عقائد الملحدين

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابن النعمان مسلم اكتشف المزيد حول ابن النعمان
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عقائد الملحدين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله بركاته


    عقائد الملحدين


    الملحدون لا يعلمون لأنفسهم مذهبا ولا معتقدا ، وكل أفكارهم قائمة على
    معاداة الدين ، والتشكيك في أساسياته ومسلماته التي تتوافق مع الفطرة. وهم لا
    يفترون من إيهام الناس بكلام وأوهام يطلقون عليها "النظريات" ليخدعوهم
    ويلبسوا عليهم دينهم
    يقول موريس بلوندل (فيلسوف فرنسي عاش بين 1860- 1949 م ) :" ليس
    هناك ملحدون بمعنى الكلمة "
    فيمكن لطفل صغير أن يجعل الملحد يشك في عقيدته – إن كان له عقيدة – بأن
    يقول له : ما يضرك أن تتبع دين الإسلام ، فإن لم تكن هناك آخرة لم تخسر شيئا
    ، وإن كانت ثمة آخرة نجوت بإتباعك للدين .
    زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت : إليكما
    إن صح قولكما فلست بخاسرٍ أو صح قولي فالخسارة عليكما
    وبالطبع فإن موريس بلوندل يقصد بالملحدين المعنى المعروف من إنكار وجود الله
    تعالى ، وهو في هذا مصيب، فكل إنسان بداخله يقين بوجود الله تعالى ولو أظهر
    خلاف ذلك ، ولقد شاهدت شخصيا لقاءً مصورا مع أحد مدعي الإلحاد قال
    في بدايته : " السلام عليكم " !!
    وآخر ذهب يخبر أحدهم بإلحاده فأنكر عليه أن يكون ملحدا فقال له :" والله
    العظيم أنا ملحد " !!
    فهذا الإلحاد هو خروج عن الاعتقاد إلى لا شيء ، أو الخروج عن الهوية، أو
    مسخ وتشويه الفكر وترك الشك محل اليقين دون الاهتداء لشيء .وإن سموا ذلك
    لا دينية أو لا ربوبية أو مانوية أو لا أدرية أو عبدة الشيطان أو أي شيء آخر.


    اللادينية :


    هي عدم إيمان الإنسان بأي دين ، ورفض جميع الأديان على أنها كما
    يعتقد اللادينيون صنع ونتاج فكري بشري، و اللادينية هي عنوان عريض يندرج
    تحته كثير من التوجهات والقناعات الفكرية والفلسفية والعلمية، المرتبطة بالأسئلة
    الجوهرية عن الكون ومغزاه وعن السياسة والأخلاق، ولكن تبقى اللادينية
    مفهوما بسيطا يقتضي بالاعتقاد أن أي الدين هو بشري الصنع.


    في (atheism) اللاربوبية :


    تم استخدام كلمة اللاربوبية كترجمة عربية لكلمة
    الحملة العلنية لظهور اللاربوبيين (الملحدين) والتي دعا إليها ريتشارد دوكتر إلى
    جانب كلمة (إلحاد) بين قوسين ،كمحاولة لإشهار كلمة ثانية لا تحمل معنى
    سلبيا من حيث اللغة وتعطي المعنى المطلوب المتمثل بعدم الاعتقاد بإله أو آلهة،لكن بالرغم من ذلك فكلمة "إلحاد" هي المستخدمة بصورة شائعة حتى من قبل الملحدين العرب.


    المانوية :


    عقيدة من عقائد الُفرس القديمة، تنسب إلى ماني بن فتك الذي ولد سنة
    216 ميلادية في بابل ، وكان في الأصل مجوسيا عارفا ببعض الشرائع السماوية
    ومذاهب ومعتقدات عصره، وكان يقول بنبوة المسيح ولا يقول بنبوة موسى ، ثم
    حاول الجمع بين بعض الشرائع السماوية والمعتقدات الوضعية و إقامة صلة بين
    المسيحية و البوذية والزرادشتية، ولذلك فهو يعتبر نفسه ضمن الأنبياء وكلاً من
    بوذا وزرادشت ويسوع أسلافا له.
    و أتباع المانوية هم معظم من ُأطْلِق عليهم الزنادقة في صدر الإسلام ،وإن كان
    لفظ الزندقة في الإسلام شمل كل فكر فيه خروج عن توحيد الله تعالى، ومن بوذا وزرادشت ويسوع أسلافا له.
    و أتباع المانوية هم معظم من ُأطْلِق عليهم الزنادقة في صدر الإسلام ،وإن كان
    لفظ الزندقة في الإسلام شمل كل فكر فيه خروج عن توحيد الله تعالى، ومن
    أمثلتهم: أحمد بن يحيى بن إسحق الراوندي المعروف بابن الراوندي ،و الشاعر
    العباسي المعروف أبي العلاء المعري صاحب رسالة الغفران ، والشاعر العباسي
    الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس .


    اللا أدريه :

    وهم الذين لا يتخذون موقفا معينا من وجود الله تعالى ، حيث
    يعتقدون أنها مسألة علمية لا يمكن إثباتها، ولا تحمل أهمية جوهرية بالنسبة
    للإنسان، فهم لا يؤمنون ولا يعتقدون بوجود إله لهذا الكون .


    عبدة الشيطان :


    هذه الحركة الشيطانية المعاصرة ظهرت بعد سنة 1960
    معتمدة على بعض الأعمال الأدبية التي تجسد الشيطان بشخصية البطل الذي لا
    يهزم، مثل كتابات جورج برنارد شو ، ومارك توين اللذان شغلهما فكرة الرجل
    الخارق ( سوبر مان ) فمزجا بين صفات بشرية وأخرى خارقة لا يستطيع البشر
    فعلها، وهما في حقيقة الأمر لم يبدعا شيئا جديدا فهذا فكر متأصل وعقيدة
    راسخة في أعماق الفكر الغربي النصراني ، وهو اعتبار بعض الأشخاص أبناء
    الآلهة ولهم قدرات خارقة تفوق قدرات البشر، وتحارب قوى الشر وتساعد
    الضعفاء ، ولقد أدخلوا هذه الأفكار في كثير من أعمالهم الروائية والتصويرية
    ( السينمائية) ولعل أشهرها روايات ( هرقليز ، وهاري بوتر ) .
    ثم تبنى الشيطانيون هذه الفكرة وجعلوها من سمات شيطان مستغلين إلحاد
    هذين الكاتبين ليروجوا لأفكارهم الشيطانية.
    وعقيدتهم التي يجتمعون حولها أنهم : لا يؤمنون بالله أو إبليس ( الشيطان ) أو
    حياة بعد الموت، بل يجب أن يستمتع الناس بحياتهم الحالية وأن يحيوها كاملة أو
    كما يحلو لهم.
    وإمعانا في الجدية والتنظير قسموا أنفسهم إلى اتجاهين رئيسيين هما : الشيطانية
    الإيمانية !!! ، والشيطانية الإلحادية ، الشيطانية الإيمانية تبجل الشيطان كإله
    خارق للطبيعة، على عكس الشيطانية الإلحادية التي ينظر أصحابها إلى أنفسهم
    على أنهم ملحدون، ولا يؤمنون بالشيطان المادي بل يؤمنون بالشيطان الرمزي
    الذي يرمز إلى بعض الخصال البشرية ( الأهواء والغرائز )
    ولقد تأسست في سان فرانسيسكو الأمريكية كنيسة عرفت باسم كنيسة
    الشيطان ، وذلك في 30 أبريل سنة 1966 ، بواسطة الكاهن اليهودي الساحر
    . أنطون لافي، الذي كان يعتبر الكاهن الأعلى لهم حتى هلاكه في سنة 1997
    وهي تعد أهم وأكبر مرجعية مؤسسية لهم ، كما أنه ألَّف لهم كتابا يعتبرونه
    مرجعهم الأهم وكتابهم المقدس وهو كتاب : الشيطان .
    يدعوا عبدة الشيطان هؤلاء إلى : تمجيد القوة ، والاستمتاع بكل ما حرمته
    الأديان و الاستعانة بالسحر و السحرة . و يرون أن الشيطان يكافئ أتباعه
    بالسرور و السعادة وامتلاك الدنيا بكل مسراتها، وبعد الموت يبعثون إلى الأرض
    ليحكموها و يتمتعوا بملذاتها .
    واجتماعاتهم كلها لا تتم إلا بالموسيقى الصاخبة التي تسمى الميتال، والرقص
    الهستيري المختلط ، يصحب ذلك تعاطي المخدرات، وشرب أكواب الدماء ،
    والتعري واستباحة الأعراض علنا ، ويشترطون على أي فتاه تنضم لهم أن تفقد
    عذريتها ، وأن تزال كل وسائل الاحترام الموجودة بينها وبين شباب المجموعة التي
    تنضم إليها، وهم يستترون وراء المصطلحات الغامضة فيطلقون على بعضهم :
    إيمو أو ميتال نسبة إلى موسيقاهم الصاخبة .
    والخلاصة أن عبدة الشيطان، لا يؤمنون بألوهية الشيطان، بل يؤمنون بفكر
    الشيطان من استحلال المعصية والتشبع منها، وهذا ما يسمى بالفجور.
    ورغم ذلك تبقى مسألة عالقة في غاية الأهمية لم تحسم بعد ، وهي التطبيق
    العملي على أرض الواقع والحياة العملية لفكرة الإلحاد، فالأديان تشجع الإنسان
    على إتباعها لما يجده فيها من التزام أخلاقي مريح، بل إنها أيضا تقدم له حلولا
    عقلية مريحة أيضا للقضايا الفلسفية الكبرى حول الوجود والغاية من الحياة، وقد
    يعتقد الملحد أنه يلتقي مع المؤمن بدين معين في فكرة احترام وجهة نظر المقابل
    وعدم استصغار أو تحقير أية فكرة، إذا كانت الفكرة مبعث طمأنينة لشخص ما
    وتجعله شخصا بناءً في المجتمع. وبعض الملحدين يزعمون أن لديهم فکر حضاري
    قائم على مبادئ حقوق الإنسان، بالرغم من أن بعضهم أيضا يبدي سلوكا
    متطرفا تجاه المؤمنين بأي دين وخصوصا الإسلام ، لكن ما هي عقيدة الملحد؟
    وبماذا يؤمن ؟ وماذا يدعوه إلى الإلحاد ؟
    الملحد البريطاني ريتشارد دوكيز يعتقد في كتابه :"وهم الإله" أن احتمال وجود
    الله هو احتمال ضئيل جدا وأن الإيمان بوجود إله هو مجرد وهم، وهذه هي
    الفكرة التي بنى عليها كتابه كما هو واضح من عنوانه، ويعتبر أن الإنسان ليس
    بحاجة للدين كي يكون صالحًا وعلى خلق ، ويتساءل : "هل كنت لتقتل أو
    تغتصب أو تسرق لو علمت أن الله غير موجود ؟ "
    ويتفق دوكتر في كتابه مع مقولة روبرت بيرسيغ أنه "عندما يعاني شخص من
    وهم يسمى ذلك جنوناً، وعندما يعاني مجموعة أشخاص من وهم يسمى ذلك
    دينا ".!!
    فالدين عنده وهم اجتمع عليه الناس ، ولا داعي لأن نعتقد شيئا ما دمنا نستمتع
    بالواقع ، وجمال الطبيعة بعيدا عن هذا الاعتقاد !! وهو يدندِن حول هذا المعني .
    ويعلل بعض الملحدين رؤاهم بأسباب يعتقدوا فلسفية أو عقلية نابعة من
    التحليل المنطقي والاستنتاج العلمي زعموا، حيث يشير كثير منهم إلى :
    * عدم وجود أي أدلة أو براهين موضوعية على وجود إله !!!! ويرون أن
    وجود إله متصف بصفات الكمال منذ الأزل هو أكثر صعوبة وأقل احتمالا من
    نشوء الكون والحياة لأنهما لا يتصفان بصفات الكمال، بمعنى أن افتراض وجود
    إله حسب رأي الملحدين يستبدل معضلة وجود الكون بمعضلة أكبر وهي كيفية
    وجود الإله الكامل منذ الأزل، وبالتالي لا بد أن التعقيد قد نشأ من حالة بسيطة،
    كتفسير تنوع وتعقيد الكائنات الحية كما تشرحه نظرية التطور عن طريق
    الانتخاب الطبيعي.
    * فكرة الشر أو الشيطان في النصوص الدينية: يرى بعض الملحدين أن الجمع
    بين صفتي القدرة المطلقة والعلم المطلق يتعارض مع صفة العدل المطلق للإله
    وذلك لوجود الشر في العالم.
    * عدم وجود دليل علمي على فرضية الخلق من العدم، حيث تقول إحدى
    النظريات حسب قانون بقاء المادة : إن المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم،
    بل يمكن فقط أن تتحول إلى طاقة بعلاقة تعبر عنها معادلة تكافؤ المادة والطاقة،
    والطاقة بدورها محفوظة بقانون بقاء الطاقة، بمعنى أن المادة هي صورة من صور
    الطاقة، وهما لا يفنيان ولا يستحدثان من العدم.
    وهذه الفرضيات الجدلية لا تحتاج إلى عناء في ردها جملة وتفصيلا ، لأنها في
    أساسها تخالف الفِطَر السليمة ، وفي الحوار التالي مثال بسيط للرد على هذه
    الفلسفة الخابية ( أي: الواهية والضعيفة).
    يتبع بعون الله

  • #2
    تسجيل متابعة باهتمام ..
    شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

    سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
    حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
    ،،،
    يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
    وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
    وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
    عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
    وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




    أحمد .. مسلم

    تعليق


    • #3
      يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :
      دار بيني وبين أحد الملاحدة جدال طويل، ملَكْت فيه نفسي وأطلت صبري حتى
      ألقف آخر ما في جعبته من إفك، وأدمغ بالحجة الساطعة ما يوردون من شبهات
      قال: إذا كان الله قد خلق العالم فمن خلق الله ؟
      قلت له: كأنك بهذا السؤال أو بهذا الاعتراض تؤكد أنه لا بد لكل شيء من
      خالق !!
      قال: لا تلقني في متاهات، أجب عن سؤالي .
      قلت له: لا لف ولا دوران، إنك ترى أن العالم ليس له خالق، أي أن وجوده
      من ذاته دون حاجة إلى موجد، فلماذا تقبل القول بأن هذا العالم موجود من ذاته
      أزلاً ، وتستغرب من أهل الدين أن يقولوا : إن الله الذي خلق العالم ليس
      لوجوده أول ؟
      إنها قضية واحدة، فلماذا تصدق نفسك حين تقررها، وتكذب غيرك حين
      يقررها، وإذا كنت ترى أن إلهاً ليس له خالق خرافة، فعالمَ ليس له خالق خرافة
      كذلك، وفق المنطق الذي تسير عليه .. !!
      قال: إننا نعيش في هذا العالم ونحس بوجوده فلا نستطيع أن ننكره !
      قلت له: ومن طالبك بإنكار وجود العالمَ ؟
      إننا عندما نركب عربة أو باخرة أو طائرة تنطلق بنا في طريق رهيب، فتساؤلنا
      ليس في وجود العربة، وإنما هو: هل تسير وحدها أو يسيرها قائد بصير؟ !!
      ومن ثم فإنني أعود إلى سؤالك الأول لأقول لك: إنه مردود عليك، فأنا وأنت
      معترفان بوجود قائم، لا مجال لإنكاره، تزعم أنه لا أول له بالنسبة إلى المادة،
      وأرى أنه لا أول لها بالنسبة إلى خالقها .
      فإذا أردت أن تسخر من وجود لا أول له، فاسخر من نفسك قبل أن تسخر من
      المتدينين .
      قال: تعنى أن الافتراض العقلي واحد بالنسبة إلى الفريقين ؟
      قلت: إنني أسترسل معك لأكشف الفراغ والادعاء الذين يعتمد عليهما الإلحاد
      وحسب، أما الافتراض العقلي فليس سواء بين المؤمنين والكافرين.
      إنني أنا وأنت ننظر إلى قَصر قائم، فأرى بعد نظرة خبيرة أن مهندسا
      أقامه، وترى أنت أن خشبة وحديدة وحجرة وطلاءة قد انتظمت في مواضعها
      وتهيأت لساكنيها من تلقاء أنفسها .
      الفارق بين نظرتينا إلى الأمور، أنني وجدت قمرا اصطناعيا يدور في الفضاء،
      فقلت أنت: "انطلق وحده دونما إشراف أو توجيه " وقلت أنا :" بل أطلقه عقل
      مشرف مدبر" ان الافتراض العقلي ليس سواء، إنه بالنسبة إلىّ الحق الذي لا محيص عنه، وبالنسبة إليك الباطل الذي لا شك فيه، وإن كل كفار عصرنا مهرة في شتمنا
      نحن المؤمنين ورمينا بكل نقيصة، في الوقت الذي يصفون أنفسهم فيه بالذكاء
      والتقدم والعبقرية .
      إننا نعيش فوق أرض مفروشة، وتحت سماء مبنية، ونملك عقلاً نستطيع به البحث
      والحكم، وبهذا العقل ننظر ونستنتج ونناقش ونعتقد .
      وبهذا العقل نرفض التقليد الغبي كما نرفض الدعاوى الفارغة، وإذا كان الناس
      يهزءون بالرجعيين عبيد الماضي ويتندرون بتحجرهم الفكري، فلا عليهم أن
      يهزءوا كذلك بمن يميتون العقل باسم العقل، ويدوسون منطق العلم باسم العلم،
      وهم للأسف جمهرة الملاحدة . !!
      لكننا نحن المسلمين نبنى إيماننا بالله على اليقظة العقلية والحركة الذهنية، ونستقرئ
      آيات الوجود الأعلى من جولان الفكر الإنساني في نواحي الكون كله .
      في صفحة واحدة من سورة واحدة من سور القرآن الكريم وجدت تنويها بوظيفة
      العقل اتخذ ثلاث صور متتابعة في سلم الصعود، هذه السورة هي سورة الزمر،
      وأول صورة تطالعك هي إعلاء شأن العلم والغض من أقدار الجاهلين قال تعالى :
      "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" (الزمر 9) ، ثم تجيء الصورة الثانية لتبين أن المسلم ليس عبد فكرة ثابتة أو عادة حاكمة، بل هو إنسان يزن ما يعرض عليه ويتخير الأوثق والأزكى ، قال سبحانه : {"فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) } (الزمر 18 ,17 )
      ثم يطرد ذكر أولى الألباب للمرة الثالثة في ذات السياق على أم أهل النظر في
      ملكوت الله الذين يدرسون قصة الحياة في مجالاتها المختلفة لينتقلوا من المخلوق إلى الخالق : {‏‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ‏} ‏[‏الزمر‏:‏ 21‏]‏‏.
      وظاهر من الصور الثلاث في تلك الصفحة من الوحي الخاتم، أن الإيمان لمبتوت
      الصلة بالتقليد الأعمى أو النظر القاصر أو الفكر البليد .
      إنه يلحظ إبداع الخالق في الزروع والزهور والثمار، وكيف ينفلق الحمأ المسنون
      عن ألوان زاهية أو شاحبة، توزعت على أوراق وأكمام حافلة بالروح والريحان، ثم كيف يحصد ذلك كله ليكون أكسية وأغذية للناس والحيوان، ثم كيف يعود الحطام والقمام مرة أخرى زرعا جديد الجمال والمذاق ، تهتز به الحقول والحدائق، من صنع ذلك كله ؟ قال صاحبي وكأنه سكران يهذى: الأرض صنعت ذلك !!
      قلت: الأرض أمرت السماء أن تهمي، والشمس أن تشع، وورق الشجر أن يختزن الكربون ويطرد الأوكسجين ، والحبوب أن تمتلئ بالدهن والسكر والعطر والنشا ؟
      قال: أقصد الطبيعة كلها في الأرض والسماء !
      قلت: إن طبق الأرز في غذائك أو عشائك تعاونت الأرض والسماء وما بينهما
      على صنع كل حبة فيه، فما دور كل عنصر في هذا الخلق ؟ ومن المسئول عن
      جعل التفاح حلوا والفلفل حريفا، أهو تراب الأرض أم ماء السماء ؟
      قال: لا أعرف ولا قيمة لهذه المعرفة !!
      قلت: ألا تعرف أن ذلك يحتاج إلى عقل مدبر ومشيئة تصنف ؟
      فأين ترى العقل الذي أنشأ، والإرادة التي نوعت في أكوام السباخ، أو في حزم
      الأشعة ؟
      قال: إن العالم وجد وتطور على سنة النشوء والارتقاء ولا نعرف الأصل ولا
      التفاصيل !!
      قلت له: أشرح لكم ما تقولون ! تقولون: إنه كان في قديم الزمان وسالف
      العصر والأوان مجموعة من العناصر العمياء، تضطرب في أجواز الفضاء، ثم مع
      طول المدة وكثرة التلاقي سنحت فرصة فريدة لن تتكرر أبد الدهر، فنشأت
      الخلية الحية في شكلها البدائي، ثم شرعت تتكاثر وتنمو حتى بلغت ما نرى ..!!
      هذا هو الجهل الذي سميتموه علما، ولم تستحوا من مكابرة الدنيا به !!
      أعمال حسابية معقدة تقولون: إنها حلت تلقائيا، وكائنات دقيقة وجليلة تزعمون
      أنا ظفرت بالحياة في فرصة سنحت ولن تعود !! وذلك كله فرارا من الإيمان بالله
      الكبير !!
      قال وهو ساخط: أفلو كان هناك إله كما تقول كانت الدنيا تحفل بهذه المآسي
      والآلام، ونرى ثراء يمرح فيه الأغبياء، وضيقا يحتبس فيه الأذكياء ، وأطفالا
      يمرضون ويموتون، ومشوهين يحيون منغصين .؟
      قلت: لقد صدق فيكم ظني، إن إلحادكم يرجع إلى مشكلات نفسية واجتماعية
      أكثر مما يعود إلى قضايا عقلية مهمة !!
      ويوجد منذ عهد بعيد من يؤمنون ويكفرون وفق ما يصيبهم من عسر ويسر، قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ"} ( الحج : 11 )
      قال: لسنا أنانيين كما تصف، نغضب لأنفسنا أو نرضى لأنفسنا، إننا نستعرض
      أحوال البشر كافة، ثم نصدر حكمنا الذي ترفضه .
      قلت: آفتكم أنكم لا تعرفون طبيعة هذه الحياة الدنيا ووظيفة البشر فيها، إنها
      معبر مؤقت إلى مستقر دائم، ولكي يجوز الإنسان هذا المعبر إلى إحدى خاتمتيه لا
      بد أن يبتلى بما يصقل معدنه ويهذب طباعه، وهذا الابتلاء فنون شتى، وعندما
      ينجح المؤمنون في التغلب على العقبات التي ملأت طريقهم، وتبقى صلتهم بالله
      واضحة مهما ترادفت البأساء والضراء، فإنهم يعودون إلى الله بعد تلك الرحلة الشاقة ليقول لهم : {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} (الزخرف68 )
      قال: وما ضرورة هذا الابتلاء ؟
      قلت: إن المرء يسهر الليالي في تحصيل العلم، ويتصبب جبينه عرقا ليحصل على
      الراحة، وما يسند منصب كبير إلا لمن تمرس بالتجارب وتعرض للمتاعب، فإن
      كان ذلك هو القانون السائد في الحياة القصيرة التي نحياها على ظهر الأرض،
      فأي غرابة أن يكون ذلك هو الجهاد الصحيح للخلود المرتقب ؟
      قال مستهزئاً : أهذه فلسفتكم في تسويغ المآسي التي تخالط حياة الخلق وتصبير
      الجماهير عليها ؟

      تعليق


      • #4
        قلت: سأعلمك - بتفصيل أوضح- حقيقة ما تشكو من شرور، إن هذه الآلام
        قسمان: قسم من قدر الله في هذه الدنيا، لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنضج رسالة
        الإنسان إلا في حره، فالأمر كما يقول الأستاذ العقاد: " تكافل بين أجزاء الوجود، فلا معنى للشجاعة بغير الخطر، ولا معنى للكرم بغير الحاجة، ولا معنى للصبر بغير الشدة، ولا معنى لفضيلة من الفضائل بغير نقيصة تقابلها وترجح عليها ، وقد يطرد هذا القول في لذاتنا المحسوسة كما يطرد في فضائلنا النفسية ومطالبنا العقلية، إذ نحن لا نعرف لذة الشبع بغير ألم الجوع، ولا نستمتع بالري ما لم نشعر قبله بلهفة الظمأ، ولا يطيب لنا منظر جميل ما لم يكن من طبيعتنا أن يسوءنا المنظر القبيح" .
        وهذا التفسير لطبيعة الحياة العامة ينضم إليه أن الله جل شأنه يختبر كل امرئ بما
        يناسب جِبِلَّته، ويوائم نفسه وبيئته، وما أبعد الفروق بين إنسان وإنسان، وقد
        يصرخ إنسان بما لا يكترث به آخر، ولله في خلقه شئون، والمهم أن أحداث
        الحياة الخاصة والعامة محكومة بإطار شامل من العدالة الإلهية التي لا ريب فيها .
        إلا أن هذه العدالة كما يقول الأستاذ العقاد:" لا تحيط بها النظرة الواحدة إلى حالة واحدة، ولا مناص من التعميم والإحاطة بحالات كثيرة قبل استيعاب وجوه
        العدل في تصريف الإرادة الإلهية . إن البقعة السوداء قد تكون في الصورة كلها
        لونا من ألوانها التي لا غنى عنها، أو التي تضيف إلى جمال الصورة ولا يتحقق لها
        جمال بغيرها، ونحن في حياتنا القريبة قد نبكي لحادث يعجبنا ، ثم نعود فنضحك
        أو نغتبط بما كسبناه منه بعد فواته"
        تلك هي النظرة الصحيحة إلى المتاعب غير الإرادية التي يتعرض لها الخلق .
        أما القسم الثاني من الشرور التي تشكو منها يا صاحبي فمحوره، خطؤك أنت
        وأشباهك من المنحرفين قال مستنكرا: أنا وأشباهي لا علاقة لنا بما يسود العالم من فوضى ؟ فكيف تتهمنا ؟
        قلت: بل أنتم مسئولون، فإن الله وضع للعالم نظاما جيدا يكفل له سعادته، ويجعل قويه عونا لضعيفه، وغنيه برا بفقيره، وحذر من إتباع الأهواء، واقتراف المظالم واعتداء الحدود .
        ووعد على ذلك خير الدنيا والآخرة فقال سبحانه : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل : 97]
        فإذا جاء الناس فقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وتعاونوا على العدوان بدل أن
        يتعاونوا على التقوى، فكيف يشكون ربهم إذا حصدوا المر من آثامهم ؟ إن أغلب ما أحدق بالعالم من شرور يرجع إلى شروده عن الصراط المستقيم، وفي هذا يقول الله جل شأنه :{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}
        [الشورى: 30]
        إن الصديق رضي الله عنه جرد جيشا لقتال مانعي الزكاة، وبهذا المسلك الراشد
        أقر الحقوق وكبح الأثرة ونفذ الإسلام، فإذا تولى غيره فلم يتأس به في صنيعه
        كان الواجب على النقاد أن يلوموا الأقدار التي ملأت الحياة بالبؤس ؟!
        قال: ماذا تعنى ؟
        قلت: أعنى أن شرائع الله كافية لإراحة الجماهير، ولكنكم بدل أن تلوموا من
        عطلها، تجرأتم على الله واتهمتم دينه وفعله !!
        ومن خسة بعض الناس أن يلعن السماء إذا فسدت الأرض، وبدلا من أن يقوم
        بواجبه في تغيير الفوضى وإقامة الحق يثرثر بكلام طويل عن الدين ورب الدين !!
        ويقول الشيخ محمد الغزالي في موضع آخر من كتابه :" لقد آن الأوان لتهتك
        الأستار عن أدعياء التقدم، الذين يمثلون في الواقع ارتكاسا إنسانيا إلى جاهلية
        عديمة الشرف والخير، مبتوتة الصلة بالعقل وذكائه والعلم وكشوفه ، ربما شك
        بعض الناس في حقيقة الدين الذي يعتنقه أو في جدواه عليه، فإذا ساور هذا
        الخاطر أحدا من خلق الله، فإن العربي آخر امرئ يعرض له هذا الظن، بل يقرب
        من المستحيل أن يساوره ، ذلك أن فضل الإسلام على العرب كفضل الضياء
        والماء على الزرع ... قد تكون بعض العقائد عقاقير مخدرة للنشاط البشرى، لكن
        الإسلام لما جاء العرب شحذهم وأثار عقولهم، ووحد صفهم، وطار بهم إلى آفاق
        مادية وأدبية لم يحلم بها آباؤهم ولا تخيلها أصدقاؤهم أو أعداؤهم، ومضى العرب
        في طريق المجد الذي شقه الإسلام لهم فعرفهم للعالم وكان قبل يجهلهم، وأفاءوا
        على ماضيه القريب ما لا ينكره إلا متعصب كفور !
        وارتبطت مكانة العرب الذاتية والعالمية بهذا الدين، فهم يتقهقرون إذا تخلوا عنه
        ويستباح حماهم . وهم يرتقون ويتقدمون إذا تشبثوا به وتحترم حقوقهم .
        على عكس ما عرف في أمم أخرى لم تستطع التحليق إلا بعدما تخففت من
        مواريثها الدينية ُ كلا أو جزءًا !! ... إن الإسلام بالنسبة للعروبة ولىّ نعمتها
        وصانع حيايتها .
        وقد اعترف مسيو " جاروديه " وهو شيوعي فرنسي، عاش ردحا من الزمان في
        جبهة التحرير الجزائرية بأن الدين وحده هو الذي أوقد شرر هذا الكفاح العزيز
        الغالي، وأن الإسلام يستحيل أن يوصف بأنه مخدر الشعوب .
        والإسلام لا يجعل من العرب شعبا مختارا يفضل غيره بسلالة أو دم خاص، كلا
        كلا، إن الله اختار لعباده تعاليم راشدة وشرائع عادلة، ثم وكل إلى العرب أن ( يحملوا هذه التعاليم والشرائع ليعملوا بها وليعلموها من شاء."
        خلاصة العتاد فى مواجهة الالحاد - الباب الرابع

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
        ردود 0
        123 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Mohamed Karm
        بواسطة Mohamed Karm
         
        ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
        ردود 0
        66 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ARISTA talis
        بواسطة ARISTA talis
         
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
        ردود 25
        153 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
         
        ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
        ردود 0
        93 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة The small mar
        بواسطة The small mar
         
        ابتدأ بواسطة The small mar, 16 نوف, 2022, 01:42 ص
        ردود 0
        55 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة The small mar
        بواسطة The small mar
         
        يعمل...
        X