تابع براهين وجود الله االضبط الدقيق للكون الضبط الفيزيائي (5)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Shebl Al Saqar مسلم اكتشف المزيد حول Shebl Al Saqar
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تابع براهين وجود الله االضبط الدقيق للكون الضبط الفيزيائي (5)

    ثانيا: الضبط الفيزيائي
    «إن قوانين الفيزياء]... يبدو أنها نتاج تصميم مبتكر للغاية... لا بد للكون من هدف» بول ديفيز
    أولا قوانين الفيزياء :
    تدعم قوانين الرياضيات نسيج كوننا، ليس على مستوى الذرات فحسب، بل على مستوى المجرات والنجوم والبشر أيضا. إن خصائص الذرات تحدد كيمياء عالمنا اليومي، ووجود الذرات نفسها يعتمد على ما تحتويه من قول وجزيئات، ولكن ما يدرسه الفلكيون - من كواكب ونجوم ومجرات - تتحكم فيه قوة الجاذبية، وكل شيء يحدث في مدى کون متمدد.. اكتسب خواصه لحظة«الانفجار العظيم». يتقدم العلم بتوضيح الأشكال والتتابعات الموجودة في الطبيعة؛ حتى يتاح لنا تضمین ظواهر أكثر وأكثر في إطار تصنیفات و قوانین عامة، ويهدف واضعو النظريات إلى الإحاطة بلب القوانين الفيزيائية في مجموعة موحدة من المعادلات، وفي أرقام معدودة، لا زال الطريق طويلا، ولكن ما تحقق من تقدم هو أمر مثير .
    إن (قوانين الفيزياء) توافق الحياة بشكل هائل، ويعطي الكون كل مظهر يؤكد أنه قد صمم بشكل خاص وملائم لهذه الغاية، لضمان نشوء جيل من النجوم المستقرة والنظم الكوكبية، وضمان أنها متباعدة بمقدار يجنبها التداخل الجاذبي بينها والذي قد يسبب عدم استقرار مدارات الكواكب ، ولتضمن وجود الفرن النووي في داخل النجوم حيث يتحول الهيدروجين إلى العناصر الأثقل الضرورية للحياة، ولتضمن أن نسبة من الكواكب ستتحول إلى سوبرنوفا تنفجر لتحرر عناصر أساسية في الفراغ ما بين النجوم. وهذا ضروري لضمان بقاء عمر المجرات أطول بمرات من متوسط عمر النجوم ، فبهذا فقط.. تجد الذرات المتناثرة - الناجمة من الجيل السابق من تكتل السوبرنوفا - الوقت؛ لتتجمع في الأنظمة الشمسية للجيل اللاحق من النجوم في أية مجرة. ولضمان توزع وتواتر انفجارات (السوبرنوفا) باعتدال لا يشتد فيفرق أسطح الكواكب بحميم الأشعة القاتلة مرارا ولا يقل بحيث نفقد الذرات الثقيلة المصنعة في السوبرنوفا والمتجمعة على سطح الكواكب المتكونة حديثا، ولضمان أن یکون اتساع الكون بشموسه التي تعد بالترليونات وما يرافقها من أنظمة كوكبية.. تشكل معرجا عملاقا يكفي الظهور الحياة وتقدمها، وكذلك الوقت الكافي لهذا. وهكذا نتجه إلى استنتاج مفاده أن الحياة ووجودنا البشري قد مر سلسلة متسعة وطويلة جدا، مما يظهر وجود تأقلمات تتمركز حول الحياة أثناء تصميم الكون، وبحيث يكون كل تأقلم قد أحكم ضبطه باتجاه الحياة كهدف».
    وأحد الأمثلة على «أهمية» قوانين الفيزياء هو (مبدأ باولي للاستبعاد)

    (Pauli exclusion principle) وهو أحد المبادئ الأساسية في عالم الكوانتم، وينص على أنه: «يستحيل الإلكترونين أن يشغلا نفس حالة الطاقة الكمومية». وترجع أهمية هذا المبدأ إلى أن استقرار المادة والانتظام الدوري في «جدول مندلیف» للعناصر الذرية يعود إلى أن الإلكترونات تتبع مبدأ باولي للاستبعاد. عندما أدرك (بول ديراك) أن نظرية الكوانتم تقضي بإمكانية وجود نظائر موجبة الشحنة مضادة للإلكترونات تعرف بالبوزيترونات..
    استخدم مبدأ الاستبعاد هذا لعمل نموذج للفراغ من شأنه أن يتسبب تلقائيا في وجود مثل هذه الجسيمات العجيبة).

    مبدأ الاستبعاد لباولي يتسبب في عملية التكميم (داخل الذرة)، والتي تضمن استقرار المادة ، وتسمح للكيمياء بالوجود". هذا قانون واحد من قوانين الفيزياء يدل على مدى أهميتها وحفظها لاستقرار المادة ووجودها ، فالحياة ممكنة؛ لأن كلا من قوانين الفيزياء والشروط الحدية للكون لها طبيعة خاصة جدا. قوانین معينة من الفيزياء فقط، وخاصة الظروف الأولية في الكون، تسمح بوجود حياة ذكية من النوع الذي نعرفه).
    إن قوانين الفيزياء أشبه في ضبطها بحد السكين؛ نظرا لدقتها المتناهية ، ولو كانت قوانين الفيزياء مختلفة بشيء يسير جدا؛ لاستحال وجود الإنسان. ويعبر (فريد هويل) عن ذلك قائلا:
    لست أؤمن أن أي علماء فحصوا الدليل يمكنهم أن يفشلوا في الوصول إلى استنتاج أن: قوانين «الفيزياء النووية قد «صممت عمدا» فيما يتعلق بالنتائج التي تنتجها.

    ثانيا : القوى الكونية الأربع:
    يحكم كوننا «أربع» قوی مختلفة، وهي: قوة الجاذبية، والكهرومغناطيسية ، والنووية القوية، والنووية الضعيفة. هذه القوى الأربع تتباين فيما بينها بشكل ملحوظ، وهي ذات قيم ومقادير محددة بعناية، فالفرق الشاسع بين قوة الجاذبية والقوة النووية بمقدار ۳۸ قوة أسية هو حقيقة جوهرية في خطة بناء الكون، فهذا الفرق ضروري لوجود النجوم المنتصرة والنظم الكوكبية.
    ولو كانت قوة الجاذبية أقوى بتريليون مرة.. فالكون سيكون متناهي الصغر وتاريخ حياته سيكون قصيرا جدا. ومن ناحية أخرى: إذا كانت الجاذبية أقل.. فلن تتشكل نجوم ولا مجرات إطلاقا. كذلك فإن العلاقات والقيم الأخرى ليست أقل دقة من ذلك، فلو قلت قيمة القوة القوية بمقدار قليل جدا.. فسيكون العنصر الوحيد المستقر هو غاز الهيدروجين، ولن توجد ذرات لعناصر أخرى في هذه الحالة. وإذا كانت نسبتها إلى القوة الكهرومغناطيسية أقوى بقليل.. فلن تحتوي نواة الذرة على بروتونین، وسيكون ذلك مظهرا لاستقرار الكون عندئذ، ولن يحتوي الكون إلا على غاز الهيدروجين. وإذا تطورت نجوم أو مجرات فيه .. فستكون مختلفة تماما عن طبيعتها الحالية. واضح أنه إذا لم يكن لتلك القوى المختلفة وثوابتها القيم التي أخذتها بالضبط .. فلن يكون هناك نجوم ولا مستعرات ولا کواکب ولا ذرات ولا حياة".
    لقد رأينا - آنفا - كيف أن الحصول على النوع الصحيح من النجوم ضروري لنشوء كون يحمل حياة فيه. العجيب: أن صفة هذه النجوم تعتمد بشكل دقيق جدا على التوازن بين قوتين أساسيتين للطبيعة: الكهرومغناطيسية والجاذبية. فإذا كان التوازن مختلفا بدرجة صغيرة باتجاه أحدهما.. فإن جميع النجوم ستكون إما النجوم الحمراء القزمة أو النجوم الزرقاء العملاقة وستكون حياة العمالقة الزرق قصيرة بالمقارنة مع الجدول الزمني المتعلق بتطور الحياة، وبأي حال من الأحوال: يعتقد بأنه من المستبعد أن تتشكل کواکب. أما الأقزام الحمر فمن المحتمل أن تكون ضعيفة للغاية؛ لتدعم الحياة علی کوکب مطوق، وبأي حال من الأحوال.. فهي لن تنفجر کمستعرات، وهو أمر لا غنى عنه بالنسبة لنا.
    كذلك القوة النووية القوية يجب أن تكون قوية بما فيه الكفاية لتتواجد أنوية مستقرة، حيث توجد المادة المركبة في الواقع «فقط» إذا كانت خصائص القوة النووية القوية تقع في نطاق ضيق جدا بالنسبة إلى القوة الكهرومغناطيسية"
    .
    إن كل قوة من هذه القوى الأربع ذات مجالات منضبطة تعمل خلالها، بحيث تحافظ على تماسك مادة الكون وانتظام أجرامه، فمثلا:

    ١-قوة الجاذبية:
    أضعف القوى الأربعة، ولكنها قوة ذات مدى طويل وتعمل على كل شيء في الكون كقوة جذب. وهذا يعني أنه بالنسبة للأجسام الكبيرة.. فإن قوة الجاذبية يمكن أن يضاف بعضها إلى بعض بحيث تتغلب على كل القوى الأخرى. ولقد أثبتت الحسابات التي قام بها (براندون کارتر) في بداية الثمانينيات من القرن العشرين أن ثابت نيوتن للجاذبية لو تغير بمقدار بالغ الضالة لا يتعدي واحد على عشرة دیودیسیلیون (۱ متبوعا ب ۷۲ صفرا).. لما كانت الشمس موجودة، ولما أصبحت الحياة على كوكب الأرض ممكنة).
    فلو كانت قوة الجاذبية أقوى بتريليون مرة سيكون الكون أصغر حجما بكثير من حجمه الحالي، كما سيكون عمره قصيرا جدا؛ إذ ستكون كتلة الشمس صفرا).. لما كانت الشمس موجودة، ولما أصبحت الحياة على كوكب الأرض ممكنة).
    فلو كانت قوة الجاذبية أقوى بتريليون مرة سيكون الكون أصغر حجما بكثير من حجمه الحالي، كما سيكون عمره قصيرا جدا؛ إذ ستكون كتلة نجم متوسط وفق هذا الافتراض أقل بتريليونات من المرات من الحالية، وسيكون عمرها حوالي سنة واحدة، وهي حياة قصيرة جدا للنجم لا تكفي لتقدم الحياة وازدهارها. وبالغرض المقابل: لو كانت الجاذبية أقل قوة مما هي عليه الآن.. فلن يتكون أي نجم أو أية مجرة. وكما يشيرهوكينج :
    "إن نمو الكون الذى يشارف على الانهيار، والتوسع الخارجي الذي لم يستطع الإنسان قياسه بعد، هو بالسرعة المناسبة التي تسمح بتكون المجرات والنجوم".
    إن قيمة ثابت الجاذبية صغيرة بشكل لا يصدق مما يبين ضروريته الوجود النجوم.
    بشكل عام: بسبب أن الجاذبية هي الأضعف.. فإنه يجب تكدس المزيد من البروتونات فوق بعضها البعض قبل ضغطها في وسط قوي بما فيه الكفاية، بحيث تشتعل التفاعلات النووية. ونتيجة لذلك؛ فإن عدد كل أشكال المادة المألوفة لدينا. ومن ثم فالقوى الكهرومغناطيسية هي المسؤولة عن كل الكيمياء والبيولوجيا.
    يقول (ماكس تيجمارك) (Max Tegmark) عالم الكونيات الأمريكي:
    لو كانت القوى الكهرومغناطيسية أضعف مما هي عليه ب 4٪ فقط؛ لانفجرت الشمس فور تکونها، وستصبح نفس النتيجة إذا زادت القوة الكهرومغناطيسية عما هي عليه. إن ثوابت الطبيعة تبدو عدة بعناية عند مستوى ما .

    ٣ - القوة النووية القوية:
    مسك تلك القوة بالبروتونات والنيوترونات مع بعضها داخل نواة الذرة، وتمسك أيضا البروتونات والنيوترونات نفسها ، وهي ضرورية لكون تلك الجسميات مكونة من جسيمات أدق، كالكواركات ، إن القوة القوية هي مصدر طاقة الشمس والطاقة النووية. فلو كانت القوة القوية أقل بقليل من مقدارها الحالي.. فإن العنصر المستقر الوحيد سيكون الهيدروجين وسيتعذر وجود أي ذرة أخرى. ولو كانت القوة النووية أكثربقليل نسبة للقوة الكهرومغناطيسية فسيكون المظهر الكوني المستقر هو ذرة النواة الحاوية على بروتونين مما يعني فقدان الهيدروجين، وبالتالي ستكون النجوم والمجرات (إن تشكلت مختلفة عما نعرفه تماما. فلو كانت القوة النووية أضعف مما هي عليه الآن.. لما تكون الهيدروجين، ولظل الكون مجرد غبار کوني، ولو كانت أقوى قليلا.. لما استطاعت جسيمات النيوترينوات (neutrinos) مغادرة المستعرات العملاقة - السوبرنوفا (Supernova) - وبالتالي لن تنتقل العناصر اللازمة للحياة خارج المستعرات العملاقة النجوم المنفجرة .


    4 - القوة النووية الضعيفة:
    تسبب النشاط الإشعاعي، وتلعب دورا حيويا في تكوين العناصر في النجوم وفي الكون المبكر. حيث يعتمد معدل الاحتراق على شدة القوة الضعيفة، التي تحول البروتون إلى نيوترون (في تحویل بیتا عكسي). إن القوة الضعيفة تدين بضعفها هذا على الأقل على مستوى الطاقات المألوفة على الأرض والشمس) إلى الكتلة الكبيرة للبوزونW وما يرتبط بها من مدى محدود. إذن ما يتحكم في بطء الاحتراق الشمسي هو «ضعف» القوة النووية الضعيفة، والذي بدوره محکوم بالكتلة الضخمة للبوزون ، ولو كانت كتلة هذا الجسيم أصغر.. لكان من شأن الشدة الفعلية للقوة الضعيفة أن تكون أكبر، وكان الاحتراق الشمسي سيسير بمعدل أسرع. وهو ما لا يدعم وجود حياة على سطح الأرض.

    ثالثا : الثوابت الفيزيائية
    يتضح بجلاء: أنه إذا لم تكن قيم ومقادير القوى والثوابت الكونية المختلفة بمقدارها الحالي.. فلن يوجد نجوم ولا نجوم متفجرة (سوبرنوفا) ولا كواكب ولا ذرات ولا حياة. كما يلخص ذلك (بول ديفيز) قائلا:
    إن القيم العددية التي نجدها في الطبيعة للثوابت الرئيسة من مثل شحنة الإلكترون وكتلة البروتون و ثابت نيوتن للجاذبية قد تبدو غامضة، ولكنها أساسية الصلة لبنية الكون الذي ندرکه، وفهمنا للكثير والكثير من النظم الفيزيائية من الذرات إلى المجرات.
    بدأ العلماء يدركون بأن صفات كثيرة لهذه النظم حساسة بشكل مذهل للقيم الدقيقة للثوابت الرئيسة، ولو أن الطبيعة آثرت مجموعة مختلفة قليلا من الأرقام.. فإن العالم سيكون مكانا مختلفا جدا عما عهدناه، ولربما لن نكون موجودين لنراه).
    كما يشير (فيكتور ستينجر) (Victor J. Stenger) إلى أن:
    تغير الثوابت الفيزيائية والكونية تغيرا واسعا يقود إلي أكوان تسمح بتطور صور الحياة عليها، على الرغم من أن الوجود البشري لن يكون ممكنا في هذه الأكوان).
    إن القوانين الرياضية العلمية كما نعلمها في الوقت الحالي تحتوي علي العديد من الأرقام الأساسية مثل مقدار الشحنة الكهربية للإلكترون والنسبة بین کتلتي الإلكترون والبروتون... إلخ، والحقيقة الجديرة بالتأمل: أن قيم هذه الأرقام يبدو أنها قد تم ضبطها بشكل متناه حتى يمكن للحياة أن تنشأ وتتطور» . ولذا؛ يري (ليونارد سسکایند) أن:

    معطياتنا عن الثوابت الكونية، مثل النسبة بين الإلكترون والبروتون ، تقف كلها على حد السكين، وكلها مستقلة عن بعضها البعض، وفي الوقت نفسه تتلاقى لتسمح فقط بإحداث الحياة، وتغير أي معطى من هذه المعطيات التي نشأت مستقلة لم يكن يسمح لها بالتلاقي، فضلا عن إمكانية إيجاد حياة أو حتى منظومة كونية).

    ويوجد أكثر من ثلاثين ثابتا فيزيائيا أو کونیا منفصلا تتطلب تدریجا دقيقا لإنتاج کون داعم للحياة. لكننا هنا سنكتفي بأشهرها وأهمها:
    ١ - الثابت الكوني: يكفيك أن تعلم أن أحد الثوابت الفيزيائية المسمى بالثابت الكوني (Cosmological constant) والذي يضاد قوة الجاذبية، ويختص بسرعة تمدد الكون منذ نشأته، فهذا الثابت لو تغير بمقدار 1 مضروب في 10 أس سالب ١٢٢، أي: لو تغير بمقدار وحدة واحدة من ۱۲۲ وحدة عشرية Decimal)
    (place؛ لانهار الكون بأكمله، ولما كان هناك بشر ولا حياة ولا أرض من الأساس!
    لذا؛ فإن (ليونارد ساسکایند) يتعجب كثيرا ممن يدعون أن مثل هذا الضبط الدقيق قد وجد صدفة دون إرادة خلقه بهذا الشكل، فيقول:
    لا أحد يعتقد أن الثابت الكوني أمر عرضي، فليست فكرة عقلانية أن شيئا مضبوطا إلى مئة وعشرين قوة عشرية هو مجرد أمر محض الصدفة. ليس هناك داع يتحكم بموجبه الحظ في سبب وجودنا. هذا كثير جدا، هذا شطح، شطح بعيد جدا.
    كما عبر الفيزيائي (ستیفن واینبيرج) عن دهشته تجاه الوضع الذي عليه الثابت الكوني من كونه منضبط جيدا بصورة ملحوظة في صالحنا).
    إن الثابت الذي هو جزء من معادلة أينشتاين للنسبية العامة كان من الممكن أن يكون له أية قيمة إيجابية أو سلبية. فإن كان الثابت الكوني كبيرا وموجبا.. فسوف يعمل كقوة تنافر - عکس الجاذبية - تزداد مع المسافة، وهي قوة ستمنع المادة من أن تتجمع معا في الكون المبكر، وهذه العملية كانت هي الخطوة الأولى في تكوين المجرات والنجوم والكواكب والناس. ولو كان الثابت الكوني كبيرا وسالبا.. فسيعمل كقوة جاذبة تزداد مع المسافة، وستعکس تمدد الكون على الفور وتتسبب في إعادة انهياره).
    في الواقع.. كما قال «واینبرج»:
    فإن الملاحظات الفلكية تبين أن الثابت الكوني صغير للغاية، بل أصغر بمراحل مما كنا نتصور في البداية.
    وهي قوة غالبا إن الثابت الكوني من الرهبة بمكان، بحيث أنه يصير بهذا المقدار الذي لا يسمح بتدمير النجوم والكواكب والذرات، ولكن ما هذه القوة الغامضة والعجيبة التي استطاعت أن تحسب هذا الموقف المعقد للغاية»؟! فالثابت الكوني يستحيل أن ينشأ بالصدفة".
    ۲ - فقط ثلاثة جسيمات: يوجد جسيمات ثلاثة مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا، وتعد الأكثر أهمية بالنسبة لنا، وهي: البروتون، النيوترون، والإلكترون. النيوترون لديه تقريبا نفس كتلة البروتون، بل هو في الواقع (مجرد) أثقل قليلا بنحو جزئين في الألف. في المقابل، فإن الإلكترون أخف بكثير من أي منهما، فهو أخف بحوالي ألف وثمان مئة مرة من البروتون. في كتل كل من هذه الجسيمات الثلاثة هناك العديد من الأسرار. لماذا تكون النيوترونات والبروتونات قريبة جدا في الكتلة»؟!
    كون النيوترون أثقل من البروتون بمقدار ۱,۰۰۱۳۷٨٤١٨٧٠ مرة هو ما يسمح له بالاضمحلال إلى: بروتون، وإلكترون، ونيوترينو، وهذه العملية التي حددت وفرة نسبة الهيدروجين والهيليوم بعد الانفجار الكبير، ونتج لنا کونا يسيطر عليه الهيدروجين. إذا كانت نسبة كتلة النيوترون إلى البروتون هي مختلفة ولو قليلا.. فسنعيش في عالم مختلف تماما: کون - ربما - به الكثير جدا من الهيليوم، والتي ستحترق النجوم فيه بسرعة كبيرة جدا لتطور الحياة، أو كون تضمحل فيه البروتونات إلى نيوترونات وليس العكس، وسيكون الكون دون ذرات. لذلك؛ في الواقع: نحن لن نكون هنا على الإطلاق، فلا وجود لنا.
    إن قيمة الفرق بين كتلة النيوترون والبروتون يجب أن تكون مقيدة للغاية فإن كانت كتلة النيترونات أقل قليلا مما هي عليه الآن اضمحلال البروتون سيظل يحدث حتى الآن، ولن يترك أي ذرة على الإطلاق . في الواقع: هذا هو الجزء الوحيد من قبيل المصادفة الحرجة جدا ، واللازمة بشدة لوجود بيئة داعمة للحياة في حاضر هذا الكون".
    ولهذا؛ يقول (بارو) و(تیبلر) و(آخرون) :
    أن انخفاضا طفيفا في نسبة كتلة النيوترون إلى كتلة البروتون سيقضي أيضا على احتمال وجود حياة. على وجه التحديد: يقولون أنه إذا كان الفرق بين كتلة النيوترون وكتلة البروتون أقل من كتلة الإلكترون.. فإن البروتونات ستتحول تلقائيا إلى نيوترونات من قبل القوة الضعيفة عن طريق أسر الإلكترون . وهكذا يزعمون، فإن الكون يتكون ببساطة من النيوترونات،والتي بدورها تؤدي إلى عالم لا يمكن أن يوجد فيه نجوم أو كواكب.
    كذلك بالنظر في نسبة كتلة البروتون إلى الإلكترون. كتلة البروتون هي ١٨٣٦,١٥٢٦ مرة من كتلة الإلكترون . لو تغيرت هذه النسبة بأي درجة ملحوظة.. فإن استقرار العديد من المواد الكيميائية الشائعة سوف يتأثر.
    في نهاية الأمر: فإن هذا من : شأنه أن يمنع تشكيل هذه الجزيئات مثل الحمض النووي، واللبنات الأساسية للحياة. فيجب أن تكون كتلة البروتون تقریبا ۱۸٤۰ مرة من كتلة الإلكترون، كما هو، حتى تتمكن المواد الكيميائية المهمة أن تتم وتكون مستقرة، وبالتأكيد حتى تتكون جزيئات معقدة مثل الحمض النووي، والتي هي لبنات بناء الحياة. وإلا فإن الروابط الكيميائية (أساس) كيمياء الحياة لا يمكن أن تحدث أبدا).
    تحترق النجوم من خلال التفاعلات النووية حيث دمج البروتونات والنيوترونات؛ لتخليق المزيد والمزيد من الأنوية الثقيلة. وحتى تتم هذه العمليات؛ فيجب أن تكون البروتونات والنيوترونات قادرة على أن يلتصق بعضها ببعض، لخلق عدد كبير من أنواع مختلفة من الأنوية الذرية، ولكي يحدث ذلك؛ اتضح أن القيم الفعلية للكتل من الجسيمات الأولية يجب أن يتم اختيارها بدقة عالية. الثوابت الأخرى - مثل تلك التي تحدد شدة القوى المختلفة - يجب ضبطها بعناية).
    إن (تحلل بيتا) (Beta decation) الإشعاعي يتضمن تحول النيوترون إلى بروتون مع انبعاث إلكترون و نیوترینو. هذا يستلزم أن يكون النيوترون أثقل من البروتون، وهذا هو الحال بالفعل، ومن ثم يكون البروتون هو البذرة المستقرة للذرات والكيمياء. فلو كانت كتلة النيوترون أخف مما هي عليه.. لكانت النيوترونات هي الجسيمات المستقرة المتخلفة عن الانفجار العظيم ، وهذه الجسيمات متعادلة الشحنة كانت ستعجز عن اجتذاب الإلكترونات من أجل تكوين الذرات، ومن ثم كانت الكيمياء لتختلف تماما عما نعرفه ، وربما لم تكن لتوجد من الأساس. النيوترون أثقل من البروتون بجزء واحد على الألف، ولكن من حسن الحظ أن هذا المقدار كاف لإنتاج الإلكترون ، أو بعبارة أخرى، كتلة الإلكترون صغيرة بما يكفي بحيث يمكن للإلكترون أن ينشأ بفعل هذه العملية. ولو كانت كتلة الإلكترون أكبر.. لانعدم تحل بيتا ، ولانعدم التفاعل داخل الشمس، ولو كانت كتلة الإلكترون أصغر من ذلك...لسار تحل بيتا على نحو أسرع ، وصارت العمليات الديناميكية داخل الشمس على نحو مختلف، ولصارت شدة الأشعة فوق البنفسجية أكبر، وهو الأمر غير الصحي لنا؛ إذ تساعد كتلة الإلكترون في تحديد حجم ذرات کالهيدروجين، فالكتلة الأصغر ترتبط بذرة أكبر، والعكس صحيح، لذا فإن أحد الأسباب وراء امتلاك الأشياء للحجم الذي تملكه الآن، هو أن كتلة الإلكترون بالمقدار الحالي تماما. ولا نعرف لهذا النمط الخاص بالكتل سببا بعد.
    هذه الجسيمات «الثلاث» يجب أن تكون خصائصها كما هي، فإذا كانت الإلكترونات (بوزونات) (bosons) بدلا من كونها (فرمیونات) (fermions)، فإنها لن تخضع لمبدأ باولي للاستبعاد. وبالتالي فلن تكون هناك كيمياء). ولا بد من المساواة بين شحنة الإلكترون والبروتون؛ لمنع القوة الإلكتروستاتية الهائلة من سحق القوة الكهرومغناطيسية الضعيفة التي تحكم الكيمياء). ولا بد أن تكون البروتونات جسيمات مستقرة؛ لتتمكن النجوم من إنتاج العناصر الكيميائية اللازمة لبناء الحياة على الأرض. ولو أن أيا من هذه الحقائق - وغيرها الكثير - تغير بقدر طفيف.. لما كان لنا أي وجود).
    ٣- فقط ستة أرقام:
    قام الفلكي الملكي (مارتن ریس) بتأليف كتاب أوضح خلاله أهمية ستة ثوابت، ذات قيم ومقادير محددة ومصنوعة بعناية بحيث تشكل أساس الخواص الفيزيانية الأساسية للكون، وإن كانت الأرقام الستة قد تبدلت حتى ولو لأدنى درجة.. فلن تكون هناك نجوم، ولا عناصر معقدة ، ولا حياة.
    وهذه الثوابت باختصار هي:
    • الكون شاسع جدا؛ لأنه يوجد رقم واحد ضخم شديد الأهمية في الطبيعة، ويرمز له ب(N)، ويساوي: ۱ وعلى يمينه 36 صفرا. يقيس هذا الرقم نسبة القوة الكهرومغناطيسية في الكون إلى قوة الجاذبية، ولو نقصت أصفار (N) أصفار قليلة.. لما أمكن أن يوجد سوی کون صغير الحجم، قصير العمر، وما كان لكائن أن ينمو إلى حجم أكبر من الحشرة، وما وجد وقت كاف للتطور البيولوجي.

    الرقم الثاني هو: ε)) Epsilon، قيمته في كوننا = 0.007، وهي نسبة الهيدروجين الذي تحول إلى هيليوم في الانفجار العظيم، ويحدد هذا الرقم قدر تماسك الأنوية ببعضها، وكيف نعت كل الذرات على وجه الأرض. كما تتحكم قيمته في القدرة الخارجة من الشمس، والأهم من ذلك هو أنه يتحكم في كيفية تحول الهيدروجين داخل النجوم إلى باقي ذرات الجدول الدوري. هذا العامل (ε) لو قلت قيمته إلى (0.006) مثلا.. لضعفت القوة النووية الضعيفة، وبالتالي لم يتح للذرات الثقيلة (مثل الكربون اللازم للحياة) أن تتكون، ولم يتح للنجوم أن تتكون، ولصار الكون كله مليئا بعنصر الهيدروجين فقط، أما إذا زادت لقيمة مثل 008 ,0؛ فإن كل الهيدروجين سيتحول إلى هيليوم أثناء الانفجار الكبير، ولما تبقى أية ذرات هيدروجين لتعطي طاقة اندماجها في النجوم إلى هيليوم للكون ولما وجدت الحياة في الكون.

    الرقم الثالث هو (Ω) (Omega)، يقيس كمية المادة في كوننا من مجرات وغازات منتشرة ومادة مظلمة. يخبرنا (Ω) بالأهمية النسبية للجاذبية وطاقة التمدد في الكون، فلو كانت هذه النسبة أعلى مقارنة بقيمتها الحرجة. الأنهار الكون منذ زمن بعيد، ولو كانت أقل.. لما تكونت أية مجرات أو نجوم. إن سرعة التمدد الأولى تبدو وكأنها مضبوطة بعناية.

    الرقم الرابع (λ) (Lambda)، فقد كان الخبر العلمي الأكبر في عام 1998م، حيث تتحكم قوة جديدة غير متوقعة هي (الجاذبية الكونية المضادة) في توسع کوننا، رغم أنها لا تملك تأثيرا واضحا على مقياس أقل من مليار سنة ضوئية. ومن حسن حظنا أن قيمة (λ) صغيرة جدا، وإلا لتسبب تأثيرها في وقف تكون المجرات والنجوم، ولتعطل التطور الكوني قبل أن يبدأ من الأساس. وهذه الكمية هي التي تعبر عن تسارع اتساع الكون، والتي يجب أن تكون قيمتها في نطاق ضيق جدا، فإذا زادت قليلا.. لاتسع الكون قبل أن تستقر الحياة المخلوقة على الأرض.

    الرقم الخامس (Q) ويعبر عن مدى عدم انتظام كثافة الطاقة بعد الانفجار العظيم وهي تساوي في كوننا (1/100000)، فلو كانت هذه الطاقة منتظمة ومتماثلة تمام التماثل.. لظلت هكذا إلى الأبد، ولما تكونت النجوم ولا الكواكب، ولما كان يوجد تمایز بین أجزاء الكون، وبالتالي لاستحال وجود أية حياة. ولو كانت غير منتظمة أكثر مما هي عليه.. لامتلأ الكون بالثقوب السوداء التي تجعل النجوم قريبة جدا من بعضها، مما لا يتيح تكون كواكب تدور حولها، وبالتالي يستحيل وجود حياة .

    الرقم السادس (D) ويعبر عن عدد الأبعاد الفضائية ويساوي 3. وقد وجد العلماء استحالة وجود حياة إذا كان الكون ذا بعد واحد؛ لأنه – حسب فيزياء الكوانتم - فإن الجسيمات في البعد الواحد تمر من بعضها البعض، ولا يمكن أن تتماسك بحال. بينما في بعدين فيستحيل وجود حياة كذلك؛ لأن الكائنات الحية لن تستطيع أن تتغذى. تخيل معي کائنا ثنائي الأبعاد، فإن قناته الهضمية من موضع الفم إلى موضع الإخراج ستقسمه إلى جزئين، وتتفكك الحياة التي تعتمد على التغذية، أي: أن كل أنواع الحياة المعروفة لن تكون ممكنة. أما لو زادت عدد الأبعاد عن ٣ أبعاد فضائية.. فإن مدارات الكواكب والإلكترونات حول الشموس وأنوية الذرات بالترتيب لن تكون مستقرة ، وبالتالي يستحيل تواجد أية حياة. لم تكن الحياة لتوجد لو كان (D) يساوي ٢ أو 4.

    أينما نظرنا في الكون من المجرات المندفعة بعيدة، وإلى أعمق أعماق الذرة.. فإننا نواجه الترتيب والنظام. والفكرة الرئيسة لشيء خاص حقيقي مثل الكون المنظم، وهذا بدوره يحتاج إلى معلومات كثيرة لوصفه، وبديلا عن ذلك ربما نقول أن ذلك النظام يحوي كثيرة من المعلومات. ويحضرنا الآن سؤال فضولي وهو: إذا كانت المعلومات والنظام لهما دوما میل نحو الاختفاء.. فمن أين أتت أصلا كل هذه المعلومات التي جعلت العالم في هذه المكانة الخاصة"؟!

    ثالثا : النجوم :
    ١- خصائص مشتركة:
    جميع النجوم بأنواعها المختلفة تشترك في بعض الخصائص الرئيسة والتي تجعل وجودها في الكون أمرا ضروريا لدعم الحياة على كوكب الأرض، ومنها:
    • المسافات بين النجوم:
    إن الفراغات والمسافات البينية الموجودة في الفضاء تعتبر عاملا رئيسيا في تأمين المتغيرات الفيزيائية بشكل ملائم لحياة الإنسان، ومن ناحية أخرى فإن هذه الفراغات البينية الواسعة تحول دون ارتطام أرضنا بالأجرام السماوية العملاقة السابحة في الفضاء.
    ويؤكد (مایکل دانتون) على أن: المسافات الكونية الحالية مثالية وملائمة لنشوء مجموعات شمسية كالتي ننتمي إليها، فيقول:
    إن المسافات الفاصلة بين النجوم العملاقة (بل كافة النجوم) تعتبر قضية حساسة جدا، فهذه المسافات تقدر كمتوسط لها ب 30 مليون ميل بين نجوم مجرتنا، ولو تغيرت هذه المسافات بأن تكون أقل قليلا؛ لأصبحت مدارات الكواكب غير مستقرة، ولو كانت أكبر قليلا؛ لكانت المادة المنطلقة من قبل النجوم المنفجرة «سوبر نوفا» متشتتة تشتتنا كبيرا للغاية لدرجة ينعدم معها تشكل مجموعات شمسية مثل التي ننتمي إليها. فإن كنا نريد کونا صالحا وملائما للحياة؛ لكان من الضروري استمرار النجوم المنفجرة في الانفجار على وتيرة معينة. علما بأن هذه الانفجارات تعتبر محددة للمسافات المعينة الفاصلة بين النجوم، وإن هذه المسافات البعيدة والمحددة موجودة فعليا وتمارس تأثيرها المباشر).
    فإذا أصبحت النجوم أقرب مما هي عليه الآن، فلا يحدث إلا فرق طفيف في المفاهيم الفيزيائية الفلكية، وقد لا يحدث أي تغيير في العمليات الفيزيائية الجارية في النجوم وفي الأجرام السماوية الأخرى، ولو نظر إلى مجرتنا من نقطة بعيدة عنها، فلا يمكن تمييز أي تغيير فيها عدا أن عدد النجوم التي نراها ونحن مستلقين على الأعشاب يصبح أكثر. عفوا! هناك فرق أخر سيحدث، وهوا استحالة وجود إنسان مثلي يلقي نظرة على هذه النجوم، فهذه المسافات الشاسعة الموجودة في الفضاء شرط أساسي لوجودنا.
    فكلما واجهنا الأدلة؛ واجهتنا على الدوام الحقيقة نفسها، بأن قوة عاقلة فوق الطبيعة تدخلت في نشوء الكون..

    باختصار: إن توزع الأجرام السماوية في الفضاء هو بالضبط ما يلزم لحياة الإنسان كي تبقى قائمة على سطح كوكبنا، وسبب تلك المسافات الشاسعة الهائلة هو أنها نتيجة تصميم مقصود الغرض ما، وليست نتيجة للمصادفة ۔

    • ضوء النجوم:
    رغم أن الرؤية عالية الدقة ليست ضرورية حتما لكل أشكال الحياة على الملائمة فقط بالحياة الميكروبية البسيطة، ولكن بالكائنات المعقدة الكبيرة كالإنسان، وضوء النجوم الملائم لتوفير الدفء الذي تعتمد عليه كل الحياة على سطح الأرض، والملائم كذلك للتركيب الضوئي الذي ينتج الوقود الكربوني المختزل، والذي توفر أكسده الطاقة لكل أشكال الحياة على الأرض، والملائم للرؤية أيضا، وهو التكيف الرئيسي الذي استطاع به نوعنا التعرف على العالم.

    ۲ - نجوم السوبرنوفا:
    • يحدث «السوبرنوفا» بموت النجم في انفجار عملاق حيث تتشتت كل مادته وطاقته في موجة هائلة جدا تمر عبر الفضاء المحيط به. وقد أدركنا :
    (1) نتيجة التطورات الحديثة في علمي الفلك والفيزياء والتي حدثت خلال نصف القرن الماضي: أن موت النجوم في هذه الانفجارات الذاتية الضخمة يتصل جوهريا بوجودنا ککائنات حية على كوكب الأرض؛ لأن كل العناصر الضرورية للحياة من كربون C نيتروجين N وأوكسجينO وحديدFe.... إلخ صنع في تلك الأفران النووية الموجودة في باطن النجوم، ولكي تتجمع هذه العناصر في الكواكب الصخرية ككوكب الأرض؛ فلا بد أن تنحدر – هذه العناصر من باطن النجوم، وتنتشر بشكل عريض عبر الكون. إن هذا التحرر والانتشار المصيري للبنات الحياة الأساسية هو أحد نتائج انفجار السوبرنوفا، فيموت النجوم ولد الحياة.
    كما أن الانفجارات النجمية من نوع «السوبر نوفا» ضرورية لوجود الحياة؛ إذ بدونها لن توجد أي من اللبنات الكيماوية اللازمة للحياة على سطح کوکب کالأرض، فإنها ظواهر شديدة التدمير تقضي على كل حياة في أنظمة الشمسية القريبة منها. ولنحل على كون يشكل بناء يناسب وجود الحياة فيه.. يجب أن يحدث ومضان النجوم المنفجرة بنسب دقيقة جدا، وبمسافة معتدلة فيما بينها، بل وبمسافة مناسبة بين كل النجوم. هذا التواتر وهذه المسافة قريبان من القيمة التي نراها في الواقع. وبالإضافة لهذا.. ثبت أن إنتاج العناصر الرئيسة اللازمة لحياة معتمدة على الكربون يحتاج إلى مستويات الطاقة الهائلة لتتشكل في باطن النجوم، ويحتاج أمرا آخر أساسا يبدو کمجموعة من الشروط الأخرى شديدة الضبط موجودة في البنية الذرية معينة، وبالأخص مستويات الطاقة الذرية لذرات البريليوم ۸ والكربون ۱۲ والأوكسجين 16، فتؤثر مستويات الطاقة هذه على تصنيع ومقدار توافر الكربون والأكسجين وعناصر أخرى أثقل منهما، وكلها أساسية الوجود الحياة. ولو أن مستويات الطاقة هذه انحرفت بمقدار ضئيل جدا؛ فلن يصنع الكربون والأوكسجين اللازمین لبناء الحياة).

    • كذلك المسافة بين نجوم السوبر نوفا - في الحقيقة وبين كل النجوم - هي مسافات حرجة لأسباب أخرى، والمسافة بين نجوم مجرتنا هي حوالي ثلاثين مليون ميل، فإذا كانت تلك المسافة بمقدار أقل.. فالمدارات الكوكبية ستكون غير مستقرة – أي: «فاقدة للاستقرار -، وإذا كانت أكثر من ذلك.. فإن
    الشظايا المقذوفة من انفجار (السوبر نوفا) ستكون موزعة ومنتشرة جدا بحيث أن أي نظام کوکبي مثل نظامنا لن يتشكل في كل الاحتمالات وعلى جميع المستويات، فإذا أريد للكون أن يكون مكانا للحياة .. عندئذ يجب أن تحدث الضربة السريعة - السوبرنوفا - بمعدل دقيق جدا، ويجب أن يكون متوسط المسافة بينهما - وفي الحقيقة بين كل النجوم - قريبا جدا من الرقم المشاهد فعلا في الكون». كذلك.. وفرة نجوم السوبرنوفا أمر ضروري لوجود النظام الشمسي، ووفرة الحياة على كوكبنا، فحوالي910 ×3 من نجوم السوبرنوفا كانت ضرورية لتشكيل النظام الشمسي والكيمياء الخاصة بالبشرية".

    • وجود نجوم السوبرنوفا على هذه المسافات الشاسعة منا هو أمر ضروري الوجودنا، وكذلك ثوران نجوم السوبرنوفا (Supernovae Eruptions)، فلا بد أن يتم بوقت معين وبمسافة معينة؛ إذ لو كان هذا الثوران قريبا جدا.. فإن الإشعاع سیبيد الحياة، وإذا كان بعيدا جدا.. فإن القليل جدا من الرماد» سيكون متاحا للكواكب الصخرية لتشتمل. وإذا كان نادرا.. نفس النتيجة. وإذا كان متكررا بكثرة.. فإن الإشعاع سیبيد الحياة. وإذا كان في وقت قريب جدا.. فإن القليل جدا من «الرماد» سيكون متاحا للكواكب الصخرية التشكل. وإذا حدث الثوران بعد فوات الأوان.. فإن الإشعاع سیبيد الحياة.

    ٣- تصنيع الكربون في النجوم:
    • حيلة الوصول من الهيليوم إلى جيل من الكواكب - وفي نهاية المطاف وجود الحياة - كان تشكيل الكربون، حيث يعد عنصرا أساسيا النجاح الحياة والإنتاج العناصر الثقيلة في النجوم. الكربون لا يمكن أن يتشكل في اللحظات الأولى التي أعقبت الانفجار الكبير؛ لأن كثافة كتلة التوسع كانت منخفضة للغاية بالنسبة للاصطدامات اللازمة لحدوثها. وكأن تشکیل الكربون في انتظار إنشاء النجوم الحمراء العملاقة، وهي نجوم ضخمة بما يكفي للسماح لمثل هذه التصادمات الداخلية الكثيفة؛ لأن النجوم تصبح حمراء فقط في ال ۱۰٪ الأخيرة من حياتها (حيث تستخدم ما يصل إلى قدر كبير من الهيدروجين في قلبها)، فلم يكن هناك كربون في الكون عملاقة حمرا المئات الملايين وحتى بضعة مليارات من السنين بعد الانفجار الكبير، وبالتالي لا حياة كما نعرفها لتلك الفترة من الزمن.
    • وبعد حوالي مليار سنة (عندما تكثفت النجوم الأولى) بدأت التفاعلات النووية مجددا (الآن تقتصر على أب النجوم الساخنة). كانت هذه هي مواقع صنع الكربون، حيث كانت كل ذرة من الكربون في كل كائن حي في إحدى المرات داخل نجم. نحن أبناء الغبار الكوني، ومصنوعون من رماد النجوم الميتة. العمليات التي صنعت بها العناصر الأثقل تمت عن طريق سلسلة جميلة وحساسة من التفاعلات النووية بشكل أساسي بالدمج المتابع للجزيئات - أنوية الهيليوم - خطوة خطوة لتشكيل سلسلة البريليوم والكربون والأكسجين...)، وهنا توجد مشكلة حول الخطوة الثانية من ناحية أخرى، حيث إن البريليوم هو عنصر ضعیف الاستقرار جدا، وبالطريقة الاعتيادية.. فلن يبقى فترة كافية ليسمح بالتفاعل التالي (تشكيل الكربون) بالحصول.
    هذه العملية غير ممكنة إلا إذا وجد تأثير تعزيزي كبير جدا (الرنين) موفر الطاقة الملائمة بدقة للسماح بإضافة الجزيء التالي؛ ليأخذ مكانه بسرعة مفاجئة، واصطياد البريليوم قبل أن يختفي. إذا كانت قوانین الفيزياء النووية مختلفة قليلا.. فإن هذا الرنين إما ألا يحدث على الإطلاق أو قد يملك كم الطاقة غير المناسب لحدوث ذلك).

    • لا يمكن أن تنتج هذه السلسلة من التفاعلات - في النجم – عناصرا بعد الحديد (أكثر أنواع الأنوية الذرية استقرارا). وهكذا تبقى لدينا مشکلتان قائمتان: صناعة العناصر الأثقل من الحديد (بعضها ضروري للحياة مثل الزنك واليود)، والحصول على عناصر مصنوعة مسبقا خارج النجم في البيئة ، حيث في النهاية يمكنها أن تشكل جزءا من كوكب يمكنه حمل الحياة عليه. اتضح أنه بالقوى النووية في الشكل التي تأخذه حقا في كوننا؛ تحل كلتا المشكلتين بانفجار بعض النجوم کمستعرات).

    • ويتطلب تشكيل الكربون وجود ثلاث ذرات من الهيليوم: (نواة) لتصطدم - خاصة في نفس الوقت: اصطدام ثلاثي. ما يحدث في الواقع هو أن اثنين من ذرات الهيليوم تصطدمان معا لتشكيل نظير البريليوم – (-8 )وبعد ذلك ، في غضون ۱ على عشرة من الفيمتو ثانية :
    (۱/ 10,000,000,000,000,000 ثانية ) قبل أن يضمحل هذا النظير الإشعاعي للغاية.. يجب أن يصطدم ويتفاعل مع نواة الهيليوم الثالثة لإنتاج الكربون ، ولذلك؛ فإن العالم الفلكي (فريد هویل) يرى أن قضية تصنيع الكربون والأكسجين المتوافقین مساله بديعة جدا وكأن الأمر (عمل مقدر بخطة مسبقة)، وبخصوص الرنين النووي ذي الموضع الحساس.. يقول:
    فإن كنا بصدد صنع الكربون والأكسجين بكميات متساوية تقريبا مستخدمين التصنيع النووي النجمي، فسنجد أن هذين المستويين من الرنين النووي هما ما يتوجب ضبطهما، وإن ضبطناهما سنضطر إلى ضبطهما إلى المستويين الذين نراهما في الواقع الحالي، يفرض التعليل المنطقي للوقائع وجود تدخل حكمة بالغة في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، كما يفرض المنطق عدم وجود قوة عمياء تستحق الذكر في الطبيعة. يدل التصور الدقيق الناشئ عن علم الفيزياء الحديث وعلم الفلك الحديث على أن إمكانية تشكل العناصر الكيميائية اللازمة للحياة وتشكل الأنظمة الكوكبية القادرة على دعم وجود الحياة واستمرارها لملايين السنين تعتمد إمكانية هذا الوجود على التركيب العام للكون، وكل القوانين الطبيعية التي نراها الآن وبدقة شبه تامة).
    • إن نمط الحياة المعتمد على الكربون لا يمكن أن يوجد إلا في كون شديد الاصطفائية".

    المصادر

    الصنع المتقن الفيزيائي الاستاذ مصطفى نصر قديح من :
    ص271 الي ص294
    ومن ص251 الي 259
    التعديل الأخير تم بواسطة Shebl Al Saqar; 8 ديس, 2021, 11:42 م.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 15 ساعات
رد 1
6 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الراجى رضا الله  
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
ردود 0
126 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
ردود 0
67 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ARISTA talis
بواسطة ARISTA talis
 
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
ردود 25
154 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
ردود 0
93 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
يعمل...
X