تابع براهين وجود الله نشأة الحياة تحدي ال DNA واصل الحياة (9)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Shebl Al Saqar مسلم اكتشف المزيد حول Shebl Al Saqar
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تابع براهين وجود الله نشأة الحياة تحدي ال DNA واصل الحياة (9)

    المعلومات الحيوية الDNA واصل الحياة

    يحتوي الـ DNA البشري على معلومات أكثر تنظيماً من دائرة المعارف البريطانية. وإذا كان ممكناً للنص الكامل لدائرة المعارف أن يصل إلى نظام شفرة الكمبيوتر من الفضاء الخارجي، فإن معظم الناس سوف يعتبرون ذلك أنه برهان على وجود ذكاء أرضي فائق. ولكن عندما يُرى في الطبيعة فيفسرونه على أنه من صنع قوى عشوائية.
    جورج سم جونسون

    في عام 1953، عندما أخبر تشنج فرانسيز زوجته أودل أنه وأحد زملائه اكتشفا سر الحياة – التركيبة الكيميائية للحامض النووي DNA، حيث توجد التعليمات لبناء البروتينات بشفرة معينة – لم تصدقه. وبعد عدة سنوات اعترفت لزوجها قائلة: “كنت دائماً تعود للمنزل وتقول أشياء كهذه، ولهذا فكان أمراً طبيعياً ألا أفكر فيها”.
    هذه المرة، لم يكن مبالغاً. فقد حاز هو وجيمس دي. واتسون على جائزة نوبل لاكتشافهما الحلزون المزدوج الشهير الآن بالحامض الريبوسي النووي الناقص الأوكسجين، والذي هو مخزن “اللغة الحياة”.

    ولأكثر من 50 عاماً. بينما كان العلماء يدرسون الستة أقدام من الحامض النووي DNA الذي يلف بإحكام داخل كل خلية في أجسادنا والتي يبلغ عددها ماية تريليون خلية، تعجبوا من كيفية إمدادها للمعلومات الوراثية اللازمة لخلق كل البروتين الذي يبني أجسادنا. وفي الحقيقة فإن كل واحدة من 30,000 جين المطمورة في 32 زوج من الكروموسومات تستطيع إنتاج حوالي 20,500 أنواع مختلفة من البروتينات.
    إن القدرة المذهلة للـDNA الميكروسكوبي لإيواء هذا الجيل من المعلومات، والذي يرمز إليه بأربعة حروف من الرموز الكيميائية “يفوق بكثير أي نظام آخر معروف”، هكذا قال عالم الجينات مايكل دينتون.
    وفي الحقيقة، قال إن المعلومات اللازمة لبناء البروتين لكل أنواع الكائنات الحية التي وجدت – وقد قدر عددها بألف مليون – “يمكن وضعها في ملعقة شاي وسيظل هناك مكان لكل المعلومات الموجودة في كل الكتب التي كُتبت”

    إن الـ DNA هو بمثابة مخزن المعلومات لعمليات تصنيع دقيقة والذي فيه ترتبط معاً الأحماض الأمينية بالروابط الصحيحة والتتابع الصحيح لكي تنتج الأنواع الصحيحة من البروتينات والتي تلف بالطريقة الصحيحة لكي تبني الأنظمة البيولوجية. والفيلم الوثائقي “فتح أسرار الحياة” الذي عرض في العديد من المحطات التلفزيونية PBS، يصف هذه العملية الضخمة بهذه الطريقة:
    في عملية تُسمى بالنسخ، تبدأ الأدلة الجزيئية بحل او فك قسم من الحامض النووي DNA لعرض التعليمات الجينية الضرورية لتجميع جزيء معين من البروتين. وآلة أخرى تصور أن تنسخ هذه التعليمات لتكون جزيء يعرف بالرسول RNA. وعندما تكتمل عملية النسخ يحمل RNA المعلومات الجينية خارج نواة الخلية. ويتوجه الرسول RNA لمصنع الجزيئات المكون من جزأين ويدعى ribosome والذي بداخله يبنى خط تجميع الجزيئات مسلسلة متتابعة معينة من الأحماض الأمينية. وترسل هذه الأحماض الأمينية من أجزاء أخرى من الخلية وترتبط في شكل سلاسل طولها مئات الوحدات. ويقرر ترتيبها التتابعي نوع البروتين المصنع. وعندما تنتهي هذه السلسلة، تُنقل من ribosome لآلة تشبه البرميل والتي تساعد على لفها في شكل محدد مهم لتأدية عملها. وبعدها تندمج السلسلة في البروتين تنطلق وترعاها آلة جزيء أخرى للمكان الذي تحتاجها

    إن هذا الأسلوب “المرعب للذهن” والذي قاد أستاذ الأحياء دين كينون ليك يُنكر النتائج التي توصل إليها في كتابه عن الأصل الكيميائي للحياة ويستنتج بدلاً من ذلك بأنه لا شيء ينقصه عنصر الذكاء يستطيع أن يخلق هذا الجهاز المعقد للخلية”. وهذا المجال الجديد لجزيئات الجينات حيث يمكننا أن نرى أعظم دليل قوي على الأرض”. هكذا قال
    ويبدو أن هذا يطابق ما أعلنه العلماء أنهم أخيراً وضعوا خريطة لثلاثة بلايين شفرة للجينوم البشري – إنه موضوع شغل 75,490 صفحة في مجلة النيويورك تايمز وهذا ما تزخر به المراجع الإلهية. وقال الرئيس كلينيون “إن العلماء يتعلمون اللغة التي خلق الله بها الحياة”. وقال عالم الجينات فرانسيس أي. كولينز، رئيس مشروع الجينات البشرية، إن الحامض النووي DNA” هو كتاب تعليماتنا وهو معروف مُسبقاً لدى الله وحده”.
    هل مثل هذا السجود العام للخالق هو مجرد تقليد اجتماعي مهذب يُقصد به احناء الرأس في أدب في بلد كان يسوده الإلحاد؟ هل كمية المعلومات الكبيرة الموجودة في الحامض النووي DNA تبرر النتيجة التي توصلوا إليها من أن مصمم ماهر وذكي غرس المواد الجينية وتعليمات بنائها للبروتين؟ هل هناك أية عمليات طبيعية تفسر ظهور المعلومات البيولوجية في الخلايا الأولية؟
    أنا أعلم أين أذهب لكي أحصل على الإجابات. واحد من الخبراء القادرة في قضايا أصل الحياة والذي كتب باستفاضة عن مدلولات المعلومات في الحمض النووي DNA، يسكن في ولاية واشنطن. قد ناقشنا معاً التداخل بين العلم والإيمان في الفصل الرابع من هذا الكتاب، والآن لقد حان الوقت لكي أجلس معه مرة أخرى، وفي هذه المرة في معهد الاكتشافات في وسط مدينة سياتل.

    في الواقع، لقد استعرت تسجيل لشريط فيديو لمناظرة بين مير وعالم إنسانيات ملحد، وكان موضوع المناظرة شرعية نظريات التصميم الذكي، وأتذكر تصرف مير الحاذق حيث كان يتقدم بقوة لتفكيك قضية الأستاذ، ثم يرتد في الوقت ذاته. لربما مرجع ذلك لسنوات عمره الأولى حين كان يتدرب على الملاكمة، حيث تعلم كيفية التغلب على الخوف من تلقي لكم من خصمه ليركز على نقاط ضعف خصمه.
    وبالنسبة لي، كان كل هدفي في هذه المقابلة البحث عن إجابات مباشرة عن قضية أربكت العلماء الذين يبحثون عن أصل الحياة طوال الخمسة عقود الأخيرة. بالرغم من أن أكثر الدارونيين يعترفون بأنهم صدموا من الاستفسار عن كيف وُجدت الحياة والـ DNA،ولم يقبلوا استنتاجات مير في هذا الموضوع. ولم يهمني هذا الأمر، وكان مقياس سهلاً: ما هو أقصى معنى يمكننا الحصول عليه من منظور علمي بحت؟

    مناقشة حلة الـ DNA والتصميم
    بدأت المناقشة مع مير بقراءة اقتباس قرأته أثناء بحثي وسجلته في ملاحظاتي. قلت له: “طبقاً لما قال بريند أولاف كيبيرس، مؤلف كتاب “معلومات عن أصل الحياة” يقول: “إن المشكلة في موضوع أصل الحياة تساوي مشكلة أصل الملومات البيولوجية” هل توافق على هذا القول؟”
    أجاب مير: “نعم بكل تأكيد. فعندما أسأل تلاميذي ماذا يحتاجون حتى يجعلوا أجهزة الكمبيوتر تؤدي وظيفة جديدة، فأجابوا: “عليك أن تدخل فيه شفرة جديدة”. وهو نفس المبدأ فيما يخص الكائنات الحية”.
    “إذا أردت لأي كائن حي أن يكتسب وظيفة أو تركيبة جديدة، عليك أن تمده بمعلومات في مكان ما في الخلية. إنك تحتاج إلى تعليمات عن كيفية بناء المكونات الهامة للخلية وهي في معظمها بروتينات. ونحن نعلم أن الحامض النووي هو المخزن للشفرة الرقمية التي تحوي على التعليمات التي تبلغ آلة الخلية بكيفية بناء البروتينات. وأدرك كيبيرس بأن هذه عقبة هامة في تفسير كيف بدأت الحياة: من أين تأتي هذه المعلومات الجينية؟”
    “تخيل أنك تعمل حساء من وصفة معينة. يمكن أن تكون لديك كل المكونات، ولكن إن لم تعرف الكميات المناسبة، أو ما هو الشيء الذي يجب أن تضيفه، أو مدى الوقت الذي تأخذه لطهيها، فلا يمكنك أن تحصل على حساء جيد”.
    “حسناً، كثير من الناس يتحدثون عن “الحساء الذي يسبق الكائن الحي – المواد الكيميائية التي وجدت على الأرض في بدايتها الأولى قبل وجود الحياة. حتى وإن كانت لديك المواد الكيميائية الصحيحة لخلق خلية حية، فسوف تحتاج إلى معلومات عن كيفية تنظيمها بطريقة محددة لكي تقوم بوظائف بيولوجية. ومنذ الخمسينات والستينات أدرك البيولوجيون (علماء الأحياء) أن الوظائف الهامة للخلية يؤديها البروتين الذي هو نتاج تجميع التعليمات المخزونة في الحامض النووي DNA.
    قلت له: “دعنا إذاً نتحدث عن الحامض النووي DNA. وقد كتبت شيئاً عن تصميم الحامض النووي. ماذا تقصد بذلك؟”
    قال: “أقصد أن أصل المعلومات في الحامض النووي – الذي هو ضروري لكي تبدأ الحياة – يمكن تفسيره بطريقة أفضل بسبب ذكي أفضل من الأسباب الطبيعية التي يصرح بها العلماء ليفسروا الظواهر البيولوجية”.
    سألته: “عندما تتحدث عن المعلومات في الحامض النووي فماذا تقصد؟”
    قال: “نحن نعلم من خبرتنا أننا يمكن أن ننقل المعلومات باستخدام ستة وعشرون حرفاً للحروف الأبجدية أو 22 أو 30 أو حتى حرفين مثل صفر أو ما يستخدم الشفرة الثنائية في جهاز الكمبيوتر وإحدى الاكتشافات غير العادية في القرن العشرين هو ذلك الحامض النووي DNA الذي يخزن المعلومات – التعليمات المفصلة لتجميع البروتينات – في صورة شفرة رقمية ذات أربعة صفات”.
    “والصفات هي مواد كيميائية تسمى adenine وguanine وCytosine وthymine. ويرمز إليهم العلماء بالحروف A, G, C, T وهذا أمر مناسب لأنهم يعملوا مثل الحروف الأبجدية في النص الجيني. وترتيب هذه الأربعة “أسس” بحسب تسميتهم، سوف يعطي تعليمات للخلية لكي تبنى سياقاً مختلفاً من الأحماض الأمينية، وهي التي تبني البروتينات. والترتيبات المختلفة للصفات تعطي سياقاً وتسلسلاً مختلفاً للأحماض الأمينية”.
    وهنا أصر مير أن يريني وسيلة توضيحية يستخدمها غالباً مع طلبته بالكلية. وإذ وصل إلى درج المكتب بعض الفقاعات البلاستيكية من النوع الذي يلعب به الأطفال. وقال بنوع من الهزل: “إنه مكتوب على هذه العلبة أنها علبة تناسب الأطفال ما بين سنتين وأربع سنوات، إنها كيمياء متقدمة”.
    وأمسك بيده بعض الفقاعات ذات اللون البرتقالي والأخضر والأزرق والأحمر ولها أشكال مختلفة. وقال وهو يضع هذه الفقاعات بجوار بعضها على خط واحد: “هذه تمثل تركيبة البروتين. وأساساً، فإن هذا البروتين هو صف منظم من الأحماض الأمينية. وبسبب القوة بين الأحماض الأمينية يطوي في أشكال ذات ثلاثة أبعاد وهي غريبة الشكل وتشبه أسنان المفتاح، ولها مفتاح يناسب الجزيئات الأخرى في الخلية. وغالباً ما تُحفر هذه البروتينات التفاعلات، أو قد تكون جزيئات تركيبة أو روابط أو أجزاء من آلات الجزيئات التي كتب عنها مايكل بيه. وهذه الأشكال المحددة ذات الثلاثة أبعاد والتي تسمح للبروتينات أن تؤدي عملاً مشتقة مباشرة من تسلسل الأحماض الأمينية ذات البعد الواحد”.
    ثم قام مير بجذب بعض الفقاعات البلاستيكية وأعاد ترتيبها وقال: “إذا غيرت أماكن فقاعة (خرزة) حمراء وأخرى زرقاء، فأنا بذلك أعمل تركيبة مختلفة للتفاعلات القوية وسيتكون بروتين بطريقة مختلفة تماماً. ولهذا فإن تسلسل الأحماض الأمينية هو ضروري حتى نحصل على سلسلة طويلة لتتشكل بطريقة مناسبة مكونة بروتين يؤدي وظيفته. والتتابع الخاطئ لا يعطي القدرة للأحماض الأمينية أن تؤدي وظيفتها”.
    “وبالطبع فإن البروتينات هي مفتاح الجزيئات العاملة في الخلية، ولا يمكن وجود حياة بدونها. من أين أتت تلك البروتينات؟ حسناً، إن هذا السؤال يفرض قضية أعمق، ما هو مصدر التعليمات المجمعة في الحامض النووي DNA المسؤولة عن الأحماض الأمينية ذات البعد الواحد والتي تخلق الأشكال ذات الأبعاد الثلاثة للبروتينات؟ وإن الصفات العاملة في البروتينات مشتقة من المعلومات المخزونة في جزيء الحامض النووي”.

    مكتبة الحياة
    انبهرت كثيراً بالعملية التي وصفها مير فقلت له مستخدماً تشبيهاً كنت قد سمعته مرات عديدة من قبل “إن ما قلته هو أن الحامض النووي يشبه الرسم البياني لكيفية بناء البروتينات”.
    تردد مير وقال: “في الواقع أنا لا أحب تشبيه الرسم البياني. ومن المحتمل أن يكون هناك مصادر أخرى للمعلومات في الخلية والكائنات الحية. ورغم أهمية السائل المنوي فهو لا يبني كل شيء. إنه يبني بروتين الجزيئات ولكنها مجرد وحدات بديلة لتركيبات ضخمة حتى أنها منظمة بحسب معلومات معينة”.
    سألته: “ما هو التشبيه الأفضل من ذلك؟”
    قال: “إن الحامض النووي يشبه المكتبة إلى حد كبير. والكائن الحي يسمح بدخول المعلومات التي يحتاجها من الحامض النووي حتى يمكنه بناء بعض مكوناته الأساسية. وتشبيه المكتبة أفضل لأنه يتبه الترتيب الأبجدي. ففي الحامض النووي توجد خطوط طويلة من A, C, G, T المرتبة بدقة لكي تخلق تركيبة البروتين وتشكيله. ولكي تبني بروتيناً واحداً فأنت بحاجة إلى ما بين 1200 – 2000 حرف أو أساس، والتي هي عبارة عن قدر كبير من المعلومات”.
    قلت له: “هذا يثير سؤالاً للمرة الثانية عن أصل هذه المعلومات”.
    فقال: “إنه ليس مجرد سؤال يثار. إن هذه القضية تسببت في انهيار كل التفسيرات الطبيعية عن أصل الحياة، لأنه السؤال المحرج والأساسي. وإن لم تتمكن من توضيح من أين جاءت تلك المعلومات، فأنت بذلك لم تفسر الحياة لأن المعلومات هي التي تجعل الجزيئات تؤدي وظيفتها بطريقة فعلية”.
    سألته: “بماذا يخبرك وجود المعلومات؟”
    قال: “أعتقد أن وجود المعلومات في الخلية يُفسر بطريقة أفضل بواسطة نشاط قوة ذكية. قال بيل جيتس “إن الحامض النووي يشبه برنامج حاسوب (السوفت وير) وهو أكثر تعقيداً من أي شيء قمنا باختراعه حتى الآن”. وهذا أمر مثير للغاية لأننا نعلم أنه في شركة ميكروسوفت يستخدم حيس مبرمجين أذكياء لإنتاج البرمجيات. وقد قال هنري كواسلير صاحب نظرية المعلومات في عام 1960 “إن خلق معلومات جديدة مرتبط بحكم العادة بالنشاط الواعي”.
    قلت له: “ولكننا نتحدث عن شيء – أصل المعلومات والحياة – حدث منذ فترة طويلة. كيف يمكن للعلماء أن يُعيدوا بناء ما حدث في الماضي البعيد؟”
    قال مير: “باستخدام مبدأ علمي للتفكير يسمى uniformitarian. وهذه هي الفكرة بأن معلوماتنا الحالية عن العلاقات بين السبب والأثر يجب أن تقود إعادة بنائنا لما تسبب في إثارة شيء في الماضي”.
    قلت له: “مثلاً، دعنا نقول إنك وجدت نوعاً معيناً من علامات التموج محفوظة منذ عصور قديمة في طبقات رسوبية. ودعنا نقول أيضاً أنك رأيت نفس هذا النوع من التموج مكوناً في قاع بحيرات تبخر ماؤها. يمكنك عندئذ أن تستنتج مستخدماً منطق uniformitarian أن علامات التموج في الطبقات الرسوبية نتجت عن عمليات مشابهة”.
    “لذا دعنا نعود إلى الحامض النووي. حتى أبسط خلية ندرسها اليوم أو نجد دليلاً عنها في سجل حفريات، تحتاج إلى معلومات مخزنة في الحامض النووي أو حامل معلومات آخر. ونحن من خبرتنا أن المعلومات مرتبطة بفعل العادة بالنشاط الواعي. وباستخدامنا لمنطق uniformitarian يمكننا أن نعيد بناء السبب لتلك المعلومات القديمة في الخلية الأولى كمنتج للذكاء”.
    قلت لـ مير: “رغم كل ذلك فهناك تحذير”.
    فسأل: “أي تحذير هذا؟”
    قلت له: “كل هذا صحيح – إذا لم تتمكن من إيجاد تفسير أفضل”.
    قال: “نعم بالطبع. يجب أن تستبعد الأسباب الأخرى لنفس الأثر. فالعلماء المشغولون بالبحث عن أصل الحياة نظروا إلى إمكانيات أخرى لفترات طويلة، وبصراحة لم يتوصلوا لشيء”.
    وقبل أن نستمر في مناقشاتنا، كنت بحاجة لأن أرضي نفسي بأن السيناريوهات الأخرى الممكنة ينقصها نظرية التصميم الذكي.

    الحساء المفقـود
    في العام 1871 كتب تشارلز داروين خطاباً قال فيه إنه من الممكن أن تكون الحياة قد نشأت عندما “تكوّن كيميائياً بروتين مركب” في بقعة دافئة صغيرة بكل أنواع الأمونيا والأملاح الفوسفورية والضوء والحرارة والكهرباء… إلخ ومنذ بضعة سنوات لخص أحد العلماء النظرية الأساسية بالطريقة الآتية:
    من المفترض أن تكون المرحلة الأولى في الطريق إلى الحياة تكون قد نشأت بعمليات كيميائية حساسة وبحتة ظهرت على سطح الأرض المبكرة، وبها كل المركبات العضوية الأساسية والضرورية لتكوين خلية حية. ومن المفترض أن تكون قد تراكمت في المحيطات البدائية مكونة مرق الحساء المغذي والذي يسمى “الحساء الحيوي (خاص بالكائنات الحية)” وفي بعض البيئات المعينة والمتخصصة تجمعت هذه المركبات العضوية وكونت جزيئات ضخمة وبروتينات وأحماض نووية. وأخيراً على ملايين السنين ظهر تجمع لهذه الجزيئات الضخمة التي تجمعت بخاصية التكاثر الذاتي. ثم بعد ذلك هو مدفوعة بالاصطفاء الطبيعي وهي أكثر كفاءة وتعقيداً وأنظمة التكاثر الذاتي للجزيئات تطورت إلى أن ظهر أخيراً أبسط نظام .

    قلت له: “إنني أسمع علماء يتحدثون بكثرة عن هذا “الحساء الحيوي”. كم عدد الأدلة التي تقول إنه موجود فعلاً؟”
    أجاب: “إنه موضوع شيق للغاية. والإجابة أنه لا يوجد أي دليل على هذا”.
    سألته: “ماذا تقصد؟”
    قال: “إذا كان هذا الحساء الحيوي موجوداً لكان غنياً بالأحماض الأمينية. ولكان يوجد الكثير من النتروجين، لأن الأحماض الأمينية نتروجينية. ولهذا فعندما نفحص الطبقات الأولى للأرض، سنجد رواسب ضخمة لمعادن غنية بالنيتروجين”.
    سألته: “وماذا وجد العلماء؟”
    قال: “هذه الرواسب لم يحدد مكانها. وقد كتب جيم بروكس في عام 1985 “إن محتويات المواد العضوية الأولية منخفضة نسبياً وهي فقط 0,015٪ وقال في كتابه “أصول الحياة” مما تقدم يمكننا أن نتأكد من عدم وجود كميات مادية من “الحساء الأولي” على الأرض عندما تكونت أقدم طبقات الدهر القديم، ولو كان مثل هذا الحساء موجوداً لكان ذلك لفترة محدودة من الزمن”.
    سألته: “ألا تعتقد بأن هذا أمر مدهش، لأن العلماء يتحدثون بطريقة روتينية عن “الحساء الحيوي” كما لو كان موجوداً فعلاً؟”
    فأجاب: “نعم إنه لأمر مدهش، وقد علق دينتون على هذا الأمر في كتابه “التطور: نظرية في أزمة” عندما قال: “عندما نفكر في الطريقة التي يُشار فيه إلى الحساء الحيوي في مناقشات عددية عن أصل الحياة كحقيقة قائمة، فإنك تشعر بصدمة عندما تدرك إنه ليس هناك على الإطلاق أي دليل إيجابي على وجودها معني وحتى إن افترضنا وجود الحساء الحيوي ستكون هناك مشاكل خطيرة مع التفاعلات المتضاربة”.
    “ماذا تقصد بذلك؟”
    “لنأخذ تجربة ستانلي ميلير عن أصل الحياة منذ خمسين عاماً، عندما حاول إعادة خلق الجو السائد في الأرض وأضاءها بالكهرباء, تمكن من خلق اثنين أو ثلاثة من البروتينات المكونة للأحماض الأمينية من مجموع الاثنين والعشرين الموجودة”.
    قاطعت مير لأعطيه الفرصة لأن يعرف أن عالم الأحياء جوناثان ويلز كان قد أخبرني فعلاً كيف استخدمت تجربة ميلر غلافاً جوياً والذي يعرف العلماء الآن أنه غير حقيقي، وأن استخدام البيئة الصحيحة لا يعطي أية أحماض أمينية لها علاقة بعلم الأحياء.
    وواصل مير كلامه قائلاً: “هذا صحيح. ومع ذلك، فما هو مشوق أيضاً أن الأحماض الأمينية التي اكتشفها ميلر تفاعلت بسرعة جداً مع المواد الكيميائية الأخرى الموجودة بالغرفة ونتج عنها رواسب بنية اللون غير صديقة للحياة على الإطلاق. وهذا ما كنت أقصده بالتفاعلات المضادة، وحتى وإن كانت الأحماض الأمينية موجودة في الحساء الحيوي لكانت قد تفاعلت مع المواد الكيميائية الأخرى. ولكان هذا حاجزاً هائلاً لتكوين الحياة. والطريقة التي تعامل بها العلماء الذين يبحثون عن أصل الحياة في تجاربهم كانوا يقصدون إزالة المواد الكيميائية الأخرى ولديهم الأمل في أن المزيد من التفاعلات قد تصل بتجاربهم في اتجاه صديق للحياة”.
    “ولهذا فبدلاً من تقليد العمليات الطبيعية، تدخلوا لكي يحصلوا على الناتج الذي يريدونه. وهذا هو التصميم الذكي”.
    وبدون أدنى شك، فإن العقبات لتكوين الحياة على الأرض الأولى لا بد وأنه كان أمراً مرعباً للغاية، حتى وإن كان العالم تتقاذفه الأمواج مع محيط من المواد الحيوية التي تشكل منها مواد أخرى. وما زلنا نسأل، هل هناك أي طريق طبيعي معقول للحياة؟ ومثل أي بوليس سري يحاول أن يحوم حول أية شكوك غير عادية، قررت البحث في الثلاثة سيناريوهات الممكنة لأرى ما إذا كان أي منها يعطينا معنى.

    السيناريو رقم 1: الفرصة العشوائية

    بدأت حديثي بملاحظة وقلت: “أنا أعلم أن فكرة الحياة التي تكونت بالصبغة العشوائية ليس رائجة الآن بين العلماء”.
    قال مير: “إن كل خبراء أصل الحياة عملياً وفعلياً رفضوا تماماً هذه الفكرة”.
    قلت له: “ومع ذلك فالفكرة ما زالت حية وشائعة. وبالنسبة لكثيرين من طلبة الكليات الذين يفكرون في هذه الأمور، يعتبرون فكرة الفرصة العشوائية هي السائدة. وهم يعتقدون بأنه إذا تركت الأحماض الأمينية تتفاعل بطريقة عشوائية على مر ملايين السنين، فسوف تظهر الحياة بطريقة ما”.
    قال مير: “نعم، إن هذا السيناريو ما زال حياً بين الناس الذين لا يعرفون كل الحقائق ولكن ليس له أية ميزة”.
    “تخيل أنك تحاول أن تكتب كتاباً بإلقائك بعض الحروف على الأرض. أو تخيل أنك تغلق عينيك وتحاول أن تلتقط بعض الحروف من حقيبة بطريقة عشوائية. فهل استنتج هملت ولو طوال الزمن المعروف بزمن الكون؟ وحتى جزيء البروتين البسيط أو الجين الذي يبني هذا الجزيء هو غني جداً بالمعلومات حتى أن الزمن منذ الانفجار الهائل الأولي، فهذا لن يعطيك شيئاً – كما يحب أن يسميه زميلي بيل ديمبسكي “المصادر المحتملة” – إنك بحاجة لأن تولد هذا الجزيء بالصدفة”.
    سألته: “حتى وإن كان الجزيء الأول أكثر بساطة مما هو عليه اليوم؟
    أجاب: “هناك حد أدنى من التعقيد ومستوى معين من التكوين يجب أن يكون عليه البروتين، يسمى بالتركيبة الثلثية وهي لازمة له حتى يؤدي وظيفته. ولن تحصل على هذه التركيبة الثلثية ما لم يكن لديك على الأقل 75 حامض أميني. والآن فكر فيما تحتاجه لجزيء البروتين لكي يتكون بالصدفة”.
    “أولاً، تحتاج إلى الروابط الصحيحة بين الأحماض الأمينية. ثانياً، وفي الأحماض الأمينية ما له يد يسرى ويد يمنى، وعليك أن تحصل على ما له اليد اليسرى فقط. ثالثاً، يجب أن تترابط الأحماض الأمينية في تتابع معين مثل الحروف في الجملة”.
    “دع هذه الأشياء الغريبة وغير النظامية توجد في أماكن بالصدفة وسترى أن احتمالات تكوني بروتين بالصدفة سوف يكون فرصة واحدة من مائة ألف تريليون تريليون…. إلخ. وهذا يعني 10 وبعدها 125 صفر!”
    “وسوف يكون هذا جزيء بروتين واحد فقط، وعلى الأقل فإن الخلية المعقدة سوف تحتاج ما بين 300 إلى 500 جزيء بروتين. وبالإضافة إلى ذلك، يجب إنجاز كل هذا في مجرد 100 مليون سنة، وهذا هو الوقت التقريبي بين برودة الأرض وأول حفرية صغير وجدناها.
    ولكي تقترح فكرة الصدفة ضد هذه الأشياء الغريبة وغير النظامية هو في واقع الأمر كأنك تجري معجزة طبيعية. إنه اعتراف بالجهل، وكأنك تقول “نحن لا نعرف”. ومنذ عام 1960 كان يرفض العلماء أن يقولوا إن الصدفة لعبت أي دور مهم في أصل الحامض النووي DNA أو البروتين، ورغم ذلك، مثلما قلت أنت، إنه ما زال لسوء الحظ اختيار قائم في تفكير الناس”.

    السيناريو رقم 2: الاصطفاء الطبيعي

    قد لا توضح الصدفة العشوائية شيئاً عن أصل الحياة، ولكن العالم المتخصص في علم الحيوان ريتشارد داوكنيس قال إنه عندما يعمل الاصطفاء الطبيعي على الاختلافات في الصدف، عندئذ سيكون التطور قادراً على القياس وإلا فسيكون الأمر مستحيلاً. هذه هي مقدمة كتابه “تسلق جبل المستحيل” الذي كتبه سنة 1996.
    وقال إن التركيبة البيولوجية المعقدة هي مثل المنحدر الصخري الشاهق الذي لا يمكن قياسه في قفزة واحدة بدون وجود بعض الأحجار المعينة على التسلق، مثلما تعمل الفرصة. وينظر الناس إلى هذه القمة الشاهقة ويعتقدون أن عمليات التطور (نظرية التطور) لا يمكن أن تصعد بهم إلى القمة.
    ومع ذلك فالجانب الخلفي لنفس الجبل به منحدر متدرج يسهل التسلق. وهذا يمثل فكرة داروين بأن الطبيعة تعطي فرصاً صغيرة مختلفة ثم يختار الاصطفاء الطبيعي الفرص التي لها امتيازات كبيرة. وعلى فترات طويلة من الزمن، تراكمت التغيرات الصغيرة وأصبحت اختلافات ضخمة. ولهذا فبينما تبدو الجبال صعبة للتسلق من ناحية المنحدر الصخري الشاهق، كان من السهل للغاية التسلق عبر خطوات داروين الصغيرة والتي هي الاصطفاء الطبيعي من ناحية الجانب الخلفي.
    وعلى ضوء هذا سألت مير: “هل يمكن للاصطفاء الطبيعي أن يوضح لما كيف استطاعت نظرية التطور لقياس الجبل في بناء أول خلية حية”.
    أجاب مير: “إذا كان الاصطفاء الطبيعي يعمل على مستوى التطور البيولوجي ولكنه بالتأكيد لن يعمل على مستوى التطور الكيميائي، الذي يحاول أن يوضح أصل الحياة الأولى من الكيماويات الأكثر سهولة. وكما قال ثيودوسيوس دوبزانساكي: “إن الاصطفاء الطبيعي الحيوي به نوع من التناقض”.
    سألته: “كيف يحدث هذا؟”
    قال: “يصرح اتباع داروين بأن الاصطفاء الطبيعي يحتاج إلى كائنات حية تتكرر ذاتياً حتى تعمل. فالكائنات الحية تتكاثر، ونتاجها به اختلافات، والكائنات التي تتأقلم مع بيئتها بطريقة أفضل تحيا وتُحفظ وتجتاز إلى الجيل التالي”.
    “ومع ذلك، لكي يكون لديك نوع من التكاثر، يجب أن يكون هناك تقسيم للخلية. وهذا يفترض مسبقاً معلومات عن الحامض النووي DNA والبروتينات. ولكن هذه هي المشكلة فهذه هي نفس الأشياء التي يحاولون تفسيرها!”
    “وبمعنى آخر، يجب أن يكون لديك كائنات حية تتكاثر ذاتياً لكي يحدث تطور داروين، ولكن لا تستطيع أن يكون لديك كائنات حية تتكاثر ذاتياً حتى تمتلك المعلومات الضرورية في الحامض النووي، وهو ما تحاول أن توضحه في المقام الأول. إنه مثل الشاب الذي يقع في حفرة عميقة ويدلاك أن بحاجة إلى سلم حتى يخرج من الحفرة. فيتسلق ويخرج ويذهب لمنزله ويحضر السلم، ثم يعود للحفرة مرة أخرى ويتسلق ويخرج”.
    وأثرت احتمالاً آخراً: “ربما بدأ التكاثر أولاً في طريقة أكثر بساطة ثم تمكن الاصطفاء الطبيعي أن يقوم بالدور. فمثلاً، بعض الفيروسات الصغير تستخدم RNA كمواد جينية. وجزيئات RNA هي أكثر بساطة من DNA، وبإمكانها أيضاً تخزين المعلومات بل وأيضاً مضاعفتها. وماذا عما يسمى بافتراضية RNA والتي تقول بأن الحياة المتكاثرة بدأت أصلاً في مجال أقل تعقيداً من DNA؟”
    قال مير: “هناك مشكلة كبيرة في هذا الموضوع. إنك لكي تستشهد فقط باثنين منها، يحتاج جزيء RNA معلومات حتى يعمل، تماماً مثل حاجة DNA، ونحن بذلك نعود إلى مشكلة التكرار والمضاعفة، ويجب أن يكون هناك جزيء مشابه وقريب من RNA. ولكي تكون لديك فرصة معقولة للحصول على جزيئين مشابهين من RNA بنفس الطول فهذا يتطلب مكتبة تحتوي على بلايين البلايين من جزيئات RNA وهذا يعلن عن عدم وجود أية فرصة لنظام التكرار الأولي”.
    وبالرغم من انتشار هذا الرأي، فإن نظرية RNA قد أخذت نصيبها من الشك. روبرت شابيرو، أستاذ الكيمياء في جامعة نيويورك الذي يؤمن بنظرية التطور، قال إن هذه الفكرة “يجب أن نعتبرها إما فكرة للتأمل والتفكير أو أنه موضوع إيمان”. كما أن الباحث في أصل الحياة جراهام كارنس سيمث قال “إن العديد من التجارب المفصلة والمثيرة في هذا المجال بينت أن النظرية غير قابلة للتصديق بدرجة كبيرة كما لاحظ جوناثان ويلز، في لقائي السابق معه، وعالم الكيمياء الحيوية جيرالد جويس، بمركز بحوث سكريبس الذي كان أكثر حدة: “عليك أن تبني إنساناً من القش وعليه إنسان آخر من القش حتى يمكنك معرفة النقطة التي أصبح فيها RNA جزيء حيوي قابل للحياة”.
    جاي روث، الأستاذ السابق في الخلايا وعلم الأحياء الجزيئي في جامعو كونيكتيت وهو أيضاً خبير في الأحماض النووية قال، سواء كانت الطبعة الأصلية للنظام الحي الأول هو RNA أو DNA، فالمشكلة ما زالت قائمة.
    وقال: “حتى وإن خفضنا الأساسيات إلى أقصى حد فإن هذه الطبعة الأصلية لا بد وأنها كانت معقدة للغاية. لأن هذه الطبعة فقط هي القول المعقول الآن والذي يقترح بوجود خالق”.

    السيناريو رقم 3:
    الصلات الكيميائية والأمر الذاتي
    أشار مير إلى أنه في بداية عام 1970 لم يُفتن معظم العلماء الذين كانوا يبحثون في أصل الحياة باختيارات الفرصة العشوائية والاصطفاء الطبيعي. وكنتيجة لذلك، اكتشف البعض احتمالاً ثالثاً: نظريات مختلفة في التنظيم الذاتي للجزيئات الضخمة الحاملة لأصل المعلومات.
    فمثلاً، وضع العلماء نظرية تقول بأن التفاعلات الكيميائية ربما تسببت في أن الأربعة حروف الأبجدية للحامض النووي DNA بأن يتجمع ذاتياً أو أن الانجذاب الطبيعي بين الأحماض الأمينية دفعتهم لأن يرتبطوا معاً من تلقاء ذاتهم ليخلقوا البروتين. وعندما تحدثت عن هذه الإمكانيات كانت إجابة مير هي التركيز على اسم صادفني أثناء بحثي.
    قال مير: “كان من أوائل الذين تحدثوا عن هذا الاتجاه هو دين كيينيون، الذي شارك في وضع كتاب “قدر الكيمياء الحيوية المنهجية” ويعبر عنوان الكتاب عن المضمون. والفكرة تقول بأن تطور الحياة كان محتوماً لأن الأحماض الأمينية في البروتينات والأصول أو الحروف في أبجدية DNA لها طاقة تنظيم ذاتياً وهذا يعنى تفسيراً لأصل المعلومات في هذه الجزيئات”.
    كنت اعرف أن كينيون قد تبرأ من استنتاجاته التي جاءت في كتابه وأعلن أنه: “ليست لدينا أدنى فرصة لأصل كيميائي تطوري حتى ولو لأبسط الخلايا”، والتصميم الذكي “يعطي قدراً كبيراً من المعنى لأنه يساير عن قرب الاكتشافات العديدة في الجزيئات الحيوية”.. وما زالت لدي الرغبة في التفكير في الدليل بنفسي.
    سألت مير: “كيف يعمل هذا التجاذب الكيميائي؟”
    قال: “سوف نستخدم البروتينات كمثل. تذكر بأن البروتينات تتكون من خط طويل من الأحماض الأمينية. والأمل في وجود بعض قوات التجاذب بي الأحماض الأمينية التي تساعد على تنظمها ثم تتشكل حتى يتمكن البروتين من القيام بالوظيفة التي تحفظ الخلية حية”.
    قاطعته وقلت: “عليك بأن تعترف بوجود أمثلة في الطبيعة حيث ينتج عن التجاذب الكيميائي نوع من التنظيم الذاتي”.
    قال مير: “هذا صحيح. أفضل توضيح لذلك هو بلورات الملح. والقوة الكيميائية للجذب تجعل أيونات الصوديوم Na+ لأن ترتبط بأيونات الكلوريد Ci لكي تكوّن نماذج منظمة تنظيماً عالياً داخل بلورة الملح. وهنا تحصل على تتابع جيد لـ Na، Ci ويتكرر ذلك عدة مرات. ولهذا فهناك العديد من الحالات في الكيمياء حيث الصلة التي تربط العناصر المختلفة توضح أصل تركيبتهم الجزيئية. وكان يرجو كينيون وآخرين أن هذا يحدث أيضاً للبروتينات والحامض النووي DNA”.
    سألته: “ما المشكلة إذاُ؟”
    قال: “عندما قام العلماء بعمل التجارب وجدوا أن الأحماض الأمينية لا توضح هذه العلاقة التي تربطهم معاً”.
    قلت له: “هل لم يجدوا شيئاً على الإطلاق؟”
    قال: “كانت هناك علاقات ضعيفة للغاية، ولكنها لا ترتبط بأي نماذج معروفة من التي نجدها في البروتينات العاملة. وهذه مشكلة كبرى، هناك صعوبة نظرية كبرى. وقد أثار كل من هيوبرت يوكي صاحب نظرية المعلومات والكيميائي مايكل بولاني قضية أعمق من ذلك: “ماذا يحدث إذا تمكنا من تفسير التتابع في الحامض النووي DNA والبروتينات كنتيجة لخواص التنظيم الذاتي؟ ألا تنتهي إلى شيء مثل بلورة الملح حيث يوجد فقط تتابع متكرر”.
    عندما طلبت من مير مزيد من التفصيل قال: “للتفكير في المعلومات الجينية في الحامض النووي DNA، والتي وضحناها بالرموز الكيميائية A, C, G, T تخيل أنك في كل مرة يكون لديك A فسوف تجذب G بطريقة أوتوماتيكية. وسيكون لديك تتابع متكرر AG – AG – AG – AG. هل سيعطيك هذا جيناً يمكنه أن ينتج بروتين؟ كلا على الإطلاق. إن التنظيم الذاتي لن يعطي رسالة جينية ولكن فقط تتابع متكرر”.
    “ولكي تنقل المعلومات فأنت بحاجة إلى تتابع غير منتظم. افتح كتابي ولن ترى كلمة “الـ the” تتكرر. وبدلاً من ذلك سوف ترى تتابعاً غير منتظم للحروف. إنها تنقل المعلومات لأنها متطابقة مع نموذج معين معروف ومستقل، وهي قواعد اللغة. وهذا ما يساعدنا على التواصل وهذا ما يحتاج إلى أن يوضح في الحامض النووي DNA. والأربعة حروف في أبجديته هي غير منتظمة وفي نفس الوقت تتواصل مع احتياجات العمل، بأي الترتيب الصحيح للأحماض الأمينية لكي تنتج بروتيناً قادراً على العمل”.
    “وسأقول لك مثل، إذا اتجهت شمالاً نحو ميناء فيكتوريا في كولومبيا البريطانية، فسوف تجد نموذجاً على جانب التل. وعندما يقترب القارب سوف تدرك إنها رسالة: الزهور الحمراء والصفراء مكتوب بها عبارة “مرحباً بكم في فكتوريا”. وهذا مثل لتتابع المعلومات”.
    “لاحظ أن هذا ليس مجرد تكرار، فحرف W يتبعه E ثم W ثم E أخرى وهكذا. وبدلاً من ذلك، هناك مجموعة من الحروف غير المنتظمة التي تتصل بنموذج مستقل أو مجموعة محددة لمتطلبات العمل – كلمات اللغة الإنجليزية وقواعدها. ولهذا فنحن ندرك على الفور أن هذا أمر غير رسمي. وحينما نواجه هذين العنصرين، أو ما نسميه “التعقيد المحدد” فنتبين أن هذه معلومات. وهذا النوع من المعلومات هو نتيجة عمل العقل وليس صدفة أو الاصطفاء الطبيعي أو عمليات تنظيمية ذاتيه”.
    سألته: “وهذه هي نوع المعلومات التي نجدها في الحامض النووي DNA؟”
    قال: “هذا صحيح. إذا كان كل ما لديك هو حروف أو صفات متكررة في الحامض النووي، فالتعليمات المتجمعة سوف تخبر الأحماض الأمينية لكي تتجمع بنفس الطريقة مرات عديدة. ولن تستطيع أن تبني الأنواع المختلفة من جزيئات البروتين والتي تحتاجها لكي تعمل الخلية. ويمكن أن نشبهها كما لو أنك تعطي شخصاً كتاب تعليمات عن كيفية تصنيع سيارة، ولكن كل ما قاله الكتاب هو كلمة “the, the, the, the “. ولا تستطيع أن تنقل كل المعلومات الضرورية بكلمة واحدة مثل “the”.
    “بينما المعلومات تحتاج إلى التغيير وعدم الانتظام وصعوبة التنبؤ بها، – وهذا ما تسميه نظريات المعلومات بالتعقيد – والتنظيم الذاتي يعطينا نوعاً من التركيبة المتكررة والمسهبة والتي تُعرف بالأمر السهل. وكل من النظام والتعقيد هما متضادان”.
    “وأصحاب نظريات التطور الكيميائي لن يتهربوا من ذلك. فقوانين الطبيعة تصف لنماذج منتظمة ومتكررة. ولهذا السبب لا يستطيع أحد أن يناشد عمليات التنظيم الذاتي لكي تفسر أصل المعلومات لأن التتابع المعلوماتي معقد وغير منتظم. إنهم يعرضون “التعقيد المحدد” الذي تحدثت عنه. ولن تغير الاكتشافات المستقبلية هذا المبدأ”.
    وبالنسبة لي فإن هذا قضى على فكرة العلاقة والصلة الكيميائية التي كانت تفسر المعلومات في الحامض النووي DNA. ولكن مير لم ينه كلامه. فما زالت هناك مشكلة مدمرة لهذه النظرية.
    وواصل مير حديثه: “إذا درست الحامض النووي DNA فستجد أن تركيبه يعتمد على روابط معينة التي تسببها التجاذبات الكيميائية. فمثلاً، هناك روابط في غاز الهيدروجين وروابط بين السكر وجزيئات الفوسفات التي تكون الجزيئين الأساسيين لجزيء DNA.
    “ومع ذلك، يوجد مكان واحد ليس فيه روابط كيميائية وهو الذي بين البروتين والنيوترون، وهي الحروف الكيميائية في التعليمات المجتمعة في DNA. وبمعنى آخر فإن الحروف التي توضح المضي في رسالة DNA لا تتفاعل كيميائيا مع بعضها البعض بأي طريقة مهمة. وهي أيضاً متداخلة تماماً. فكل قاعدة يمكنها أن ترتبط بسهولة متساوية في أي موقع في العمود الفقري للحامض النووي DNA”.
    وعندما شعر مير حاجتي إلى نوع من التوضيح، وقف وذهب إلى المكتب واستخرج من درج المكتب لعبة طفل، لوح معدني يصلح للكتابة عليه بالعديد من الحروف الممغنطة والتي يمكن أن تُلصق عليه. وضع مير اللوحة على رجليه وحرك الحروف حتى كتب كلمة “معلومات”.
    قال مير: “كان أولادي صغاراً عندما كنت أدرس هذا، ولهذا ذكرت هذا المثل. نحن نعلم بوجود رابطة مغناطيسية بي الحرف واللوحة ولهذا تلتصق عليها هذه الحروف الممغنطة”. ولكي يوضح ذلك أخذ الحرف R وسمح للمغناطيس أن يجذبه إلى اللوحة”.
    “ومع ذلك يجب أن تلاحظ أن القوة المغناطيسية هي ذاتها الموجودة في كل حرف من الحروف ولهذا فهي قابلة للتبادل. وبإمكانك استخدام الحروف لتكتب بها ما تريد. والآن لنعود إلى الحامض النووي DNA، فكل حرف مرتبط كيميائياً بالعمود الفقري لفوسفات السكر للجزيء. وهكذا نجد النقطة الهامة – لا توجد أية رابطة أو جاذبية بين الحروف المستقلة بذاتها. ولهذا فلا يوجد شيء كيميائي يجبرها على أي تتابع معين. وعلى هذا التتابع أن يأتي من مكان لآخر”.
    “وعندما عرضت على الطلبة الحروف الممغنطة والملتصقة على اللوحة سألت: “كيف ظهرت كلمة معلومات؟” وكانت الإجابة: إن عنصر الذكاء الذي كتبها جاء من الخارج. لا الكيمياء ولا علم الطبيعة يمكنه أن ينظم هذه الحروف بهذه الطريقة. إنها اختياري أنا. وفي الحامض النووي، لا الكيمياء ولا الطبيعة نظمت الحروف بحسب تجمع التعليمات لعمل البروتينات. ومن هذا يتضح أن السبب يأتي من خارج هذا النظام. وهذا السبب هو “الذكاء””.
    “إنها تقـريباً معـجـزة”
    مثل الملاكم الماهر الذي يستبعد دفاعات خصمه، جرد مير بمهارة الثلاثة فئات للتفسيرات الطبيعية لأصل الحياة ومعلومات الحامض النووي DNA. وقد ناقشنا اختياراً آخر – إمكانية أن بعض القوة الخارجية قد تكون هي المسؤولة عن خلق التنظيم بنفس الطريقة التي تخلق بها الجاذبية دوامة عندما تخرج من المياه من البانيو. وبسرعة رفض مير هذه الفكرة وقال إن مثل هذه القوات قد تنتج نوعاً من النظام ولكن لا تستطيع أن تعطي معلومات.
    والطريق المسدود التي توصلت إليه نظريات الأصل الطبيعي للحياة لم يدهش العلماء في هذا المجال. وعندما اصطدم الباحث المشهور عن أصل الحياة وهو ليزلي أورجيل بمؤمن آخر بنظرية التطور في مؤتمر بمدينة ديترويت منذ عدة سنوات، صرّح أورجيل بالصعوبات الشديدة التي واجهها في محاولة فهم كيف أن الأحماض النووية قد صُنعت طبيعياً على الأرض البدائية الأولى. ثم قال أورجيل بكل وضوح: “هناك مصاعب خطيرة بدرجة متساوية في كل النظريات.
    وباختصار، لم تقترب أية فرضية لتفسير كيف أن المعلومات الضرورية لأصل الحياة ظهرت بوسائل طبيعية. وكما قال الفيلسوف المادي كتشنج “إن الرجل الأمين والمسلح بكل المعرفة المتاحة لدينا الآن يمكنه أن يقول فقط بأن أصل الحياة الذي يظهر الآن هو معجزة، فلكي تسير تلك الحياة فهذا أمر يحتاج إلى شروط كثيرة”.
    وبالنسبة لكثير من الباحثين، فإن المصدر الوحيد الذي يجب أن يستمر هو أن يكون لدينا إيمان بأن “مادة سحرية” لم تكن معروفة من قبل، سوف تُكتشف لتكون لها “الخواص الصحيحة لتحدث التفاعلات الضرورية لكي تظهر حتى تخلق الحامض النووي”.
    قلت لمير: “قد يتوصل العلماء يوماً ما إلى فرضيات أخرى”.
    فأجاب: “قد يحدث هذا. فليس بإمكانك أن تثبت ذلك بتأكيد 100٪، لأنك لا تعرف ما سيُظهره الدليل الجديد. ولهذا السبب فإن كل العلماء يقدمون الأسباب بطريقة مؤقتة. ومع ذلك فنحن لا نعرف أن بعض الاحتمالات يمكن استبعادها عن هذه الفئة. لقد وصلت إلى طريق مسدود. فمثلاً، أعتقد أنه بإمكانك استبعاد فكرة أن عمليات التنظيم الذاتي يمكنها أن تعطي معلومات جديدة. وأدلة أكثر من ذلك لا تغير هذا”.
    قلت له: “بعض الشكاكين سيدعون أنك تجادل بسبب جهلك بالأمر. فقد صرح العلماء أنهم لا يعرفون كيف بدأت الحياة، ولهذا استنتجت أنت بأنه لا بد من وجود مصمم ذكي”.
    قال بإصرار: “كلا، ليس هذا مطلقاً. فأنا لم أقل بأن التصميم الذكي يقدم لنا معنى حقيقياً لأن النظريات الأخرى فشلت. فأنا أحاول استنتاج أفضل تفسير، وكيف يفكر العلماء في الأمور التاريخية. وبناء على الأدلة يقيم العالم كل افتراض على أساس قدرته على توضيح الدليل الذي بين أيدينا. ومقياس ذلك ما إذا كان لهذا التفسير “قوة سببية” وهي القدرة على إحداث تأثير في المشكلة موضع السؤال”.
    “وفي هذه الحالة، فإن الأثر الحقيقي لهذا الدليل هو إعطاء معلومات. وقد رأينا أنه لا الفرصة، ولا الفرصة المرتبطة بالاصطفاء الطبيعي، ولا عمليات التنظيم الذاتي لها قوة إعطاء أية معلومات. ولكننا نعلم بوجود واحد الذي لديه القوة الطارئة التي نحتاجها لتعطينا معلومات وهي الذكاء. ونحن لا نستبدل على هذ الكينونة أو الوجود على أساس ما لا نعلمه بل على أساس ما نعلمه فعلاً. إنها ليست مجادلة بسبب الجهل”.
    سألته: “أليس هناك نوع من الضعف الأساسي في مجادلاتك. أنت تناقش باستخدام التشبيهات وتقارن المعلومات في الحامض النووي مع المعلومات التي نجدها في اللغة. إن المجادلات المبنية على قياس التمثيل أو التشبيه الجزئي هو ضعيفة وسيئة. والمؤيدون قد يؤكدون على التشبيهات بين أمرين ولكن المعارضون سيركزون على الاختلافات.
    قال مير: “إنني أقول بأنه هناك طريقة للحديث عن المعلومات عن الحامض النووي التي تذهب بعيداً ثم تصبح مجرد تشبيهات. فعندما يتحدث الناس عن الحامض النووي على أنه رسالة تتضمن من يتلقاها ويفهم مضمونها. إنني لا أقول بأن الحامض النووي هو هذا النوع من المعلومات عن دلالات الألفاظ ومضمونها”.
    “ومع ذلك، فأنا لا أجادل بالمضمون. ومجالات الشفرة في الحامض النووي لها نفس الخواص المشابهة لتلك التي للكمبيوتر أو اللغة. وكما ذكرت سابقاً. فحينما تجد أية ترتيبات مسلسلة ومعقدة وتتمشى مع نموذج مستقل أو متطلبات وظيفية معينة، فإن هذا النوع من المعلومات هو دائماً من نتاج الذكاء. فالكتب والكمبيوتر والشفرة والحامض كلها تتمتع بتلك الخاصتين. ونحن نعلم أن كل من الكتب وشفرات الكمبيوتر مصممة بالذكاء البشري، ووجود هذا النوع من المعلومات في الحامض النووي يشير أيضاً إلى وجود مصدر ذكي”.
    ” ويدرك العلماء في المجالات المتعددة هذه العلاقة بين المعلومات والذكاء. وعندما اكتشف علماء الآثار حجر رشيد، لم يعتقدوا بأن الكتابة التي كانت عليه هو من قبيل الصدفة العشوائية أو عمليات التنظيم الذاتي. وبكل وضوح وجدوا أن تسلسل الرموز وتنظيمها يعطي معلومات، وقد كان ادعاءً عاقلاً بأن الذكاء هو الذي صنع هذا. ونفس المبدأ هو حقيقي مع الحامض النووي”.

    الانفجار البيولوجي الهائل
    قال مير إن الذكاء وحده هو الذي يعطي تفسير لوجود معلومات محددة بداخل المادة الجينية. إن هذا في حد ذاته هو دليل قوي لوجود مصمم لهذه الحياة.
    وبينما انا أنظر في يدي محاولاً فهم كميات المعلومات المعقدة والمحددة الموجودة في كل خلية ارتسمت ابتسامة على شفتي. والإجابة على السؤال ما إذا كان هناك خالق قد يكون قريباً مني مثل قرب أصابعي من يدي.
    ومع ذلك فإن مير لم ينه حديثه. وكما ذكر في مقابلتنا السابقة، فقد كان مقتنعاً بأن ما يسمى “بالانفجار القديم” والذي تكونت فيه حياة جديدة ظهرت فجأة في سجل الحفريات، بدون أية حاجة إلى الأسلاف الذي احتاج إليهم المؤمنون بنظرية داروين، وهي أيضاً دليل قوي على وجود مصمم. والسبب: هو أن هذه الظاهرة الطبيعية كانت ستحتاج إلى سكيب مفاجئ لكميات هائلة من معلومات جينية جديدة وبيولوجية والتي مصدرها الوحيد هو مصدر ذكي.
    “ومن بين الأماكن الأخرى، كتب مير هذه القضية في كتابه “معلومات الانفجار القديم” دليل على المصمم الذكي، وفي كتابه “مناظرة في التصميم” والذي نشر في جامعة كمبريدج. وكتب كتاباً آخر بعنوان: “الانفجار القديم: الانفجار الهائل البيولوجي” وقد شارك مير في تأليف هذه الكتب مع بول تشين، رئيس وأستاذ قسم علم الأحياء في جامعة سان فرانسيسكو، والذي عمل مع علماء صينيين في ترجمة حفريات فريدة عن الزمن القديم لإقليم تشينج جيانج؛ وبول أي. نيلسن، فيلسوف علم الأحياء الذي حاز الدكتوراه من جامعة شيكاغو؛ وعالم الدراسات القديمة ماركوس روس.
    قال مير: “هذه الحفريات عن الانفجار القديم لا يمكن لنظرية داروين أن تفسرها أو حتى فكرة “التوازن المؤكد” التي تكونت بالتحديد بمجهود لتفسير سجل الحفرية المحيرة. وعندما ننظر إلى الموضوع من منظور معلومات بيولوجية فستجد أن أفضل تفسير لذلك هو أن الذكاء مسؤول عن هذا الأمر وإلا فلا يمكن تفسير هذه الظاهرة الطبيعية”.
    قلت له: “هذا يبدو أمراً جذاباً. وضح ماذا تقصد”.
    قال: “إن تطورات جديدة في علم الأجنة وعلم الأحياء تخبرنا بأنه بالرغم من أهمية الحامض النووي فليس هو كل شيء. إنه يعطينا بعض المعلومات وليست كلها التي نحتاجها لبناء كائن حي جديد بشكل وظيفة جديدة. إن الحامض النووي يبني البروتينات ولكن على هذه البروتينات أن تتجمع في هياكل أكبر. وهناك أنواع مختلفة من الخلايا التي عليها أن تنتظم في أنسجة، والأنسجة تنتظم في أعضاء، والأعضاء في خطة الجسم كله”.
    “وطبقاً للدارونية الجديدة، فإن الأشكال البيولوجية الجديدة خلقت التحولات في الـ DNA، مع الاصطفاء الطبيعي الذي يحفظ ويبني هذه الأشكال البيولوجية ولكن الحامض النووي هو جزء واحد فقط من هذه القصة ثم يمكنك أن تنميه بطريقة غير محددة، ولن تبني بناء جسدياً جديداً”.
    “ولهذا فعندما تواجه الانفجار القديم بظهوره الضخم والمفاجئ لخطط جسدية جديدة، سوف تدرك أنك بحاجة إلى كميات كبيرة من المعلومات البيولوجية الجديدة. والبعض منها سوف يوضح في شفرة في الحامض النووي وهو ما زال مشكلة لم تذلل بالنسبة للدارونيين. ولكن على قمة كل هذا، من أين جاءت تلك المعلومات الجديدة التي لا تُعزى إلى الحامض النووي؟ وكيف يتطور هذا التسلسل الهرمي التنظيمي للخلايا والأنسجة والأعضاء وخطط الجسم كله؟ ليس لدى الداروينيون إجابة على هذا السؤال”.

    فـي طـرفة عـيـن
    مستخدمي تقنيات الراديومتري radiometric (مقياس كثافة الطاقة الإشعاعية) لتحديد تاريخ بلورات الزكون* في سيبيريا، تمكن العلماء حديثاً في زيادة دقتهم في أن يحددوا بدقة الإطار الزمني للانفجار الهائل القديم، والذي قرروا بدايته بحوالي 630 مليون سنة.
    “علماء الإحاثة* الآن يعتقدون أنه أثناء فترة زمنية حوالي 5 مليون سنة، على الأقل 20 أو 30 من الشعب الحيوانية والنباتية الأربعين في العالم نشأت وانطلقت بخطط جسمانية متفردة وفي الحقيقة يعتقد بعض الخبراء أن كل هذه الشعب قد ظهرت في نهاية الانفجار”.
    ولكي تضع كل هذه السرعة التي لا تصدق في منظور معين، إذا كان بإمكانك ضغط كل تاريخ الأرض في 24 ساعة، فإن هذا الانفجار القديم سوف يحدث في دقيقة واحدة فقط.
    قال مير: “إن هذا الانفجار القديم هو بمثابة قفزة كمية لا تصدق في التعقيدات البيولوجية. وقبل ذلك، كانت الحياة على الأرض سهلة للغاية، بكتريا ذات خلية واحدة، طحالب ذات لون أزرق وأخضر، وفيما بعد كان هناك بعض الاسفنج وحيوانات رخوية بدائية. وبدون أية أسلاف في سجلا الحفريات كان لدينا اختلافات مذهلة من مخلوقات معقدة ظهرت في طرفة عين وهنا نتحدث بلغة الجيولوجيا.
    “فمثلاً، طائفة المفصليات المنقرضة الثلاثية الفصوص – لها جسم مفصلي وجهاز مفصل وجهاز عصبي معقد وعيون مركبة – ظهرت فجأة كاملة التكوين في بداية الانفجار. إنه لأمر مذهل. ثم تبع هذا نوع من الركود والذي يعني أن الخطط الجسمانية الأساسية ظلت واضحة عب الدهور”.
    “وكل هذا يناقض مع الدارونية تماماً، التي تنبأت بالتطور التدريجي البطيء في الكائنات الحية عبر الزمن. وقد صرح داروين بأن الانفجار كامبريان القديم “لا يمكن تفسيره” وهذا ضد نظريته. وأصر على القول بأن الطبيعة لا تتخذ قفزات فجائية. وكان يعتقد أنه سوف يُبرر ويدافع عنه باكتشاف المزيد من الحفريات، ولكن الصورة أصبحت أكثر سوءً”.
    “والقضية الكبرى هي من أين جاءت تلك المعلومات ليك تبني هذه البروتينات الجديدة والخلايا والخطط الجسمانية. فمثلاً، الحيوانات القديمة احتاجت إلى بروتينات معقدة مثل lysyl oxidase. وفي الحيوانات اليوم، يحتاج جزيء lysyl oxidase 400 حامض أميني. من أين جاءت المعلومات الجينية لكي تبني الجزيئات المعقدة؟ إن هذا يتطلب معلومات جينية معقدة من النوع الذي لا تنتجه لا الصدفة العشوائية ولا الاصطفاء الطبيعي ولا التنظيم الذاتي”.
    في لقائي في الفصل الثالث مع عالم الأحياء جوناثان ويلز قام بالإجابة على اعتراضاتي على الانفجار الهائل القديم والذي قال فيه إن الكائنات الحية الانتقالية إما أنها كانت صغيرة للغاية أو لينة حتى أنها تترك أي ميراث من الحفريات. وهناك إمكانية أخرى تبادرت إلى الذهن.
    قلت له: “ربما تكون بعض الظواهر الطبيعية البيئية التي لم تُفسر هي التي تسببت في فيضان هائل من التغير الإحيائي وهذا الذي أسرع في خلق كائنات حية جديدة”.
    قال مير: “إن هذا لا يحل المشكلة. أولاً، حتى الادعاء بأن التغيير الإحيائي كان بمعدل كبير، فإن التغيير القديم كان قصيراً للغاية حتى أنه لا يسمح بمثل هذه التغييرات التي تعكسه الحفريات”.
    “ثانياً، التغيرات الإحيائية في التطور الأولي للكائنات كانت لديه فرصة حقيقية لإنتاج تغير تطوري ضخم على نطاق واسع. وقد وجد العلماء أن التغيرات الإحيائية في هذه المرحلة كانت لها تأثيرات كارثية. والجنين عادة ما يموت أو يصاب بالكساح”.
    وقد أطلق عالم الجينات جون إف. ماكدونالد على هذا “إنه تناقض داروني عظيم”. إن نوع التغيير الهام والأساسي الذي يحتاجه التطور الهائل لا يظهر، في حين أن النوع الذي لا يحتاجه يظهر مع أنه نادر وغير نظامي.
    وتبادرت إلى ذهني فكرة أخرى كان قد عرضها أصحاب نظرية داروين وسألت مير: “لماذا لم يتمكن هذا التغيير الهائل والأساسي من الظهور في جزء خامل من الحامض النووي، أي منطقة حيادية التي ليس لا أثر فوري على الكائن الحي؟ ثم بعد فترة طويلة من الزمن، يتراكم في خلالها هذا التغيير الهائل، يظهر جين جديد ويخلق بروتين جديد تماماً. وعندئذ سوف يحفظ الاصطفاء الطبيعي أية آثار نافعة لهذا الجين على الكائن الحي”.
    ولم تكن هذه النظرية جديدة على مير، وأجاب قائلاً: “ليكن في ذهنك أن هذه التغييرات الهائلة كان عليها أن تظهر بالصدفة العشوائية، لأن الاصطفاء الطبيعي لا يستطيع أن يحفظ أين شيء حتى يعطي فائدة إيجابية للكائن الحي. والمشكلة هي أن ميزة خلق بروتين جديد يعمل بدون مساعدة الاصطفاء الطبيعي سوف يكون صغيراً للغاية. وتوجد الآن بعض الدراسات في الجزيئات الحيوية لها نفس الرأي. وهذا ما يسمى “النظرية المحايدة” للتطور وهو طريق مسدود آخر.
    “وف الحقيقة هناك تفسير واحد فقط يوضح كل هذه الأدلة. إنه “المصمم الذكي”.

    ملائمة النموذج “العلوي السفلي”
    وافق مرة لغز الانفجار القديم على إمكانية وجود الخالق واعتبرها إحدى التفسيرات. وحتى واحد من أكثر الملامح حية في موضوع الانفجار – والذي يُدعى نموذج “العلوي السفلي” – فُسر بكفاءة على أن التصميم الذكي.
    قال مير: “إن الداروينية الجديدة تتنبأ بنموذج “الأدنى الأعلى” والذي فيه اختلافات صغير في الشكل بين كائنات حية تتطور وتظهر قبل ظهور اختلافات كبيرة في الشكل وتنظيم خطة الجسم. فمثلاً، يمكنك أن تتخيل أن الاسفنج القديم يمكن أن يُحدث العديد من الاختلافات التي يمكن أن تتطور بمرور الزمن لكي تُنتج أنواعاً مختلفة. وباستمرار هذه العملية، ربما تكون قد ظهرت في العصر الكامبرياني مخلوقات مختلفة تماماً بتصميم جسدي جديد ومتكامل”.
    “ومع ذلك، فالحفريات من الانفجار الكامبرياني القديم تُظهر نموذجاً مختلفاً “علوي سفلي” ويظهر أولاً اختلافات كبير في الشكل والتصميم الجسدي، مع عدم وجود مرحلة انتقالية قبلها. وفيما بعد، ظهرت بعض الفوارق الصغيرة في إطار هذه التصميمات الجسدية المنفصلة والمتباينة”.
    “وهذا الأمر تحدى واستأصل الدارونية الجديدة. وآخرون حاولوا أن يفسروه باقتراح قفزات كبيرة من التغيير التطوري – ما يسمى بفكرة التوازن المنظم – ولكن حتى هذا لم يتمكن من تفسير الظاهرة الطبيعية “أعلى أسفل” وفي الحقيقة فإن التوازن المنظم تنبأ بنموذج “السفلي والعلوي” إنه يؤكد أن كمية التغيير التطوري سوف تكبر. ورغم هذا فإذا سلمت بفكرة التصميم الذكي فإن نموذج “العلوي والسفلي” يصبح له معنى لأنه نفس النموذج الذي نراه في تاريخ التصميم التقني البشري”.
    سألته: “هل بالإمكان أن تعطيني مثال؟”
    قال: “بالتأكيد، لتفكر في السيارات او الطائرات. إنهم يُظهرون نمط ظهور من “الأعلى للأسفل”. وفي كلا الحالتين فالرسم البياني الضخم أو الخطة تظهر فجأة وتظل مستمرة عبر التاريخ”.
    “فمثلاً، كل السيارات لها خطة تنظيمية أساسية تشتمل على المحرك وعجلة القيادة ومحورين وأربعة عجلات… إلخ. وبعد ظهور الاختراع الأساسي، ظهرت أشكال مختلفة عبر الزمن. وهذا مثل من التغيير “العلوي والسفلي”.
    الرسم البياني الأصلي كان من إنتاج الذكاء واستمراره عبر السنوات توضح بفكرة مروره من جيل إلى جيل لمهندسي السيارات.
    “وبطريقة مشابهة، لماذا التصميم الجسدي للحيوانات القديمة يمكن أن يكون قد نبع من فكرة في عقل مصمم؟ وهذا يكن أن يفسر لماذا ظهرت الاختلافات الكبيرة في الشكل ظهرت أولاً ثم اختلافات أصغر تلت ذلك فيما بعد. وفي الحقيقة، فإن الذكاء هو السبب الوحيد الذي نعرفه الذي يمكنه أن يُعطي نموذج “أعلى أسفل” والذي نراه في سجل الحفريات وفي تقنية البشر مثلما توضح في كل شيء من السيارات والطائرات والبنادق والدرجات”.
    ” إن الذكاء أيضاً يفسر أصل طبقات المعلومات اللازمة لخلق الخطط الجسمية الجديدة في الحيوانات القديمة. وكما ذكرت سابقاً، إنك لكي تبني حيواناً جديداً أنت بحاجة إلى حامض نووي لكي تخلق البروتينات ومعلومات إضافية لكي تنظم هذه البروتينات تركيبات ذات مستوى أعلى. ونجد نفس شكل الطبقات للتنظيم في التقنيات البشرية مثل اللوحة الدائرية للكمبيوتر. إن البشر يستخدمون الذكاء لنتجوا مكونات معقدة، مثل الترانزستور والمكثفات بترتيباتها المحددة واتصالاتها داخل الدائرة تكاملية”.
    “وحالما تسمح بتصميم ذكي كفكرة، يمكنك أن ترى بسرعة كيف يفسر مفتاح أشكال وملامح الظواهر الطبيعية القديمة. ولا توجد كينونة أخرى تنتج نموذج “العلوي السفلي” أو يمكنها أن تخلق المعلومات المعقدة التي يحتاجونها إليها لأشكال حية جديدة. ولا يوجد تفسير آخر يكفي لهذا”.
    قلت له: “ولكن التصميم الذكي يبدو وكأنه فكرة قديمة. وقد قارن وليم بالي الأنظمة البيولوجية بطريقة عمل الساعة وحدث ذلك منذ 200 عام. وهذه أخبار قديمة”.
    قال مير: “أعتقد أن العكس هو الصحيح. وقد تعلمنا الكثير عن علم الأحياء منذ الحرب الأهلية. ويحاول الذين يعتقدون في نظرية داروين للتطور والتي كانت في القرن التاسع عشر أن يطبقوا أسلوب تفكيرها على حقائق القرن الواحد والعشرين. وتفسيرات فترة القوارب البخارية لم تعد كافية لتفسير عالم البيولوجيا في عصر المعلومات”.
    “ويقول الدارونيون بأنهم تحت نوع من الالتزام المعرفي لكي يواصلوا المحاولة، فإذا استشهدت بالتصميم فأنت بذلك تتخلى عن العلم. حسناً، إنني أقول إن الوقت قد حان لنعيد تعريف العلم. ولا يجب أن نبحث فقط عن أفضل تفسير طبيعي ولكن عن أفضل فترة للتفسير. والتصميم الذكي هو التفسير الذي يتمشى مع كيفية عمل هذا العالم”.

    ســمة العـقـل
    وعندما قارب لقاؤنا على الانتهاء، أثارت إشارة مير إلى القرن 21 استفساراً أخيراً فقلت له: “بع مضي عشرة أو عشرين سنة، ماذا ترى؟”
    قال فيما كان يزيل نظارته ويضعها في جيبه: “أعتقد أن ثورة المعلومات الحادثة في علم الأحياء تدق ناقوس الموت لمبادئ داروين ونظريات التطور الكيميائي”.
    “إن محاولة تفسير أصل الحياة بمعزل عن مكوناتها الكيميائية قد مات الآن. فمبدأ الطبيعة لم يعد بإمكانه أن يجيب على المشكلة الأساسية وهي كيفية الانتقال من المادة والطاقة إلى الوظائف البيولوجية بدون إدخال معلومات ذكية”.
    “إن المعلومات ليست شيئاً مأخوذاً من خواص مادية، إنها تتجاوز المادة والطاقة. والنظريات الطبيعية التي تعتمد على المادة والطاقة لن تستطيع أن تفسر المعلومات والذكاء فقط هو الذي يستطيع ذلك. وأعتقد ان تحقيق ذلك سوف يبزغ فخره على أناس أكثر وأكثر وخاصة العلماء الصغار الذين نشأوا في عصر تقنية المعلومات”.
    “إننا اليوم نشتري ونبيع المعلومات كسلعة، نقيمها ونبعثها عبر أسلاك وأقمار صناعية ونعلم أنها تأتي من وكلاء أذكياء. فماذا نفعل بحقيقة وجود معلومات في الحياة؟ وماذا نفعل بحقيقة أن الحامض النووي DNA يخزن معلومات في مكان صغير للغاية أكثر بكثير جداً من أي كمبيوتر متقدم على هذا الكوكب؟”
    “إن المعلومات هي السمة المميزة للعقل. ومن خلال الأدلة الجينية والحيوية يمكننا أن نخمن بوجود عقل أعظم بكثير من عقلنا، عقل واع، وله هدف وحكيم ومصمم ذكي وهو خلاق مدهش. ولا شك في هذا”.
    ازدادت الضوضاء القادمة من الشارع عبر النافذة. وكانت زوجة مير تعد لنا وجبة عشاء من السلمون، وقد حان الوقت لكي أرسل إلى الطريق السريع قبل زحمة المرور. وبعد انتهاء مناقشتنا، استأذن مير للذهاب لاجتماع في مكتب آخر، وذلك أعطاني فرصة للتفكير.
    وكان سؤالاً مير للآخرين قد لخصا كل القضية. فالمعلومات في قلب الحياة قد ترتبت، وهي ليست مثل بلورات الملح، ولكنها معلومات معقدة ومحددة وتستطيع أن تحقق إنجازاً طيباً، بناء ماكينة بيولوجية تتخطى إمكانيات التقنية البشرية.
    أي شيء آخر بإمكانه أن يعطي مثل هذه المعلومات غير الذكاء؟ وأي شيء آخر يمكنه أن يفسر الظهور السريع للاختلافات في المخلوقات المعقدة التي تكونت والتي لم تجتاز مرحلة انتقالية في سجل الحفريات؟ وقد فرض الاستنتاج نفسه: وجود ذكي فرض دليل وجوده من خلال أربعة رموز كيميائية في الشفرة الجينية. إن الخالق هو الذي وقع بخط يده كل خلية.
    تنفست الصعداء واستندت على الكرسي وأنا أشعر بالإرهاق من السفر والمقابلات. إن قضية الخالق تتقدم بسرعة ملحوظة وأشعر أنني اقتربت من نهاية تساؤلاتي. ولكنني ما زلت أشعر أنه يوجد خبير آخر أود استشارته.
    وفي الدقائق الأخيرة من لقائي مع مير ذكر لي كلمة “العقل” وأشار إلى النشاط الواعي. ومثلما انبهرت بالحامض النووي فكذلك انبهرت بالمخ البشري وهذا المخ الذي يزن ثلاثة أرطال به 10,000 مليون خلية عصبية، كل منها يرسل أليافاً أو نسيجاً كافياً لخلق آلاف الملايين من الروابط. وهذا يساوي عدد الأوراق في غابة كثيفة تغطي مليون ميل مربع.
    كيف تخلق هذه الدورة الظاهرة الطبيعية المتفردة للوعي البشري؟ كيف تمكنني قوة العمليات البيولوجية من التفكير، او تكوين المعتقدات، أو تحديد اختياراتي الحرة؟ هل يعزى وعي إلى طبيعة وكيمياء مخي، أم إنني منحت أيضاً روحاً وعقلاً غير مادي؟ وإذا كان هناك دليل مقنع لوجود روح، فكيف يقنعني هذا بوجود خالق وحياة بعد الموت؟
    قلبت في مفكرتي لكي أتصل بأحد الخبراء في الوعي البشري حالما أصل إلى لوس أنجلوس. ووضعت الورقة في جيب قميصي. وقد ذكرتني بشيء آخر هذه الكلمات القليلة كانت تمثل معلومات لها مصدرها في ذاكرتي. وكم كان وحياً واضحاً بأن نظاماً كثيفاً من أوامر وتعليمات مجمعة بيولوجية معقدة لا بد وأن لها مصدرها في عقل.




    المصادر

    القضية الخالق لي ستروبل من ص283 الي ص218

    THE FOR A CASE CREATOR LEe strobel A)

    Journalist Investigates Scientific Evidence That Points Toward p283_218

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 19 ساعات
رد 1
6 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الراجى رضا الله  
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
ردود 0
126 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
ردود 0
67 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ARISTA talis
بواسطة ARISTA talis
 
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
ردود 25
154 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
ردود 0
93 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
يعمل...
X