مآزق العقل اللائكي الانقلابــي ج 4 و الأخير

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مآزق العقل اللائكي الانقلابــي ج 4 و الأخير

    المأزق اللائكي الخـامس : مأزق التدبير العقلاني للدولـة/ زعموا

    مـا فتئ اللائكيون يُجـارون العقلاء بادعـاء حكمتهم في حسن تدبير الدولـة ، إذ كثيرا مـا يتفاخرون في أدبياتهم بميزة الإدارة العقلانية للدولة عبر الحديث عن مجال فصل السلطات و احترام الكفاءات و الاحتكـام إلـى القانون و فسـح المجال لحريـة الإعـلام و العدل بين النـاس في المنـازعـات و الاستناد إلــى المسطرة القضائية في محـاكمة الجنـاة...فهـذا الطوفان الجميل من الترسانة اللغوية العريقة تُمـثِّـل في الحقيقة عـالمـا قائمـا بذاته مفصولا عن التطبيق اللائكي للأمـاني و التعبيرات إذ تتحول سريعـا إلـى كيان من المعكوسات تترجمه عمومـا الإدارة السيئة و الفاسدة للائكيين علـى مدار عقود من الزمن .إن النـظر المقتضب حول الأداء اللائكي في تحكمه للدولة يحيل مباشرة إلـى وضع كـارثي آلت إلـى انهيارات متتالية في مفاصل الدولة و المجتمع و إلـى انسدادات كبيرة في قطـاعات التنمية الاجتمـاعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الإعـلامية و الفنية ممـا استدعـى الثورة علـى المسئولين اللائكيين و البحث عـن بديل حقيقي يعيد الاعتبار للكوادر الشريفة الغيورة علـى وطنهـا و للمـمارسة السياسية النزيهـة في مستوياتهـا الإجرائية و التطبيقية ، كـان لابدّ من وضع حــدٍّ ليس فقط للاستبداد في تجلياته المـادية و إنمـا أيضا للعقليات اللائكية المؤسسة لقيم الخَوَر السياسي و المنتجة لكل أشكـال الانحلالات و الأوبئة الطـاحنة لجسد الأمـة ، لكـن لمـا قامت تباشير الثورة على الظلم اللائكي بتهشيم رأس الطـاغية مبارك و البدء في عملية البنـاء التدريجي لمؤسسات الدولة أسقــطَ الثوار من حسابهـم كون هـذا الرأس لا زال حيا يتعـافـى حتـى اشتد عوده من جديد فتحركت اللائكية للدفاع عـن قلاعهـا عبر تسخير دهـاقنة الدولة العميقة بافتعـال الأزمـات و خنق موارد الاقتصاد ليأتي بعد ذلك دور القراصنـة المتمردين لاستكمـال عمليات الشغب المـادي و العنف الإرهابي الوضيع . كـان التدليس اللائكي للدولة سواء عندمـا قادهـا أصحـابهـا بالفعل أو عندمـا أداروهـا من الخارج كـان لاعقلانيا قائمـا علـى النهب الماكر و زرع مـافيات و لوبيات التحكم في كل شيء و تمركزَ حول إطـلاق أيادي أباطرة الفساد في القضاء و الإعـلام، بكلمة : كـانت اللائكية الاستبدادية العروبية هي الدولـة ذاتهـا.

    بعد أن نجحت عصابات قيادات الجيش و الداخلية في إعـادة أنياب اللائكية إلـى مقراتهـا و عشهـا الرئيسي و بدأت طوابير المثقفين اللائكيين تصفق للآلـة الإرهابية و تشارك في قتل قيم التعددية و مبادئ الانتقال السلمي للسلطة كـان طبيعيا أن تثمـر سلسلـة من الميكـانيزمـات الفاسدة لتدبير الدولة المُغتَصَـبة، فقد سـارعَ كبير السفـاحين إلـى وضع مخطط شيطـاني –شأنه شأن كل الطغاة – لتصفية المؤسسات المنتخبة و إعـادة الفاشلين الفاشيين الرئاسيين (موسى،الصباحي،أبو الفتوح،البرادعي) و الحشاشين (تمرد) إلـى أجهـزة الدولـة ، و حتـى تكون عملية التجميل مقبولـة و مخضرمـة لا بأس بتطعيم المجـالس بعمـامـة فقيه العسكر و مشعوذ الطـائفة القبطية و تعيين الأمي في الدستور عدلي منصور الموسوم بالطرطور شعبيا . إن التدبير الأعرج للائكيي الثورة المضادة للدولة دلّ علـى عودة اللعب السياسي في تعيين الشخصيات و اختيار الزعـامـات، فحركـة التعيينـات اللائكية العسكرية للمحـافظين لـم تكن تخضع في الحقيقة إلا لمنطق إرادة العسكر و لم يكن لهـا من غرض سوى إحكـام السيطرة الكـاملة علـى مفاصل الدولة بمـا يمكِِّـن الخونـة العسكرية من إدارتهـا حسب الطلب، كمـا أن تعيين "لجنـة الخمسين" للنظر في التعديلات الدستورية لـم يعتمد علـى الكفاءة القانونية كمـا أنهـا لم تمثل الطيف المجتمعـي المتنوع من أساسه، فنظرة فاحصة لكراكيزهـا يُسنتَج منهـا حجم حضور الأمية السياسية و القانونية المتخصصة فضلا عـن الهيمنـة المطلقة لجبهـة "الإنقاذ" التي لا تترك أي مجـال للحديث عن النزاهـة القانونية و الموضوعية المطلوبة ، لــكــن و مـع ذلك لا يُعــدَم فيهـا جهبـوذ يُـعدّ من فطـاحـلة فقهـاء القانون و الضليع في الدراسات القانونية حتـى صار مرجعـا دوليا و خبيرا عـالميا في شؤون القضاء و الدستور ، يتعلق الأمـر بطبيعة الحال بالمتمرد الشهير و المرموق محمود بدر !

    إن الانقلاب لا يمكن لـه بأي حـال من الأحـوال أن يتعـايش مـع أهـل الاختصاص و الكفاءات و لا يمكن إلا أن يسفر عن تدمير العقول و المؤسسات لا تدبيرهـا ، و لأنـه بنية قامت فلسفتـه أساسا علـى أنقاض الدولـة العـادلة فإن الحتمية الاستبدادية تفرض عليهـا التمـاس طريق الأشلاء و الدمـاء و الملاحقات و احتكـار مصادر القوة في الدولة و تحويلهـا إلـى إطـارات خاوية يسهـل قضمهـا و توجيهــها بمـا يضمن للطـاغية البقاء الأطول و الأمثل . إن الدولـة اللائكية الظالمة الانقلابية تصنـع لنفسهـا دولـة خـاصة تعينهـا في المنـاسبات علـى تجديد ذاتـها تمـامـا كمـا فعلت مؤسسات مبارك عندمـا قامت بإحيائه و انتشالـه من المشنـقة و الإفراج عن كبار اللصوص بأحكام قضائية ملعوبـة بإتقان.

    إن مقارنـة خـاطفة بين الطـاقم البشري المتخصص في اللجنـة التأسيسية التي تكلفت بصياغـة دستور لعرضـه علـى الاستفتـاء و بين كراكيز اللجنة الخمسينية لا يسع المرء إلا أن يُقــبِّـح الانقلاب و أهلــه .

    علــى سبيـل الختم

    إذا كـانت الأسطوانـة الدائمة للائكيين تدور حول إبراز تخوفاتهم من التطبيقات التي ستنجم عنهـا محـاولات الأسلمـة عند وصول الإسلاميين للسلطة فإن الأجدى النظر إلـى تنزلات العقل اللائكي علـى الواقع و مـآلاته الخطيرة التي كرست حـالة من الضياع الجمـاعي للدولة و المجتمع و وصلت درجتهـا إلـى مهالك الاحتمـاء بالانقلاب و دفعه لشن غارات علـى المخالفين في الرأي السياسي، نحتـاج لنضج سياسي فارق لكي تفيق النخب اللائكية من وهمهـا في الانفراد بالقرار في إدارة الدولـة ، نحتـاج إلـى نضج يُفهٍـمُ المنهزمين في معركـة الديمقراطية التنافسية بأن الرهـان يكون في تعبئة الشعب و العمل الجاد لخدمة الوطن لكسب الثقة و احترام قواعد التنظيم السياسي و التعاقدي و لا يتحقق البتة في شحن العصبيات العروبية و الزعـامات الوهمية، النضج الذي يؤمن بحق الأغلبية في تدبير برامجهـا وفق رؤيتهـا و منظورهـا الخاص دون أن يُحجَّـر عليهـا في حقهـا التي بهـا رشحهـا الشعب للقيادة ، و مـا اختراع فريـة "الشرعية الشعبية" إلا بدعـة سياسية لائكية مسمومة وُضِعت أساسـا لخدمـة مشروع الانقلاب الدموي فلمـا انتهـى دورهـا تحرك فلول القضاة لاستصدار قرار منع إسقاط أي رئيس بالحراك الشعبي . لعبــة قذرة !

    إن هذا الوعـي يمثل شرطـا فيصليا لا بديل عنه إذا مـا أُريدَ لسفينـة النجـاة الوصول إلـى بر السلام و إلا فاضطرابات الأمواج العـاتية لـن تدعهـا ترسو بأمـان البتة، و لـن ينفـع الرهـان علـى الغرب في استتباب الاستقرار و تحقيق الاستقلال فالأنياب الغربية قدمت الدليل في تجربتهـا مع الجزائر و أثبتت عدائهـا للخيارات الشعبية في تولية رؤسائها المنتخبين، و قد صدق الراحل عبد السلام ياسين رحمه الله عندمـا سطر هاته الكلمات في كتابه النفيس (الإسلام و الحداثة ) قائلا : " يجب أولا أن نكون واثقين من أن الغرب لن يفتح ذراعيه لأية حكومـة إسلامية مـادام قادرا علـى منعهـا من الوصول إلـى الحكم، لـن ينشر الغرب البساط الأحمـر ليستقبل لجنـة مكونة من إسلاميين،بل سيحـاول – إذا مـا تهورت الصنـاديق و منحت الفوز للإسلاميين – أن يزرع الألغـام و يدعـم العمليات القذرة المستوحـاة من الطريقة الجزائرية " ( ص 313) .


  • #2
    جزاكم الله خيراً أخونا الكريم على هذه السلسلة الطيبة ..

    جعلها الله تعالى فى ميزان حسانتكم ..

    سيظل منتدى حراس العقيدة بعون الله وفضله نبراساً للعلم والإيمان والصحبة الصالحة ..
    بارك الله فيكم وأحسن إليكم جميعاً ..

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة هشام مشاهدة المشاركة
      جزاكم الله خيراً أخونا الكريم على هذه السلسلة الطيبة ..

      جعلها الله تعالى فى ميزان حسانتكم ..


      العفـو أخـي الكريم و بارك الله فيكم أجمعين

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك
        هذه المآزق لها أسباب ، وقبل علاج المآزق يجب علاج أسبابها!!
        من أكبر الأسباب: الجهل بواقع الحال والأمية الفاضحة التي صاحبت الحدث في مصر ،
        هذه الأمية نتجت أيضا من أسباب عدة ، منها وأخطرها انتهاك ضرورة العقل ، والعقل إحدى الضرورات الخمس التي أمر الإسلام بحفظها وصونها..

        الإسلام دينٌ ارتضاه الله للناس جميعا ، فهو عقيدة وشريعة ، له مميزات وخصائص لا يشاركه فيه دينٌ آخر ، ولا يضاهيه تشريع وضعي من صنع البشر ، ومن هذه الخصائص:
        1- أنه دينٌ رباني المصدر
        2- دينٌ شامل
        3- دينٌ وسطي
        4- دينٌ واضح
        5- دينٌ متوازن يجمع بين الثبات والمرونة
        6- دينٌ إنساني
        7- دينٌ واقعي
        8- دينٌ عقلاني
        9- دينٌ أصله ومصادره محفوظة من التحريف....

        هذه الخصائص العظمى تدور حول مقاصد الإسلام الكبرى ، وهذه المقاصد محصورة في حفظ الضرورات الخمس:
        الدين ، العقل ، النفس ، النسل ، المال

        وأهم هذه الضرورات الخمس من حيث الغاية ضرورة الدين ، لكن أهمها من حيث تحقيق غاية حفظ الضرورات الخمس -في نظري- ضرورة حفظ العقل ، لأن العقل إذا خرب انهدم الدين وضاعت النفس والمال وفسد النسل!! وإذا حُفظ العقل من الإنحراف والفساد ، حفظت الضرورات الخمس.

        العقل من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان ، فلولا العقل لصار الإنسان كالبهيمة ، والعقل مناط التكليف ، لأن الإنسان يميز به بين المصالح والمفاسد ، لذلك كله ، حرم الله كل ما يفسد العقل أو يضره ، فكيف خَرِبَت عقول الناس حتى أصبحت لا تميز بين الحق والباطل؟

        إنقلاب مصر ، لم يبدأ عسكريا ، بل بدأ بانقلاب على العقل عبر الإعلام المأجور ، ولما وصل غايته من غسيلٍ وإفسادٍ للعقل ، وتحولت عقولٌ كثيرة إلى مستوى من تصديق قلب الحقائق ، ورؤية الباطل حقا والحق باطلا ، قام الإنقلاب العسكري لأنه استند على عقول فاسدة منتهكة الحرمة!! وصلت إلى : "فاستخف قومه فأطاعوه"..

        الكلام طويل ، ولكن سأذكر لكم قصة وقعت في أحد المطاعم ، كان فيها قرابة تسعة مصريين ، 5 مع الإنقلابيين و 4 ضد الإنقلابيين ، وكان الحديث ساخنا ، فتدخلت بينهم ، وسلمتُ عليهم وقلت لهم بهدوء سأسألكم جميعا اسئلة محددة ، وأتمنى الإجابة بنعم أو لا فقط ومن خلال الإجابة ستعرفون هل الإنقلاب كان خيرا لمصر أم كان شرا:

        - هل فرحت اسرائيل وأمريكا بالإنقلاب أم لم تفرحا؟ قالوا: فرحتا ، قلت: هذا يكفي جوابا على حال الإنقلاب ، ولكن سأزيدكم:
        - هل فرح الأقباط بالإنقلاب أم لم يفرحوا؟
        - هل فرح القساوسة والشيعة أم لم يفرحوا؟
        - هل فرح اللصوص والبلطجية وسراق المال والعاهرون والعاهرات أم لم يفرحوا؟
        - هل فرح أعداء مصر عموما بالإنقلاب أم لم يفرحوا؟
        قالوا: كلهم فرحوا ، قلت: سأزيدكم:
        - هل ستزيد الحريات أم يكثر الإستبداد؟ قالوا: سيكثر الإستبداد!!
        قلت:
        - هل نجح في العالم كله حكمٌ للعسكر؟ قالوا:لا ،
        قلت: إذن العسكر لا يصلحون للحكم مطلقا!!


        انقلب المؤيدون للإنقلاب إلى معارضين إلا واحدا رفض ، قلت له:
        أنت تؤيد الإنقلابيين لأنك تكره الإخوان ، وهذه معادلة خاطئة ، الشعب المصري جاءته الحرية من حيث لا يحتسب ، من كره مرسي كان عليه أن يُسقطه في الإنتخابات ، لا أن يُسقط شرفاء مصر ما بين مقتول وما بين مسجون ، فإذا رضي الشعب المصري بهذا الإنقلاب واستسلم له ، فلا يبكين إلا على نفسه ، فما قام على باطل فنتائجه وخيمة وفاجعة...(وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) ، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)..





        .
        .
        النصرانية المحرفة لها مصدر، ومصدرها يجهله الكثير، ولو عرف المسيحيون مصدر التحريف لدينهم لتركوه حالا.
        مايقوله النصارى عن المسيح قال به الهنود (البرهمية) عن إلههم كرشنة، وكذلك قال به البوذيون عن بوذا.

        يقول الإمام محمد أبو زهرة:
        "....والقول الجملي أن الهنود يعتقدون في كرشنة ما يعتقده المسيحيون في المسيح،... فتقارَب الإعتقادان حتى أوشكا أن يتطابقا، وإذا كانت البرهمية أسبق من النصرانية المحرفة، فقد عُـلم إذن المشتق والمشتق منه، والأصل وما تفرع عنه، وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم".

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
        ردود 0
        176 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
         
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
        ردود 0
        25 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
         
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
        ردود 0
        42 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
         
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
        ردود 0
        43 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
         
        ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
        ردود 3
        88 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
        بواسطة Ibrahim Balkhair
         
        يعمل...
        X