الانتخاب الطبيعي عند ريتشارد دوكينز

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مقالات د. هشام عزمي مسلم اكتشف المزيد حول مقالات د. هشام عزمي
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الانتخاب الطبيعي عند ريتشارد دوكينز

    الانتخاب الطبيعي عند دوكينز هو الحل السحري لمشكلة التنظيم والتعقيد في المخلوقات ..
    فالمؤمن بوجود الله يرى أن الله خلق الكائنات على نمط معين بحيث تؤدي وظيفة أو وظائف معينة ..
    فالعين مخلوقة لكي ترى لذلك فإن تصميمها وتعقيدها مناسبان لهذه الوظيفة ..
    كذلك غيرها من أعضاء الجسم ..

    لكن الملاحدة يرون أن العين ظهرت صدفة وأن كونها ترى هو صدفة ..
    فالعين وجدت بالصدفة واتضح بالصدفة أنها يمكن أن ترى فكان الأمر كذلك ..!
    ولأن هذا الاحتمال ضعيف جدًا ولا يقبله العقل - خاصة مع الأعضاء معقدة التصميم - فإن الملاحدة لجئوا إلى حل آخر ..
    الانتخاب الطبيعي ..!

    وهذا هو الحل الذي انتصر له ريتشارد دوكينز في كتابه (وهم الإله) ، فهو يقول :

    ما هو السبب الذي يجعل الانتخاب الطبيعي ينجح كحل لمشكلة اللااحتمالية حينما تفشل كلا فرضيتا الخلق والصدفة عند خط البداية ؟ الجواب هو أن الانتخاب الطبيعي عملية تراكمية ، مما يجعل مسألة اللااحتمالية لأجزاء صغيرة ، وكل منها صغير بحيث أن لااحتماليته منطقية بشكل ما ، ولكن ليست من مستحيلات الحدوث . وعند تراكم العديد من التراكمات فإن الناتج النهائي سيكون لااحتماليًا بشكل كبير جدًا جدًا بالطبع ، لااحتمالي بشكل لا يقبل مجالاً للشك أن يكون قد حدث بطريق الصدفة . والناتج النهائي الذي يُشكل الكائن هو الذي يحاجج به الخلوقيون بشكل مرهق بأشكاله المختلفة . الخلوقي يخطيء الهدف ؛ لأنه يصر على أنه يعامل احتمالية التكوين المعقد كخطوة واحدة ، كحدث واحد . إنه لا يفهم قيمة التراكم .
    في كتابي "الصعود إلى جبل اللااحتمال" وضحت هذه النقطة بمثال : تخيل جبلاً أحد طرفيه منحدر بشكل حاد من المستحيل تسلقه ، والطرف الاخر منحدر بشكل متدرج لطيف حتى القمة . في القمة يجلس نظام معقد كالعين مثلاً أو البكتريا ذات المحرك المروحي . الفكرة السخيفة أن تعقيدًا كهذا يتجمع بشكل آني يرمز بالانتقال من وادي الجبل لقمته بقفزة واحدة . التطور - على العكس من ذلك - يذهب حول الجبل من الناحية الأخرى ويصعد المنحدر البطيء زحفًا . بسيط ، أليس كذلك ؟! مبدأ الصعود البطيء مقارنة بالقفزة الواحدة مبدأ بسيط جدًا لدرجة تدفعنا للتعجب عن السبب وراء كل هذا الوقت حتى ظهر واحدٌ ما كداروين على المسرح واكتشفه . عندما فعل ذلك كانت قد مضت ثلاثة قرون على نشر نيوتن لـ"العالم العجائبي" رغم أن إنجازه بدا وقتها أصعب من ذاك الذي لداروين .
    استعارة أخرى مفضلة عن تطرف اللاحتمالية في حالة قفل خزانة بنك . نظريًا يمكن لسارق أن يكون محظوظًا بالحصول على تسلسل الأرقام الثمانية بالصدفة وحدها . عمليًا التسلسل يصمم بلااحتمالية عالية لدرجة تجعل ذلك أشبه بالمستحيل بنفس درجة فكرة فريد هوبل عن البوينج 747 . ولكن تخيل قفلاً مصممًا بشكل سيء وأنه يعطي إشارات استطرادية تعلو كلما قرب الرقم من الرقم الصحيح . افترض أن عند اقتراب القرص من الرقم الصحيح فإن باب الخزنة يُفتح قليلاً وحفنة من النقود تسقط منها . فاللص في هذه الحالة سيحصل على الجائزة الكبرى في وقت قصير جدًا . ا.هـ.

    هذا هو كلام دوكينز في الانتخاب الطبيعي بتصرف بسيط لتصحيح بعض الأخطاء اللغوية والأسلوبية في الترجمة ..
    وهو موجود ص123-124 من الترجمة العربية بقلم بسام البغدادي ..
    وهذا الكلام يستحق أن نتناوله من أكثر من منظور ..

    الأول :
    إن دوكينز وغيره من الملاحدة لا يسوقون الانتخاب الطبيعي كدليل قطعي على وقوع التركيب والتصميم والتعقيد في المخلوقات ..

    بل هو مجرد تفسير ظني يمكن للملحد أن يركن إليه ..
    فهو لا يقطع بكون الانتخاب الطبيعي هو حقيقة ما وقع حقًا ..
    بل هو يسوقه كمجرد احتمال يجعلنا في غنى عن الإله والخالق ..
    فمحور فكر الإلحاد ليس هو إثبات عدم وجود إله بقدر ما هو تبرير اعتقادهم في عدم وجوده ..
    وفي سبيل ذلك هم لا يهتمون بقطعية الأدلة وقوتها ومدى حجيتها بقدر ما يهمهم أن يكون هناك تفسير آخر لا يضطرهم إلى الاعتراف بوجوده ..
    فالمسألة كلها لا تخرج عن وضع احتمال آخر لا يضطرنا للإيمان بالله الخالق الباريء المصور ..
    مجرد احتمال آخر ..!

    وكما يقول مترجم الكتاب في مقدمته :
    هل هناك حاجة للإيمان بالغيبيات لندرك جمال الواقع الذي نعيشه ..؟
    ألا يكفي جمال الطبيعة دون الحاجة لمكياج الإيمان المليء بعفاريت وأشباح وخرافات وأساطير ..؟


    أو كما يقول المؤلف نفسه :
    ألا يكفي النظر لروعة الحديقة وجمالها..؟
    لماذا يجب علينا الاعتقاد بأن هناك جنيّات خلفها ..؟


    فرسالة الكتاب كله تدور حول ما يسميه كاتبه بـ"رفع الوعي" ..
    فهو يرفع وعي القاريء ليفهم أن وجود الخالق ليس ضروريًا ..
    وأن عنده تفسير آخر مغاير يمكنه أن يبعث الراحة والطمأنينة ..
    ومعلومٌ أن هذا كله كلام في الغيب بالظن والتخرص لا بالحق واليقين ..
    بل من يقرأ الكتاب يفهم أن كاتبه لا يعتقد في تفسيراته وتبريراته أنها الحق الذي ما عداه باطل ..
    بل هو يرى أنه من الممكن تفهم عدم وجود إله من خلال هذه التفسيرات ..

    أو كما يتكلم في المقدمة عن أناس تربوا على دين معين :
    أناس يشعرون بميل ضعيف لترك دين آبائهم ويتمنون لو استطاعو لذلك سبيلاً ..
    لكنهم لا يدركون أن ذلك هو أحد الخيارات الممكنة بالفعل ..!


    فالرجل لا يخرج عن كونه يقدم أحد الخيارات الممكنة ..
    ولا يقطع بكون هذا الخيار قطعي الدليل ..
    فالمسألة ليست بحثًا علميًا حياديًا يسعى لكشف الحقيقة ..
    بل هو تحيز وتعصب ضد الإيمان بالله الخالق الباريء المصور ..
    وفي سبيل تبرير هذا التعصب والتحيز تُساق التفسيرات من هنا وهناك بحجة "رفع الوعي" ..
    والخلاصة إن كلام دوكينز لا يحصل شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ولا يفيد العلم واليقين ..

    الثاني :
    مقصود دوكينز بالانتخاب الطبيعي هو أن الطبيعة تقوم بتطوير الكائنات وتركيبها لتصل إلى ما هي عليه من تصميم وتعقيد ..


    لكن هذا في الأصل وهمٌ لا حقيقة له ..!
    فإنه ليس هناك شيء حقيقي اسمه الطبيعة ..
    وإنما هو خداع لفظي ليعتقد القاريء أن هناك قوى أو آليات حقيقية تحرك الكون وتتحكم به ..
    وهذا - في حقيقة الأمر - غير صحيح ..
    وهذه - في الواقع - هي مصيبة الملاحدة ..!
    لأنهم إذا قيل لهم من بنى هذا الكون البديع عالي التصميم الدقيق في حركاته كالساعة بل أكثر ..؟
    ومن الذي جعل تتابع الليل والنهار فمحا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة ..؟
    ومن خلق الزعنفة للسمكة والخف للجمل والمخلب للقط وغيرهم ..؟
    ومن هو خالق هذا الكون الفخم والمهيمن عليه والمتصرف فيه وموجد كل المخلوقات ؟
    إذا قيل لهم هذا وشقّ عليهم الجواب بأن المصادفة بنت السماوات والأرض وأوجدت ما فيهما من الإنسان والحيوان والنبات والبر والبحر والجبال ، قالوا بنتها الطبيعة وفعلتها الطبيعة ..!
    ومرادهم أنه لا فاعل هناك ولا بانٍ ..
    إنما هي مبنية من نفسها بنفسها ..!
    فهم يعترفون بالفعل لكن ينكرون الفاعل ، فكأن الفاعل هو عدم الفاعل ..!
    ثم هم ينسبون إلى هذا الفاعل المعدوم كثيرًا من صفات الله وأفعاله في الخلق ..
    فيُعزى إلى الطبيعة الميل والإرادة والانتخاب والاصطفاء والترتيب والتركيب وغيرها من صفات وأفعال الله تعالى ..
    فانظر سخافة القوم عندما ينكرون نسبة الكون إلى الله ثم ينسبونه إلى الطبيعة ..
    فإن لم يروا الله ، فهم لم يروا هذه الطبيعة المزعومة أصلاً ..
    والله موجود - ولو بأدلة يعتمد عليها المؤمنون - أما الطبيعة فلا دليل على وجودها ..
    فخلاصة كلام دوكينز أنه ينكر صلة الكون بالله ويزعم بدلاً منها صلته بالطبيعة ..
    وليس ذلك لأن الدليل على وجود الطبيعة أقوى من الدليل على وجود الله ..
    بل هو لأنهم لم يروا الله خالق كل شيء ورأوا الكون المشهود بنظامه وتصميمه وتركيبه البديع ..
    فكما أنكروا وجود الخالق الباريء ابتداء ، أنكروا كذلك وجود الناظم البديع ..
    وكما لم يفكروا أن وجود الفعل بدون الفاعل محال ،لم يفكروا أن وجود النظام بدون الناظم محال ..
    فلم يرهقوا عقولهم بهذه الأفكار لأن منتهاهم هو التمتع بهذا الكون دون التفكر في مالكه ..
    بالضبط كمن يجد في طريقه مالاً فيأخذه دون أن يسأل عن صاحبه ..
    بل يروقه أن يكون هذا المال بلا صاحب فيأخذه ..!

    والخلاصة أن قولهم بالطبيعة بدلاً من الله معناه استغناء العالم بتصميمه وتركيبه وتعقيده وتنظيمه عن الخالق ..
    وليس معناه أن الطبيعة هي التي خلقته لأنهم لا يجهلون كون الطبيعة في واقع الأمر لا شيء ..
    وهذا يرجع في النهاية إلى مسألة وقوع الفعل بدون فاعل ، وهو محال ..
    لأنه إن كان دوكينز ورفاقه ينكرون صدور الفعل من الفاعل في مدةٍ ما ، فإن صدوره بدون فاعل أولى بالإنكار ولو طالت المدة ..
    فإذا طبقنا هذا المفهوم على الأمثلة التي ضربها دوكينز في كتابه لوجدنا أمرًا عَجَبًا ..
    فإن صعود الجبل ولو ببطء شديد يحتاج لصاعد ، فلا يُتصور فعل الصعود دون فاعل ..
    وكذلك بالنسبة لفتح خزينة البنك ، فكيف تنفتح الخزينة دون أن يفتحها أحد ..؟!
    ولو بقيت هذه الخزينة قرونًا متطاولة لن تنفتح حتى يأتي أحدهم ليفتحها ..
    وهذا هو مقتضى العقل والحكمة ..
    لا أن الخزينة فُتحت دون أن يفتحها أحد والجبل صُعد دون أن يصعده أحد ..
    فهذا ما لا يقوله عاقل ..!
    فانظر سورة هؤلاء الملاحدة إلى أين تقودهم ..

    ولا تحسب أن مرادهم من الطبيعة هو العالم نفسه لأنه يلزم منه تقدم الشيء على نفسه ..
    إذ لو كانت السماء والأرض أوجدت نفسها بنفسها للزم أن توجد قبل وجودها لاستلزام وجود الفاعل قبل المفعول ..
    فهم لا يقصدون هذا المعنى ..

    فيتبين من كل هذا أن إسنادهم الكائنات إلى الطبيعة معناه أنه لا فاعل لها ..
    وأنها مصنوعة من نفسها بمعنى أن طبيعة كل موجود في العالم أن يكون موجودًا هكذا دون موجد ..!
    ثم من طبيعته أن يتطور وينمو ويزداد تركيبًا وتعقيدًا بمرور الزمن دون فاعل أو مصمم ..

    وهذا مخالف للبداهة والعقل ، فإنه من المشاهد والمحسوس أن لكل فعل فاعل ..
    ولو كانت طبيعة الموجودات أن توجد هكذا دون موجد لظهر أثر ذلك في العالم ..
    وما يظهر في العالم بخلاف ذلك لأننا نعلم من الفطرة والحس والمشاهدة أن لكل فعل فاعل ..

    ومن هذا كله يتضح أن دوكينز ورفاقه الملاحدة في عناء عظيم لتفسير نظام الكون على نحو لا يضطرهم للاعتراف بوجود الله تعالى ..
    وأن ما ينسبونه للطبيعة من انتخاب واصطفاء وتدبير هو نسبة صفات وأفعال للعدم ..
    والعدم في خلاصة الأمر لا يصدر أفعالاً ولا مفعولات ..

    الثالث :
    الانتخاب والاصطفاء أفعال لا تصدر إلا عن فاعل عاقل مدبر ..


    فلا يُتصور انتخاب بدون منتخِب ، ولا اصطفاء بدون مصطفِي ..
    فلا يصح صدور هذه الأفعال من اللافاعل ..
    ثم ما هو المسوغ لوقوع هذا الانتخاب في الكائنات ..؟
    بل العشوائية واللااحتمالية تقتضي ألا يوجد انتخاب أو اصطفاء أو تدبير ..
    وتقسيم العملية التطورية لعدد كبير من المراحل التراكمية يزيد الأمر سوءًا ..
    لماذا ؟ لأن العشوائية وعدم النظام لا يتحولان وحدهما إلى نظام ، ولو داما ملايين السنين ..
    بل يزداد تشوشًا وارتباكًا مع طول الزمان ..
    ومثال ذلك خزينة البنك التي ضربها دوكينز مثلاً ..
    فإن الصدفة العشوائية لو أنتجت رقمًا من أرقام فتح الخزانة لا يجديهم نفعًا ..
    لأنه لا يكون من حقهم أن يفرضوا حفظ هذا الرقم وتجربة ما يليه حتى ينتج رقمًا آخر ..
    وهكذا فإنه لا مسوغ ولا مبرر للاحتفاظ بأي رقم صحيح يصدر ..
    كذلك في صعود الجبل ، فلا يلزم من الصعود أن يكون في نفس الاتجاه ..
    فربما يهبط أو ينحرف يمينًا أو يسارًا وهكذا ..
    فاحتمال مواصلة الصعود ضعيف جدًا لدرجة أنه شبه مستحيل ..
    والمتوقع في حالة تكرار المحاولة والخطأ أن يوجد لدينا عدد لانهائي من النتائج الخاطئة في مراحل مختلفة ..
    لكن هذا غير موجود وغير واقع ..
    مما يدل على أن الكائنات ذات التركيب البديع والتعقيد لم تخرج إلى الوجود نتيجة للمحاولة والخطأ ..
    بل وُجدت على هذه الصورة مرة واحدة ..

    ثم إن المقارنة بين صعود جانبي الجبل في مثال دوكينز غير صحيحة ..
    فإن الانسان فعلاً يحتاج لبلوغ القمة أن يصعد من القاع ، لكن الطائر لا يصعد بل يبلغ القمة من السماء ..
    لهذا يُعتبر من الطبيعي أن تجد نسرًا على قمة جبل ، لكن ليس من العادي أن تجد رجلاً أو سلحفاة ..
    تمامًا كمثال لص الخزانة ، فإن اللص فعلاً يحتاج للمحاولة عدة مرات لتحصيل الرقم الصحيح ..
    أما صاحب البنك فلا يحتاج لتجربة الأرقام لأنه يعرفها مسبقًا ..
    فإذا فُتحت الخزانة أول ما يتبادر إلى الذهن أن صاحبها فتحها بأرقامها المعروفة لديه ..
    لا أن لصُا فتحها بعد تجربة أرقامها واحدًا تلو الآخر طوال الليل ..!

    وهذا هو ما يستسيغه العقل ويقبله ..

    الرابع :
    إن اللااحتمالية التي يدعو إليها دوكينز ومقصوده بها هو الصدفة والعشوائية لا يمكن أن تؤدي إلى هذا النظام الكوني البديع ..


    لأنه إن كانت تقلبات الأشياء العشوائية تنتج النظام بتتالي التقلبات الفوضوية ..
    فإن الوسيلة المثلى لبلوغ هذا النظام والكمال هو الصدفة والعشوائية على مرور الزمان ..
    ويكون علينا إن أردنا بلوغ الدقة والتنظيم والكمال أن نترك النظام وندع تحصيل التنظيم ..
    بل نترك الأشياء تضرب وتتخبط حتى نبلغ الكمال ..
    وهذا ما لا يقوله عاقل ..!
    لأن فيه إحالة النظام على الفوضى وترقبه من مصادفات الأشياء ..
    وهذا يلغي الفرق بين النظام وعدم النظام ، وجعل النظام والتدبير مترتبان على عدم النظام وعدم التدبير ..
    نعم ، قد يتولد النظام مرة أو مرتين بصدفة من المصادفات المعدودة ..
    لكن اطراد هذا النظام التصادفي وارتقاءه لينتج كل هذا الكمال ، فهذا مما تمجه العقول ..
    لكن الملاحدة لا يتحرجون عن التكلم بما يضاد العقول لتبرير اعتقادهم المستحيل في عدم وجود الله ..
    إنما يصعب عليهم الاعتراف بالحق ..
    فها نحن لا نرى عاقلاً واحدًا يكل تنظيم أموره ومصالحه وتدبيرها إلى المصادفات ..
    بل لا نرى واحدًا من الملاحدة يفعل ذلك ..!
    فإن أحدهم إن أراد استخراج رخصة قيادة يذهب بنفسه ويقدم طلبًا ويخوض الاختبارات وغيرها حتى يكمل أوراقه ..
    ولا تجد أحدهم جالسًا في بيته يقول ربما تأتي الرخصة صدفة ..
    بأن يكتب أحدهم طلبًا باسمه عن طريق المصادفة ..
    ثم يكمل الأوراق ورقة ورقة بالبيانات كاملة بالمصادفة في كل مرة وكل ورقة وكل خانة ..
    ثم يخوض احتبارات القيادة صدفة بأن يأتي في نفس اليوم المحدد له ليُختبر صدفة ..
    بل ربما ينجح في الاختبار دون أن يحضر بالمصادفة البحتة كذلك ..
    وبعدها توضع له صورة شخصية على الرخصة بالصدفة ، ولا تسأل كيف تُلتقط الصورة في البداية ..
    وكل هذه المصادفات تحدث في اتجاه واحد دقيق لا خطأ فيه ولا زلل ..
    هل رأيت ما بلغه الملاحدة من العقل لنفي وجود الله ؟!
    إن المرء لا يكل أهون أمورها وأحقرها لأي صدفة ..
    فكيف بهذا العالم بأرضه وسمائه وبره وبحره وشمسه وكواكبه ومجراته يجري بالصدفة ..
    فعلاً من يضلل الله يفتنه في عقله فلا يباريه مجانين الدنيا كلها ..
    الخامس :
    أما تحجج دوكينز في دعوى تولد التركيب والتعقيد من المصادفات والعشوائية بطول الزمان ..

    فالجواب عليه أن الفوضى والعشوائية إن كانت تنافي النظام والكمال كما قررنا أعلاه ..
    فاستمرارها في الزمان الطويل هو أشد منافاةً وتضادًا ..
    فإن طول الزمان لا يؤدي بالعشوائية إلى النظام بل يزداد معه التشوش والفساد لا يقل ..
    وهذا من أجلى البديهيات ..

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

    رابط الموضوع الأصلي

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
ردود 0
123 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
ردود 0
67 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ARISTA talis
بواسطة ARISTA talis
 
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
ردود 25
154 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
ردود 0
93 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 16 نوف, 2022, 01:42 ص
ردود 0
55 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
يعمل...
X