بناءا على هذه التلميحات لا نتصور حضارة لم تكن في حاجة إلى عالم خارجي لبلورة نظرياتها، ولا نقبل فرضية "إطار الحضارة" في صيغتها الانعزالية واستقلاليتها في نشأة نظمها وانسقتما الفكرية، كما ليس بوسعنا فصلها عن باقي الحضارات لأن ذلك مما يرفضه العقل نفسه و يأباه الأنتربولوجيون ودارسي تاريخ الحضارات، و" لأن تيار الفكر متصل الحلقات سائر إلى الأمام، وكما تسلم اليونان شعلة الفكر من قدماء المصريين فقد سلموها لمن خلفهم ليكون التراث ملكا للإنسانية جمعاء ، كل أمة وكل حضارة تضيف من عبقريتها وأصالتها روافد يجمعها في النهاية تيار الفكر الإنساني الخالد النابض بالحياة،"1 ، فلا حدود ولا خطوط فاصلة ولكن حلقات متسلسلة اشترك فيها ملايين العقول وساهمت فيها أجيال من الأزمان ونقحت وزادت وغيرت ما لم يكن في الحسبان إلى أن وصل في حلة تراكمية زعموا أنها من إنتاج الغرب وحده بتحكيماته للمنطق والعقل في كل شيء.
إن ما يحدثنا به التاريخ أن ما من حضارة إلا وكانت على اتصالات مع جيرانها بكل ما تحتضنه من تصورات ، وأن أية حضارة لم تكن خالصة في كشوفاتها بقدر ما كانت مخضرمة بألوان الفكر و ممزوجة بالثقافات اللامحلية جاءت عبر سلسلة من الاحتكاكات و التدافعات المعرفية، فليس من الصواب الادعاء بنقاوة المعرفة النابعة من هوية حضارية مطلقة في غنى عن باقي الأمم التي تقاسمها الأفكار و تقايضها التصورات، فالحضارة الهندية والبابلية والصينية واليونانية والرومانية والإسلامية ..كلهن ذوات تأثيرات و تاثرات ببعضهن تكون فيهن حجم التفاعلات و الانفعالات، من حضارة لأخرى وهو ما يدل على أن تاريخ الحضارات تاريخ متداخل تقتضي تحديد مجال التفعيلات والانفعالات لبيان نقاوة أفكار حضارة و مدى استقلاليتها .
لقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ بداية عالم التفلسف، وغالبا ما أسندت إلى اليونان باعتباره مركز الثقل الذي فاض بعلمه على كل الأطراف، ولم يكن لهم أن يتساءلوا حول كيفية تحصيلهم لمعارفهم وعلاقاتهم بتصورات الهند ومصر والبابليون وما عداهم، فعدوها هوامش عديمة الفائدة بالمقارنة مع الفتح العظيم الذي دشنوه باتخاذهم العقل مصدر العلم، فقاموا بتمجيد تراث اليونان وإهمال غيرها من الأمم " وقد اعتاد مؤرخو الفلسفة من الغربيين أن يرجعوا نشأة الفلسفة إلى الطبيعيين الأولين وكأن التفكير الفلسفي قد ظهر إلى عالم الوجود للمرة الأولى في ملطية على يد طاليس الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، فهل يكون معنى هذا أن الحاجة إلى الفلسفة لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ أو انه لم يحدث شيء في تاريخ التفكير الفلسفي قبل أن يظهر طاليس؟"2
إن ما يحدثنا به التاريخ أن ما من حضارة إلا وكانت على اتصالات مع جيرانها بكل ما تحتضنه من تصورات ، وأن أية حضارة لم تكن خالصة في كشوفاتها بقدر ما كانت مخضرمة بألوان الفكر و ممزوجة بالثقافات اللامحلية جاءت عبر سلسلة من الاحتكاكات و التدافعات المعرفية، فليس من الصواب الادعاء بنقاوة المعرفة النابعة من هوية حضارية مطلقة في غنى عن باقي الأمم التي تقاسمها الأفكار و تقايضها التصورات، فالحضارة الهندية والبابلية والصينية واليونانية والرومانية والإسلامية ..كلهن ذوات تأثيرات و تاثرات ببعضهن تكون فيهن حجم التفاعلات و الانفعالات، من حضارة لأخرى وهو ما يدل على أن تاريخ الحضارات تاريخ متداخل تقتضي تحديد مجال التفعيلات والانفعالات لبيان نقاوة أفكار حضارة و مدى استقلاليتها .
لقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ بداية عالم التفلسف، وغالبا ما أسندت إلى اليونان باعتباره مركز الثقل الذي فاض بعلمه على كل الأطراف، ولم يكن لهم أن يتساءلوا حول كيفية تحصيلهم لمعارفهم وعلاقاتهم بتصورات الهند ومصر والبابليون وما عداهم، فعدوها هوامش عديمة الفائدة بالمقارنة مع الفتح العظيم الذي دشنوه باتخاذهم العقل مصدر العلم، فقاموا بتمجيد تراث اليونان وإهمال غيرها من الأمم " وقد اعتاد مؤرخو الفلسفة من الغربيين أن يرجعوا نشأة الفلسفة إلى الطبيعيين الأولين وكأن التفكير الفلسفي قد ظهر إلى عالم الوجود للمرة الأولى في ملطية على يد طاليس الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، فهل يكون معنى هذا أن الحاجة إلى الفلسفة لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ أو انه لم يحدث شيء في تاريخ التفكير الفلسفي قبل أن يظهر طاليس؟"2
[1] - الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشكلاتها د أميرة حلمي مطر ص 31.
2 - مشكلة الفلسفة زكريا إبراهيم ، طبعة جديدة 1971 مكتبة مصر ص 26.
لائحة المراجع العربية و المعربة:
- الفلسفة اليونانية: تاريخها و مشكلاتها . د:أميرة حلمي مطر.الطبعة :1998.دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع.
- سلسلة "من المسرح العالمي":السحب لأرسطوفان.أحمد عثمان و أحمد علي عبد اللطيف.العدد 215/1987
.
- الشرق و اليونان القديمة:أندري إيمار،جانين أبوايه.ترجمة:فريد واعز ،فؤاد أبو ريحان.المجلد الأول ،منشورات عويدات
.
- آخر أيام سقراط .أفلاطون ترجمة:أحمد الشيباني ،دار الكتاب العربي،بدون طبعة
.
- علم الأخلاق إلى نيقوماخوس .أرسطوطاليس،الجزء الثاني،ترجمة:أحمد لطفي ،الطبعة:1924 دار الكتب المصرية.
- حكمة الغرب.براتراند رسل .ترجمة:فؤاد زكريا .الجزء الأول .الطبعة:1831
- سلسلة عالم المعرفة :الفكر الشرقي القديم. جون كولر .ترجمة:كامل حسين يوسف .العدد:199.الطبعة الثانية / 1995
- سلسلة عالم المعرفة:تاريخ الطب.جان شارل سورينا .ترجمة:إبراهيم البجلاتي .العدد:281/ 2002
.
- سلسلة عالم المعرفة:الحضارة.حسين مؤنس .الطبعة الثانية .العدد:237/1998
.
- بواكير الفلسفة قبل طاليس أو من الميثولوجيا إلى الفلسفة عند اليونان .حسام محيي الدين .الطبعة الثانية1981 .المؤسسة العربية للنشر
.
- الفكر اليوناني قبل أفلاطون :العقل اليوناني في دروب الحكمة.حسين حرب.الطبعة الأولى 1990.دار الفكر اللبناني.
- المذاهب اليونانية في العالم الإسلامي .دافيد سانتلانا .تحقيق:محمد جلال شرف 1981.دار النهضة العربية
.
- فلاسفة الإغريق .ريكس وورنر .ترجمة:عبد الحميد سليم
.
- مشكلة الفلسفة.زكريا إبراهيم .طبعة جديدة .مكتبة مصر 1971
.
- سؤال الأخلاق.طه عبد الرحمان .الطبعة الأولى 2002.المركز الثقافي العربي.
- تاريخ الفلسفة اليونانية. ماجد فخري. الطبعة الأولى 1991.دار العلم للملايين .
- سلسلة المعرفة الفلسفية: دروس في تاريخ الفلسفة. نجيب بلدي .الطبعة الأولى 1987.دار توبقال للنشر.
- قصة الإيمان بين الفلسفة و العلم و الدين و القرآن.نديم الجسر
.
- الفلسفة الأخلاقية الأفلاطونية عند مفكري الإسلام.ناجي التكريتي.الطبعة الثانية/1982 دار الأندلس
.
- أفول الأصنام. نيتشه .ترجمة:حسان بورقية و محمد الناجي. الطبعة الأولى/1969. إفريقيا الشرق.
- من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية.عبد الرحمان مرحبا .الطبعة الثانية/1981.منشورات عويدات بيروت
.
- الفلسفات الهندية.علي زيعور .الطبعة الثانية/1983.دار الأندلس
.
- ربيع الفكر اليوناني.عبد الرحمان مرحبا.الطبعة الخامسة/1979 .دار القلم بيروت لبنان
- نشأة الفكر الفلسفي عند اليونان.علي سامي النشار. طبعة 1969.دار المعارف المصرية.
- نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام.علي سامي النشار.الجزء الأول .ا لطبعة السابعة.دار المعارف المصرية.
- المفكرون من سقراط إلى سارتر.عثمان نويه.طبعة1970
.
- موسوعة الفلاسفة .فيصل عباس.الطبعة الأولى/1996.دار الفكر العربي بيروت
.
- حكمة الصين:دراسة تحليلية لمعالم الفكر الصيني منذ أقدم العصور .الجزء الأول.فؤاد محمد شبل.دار المعارف المصرية
.
- قصة الحضارة.وول ديورانت.ج 2 م 1،و ج 4 م 1 ،و ج 2 م 2 .ترجمة :محمد بدران .الطبعة الثالثة .الطبعة 1988.
- قصة الحضارة. وول ديورانت،ج 3 م 1 .الطبعة الثالثة.ترجمة: نجيب محمود.
- تاريخ الفلسفة اليونانية.يوسف كرم.دار القلم بيروت .
تــمَّ بحمد الله
أستــسمــح الإخـوة علـى هـذا الإبحـار التجريدي
اترك تعليق: