كتاب ::: البيان الصحيح لدين المسيح ::: للأستاذ / ياسر جبر :::

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ظل ظليل مسلم اكتشف المزيد حول ظل ظليل
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    التناقض بين محتوى الكتاب المقدس والعلم ؟

    التناقض بين محتوى الكتاب المقدس والعلم ؟



    إن مصداقية الكتاب المنسوب للوحي الإلهي تستوجب صحة المعلومات الواردة فيه تاريخيًا وعلميًا ، وسنتعرض لعدة أمثلة بسيطة حول الأخطاء العلمية بالكتاب المقدس. وربما نجد اعتراضًا من النصارى قائلين: إن الكتاب المقدس ليس كتاب علم لنستخرج منه النظريات العلمية.



    والرد: عندما تتعارض محتويات كتاب ينسب لله تعالى مع حقائق علمية مؤكدة وليس نظريات علمية، فإن هذا يثبت الطابع البشري والتلاعب في هذا الكتاب ومصداقية الكتاب تكون موضع شك.

    1- عمر الأرض:

    جاء بسفر التكوين, أن الله تعالى خلق الأرض في اليوم الأول والشمس في اليوم الرابع والإنسان في اليوم السادس, فلا توجد فترة زمنية بين عمر الأرض وعمر الإنسان عليها. وبين الكتاب المقدس أن الفترة منذ خلق الأرض والشمس والإنسان حتى القرن الواحد والعشرين من 6000 إلى 7500 عاما فقط .

    فقد جاء في كتاب إظهار الحق: الزمان من خلق آدم إلى ميلاد المسيح باعتبار التوراة العبرانية (4004) عامًا وباعتبار الترجمة اليونانية (5872 ) عامًا, وباعتبار التوراة السامرية( 4700) عامًا.[1]

    يؤكد هذا الصورة التالية من موقع الموسوعة الكاثوليكية, في الجدول المقارن الذي يبين:

    أ -الاختلافات في الزمن بين نسخ التوراة المختلفة.

    ب- الزمان من الخلق إلى الطوفان 2342 حسب التوراة اليونانية و1307 حسب التوراة السامرية و1656 حسب التوراة العبرانية .




    وبذلك حسب الكتاب المقدس عمر الأرض متزامن مع وجود آدم عليه السلام ، وحسب الكتاب المقدس الزمن من آدم إلى الطوفان ومن نوح حتى ميلاد السيد المسيح عليهم جميعًا السلام 5000 عامًا.
    يضاف إليهم 2000 عام تقريبًا ( بعد الميلاد ) فيصبح عمر الأرض يكافئ عمر الإنسان وفي حدود 7000 عام.

    بينما تؤكد المصادر العلمية المتعددة وكتب الجيولوجيا فيما يعتبر حقائق مسلما" بها:

    أ- العمر المقبول للأرض وباقي المجموعة الشمسية هو حوالي 4550 مليون عام.

    ب- أول أثار ظهور للإنسان في السويد تم العثور عليها تقدر بحوالي 9000 عام قبل الميلاد (11 ألف عام من وقتنا الحالي).

    بذلك يظهر التناقض التام بين الكتاب والعلم من ناحيتين:
    أ- لا فارق زمني بين خلق الشمس والأرض والإنسان.
    ب- الفترة من بداية الخلق حتى الآن قليلة جدًا أمام معطيات العلم الحديث.



    2- الشمس أولاً أم الليل والنهار:

    حسب الكتاب المقدس فإن الله قد خلق الليل والنهار في اليوم الثاني من الخلق ، ثم في اليوم الرابع خلق الشمس وجعلها ضوء النهار وجعل القمر ضوء الليل !.
    (تكوين 1 :3) :" أَمَرَ اللهُ لِيَكُنْ نُورٌ، فَصَارَ نُورٌ " . (4): "وَرَأَى اللهُ النُّورَ فَاسْتَحْسَنَهُ وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظَّلامِ". (5) :" وَسَمَّى اللهُ النُّورَ نَهَارًا، أَمَّا الظَّلامُ فَسَمَّاهُ لَيْلاً . وَهَكَذَا جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ، فَكَانَ الْيَوْمَ الأَوَّلَ."
    ثم ....في اليوم الرابع .. (تكوين 1 : 14):" ثُمَّ أَمَرَ اللهُ لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُفَرِّقَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، فَتَكُونَ عَلاَمَاتٍ لِتَحْدِيدِ أَزْمِنَةٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينَ"ٍ . (15):" وَتَكُونَ أَيْضاً أَنْوَاراً فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُضِيءَ الأَرْضَ" . وَهَكَذَا كَانَ. (16) :"وَخَلَقَ اللهُ نُورَيْنِ عَظِيمَيْنِ، النُّورَ الأَكْبَرَ لِيُشْرِقَ فِي النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِيُضِيءَ فِي اللَّيْلِ، كَمَا خَلَقَ النُّجُومَ أَيْضاً". (17) :"وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُضِيءَ الأَرْضَ" . ، (18) :"لِتَتَحَكَّمَ بِالنَّهَارِ وَبِاللَّيْلِ وَلِتُفَرِّقَ بَيْنَ النُّورِ وَالظَّلامِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنَهُ" . (19) :"وَجَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ".

    يلاحظ الآتي:
    أ - في اليوم الأول خلق الله الليل والنهار وفي اليوم الرابع خلق الشمس والقمر، هذا مع أن الشمس هي سبب النهار واختفائها سبب الظلام أو الليل، ومع ذلك أشار الكتاب إلى خلق النهار أولاً ثم بعد ذلك الشمس ، أي أن الله حسب الكتاب المقدس خلق نور الشمس ثم خلق الشمس .

    ب- القول أن النجوم جعلها الله في السماء لتضيء الأرض ، ولتتحكم في الليل والنهار:غير مقبول علميًا فالنجوم لا تضئ الأرض ولا تتحكم في الليل والنهار،
    جاء التبرير من صاحب كتاب "شبهات وهمية حول الكتاب المقدس": أن مصدر الضوء قبل خلق الشمس والقمر كان يأتي من سديم غازي متوهج ، ولا نعلم أي مصدر علمي ذكر شيء يسمى سديم غازي متوهج كان يأتي منه ضوء الليل والنهار قبل أن يتم خلق الشمس.
    وخير رد على القس هو الصفحة الأولى من الكتاب المقدس للكاثوليك والتي تم عرض صورتها عند الحديث حول نظرية المصادر الأربعة للتوراة والتي جاء فيها أنه لا داعي لمقارنة رواية الخلق بمعطيات العلم الحديث.



    3- شكل الأرض: هل الأرض على شكل كرة ؟ أم هي مسطحة على شكل دائرة أو مربع؟
    بالترجمات العربية للكتاب المقدس جاء تعبير : "الجالس على كرة الأرض" وهلّلّ النصارى كثيرًا على أن كتابهم به إعجاز علمي وأنه قد أشار إلى كروية الأرض .
    )إشعياء40: 22 ( :"الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب " . وبمراجعة الترجمات الأجنبية ونبدأ بأهم الأصول وهو الترجمة السبعينية, لا نجد أنها كرة بل دائرة .

    الترجمة السبعينية: ( الجالس على دائرة الأرض )

    Isa 40 :22 It is he that comprehends the circle of the earth,



    وفي ترجمة الملك جيمس ( KJV ) ( الجالس على دائرة الأرض )

    Isa 40:022 It is he that sitteth upon the circle of the earth.

    .
    وفي الترجمة الأمريكية القياسية ( الجالس على دائرة الأرض )

    Isa 40:22 It is he that sitteth above the circle of the earth


    فكلمة "كرة الأرض" لا وجود لها بتاتًا في التراجم الإنجليزية ، ولكن المترجم العربي أراد وضع جانب من جوانب الإعجاز العلمي, فغير دائرة الأرض إلى كرة الأرض .
    وكلنا يعلم أن الفرق بين الدائرة وبين الكرة مثل الفرق بين شكل منتصف ملعب كرة القدم ( دائرة), وبين شكل كرة القدم نفسها.
    وللتأكيد الكلمة في الأصل العبري للكتاب المقدس: ( خووج(



    חוּג
    chûg
    khoog
    a circle: - circle, circuit, compassive

    ومعناها هو: دائرة، حلقة أو محيط المكان.
    والترجمات الإنجليزية جاءت بتعبير :"الجالس على دائرة الأرض" بينما الترجمة العربية كتبتها : "الجالس على كرة الأرض" واعتبرت هذا من الإعجاز العلمي بالكتاب المقدس.
    ( إشعياء40: 22) :" الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ" .
    بذلك الكتاب يقول: إن الأرض عبارة عن مسطح دائري.
    والغريب أن هناك أعدادًا أخرى بالكتاب المقدس جاء فيها : أن للأرض أربع زوايا ، أو: أربعة أركان ، كما لو كانت الأرض سطحًا مربعًا, أو مستطيلاً مثل ملعب كرة القدم ، فالكرة ليس لها زوايا.
    1-( سفر الرؤيا 7 :1 ) :" وَرَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ مَلاَئِكَة وَاقِفِينَ عَلَى زَوَايَا الأَرْضِ الأَرْبَعِ" .

    Revelation 7:1
    And after these things I saw four angels standing on FOUR CORNERS OF THE EARTH,. (KJV).

    والنص بالإنجليزية واضح كورنرز Corners..


    أمثلة أخرى :
    2- (إشعياء11: 12 ) : ".... ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض ".
    3- )حزقيال 7 : 2 ) :" النهاية قد أزفت على زوايا الأرض الأربع" .
    قال البعض : المقصود بزوايا الأرض الأربع هو الاتجاهات الأربعة ، وهذا التبرير لا يصلح لأن الكتاب المقدس ذكر الاتجاهات الأربعة في فقرة أخرى: 1)أخبار9: 24: ( "في الجهات الأربع كان البوابون في الشرق والغرب والشمال والجنوب" .
    بالإضافة إلى أن النص الإنجليزي واضح جدًا (4 زوايا كورنرز) 4 corners.

    4-حسب العهد الجديد, الشيطان استولى ( أسر) السيد المسيح ( الرب المتجسد عند النصارى), وأخذه على جبل عال ليريه ممالك الأرض.
    ( متى 4 : 8 ) :" ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدًّا وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا " .
    لو تغاضينا عن محتوى الرواية ولم نسأل عن كيفية أسر الشيطان للرب المتجسد ؟ أو كيف يختبر الشيطان المسيح ليتأكد من أنه الرب ؟! فإن الرواية تتناقض مع العلم ؛ نظرًا لكروية الأرض لا تستطيع رؤيتها من مكان عال فهناك دائمًا الجانب الآخر من الكرة الأرضية الذي لا يظهر لك !.
    فالنص ممكن أن يكون صحيحًا من الناحية العلمية فلو كانت الأرض مسطحة شبيهة بملعب كرة فعند ذلك بالارتفاع تستطيع رؤية الملعب كاملاً ، وهذا ما كان يظنه كاتب إنجيل متى !.

    ملاحظة:

    من وجهة نظر الإسلام لا يعنينا وجود إعجاز علمي بالكتاب المقدس من عدمه, فعقيدتنا أن الله تعالى أنزل كتبا وتم تحريفها فبقى منها ما بقى وتغير منها ما تغير, ومقياسنا القرآن الكريم فما وجد مطابقًا لما في القرآن سلمنا به وما كان يخالفه كذبناه, وما لم نجده سكتنا عنه.



    في القرآن الكريم جاء قول الله تعالى:{ وَالأ َرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [قـ : 7]
    في التفسير الميسر : والأرض وسَّعْناها أى ( ليس لها حافة ) وفرشناها، وجعلنا فيها جبالا ثوابت.

    وقال تعالى :{ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية : 20]
    في التفسير الميسر : وإلى الأرض كيف بُسِطت ومُهِّدت؟
    وقال تعالى :{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً} [نوح : 19]

    في تفسير الجلالين: مبسوطة ، وفي التفسير الميسر ممهدة كالبساط أى( صالحة للمشي عليها).

    ولا تعارض بين أن تكون الأرض ممدودة ( ليس لها حافة ) وميسرة ومبسوطة للسير عليها، وبين أن تكون كروية الشكل فهذا هو الوصف الذي لا يتعارض مع العلم الحديث، وفي نفس الوقت لم يسبب إرباكًا لمن كانوا لا يدركون كروية الأرض في العصور السابقة ! فقد أشار القرآن الكريم على كروية الأرض في قوله تعالى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُالْغَفَّارُ} [الزمر : 5]
    ولا يمكن لليل بأن يُـكور على النهار ولا يمكن كذلك للنهار بأن يُـكور على الليل إلا إذا كانت الأرض كروية الشكل.
    وقال الله تعالى : {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات : 30]
    وجاء التفسير قديمًا كما في تفسير الجلالين : (والأرض بعد ذلك دحاها) بسطها.

    وعندما اتضحت الحقيقة العلمية بأن شكل الأرض كالدحية (الدحية تعني بيضة النعام في لغة العرب) ذهب العلماء أن بالآية الكريمة إشارة إلى أن الله تعالى خلق الأرض على هيئة البيضة.

    ملحوظة: الرواسي المقصود بها الجبال فقد قال الله تعالى :{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ} [فصلت:10] ، وقال تعالى :{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً} [المرسلات:27] .



    4- طريقة تنمية الثروة الحيوانية:

    حسب الكتاب المقدس فإن نبي الله يعقوب الذي سٌمي إسرائيل فيما بعد, كان يعيش مع صهره وكان يرعى له الغنم, وبعد أن زاد عدد الغنم طلب يعقوب من صهره أن يأخذ منها جزءًا مقابل خدمته ورعايته لها ويرحل مع نسائه وأبنائه ( زوجتان وجاريتان)، فوافق الصهر وقال له خذ الأغنام المرقطة والمنقطة (التي لها أكثر من لون ).
    يخبرنا الكتاب المقدس كيف خدع نبي الله يعقوب صهره, فقد وضع أخشابا" مخططة أمام الغنم, فتتوحم الغنم على الأشكال المخططة فتلد غنمًا مخططا ومنقطًا فتكون من نصيبه وليس من نصيب صهره !.
    (تكوين 30 : 37):" فَأَخَذَ يَعْقُوبُ لِنَفْسِهِ قُضْبَاناً خُضْراً مِنْ لُبْنَى وَلَوْزٍ وَدُلْبٍ وَقَشَّرَ فِيهَا خُطُوطا بِيضا كَاشِطا عَنِ الْبَيَاضِ الَّذِي عَلَى الْقُضْبَانِ ". (38):" وَأَوْقَفَ الْقُضْبَانَ الَّتِي قَشَّرَهَا فِي الأَجْرَانِ فِي مَسَاقِي الْمَاءِ حَيْثُ كَانَتِ الْغَنَمُ تَجِيءُ لِتَشْرَبَ تُجَاهَ الْغَنَمِ لِتَتَوَحَّمَ عِنْدَ مَجِيئِهَا لِتَشْرَبَ ". (39):"فَتَوَحَّمَتِ الْغَنَمُ عِنْدَ الْقُضْبَانِ وَوَلَدَتِ الْغَنَمُ مُخَطَّطَاتٍ وَرُقْطاً وَبُلْقا ".



    ويقولون : هو من عند الله ‍‍‍! قال تعالى: }.... قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ { [البقرة : 111].



    الغرائب والعجائب في الكتاب المقدس.( أمثلة قليلة).

    1- صفات الله تعالى في الكتاب المقدس:

    أ- يندم:
    نسب الكتاب المقدس لله تعالى صفة الندم , والندم لا يكون إلا عندما يسيء الشخص التصرف لأنه يجهل العواقب, وهذا لا يجوز في حق الله تعالى الذي يعلم ما سيكون.
    1- ( تكوين 6:6):" فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ ". (7):"فَقَالَ الرَّبُّ:أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ ".

    2- (خروج 32: 14 ":(فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ ".

    3-(صموئيل الأول 15: 35 (:"وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ".



    ب- ينسى ويحتاج لعوامل مخلوقة تذكره ما نسيه:
    1- فحتى لا ينسى الله عهده ( حسب الكتاب المقدس ) مع نوح بأن لا يُغرق الأرض مره أخرى بعد الطوفان, وضع قوسه في السحاب, فعندما يرى المطر هاطلا يرى القوس فيتذكر الله أنه قد عقد اتفاقا مع نوح عليه السلام, ألا يُغرق الأرض فيوقف المطر!:
    ( تكوين 9 : 11):" أُقِيمُ مِيثَاقِي مَعَكُمْ فَلاَ يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَيْضا بِمِيَاهِ الطُّوفَانِ. وَلاَ يَكُونُ أَيْضا طُوفَانٌ لِيُخْرِبَ الأَرْضَ". (12):" وَقَالَ اللهُ: هَذِهِ عَلاَمَةُ الْمِيثَاقِ الَّذِي أَنَا وَاضِعُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ كُلِّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَعَكُمْ إِلَى أَجْيَالِ الدَّهْر"ِ . (13):"وَضَعْتُ قَوْسِي فِي السَّحَابِ فَتَكُونُ عَلاَمَةَ مِيثَاقٍ بَيْنِي وَبَيْنَ الأَرْضِ". (14):" فَيَكُونُ مَتَى أَنْشُرْ سَحَاباً عَلَى الأَرْضِ وَتَظْهَرِ الْقَوْسُ فِي السَّحَابِ". (15):" أَنِّي أَذْكُرُ مِيثَاقِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ كُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ فِي كُلِّ جَسَدٍ. فَلاَ تَكُونُ أَيْضاً الْمِيَاهُ طُوفَاناً لِتُهْلِكَ كُلَّ ذِي جَسَدٍ ". (16):"فَمَتَى كَانَتِ الْقَوْسُ فِي السَّحَابِ أُبْصِرُهَا لأَذْكُرَ مِيثَاقاً أَبَدِيّاً بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ كُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ ....".

    2- جاء في الكتاب المقدس : أن الله تعالى عندما سمع صراخ بني إسرائيل, تذكر عهده معهم!.
    (خروج 6 : 5): "وَأَنَا أَيْضاً قَدْ سَمِعْتُ أَنِينَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَسْتَعْبِدُهُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَتَذَكَّرْتُ عَهْدِي ".



    ملحوظة: يأتي لفظ النسيان بمعنيين الأول ناتج عن السهو والثاني متعمد. والنسيان الناتج عن السهو هو صفة نقص لا يتصف بها الله تعالى, أما النسيان المتعمد فهو يأتي بمعنى التجاهل. مثال: الفرق بين أن تنسى رقم هاتف صديق وبين أن تقول لصديق أساء إليك "أنا نسيت ما حدث ", أو "سأنسى ما حدث بيننا", فالمعنى أنك ستتجاهل الموضوع ولن تهتم به وليس المعنى أنك نسيت ولا تتذكر ما حدث .
    لذلك قول الله تعالى: }الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{ [التوبة : 67]
    جاء المعنى في تفسير الجلالين (فنسيهم) تركهم (من لطفه).

    فالنسيان هنا متعمد وليس من صفات النقص المنزه عنها الله تعالى. وبالمثل:} وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ{ [الجاثية : 34].فجاء المعنى في تفسير الجلالين (وقيل اليوم ننساكم) نترككم ( في النار). فقد انتفت صفة النسيان عن الله تعالى عقلا ونقلا حسب الآيتين:

    }وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا { [مريم : 64]
    }قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى{ [طه : 52]

    ج- ضعيف ومهزوم:
    فقد خسر الله (حسب الكتاب المقدس) مباراة المصارعة مع يعقوب، وتوسل إلى يعقوب أن يترك رجله، إلا أن يعقوب المنتصر رفض أن يترك ربه حتى أملى عليه شروط المنتصر وانتزع البركة (النبوة):
    (تكوين32: 24):" فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. (25):"وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ". (26):" وَقَالَ:أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ. فَقَالَ:لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي".

    (27) فَسَأَلَهُ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: يَعْقُوبُ. (28):"فَقَالَ:لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ ". (29):" وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ". فَقَالَ: لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟ وَبَارَكَهُ هُنَاكَ" . (30):"فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي ".
    وحسب الكتاب المقدس لم يستطع الله طرد السكان لأنهم يملكون مركبات حديدية!. (قضاة 1 : 19):"وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ, وَلَكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ ".

    د- ينزل إلى الأرض ليعلم ما يحدث وليتأكد !!
    ( تكوين 18 :20):" وَقَالَ الرَّبُّ:إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً ". (21):" أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ ".



    هـ- يتعب ويستريح:
    ( تكوين 2 : 2):" وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ". (3) :"وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا " .
    كذلك في ( خروج 31 :17) : "هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ ".

    يقول النصارى : إن المعنى توقف وليس استراح. والرد عليهم بأن الكلمة العبرية المُستخدمة هي ( شاباث) بالعبرية ، (سَبَتَ ) بالعربية. وتعني التوقف بعد الإجهاد ، فالمعنى في قاموس سترونج العبري:
    " مصدر أولي بمعنى: يرقد ويسترخي يكف عن القيام بالعمل بعد إجهاده"

    shaw-bath' (A primitive root; to repose, that is, desist from exertion.)



    واللفظ جاء في التراجم الإنجليزية rested بمعنى استراح وليس stopped. بمعنى توقف ، سواء في (سفر التكوين 2 : 2) أو في (سفر الخروج 32 : 17).
    وقد نفى القرآن الكريم هذا فقال الله تعالى: }وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ{ [سورة قـ : 38] ( لغوب تعني تعب ).


    ز-يعري العورات ويأمر بالفحشاء حسب الكتاب المقدس:
    يحتوي الكتاب المقدس على الكثير من العبارات البذيئة يقولون أن لها معاني رمزية واعتراضنا هو أنه عندما نريد ذكر شيء مخجل نرمز له بأشياء غير مخجلة ، ولكن لا يعقل أن نرمز لأمور بريئة وغير مخجلة بأوصاف بذيئة كما يلي!:
    1- (حزقيال 23: 1):" وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: (2):" [يَا ابْنَ آدَمَ, كَـانَتِ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ, (3) :" زَنَتَا بِمِصْرَ فِي صِبَاهُمَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا, وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا..... (8):" وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضاً, لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا فِي صِبَاهَا وَزَغْزَغُوا تَرَائِبَ عُذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا زِنَاهُمْ...." . (17):"فَأَتَاهَا بَنُو بَابِلَ فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ, فَتَنَجَّسَتْ بِهِمْ وَجَفَتْهُمْ نَفْسُهَا ". (18) :" وَكَشَفَتْ زِنَاهَا وَكَشَفَتْ عَوْرَتَهَا, فَجَفَتْهَا نَفْسِي كَمَا جَفَتْ نَفْسِي أُخْتَهَا". (19) :"وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا بِذِكْرِهَا أَيَّامَ صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتاْ بِأَرْضِ مِصْرَ". (20):" وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ الَّذِينَ لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ". (21):" وَافْتَقَدْتِ رَذِيلَةَ صِبَاكِ بِزَغْزَغَةِ الْمِصْرِيِّينَ تَرَائِبَكِ لأَجْلِ ثَدْيِ صِبَاكِ ". (22):"لأَجْلِ ذَلِكَ يَا أُهُولِيبَةُ, هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْكِ عُشَّاقَكِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ, وَآتِي بِهِمْ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ".

    (ما تحته خط تم تخفيف اللفظ بالترجمة العربية ويمكن الإطلاع على الترجمات الأجنبية أو كتاب الحياة لمعرفة المقصود).
    2- نبي الله داود عليه السلام زنى ( حسب الكتاب المقدس) فتوعده الله بأنه سيأخذ نساءه ويعطيهن لقريبه ليزني معهن على مرأى جميع بني إسرائيل !:
    (صموئيل الثاني 12 : 10):" لِذَلِكَ لَنْ يُفَارِقَ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي واغْتَصَبْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ ". (11) :" واسْتَطْرَدَ:هَذَا مَا يَقُولهُ الرَّبُّ: سَأُثِيرُ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مَنْ يُنْزِلُ بِكَ الْبَلاَيَا، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيُضَاجِعُهُنَّ فِي وَضَحِ النَّهَار "ِ. (12):" أَنْتَ ارْتَكَبْتَ خَطِيئَتَكَ فِي السِّرِّ، وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ عَلَى مَرْأَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِي وَضَحِ النهار....." .
    وهذا ما حدث ( حسب الكتاب المقدس ) فقد اغتصب ابن نبي الله داود نساء داوود أمام بني إسرائيل, (صموئيل الثاني 16 : 22): " فنصبوا لأبشالوم الخيمة على السطح ودخل أبشالوم إلى سراري أبيه أمام جميع إسرائيل " .



    --------------------------------------------------------------

    [1] إظهار الحق - رحمت الله الهندي –الجزء الأول – ص262

    تعليق


    • #32
      أشهر شبهة للنصارى حول صفات الله في الإسلام

      أشهر شبهة للنصارى حول صفات الله في الإسلام:

      يقول النصارى: الله عند المسلمين جبار ومتكبر أما عندنا فإن الله محبة .

      }هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ{ [الحشر : 23]

      الرد من وجهين:




      أولاً : توضيح معنى الجبار وبعض من صفات الله تعالى التي غفلوا عنها:

      في تفسيرالجلالين: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) الطاهر عما لا يليق به (السلام) ذو السلامة من النقائص (المؤمن) المصدق رسله بخلق المعجزة لهم (المهيمن) من هيمن يهيمن إذا كان رقيبا على الشيء أي الشهيد على عباده بأعمالهم (العزيز) القوي (الجبار) جبر خلقه على ما أراد (المتكبر) عما لا يليق به (سبحان الله) نزه نفسه (عما يشركون) به.

      وفي تفسير ابن كثير :(الجبار المتكبر ) أي الذي لا تليق الجبرية إلا له ولا التكبر إلا لعظمته.
      إن الله تعالى } لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{ [الشورى : 11] ومن أسمائه تعالى الرحمن والرحيم والغفور والرءوف والودود .


      قال الله تعالى : }وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{ [هود : 90]

      في التفسير الميسر: واطلبوا من ربِّكم المغفرة لذنوبكم ، ثم ارجعوا إلى طاعته واستمروا عليها. إن ربِّي رحيمٌ كثيرالمودة والمحبة لمن تاب إليه وأناب يرحمه ويقبل توبته . وفي الآية إثبات صفة الرحمة والمودة لله تعالى كما يليق به سبحانه.
      وقال تعالى : } وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{ [البروج : 14] وفي التفسير الميسر : وهو الغفور لمن تاب ، كثير المودة والمحبة لأوليائه.



      ثانيًا : نفس الصفات بكتابهم ولكنهم غفلوا عنها:

      1- ( نحميا 9 : 32):" والآن يا الهنا الاله العظيم الجبار المخوف حافظ العهد والرحمة ".

      2-( أيوب 9 : 9):" صَانِعُ النَّعْشِ وَالْجَبَّارِ وَالثُّرَيَّا وَمَخَادِعِ الْجَنُوبِ ".

      3- (المزامير 24 : 8) :" مَنْ هُوَ هَذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ! ".

      4- (اشعياء 11:25) :" فيبسط يديه فيه كما يبسط السابح ليسبح فيضع كبرياءه مع مكايد يديه ".

      5- (المزامير47 :9) "..... لان لله مجان الأرض هو متعال جدًا ".


      الرد على أن الله محبة:

      قال الله تعالى:} وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير{ [المائدة : 18[
      يقول النصارى : الله (خلقنا لأنه يحبنا) و( الله محبة) ، وهذا القول يتناقض مع العقل ومع النصوص ومع التاريخ للأسباب الآتية:

      -الإنسان يمرض ويبكي ويتألم ، فالدنيا دار اختبار من أجل الآخرة وليست جنة خلقت من أجل محبة الله تعالى لنا.

      - أمر الله تعالى اليهود بقتل الكثير من الناس في العهد القديم، وكل الخلق سواء ولا يمكن أن يكون الله الذي هو محبة في فكرهم، يأمر بعض شعبه الذين خلقهم من أجل المحبة (كما يقولون) لقتل شعوب أخرى يفترض أنه خلقهم من أجل المحبة!.

      - قتل بالطوفان وقتل في الحروب الملايين، فأين هي المحبة وأن الله تعالى خلقنا لأنه يحبنا ؟
      - لا يوجد التعبير ( الله محبة ) في الكتاب المقدس على لسان أي من أنبياء العهد القديم, أو على لسان السيد المسيح ، فهل يكون فعلا الله محبة ، ويخبئ الله هذا الأمر حتى يأتي يوحنا وبولس في رسائلهم ويقولون الله محبة وحبوا بعضكم فيما غفل المسيح وجميع أنبياء العهد القديم عن هذا ؟
      - هل الله تعالى يحب هتلر وشارون ؟
      - هل الله تعالى يحب من ألقى القنبلة الذرية فقتل 200 ألف مدني في ثوان ؟
      - هل الله تعالى يحب من يكفر به وينشر الفساد في الأرض ويحب الزناة والقوادين وتجار المخدرات ؟

      في الإسلام بين الله تعالى أنه يحب من يستحق حبه تعالى ولا يحب الظالمين والكافرين والمعتدين.
      الله يحب:
      1- }وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { ]البقرة : 195[
      2- } بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ { ]آل عمران : 76[
      3- }وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ { ]المائدة : 42[

      الله لا يحب:
      1- }وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين{ ]البقرة:190[.
      2- }قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{

      ]آل عمران:32[.
      3- }وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{ ]آل عمران:57[.



      وقد جاء في (مزمور5 :4-6):"لأَنَّكَ أَنْتَ لَسْتَ إِلَهاً يُسَرُّ بِالشَّرِّ لاَ يُسَاكِنُكَ الشِّرِّيرُ. لاَ يَقِفُ الْمُفْتَخِرُونَ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ. أَبْغَضْتَ كُلَّ فَاعِلِي الإِثْمِ. تُهْلِكُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْكَذِبِ. رَجُلُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ ".

      وهو نفس المعنى الخاص بأن الله تعالى يكره فاعلي الإثم.



      قال الله تعالى : }هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ { ] الحشر24:21[.

      فهذا هو الله تعالى في الإسلام ، عزيز قوي جبار متكبر لا يقهر ولا يهزم, ولا ينسى ولا يندم ولا يأكل ولا يشرب ولا تأخذه سنة ولا نوم ، رحيم رحمن غفور كريم ودود ، يحب التوابين ويحب المتطهرين ، ويحب المحسنين ويحب الصابرين ويحب المتقين ولا يحب الكافرين ولا يحب الظالمين، بيده الأمر وهو على كل شيء قدير.



      2- صفات الأنبياء حسب الكتاب المقدس:

      الأنبياء والرسل هم صفوة البشر الذين يختارهم الله تعالى ليبلغوا تعاليمه للبشرية ويكونوا مثالاً أعلى يحتذى به ، فإن كان من يحمل رسالة الله من الزناة والعصاة والقتلة ، فكيف يُطلب من باقي البشرالالتزام بالأخلاق ؟
      يعتقد النصارى أن العصمة للأنبياء في تبليغ الرسالة فقط ، ولكن ألا يستطيع الله اختيار أنبياءه ورسله من أصحاب الأخلاق ؟ لماذا لا يقبلون أن يكون البابا سكّيرًا عاريًا لصًا ؟ ويتقبلون مثل هذه الأمور ويعتبرونها عادية وطبيعية على الأنبياء ؟ وهل البابا أفضل من أنبياء الله ؟


      أ- نوح عليه السلام (حسب الكتاب المقدس) , مخمور ويتعرى !:

      (تكوين 9 : 20 – 21):" وابتدأ نوح يكون فلاحًا وغرس كَرْمًا . وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه" .

      ب – نبي الله إشعياء (حسب الكتاب المقدس), عارٍ وحاف ثلاث سنوات !:

      (سفرإشعياء 20 : 3 - 5):" فقال الرب كما مشى عبدي إشعياء مُعَرى وحافيًا ثلاث سنين آية وأعجوبة على مصر وعلى كوش . هكذا يسوق ملك آشور سبي مصر وجلاء كوش الفتيان والشيوخ عراة حفاة مكشوفي الأستاه خزيًا لمصر".

      نبي يكون عاريًا ثلاثة سنوات ويطلب الرب منهم أن يسوقوا الأسرى عرايا مكشوفين الأستاه "!.

      ج- نبي الله داود ( حسب الكتاب المقدس ) , زاني ومتآمر للقتل !:

      ( صموئيل الثاني 11 : 4 - 5 ) :" وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى على السطح امرأة تستحم . وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد : أليست هذه هي بتشيع بنت أليعام امرأة أوريا الحثِّى . فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها . وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت إني حبلى".

      ثم حسب نفس السفر, قام داود بالتآمر لقتل زوج المرأة التي زنا معها (11 : 6 - 25 ).

      وفي الصفحات السابقة نقلنا قصة اغتصاب ابن داود لزوجات أبيه على السطح أمام بني إسرائيل .

      كما أن هناك قصة أخرى بالكتاب المقدس : أن ابنًا آخر لداود عليه السلام اغتصب أخته .
      (صمويل الثاني13:1):" وَجَرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ. (2):"وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ،....حتى وصل إلى نهاية القصة في ... (14):"فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا".
      د- سليمان عليه السلام (حسب الكتاب المقدس) , يعبد الأوثان!:

      فحسب الكتاب المقدس أنه كان متزوجًا سبعمائة زوجة وله ثلاثمائة من السراري وعبد آلهة أخرى مع الله .

      ( ملوك الأول 11 : 4):"وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى،.... (9):"فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، (10):"وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ ".

      ه- نبي الله لوط (حسب الكتاب المقدس) , يشرب الخمر وتزني معه ابنتاه !:
      جاء في الكتاب المقدس أن ابنتي لوط سقتا لوطا" عليه السلام خمرًا وزنتا معه ، ويأتي التبرير أن هذا من أجل النسل ! كما لو كانت الارض لم تكن تحوي إلا لوطًا عليه السلام وابنتاه!.
      ( تكوين 19 : : (30" وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ ". (31):" وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ". (32):"هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً ". (33):" فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا". (34):"وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً". (35):" فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَم بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا". (36):" فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. (37):" فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ مُوآبَ - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ ". (38) :"وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ بِنْ عَمِّي - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ ".

      والقصة بالطبع كاذبة ولإلقاء العار على العمويين والموابيين أعداء بني إسرائيل!.



      و- النبي هوشع ( حسب الكتاب المقدس) , يتزوج زانية بأمر الله وتنجب من الزنا! :

      قال له الله حسب الكتاب المقدس : خذ امرأة زنًا ".(هوشع 1 : 2):" ... قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًا وَأَوْلاَدَ زِناً..". (3):"فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا ".
      ثم قال النبي حسب الكتاب المقدس ( هوشع 2 : 2 ):"حَاكِمُوا أُمَّكُمْ حَاكِمُوا لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي وَأَنَا لَسْتُ رَجُلَهَا لِتَعْزِلَ زِنَاهَا عَنْ وَجْهِهَا وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا ". (3):" لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً وَأَوْقِفَهَا كَيَوْمِ وِلاَدَتِهَا ".



      3-متنوعات من الكتاب المقدس :

      أ – الخنزير:
      نصوص الكتاب المقدس بالعهد القديم تنص بوضوح على تحريم أكل لحم الخنزير.
      (اللاويين 11 : 7 – 8):" والخنزير لأنه يشق ظلفًا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم ".

      ( اشعياء 66 : 16):"لأَنَّ الرَّبَّ بِالنَّارِ يُعَاقِبُ وَبِسَيْفِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ وَيَكْثُرُ قَتْلَى الرَّبِّ. (17) :"الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ وَيُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ وَرَاءَ وَاحِدٍ فِي الْوَسَطِ آكِلِينَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالرِّجْسَ وَالْجُرَذَ يَفْنُونَ مَعاً يَقُولُ الرَّبُّ ".
      ولكن قام بولس بتحليل لحم الخنزير قائلاً: ( تيطس 1 : 15):" كل شيء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا وضميرهم ".

      ب- الختان:

      يقول الكتاب المقدس عن وجوب الختان: 1-( التكوين 17 :13): " يختتن ختانًا وليد بيتك والمبتاع بفضتك فيكون عهدي في لحمكم عهدًا أبديّا ". 2-(التكوين 17 : 14): "وأما الذّكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها إنه قـد نكث عهدي ".

      أي : من لم يتم ختانه يُقتل !.

      والمسيح عليه السلام نفسه كان قد تم ختانه حسب العهد الجديد. (لوقا 2 : 21):" ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع ".

      والمسيح عليه السلام لم ينقض شريعة موسى عليه السلام إلا أن بولس أباح عدم الختان تملُّقاً للرومان الذين لم يكونوا يريدون الدخول في المسيحية هروباً من الختان.فاعتبر أن الختان مسألة شكلية وأن الختان الفعلي هو ختان الروح, حتى إنه قال : إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح !.

      ( بولس إلى غلاطية 5 : 2):" ها أنا بولس أقول لكم انه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا" .

      ( بولس إلى غلاطية 5 :6):" لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة ".

      ( بولس إلى رومية 2 : 29):" ....وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان".



      ج- الخمر:

      في الأسفار القانونية الثانية:( سفر يشوع بن سيراخ 31 : 32 – 41):" الخمر حياة للإنسان إذا اقتصدت في شربها , أي عيش لمن ليس له خمر, أي شيء يعدم الحياة الموت, الخمر من البدء خلقت للانبساط لا للسكر".

      وفي نفس السفر (32 : 1 – 8):" اذا جعلوك رئيسا فلا تتكبر بل كن بينهم كواحد منهم , ألحان المغنين في مجلس الخمر كفص من ياقوت في حلي من ذهب".

      وذكر العهد الجديد أن أول معجزة للسيد المسيح كانت صنعه للخمر من الماء في أحد الأفراح, بناء على توصية من السيدة مريم له (2 :3 ):" ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر" . وعندما شربها السكارى في الفرح أبدوا إعجابهم بها ( يوحنا 2:1-11) .

      كما جاء عن السيد المسيح في العهد الجديد ( لوقا 7 : 34):" جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فتقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر... ".
      وقد أوصى بولس في الكتاب المقدس: ( الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 5 : 23 ):" لا تكن فيما بعد شراب ماء بل استعمل خمرًا قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة " .

      ووضع "بولس" شروطًا لتعيين الشمامسة أن لا يكونون يشربون الخمر الكثيرة: (1 تيموثاوس 3 : 8):" كذلك يجب أن يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير".
      ولا يعني هذا النص استبعاد شاربي الخمر المعتدلين ولا يعني أن الخمر حرام أو ممنوع بأي حال ، فقد جاءت الوصية بالبعد عن الخمر الكثير ، وكذلك أوصى "بولس" السيدات العجائز الصالحات ألاّ يشربن الكثير من الخمر فقال ( تيطس 2 :3):" كذلك العجائز في سيرة تليق بالقداسة غير ثالبات غير مستعبدات للخمر الكثير ".



      د- الجنس :

      بالكتاب المقدس العديد من الصفحات التي تحوي ألفاظا" وعبارات غير لائقة ، ويتم التبرير بأن هذه الألفاظ لها تفسير رمزي! والطبيعي أنه من الممكن أن نرمز لأمور مخجلة برموز غير مخجلة ، ولكن أن نرمز للعلاقة بين الإنسان وبين الله أو بين الشخص ومكان عبادته برموز مخجلة فهذا مبرر غير مقبول .

      ( نشيد الإنشاد 7 :1):" مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحُلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ ". (2) :"سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ ". (3):"ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ". (4):"عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَان النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ". (5):"رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ ". (6):"مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ ". (7):"قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ". (8):"قُلْتُ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا . وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ ". (9):"وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ".


      ه- الله ( حسب الكتاب المقدس) أمر اليهود بسرقة المصريين !:
      (خروج3:12):"أعطى نعمة لهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ ". (22):"بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ".



      و-عقاب غريب لموضوع عجيب:

      ( التثنية 25 :11):" إذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ". (12):" اقطعْ يَدَهَا وَلا تشْفِقْ عَيْنُكَ".





      ز- الخراء ( البراز ) :

      (حزقيال 4 : 12):" وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ ". (13) :"وَقَالَ الرَّبُّ:هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ ". (14) :"فَقُلْتُ:آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ ". (15):" فَقَالَ لِي:: انْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ ".



      (أشعياء :2ََ1):" قال رشاقي :هلْ إِلَى سَيِّدِكَ وَإِلَيْكَ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي لأَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلاَم؟ أَلَيْسَ إِلَى الرِّجَالِ الْجَالِسِينَ عَلَى السُّورِ لِيَأْكُلُوا عَذِرَتَهُمْ وَيَشْرَبُوا بَوْلَهُمْ مَعَكُمْ؟ ". أيضًا في (ملوك الثاني18 :27).

      تعليق


      • #33
        تناقضات الكتاب المقدس

        تناقضات الكتاب المقدس:

        يوجد أكثر من كاتب وأكثر من مصدر بالإضافة للتعديلات والإضافات التي دخلت على الكتاب المقدس والتي أدت إلى وجود العديد من التناقضات ، وفيما يلي أمثلة من هذه التناقضات.
        أول هذه التناقضات سلسلة نسبْ السيد المسيح حتى داود عليهما السلام .



        حسب إنجيل (متى 1: 6-16) :1 يوسف /2 يعقوب/3 مَتَّانَ/4 أَلِيعَازَرَ /5 أَلِيُودَ /6أَخِيمَ/7صَادُوقَ. /8َازُورَ /9أَلِيَاقِيم/ َ10َبِيهُودَ. /11زَرُبَّابِلَ /12شَأَلْتِئِيلَ /13 يَكُنْيَ /14 يُوشِيَّا. /15 آمُونَ /16 مَنَسَّى /.17 حِزْقِيَّا /18 أَحَازَ /19 يُوثَامَ/20 عُزِّيَّا./21 يُورَامَ/22 يَهُوشَافَاطَ/23 آسَا /24 أَبِيَّا. /25رَحَبْعَامَ. /26سُلَيْمَانَ /27داود.
        حسب إنجيل (لوقا 3: 23-31) : 1يوسف /2 هالي /3 متثات /4 لأوي /5 ملكي /6 ينّا /7 يوسف /8 متاثيا /9 عاموص /10 ناحوم /11 حسلي /12نجّاي /13 مآث /14 متاثيا /15 شمعي /16 يوسف /17 يهوذا /18يوحنا/19 ريسا /20 زربابل /21 شألتيئيل /22 نيري /23ملكي /24 أدي /25 قصم /26 ألمودام /27 عير /28يوسي/29 أليعازر /30 يوريم /31 متثات /32 لاوي /33 شمعون /34 يهوذا /35 يوسف /36 يونان /37 ألياقيم /38مليا /39 مينان /40 متاثا /41 ناثان /42 داود.

        العدد المناقض
        العدد
        مسلسل

        (لوقا 3: 23-31) + (رومية 1: 3) :"وفقًا للجسد يوجد 41 رجلاً بين عيسى وداود .. هذا مع أن عيسى عليه السلام لا علاقة له بالمرة بيوسف زوج أمه ".
        (متى 1: 6-16) + (رومية 1: 3) : " وفقًا للجسد يوجد 26 رجلاً بين عيسى وداود.. هذا مع أن عيسى عليه السلام لا علاقة له بالمرة بيوسف زوج أمه" .
        1

        يوحنا المعمدان ليس هو إيلياء.



        ( يوحنا 1 : 19) :" وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: مَنْ أَنْتَ؟ ". (20) :" فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ" . (21) :" فَسَأَلُوهُ:إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا. أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟ فَأَجَابَ: لا ".

        إيليا ظهر لبعض التلاميذ مع موسى عليه السلام !.
        ( متى 17 : 3) :" وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ ".
        (متى 11: 13-14، 17): (13):" إيلياء هو يوحنا المعمدان".

        (متى 11 : 13) :" لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا ". (14) :" وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ ".

        ( متى 17 : 12) :" وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذَلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ ". (13):" حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ" .


        2

        يهوذا سقط على وجهه فانسكبت أحشاؤه.
        ( أعمال الرسل 1: 18):" فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا"سسس".
        يهوذا يشنق نفسه.
        (متى 27: 5):" فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ".
        3

        3-(مرقس 16: 1): " ولمَّا مَضى السَّبتُ، اَشتَرَت مَريَمُ المَجدَليَّةُ، ومَريَمُ أمُّ يَعقوبَ، وسالومةُ، بَعضَ الطِّيبِ ليَذهبنَ ويَسكُبْنَهُ على جَسدِ يَسوعَ. وفي صباحِ يومِ الأحدِ، عِندَ طُلوعِ الشَّمسِ، جِئنَ إلى القبر"ِ.

        4-(لوقا 20: 10):"ورَجَعْنَ مِنَ القَبرِ وأخبَرْنَ التلاميذَ الأحَدَ عشَرَ والآخَرينَ كُلَّهُم بِما حدَثَ، وهُنَّ مَريَمُ المَجدَلِـيةُ وحنَّةُ ومَريَمُ أُمُّ يَعقوبَ، وكذلِكَ سائِرُ النِّساءِ اللَّواتي رافَقنَهُنَّ".
        أربع روايات مختلفة عن الذي زار القبر.

        1- (متى 28: 1):"ولمّا مَضى السَّبتُ وطلَعَ فَجرُ الأحَدِ، جاءَتْ مَريمُ المَجْدَليَّةُ ومَريمُ الأُخرى لِزيارَةِ القَبر"ِ.

        2-(يوحنا 20: 1): "ويومَ الأحَدِ جاءَت مَريَمُ المَجدَلِـيَّةُ إلى القَبرِ باكرًا، وكانَ ظلامٌ بَعدُ فرَأتِ الحجَرَ مَرفوعًا عَن القبرِ.


        4

        2- (مرقس 16: 5):" فدخَلْنَ القَبرَ، فرأينَ شابًا جالِسًا عَنِ اليَمينِ، علَيهِ ثوبٌ أبـيضُ، فاَرتَعَبْن"َ.

        3-(لوقا 24: 4):" وبَينَما هُنَّ في حَيرَةٍ، ظهَرَ لَهُنَّ رَجُلانِ علَيهِما ثِـيابٌ بَرّاقَة"ِ.



        4- (يوحنا 20: 12):" فرأَت مَلاكَينِ في ثيابٍ بَيضاءَ جالِسَينِ حَيثُ كانَ جسَدُ يَسوعَ، أحدُهُما عِندَ الرأسِ والآخَرُ عِندَ القَدَمَين"ِ.
        أربع روايات مختلفة عن ما شاهدوه .
        1-(متى28: 2-5-2): "وفجأةً وقَعَ زِلزالٌ عظيمٌ، حينَ نَــزَلَ مَلاكُ الرَّبَّ مِنَ السَّماءِ ودَحرَجَ الحَجَرَ عَنْ بابِ القَبرِ وجلَسَ علَيهِ. وكانَ مَنظرُهُ كالبَرقِ وثَوبُهُ أبـيَضَ كالثَّلجِ. فاَرتَعبَ الحَرَسُ لمّا رأوهُ وصاروا مِثلَ الأمواتِ. فقالَ المَلاكُ للمَرأتَينِ: "لا تَخافا. أنا أعرِفُ أنَّكُما تَطلُبانِ يَسوعَ المَصلوبَ."
        5

        2-(مرقس 16: 1-8):" ولمَّا مَضى السَّبتُ، اَشتَرَت مَريَمُ المَجدَليَّةُ، ومَريَمُ أمُّ يَعقوبَ، وسالومةُ، بَعضَ الطِّيبِ ليَذهبنَ ويَسكُبْنَهُ على جَسدِ يَسوعَ"، وفي صباحِ يومِ الأحدِ، عِندَ طُلوعِ الشَّمسِ، جِئنَ إلى القبرِ....... فخَرَجْنَ مِنَ القبرِ هارِباتٍ مِنْ شِدَّةِ الحَيرةِ والفَزَعِ ، وما أخْبرنَ أحدًا بشيءٍ لأنَّهُنَّ كُنَّ خائِفاتٍ". (ثلاث نساء مختلفات – كن خائفات ولم يخبرن أحدًا) .
        روايات مختلفة عن عدد النساء وهل أخبرن أحدا" وهل كن خائفات أم لا ؟!.



        1- (لوقا 24: 9- 10) : "ورَجَعْنَ مِنَ القَبرِ وأخبَرْنَ التلاميذَ الأحَدَ عشَرَ والآخَرينَ كُلَّهُم بِما حدَثَ، وهُنَّ مَريَمُ المَجدَلِـيةُ وحنَّةُ ومَريَمُ أُمُّ يَعقوبَ، وكذلِكَ سائِرُ النِّساءِ اللَّواتي رافَقنَهُنَّ. (ثلاث نساء معروفات ومعهن عدد أخر من النساء – وأخبرن التلاميذ" .
        6

        (أعداد):" تزعم أن الله لا يمكن رؤيته".



        (يوحنا 1: 18):"ما مِنْ أحدٍ رأى الله قَط" .



        (خروج 33: 20):" أمَّا وجهي فلا تقدِرُ أنْ تراهُ، لأنَّ الذي يراني لا يعيشُ" .



        (يوحنا الأولى 4: 12):" ما مِنْ أحَدٍ رأى الله قَطْ" .

        (تيموثاوس الأولى 6: 16):" ما رآهُ إنسانِ ولن يَراه" ُ.




        (أعداد):" تزعم أن الله يمكن رؤيته" .

        خروج 24: 9 - ثُمَ صَعِدَ موسى وهرونُ ونادابُ وأبيهو وسَبْعونَ مِنْ شُيوخ بَني إِسرائيلَ، فرَأوا إلهَ بَني إِسرائيلَ.

        (عاموس9:1):" رأيتُ السَّيِّدَ مُنتصِبًا على المذبَحِ" .

        (تكوين26: 2):" فتراءى لَه الرّبُّ وقالَ" .

        (خروج 33: 23):" ثُمَ أُزيحُ يَدي، فتنظُرُ ظَهري" .

        (خروج 33: 11):"ويُكَلِّمُ الرّبُّ موسى وجهًا إلى وجهٍ كما يُكَلِّمُ الإنسانُ صاحبَه".

        (تكوين 32: 30):" لأنِّي رأيتُ اللهَ وجهًا إلى وجهٍ ونجوتُ بِحياتي".
        7



        (يوحنا 19: 2):" وضفَرَ الجنودُ إكليلاً مِنْ شَوكٍ ووضَعوهُ على رأسِهِ، وألبَسوهُ ثَوبًا أُرجُوانيُا.
        (متى 27: 28):" فنزَعوا عَنهُ ثيابَهُ وألبَسوهُ ثَوبًا قِرمِزيُا.
        8

        (لوقا 7: 36-39):"ودعاهُ أحدُ الفَرِّيسيِّينَ إلى الطَّعامِ عِندَهُ، فدخَلَ بَيتَ الفَرِّيسيِّ وجلَسَ إلى المائِدَةِ. وكانَ في المدينةِ اَمرَأةِ خاطِئَةِ، فعَلِمَت أنَّ يَسوعَ يأكُلُ في بَيتِ الفَرِّيسيِّ، فجاءَت ومعَها قارورَةُ طِيبٍ، ووقَفَت مِنْ خَلفٍ عِندَ قدَمَيْهِ وهيَ تَبكي، وأخذَت تَبُلُّ قَدَمَيهِ بِدُموعِها، وتَمسَحُهُما بشَعرِها، وتُقَبِّلُهُما، وتَدهَنُهُما بالطـيبِ".



        (يوحنا 12: 1-6):"وقَبلَ الفِصحِ بسِتَّةِ أيّامِ ، جاءَ يَسوعُ إلى بَيت عنيا ونزَلَ عِندَ لِعازَرَ الذي أقامَهُ مِنْ بَينِ الأمواتِ" . فهَيَّأوا لَه عَشاءً، وأخَذَت مرتا تَخدُمُ، وكانَ لِعازَرُ أحدَ الجالِسينَ معَهُ لِلطعامِ. فتَناوَلَت مَريَمُ قارورَةَ طِيبٍ غالي الثَّمنِ مِنَ النارِدينِ النَّقيِّ، وسكَبَتْها على قدَمَي يَسوعَ ومَسَحتْهُما بِشَعرِها.
        قصة سكب الطيب على المسيح.
        متى ومرقس قالا إنه كان بيت سمعان الأبرص، و لوقا يقول إنه كان بيت أحد الفريسيين. و يوحنا يقول إنه كان منزل مرتا و مريم و لعازر.

        (متى 26: 6-9):" وبَينَما يَسوعُ في بَيتَ عَنْيا عِندَ سِمْعانَ الأبرصِ، دَنَتْ مِنهُ اَمرأةٌ تَحمِلُ قارورةَ طِيبٍ غالي الثَّمَنِ، فسكَبَتهُ على رأسِهِ وهوَ يَتناولُ الطعامَ" .
        (مرقس 14: 3-7):" يماثل هذا السرد تقريبًا قصة ركوب المسيح على الحمار، هل أرسل أحدًا وماذا وكم أحضروا له؟.


        9

        (مرقس 11: 2):"وقالَ لهُما: اَذهَبا إلى القريَةِ التي أمامَكُما، وحالَما تَدخُلانِها تَجِدانِ جَحشًا مَربوطًا ما ركِبَ علَيهِ أحدٌ، فَحُلّاَ رِباطَهُ وجيئا بِه" .









        (لوقا 19: 30):" قالَ لهُما:اَذهَبا إلى القَريةِ التي أمامَكُما، وعِندَما تَدخُلانِها تَجدانِ جَحْشًا مَربوطًا، ما ركِبَ علَيهِ أحَدٌ مِنْ قَبلُ، فحلاَ رِباطَهُ وجِيئا بِه.

        (يوحنا 12: 14-15):"ووجَدَ يَسوعُ جَحشًا فرَكِبَ علَيهِ ".
        (متى 21: 2):" أرسَلَ يَسوعُ اَثنَينِ مِنْ تلاميذِهِ ، وقالَ لهُما: اَذهَبا إلى القريةِ التي أمامكُما، تَجِدا أتانًا مربوطةً وجَحشُها مَعها، فحُلاَّ رِباطَهُما وجيئا بِهِما إليَّ " .
        10

        (يوحنا):"على شاطئ نهر الأردن، أشار يوحنا المعمدان إلى عيسى دالاً اثنين من تلاميذه فتبعوا عيسى. أحد هذين الاثنين اللذين سمعا كلام يوحنا وتبعا عيسى كان أندراوس ووجد أندراوس أخاه سمعان (بطرس) وأحضره إلى عيسى فلقبه بالصخرة. في اليوم التالي ذهب عيسى إلى الجليل ووجد فيليب. ثم وجد فيليب نثنائيل. حدث كل هذا ولم يكن أحد يصلح شباكه.
        (مرقس الإصحاح 1)، (متى الإصحاح 4)،(يوحنا الإصحاح 1) ،(روايتين مختلفتين عن تحول التلاميذ لدين المسيح).

        متى/ مرقس: بينما كان يمشي عيسى على شاطئ بحر الجليل رأى سمعان وأندراوس وتبعاه. وعندما سار من هناك قليلاً شاهد يعقوب ابن زبيدي ويوحنا أخاه، وتبعاه أيضاً. وكان كلاهما يصلحان الشبكة عندما قابلا عيسى.
        11

        (يوحنا 1: 32-34):" وشَهِدَ يوحنَّا، قالَ:رأيتُ الرُّوحَ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ مِثْلَ حمامةٍ ويَستَقِرُّ علَيهِ. وما كُنتُ أعرِفُهُ، لكنَّ الذي أرسَلَني لأُعَمِّدَ بِالماءِ قالَ لي:الذي ترى الرُّوحَ ينزِلُ ويَستَقِرُّ علَيهِ هوَ الذي سَيُعَمِّدُ بالرُّوحِ القُدُسِ. وأنا رأيتُ وشَهِدتُ أنَّهُ هوَ اَبنُ الله .... بعد نزول الحمامة فقط عرف يوحنا عيسى .

        أيضًا: (متى 11: 2-3) : " وسمِعَ يوحنّا وهوَ في السَّجنِ بأَعمالِ المَسيحِ ، فأرسَلَ إلَيهِ بَعضَ تلاميذِهِ ليقولوا لَهُ: "هلْ أنتَ هوَ الَّذي يَجيءُ ، أو نَنتظرُ آخَرَ؟ " .

        اللصان سخر من عيسى فوبخه الآخر وطلب من عيسى أن يذكره في الملكوت ، فوعده عيسى أن يكون معه في الفردوس .

        نصوص معمودية المسيح نص يقول : إن يوحنا عرف عيسى قبل نزول الحمامة والثاني يقول أنه لم يكن يعرفه حتى نزلت الحمامة. والثالث يقف حائراً.

        (متى 3: 13-16) :"جاء عيسى إلى يوحنا المعمدان ليتعمد على يديه. عرف يوحنا عيسى ومانعه بقوله : أنا أحتاجُ أنْ أَتعمَّدَ على يدِكَ، فكيفَ تَجيءُ أنتَ إليَّ؟، ثم قام بتعميد عيسى. عندما انتهى تعميد عيسى انفتحت السماوات له للتو، رأى روح الله يهبط كأنه حمامة و ينزل عليه.... عرف يوحنا عيسى قبل هبوط الحمامة.
        12

        ( (لوقا 23: 39) :" وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!". (40):" فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلاً: أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟". (41(:" أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ".(42 ": (ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ:اذكرني يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ ". (43): " فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: " الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ : إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" .


        اللصان سخرا من عيسى.



        (متى27:44) :" وَبِذَلِكَ أَيْضا

        كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ

        يُعَيِّرَانِهِ.

        (مرقس 15: 32) :" لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ . وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ".
        13



        (متى 26: 60-61) :" أخيرًا تقدّم شاهدا زور وقالا: " هذا قال (عن يسوع) إني اقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام أبنيه". (1)

        كيف يمكن أن يكونا شاهدي زور إن كان عيسى قد قال ذلك حقاً؟
        (يوحنا 2: 18-19):" فقال لَه اليَهودُ: "أرِنا آيةً تُجيزُ عَملَكَ هذا؟" أجابَهُم يَسوعُ: "اَهْدِمُوا هذا الهَيكَلَ، وأنا أبْنِـيهِ في ثلاثةِ أيامِ ".
        14

        مرقس الإصحاح السابع :المرأة التي بكت من أجل ابنتها كانت يونانية من أصل سوري فينيقي.(2)
        (متى 15: 22) : "المرأة التي بكت من أجل ابنتها كانت كنعانية ".
        15

        (يوحنا 18: 3-12):" فجاءَ يَهوذا إلى هُناكَ بِجُنودٍ وحَرَسٍ أرسَلَهُم رُؤساءُ الكَهنَةِ والفَرِّيسيُّونَ، وكانوا يَحمِلونَ المَصابـيحَ والمشاعِلَ والسِّلاحَ". فتقَدَّمَ يَسوعُ وهوَ يَعرِفُ ما سيَحدُثُ لَه وقالَ لهُم: "مَنْ تَطلُبونَ؟" أجابوا: "يَسوعَ النـاصِريَّ". فقالَ لهُم: "أنا هوَ". وكانَ يَهوذا الذي أسلَمَهُ واقِفًا معَهُم. فلمَّا قالَ لهُم يَسوعُ: "أنا هوَ"، تَراجَعوا ووقَعوا إلى الأرضِ. فسألَهُم يَسوعُ ثانيَةً: "مَنْ تَطلُبونَ؟" أجابوا: "يَسوعَ النـاصِريَّ". ..... فقَبَضَ الجنودُ وقائِدُهُم وحرَسُ الهَيكَلِ على يَسوعَ وقَيَّدوهُ.
        هل خرج لهم وقال أنا يسوع أم عرفوه بعد أن قبله يهوذا فتم القبض عليه !؟

        وكيف يحتاجون أن يدل عليه شخص وقد كان يعلم في الهيكل للآلاف وبلغت شهرته الأفاق ! .



        (متى 26: 48-50 ):"والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلاً" : "الذي اقبّله هو هو، أمسكوه". فللوقت تقدم إلى يسوع وقال "السلام يا سيدي". وقبّله. فقال له يسوع "يا صاحب لماذا جئت؟" حينئذِ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه.


        16

        (يعقوب 2: 14-20 ) :"ماذا يَنفَعُ الإنسانَ، يا إخوَتي، أنْ يَدَّعيَ الإيمانَ مِنْ غَيرِ أعمالٍ؟ أيَقدِرُ هذا الإيمانُ أنْ يُخلِّصَه؟..." .
        (رومية 3: 28 ) :" فنَحنُ نَعتَقِدُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ بِالإيمانِ، لا بِالعَمَلِ بأحكامِ الشريعةِ ".
        17



        (حزقيال 18: 1-9) و(18: 20) (التثنية 24: 16) (إرميا 31: 29-30) : "يؤكد الله أن الإنسان لن يكون مسئولا عن ذنب أبيه. فلا يرث الخطيئة ".
        (رومية 4: 2، و5: 12- 14) ، (كورنثوس الأولى 15: 20) :"يتحدث بولس ويدعي أن كل البشر قد ورثوا إثم أبيهم آدم" .
        18

        (العدد 23: 19) : " ليسَ اللهُ بإنسانٍ فيَكذِبَ، ولا كبَني البشَرِ فيَندَمَ. أتَراهُ يقولُ ولا يفعَلُ، أو يتَكلَّمُ ولا يُتَمِّمُ كلامَهُ ؟ ".
        (تكوين 6: 6) :" فنَدِمَ الرّبُّ أنَّهُ صنَعَ الإنسانَ على الأرضِ وتأسَّفَ في قلبِه ".
        19

        (التكوين 2 : 2 ) و(الخروج 31: 17):" الله استراح وتنفس الصعداء".
        (إشعياء40: 28):" الله لا يتعب ولا يكلّ ".
        20



        قال الله تعالى :
        }وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ { ]آل عمران :78[ .



        ----------------------------------------------------------------------

        (1) في الترجمة الكاثوليكية والعربية المشتركة كلمة "زور" حذفت من النص. وبالرجوع إلى التراجم الإنجليزية وجد أن النسخ الحديثة قد حذفت كلمة "زور" مثل niv-rsv-nrsv-esv.

        (2) الترجمة الكاثوليكية ذكرت أن المرأة كانت وثنية. أما فاندايك والعربية المشتركة فذكرتا أنها كانت أممية (غير يهودية). وبالإنجليزية وجد: المرأة يونانية : Niv – rsv – kjv. المرأة أممية : Esv – nrsv.


        تعليق


        • #34
          شهادة القرآن للكتاب المقدس

          شهادة القرآن للكتاب المقدس:

          يقول النصارى:إن القرآن الكريم شهد للكتاب المقدس بالصدق في مواضع عدة ، والرد على ذلك من عدة أوجه:
          الوجه الأول :بالنسبة للقرآن الكريم أمامهم اختيار واحد من اختيارين:



          1- الإيمان بأن القرآن الكريم من عند الله تعالى ، ولذلك هو صالح للاستشهاد .
          2- القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى ، وأنه مفترى من البشر ، ولذلك لا أهمية للاستشهاد بما يعتقد الشخص أنه ليس من عند الله لإثبات صحة كتاب لا يعلم أغلب كاتبيه.

          الوجه الثاني : من المسلم به أن القرآن الكريم ليس له أكثر من مصدر أو أكثر من كاتب فيجب الإيمان به كله أو تركه كله, وقد جاء في القرآن الكريم أقوال لله تعالى واضحة وصريحة مثل:
          1-{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:58] .
          2- قال تعالى :} مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { [المائدة : 75].
          3- {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار} ]المائدة :72[ .

          4- قال تعالى :} مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ{ [الأحزاب : 40].

          فحسب الآيات السابقة : الإسلام هو دين الحق ، ومحمد عليه الصلاة والسلام رسول الله ، والمسيح عليه السلام رسول وليس إله ، وقد كفر من قال إن الله هو المسيح ، فهل من يحاول أن يثبت صحة الكتاب المقدس أو صحة ألوهية السيد المسيح من القرآن يرضى بالآيات السابقة ؟!.
          الوجه الثالث: جاء في القرآن الكريم بكل وضوح أن الكتب السابقة تعرضت للتحريف وهذا من علامات صدق القرآن الكريم وصدق نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الذي بين منذ أكثر من 1400عام أن اليهود والنصارى قد حرفوا كتبهم ، وقد أثبتت لنا الأيام الضياع والإضافات والأخطاء والاختلافات بين النسخ في الكثير من المواضع كما سبق بيانه. فقال الله تعالى:
          1- {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75] .

          2-{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 46] .
          3- {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:78].
          الوجه الرابع : عندما يمدح القرآن الكريم التوراة أو الإنجيل فهو لا يمدح الموجود الآن ؛ بل يمدح ما أنزله الله تعالى من كتب بأنها كانت تحتوي على نور وهدى ، فالله تعالى لم يمدح نشيد الإنشاد , وزنا أهولة وأهوليبة وسلامات بولس !.
          كتب الدكتور/ عمر بن عبد العزيز قريشي - حفظه الله: نحن أمرنا أن نؤمن بما أنزل كما في قول الله تعالى: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة : 4] ولم نؤمر أن نؤمن بما بقي مما حرّف وبدّل ( نؤمن بما أنزل ولا نؤمن بما حرف وبدل ) ، فنحن مثلاً إذ نؤمن بالتوراة التي نزلت على موسى ونعلم أن ذلك من الإيمان وقد أخبرنا الله تعالى أن فيها هدى ونور وأثنى عليها في كتابه الخاتم فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء : 48] إلا أن هذه التوراة التي نزلت على"موسى" عليه السلام غير موجودة بالمرة كما هو مسلم من الجميع ، أما التوراة المتداولة الآن فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب وفي أزمنة مختلفة وقد دخلها التحريف. يقول الأستاذ محمد فريد وجدي رحمه الله : "ومن الأدلة الحسية أن التوراة المتداولة لدى النصارى تخالف التوراة المتداولة عند اليهود . وقد أثبت القرآن هذا التحريف ونعى على اليهود التغيير والتبديل الذي أدخلوه على التوراة في أكثر من موضع".[1]



          الرد على استشهادهم ببعض الآيات من القرآن الكريم لإثبات أن الكتاب المقدس لم يحرف:
          1- يدّعون أن القرآن يطلب من أهل الإنجيل الحكم بالكتاب ! معنى هذا: أنه لم يحرف !
          {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة : 47].
          الرد :

          في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه} قرىء {وليَحكُم} أي وآتيناه الإنجيل ؛ ليحكم أهل ملته به في زمانهم. وقرىء {وليحكم} بالجزم على أن اللام لام الأمر، أي: ليؤمنوا بجميع ما فيه، وليقيموا ما أمروا به فيه وبما فيه من البشارة ببعثة محمد والأمر بإتباعه وتصديقه إذا وجد، كما قال تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ...}الآية [المائدة:68] وتفسير الآية السابقة كما في المصدر السابق:
          يقول تعالى: قل يا محمد: {يا أهل الكتاب لستم على شيء} أي من الدين حتى تقيموا التوراة والإنجيل، أي( حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من اللّه على الأنبياء)، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الإيمان بمحمد والأمر بإتباعه صلى اللّه عليه وسلم والإيمان بمبعثه والإقتداء بشريعته، ولهذا قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قوله { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }: يعني القرآن العظيم.



          2- يدعون أن القرآن الكريم جاء مصدقًا للتوراة والإنجيل كما في قول الله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ..} الآية [المائدة:48]
          الرد : حسب ما جاء بمختصر تفسير ابن كثير للصابوني : {مصدقًا لما بين يديه من الكتاب} أي :( من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكره ومدحه)، وأنه سينزل من عند اللّه على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس: أي مؤتمنًا عليه، وعنه أيضًا المهيمن (الأمين) قال: القرآن أمينٌ على كل كتاب قبله . وقال ابن جريج :القرآن أمينٌ على الكتب المتقدمة قبله ، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل .
          وفي تفسير البغوي : مصدقًا لما قبله من الكتب في التوحيد والنبوات والأخبار وبعض الشرائع .


          3- يدّعون أن القرآن الكريم يطلب من النبي الاستشهاد بالكتاب المقدس مما يعني عدم تحريفه حتى ظهور الإسلام :
          قال الله تعالى : {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس : 94] .

          الرد :

          أ- بقية الآية الكريمة التي لا يأتون بها كاملة عند استشهادهم {لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} وهو ردٍ كاف.
          ب- هل لو كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد افترى القرآن ، هل كان سيقول هذا في القرآن ؟! .

          ج- في اللغة يتم استخدام أداة الشرط ( إن) في حالة بُعد الاحتمالية ، ويتم استخدام إذا في حالة قرب الاحتمال.
          د- جاء في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: هذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ، ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا أشك ولا أسأل".
          هـ- في التفسير الميسر: فإن كنت أيها الرسول في ريب من حقيقة ما أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله ، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم ، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به ، فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
          و- جاء قول الله تعالى في أكثر من موضع في القرآن مستخدما" ( إن ) بحيث لا تفيد وقوع الاحتمال بل تفيد استحالة وقوع الأمر مثل :

          - " قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ " [الزخرف : 81] , التي تم نفيها بقول الله تعالى
          " وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً " [مريم : 92]

          كذلك قوله تعالى :

          " وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ " [البقرة : 116]
          "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ " [الأنبياء : 26]
          - " قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ [الأنبياء : 63]

          ويعلم إبراهيم عليه السلام أنهم لا ينطقون.

          - " ... َفإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ " [الأنعام : 35]

          ولا يستطيع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبتغي نفقا" في الأرض أو سلما" في السماء ليأتي بآية إلا بتأييد الله تعالى.



          فاستخدام ( إن ) لا يفيد الاحتمال أبدا" في الآية السابقة.

          وإنما هذا من جنس كلام المتيقن , كما تقول : إن ككنت غير مصدق فاسأل.

          " قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "[البقرة : 94]

          " فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ "[الطور : 34]
          " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ " [القلم : 41]

          4- يدّعون أن القرآن يشهد أن الذين أنزل عليهم الكتاب كانوا يعرفون الكتاب كما يعرفون أبناءهم فمعنى ذلك أنه لم يكن حُرف كما في الآية:
          {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:146].
          الرد: الضمير في قوله (يعرفونه) لا يعود على الكتاب بل على النبي صلى الله عليه وسلم ففي تفسير الجلالين: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ } أي : محمدًا {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} أي: بنعته في كتبهم ، قال ابن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد

          أشدّ .
          وفي مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: يخبر تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده.



          5- يدّعون أن القرآن يذكر أن حكم الله موجود بالكتاب المقدس مما يعني أنه لم يحرف
          فى قوله تعالى {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة : 43].
          الرد : كما ذُكر من قبل أن الكتاب المقدس يختلط فيه كلام الله تعالى مع كلام البشر، وقد نزلت الآية في اليهود الذين ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليحكم في رجل وامرأة وقعا في الزنا ، فأنزل الله تعالى الآية السابقة التي تبيّن أن الحكم موجود عندهم في التوراة ولم يتغير من ضمن ما بدل وتغير فيها. والحكم موجود حتى الآن بسفر التثنية كما يلي:

          (التثنية 22 :22):"وَإِذَا ضَبَطْتُمْ رَجُلاً مُضْطَجِعاً مَعَ امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ تَقْتُلُونَهُمَا كِلَيْهِمَا، فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكُم)23):" وَإِذَا الْتَقَى رَجُلٌ بِفَتَاةٍ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فِي الْمَدِينَةِ وَضَاجَعَهَا،(24):"فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى سَاحَةِ بَوَّابَةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا".
          في التفسير الميسر: إنَّ صنيع هؤلاء اليهود عجيب ، فهم يحتكمون إليك أيها الرسول ، وهم لا يؤمنون بك ، ولا بكتابك مع أن التوراة التي يؤمنون بها عندهم فيها حكم الله ، ثم يتولَّون من بعد حكمك إذا لم يُرضهم ، فجمعوا بين الكفر بشريعتهم، والإعراض عن حكمك ، وليس أولئك المتصفون بتلك الصفات المؤمنين بالله وبك وبما تحكم به.

          ونص الحديث:عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال لهم: كيف تفعلون بمن زنى منكم ؟ قالوا : نحممهما ونضربهما، فقال: لا تجدون في التوراة الرجم ؟ فقالوا: لا نجد فيها شيئا، فقال لهم عبدالله بن سلام : كذبتم ، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ، فوضع مدرسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم فنزع يده عن آية الرجم ، فقال: ما هذه ؟ فلما رأوا ذلك، قالوا : هي آية الرجم ، فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد ، فرأيت صاحبها يجنأ عليها يقيها الحجارة .[2]



          6- يدّعون أن القرآن يطلب من الرسول عليه الصلاة والسلام سؤال أهل الكتاب فى قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل : 43] .

          الرد: الخطاب في بداية الآية للمفرد وهوالرسول عليه الصلاة والسلام ، ثم تحول الخطاب للجمع فالمقصود به ليس الرسول عليه الصلاة والسلام كما في التفسير.

          في التفسير الميسر: وما أرسلنا في السابقين قبلك أيها الرسول إلا رسلا من الرجال لا من الملائكة نوحي إليهم ، وإن كنتم يا مشركي قريش لا تصدقون بذلك فاسألوا أهل الكتب السابقة ؛ ليخبروكم أن الأنبياء كانوا بشرًا ، إن كنتم لا تعلمون أنهم بشر.

          الخلاصة: كل الشبهات التي تثار من هذه النوعية : يكفي الرد عليها قراءة الآيات السابقة والتالية لها ، والتأكد من الآية نفسها وعدم إخراجها عن سياقها , والتفاسير تبين وتفند بكل وضوح وبكل عقلانية ما قد يظنه البعض غير مناسب أو غير معقول وما يثار من شبهات وأباطيل.
          فالشبهات من هذه النوعية تعتمد على التلاعب من صاحب الشبهة والجهل من المتلقي، ونضرب مثالاً لأسلوب التلاعب المستخدم لإثارة مثل هذه الشبهات : ما جاء في كتاب "استحالة تحريف الكتاب المقدس" تحت عنوان شهادة القرآن للكتاب المقدس :
          فقد كتب القس: ويعتبر القرآن الكتاب المقدس أنه كلام الله الذي لا يتغير {وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس} [آل عمران:3] ، {لا مبدل لكلمات الله} [الأنعام 34] . [3]
          ولننظر كيفية التلاعب في الاستشهاد السابق:

          قال تعالى : {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [آل عمران :3- 4]

          ترك القس الجزء الأول {نزل عليك الكتاب بالحق} واقتطع منتصف الآية { أنزل التوراة والإنجيل} وترك الجزء الأخير { وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ } .

          فما هو الكتاب الذي أنزله الله بالحق على محمد عليه الصلاة والسلام ، والذي لم يضع القس الجزء الخاص به في استشهاده ؟! الكتاب هو القرآن الكريم كما يعرفه هو ويعرفه كل من يقرأ .

          أما الجزء الثاني الذي اقتطعه ووضعه بجوار الجزء الأول المقتطع فهو: {...وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ..} [الأنعام : 34] وقد استخرجها من الآية الكريمة:

          {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام : 34]

          وبداية الآية الكريمة ترد عليه الرد الكاف, أما معنى الآية ففي التفسير الميسر: ولقد كذَّب الكفارُ رسلا من قبلك أرسلهم الله تعالى إلى أممهم وأوذوا في سبيله فصبروا على ذلك ومضوا في دعوتهم وجهادهم حتى أتاهم نصر الله. ولا مبدل لكلمات الله ، وهي ما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من وعده إياه بالنصر على مَن عاداه. ولقد جاءك أيها الرسول خبر مَن كان قبلك من الرسل ، وما تحقق لهم من نصرالله ، وما جرى على مكذبيهم من نقمة الله منهم وغضبه عليهم .


          قال الله تعالى : {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ( 111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 111 - 112].



          -------------------------------------------------------------------------

          [1] حقيقة الإيمان- ج2- ص 78- د. عمر بن عبد العزيز قريشي.

          [2] الراوي البخاري - الجامع الصحيح - - الرقم: 4556.

          [3] - استحالة تحريف الكتاب المقدس. مرقس عزيز خليل- كاهن الكنيسة المعلقة.

          تعليق


          • #35
            الفصل الخامس : الخطيئة الأصلية والكفارة والخلاص

            يعتقد المسيحيون أن البشرية كلها قد ورثت الخطيئة الأصلية عن أدم وحواء, وأصل الخطيئة في تعريفهم هي أن الله تعالى أمر آدم ألا يأكل من أحدى أشجار الجنة, فأكل منها مخالفا" الأمر الإلهي.



            تفاصيل القصة في سفر التكوين كما يلي:
            1- الله تعالى خلق آدم ووضعه في الجنة وأنبت له الأشجار لطعامه:
            (تكوين 2 :7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً. 8وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقاً وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ. 9وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.)

            2- أمر الله تعالى آدم ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر:
            ( تكوين 2 : 15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».)

            3- أغوت الحية, أدم وحواء فأكلا من شجرة معرفة الخير والشر مخالفين أمر الله تعالى.
            (تكوين 3 : 1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». 6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ.)

            فأصبح عند آدم خطيئة يتوارثها الأبناء والأحفاد ، ويعتقد النصارى أن هذه الخطيئة كانت عظيمة جدًا لدرجة أنها لا يمكن أن تُغفر بالوسائل العادية وأن الله تعالى لم يجد طريقة ليغفرها ، فكانت الطريقة الوحيدة الممكنة في المفهوم المسيحي حتى يغفر الله للبشرية هذا الذنب في الوقت الذي يوقع العقاب تنفيذًا للعدل وهي أن يُسلّم الله (نفسه أو ابنه) لكي يضربوه ويطعنوه ويذلّوه ويعلّقوه على الصليب ويقتلوه ، فضحَى بابنه الوحيد من أجل أن يغفر الخطيئة العظيمة للبشرية!.

            ( يوحنا 3 : 16 لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.)

            (1 كورنثوس 15: 3 - المَسيحَ ماتَ مِنْ أجلِ خَطايانا),( رومية 5: 6 - ماتَ المَسيحُ مِنْ أجلِ الخاطِئينَ).

            يقول النصارى: إن الله أراد بالعدل أن يعاقب الإنسان وبالرحمة أن لا يعاقب الإنسان, فتجسد الله في صورة إنسان حتى يعاقب نفسه فيكون قد نفذ العدل والرحمة !!.



            كتب عوض سمعان في كتابه " فلسفة الغفران: " لو كان في الجائز أن تقل عدالة الله وقداسته عن رحمته ومحبته اللتين لا حد لهما، فإن من مستلزمات الكمال الذي يتصف به، أن لا يتساهل في شيء من مطالب عدالته وقداسته، وبما أنه لا يستطيع سواه إيفاء مطالب هذه وتلك، إذن لا سبيل للخلاص من الخطيئة ونتائجها إلا بقيامه بافتدائنا بنفسه ".

            قال كاتب الرسالة للعبرانيين (مجهول):
            ( عبرانيين 9 : 22 وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!(.
            بمعنى أن كل الأخطاء كان يتم التكفير عنها بذبائح طاهرة, والخطيئة الكبرى لم يكن يجدي معها الذبائح فكان خير ذبيحة للتكفير عنها هو يسوع المسيح الذي هو الإله المتجسد صاحب الدم الطاهر بدون خطيئة وهو أقنوم من الثالوث !!.

            تعليق


            • #36
              الاعتراضات على هذا المبدأ ( الخطيئة الأصلية وتوارثها )

              الاعتراضات على هذا المبدأ ( الخطيئة الأصلية وتوارثها ):

              1- يتضح من النص الخاص بالأكل من الشجرة أن الشجرة التي منع الله آدم أن يأكل منها هي شجرة معرفة الخير والشر, فكيف يتم حسابه على خطأه إن لم يكن يعلم الخير من الشر!!؟.




              2- خير تمثيل لهذا المبدأ هو أن خادما أخطأ فعاقبه سيده ، ونتيجة لخطأ الخادم أصبح أبناء الخادم ملوثين بخطئه ، ولمحبة السيد لأسرة الخادم ورحمته بهم ، وعدله في أن يوقع العقاب ، قام السيد بعقاب ابنه وليس ابن الخادم ، وذلك لكي يخلص أبناء الخادم من الذنب!.
              وفي المثال السابق لا نجد عدلا ولا رحمة !، فلا ذنب لأبناء الخادم ولا ذنب لابن السيد ولا داعي للفداء. فقد تم عقاب الفاعل أو العفو عنه وانتهى الأمر!.

              وبالمثل الاعتقاد بالخطيئة والفداء، فالقول بأن عدل الله كان يتطلب أن ينزل العقاب على أحد ، نقول العدل أن ينزل العقاب على الفاعل وليس على غيره . كما أن رحمة الله وقدرته على غفران الذنب تقتضي عدم عقاب البريء.



              3- من الغريب أن يكون الحل الوحيد لكي تغفر خطيئة آدم ( حسب عقيدة الفداء ) ، عندما أكل من الشجرة هي أن يتم تعليق الإله على الصليب ليذوق الآلام ، أليس من العقل ومن العدل أن يقول الله للمذنبين: تطَهروا من أخطائكم وتوبوا إلي أقبلكم ؟ فلا يكون هناك قتل ولا صلب ولا فداء ؟ أم لا يستطيع الرب خالق الأرض والسماوات أن يغفر الأكل من الشجرة ، ويغفر الزنى والقتل والاغتصاب والسرقة وغيرها فيما بعد!؟.
              إن الحل الذي قدمه الإسلام لهذه القضية هو حل بسيط لا يتعارض مع قدرة وحكمة الله تعالى فقد قال الله تعالى في سورة طه: (..... وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) ).
              في التفسير الميسر: ثم اصطفى الله آدم, وقرَّبه, وقَبِل توبته, وهداه رشده.

              وقال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]
              في التفسير الميسر: فتلقى آدمُ بالقبول كلماتٍ, ألهمه الله إياها توبة واستغفارًا, وهي قوله تعالى: (ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِن الخَاسِرِينَ) فتاب الله عليه, وغفر له ذنبه , إنه تعالى هو التواب لمن تاب مِن عباده, الرحيم بهم.



              4- ذكر العهد القديم أن الله تعالىعاقب آدم وحواء نتيجة مخالفتهم أمره, فكان عقاب آدم, المشقة التي يعانيها في الدنيا, وعقاب حواء آلام الوضع واشتياقها لزوجها وتسلط الزوج عليها ولم يذكر أبدا" أن هذه الخطيئة ستتوارث.

              (تكوين 3 : 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. ).



              5- بينت نصوص العهد القديم أن كل إنسان يتحمل ذنبه وإثمه ولا يتحمل وزر غيره.
              أ-(حزقيال 18 : 20 - 21 " النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون ").
              ب-( تثنية 24: 16 " لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل").
              ج- (إرمياء 31: 30 " بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه ").
              د-(2 أيام25: 4 لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته ).



              6- بين الكتاب المقدس أنه كان هناك الكثيرون الأبرار من ذرية آدم عليه السلام وأنهم في ملكوت الله بدون فداء ولا صلب:
              أ- نوح عليه السلام, (تكوين 6 . 9 ..... وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ.)
              ب- أخنوخ الذي رفعه الله إليه,( تكوين 5 : . 24 وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ. ).
              ج- إبراهيم عليه السلام الذي باركه الله ,( تكوين 12 : 1وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 2فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. 3وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ».)
              د- يوحنا المعمدان الذي قال عنه المسيح حسب العهد الجديد ( متى 11 : 11 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ ) .



              7- لم تأت أقوال المسيح تتحدث عن الخطيئة والكفارة والخلاص فإن كان الفداء هو سبب نزوله وتجسده كما يدعون, فمن غير المعقول أن يخفى المسيح هذا الأمر ولا يذكر أي شيء خاصا" بالفداء, ولا يعقل أن يأتي المسيح ليفتدي البشرية من خطيئة آدم ولا يذكر اسم "آدم" ولو مرة واحدة في الأناجيل ؟!.

              إن أول من ذكر قصة الفداء والخلاص هو "بولس": (رومية 15 : 5-6 " ولكن الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا، فبالأولى كثيراً، ونحن متبررون الآن بدمه نخلص به من الغضب).

              8- تعبير الخلاص والفداء, لم يكن يعني عند اليهود مفهوم التخلص من الخطيئة الأصلية التي لم تخطر عليهم ولم يذكرها أي من الرسل من قبل, فموسى عليه السلام كان فاديا" للشعب: ( أعمال 7 : 35 «هَذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً؟ هَذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيساً وَفَادِياً بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ. ).



              9- بين العهد القديم والعهد الجديد أن مغفرة الذنوب بالتوبة وليست بالتضحية والفداء.
              أ- (حزقيال 18: 21-23" فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً، فحياة يحيا، لا يموت، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه، بره الذي عمل يحيا، ")

              ب- (متى 3 : 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ .. قَائِلاً: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ..حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ …وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.). معترفين بخطاياهم وليس معترفين بالخطيئة الأصلية.
              ج- ( مرقس 1 : 4 كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. )
              د- بين المسيح أن التوبة هي الوسيلة المقبولة لغفران الذنوب فقال حسب العهد الجديد:
              ( لوقا 15: 7 أقول لكم: إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب... " ).


              فكيف يتم تجاهل أقوال الله (حسب الكتاب المقدس) وأقوال المسيح عليه السلام ( حسب الكتاب المقدس) ويتم فقط استخراج العقيدة من أقوال بولس الذي لم يقابل المسيح !؟, بولس الذي أسس المسيحية بمفهومها الحالي البعيد عن تعاليم المسيح قائلا" تصالحنا مع الله بموت ابن الله على الصليب.( رومية5 : 10 " لأنه وإن كنا ونحن أعداء فقد صولحنا مع الله بموت ابنه).

              ومن الذي فرض على الله تعالى قانون "أن الله لا يستطيع غفران الذنوب بدون دم" ؟
              ومتى قال الله لهم إنكم أعدائي وسأصالحكم بدم المسيح ؟

              لقد كشف المسيح عن رسالته بأنه جاء يدعو الخطاة إلى التوبة وهذا هو نهج الأنبياء على مر العصور.

              ولم يقل لقد جئت تكفيرا" عن الخطيئة !.( متى 4 : 17 من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السموات).



              10- لم يذكر المسيح أنه أتى ليقوم بعمل جديد خلافا" للرسل السابقين فقد أصر على الحفاظ على الوصايا والقوانين فقال: (متى 5 : 17 لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس او الأنبياء.ما جئت لانقض بل لأكمل.( و قال المسيح للشاب الذي سأله كيف يدخل لملكوت الله: ( متى 19 : 17 فقال له لماذا تدعوني صالحا.ليس احد صالحا إلا واحد وهو الله.ولكن إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا. )
              فلم يقل له آمن بالصلب والفداء وإنني هنا من أجل خطيئتكم, ولم يقل له اترك الوصايا وآمن بالخلاص!.
              ولكن هذا ما قاله مؤسسي المسيحية ومنهم "أثناسيوس" الذي وضع قانونا" للإيمان يسير عليه النصارى ولا يتبعون تعاليم المسيح عليه السلام.
              فقرة من قانون الإيمان الأثناسي "القرن الرابع":
              «(1) كل منْ ابتغى الخلاص وجب عليه قبل كل شيء أن يتمسك بالإيمان الكاثوليكي (أي الإيمان الجامع العام للكنيسة المسيحية). (2) وكل من لا يحفظ هذا الإيمان دون إفساد يهلك بدون شك هلاكاً أبدياً. ..... وأيضاً يلزم له للخلاص الأبدي أن يؤمن بتجسد ربنا يسوع المسيح. (30) لأن الإيمان المستقيم هو أن نؤمن ونقرَّ بأن ربنا يسوع المسيح ابن الله هو إله وإنسان. (31) هو إله من جوهر الآب، مولود قبل الدهور. وإنسان من جوهر أمه، مولود في هذا الدهر. (32) إلهٌ تام وإنسان تام، كائنٌ بنفس ناطقة وجسدٌ بشري. (33) مساوٍ للآب بحسب لاهوته، ودون الآب بحسب ناسوته. (34) وهو وإن يكن إلهاً وإنساناً، إنما هو مسيح واحد لا اثنان. (35) ولكن واحد، ليس باستحالة لاهوته إلى جسدٍ، بل باتخاذ الناسوت إلى اللاهوت. (36) واحد في الجملة، ليس باختلاط الجوهر، بل بوحدانية الأقنوم. (37) لأنه كما أن النفس الناطقة والجسد إنسان واحد، كذلك الإله والإنسان مسيح واحد. (38) هو الذي تألم لأجل خلاصنا ونزل إلى الجحيم (الهاوية أو عالم الأرواح). وقام أيضاً في اليوم الثالث من بين الأموات، (39) وصعد إلى السماء، وهو جالس عن يمين الله الآب الضابط الكل.....(44) هذا هو الإيمان الكاثوليكي الذي لا يقدر الإنسان أن يخلُص بدون أن يؤمن به بأمانة ويقيناً»..
              جاء في تعريف قانون الإيمان الأثناسي "يُنسب إلى أثناسيوس الذي كان أسقف الإسكندرية من نحو سنة 328-373م ورئيس الحزب الأرثوذكسي المضاد لزعيم الهراطقة أريوس، ولكن العلماء المتأخرين أجمعوا على نسبته إلى أصل آخر ونسبوه إلى شمال أفريقيا إلى تابعي أغسطينوس. قال "شاف" إن صورته الكاملة لم تظهر قبل نهاية القرن الثامن."[1]

              فلم تكن الخطيئة والفداء والخلاص من تعاليم المسيح عليه السلام , ولم تكن قوانين الإيمان بالوحي الإلهي بل وضعها قساوسة في القرن الرابع الميلادي واستندوا على أهم ما فيها من تعاليم على رسائل بولس ورسائل آخرين بعيدا" عن تعاليم المسيح.



              --------------------------------------------------------------------

              [1] علم اللاهوت النظامي – تأليف القس جيمس أَنِس .راجعه وأضاف إليه القس منيس عبد النور- الفصل الثامن– ص 102.

              تعليق


              • #37
                نشأة عقيدة الصلب والفداء

                نشأة عقيدة الصلب والفداء:
                نتيجة للغلو والمحبة لشخصية المسيح, اعتبرته بعض الطوائف (من غير اليهود) إلها", ثم أُنشأت عقيدة الصلب والفداء لوضع مبرر لنزول الإله.

                ونظرا" لاعتياد اليونانيين والرومان تأليه الملوك والعظماء واعتقادهم بنظرية الفداء عن طريق أحد الآلهة أو عن طريق ابن الله انتشرت هذه العقيدة المسيحية الجديدة في اليونان وإيطاليا.



                فقد شاع في الوثنيات القديمة اعتبار بعض الملوك والعظماء أبناء للآلهة ومخلصين للشعوب من أزمات أو خطايا, وقد ذكر السير "آرثر فندلاي" في كتابه " صخرة الحق " أسماء ستة عشر شخصاً اعتبرتهم الأمم آلهة سعوا في خلاص هذه الأمم. منهم: أوزوريس في مصر 1700 ق.م، وبعل في بابل 1200ق.م ، وديوس فيوس في اليونان 1100 ق.م، وكرشنا في الهند 1000 ق.م ، وبوذا في الصين 560 ق.م، وبرومثيوس في اليونان 547 ق.م، ومترا (متراس)في فارس 400 ق.م.[1]

                كتب وول ديورانت في موسوعة قصة الحضارة:

                استعاد الدين في القرن الثاني بعد الميلاد ما كان له من سلطان .. وكان الدين قبل أن يستعيد سلطانه هذا قد انزوى وأخذ يغذي جذوره ويترقب الفرص المواتية به. ولم يكن الناس أنفسهم قد فقدوا إيمانهم، فقد قبلت كثرتهم الغالبة مجمل ما وصف به هو من الحياة الآخرة. وكانت تقرّب القرابين في خشوع قبل البدء برحلة من الرحلات، وتضع أبلة في فم الميت ليؤدى بها أجر عبوره نهر استيكس كما كانت تفعل في الزمن القديم. وكانت سياسة الحكم الرومانية ترحّب بالعون الذي تلقاه من الكهنة الرسميين وتسعى للحصول على تأييد الشعب بإقامة الهياكل الفخمة للآلهة المحليّة، وظلت ثروة الكهنة تزداد زيادة مطردة في جميع أنحاء فلسطين وسوريا، وآسية الصغرى؛ وظل السوريّون يعبدون هداد Hadad وأترجاتس Atargatis، وكان لهذين الإلهين مزار رهيب في هيرابوليس؛ وبقيت مُدن سوريا ترحّب ببعث الإله تموز وتنادي قائلة "لقد قام أدنيس (الرب)"، وتحتفل في آخر مناظر عيده بارتفاعه إلى السماء. وكانت مواكب أخرى من هذا النوع تخلّد آلام ديونيس وموته وبعثه بطقوس يونانية. وانتشرت عبادة الآلهة ما Ma من كبدوكيا إلى أيونيا وإيطاليا، وكان كهنتها يرقصون في نشوة عديدة على أصوات الأبواق والطبول، ويطعنون أنفسهم بالمدي، ويرشّون دماءهم على الآلهة وعبادها المخلصين ودأب الناس على خلق آلهة جدد؛ فألهّوا قيصر، والأباطرة، وأنطنيوؤس، وكثيراً من العظماء، وكثيراً من العظماء المحليين في حياتهم وبعد مماتهم. وأخذت هذه الآلهة يمتزج بعضها ببعض بتأثير التجارة والحرب فيزداد عددها ويعظم شأنها في كل مكان، وتُقام الصلاة بألف لغة لألف إله أملاً في النعيم والنجاة, فلم تكن الوثنية والحالة هذه ديناً واحداً، بل كانت أجمة من العقائد المتشابكة، المتناقضة، المتنافسة؛ وكثيراً ما كان يتدخّل بعضها في بعض وتختلط اختلاطاً متعمّداً مختاراً.
                وثبتت عبادة سيبيل في ليديا وفريجيا، وإيطاليا، وأفريقية، وغيرها من الأقاليم، وظل كهنتها يخصون أنفسهم كما فعل حبيبها أتيس؛ فإذا أقبل عيدها الربيعي صام عبادها، وصلّوا، وحزنوا لموت أتيس؛ وجرح كهنتها سواعدهم، وشربوا دماءهم، وحمل الإله الشاب إلى مثواه باحتفال مهيب. فإذا كان اليوم الثاني ضجت الشوارع بأصوات الفرح الصادرة من الأهلين المحتفلين ببعث أتيس وعودة الحياة إلى الأرض من جديد، وعلا صوت الكهنة ينادي أولئك العباد: "قووا قلوبكم أيها العباد المتصوّفون، لقد نجا الإله، وستكون النجاة حظكم جميعاً". وفي آخر يوم من أيام الاحتفال تحمل صورة الأم العظمى في موكب للنصر، ويخترق حاملوها صفوف الجماهير تحييها وتناديها في روما باسم "أمنا" (Nostra Domina).
                وكانت إيزيس الآلهة المصرية، والأم الحزينة، والمواسية المحبة، وحاملة هبة الحياة الخالدة، كانت هذه الآلهة تلقى من التكريم أكر مما تلقاه سيبيل؛ وكانت كل شعوب البحر الأبيض المتوسط تعرف كيف مات زوجها العظيم، وكيف قام بعدئذ من بين الموتى؛ وكان يُحتفل بهذا البعث السعيد في كل مدينة كبيرة قائمة على شواطئ هذا البحر التاريخي أروع احتفال وأفخمه؛ وكان عباده المبتهجون ينادون: "لقد وجدنا أوزريس من جديد". وكانوا يرمزون إلى أيزيس بصور وتماثيل تحمل بين ذراعيها حورس ابنها الإلهي، ويسمونها في الأوراد والأوعية "ملكة السماء"، و "نجم البحر"، و "أم الإله". وكانت هذه الطقوس أقرب العبادات الوثنية إلى المسيحية. [2]




                -------------------------------------------------------------

                [1] سلسلة الهدى والنور – د منقذ السقار – هل افتدانا المسيح على الصليب – ص 219.

                [2] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 11 ص 146-148 الهيئة المصرية العامة للكتاب.,وعلى الانترنت ص3850-3852 الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/).

                تعليق


                • #38
                  التناقض في الاستدلال على الخلاص في المسيحية

                  يؤمن المسيحيّون بأن عيسى (عليه السلام) جاء ليعلم البشريّة كلها دين اللّه وليبين لهم الطّريق إلى الخلاص. ولهذا فإن كلّ البشريّة مطلوب منها إتباع رسالته, والذين يؤمنون بصلب المسيح والفداء هم فقط الذين سيتم إنقاذهم وهذا حسب أقوال بولس التي أوضح فيها أنه لا خير في العمل بالشريعة ولكن بالإيمان حتى إن إبراهيم عليه السلام لم ينفعه عمله.






                  أ- (رسالة بولس إلى رومية 3: 28 فنَحنُ نَعتَقِدُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ بِالإيمانِ، لا بِالعَمَلِ بأحكامِ الشريعةِ.)

                  ب- (رسالة بولس إلى غلاطية 2 : 16 إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا. )

                  ج- ( رسالة بولس إلى غلاطية 3 : 11 وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12 وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا».13 اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، )
                  د –( رومية 4 : 2 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ - وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ. )


                  ولكن هذه الأقوال متعارضة مع أقوال المسيح عليه السلام ومع أقوال يعقوب!.

                  أ- عندما سُئل المسيح ما العمل لدخول ملكوت الله , قال اتبع الوصايا ( الناموس) , ولم يقل يكفيك الإيمان!: ( متى 19 : 16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». )
                  فعيسى (عليه السلام) لم يقل أبداً بنفسه: ((آمنوا بتضحيتي على الصليب وسيتم خلاصكم)). لم يقل لذلك الشاب: ((إنك فاحش شرير وخاطئ ولن تدخل الملكوت إلا من خلال الفداء بدمي وإيمانك بتضحيتي)). بل كرر له قوله: ((إحفظ الوصايا)) ولا شيء غير ذلك. إن كان عيسى قد هُيّأ وأُعِدَّ لهذه التضحية منذ الأزل، فلماذا لم يذكرها لهذا الشاب؟.

                  ب- أعلن المسيح أنه لم يأت لينقض الناموس ( متى 5 : 17 «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. )

                  ج- أوصى المسيح بالعمل بالوصايا وليس الإيمان فقط وترك الوصايا ( متى 5 : 19 فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. ).

                  د- جاء في رسالة يعقوب بالعهد الجديد ( يعقوب 2 : 14 مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَاناً وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ؟ هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ ).

                  (يعقوب 2 : 17 هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18 لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19 أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20 وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟ 21 أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ؟ 22 فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ،)


                  بالرغم من تعارض أقوال المسيح مع أقوال بولس فإن قوانين الإيمان تم وضعها بناء على أقوال بولس.
                  فهل كان المسيح يخدعهم, ويطلب منهم الحفاظ على الوصايا, وجاء بولس فأخبر بالحقيقة أم أن بولس خالف المسيح عليه السلام ؟.


                  من الذي مات على الصليب!!؟؟

                  حسب العقيدة المسيحية ( المسيح ) هو الإله المتجسد, فهو الله حسب مفهوم بعض الطوائف أو هو ابن الله حسب مفهوم البعض الآخر.

                  ويعتقدون أن الله عند نزوله ليفتدي البشرية أصبحت له طبيعة بشرية بجانب الطبيعة الإلهية.

                  والبعض قال إن له طبيعتين منفصلتين والبعض قال بل طبيعة واحدة تحتوي صفات الإله والإنسان.

                  والسؤال الذي لا إجابة له عندما مات على الصليب بزعمهم , هل الذي مات كان الإله أم الإنسان ؟ بمعنى آخر الذي مات هل هو الطبيعة الإلهية أم الطبيعة البشرية ؟.

                  هناك ثلاثة احتمالات فقط:

                  1- الذي مات: الإله فقط ( الطبيعة الإلهية ) .

                  2 - الذي مات: الإله والإنسان ( الطبيعتين ).

                  3 - الذي مات: الإنسان( الطبيعة الإنسانية ).


                  يرفض النصارى بشدة الاحتمال الأول والثاني قائلين إن الإله لا يموت.

                  ( التثنية 32 : 40 حي أنا إلى الأبــد ).
                  (إرميا 10: 10 لَكنَّ الرّبَّ هوَ الإلهُ الحَقُّ، الإلهُ الحَيُّ والمَلِكُ الأزَليُّ.)

                  (حبقوق 1 : 12" ألست أنت منذ الأزل يا ربُّ إلهي قدوسي لا تموت"......)

                  ( 1 تيموثي 6 : 16 الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ...)



                  بقي الاحتمال الثالث وهو أن الإنسان ( الطبيعة الإنسانية) هو الذي مات !!
                  والاعتراض على هذه الجزئية كالتالي:
                  أ-هذا القول يخالف ويعارض معتقد الأرثوذكس من أن للمسيح طبيعة واحدة ولا يصح الحديث عن الصفات البشرية ( الناسوت ) كشيء منفصل عن ( الصفات الإلهية ) اللاهوت !.

                  ب- إن كان الإنسان هو الذي مات على الصليب, فما هي التضحية التي قدمها الإله بزعمهم ؟. ولماذا كل ما حدث !؟

                  ج- خطيئة البشر بزعمهم كيف يتحملها إنسان وقد جاءت النصوص واضحة:
                  (حزقيال 18 : 20 - 21 " النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون ").

                  (2 أيام25: 4 لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته ).

                  د- جاءت أقوال العهد الجديد تذكر أن من مات وقام من الأموات هو الرب, مما يخالف النصوص التي يوردها النصارى من أن الإله لا يموت !

                  - (ِ 1 كُورِنْثُوسَ 2 : 8 ..... لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْد )

                  - (ِ 1 كُورِنْثُوسَ 6 : 14 وَاللَّهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ )... فما الفرق بين الإله والرب !!؟

                  - (أفسس 1: 20 الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ،)

                  فذكر أن من أقامه الله من الموت سيجلسه عن يمينه ! وبالطبع لن تكون الصفات البشرية أو الإنسان هو الذي سيجلس عن يمين الله !!, ( وفي هذه الحالة هما اثنان يقينا " )!!.

                  - ( ِرُومِيَة 4 : 24 ..الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. )

                  - ( الْعِبْرَانِيِّينَ 13 : 20 وَإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ،)



                  مما سبق يتضح أن الزعم بأن من مات على الصليب ( حسب رأيهم ) هو الطبيعة الإنسانية فقط مرفوض ويتعارض مع نصوص واضحة بالكتاب المقدس.

                  فمن الذي مات حسب الكتاب المقدس ؟


                  قال الله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً [النساء : 157].



                  الاعتقاد الإسلامي بشأن ضمان المصير:

                  يقدم الإسلام ضمانا لكل مسلم مخلص مطيع لله حتى يموت على ذلك بأنه سيدخل الجنة قطعا وجزما. قال الله تعالى في محكم تنزيله : (( وَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا )) [النساء : 122] وقال تعالى : ((وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ))[المائدة : 9]. وقال تعالى: ((جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً)) [مريم : 61]، وقال : ((قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيراً )) [الفرقان : 15]، وقال : ((وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ))[الزمر : 73].
                  إن الإسلام وعد بالخلاص لجميع الذين يؤمنون بالله ويعملون أعمالا صالحة، يقول الله سبحانه وتعالى : (( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) ( البقرة آية 112 ) .

                  وكذلك يضمن الإسلام للكافر المعرض عن أمر الله عز وجل بأنه سيدخل النار قطعا وجزما، قال تعالى:

                  ((وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)) [التوبة : 68]، وقال سبحانه: ((وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة : 39]، وقال تعالى عن الكافرين يوم الدّين : (( هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ )) } يس63-64[ . فوعْد الله ووعيده لا يتخلّف مع الفريقين كما ذكر عن حالهما بعد انتهاء يوم القيامة: (( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )) ]44 الأعراف[، فكلّ من آمن وعمل صالحا ومات على ذلك يدخل قطعا الجنة، وكلّ من كفر وعمل السيئات ومات على ذلك يدخل النّار قطعا، ثمّ إن من قواعد الإسلام العظيمة أن يعيش المؤمن بين الخوف والرّجاء فلا يحكم لنفسه بالجنة لأنّه سيغترّ ثمّ إنه لا يدري على أيّ شيء سيموت على خير أم شر، ولا يحكم على نفسه بالنّار لأنّ ذلك قنوط ويأس من رحمة الله، فهو يعمل الصّالحات ويرجو أن يثيبه الله عليها ويجتنب السيئات خوفا من عقاب الله، ولو أذنب أو أخطأ فإنه يسرع إلى التوبة لينال مغفرة الله تعالى ويتقي بتوبته عذاب النّار والله يغفر الذّنوب ويتوب على من تاب، وإذا خاف المؤمن أن ما قدّمه من العمل لا يكفي زاد في العمل خوفا ورجاء. ومهما قدّم من أعمال صالحة فإنّه لا يركن إليها ولا يغترّ فيهلك بل يعمل ويرجو الثواب، وفي الوقت ذاته يخشى على عمله من الرياء والعُجب وأن يحبط بالعجب والغرور كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين: (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )) [المؤمنون : 60]، فهكذا يبقى المؤمن يعمل ويرجو ويخاف إلى أن يلقى الله على التوحيد وعمل الصّالحات فيفوز برضوان الربّ وجنّته، ولو أنّك تمعنت في الأمر لعلمت أنّ هذه هي الدوافع الصّحيحة للعمل، وأنّ الاستقامة في الحياة لا تحصل إلاّ بهذا .

                  فمن المعلوم أن حرية الاختيار بين الصواب والخطأ هي طبيعة مخلوقة مع الإنسان وأن الخالق سبحانه وتعالى جعل النفس البشرية قابلة للخير والشر وقادرة على كليهما والله سبحانه وتعالى لم يجعل الإنسان عاجزا عند حصول الذّنب بأن لا يملك أن يفعل شيئا حياله بل أعطاه الفرصة وفتح له الباب للتوبة والعودة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: " وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ." [1]، وتظهر رحمة الربّ في شريعة الإسلام جليّة عندما ينادي سبحانه وتعالى عباده بقوله: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) ] سورة الزمر53 [.
                  وفي التفسير الميسر:
                  قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي, وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت, إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم.



                  الله تعالى يرضى الخير لعباده ولا يرضى لهم الكفر قال الله تعالى:
                  إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الزمر : 7]

                  ويبسط الله يده ليتوب عباده فيتوب عليهم ويغفر لهم.

                  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ، ليتوب مسيء النهار . ويبسط يده بالنهار ، ليتوب مسيء الليل . حتى تطلع الشمس من مغربها "[2]

                  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم، سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة "[3]
                  وهذا يتشابه مع قول المسيح عليه السلام حسب الكتاب المقدس ( لوقا 15 : 7 اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة.)

                  فالخطأ طبيعة للنفس البشرية والتوبة حلّ مشكلتها إذا أذنبت، أما أن يكون هناك سداً منيعاً بين العبد وبين الرب وأن العبد لا يقدر على بلوغ مرضاة الرب إطلاقا إلا بأن يُنزل لهم ابنه( المزعوم ! ) ليُصلب ذليلاً مهانا تحت سمع وبصر أبيه , فعند ذلك يغفر للبشرية فأمر في غاية العجب والسّخافة !!!.

                  قال الله تعالى: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً [الإسراء : 111].



                  --------------------------------------------------------------------------

                  [1] اخرجه ابن ماجه - ح 4392 – قال الألباني حديث حسن .

                  [2] اخرجه مسلم : ح 7165 – قال الألباني حديث صحيح .

                  [3] اخرجه البخاري , ح 6309 – قال الألباني حديث صحيح .

                  تعليق


                  • #39
                    الفصل السادس : ألوهية المسيح

                    معنى إله:
                    في الإسلام:
                    الإله: هو المألوه الذي تألهه القلوب، وكونه يستحق الإلهية مستلزم لصفات الكمال، فلا يستحق أن يكون معبوداً محبوباً لذاته إلا هو, وكل عمل لا يراد به وجهه فهو باطل، وعبادة غيره وحب غيره يوجب الفساد.[1]



                    ومعنى لا إله إلا الله وحده لا شريك له , لا معبود بحق إلا الله ..(وحده) تأكيد للإثبات (لا شريك له) تأكيد للنفى. قال الحافظ: كما قال تعالى: " وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة : 163] وقال : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ " [الأنبياء : 25].[2]

                    في المسيحية: لفظ إله يعني (من يستحق العبادة) أو (سيد- قاضي- نبي).
                    "إن اسم الإله يُطلق على غيره تعالى، إذا كان مضافاً، أو نكرة. فقال الله لموسى: أجعلك إلهاً لفرعون فخصّصه بفرعون ليوقع عليه الضربات بأمر الله، فيقع الرعب في قلبه منه. ويكون هارون نبيَّك يعني يبلّغ عنك كل ما تخبره به.[3]
                    والأمثلة من الكتاب المقدس:
                    1- موسى دُعي إلها" (خروج 7 :1 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ).
                    2- الشيطان دُعي إلهاً لهذا الدهر (2كو4: 4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ ( الشيطان) قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ ).

                    3- اليهود آلهة حسب الكتاب المقدس (مز82: 6 "أنا قلتُ أنتُم (أيها اليهود)آلهةٌ وبَنو العليِّ كُلُّكُم" ).

                    بذلك يتضح أن لفظ إله لا يعني بالضرورة الله تعالى بل من الممكن أن يكون المقصود بها سيد أو قاضي أو نبي !!.

                    في اللغة الإنجليزية يتم التفرقة بين إله حقيقي "الله" و"إله غير حقيقي", بوضع الحرف الأول للكلمة كبير "كابيتال" عند الإشارة إلى "الله" God" " ووضع الحرف الأول صغير عند الإشارة إلى "إله" غير حقيقي (سيد,قاضي.) "god" .

                    معنى كلمة رب:
                    الرَّبُ اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا بالإضافة (رب البيت, رب العمل, رب الأسرة,...الخ.)وقد قالوه في الجاهلية للملك.[4]

                    ولا يختلف المفهوم المسيحي عما سبق: "إذا أُطلقت كلمة «رب» على غير الله أُضيفت، فيُقال «رب كذا». وأما بالألف واللام فهي مختصَّة بالله. ويُفهم هذا من قرائن الكلام، فإذا قيل «رب المشركين» كان المراد منه معبوداتهم الباطلة...، بخلاف ما إذا قيل «رب المؤمنين» فإنه يُفسَّر بالإله الحقيقي المعبود.[5]


                    معنى رب في الإنجليزية – (مصدر الترجمة)" الكتاب المقدس تمت ترجمته من العبرية واليونانية إلى الإنجليزية ثم تمت ترجمته من الإنجليزية إلى العربية وغيرها من اللغات"

                    كلمة رب بالإنجليزية هي "لورد" ( Lord ) وهي لقب أو درجة بمعنى "سيد", فيطلق على لاعب كرة مثلا" " لورد الكرة " و يمنح الإنجليز هذا اللقب " لورد " كنوع من التكريم والتقدير, كما يطلق على المعلم أو المدرس نفس اللفظ.
                    وحسب الكتاب المقدس, اللفظ "ربي" أو "سيدي" هو ترجمة لنفس الكلمة بالإنجليزية(My Lord ) ومن الممكن أن توجه إلى شخص أو إلى الله تعالى. وتفرق الترجمة الانجليزية بين الكلمتين "لورد" التي تعني الله و"لورد" التي تعني سيد باستخدام الحرف الكبير في بداية الكلمة "Lord" و"lord".
                    والأمثلة كما يلي:.

                    (Psalms 110:1 The LORD said unto my Lord, .......) (KJV).

                    في الترجمة العربية المشتركة :

                    (مزمور 110: 1 " قالَ الرّبُّ لسيِّدي الملِكِ: (( إجلسْ عَنْ يَميني حتى أجعَلَ أعداءَكَ مَوطِئًا لِقدَمَيكَ))").

                    فكلمة لورد الأولى تم ترجمتها إلى ربي ( الله ) والثانية إلى سيدي( شخص).

                    بالمثل ترجمتها ترجمة الكاثوليك إلى ( قال الرب لسيدي الملك ), بينما نسخة "سميث فان دايك" ترجمة الكلمتين إلى ربي فجاء العدد:
                    (مزمور 110 : 1.قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك.) !!.

                    وبالطبع باقي التراجم تفسر أن ربي الثانية المقصود بها سيدي أو سيدي الملك.

                    كما جاء قول سارة عن إبراهيم عليه السلام في سفر التكوين ( سيدي قد شاخ ), ولفظ ( سيدي ) هو ترجمة "لورد " (lord ).
                    (تكوين 18: 12 فضَحِكَت سارةُ في نَفْسِها قائلةً: (( أَبَعْدَ هَرَمي أَعِرفُ اللَّذَّة، وسَيَدّي قد شاخ؟ )) ).

                    ( Gen.18: 12 ) Sarah laughed within herself, saying, After I am waxed old shall I have pleasure, my lord being old also? ( KJV).



                    بذلك كلمة رب حسب الكتاب المقدس, لا تعني بالضرورة أن المقصود بها الله تعالى. هذا مع أنه لم يقل المسيح في أي مرة "أنا الله" أو "أنا إله" أو "أنا الرب".


                    معنى ابن الله وأبناء الله في الكتاب المقدس:

                    جاء تعبير ابن الله وأبناء الله مرات كثيرة بالعهد الجديد والعهد القديم مشيرا" إلى القرب من الله أو إلى كل عبد مخلص لله تعالى ولم يكن هذا التعبير مختصا" بأحد فقد أعطي اللقب ليعقوب وسليمان وآدم وأفرايم وعامة الناس الصالحين أيضا" والأمثلة كما يلي:
                    1- يعقوب ( إسرائيل ) هو ابن الله البكر:( خروج 4: 22 وقُلْ لِفِرعَونَ هذا ما قالَ الرّبُّ: ((إِسرائيلُ اَبْني البِكْرُ)))

                    2- أفرايم هو ابن الله البكر: (إرميا 31: 9 أنا أبٌ لإسرائيلَ وأفرايمُ بِكْرٌ لي.).
                    ( أيهما البكر حسب الكتاب المقدس إسرائيل أم أفرايم ؟!).

                    3-سليمان هو ابن الله : (صموئيل الثاني 7: 14 أنا أكونُ لَه أبًا وهوَ يكونُ لي اَبنًا.).

                    4- آدم هو ابن الله : آدمَ، اَبنِ اللهِ. ( لوقا 3 : 38 بن انوش بن شيت بن آدم ابن الله )

                    5- بنو إسرائيل آلهة ( لأنهم ينفذون شرع الله ) وأبناؤه لأنهم أحباؤه (مزامير 82: 6 أنا قلتُ أنتُم آلهةٌ وبَنو العليِّ كُلُّكُم.).

                    6- الصالحين (متى 5: 45 فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الّذي في السَّماواتِ. ).
                    7-(متى 5: 48 فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ.).

                    8- (التثنية 14: 1 أنتُم أبناءُ الرّبِّ إلهِكُم ).

                    9- (رسالة فيلبي 2: 15 حتّى تكونوا أنقِياءَ لا لَومَ علَيكُم وأبناءَ اللهِ بِلا عَيبٍِ ....).

                    10-(رسالة يوحنا الأولى 3: 1-2 أنظُروا كم أحَبَّنا الآبُ حتّى نُدعى أبناءَ اللهِ، ونحنُ بِالحقيقَةِ أبناؤُهُ. إذا كانَ العالَمُ لا يَعرِفُنا، فلأنَّهُ لا يَعرِفُ اللهَ. يا أحبّائي، نَحنُ الآنَ أبناءُ اللهِ. ).



                    كتب شيخ الاسلام ابن تيمية: " ولفظ الابن عندهم في كتبهم يراد به من رباه الله تبارك وتعالى فلا يطلق عندهم في كلام الأنبياء لفظ الابن قط إلا على مخلوق محدث ولا يطلق إلا على الناسوت دون اللاهوت فيسمى عندهم إسرائيل ابنا وداود ابنا لله والحواريون كذلك ".[6]

                    نخرج من ذلك بأن اللقب " ابن الله " حسب لغة الكتاب المقدس لا يختص بالمسيح عليه السلام بل تم إطلاقه على الأنبياء والعباد الصالحين.



                    فمن الذي أخرج لقب "ابن الله" من المعنى المجازي الذي يعني العباد الصالحين بوجه عام, إلى معنى محدد يختص به المسيح بمفرده "ابن الله الوحيد" !؟, بالطبع لم يكن المسيح عليه السلام , بل الذي فعل هذا هو يوحنا بقوله:

                    (يوحنا 3 : 16 لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ...!).
                    فلم يقل المسيح " أنا ابن الله الوحيد " أو " أنا ابن الله بالمعنى الحرفي" أو "إن أبي الله وأباكم ليس الله" أو " "أنا مولود من الله ".



                    ما الذي قاله المسيح عليه السلام ؟

                    أقوال المسيح في العهد الجديد واضحة وكلها تشير إلى أن هناك من هو أعظم منه, أرسله وعلمه ويؤيده بالمعجزات ويستجيب له في الدعاء .

                    1- ( لوقا 18 : 19 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. )

                    2- (مرقس 12 : 29 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.)

                    3- ( يوحنا 7 : 16 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي. )

                    4-( يوحنا 5 : 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. )

                    5-( يوحنا 5 : 37 وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. .....).

                    6- ( يوحنا 13 : 16 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.)

                    7- ( لوقا 4 : 43 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».).
                    8- ( يوحنا 14 : 28 لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي. )

                    9-( يوحنا 8 : 40 وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. )

                    10- ( مرقس 7 : 7 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. )



                    11- ( يوحنا 20 : 17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». )
                    12- ( مرقس 13 : 32 وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ. )

                    13-وقال لله وهو يناجيه: ( يوحنا 17 : 3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)

                    14- وقال لله (( يوحنا 17 : 4 ..... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)

                    15- وقال لله ((( يوحنا 17 : 8 لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. )
                    16-وقال لله وهو يناجيه: ( يوحنا 11 : 41-42 وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي , وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                    17-وقال لله وهو يناجيه وهو يصلي ( لمن يصلي ؟): ( متى 26 : 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»....42 وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ»)

                    18-وقال لله وهو على الصليب (حسب الكتاب المقدس ): ( مرقس 15 : 34 وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِلُوِي إِلُوِي لَمَ شَبَقْتَنِي؟» (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) .


                    فالكلمات السابقة كلمات رسول لله وليست كلمات من الممكن نسبها لله تعالى أو لإله , والجمل واضحة وصريحة ولا يصح نقضها إلا بتصريحات متعارضة واضحة, فلا يكون الرد على الواضح المحكم الصريح بألفاظ وأقوال متشابهة غير واضحة, كما لو كان المسيح عليه السلام عجز أن يصرح عن ألوهيته بوضوح وصرح عن بشريته بكل وضوح وصراحة.
                    ما الذي كان يجب أن يقوله المسيح أكثر مما سبق لينفي ألوهيته حيث قال أنا إنسان كلمكم بما سمعه من الله وأنا رسول وهناك من أرسلني ولا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا ولا أعلم عن الساعة شيئًا وصلي وخرَ على وجهه ساجدًا لله وشكر الله لأنه استجاب لدعائه وشكر الله على أنه أيده بالمعجزات ليؤمنوا أنه رسول من عند الله ، وقال: أنا صاعد إلى أبي وأبيكم إلهي وإلهكم !, فمن إله المسيح ومن ربه الذي كان يصلي ويسجد له ؟؟.

                    والتبرير بالصفات الإنسانية والإلهية لا يصلح, فلم يقل المسيح أنا لاهوت وناسوت, أو أنا أملك طبيعيتين غير ممتزجتين ولا منفصلتين ؟.
                    السؤال الذي نوجهه لعلماء المسيحية هو "كيف عرفتم ألوهية المسيح ؟", ونحن لن نتحدث عن صحة الكتاب المقدس أثناء نقاش أدلتكم التي تستندون لها بل سنعتبر الكتاب المقدس مصدرا" موثوقا" به, وذلك لأننا على ثقة كبيرة من أن المسيح لم يقل أنا إله أو أنا الله, ولم يجرؤ أحد أن ينسب له هذا القول!.



                    كيف آمنتم بألوهية المسيح ؟؟

                    ننتظر الإجابة لتكون: " لقد عرفنا ألوهية المسيح عن طريق" :
                    أ- أقواله الصريحة.

                    ب- أقواله المجازية.
                    ج- أفعاله ومعجزاته.
                    د- أقوال وأفعال من حوله.



                    أ- أقواله الصريحة:
                    هل قال المسيح أنا الرب أو أنا الله أو أنا الإله !؟.
                    بالطبع لم يقل هذا, وجاءت الإجابة عن سبب عدم التصريح أنه هو الله من (الأنبا شنودة) في كتابه (سنوات مع أسئلة الناس- الجزء أ- أسئلة لاهوتية وعقائدية) . فقد وضع السؤال والجواب كالتالي:
                    ("سؤال : كيف نصدق لاهوت المسيح ، بينما هو نفسه لم يقل عن نفسه إنه إله ، ولا قال للناس أعبدونى ؟ جواب : لو قال عن نفسه أنه إله، لرجموه. ولو قال للناس " أعبدونى " لرجموه أيضاً، وانتهت رسالته قبل أن تبدأ.") كما في الصورة المرفقة من الكتاب [7].


                    صورة ضوئية من كتاب – سنوات مع أسئلة الناس – جزء أ – البابا شنودة.



                    أي أن الرب كان خائفا" من أن يعلن أنه هو الله فيتم رجمه بالحجارة فيقتلوه وتتعطل عملية الفداء وتخسر البشرية!!.
                    بينما جاء رد القس عبد المسيح بسيط- كاهن كنيسة العذراء بمسطرد في كتاب يحمل اسم " هل قال المسيح إني أنا ربكم فاعبدوني ؟ " كالتالي :
                    (" وللإجابة على هذا السؤال نقول:
                    1- لو كان المسيح قد أعلن ذلك صراحة فهل كان سيصدقه اليهود ؟
                    2- وهل كانوا سيقدمون له العبادة على الفور ؟..")[8].
                    وإجابة الكاهن توضح أنه لم يكن هناك داع لأن يقول أنا الله لأن اليهود لم يكونوا سيصدقونه!!.

                    ولا داعي للتعليق على تبرير كلاهما, ويكفينا اعترافهم أن المسيح عليه السلام لم يقل لهم (أنا الله) أو (أنا إله) أو( أنا الرب) أو (أنا أقنوم) أو (أنا رب العالمين).



                    ب- أقواله المجازية.
                    يقول النصارى, لقد عبر المسيح عن ألوهيته تعبيرا" مجازيا" كما في الأقوال الآتية:


                    1 –قول المسيح ( يوحنا 10 : 30 أَنَا وَالآبُ وَاحِد), والتي فهم منها اليهود أنه يدعي الألوهية فحاولوا أن يرجموه كذلك قوله بعدها ( يوحنا 10 : 38 .. فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه ).

                    ( يوحنا10 : 30 أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».31فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضاً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. 32فَقَالَ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» 33أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ 36فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟37 إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فلاَ تُؤْمِنُوا بِي.38 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ».
                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول: التعبير " أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ»." يعني الوحدة في الهدف وسبق أن أطلقه المسيح على الحواريين أثناء توجه المسيح عليه السلام بدعاء الله فقال:

                    ( يوحنا 17 : 21 لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. 22 وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23 أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.).
                    فالوحدة لا تتعدى وحدة مجازية في الهدف, وإلا كان جميع الحواريين مع المسيح مع الله أقانيم.
                    الوجه الثاني : القول (وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه) قول مجازي والدليل قول المسيح عليه السلام في الأعداد السابقة عن الحواريين: (لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا ) و (أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ ).
                    الوجه الثالث : اليهود قالوا له نرجمك لأنك إنسان وجعلت نفسك إلها" وقد رد عليهم المسيح موضحا لهم ومذكرا" (أن من يحملون كلمة الله من أنبياء ورسل يطلق عليهم آلهة, فقال لهم:ألم يقل عنكم الله أنكم آلهة وأولاد الله كلكم ؟). وهو يقصد (مز82: 6"أنا قلتُ أنتُم (أيها اليهود)آلهةٌ وبَنو العليِّ كُلُّكُم").
                    الوجه الرابع : في اليونانية يوجد كلمتين بمعنى ( واحد ), الأولى بمعنى( واحد في العدد ), والثانية (واحد في الهدف).
                    (واحد في الهدف=One in goal =( εν,( واحد في العدد= "εις = One in umber “unity).
                    قول المسيح في يوحنا 10:30 "أنا والآب واحد" في النص اليوناني أصل الترجمة :

                    (εγω και ο πατηρ εν εσμεν --http://www.biblegateway.com/ )

                    فاللفظ يعني الوحدة في الهدف لاستخدامه εν .
                    وإن قارنا مع نص آخر في انجيل مرقس 12 : 29 حينما خاطب المسيح بني إسرائيل قائلا لهم
                    " الرب الهنا رب واحد" نجد الكاتب يستخدم كلمة εις المختلفة لبيان انه واحد في العدد كما يلي :

                    ( κυριος ο θεος ημων κυριος εις εστιν --
                    http://www.biblegateway.com/ )

                    الوجه الخامس : أعلن المسيح عليه السلام في النص أن الله تعالى أرسله وأعطاه مجد وقدسه وهناك تغاير بين الله تعالى المرسل والمعطي وبين الرسول المنعم عليه.


                    2- قول المسيح (يوحنا 14 : 9 اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ).

                    ( يوحنا 14 : 8 قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا». 9 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟ ).

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : أمام إصرار أحد الحواريين على رؤية الآب ( الآب حسب العهد الجديد هو الله الذي أرسل المسيح) والمسيح يعلم أن الله لا يراه أحد كما جاء في العهد القديم (خروج 33: 20- أمَّا وجهي فلا تقدِرُ أنْ تراهُ، لأنَّ الذي يراني لا يعيشُ.). وفي قول يوحنا: ( يوحنا 1 : 18 اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ ).

                    فجاء رد المسيح ردا" مجازيا" مثل أقواله المجازية التالية:

                    أ-( لوقا 10 : 16 اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي»)

                    ب-( يوحنا 13 : 20 ... الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».)

                    ج- ( يوحنا 12 : 44 فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.45 وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. ).فالأقوال كلها لا تحتمل الوحدة.
                    الوجه الثاني : الرؤية تأتي بمعنى الإيمان, مثل "رأيت الحق" و"رأيت الطريق الصواب", كما جاء في ( 3 يوحنا 1 : 11 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ. ) والمقصود بتعبير "فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ " المجاز وليس الحقيقة لأنه لم يبصر الله باقي المؤمنين.
                    الوجه الثالث : أقوال المسيح الواضحة التي تنفي الألوهية أقوى من أن يناقضها تعبيرات مجازية تحتمل أكثر من معنى, وتكرار ذكر المسيح أن هناك من أرسله أربعة وثلاثين مرة في العهد الجديد والمُرسل غير الرسول أكبر دليل على نفيه الألوهية ودعوى تساوي الأقانيم.
                    الوجه الرابع : هل من الممكن أن يكون المسيح قد قضى سنوات وسط الحواريين ولم يعرفوا أن الله معهم ولم يصرح أي من كتبة الأناجيل بذلك بعد المسيح بعشرات السنين !, أم أن المنطقي أن الألوهية نسبت للسيد المسيح من أناس لم يقابلوه ولم يعرفوه حق المعرفة ؟ كما يقول توم هاربر في كتابه "من أجل المسيح"xe "Harpur, Tom": "في الحقيقة، إن قرأت الإنجيل الذي كتبه مرقس كاملاً وبعناية فإنك ستجد أن التلاميذ كانوا بعيدين كل البعد عن إدراك الألوهية التي نسبت إلى عيسى لاحقاً."[9]



                    3- قول المسيح: («مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ ).

                    ( يوحنا 18 : 36 أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا».

                    الرد :

                    أنبياء الله تعالى وعباده الصالحون ينتظرون جزاء الآخرة ولا يبحثون عن ملك الدنيا, وقال المسيح نفس القول على الحواريين فقال: ( يوحنا 15 : 19 لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ.) وقال : ( يوحنا : 17 : 16 لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ. ).


                    4- قول المسيح : قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».

                    ( يوحنا 8 : 56 أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». 57 فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».)

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : تكلم العهد الجديد عن " ملكي صادق[10] " بأنه ليس له نهاية ولا بداية وبدون أب وبدون أم وقدم له إبراهيم الزكاة: (عبرانيين 7 : 1 لأَنَّ مَلْكِي صَادِقَ هَذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِي اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ رَاجِعاً مِنْ كَسْرَةِ الْمُلُوكِ وَبَارَكَهُ،2 الَّذِي قَسَمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عُشْراً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْمُتَرْجَمَ أَوَّلاً «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضاً «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ مَلِكَ السَّلاَمِ 3 بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هَذَا يَبْقَى كَاهِناً إِلَى الأَبَدِ. ) لذلك حسب النص السابق فهو أحق بالألوهية !.

                    الوجه الثاني : قال بولس عن نفسه وعن آخرين (أفسس 1: 4 كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين). وعلى نفس القياس فبولس من قبل العالم !!.

                    الوجه الثالث : المقصود بالعبارة السابقة إن صحت, أن الله تعالى أخبر إبراهيم بمن يأتون من نسله من أنبياء ومنهم المسيح. فلو كان المسيح إلها" كما يدعون, كان من الغريب القول بأن إبراهيم الذي هو نبي الله سيتهلل بأن يرى يوم الإله المتجسد !.
                    الوجه الرابع : الكل موجود منذ الأزل في علم الله تعالى كما جاء في )إرمياء 1 : 5 [قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيّاً لِلشُّعُوبِ].

                    الوجه الخامس : بعد قول المسيح " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " أراد اليهود رجمه فهرب منهم, فإن كان عنده القدرة على الهرب, لماذا لم يقل لهم أنا الله ؟ أو أنا أقنوم من أقانيم الثالوث ؟ فلم يكن هذا القول ليعطل عملية الفداء وكل ما كان عليه أن يهرب كما فعل, أو يساق للصليب ويكتمل الفداء كما يقولون أن هذا سبب نزوله وتجسده !؟.
                    الوجه السادس : أقوال المسيح الصريحة أقوى من الألفاظ المجازية العديدة التي يستدلون بها, فقال المسيح عليه السلام : أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله, وأنا ذاهب إلى إلهي وإلهكم, فهل مثل هذه الأقوال الواضحة يتم مجابهتها بتعبيرات رمزية تحتمل العديد من المعاني!؟.
                    وهي عبارة لا تزيد عن أنا كائن في علم الله مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام : "كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد.".[11]



                    5 –قول المسيح :«يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».

                    يقول مرقس( 2: 5فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 6وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: 7«لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟»).

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : حسب العهد القديم, لقد أعطى الله للكهنة غفران الذنوب, ولا يزال هذا الأمر ساريا عند آباء الاعتراف في بعض الكنائس, فبعد الاعتراف يصرح الكاهن للمعترف أن ذنبه مغفور.

                    ( لاويين 4 : 35 وَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي اخْطَا فَيُصْفَحُ عَنْهُ.)

                    (سفر العدد 15 : 25 فَيُكَفِّرُ الكَاهِنُ عَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ لأَنَّهُ كَانَ سَهْواً. )

                    ولقد غفر أشعياء لجميع الشعب فقال( إشعياء 33 : 24 وَلاَ يَقُولُ سَاكِنٌ: «أَنَا مَرِضْتُ». الشَّعْبُ السَّاكِنُ فِيهَا مَغْفُورُ الإِثْمِ. )

                    ملاحظة: الأفعال ( يغفر ويكفر ويصفح ) هي ترجمة لكلمة واحدة بالإنجليزية (Forgive ), وبالترجمة العربية يتم ترجمتها (غفر) حينما تنسب لله تعالى أو للسيد المسيح بينما يتم ترجمتها (يصفح أو يعفو) حينما تنسب للكهنة. ويمكن مراجعة أي نسخة أجنبية للتحقق من وحدة مصدر الكلمة (Forgive ) والانتقاء في الترجمة !.

                    الوجه الثاني : المسيح عليه السلام لم يقل ( أنا غفرت لك ), بل قال مَغْفُورَةٌ فالفاعل في الجملة يعود على الله تعالى فقد كان يكلم جماعة من المؤمنين ولم يكن هناك داع لأن يقول لهم أن غفَّار الذنوب هو الله, ولكن تصيَّدَ له بعض اليهود هذه الجملة وقالوا في أنفسهم («لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟») فلم يكن هناك اتفاق بين اليهود على أن المسيح يدعي غفران الذنوب.
                    الوجه الثالث : المسيح عليه السلام كان يُعلمهم ويصحِّح لهم عقيدتهم، فهو لم يأت بدين جديد: (متى 5: 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.).

                    الوجه الرابع: توجه المسيح عليه السلام بالدعاء إلى الله في أوقات آخرى طالبا" من الله أن يغفر الخطايا فقال: (متى 6 : 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.)

                    الوجه الخامس : دعا المسيح عليه السلام لليهود بالمغفرة حسب العهد الجديد وقت الصلب المزعوم فقال:

                    ( لوقا 23 : 34 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»), فلم يقل أنا غفرت لهم, بل طلب من الله أن يغفر لهم!!.

                    الوجه السادس : بين المسيح عليه السلام في أكثر من موضع أن الذي يغفر الذنوب هو الله تعالى, فلم يقل أنا أغفر لكم. فقال : (متى 6 : 14 فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي).

                    وقال : ( مرقس 11 : 25 ومتى وقفتم تصلّون فاغفروا إن كان لكم على احد شيء لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السموات زلاتكم).

                    سؤال: إن كان اعتقاد النصارى أن المصلوب هو الله, فهل يعتقدون أن الله (عندهم) استجاب لنفسه عندما دعى نفسه أن يغفر لليهود!؟ فيصبح اليهود الذين صلبوه في الجنة !؟.



                    6- قول المسيح:(«أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ)

                    ( يوحنا 14 : 5 قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» 6 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.)

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : رسل الله هم الطريق إلى الله تعالى, وهم الطريق إلى الحياة الأبدية.
                    الوجه الثاني : الطريق والحياة والقيامة ليسوا من أسماء الله تعالى, والطريق ليس نهاية المطاف بل هو وسيلة للوصول إلى الله تعالى, ولقد بين المسيح أنه هو الطريق إلى الآب فقال " لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي", فالمسيح هو الطريق لمن أرسله.

                    الوجه الثالث : لم يذكر المسيح مرة واحدة أي شيء يميزه عن باقي رسل الله بل قال: ( يوحنا 8 : 40 وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ.), وقال ينبغي أن أبشر المدن الأخرى لأنني لهذا أرسلت ولم يقل لكي أموت على الصليب,( لوقا 4 : 43 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».).


                    7 – قول المسيح في أكثر من موضع ( أنا هو )!.
                    يقول النصارى قول المسيح (أنا هو), هو إعلان عن ألوهيته!!, وذلك مثل قوله : "أنا هو خبز الحياة" و"أنا هو القيامة والحياة " وبعض المقولات التي تضمنتها أحاديثه مع العامة ومع تلاميذه.
                    مع العلم أن اللفظ باليونانية: ( إيجو إيمي ) , وقد نشأت هذه الشبهة من التراجم الإنجليزية وذلك لأنه بالترجمة الإنجليزية إن قلت ( أنا طالب) فأنت تقول ( I am a student ),ومن الممكن أن تتم ترجمتها حرفيا" بالمعنى ( أنا أكون طالب ), وقد قاموا بترجمة مثل هذه الجملة عندما تشير إلى المسيح بطريقة (أنا أكون!), وقالوا إن معناها أن المسيح يقول (أنا الله) لأنه قال (أنا أكون) !!.
                    الرد من ستة أوجه:
                    الوجه الأول: المسيح عليه السلام لم يكن عاجزا" عن التعبير بوضوح.
                    الوجه الثاني: أقوال المسيح الواضحة بيناها في أول الفصل وقد قام بتكرار قوله ( أنا إنسان ) وقوله ( إلهي وإلهكم ) وغيرها مما ينفي عنه أي شبهة عن إعلان الألوهية.
                    الوجه الثالث: أقوال المسيح بعد القول (أنا) أو (أنا هو كما يقومون بترجمتها ) تنفي الألوهية وكمثال: ( يوحنا 8: 28-29 فقالَ لهُم: متى رفَعتُمُ اَبنَ الإنسانِ عَرَفْتُم أنِّي أنا هوَ، وأنِّي لا أعمَلُ شيئًا مِنْ عِندي ولا أقولُ إلاَ ما عَلَّمَني الآبُ. والآبُ الّذي أرسَلَني هوَ مَعي وما تَركني وَحدي، لأنِّي في كُلِّ حينٍ أعمَلُ ما يُرضيهِ).
                    الوجه الرابع : جاءت أقوال للعديد من الأشخاص في العهد الجديد (أنا هو) ولم يقل أحد أنهم يعلنون ألوهيتهم, فقالها الحواريون وقالها يهوذا وقالها الرجل الأعمى بنفس اللفظ ( إيجو إيمي ) ( I am).
                    (متى 26 : 22 فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب.)(رب تعني سيد أو معلم).
                    ( متى 26 : 25 فأجاب يهوذا مسلمه وقال هل أنا هو يا سيدي...).

                    ( يوحنا 9 : 8. فالجيران والذين كانوا يرونه قبلا انه كان أعمى قالوا أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي.9 آخرون قالوا هذا هو.وآخرون انه يشبهه.وأما هو فقال إني أنا هو. ).
                    الوجه الخامس: جاء نفس اللفظ في العهد القديم:

                    ( تكوين 27 : 24 وقال هل أنت هو ابني عيسو.فقال أنا هو.).
                    ( ملوك أول 18 : 8 فقال له أنا هو.اذهب وقل لسيدك هو ذا إيليا.).



                    8- قول المسيح:( ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضا)ً.
                    ( مرقس 2 : 27 ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ.28 إِذاً ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضاً».)

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : اللفظ ( رب ) يعني "سيد" أو "معلم" أو "صاحب", وهو ترجمة "لورد" بالإنجليزية ( Lord) وكيريوس باليونانية. حتى إن التراجم العربية الحديثة ترجمتها كالتالي :
                    العربية المشتركة : ( متى : 12 : 8 فاَبنُ الإنسانِ هوَ سيِّدُ السَّبتِ).
                    الكاثوليكية : ( متى 12 : 8 فَابنُ الإِنسانِ سَيِّدُ السَّبْت ).
                    الوجه الثاني : استنكر اليهود قيام تلاميذ المسيح بالعمل في السبت المحرم العمل فيه حسب اليهود, فقال المسيح : ( ابن الإنسان هو رب السبت أيضا). فلا يزيد المعنى عن أن المسيح هو المعلم في السبت أو السيد المسئول عن نقل التشريع بصفته نبي.
                    الوجه الثالث : لم يفهم أي من التلاميذ أو من اليهود أي معنى مخالف لهذا القول, فلم يقل تلميذ من التلاميذ لقد أعلن المسيح لاهوته أو تساءل أحد منهم هل هو الله لأنه يقول هذا !؟, فكان وقع الجملة سواء على التلاميذ أو على كاتب الإنجيل لا يستحق الإشارة له, بل إن إنجيل يوحنا لم يذكر الحدث أما إنجيل لوقا فبعد ذكره للجملة انتقل إلى أحداث في الأسبوع الذي يليه مما يبين أنه لا أهمية للموقف بالمرة ولم يفهم أي منهم أنه بهذا يعلن سلطته أو سلطانه أو لاهوته.

                    ( لوقا 6 : 5 وقال لهم إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضا 6 وفي سبت آخر دخل المجمع وصار يعلم.وكان هناك رجل يده اليمنى يابسة.7 وكان الكتبة والفريسيون يراقبونه هل يشفي في السبت لكي يجدوا عليه شكاية..) بينما في إنجيل متى ذكر نفس الأحداث في نفس اليوم في تناقض واختلاف واضح!! ( متى 12 : 8 فان ابن الإنسان هو رب السبت أيضا 9 ثم انصرف من هناك وجاء إلى مجمعهم.10 وإذا إنسان يده يابسة.فسألوه قائلين هل يحل الإبراء في السبوت.لكي يشتكوا عليه.).
                    الوجه الرابع : لقب "ابن الإنسان" كرره المسيح عن نفسه في الأربعة أناجيل ثمانين مرة, وهو التعبير المعتاد عن البشرية ونفي الألوهية وربما كررها المسيح كل هذا العدد, لأنه يعلم من الله تعالى أنهم سيعبدونه باطلا" !! فقد قال: ( مرقس 7 : 7 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. )

                    الوجه الخامس : هل عجز المسيح طوال وقته ودعوته لمدة ثلاث سنوات من أن يصرح تصريحا" واضحا", حتى ولو كان على الصليب كما يدعون, أو بعد قيامته كما يزعمون ؟
                    هل عجز في أي موضع أو وقت أن يقول "أنا الله وسأصعد إلى الله لأننا أقنومان وثالثنا الروح القدس"!؟
                    هل عجز أن يقول "أنا رب العالمين"؟ أو " أنا كلمة الله المتجسدة" ؟
                    هل عجز أن يقول "أنا أتيت من أجل خطيئة آدم" ؟
                    ما الذي كان من الممكن أن يقوله أكثر من هذا لينفي الألوهية التي ادعوها عليه لاحقا" ( أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه, وباطلا" يعبدونني, وإني أصعد إلى أبي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ, وأَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ولاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. ) ؟.



                    بسم الله الرحمن الرحيم "وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)" المائدة.



                    ج - أفعال المسيح ومعجزاته عليه السلام:

                    يستدل النصارى على ألوهية المسيح من معجزاته مثل قيامه بشفاء المرضى وإكثار الطعام القليل ليكفي الكثير من الناس وبإحياء الموتى.

                    الرد من ثلاثة أوجه:
                    الوجه الأول: هل سبق لبعض الأنبياء عمل معجزات مشابهة ؟

                    الوجه الثاني: هل نسب المسيح هذه المعجزات لنفسه أم قال إن الله هو الذي مكنه منها ؟
                    الوجه الثالث: هل هناك مواقف للسيد المسيح تؤكد عجزه وقصور قدرته ؟.


                    الوجه الأول:

                    أرسل الله تعالى الرسل وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدق رسالتهم وقد ذكر العهد القديم العديد من المعجزات المشابهة لمعجزات المسيح عليه السلام قام بها أنبياء ولم يدع أحد ألوهيتهم وكمثال:
                    أ- صبي كان ميتا" وأحياه أحد أنبياء العهد القديم ( أليشع ) بإذن الله تعالى:

                    ( الملوك الثاني 4: 32 وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيِّتٌ وَمُضْطَجِعٌ عَلَى سَرِيرِهِ...35 ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ).

                    ب- نبي أخر من أنبياء العهد القديم "إيليا" أحيا الموتى بإذن الله تعالى:

                    (الملوك الأول 17: 21-22 وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ ثَلاثَ مرَّاتٍ وصرَخ إلى الرّبِّ وقالَ: ((أيُّها الرّبُّ إلهي، لِتَعُدْ رُوحُ الصَّبيِّ إليهِ)). فاَستَجابَ الرّبُّ لَه، فعادَت روحُ الصَّبيِّ إليهِ وعاشَ.).

                    ج- جعل "إيليا" قصعة دقيق وخابية من الزيت لا ينفدان لأيام عديدة:

                    (الملوك الأول 17: 14 فالرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ قالَ: قَصعَةُ الدَّقيقِ عِندَكِ لا تفرَغُ، وخابيَةُ الزَّيتِ لا تَنقُصُ إلى أنْ يُرسِلَ الرّبَّ مطَرًا.)

                    د- جاء عن "إيليا" و"اليشع" في ( الملوك الثاني 2 : 7 ووقف كلاهما بجانب الأردن ، وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء ، فانفلق إلي هنا وهناك فعبر كلاهما في اليبس ).

                    هـ- نبي الله موسى عليه السلام أجرى الله على يده الكثير من المعجزات التي تفرد بها ولم يؤت أي نبي مثلها, مثل شق البحر وتحويل العصا إلى ثعبان.

                    و- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومعلوم أن المسيح نفسه لم تكن له آيات مثل آيات موسى فضلا عن الحواريين فإن أعظم آيات المسيح عليه السلام إحياء الموتى وهذه الآية قد شاركه فيها غيره من الأنبياء كإلياس وغيره, وأهل الكتاب عندهم في كتبهم أن غير المسيح أحيا الله على يديه الموتى وموسى بن عمران من جملة آياته العصا التي انقلبت فصارت ثعبانا مبينا حتى بلعت الحبال والعصي التي للسحرة وكان غير مرة يلقيها فتصير ثعبانا ثم يمسكها فتعود عصا, ومعلوم أن هذه آية لم تكن لغيره وهي أعظم من إحياء الموتى فإن الإنسان كانت فيه الحياة فإذا عاش فقد عاد إلى مثل حاله الأول والله تعالى يحيي الموتى بإقامتهم من قبورهم وقد أحيا غير واحد من الموتى في الدنيا, وأما انقلاب خشبة تصير حيوانا ثم تعود خشبة مرة بعد مرة وتبتلع الحبال والعصي فهذا أعجب من حياة الميت, وأيضا فالله قد أخبر أنه أحيا من الموتى على يد موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل أعظم ممن أحياهم على يد المسيح قال تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [55] ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة : 56] وقال تعالى : فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [البقرة : 73]., وأيضا فموسى عليه الصلاة والسلام كان يخرج يده بيضاء من غير سوء وهذا أعظم من إبراء أثر البرص الذي فعله المسيح عليه السلام فإن البرص مرض معتاد وإنما العجب الإبراء منه وأما بياض اليد من غير برص ثم عودها إلى حالها الأول ففيه أمران عجيبان لا يعرف لهما نظير, وأيضا فموسى فلق الله له البحر حتى عبر فيه بنو إسرائيل وغرق فيه فرعون وجنوده وهذا أمر باهر فيه من عظمة هذه الآية ومن إهلاك الله لعدو موسى ما لم يكن مثله للمسيح, وأيضا فموسى كان الله يطعمهم على يده المن والسلوى مع كثرة بني إسرائيل ويفجر لهم بضربه للحجر كل يوم اثني عشر عينا يكفيهم, وهذا أعظم من إنزال المسيح عليه السلام للمائدة ومن قلب الماء خمرا ونحو ذلك مما يحكى عنه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, وكان لموسى في عدوه من القمل والضفادع والدم وسائر الآيات ما لم يكن مثله للمسيح.[12]

                    ما سبق أمثلة من العهد القديم عن المعجزات التي قام بها الأنبياء, ولم يدع أتباعهم أن هذه المعجزات هي دليل على الألوهية.

                    الوجه الثاني:

                    توجه المسيح بالدعاء إلى الله ليؤيده بالمعجزات ونسب القدرة إلى الله تعالى كما يلي:

                    أ- في الموقف الوارد بإنجيل يوحنا, عندما أخبروا المسيح عن الميت (الذي أحياه بإذن الله تعالى), توجه المسيح عليه السلام ببصره إلى السماء يدعو الله تعالى ويشكر الله تعالى على استجابته له وتأييده له بالمعجزات حتى يؤمنوا أنه أرسله ( وليس ليؤمنوا أنه الله ) فقال: ( لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي) أي ليؤمنوا أنه رسول الله إليهم.
                    ( يوحنا 11 : 41 فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42 وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». 43 وَلَمَّا قَالَ هَذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً» 44 فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ».)

                    ب- أكد المسيح أنه لا يستطيع فعل شيء بدون تأييد الله تعالى سلطته وقوته لله تعالى فقال:

                    1- ( متى 28 : 18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ )

                    فمن الذي أعطاه السلطان ؟.
                    2- ( يوحنا 5 : 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً..)

                    3- ( متى 12 : 28 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ! )

                    4- ( لوقا 11 : 20 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. )

                    5- ( يوحنا 5 : 19 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ.).

                    ج- جاءت شهادة الحواري بطرس عن المسيح عليه السلام أنه رجلا" أيده الله بالمعجزات وليس إلها" يقوم بالمعجزات: ( أعمال الرسل 2: 22 يا بَني إِسرائيلَ اَسمَعوا هذا الكلامَ: كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلاً أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ.).



                    الجانب الثالث:

                    سنذكر ثلاثة مواقف من العهد الجديد ينفيان ألوهية المسيح عن طريق بيان ضعف قدرته البشرية وعجزه المنافي لادعاء الألوهية:

                    1- استولى الشيطان على المسيح وأخذه ليجربه لمدة أربعين يوما", ليتأكد من أنه ابن الله أم لا !‍‍, وقال له اسجد لي فأعطيك ممالك الأرض, فقال المسيح للشيطان: لا, فالسجود لله وحده.

                    والنص التالي يسرد كيف أن الشيطان جربه وأخذه وأقامه وأقعده وأراه وطلب منه السجود ثم تركه !!.

                    ( متى 4 : 1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَاعَ أَخِيراً. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً». 4فَأَجَابَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ». 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضاً: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ. )‍!!.


                    2- جاع المسيح وهو في الطريق فرأى شجرة تين فذهب ليأكل منها هو والتلاميذ فوجدها فارغة لا ثمار فيها لأنه لم يكن أوان التين ( كان يجهل الأوان ولم يرها جيدا" من بعيد !), فما الذي فعله ؟ قال لها لتكوني مثمرة طوال العام ؟؟ ...لا بل قال لها لا يكون منك ثمر أبدا" فيبست الشجرة‍‍.
                    فلو كانت عنده المقدرة وصحت الرواية لماذا لم يجعلها مثمرة ويحول المكان إلى حديقة لينعم تلاميذه ولماذا لم يتركها ليستظل بها من يريد ؟.

                    تعليقات النصارى على هذا الموضوع ( لأن المسيح لا يستخدم لاهوته لصالح ناسوته ولكن يستخدمه للجميع, مثل موضوع إكثار الطعام !).

                    والرد ولماذا لم يجعلها مثمرة للتلاميذ ؟ ولماذا مشى قبلها على الماء واستعمل لاهوته من أجل ناسوته في ذلك ؟ ومن الذي قال لكم هذا التبرير ؟ ومن الذي ذكر لاهوته وناسوته وفي أي انجيل وردت ؟.
                    ( مرقس 11 : 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَراً بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُونَ.)



                    3- المسيح عليه السلام ترك الحواريين وذهب ليصلي (لمن كان يصلي المسيح ؟) ويتضرع إلى الله, وامتلأ عرقا" فأرسل الله له ملاكا ليقويه (هل يرسل الله إلى الله ملاكا" من مخلوقاته ليقويه ؟).

                    ( لوقا 22 : 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)





                    د . أقوال وأفعال المعاصرين للمسيح:

                    بالرغم من كافة الأدلة والبراهين السابقة, أحيانا" تجد من يقدم أسبابا" للألوهية مناقضة لجميع أقوال وأفعال المسيح ويعطي هذه الأقوال أهمية أكثر من أقوال المسيح نفسه:

                    1- يقول النصارى : ظهر المسيح بعد حادثة الصلب, وأصر توما على التأكد من شخصيته, وعندما تأكد صرخ "ربي وإلهي" مما يؤكد ألوهية المسيح.

                    ( يوحنا 20 : 28 27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». 28أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».030وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.)

                    الرد من عدة أوجه:

                    الوجه الأول : الصيحة "ربي وإلهي" هي صيحة تعجب ودهشة وليست نداء, فهذه الصيحة من المعتاد قولها تعبيرا" عن الدهشة ( الله, يا رب, يا الله ), والتعبير باللغة الإنجليزية أصل الترجمة مشهور جدا"" My God" بمعنى "يا إلهي", ويقال عند اكتشاف شيء غريب غير متوقع.

                    الوجه الثاني : هل من المنطقي أن يكون الله أو الرب قضى معهم ثلاث سنوات ولم يتبينوا أنه هو الرب, هل هذا منطقي؟.
                    لقد بدأ المسيح الدعوة عندما كان عمره ثلاثون عاما" وقبل أن يصل لهذا العمر لم يلاحظوا شيئا" غريبا" عليه (لوقا3: 23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً...) , وبالنسخ الإنجليزية والتراجم الحديثة كما سيتم العرض,( ولما ابتدأ يسوع خدمته أو رسالته), أي أنه قبل أن يبلغ الثلاثين كان إنسانا" عاديا" يعمل ويدور في شوارع أورشليم, وبعد أن بدأ رسالته في سن الثلاثين استمر معهم ما يزيد عن ثلاث سنوات وفي آخر الثلاث سنوات يكتشفون أنه إله!. ( ما الذي يجعل الإله يستمر في العمل حتى سن الثلاثين ثم يبدأ الدعوة ثم الفداء ؟).
                    نجد في النص السابق, أصحاب ترجمة ( سميث فان دايك ) , شعروا بالخجل من كتابة ( ابتدأ خدمته), ولكن الترجمة (العربية المبسطة) كتبت : ( لوقا 3 : 23 كَانَ يَسُوعُ فِي نَحْوِ الثَّلاَثِيْنَ مِنْ عُمرِهِ عِندَمَا ابتَدَأَ خِدمَتَهُ. وَكَانَ النَّاسُ يَظُنُّونَ أنَّهُ ابنُ يُوسُفَ...), ما معنى يظنون أنه ابن يوسف !؟. وكذلك الترجمة (العربية المشتركة) : ( لوقا 3 : 23 وكانَ يَسوعُ في نحوِ الثَّلاثينَ مِنَ العُمرِ عِندَما بدَأَ رِسالتَهُ. وكانَ النـّاسُ يَحسِبونَهُ إِبنَ يوسُفَ..)., وكذلك الترجمة (الكاثوليكية) كتبت : ( لوقا 3 : 23 وكانَ يسوعُ عِندَ بَدءِ رِسالتِه، في نَحوِ الثَّلاثينَ مِن عُمرِه، وكانَ النَّاسُ يَحسَبونَه ابنَ يوسف..).
                    الوجه الثالث : في النص "أجاب توما", فعن ماذا أجاب ولم يكن هناك سؤال ؟! أم أنه كان هناك سؤال محذوف ؟؟.

                    الوجه الرابع : حسب مفهوم العهد القديم والجديد كما بينا في أول الفصل (رب) و(إله) لا يختصان بالله تعالى وحده.

                    الوجه الخامس : صرح بطرس الحواري بعدها قائلا": ( أعمال الرسل 2: 22.. كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلاً أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ.)

                    الوجه الخامس : سنفترض جدلا" أن توما والتلاميذ اكتشفوا أخيرا" أن المسيح هو الله, وذلك بعد عدة سنوات قضوها معه, ما الذي كان سيتم عمله بعد هذا الاكتشاف العظيم ؟.

                    بالطبع كان على كاتب الإنجيل أن يبرز ويبين هذه اللحظة, فقد اكتشفوا أن من معهم هو الله ( حسب قولهم ), فما الذي كتبه في الفقرة التالية كاتب الإنجيل ( المجهول ) بعد القول "ربي وإلهي" !؟ ( يوحنا 20 : 30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.), لقد قال إنه كتب هذه لتؤمنوا أن يسوع هو ابن الله ( التي تحدثنا عن معناها رجل صالح بار, نبي.), فلم يكن هناك أي اهتمام بذكر أن الحواريين اكتشفوا شيئا" جديدا" أو أن من كان معهم يشرب ويأكل ويهرب هو الإله, ولم يكتب يوحنا لتعلموا أن المسيح هو الله المتجسد ليكفر عن الخطيئة وهو أقنوم من الثالوث وهو إله والروح القدس إله و...الخ, فهل معنى هذا أن كاتب الإنجيل عرف شيئا" مختلفا" في هذا الموقف ؟؟.

                    أما الذي فعله التلميذ الذي صرخ قائلا" ""ربي وإلهي"" ( ويحاولون إظهار الموقف كما لو كان رأى الله أو اكتشف أن من معه هو الله !), هو أنه ذهب ليصطاد سمك مع باقي التلاميذ!.
                    فهل هذا معناه اكتشاف شيء غريب غير معتاد !؟.

                    ( يوحنا 21 : 1 بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ وَابْنَا زَبْدِي وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضاً مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئاً.).


                    الملاحظ أن كتبة الأناجيل لم يكونوا من التلاميذ (الحواريين), ونلاحظ عند قراءة أحداث الصلب حسب العهد الجديد أن التلاميذ هربوا فور القبض عليه حتى إن احدهم جرى عاريا" , فلم يكن الحواريون شهود عيان على أي أحداث ولم يكن كتبة الأناجيل معاصرين للمسيح عليه السلام!!.
                    أ- ( متى 26 : 56 ....حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا ).

                    ب- ( مرقس 15 : 50 فتركه الجميع وهربوا. 51 وتبعه شاب لابسا إزارا على عريه فامسكه الشبان.

                    52 فترك الإزار وهرب منهم عريانا).



                    2- يقول النصارى: لقد تقبل المسيح العبادة بأن سمح للبعض أن يسجدوا له, مما يعني أنه إله !.

                    ( متى 14 : 33 وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ!».)

                    ( متى 15 : 25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!»)

                    الرد من عدة أوجه:

                    الوجه الأول : هناك سجود عبادة وسجود تحية وتعظيم وهذا النوع كان شائعا" عند اليهود وكان موجودا" بكثرة في العهد القديم ومن أمثلته:

                    1- أخوة يوسف سجدوا له: ( تكوين 42 : 6 وكان يوسف هو المسلّط على الأرض وهو البائع لكل شعب الأرض.فأتى أخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض).

                    2- النبي لوط يسجد لملاكين ويقول لهما عبدكما: ( تكوين 19 : 1 فجاء الملاكان إلى سدوم مساء وكان لوط جالسا في باب سدوم.فلما رآهما لوط قام لاستقبالهما وسجد بوجهه إلى الأرض 2 وقال يا سيّديّ ميلا الى بيت عبدكما وبيتا واغسلا ارجلكما..)

                    3- النبي سليمان يسجد لامرأة( ملوك الأول 2 : 19 فدخلت بثشبع إلى الملك سليمان لتكلمه عن ادونيا.فقام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه.).

                    4- النبي إبراهيم يسجد للشعب: ( تكوين 23 : 7 فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض ...).

                    5- اولاد يعقوب يسجدون لعيسو (عمهم): ( تكوين 33 : 7 ثم اقتربت ليئة أيضا وأولادها وسجدوا.وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا. ).

                    الوجه الثاني : إن كان السجود سجود عبادة فكيف يعبدوه ويبصقون عليه ويضربونه في نفس الوقت ؟.
                    1- ( مرقس 15 : 19 وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ.).

                    2- ( مرقس 14 : 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ.)

                    الوجه الثالث : حسب إنجيل متى لقد سجد له المجوس, ولم يعتبروه إلها" ( متى 2 : 2...إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ.)

                    الوجه الرابع : لمن كان يسجد ويصلي المسيح !!؟

                    ( متى 26 : 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي.)



                    3- يقول النصارى: جاء في رؤيا يوحنا أن يوحنا اللاهوتي سمع في رؤيته المسيح يقول ما يثبت ألوهيته فقال: ( رؤيا 22 : 13 أنا الألف والياء.البداية والنهاية.الأول والآخر.).

                    الرد:

                    سفر الرؤيا هو عبارة عن رؤيا رآها يوحنا, أثناء وجوده في جزيرة منعزلة, في الفترة من 100 إلى 110 ميلادية, وخلال هذه الرؤيا وصف أشياء غريبة منها أنه وجد حيوانات لها سبعة رؤوس وخروفا له سبعة أعين وغيرها من الأشياء الغريبة, وتأتي الطامة الكبرى في أنه رأى خروفا بجوار العرش وعرف أن هذا الخروف (حسب الرؤيا), هو رب الأرباب وملك الملوك وهو المستحق للعبادة وهو الذي يرعى المؤمنين.

                    (رؤيا 17 : 14 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون.)

                    ( رؤيا 22 : 3 ولا تكون لعنة ما في ما بعد.وعرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه.)

                    فمن يقتنع أن المسيح عليه السلام لم يعلن أنه إله طوال السنوات التي قضاها مع الحواريين, ثم جاء في الرؤيا أو في الحلم ليوحنا المجهول بعد واقعة الصلب بحوالي 70 عاما", ليخبره أنه هو الإله في هذا النوع من الرؤى , فليقتنع ولا يلومن إلا نفسه !!.



                    4- يقول النصارى: لقد كتب يوحنا في بداية الإنجيل "في البدء كان الكلمة والكلمة هو الله ".

                    ( يوحنا 1 : 1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.)

                    حيث إن لفظ " الكلمة " أو "اللوجوس" بمعنى "العقل" يطلق على المسيح.

                    الرد من عدة أوجه:
                    الوجه الأول : العبارة غير مفهومة فإذا كانت الكلمة عند الله كيف تكون هي الله !؟

                    بالتعويض في العبارة بوضع الكلمة مكان الله ( طالما الكلمة هي الله ) نحصل على النص التالي:

                    في البدء كان الله وكان الله عند الله وكان الله الله ...!!..ولا تعليق.

                    الوجه الثاني : هذه العبارة نسبت إلى يوحنا, ولم تكن من أقوال المسيح عليه السلام.

                    الوجه الثالث : أين الروح القدس ؟ وهو حسب الاعتقاد وقانون الإيمان إله متساوٍ معهم وله نفس القدرة.

                    الوجه الرابع : إن كان يقصد يوحنا بهذا العدد أن يقول لنا إن (عيسى والله هم واحد متساوٍ), فما الذي نفهمه من قول المسيح في نفس الإنجيل: ( يوحنا 20 : 17 … إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». )
                    وقوله: (يوحنا8 :40 ... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ.).

                    الوجه الخامس : أتى يوحنا بهذا القول الفلسفي غير المفهوم من فيلسوف يهودي ينسب له هذا القول عاش في القرن الأول الميلادي في الإسكندرية ( يسمى فيليو السكندري ), وقاله متأثرا" بالفلسفة الأفلاطونية القائلة بأن الله أول خلق قام به هو خلق الحكمة(اللوجوس), والحكمة هي التي خلقت الكون.

                    فقد كتب وول ديورانت في موسوعة قصة الحضارة عن فيليو السكندري :

                    "" وكان فيلو فيلسوفاً أكثر مما كان رجل دين، وكان صوفياً....وكان فيلو يتأرجح بين الفلسفة واللاهوت، وبين التجريد والتجسيد، ولهذا كان يفكر في العقل الإلهي مرة كأنه شخص وفي ساعة من ساعات نشوته الشعرية يسميه أول ما ولد الله"...... ويقول إنه عن طريق الكلمة كشف الله عن نفسه للإنسان.

                    ولقد كانت "عقيدة العقل الإلهي" التي يقول بها فيلو من الآراء ذات الأثر الأكبر في تاريخ التفكير البشري. ولرأيه هذا سابقات واضحة في فلسفة هرقليطس وأفلاطون، والرواقيين؛ وأكبر الظن أنه كان يعرف الآداب اليهودية التي نشأت في العصر القريب من عصره، والتي جعلت من حكمة الله بوصفه خالق الكون شخصاً محدداً مميزاً.

                    وكان فيلو معاصراً للمسيح ويلوح أنه لم يسمع قط عنه، ولكنه قد أسهم على غير علم منه في تكوين اللاهوت المسيحي.

                    ولقد حاول فيلو أن يوفق بين اليهودية والفلسفة الهلينية؛ فأما من وجهة النظر اليهودية فقد أخفق في مسعاه وأما من وجهة النظر التاريخية فقد أفلح، وكانت ثمرة فلاحه هي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا"".[13]



                    5- يدعي النصارى أنه جاء في القرآن أن المسيح هو كلمة الله وروح منه مما يعني أنه هو الله !!

                    أحيانا" يلجأ الجانب النصراني للادعاء أن ألوهية المسيح واضحة وجلية ومن الممكن إثباتها من القرآن!, ومن الضلال البين أن نجد مادة تسمى "لاهوت المسيح في القرآن" تدرس في بعض الكليات الأكليريكية !. وخلاصة المنهج الادعاء بأن القرآن في ظاهره ينفي الألوهية, ولكن في باطنه يقول بألوهية المسيح !.وكمثال للأدلة الواهية التي يقدموها:

                    أ- تم ذكر المسيح بالقرآن الكريم ( عيسى ) خمس وعشرون مرة ولم يأت اسم محمد( عليه الصلاة والسلام ) إلا أربع مرات !, كما ورد اسم السيدة العذراء واحد وثلاثين مرة ولم يأت ذكر أم الرسول عليه الصلاة والسلام !.
                    والرد أنه لو كان القرآن من عند محمد عليه الصلاة والسلام لوضع فيه اسمه واسم من يشاء من أقاربه وأحبائه !! , فهذا ليس دليلا لكم بل هو دليل على صدق القرآن الكريم وأنه ليس من اختلاق محمد عليه الصلاة والسلام كما أن إبراهيم عليه السلام ورد اسمه ثلاثة وستون مرة وموسى عليه السلام ورد اسمه مائة وواحد وثلاثون مرة فهل يكون القرآن يخفي ألوهية موسى عليه السلام !؟.

                    ب- جاءت آية في القرآن تقول: إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [آل عمران : 45] , فبذلك بين القرآن أن عيسى كلمة الله وروح من الله نفسه فيكون بذلك هو الله !!.
                    والرد: جاء المعنى في التفسير الميسر:
                    وما كنت - يا نبي الله - هناك حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يُبَشِّرْكِ بولد يكون وجوده بكلمة من الله , أي يقول له: "كن", فيكون, اسمه المسيح عيسى ابن مريم, له الجاه العظيم في الدنيا والآخرة, ومن المقربين عند الله يوم القيامة.

                    يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم, ولا تقولوا على الله إلا الحق,. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق, وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم, وهي قوله: "كن", فكان, وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه( روح ), فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له.



                    وقد تم وضع الرد كاملا" في نهاية الفصل الثالث في الرد على محاولات إثبات التثليث من القرآن !.
                    وسيأتي تفصيل معنى الروح في القرآن الكريم في الفصل السابع واختصارا" , جاءت الروح بمعنى:
                    1- نسمة الحياة في قوله تعالى :فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ [الحجر : 29]

                    2- جبريل عليه السلام: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء : 193]

                    3- الوحي: يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ [النحل : 2].



                    --------------------------------------------------------------

                    [1] شيخ الإسلام ابن تيمية- اقتضاء الصراط المستقيم

                    [2] فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد.عبد الرحمن بن حسن آل شيخ.ص 38

                    [3] شبهات وهمية حول سفر الخروج . القس منيس عبد النور

                    [4] مختار الصحاح للرازي.. باب ربب.

                    [5] القس منيس عبد النور - شبهات وهمية حول سفر الخروج

                    [6] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح- الجزء الثاني - فصل في معنى الاب.

                    [7] سنوات مع أسئلة الناس أ- أسئلة لاهوتية وعقائدية- البابا شنودة الثالث –ص 46 .

                    [8] هل قال المسيح إني أنا ربكم فاعبدوني - ص 7/8 - عبد المسيح بسيط أبو الخير- كاهن كنيسة العذراء بمسطرد).



                    [9] من أجل المسيح، ص 59 - For Christ’s Sake, pp. 59

                    [10] جاء في دائرة المعارف الكتابية – إصدار دار الثقافة - ملكي صادق شخصية كتابية غامضة، واسمه معناه : "ملك البر" وأيضاً "ملك السلام" (عب 7: 2). ويذكر ملكي صادق عدة مرات في الكتاب المقدس (تك 14: 18- 20، مز 110: 4، عب 5: 10، 6: 20، 7: 1- 17).

                    [11] أحمد 17075 – صححه الألباني - رقم: 4581 في صحيح الجامع– ومثله في الترمذي 3968 وصححه الألباني .

                    [12] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – ج2 –ص 227/228

                    [13] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 11– ص103-105- الهيئة المصرية العامة للكتاب. ,وعلى الانترنت ص3807-3809 في الرابط
                    http://www.civilizationstory.com/civilization/)

                    تعليق


                    • #40
                      تضارب وتناقض العلاقة بين الله والرب

                      تضارب وتناقض العلاقة بين الله والرب !!
                      في الإسلام: الله هو الرب. فالمسلم يعبد الله الذي هو الإله الحقيقي الخالق والمتحكم والمالك لكل شيء فهو نفسه رب العالمين, قال الله تعالى : " الحمد لله رب العالمين ."(2) الفاتحة.
                      {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (102) سورة الأنعام
                      في المسيحية :
                      أتت أقوال بولس في العهد الجديد تنسب الربوبية للمسيح عليه السلام , وبالرغم من أنه حسب قانون الإيمان " الآب إله والابن إله", كذلك " الآب رب والابن رب", لم يقل بولس "الإله أرسل الإله", بل جاء بأقوال تتضمن علاقة بين الإله والرب مثل : "الله أقام الرب من الموت .....الخ.

                      أمثلة :

                      1- الرب مات وأقامه الله من الموت !.

                      (رومية 10 : 9 لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ.)

                      ( العبرانيين 13 : 20 َإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ.).

                      2- الله أعطى للرب سلطانا ومجدا وكرامة !!

                      ( 2 بطرس 1 :17 لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً،... )

                      ( 1 بطرس 1 : 21 أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْداً..)

                      3- الرب يخضع لله !!
                      ( 1 كورنثوس 15 : 28 وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. )

                      4 - الله أبو الرب!
                      ( 2 كورنثوس 11 : 31 اَللَّهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،..).

                      5- الرب جالس عن يمين الله !
                      ( افسس 1 : 20 الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوَِّاتِ،)
                      6- التداخل !

                      ( أعمال 5 : 30 إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 31 هَذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيساً وَمُخَلِّصاً لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا.( .

                      (1 كورنثوس 2 : 8...... لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ.).

                      ( 1 كورنثوس 8: 6 لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ. ).



                      لذلك حسب العقيدة المسيحية من النصوص السابقة: الله الذي هو المسيح جالس عن يمين الله ولكنهم واحد, وأحدهم سيخضع للآخر ولكنهم متساويان, وقد رفع أحدهم الآخر إلى السماء ولكن لا تمايز في قدراتهما, وقد أرسل أحدهما الآخر ولكن كلاهما جوهر واحد, وأحدهم مولود من الآخر ولكن قبل الولادة كان كلاهما موجود, ومن له المجد تم صلبه وقتله, والله أعظم من المسيح الذي هو الله, والله يعلم موعد القيامة ولكن المسيح الذي هو الله لا يعلمها, ولا يوجد إلا إله واحد ولكن الآب إله والابن إله والروح القدس إله, ولا يوجد إلا رب واحد ولكن هناك ثلاثة كل منهم رب, والإله الوحيد " الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ" أرسل الرب الوحيد " الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ ", وقال الرب عند الصلب ( مرقس 15 : 34 .. إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) ولما لم يجد مجيبا" له قال قبل أن يموت ( لوقا 23 : 46 قال يا أبتاه في يديك استودع روحي.ولما قال هذا اسلم الروح) ومات, ولكن كان هذا من أجل خطيئة الأكل من الشجرة !!!.


                      ما هذا ؟ اعطني عقلك ! هل يمكن أن يكون هذا دين ؟ أو توحيد ؟ أو عقل , أو أي شيء !!؟؟.
                      وكما قال أحد علماء الفرنجة : خلاصة المسيحية أن الله قتل الله لإرضاء الله !!! .

                      أما القاعدة الاساسية للإيمان فهي: ( فيلمون 2 : 14 اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، 15 لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ. (



                      كيف تم تأليه المسيح ؟!

                      نقدم أولا" بعض الأمثلة التاريخية عن معتقد تأليه الأشخاص والملوك في التاريخ اليوناني والروماني في عهد نشوء وازدهار المسيحية:
                      جاء بقصة الحضارة عن "الاسكندر الاكبر": وكان أكبر شاهد على ارتداده عن دينه أو على حسن سياسته هو جهره بألوهيته؛ وذلك أنه بعث في عام 324 (قبل الميلاد )إلى جميع الدول اليونانية, يبلغها أنه يرغب في أن يعترف به من ذلك الوقت ابناً لزيوس - أمون. وصُدعت معظم الدول بما أمرت، ولم ترَ في الأمر أكثر من لقب صوري، بل إن الإسبارطيين المعاندين أنفسهم لم يخرجوا على الأمر وقالوا في أنفسهم: "فليكن الإسكندر إلهاً إذا شاء". ولم يكن تأليه إنسان ما، بمعنى لفظ الألوهية عند اليونان، ليرفع من شأنه كثيراً؛ ذلك أن الهوة التي تفصل بين الإنسانية والألوهية لم تكن وقتئذ واسعة كما أضحت في الأديان الحديثة. ولقد جمع كثيرون من اليونان بين الصفتين، ومن هؤلاء هبوداميا، وأوديب، وأخيل، وإجينيا، وهلن. كذلك كان المصريون يحسبون فراعنتهم آلهة؛... ولقد أكد كهنة سيوة، وديديما ، وبابل، وهم الذين يعتقد الناس فيهم أن لديهم مصادر خاصة يستقون منها أمثال هذه الأنباء، أنه من نسل الآلهة.[1]



                      كما جاء بقصة الحضارة عن "كاليجولا" الامبراطور الروماني, الذي حكم من 37- 41 ميلادية.
                      وآخر ما لجأ إليه كالجيولا من العبث أن أعلن أنه إله معبود لا يقل شأناً عن جوبتر نفسه، وحُطمت رؤوس التماثيل الشهيرة المقامة لجوف وغيره من الأرباب، ووضعت في مكانها رؤوس للإمبراطور. وكان يسره أن يجلس في هيكل كاستر وبلكس ويتلقى عبادة الناس. .. وأقام هيكلاً لعبادته.[2]



                      وجاء بقصة الحضارة عن "بولس": ولقد أنشأ بولس لاهوتاً لا نجد له إلا أسانيد غامضة أشد الغموض في أقوال المسيح. وكانت العوامل التي أوحت إليه بالأسس التي أقام عليها ذلك اللاهوت هي انقباض نفسه، وندمه، والصورة التي استحال إليها المسيح في خياله؛ ولعله قد تأثر بنبذ الأفلاطونية والرواقية للمادة والجسم واعتبارهما شراً وخبثاً؛ ولعله تذكر السنة اليهودية والوثنية سنة التضحية الفدائية للتكفير عن خطايا الناس: أما هذه الأسس فأهمها أن كل ابن أنثى يرث خطيئة آدم، وأن لا شيء ينجيه من العذاب الأبدي إلا موت ابن الله ليكفر بموته عن خطيئته . وتلك فكرة كانت أكثر قبولاً لدى الوثنيين منها لدى اليهود، ولقد كانت مصر، وآسية الصغرى، وبلاد اليونان تؤمن بالآلهة من زمن بعيد - تؤمن بأوزريس، وأتيس وديونيشس - التي ماتت لتفتدي بموتها بني الإنسان. وكانت ألقاب مثل سوتر (المنقذ) واليوثريوس (المنجي) تُطلق على هذه الآلهة، وكان لفظ كريوس Kyrios (الرب) الذي سمى به بولس المسيح هو اللفظ الذي تطلقه الطقوس اليونانية - السوريّة على ديونيشس الميت الُمفتدى، ولم يكن في وسع غير اليهود من أهل إنطاكية وسواها من المُدن اليونانية، الذين لم يعرفوا عيسى بجسمه، أن يؤمنوا به إلا كما آمنوا بآلهتهم المنقذين، ولهذا ناداهم بولس بقوله: "هو ذا سر أقوله لكم".
                      وأضاف بولس إلى هذا اللاهوت الشعبي المؤسس بعض آراء صوفية غامضة كانت قد ذاعت بين الناس بعد انتشار سفر الحكمة، وفلسفة افليمون. من ذلك قول بولس إن المسيح هو "حكمة الله" و"ابن الله الأول بكر كل خليقة، فانه فيه خلق الكل... الكل به وله قد خلق، الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل"، وليس هو المسيح المنتظر "المسيا" اليهودي، الذي سينجي إسرائيل من الأسر، بل هو الكلمة الذي سينجي الناس كلهم بموته. وقد استطاع بولس بهذه التفسيرات كلها أن يغض النظر عن حياة يسوع الواقعية وعن أقواله التي لم يسمعها منه مباشرة، واستطاع بذلك أن يقف على قدم المساواة مع الرسل الأولين، الذين لم يكونوا يجارونه في آرائه الميتافيزيقية. لقد كان في وسعه أن يخلع على حياة المسيح وعلى حياة الإنسان نفسه أدواراً عليا في مسرحية فخمة تشمل النفوس على بكرة أبيها والأبدية بأجمعها. وكان في وسعه فوق هذا أن يجيب عن الأسئلة المربكة أسئلة الذين قالوا إنه إذا كان المسيح إلهاً حقاً فلم رضي أن يُقتل؟ فقال: إن المسيح قد قُتل ليفتدي بموته العالم الذي استحوذ عليه الشيطان بسبب خطيئة آدم. فكان لابد أن يموت ليحطم أغلال الموت، ويفتح أبواب السماء لكل مَن نالوا رضوان الله.[3]



                      لذلك يعتبر "بولس" هو المؤسس الأول للديانة المسيحية بوضعها الحالي حتى أن "مايكل هارت" صاحب كتاب (المائة الأكثر تأثيراً في التاريخ ), وضع محمد عليه الصلاة والسلام في المرتبة الأولى، ومن ثم بولس، ثم عيسى (عليه الصلاة والسلام) بعد بولس. فهو أدرك مثل أغلب العلماء في الغرب أن بولس يستحق فضلاً أكبر من "المسيح" نفسه فيما يخص المسيحية.



                      الخلاصة:

                      أ- أمر عيسى (عليه السلام) البشرية خلال حياته التي قضاها على الأرض أن يلتزموا بدين موسى بشكل تام إلى نهاية الزمن بلا تساهل. ( متى 5 :17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. ) ولم يطلب منهم العبادة ولم يصرح إلا انه بشر رسول من عند الله تعالى.
                      ب- جاء بولس الذي لم يقابل المسيح وادعى أن تعاليمه تلقاها بالوحي: (غلاطية 1: 11 فاعلَموا، أيُّها الإخوَةُ، أنَّ البِشارَةَ الّتي بَشَّرتُكُم بِها غَيرُ صادِرَةٍ عَنِ البَشَرِ. فأنا ما تَلقَّيتُها ولا أخَذتُها عَنْ إنسانٍ، بَلْ عَنْ وَحيٍ مِنْ يَسوعَ المَسيحِ.)

                      ج- اختلف بولس مع الحواريين تلاميذ المسيح عليه السلام ووصفهم أنهم كانوا مضللين ومنافقين(غلاطية 2 : 11وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُوماً. 12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفاً مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضاً، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضاً انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14لَكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيّاً لاَ يَهُودِيّاً، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟»)

                      د- خالف بولس وصايا المسيح مناديا" بأن المهم هو الإيمان وليس إتباع الوصايا :

                      (رومية 3: 28 فنَحنُ نَعتَقِدُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ بِالإيمانِ، لا بِالعَمَلِ بأحكامِ الشَّريعةِ.)

                      ( غلاطية 2 : 16 لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.).

                      حتى أنه خالف المسيح فقال علانية من يختتن لن ينفعه المسيح في شيء !!

                      ( غلاطية : 5 : 2 ها انا بولس أقول لكم انه ان اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا.)

                      د- اعترف بولس أنه كان قادراً وراغباً في كسب المعتنقين الجدد لديانته بشتى الوسائل المتاحة له:

                      (1كورنثوس 9: 20 فَصِرتُ لليَهودِ يَهودِيّاً لأربَحَ اليَهودَ، وصِرتُ لأهلِ الشَّريعةِ مِنْ أهلِ الشَّريعةِ وإنْ كُنتُ لا أخضَعُ للشَّريعةِ لأربَحَ أهلَ الشَّريعةِ......22..وصِرتُ لِلنّاسِ كُلِّهم كُلَّ شيءٍ لأُخلِّصَ بَعضَهُم بِكُلِّ وسيلَةٍ.)

                      هـ- خصوم بولس من الحواريين كانوا يبشرون بـ"بشارة أخرى" ويدعون للإيمان بالمسيح عليه السلام كنبي ورسول لله, فكانت أقوال بولس: (غلاطية ا: 9 كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضا إن كان احد يبشركم في غير ما قبلتم فليكن اناثيما).,وقال : (2 كورنثوس 11: 4-6 .. فلَو جاءَكُم أحَدٌ يُبَشِّركُم بِـيَسوعَ آخرَ غَيرِ الّذي بَشَّرناكُم بِه، أو يَعرُضُ علَيكُم رُوحًا غَيرَ الّذي نِلتُموهُ، وبِشارَةً غَيرَ الّتي تَلقَّيتُموها. لكُنتُم احتَملتُموهُ أحسنَ احتِمالٍ. ولا أظُنُّ أنِّي أقَلُّ شأْنًا مِنْ أُولئِكَ الرُّسُلِ العِظامِ!.) , فخصوم بولس الذين كانوا يبشرون بـ"بشارة أخرى" ويدعون للإيمان بـ"يسوع آخر". من الواضح أنهم كانوا على درجة عالية من الثقة عند الناس فقد اشار إليهم بتعبير (الرُّسُلِ العِظامِ) فالواضح أنهم كانوا تلاميذ المسيح.

                      و- حصل أتباع بولس على السلطة والتأثير في روما في القرن الرابع الميلادي, وقاموا بتصفية كل المخالفين في الرأي, وتم اختيار رسائل بولس والأناجيل المتوافقة معها لتكون أساس العهد الجديد.

                      ز- احتلت أقوال بولس المكانة الأولى في التشريع المسيحي بالرغم من أن عيسى عليه السلام لم يعرف بولس أبداً, ومعلومات بولس عن عيسى كانت شحيحةً لدرجة أنه لم يستشهد بأقواله إلا مرة واحدة في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 11: 26.



                      -----------------------------------------------------

                      [1] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 8– ص 533- الهيئة المصرية للكتاب.,وعلى الانترنت ص 2612 في الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/).

                      [2] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 10– ص 112- الهيئة المصرية للكتاب.,وعلى الانترنت ص 3349 .

                      [3] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 11– ص 264-266- الهيئة المصرية العامة للكتاب.,وعلى الانترنت ص 3961-3963.

                      تعليق


                      • #41
                        أدلة نبوة المسيح عليه السلام
                        أدلة نبوة المسيح عليه السلام :

                        1-( لوقا 4 : 24 : «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولاً فِي وَطَنِهِ. )

                        2-( يوحنا 5 : 37 وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. .....).



                        3-( يوحنا 7 : 16 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي. )

                        4-( يوحنا 13 : 16 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. )

                        5ـ-( لوقا 4 : 43 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».)

                        6-( يوحنا 14 : 28 لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي. )

                        7-( يوحنا 8 : 40 وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. )

                        8-( مرقس 7 : 7 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. )

                        9-( يوحنا 20 : 17 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». )
                        10-( يوحنا 17 : 3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
                        11-( يوحنا 11 : 41-42 وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي , وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                        12-( متى 26 : 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»....42 وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». )

                        13- جاء في إنجيل لوقا أن المسيح بعدما أحيا الميت بإذن الله, قالوا ( لوقا 7 : 16فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ) .

                        14-جاء في( متى 21 : 10 10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ». )


                        فهذه شهادة المسيح عن نفسه وشهادة من حوله عنه عليه الصلاة والسلام, فما الذي كان عليه أن يقوله أكثر مما قال لبيان أنه: لا إله إلا الله, عيسى نبي الله ورسوله, أرسله الله تعالى رسولا" إلى بني إسرائيل وأظهر المعجزات على يديه ليؤمنوا بصدق نبوته.



                        قال الله تعالى: في سورة "مريم": قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36).

                        تعليق


                        • #42
                          الفصل السابع : ألوهية الروح القدس
                          التعريف بالروح القدس (حسب العقيدة المسيحية):

                          جاء في قاموس الكتاب المقدس: "يعلمنا الكتاب المقدس بكل وضوح عن ذاتية الروح القدس، وعن ألوهيته، فنسب إليه أسماء الله كالحي، ونسب إليه الصفات الإلهية كالعلم، ونسب إليه الأعمال الإلهية كالخلق، ونسب إليه العبادة الواجبة لله، وإذ حبلت السيدة العذراء حبل بالمسيح فيها من الروح القدس، ولما كتب الأنبياء والرسل أسفار الكتاب المقدس، كانوا مسوقين من الروح القدس، الذي أرشدهم فيما كتبوا، وعضدهم وحفظهم من الخطأ، وفتح بصائرهم في بعـض الحـالات ليكتبوا عـن أمور مستقبلة".[1]




                          كتب القس يسي منصور: " إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، وهو ليس مجرد تأثير أو صفة أو قوة، بل هو ذات حقيقي، وشخص حي، وأقنوم متميز ولكنه غير منفصل، وهو وحدة أقنومية غير أقنوم الآب وغـير أقنوم الابن، ومسـاوٍ لهما في السـلطان والمقـام، ومشترك وإياهما في جوهر واحد ولاهوت واحد".[2]


                          وقد تم اعتماد ألوهية الروح القدس في عام 381م حينما انعقد مجمع القسطنطينية للنظر في قول أسقف القسطنطينية (مكدونيس ) الذي قال: "إن الروح القدس عمل إلهي منتشر في الكون، وليس أقنوماً متميزاً عن الأب والابن, وإنه كسائر المخلوقات". وقد تقرر في المجمع حرمان الأسقف وتجريده من وظائفه الكنسية، واتخذوا أحد أهم قرارات المجامع الكنسية، وهو تأليه الروح القدس، واعتبروه مكملاً للثالوث الأقدس، وقالوا: "ليس روح القدس عندنا بمعنى غير روح الله، وليس روح الله شيئاً غير حياته، فإذا قلنا إن روح القدس مخلوق فقد قلنا: إن الله مخلوق". (المرافعة السابقة تم بناءها على مغالطة في بدايتها وهي " أن الروح هي حياة الله" )!.

                          أما نص استدلال النصارى على ألوهية الروح القدس فهو ما كتبه يوحنا:( يوحنا 4 :24 الله روح ).
                          كما يعتقد النصارى أن الروح الذي تم ذكره في العهد القديم كان يشير إلى الاقنوم الثالث من الثالوث, ولم يتم فهمه أو إدراكه إلا في ضوء تعاليم العهد الجديد بعد الإقرار بالثالوث, مثل ما جاء في (تكوين : 1: 1 "في البدء خلق الله السماوات والأرض…وروح الله يرف على وجه الماء" ).


                          بعد أن تم أقرار ألوهية الروح القدس عام 381 ميلادية, ظهر نزاع آخر عام 879 ميلادية بسبب الاختلاف حول ( انبثاق الروح القدس ) , وانقسم النصارى إلى فريقين (الكاثوليك ويقولون إن الروح القدس من الآب والابن وعندما نشأ منهم البروتستانت آمنوا بنفس الاعتقاد )و (الأرثوذكس والروم كاثوليك ويعتقدون أن الروح القدس منبثق من الآب فقط) كما جاء بالتفصيل في الفصل الأول.



                          نقض أدلة ألوهية الروح القدس:
                          1- لم يذكر المسيح في أي موضع من الأناجيل أن الروح القدس إله, كما لم يذكر الثالوث.
                          2- لم يذكر أي من كتبة الأناجيل على لسانه أو على لسان الحواريين أن الروح القدس إله.
                          3- الاستدلال الوحيد على ألوهية الروح القدس جاء من نص وحيد في إنجيل يوحنا, ( بعد المسيح بحوالي 60 عاما") , يقول فيه " الله روح ", ولم يقل "إن الروح هو الله ", والفرق كبير بين التعبيرين, فإن (الله روح) تعني وصف لله تعالى مثل (الله نور), أما القول أن الروح هو الله فهو إقرار بألوهية الروح وهذا ما لم يذكر.
                          4- ورد بالعهد الجديد نصوص مثل " الله محبة " و "الله نور ", وبتطبيق نفس طريقة الاستدلال وجب أن يكون النور أقنوما" رابعا" فيكون (النور هو الله) , كذلك المحبة أقنوما" خامسا" وتكون (العاطفة هي الله).
                          ( يوحنا 4 : 24 الله روح.والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا.).
                          ( يوحنا 4 : 8 ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة.).
                          ( يوحنا 1 : 5 وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة.).

                          5- بولس الذي نادى بألوهية المسيح لم يخطر على فكره الثالوث أو ألوهية الروح القدس فقد قال في رسائله (عبد الله والرب يسوع) ولم يذكر انه "عبد الروح" أو يعلم أي شيء عن "الروح" أو "الثالوث" !.
                          أ- ( 1 كورنثوس 1 : 1 بُولُسُ الْمَدْعُوُّ رَسُولاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ... 3نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.).

                          ب-( 2 كورنثوس 1 : 1 بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ،....2 نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 3 مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ).

                          ج-( كولسوي 1 : 2 ...... نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.).

                          فهل من الطبيعي أن بولس لم يذكر أي شيء عن الروح القدس أو الثالوث ثم يقرر المجتمعون في القرن الرابع أن الروح القدس إله وله مجد متساو مع الآب والابن ؟!.
                          هل من الممكن أن يغفل المسيح ويغفل كتبة الأناجيل ويغفل بولس في رسائله عن الروح القدس, ثم يقال في القرن الرابع أن الروح القدس له مجد متساوٍ مع الآب والابن وإله كامل وأقنوم من الثالوث ؟.
                          6- ذكر العهد الجديد أن المسيح سيجلس عن يمين الله, فأين الروح القدس ولماذا تم تجاهله !؟

                          ( اعمال 7 : 56 فقال ها أنا انظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله).

                          7-ذكر يوحنا في رؤيته الخروف بجوار الله عند العرش كرمز للسيد المسيح, ولم يذكر أي شيء عن الروح: ( رؤيا 21 : 22 ولم أر فيها هيكلا لان الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها.23 والمدينة لا تحتاج الى الشمس ولا الى القمر ليضيئا فيها لان مجد الله قد انارها والخروف سراجها.)...أين الروح !؟.وأيضا"
                          ( رؤيا 22 : 1 واراني نهرا صافيا من ماء حياة لامعا كبلّور خارجا من عرش الله والخروف.)!!.
                          (رؤيا 22 : 3 ولا تكون لعنة ما في ما بعد.وعرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه.).

                          8- جاءت تعبيرات مثل (ملكوت الله والمسيح) فأين ملكوت "الروح القدس" إن كان له مجد متساو ؟
                          (افسس 5 : 5 فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هَذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ، الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاَللهِ.).

                          9- جاء في العهد الجديد أحب الله "الابن" وأنه أعطاه كل شيء فأين الروح ؟.

                          ( يوحنا 3 : 35 الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده.)

                          10- يبن لنا العهد الجديد أنه لا رسول إلا وهو أقل منزلة من مرسله, فقد قال المسيح: (يوحنا 13 :16 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. )
                          وقد بين العهد الجديد أيضا" أن الآب سيرسل الروح القدس ! , فهل لهما مجد متساوي كما تذكر قوانين الإيمان أم أن الآب ( راسل الرسل وصاحب العرش ), أعظم من الجميع الذين أرسلهم !؟.

                          ( يوحنا 14 : 26 وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب... ).
                          12- كيف يكون للروح القدس مجدا" متساويا" والله يعطيه ويمنحه لمن يطلبه منه.

                          ( لوقا 11 : 13 ..الآب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه ).



                          الروح والروح القدس في الكتاب المقدس والقرآن الكريم:

                          ذكرت الروح في العهد القديم والجديد بمفردها أو مضافة إلى الله تعالى ( روح الله ) أو مضافة للقدس (روح القدس), وكلها بمعان واضحة ومقبولة بعيدا" عن ادعاء الألوهية, فقد جاءت الروح حسب العهد القديم والجديد بمعنى:



                          1- الروح جاءت بمعنى نسمة الحياة:

                          أ-( الجامعة 12 : 7 فَيَرْجِعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ وَتَرْجِعُ الرُّوحُ إِلَى اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهَا.)
                          ب- ( مرقس 15 : 39 ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله انه صرخ هكذا واسلم الروح ).

                          ج- (كورنثوس 6 : 19أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ الله ).


                          ويماثلها في المعنى ما جاء بالقرآن الكريم:
                          وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء : 85]

                          فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ [الحجر : 29]


                          2- الروح جاءت بمعنى جبريل عليه السلام:
                          أ- ( زكريا 7 : 12 بل جعلوا قلبهم ماسا لئلا يسمعوا الشريعة والكلام الذي أرسله رب الجنود بروحه عن يد الأنبياء الأولين .).
                          ب- ( اعمال 10 : 38 يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم ابليس لان الله كان معه. ).
                          ((هل العبارة السابقة تعني أن يسوع هو الله والروح هو الله !؟)).
                          ج-( متى 1 : 18 لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس.)

                          د-( لوقا 2 : 26 وكان قد أوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب.)

                          هـ-( 1 صموئيل 10 : 6 فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول الى رجل آخر.)


                          ويماثلها في المعنى ما جاء بالقرآن الكريم والأحاديث الشريفة:
                          أ- (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء : 193]

                          ب- (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل : 102]

                          وروح القدس ( جبريل عليه السلام ), هو الذي أيد الله تعالى به عيسى عليه السلام كما جاء في الآية الكريمة:

                          (......وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ..... [البقرة : 87].

                          ج- دعا النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت فقال: ( اللهم أيده بروح القدس).[3]



                          3- الروح جاءت بمعنى الوحي والإلهام والحكمة :

                          أ- ( لوقا 1 : 67. وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلا)

                          ب- ( لوقا 4 : 1. أما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية ).

                          ج- ( لوقا 1 : 41 ......وامتلأت اليصابات من الروح القدس.)

                          د-( اعمال 21 : 4 ......وكانوا يقولون لبولس بالروح أن لا يصعد إلى اورشليم.). ( هل بولس كان ينقصه الروح !؟)
                          د-( متى 12 : 36 لان داود نفسه قال بالروح القدس ).


                          ويماثلها في المعنى ما جاء بالقرآن الكريم:
                          أ- يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ... [النحل : 2]



                          4- الروح جاءت بمعنى التأييد والثبات والقوة :

                          أ- ( قضاة 3 : 10 فكان عليه روح الرب وقضى لاسرائيل).

                          ب-( قضاة 14 : 6 فحلّ عليه روح الرب فشقه كشق الجدي).

                          ج-( لوقا 11 : 13 ..الآب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه ).


                          ويماثلها في المعنى ما جاء بالقرآن الكريم :
                          أ-قال تعالى عن المؤمنين ( ... أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ....[المجادلة : 22]



                          5 – الروح جاءت بمعنى الملائكة:

                          ( رؤيا 5 : 6. ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبعة أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض. ).
                          ( فهل هناك سبعة أرواح قدس ؟ وهل يكون كل منها روح الله !, التي فُسرت بمعنى حياة الله !؟).



                          6 – الروح جاءت بمعنى شيطان:

                          ( مرقس 1 : 23. وكان في مجمعهم رجل به روح نجس)



                          الخلاصة:

                          الروح سواء أكانت مضافة إلى الله، أم إلى القدس، أم بدون إضافة، فإن المعنى أنها صادرة عن الله تعالى, وكل ما سوى الله فهو مخلوق من مخلوقاته. ونسبة الروح لله بالقول (روح الله ) هي نسبة تعظيم، لا تأليه كالقول: جبال الله وارض الرب.
                          ( مزمور 36 : 6 عدلك مثل جبال الله ), ( هوشع 9 : 3 لا يسكنون في ارض الرب ).
                          ويماثلها في الإضافة ما جاء في قول الله تعالى:
                          ( ...هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَة ... [الأعراف : 73]، وقوله : (....وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ .. [الحج : 26].

                          تعليق


                          • #43
                            الفصل الثامن : تساؤلات حول شرائع الإسلام
                            1- حرية الاعتقاد

                            جاء في موسوعة قصة الحضارة – "وول ديورانت" عن فتح مصر في القرن السابع الميلادي: وكان المسيحيون اليعاقبة (الارثوذكس) في مصر قد قاسوا الأمرَّين من جراء اضطهاد بيزنطية (الكاثوليك )؛ ولهذا رحبوا بقدوم المسلمين، وأعانوهم على استيلاء منفيس، وأرشدوهم إلى الإسكندرية، ولما سقطت تلك المدينة في يد عمرو بعد حصار دام ثلاثة عشر شهراً (عام 641) .


                            ..حال عمرو بين العرب وبين نهب المدينة وفضل أن يفرض عليها الجزية. ولم يكن في وسعهِ أن يدرك أسباب الخلافات الدينية بين المذاهب المسيحية المختلفة، ولذلك منع أعوانه اليعاقبة ( الارثوذكس ) أن ينتقموا من خصومهم الملكانيين (الكاثوليك )، وخالف ما جرت عليه عادة الفاتحين من أقدم الأزمنة فأعلن حرية العبادة لجميع أهل المدينة.[1]



                            وجاء في موسوعة قصة الحضارة عن التسامح الديني في العصر الأموي: ولقد كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون واليهود، والصابئون، يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص وأداء فرضة ( مبلغ من المال) عن كل شخص، تختلف باختلاف دخله وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولاراً أمريكياً) سنويا". ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقر. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة.

                            وأصبح المسيحيون الخارجون على كنيسة الدولة البيزنطية والذين كانوا يلقون صوراً من الاضطهاد على يد بطارقة القسطنطينية، وأورشليم، والإسكندرية، وإنطاكية، أصبح هؤلاء الآن أحراراً آمنين تحت حكم المسلمين الذين لم يكونوا يجدون لنقاشهم ومنازعاتهم معنى يفهمونه، ولقد ذهب المسلمون في حماية المسيحيين إلى أبعد من هذا، إذ عين والي إنطاكية في القرن التاسع الميلادي حرساً خاصاً ليمنع الطوائف المسيحية المختلفة من أن يقتل بعضها بعضاً في الكنائس.

                            وعلى الرغم من خطة التسامح الديني التي كان ينتهجها المسلمون الأولون، أو بسبب هذه الخطة، اعتنق الدين الجديد معظم المسيحيين، وجميع الزرادشتيين، والوثنيين إلا عدداً قليلاً جداً منهم، وكثيرون من اليهود في آسية، ومصر وشمالي أفريقية.[2]



                            وجاء في موسوعة قصة الحضارة عن فتح أسبانيا في القرن الثامن الميلادي: وعامل الفاتحون أهل البلاد معاملة لينة طيبة....، وأطلقوا لهم من الحرية الدينية ما لم تتمتع به أسبانيا إلا في أوقات قليلة نادرة.[3]


                            كتب الشيخ محمد الغزالي: الإسلام ما قام يوما", ولن يقوم على إكراه.لأنه واثق من نفاسة وسمو تعاليمه وجودة شرائعه.فكل ما يريده أن يجد مكانا" في السوق العامة يعرض فيه ما لديه على العيون المتطلعة. فإذا لم تكن جودة الشيء هي التي تغري بالإقبال عليه وقبوله فلا كان قبول ولا كان إقبال..!, وهذا سر قانونه الوثيق: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 256], وقد يضطر الإسلام لقتال لم يشعل ناره, أتظنه إذا أنتصر في هذا القتال, أتظنه يلزمهم بترك شركهم واعتناق عقيدة التوحيد ؟؟ .... لا.... فالله تعالى قال: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة : 6], إنه لم يقل له: فإذا سمع كلام الله فأمره أن يترك دينه وليتبع دينك الحق, بل قال له أطلق سراحه ورده آمنا" إلى وطنه. فإذا أحب أن يدخل في الإسلام فسيأتي طائعا" لا كارها".[4]



                            إن أي قراءة منصفة للتاريخ الإسلامي, تبين كذب الادعاء الخاص بانتشار الإسلام بالسيف, ومن الدلائل العقلية البسيطة لدحض هذه الفرية :
                            1- بدأ الإسلام بفرد واحد وهو الرسول عليه الصلاة والسلام, فكيف يكون انتشر بالسيف ؟
                            2-عندما انضم للرسول عليه الصلاة والسلام عدد من المؤمنين كانوا قلة أخرجهم أهلهم من أرضهم ومالهم.
                            3- أكبر كثافة وتجمع للمسلمين موجود في شرق أسيا في حين أنه لم تصل الفتوحات الإسلامية لبلدانهم (اندونيسيا , ماليزيا ), وفي أفريقيا فلم تصل الفتوحات الإسلامية لكثير من البلاد التي بها نسبة عالية من المسلمين.
                            4- كثير من غير المسلمين عاشوا طوال التاريخ في بلاد تحت الحكم الإسلامي مثل سوريا ومصر ولبنان والأردن ولا يزال وجودهم ووجود كنائسهم شاهدا" على التسامح الديني ونافيا" لشبهة إجبار السكان على الدخول في الإسلام أو استخدام السيف لنشر الإسلام.

                            5- حسب الإحصائيات العالمية تزداد نسبة الداخلين في الإسلام يوما" بعد يوم , وتطالعنا مركز البحوث بعناوين مثل ( الإسلام أكثر الأديان نموا" في العالم ) وغيرها من العناوين والنتائج التي تبين ازدياد عدد معتنقي الإسلام بلا حرب ولا سيف ولا إجبار ولا اضطهاد كما يدعي البعض.

                            القتل والقتال:
                            الشريعة الإسلامية لا توجد بها نصوص تحض على قتل من لا يؤمنون بغير الإسلام, وهناك فرق بين القتل والقتال, فالقتال هو حرب جيش أو قوات , أما القتل فهو إبادة لمدنيين غير مقاتلين ولم يحدث في التاريخ الإسلامي مذابح للمدنيين كما قامت بها ولا تزال العديد من الطوائف والفرق غير المسلمة.
                            في حين أن الكتاب المقدس يحدثنا عن المذابح والأوامر الإلهية التي تأمر بقتل الأطفال والنساء والحيوان!.

                            1- (التثنية 20 : 16 " وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ")

                            2- (حزقيال 9: 6 وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.)

                            3- ( إشعيا 13 : 16 يقول الرب : "وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم")

                            4- (هوشع 13 : 16 يقول الرب : "تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها بالسيف يسقطون تحطم أطفالهم والحوامل تشق")

                            5- ( العدد 31: 17-18 "فَالآنَ اقْتُلُوا كُل ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ وَكُل امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللوَاتِي لمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لكُمْ حَيَّاتٍ")

                            6- ( يشوع 6: 22-24 " وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ 7- حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ")

                            8- ( يشوع 11: 10-12 "وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.)

                            9- ( صموئيل الأول 15: 3 - 11 "فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ")



                            وإن جاءنا الرد المسيحي أن أوامر القتل لم يأمر بها المسيح ولم تكن من أقواله, قلنا :
                            أ- المسيح لم يأت بدين جديد فقد قال: (متى 5: 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.).

                            ب- لم يكن المسيح ملكا" وقائدا" ولا توجد تشريعات من أقوال المسيح إلا نادرة.

                            ج- جاءت بعض للعبارات على لسان المسيح مشابهة مثل:
                            1-( لوقا 22: 37 "فَقَالَ لَهُمْ "يسوع": لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً".), فما الذي يفعله من يشتري سيفا" ؟

                            2-(متى 10: 34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً )
                            3-( لوقا 19: 27 "أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي"). ولا يكون الذبح في الآخرة لأنهم يعتقدون أن بعث الآخرة بالروح وليس بالجسد.
                            د- لم يقل المسيح في أي وقت إن عهدي هو العهد الجديد ولا تطبقوا التعليمات والوصايا, بل أصر على الأمر بإتباع الوصايا السابقة.



                            إن الآية التي يستشهد بها من يدعي أن الإسلام يأمر بالقتال (وليس قتل المدنيين) هي:

                            قول الله تعالى: " قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29], لقد قال الله تعالى في نفس السورة: "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ". التوبة 6-7

                            فلم يقل اقتله, ولا تستبق منهم نسمة, وخذ أمواله, وأبقر بطن امرأته الحامل, واقتل أطفاله, واقتل حماره, ولا يصح الاستدلال من قول وإهمال باقي الأقوال , فالأمانة العلمية في البحث تحتم أن يتم وضع كل الآيات والأحاديث التي تتحدث عن موضوع ما من أجل دراسته وليس كما يفعل البعض بادعاء أن القرآن الكريم يقول بالثالوث أو بألوهية المسيح أو يمدح معتقد النصارى أو يمدح الكتاب المقدس.

                            كيف هو قتال المسلمين ؟ أهو مثل ما جاء بالكتاب المقدس ؟ .

                            في صحيح مسلم كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلاَلٍ - فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِى يَجْرِى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ فِى الْغَنِيمَةِ وَالْفَىْءِ شَىْءٌ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ. ..... الحديث.[5]


                            ومن وصايا أبى بكر الصديق لقائد جيشه: “لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.


                            فأين أوامر قتل المدنيين في الإسلام ومتى فعل المسلمون هذا ؟, فإن كان القتل هو سلوك وأسلوب المسلمين لما بقيت نسمة واحدة على غير الإسلام في بلاد الإسلام ومنها مصر والشام, ولما بقيت كنيسة أو دير منذ العصور الإسلامية حتى الآن.



                            2- الجزية في الإسلام:

                            عند الحديث حول الفتوحات الإسلامية وشبهة انتشار الإسلام بالسيف, يتطرق الحديث إلى الجزية, وربما يبالغ البعض ويقول لقد دخل أهل البلاد المفتوحة مثل مصر والشام للإسلام ليس هربا" من السيف بل هربا" من الجزية !.

                            هذا مع أن الإسلام لم يكن أول من نادى بأخذ الجزية، كما لم يكن المسلمون كذلك أول الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم، فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة كان أمرا" معتادا" في التاريخ البشري.


                            الجزية في المسيحية:
                            عندما سأل اليهود المسيح (حسب العهد الجديد) عن رأيه في أداء الجزية التي كانوا يدفعونها للرومان, أقر بحق القياصرة في أخذها ( متى 22 : 17 فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20 فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21 قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».).

                            وقد دفعها المسيح بنفسه فقد قال لسمعان : ( متى17 : 27 اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارا (عملة معدنية )ً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».

                            كما يعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل يجعله أمراً دينياً، إذ يقول بولس: (رومية 13 : 7 "فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية...).



                            مقدار الجزية وعلى من تجب:

                            ذكر "وول ديورانت " في موسوعة الحضارة مقدار الجزية التي كان يأخذها المسلمون فقال : إن المبلغ يتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولاراً أمريكياً) سنويا". وأنه يعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقراء. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة.


                            وكتب آدم ميتز: "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار".[6]



                            وقد جاء في عهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة: "أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وأعيل من بيت مال المسلمين وعياله" وقد طبق عمر رضي الله عنه هذا المبدأ الإسلامي العظيم حين مر بشيخ كبير يسأل الناس الصدقة، فلما سأله وعلم أنه من أهل الجزية، أخذ بيده إلى بيته وأعطاه ما وجده من الطعام واللباس، ثم أرسل إلى خازن بيت المال يقول له: "انظر إلى هذا وأمثاله فأعطهم ما يكفيهم وعيالهم من بيت مال المسلمين.


                            مقدار الجزية في الإسلام:
                            ذهب الأمام أبو حنيفة إلى تقسيم الجزية إلى فئات ثلاث:
                            1- أعلاها وهي 48 درهماً في السنة على الأغنياء مهما بلغت ثرواتهم. ( وهي تقدر بـ 136 جراما من الفضة) لأن الدرهم يساوي ( 2,832 جراما).(جرام الفضة يقدر بأقل من جنيه مصري واحد).

                            2- وأوسطها وهي 24 درهماً في السنة على المتوسطين من تجار وزرّاع.
                            3- وأدناها وهي 12 درهماً في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملاً. [7]
                            وهذا مبلغ لا يكاد يذكر مقارنة بما يدفعه المسلم من زكاة ماله فحسب، فلو أن هناك مسلماً يملك مليون درهم لوجب عليه في زكاة ماله خمسة وعشرون ألف درهم بنسبة اثنين ونصف بالمائة وهو القدر الشرعي لفريضة الزكاة, ولو أن هناك جاراً له مسيحياً يملك مليون درهم أيضاً لما وجب عليه في السنة كلها إلا ثمانية وأربعون درهماً فقط. فأين يكون الاستغلال والظلم في مثل هذا النظام ؟!.



                            قال صلى الله عليه وسلم في التحذير من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم: (( من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)) .[8]

                            أما المقابل لمبلغ الجزية فهذا ما نقله الإمام القرافي عن الإمام ابن حزم عن إجماع المسلمين من وجوب حمايتهم ولو كانت الكلفة الموت في سبيل ذلك فقال: "من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة".[9]

                            فهل جاء بالتاريخ عدل وإنصاف قريب مما قدمه الإسلام ؟؟



                            الاضطهاد النصراني كما جاء في قصة الحضارة: ( أسبانيا في بداية القرن السادس عشر):

                            "خيرت أسبانيا اليهود بين التعميد أو الرحيل ولما وجد أن فئة قليلة منهم آثرت التنصر، وكره أن تباد المهن والصناعات التي تفوق فيها اليهود أمر جميع الأطفال اليهود دون سن الخامسة عشرة، أن يفصلوا عن آبائهم وينصروا كرهاً. وعارض رجال الدين الكاثوليك هذا الإجراء، ولكنه نفذ.

                            وتم خروج اليهود الرهيب من أسبانيا.
                            وانتدب كبير الأساقفة "هرناندو ده تالافيرا"، حاكماً على غرناطة ( التي بقي بها المسلمون ).. وحاول أن يستدرج المسلمين إلى التنصير بالرفق والعدل. ولكن "اكسيمينيس" لم يوافق على مثل هذا الاعتناق للمسيحية. فألح على الملكة، بأن العهد لا يحافظ عليه مع الكافرين، وأقنعها بأن تصدر مرسوماً ( عام 1499) يخير المسلمين بين الدخول في المسيحية وبين مغادرة أسبانيا. وذهب بنفسه إلى غرناطة، وتسلط على طلبيرة وأغلق المساجد، ونصب المحارق العامة التي التهمت جميع الكتب والمخطوطات العربية التي وصلت إليها يده، وأشرف على التنصير الإجباري بالجملة. وكان المسلمون يمسحون الماء المقدس عن أطفالهم عندما يبتعدون عن عين القسيس ونشبت الثورات في المدينة والولاية، وسحقت. وخير جميع المسلمين في قشتالة وليون بمقتضى مرسوم ملكي صدر في الثاني عشر من فبراير لعام 1502 بين الدخول في المسيحية ومغادرة البلاد وأعطوا لذلك مهلة غايتها آخر إبريل من العام نفسه. واحتج المسلمون بأن أسلافهم عند ما حكموا معظم أسبانيا، فإنهم سمحوا بالحرية الدينية، إلا في القليل النادر، للمسيحيين الذين تحت سلطاتهم، ولكن الملكين لم يتأثرا بهذا الاحتجاج وحرم على الأطفال الذكور دون الرابعة عشرة والإناث دون الثانية عشرة أن يغادروا أسبانيا مع آبائهم وسمح للأمراء الإقطاعيين بأن يحتفظوا بأرقائهم المسلمين على أن يوضعوا في الأغلال. ورحل الألوف، أما الباقون فقبلوا أن ينصروا بفلسفة أكبر مما فعل اليهود وتعرضوا باعتبارهم عربا موريسكيين محل اليهود المعمدين لتحمل عقوبات محكمة التفتيش على عودتهم إلى ديانتهم السابقة وترك أسبانيا إبان القرن السادس عشر ثلاثة ملايين من المسلمين المتظاهرين بالمسيحية ووصف الكاردينال ريشليه مرسوم عام 1502 بأنه "أمجد حادث في أسبانيا منذ عهد الرسل". [10]





                            3- حد الردة:

                            يفرق الإسلام بين حرية الاعتقاد فيكون دخول الشخص للإسلام اختياريا" , ناتجا عن اقتناع وإيمان (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ....[البقرة : 256]
                            وبين الخروج من الإسلام والعودة إليه متى شاء !! على طريقة بعض اليهود الذين قال الله عنهم : (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران : 72])
                            فالإسلام نظام متكامل وليس شعائر وعبادات فقط, فيعتبر الخروج على الإسلام مثل الخروج على الدولة ممن تحاكمهم الدول بتهمة الخيانة العظمى. ويفرق الإسلام بين من يجهر بالخروج على الإسلام ويحاربه وبين من يبطن الكفر ولا يجهر به. بالإضافة إلى أنه من يدخل الإسلام وهو يعلم بوجود حد للردة في الإسلام لن يدخل إلا عن قناعة كاملة.

                            المعترض على حد الردة إما أن يكون من:

                            أ- اليهود والنصارى.
                            ب- المسلمين.
                            ج- الملحدين.

                            أ- الرد على اليهود والنصارى:

                            حد الردة موجود بكتابكم فلا يحق لكم الحديث حوله, وفي الإسلام تتم استتابة الشخص, فإن عاد في أقواله لا يتم تطبيق الحد عليه, أما عندكم فجاء الحكم بالقتل بدون استتابة:

                            ( تثنية 13 : 6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ 7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا 8 فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ 9 بَل قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً. 10 تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ.).



                            كتب الشيخ أحمد ديدات-رحمه الله-: "هكذا دون استتابة ٍ تأمر التوراة بقتل المرتد ويعيبون على الإسلام قتل المرتد في حين أن القرآن الكريم قد أورد ذكر المرتد بموضعين لم يأمر الله بقتله في أي منهما بل اختص الله نفسه بعقاب المرتد مما يوحى بأن عقابه يوم القيامة أفظع من القتل وأشد. وإذا كان ثمّة أحاديث نبوية توصي وتأمر بقتل المرتد حفاظاً على معنويات ومقومات الجماعة المسلمة فإن هذه مسألة فقهية تجتهد الشريعة الإسلامية عن طريق الاستتابة وتقدير ملابسات الحالة من وقوع ضرر أو عدم وقوعه وحدوث حرابة أو خيانة أو عدم حدوث ذلك لتخفيف ما يمكن تخفيفه من عقاب، ما لم يكن الارتداد مؤكّداً مصحوباً بحرابة جماعة المسلمين مما يصل بمقترفة حدّ ما يسمونه بالخيانة العظمى.[11]


                            والمقصود بالاستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحُجة ويكلف العلماء بالرد على ما في نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحُجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص وإن كان له هوى أو يعمل لحساب آخرين، يوليه الله ما تولى.


                            ومن أمثلة تطبيق حد الردة في العهد القديم ما جاء عن موسى عليه السلام أنه عندما عاد ووجد قومه يعبدون العجل قتل منهم 3000 رجل. ( خروج 32 : 28 فَفَعَلَ بَنُو لاوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاثَةِ الافِ رَجُلٍ. ).


                            وإن كان الرد النصراني أن شريعة التوراة قد نسخت أو ألغيت بالعهد الجديد, نسألهم عن النصوص التي نسختها أو ألغتها عندهم أولا", ونرد عليه ثانيا": إن كانت قد فرضت من الله حسب كتابكم وألغيت من الله حسب ادعائكم فما المانع أن يعيدها الله في شريعة الإسلام !؟.

                            ب- الرد على المسلمين:

                            المسلم أمام هذا الأمر وجب عليه التسليم لله تعالى, فإذا ثبت عندنا أمر أنه من عند الله تعالى , وجب السمع والطاعة. قال الله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة : 285]
                            وقال تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور : 51]



                            ج- الرد على الملحدين: وجب على الملحد الحديث أولا" حول وجود الله تعالى وشرائعة وأما هل يجب علينا السمع والطاعة لحكم الخالق أم لا يجب علينا الاهتمام بأوامره. فلا جدوى من نقاش الملحدين في هذه التشريعات , مثل لماذا هناك حد للردة ولماذا هناك خمس صلوات في الإسلام وليس صلاة واحدة ولماذا الصيام في شهر رمضان وليس شوال.




                            4 - المرأة في الإسلام والمسيحية:

                            ظهر الإسلام وكان بالعالم أجمع تفرقة كبيرة بين الرجل والمرأة ففي البيئة التي نشأ فيها الإسلام كان من ينجب فتاة يختار بين أن يبقيها على كراهة أو يدفنها حية في التراب خوفا" من العار. وبعد أن جاء الإسلام, تحسن وضع المرأة في البلاد الإسلامية عن غيرها من البلدان, ولكن لا تزال شبهة وضع المرأة في الإسلام تسيطر على عقول الكثير من غير المسلمين وهذا لجهلهم بنصوص الكتب الأخرى غير الإسلامية ولتغاضيهم عن قراءة تاريخ المرأة في الإسلام وفي الحضارات الأخرى.

                            وسنستعرض وضع المرأة من جهة نصوص القرآن والكتاب المقدس , ومن جهة شهادة التاريخ.



                            أولا" النصوص الخاصة بالمرأة في الإسلام والمسيحية:
                            أ- الإسلام:
                            - قال الله تعالى موصيا الرجال بالنساء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً " [النساء : 19]
                            التفسير الميسر: " يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تجعلوا نساء آبائكم من جملة تَرِكتهم, تتصرفون فيهن بالزواج منهن, أو المنع لهن, أو تزويجهن للآخرين, وهن كارهات لذلك كله, ولا يجوز لكم أن تضارُّوا أزواجكم وأنتم كارهون لهن; ليتنازلن عن بعض ما آتيتموهن من مهر ونحوه, إلا أن يرتكبن أمرا فاحشا كالزنى, فلكم حيننذ إمساكهن حتى تأخذوا ما أعطيتموهن. ولتكن مصاحبتكم لنسائكم مبنية على التكريم والمحبة, وأداء ما لهن من حقوق. فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية فاصبروا; فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير."


                            - الطلاق الذي شرعه الله تعالى يمثل حلا" أخيرا" في حالة استحالة العشرة الزوجية بين الزوجين:

                            الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة : 229]
                            التفسير الميسر: " الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان, واحدة بعد الأخرى, فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف, وحسن العشرة بعد مراجعتها, أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها, وألا يذكرها مطلقها بسوء."



                            - أعطى الإٌسلام للمرأة نصيبا" في الميراث وهو نصف ما يرث الرجل- على الجملة- حسب الآية الكريمة :
                            ُيوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ..... [النساء : 11]
                            وخالف الإسـلام في هذا سنة الجاهلية التي كانت تحرم المرأة من الميراث بالكلية لأنها لا تنفق على غيرها، ولا تحارب عدواً. ولأول وهلة قد يبدو أن الإسلام ظلم البنت إذ جعل لها نصف حظ أخيها من تَرِكَة الأب، إلا أن هذا الأمر ينافي الواقع إذ إن الإسلام كلف الرجل بما لم يكلف به المرأة فالرجل هو المسئول عن نفقتها ونفقة عياله وحتى أخواته إذا لم يكن لهن معيل، بينما لم يكلف الشرع المرأة بأية مسؤوليات، فالمال الذي ترثه من أبيها يبقى لها وحدها, لا يشاركها فيه مشارك.

                            أما ميراث المرأة حسب الكتاب المقدس فسيأتي بيانه.



                            - سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في التكليفات والجزاء فقال تعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "[النحل : 97]



                            - بين الله تعالى أجر المؤمنين والمؤمنات على السواء في الآخرة فقال تعالى: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "[التوبة : 72]



                            - ورد عن رسول الله تعالى في فضل الأم:" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي , قَالَ : ‏"‏ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ : ثُمَّ مَنْ , قَالَ : ‏"‏ ثُمَّ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ , قَالَ : ‏"‏ ثُمَّ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ : ثُمَّ مَنْ , قَالَ ‏"‏ ثُمَّ أَبُوكَ ‏"‏‏. [12]



                            ب - المسيحية:

                            - ألقى الكتاب المقدس مسؤولية الخطيئة البشرية كلها على عاتق المرأة, وجعل عقابها ألام الولادة واشتياقها للرجل وتسلطه عليها !: " (تكوين 3 : 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».)



                            - أعطى الكتاب المقدس المرأة منزلة متدنية عن الرجل في كثير من المواضع حتى إن المرأة تكون نجسة أسبوع في حالة ولادة الذكر ونجسة أسبوعين في حالة ولادة الأنثى !!: " )اللاويين 12: 1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَراً تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. .... 5وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. ).



                            - المرأة أثناء الطمث نجسة وكل ما تمسه يصبح نجسا" !!: " ( اللاويين 15 :19 وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً، 21وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَكُلُّ مَنْ يَلَمِسُ شَيْئاً كَانَ مَوْجُوداً عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ.)


                            - لم يقرر للزوجة أي نصيب من الميراث, وجعل للابنة نصيب فقط في حالة عدم وجود أخ !:
                            ( العدد 27 : 8 وَأَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ أَيَّ رَجُلٍ يَمُوتُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْلِفَ ابْناً، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ).

                            - أورد الكتاب المقدس في إحدى فقراته مجموعة من الأحكام الخاصة بالمرأة منها التي تتزوج ويتضح أنها غير عذراء تقتل رجما" على باب المدينة, ومن يزني مع امرأة متزوجة يقتلا معا" ومن تتعرض للاغتصاب تُقتل مع من اغتصبها إذا لم تصرخ!.

                            ( تثنية 22 : 21 يُخْرِجُونَ الفَتَاةَ إِلى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ لأَنَّهَا عَمِلتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيل بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 22«إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعاً مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْلٍ يُقْتَلُ الاِثْنَانِ: الرَّجُلُ المُضْطَجِعُ مَعَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل. 23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. )



                            إن قال قائل: ولكن هذا في العهد القديم نرد عليه:

                            1- العهد القديم هو جزء من الكتاب المقدس عند كل الطوائف النصرانية.
                            2- المسيح عليه السلام لم يقل أنا جئت لأنقض القوانين بل قال جئت لأكمل:( متى 5 : 17. لا تظنوا إني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء.ما جئت لانقض بل لأكمل.).
                            3- المسيح عليه السلام عندما سئل عن الميراث, قال من الذي وضعني عندكم مشرعا" وقاضيا",( لوقا 12 : 13 وقال له واحد من الجمع يا معلّم قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسّما. (( هل هذا قول الإله !؟).
                            4- المسيح عليه السلام لم يأت بأي تشريعات جديدة حسب العهد الجديد,إلا ما نسب إليه من ( منع الطلاق إلا في حالة الزنا, منع الزواج بمطلقة , جواز دفع الجزية, عدم رجم المرأة الزانية ) وباقي أوامر المسيح كانت الحفاظ على الوصايا وإتباعها.



                            ونأتي لبعض الوصايا و الأوامر الخاصة بالنساء في العهد الجديد:

                            - تصمت النساء في الكنائس !!, أين هذا من معارضة المرأة لأمر عمر بن الخطاء أمير المؤمنين في المسجد !؟, ( 1 كورنثوس 14 :34 لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضاً. 35 وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.)



                            - المرأة لا تتسلط على الرجل فهي أصل الخطيئة: ( 1 تيموثاوس 2 : 12 وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،13 لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، 14 وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي،( .



                            - النساء يخضعن للرجال في كل شيء: ( افسس 5 : 22 أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23 لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24 وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.(



                            - المرأة خلقت من أجل الرجل والمرأة يجب أن تغطي شعرها في الصلاة: ( 1 كورنثوس 11 : 3 وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ.... لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9 وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ....13 احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟ ).



                            ما التشريع المطلوب للرجل والمرأة , المساواة أم العدل ؟؟:
                            مصطلح - المساواة – الذي ينادي به الكثير هو مصطلح يقوم على اعوجاج وقلة إدراك لا سيما إن تحدث المتحدث ونسب المساواة للقرآن الكريم أو للدين الحنيف.
                            ومما يخطئ الناس في فهمه قولهم : الإسلام دين المساواة ، والصحيح أن يقولوا : الإسلام دين العدل .
                            قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى- :
                            وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة وهذا خطأ، لا يقال: مساواة ؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث.
                            لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه, زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة، ولهذا لم يأت في القران أبداً: " إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء: { إن الله يأمر بالعدل } النحل/90 ، { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء/58 ، وكذب على الإسلام مَن قال: إن دين الإسلام دين المساواة، بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين. [13]

                            وعليه: فالإسلام لم يسوِ بين الرجل والمرأة في الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما؛ لأن المساواة في غير مكانها ظلم شديد. فالقرآن أمر المرأة أن تلبس غير الذي أمر به الرجل، إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشفه الرجل لاختلاف طبيعة كل منهما, وفي نفس الوقت سمح لها بلبس الذهب والحرير وهو ما لم يسمح به للرجل. والجهاد على الرجال، والنساء ليس عليهن جهاد القتال، وهذا من رحمة الله بهن ومن المراعاة لحالهن.
                            بينما سوّى الشرع بين المرأة والرجل في كثير من العبادات والمعاملات فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل، وتغتسل كغسله، وتصلي كصلاته ، وتصوم كصيامه إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس، وتزكي كما أنه يزكي، وتحج كحجه – وتخالفه في يسير من الأحكام.
                            فالخلاصة: أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء، وما جاء من التفريق بين الجنسين ينظر إليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه، وينظر إليه الكافر المكابر على أنه ظلم، ويركب رأسه ليزعم المساواة بين الجنسين فليخبرنا كيف يحمل الرجل جنيناً ويرضعه ويظل راكباً رأسه حتى يتحطم على صخرة الواقع، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14.[14]

                            ثانيا" وضع المرأة في التاريخ بين المسيحية والإسلام:

                            جاء في موسوعة قصة الحضارة: "قضى القرآن على عادة وأد البنات وسوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث، وتتصرف في مالها كما تشاء ، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع. وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع زواجهن بغير إرادتهن.[15]


                            جاء أيضا"عن المرأة المسلمة في القرن التاسع الميلادي: "وكان مركز المرأة المسلمة يمتاز عن مركز المرأة في بعض البلاد الأوربية من ناحية هامة، تلك هي أنها كانت حرة التصرف فيما تملك لا حق لزوجها أو لدائنيه في شيء من أملاكها.[16]


                            جاء في كتاب تاريخ معاناة المرأة: " ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب ، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية . وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات.[17]



                            لقد نادى الغرب بخروج المرأة إلى ميادين العمل ونشر الإعلانات الداعية لذلك في الميادين والصحف لسد النقص في صفوف العمال وقت الحرب العالمية الثانية والتي راح ضحيتها ما يزيد على 50 مليون قتيل وعدة أضعاف من الجرحى. فلم يكن دافع إخراج المرأة من بيتها للعمل هو المساواة وحقوق الإنسان بل الحاجة لها في أعمال المصانع التي تغذي عجلة الحرب .

                            المرأة الأمريكية ومتى حصلت على الحرية؟:
                            جاء في كتاب تاريخ أمريكا مايلي:

                            - حتى الستيناتِ كانَ القانونُ يُفرّقُ بينَ النساءِ والرجالِ في العديدِ من الولاياتِ الأمريكيّة وصدرَ قانونِ الحقوقِ المدنيّةِ عامَ 1964 الذي حظرَ التفرقةَ العنصريّةَ في الوظائفِ على أساسِ الجنسِ أو اللون.

                            بالرغمَ من ذلك أظهرَ تعدادُ 1970 أنَّ متوسّطَ ما تحصلُ عليه النساءُ العاملاتُ في المصانعِ يبلغُ ما يقارب 60 بالمئة من أجر الرجال بنفس الوظيفة.

                            - في عامِ 1972، وافقَ الكونجرس على تعديلِ الدستورِ، لإزالةِ كافّةِ أشكالِ التمييزِ ضدَّ المرأة.
                            - أوضحتِ الإحصاءاتُ في السبعينات ارتفاعًا حادًّا في عددِ الرجالِ والنساءِ الذينَ يعيشونَ معًا بدونِ زواج، وكانَ 25% منهم لديهم أبناء.. وكانَ البعضُ يقول: إنّه شيءٌ طيّبٌ أن يكونَ للنساءِ وسيلةٌ لإنهاءِ العَلاقةِ إذا أساءَ الرجالُ معاملتَهنّ، ففي الماضي كانَ الكثيرُ من النساءِ يتحمّلنَ وحشيّةَ الأزواجِ في صمت، بسببِ الضّغوطِ الاجتماعيّةِ والدينيّةِ الرافضةِ للطلاق!..[18]


                            فهل الإسلام هو من أهان المرأة وقهرها وأضاع حقوقها ؟!, وهل المسيحية هي التي حررت المرأة أم الأهواء والمصالح ؟.



                            5- تعدد الزوجات:

                            مسألة تعدد الزوجات، مباحة منذ فجر التاريخ ولم يأت أي نبي أو رسالة سماوية بمنعها، حتى العهد الجديد لم يصرّح أبدا بمنعها فجاءت النصوص كما يلي:
                            - ( تثنية 21 : 15. اذا كان لرجل امرأتان أحداهما محبوبة والأخرى مكروهة .. ).

                            - جاء عن نبي الله إبراهيم عليه السلام أنه تزوج السيدة هاجر وأنجبت له إسماعيل عليه السلام، بينما رزقه الله من السيدة سارة بإسحاق عليه السلام.

                            -جاء عن يعقوب عليه السلام( إسرائيل ) في العهد القديم أنه كان متزوجا" من أختين, وأعطته كل واحدة منهما جاريتها لينجب منها, فأنجب من الأربعة أسباط بني إسرائيل الاثنى عشر.

                            ( تكوين 30: 2 فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال ألعلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن 3 فقالت هوذا جاريتي بلهة.ادخل عليها فتلد على ركبتيّ وأرزق انا ايضا منها بنين 4 فأعطته بلهة جاريتها زوجة.فدخل عليها يعقوب ).

                            -جاء عن نبي الله سليمان في العهد القديم أنه كان متزوجا" 700 من النساء وله من السراري ثلاثمائة! (وهذا لم يبطل نبوته في نظرهم بالإضافة لما نسبوه إليه من عبادة للأصنام!).

                            ( ملوك أول 11 : 3 وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه. 4 وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. ).

                            -لم تأت أي نصوص من أقوال المسيح تقول " على الرجل الزواج من امرأة واحدة "!.
                            -جاءت نصوص بولس تلزم الأساقفة والشمامسة أن يكونوا متزوجين من امرأة واحدة فقط !!! .

                            ( 1 تيموثاوس 3 : 2 فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ،..)

                            ( 1 يموثاوس 3 : 12 لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌّ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، ...، ).

                            فما معنى أنه على الأسقف والشماس التزوج من امرأة واحدة !؟.


                            تعدد الزوجات كان شائعاً بين غالبية الشعوب حتى بعد الميلاد بمئات السنين, إلا في بعض بلدان أوروبا حيث تأثرت المسيحية بها في القرن الرابع الميلادي.

                            جاء في موسوعة قصة الحضارة عن سقراط: " ولم يكن الزواج يضايقه قط فقد يبدو أنه اتخذ لنفسه زوجة ثانية حين أباح القانون تعدد الزوجات مدة قصيرة لكثرة من قتل في الحروب من الذكور".[19]

                            فالقانون اليوناني قبل الميلاد كان يمنع تعدد الزوجات وعند دخول المسيحية لليونان وروما أخذت المسيحية القانون ولذلك لا توجد نصوص في المسيحية تمنع تعدد الزوجات. ولم يبتكر الإسلام نظام التعدد الثابت تاريخياً أنه ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور ولكن
                            الجديد الذي أتى به الإسلام بالنسبة لتعدد الزوجات هو:
                            1- تقييد التعدد وهذا لم يكن موجودا" في الشرائع السابقة.
                            2- اشتراط العدل بين الزوجات.
                            3- الأمر بحسن معاملة الزوجة بوجه عام.

                            كتب محمد قطب: "أما تعدد الزوجات فتشريع للطوارئ وليس هو الأصل في الإسلام".[20]
                            فمنذ القدم جاء تعدد الزوجات ليواجه خللا" يحدث نتيجة أمراض تصاب بها المجتمعات مثل (العقم والعجز وازدياد عدد النساء على الرجال نتيجة للحروب ...الخ.). ولم يشهد التاريخ في أي فترة من الفترات ازدياد عدد الرجال على النساء, بل كانت الغلبة للنساء نتيجة كثرة تعرض الرجال للمخاطر وأهوال الحروب.
                            سأل الداعية أحمد ديدات محاوره في إحدى المناظرات قائلا" " إن عدد السيدات في بلادكم يزيد بالملايين عن عدد الرجال, فما الحل الذي قدمتموه لهذه المشكلة !؟, إن الإسلام قدم لنا الحل لذلك ".


                            جاء في موسوعة قصة الحضارة: ". وأصدر جرشم بن يهوذا حاخام مينز في عام 100 م أمراً بحرمان كل يهودي يتزوج أكثر من واحدة، وما لبث تعدد الزوجات بعد هذا القرار أن انقرض أو كاد بين اليهود في جميع أنحاء أوربا ما عدا أسبانيا [21].
                            فقد توقف التعدد بناء على أمر حاخام وليس بناء على أمر إلهي !.



                            جاء في موسوعة قصة الحضارة: تحت عنوان: إعادة تنظيم ألمانيا (1648-1715 ):

                            "هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا , وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورمبرج اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".[22]

                            فكان الحل الإسلامي هو الحل الوحيد المتوافر لهم في القرن السابع عشر, أو اللجوء للعلاقات الغير شرعية وإنجاب أطفال غير شرعيين !!.



                            الرد على شبهة تعدد زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام:

                            أ- تعدد الزوجات كان مباحا" في كل الشرائع السابقة, ولا يحق لليهود أو النصارى إثارة الموضوع لثبوت التعدد عند أنبيائهم حتى إن سليمان عليه السلام كانت له سبعمائة زوجة وثلاثمائة من السراري كما جاء بكتبهم وداود عليه السلام كانت له عشرات الزوجات ولم يمنعه هذا من النبوة.
                            ب- تزوج الرسول عليه الصلاة والسلام زواجه الأول وعمره خمسة وعشرون عاما" وكان عمر زوجته السيدة خديجة أربعين عاما", واستمر الرسول عليه الصلاة والسلام زوجا" لامرأة واحدة ( السيدة خديجة) لمدة خمسة وعشرين عاما" حتى توفيت رضي الله عنها عن عمر 65 عاما", ولم يطعن أي مستشرق أو مؤرخ أو شاعر أو كاتب في أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام قبل زواجه من السيدة خديجة أو أثناء الزواج.
                            ج- قضى الرسول عليه الصلاة والسلام فترة بدون زواج ثم تزوج بعد السيدة "خديجة" من السيدة "سودة" وكانت أرملة تعدت الستين عاما" وأهلها بمكة من المشركين, فلم يكن هناك من يرعاها بعد أن توفي زوجها بعد عودتهم من الحبشة, فهل مثل هذا الزواج يكون من أجل الشهوة كما يدعون!؟.
                            د-بدأ تعدد زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بالزواج من السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق وكان عمره حوالي الثالثة والخمسين, ثم بعد ذلك من السيدة "حفصة بنت عمر بن الخطاب" بعد أن توفي عنها زوجها وكان عمر رضي الله عنه يبحث لها عن زوج فعرضها على أبي بكر الصديق وعلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما , وتهلل فرحا" بشرف زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من ابنته.
                            هـ- جاءت زيجات الرسول عليه الصلاة والسلام لأهداف اجتماعية أو تشريعية, فمن ضمن زوجاته زواجه من السيدة "جويرية" التي كان أهلها تحت أسر المسلمين بعد إحدى الحروب وفور إعلان الزواج بين الرسول عليه الصلاة والسلام والسيدة "جويرية بنت الحارث", أطلق المسلمون أسراهم وردوا إليهم كل أمتعتهم قائلين " أيعقل أن يكون أصهار الرسول عليه الصلاة والسلام عندنا أسرى !؟ "حتى إنه قيل (لم تكن امرأة أعظم بركة على قومها منها), فقد أطلق سراح كل قومها وما لبثوا أن دخلوا في الإسلام. أما زواجه من السيدة "زينب" فكان لغرض تشريعي حيث كان العرب يعتبرون الابن بالتبني له كل حقوق الابن من حرمة وغيرها فنزلت الآيات التي أمرت بدعوة الأبناء لآبائهم والتعامل مع أبناء التبني كأخوة في الدين وليس كأبناء بالنسب.
                            ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 5]
                            ثم جاء اكتمال التشريع الخاص بهم بزواج الرسول عليه الصلاة والسلام من مطلقة مولاه( زيد بن حارثة) الذي كان يسمى من قبل (زيد بن محمد ).
                            (..... فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [الأحزاب : 37]
                            مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [الأحزاب : 40]
                            وقد كانت السيدة " زينب بنت جحش" تفخر بهذا الأمر وتتباهي به على بقية أمهات المؤمنين وتقول لهن:" زوجكن أهاليكن وزوجني ربي من فوق سبع سمَاوات"( البخاري كتاب التوحيد.)
                            و- كانت زيجات الرسول عليه الصلاة والسلام من أرامل ( ما عدا السيدة عائشة ) وكان الزواج من الأرملة يعتبر عطفا" وفضلا " لرعايتها هي وأولادها, ولو أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الزواج ممن يشاء من بنات الصحابة رضوان الله عليهم لسارع الصحابة كلهم ليحظوا بهذا الشرف.
                            ز- لم تكن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام حياة بهجة وسعادة وسهرات, بل كانت حياة حكم ودعوة وجهاد وسفر وصلاة وقيام ليل حتى تورمت قدماه , فأين الوقت للزواج من أجل المتعة كما يدعون !؟.


                            الرد على شبهة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة:
                            أثار المستشرقون شبهة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة, قائلين كيف يتزوج وعمره أربع وخمسون عاما" من فتاة عمرها تسع سنوات ؟.وفي هذه الشبهة اعتراضان:
                            أ- الاعتراض على صغر سن السيدة عائشة.
                            ب- الاعتراض على فرق السن بينهما.

                            والرد :
                            أ- بالنسبة لصغر سن السيدة عائشة وقت الزواج:

                            أولا" : شهادة التاريخ:
                            جاء في موسوعة قصة الحضارة: وكانت حياة المرأة العربية قبل أيام النبي تنتقل من حب الرجل لها حباً يقترب من العبادة إلى الكدح طوال ما بقي من حياتها، ولم تتغير هذه الحياة فيما بعد إلا قليلاً. وكان في وسع أبيها أن يئدها حين مولدها إذا رغب في هذا، فإن لم يفعل فلا أقل من أن يحزن لمولدها، ويواري وجهه خجلاً من الناس، لأنه يحس لسبب ما أن جهوده قد ذهبت أدراج الرياح، وكانت طفولتها الجذابة تستحوذ على قلبه بضع سنين، ولكنها حين تبلغ السنة السابعة أو الثامنة من عمرها كانت تُزوج لأي شاب من شبان القبيلة يرضى والده أن يؤدي للعروس ثمنها( مهرها ).[23]

                            وجاء أيضا" في نفس الموسوعة: وكانت شؤون الزواج يتولاها الآباء، كما يتولونها في معظم البلاد المتمدنة، فقد كان من حق الوالد أن يزوج ابنته لمن أراده هو لها أن تبلغ سن الرشد؛ أما بعد هذه السنين فكان لها أن تختار. وكانت البنات يزوجن في العادة قبيل سن الثانية عشرة، ويصبحن أمهات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، ومنهن من كن يتزوجن في سن التاسعة أو العاشرة.[24]

                            إذن من وجهة نظر التاريخ والعادات والتقاليد كان أمرا" معتادا" زواج الفتاة في هذا السن الذي هو حسب الظروف المعيشية تكون ناضجة بما فيه الكفاية لمتطلبات الزواج.
                            ثانيا" : لم يعترض أي من أعداء الرسول عليه الصلاة والسلام على الأمر, فقد كان أمرا" معتادا" حسب البيئة والظروف وقتها , ولا يصح قياس نفس الأمر على واقعنا وفي ظروف مختلفة بعد ألف وأربعمائة عام.
                            ثالثا: كانت السيدة عائشة مخطوبة قبل الزواج من الرسول عليه الصلاة والسلام.
                            وذلك كما جاء في رواية الإمام أحمد عن زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بعائشة وسودة في الجزء الثاني من سيرة ابن كثير, أن مطعم بن عدى قد ذكرها لابنه , وذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه , فعاد مطعم في أمر زواج ابنه بسبب دخول أبي بكر الصديق في الإسلام.

                            ب- فيما يخص فارق السن بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين السيدة عائشة:

                            أولا" : في حوار مع أحد الحاصلين على دكتوراه في اللاهوت رفض الحديث عن أي من العقائد المسيحية وطلب الحديث عن الإسلام, ولما وافقت طلب تحديدا" الحديث حول زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة, وهذه هي السمة الغالبة في النقاش مع الجانب النصراني, يترك كل أمور عقيدته وعقيدتك ويتناقش في زواج وطلاق , فقال :
                            المسيحي : هل لو عندك بنت عمرها تسع سنوات, هل تزوجها لرجل عنده أربع وخمسون عاما" ؟!.
                            المسلم : لو كان هذا هو عمر الزواج في المجتمع الذي أعيش فيه لا أجد مانعا" من ذلك طالما هناك قدرة على القيام بواجبات الزواج, واسمح لي أسألك سؤال, هل لو كان عندك فتاة 11 سنة تخطبها ثم تزوجها لرجل عنده 89 عاما" !؟.
                            المسيحي : تقصد من .؟
                            المسلم : يوسف النجار خطيب السيدة مريم كان عمره تسعون عاما" حين جاءت بالمسيح, فقد كان عمرها اثنى عشر عاما", فمعنى هذا أنهما كانا مخطوبين وعمره تسع وثمانون وعمرها إحدى عشر عاما" مما يعني الفرق بينهما ثمانية وسبعون عاما" وهذا ثابت في الموسوعة الكاثوليكية.[25]
                            المسيحي : ولكنهما لم يتزوجا !.
                            المسلم : سنفترض أنهما لم يتزوجا على حسب اعتقاد بعض الطوائف ولكن هل كانت الخطبة للدعابة والتسلية ؟ لقد تمت الموافقة على الخطبة مع وجود فارق في السن حوالي 80 عاما".
                            بالإضافة إلى أن ما جاء في الإنجيل هو كالآتي ( متى 1 : 25 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر.ودعا اسمه يسوع (. ومعنى البكر أن هناك من هو بعده , وتعبير " يعرفها" في لغة الإنجيل يعني يعاشرها معاشرة الأزواج فقد جاء عن آدم وحواء: ( تكوين 4 : 1 . وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين.), لذلك في الترجمة العربية المشتركة : ( متى 1 : 25 ولم يعاشرها حتى ولدت ابنها البكر),
                            وفي الترجمة العربية المبسطة : ( متى 1: 25 لَكِنَّهُ لَمْ يُعَاشِرْهَا حَتَّى وَلَدَتِ الطِّفلَ، الَّذِي سَمَّاهُ "يَسُوعَ.") , فالواضح أنه كان هناك زواج ولكن لم يعاشرها إلا بعد الولادة, وكان هناك أبناء آخرون وإلا كيف قضى معها خمسة عشر عاما" وسافر معها حاملين ربكم عندما كان صغيرا" إلى مصر في رحلة تستغرق ثلاثة أشهر؟, وكيف جاء بعض الناس للمسيح عليه السلام بعد ذلك وهو يعلم في المجمع وقالوا له أمك وأخوتك بالخارج !؟, ( متى 12 : 47 فقال له واحد هو ذا أمك وأخوتك واقفون خارجا طالبين أن يكلموك).
                            ثانيا" : حسب الكتاب المقدس تزوج إبراهيم عليه السلام وكان عمره يتعدى المائة عام وأنجب من زوجته ( قطورة) ( تكوين 25 : 1 وعاد ابراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة. (, وتزوج موسى عليه السلام وكان عمره تسعون عاما" ( عدد 12 : 1 وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا).
                            ثالثا" : في بلاد العرب وقت الإسلام كان فارق السن أمرا" معتادا" وليس من المناسب الحكم بالمقاييس الحديثة بعد ما يزيد على 1400 عام من الحدث., فقد عرض عمر على أبى بكر أن يتزوج ابنته الشابة " حفصة " وبينهما من فارق السن مثل الذي بين المصطفي صلى الله عليه وسلم وبين " عائشة . وتزوج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبي طالب وهو اكبر من علي بن أبي طالب.



                            6 - الناسخ والمنسوخ :

                            كثيرا" ما يثير النصراني في حديثه موضوع الناسخ والمنسوخ قائلا", إن الله عند المسلمين يغير من أوامره ويعود فيها فيكون نسخ ما قاله من قبل. والقائل غالبا" يردد ما سمعه بدون وعي أو فهم, ولا يعلم أن كتابه ملئ بالنسخ والتغيير .



                            النسخ في اللغة : الإزالة

                            والنسخ في اصطلاح أهل الإسلام : رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي لاحق .

                            وليس معنى النسخ أن اللّه أمر أو نهى أولاً ثم بدا له رأيٌ فنسخ الحكم الأول، تعالى اللّه عن ذلك عُلُواً كبيراً، بل معناه أن اللّه كان يعلم أن هذا الحكم يكون باقياً إلى الوقت الفلاني ثم يُنسخُ فلما جاء الوقت أرسل حكماً آخر.
                            ولما لم يكن الوقت مذكوراً في الحكم الأول, فعند ورود الحكم الثاني يتخيل لقصور علمنا أنه تغير، ونظيره بلا تشبيه أن تكلف خادمك بنوع من الأعمال ويكون في نيتك أنه يكون على هذا العمل إلى سنة مثلاً، وبعد السنة ستكلفه بعمل أخر لكن لم تظهر عزمك ونيتك على ما نويته، فإذا مضت السنة وطلبت منه عمل آخر فهذا بحسب الظاهر عند الخادم تغيير ومخالفة لما طلبته من قبل وأما في الحقيقة وعندك فليس بتغيير.
                            وفي نسخ الأحكام حكم ومصالح نظراً إلى حال المكلفين والزمان والمكان.[26]



                            فقد شرع الله تعالى على سبيل المثال الزواج من الأخت في زمن آدم عليه السلام, وكان التشريع لفترة محددة لم يعلمها آدم وذريته حتى أنزل الله تعالى الحكم بعدم الزواج من الأخت.
                            فلم يكن التشريع بعدم الزواج من الأخت هو تغيير في الرأي, ولكن لانتهاء الفترة التي حددها الله تعالى بحكمته للعمل بهذا الحكم.

                            وهكذا باقي الأحكام, وسنعرض أمثلة للنسخ في الكتاب المقدس الذي يردد أصحابه مقولة النسخ كما لو كانت ثغرة ونقطة ضعف في الإسلام !!.

                            ونحن لن نتعرض لموضوع أي حكم نسخ الحكم الأخر في الإسلام ولكننا سنتحدث عن إمكانية حدوث النسخ للأحكام.



                            أ- تزوج الأخوة بالأخوات في عهد آدم عليه السلام, وتزوج إبراهيم عليه السلام من أخته سارة, كما جاء في (التكوين 20 : 12" وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ أُخْتِي، ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ أُمِّي فَاتَّخَذْتُهَا زَوْجَةً لِي”). ثم:
                            - تم تحريم نكاح الأخت في شريعة موسى عليه السلام فجاء في( اللاويين 18 : 9 " لاَ تَتَزَوَّجْ أُخْتَكَ بِنْتَ أَبِيكَ، أَوْ بِنْتَ أُمِّكَ، سَوَاءٌ وُلِدَتْ فِي الْبَيْتِ أَمْ بَعِيداً عَنْهُ).

                            (اللاويين 20 : 17 " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، ابْنَةَ أَبِيهِ أَوِ ابْنَةَ أُمِّهِ، فَذَلِكَ عَارٌ، وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَأْصَلاَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ شَعْبِهِ،)

                            ب- الزواج من أختين في نفس الوقت كان مباحا" ومقبولا" فقد تزوج يعقوب عليه السلام من أختين وجمع بينهما وبين جاريتيهما أيضا" حسب ما جاء في (التكوين 29 : 15- 35). ثم :
                            -تم منع الجمع بين الأختين في (اللاويين 18 : 18 " لاَ تَتَزَوَّجِ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِتَكُونَ ضَرَّةً مَعَهَا فِي أَثْنَاءِ حَيَاةِ زَوْجَتِكَ."), ومنعت المسيحية في الوقت الحالي الجمع بين الزوجات بالمرة ولكن بدون نص.

                            ج- يجوز في شريعة موسى عليه السلام أن يطلق الزوج زوجته لأي سبب، وأن يتزوج رجل آخر بتلك المطلقة. ( التثنية 24 : 1-3 " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ فَتَاةٍ وَلَمْ تَرُقْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَنَّهُ اكْتَشَفَ فِيهَا عَيْباً مَا، وَأَعْطَاهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2فَتَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ طَلِيقَةً، 3ثُمَّ كَرِهَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَسَلَّمَهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، ...) ثم :

                            - حسب العهد الجديد فإن المسيح ألغى أو نسخ هذا الحكم وقال لا يجوز الطلاق إلا لعلة الزنا.

                            (متى 5 " 31وَقِيلَ أَيْضاً: مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاَقٍ. 32أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى.")

                            أيضا" ( متى 19" : 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى بِأَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ وَثِيقَةَ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» ,8 أَجَابَ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ، سَمَحَ لَكُمْ مُوسَى بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِكُمْ. وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مُنْذُ الْبَدْءِ. 9وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، وَيَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ، يَرْتَكِبُ الزِّنَى». )

                            ومن النص السابق يتضح أن الطلاق لم يكن موجودا"في البداية, ثم تم إقراره أيام موسى عليه السلام, ثم تم إلغاؤه بأقوال المسيح عليه السلام !.



                            د- الختان كان عهد الله على إبراهيم عهدا" أبديا", ( سفر التكوين 17 : 13 " يختتن ختاناً وليد بيتك والمبتاع بفضّتك فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً ". ). ثم:

                            - جاء بولس وقال: (غلاطية 5 : 2 هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ خُتِنْتُمْ، لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً. .... 6 فَفِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لاَ نَفْعَ لِلْخِتَانِ وَلاَ لِعَدَمِ الْخِتَانِ، بَلْ لِلإِيمَانِ الْعَامِلِ بِالْمَحَبَّةِ."

                            وقال أيضا" (غلاطية 6 : 15 " لَيْسَ الْخِتَانُ بِشَيْءٍ، وَلاَ عَدَمُ الْخِتَانِ بِشَيْءٍ، ..).
                            فهل غير بولس الحكم ونسخة أم لم يكن بولس يتكلم بالوحي ؟؟



                            هـ-حسب ما جاء في إنجيل يوحنا, جاءوا للسيد المسيح بامرأة وقالوا إنها زانية وحسب شريعة موسى ترجم, فألغى الحكم وقال من كان منكم بلا خطية فليرمها بحجر وقال لها لا تخطئي مرة أخرى !!.

                            ( يوحنا 8 : 4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» .....َقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» .... فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً». )



                            و- نصوص الكتاب المقدس بالعهد القديم تنص بوضوح على تحريم أكل لحم الخنزير. (اللاويين 11 : 7 - 8 " والخنزير . لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم " ). ثم :

                            - ثبتت الإباحة العامة بفتوى بولس ( تيطس 1 : 15 " عِنْدَ الطَّاهِرِينَ، كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ. أَمَّا عِنْدَ النَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ طَاهِرٍ، بَلْ إِنَّ عُقُولَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ أَيْضاً قَدْ صَارَتْ نَجِسَةً. ")


                            ز- مثال على تغيير الحكم على خطوات في قصة " صلفحاد بن حافر " وبناته والميراث في الشريعة .
                            (عدد 26: 33 وأما صلفحاد بن حافر فلم يكن له بنون بل بنات.(
                            ويكمل في الإصحاح 27 بعد وفاة صلفحاد ( شكوى بناته) : (عدد 27 : 1 فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر..2 ووقفن أمام موسى..قائلات 3 أبونا مات في البرية .... ولم يكن له بنون 4 لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن.أعطنا ملكا بين أخوة أبينا. 5 فقدم موسى دعواهنّ أمام الرب 6 فكلم الرب موسى قائلا 7 بحق تكلمت بنات صلفحاد فتعطيهنّ ملك نصيب بين أخوة أبيهنّ وتنقل نصيب أبيهنّ اإيهنّ, تكلم بني إسرائيل قائلا أيّما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. (.

                            فحسب النص السابق الرب كلم موسى بالتشريع الجديد.. فالبنات لم يشرع لهن أن يرثن قط قبل تقديم شكوى بنات صلفحاد أمام الرب.
                            وصدر الأمر من الرب بما تقدم ذكره ولا نجد فيما تقدم أي قيد أو شرط في الوراثة بل أي بنت طالما لم يكن لها أخ ترث وتفعل ما تشاء بمال أبيها الذي ورثته.
                            ولكن.لم يرض أعمام البنات أن تتزوج البنات بأحد خارج السبط فيذهب مال أخيهم إلى غير سبطهم فذهبوا هم أيضاً إلى موسى وقدموا دعواهم أمام الرب مطالبين أن البنات اللائي يرثن لا يتزوجن بأحد من خارج العشيرة أو السبط. فجاء أمر إلهي بذلك.

                            (سفر العدد 36 : 2...وقد أمر سيدي من الرب أن يعطي نصيب صلفحاد أخينا لبناته 3 فان صرن نساء لأحد من بني أسباط بني إسرائيل يؤخذ نصيبهنّ من نصيب آبائنا ويضاف إلى نصيب السبط الذي صرن له.فمن قرعة نصيبنا يؤخذ…. 5 فأمر موسى بني إسرائيل حسب قول الرب قائلا.بحق تكلم سبط بني يوسف 6 هذا ما أمر به الرب عن بنات صلفحاد قائلا.من حسن في أعينهنّ يكنّ له نساء ولكن لعشيرة سبط آبائهنّ يكنّ نساء.. 8 وكل بنت ورثت نصيبا من أسباط بني اسرائيل تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها لكي يرث بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه...10 كما أمر الرب موسى كذلك فعلت بنات صلفحاد.)
                            وهكذا نرى النسخ في الأحكام واضحاً وضوح الشمس في هذه القصة فلم يكن هناك ميراث للبنات على الإطلاق فنسخ هذا التشرع بميراث البنات إن لم يكن لهن أخ, وكان الزواج بأي شخص من خارج السبط بعد الميراث مباحاً ولكن لأجل دعوى أعمامهن نسخ الرب هذا الحكم فأصبح الزواج في سبطهن فقط.


                            ح- نختتم النسخ في الكتاب المقدس بالنسخ في نفس العدد حيث نسبوا لله تعالى أنه قال (حسب الكتاب المقدس), تأكلوا خراء الإنسان, فلما قال له النبي: يا رب لم افعل شيئا" سيئا", خفف الرب عليه الحكم فقال: تأكلوا خراء البقر( خثي البقر ) بدلا" من خراء الإنسان!!.
                            ( حزقيال 4 : 12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».)



                            الخلاصة:
                            النسخ ليس للقصور في العلم بل لحكمة الله سبحانه وتعالى فيما يتناسب ويلائم الإنسان, أما ادعاءهم أن المقصود بتعبير النسخ في الإسلام هو أنه تغيير الأفعال نتيجة لقصور العلم فهذا ادعاء كاذب على الله تعالى برئ من الإسلام, والعجيب أن من يحاربون الإسلام هم الذين نسبوا لله تعالى هذه الأفعال فجاء بكتابهم:

                            أ- ( عاموس 7 : 3 فندم الرب على هذا..... ).

                            ب- (يونان 3 : 10 فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه ).

                            ج- ( خروج 32 : 14 فندم الرب على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه.)
                            د- ( إرميا 42 : 10 إن كنتم تسكنون في هذه الأرض فاني ابنيكم ولا أنقضكم وأغرسكم ولا اقتلعكم.لأني ندمت عن الشر الذي صنعته بكم. )

                            هـ- ( ملوك أول 21 : 15 وأرسل الله ملاكا على أورشليم لإهلاكها وفيما هو يهلك رأى الرب فندم على الشر وقال للملاك المهلك كفى الآن رد يدك.).

                            و- ( صموئيل أول 15 : 11 ندمت على إني جعلت شاول ملكا لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي).



                            والحمد لله رب العالمين
                            قال الله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [الحشر : 22]
                            وقال الله تعالى : وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الأنعام : 59]




                            -------------------------------------------------------------

                            [1] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص261-262- الهيئة المصرية العامة للكتاب. ,وعلى الانترنت ص4692-4693 في الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/)

                            [2] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء13–ص130- 133 الهيئة المصرية العامة للكتاب. وعلى الانترنت ص4561/2/3/4/ الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/

                            [3] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص 282- طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب,

                            وعلى الانترنت ص 4713 .

                            [4] محمد الغزالي- هذا ديننا -ص-60 .بتصرف .

                            [5] صحيح مسلم- ح 4619 . - .

                            [6] آدم ميتز -الحضارة الإسلامية (1/96. (

                            [7] معاملة غير المسلمين في الدولة الاسلامية- د.ناريمان عبد الكريم –ص 50- عن الماوردي: الاحكام السلطانية- ص 144.

                            [8] رواه أبو داود في سننه ح (3052) في (3/170) ، وصححه الألباني ح (2626)،.

                            [9] القرافي-الفروق (3/14-15(

                            [10] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 23– ص 93-97- الهيئة المصرية للكتاب) وعلى الانترنت صفحات8001- 8005 الرابط
                            http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

                            [11] أحمد ديدات - عتاد الجهاد- ص 16.

                            [12] صحيح مسلم رقم 6664.

                            [13] شرح العقيدة الواسطية - ص 137-138.

                            [14] مقال للشيخ صالح المنجد – بتصرف.

                            [15] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص 60- الهيئة المصرية العامة للكتاب- وعلى الانترنت صفحة 4490 من الرابط
                            http://www.civilizationstory.com/civilization/

                            [16] المصدر السابق -ص140 – الجزء 13-ص 4571 على الانترنت.

                            [17] (تاريخ معاناة المرأة – الجزء الثالث صفحة 90 ) مقتبس من( الموسوعة العقلية , لندن 1950 –ص.265).

                            Cady Stanton: History of Women's Suffrage, vol.3, p.290 ( quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe, London, 1950 , p.625 )

                            [18] " تاريخُ الولاياتِ المتّحدةِ منذ 1945 "، تأليف (دانيال ف.دافيز) و(نورمان لنجر)، ترجمة (عبد العليم إبراهيم الأبيض)، الصادرِ عن " الدار الدولية للنشرِ والتوزيع ".

                            [19] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 7– ص 224- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 2294 من الرابط
                            http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

                            [20] محمد قطب - شبهات حول الإسلام- ص135 .

                            [21] .(موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 14– ص 70- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 4890 من الرابط
                            http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

                            [22] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 33– ص 68- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 11107 .

                            [23] (موسوعة قصة الحضارة–الجزء 13– ص 13- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 4443 من الرابط
                            http://www.civilizationstory.com/civilization/ ).

                            [24] المصدر السابق جزء 13 – ص 138 وعلى الانترنت ص 4569 .

                            [25] الموسوعة الكاثوليكية- تحت باب مريم. أو الرابط
                            http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm

                            [26] إظهار الحق – رحمة الله هندي– الباب لثالث- بتصرف.

                            تعليق


                            • #44
                              الفصل التاسع : دلائل النبوة

                              1- البشارات بالنبي عليه الصلاة والسلام في الكتب السابقة:

                              أكدت نصوص القرآن والأحاديث النبوية وجود البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء السابقة وفي التوراة والإنجيل, وبالرغم مما تعرضت له هذه الكتب من زيادة ونقص وتبديل, إلا أنه لا يزال بها بعض من دلائل نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام.

                              قال الله تعالى:



                              الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ...[الأعراف : 157]

                              في التفسير الميسر:

                              هذه الرحمة سأكتبها للذين يخافون الله ويجتنبون معاصيه, ويتبعون الرسول النبي الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب, وهو محمد صلى الله عليه وسلم, الذي يجدون صفته وأمره مكتوبَيْن عندهم في التوراة والإنجيل.



                              البشارة الأولى:

                              جاء في:( إشعياء 29 : 12 أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ: « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ». )
                              والنص في التراجم الإنجليزية " يقال له اقرأ فيقول لا أعرف القراءة " أو " لم أتعلم القراءة ", وهذا الأقرب للصحة فمن غير المعقول أن تطلب من أحد القراءة فيقول لك " أنا لا أعرف الكتابة " , ولكن الطبيعي أن يقول" أنا لا أعرف القراءة " أو " أنا غير متعلم" !.
                              لذلك حسب كتاب الحياة: ( إشعياء 29 : 12وَعِنْدَمَا يُنَاوِلُونَهُ لِمَنْ يَجْهَلُ الْقِرَاءَةَ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هَذَا، يُجِيبُ: لاَ أَسْتَطِيعُ الْقِرَاءَةَ.).

                              جاء في صحيح البخاري:

                              عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ـ وَهُوَ التَّعَبُّدُ ـ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ مَا أَنَا بِقَارِئٍ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ ‏.‏ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ ‏.‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ ‏.‏ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ ‏.‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ‏}‏ ‏"‏.‏ فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ،... الحديث. [1]


                              البشارة الثانية:

                              جاء في العهد القديم أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام : ( تثنية 18 : 18 أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. ).
                              ومن المعروف أن من أبناء إبراهيم عليه السلام, إسماعيل وإسحاق, وقد جاء كل الأنبياء من ذرية إسحاق بداية من ابنه يعقوب ( إسرائيل ), نهاية بالسيد المسيح. ولم تأت أي نبوة في نسل إسماعيل عليهم جميعا" السلام.
                              فالعرب أولاد إسماعيل أخوة اليهود أولاد إسحاق. فعندما قال الله تعالى لموسى أقيم لهم نبيا" من إخوتهم (وليس منهم), فالمقصود من نسل إسماعيل عليه السلام.

                              ويدعي النصارى أن المقصود بهذه النبؤة المسيح عليه السلام, وللرد سنراجع النص وندرس الثلاث صفات مع مقارنة بسيطة, فالنبي يجب أن يكون :
                              1- مثل موسى.
                              2-يكون كلام الله في فمه.
                              3-يتكلم بما يوصيه به الله تعالى.


                              أولا": من مثل موسى عليه السلام ؟ هل هو عيسى أم محمد عليهما الصلاة والسلام ؟

                              أ- موسى من أب وأم, كذلك محمد , ولكن عيسى من أم فقط , عليهم جميعا" الصلاة والسلام.
                              ب- موسى كان قائدا" على قومه , كذلك محمد , ولكن عيسى لا , عليهم جميعا" الصلاة والسلام.

                              ج- موسى جاءه تشريع كامل , كذلك محمد , ولكن عيسى قال لم آتي لأنقض بل لأكمل, عليهم جميعا" الصلاة والسلام.
                              د- موسى تزوج وأنجب, كذلك محمد , ولكن عيسى لم يتزوج , عليهم جميعا" الصلاة والسلام.
                              هـ- موسى اعتبروه بشر ورسول , كذلك محمد , ولكن عيسى لا تعتبره الطوائف المسيحية ذلك, عليهم جميعا" الصلاة والسلام.

                              ثانيا": من الذي يقول كلام الله ؟!!

                              جاء القرآن الكريم بنفس اللفظ عن الله تعالى, فتبدأ قراءته ( بسم الله الرحمن الرحيم ), فألفاظ القرآن عن الله تعالى وعندما قال الله تعالى ( قل هو الله أحد ), لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام ( هو الله أحد ), بل قال ( قل هو الله أحد ), فجاء اللفظ كما جاء عن الله تعالى, وهذا تأويل (( أجعل كلامي في فمه )).

                              ثالثا" : من الذي يتكلم بما يوصيه به الله تعالى:

                              قال الله تعالى: " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)( سورة النجم ). وقال تعالى:قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ.. [فصلت:6].


                              2- دلائل النبوة من المصادر الإسلامية:

                              استدلت الأمم السابقة على صدق الأنبياء بالمعجزات التي أعطاهم إياها الله تعالى, وبإخبارهم عن الغيب مما علمهم الله تعالى وانتقلت إلينا آثار وشواهد نبوتهم عبر الروايات المتواترة.

                              قال ابن القيم بعد أن ذكر معجزات موسى وعيسى عليهما السلام: "وإذا كان هذا شأن معجزات هذين الرسولين، مع بُعد العهد وتشتت شمل أمّتيْهما في الأرض، وانقطاع معجزاتهما، فما الظن بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام, ومعجزاتُه وآياتُه تزيد على الألف؟ والعهد بها قريب، وناقلوها أصدقُ الخلق وأبرُّهم، ونقلُها ثابت بالتواتر قرناً بعد قرن".[2]



                              أدلة نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام سنقسمها إلى:
                              - إخباره بالغيب مما علمه الله تعالى.
                              - معجزاته الحسية.
                              - القرآن الكريم.

                              - صفاته عليه الصلاة والسلام.



                              أولا": إخبار الرسول عليه الصلاة والسلام بالغيب, وذلك مما علمه الله تعالى ومنها أمور حدثت في حياته وأمور حدثت بعد وفاته عليه الصلاة والسلام:
                              1- إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر يستغرق وصوله أكثر من شهر يومذاك، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً). [3]


                              2- تنبؤه صلى الله عليه وسلم بنصر بدر في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) (سورة القمر).

                              فقال عمر بن الخطاب [أي في نفسه]: أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يثِب في الدرع، وهو يقول : }سيهزم الجمع ويولون الدبر , فعرفت تأويلها يومئذ.[4]

                              فالآية نزلت قبل الهجرة بسنوات تتحدث عن غزوة بدر، واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.

                              وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: (اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم), ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عريشه، وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ , بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ .[5]

                              وكان في اليوم السابق ليوم بدر، جعل رسول الله يتفقد أرض المعركة المرتقبة، ويشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول : ((هذا مصرع فلان)) قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. قال أنس: فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. [6]



                              3- إخبارُه صلى الله عليه وسلم عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي، رضي الله عنهم أجمعين، فقد أخبر أن موتهم سيكون شهادة. فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراءٍ (جبل حراء) هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)). [7]
                              فشهد لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة، وهو أمر غيب لا يعلمه أحد إلا الله تبارك وتعالى.

                              وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عثمانَ بشهادته، فقد أخبره أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، فقد جاء في صحيح البخاري أن أبا موسى الأشعري جلس مع النبي صلى الله عليه وسلم على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة, يقول أبو موسى: فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلت: على رسْلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)).يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبُك.[8]


                              4- أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام بمقتل عمار بن ياسر في فتنة تقع بين المسلمين فقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام عند بناء مسجده يحمل لبِنَتين لبنتين فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل عليه الصلاة والسلام ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.[9]

                              قال النووي في شرحه للحديث: " وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه: منها أن عمارًا يموت قتيلًا, وأنه يقتله مسلمون, وأنهم بغاةٌ, وأن الصحابة يقاتِلون, وأنهم يكونون فِرقتين: باغية, وغيرها, وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح, صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى".[10]

                              وقد قُتل عمارُ في جيش علي سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية.



                              5- بشّر النبي عليه الصلاة والسلام بفتوح اليمن والشام والعراق واستيطان المسلمين بهذه البلاد، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( تُفتَح اليمن فيأتي قوم يُبِسُّون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).[11]

                              قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب [اليمن ثم الشام ثم العراق]، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله".[12]



                              6- بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بفتح فارس، فقال: ((« لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَنْزَ آلِ كِسْرَى الذي في الأَبْيَضِ ». قَالَ قُتَيْبَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَمْ يَشُكَّ.)). [13]

                              وذكر ابن كثير أن أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: هذا ما وعدنا الله ورسوله.[14]

                              ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مصر, دعا إلى الإحسان إلى أهلها إكراماً لهاجر أم إسماعيل، فقد كانت من أرض مصر، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنكم ستفتحون مصر. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً)).[15]



                              7- تنبأ صلى الله عليه وسلم بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5) (سورة المسد)، فكيف جزم النبي صلى الله عليه وسلم بضلال عمه، إن لم يكن بإعلام الله له ؟.
                              قال الشيخ الشعراوي-رحمه الله- : "ألم يكن أبو لهب يستطيع محاربة الإسلام بهذه الآية ؟ ألم يكن يستطيع أن يستخدمها سلاحا" ضد القرآن ؟, قالت له الآية يا أبا لهب أنت ستموت كافرا", ستموت مشركا" وستعذب في النار, وكان يكفي أن يذهب أبو لهب لأي جماعة من المسلمين ويقول لا إله إلا الله, محمد رسول الله, أنا أسلمت وقرآنكم خطأ!, وهذا لم يحدث فقد كان القول من الله تعالى الذي يعلم الغيب."[16]


                              8- عندما انقضت غزوة الأحزاب، وولت جموعهم الأدبار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)).[17]

                              وهكذا كان، إذ كانت غزوة الأحزاب آخر غزوة غزتها قريش في حربها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غزاهم المسلمون بعدها، وفتحوا مكة بعون الله وقدرته.



                              9-تنبؤ الرسول عليه الصلاة والسلام بهزيمة الفرس وغلب الروم فقد نزل عليه قوله : (( غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ))) (سورة الروم).

                              وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لما هم عليه من الكتاب، واستبشروا بالخبر.

                              يروي الترمذي بإسناده عن ابن عباس قال: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنهم سيغلبون.

                              فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].

                              فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب مادون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.

                              قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: (( غُلِبَتِ الرُّومُ , فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ)). [18]

                              لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م استطاع هرقل أن يخرج الفرس من بلاد الرومان. وفي عام 626م وصل الرومان إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، ولو تأملنا قوله تعالى: (( غُلِبَتِ الرُّومُ , فِي أَدْنَى الْأَرْضِ )) لوقفنا على برهان آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم، لأن قوله تعالى: ( في أدنى الأرض ) يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية.



                              10- من الغيوب التي كشفت لنبينا صلى الله عليه وسلم خبر أم حرام بنت ملحان، فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)) قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ((أنتِ فيهم)) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)) فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: ((لا)). [19]

                              وقد ركبت أمُّ حرامٍ البحرَ في زمن معاوية رضي الله عنه، وتوفيت بعد خروجها من البحر.[20]

                              وقبرها كان معروفا" في جزيرة قبرص.[21]

                              11- قول الرسول عليه الصلاة والسلام أنه بعد سقوط كسرى لن يكون هناك أخر , وبعد سقوط هرقل لن يأتي هرقل أخر
                              حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ » . [22]



                              ثانيا": من أدلة النبوة المعجزات الحسية مثل تكثير الطعام والماء ببركة النبي عليه الصلاة والسلام:
                              وردت الكثير من الأنباء والمعجزات الخاصة بإكثار الطعام والشراب وتدفق الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام نورد من هذه الروايات أمثلة:
                              1- روى الشيخان عن أنسِ بنِ مالكٍ قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزَوراء، والزَوراء موضع في المدينة , قال أنس: فدعا صلى الله عليه وسلم بقدحٍ فيه ماء، فوضع كفّه فيه، فجعل ينبُع من بين أصابعه، فتوضأ جميع أصحابه، قال قتادة: كم كانوا يا أبا حمزة؟ فقال أنس: كانوا زُهاء الثلاثِ مائة.[23]



                              2- روى الشيخان في الصحيحين أن أبا طلحة دخل ذات يوم على زوجه أمِ سُلَيم، فقال لها: لقد سمعتُ صوتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم.

                              قال أنس: فأخرجتْ (أي أمه أم سُليم) أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها، فلفّتِ الخبز ببعضه، ثم دسّته تحت يدي، ولاثتني ببعضه (أي لفتني ببعضه)، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                              فذهبتُ به، فوجدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقُمتُ عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: آرسلكَ أبو طلحة (أي: هل أرسلكَ أبو طلحة)؟ فقلت: نعم. قال: بطعام؟ فقلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا.

                              قال أنس: فانطلق وانطلقتُ بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة فأخبرتُه، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا ما نطعِمُهم؟ فقالت: الله ورسوله أعلم.

                              فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحةَ معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلُمي يا أم سُليم، ما عندك؟

                              فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففُتَّ، وعَصرت أم سليمٍ عُكَّةً (قربةً فيها سمنٌ) فأَدَمَتْه (أي جعلته إداماً)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول (أي من دعاء الله بالبركة).

                              ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((ائذن لعشرةٍ))، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ((ائذن لعشرة)). فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ..(وهكذا) فأكل القوم كلُّهم وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً. [24]

                              قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: ( أرسلك أبو طلحة؟) وقوله: ( ألطعامٍ؟) هذان عَلَمان من أعلام النبوة (أي لإخباره صلى الله عليه وسلم بما غاب عنه), وذهابُه صلى الله عليه وسلم بهم علَم ثالثٌ (أي لعلمه صلى الله عليه وسلم بحصول البركة), وتكثيرُ الطعام عَلَم رابع ".[25]



                              وهناك أخبار مماثلة مثل إطعام الكثير من الرجال يوم الخندق بقليل من الطعام, وما حدث في يوم الحديبية من حديث جابر رضي الله عنه حينما عطش الناس ولم يجدوا ماء إلا قليلاً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في رَكْوة، فتوضأ، فجَهٍش الناس نحوه (أي تسابقوا إلى الماء لقلته) فقال: ((مالكم؟)) قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأُ ولا نشربُ إلا ما بين يديك، فوضع يده صلى الله عليه وسلم في الركوة، فجعل الماء يثورُ بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. فسأل سالم راوي الحديث جابراً: كم كنتم؟ فقال مستنكراً: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمسَ عشرةَ مائة (أي ألفاً وخمسَ مائة).[26]



                              3- كما أيد الله خاتم أنبيائه وعظيم رسله بدليل إبراء وشفاء بعض أصحابه على يديه صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك أنه ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُ اللهَ ورسولَه، ويحبُه اللهُ ورسولُه))، قال: فبات الناس يدوكون (أي يتحدثون) ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غَدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يُعطاها.

                              فقال عليه الصلاة والسلام: ((أين عليُ بنُ أبي طالب؟)) فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، فقال: ((فأرسلوا إليه))، فأُتي به رضي الله عنه، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. [27]

                              وقبل أن يغادر النبي صلى الله عليه وسلم أرض خيبر حقق آية أخرى تدل على نبوته ورسالته، فقد شفى الله بنفثه ساق سلمة بن الأكوع الذي أصيب في الغزوة، فقد روى البخاري في صحيحه عن يزيد بن أبي عُبيد قال: رأيت أثرَ ضربةٍ في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أُصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فنفث فيه ثلاث نَفَثات، فما اشتكيتها حتى الساعة.[28]


                              وهكذا نرى تكرر هذه الأخبار التي شهدها جموع الصحابة وهي أصدقُ الأخبار وأوثقُها، وهي بمنزلة المتواتر المقطوع بصحته وحجيته لتكرر أفرادها.



                              ثالثا": من أدلة النبوة معجزة القرآن الكريم:

                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)). [29]

                              قال ابن حجر في معنى قوله: ((إنما كان الذي أوتيتُ وحياً )): أي أن معجزتي التي تَحدّيتُ بها، الوحيُ الذي أُنزِل عليّ، وهو القرآن ".ثم لفت رحمه الله النظر إلى أنه ليس المراد من الحديث حصرَ معجزاته صلى الله عليه وسلم في معجزة القرآن الكريم فقال: "بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختصّ بها دون غيره عليه الصلاة والسلام". [30]

                              وقال ابن كثير في معنى الحديث: " معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله". [31]

                              وقال ابن القيم في سياق حديثه عن معجزات الأنبياء: "وأعظمها معجزة كتابٌ باقٍ غضٌ طريّ لم يتغيّر, ولم يتبدّل منه شيء، بل كأنه منزّل الآن، وهو القرآن العظيم، وما أخبر به يقع كل وقتٍ على الوجه الذي أخبر به".[32]

                              هذه المعجزة العظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ , فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ. )الطور: 33-34).

                              فعجز المشركون أن يأتوا بمثله، وتحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندِهم, فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة من مثله.

                              قال ابن جرير الطبري رحمه الله: " ومن حجةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم على صدقه، وبرهانِه على حقيقةِ نبوته، وأن ما جاء به من عندي (أي من عند الله) ـ عجزُ جميعِكم وجميعِ من تستعينون به من أعوانِكم وأنصاركم، عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجَزتم عن ذلك ـ وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة ـ فقد علمتم أن غيرَكم عما عجَزتم عنه من ذلك أعجَز".[33]

                              ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاته والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: ( فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ ) (البقرة:24).

                              قال القرطبي: " قوله: ( ولن تفعلوا ) إثارةٌ لهِمَمِهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكونَ عجزُهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآنُ قبل وقوعها"..[34]

                              وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضِفدع، نُقي كما تنُقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين".

                              وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى، من بين شراشيف وحشى ".

                              وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن كلّ وعجِز، وقال: أشهد أن هذا لا يُعارَض، وما هو من كلام البشر.ومثله صنع يحيى الغزال بليغُ الأندلس وفصيحُها.

                              وصدق الله العظيم: ( قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (الإسراء: 88).

                              لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلّتْ رقابهم لِما سمعوه من محكم آياته، فها هو الوليدُ بنُ المغيرةِ سيدُ قريش، يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله تعالى: ( إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (النحل:90).

                              فيقول قولته المشهورة: "والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته".



                              الأمور الدالة على أن القرآن كلام اللّه:

                              1- كونه عند العرب في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها وذلك للأسباب الآتية:
                              أ- أنه لا يحوي إلا الصدق ومنزه عن الكذب في جميعه، وكل كاتب أو شاعر ترك الكذب والتزم الصدق نزلت كتابته ، ولذلك قيل أعذب الشعر أكذبه. والقرآن جاء فصيحاً مع التنزه عن الكذب.

                              ب - أنه اقتصر على توجيب العبادات وتحريم القبائح والحث على مكارم الأخلاق وترك الدنيا واختيار الآخرة، وأمثال هذه الأمور توجب تقليل الفصاحة.
                              ج- القرآن جاء فصيحاً على غاية الفصاحة في كل فن ترغيباً كان أو ترهيباً أو وعظاً أو غيرهما. وكمثال جاء في الترغيب قوله: ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [السجدة : 17], وفي الترهيب قوله: (... وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [15] مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ [16] يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) [إبراهيم :15- 17], وفي الزجر والتوبيخ قوله: (فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[العنكبوت : 40] وفي الوعظ قوله: (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ , ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء : 206-207], وفي الإلهيات قوله: اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ . عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [الرعد :8- 9].

                              د- أن القرآن في أغلب المواضع يأتي بلفظ يسير متضمنا" لمعنى كبير ويكون اللفظ أعذب ما يكون، مثل قوله تعالى {ولكم في القصاص حياة} فإن هذا القول لفظه يسير ومعناه كثير. ومع كونه بليغاً مشتملاً على المطابقة بين المعنيين المتقابلين وهما القصاص والحياة. وعلى الغرابة، بجعل القتل الذي هو ضد ومناقض للحياة ظرفاً وسببا" لها وهو أولى من جميع الأقوال المشهورة عند العرب في هذا البابً.

                              2- تكوين وأسلوبه المخالف لفنون الشعر والنثر, مما جعل الشعراء المشهورين وأشراف العرب، مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلام وشدة عداوتهم للإسلام، لم يجدوا في بلاغة القرآن وحسن نظمه وأسلوبه مجالاً للنقد، بل اعترفوا أنه ليس من جنس خطب الخطباء وشعر الشعراء، ونسبوه تارةً إلى السحر تعجباً من فصاحته وحسن نظمه، وقالوا تارةً إنه إفك إفتراه وأساطير الأولين، وقالوا تارةً لأصحابهم وأحبابهم لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون. وهذا أسلوب الضعيف الواهي الحجة.
                              فثبت أن القرآن معجز ببلاغته وفصاحته وحسن نظمه. وكيف يتصور أن يكون الفصحاء والبلغاء من العرب بهذه الكثرة والشهرة بغاية العصبية والحمية الجاهلية، وما عرف عنهم من حب المباراة والتباهي، والدفاع عن الأحساب, فيتركون الأمر الأسهل الذي هو الإتيان بمقدار أقصر سورة ويختارون الأشد الأصعب مثل الجلاء وبذل المال والأرواح.

                              ولو كانوا يظنون أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم استعان بغيره، لأمكنهم أن يستعينوا بغيرهم فلماذا لم يفعلوا ذلك وآثروا التسليم بالهزيمة على محاولة المعارضة والحرب والقتال على محاولة الإتيان بمثله ؟.



                              3- إخبار القرآن بحوادث آتية وجدت بعد ذلك على الوجه الذي أخبر بها مثل:

                              أ – قول الله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 27]}.فوقع كما أخبر، ودخل الصحابة المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير خائفين.

                              ب - قول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً .. [النور : 55]}. فحدث ما وعد اللّه به المؤمنين بأن تسلطوا في جانب الغرب إلى أقصى الأندلس والمغرب، وفي جانب الشرق إلى حد الصين، ففي مدة ثلاثين سنة تسلط أهل الإسلام على هذه الممالك تسلطاً تاماً، وغلب دين اللّه المرضي على سائر الأديان في هذه المماليك فكانوا يعبدون اللّه آمنين غير خائفين.
                              ج - قول الله تعالى: { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُون .. [الفتح : 16] }. ووقع كما أخبر فالمراد بقوم أولي بأس على أظهر الوجوه وأشهرها، بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب والداعي الصديق الأكبر رضي اللّه عنه.
                              د - قول الله تعالى: { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً [النصر:1- 2]. والمراد بالفتح فتح مكة، فهذه السورة نزلت قبل فتح مكة، فحصل فتح مكة ودخل الناس في الإسلام فوجاً بعد فوج من أهل مكة والطائف وغيرها في حياته صلى اللّه عليه وسلم.
                              هـ - قول الله تعالى: { قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ .. [آل عمران : 12]. وقد وقع كما أخبر فصاروا مغلوبين.
                              و - قول الله تعالى: { .. وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ .. [المائدة : 67] }. وقد وقع كما أخبر مع كثرة من قصد ضره فعصمه اللّه تعالى، حتى انتقل من الدار الدنيا إلى منازل الحسنى في العقبى.
                              ز - قول الله تعالى: [سورة الروم : 2] { غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْض } أي أقرب الأرض { وَهُم } أي الروم { مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } أي الفرس { فِي بِضْعِ سِنِينَ } أي ما بين الثلاث والعشر {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ } وحدث ما أخبر به القرآن الكريم.

                              ح - قول الله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر : 45]}, وحدث كما قال الله تعالى, فتمت هزيمة كفار قريش في غزوة بدر.



                              4- إخبار القرآن بأحوال القرون السالفة والأمم الهالكة، وقد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام, كان أمياً ما قرأ ولا كتب.

                              5- ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطئون في السر على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان اللّه يطلع رسوله على تلك الأحوال حالاً فحالاً، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق.



                              6- جمع القرآن لمعارف وعلوم لم تعهدها العرب مثل علم الشرائع وطرق إقامة الحجة والتنبيه على الدلالات العقلية كمثال قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس : 81]} وكقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس : 79]} وكقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [الأنبياء : 22]}.



                              7- كون القرآن الكريم بريئاً عن الاختلاف والتفاوت مع أنه كتاب كبير مشتمل على أنواع كثيرة من العلوم، فلو كان ذلك من عند غير اللّه لوقعت فيه أنواع من الكلمات المتناقضة.


                              8- كونه معجزة باقية متلوّة في كل مكان مع تكفل اللّه بحفظه، و أن قارئه لا يسأمه وسامعه لا يمجه، وتيسير حفظه لمتعلمه فتجد من اليسير على طفل في الخامسة حفظ القرآن كاملا".

                              9- أسلوب القرآن الكريم يخالف مخالفة تامة أسلوب كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فالقارئ يشعر عند قراءته لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أنه أمام شخصية بشرية وذاتية تعتريها الخشية والمهابة والضعف أمام الله تعالى, بخلاف القرآن الكريم الذي يتراءى للقارئ من خلال آياته ذاتية قوية مسيطرة رحيمة عادلة خالقة حكيمة . ولو كان القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم لكان أسلوبه وأسلوب الأحاديث سواء. ومن المسلم به أن من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له في بيانه أسلوبان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جذرياً.


                              10- لو كان القرآن الكريم من إنتاج عقل بشري، فإنه يتوقع أن يذكر فيه شيئا" عن عقلية مؤلفه ومما يتعرض له من مواقف وأزمات, فلا يمكن أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام هو مؤلف للقرآن ولا نجد بالقرآن أي شيء عن أم المؤمنين خديجة أو عائشة أو جده أو عمه أو أمه أو بناته أو ابنه إبراهيم الذي توفى وبكى عليه حزنا" قائلا" "وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون". فالقارئ للقرآن يجد أن هناك انفصالا كاملا بين حياة الرسول عليه الصلاة والسلام الشخصية وبين ما جاء في القرآن الكريم, إلا فيما يتعلق بالجوانب التي نزلت فيها تشريعات للأمة في خطاب موجه للرسول عليه الصلاة والسلام.


                              11- يحتوي القرآن على كثير من الإشارات العلمية مثل :

                              أ- ضيق الصدر كلما صعدنا لأعلى وذلك لقلة نسبة الأوكسجين, في قول الله تعالى : فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام : 125].
                              ب- دور الرياح في عملية تكوين السحاب أو نقل حبوب اللقاح, في قول الله تعالى : وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر : 22]
                              ج- إختلاف الشمس عن القمر بأن الشمس هي مصدر للضوء, في قول الله تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس : 5]
                              د- حركة الكرة الأرضية مما يجعل الجبال الضخمة تتحرك مع الكرة الرضية ونحن نظنها ساكنة , في قول الله تعالى : وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل : 88].
                              ه- كروية الأرض , في قول الله تعالى : وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [النازعات : 30] وقول الله تعالى:
                              خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر : 5]

                              12- إخبار القرآن الكرم بواقعة نجاة جسد فرعون و وتم اكتشاف نجاة الجسد بعد أكثر من 1300 عام , ومن المعروف أن نشأة الإسلام كانت بعيدة كل البعد عن الثقافة والحضارة الفرعونية التي كانت قد اضمحلت وقت ظهور الإسلام.
                              فقد ذكر الله تعالى عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وعندما تم دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلا و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه – فهل كان محمد عليه الصلاة والسلام , على علم ببراعة المصريين في التحنيط؟ وقد أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور ( موريس بوكاي ) وعكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب ( القرآن والإنجيل والتوراة والعلم) الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية.


                              " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس : 92]


                              وقد نجى البدن وأصبح آية فأسلم البعض ولا يزال الكثير يغمض أعينه عن الحقائق الواضحة .

                              جاء في كتاب حوار مع صديقي الملحد:[35]
                              لا نقول إن القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام.. لأن القران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغى ودقة لغوية هو مما لا يدخل في قدرة بشر أن يؤلفه.. فإذا أضفنا إلى ذلك أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب ولم يتعلم في مدرسة ولم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية، فإن احتمال الشك واحتمال إلقاء هذا السؤال يغدو مستحيلا.. والله يتحدى المنكرين ممن زعموا أن القرآن مؤلف.
                              ) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [يونس : 38], أي استعينوا بالجن والملائكة وعباقرة الإنس وأحضروا سورة من مثله.
                              ومازال التحدى قائما ولم يأت أحد بشيء... إلا ببعض عبارات مسجوعة ساذجة سموها "سورة من مثله"... أتى بها أناس يعتقدون أن القرآن مجرد كلام مسجوع.
                              ولكن سورة من مثله, أي بها نفس الإعجاز البلاغي والعلمي.

                              وإذا نظرنا إلى القرآن في حياد وموضوعية فسوف نستبعد تماما أن يكون محمد عليه الصلاة والسلام هو مؤلفه للأسباب التالية:.
                              1- لأنه لو كان مؤلفه لبث فيه همومه وأشجانه، ونحن نراه في عام واحد يفقد زوجه خديجة وعمه أبا طالب ولا سند له في الحياة غيرهما.. وفجيعته فيهما لا تقدر.. ومع ذلك لا يأتي لهما ذكر في القرآن ولا بكلمة.. وكذلك يموت ابنه إبراهيم ويبكيه، ولا يأتي لذلك خبر في القرآن.. القرآن معزول تماما عن شخصية وذات الرسول عليه الصلاة والسلام.
                              بل إن الآية لتأتى مناقضة لما يفعله محمد وما يفكر فيه.. وأحيانا تنزل الآية معاتبة له كما حدث بصدد الأعمى الذي انصرف عنه النبي إلى أشراف قريش: ) عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَن جَاءهُ الْأَعْمَى . وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى )[عبس :1- 3].
                              وأحيانا تنزل الآية فتنقض عملا من أعمال النبي : " ) مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الأنفال : 67- 68]

                              وأحيانا يأمر القرآن محمدا" عليه الصلاة والسلام بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكلام تأليفا : (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الأحقاف : 9]
                              فلا يوجد نبي يتطوع من تلقاء نفسه ليقول لأتباعه لا أدرى ما يفعل بي ولا بكم, لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا, ولا أملك لكم ضرا ولا نفعا. فإن هذا يؤدى إلى أن ينفض عنه أتباعه.
                              مثل هذه الآيات لا يمكن أن يؤلفها النبي لو كان يضع القرآن من عند نفسه.

                              2- لو نظرنا بعد ذلك في العبارة القرآنية لوجدنا أنها جديدة منفردة في بنائها ومعمارها ليس لها شبيه فيما سبق من أدب العرب ولا شبيه فيما أتى لاحقا بعد ذلك,. حتى لتكاد اللغة تنقسم إلى شعر ونثر وقرآن.. فنحن أمام كلام هو نسيج وحده لا هو بالنثر ولا بالشعر.

                              اسمع هذه الآيات : " قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً " [مريم : 4] , وهذه الآيات: " طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى (8)" [سورة طه : 1-8].


                              3- إذا مضينا في التحليل أكثر فإننا سنكتشف الدقة البالغة والإحكام المذهل.. كل حرف في مكانه لا تقديم ولا تأخير.. لا تستطيع أن تضع كلمة مكان كلمة، ولا حرفا مكان حرف.. كل لفظة تم اختيارها من مليون لفظة بميزان دقيق , وسنرى أن هذه الدقة البالغة لا مثيل لها في التأليف.
                              انظر إلى هذه الكلمة "لواقح " في الآية التالية :

                              وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر : 22]

                              وكانوا يفسرونها في الماضي على المعنى المجازى بمعنى أن الرياح تثير السحب فتسقط المطر فيلقح الأرض بمعنى "يخصبها" ثم عرفنا اليوم أن الرياح تسوق السحب إيجابية التكهرب وتلقى بها في أحضان السحب سالبة التكهرب فيحدث البرق والرعد والمطر.. وهى بهذا المعنى "لواقح " أيضا, ونعرف الآن أيضا أن الرياح تنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة فتلقحها بالمعنى الحرفي, فنحن أمام كلمة صادقة مجازيا وحرفيا وعلميا، ثم هي بعد ذلك جميلة فنيا وأدبيا وذات إيقاع حلو.
                              هنا نرى منتهى الدقة في انتقاء اللفظة ونحتها، وفى آية أخرى:
                              وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 188]
                              لاحظ كلمة "تدلوا., فمع أن الحاكم الذي تلقى إليه الأموال في الأعلى وليس في الأسفل...... لا، إن القرآن يصحح الوضع، فاليد التي تأخذ الرشوة هي اليد السفلى ولو كانت يد الحاكم.. ومن هنا جاءته كلمة "تدلوا بها إلى الحكام " لتعبر في بلاغة لا مثيل لها عن دناءة المرتشي.



                              وفى آية قتل الأولاد من الفقر نراها جاءت على صورتين:
                              ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ..[الأنعام : 151]
                              (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم .. [الإسراء : 31]

                              والفرق بين الآيتين لم يأت اعتباطا، وإنما جاء لأسباب محسوبة.. فحينما يكون القتل من إملاق فإن معناه أن الأهل فقراء في الحاضر، فيقول: نحن "نرزقكم " لأنهم فقراء في الوقت الحالي وإياهم.
                              وحينما يكون قتل الأولاد خشية إملاق فإن معناه أن الفقر هو احتمال في المستقبل وليس وضع حالي, لذا تشير الآية إلى الأبناء فتقول نحن "نرزقهم " أي الذين تخافون عليهم من الفقر وإياكم.
                              مثل هذه الفروق لا يمكن أن تخطر على بال مؤلف.



                              ثم الدقة والخفاء واللطف فى الإعراب. انظر إلى هذه الآية:
                              وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات : 9]

                              مرة عوملت الطائفتان على أنهما جمع "اقتتلوا" ومرة على أنهما مثنى "فأصلحوا بينهما" والسر لطيف.
                              فالطائفتان في القتال تلتحمان وتصبحان جمعا من الأذرع المتضاربة.. في حين أنهما في الصلح تتفصلان إلى اثنين.. وترسل كل واحدة عنها مندوبا، ومن هنا قال الله تعالى:
                              (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا).
                              حتى حروف الجر والوصل والعطف تأتى وتمتنع فى القرآن لأسباب عميقة، وبحساب دقيق محكم. مثلا تأتي كلمة "يسألونك " فى أماكن عديدة من القرآن:
                              ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة : 215]

                              ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي 00[الأعراف : 187]

                              (..وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ... [البقرة : 220]

                              دائما الجواب بكلمة "قل ".. ولكنها حين تأتى عن الجبال:
                              وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً [طه : 105]

                              هنا لأول مرة جاءت "فقل " بدلا من "قل ".
                              والسبب أن كل الأسئلة السابقة كانت قد سئلت بالفعل، أما سؤال الجبال فلم يكن قد سئل بعد، لأنه من أسرار القيامة، وكأنما يقول الله: فإذا سألوك عن الجبال "فقل ".. فجاءت الفاء زائدة لسبب محسوب.
                              أما فى الآية:
                              ) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...[البقرة : 186] هنا لم ترد كلمة "قل " لأن السؤال عن ذات الله.. والله أولى بالإجابة عن نفسه.
                              كذلك الضمير أنا ونحن.
                              يتكلم الله بضمير الجمع للتعظيم حيثما يكون التعبير عن فعل إلهي ينفرد به الله تعالى كالخلق، وإنزال القرآن وحفظه:
                              إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر : 9]

                              نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ [الواقعة : 57]

                              إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر : 1]

                              أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [الواقعة : 59]

                              مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه : 55]

                              أما إذا جاءت الآية في مقام مخاطبة بين الله وعباده كما في موقف المكالمة مع موسى أو مع الملائكة أو الأنبياء, تأتي الآية بضمير المفرد

                              ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) [طه : 12]
                              ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )[طه : 14]

                              (قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) [طه : 46]
                              (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...) [البقرة : 30]

                              (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) [البقرة : 124]
                              ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ..) [البقرة : 186]
                              ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) [الحجر : 28]

                              ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) [طه : 82]



                              فالله تعالى يقول: "أنا" تنبيها منه سبحانه على مسألة التوحيد والوحدانية في العبادة.
                              ونجد مثل هذه الدقة الشديدة في آيتين متشابهتين تفترق الواحدة عن الأخرى في حرف اللام.
                              لاحظ حرف "اللام " في الآيتين عن إنزال المطر وإنبات الزرع:



                              ) أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ. أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة : 63-65]
                              وفى آية ثانية:
                              ) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ . لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ [الواقعة : 68-70] -أجاجا" أي مالحا"-.
                              فى الآية الأولى لجعلناه " حطاما واللام جاءت لضرورة التوكيد , لأن هناك من سوف يدعى بأنه يستطيع أن يتلف الزرع كما يتلفه الخالق، ويجعله حطاما ,

                              وفى الآية الثانية " جاءت بدون توكيد : "جعلناه " أجاجا..
                              لأنه لن يستطيع أحد من البشر أن يدعى أن في مقدرته أن ينزل من سحب السماء مطرا مالحا فلا حاجة إلى توكيد باللام.

                              ونفس هذه الدقة نجدها في وصف إبراهيم عليه السلام لربه في القرآن بأنه:
                              (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ [الشعراء : 81],

                              (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ [الشعراء : 79]

                              فجاء بكلمة"هو" حينما تكلم عن "الإطعام " ليؤكد الفعل الإلهي، لأنه سوف يدعى الكل أنهم يطعمونه ويسقونه أو يستطيعون إطعامه وسقيه، على حين لن يدعى أحد بأنه يستطيع أن يميته ويحييه كما يميته الله ويحييه الله تعالى فلم يتم وضع الضمير العائد على الله تعالى..

                              هذه بعض الأمثلة للدقة البالغة والنحت المحكم في بناء العبارة القرآنية وفى اختيار الألفاظ واستخدام الحروف لا زيادة ولا نقص، ولا تقديم ولا تأخير، إلا بحساب وميزان، ولا نعرف لذلك مثيلا في تأليف أو كتاب مؤلف، ولا نجده إلا في القرآن.[36]

                              رابعا": من أدلة النبوة صفات الرسول عليه الصلاة والسلام:

                              بعض من صفات الرسول عليه الصلاة والسلام:

                              الكرم: من جميل صفاته صلى الله عليه وسلم كرمُه الفياض

                              - وصفه ابنُ عمهِ ابنُ عباس فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسُه القرآن، فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة).[37]



                              - قال جابر رضي الله عنه : ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط؟ فقال: لا.[38]



                              - جاءته امرأة ببردة فقالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكَها، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا، وإنها لإزاره، فجسَّها رجل من القوم فقال: يا رسول الله اُكسُنيها. قال: (نعم). فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع، فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتَها إياه، وقد عَرفتَ أنه لا يرد سائلاً! فقال الرجل: والله ما سألتُها إلا لتكون كفني يوم أموت.[39]



                              العفو والأخلاق: من عظيم أخلاقه صلى الله عليه وسلم عفوه عمن ظلمه، وحِلمه على من جهل عليه.



                              - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً. كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ((ما له ترب جبينه)).[40]



                              - سئلت أمُ المؤمنين عائشةُ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ((لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئةَ، ولكن يعفو ويصفح). [41]


                              -من حلمه صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً جهل، فقام يبول في طرف المسجد، فقام إليه الصحابة ينتهرونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه)) فتركوه حتى بال.

                              ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن))، ثم أمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنه (فصبه) عليه. [42]



                              الزهد: من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم زهده في الدنيا وإعراضه عنها ترقباً لجزاء الله في الآخرة.



                              - عن أنسِ بنِ مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة)).[43]

                              - روى البخاري من حديث أبي هريرة قال: (ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قبض).[44]

                              - قالت أم المؤمنين عائشة لابن أختها عروة: ( وَاللَّهِ يَا ابْنَ أُخْتِى إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِى شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِى أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَارٌ - قَالَ - قُلْتُ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ..[45]

                              - دُعى أبو هريرة رضي الله عنه إلى شاة مصلية (مشوية)، فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير.[46]

                              - أثاث بيت النبي صلى الله عليه وسلم تصفه أم المؤمنين عائشة فتقول: (كان وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يتكئ عليها من أدم (جلد مدبوغ)، حشوها ليف). [47]

                              وأما فراشه فحصير يترك أثراً في جنبيه، يقول ابن مسعود: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاء (فراشاً) فقال: ((ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)). [48]

                              -دخل عليه عمر رضي الله عنه، فرآه مضطجعاً على حصير قد أثر في جنبه، ونظر ببصره في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيها قبضةٌ من شعير نحو الصاع، وقبضة أخرى من ورق الشجر في ناحية الغرفة. قال عمر: فابتدرتْ عيناي (أي بالبكاء) فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك يا ابن الخطاب؟)) قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنتَ رسولُ الله وصفوتُه، وهذه خزانتك! فقال: ((يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة، ولهم الدنيا؟)) قلت: بلى.[49]



                              التواضع :

                              - في صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم ، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه)). [50]

                              -سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: ما كان صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله تعني: خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة).[51]

                              -حين انطلق الصحابة إلى غزوة بدر، كانوا يتعاقبون، كلُّ ثلاثةِ نفرٍ على بعير، وكان صاحبا النبي صلى الله عليه وسلم في الركوب عليٌّ وأبو لبابة قال ابن مسعود: وكان إذا كانت عُقْبَة النبي صلى الله عليه وسلم (أي إذا انتهت نوبة النبي في الركوب) قالا له: اركب حتى نمشي عنك. فيقول لهما صلى الله عليه وسلم : ((ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكُما)). [52]

                              خشوعه في العبادة : من دلائل نبوته وأمارات صدقه صلى الله عليه وسلم ما رأينا من تعبده لله تعالى وخشيته من الله تعالى, ولو كان ممن يدعون النبوة ً لما تعبد لله، ولما أتعب نفسه، بل لكان صنع ما يصنعه سائر الأدعياء من السعي وراء الشهوات واستحلال المحرمات، ومن ذلك ما فعله مسيلمة الكذاب، فقد أحل لأتباعه الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة ، فتكاليف الشريعة لا يطيقها الأدعياء وسرعان ما يتخلصون منها.

                              - تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حال النبي صلى الله عليه وسلم في ليله، فتقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)).[53]


                              -تصف عائشة رضي الله عنها صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، فتقول: (كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدرَ ما يقرأ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة).[54]

                              - أما صومه صلى الله عليه وسلم، فكان يداوم على صيام يومي الاثنين والخميس تقرباً إلى ربه وابتغاء رضاه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)).[55]



                              فما الكسب الذي جناه النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا من نبوته؟, فقد عاش عليه الصلاة والسلام عيشة المساكين التي تمناها ودعا الله بها، فكان طعامُه خشنُ الشعير، ورديءُ التمر، إذا ما تيسر له ذلك، وأما وساده وفراشه صلى الله عليه وسلم فهما دليلٌ آخرُ على استعلاء النبي صلى الله عليه وسلم على الدنيا التي هجرها بإرادته، كيف لا وهو صلى الله عليه وسلم ينصح لأمته، فيقول: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).[56]

                              وما الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا حين غادرها ؟, يقول عمرو بن الحارث أخو أمِ المؤمنين جويرية قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمَة ولا شيئاً إلا بغلتَه البيضاء وسلاحَه، وأرضاً جعلها صدقة).[57]

                              جاء في موسوعة الحضارة: وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقل أن نجد إنساناً غيرة حقق كل ما كان يحلم به.[58]


                              وصدق الله العظيم
                              لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة : 128].



                              والحمد لله رب العالمين



                              --------------------------------------------

                              [1] صحيح البخاري – باب بدء الوحي- حديث رقم 3.

                              [2] إغاثة اللهفان (2/476)

                              [3] البخاري حديث 1245.

                              [4] (تفسير ابن كثير (4/266)

                              [5] البخاري حديث2915.

                              [6] مسلم حديث 4721.

                              [7] مسلم حديث 6400 / 6401.

                              [8] البخاري حديث 3674.

                              [9] رواه البخاري ح 477 و 2812.

                              [10] شرح صحيح مسلم للنووي 8-40.

                              [11] البخاري ح 1875.

                              [12] شرح صحيح مسلم للنووي 9-159.

                              [13] مسلم حديث 7515.

                              [14] البداية والنهاية 7-64.

                              [15] مسلم حديث 6658.

                              [16] معجزة القرآن – محمد متولي الشعراوي.

                              [17] البخاري حديث 4110.

                              [18] الترمذي حديث 3193.

                              [19] البخاري حديث 2924.

                              [20] البخاري حديث 2789، ومسلم حديث 1912.

                              [21] الطبراني ح (316)، وأبو نعيم في الحلية ح (2/62).

                              [22] البخاري ح 3027 .

                              [23] البخاري حديث 3572، ومسلم حديث 6082.

                              [24] البخاري حديث3578، ومسلم حديث2040.

                              [25] شرح النووي على صحيح مسلم (13/219).

                              [26] البخاري حديث 3576.

                              [27] البخاري حديث 2975 / 3702، ومسلم حديث 6375.

                              [28] البخاري حديث 4206.

                              [29] البخاري حديث 4981، ومسلم حديث 402.

                              [30] فتح الباري . ابن حجر-8-622.

                              [31] تفسير القرآن العظيم- ابن كثير (2/678).

                              [32] إغاثة اللهفان . ابن القيم. 2-476.

                              [33] جامع البيان. الطبري. 1-372/373.

                              [34] الجامع لأحكام القرآن. القرطبي . 1-267.

                              [35] للدكتور مصطفى محمود- بتصرف.

                              [36] حوار مع صديقي الملحد – ص 75 / 96 – مصطفى محمود – بتصرف .

                              [37] البخاري ح (6) ، مسلم ح ( 6149).

                              [38] البخاري ح (6034)، ومسلم ح (6158).

                              [39] البخاري ح (5810).

                              [40] البخاري ح (6031).

                              [41] الترمذي ح (2148).

                              [42] رواه البخاري ح (6025)، ومسلم ح (687)، واللفظ له.

                              [43] ( الترمذي ح (2526)

                              [44] البخاري ح (5374).

                              [45] البخاري ح (2567)، ومسلم ح (7642)- اللفظ لمسلم.

                              [46] البخاري ح (5414)

                              [47] البخاري ح (5843)، ومسلم ح (5567)، اللفظ له.

                              [48] الترمذي ح (2551)، وابن ماجه ح (4248)، وأحمد ح (2796).

                              [49] البخاري ح (4913)، ومسلم ح (1479) ، واللفظ له.

                              [50] البخاري ح (3445).

                              [51] ( البخاري ح (676)، وأحمد ح (25662)).

                              [52] رواه أحمد ح (3978).

                              [53] البخاري ح (6471) .

                              [54] البخاري ح (1123).

                              [55] رواه الترمذي ح (752).

                              [56] البخاري ح (6416).

                              [57] البخاري ح (2739).

                              [58] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13 ص 47 الهيئة المصرية العامة للكتاب.,وعلى الانترنت ص4477 الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/).

                              تعليق


                              • #45
                                أهم المراجع

                                القرآن الكريم.
                                تفاسير القرآن الكريم .
                                الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – ابن تيمية – دار الحديث.
                                إظهار الحق – رحمت الله الهندي – مكتبة النافذة.
                                قذائف الحق – محمد الغزالي – دار ذات السلاسل.




                                مكتبة ديدات – أحمد ديدات - كتاب المختار - دار الفضيلة .

                                ما الذي قاله عيسى ؟ ( What did jesus realy said ? ), مشعل القاضي – ترجمة وائل البني.
                                مناظرة بين الإسلام والنصرانية – دار الخير.
                                الأناجيل دراسة مقارنة – أحمد طاهر – دار المعارف.

                                التوراة والإنجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث- د. موريس بوكاي- مكتبة القرآن.
                                المسيحية د أحمد شلبي - مكتبة النهضة المصرية.
                                الإسلام – د أحمد شلبي- مكتبة النهضة المصرية.
                                الأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاجرة – شهاب الدين القرافي- دار ابن الجوزي.
                                سلسلة الهدى والنور – د. منقذ السقار – مكتبة النافذة.
                                بولس يقول دمروا المسيح وأبيدوا أهله – علاء أبو بكر – مكتبة وهبة.

                                تحريف المخطوطات – علي الريس – مكتبة النافذة.
                                الروح القدس في محكمة التاريخ – روبرت كيل تسلر- ترجمة وتعليق علاء أبو بكر – مكتبة وهبة.
                                دعوة أهل الكتاب – د. سعيد عبد العظيم – دار العقيدة.
                                شبهات حول الإسلام – محمد قطب – دار الشروق.
                                مواجهه صريحة بين الإسلام وخصومه – د. عبد العظيم المطعني. مكتبة وهبة.
                                شرح الأصول الثلاثة- محمد بن صالح العثيميين . دار الإيمان.
                                شرح العقيدة الواسطية – محمد بن صالح العثيميين – دار المنار.
                                كتاب التوحيد . صالح بن فوزان.
                                الخصائص العامة للإسلام – د. يوسف القرضاوي – مكتبة وهبة.

                                حقيقة الإيمان- د. عمر عبد العزيز قرشي . دار الهداية.
                                معجزة القرآن –محمد متولي الشعراوي- كتاب اليوم.
                                من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د. زغلول النجار – مكتبة الشروق الدولية.
                                حوار مع صديقي الملحد – مصطفى محمود –أخبار اليوم.

                                معاملة غير المسلمين في الدولة الإسلامية – ناريمان عبد الكريم- الهيئة المصرية العامة للكتاب.

                                مقدمة في الأصولية المسيحية – عادل المعلم – مكتبة الشروق الدولية .


                                موسوعة قصة الحضارة - مكتبة الأسرة – 2001 .

                                الموسوعة البريطانية – الإصدار 15.



                                تكوين الأناجيل – الأب فاضل سيداروس اليسوعي – دار المشرق – بيروت.
                                علم اللاهوت النظامي –جيمس أنس – راجع الدكتور القس منيس عبد النور – كنيسة قصر الدوبارة.
                                عصر المجامع – كيرلس الأنطوني – مكتبة المحبة.
                                تاريخ انشقاق الكنائس – زكريا بطرس

                                الوحي الإلهي واستحالة تحريف الكتاب المقدس – القس عبد المسيح بسيط – مطبعة المصريين.
                                الروح القدس وعمله فينا – ط 7 – البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                لاهوت المسيح– البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                اللاهوت المقارن " الجزء الأول "– البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                سنوات مع أسئلة الناس - أ - البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                كلمات المسيح على الصليب– البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                طبيعة المسيح – البابا شنودة الثالث – الناشر الكلية الأكليريكية للاقباط الأرثوذكس.
                                هل قال المسيح إني أنا ربكم فاعبدوني – القس عبد المسيح بسيط أبو الخير – مطبعة المصريين.

                                هل كان المسيح يجهل يوم وساعة نهاية العالم ؟– القس عبد المسيح بسيط أبو الخير – مطبعة المصريين.

                                تفسير الكتاب المقدس – ارشيدياكون نجيب جرجس – بيت مدارس الأحد .

                                شمس البر- القس منسي يوحنا – مكتبة المحبة.

                                الموسوعة القبطية الشاملة – دياكون ميخائيل مكسي اسكندر – مكتبة المحبة .
                                هل يمكن تحريف الكتاب المقدس – القس عبد المسيح بسيط – مطبعة المصريين.
                                لاهوت الروح القدس – يوحنا فوزي – مؤسسة بيتر للطباعة.

                                الكتاب المقدس النسخة القياسية الممنقحة . RSV.

                                الكتاب المقدس ( بعهديه ) طبعة سابعة 2004 – دار المشرق .
                                الكتاب المقدس – العهد الجديد- الطبعة 19 – 2000- دار المشرق .

                                الكتاب المقدس – فان دايك – دار الكتاب المقدس . الاصدار الخامس 2003 طبعة أولى.
                                الكتاب المقدس – كتاب الحياة – دار الكتاب المقدس . 2005 .

                                الكتاب المقدس – الترجمة العربية المبسطة – العهد الجديد – 2005 .المركز العالمي لترجمة الكتاب المقدس.

                                الكتاب المقدس – الترجمة العربية المشتركة – العهد الجديد.

                                الكتاب المقدس – الأسفار القانونية الثانية – مكتبة المحبة .
                                برنامج ومواقع تراجم الكتاب المقدس مثل :
                                e_sword
                                BibleGateway
                                الموسوعة المسيحية albichara

                                بالإضافة إلى العديد من الكتب والمقالات على شبكة الانترنت.

                                والحمد لله رب العالمين.

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 1 ديس, 2020, 09:07 م
                                ردود 0
                                156 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وداد رجائي
                                بواسطة وداد رجائي
                                 
                                ابتدأ بواسطة أمين القسنطيني, 24 أبر, 2018, 04:12 م
                                رد 1
                                378 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة جلال27
                                بواسطة جلال27
                                 
                                ابتدأ بواسطة ابن الشيشان, 11 فبر, 2018, 05:59 ص
                                ردود 2
                                584 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ابن الشيشان
                                بواسطة ابن الشيشان
                                 
                                ابتدأ بواسطة ابو انس ربيع, 21 يول, 2016, 07:40 م
                                ردود 0
                                1,028 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ابو انس ربيع
                                بواسطة ابو انس ربيع
                                 
                                ابتدأ بواسطة أبو محمدٍ المصريُّ الأثريُّ, 21 ماي, 2016, 12:24 ص
                                ردود 10
                                1,726 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة أبو محمدٍ المصريُّ الأثريُّ  
                                يعمل...
                                X