بالعلم و لا تدعوا شيوخ الصوفية يخرمون صمام التعقل عندكم.​

                    تعليق


                    • #11
                      وقفات مع الصوفية : 11

                      بعد الوقفات العشر الماضية - كتبها الله في ميزان حسناتنا - رأينا من أنصار هذا الفِكر الدخيل على دين الإسلام ثلاث أصناف :

                      ١- صنف رأينا منهم استجابة تامّة للبراءة من هذا الفكر؛ و انضباطهم على التوقف على الدليل، و عدم الإنجرار وراء الدعاوى الفاسدة، فنسأل الله العظيم أن يغفر لهم.
                      ٢- صنف رأينا منهم استجابة للحق و ميلا إليه ؛ غير أن إبليس لا زال يحيك لهم في الصدر، فلا هم مالوا للحق و لا هم مالوا عليه، فنسأل الله العظيم أن يُتم نعمة الهداية عليهم.
                      ٣- و صنف رأينا منهم فقرهم للدليل و انعدام الحجة عندهم؛ و هروبهم من الحق هروب الغزالة من الفهد، فنسأل الله أن يهديهم أو يُلحقهم بأهل ملتهم.

                      أما السبّابون الشتّامون العابدون لمشايخهم الرّادّون لسُنن سيد المرسلين ؛ فهؤلاء عقولهم مليئة بخرسانة مُهندس.

                      و وقفة اليوم نتحدث فيها بإيجاز عن الأربطة؛ أو الخانقاة أو التكية ، و كلها أسماء لمكان ينقطع فيه الصوفية؛ لا يعملون و إنما يُنفَقُ عليهم فيه، و هي [ الزاوية ] بالمُصطلح المعلوم المعروف.

                      حقا؛ قد اتخذ المتعبدون الماضون مثل هذه المساكن للإنفراد بالتعبّد، و هؤلاء إن صح قصدهم فهم على الخطأ من ستة أوجه :

                      1- أنهم ابتدعوا هذا البناء؛ و إنما بنيان أهل الإسلام هي المساجد.

                      2- أنهم جعلوا للمساجد نظيرا يُقلل جمعها.

                      3- أنهم أفاتوا أنفسهم نقل الخُطا إلى المساجد.

                      4- أنهم تشبهوا بالنصارى بانفرادهم بالأديرة ؛ التي هي بيت الرهبان قديما.

                      5- أنهم تعزّبوا و هم شباب؛ و أكثرهم محتاج إلى النكاح.

                      6- أنهم جعلوا لأنفسهم علما ينطق بأنهم زُهّاد فيوجب ذلك زيارتهم و التبرك بهم.

                      هذا إذا افترضنا أن قصدهم صحيح؛ أما إن كان قصدهم غير صحيح - و هو الصواب - فإنهم قد بنوا دكاكين للكُوبَة و الطبل، و مَناخا للبطالة و أعلاما لإظهار الزهد.

                      فقد رأيتُ جمهورهم مستريحين في الزوايا من كدّ المعاش، متشاغلين بالأكل و الشرب و الغناء و الرقص، يطلبون الدنيا من كل ظالم و لا يتورعون من عطاء ماكس و لا جُباة ضرائب.

                      و أكثر الزوايا قد بناها الظّلمة، و وقّفت وزارة التصوف و التوقيف عليها الأموال الخبيثة.

                      فقد لعب بهم الشيطان بأن ما يصل إليكم رزقكم؛ فأسقِطوا عن أنفسكم كلفة الورع.

                      فمهمتهم دوران المطبخ و الطعام و الماء و البرَد !!

                      فأين جوع بِشر؟ و أين ورع سُرّي؟ و أين جِد الجُنيد ؟

                      و هؤلاء أكثر زمانهم ينقضي في التفكّه بالحديث أو زيارة أبناء الدنيا، فإذا أفلح أحدهم أدخل رأسه رُزمانقته فغلبت عليه السواد فيقول : حدثني قلبي عن ربي.

                      لقد قرأ أحد الإخوة في زاوية سورة الحاقة فمنعوه و أخبروه أن لا يعُد لمثل ذلك، و السبب أن النار عندهم غير مخلوقة و لا يدخلها أحد منهم.

                      و عن نفسي كنتُ في مناقشة في أحد الزوايا مع أحد خُدامها و مسمّعيها ، فاستدللتُ بحديث للنبي صلى الله عليه و سلم، فقال : أحاديث البخاري و مسلم ليس هذا موضعه، فحدّثني عن أقوال شيوخنا.

                      فلا حول ولا قوة إلا بالله.​

                      تعليق


                      • #12
                        وقفات مع الصوفية : 12

                        [ استقباحُ الصوفية الأوائل للمال؛ و هذيان شيخ الصوفية - الحارث المحاسبي - في مسائل الأموال ]

                        الصوفية الأوائل كانوا صادقين في الزهد؛ و كانوا يظنّون أن جمعهم للأموال عيبٌ، و يخافون من شر المال فتجرّدوا من الأموال؛ و جلسوا على بساط الفقر، و كانت مقاصدهم صالحة و أفعالهم في ذلك خطأ لقلة العلم.

                        أما الآن ؛ فإن بعض مشايخ الصوفية إذا كان له مالٌ أنفقه تبذيرا و ضياعا.

                        قال أبو نصر الطوسي : سمعتُ جماعة من مشايخ الري يقولون : ورث أبو عبد الله المقري - و هو أحد مشايخ الصوفية - من أبيه خمسين ألف دينار سوى الضِّياع و العقار، فخرج عن ذلك كله و أنفقه على الفقراء.

                        و رُوي مثل هذا عن جماعة كثيرة ، و هذا الفعل لا ألوم صاحبه إذا كان يرجع إلى كفاية قد ادخرها لنفسه؛ أو إن كانت له صناعة يستغني بها عن الناس، أو كان المال عن شُبهة فتصدق به ، فأما إذا أخرج المال الحلال كله ثم احتاج إلى ما في أيدي الناس و أفقر عياله، فهو إما أن يتعرض لمِنَن الإخوان أو لصدقاتهم ، أو أن يأخذ من أرباب الظلم و الشبهات، فهذا هو الفعل المذموم المنهي عنه.

                        و لست أتعجب من المتزهدين الذين فعلوا هذا مع قلة علمهم؛ و إنما العجب من أقوام لهم عقل و علم، كيف حثّوا على هذا و أمروا به مع مصادمته للعقل و الشرع ؟!
                        و قد ذكر الحارث المحاسبي في هذا كلاما طويلا، و شيّده أبو حامد الغزالي و نصره؛ و الحارث عندي أعذر من أبي حامد؛ لأن الغزالي كان أفقه غير أن دخوله التصوف أوجب عليه نصرة ما دخل فيه.

                        من كلام الحارث المحاسبي في هذا أنه قال : أيها المفتون متى زعمت أن جمع المال الحلال أعلى و أفضل من تركه؛ فقد أزرَيتَ بمحمد صلى الله عليه وسلم و المرسلين، و زعمتَ أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم ينصح الأمة؛ إذ نهاهم عن جمع المال ، و قد علم أن جمعه خير لهم، و زعمت أن الله لم ينظر لعباده حين نهاهم عن جمع المال و قد علم أن جمعه خير لهم، و ما ينفعك الإحتجاج بمال الصحابة؟ ودّ ابن عوف في القيامة أن لو لم يُؤت من الدنيا إلا قوتا.

                        و قال في موضع آخر : و لقد بلغني أنه لما توفي عبد الرحمن بن عوف قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا نخاف على عبد الرحمن فيما ترك، قال كعب : سبحان الله و ما تخافون على عبد الرحمن؟! كسب طيبا و أنفق طيبا،، فبلغ ذلك أبا ذر فخرج مغضبا يريد كعبا ،فمر بلحى بعير فأخذه بيده ثم انطلق يطلب كعبا، فقيل لكعب : إن أبا ذر يطلبك فخرج هاربا حتى دخل على عثمان يستغيث به و أخبره الخبر؛ فأقبل أبو ذر يقتص الأثر في طلب كعب حتى انتهى إلى دار عثمان، فلما دخل قام كعب فجلس خلف عثمان هاربا من أبي ذر فقال أبو ذر : هيه يا ابن اليهودية تزعم أنه لا بأس بما ترك عبد الرحمن بن عوف، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : " الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا و هكذا".
                        ثم قال : يا أبا ذر و أنت تريد الأكثر و أنا أريد الأقل؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يريد هذا و أنت تقول يا ابن اليهودية لا بأس بما ترك عبد الرحمن بن عوف، كذبت و كذب من قال بقولك، فلم يرد عليه حرفا حتى خرج.

                        قلتُ : هذه الرواية موضوعة ؛ و الحديث المُستدل به متفق عليه.

                        قال الحارث : فهذا عبد الرحمن مع فضله يوقف في عرصة القيامة سبب مال كسبه من حلال للتعفف و لصنائع المعروف، فيمنع من السعي إلى الجنة مع فقراء المهاجرين و صار يحبو في آثارهم حبوا.

                        و قال في موضع آخر : و قد كان الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكن عندهم شيء فرحوا و أنت تدخر المال و تجمعه خوفا من الفقر و ذلك من سوء الظن بالله و قلة اليقين بضمانه و كفى به إثما ، و عساك تجمع المال لنعيم الدنيا و زهرتها و لذاتها ،و قد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أسف على دنيا فاتته قرب من النار مسيرة سنة "، و أنت تأسف على ما فاتك غير مكترث بقربك من عذاب الله عز و جل، ويحك هل تجد في دهرك من الحلال كما وجدت الصحابة، و أين الحلال فتجمعه؟!

                        قلتُ : الحديث المُستدل به ضعيف جدا.

                        أما شرف المال فإن الله عز و جل عظم قدره و أمر بحفظه إذ جعله قواما للآدمي الشريف؛ فهو شريف ، فقال تعالى : { و لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما }.
                        و نهى عز و جل أن يسلم المال إلى غير رشيد ، فقال : { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم }.​

                        تعليق


                        • #13
                          وقفات مع الصوفية : 13

                          الحارث المحاسبي - أحد مراجع الصوفية - يخبرهم أن جمع المال و لو كان لأعمال البر لا يجوز!!

                          قال : ويحك إني لك ناصح؛ أرى لك أنك لا تقنع بالبُلغة، و لا تجمع المال لأعمال البر؛ فقد سُئل بعض أهل العلم عن الرجل يجمع المال لأعمال البر فقال : تركه أبرّ منه. و بلغنا أن بعض خيار التابعين سُئل عن رجلين أحدهما طلب الدنيا حلالا فأصابها فوصل بها رحمه و قدم منها لنفسه، و الآخر جانَبها و لم يطلبها و لم يبذلها ؛ فأيّهما أفضل؟ فقال : بعيد و الله ما بينهما الذي جَانَبها أفضل كما بين مشارق الأرض و مغاربها.

                          هذا كلام الحارث المحاسبي ذكره أبو حامد الغزالي و شيده و قوّاه بحديث ثعلبة فإنه أُعطي المال فمنع الزكاة، فأخطأ الغزالي في مسألتين هنا : مسألة موافقة الحارث في كلامه الذي سنناقشه بعد قليل إن شاء الله، و مسألة تعضيد كلامه بقصة ثعلبة بن حاطب؛ لأنها قصة منكرة رواها ابن جرير في تفسيره، و قال القرطبي في التفسير [ 4/ 2134 - 2135 ] ( طبعة دار الغد العربي ) : ثعلبة هذا بدري أنصاري؛ فما رُوي عنه غير صحيح.

                          و قال ابن عبد البر في هذه القصة : إنما نزلت - أي آية 75 من سورة التوبة في نبتل بن الحارث و جد بن قيس و معتب بن قشير ؛ و هم من المنافقين.
                          راجع : [ أسباب النزول ] ؛ ص : 220 ، طبعة دار الفجر للتراث.

                          قال الغزالي بعد أن ذكر هذا الخطأ الشنيع: فمن راقب أحوال الأنبياء و الأولياء و أقوالهم لم يشك في أن فقد المال أفضل من وجوده و إن صُرف إلى الخيرات، إذ أقل ما فيه اشتغالهم بإصلاحه عن ذكر الله عز و جل، فينبغي للمريد أن يخرج من ماله حتى لا يبقى له إلا قدر ضرورته، فما بقي له درهم يلتفت إليه قلبه فهو محجوب عن الله عز و جل.

                          هذا كله بخلاف الشرع و العقل و سوء فهم المراد بالمال؛ و أين كلام مشايخ الصوفية في شيخ الزاويتين البوتشيشية و الكركرية ؟!

                          صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال [ متفق عليه ].

                          و قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد : " لأن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس". [ متفق عليه ].

                          و قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما نفعني مال كمال أبي بكر " [ رواه البخاري بنحوه ].

                          قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " خذ عليك ثيابك و سلاحك ثم ائتني "، فأتيته فقال :" إني أريد أن أبعثك على جيش فيُسلمك الله و يغنمك، و أرغب لك من المال رغبة صالحة "، فقلت : يا رسول الله ما أسلمتُ من أجل المال و لكني أسلمت رغبة في الإسلام، فقال عليه السلام : " يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح ". [ صححه الألباني في ( صحيح الأدب المفرد ) ].

                          و عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بكل خير؛ و كان في آخر دعائه أن قال : " اللهم أكثر ماله و ولده و بارك له". [ متفق عليه ].

                          عن عُبيد الله بن كعب بن مالك قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حديث توبة ؛ قال : قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله عز و جل و إلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال : " أمسك بعض مالِك فهو خير لك ". [ متفق عليه ].

                          فهذه الأحاديث في أعلى درجة الصحة [ متفق عليها ] ما عدا حديث عمرو بن العاص أنه حديث صحيح من الدرجة الثالثة، و هذه الأحاديث هي على خلاف ما تعتقده بعض المتصوفة من أن إكثار المال حجاب و عقوبة، و أن حبسه ينافي التوكل، و لا ينكر أنه يخاف من فتنته و أن خلقا كثيرا اجتنبوه لخوف ذلك ، و أن جمعه من وجهه يعز؛ و سلامة القلب من الإفتتان به يبعد، و اشتغال القلب مع وجوده بذكر الآخرة يندر، و لهذا خيف فتنته.

                          فأما كسب المال فإن من اقتصر على كسب البُلغة من حلها فذلك أمر لا بد منه، و أما من قصد جمعه و الإستكثار منه من الحلال نظرنا في مقصوده، فإن قصد نفس المفاخرة و المباهاة فبئس المقصود ، و إن قصد إعفاف نفسه و عائلته و ادخر لحوادث زمانه و زمانهم و قصد التوسعة على الإخوان و أغنياء الفقراء و فعل المصالح أثيب على قصده، و كان جمعه بهذه النية أفضل من كثير من الطاعات.

                          و قد كان نيات خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في جمع المال سليمة لحسن مقاصدهم لجمعه فحرصوا عليه و سألوا زيادته.

                          في حديث ضعيف للإستئناس [ ضعفه الألباني في سنن أبي داود ] عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه بأرض يقال لها ثرثر، فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى سوطه فقال : " أعطوه حيث بلغ السوط".

                          و من دعاء الصحابي الجليل رضي الله عنه سعد بن عبادة : اللهم وسع عليّ.

                          و أبلغ من هذا أن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما قال له بنوه { و نزداد كيل بعير } مال إلى هذا و أرسل ابنه بنيامين معهم.

                          و شعيب عليه السلام طمع في زيادة ما يناله؛ فقال : { فإن أتممتَ عشرا فمن عندك }.

                          و أيوب عليه السلام لما عوفي نثر عليه رجل جراد من ذهب فأخذ يحشو في ثوبه يستكثر منه؛ فقيل له : أما شبعت؟ قال : يا رب من يشبع من فضلك. [ و أصل القصة رواها البخاري في صحيحه ].

                          بالجملة : هذا أمر مركوز في الطباع؛ فإذا قصد به الخير كان خيرا محضا.​

                          تعليق


                          • #14
                            وقفات مع الصوفية : 14

                            أولا ؛ ألتمس من مريدي الزاوية الكركرية أن يستعملوا عقولهم ، و يعلموا أن الزهد الذي يطالبهم به شيخهم هو زهد يخصهم هم، أما طبقة شيوخهم فيجب أن يكونوا أغنياء.

                            لذا.. فمسألة تخلص المريد من ماله عن طريق تقديمه للشيخ ليس كما يتصوره الإنسان أنه مجرد هبة ، و إنما هي من ركائز الصوفية على مر التاريخ، فمن قرأ مقالي برقم ( 12 و 13 ) فسيعلم عما سنتحدث عنه هنا.

                            ثانيا ، قد ذكرنا ما حض عليه شيخ شيوخ الصوفية : الحارث المحاسبي في المقالين المُشار إليهما ، فكلامه خطأ يدل على الجهل بالعلم.

                            فقول الحارث المحاسبي : " إن الله عز و جل نهى عباده عن جمع المال".
                            و قوله : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أمته عن جمع المال".
                            فهذا محال؛ إنما النهي عن سوء القصد بالجمع أو عن جمعه من غير حله.

                            و أما ما ذكره من حديث كعب و أبي ذر فمحال من وضع الجهال؛ و خفاء صحته عنه ألحقه بالقوم.

                            و قد روى المحاسبي بعض هذا و إن كان طريقه لا يثبت؛ بإسناد عن مالك بن عبد الله الزيادي عن أبي ذر أنه جاء يستأذن على عثمان فأذن له و بيده عصاه، فقال عثمان : يا كعب إن عبد الرحمن بن عوف توفي و ترك مالا فما ترى فيه؟ فقال : إن كان يصل فيه حق الله تعالى فلا بأس به، فرفع أبو ذر عصاه فضرب كعبا و قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما أحب لو أن لي هذا الجبل ذهبا أنفقه و يتقبل مني" أذر خلفي ست أواقي، أنشدك الله يا عثمان أسمعت هذا؟ ثلاث مرات. قال : نعم.

                            هذا الحديث ضعيف لا يثبت؛ و فيه ابن لهيعة مطعون فيه، قال يحي : لا يحتج بحديثه.
                            و الصحيح في التاريخ أن أبا ذر توفي سنة خمس و عشرين، و عبد الرحمن توفي سنة اثنتين و ثلاثين ، فقد عاش بعد أبي ذر سبع سنين.
                            ثم لفظ ما ذكره من حديثهم يدل على أن حديثهم موضوع.
                            ثم كيف يقول الصحابة رضي الله عنهم : إنا نخاف على عبد الرحمن؟!!
                            أَوليس الإجماع منعقدا على إباحة جمع المال من حله؟! فما وجه الخوف مع الإباحة؟! أَوَيأذن الشرع في شيء ثم يعاقب عليه؟!
                            هذا قلة فهم و فقه!
                            ثم تعلقه بعبد الرحمن وحده دليل على أنه لم يسر سيرة الصحابة، فإنه قد خلف طلحة ثلاث مائة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير، و البهار الحِمل، و كان مال الزبير خمسين ألف ألف و مائتي ألف، و خلّف ابن مسعود رضي الله عنه تسعين ألفا، و أكثر الصحابة كسبوا الأموال و خلفوها و لم ينكر أحد منهم على أحد.

                            و لكن !! المحاسبي يريد من مريديه الخروج عن المال لأجله 😊

                            و أما قول المحاسبي بأن عبد الرحمن يحبو حبوا يوم القيامة، فهذا دليل على أنه لا يعرف الحديث ،أو كان هذا مناما و ليس هو في اليقظة، أعوذ بالله من أن يحبو عبد الرحمن بن عوف في القيامة!
                            أفترى من يسبق إذا حبا عبد الرحمن بن عوف و هو من العشرة المشهود لهم بالجنة، و من أهل بدر المغفور لهم، و من أصحاب الشورى ؟!

                            ثم الحديث يرويه عمارة بن ذاذان، و قال البخاري : ربما اضطرب حديثه. و قال أحمد : يروي عن أنس أحاديث مناكير. و قال أبو حاتم الرازي : لا يحتج به. و قال الدارقُطني : ضعيف.

                            الحديث الذي نتحدث عنه هو حديث أنس رضي الله عنه أنه قال : بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها سمعت صوتا في المدينة، فقالت : ما هذا ؟ فقالوا : عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل من كل شيء، قال : و كانت سبعمائة بعير، فارتجت المدينة من الصوت؛ فقالت عائشة رضي الله عنها : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال : إن استطعت لأدخلنها قائما، فجعلها بأقتابها و أحمالها في سبيل الله عز و جل.

                            قال النسائي : هذا حديث موضوع.

                            هذا الحديث صحيح فقط عند مريدي الزوايا الصوفية؛ و صححه مشايخهم لأجل أن يُخلصوا مريديهم من أموالهم عن طريق إيداعها في الحساب البنكي الخاص بالشيخ.​

                            تعليق


                            • #15
                              وقفات مع الصوفية : 15

                              زميلي الصوفي!!
                              قبل أن تحبو للدفاع عن شيخك، و قبل أن ترنو إلى ركن شديد، اقرأ الوقفات ( 12- 13- 14 ) ، كي تعلم عما أتحدث.

                              خلاصة الوقفات الثلاث الماضية : أن مسألة طلب مشايخ الصوفية من مريديهم الزهد و الخروج عن الأموال ليس منهجا جديدا ؛ و إنما منهج قديم بقِدم نشأة التصوف، فأن يكون المريد زاهدا خارجا عن ماله ؛ و يقدمه هبات لشيخه ( أيا كان : الكركري، البوتشيشي ، النقشبندي ، الحلزوني....) أمر ضروري فيه؛ و لذلك يسمى ( الفقير ) ، و أما أن يكون شيخه زاهدا مثله فلا ، بل يجب أن يكون غنيا و ذو مال، و يعيش حياة الرفاهية : من طائرة لباخرة، بمال المريد المطحون.

                              لذا.. فقد سبقهم الحارث المحاسبي لمثل هذه الأفعال؛ و أمر مريديه بالزهد و الخروج عن أموالهم لأجل أن يقدموها هبات له - تماما كما يفعله المتصوفة مع مشايخهم حاليا -، فقال : " ترك المال الحلال أفضل من جمعه".

                              ليس كذلك ، بل متى صح القصد فجمعه أفضل بلا خلاف عند العلماء.

                              و استدل المحاسبي بحديث ضعيف جدا مما يثبت أنه لا علم له بالحديث - و هكذا المتصوفة في جميع الأمصار - ، و هو الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أسف على دنيا فاتته.... " إلى آخر الحديث..

                              هذا محال!! ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط!!

                              أما قوله : " هل تجد في دهرك حلالا؟"

                              ما الذي أصاب الحلال و النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الحلال بين و الحرام بين" [ متفق عليه ].
                              أترى يريد بالحلال وجود حبة مُذ خرجت من المعدن ما تقلبت في شبهة؟!
                              هذا يبعد، و ما طولبنا به ، بل لو باع المسلم يهوديا كان الثمن حلالا بلا شك، هذا مذهب الفقهاء.

                              و أعجب لسكوت أبي حامد الغزالي عن هذا الهذيان !!

                              بل لنصرة الحارث من طرف الغزالي ما حكى عنه في إحياء علوم الدين؛ و لا حاجة لنقل العته.

                              و كيف يقول : إن فقد المال أفضل من وجوده و إن صُرف إلى الخيرات؟! و لو ادعى الإجماع على خلاف هذا لصح ؛ و لكن تصوفه غير فتواه.

                              قال المروزي : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله - الإمام أحمد - إني في كفاية، فقال : الزم السوق تصل به الرحم و تعود المرضى.

                              و تأكيد الغزالي على قول المحاسبي : ينبغي للمريد أن يخرج من ماله، قد بينت أنه إن كان حراما أو فيه شبهة، أو إن يقنع هو باليسير أو بالكسب جاز له أن يخرج منه؛ و إلا فلا وجه لذلك، و أما ثعلبة فما ضره المال إنما ضره البخل بالواجب.

                              و أما الأنبياء فقد كان لإبراهيم عليه الصلاة والسلام زرع و مال، و لشُعيب و لغيره ، و كان سعيد بن المسيب رضي الله عنه يقول : لا خير فيمن لا يطلب المال، يقضي به دينه و يصون به عرضه؛ و يصل به رحمه ، فإن مات تركه ميراثا لمن بعده.
                              و خلّف ابن المسيب أربع مائة دينار، و قد ذكرت في الوقفة السابقة ما خلفته الصحابة رضي الله عنهم.
                              و قد خلف سفيان الثوري رضي الله عنه مائتين، و كان يقول : المال في هذا الزمان سلاح.
                              و ما زال السلف يمدحون المال و يجمعونه للنوائب و إعانة الفقراء.

                              و إنما تجافاه قوم منهم إيثارا للتشاغل بالعبادات و جمع الهمم ، فقنعوا باليسير ، و لو قال هذا القائل : إن التقلل منه أولى قرب الأمر؛ و لكنه زاحم به مرتبة الإثم.

                              لذا.. على المريد أن يُكافح و يعمل بكد و جد؛ و ( يضرب تمارى) كي يأتي بنصيب لشيخه فيدعو معه و هو يقود هليكوبتر.​

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
                              ردود 25
                              154 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 4 أكت, 2021, 08:23 م
                              ردود 7
                              84 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 28 سبت, 2020, 07:20 ص
                              ردود 3
                              473 مشاهدات
                              1 معجب
                              آخر مشاركة محمد24
                              بواسطة محمد24
                               
                              ابتدأ بواسطة eeww2000, 18 يول, 2020, 10:43 ص
                              ردود 3
                              167 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة سعدون محمد1
                              بواسطة سعدون محمد1
                               
                              ابتدأ بواسطة eeww2000, 6 فبر, 2020, 08:40 ص
                              ردود 2
                              230 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة eeww2000
                              بواسطة eeww2000
                               
                              يعمل...
                              X