حاجة البشر الى الرسل

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.فخر الدين المناظر اكتشف المزيد حول د.فخر الدين المناظر
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حاجة البشر الى الرسل

    { مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }

    { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا }

    نشأت العاطفة الدينية غريزية مع الانسان..وكانت هذه العاطفة انعكاسا لإحساساته الغامضة مثل القلق-الخوف-الضعف....
    وجاء الرسل والأنبياء منذ البداية يشبعون حاجاته الى اليقين ويؤكدون وجوده الروحي ويبنون مجتمعه البشري على أساس التوازن بين مطلبي الجسد والروح..وما كان الله ليعذب أحدا من خلقه حتى يقيم عليه الحجة ويبعث اليه رسولا يهديه.
    وما هؤلاء الرسل إلا شهداء على قومهم يوم القيامة..يدعون الى الله باذنه غير مدعين ولا متقولين وكل واحد منهم يوضح لقومه الشريعة التي أتى بها باللغة المألوفة لديهم.
    ولكل رسول معجزة تدل على صدقه..وإذا كانت سائر المعجزات قد ذهبت ولم يشاهدها الا الحاضر لها فان المسلمين يشاهدون المعجزة التي أعطيها الرسول محمد الباقية الخالدة تتحدى كل منكر جاحد على مر العصور وهي معجزة القرآن الكريم.
    الرسالة السماوية من اعظم العنايات التي حبا الله بها الجنس البشري لأنها تشبع حاجته الى اليقين من جهة وحاجته الى تنظيم مجتمعه والتزود للآخرته من جهة أخرى كما أن الرسل هم صفوة الخلق ونخبتهم يتحلون بأعلى الصفات وأكملها.

    شعور الانسان بحياة أخرى

    الانسان بطبيعته واع ومتفكر..يتصرف بعقله ولا يعيش بغرائزه فقط كبقية الحيوانات ..فهو ينشد السعادة ويهيم بالحقيقة واذا تألقت في ذهنه ومضة معرفة وأشرقت في قلبه جذوة فهم ..وجدته يرقص طربا. فهو يتساءل ويستفهم دائما..ويستهدف حل معضلاته التي تتعرض سبيله..وكانت المعضلة الأولى التي واجهها هي مشكلة وجوده نفسها فمن أين أتى؟وهذه المعاناة والمكابدة التي يواجهها في صراعه مع الطبيعة ما نهايتها؟وماذا بعد الموت؟هل من حياة أخرى؟ واهتدى الانسان بواسطة الرسل والعقل الى وجود حياة أخرى يجازى فيها المحسن على احسانه والمسيء على اساءته لأن هذا الكون منتظم في أبدع نظام.. ومصوغ في قالب سليم يستحيل أن يكون وجد بنفسه فلابد له من صانع مبدع هو الله..ولاشك أن هذا الصانع يرقب أعمالنا ليجازينا عليها في حياة خالدة أبدية.. قال رب العزة {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }
    ولكن هذه الفكرة التي تجلجلت في صدور الناس وأفئدتهم عن منطقية البعث وضرورته كان يعوزها الوضوح..وتفتقر الى البرهان الذي يبدد الحيرة وذلك ما جاءت به الرسل.

    احتياج الانسان الى غيره حسب طبيعته البشرية لتحقيق مطالبه الاجتماعية

    لم تكن حاجة الناس الى الرسل لتنظيف اعتقادهم وتبشيرهم بالحياة الأخرى وطمأنتهم على مصيرهم الأخروي فحسب بل كانت هناك دواع وأسباب ترتبطترتبط بحياتهم الدنيوية وتلح عليهم في التماس الرسالة السماوية..فالانسان اجتماعي بطبعه لا غنى له عن غيره فهو يحتاج الى غيره محتاج اليه على حد قول الشاعر المتنبي:
    الناس للناس من بدو وحضر **بعض لبعض وان لم يشعروا خدم

    وبطبيعة الحال فان العلاقات الاجتماعية يشوبها الصراع بين المصالح..وتطبعها الأنانية وتتحكم فيها الغرائز..ويعلو فيها صوت القوة مجلجلا.. فالانسان في حاجة الى المأكل والمشرب والملبس..وهو ينشد ارواء غرائزه..كغريزة الجنس..وغريزة حب التملك وغريزة السيطرة..وكل هذه المتطلبات انما يتم تحقيقها داخل المجتمع..وفي اطار الجماعة وهنا يبدأ الصراع..ويرتفع نداء العواطف المهتاجة..ويخفت صوت الضمير والعقل..وقديما قتل قابيل هابيل على مذبح الشهوة والنزوة..وقد تكونت الشرائع الوضعية لتنظيم العلاقات في المجتمع على أساس العدل والانصاف..غير أن هذه القوانين قد تتحيز لأصحاب السلطة وتحمس مصالحهم..وقد تجور..وقد يكون الغرض من وضعها اضفاء صفة المشروعية على نظام غير مشروع كنظام الرق وتصنيف المجتمعات الى كبقات السادة والعبيد..فقد سئم الناس هذه الشرائع التي يضعها الانسان للانسان..وأخذوا يتطلعون الى شرائع أكثر انصافا وعدلا يحملها رسل مصلحون ويبلغونها للناس بوحي من رب العالمين..لا ينطقون عن الهوى.تحقق سعادة الانسان في الدنيا والأخرى..وتوازن بين متطلبات الروح والجسد وتسوي بين الناس في الحقوق والواجبات..وتلغي الفارق بين طبقات المجتمع وتحمل الناس على الطريق السوي وتوفر لهم الأمن والعدل والاستقرار..وهكذا يومض النور السماوي من جديد لينقذ البشرية من ويلاتها ويصحح الأوضاع التي فسدت من جراء التقنينات الوضعية.

    التوازن الاجتماعي المبني على الرسالة الالاهية

    وهكذا جاء الرسل المصلحون برسالة الله الى الخلق..تلك الرسالة التي تقتصر على توحيد الله والاخبار بالبعث..ولكنها تتضمن التشريعات الدنيوية الكفيلة بتحقيق التوازن الاجتماعي..واقامة عالم يسوده العدل وتحوطه المحبة والألفة..وتعمر قلوب أفراده الأخوة الصادقة.. ان هذه التشريعات جاءت لتوازن بين مصالح الأغنياء والفقراء وبين سلطة الراعي ومصالح الرعية..وبين حقوق الرجل وحقوق المرأة..وبين طغيان المادة وشفافية الروح.. جاءت لتقيم الأسس الثابتة بين غلبة القوي وعجز الضعيف..وبين ظلم الظالمين وضعف المظلومين..ومحت الفوارق المصطنعة فوارق المال والجاه واللقب والحسب والنسب..وجعلت الكرانة للأتقياء الأصفياء قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
    {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}
    جاءت التشريعات الإلاهية فعالجت كل كل شؤون الحياة الانسانية وتدخلت في هذه الحياة وما يتعلق بها من نظام وأخلاق..ومعاملة وجوار وسياسة واقتصاد..حمت المجتمع البشري من كل ما يعكر صفو هذه الحياة أو يفسدها أو يهدد أمنها أو يضر بمصالحها ..بما شرعت من أحكام وقننت من قوانين حققت بها تلك السعادة التي كان يحلم بها البشر فتوفرت المحبة وخفت الخصومات..وشاع العدل وساد الامن في كل رحاب المجتمع البشري .. تلك هي السعادة التي افتقدتها البشرية في ظل القوانين الوضعية ..

    مع تحياتي لأخي سيف الكلمة ،، أفتقدك في منتدى التوحيد فأجدك في منتدى حراس العقيدة ،، حفظك الرحمان وأطال عمرك في طاعته...

    دمتم بخير...
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    من كـثر كـلامه كـثر خـطؤُه ...و لن تنال ما تريد الا بترك ما تشتهي، ولن تنال ما تأمل الا بالصبر على ما تكره، فليكن كلامك ذكرا، وصمتك فكرا، ونظرك عبرا،لا تتسرع في الرد ، تعلم فليس المرء يولد عالـمــا، وليس أخو علم كمن هو جاهـل ،فكبير القوم لا علم عـنـده ، صغير إذا التفت عليه الجحافل ،وإن صغير القوم إن كان عالما ، كبير إذا ردت إليه المحـافـل.


    فــخــر الــديــن الــمُــنــاظــر

  • #2
    مرحبا بك أخى الكريم
    فخر للتوحيد وفخر لحراس العقيدة أن يكون بيننا الدكتور فخر الدين المناظر
    وأعتذر عن تخلفى المؤقت عن التوحيد
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 أغس, 2020, 07:43 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا ما انا إلا عبدٌ فقيرٌ إلى الله لم أوتى من العلم إلا قليلا ،، وتلميذ من تلاميذك...

      جعلك الله دائما سيف كلمةٍ مسلطا على كل المخالفين ،، مع كل احتراماتي ....
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 أغس, 2020, 07:43 ص.
      {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

      من كـثر كـلامه كـثر خـطؤُه ...و لن تنال ما تريد الا بترك ما تشتهي، ولن تنال ما تأمل الا بالصبر على ما تكره، فليكن كلامك ذكرا، وصمتك فكرا، ونظرك عبرا،لا تتسرع في الرد ، تعلم فليس المرء يولد عالـمــا، وليس أخو علم كمن هو جاهـل ،فكبير القوم لا علم عـنـده ، صغير إذا التفت عليه الجحافل ،وإن صغير القوم إن كان عالما ، كبير إذا ردت إليه المحـافـل.


      فــخــر الــديــن الــمُــنــاظــر

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
      ردود 0
      123 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة Mohamed Karm
      بواسطة Mohamed Karm
       
      ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
      ردود 0
      67 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ARISTA talis
      بواسطة ARISTA talis
       
      ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
      ردود 25
      153 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة عادل خراط
      بواسطة عادل خراط
       
      ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
      ردود 0
      93 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة The small mar
      بواسطة The small mar
       
      ابتدأ بواسطة The small mar, 16 نوف, 2022, 01:42 ص
      ردود 0
      55 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة The small mar
      بواسطة The small mar
       
      يعمل...
      X