جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة (سلسلة متجددة)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د/ربيع أحمد مسلم سلفي العقيدة اكتشف المزيد حول د/ربيع أحمد
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟






    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
    [1] .


    و الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾
    [2] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[3] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[4] ..


    و بالنسبة لسؤالهم كيف يحاسب الله الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه فهذا لجهلهم بعقيدة القضاء و القدر ، و تقدير الله المعصية على الإنسان لا يستلزم جبر الإنسان على المعصية فتقدير الله المعصية على الإنسان بمعنى أن الله علم في الأزل أن هذا الإنسان الذي سيخلقه سيقع منه هذه المعصية التي صدرت عن إرادته فكتب ذلك في اللوح المحفوظ و شاء أن تقع من هذا الإنسان هذه المعصية فلما خلق الله هذا الإنسان وقعت هذه المعصية كما علم الله و شاء فلا يكون في ملك الله إلا ما أراد الله و شاء .

    و ليس في تقدير الله المعصية على الإنسان جبر الإنسان على فعل المعصية إذ تقدير الله المعصية بمعنى أن الله علم علم غيب بوقوع المعصية من الإنسان فكتب ذلك و أراد ذلك ففعل هذا الإنسان المعصية باختياره و إرادته و لم يجبره أحد على فعلها ؛ لأن الله قد خلق فيه القدرة على فعل الطاعة و على فعل المعصية و بين له طريق الطاعة و طريق المعصية قال تعالى : ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾
    [5] ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾[6] ، و قال تعالى : ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾[7] و هذا الإنسان قد اختار المعصية و ترك الطاعة .


    و الله لم يظلم هذا الإنسان حين قدر عليه المعصية ، بل أعطى الإنسان المهلة والقدرة والاختيار ، و أرسل له الرسل وأنزل معهم الكتب ، وذكّره وأنذره بأنواع من المذكّرات ، كالمصائب والابتلاءات ، ليتوب إليه ، ويقبل عليه ، فاختار طريق المعصية ، وسلك سبيل المجرمين خلافا لما أمره الله و قد قال تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
    [8] أي قد أفلح من زكى نَفسه بِطَاعَة الله وطهرها من الْأَخْلَاق الدنيئة والرذائل القبيحة و خاب من قذرها بِالْجَهْلِ والغفلة، و الْمعْاصي وَلم يحملهَا و يجاهدها على طَاعَة الله فالله قد أمر الإنسان أن يتبع أوامره و ينتهي عن معاصيه لا أن يعلق الأمور على مشيئته لأنه لا يعرفها .


    و الإنسان حين أقدم على المعصية لم يكن لديه العلم بأنها مقدرة عليه ؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء ، فلماذا لم يقدر هذا الشخص قبل أن يفعل المعصية أن الله قدر له الطاعة فيقوم بطاعته ؟!


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد قدر على أناس أخر الطاعة و أثابهم عليها و أخبر أن من يطيعه يدخل الجنة و من يعصه يدخل النار و لو كان الناس مجبورون على ما يفعلونه لما أثاب هؤلاء و عذب هؤء و كيف يكلف الله المجبر ؟!! و قال تعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
    [9] و قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾[10] و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[11] .

    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد أرسل الرسل و أنزل الكتب ليفعل الناس الخير و يجتنب الناس الشر ، و لو كان الناس مجبورون على أفعالهم لكان إرسال الرسل و إنزال الكتب عبث لا فائدة منه و هذا باطل قال تعالى : ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
    [12].


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان في الدنيا يفعل السبب ليحصل على النتيجة فيأكل ليدفع الجوع و يشرب ليدفع الظمأ و ينكح ليقضى و تره و ينجب الولد فلما لا يفعل الطاعة ليدخل الجنة و يترك المعصية ليجتنب النار فالتفريق بين الأسباب الدنيوية - لتحصيل الأغراض البشرية - و الأسباب الموصلة للآخرة تفريق بلا مفرق إذ لما في أمور الدنيا لا يحتج بالقدر و في أسباب الآخرة يحتج بالقدر ؟!! و لما يفرق بين السعي للدنيا و السعي في طاعة الله ؟!! لماذا يجعل القدر حجة له على ترك الطاعة ؛ و لا يجعله حجة له على ترك العمل للدنيا ؟.


    و من المعلوم أن الإنسان لو عرض عليه من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما يرى لنفسه الخير فيه ، والثاني يرى لنفسه الشر فيه ، من المعلوم أنه يختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير و لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يختار المشروع الثاني ، و هو مشروع الشر ، فلماذا لا يعامل الإنسان نفسه هذه المعاملة في عمل الآخرة ؟


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن كل إنسان يعلم من نفسه أن عمله من خير وشر ، وطاعة ومعصية يفعلها باختياره ، ولا يشعر بسلطة تجبره على فعلها ، فيستطيع الإنسان أن يضرب بيده ، ويسرق ويزوّر ويخون ، ويستطيع أن يساعد المحتاج ، ويبذل الخير ، ويقدم المعروف بيده . وكل إنسان يؤدي شيئا من هذه الأعمال ، لا يشعر بالجبر ولا بالقهر ، بل يفعلها باختياره وإرادته ، ومن ثم فإنه سيحاسب عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفراً أو على القول ولو كان كفراً فإنه لا يعاقب عليه لأنه بغير اختيارٍ منه كما أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجداً لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره و القول بالجبر يجعل التفريق بين فعل المعصية طوعا و كرها و فعلها اختيارا لا معنى له و هذا باطل .

    و اختم بما اعترض به سارق عَلَى أمير المؤمنين
    عمر بن الخطاب فقال السارق: كيف تقطع يدي يا أمير المؤمنين وما سرقت إلا بقدر الله وقضاءه؟! واحتج بالقدر عَلَى فعل المعاصي فأجاب أمير المؤمنين بجواب الموحدين. فقَالَ: أنت سرقت بقدر الله وأنا أقطع يدك بقدر الله فقطع يده فعلمنا أن الله قدر أن تقطع يده، ولو لم يشأ الله أن تقطع يده ، لما قطعها عُمَر .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الزمر الآية 67
    [2] - النحل الآية 90
    [3] - الكهف من الآية 49
    [4] - متفق عليه
    [5] - البلد الآية10
    [6] - الإنسان الآية 3
    [7] - الشمس الآية 8
    [8] - الشمس الآية 9 - 10
    [9] - البقرة الآية 25
    [10] - النساء الآية 14
    [11] - البقرة الآية 39
    [12] - الكهف من الآية 29

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة

    الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيقول الملاحدة هداهم الله أن عقيدة اليوم الآخر عند المسلمين تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة و هذا الكلام دعوى بلا برهان و يغني فساده عن إفساده إذ عقيدة اليوم الآخر مستمدة من الشرع لا من العرب ، و لو كانت عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب لوافقت ما كان عليه العرب و هذا ظاهر البطلان .



    و قد كان العرب قبل الاسلام أمة بدوية أمية ، لايهمهم إلا تربية الابل و الشاة و شاع فيهم ، القتل و الزنا و شرب الخمر والكبر، والتجبر و المفاخرة بالأنساب و قد نهى الإسلام عن هذه الأفعال الجاهلية .

    و كانت السمة العامة للعرب قبل الإسلام الفوضى و الاضطراب في جميع نواحي الحياة سواء الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غير ذلك و قد بددت العصبيات القبلية العرب قبل الإسلام، فلم يكن لهم شريعة تجمعهم ولا نظام يحكمهم، فنالوا بالإسلام العزة و السيادة ، و السعادة .

    و كانت الوثنية هي الديانة السائدة في بلاد العرب قبل الإسلام و فشى عقوق الوالدين و سوء الجوار و الكبر و التفاخر فنهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾
    [1] و حول الإسلام العرب من وثنيين يعبدون الأصنام إلى مؤمنين و صديقين يعبدون رب الأصنام و رب الناس و رب الأرباب و تحولوا إلى رهبان بالليل و فرسان بالنهار .

    و قد فشى في العرب قبل الإسلام القمار، والميسر و الخمر و قد نهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
    [2] .

    و كان العرب يتشأمون بالأيام أو الشهور، أو ببعض الأشخاص، أو الحيوانات، أو الأحداث، أو غير ذلك من المسموعات أو المرئيات، و قد نهى الإسلام عن ذلك و جعله من الشرك الذي يذهب الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الطيرة شرك الطيرة شرك »
    [3] ، و ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: « ‏لا ‏ ‏طيرة ‏ ‏وخيرها الفأل قال وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم »[4] وفي هذا إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم ، و ضد الطيرة الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة ، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «و يعجبني الفأل » قالوا: يا رسول الله و ما الفأل ؟ قال : « الكلمة الطيبة » .

    و كانت المراة قبل الإسلام ، لا ترث و ليس لها حق المطالبة بالإرث ؛ لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب ، و زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و ليس لها حق الاعتراض على من يتزوجها ، و الولد كان يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه ، و قد يضع ثوبه عليها قائلاً : ورثتها كما ورثت مال أبي ، وكان الرجل العربي قبل الإسلام يصاب بضيق صدر ، وهمّ بالغ ، إذا قيل له إن زوجته وضعت أنثىبل يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة ، و هذه العادة القبيحة ، اللإنسانية ، كانت واسعة الانتشار في أيام الجاهلية ، في الجزيرة العربية عند أهل البادية في الصحراء و في المدن المتحضرة .

    و عندما جاء الإسلام جعل للمرأة مكانة عظيمة و مرتبة جليلة ، و جعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾
    [5] ، و قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[6] .

    و حرم الإسلام وأد البنات قال تعالى : ﴿ و َإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْبِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾
    [7] .

    و حث الإسلام على الإحسان إلى البنات قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ‏من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار »
    [8] ، و عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار »[9] ، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو , وضم أصابعه »[10] ، و ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏ : ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : « ‏ ‏من عال ثلاث ‏ بنات ‏ فأدبهن و زوجهن و أحسن إليهن فله الجنة »[11] .

    و أمر الإسلام بحسن عشرة الزوجة و عدم الإساءة إليها أو إلى أبويها قال تعالى : ﴿ و عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
    [12] ، و نهى الإسلام عن ضرب الوجه أو التقبيح قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي »[13] ، و عن عمرو بن الأحوص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع : « أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»[14]، و عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حق الزوجة: « وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»[15].

    و الخلاصة أن الإسلام صاحبه هو الله و غير مستمد من العرب و قد نهى عن أفعال العرب الجاهلية و كرم المرأة أحسن تكريم بخلاف ما كان عليه العرب قبل الإسلام من إزدراء المرأة .

    و الجنة ونعيمها لكل من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و ليست حكرا على الرجال دون النساء كما يزعم الملاحدة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾
    [16] .

    و لا يوجد في الجنة امرأة لم تتزوج إذ لا يوجد في الجنة أعزب قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »
    [17] .

    و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾
    [18] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[19] .
    و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية فالله لا يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .

    و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!

    و عليه فلا إذدراء للمرأة في الإسلام بل التكريم و الاحترام هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - النساء الآية 36
    [2] - المائدة الآية 90
    [3] - رواه أحمد في مسنده و أبو داود في سننه
    [4] - رواه البخاري في صحيحه
    [5] - النساء الآية 124
    [6] - النحل الآية 97
    [7] - التكوير 8 - 9
    [8] - رواه الترمذي في سنننه
    [9] -رواه مسلم في صحيحه
    [10] -رواه مسلم في صحيحه
    [11] - رواه أبو داود في سننه
    [12] - النساء الآية 19
    [13]- رواه الترمذي، وصححه الألباني
    [14]­- رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني
    [15]- رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني
    [16] - النساء الآية 124
    [17] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
    [18] - قـ الآية 35
    [19] - فصلت من الآية 31

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي

    الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي فيها من الملذات الجنسية و الخمور و الحور مالم يخطر على قلب بشر ، و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و ليس بعد الكفر ذنب و إذا لم يستح العبد فإنه يفعل ما يشاء ، و لسوء فهم الملاحدة للنصوص الواردة في نعيم أهل الجنة توهموا أن العلاقة بين من دخل الجنة من الرجال و بين الحور العين علاقة محرمة لعدم تفريقهم بين ما أباحه الله من الزواج و بين ما حرمه من الزنا .

    و كل من يدخل الجنة من الرجال يزوجه الله تعالى من الحور العين ، قال تعالى : ﴿ َكذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[2] .


    و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[3] ، و قد بين الحديث بعدم وجود أعزب في الجنة فلا يوجد رجل أو امرأة في الجنة لم يتزوج مما يبعد شبهة الوقوع في العلاقات المحرمة تمام البعد .

    و ليس نعيم الجنة قاصرا على المتع الجنسية كما يدعي الملاحدة فالجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين قال تعالى : ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ و َلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] أى : و في الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات ، و كل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته[6] .

    و المشتهيات ليست قاصرة على النكاح بل هناك مشتهيات أخرى كالذهب و الفضة و الأنعام و الخيل و الزرع و البحار و الأنهار و الطيور ، و عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : و سأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك و لذت عينك[7] .

    و ليس المقصد من الزواج قضاء الوتر وحسب كما يصور الملاحدة فالزوجة بها يحصل الأنس و السكن ، و تحصل المودة و الفرحة ، و يكون التمتع الروحي بالإضافة إلى التمتع الجنسي .

    و ليس في الجنة شيء محرم كما يدعي الملاحدة بل كل ما فيها حلال و كل ما يريده المؤمن في الجنة يعطى قال تعالى : ﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[8] أي : لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون, ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم, أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم[9] ، و أكل الجنة و شرب الجنة بعيدا عن كل أذى قال تعالى : ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾[10] أي : يقال لهم : كلوا أكلا و اشربوا شربًا بعيدًا عن كل أذى, سالمين من كل مكروه؛ بسبب ما قدَّمتم من الأعمال الصالحة في أيام الدنيا الماضية[11] .

    أما تحريم الخمر في الدنيا و تحليلها في الآخرة فلأن الآخرة دار جزاء و ليست دار تكليف و لأن خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا و الله سبحانه و تعالى حرم الخمر في الدنيا ؛ لأن خمر الدنيا رجس من عمل الشيطان ، تذهب عقل شاربها، فتشغله عن طاعة الله تعالى ، و توقعه في معصيته ، و تورث العداوات و البغضاء في قلوب المؤمنين، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾[12] .

    و خمر الآخرة لونها مشرق حسن بهيّ لا كخمر الدنيا ذات المنظر البشع ، و خمر الآخرة لذيذة الطعم كما هى طيبة اللون و طيبة الريح بخلاف خمر الدنيا خبيثة الطعم و خمر الآخرة لا تؤثر في الأجسام كما تؤثر خمور الدنيا ، فلا تصدّع الرأس ، و لا تفسد العقل بالسكر كما يكون في خمر الدنيا[13] قال تعالى : ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾[14] قال السعدي : و تلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها ﴿ بَيْضَاءَ﴾ من أحسن الألوان، وفي طعمها ﴿ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾ يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده، وأنها سالمة من غول العقل وذهابه، ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر [15] .

    و كون الله وعد المؤمنين بالزواج من الحور عين فهذا فيه احترام للمتع الجسدية لدى الإنسان ،و الإنسان جسد و روح و ليس روح فقط و بالتالي فالمنطق يقتضي أن يكون النعيم للروح و للجسد أيضا و من أبلغ ما تشتهيه النفوس الزواج و عليه فلا إشكال في وعد المؤمنين بالحور العين و لكن الإشكال عند الملاحدة الذين أباحوا التبرج و السفور و الزنا و العلاقات اللا أخلاقية ،و لماذا لا يشنعوا على من يخرج لرؤية ملكات الجمال و المغنيات و عارضات الأزياء ينظرون إليهن و يمتعون أنظارهم بالنظرات المحرمة!! ،و لماذا لا يشنعوا على من يعري جسده و يمشي في الشارع عاريا كيوم ولدته أمه ، و لماذا لا يشنعون على الزناة و من يمارس البغاء و لماذا لا يشنعون على شاربي الخمر هدى الله الملاحدة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الدخان الآية 54
    [2] - الطور الآية 20
    [3] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
    [4] - الزخرف من الآية 71
    [5] - فصلت من الآية 31
    [6] - التفسير الوسيط للطنطاوي 13/99
    [7] - حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
    [8] - قـ الآية 35
    [9] - التفسير الميسر
    [10] - الحاقة الآية 24
    [11] - التفسير الميسر
    [12] - المائدة الآية 90 - 91
    [13] - تفسير المراغي 23/57 بتصرف
    [14] - الصافات الآيات 45- 47
    [15] - تفسير السعدي ص 702

    __________________

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟

    الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

    و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
    و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


    وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


    و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


    و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

    و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


    و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

    قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

    و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

    و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

    و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

    و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الزمر الآية 67
    [2] - لقمان من الآية 13
    [3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
    [4] - النساء من الآية 48
    [5] - متفق عليه
    [6] - الذاريات الآية 56
    [7] - تفسير السعدي ص 813
    [8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
    [9] - القلم الآية 35 - 36
    [10] - السجدة الآية 18
    [11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
    [12] - المائدة من الآية 72
    [13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
    [14] - الأنعام الآية 28
    [15] - التفسير الميسر
    [16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
    [17] - تفسير المنار 7/296
    [18] - تفسير المنار 8/72
    [19] - تفسير المراغي 7/100
    [20] - تفسير المراغي 7/102
    [21] - التفسير الواضح ص 602
    [22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258
    التعديل الأخير تم بواسطة محب المصطفى; 29 سبت, 2012, 09:55 م. سبب آخر: تكبير الخط

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب اهله

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟ ، و مقتضى العدل أن الله لا يعاقب امرأة عفيفة صالحة بفساد و جرم أحد محارمها إذ كيف يبتلي الله المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بالزنى ،و الجواب أن الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[2] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[3] .


    و مقولة من يزني لا بد أن يزنى بأحد محارمه لا دليل عليها بل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن أن لا أحد يؤخذ بذنب غيره قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾[4] و عليه فلم يقدر الله أن من يزني يزنى بأهله .

    و لعل الملاحدة أخذوا بحديث : « من زنى زني به و لو بحيطان داره » ، و هذا الحديث لا يصح فقد ذكره السيوطي في جامع الأحاديث ، و قال : ( أخرجه الديلمي ، و ابن النجار ، ووهاه عن أنس ، و فيه الحارث بن عبد المختلط واه )[5] و قال الألباني : موضوع[6] ، و على التسليم بصحته تنزلا معهم فيكون الحديث معناه أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد ، فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر فالمرء على دين صاحبه و على هذا يكون لا تعارض بين الحديث و الآية ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ .

    و حتى لو سلمنا جدلا و تنزلا بأن الزاني يزنى بأهله عقابا فيكون زنى أهله ابتلاءا لهم و اختبارا فلا ظلم لهم و عليه يحمل الحديث الضعيف : « عُفوا تعف نساؤكم »[7] و الدنيا ليست دار سعادة و فرح بل دار ابتلاء و اختبار ،و للرب أن يمتحن عباده بما يشاء و هو ليس ظالما لهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - النحل الآية 90
    [2] - الكهف من الآية 49
    [3] - متفق عليه
    [4] - الأنعام من الآية 164
    [5] - جامع الأحاديث للسيوطي حديث رقم 22319
    [6] - السلسة الضعيفة 2 / 154
    [7]- رواه الحاكم في المستدرك و ضعفه الذهبي و أبو حاتم العلل 1/412

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟ و الجواب أن الله لا يسوي بين من يعبده و من يعبد غيره فقد سبحانه : ﴿ أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾[1] أي : أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات , و كذَّبوا رسل الله , و خالفوا أمر ربهم , و عبدوا غيره , أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله , و صدقوا رسله و عملوا الصالحات , و أخلصوا له العبادة دون سواه, ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة[2] ، و قال بن جبرين في صدد هذه الآية : هل حسبوا ذلك؟ فهذا حسبان باطل! كيف يعتقدون و يحسبون أن نجعلهم – و هم قد اجترحوا السيئات- أن نجعلهم مثل أهل الحسنات؟! ومثل أهل الأعمال الصالحة؟! لقد أخطئوا في هذا الحسبان[3] .


    وَ قال سبحانه : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[4] وَ هَذَا الاستفهام الذي في الآية استفهام إِنْكَاري على من يظنّ ذَلِك ، و هذا يدل أَن التَّسْوِيَة بَين أهل الطَّاعَة وَ أهل الْكفْر مِمَّا يعلم بُطْلَانه وَإِن ذَلِك من الحكم السيء الَّذِي تنزه الله عَنهُ .

    و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[5]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[6] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[7] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة [8] .

    و تأبى حكمة الله سبحانه وتعالى أن يُضيع أعمال العباد سُدى، وأن يسوِّي بين المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، تأبى حكمة أحكم الحاكمين أن تتّصف بذلك، فلولا أنّ هناك بعثاً يحاسَب فيه العباد ويجزى كلُّ عامل بعمله للزم العبث وللزم الجور والظُّلم من الله، تعالى الله عن ذلك[9] .

    و من سمع بالإسلام و بلغته الحجة ولم يسلم فقد ظلم نفسه ظلما كبيرا لا يغفره الله إلا بالتوبة والإسلام، فإذا مات على ذلك استحق الخلود في نار جهنم قَالَ تَعَالَى : ﴿ ِإنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[10] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾[11] .


    و إن كان الأب كافرا وله زوجة مؤمنة وأولاد فلن يجمع الله بينهم ، إذ ليس من العدل الجمع بين من آمن وأطاع، وبين من كفر وعاند قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[12] ،و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[13] و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[14] ،و هذه الآيات تستلزم عدم التسوية بين المؤمنين و الكافرين و عدم التسوية بين أهل الجنة وأهل النار في الدنيا و في الآخرة .


    و ليس في الجنة حزن قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [15] أي ويقولون حينئذ: الحمد لله الذي أذهب عنا الخوف من كل ما نحذر، وأراحنا مما كنا نتخوف من هموم الدنيا والآخرة[16] ،و قال الزجاج: أَذْهَبَ الله عن أهل الجنة كُلَّ الأحزان ما كان منها لمعاشٍ أو معادٍ[17] و قال السعدي : وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد[18] و قال الطنطاوي : والحزن: غم يعترى الإنسان لخوفه من زوال نعمة هو فيها. و المراد به هنا: جنس الحزن الشامل لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة أى: وقالوا عند دخولهم الجنات الدائمة، وشعورهم بالأمان والسعادة والاطمئنان : الحمد لله الذي أذهب عنا جميع ما يحزننا من أمور الدنيا أو الآخرة[19] و قال أبو بكر الجزائري : قوله تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [20] أي كل الحزن فلا حزن يصيبهم إذ لا موت في الجنة ولا فراق ولا خوف ولا همَّ ولا كرب فمِن أين يأتي الحزن[21] .

    و لا يقاس أحوال الناس يوم القيامة على أحوال الناس في الدنيا ، ففي الدنيا يتألم المسلم إذا رأى أمه أو أباه يرفضون الإسلام لعلمه بعاقبتهم عند الله، ولكنه يسلم لأمر الله ولا يضره هذا في الآخرة ولا يحزنه إذا دخل الجنة ، فأهل الجنة لا يحزنون قال تعالى : ﴿ ِإنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[22].

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - الجاثية من الآية 21
    [2] - التفسير الميسر
    [3] - شرح الطحاوية لابن جبرين
    [4] - ص الآية 28
    [5] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
    [6] - القلم الآية 35 - 36
    [7] - السجدة الآية 18
    [8] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/23
    [9] - إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للفوزان 2/172
    [10] - النساء الآية 48
    [11] - التوبة الآية 68
    [12] - القلم الآية 35 - 36
    [13] - السجدة الآية 18
    [14] - ص الآية 28
    [15] - فاطر الآية 34
    [16] - تفسير المراغي 22/131
    [17] - اللباب في علوم الكتاب 16/143
    [18] - تفسير السعدي ص 689
    [19] - التفسير الوسيط للطنطاوي 11/350
    [20] - فاطر الآية 34
    [21] - أيسر التفاسير 4/356

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟

    الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل اللادينيين في عجب إذا كان الله غني عن عبادتنا فلماذا نعبده ؟!! و الجواب أن الله غني عنا و ليس بحاجة لعبادتنا قال تعالى : ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾[1] أي : إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا; فإن الله لغني عن خلقه, مستحق للحمد والثناء, محمود في كل حال[2] ،و قال تعالى : ﴿ َإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ﴾[3] أي : إن تجحدوا وحدانية الله تعالى وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات والأرض. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله[4] .

    و قال تعالى : ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ ﴾ أي إنه تعالى ما كلف المكلفين ليجرّ إلى نفسه منفعةً أو ليَدْفَع عن نفسه مضرَّة لأنه تعالى غني على الإطلاق فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة، لأنه واجب الوجود لذاته وواجب الودود لذاته في جميع صفاته يكون غنياَ على الإطلاق و أيضاً فالقادر على خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسيّ والعناصر الأربعة والمواليد الثلاثة ممتنع أن ينتفع بصلاة «زَيْدٍ» وصيامِ «عَمْرٍو» وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذلك[5].

    وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل : « يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر »[6] .


    و ليس معنى أن الله غني عن عبادة البشر ألا يعبده البشر فالله قد خلق الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[7] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[8] .

    و قال ابن عثيمين في قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[9] أي : ما أوجدتهم بعد العدم إلا لهذه الحكمة العظيمة، وهي عبادة الله تبارك وتعالى، وحده لا شريك له، واللام في قوله ﴿ ليعبدون ﴾ للتعليل ، لكن هذا التعليل تعليل شرعي، أي لأجل أن يعبدون ، حيث آمرهم فيمتثلوا أمري، وليست اللام هنا تعليلاً قدريا ، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً للزم أن يعبده جميع الجن والإنس[10] .

    وقال أبو بكر الجزائري :قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[11] أي لم يخلقهما للهو ،و لا للعب و لا لشيء وإنهما خلقهما ليعبدوه بالإذعان له والتسليم لأمره و نهيه[12] .

    و ليس معنى أن الله خلقنا لنعبده أن الله تعالى يحتاج لعبادتنا بل نحن الذين نحتاج أن نعبده لنشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى قال تعالى : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ[13] فإذا فعل شخص فيك العديد من الخير ينبغي عليك أن تشكره فكيف بالله الذي وهبك كل خير ألا تشكره قال تعالى : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾[14] و شكر الله لا يكون إلا بعبادته سبحانه دون من سواه ؟!!! و ما يعمله الإنسان من الصالحات إنما هو شكر لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد قال تعالى : ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾[15] أي : ومن شكر ففائدة الشكر إليه، لأنه يجلب دوام النعمة، ومن جحد ولم يشكر فإن الله غنى عن العباد وعبادتهم، كريم بالإنعام عليهم وإن لم يعبدوه [16].

    و الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغني عن العالمين فالخلق هم المستفيدون من الطاعة والمتضررون من المعصية قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[17]

    و نحن نحتاج أن نعبد الله لأننا فقراء إليه نحتاج إليه في كل أمورنا فالله بيده كل الأمور قال تعالى : ﴿ أمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[18] .

    و في هذه الآيات ما يتعلق عموما باحتياج الخلق إلى الله تعالى : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة الجمادات الصماء خير أم من يجيب المضطر إذا دعاه وهو الذي أحوجه المرض أو الفقر أو المحنة إلى التضرع إلى الله تعالى، ويرفع عنه السوء أو الضرر الذي أصابه من فقر أو مرض أو خوف أو غيره ، و يجعلكم ورثة من قبلكم من الأمم في سكنى الأرض والديار والتصرف فيها، فيخلف قرنا لقرن وخلفا لسلف، كما قال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ﴾[19] أيعقل وجود إله مع الله بعد هذا؟ وهل يقدر أحد على ذلك غير الله المتفرد بهذه الأفعال؟ ولكن ما أقل تذكركم نعم الله عليكم، ومن يرشدكم إلى الحق ويهديكم إلى الصراط المستقيم .

    و في هذه الآيات ما يتصل باحتياج الخلق إلى الله تعالى في وقت خاص: ﴿ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة التائهة خير أم من يرشدكم في أثناء الظلمات البرية أو البحرية إذا ضللتم الطريق بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية، كما قال تعالى: ﴿وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[20] ، و قال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾[21] و من يرسل الرياح مبشرات أمام نزول الغيث الذي يحيي به الأرض بعد موتها، أيكون هناك إله مع الله فعل هذا ؟ تنزه الله المتفرد بالألوهية المتصف بصفات الكمال عن شرك المشركين الذين يعبدون مع الله إلها آخر ؟! [22]
    إن ما نراه في هذا الخلق من الحكم و الإبداع لدليل ساطع على أن الله حكيم و الله الحكيم لا يخلق الإنسان إلا لحكمة و عبادته سبحانه من أعظم حكم خلق الإنسان و من حكم خلق الإنسان أيضا ابتلاء الناس قال تعالى : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾[23].

    و من حكم خلق الإنسان تشريف الإنسان وتكريمه بإظهار كمال عبوديته لله تعالى، فلا شيء أشرف للإنسان من أن يكون عبدا محضاً لله تعالى وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتوجه بتوجيهاته، ويسير على صراطه المستقيم، لا نصيب لغير الله تعالى فيه قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾[24] .

    و من حكم خلق الإنسان إظهار أسماء الله الحسنى وصفاته العلا ، فمن عمل لما خلق له جازاه الله بالحسنى ، وتفضل عليه، وغفر له زلاته، وعفا عن هفواته ، و أسكنه فسيح جناته بعد مماته، فيظهر بذلك أثر كرم الله تعالى وتفضله وإحسانه وعفوه ومغفرته سبحانه وتعالى ، و من أعرض عما خلق له استحق عقاب الله تعالى، وانتقامه منه، لتنكره لخالقه ورازقه، والمنعم عليه، ولإعراضه عما خلقه له، فإذا انتقم منه لذلك وعاقبه، ظهر أنه الجبار المنتقم شديد العقاب .

    و من فضل الله علينا و رحمته بنا أن أمرنا بعبادته و نهانا عن معصيته و لا يرضى لنا الكفر و يرضى لنا العبادة و الشكر قال تعالى : ﴿ِ إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾[25] ، و قوله تعالى : ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ﴾ أي : لا يضره كفركم ، كما لا ينتفع بطاعتكم ، و لكن أمره و نهيه لكم محض فضله و إحسانه عليكم و قوله تعالى : ﴿ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْر َ﴾ لكمال إحسانه بهم ، و علمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها ، و لأنه خلقهم لعبادته ، فهي الغاية التي خلق لها الخلق ، فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله[26] ، و الله سبحانه و تعالى لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران ، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثيبهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء[27].

    و نختم بقول قتادة و غيره من السلف: « إنَّ الله سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلاً منه ، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم »[28].

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






    [1] - إبراهيم الآية 8
    [2] - التفسير الميسر
    [3] - النساء الآية 131
    [4] - التفسير الميسر
    [5] - اللباب في تفسير الكتاب 16/477
    [6]- رواه مسلم في كتاب البر والصلة رقم (2577) .
    [7] - الذاريات الآية 56
    [8] - تفسير السعدي ص 813
    [9] - الذاريات الآية 56
    [10] - تفسير الحجرات – الحديد لابن عثيمين ص 166
    [11] - الذاريات الآية 56
    [12] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/17
    [13] - إبراهيم من الآية 34
    [14] - النحل الآية 53
    [15] - النمل الآية 40
    [16] - تفسير المراغي 19/141
    [17] - فصلت الآية 46
    [18] - النمل الآية 62 -64
    [19] - الأنعام الآية 165
    [20] - النحل الآية 16
    [21] - الأنعام من الآية 97
    [22] - التفسير المنير 20/14
    [23] - العنكبوت الآية 2
    [24]- الإسراء الآية 70
    [25] - الزمر من الآية 7
    [26] - تفسير السعدي ص 719
    [27] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/469
    [28]- قاعدة في المحبة لابن تيمية ص 255

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

    الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل اللادينيين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد و مادام الإسلام صحيحا فلما يرتد الناس بعد دخولهم فيه ، و الجواب أن الاتداد عن الدين بعد الدخول فيه خيانة عظمى للدين و للدولة الإسلامية لذلك شرع الله قتل المرتد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من بدل دينه فاقتلوه »[1] .

    و ما شرعه الإسلام في شأن المرتد ما هو إلا تحقيق لأهم مقاصد الشريعة ، و هو حفظ الدين و صيانة الدين و لتعظيم شعائر الله وللتفريق بين الإسلام و الكفر و الحق و الباطل ، و إذا كانت قوانين البشر رغم ما فيها من القصور و التناقض و الاضطراب يوجب أصحابها عند مخالفتها الجزاءات و العقوبات ؛ فكيف بمناقضة شرع الله تعالى و الله خير الحاكمين ؟!!


    و من اختار الضلالة بعد الهدى ، و ارتد بعد إسلام و كان قدوة سيئة في مجتمعه في الاتداد - سواء قصد ذلك أو لم يقصد - كان القصاص منه بالقتل درءا لمفسدته إذ تحول الإنسان من دين إلى دين كفيل بفتنة عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ،و إذا كانت أي دولة من الدول توجب القتل لمن يخونها حماية لها و لأبنائها فلما يشنعون على الإسلام أنه يأمر بقتل من خانه و ارتد عنه فكل نظام في العالم يُعَاقِبُ مَن خَرَجَ على قوانينه بالإعدام ، أوِ السّجْن المؤبَّد ،و يعتبرونه خيانة عظمى فكيف يُحْتَجُّ على الإسلام بقَتْل المُرْتَدِّ عنه ، و هو دِين الله الخاتم ؟!!!

    و في قتل المرتد كف شره ، وقطع أذاه، فالمرتد لا يكتفي بردته وحده في الغالب بل يبث شره و سمومه على الآخرين ، فكان في قتله قطعاً لإفساده في الأرض .

    و في قتل المرتد تعظيم للدين الذي هو أغلي ما يملك ، و عدم اتخاذ الارتداد مطية لتحقيق بعض المآرب الدنيوية فبعض ضعاف النفوس قد تحمله المغريات المادية و المصالح المادية و الشخصية على ترك دينه استجابة لداعي الإغراء و المصلحة الذاتية ، و في ظِلِّ امتلاك الكفار المال، فإنهم من الممكن أَن يَستَغِلُّوا ضِعافَ النفوس منَ الفُقَراءِ المسلمين، وَيَتِمّ إغراؤُهُم بالمال لتَغييرِ دينهم و كم حدث هذا في البلاد الفقيرة .

    و في قتل المرتدحماية لجناب الدين من التلاعب به فحتى لا يفكر أي منافق بالدخول في الإسلام ثم الخروج منه تشجيعا لحركة الاتداد و إثارة للفتنة في الدولة الإسلامية .

    و في قتل المرتدحماية للدولة الإسلامية فحتى لا تقوى شوكة الكفر و الإلحاد في الدول الإسلامية فتشكل الخطر الأكبر على عقيدة المسلمين فالكفار عندما تقوى شوكتهم يعملون على إبادة المسلمين و التاريخ خير شاهد على ذلك و ما خبر التتار و ما فعلوه ببلاد المسلمين منا ببعيد فقد عملوا على إبادة المسلمين و الشيوعيون عندما تمكنوا من المسلمين في يوغوسلافيا عملوا على إبادتهم .

    و في قتل المرتدحفظ دين المسلم الذي هو أعز ما يملك ، والإنسان قد تعتريه الغفلة في بعض الأحيان فإذا لم يكن هناك وازع يردعه فقد ينجرف وراء الشبهات التي يقذفها الشيطان في قلبه فيخسر دنياه وأخراه و حد الردة يجعل الشخص يفكر كثيرا قبل الإقدام على الاتداد .

    و ما يروج له البعض من حرية الارتداد عن الدين غير صحيح للفارق بين الكافر الأصلي و الذي كفر بعد إسلام فالذي كفر بعد إسلام قد فارق جماعة المسلمين أما الكافر الأصلي فلم يدخل في جماعة المسلمين في الأصل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة »[2] ،و فرق بين حرية اختيار الدِّين و حرية الارتداد عن الدين فالارتداد عن الدين فيه إهانة للدين و تشجيع الخروج عليه و خيانة الدولة الإسلامية و إثارة الفتنة في الدولة الإسلامية أما عدم الدخول في الدين من الأصل فلا تضير الدين شيئا .

    و المسلم الحق قد اجتَمعت فيه أسبابُ الهِدايَة ودَوَاعيها من وِلادَتِه على الفِطْرَة، ونَشْأَتِه بين المسلمين، ومعرفتِه بعظمةِ الإسلام؛ فلا يَرتد عن الإسلام إلا لِخُبْثِ نفسِه، و سفه عقله ؛ فهو نبتة فاسدة ، لا خيرَ في بقائها,و بقائها يثير البلبة و يشجع على الفساد و يقلل من هيبة الدين و يكون سببا للتلاعب بالدين .

    و الردة بعد إسلام ليست عيب في الإسلام بل عيب في من ضل بعد هدى و عمي بعد إبصار و كفر بعد إسلام و العين العمياء لا تبصر الضوء ، و العين المغمضة لا تبصر الضوء فهل المشكلة في الضوء أم المشكلة في العين التي لا تبصر الضوء ؟ و الأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود فهل المشكلة في الأذن أم المشكلة في الأذن التي لا تسمع ؟

    و سبب انتشار الردة سوء فهم الإسلام و عدم تعلمه و ضعف الإيمان و خبث النفس و ما انتشار الردة إلا كانتشار السرقة و الزنا و غير ذلك من الفواحش و سبب هذه الشرور خبث النفس و عدم الوازع الديني ، و الناس تهوى التحرر و الانفلات ، سواء كان في الأخلاق ، أو الأفكار ، لذلك شرع الإسلام حدودا منيعة ضد هذه الشرور إذ الحدود حائلة بين الناس وبين انفلاتهم ، ومانعة لهم من التمرد على القيم والفضائل .

    و الخلاصة أن أمن المسلمين فكريا بقتل المرتدين أولى بالتشريع و المحافظة ، من المحافظة على أملاكهم العامة
    و كل أمة من الأمم، وكل حضارة من الحضارات، لها مرجعها الذي تقدسه وتحترمه، وتعاقب من يخالف تعاليمه بالقتل أو التعذيب فلما يعترض على الإسلام و هو يحافظ على جنابه و أبنائه و دولته بقتل المرتد ؟!!هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










    [1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6411
    [2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6270 و رواه مسلم في صحيحه رقم 3175

    اترك تعليق:


  • محمد موسى الاحمدي
    قام بالرد
    الله اكبر
    التعديل الأخير تم بواسطة نصرة الإسلام; 16 مار, 2011, 04:48 ص. سبب آخر: حذف حرف الواو الزائد

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة بصحة نظرية التطور

    الرد على زعم الملاحدة بصحة نظرية التطور





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن نظرية التطور هي التفسير العلمي الأمثل للحياة و أنها تبطل عقيدة الخلق عند المؤمنين و أخذوا يستدلون على دعواهم بأدلة أوهى من بيت العنكبوت فانخدع بها من لا يفقه في العلم و لا الدين شيئا و قد حان وقت بيان فساد هذه النظرية التي بنيت على أوهام .

    و باديء ذي بدء نعلم القاريء أن نظرية التطور قامت على فرض باطل ، فنطرية التطور قامت على فرض أن الطبيعة خلقت خلية واحدة بالصدفة ،و هذه الخلية تطورت و تكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان و الإنسان و هذا الفرض باطل إذ يستحيل خلق الحياة من مواد مادية لأن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة ، و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة ، و هي شيء غير مادي ؟!!! و ما بني على باطل فهو باطل فنظرية التطور باطلة .

    و قد يستند دعاة التطور إلى تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فتوهموا أن مادام العلماء قد قاموا بتخليق خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فبإمكان الطبيعة خلق خلية حية و تتطور هذه الخلية و تتكاثر عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و الملاحدة قد جهلوا أن ما فعله العلماء ليس خلقا بل استخدام خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية ، و الذي تم فى تجربة العلماء هو إدخال المادة الوراثية الصناعية فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتكون وعاء استقبال للمادة الوراثية الصناعية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء و لكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية ، و لكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و قد جهل الملاحدة أن تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة دليل عليهم و ليس لهم فإذا كانت هذه التجربة استغرقت العديد من السنين و الذي أجرى التجربة العديد من العلماء في أرقى المعامل في العالم و تكلفت التجربة ملايين الدولارات و كل ما فعله العلماء فقط هو صنع مادة وراثية توضع بدل المادة الوراثية التي في الخلية فهل تستطيع الطبيعة غير العاقلة أن تنشيء مادة وراثية صناعية فضلا عن أن تنشيء خلية حية مع العلم أن ظروف الماضي ليست مثل ظروف الحاضر و تخليق المادة الوراثية العضوية يحتاج عدم وجود أكسجين و الغلاف الجوي في الماضي كان يحتوي على الأكسجين بدليل وجود بعض المواد المؤكسدة و المادة الوراثية كي يمكن وضعها في خلية حية تحتاج ترتيب الجينات بطريقة معينة و عدم عقل الطبيعة يستلزم عدم قدرتها على صنع هذا الترتيب ؟!!!

    و استند دعاة التطور إلى علم الحفريات فقالوا مادام الحيوان الأرقى جاء و ظهر إلى الوجود بعد الحيوان الأدنى فهذا يدل أن الحيوان الأرقى تطور من الحيوان الأدنى ، و علم الحفريات على التسليم بصحة وثبات الترتيب الذي فيه لا دلالة فيه على التطور فلا تلازم بين ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى و بين تطور الحيوان الأرقى من الحيوان الأدنى و ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى دليل على ترتيب وجود هذه الكائنات فقط عند ملاءمة البيئة لوجودها على أي صورة كان هذا الوجود .

    و ما استند إليه دعاة التطور دليل عليهم لا لهم فكون الإنسان أرقى الكائنات الحية وجد متأخرًا ، و الكائنات الأدنى كالنبات وجدت أولًا فهذا دليل على أن هناك قوة و إرادة نظمت و أعدت هذا الكون لهذا الإنسان فخلقت كل ما يحتاجه الإنسان ليحيي على هذه الأرض ثم بعد ذلك خلقت الإنسان ، و تستحيل أن تكون هذه القوة هي الطبيعة مما يؤيد عقيدة الخلق لا نظرية التطور .


    و سجل الحفريات بالذات يحوى هزيمة ساحقة لنظرية التطور فلم يوجد في كل الحفريات التي اكتشفت أي أثر لأي كائنات انتقالية (أشكال وسيطة ) لا بد من توافرها لو كانت الكائنات الحية قد تطورت من طور إلى آخر من أنواع بسيطة إلى كائنات أكثر تعقيدا، كما تدعي نظرية التطور ، و لو كانت هذه الكائنات قد وُجدت في الحقيقة لكانت هناك الملايين منها .

    إن سجل الحفريات يدل على أن الأنواع المختلفة وُجِدَت فجأة بتراكيب مختلفة تماما, و ظلت كما هي تماما على مدار الفترات الجيولوجية المختلفة و لم تتطور من أشكال بدائية إلى أشكال متقدمة كما تدعي نظرية التطور ، و هذا ما يعترف به ستيفنجاي جولد Stephen Jay Gould عالم الحفريات المؤيد للتطور في جامعة هارفارد في أواخر السبعينات: إن تاريخ معظم الحفريات يحتوي على صفتين لا تتماشيان مع التدرج في إيجاد الكائنات الحية :
    الأولى هي الاتزان و الاستقرار, حيث لا تتغير طبيعة الكائنات طوال مدة بقائها على الأرض. فالكائنات الموجودة في سِجِلّ الحفريات تظهر و تختفي كما هي دون حدوث تغيرات عليها, و إن حدثت تغيرات فإنها تكون تغيرات طفيفة و في الشكل الخارجي و ليست باتجاه أي تطور .
    الصفة الثانية هي الظهور المفاجئ, ففي أي منطقة لا تنشأ الأنواع الجديدة تدريجيا منحدرة من كائنات أخرى, و إنما تظهر فجأة و بتركيب مكتمل تماما .

    وقال روبرتكارول Robert Carroll العالم المؤيد للدارونية في سنة 1997 قال : ( إن معظم المجموعات الكبيرة من الكائنات تنشأ و تتنوع في مدة جيولوجية قصيرة جدا , و بعد ذلك تستقر على ما هي عليه بدون أي تغير كبير شكليّ أو غذائي يعني في نمط الحياة . (


    و زعم دعاة التطور أن تطور الحصان قد أثبتته آثار الحفريات فمنذ عشرات السنين وصف تطور الحصان على أنه من الدلائل الأكثر إبرازا لنظرية التطور. ثدييات ذوات أربع قوائم قد عاشت في عصور مختلفة، تصف صفا واحدا من الأصغر إلى الأكبر. و"سلالة الحصان" هذه معروضة في متاحف العلوم الطبيعية. ولكن البحث العلمي قد بين هذه السنين الأخيرة أن المخلوقات المذكورة في هذه السلالة ليست بعضها لبعض وأن الترتيب هذا مغلوط جدا وأن هذه المخلوقات المذكورة على أنها أسلاف للحصان قد ظهرت في الحقيقة بعد الحصان[1] .




    و إن قالوا عدم اكتمال السجل الأحفوري لا ينقض نظرية التطور وإن كان اكتماله قد يدعمها فالجواب أن نظرية التطور منقوضة من حيث الأصل فقد قامت على أدلة باطلة و اكتمال سجل الحفريات لا يثبتها لأن غاية ما سوف يقدمه ظهور كائن أرقى بعد كائن أدنى و ليس نشوء كائن أرقى من كائن أدنى و شتان بينهما .

    و هذه الكائنات الانتقالية ( الحلقات المفقودة ) لا تظهر في سجل الحفريات و عدم وجودها رغم أن وجودها المفترض أن يكون بالملايين و وجود الكائنات الأسبق لها وعدم وجودها لدليل واضح على عدم وجودها أصلا لكن الملاحدة ينكرون الأمور الواضحة لشبه أوهي من بيت العنكبوت .

    إنّ الحلقات المفقودة ناقصة بين طبقات الأحياء، وليست بالناقصة بين الإنسان وما دونه فقط ، فلا توجد حلقات بين الحيوانات الأولية ذات الخلية الوحيدة والحيوانات ذوات الخلايا المتعددة، ولا بين الحيوانات الرخوية وبين الحيوانات المفصلية ، و لا بين الحيوانات اللافقرية و بين الأسماك و الحيوانات البرمائية ، و لا بين الأخير و بين الزحافات و الطيور .

    و من أحدث الأدلة الحفرية التي ساهمت في نسف نظرية التطور بشأن أصل الإنسان حفرية ساحلنثروباس تشادينسيز Sahelanthropus tchadensisالتي اكتشفت في التشاد بوسط إفريقيا في صيف 2002 ميلاديا إذ هذه الحفرية عمرها 7 ملايين سنة، و لها بنية تشبه بنية الإنسان أكثر من بنية قردة الأوسترالوبثيكوس Australopithecus التي يبلغ عمرها 5 ملايين سنة و التي يُزعم دعاة التطور أنها أقدم سلف للبشرية .

    إن دعاة التطور يعتمدون على بعض الحفريات و يدعون أنها حلقات انتقالية بين الإنسان و القرد و هذا لا يصح إذ كيف يعتمد على البقايا الصلبة من الجسم لتشييد و تشكيل الجسم الأصلي دون مشاهدة الجسم الأصلى نفسه ، و إذا أعطينا جمجمة واحدة وقدمناها لعدة باحثين لا يرى بعضهم بعضاً، فإن تصورهم لتشكيل وتغليف الجمجمة سيختلف حتماً الواحد عن الآخر و قد كان الشكل النظري المقترح لسمكة السيلاكانت بعيد كل البعد عن حقيقة أمرها و يستحيل معرفة أن للكنغر كيس بطني فقط من خلال هيكله العظمي، وأن المشاهدة المباشرة هي الوحيدة الكفيلة بإعطاء معالم الجسم التامة، فالهيكل العظمي للكنغر يشابه الهيكل عند الديناصور أو الكومودو .

    و كان Dart أول من اكتشف ما أطلق عليه اسم Australopithecus أسترالوبيثكس سنة 1924 وأشار إلى عدة أوجه شبه لهذه الجمجمة مع هيئة وقسمات القرود، وسجل في الوقت نفسه اعتقاده أن أسنان هذه الجمجمة تشبه أسنان الإنسان، كان حجم الدماغ يبلغ ثلث حجم دماغ الإنسان المعاصر، أما طول هذا المخلوق فقد يبلغ 4 أقدام فقط.

    وقد قام Rchard leaky بنشر مقالة تشير إلى أن Australopithecus لم يكن سوى قرداً بأيد طويلة وأرجل قصيرة مشابهة للقرود الإفريقية: أي أن هذا المخلوق لم يكن سوى قرداً كبيراً Ape.

    و بالنسبة لإنسان (جاوا) فقد استدل عليه عند العثور على عظمة فخذ مع قحف وثلاثة أضراس، وقد اكتشفت هذه العظام ضمن مسافة 50 قدم وفي فترة امتداد سنة كاملة، وقد كتم Dr.Dobois لمدة ثلاثين عاماً حقيقة هامة وهي أنه وجد بالقرب من هذه العظام وفي نفس المستوى من الطبقة الأرضية جماجم بشرية عادية، وقبيل وفاته أعلن عن الحقيقة وقرر أن إنسان (جاوا) ربما كان قرد Gibbon وليس مخلوقاً شبيهاً للإنسان على الإطلاق.

    أما ما يسمى (بإنسان بيكن) فيعتبره العلماء الأنتروبولوجيون البارزون أنه لم يكن إلا قرداً ضخما .

    و قد زعم دعاة التطور أن الأركيوبتيريكس Archéoptéryx هو السلسلة المفقودة بين الزواحف والطيور
    فمنذ القرن التاسع عشر، اعتبرت بقايا طير يعود تاريخه إلى 150 مليون سنة والمعروف باسم أركيوبتيريكس Archéoptéryx على أنه "المستحث ( الحفرية ) الأقوى دليلا على نظرية التطور" وهذا المستحث على حسب هذا الزعم يملك خصائص الزواحف مما يجعله "الرابطة المفقودة" بين الزواحف والطيور. ولكن يفند هذا القول اكتشافات حديثة تبين أن الأركيوبتريكسArchéoptéryx قد كان طائرا يطير تماما، وكذلك ما يزعمونه كزواحف أسلاف للطيور وهم الديناصوراتذوات الأقدام théropodes قد وجدوا أحدث من الأركيوبتيريكسArchéoptéryx على حسب تواريخ ظهورهم في سجل المستحثات، الأمر الذي يريد القائلون بنظرية التطور إخفاءه. [2]



    و نظرية التطور تفترض أن الحياة قد نشأت عن سلف واحد مشترك ، و من ثم إتخذت كل أشكالها المتنوعة من خلال سلسلة من التغييرات الطفيفة ، و عليه فالمفترض أن تكون الحياة قد نشأت أولا في أشكال متشابهة و بسيطة للغاية وفقا لنظرية التطور ، لا بد أن تكون الإختلافات بين الكائنات الحية و التعقيدات المتزايدة فيها قد حدثت بالتوازي مع مرور الوقت كأن الكائنات الحية مثل الشجرة لها جذر مشترك يتفرع إلى فروع مختلفة .

    و قد كانت الكائنات الحية شديدة الإختلاف و التعقيد منذ اللحظة الأولى لنشأتها إذ ظهرت كل شعب الكائنات الحية في نفس الوقت في منتصف العصر الكمبري و قبل ذلك لم يكن هناك أي أثر في سجل الحفريات لأي شيء باستثناء الكائنات وحيدة الخلية و بضع كائنات بدائية للغاية من متعددات الخلايا ، و من ثم نشأت كل الشعب الحيوانية في أكمل شكل ، و على نحو فجائي خلال فترة زمنية قصيرة للغاية تعرف بالانفجار الكمبري ، و هذا النشوء المفاجئ للكائنات الحية الشديدة الاختلاف و هي في أكمل شكل إنما يعني الخلق لا التطور المزعوم .

    و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل ، و الآخر فرع ؟ و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

    و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الأدعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

    ووجود التشابهات بين مختلف أنواع الكائنات الحية يدل على مصمم مشترك، لا أصل مشترك. فلو نظرنا مثلا للغواصة و الطائرة البرمائية و طائرة الركاب .. كل هذه الوسائط تمتلك عناصر مشتركة من محركات و ما شابه .. لكننا لن نستنتج أبدا من ذلك، أن للوسائط الثلاثة أصلا مشتركا .

    و ما يدعيه حماة التطور من أن التماثل في الجزيئات (Molecular Homology) دليل على صحة نظريتهم هو زعم باطل لا على مستوى الأعضاء فحسب، ولكن على مستوى الجزيئات أيضا. فهم يقولون إن شفرات الـ DNA أو بِنى وتراكيب البروتين لدى مختلف أجناس الكائنات الحية متماثلة، وإن هذا التماثل دليل على أنها قد ارتقت من جدود مشتركة عُليا أو ارتقت من بعضها البعچ. فعلى سبيل المثال، كثيراً ما تنشر وسائل إعلامهم ما يلي: يوجد تشابه كبير بين شفرة الـ DNA الخاصة بالإنسان وشفرة الـ DNA الخاصة بالقردة، ويتم تقديم هذا التشابه بوصفه دليلاً على ما يزعمونه من وجود علاقة ارتقاء بين الإنسان والقردة.
    وأكثر الأمثلة الفجة لهذا النمط من الجدل يتعلق بوجود ستة و أربعين كرموزوماً لدى الإنسان وثمانية و أربعين كرموزوماً لدى بعچ أنواع القرود مثل الشمبانزي . و يعتبِر دعاة التطور أن التقارب في عدد الكرموزومات بين الأجناپ المختلفة دليل على علاقة ارتقائية. ولكن إذا صح هذا المنطق، فإن هناك مَن هو أكثر قرباً للإنسان من القردة: وهو البطاطا! ذلك أن عدد كرموزومات البطاطا أقرب إلى عددها في الإنسان من الشمبانزي والغوريلا؛ فهو ستة وأربعون! وبعبارة أخرى، فإن لكل من الإنسان والبطاطا نفچ عدد الكرموزومات. وهذا مثال صارخ (وإن كان مضحكاً) يبين أن التشابه في شفرات الـ DNA لا يمكن أن يعتبر دليلاً على علاقة ارتقائية [3].

    و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي كما يدعي بعض دعاة التطور و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

    و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

    و يستدل دعاة التطور بوجود أجناس بشريّة مختلفة فيقولون إذا كان أصل البشر هو آدم فكيف وجدت هذه الأجناس ؟ و سؤالهم لا علاقة له بالتطور ، و اختلاف الأجناس إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

    و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...
    و القول أن اختلاف الأجناس دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .
    و يستدل دعاة التطور بولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

    و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

    و يستدل دعاة التطور بالانتخاب الطبيعي أو البقاء للأصلح ، و هو على قولهم عبارة عن قيام عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة الهزيلة ، و الإبقاء على الكائنات القوية ، فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، و تنقرض الأحياء الضعيفة التي لا تستطيع أن تواجه ظروف البيئة و عدم توارث صفاتها و الأحياء ذات الصفات الملائمة لظروف البيئة تبقى و تزدهر و تورث صفاتها لأجيالها و استمرار الانتخاب الطبيعي فتنشأ أنواع مختلفة عن الأنواع القديمة تمتاز بقدرتها الكبيرة على التكيف و الملاءمة لظروف البيئة المتغيرة أي يبقى في صراع الحياة أصلح الأفراد فالبقاء للأصلح و استدلال دعاة التطوربالانتخاب الطبيعي غير كاف لزوال الأنواع و لا
    يعم كل الكائنات و لو تغذى حيوان مفترس على حيوان يؤدي ذلك إلى قلة الحيوان لا انقراض هذا الحيوان ؛ لأن الحيوان المفترس سيبحث على نوع آخر من الحيوانات مما يتيح للنوع الأول فرصة للتكاثر و العودة إلى الوضع الطبيعي فيما يسمى بالتوازن الحيوي .

    و لو كان البقاء للأصلح ، فلماذا بقيت النباتات والحيوانات البدائية؟ ولماذا بقيت القرود؟ ولِمَ لم تبدّل إلى الأفضل؟و لماذا نرى غير الأصلح يسطو على الأصلح فنجد الأسد يفترس الإنسان ، و نجد الحيوانات السامة كالعقرب والحية تلدغ الإنسان أو الحيوان الأفضل فتقتله ؟ و نجد الميكروبات تفتك بالإنسان الذي هو أصلح و تفتك بالحيوانات النافعة و التي هي أصلح منها ؟

    و تنازع البقاء لا يفسر الاختفاء الفجائي للزواحف الضخمة التي سادت في العصر الترياسي في حقب الحياة الوسطى و بقاء الخنفساء والنمل والبراغيث وما أشبهها فالواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما دعواهم بالبقاء للأصلح فالأرض على مر العصور تعج بالأصلح وغير الصالح من شتى أصناف الحيوانات .

    و لو سلمنا جدلا أنّ الظروف الطبيعية و الانتخاب الطبيعي ؛ قد طورت قرداً إلى رجل – مثلاً – فإنّا لن نسلم أبداً بأن هذه الظروف قد قرّرت أيضاً أن تكون امرأة لذلك الرجل ، ليستمرا في التناسل و البقاء مع الموازنة بينهما لأن ذلك الرجل – مثلاً – الذي تطور إلى قرد سيموت ولن يكون له نسل لأنه لا يمكن أن يتزوج قردة، ولو تزوج قردة لما أنجبت له و هكذا يموت ولا يبقى و الألفة بين الذكور والإناث تنقص بقدر التباعد والاختلاف بينهما في الشكل .

    و إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح، فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها ؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً ؟ فالحمار منذ أن عرف إلى الآن ما زال حماراً .

    و من المستحيل تصور أي عملية تطورية تؤدي إلى تكاثر جنسي. فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر لذا نرى أنه حتى أكبر أنصار التطور قد اعترفوا بعجزهم عن تفسير الكيفية التى حدث بها ذلك.


    و على التسليم بالإنتخاب الطبيعي الذي يكون به الميل في التناسل بين الأفراد القوية مما يسبب اندثار الأفراد الضعاف و بقاء الأقوى فهذا ليس بدليل على حدوث تطور في النوع ، بل يُفهم منه بقاء النوع الأقوى من نفس النوع و اندثار النوع الضعيف .

    وقد حاول بعض علماء الأجنة مجاراة نظرية التطور فزعموا أن جنين الإنسان مزود بفتحات خياشيمية زائدة و أنها تمثل مرحلة تطور الإنسان من الحيوانات المائية مثل الأسماك ـ إلا أنه أخيرًا في عام 1959م استطاع العالم 'راندل شورت' Rendle short الذي قضى حياته في دراسة تشريح جسم الإنسان ـ أن يثبت خطأ هذا التفسير وأثبت أن ما يسمى بفتحات خياشيمية ليست زائدة بل هي عبارة عن ثنيات في الأنسجة لازمة لتثبيت الأوعية الدموية في جنين الإنسان، وقد كان هذا التفنيد قاطعًا حتى إن 'جوليان هاكسلي' في كتابه عن التطور في صورته الجديدة قد اضطر للتسليم بما أثبته عالم التشريح 'راندل شورت' .

    و من المعروف الآن أن ما كان يُعتقد أنه خياشيم تظهر في المراحل الأولى من تكون الجنين البشري ليس في الحقيقة سوى المراحل الأولية لتكون قناة الأذن الوسطى والغدة الجاردرقية وغدة التيموپ، كما اتضح أن ذلك الجزء من الجنين الذي كان يشبه كيچ المح هو كيس يُنتج ما يحتاجه الجنين من الدم، أما الجزء الذي أطلق عليه هيكل وأتباعه اسم الذيل فهو في الحقيقة العمود الفقري في الإنسان، الذي يبدو كالذيل لا لشيء إلا لأن تكوينه يسبق تكوين الساقين[4] .

    و إرنست هيكل الذي زعم أن نمو الجنين في الرحم يمثل عملية تطورية ، قد تعمد تزوير رسوماته ليصل إلى هذا الاستنتاج المزيف و قد اعترف هيكل بذلك بعد انتقاد علماء الأجنة له ، و قال فى أحد المجلات الألمانية :( لست وحدى , فمئات من علماء الحيوان قد ارتكبوا نفس الخطيئة ) ،و على الرغم من ذلك لم تزل مراجع الأحياء تستخدم نفس الرسومات .


    و بعض دعاة التطور قدم الطفرة[5] كآلية للتطور و قال دي فريز أن الطفرة سبب حدوث تغيرات كبيرة خلال العصور الجولوجية بين أفراد قليلة حيث تمكنت من البقاء و إنتاج النوع الجديد و مثال لذلك تراكم الطفرات في الزراف العادي على مر الأجيال و ظهرت أفراد من الزراف طويلة العنق فاستطاعت الوصول إلى أوراق الأشجار العالية و تمكنت من التناسل و البقاء بينما هلكت الزراف العادية قصيرة العنق بسبب الجوع فانقرضت و نظرية الطفرة لا تفسر التنوع الكبير في الأحياء و معنى جعلهم الطفرة آلية للتطور أنه قد حدث بلايين الطفرات و هذا لادليل عليه علميا و معظم الطفرات ضارة و القليل منها نافع فعملية التطفر دائما عملية هدم و ليست عملية بناء و معظم الطفرات متنحية و النادر منها هو السائد ،و لم يحدث من قبل أن قام العلماء بتسجيل أي حالة تطفر أدت لظهور صفة مفيدة قادرة على الاستمرار ، و كل الطفرات المعروفة تؤدي إلى كائنات مريضة أو ضعيفة أو مُشَوَّهة أو حتى تؤدي مباشرة إلى موت هذا الكائن الحي ... و هذا مثبت علميا.



    و الطفرة ما هي إلا تغير عشوائي في جسد الكائن الحي ، و مثل هذا التغير العشوائي في النظام الكيمائي للكائن الحي ، لابد و أن يفسده حتما كما أن تلاعبا عشوائيا في الوصلات داخل جهاز التليفزيون ، لا نتوقع منه أن يؤدي إلى تحسن في الصورة .


    و إذا كانت الطفرة هي التي تتحكم فيما يطرأ على الكائن الحي من تغير وتطور، فأي موجب يبقى لافتراض نشأة الكائنات الحية من أصل واحد، إذ من المعلوم أن هذا الافتراض إنما لاقى القبول من أصحابه بناء على ما لاحظوه من التشابه التصاعدي الملموس بين أصناف الأحياء، وعندئذ لا يبقى لافتراض وحدة الأصل الحيواني أي وجه مقبول وهكذا فإن القول بالطفرة يحمل في طواياه عوامل التدمير لفكرة التطور من أساسها.


    و لكل نوع من الكائنات الحية نباتية أو حيوانية عدد ثابت من الصبغيات[6] مثلا عند الإنسان
    46 صبغ كرموسومي ، أما في القرد 48 صبغ كرموسومي ولا يعتمد عدد الصبغيات على حجم الكائن الحي، فالفيل مثلا عنده 56 صبغيا في كل خلية جسمية بينما تمتلك الفراشة 380 صبغيا في كل خلية جسمية ، و في البصل 16 وفي الذبابة 12 ، و في البعوض 6صبغ كرموسومي و هذا العدد الثابت للصبغيات عند جميع الأحياء لا يسمح بأي تطور من كائن حي إلى آخر و أي تغيير في المادة الوراثية ( الصبغيات) يؤدي إلى تغيير الملايين من البروتينات المتدخلة في تكوين الجسم ، و الجسم لا يتطور إلى جسم آخر بل يتعرض للتشوه .


    و استدل دعاة التطور بوجود الزائدة الدودية في الإنسان و غيره ،و قالوا الزائدة الدودية ليس لها الآن عمل في الإنسان مما يوحي بأنّها أثر بقي من القرود لم يتطور ، وهذا غير صحيح إذ لا علاقة بين وجود الزائدة الدودية و بين التطور ، و عدم معرفة فائدة الشيء لا تستلزم عدم وجود فائدة له وهل وجود الثدي عند الرجل يجعل أصل الذكور إناثاً ؟ وإن كان شعر الصدر عن الرجل من بقايا الحيوان، فلماذا لم يوجد عند الإناث ؟ لعل أنصاره يقولون بخروج الرجل إلى الصيد، وبقاء المرأة في الكهف، ويعود الرد من جديد: ولماذا بقي الشعر في الرأس والعانة عند المرأة؟

    ووجود الزائدة الدودية في الإنسان ليس دليلاً على تطور الإنسان من القرد، فسبب وجودها هو وراثتها من الإنسان الجدّ الذي كان اعتماده على النباتات، فخلقت لمساعدته في هضم تلك النباتات و الدراسات الحديثة أثبتت أن الزائدة الدودية ماهي الإ مكان تعيش فيه أنواع من البكتيريا المفيدة في عملية الهضم ، و إن لها وظيفة مرتبطة بمكانها و بتنظيم كم البكتيريا التي يجب أن تكون في جهاز هضم الإنسان، و كونها تمد جهاز الهضم بهذه البكتيريا بعد الإصابة بالأمراض الطفيلية والكوليرا والزحار والإسهالات ، بعد أن تكون هذه الإصابات ومعالجتها قد قلًصت أعداد البكتيريا في الأمعاء[7] .

    و على التسليم الجدلي بعدم توصل العلم في الوقت الحالي إلى معرفة أهمية الزائدة الدودية فهذا ليس دليلا على عدم وجود فائدة فيها، فلعل فيها فوائد عظيمة تُكتشف في المستقبل ،و الجزم بعد وجود فائدة لها لمجرد عدم معرفة العلماء في الوقت الحالي لأهميتها كمثل أن يرى شخص ساعة، ثم يعرف جميع آلاتها وأجهزتها ولا يعرف فائدة آلة وحكمتها، فيدعي أن هذه الآلة التي لا يعرف فائدتها زائدة و لا أهمية لها .

    و يدّعي دعاة التطور أن ما تبديه بعض أنواع البكتيريا من مقاومة ضد المضادات الحيوية و المناعة التي تكتسبها بعض الحشرات ضد مادة الـDDT دليل على الارتقاء ، و يزعمون أنها أمثلة للمقاومة و المناعة المكتسبة أتت بها طفرات تمّت في الكائنات الحية التي تعرضت لهذه المواد.

    هذه الخواص التي تتمتع بها البكتيريا و الحشرات ليست مميزات تم اكتسابها لاحقاً عن طريق التحور ضد هذه المادة و ضد المضادات الحيوية ؛ فقد كانت بعض تنوعات هذه الكائنات الحية لديها هذه الخواص قبل تعرض البكتيريا كلها للمضاد الحيوي و قبل تعرض الحشرات كلها للمبيدات الحشرية . و ها هي مجلة المعرفة الأمريكية (Scientific American) في عدد آذار (مارس) 1998 تعترف بهذا الموضوع رغم كونها من المنشورات الداعية للتطور و تقول: كثير من البكتيريا كانت لديها معلومات وراثية للمقاومة قبل استخدام المضادات الحيوية التجارية . و لا يعرف العلماء سبب وجود هذه المعلومات الوراثية ، كما لا يعرفون لماذا تم الحفاظ عليها وإبقاؤها!

    ... و وجود البكتيريا المقاوِمة قبل اكتشاف المضاد الحيوي بسنين طويلة تصفه مجلة Medical Tribune ( و هي من المطبوعات العلمية المرموقة ) في عدد 29 كانون الأول ( ديسمبر ) , 1988 ، و المقال يتناول حدثاً مثيراً : ففي دراسة أُجريت عام 1986 تم العثور على جثث بعض البحّارة ( الذين أصابهم المرض وماتوا أثناء رحلة قطبية استكشافية عام 1845 محفوظة في حالة تجمد ، كما عُثر في أجسامهم على نوع من البكتيريا كان منتشراً في القرن التاسع عشر ، و عندما أُجريت على هذه البكتيريا فحوص معملية وُجِد أنها تحمل خواص مقاومة ضد كثير من المضادات الحيوية التي لم يتم إنتاجها إلا في القرن العشرين !

    ووجود مثل هذه الأنواع من المقاومة قبل اكتشاف البنسلين حقيقة معروفة في الدوائر الطبية، وبالتالي فإن تقديم مثل هذه المقاومة على أنها إحدى المراحل الارتقائية هو زعم خادع إلى أبعد الحدود [8].

    و من المعلوم أن النظرية العلمية تظل مقبولة طالما استطاعت تفسير جميع الظواهر القائمة و المستجدة المتعلقة بموضوعها ، و إذا عجزت عن تفسير بعض الظواهر تسقط أو على الأقل تعدل و نظرية التطور لا تفسر نشوء الحياة على الأرض تفسيرا صحيحا فكيف تقبل ؟!! .

    و كيف يمكن لنظرية التطور أن تشرح وجود أعضاء معقدة مثل : العين , الأذن, أو حتى الأجنحة ؟ كيف يمكن التصديق بأن هذه الأعضاء تكونت بالتدريج على مدى أجيال من الكائنات المتوسطة حيث يزيد جزء جزء من تركيبها بالتدريج , مع العلم بأن كل عضو من هذه الأعضاء يفشل في أداء مهمته لو نقص منه جزء صغير جدا ،و تحول خليه بسيطه الى اخرى أكثر تعقيداً منها و بحساب الاحتمالات يحتاج الى ملايين السنين هذا هو حال خليه واحدة فكيف حال تحول حيوان الى آخر ؟!! فانه يحتاج الى مليارات السنين .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير الانتقالات الفجائية في بعض الكائنات في كل طور من أطوار حياتها فما العلاقة بين دودة القز التي تكون على الأرض و بين انتقالها الفجائي إلى فراشة تطير بأجنحتها محلقة في الهواء فهذا الانتقال الفجائي يدل على أنها خلقت ابتداءا هكذا ، و ليس في البيئة دور في خلقها .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير وسائل الدفاع عند الكائنات بل تحرم الكائنات من وسائل الدفاع عندها فالمعروف أن لكل حيوان حتى الحيوان الضعيف له وسيلة دفاع عن النفس و وسيلة الدفاع عند الطيور مثلا الأجنحة و لولا هذه الوسيلة لتمكنت أغلب الحيوانات المتوحشة من القضاء على الطيور فإذا أرادت نظرية التطور أن تطور الحيوان الزاحف إلى طير أو تطور الطير إلى حيوان زاحف بصورة تدريجية فمعنى ذلك أنها تحرمه من وسيلة الدفاع عن نفسه و في هذا هلاكه .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير وجود كل هذه الأنواع المتباينة من الكائنات الحية فكل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها و كل هذه النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى يستحيل أن تكون قد نشأت من خلية حية واحدة بل كل كائن من هذه الكائنات نشأ على حدة و لو كانت نظرية التطور صحيحة لما شاهدنا هذه الأنواع المتباينة من الكائنات ؟!!!! .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير الأنظمة الفسيولوجية المعقدة في الكائنات الحية إذ هناك الكثير من الكائنات الحية تمتلك من "الامكانيات" المتقدمة ما لا يمكن استنساخه بأعقد النظم التقنية كنظم السونار الدقيق الذي تمتلكه الدلافين و الحيتان و خنازير البحر و نظم الرادار و التمييز عند الوطاويط و امكانيات الديناميكا الهوائية و كفاءة الطائر الطنان و نظم التحكم و المقذوفات الداخلية و غرفة الاحتراق عند الخنفساء القاذفة (الفاسية) و نظم الملاحة الدقيقة و المتعددة عند خطاف البحر القطبي و نظام الصيانة الذاتية عند جميع الكائنات الحية .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير كيفية التكاثر جنسي بين الكائنات فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية ، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
    [2]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
    [3] - خديعة التطور لهارون يحيي
    [4] - خديعة التطور لهارون يحيي
    [5] - الطفرة هي حدوث خطأ في نسخ المورثات عند قيام الخلية بإعادة استنساخ نفسها و بصيغة أخرى هي أي تغيير مفاجئ يصيب المادة الوراثية أو الطفرة هي حدوث خلل في ترتيب الأحماض النووية في المورث .
    [6]- الصبغيات هي خيوط رفيعة توجد في أنوية الخلايا ، و هي قابلة للتلوين لذا تدعى الصبغيات
    [7]- The function of the appendix seems related to the massive amount of bacteria populating the human digestive system, according to the study in the Journal of Theoretical Biology.
    [8] - خديعة التطور لهارون يحيي
    التعديل الأخير تم بواسطة محب المصطفى; 29 سبت, 2012, 09:54 م. سبب آخر: تكبير الخط

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم بعض الملاحدة أن ميلاد النعجة دوللي أعظم من ميلاد المسيح

    الرد على زعم بعض الملاحدة أن ميلاد النعجة دوللي أعظم من ميلاد المسيح






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم بعض الملاحدة أن البشر استطاعوا خلق نعجة من غير أب ، و هذا أعظم من خلق المسيح عليه السلام عند المؤمنين و هذا الكلام ينم عن عدم معرفة بمعنى الاستنساخ في لغة العلم فالاستنساخ هو الحصول على عدد من النسخ طبق الأصل من نبات أو حيوان أو إنسان بدون حاجة إلى تلاقح خلايا جنسية ذكرية أو أنثوية باستخدام خلايا جسمية[1] , و هذا الكائن المتكون يكون مطابقا من حيث الجينات للحيوان المأخوذ منه الخلية الجسمية أو الاستنساخ هو استعمال لمواد خلقها الله بوجه مخالف لما سنه الله من اتخاذ الجماع بين الذكر و الأنثى طريقةً للتناسل البشريّ أو الحيواني أو الاستنساخ عبارة عن توليد كائن حي بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، و من التعريف يتضح أن الاستنساخ ليس إخراج حي من ميت ، فضلاً أن يكون إحياء من عدم و أصل الخلق الإيجاد من العدم ،و إذا بنيت على موجود لا يقال خلقت .

    و بالنسبة للنعجة دوللي فهي أول حيوان ثدي يتم استنساخه بنجاح من خلية جسمية. تم استنساخها في مؤسسة أدنبره Edinburgh في أسكتلندا ،و النعجة دولي ولدت عام 1996ميلاديا نفقت النعجة دولي التي اشتهرت بكونها أول حيوان ثديي يتم استنساخه من خلايا حيوان آخر بالغ , و قد أكد النبأ معهد الأبحاث الاسكتلندي الذي قام بعملية الاستنساخ .
    وقد مرضت هذه النعجة و اتخذ المعهد قرار إنهاء حياة النعجة المريضة، التي بلغ عمرها ست سنوات، بأسلوب القتل الرحيم بعد أن أظهرت الفحوص البيطرية أنها مصابة بمرض صدري في حالة متدهورة ، و هذا المرض عادة ما يصيب النعاج المتقدمة في العمر، و بعدها بدأ جدال آخر حول كيفية قياس العمر الحقيقي للنعجة ، و مخاطر الإصابة بالشيخوخة المبكرة لدى الكائنات المستنسخة .

    و عن استنساخ النعجة دوللي بإيجاز أنه تم أخذ خلية من ثدي شاة عمرها ست سنوات. ثم نزعت نواة هذه الخلية. ثم غرسوا هذه النواة في بييضة من شاة أخرى مفرغة من نواتها. وبعد ذلك زرعت هذه البييضة بالنواة الجديدة في رحم شاة ثالثة بعد أن مرت بعملية حضانة مخبرية .


    و مما سبق يتضح أن استنساخ النعجة دوللي ليس خلقا جديدا ، و العالم الاسكتلندي لم يخلق خلية. ولكن هذا العالم وفريقه، عرفوا كيف يدخلون على الخلية عوامل من خلق الله وصنعه ، والاستنساخ ما هو إلا نقل الصفات و المميزات من مخلوق إلى آخر فهو عملية إنتاج نسخ مطابقة وراثياً للخلية أو المخلوق الأصلي و ما عملية الاستنساخ إلا صورة فوتوغرافية للأصل فهل نستطيع الحصول على هذه الصورة بدون الأصل ؟

    أما ميلاد المسيح عليه السلام فلم يكن للمسيح أب و لم تكن ولادة المسيح بالاستنساخ بل كانت ولادة المسيح من غير تناسل أو استنساخ فقد نفخ جبريل عليه السلام في السيدة مريم - حين تمثل لها بشراً سوياً ليهب لها غلاماً زكياً - فوصل النفخ إلى فرجها فوقع الحمل بسبب ذلك، كما قال: ﴿ و َمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [2] أي : وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم بنت عمران التي حفظت فرجها, وصانته عن الزنى, فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن ينفخ في جيب قميصها , فوصلت النفخة إلى رحمها, فحملت بعيسى عليه السلام [3] ، و قد أضاف الروح إِليه تعلى على جهة التشريف [4]

    و قبل الختام نعقد مقارنة بسيطة بين ولادة المسيح عليه السلام وولادة النعجة دوللي التي تشدق بها بعض الملاحدة لنرى البون الشاسع بينهما إذ المسيح عليه السلام ولد من غير أب بأن نفخ الملك في السيدة مريم بينما النعجة دوللي ولدت من غير أب بالاستنساخ فما فعله العلماء ما هو إلا نسخ صورة طبق الأصل من الخلية الأم و لولا وجود هذه الخلية لما استطاع العلماء استنساخ هذه النعجة ، و المسيح عليه السلام عاش أكثر من ثلاثين عاما قويا فتيا ثم رفع إلى السماء أما النعجة دوللي فلم تعش إلا عدت سنوات ، و تم إعدامها لإصابتها بالعديد من الأمراض قبل أن يتم إعدامها و الكائنات المستنسخة تكون مصابة بالضعف و المرض في الغالب و من هنا يتضح أن ولادة السيد المسيح أعظم من ولادة النعجة دوللي التي تشدق بها هؤلاء الملاحدة لقلة علمهم و عظم جهلهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات








    [1] - الجسم يحتوي على خلايا جسمية وجنسية الخلايا الجسمية لبناء الجسم أما الجنسية فهي إما حيوانات منوية عند الذكر أو بويضات عند الأنثى
    [2] - التحريم الآية 12
    [3] - التفسير الميسر
    [4] - صفوة التفاسير 2/251

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على سؤال الملاحدة لما انقرضت بعض المخلوقات قبل ظهور الإنسان

    الرد على سؤال الملاحدة لما انقرضت بعض المخلوقات قبل ظهور الإنسان







    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة هداهم الله إذا كان هذا الكون معد للإنسان و هذه المخلوقات معدة للإنسان فلما وجدت بعض المخلوقات و انقرضت .

    و الجواب أن الله هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه .

    و الله حكيم في أفعاله فكل فعل يفعله له حكمة و الله لا يخلق شيئا عبثا حتى الذبابة يذل الله بها أنوف الجبابرة و كل أمر يأمر به له حكمة و كل نهي ينهي عنه له حكمة عرفناها أو لم نعرفها قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [2] و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[3] و قال تعالى : ﴿ و َإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[4] .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها أمان لباقي الكائنات الحية فاقتضت حكمة الله أن تنقرض هذه الحيوانات حتى لا تضر غيرها من الكائنات الحية .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها عبرة للطغاة فرغم عظم هذه الحيوانات و ضخامتها و قوتها إلا أنها لم تصمد أمام مشيئة الله بانقراضها و رغم ضعف كائنات أخرى و صغرها إلا أنها بقيت لأن الله أراد لها البقاء .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات انتفاع الإنسان بانقراضها كتكوين طبقة بترولية يستعمله الإنسان في أغراض كثيرة و البترول يعتبر مصدر هام للطاقة , و يدخل في العديد من الصناعات مثل الصناعات الكيماوية والأسمدة والمطاط والألياف الصناعية , و يكرر فنحصل على مشتقات عديدة مثل البنزين والمازوت والكيروسين و تدار به مصانع الأسلحة والمعدات الحربية .

    هذه بعض الحكم من انقراض بعض الحيوانات قبل خلق الإنسان هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







    [1] - الأنبياء الآية 23
    [2] - النساء من الآية 26
    [3] - الأنعام الآية 18
    [4] - العمران الآية 62
    التعديل الأخير تم بواسطة د/ربيع أحمد; 6 مار, 2011, 02:12 ص.

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة أن الحياة على الأرض نشأة صدفة

    الرد على زعم الملاحدة أن الحياة على الأرض نشأة صدفة





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الحياة نشأة على الأرض صدفة حيث الذرات التي لا حياة فيها و غير الواعية قد تجمعت مع بعضها البعض لتكوّن الخلية ، و من ثم و بطريقة ما شكلت الذرات أشياء حية أخرى ، بما فيها الإنسان و قد ظهرت الحية أولا في الماء ثم تدرجت منها إلي اليابس فالكائنات الحية الأولى أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس وذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا .

    و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ،و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة ، و كلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


    و إذا استحال أن يتكون قصر في غاية الجمال صدفة فكيف بمئات القصور و القصر من الجمادات لا حياة فيه فكيف بالكائنات الحية في غاية الجمال و الروعة يقال أنها نشأة صدفة فإن استحال هذا الأمر في الجماد فيستحيل بالنسبة للكائن الحي من باب أولى .

    و من صفات الحياة للكائنات الحية القدرة على الحركة و التكاثر و الحصول على الغذاء و النمو فهل تستطيع الصدفة أن تخلق الحركة في كائن لا حركة به ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على التكاثر في كائن لا يتكاثر ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على الغذاء في كائن لا يتغذى ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على النمو في كائن لا ينمو ؟!!

    و القائلون بالصدفة يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه rna تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه rna الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء rna آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي rna إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه dna لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


    و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه dna لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

    و افتراضهم أن جزيئات غير dna تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .
    أضف إلى ذلك أن العلامة المميزة للمصادفة هي الفوضى وعدم الإطراد و عدم النظام بينما الذي يسود في الكائنات الحية نظام مطرد متنوع لا توجد فوضى فيه إذ لكل كائن حي نظامه الخاص و لكل كائن حي تكوينه الخاص و لكل كائن حي طريقة حصول على الغذاء خاصة و لكل كائن حي غذاء معين و لكل كائن حي طريقة تكاثر خاصة و لكل كائن حي طريقة نمو خاصة و لكل كائن حي طريقة إخراج خاصة و لكل كائن حي ظروف حياتية خاصة .

    و على التسليم أن بلايين من السنين تكون كافية لإنتاج مركبات كيميائية قادرة على أن تكوَن أجسام فقرية أو أجسام حشرية ، غير أنه من المستحيل إنتاج أجسام حية من عناصر كيميائية لا حياة فيها ، حتى لو أنها كانت قادرة على مضاعفة نفسها ، غير أن هذه الأجسام غير قادرة على مضاعفة نفسها لأنها تنقصها الحياة .

    أضف إلى ذلك أن جزيء ال دي إن آيه dna خارج الخلية الحية غير قادر على الحفاظ على مركبه الكيميائي، وخاصة تحت تأثير عوامل طبيعية قاسية كعوامل البرق والرعد والإشعاعات فوق البنفسجية (uv ) كالتي كانت تسيطر على الكرة الأرضية في ذلك الوقت الذي يفترض فيه نشأة الحياة .

    و لا يمكن للعلماء البرهنة أن جزيء dna قد أوجد الحياة ، و جزيء dna لا يوجد إلا في خلية حية ولا يتكاثر إلا في خلية حية ، و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن شيء مادي كان سببا في نشأة شيء غير مادي ؟!!!


    و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل نوع و أنثاه تخلق مثلا الحمار و أنثى الحمار و الرجل و أنثى الرجل و الكلب و أنثى الكلب ؟!!!!

    و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها كيف تخلق المصادفة النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى ؟!!!! .

    و اعتقادهم أن الكائنات الحية الأولى التي تكونت بالصدفة كما يزعمون أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس و ذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا ، و هذا رجم بالغيب و قول بلا برهان صحيح ،و عمر الأرض كما قدره الفلكيون لا يربو على ثلاثة بلايين سنة ، بينما يُقدر علماء الحياة أن المدة اللازمة لتطور الأحياء على الأرض إلى حين عصور الحياة القديمة تزيد على سبعة بلايين سنة ، بمعنى أن عمر الأرض لا بد أن يكون عشرة بلايين سنة أي ضعف عمر الشمس ، و هذا باطل .


    و زعمهم بأن الكائنات الحية جاءت من البحر و استقرت في اليابسة رجم بالغيب ، و لا يصح علميا إذ من المستحيل لكائن بحري أن يخرج من البحر ليعيش على اليابسة لأن الكائن لا يمكنه تغيير مواصفاته من تلقاء نفسه إلى كائن مختلف تماما بتغيير وزن جسمه ودرجة حرارته وطريقة جسمه في استخدام الماء و عملية الإخراج و التنفس و نظام الحياة بشكل عام .


    و الكائنات الحية الوحيدة التي تستطيع نقل وتحويل الطاقة من شكل إلى آخر هي النباتات، فبواسطة التمثيل الضوئي تتحول أشعة الشمس إلى طاقة تنتقل إلى كل ما هو حي ، لهذا فإن النباتات مصدر الغذاء الأول لكل الكائنات الحية الأخرى ، حيث لا بد و أن يسبق وجود النباتات وجود أي كائن حي آخر ، وهذا مما يتنافى مع زعمهم أن الحياة تكونت في البحار و من عناصر كيميائية مجردة .

    و بعض المعادن التي يرجع عمرها إلى حوالي 4 بليون سنة ، وهو الوقت الفرضي لظهور الحياة على الأرض ذكر الجولوجيون أن هذه المعادن تحتوي على بعض الأكاسيد مثل أكسيد الحديد و هذا معناه أن الغلاف الجوي للأرض في هذا الوقت كان يحتوي على نسبة كبيرة من الأكسجين و هذا يدمر جميع الفرضيات التي تقول أنّ الحياة أنشأت نفسها من مركبات غير حية ؛ لأن وجود الأوكسجين على الأرض قبل نشوء الحياة يمنع بصورة قطعية تكوين أي مركبات عضوية و يمنع وجود أي مركبات عضوية ففي وجود الأوكسجين يحدث للمركبات العضوية عملية أكسدة و بذلك تتكسر جميع المركبات العضوية .

    و على التسليم بوجود مركبات عضوية في هذا الوقت فهذا لا يستلزم خلق الحياة وخلق الكائنات الحية فالحياة ليست مادة حتى تتكون من مادة .

    و على التسليم بخلق خلية حية - رغم أن ذلك مستحيل - فهذا لا يفسر أن تقوم خلية حية بتكوين كل الأنسجة و الأعضاء المختلفة التي يتكون منها الكائن الحي مصادفة و من الذي يبرمج الخلايا على أن تقوم بأعمالها المتخصصة وتتحول إلى أعضاء وأنسجة ؟ و كيف تقوم خلية حية بخلق القدرة على الحصول على الغذاء و القدرة على الإخراج و القدرة التنفس في الكائن الحي من الذي خلق هذه القدرات في الكائن الحي ؟ ، و كيف تقوم خلية حية بخلق أنثى للكائن الحي الذكر من الذي خلق لكل ذكر أنثى تناسبه ؟!!

    و على التسليم بخلق خلية حية فمن الذي حافظ على الخلية الحية حتى تكونت و من الذي أعد هذا الكون لها .

    و الخلاصة أن الحياة لا يمكن أن تنشأ صدفة و على التسليم بنشأة الحياة صدفة فهذا لا يغني عن وجود خالق مدبر خلق الذكر و الأنثى خلق لكل كائن ما يناسبه خلق أعضاء الكائنات الحية خلق أنسجة الكائنات الحية خلق السمع خلق البصر خلق العقل .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
    التعديل الأخير تم بواسطة د/ربيع أحمد; 6 مار, 2011, 01:54 ص.

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية

    الرد على زعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية و هذا باطل فهم قد جهلوا أن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعون أن العلماء أستطاعوا صنع الحياة من مواد مادية ؟!!

    و كل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


    و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :
    انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي[1] الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية ، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

    والخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى[2] فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



    و من هنا يتبين أن زعم الملاحدة أن العلماء خلقوا خلية حية زعم غير صحيح ؛لأن ما فعله العلماء ليس خلقا ، إذ إن الخلق هو الإيجاد من العدم. والتجربة قائمة على محاكاة ونسخ تركيب داخلي في خلية ما زالت حية و ليس خلية ليس فيها حياة ، و عمل فنتر إنجاز كبير ، و لكنه ليس خلقا لحياة صناعية إذ خلق حياة صناعية يتطلب تصنيع خلية كاملة من مواد كيمائية و هذا مستحيل ؛ لأن الحياة ليست بشيء مادي يخلق من مواد مادية هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الحمض النووي أي الحمض الريبوزي النووي المنزوع الأوكسجين , و هو مركب من سلسلة متارصة من الأحماض النووية المسماه النيوكليدات( (Nucleotides ، و كل نيوكليديت يتركب من ثلاث قطع :فسفات( Phosphate) و سكر ( Sugar ) و قاعدة نيتروجينية (Nitrogenous base) و هذه النيوكليدات تصطف جنبا الى جنب لتكون سلك طويل و مترابط و ذلك عن طريق رابطة فوسفاتية تربط السكر الذي قبلها بالسطر الذي بعدها و بالتحديد تربط الكربون رقم 5 في السكر الاول بالكربون رقم 3 في السكر الذي يليها و هكذا يستمر هذا الخيط الطويل من النيوكليدات. و ال دي ان ايه هو عبارة عن خيطين من تلك النيوكليدات متلاصقين و مجدولين كما تجدل ضفيرة الشعر و ذلك بشكل محكم و دقيق و يحافظ على ذلك النظام الروابط التي بين هذه المركبات خاصة الروابط الفسفورية و الروابط التي بين القواعد النيتروجينية.و لذلك فانه يطلق على ال دي ان ايه سلسلة ال دي ان ايه(DNA CHAIN ) كما هو شائع بين المختصين.و و يتواجد ال دي ان ايه أ في النواة بشكل رئيسي و قسم ضئيل منه في جزء من الخلية يسمى الميتوكوندريا , و كل خلية من خلايا الإنسان تحتوي على نفس الحمض النووي الريبي , و اختلاف ترتيب الأحماض النووية يعطي كل من الأحماض النووية الريبوزية ميزاتها الخاصة .

    [2] - مصطلح جينوم genome هو مصطلح جديد في علم الوراثة يجمع بين جزئي كلمتين إنجليزيتين هما gen وهي الأحرف الثلاثة الأولى لكلمة gene التي تعني باللغة العربية المورث (الجين)، والجزء الثاني هو الأحرف الثلاثة الأخيرة من كلمة chromosome وهي ome وهي تعني باللغة العربية الصبغيات (الكروموزومات)،و الجينوم هو كامل المعلومات الوراثية المشفرة ضمن ال دي إن آيه DNA و أحيانا ضمن الـ آر إن آيه RNA كما في حالة الفيروسات و يحوي الجينوم مجموعة جينات أو ما يدعى أيضا بالمورثات إضافة لتسلسلات غير مكودة من الدنا نفسه و تم صياغة هذا المصطلح عام 1920 من قبل هانس وينكلر Hans Winkler بروفسور علم النبات في جامعة هامبورغ ، ألمانيا كدمج لكلمتي gene و chromosome .

    اترك تعليق:


  • د/ربيع أحمد
    قام بالرد
    الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان

    الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الطبيعة هي من خلق الإنسان ، و أن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة و تطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و استدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلا عن إثباتها صحة التطور و هي :
    اختلاف الأعراق . إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ ولادة أطفال مشوهين ، معاقين ، أو غير محددي الجنس . اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض و يستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور . الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تماماً مثل الحيوانات وقبل إختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن . وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام و أعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان . استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة .

    و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته و هل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ، و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


    و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة و هي شيء غير مادي ؟!!!

    و القائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه RNA تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه RNA الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء RNA آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي RNA إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه DNA لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


    و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه DNA لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

    و افتراضهم أن جزيئات غير DNA تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .




    و لا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق و بين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

    و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...

    و القول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .

    و سؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ سؤال لا علاقة له بالتطور و ينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار و مما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين و لذا التنقل بينها كان سهلا ،و لقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقاً كاملاً تقريباً في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلاً تطابقا ً كاملاً وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري .

    ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية و أفريقيا بعيدتان عن بعضهما و يوجد بينهما المحيط الأطلسي و مياه عميقة مالحة و أحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية و من المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية ( أي يعيش في المياه الحلوة ) و هو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده و انتشاره في القارتين معاً إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معاً ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما .
    و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور و تغير الصفات الوراثية و الجينية عبر الأجيال غير صحيح ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

    و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

    و قولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم ؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط ، و ليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى : ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ﴾[1] ، و لاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات و أمره بصنع السفينة ، و ليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض .

    و نوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط و ليس إلى جميع الناس قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[2] و الله لا يهلك قوماً لم يبعث فيهم رسولاً قال تعالى : ﴿ و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[3] ، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيراً ، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام .

    و لا نسلم لهم أن نوحا عليه السلام وضع جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي في السفينة و عليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح .

    و قوله تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾[4] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين و ليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك و لأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى : ﴿ ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾[5] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه ,و كقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾[6] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى :﴿ أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾[7] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا .

    و التخصيص بالعقل وارد في القرآن و السنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي و مقررك الدراسي ، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها .

    و على التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية و الطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان و لم يصطحب النباتات و الكائنات البحرية و التي تشكل قطاعا كبيرا من إجمالي الأنواع في العالم و كذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات و الديدان .

    و الظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان .

    و على التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد و استحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها ، و لم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه ، و المشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع و القول بالتطور مخالف للحس و المشاهدة .

    و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

    و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

    و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
    و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

    و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

    و زعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


    و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :
    انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

    و الخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



    و من هنا ندرك أن زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الأعراف الآية 64
    [2] - هود الآية 25
    [3] - الإسراء من الآية 15
    [4] - هود الآية 40
    [5] - الأحقاف الآية 25
    [6] - الزمر الآية 62
    [7] - النمل من الآية 23


    التعديل الأخير تم بواسطة د/ربيع أحمد; 6 مار, 2011, 01:22 ص.

    اترك تعليق:

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
ردود 0
125 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
ردود 0
67 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ARISTA talis
بواسطة ARISTA talis
 
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
ردود 25
154 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
ردود 0
93 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 16 نوف, 2022, 01:42 ص
ردود 0
55 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
يعمل...
X