بسم الله الرحمن الرحيم




تعد قضية تربية الأبناء وتنشئتهم على مبادئ الإسلام وقيمه الشغل الشاغل للأقليات الإسلامية التي تعيش في الدول غير الإسلامية ، وتظل من أكبر ما يهمهم ويقض مضاجعهم ؛ فذوبان الجيل الثاني والثالث مثلاً تزداد مظاهره مع مرور الزمان ، وكثرة مشاغل الوالدين ، وقلة المؤسسات التعليمية الإسلامية هناك ، أو مشقة الوصول إليها ، أو صعوبة إنشائها في تلك البلدان !

وما سنلقي عليه الضوء في هذا العرض هو أحد الإجراءات والآليات التي يحاول من خلالها إخواننا المسلمون في تلك البلدان مواجهة تلك المشكلة ، والتقليل من آثارها السلبية على أسرهم ، فا لأخ ( أبو مصعب ) مسلم جزائري يعيش في السويد وقد تزوج امرأة سويدية مسلمة فرزقهما الله ذرية نما مع نموها هم تربيتهم وتنشئتهم على الإسلام .. فوفقه الله لفكرة إنشاء مدرسة إسلامية داخل منزله في السويد ..

ولنترك الحديث الآن للأخ ( أبو مصعب ) ليحدثنا عن :
اسم المدرسة - وعمرها - وخطوات إنشائها - ومنهجها التعليمي - وثمراتها


اسم المدرسة ومقرها:

1- أنشأت مدرسة تعليمية مقرها " البيت " ، وسميتها : مدرسة التوحيد .
أسستها على الصدق والإخلاص ؛ فهما أساس العمل ، وأساس كل شيء .

2- تحفيظ القرآن الكريم ومراجعته :

كان أهم ما تتركز عليه تحفيظ القرآن الكريم ، والمراجعة الدائمة والمستمرة له ، حيث جعل له ورداً مخصصاً يسمع كل يوم ، مع إتقان التلاوة ، واستيفاء أحكام التجويد فيها .

3- كيفية حصولي على الكتب :

كنت خلال بحثي عن منهج دراسي أدرسه أدعو الله تعالى أن يرزقني ذلك المنهج ؛ فاستجيب لي ؛ حيث أخبرت بوجد مخزن من المخازن المهملة ، فيها كتب للمنهج التعليمي " السعودي " في جميع المراحل التعليمية من الابتدائي وحتى الثانوي ، وفي جميع المجالات : كقواعد النحو ، والنصوص الأدبية ، والتوحيد ، والفقه ، والحديث ..إلى آخره .

4- الاهتمام بحفظ المتون :

فبالإضافة لحفظ القرآن كان اهتمامي بحفظ المتون ، والمراجعة لها ، وذلك في مجالات مختلفة :
- ففي النحو : متن " ملحة الإعراب " ، ومتن " الآجرمية " ، مع الدراسة والشرح .
- وفي التوحيد : متن " سلم الوصول إلى علم الأصول " .
- وفي التجويد : متن " تحفة الأطفال " ، ومتن : الجزرية " مع الشرح المبسط ، والتطبيق العلمي .
- وفي الحديث : متن " البيقونية " مع حفظها .
- دراسة الكتب الدينية : ككتاب كشف الشبهات ، وكتاب الأصول الثلاثة ، وجامع العلوم والحكم ، والأربعين نووية ، وغيرها من الكتب.

5- التخيير بين أمرين : "تجارة الدنيا الزائلة " و " تجارة مع الله ":
فاخترت التفرغ لهذا المنهج الكامل ، وآثرت التجارة التي لن تبور !
وحتى تكون صدقة جارية إن شاء الله ؛ فرغت جميع الطاقة وجهدي في ذلك .

6- ضبطت الاحتكاك مع المجتمع ونظمته ، وتفاديت خلطاء السوء ؛ فلم ألحق أبنائي بمدارس النصارى ، ولم أدعهم يمتزجوا ويختلطوا مع فئة من أولاد المسلمين الذين تربوا على أفكار الغرب ، وأخذوا طبائعهم ! فقد قال ابن القيم " الطبائع سراقة " فأوجدت بدائلاً عن ذلك ، وأسست
"مدرسة التوحيد " على منهج السلف الصالح ، في السلوك والأدب والمعاملات .

7- تأصيل لغة القرآن :

حيث جعلتها اللغة الأساسية ، فلا نتكلم إلا بها ، حتى الأم مع أبنائها ، لا تتكلم إلا بالعربية مع أنها سويدية الأصل !

8- الرحلة إلى مصر في طلب العلم والإلتحاق بالمدارس والاصطدام بالواقع التعليمي :

فكانت المفاجأة الأولى ، وهي المدارس نفسها ؛ فقد اصطدمنا بالواقع التعليمي فيها ، ومناهجها التي لم تكن في مستوى ما أدرسه لأبنائي .

9- الاستمرار والمواصلة :

فاضطررنا للاستمرار والمواصلة على المنهج السعودي ، طيلة بقائنا في مصر .
وحين الالتحاق بالمدارس في مصر كانت المفاجأة ؛ حيث كان أبنائي من الأوائل في جميع الفصول ؛ وذلك ببركة القرآن ، والمنهج الذي التزمته .
واستمريت على هذا الطريق الدراسي ، وما زلت أواصل ، بأن يكون حفظ القرآن الكريم ومراجعته في الصباح ، والدروس في المساء ، مع مراجعة المتون والحفظ لها !! وهكذا حتى أتت المدرسة بثمارها ، وما زالت تؤتي بإذن الله .

10- بعد الانتهاء من الموسم الدراسي في مصر ، وعند الرجوع ، تكون المراجعة المكثفة ، والمواصلة في دراسة المنهج التعليمي المكثف ، وذلك في العطلة الصيفية ، واستغلالها بقراءة الكتب !


الثمرة والنتيجة

فكانت ثمرة هذا الجهد المبارك بإذن الله :

1- مصعب :
وعمره احدى عشرة ( 11سنة ) حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره !
والآن هو في طريقه لأخذ الإجازة من شيوخ مصر .
- وفي التجويد : حفظ متن تحفة الأطفال ، ومتن الجزرية ، مع دراسة علم التجويد نظرياً ، والتطبيق عملياً .
- وبالنسبة للحديث : حفظ متن البيقونية ، ودرس كتاب " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير ، وحفظ بعض الآحاديث في السلوك والأدب والمعاملات .
- وفي التوحيد : درس الأصول الثلاثة ، وكتاب كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكتاب متن شروط الصلاة .
- وبالنسبة للغة العربية : حفظ متن الآجرمية في النحو مع شرحها .


2- عبيدة :
وعمره تسع ( 9سنوات ) ، فقد حفظ من القرآن اثنين وعشرين ( 22جزءاً ) ، وهو في طريقه
لختم كتاب الله قريباً إن شاء الله .
- وبالنسبة للتجويد : حفظ متن تحفة الأطفال ، ومتن الجزرية ، مع دراسة مبسطة لأحكام التجويد .
- ودرس متن شروط الصلاة للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
- وبالنسبة للحديث : يحفظ البيقونية .
- ودرس كتاب الأصول الثلاثة .




3- سكينة :
وعمرها ست ( 6 سنوات ) بالنسبة للقرآن حفظت أربعة أجزاء ، وتحفظ الآن في متن تحفة

الأطفال .


4- آمنة :
وعمرها ستة عشر ( 16 عاماً) ، ومريم عمرها أربعة عشر( 14 عاماً) :
حفظتا القرآن سوياً منذ ثلاث سنوات ، وفي طريقهما لأخذ الإجازة من شيوخ مصر .
- وبالنسبة للتجويد : حفظتا متن تحفة الأطفال ، والجزرية ، مع الشرح ودراسة علم التجويد نظرياً والتطبيق عملياً .
- وبالنسبة للحديث : حفظتا متن البيقونية ، مع أخذ دورة حديث من كتاب " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير .
- وبدأتا في حفظ البخاري ؛ فحفظتا منه أربعمائة ( 400حديثاً ) ، ويواصلان في حفظه إن شاء الله .
- بالنسبة للتوحيد : أخذتا دورة في مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة .
- ودرستا مختصر علم الفرق .
- وفي العقيدة دراسة العقيدة الطحاوية ، ومعارج القبول مع حفظ المتن كاملاً ، وفي التوحيد مجموعة التوحيد وفتح المجيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
- وفي اللغة العربية : حفظتا متن الآجرمية مع دراسته ، ودراسة متن قطر الندى ، وحفظتا ملحة الإعراب مع دراسة شرحها .
وهما في طريقهما لدراسة القراءات العشر مع حفظ متن الشاطبية ، ودراسة الأصول الثلاثة .




أسأل الله أن يكون العمل خالصاً لوجهه ، وكل هذ بفضل الله تعالى