" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم /صلاح عامر

تقليص

عن الكاتب

تقليص

صلاح عامر مسلم اكتشف المزيد حول صلاح عامر
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم /صلاح عامر

    سلسة مقالات :"الرد البياني علي حكم تارك الصلاة للألباني" 1-5
    المقالة الأولى :
    إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
    :{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102]
    :{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1].
    : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 70 - 71].
    أما بعد :
    إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
    مما لاشك فيه ، بأن عقيدة أهل السنة والجماعة ، بأن الله تعالى سيُخرج من النار ،كل من قال :" لا إله إلا الله " ، ممن لا ينقضون قولهم وإقرارهم بالشهادة بشيء، لأننا نعلم جيدًا أن الذين حبسهم القرآن في النار هم الكافرون و المنافقون(النفاق الاعتقادي) ، وأنه لا يُخلد في النار أحد من عصاة المسلمين ، وبالنسبة لهذه المسألة أو غيرها يجب علينا أن نكون ملتزمون بالكتاب والسنة في كافة أحوالنا، لقوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)"(الحجرات:1)
    والأدلة كثيرة على كفر تارك الصلاة من القرآن والسنة ، سنقف على البعض منها في هذه الرسالة بمشيئة الله وتوفيقه ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم « بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ».(1)
    وأن من يقول هذا لمن تركها جحودًا ، فليأتنا بالدليل على ذلك ،فلا نخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد ، فعن مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ بَيْنَ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: " لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ مَعًا " فَقَالَ عُثْمَانُ: تَرَانِي أَنْهَى النَّاسَ عَنْهُ وَأَنْتَ تَفْعَلُهُ؟ ، قَالَ: " لَمْ أَكُنِ أَدَعُ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ " (2)
    وعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: «كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا رَأْيُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ كِتَابٌ، وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَلَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِي سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّم.(3)
    وعلى أي أساس تتم معاملته على أنه له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين ، ولا يوجد دليل على أن ترك الزكاة أو الصيام أو الحج كفر ، فلذا أيضًا لا نقبل ، أن يقال : أن مسألة تكفير ترك الأركان الأربعة من مسائل الخلاف السائغ . لأننا بذلك على هذا القول نكفر مثلاً تارك الزكاة ، على الرغم من وجود الدليل الذي ليس على صحته أي خلاف بأنه مسلم ، ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ، إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ، وَجَبِينُهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ،...". (4)
    وعلى ذلك أيضًا ترك الصيام والحج ، مع ترغيبنا بكل الأعمال والتحذير من تركها بموجب ما ترتب عليها من ثواب لفاعلها بشروطها وأركانها ، يبتغى بذلك وجه الله ، أو عقاب لمن تركها أو تهاون في أدائها ، ودليلنا على كل ما نقول من القرآن الكريم وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من سنته ، وما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ العُقَيْلِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ».(5)
    وما لم يكن دينًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ، فلن يكون لنا بدين ، إذ نحن ملتزمون بما نقول ، لأننا نقول : لا خلاف مع النص ، وليراجعني في هذا الردود من شاء فإننا بحمد الله تعلمنا من نبينا صلى الله عليه وسلم أن نتقبل الحق من كل من جاء به ، ولكنه يجب علينا بأن نراجع الأدلة دون التعصب لمذهب معين أو شيخ بعينه ، نلتمس بذلك رضا الله ، لا نلتمس رضا ممن هم حولنا من علماء وغيرهم من يقولون بعدم كفره ، لأننا سنسأل بين يدي الله عن هذا العلم الشرعي ، لأنه من أعظم الأمانات، لأنه متعلق بالوحي الإلهي ،لقوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)"(الأنفال:27-28)،ولقوله تعالى :"قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)(الأعراف:33) ولقوله تعالى :" وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)(النحل: 116-117)
    ولقوله صلى الله عليه وسلم :«أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ مَنْ فِي السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً؟ ».(6)
    فدل بذلك على عظم أمانة هذا العلم الشرعي المتعلق بوحي الله سبحانه وتعالى ، والله أسأل أن يوفقني وسائر إخواني المسلمين لما يحبه ويرضاه ، اللهم إني بلغت ، اللهم فاشهد .
    حديث "الشفاعة" عمدة كتاب " حكم تارك الصلاة للألباني-رحمه الله-:
    عن أبي هريرة :" أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ» قَالُوا: لاَ، قَالَ: " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلاَئِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الجَنَّةِ، رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ، لاَ أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ، أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ كَذَا وَكَذَا، أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَوْلَهُ: «لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ».(7)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
    والكتاب منشور كاملاً بصيغة ملف pdf بموقع " مكتبة نور" مجاني
    1- مسلم121 - (67)، وأحمد في " المسند"(10434 )من حديث جابر بن عبد الله .
    2- البخاري(1563 )،وأحمد في" المسند"(1139 )واللفظ له، والدارمي (1964).
    3- إسناده صحيح : رواه الدارمي(446)، والمروزي في" السنة"(94)،وفي تعظيم قدر الصلاة(746 )،والإمام بن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم"(1456 )،والآجري في " الشريعة"(107 )وابن بطة في " الإنابة"(100).
    4- مسلم 26 - (987).
    5- صحيح موقوف :رواه الترمذي(2622 )، والحاكم ،و"المشكاة"(579 -[16])،والمروزي في تعظيم قدر الصلاة"(948 )وصححه الألباني.
    6- البخاري(4351 )،مسلم144 - (1064)،وأحمد في " المسند"(11018)،وابن حبان(25 ).
    7- البخاري(6573،7437)،ومسلم (182)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    سلسلة مقالات :" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم صلاح عامر
    المقالة الثانية :
    وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْصَابِ إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ، كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا قَالَ: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلَّا أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلَّا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: " دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدِ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ، فَيَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا "، وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ، قَالَ: " فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا ".(8)
    يقول الشيخ -رحمه الله- بعد تخريج هذا الحديث: هذا التخريج الذي قد لا تراه في مكان آخر وبيان أنه متفق عليه بين الشيخين وغيرهما من أهل (الصحاح) و (السنن) و (المسانيد) أقول:
    في هذا الحديث فوائد جمة عظيمة منها: شفاعة المؤمنين الصالحين في إخوانهم المصلين الذين أدخلوا النار بذنوبهم ،ثم بغيرهم ممن هم دونهم ، على اختلاف قوة إيمانهم .
    ثم يتفضل الله تبارك وتعالى على من بقي في النار من المؤمنين ،فيخرجهم من النار بغير عمل عملوه ولا خير قدموه.
    ولقد توهم (بعضهم) أن المراد بالخير المنفي تجويز إخراج غير الموحدين من النار
    قال الحافظ في (الفتح) (13 / 429) : (ورد ذلك بأن المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين كما تدل عليه بقية الأحاديث)
    قلت: منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس الطويل في الشفاعة أيضًا:
    (فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع
    فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله ،
    فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)
    متفق عليه وهو مخرج في (ظلال الجنة) (2 / 296)
    وفي طريق أخرى عن أنس:
    (. . . وفرغ الله من حساب الناس وأدخل من بقي من أمتي النار فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله عز وجل لا تشركون به شيئا؟
    فيقول الجبار عز وجل: فبعزتي لأعتقنهم من النار
    فيرسل إليهم فيخرجون وقد امتحشوا فيدخلون في نهر الحياة فينبتون. . .) الحديث (9)
    وفي الحديث رد على استنباط ابن أبي جمرة من قوله صلى الله عليه وسلم فيه: (لم تغش الوجه) ونحوه الحديث الآتي بعده: (إلا دارات الوجوه) : أن من كل من مسلمًا ولكنه كان لا يصلي لا يخرج [من النار] إذ لا علامة له)
    ولذلك تعقبه الحافظ بقوله (11 / 457) :
    (لكنه يُحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله: (لم يعملوا خيرًا قط )وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في (التوحيد)يعني هذا الحديث
    وقد فات الحافظ - رحمه الله - أن في الحديث نفسه تعقبًا على ابن أبي جمرة من وجه آخر وهو أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى فأخرجوهم من النار بالعلامة فلما شفعوا في المرات الأخرى وأخرجوا بشرا كثيرًا لم يكن فيهم مصلون بداهة وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم وهذا ظاهر جدًا لا يخفى على أحد إن شاء الله.(10)
    الرد على ما قاله الشيخ الألباني -رحمه الله-:
    وأقول: وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذين يخرجون من النار بعبادة الله بالسجود لله سبحانه وتعالى ، وحرم على النار أن تأكل آثار السجود ،بقوله صلى الله عليه وسلم في رواية أبو هريرة :" حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلاَئِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ.
    فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم:" أَمَرَ اللَّهُ المَلاَئِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ"
    وفي رواية : حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ،..."الحديث (11)
    فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ
    فأقول بتوفيق الله : أما الذين يقولون لا إله إلا الله ويصلون، تعرفهم الملائكة في النار بأثر السجود ، وليس ممن ينطقون بالشهادة ولا يصلون ، كما يزعم الزاعمون.
    فدل على ارتباط عبادة الله بالسجود لله ،وذلك لا يكون إلا بالصلاة ، ولقوله تعالى :{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم:62]، وقوله تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)[الحج:77]وقوله تعالى :"وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)"(فصلت:37).
    وقال تعالى :" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)(الحج:18).
    وفي تحريمه سبحانه وتعالى على النار أن تأكل أثر السجود بيان على ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ،..."الحديث .
    فتأمل ذلك ولا تلتفت إلى خلافه ، فإن الله تعالى يقول :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)"الحجرات:1)
    وأيضًا قوله صلى الله عليه وسلم بعد إدخال الكافرين النار :"حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا ، قَالَ: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ، فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، إِلَّا أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ ، وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلَّا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ ،...."الحديث
    فأين هذه البداهة التي يزعمها الشيخ - رحمه الله - وينتصر لها : أن أخر من يخرجون من النار بعد قبضة الرحمن بداهة بأنهم لا يصلون .ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
    وانظروا إلى رده على استنباط ابن أبي جمرة من قوله صلى الله عليه وسلم فيه: (لم تغش الوجه) ونحوه الحديث الآتي بعده: (إلا دارات الوجوه) : أن من كل من مسلمًا ولكنه كان لا يصلي لا يخرج [من النار] إذ لا علامة له).
    فهذا الذي يدل عليه نص الحديث ، دون التعصب لما يريده الشيخ – رحمه الله – أو يحمله على القول بخلاف ذلك .
    وقد استدل الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى على كفر تارك الصلاة بكفر إبليس بتركه السجود لآدم, وترك السجود لله أعظم.(12)
    وفي قول العبد في صلاته في قرأته لفاتحة الكتاب:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]
    وخصت من دون العبادات بهذا الإقرار ، ليعلم جليًا ارتباط عبادة الله بفريضة الصلاة ، وعندما يقول العبد ذلك ، يقول الله تعالى :" قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، .." الحديث، كما في حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (13)
    وأيضًا حديثه رضي الله عنه في " الصحيحين ": أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ".(14)
    وفي رواية زاد:" فَاغْفِرْ لَهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ".(15)
    فتدبر قوله تعالى لملائكته بوصفه سبحانه لمن يجتمعون في صلاة العصر والفجر بالعبودية له سبحانه :" فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ " لدلالة واضحة على استشهادنا بالنصوص الصحيحة على ما نقول وأن اجتياز هذا الاختبار الآخروي للمؤمنين بالسجود لله دون غيرهم بالنسبة لمن كان يصلي اتقاء أو رياء، وهم الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة :" وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا" أو من لا يصلي تبعًا لذلك من باب أولي .
    وأن هذا الاختبار ليس له معنى عند من يقولون ببداهة أن أخر من يدخلون الجنة لا يصلون . وإنا لله وإنا إليه راجعون
    ولا يفوتني أن أذكر فقه الصحابة رضي الله عنهم ، بسؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم ما ينفعهم به من أمر دينهم وآخراهم ، بقولهم: هل نرى ربنا يوم القيامة ؟، قَالَ: «هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ»، قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ» قَالُوا: لاَ، قَالَ: " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ ،... "
    ثم زيادتهم ببيان حال كافة الناس يوم القيامة ، ممن كانوا يعبدونه سبحانه ، ومن كانوا يعبدون غيره .
    ولو بحث المسلم عن ما هو العمل الذي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من ثمراته رؤية الله عز وجل في الآخرة ، لوجده الحفاظ على صلاتي الفجر والعصر، لما رواه الشيخان وغيرهما ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" - يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ -، ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]. (16)
    وليأتيني أي أحد من إخواني المسلمين من أهل العلم الفضلاء ، أو أي أحد من إخواني من طلبة العلم ، أو من عامة المسلمين جميعًا ، بدليل على من أتي بهذه البداهة من أهل العلم السابقين من قبل من حديث الشفاعة على أن أخر من يخرجون من النار لا يصلون .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    8- البخاري(7439)، ومسلم302 - (183) واللفظ له ، وأحمد في" المسند"(11127)،وابن حبان(7377 ).
    9- أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح وهو مخرج في (الظلال) تحت الحديث (844) وله فيه شواهد (843 - 843) وفي (الفتح) (11 / 455) شواهد أخرى.
    10-" كتاب حكم تارك الصلاة " للألباني-رحمه الله-(ص:31-33 )
    11- البخاري(7437)، ومسلم299-(182)
    12 - "العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين "حسين بن غنّام .(1/86) ط. الأولى - فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية
    13 - رواه مسلم 38 - (395)،وأحمد في المسند(7291 )، وأبو داود(821 ) ،وابن ماجة(3784 )،وابن حبان(1784 ).
    14- البخاري(555)،ومسلم210 - (632)،وأحمد(7491)
    ،والنسائي(486)،وابن حبان(1737 )
    15- رواه ابن خزيمة(322)، وابن حبان(2061).
    16 - البخاري(4851 )،ومسلم 211 - (633)،وأحمد(19251 )،
    وأبو داود(4729) ،والترمذي(2551) ،وابن ماجة(177) ،وابن حبان(7443 )
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    سلسلة مقالات :" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني " بقلم صلاح عامر
    المقالة الثالثة :
    وأرد على مقالة الشيخ الألباني -رحمه الله-: لا اعتراض على نص الحديث فهو في " الصحيحين " ولكن الاعتراض على استنباط شيء من الحديث لم يشار إليه من قريب و لا من بعيد ، أما قوله صلى الله عليه وسلم :" فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ ".
    فيرد عيه الإمام أَبُو بَكْرٍ بن خزيمة ، بقوله : هَذِهِ اللَّفْظَةُ :" لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ " مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ الْعَرَبُ: يُنْفَى الِاسْمُ عَنِ الشَّيْءِ لِنَقْصِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ ،فَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ، عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ ، لَا عَلَى مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِي.(17)
    وقال الإمام القاسم بن سلام : هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ الْمُسْتَفِيضُ عِنْدَنَا ، غَيْرُ الْمُسْتَنْكَرِ فِي إِزَالَةِ الْعَمَلِ عَنْ عَامِلِهِ, إِذَا كَانَ عملُه عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلصَّانِعِ إِذَا كَانَ لَيْسَ بمحكمٍ لِعَمَلِهِ: مَا صنعتَ شَيْئًا ، وَلَا عَمِلْتَ عَمَلًا، وَإِنَّمَا وَقَعَ مَعْنَاهُمْ هَاهُنَا عَلَى نَفْيِ التَّجْوِيدِ، لَا عَلَى الصَّنْعَةِ نَفْسِهَا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ عَامِلٌ بِالِاسْمِ، وَغَيْرُ عَامِلٍ فِي الْإِتْقَانِ .(18)
    وفي اختصام ملائكة الرحمة والعذاب في قاتل المائة نفس بعد توبته ، قالت ملائكة العذاب :" إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ " بالرغم من توبته وصدقه فيها ، وانطلاقه إلى الأرض التي فيها أناس يعبدون الله ليعبد الله معهم ، ولكن وافته المنية في منتصف الطريق.
    فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ،..."الحديث(19)
    أما البداهة التي يستدل بها أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى فأخرجوهم من النار بالعلامة فلما شفعوا في المرات الأخرى، وأخرجوا بشرًا كثيرًا ، لم يكن فيهم مصلون بداهة ،وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم ، وهذا ظاهر جدًا لا يخفى على أحد إن شاء الله.
    وأقول : من المعلوم لنا أن أهل الجنة متفاوتون في درجاتهم فإن الجنة مائة درجة ، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تفاوت العصاة من الموحدين في سيئاتهم ، ومكثهم في النار تبعًا لذلك ، ولكنهم جميعًا معهم أصل الإيمان ، ويكون خروجهم في أواخر أهل النار ، على ما معهم من إيمان وخير ، ولا بداهة تُذكر على أنهم لا يُصلون .
    ويرد عليه أيضًا الإمام المروزي في " تعظيم قدر الصلاة" : أَفَلَا تَرَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يُرْجَى لَهُمُ الْخُرُوجُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ جَمِيعًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ يُعْرَفُونَ بِآثَارِ السُّجُودِ ، فَقَدْ بَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ هُمُ الْمُصَلُّونَ ، أَوَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَيَّزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ بِالسُّجُودِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48] ، {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] . أَفَلَا تَرَاهُ جَعَلَ عَلَامَةَ مَا بَيْنَ مِلَّةِ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَبَيْنَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارًا مُفَسَّرَةً تُبَيِّنُ أَنَّ تَارِكَ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ لَيْسَ كَافِرًا يَسْتَوْجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.(20)
    وإذا كان الله تبارك وتعالى يأمر ملائكته بأن يخرجوا من كان يعبد الله فيعرفونهم بآثار السجود ، واختبار الله تعالى لعباده بالسجود له :"فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، إِلَّا أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً ، إِلَّا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، فنقول لطلبة الشيخ رحمه الله- هل سيسجد تاركي الصلاة لربهم مع المؤمنين ، وقد كانوا لا يسجدون لله وهم سالمون ، وهل يغيب عنا أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يوجد أحد من أمته- أمة الإجابة - إلا وهو صلى الله عليه وسلم يعرفهم بآثارهم ، غر محجلين من أثر الوضوء والسجود ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا» ، قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ» ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ: " فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ:" سُحْقًا سُحْقًا " .(21)
    وعَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ».(22)
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَنَا أَعْرِفُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالُوا: وَكَيْفَ تَعْرِفُهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ فِي كَثْرَةِ الْخَلَائِقِ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ دَخَلْتَ صَبْرَةً فِيهَا خَيْلٌ دُهْمٌ بُهْمٌ، وَفِيهَا فَرَسٌ أَغَرُّ مُحَجَّلٌ، أَمَا كُنْتَ تَعْرِفُهُ مِنْهَا؟ " قَالَ: بَلَى، قَالَ: " فَإِنَّ أُمَّتِي يَوْمَئِذٍ غُرٌّ مِنَ السُّجُودِ، مُحَجَّلُونَ مِنَ الْوُضُوءِ ".(23)
    وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَتَعْرِفُنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ" (24)
    و لا يذكر الشيخ -رحمه الله- هذه الأحاديث في مبحثه عن ترك الصلاة ، و لا يعرج عليها بأي ذكر .
    حتى المؤمنين الذين هم أشد مناشدة لربهم في إخوانهم ممن دخلوا النار من الموحدين ، بأنهم إخوانهم الذين كانوا يصومون معهم ويصلون ويحجون ، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، ..." الحديث(25)
    وعند البخاري وأحمد وابن حبان : رَبَّنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا".
    و مما شك فيه نقول بأن الله تعالى سيُخرج من النار ، كل من قال :" لا إله إلا الله " من النار، ممن لا ينقضون قولهم وإقرارهم بالشهادة بشيء ، لأننا نعلم جيدًا أن الذين حبسهم القرآن في النار هم الكافرون و المنافقون ، وأنه لا يُخلد في النار أحد من عصاة المسلمين .
    يقول الشيخ الألباني -رحمه الله- ثالثا: يستدل بعض أهل العلم في تكفيرهم تارك الصلاة بآية من القرآن العظيم يجعلونها عماد أدلتهم في التكفير ، وهي قوله جل شأنه: { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [التوبة: 11]
    قالوا: وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين إقام الصلاة فمن لم يقم بها ،فلا يعد أخًا لنا في الدين.
    تابوا: رجعوا عن حالهم والتوبة منهم تتضمن الإيمان
    فإقامة الصلاة مشروطة ومسبوقة بالتوبة التي هي متضمنة للإيمان، إذ ذكر الله التوبة قبل ذكر الصلاة أو الزكاة ،فدل ذلك على أنها هي قاعدة الأصل في الحكم بأخوة الدين.
    لذا قال الطبري في " جامع البيان " (18 / 86) :
    يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون - الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم - عن كفرهم وشركهم بالله إلى الإيمان به وبرسوله وأنابوا إلى طاعته وأقاموا الصلاة المكتوبة فأدوها بحدودها وآتوا الزكاة المفروضة أهلها، فهم إخوانكم في الدين ،الذي أمركم الله به ،وهو الإسلام .ويدل على ما سبق:
    الوجه الثاني:
    أنه قرن بالصلاة الزكاة ، فهل من تاب وأقام الصلاة، لكنه لم يزك: لا يكون أخًا في الدين ، عليه ما على المسلمين ، وله ما للمسلمين؟
    إن قيل: لا بل هو أخ في الدين.
    قلنا: ما هو دليل التفريق في الآية بين الصلاة والزكاة وهما مذكورتان بالترتيب والتساوي عقيب التوبة؟.
    وإن قيل: ليس أخًا في الدين .
    قلنا: هذا باطل من القول بيقين ليس عليه أي دليل.(26)
    نرد عليه بتوفيق الله -: يعلم الشيخ -رحمه الله-أن الأمر يكون على الوجوب ، ما لم يصرفه صارف إلى الاستحباب ، كالوضوء للنوم على طهارة ، وغير ذلك ، فمثلًا يأمر النبي صلى الله عليه وسلم سليك الغطفاني يوم الجمعة بصلاة تحية المسجد ، فإذا قال قائل بوجوب صلاة تحية المسجد ، قلنا له أن النبي صلى الله عليه سلم ،قال :" خمس صلوات في اليوم والليلة" وقال للصحابي الرجل من أهل نجد :": «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ».
    فعلمنا أن هذا الأمر على وجه الاستحباب ، لأنها صلاة نافلة وليست فريضة ،وكذلك الأخوة في الدين فإذا كان ينطق بالشهادتين ، وأقام الصلاة ، ولكنه لم يزك ، يكون أخًا لنا في الدين ، عليه ما على المسلمين وله ما للمسلمين ، وهذا لأنكم تقولون :إذا صح الحديث فهو مذهبي ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ، إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ، وَجَبِينُهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا، إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ، تَسْتَنُّ عَلَيْهِ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ فَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ، كُلَّمَا مَضَى عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».(27)
    فصح أَنه منا ، وَإِن أَتَى بالكبائر، وفي حالته هذه لا تنتقض أخوته ، لأن تركه للزكاة لا يخرجه من الملة ، لأنكم تعلمون جيدًا أن الكافر ليس له سبيل إلى الجنة بحال من الأحوال ، والعجيب أن الشيخ -رحمه الله- له كتاب بعنوان: "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام".
    فنحن بحمد الله تعالى وتوفيقه ، لا نعتقد و لا نقول بقول الخوارج بالتكفير بالكبائر ، أو بترك الحج والصيام كذلك.
    ويقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} فعلق إخوتهم للمؤمنين بفعل الصلاة ، فإذا لم يفعلوا لم يكونوا إخوة المؤمنين ، فلا يكونوا مؤمنين لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} .
    وقد بينا بحمد الله تعالى حكم تارك الزكاة من الإخوة .
    وأقول بتوفيق الله : بل وحصر الله الولاية لأهل الإيمان الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة بعد ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تبعًا لإخوتهم في الدين ، فقال تعالى :" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)(المائدة:56).
    فعلى مذهب الشيخ الألباني -رحمه الله -وغيره من أهل العلم في عدم تكفيرهم لتاركي الصلاة ؛ بأنهم مسلمون ينطقون الشهادتين ويقرون بالصلاة دون جحود لها ،على تأويلهم لكلام الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، دون الالتفات إلى العلة التي بني عليها الحكم بالشرك والكفر لمجرد الترك للصلاة والذي عليه إجماع الصحابة رضوان الله عليهم ، وهذا يقتضي على مذهبهم لموالاتنا لتاركي الصلاة والله سبحانه تعالى لم يشرع أو يأذن لنا إلا بموالاة أهل الإيمان ممن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، فتأمل هذا فإنه يبطل مذهبهم في الحكم على تارك الصلاة بعدم تكفيره ،ومن قال بقولهم ، بطلانًا لا رجعة فيه .
    بل أن الله أوحى لأنبيائه من قبل بفعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، لقوله تعالى :" وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)(الأنبياء:73) ، ولذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته للمشركين من أهل الكتاب وغيرهم إلى هذه الأعمال الثلاثة من الإيمان بالله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، دون غيرهم ، ولا يقر لهم بأمر دون آخر ، قال تعالى :" وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)"(البينة :4-5).
    ويقول السمرقندي : قال عز وجل: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني: وما اختلفوا في محمّد صلّى الله عليه وسلم، وهم اليهود والنصارى إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ يعني: بعد ما ظهر لهم الحق، فنزل القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلم.
    ثم قال: وَما أُمِرُوا يعني: وما أمرهم محمد صلّى الله عليه وسلم إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ يعني: ليوحدوا الله. ويقال: وَما أُمِرُوا يعني: وما أمرهم محمد صلّى الله عليه وسلم إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ يعني: ليوحدوا الله. ويقال: وَما أُمِرُوا في جميع الكتب، إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ يعني: يوحدوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ مسلمين.
    وروي عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أنه قال: حُنَفاءَ يعني: متبعين. وقال الضحاك حُنَفاءَ يعني: حجاجًا يحجون بيت الله تعالى.
    ثم قال: وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ يعني: يقرون بالصلاة، ويؤدونها في مواقيتها وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ يعني: يقرون بها ويؤدونها.
    " وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " يعني: المستقيم لا عوج فيه، يعني:
    الإقرار بالتوحيد، وبالصلاة والزكاة، وإنما بلفظ التأنيث الْقَيِّمَةِ لأنه انصرف إلى المعنى، والمراد به الملة، يعني: الملة المستقيمة لا عوج فيها. يعني: هذا الذي يأمرهم محمد صلّى الله عليه وسلم، وبهذا أُمروا في جميع الكتب.(28)
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».(29)
    وفي رواية :" : «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» , (30)
    وفي رواية : «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ» .(31)
    وفي رواية:" «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ» , ..."الحديث(32)
    وبوب الإمام البخاري –رحمه الله- باب بعنوان : قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ} [الروم: 31]
    فيه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا مِنْ هَذَا الحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَالَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ: شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى عَنْ: الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُقَيَّرِ وَالنَّقِيرِ ".(33)
    قال ابن بطال : قرن الله التُّقى ونفى الإشراك به تعالى بإقامة الصلاة، فهى أعظم دعائم الإسلام بعد التوحيد، وأقرب الوسائل إلى الله تعالى، ومفهوم هذه الآية يدل أنه من لم يقم الصلاة فهو مشرك، ولذلك قال عمر: (ولا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة).(34)
    وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ، ..." الحديث(35)
    يقول الراوي: أمرهم بالإيمان بالله وعلى أن يراد بالأمر الشأن يكون المراد معنى اللفظ ومؤدّاه وعلى هذا الفصل بمعنى الفاصل أي مرنا بأمر فاصل جامع قاطع كما في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قل آمنت بالله ثم استقم) فالمأمور هاهنا أمر واحد وهو الإيمان والأركان الخمسة كالتفسير للإيمان بدلالة قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتدرون ما الإيمان بالله وحده ثم بينه بما قال. فإن قيل: على هذا في قول الراوي إشكالان. أحدهما أن المأمور واحد وقد قال أربع، وثانيهما أن الأركان خمسة وقد ذكر أربعًا.
    والجواب عن الأول: أنه جعل الإيمان أربعًا باعتبار أجزائه المفصلة.
    وعن الثاني: أن من عادة البلغاء أن الكلام إذا كان منصوبًا بالغرض من الأغراض جعلوا سياقه له وتوجهه إليه كأن ما سواه مرفوض مطروح ومنه قوله تعالى: {فعززنا بثالث} [يس: 14] أي فعززناهما ترك المنصوب وأتى بالجار والمجرور لأن الكلام لم يكن مسوقًا له، فهاهنا لما لم يكن الغرض في الإيراد ذكر الشهادتين لأن القوم كانوا مؤمنين مقرّين بكلمتي الشهادة بدليل قولهم الله ورسوله أعلم. وترحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهم ولكن كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما وإنهما كافيتان لهم، وكان الأمر في صدر الإسلام كذلك لم يجعله الراوي من الأوامر وقصد به أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نبههم على موجب توهمهم ، بقوله: أتدرون ما الإيمان؟ ولذلك خصص ذكر أن تعطوا من المغانم الخمس حيث أتى بالفعل المضارع على الخطاب لأن القوم كانوا أصحاب حروب بدليل قولهم وبيننا وبينك كفار مضر لأنه هو الغرض من إيراد الكلام فصار أمرًا من الأوامر اهـ.(36)
    وعَنْ بَهْزٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أُولَاءِ، وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَنْ لَا آتِيَكَ، وَلَا آتِيَ دِينَكَ، وَإِنِّي قَدْ جِئْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا؟ قَالَ: «بِالْإِسْلَامِ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا آيَةُ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: " أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ أَخَوَانِ نَصِيرَانِ , لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ يُشْرِكُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا، أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ , مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ وَإِنَّهُ سَائِلِي: «هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي؟» وَأَنَا قَائِلٌ لَهُ: " رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ أَلَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ .(37)
    وعصمة الأنفس والأموال على مدار هذه الأعمال الثلاثة ،لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التَّوْبَةِ: 5]
    وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»(38)
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا، لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ ،..."الحديث(39)
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى الْفِطْرَةِ» ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ» فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزًى".(40)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
    17- " كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب" للإمام ابن خزيمة (465) (ص:250-251) ط.دار الحديث.مصر.
    18- " الإيمان "أبو عبيد القاسم بن سلام (1/80)ط.الأولى الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .
    19- رواه البخاري(3470)،ومسلم46 - (2766)واللفظ له ، وأحمد (11687)،وابن ماجة(2622 )،وابن حبان(611 ).
    20- " تعظيم قدر الصلاة " للإمام المروزي -رحمه الله-(ص:618)ط.دار العقيدة-مصر.
    21- مسلم39 - (249) ، وأحمد(7993 )،وابن ماجة (4306 )، وابن حبان(1046 ).
    22- البخاري(136)،ومسلم35 - (246) ،وأحمد(9195).
    23- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(17693)وقال شعيب: إسناده صحيح على شرط مسلم،والترمذي (607 ) ، والأحاديث المختارة(96 )، والبيهقي في" الشعب"(2489 )،والطبراني في"الأوسط"(4 )،وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(1397 )،و"السلسلة الصحيحة"(1030)عن رواية الترمذي والإمام أحمد.
    24- مسلم 38 - (248)،وأحمد(7241)دون ذكر الوضوء، وابن حبان(7241).
    25- رواه البخاري(7439)،ومسلم302 - (183)واللفظ له ، وأحمد في" المسند"(11127)،وابن حبان(7377 ).
    26-" كتاب حكم تارك الصلاة للألباني-ص:11-14)بقلم مقدم الكتاب
    27- مسلم 26 - (987).
    28-" بحر العلوم" (3/63-64)خدمة التفاسير –المكتبة الشاملة .
    29 - البخاري(1496،4347)،ومسلم29 - (19)625،وأحمد في " المسند"(2071)،وأبو داود(1584 )،والترمذي(625والنسائي(2522 )،وابن ماجة(1783)،وابن حبان(5081 )،وابن خزيمة(2275).
    30- البخاري (1395) ، وابن خزيمة(2346).
    31 - البخاري(1458) ، ومسلم 31 - (19)،وابن حبان(156 ،2419).
    32- البخاري(7372).
    33- البخاري (522 )واللفظ له ، ومسلم 23 - (17)، وأحمد(2020)، وأبو داود "(3692) ، والترمذي (2611)، والنسائي (5031 )،وابن حبان(157 ).
    34- "شرح صحيح البخارى" لابن بطال (152/2)دار النشر: مكتبة الرشد - السعودية، الرياض.
    35- البخاري(3095 )، ومسلم26 - (18)،وأحمد(11175)،وأبو داود(3692 )،وابن حبان(4541 ).
    36 -"إرشاد الساري" شرح صحيح البخاري للقسطلاني. (10/295)المطبعة الكبرى الأميرية- مصر-الطبعة السابعة .
    37- إسناده حسن : رواه أحمد في " المسند"(20037، 20043)،ورواه ابن ماجة(234 )مرفوعًا مختصرًا على لفظ:": "أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ"وصححه الألباني ،وبرقم مختصرًا بلفظ :": «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ، عَمَلًا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ»، والنسائي(2568 )وفي " السنن الكبرى"(2227 ،2360 ).
    38- البخاري(25 )،ومسلم36 - (22)،وابن حبان(175 ).
    39- رواه البخاري(610، 2945 ،4197)، ووأحمد(13140 )،أبو داود(2634)، والترمذي(1618،1550)، وابن حبان(4745 )
    40- مسلم9 - (382)،وأحمد(12351)،و" الترمذي(1618)، وابن حبان(4753 ).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
    سلسلة مقالات :" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم صلاح عامر
    المقالة الرابعة :
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»(41)
    يقول ابن القيم : ووجه الدلالة فيه من وجهين:
    أحدهما: أنه إنما جعله مسلمًا بهذه الثلاثة ، فلا يكون مسلمًا بدونها.
    الثاني: أنه إذا صلى إلى الشرق لم يكن مسلمًا ، حتى يصلي إلى قبلة المسلمين ، فكيف إذا ترك الصلاة بالكلية.(42)
    يقول الإمام البغوي في "شرح السنة ": وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ فِي مُعَامَلَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، إِنَّمَا تَجْرِي عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، دُونَ بَاطِنِهَا، وَأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ شِعَارَ الدِّينِ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَلَمْ يُكْشَفْ عَنْ بَاطِنِ أَمْرِهِ.
    وَلَوْ وُجِدَ مَخْتُونٌ فِيمَا بَيْنَ قَتْلَى غُلْفٍ، عُزِلَ عَنْهُمْ فِي الْمَدْفَنِ، وَلَوْ وُجِدَ لَقِيطٌ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ حُكِمَ بِإِسْلامِهِ.(43)
    ويقول الإمام أحمد:(وَمن ترك الصَّلَاة فقد كفر) ، "وَلَيْسَ من الْأَعْمَال شَيْء تَركه كفر إِلَّا الصَّلَاة) من تَركهَا فَهُوَ كَافِر وَقد أحل الله قَتله .(44)
    نكتة هامة : مسألة قتل تارك الصلاة مما يتكلم فيها الفقهاء ، أو غيرها من مسائل العقوبات والقصاص والحدود ، مثل حد الردة ، يقوم بها الحكام( القضاة ) ، لا آحاد الناس ، فهناك مسألة الاستتابة وغيرها ، للوقوف على حقيقة أمر كل حالة من التشريع ، بل ربما كان يصلي في بيته ، حتى لا تصبح فوضى تهدد العباد والبلاد .
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ "، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «فَوَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ».(45)
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ هَذَا؟» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: «وَالنَّقِيعُ نَاحِيَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِالْبَقِيعِ».(46)
    وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُسَارَّهُ، فَسَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَجَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامِهِ وَقَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ » قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ » قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ » قَالَ: بَلَى، وَلَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ».(47)
    وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فِيهِ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ قَدْ خَطَّ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى حَالِهِ ذَلِكَ رَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَذَهَبَ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي خِطَّتِهِ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَهُ، مَنْ يَقْتُلُهُ؟» قَالَ عَلِيُّ: أَنَا لَهُ، قَالَ: «أَنْتَ، وَلَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ» قَالَ: فَانْطَلَقَ فَلَمْ يُدْرِكْهُ ".(48)
    وفي الحديث الطويل عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي الهيثم بن التَّيهان: "هل لك خادم؟ " قال: لا، قال: "إذا أتانا سَبْيٌ، فأْتِنا" فأُتِي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اختر منهما"، فقال: يا نبي الله، اختر لي. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفًا" فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق.(49)
    وعلي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، كان يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . (50)
    وعن عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: "عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاه .(51)
    وفي رواية :" : "تُبَايعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ كَلِمَةً خَفِيفَةً "عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا" .(52)
    وما أنزل الله المال إلا لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " إِنَّ اللهَ قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ " .(53)
    وعلى هذه الأمور الثلاثة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون تمكين الله للطائفة المنصورة في الأرض ، لقوله تعالى :" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)(الحج:41)
    ويقول -رحمه الله- في دليل آخر : فإن أخشى ما أخشاه أن يبادر بعض المتعصبين الجهلة إلى رد هذا الحديث الصحيح لدلالته الصريحة على أن تارك الصلاة كسلاً مع الإيمان بوجوبها داخل في عموم قوله تعالى: [. . . . ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء] كما فعل بعضهم أخيرا بتاريخ (1407 هـ) فقد تعاون اثنان من طلاب العلم - أحدهما سعودي والآخر مصري - فتعقباني في بعض الأحاديث من المئة الأولى من (سلسلة الأحاديث الصحيحة) منها حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهـ (برقم: 87) ولفظه:(يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى منه آية وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: (لا إله إلا الله) فنحن نقولها
    قال صلة بن زفر لحذيفة: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله) وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟
    فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه حذيفة
    ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار. (ثلاثًا)
    قلت: فسودوا في تضعيف هذا الحديث ثلاث صفحات كبار في الرد علي لتصحيحي إياه ولم يجدا ما يتعلقان به لتضعيفه إلا أنه من رواية أبي معاوية محمد بن خازم الضرير بحجة أنه كان يرى الإرجاء وأن الحديث موافق لبدعة الإرجاء
    وهذا من الجهل البالغ ولا مجال الآن لبيانه إلا مختصرًا فإن أبا معاوية مع كونه ثقة محتجًا به عند الشيخين فإنه قد توبع من ثقة مثله وأن الحديث لا صلة له بالإرجاء مطلقًا
    وهما إنما ادعيا ذلك لجهلهم بالعلم وكيف يكون ذلك وقد صححه الحاكم والذهبي وكذا ابن تيمية والعسقلاني والبوصيري
    ولئن جاز في عقلهما أن هؤلاء العلماء كانوا في تصحيحهم إياه جميعًا مخطئين فهل وصل الأمر بهما أن يعتقدا بأنهم يصححون ما يؤيد الإرجاء؟
    تالله إنها لإحدى الكبر أن يتسلط على هذا العلم من لا يحسنه، وأن يضعفوا ما أهل العلم يصححونه.
    وهذا الحديث الصحيح يستفاد منه أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادة . وهذا لا يعني أنهم يعرفون وجوب الصلاة وسائر الأركان ثم هم لا يقومون بها ، كلا ليس في الحديث شيء من ذلك ، بل هم في ذلك ككثير من أهل البوادي والمسلمين حديثًا في بلاد الكفر لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادتين ، وقد يقع شيء من ذلك في بعض العواصم ، فقد سألني أحدهم هاتفيًا عن امرأة تزوجها وكانت تصلي دون أن تغتسل من الجماع.
    وقريبا سألني إمام مسجد ينظر إلى نفسه أنه على شيء من العلم يسوغ له أن يخالف العلماء سألني عن ابنه أنه كان يصلي جنبًا بعد أن بلغ مبلغ الرجال واحتلم ، لأنه كان لا يعلم وجوب الغسل من الجنابة
    وأقول : ردًا على كلام الشيخ -رحمه الله- الذي يرى فيه أنه الدليل الذي وجد فيه ضالته ليعنف على المخالفين له في هذه المسألة بأنهم جهلة متعصبين ، ولن أناقش في مسألة تخريج الحديث ، فهذا تخصصه - رحمه الله - وهو - علامة عصره - في علم الحديث ، نحسبه كذلك ، والله حسيبه ، و لا نزكي على الله أحد ، فكلنا عيال عليه ننهل من علمه ومجهوداته حتى الساعة في علم الحديث –فيقول: فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان ويبين أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام سوى الشهادة ، وهذا لا يعنى أنهم يعرفون وجوب الصلاة وسائر الأركان ثم هم لا يقومون بها كلا ليس في الحديث شيء من ذلك.
    أنقل لكم نص حديث حذيفة كما هو ، لكي نقوم بالرد على كلامه رحمه الله ، فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا " فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: «يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ» ثَلَاثًا.(54)
    فأقول لطلبة العلم الذين يتبعون الشيخ أو غيره في هذه المسألة : نعم قد لا تجده في غير هذا المكان ؛ لأنه في غير موضعه ، لأن هؤلاء لا يحاسبون على فرائض لم يصلهم العلم أو السماع بها ، وهذا منهج الشيخ -رحمه الله- ومنهجنا في مسألة " العذر بالجهل " لما جاء في كتاب ربنا تبارك وتعالى و ما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى :" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)"(الإسراء:15)
    ولقوله تعالى" وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)(القصص:59)
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ».(55)
    فكيف يكون ما يستفاد من الحديث أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام سوى الشهادة ، ثم لا يُعرج على حكم هذه المسألة بأنهم غير مطالبين أو مؤاخذين من الله تعالى ، إلا على الأعمال التي بلغهم العلم أو السماع بها ، ولذا تنفعهم التلفظ بالشهادة التي لم يبلغهم غيرها ، بخلاف من كان يعيش في بلاد الإسلام وغيرها من بلاد الكفر ، ويعلم بأمر الفرائض الخمس ، ويمر على المساجد ويسمع الأذان و لا يصلي . فإلى الله المشتكى.
    ويقول الشيخ الألباني رحمه الله- في كتابه " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 130 - 132) تعليقًا على هذا الحديث الصحيح :هذا : وفي الحديث فائدة فقهية هامة : وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ، ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى ، كالصلاة وغيرها.
    بعد أن ساوي بين الذين لم يصلهم العلم أو السماع بها ، كما أثبت هو من نص الحديث ، وبين الذين لا يصلون ممن يسمعون قراءة القرآن ويرون المساجد ويسمعون ويرون المصلون وهم يصلون في المساجد جماعة ويمرون عليهم ، وعلى شاشات التلفاز .
    ويقول الشيخ الألباني -رحمه الله-:مباحث ومناقشات:
    وعلى ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلمًا يشهد أن لا إله إلا الله: أنه لا يًخلد في النار مع المشركين
    ففيه دليل قوي جدًا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله: [إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء]
    وقد روى الإمام أحمد في (مسنده) (6 / 240) حديثا صريحًا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها مرفوعا بلفظ: " الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ. . ." الحديث
    وفيه: "فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ: فَالشِّرْكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72]
    " وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا: فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ، أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْفِرُ ذَلِكَ وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ ".وقد صححه الحاكم (4 / 576) (56)
    ويقول : وهذا وإن كان غير مُسَلْمٍ عندي - لما بينته في "تخريج شرح الطحاوية" (رقم: 384)( الطبعة الرابعة) فإنه يشهد له هذا الحديث الصحيح فتنبه (يقصد حديث الشفاعة ).
    فلماذا أفرده هنا ، وهو غير مسلم عنده صحته ، وهو يضعفه في الأحاديث الضعيفة " و " المشكاة " (5133) .
    وأقول : العجيب أن الشيخ الألباني يستدل بهذه الآية وهو يعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ».(57)
    وفي رواية الترمذي :": "بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ".
    ويقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-ووجه الدلالة من الحديث أنه جعل هناك فاصلاً بين الإيمان والكفر وهو الصلاة ، وهو واضح في أنه لا إيمان لمن لم يصل ، لأن هذا هو مقتضى الحد ، إذ أن الحد يفصل بين المحدودين .
    وقوله : «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ » ولم يقل بين الرجل وبين كفر منكرًا ، والكفر إذا دخلت عليه " ال " كان المراد به الكفر الحقيقي ، بخلاف ما إذا كان منكرًا ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم :": " اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ".
    فإن هذا لا يقتضى من الإسلام:" هما بهما كفر " يعنى هاتين الخصلتين .(58)
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».(59)
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ».(60)
    وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" بين العبد وبين الكفر والإيمان : الصلاة ،فإذا تركها فقد أشرك ".(61)
    وعَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ". (62)
    وعَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: «الصَّلَاةُ».(63)
    وعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ الذَّنْبَ فِيكُمْ شِرْكًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَسُئِلَ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ قَالَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ ".(64)
    وقال ابن أبي شيبة ، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من ترك الصلاة فقد كفر».(65)
    وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ " ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] ، حَتَّى بَلَغَ، {يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ،...... "الحديث (66)
    وعن زيد بن ثابت –رضي الله عنه ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ، وَرُبَّ مُصَلٍّ لَا خَلاقَ لهُ عِنْدَ الله تَعَالَى » .(67)
    وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:" لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُروةً عُروةً ، فكُلَّما انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيها، فَأوَّلُهُنَّ نَقْضاً: الحُكْمُ ، وآخِرُهُنَّ: الصَّلاةُ".(68)
    يقول ابن القيم : ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ، ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد ،وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد ،وكذلك الصلاة من الإسلام.
    وجاء في الحديث "إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله" مجمع الزوائد فصلاتنا آخر ديننا وهي أول ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام هذا كله كلام أحمد. والصلاة أول فروض الإسلام ،وهي آخر ما يفقد من الدين ،فهي أول الإسلام وآخره ، فإذا ذهب أوله وآخره ، فقد ذهب جميعه، وكل شيء ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه. قال الإمام أحمد: كل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه .(69)
    وعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَنْ أَغْضَبَكَ ،قَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَعْرِفُ فِيهِمْ مِنْ أَمْرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٍ شَيْئًا ؛ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا».(70)
    وفي رواية : « مَا أَعْرِفُ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الصَّلَاةَ»(71)
    وعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَا: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ مَا أَسْفَرَ فَقَالَ: «نَعَمْ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ» فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا.(72)
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ العُقَيْلِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ».".(73)
    وعَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِي، قَالَ: «تَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ».(74)
    وبوب أبو عوانة في " مستخرجه " باب بعنوان :بَيَانُ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ،وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ ،وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا أَعْلَى الْأَعْمَالِ ؛ إِذْ تَارِكُهَا يَصِيرُ بِتَرْكِهَا كَافِرًا".(75)
    وعَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: " قَوْمٌ يَسْأَلُونِي عَنِ السُّنَّةِ،؟ فَقَرَأَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] حَتَّى بَلَغَ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] قَرَأَهَا وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالْمُرْجِئَةِ . (76)
    ورُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ ،قَالُوا مَنْ لَمْ يصل فهو كافر، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ ،قَالَ: لَاحَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ . وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ :مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ .
    وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ :مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَأَدَائِهَا وَقَالَ: لَا أُصَلِّي ، فَهُوَ كَافِرٌ ،وَدَمُهُ وَمَالُهُ حَلَالٌ ،وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ،وَيُسْتَتَابُ ،فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ،وَحُكْمُ مَالِهِ مَا وَصَفْنَا كَحُكْمِ مَالِ الْمُرْتَدِّ ،وَبِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ ،وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ :وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا ، إِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ .(77)
    وَعَنِ الْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ أَنْ يُشْرِكَ فَيَكْفُرَ أَنْ يَدَعَ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ» وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ. وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ(78)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    41- رواه البخاري(392 )،وأحمد(13056 )،وأبو داود(2641 )،والترمذي(2608 )،وابن حبان(5895 )
    42- الصلاة وحكم تاركها "للإمام ابن القيم(ص:27-28)مكتبة الإيمان-المنصورة - مصر. تحقيق عبد الله المنشاوي.
    43-"شرح السنة "الإمام البغوي(1/70)ط. المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت.الطبعة: الثانية.
    44-" أصول السنة" للإمام أحمد بن حنبل(12)(1/34) ط. الأولى -دار المنار - الخرج - السعودية.
    45-البخاري(1399،1400)،ومسلم32-(20)،وأحمد(117)، وأبو داود(1556)، والترمذي(2607)، والنسائي(2443)،وابن حبان(216).
    46- صحيح " رواه أبو داود(4928 )، والدار قطني في " سننه"(1758 )، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2506 ).
    47- صحيح :رواه أحمد في" المسند"(23670 )وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيِّه، وإبهامه لا يضرُّ، وقد سمِّي في الروايات الأخرى عبدَ الله بن عدي الأنصاري، وابن حبان (5971)واللفظ له ، و" الشعب للبيهقي(2539 )، و" تعظيم قدر الصلاة"(955 )،و"المشكاة"(4481)
    وصححه الألباني.
    48- إسناده حسن : رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(229)،وأبو يعلى في الزوائد(985 )،وقال الهيثمي في المجمع(227/6):رجاله رجال الصحيح.
    49- البخاري في "الأدب المفرد" (256) ، والترمذي في "السنن" (2369) ، وفي "الشمائل" (134) ، والحاكم في " المستدرك" (7178 ) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4604) ، والنسائي في " الكبرى "(6583 )،والطبراني في " الكبير"(570 ) ،والبغوي في "شرح السنة" (3612)وصححه الألباني في" السلسة الصحيحة"(1614) وهو عند مسلم مختصرًا(140 - (2038)) من غير ذكر قصة أبي الهيتم بن التيهان .
    50 - البخاري(57)،ومسلم98 - (56)،وأحمد(19191)،والترمذي(1925 )،وابن خزيمة(2259)،وابن حبان(4545 ).
    51- مسلم 108 - (1043)، وأحمد(23993)مختصرًا،وأبو داود(1642 )،والنسائي(460 )،وابن ماجة(2867 ).
    52- صحيح : رواه ابن حبان (3385 )وصححه الألباني
    53- رواه أحمد(21906 )وضعفه شعيب الأرنؤوط ،والطبراني في" الكبير"(3001-3003)،و" الأوسط "(2446 )،وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(1781 )،والسلسلة الصحيحة"(1636).
    54- صحيح : رواه ابن ماجة(4049 )،والحاكم في" المستدرك (8636 )وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي ،والبيهقي في" الشعب"(1870 )،وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 247 / 1) : " إسناده صحيح، رجاله ثقات " وصححه الألباني.
    55- رواه مسلم240 - (153)،وأحمد(8203 )، و" المشكاة"(10 -[9]).
    56- الحديث في " المسند"(26031 ) وخرجه شعيب الأرنؤوط ،بقوله: إسناده ضعيف ،وأخرجه الحاكم 4/575 من طريق يزيد بن هارون بهذا الإسناد، مختصراً.
    قال الحاكم: صحيح، فتعقبه الذهبي بقوله: صدقة ضعفوه، وابن بابنوس فيه جهالة.
    وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/2، والبيهقي في "الشعب" (7473) و (7474) من طرق، عن صدقة بن موسى، بنحوه مختصراً.
    وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/348، وقال: رواه أحمد، وفيه صدقة ابن موسى، وقد ضعفه الجمهور.
    57- مسلم121 - (67)، وأحمد في " المسند"(10434 ).
    58-" فقه العبادات" لابن عثيمين (ص:126-127)ط.دار البصيرة-الأسكندرية -مصر.
    59- صحيح: رواه أحمد في" المسند"(22937 ،23007 )والترمذي(2621 ) ، والنسائي(463 )،وابن ماجة(1079 )،وابن حبان(1454 )وصححه الألباني.
    60- صحيح : رواه ابن ماجة(1080 )وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(5388)، و"صحيح الترغيب "(567).
    61- إسناده صحيح : رواه المنذري في" الترغيب والترهيب"(1/379)وعزاه لهبة الله الطبري بسند صحيح ، وصححه الألباني .
    62- صحيح : رواه ابن حبان(1463) قال الألباني: صحيح؛ دون جملة التبكير؛ فهي موقوفة - "الإرواء" (1/ 276 / 255)، "التعليق الرغيب" (1/ 169).
    63- رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(893)،واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(1538)وحسن إسناده الألباني في" صحيح الترغيب"(1/227)
    64- إسناده حسن : رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(947 )ط.دار العقيدة-مصر.الطبعة الأولى -تحقيق -أحمد أبو المجد"
    65- صحيح موقوف : رواه ابن عبد البر وغيره موقوفًا ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب"(575).
    66- صحيح : رواه أحمد(22016 )،والترمذي(2616 )،وابن ماجة(3973 )وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(5136 - 1643).
    67- حسن : رواه الحكيم عن زيد بن ثابت،وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(2575 )، و"الروض النضير"( 727).
    68- صحيح : رواه أحمد في " المسند"(22160 )، وابن حبان(6715 )،وصححه الألباني في ((التعليق الرغيب)) (1/ 197).
    69-"الصلاة وحكم تاركها" للإمام ابن القيم(ص:9)
    70- رواه البخاري(650 )،وأحمد في" المسند"(21700 ،21750،21751)،
    71- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(27501 )وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
    72- رواه مالك(1/39)،ووعبد الرزاق في" الموطأ" (3/125)،وابن سعد في" الطبقات"(3/350)،،وابن ؟أبي شيبة في " الإيمان"(103)،والدار قطني(2/52)،والآجري في " الشريعة"(272-271)، وابن بطة في الإنابة(873-871)، واللالكائي في" شرح أصول الاعتقاد(1529-1528)،والبيهقي في(1/357)،(3/366)،وصححه الألباني في "حاشية الإيمان" لابن منده.
    73- صحيح موقوف :رواه الترمذي(2622 )، والحاكم ،و"المشكاة"(579 -[16])،والمروزي في تعظيم قدر الصلاة"(948 )وصححه الألباني.
    74-" تعظيم قدر الصلاة" للمروزي (978).
    75- مستخرج أبي عوانة"فوق حديث رقم(171)
    76- تعظيم قدر الصلاة"(3).
    77-" التمهيد" لابن عبد البر "(225/4)ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب.
    78-" شرح أصول الاعتقاد"للالكائي(1502)(4/896)ط.الثامنة- دار طيبة - السعودية.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
    سلسة مقالات :" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم صلاح عامر
    المقالة الخامسة :
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا؟ كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ، وَلَا بُرْهَانٌ، وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ».(79)
    يقول الإمام ابن القيم : وفيه نكتة بديعة :وهو أن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله ، أو ملكه ، أو رياسته ، أو تجارته ، فمن شغله عنها ماله ، فهو مع قارون ، ومن شغله عنها ملكه ، فهو مع فرعون ، ومن شغله عنها رياسة ووزارة ، فهو مع هامان ، ومن شغله عنها تجارته ، فهو مع أبي بن خلف.(80)
    وعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا أَصْلَحَكَ اللهُ، بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ»، قَالَ: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ».(81)
    ويقول العلامة بن عثيمين -رحمه الله- : والمعنى أن لا ينازعوا ولاة الأمور فيما ولاهم الله عليه ، إلا أن يروا كفرًا بواحًا ، صريحًا عندهم فيه دليل من الله تعالى ، فإذا فهمت ذلك ، فانظر إلى ما رواه مسلم أيضًا من حديث أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا».(82)
    فعلم من هذا الحديث :أنهم إذا لم يصلوا قوتلوا ، وحديث عبادة قبله يدل على أنهم لا ينازعون ، ومن باب أولى أن لا يقاتلوا إلا بكفر صريح ، فيه من الله برهان ، فمن هذين الحديثين يؤخذ : أن ترك الصلاة كفر صريح فيه من الله برهان .(83)
    وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ جَلَسَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرَوْنَ هَذَا، مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، يَنْقُرُ صَلَاتَهُ كَمَا يَنْقُرُ الْغُرَابُ الدَّمَ، إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالْجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إِلَّا التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ، فَمَاذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ، فَأَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ" قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(84)
    والعجيب أن الشيخ الألباني –رحمه الله- يستدل على هذا الحديث في كتابي " صفة صلاة النبي " تحت عنوان - وجوب الطمأنينة في الركوع - وأيضًا في" صلاة التراويح " تحت عنوان - الترغيب في إحسان الصلاة والترهيب من إساءتها-.
    دون التعرض للحكم بخروجه من الملة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويخرجه في مرتبة " الحسن "
    وهذا الذي فقهه الصحابي حذيفة وبلغه ودعا إليه هذا الرجل الذي لا يتم الركوع ولا السجود ، وهو في " البخاري" في الحديث الموقوف عن حذيفة رضي الله عنه ،
    فعَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ ، وَلَوْ مُتَّ ، مُتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ ، الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا».(85)
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا».(86)
    فأقول بحمد الله تعالى وتوفيقه : علمنا من هذه الأدلة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابي حذيفة رضي الله عنه : أن الذي لم يأتي بركن الاطمئنان في سائر أركان الصلاة ، أنه لم يصل ، فكان وتارك الصلاة سواء ، وكان موته على غير الملة ، فدل من باب أولى على أن تارك الصلاة كافر .
    وأما استدلالهم بحديث عبادة بن الصامت في أنه دليل قوي على من ذهب لتكفير تارك الصلاة ، فنرد عليه بالحديث والتعليق عليه ، فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ الْقُرَشِيَّ ثُمَّ الْجُمَحِيَّ أَخْبَرَهُ، وَكَانَ: بِالشَّامِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُخْدَجِيَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بِالشَّامِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْوَتْرَ وَاجِبٌ، فَذَكَرَ الْمُخْدَجِيُّ، أَنَّهُ رَاحَ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَذَكَرَ لَهُ: أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: الْوَتْرُ وَاجِبٌ. فَقَالَ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ ، فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». (87)
    وفي رواية : خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ".(88)
    ومعني : " ومن لم يأت بهن " من حيث إساءة الوضوء ، وعدم المحافظة عليهن في أوقاتهن ، والقيام بالركوع والسجود بصورة سريعة ، بحيث لا يدرك بها الخشوع ،وإلا بطلت الصلاة لفقدان الطمأنينة .
    و ليس من لم يأت بهن" أي لا يصليهن ، على فهم أصحاب من يستدلون بهذا الحديث على عدم كفر تارك ، وليس في الحديث ما يشير إلي ذلك البتة .
    فإذًا لا فائدة من ذكر هذه الأمور الواجبة في الصلاة ، وأن العبد مؤاخذ بها .
    قَالَ أَبُو عُمَرَ : ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ عُبَادَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمَعْنَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عجرة هذا ، أن التضييع للصلاة الذي لا يكون مَعَهُ لِفَاعِلِهِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ ، هُوَ: أَنْ لَا يُقِيمَ حُدُودَهَا ،مِنْ مُرَاعَاةِ وَقْتٍ ،وَطَهَارَةٍ ، وَتَمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ،وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّيهَا ،وَلَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْقِيَامِ بِهَا فِي وَقْتِهَا وَغَيْرِ وَقْتِهَا، إِلَّا أَنَّهُ لا يحافظ عَلَى أَوْقَاتِهَا. قَالُوا :فَأَمَّا مَنْ تَرَكَهَا أَصْلًا وَلَمْ يُصَلِّهَا فَهُوَ كَافِرٌ . قَالُوا :وَتَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ.(89)
    وعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ ، تُسْعُهَا ، ثُمْنُهَا ، سُبْعُهَا ، سُدْسُهَا ، خُمْسُهَا ،رُبْعُهَا ، ثُلُثُهَا ، نِصْفُهَا».(90)
    وعَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ،ومنها :"وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ، ..." الحديث(91)
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ".(92)
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ» (93)
    يقول العلامة بن عثيمين –رحمه الله-: فأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله الصلاة ، فإن كان أحسنها فقد أفلح وأنجح ،وإن كان قد ضيعها فهو لما سواها أضيع ، لأن من ضيع الصلاة فلا آمر له بالمعروف ولا ناهي له عن المنكر ، كما قال تعالى :" اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ "(العنكبوت:45)(94)
    وَعَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ لَا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَة مُتَعَمدًا ،فَمن تَركهَا مُتَعَمدًا فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّةُ ،وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كل شَرّ".(95)
    وفي رواية البزار بلفظ :" أَوْصَانِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: أَلا أُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ حُرِّقْتُ ، وَأَلا أَتْرُكَ صَلاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا ، فَمَنْ تركها معتمدا فَقَدْ كَفَرَ، ولاَ أَشْرَبَ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ" .(96)
    وتأمل قوله :" وَأَلا أَتْرُكَ صَلاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا ، فَمَنْ تركها معتمدا فَقَدْ كَفَرَ" ليتبين لك بالدليل ما نشير إليه .
    وفي قوله تعالى : {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}(المدثر:38-48).
    يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-: فلا يخلو إما أن يكون كل واحد من هذه الخصال هو الذي سلكهم في سقر وجعلهم من المجرمين أو مجموعها فإن كان كل واحد منها مستقلاً بذلك فالدلالة ظاهرة وإن كان مجموع الأمور الأربعة فهذا إنما هو لتغليظ كفرهم وعقوبتهم وإلا فكل واحد منها مقتض للعقوبة إذ لا يجوز أن يضم ما لا تأثير له إلى ما هو مستقل بها.
    ومن المعلوم :أن ترك الصلاة وما ذكر معه ليس شرطًا على التكذيب بيوم الدين ،بل هو وحده كاف ، فدل على أن كل وصف ذكر معه كذلك، إذ لا يمكن لقائل أن ،يقول: لا يعذب إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة. فإذا كان كل واحد منها موجبًا للإجرام ، وقد جعل الله سبحانه المجرمين ضد المسلمين ، كان تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر وقد قال: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}(القمر:47-48)
    وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}(المططففين:29) فجعل المجرمين ضد المؤمنين المسلمين.(97)
    وقوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32)}(القيامة:31-32) يقول ابن القيم -رحمه الله : فلما كان الإسلام تصديق الخبر والانقياد للأمر جعل سبحانه له ضدين عدم التصديق وعدم الصلاة ،وقابل التصديق بالتكذيب والصلاة بالتولي ،فقال: { وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32)} فكما أن المكذب كافر، فالمتولي عن الصلاة يزول الإسلام بالتكذيب ، يزول بالتولي عن الصلاة.
    قال سعيد عن قتادة {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31)} لا صدق بكتاب الله ولا صلى لله ، ولكن كذب بآيات الله ، وتولى عن طاعته { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى(35)}(القيامة:24)وعيد على أثر وعيد.(98)
    وعَنْ أَبِي المَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاَةِ العَصْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ».(99)
    وفي رواية عند أحمد :" مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مُتَعَمِّدًا أَحْبَطَ اللهُ عَمَلَهُ ".(100)
    وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ " يَعْنِي مُتَعَمِّدًا فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ هَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ-أي بتكفير تارك الصلاة - لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ.(101)
    وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِفَوَاتِ الْعَصْرِ فِي هَذَا الحديث فقال بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ هُوَ فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ .وَقَالَ سَحْنُونُ وَالْأَصِيلِيُّ :هُوَ أَنْ تَفُوتَهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَقِيلَ هُوَ تَفْوِيتُهَا إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ،وَقَدْ وَرَدَ مُفَسَّرًا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ،قَالَ فِيهِ :وَفَوَاتُهَا أَنْ يَدْخُلَ الشَّمْسَ صُفْرَةٌ .وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ قَالَ :هَذَا فِيمَنْ فَاتَتْهُ نَاسِيًا. وَعَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ: هُوَ فِي الْعَامِدِ ،وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ:" مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبَطَ عَمَلُهُ "وَهَذَا إنما يكون في العامد .(102)
    قال بن عَبْدِ الْبَرِّ :وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَصْرِ بَاقِي الصَّلَوَاتِ وَيَكُونُ نَبَّهَ بِالْعَصْرِ عَلَى غَيْرِهَا ، وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا تَأْتِي وَقْتَ تَعَبِ النَّاسِ مِنْ مُقَاسَاةِ أَعْمَالِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى قَضَاءِ أَشْغَالِهِمْ ،وَتَسْوِيفِهِمْ بِهَا إِلَى انْقِضَاءِ وَظَائِفِهِمْ .وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ فِي الْعَصْرِ وَلَمْ تَتَحَقَّقِ الْعِلَّةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَلَا يُلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا بِالشَّكِّ وَالتَّوَهُّمِ ،وَإِنَّمَا يُلْحَقُ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ ؛ إِذَا عَرَفْنَا الْعِلَّةَ وَاشْتَرَكَا فِيهَا .وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
    وعن عَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: « لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».(103)
    وعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ».(104)
    وعَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمُعَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ، كُتِبَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ».(105)
    ومما يستدل به رحمه الله –على عدم تكفيره لتارك الصلاة بقوله
    :وقد قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (22 / 41) :
    (ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ فإنه [أن] لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلوغ أولى وأحرى وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المستفيضة عنه في أمثال ذلك. . .)
    ثم ذكر أمثلة طيبة منها المستحاضة قالت: إني أستحاض حيضة شديدة تمنعني الصلاة والصوم؟ فأمرها بالصلاة زمن دم الاستحاضة ولم يأمرها بالقضاء
    قلت: وهذه المستحاضة هي فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها وحديثها في (الصحيحين) وغيرهما وهو مخرج في (صحيح أبي داود) (281)
    ومثلها أم حبيبة بنت جحش زوجة عبد الرحمن بن عوف واستحيضت سبع سنين وحديثها عند الشيخين أيضا وهو مخرج في (الصحيح) أيضا (283)
    وثمة ثالثة وهي حمنة بنت جحش وهي التي أشار إليها ابن تيمية فإن في حديثها: (إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم. . .) الحديث
    هذا وهناك نص آخر للإمام أحمد كان ينبغي أن يضم إلى ما سبق نقله عنه لشديد ارتباطه به ودلالته أيضًا على أن تارك الصلاة لا يكفر بمجرد الترك ولكن هكذا قدر
    قال عبد الله بن الإمام أحمد في (مسائله) (ص 56 / 195) :
    (سألت أبي عن رجل فرط في صلوات شهرين؟ فقال: (يصلي ما كان في وقت يحضره ذكر تلك الصلوات فلا يزال يصلي حتى يكون آخر وقت الصلاة التي ذكر فيها هذه الصلوات التي فرط فيها فإنه يصلي هذه التي يخاف فوتها ولا يضيع مرتين ثم يعود فيصلي أيضا حتى يخاف فوت الصلاة التي بعدها إلا إن كان كثر عليه ويكون ممن يطلب المعاش ولا يقوى أن يأتي بها فإنه يصلي حتى يحتاج إلى أن يطلب ما يقيمه من معاشه ثم يعود إلى الصلاة لا تجزئه صلاة وهو ذاكر الفرض المتقدم قبلها فهو يعيدها أيضا إذا ذكرها وهو في صلاة)
    فانظر أيها القارئ الكريم: هل ترى في كلام الإمام أحمد هذا إلا ما يدل على ما سبق تحقيقه أن المسلم لا يخرج من الإسلام بمجرد ترك تلك الصلاة بل صلوات شهرين متتابعين بل وأذن له أن يؤجل قضاء بعضها لطلب المعاش
    وهذا عندي يدل على شيئين:
    أحدهما: وهو ما سبق وهو أنه يبقى على إسلامه ولو لم تبرأ ذمته بقضاء كل ما عليه من الفوائت
    والآخر: أن حكم القضاء دون حكم الأداء لأنني لا أعتقد أن الإمام أحمد بل ولا من هو دونه في العلم يأذن بترك الصلاة حتى يخرج وقتها لعذر طلب المعاش .والله سبحانه وتعالى أعلم
    واعلم أخي المسلم أن هذه الرواية عن الإمام أحمد وما في معناها هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه كل مسلم لذات نفسه أولا ولخصوص الإمام أحمد ثانيا لقوله رحمه الله: (إذا صح الحديث فهو مذهبي) وبخاصة أن الأقوال الأخرى المروية عنه على خلاف ما تقدم مضطربة جدا كما تراها في (الإنصاف) (1 / 327 - 328) وغيره من الكتب المعتمدة
    ومع اضطرابها فليس في شيء منها التصريح بأن المسلم يكفر بمجرد ترك الصلاة
    ونعلق على الحديث الأول منها ، والثلاثة في نفس الباب ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي» - قَالَ: وَقَالَ أَبِي: - «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ».(106)
    وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ لِي حَظٌّ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمْكُثُ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ يَوْمِ أُسْتَحَاضُ، فَلَا أُصَلِّي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَلَاةً، قَالَتْ: اجْلِسِي حَتَّى يَجِيءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ تَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا حَظٌّ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، تَمْكُثُ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ يَوْمِ تُسْتَحَاضُ ، فَلَا تُصَلِّي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ صَلَاةً ، فَقَالَ: " مُرِي فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، فَلْتُمْسِكْ كُلَّ شَهْرٍ عَدَدَ أَيَّامِ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وَتَحْتَشِي، وَتَسْتَثْفِرُ ، وَتَنَظَّفُ ، ثُمَّ تَطَهَّرُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي، فَإِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَوْ عِرْقٌ انْقَطَعَ، أَوْ دَاءٌ عَرَضَ لَهَا ".(107)
    بالتدبر لهذا الحديث لقولها لعائشة رضي الله عنها ، " قَالَتْ: قَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ لِي حَظٌّ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ،..." ،وأن هذا هو قول الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، ليعلم حقيقةً لا توهمًا أن هذا ما كان عليه صحابة رسول الله من أنهم لا يرون شيئًا تركة كفر إلا الصلاة، وأنه جاءت فزعة خائفة مشتكية ومستفتيه رسول الله في أمر استحاضتها ، فبين لها رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحسب أيام حيضتها من غيرها من الاستحاضة وتتطهر وتصلى وتصوم ، والذين يستدلون بهذا الحديث على عدم تكفيرها لتركها الصلاة ، فلا أدرى من أين يأتون بالتلفيق لمذهبهم بكل صورة فجة ، فهي معذورة لعدم علمها وتمييزها لدم الحيض من الاستحاضة ، وهل تركها للصلاة كان جحودًا عياذًا بالله من سوء الأفهام ، ليرد بذلك على من تأول النصوص على غير مرادها .
    وبالرغم من أنه يستدل به الشيخ -رحمه الله - في مسألة العذر الجهل ببعض الأحكام الشرعية من خلال ما جرى معه ومن كلام الإمام ابن تيمية.
    وأزيده رابعًا هو - رحمه الله - صححه وذهل عنه ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَجْنَبَ رَجُلَانِ فَتَيَمَّمَ أَحَدُهُمَا فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ الْآخَرُ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِمَا» (108)
    وأقول : وهل استدل أحد من أهل العلم من هذه الأحاديث على عدم كفر تارك الصلاة ، فأتونا به . وجزاكم الله خيرًا على ذلك .
    وهذا أخر ما وفقني الله تبارك وتعالى لجمعه في الرد على كتاب " حكم تارك الصلاة " للإمام الألباني –رحمه الله- راجيًا من الله تعالى القبول والتوفيق لما يُحب ويرضى .
    و"سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك".
    وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
    تم بحمد الله وتوفيقه
    أخيكم في الله/ صلاح عامر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    79- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(6576 )،وابن حبان في "صحيحه"(1467)وصححه شعيب الأرنؤوط ، وضعفه الألباني
    80- الصلاة وحكم تاركها "للإمام ابن القيم(ص:26)مكتبة الإيمان-المنصورة - مصر.تحقيق عبد الله المنشاوي.
    81- البخاري(7056 )،ومسلم42 - (1709).
    82- رواه مسلم62 - (1854)،وأحمد في " المسند"(26577 )، وأبو داود(4760 ).
    83- " مجموع فتاوى ورسائل بن عثيمين " (29/12-30).
    84- حسن : رواه ابن خزيمة في " صحيحه"(665 )،والطبراني في "الكبير"(3840 ) قال الألباني: إسناده حسن، وفي"صفة صلاة النبي"(ص:98)ط."المكتب الإسلامي"الرابعة عشر
    85- البخاري(791 )،وابن حبان(1894 ).
    86- رواه البخاري(757)،ومسلم45 - (397)،وأحمد(9635)
    ،وأبو داود(856 )،والترمذي(303 )،وابن حبان(1890 ).
    87- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(22693 )،وأبو داود(1420 )،والنسائي(461 )،وابن ماجة(1401 )،وابن حبان (1732)،والدارمي
    (1618)وصححه الألباني.
    88- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(22704)،وأبو داود(425)وصححه الألباني
    89-" التمهيد " لابن عبد البر(23/293)ط.وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب-" المكتبة الشاملة-عام النشر: 1387 هـ.
    90- حسن : رواه أحمد(18894 )، وأبو داود(796 )،وابن حبان(1889 )وحسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
    91- صحيح : رواه أحمد(17170 )،والترمذي(2864،2863)، وابن حبان(6233)،وابن خزيمة(930)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
    92- صحيح : رواه أحمد (7902)، وأبو داود(864 )،والترمذي
    (413 )واللفظ له، النسائي(467 )،وابن ماجة(1425)وصححه الألباني
    93- صحيح : رواه أبي داود الطيالسي ، و الضياء في " المختارة" ، وصححه الألباني في صحيح الجامع(2573)،و" الصحيحة(1358)عن أنس رضي الله عنه .
    94-" شرح رياض الصالحين " للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-(956/6)ط. دار الوطن للنشر، الرياض.
    95- صحيح : رَوَاهُ ابْن مَاجَه (1080) ، والبخاري في " الأدب المفرد"(18)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع "(7339 - 2551)،و"صحيح الترغيب" (566)، و" الإرواء (2026) .
    96- رواه البزار في " مسنده البحر الزخار "(4148).
    97- " الصلاة وحكم تاركها "للإمام ابن القيم(ص:20)مكتبة الإيمان-المنصورة - مصر.
    98- " الصلاة وحكم تاركها "للإمام ابن القيم(ص:23)مكتبة الإيمان-المنصورة -مصر.تحقيق عبد الله المنشاوي.
    99- البخاري(553 ،594 )،وأحمد(22959)،والنسائي(474 )،وابن خزيمة(336)،وابن حبان(1470 ).
    100- صحيح : رواه أحمد(23045)وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
    101-" التمهيد" للإمام ابن عبد البر (227/4)وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب.المكتبة الشاملة.
    102- وأقول : وجاء بلفظ:" متعمدًا " كما جاء معنا في رواية الإمام أحمد.
    103- مسلم40 - (865).
    ش (ودعهم) الجمعات أي تركهم (أو ليختمن الله على قلوبهم) معنى الختم الطبع والتغطية .قالوا ، في قوله تعالى "ختم الله على قلوبهم" أي طبع.
    104- حسن صحيح :رواه أحمد في " المسند"(15498 )،وأبو داود(1052 )،والنسائي(1369 )،وابن حبان(2786 )،وابن خزيمة(1858 )،و" المشكاة "1371 -[2]والحاكم في" المستدرك"(1034 )وقال :هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "ووافقه الذهبي،وصححه الألباني في " صحيح الجامع"(6143 ).
    105- صحيح : رواه الطبراني في" الكبير"(422 )،وصححه الألباني في " صحيح الجامع"(6144 )و"صحيح الترغيب" (731)عن أسامة بن زيد.
    106- البخاري(228 ،306، 320، 325)،ومسلم62 - (333)،وأحمد()، والترمذي (125) وابن ماجة(620-624).
    107- رواه أحمد(27631 )وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره، وهذا إسنادٌ ضعيف.
    108- صحيح : رواه أحمد(4509 )،والنسائي(324 )[قال الألباني]: صحيح الإسناد.
    تم بحمد الله وتوفيقه
    أخيكم في الله/ صلاح عامر.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 16 يول, 2021, 12:09 ص
ردود 0
114 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة صلاح عامر
بواسطة صلاح عامر
 
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 17 أكت, 2020, 02:37 ص
ردود 0
50 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة السيف العضب, 5 أكت, 2020, 12:21 ص
رد 1
119 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة السيف العضب
بواسطة السيف العضب
 
ابتدأ بواسطة محمد24, 1 أكت, 2020, 01:00 م
ردود 0
69 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة محمد24
بواسطة محمد24
 
ابتدأ بواسطة السيف العضب, 18 سبت, 2020, 12:23 م
ردود 4
154 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة السيف العضب
بواسطة السيف العضب
 
يعمل...
X