ملخص كتاب أيقونات التطور 4: يورى و ميلر-كريج فنتر و اخرون
All living cells that we know of on this planet are “DNA software”-driven biological machines, comprised of hundreds of thousands of protein robots, coded for by the DNA.
Passing the baton of life — from Schrödinger to Venter, New Scientist, July 2012.
ان كل الخلايا الحية التى نعرفها على هذا الكوكب عبارة عن برنامج كمبيوتر من الحمض النووى يقود الات بيولوجية تتكون من مئات الالاف من الروبوتات البروتينية التى يشفرها الحمض النووى
-كريج فنتر من مقالة فى مجلة نيوساينتست
بعد صدور الطبعة الأولى من كتاب داروين "أصل الأنواع" فى 1859 ختم داروين الطبعات اللاحقة بتصريح مفاده أن الحياة فى أصلها من الخالق ثم كتب لاحقا الى صديقه جوزيف هوكر أنه نادم على الخضوع للرأى العام باستخدام مصطلحات الكتاب المقدس بينما فكرته الحقيقية عن نشأة الحياة هى بركة دافئة تجمع الأمونيا و الأملاح الفوسفورية و الضوء مع وجود حرارة و شحنة كهربائية فيتشكل مركب البروتين و يصبح جاهزا للتغيرات التالية [و بغض النظر عن كون ايمان داروين أو الحاده ليسا حجة علمية الا أن فى هذا بيانا للموضوع و لمعتقده الحقيقى - و من المهم هنا أن نلاحظ أن داروين عندما كان يتساءل سؤاله الشهير عن امكان الثقة فى قناعات عقل تطور من حيوان أدنى بغرض البقاء كان ذلك فى سياق الحديث عن القناعة العقلية أن الأمور مصممة و أن هناك سبب أول...و لكنه لم يطبق هذا التساؤل أبدا على نظريته اللطيفة مؤسسا بذلك ارث الاستدلال الانتقائى و الاجتزاء الذى سار عليه أنصار النظرية من بعده]
But I have long regretted that I truckled to public opinion & used Pentateuchal term of creation, by which I really meant “appeared” by some wholly unknown process
Charles R. Darwin, Letter to J. D. Hooker, March 29, 1863, in The Life and Letters of Charles Darwin, ed. Francis Darwin (London: John Murray, 1887)
But if (& oh what a big if) we could conceive in some warm little pond with all sorts of ammonia & phosphoric salts,—light, heat, electricity &c present, that a protein compound was chemically formed, ready to undergo still more complex changes
Charles R. Darwin, Letter to J. D. Hooker, February 1, 1871
لاحقا وضع العالمان ألكسندر أوبارين و جون هولدين فرضية أن مناخ الأرض الأولى تكون بشكل أساسى من الميثان و الأمونيا و الهيدروجين و بخار الماء و أن فى ظل هذه الأنواع من الغازات يمكن لمصادر الطاقة الطبيعية كالبرق أن تنتج المكونات المطلوبة لبناء الحياة لتصنع "حساء بدائى" تنشأ منه الخلايا. بعدها أعلن ستانلى ميلر أنه أثبت الأمر تجريبيا فى المعمل باشراف هارولد يورى فيما عرف بتجربة يورى-ميلر التى أنتجت بعض الأحماض الأمينية (وحدة بناء البروتين) بتمرير الكهرباء فى مزيج من الميثان و الأمونيا و الهيدروجين.
المشكلة أن معظم الجيوكيميائيين (علماء كيمياء الأرض) اليوم يعلمون أن مناخ الأرض الأولى لم يكن بهذه الصورة بل كان فيه الكثير من ثانى أكسيد الكربون و النتروجين و ان وجد فيه الهيدروجين فسيفلت الى الفضاء لخفته. حاول ميلر و اخرون تكرار التجربة بالمعطيات الجديدة و لكنهم وجدوا أنهم بحاجة الى كميات أكبر من الهيدروجين و الميثان.
Gordon Schlesinger and Stanley L. Miller, “Prebiotic synthesis in atmospheres containing CH4, CO, and C02. I. Amino Acids,” Journal of Molecular Evolution 19 (1983): 376-382. doi:10.1007/BF02101642. PMID:6417344.
الطريف فى الموضوع أن الخليط الناتج من التجارب لم يحتوى على الأحماض الأمينية فقط بل احتوى على سموم كفيلة بقتل الحياة كالسيانيد و ال D amino acids
Xueshu Xie, Daniel Backman, Albert T. Lebedev, Viatcheslav B. Artaev, Liying Jiang, Leopold L. Ilag, and Roman A. Zubarev, “Primordial soup was edible: Abiotically produced Miller-Urey mixture supports bacterial growth,” Scientific Reports 5 (2015): 14338. doi:10.1038/srepl4338. PMID:26412575.
[الان لاحظ العنوان من فضلك "الحساء الحسائى صالح لحياة البكتيريا" لكن بعد قراءة التفاصيل هو صالح بعد ازالة السموم منه!!!
لتقد أكثر تفصيلا لفرضية أوبارين و تجربة يورى ميلرو كيف تبنى الحياة على انتقاء الأحماض الأمينية ذات اتجاه معين و ليس فقط على مزج الأحماض الأمينية يرجى مراجعة ملخص فصل أصل الحياة من كتاب تصميم الحياة كما يرجعى مراجعة تفنيد كامل لسائر سيناريوهات الحساء البدائى و الخلية الأولية
مهزلة أخرى لكنها أقل شهرة من أن يتم اعتبارها أيقونة هى نظرية النشوء التعايشى Endosymbiosis و يمكن مطالعة نقدها العلمى فى ملخص الفصل 8 من كتاب تفنيد أركان الداروينية ]
[هذا عن محاولات انتاج أحماض أمينية و لكن ألا تلاحظ معى القفزة الاستنتاجية التى تحدث هنا...أننا اذا أوجدنا أحماض أمينية (و هو ما لم يفعلوه لأن المحاكاة كانت مختلفة عن مناخ الأرض) و بيئة صالحة للحياة (و هو أيضا ما لم يفعلوه) فان هذه الأحماض يمكن أن تنتظم لتصنع بروتينات و بالتبعية خلايا...يعلق عالم الفيزياء بول ديفيس على مثل هذه الافتراضات بأنها مناقضة لقوانين الفيزياء و الديناميكا الحرارية Entropy التى تنص على أن المادة بطبعها تميل للتشتت لا للتنظيم و أن محاولات افتراض وجود مصادر للطاقة من البيئة تدفع المادة للانتظام فى سلاسل أحماض أمينية أشبه بافتراض أن تفجير كومة من الطوب سيؤدى الى بناء منزل. و يضيف دافيس الى أن سيناريوهات التنظيم الذاتى للأحماض الأمينية-الى جانب كونها غير متسقة مع قوانين الفيزياء-فهى أصلا لا تمثل ما نراه فى الخلية فالأحماض الأمينية لا تنظم نفسها فيها لتنتج بروتينات بل يشفر لها حمض نووى و يتم ترجمة الشفرة الى بروتينات أى أننا أمام تنظيم معلوماتى لا ذاتى.
The FIFTH MIRACLE: The Search for the Origin and Meaning of Life. Paul Davies. Allen Lane. Penguin Press. p.60 – 61, p.122
و يعلق عالم الرياضيات جون لينوكس على هذه الاحتمالات قائلا لنحاول حساب احتمال تكون بروتين قصير من 100 حمض أمينى فقط (لاحظ أن هذا اعتراض مستقل عن عدم امكان تنظيم المادة تلقائيا ابتداءا و عن وجود تفاعلات خارجية من مواد أخرى تتفاعل مع الأحماض و تتلف النواتج و لكن لنفترض حدوث ذلك). ان كل نوع من الأحماض الأمينية له شكلا واحد متجه لليمين و اخر لليساراذن فى كل موضع لدينا احتمالان و الحياة تعتمد على الشكل الميسر. بعد ذلك يجب أن ترتبط هذه الأحماض بروابط من نوع محدد و هى الروابط الببتيدية و ليس أى روابط أخرى. الى هنا فقط يصبح احتمال تكون سلسلة من 100 موضع كل منها ميسر فقط و يرتبط مع الاخرين بروابط ببتديدية فقط 1 من 10 أس 60. كل هذا و نحن لم نتطرق الى ماهية الأحماض الأمينية نفسها اذ يجب أن تترتب بشكل معين ليكون لدينا بروتين وظيفى و ليس أى ترتيب فهى كالحروف التى يجب أن تترتب بشكل محدد لصناعة الجملة المطلوبة. بحساب احتمال وجود الحمض الأمينى الصحيح من ال20 حمضا أمينيا الداخلين فى تركيب الحياة و النسخة اليسرى منه لا اليمنى و ارتباطها بروابط ببتايدية يقفز الاحتمال الى 1 من 10 أس 190. و اذا تساهلنا و قلنا ان بعض البروتينات تعمل حتى مع استبدال بعض الأحماض الأمينية سينخفض الرقم الى 1 من 10 أس 125. كل هذا و نحن نتحدث عن احتمال تكون بروتين واحد فقط من البروتينات العديدة التى ستحتاجها أكثر الخلايا بدائية و نفترض امكان تنظيم المادة لنفسها و عدم وجود تداخلات خارجية من باب تسهيل الأمر و هى فرضيات باطلة طبعا
John C. Lennox. God’s Undertaker. Chapter 7.
The Implausibility of metabolic cycles on the prebiotic earth. PloS Biology. January 2008. 6(1) e18
أقوى براهين جون لينوكس – الطبعة الثانية – مهندس أحمد حسن]
و قد علق أحد الباحثين فى المجال على قيام بعض التجارب بافتراض ظروف للأرض البدائية محل جدل كبير و غير متفق عليها بين الخبراء بل فى بعض الأحيان غير واقعية بالمرة و عقب على تدخل الباحثين المستمر فى التجارب داعيا اياهم على الأقل الى ذكر عدد مرات التدخل بصراحة و ذكر بصراحة يشكر عليها سبب التغافل عن تدخلات الباحثين فى التجارب بهذا الشكل برغم كونها تدخلات لن تحدث فى بيئة الأرض البدائية: نحن لا نرتاح للتدخل الالهى
For potentially prebiotic, enzyme-free multistep syntheses, a chemical work-up at the end of a reaction is often required, involving steps such as precipitation, crystallization or other forms of handling and purification, and an often drastic change in chemical conditions from one synthetic transformation to the next...After all, it is not easy to see what replaced the flasks, pipettes and stir bars of a chemistry lab during prebiotic evolution, let alone the hands of the chemist who performed the manipulations. (And yes, most of us are not comfortable with the idea of divine intervention in this context.)
Clemens Richert "Prebiotic chemistry and human intervention" Nature Communications volume 9, Article number: 5177 (2018)
من الممكن جدا أن نتفق معه فى قوله لأن العالم لا يمكنه أن يجرى تجربة فى معمله ثم يخرج قائلا أنه قد وجد التدخل الالهى و لكن واضح جدا من النتائج أن التدخل هو التفسير الأفضل لحدوث هذه الأشياء بدليل ما يفعلونه فى تجاربهم
...the hand of the researcher becomes for all intents and purposes the hand of God.
Simon Conway Morris "Life's Solution: Inevitable humans in a lonely universe" p. 41 (2003)
يشبه الباحث فى مجال أصل الحياة هذا الأمر بلاعب جولف قام بنقل الكرة بين 18 عشر هدفا بنفسه ثم زعم أن الكرة يمكن أن تفعل هذا بمفردها بعد التعرض لمزيج من الزلازل و الأعاصير و الفيضانات التى ستدفعها بشكل أعمى بين الأهداف كما فعل هو
The analogy that comes to mind is that of a golfer, who having played a golf ball through an 18-hole course, then assumed that the ball could also play itself around the course in his absence. He had demonstrated the possibility of the event; it was only necessary to presume that some combination of natural forces (earthquakes, winds, tornadoes and floods, for example) could produce the same result, given enough time.
Robert Shapiro "A Simpler Origin for Life" Scientific American (February 12, 2007)
[من جديد يخرج علينا الدراونة بين الحين و الاخر بزعم اكتشافهم لطريقة صناعة الخلية الحية و بعيدا عن النقد المجمل للموضوع من باب أنهم صنعوها فى معمل مستخدمين علم و خبرة و احكام و اتقان و محاكاة للتصميم الأصلى و ليس عن طريق العشوائية دعونا ننظر جيدا ما الذى فعلوه حقا بعيدا عن العناوين الخادعة:
فى مجال الخلايا والأحياء الاصطناعية يوجد طريقتان: من أعلى لأسفل Top-down و من أسفل لأعلى bottom-up الطريقة الأولى هى طريقة كريغ فنتر وغيره والطريقة الثانية هى طريقة كيت أداملا وغيرها.
الطريقة الأولى تحاول أخذ خلية حية وحذف الجينات منها حتى تصل إلى الحد الأدنى الممكن تواجده لكى تظل الخلية حية.
والطريقة الثانية تحاول تجميع المكونات الأساسية للخلية–وهى فى الحقيقة غير معروفة- لصنع خلية أو محاكاتها من خلال مواد غير حية تقوم بنفس الوظائف التي تقوم بها الخلية الحية.
وفى كلا الحالتين يظهر لك عند تفحص ما يجرى أنه ليس صنع حقيقي لخلية حية.
كمثال على طريقة من أعلى لأسفل: فى عام 2016 قام فنتر وفريقه بحذف بعض الجينات من أصغر جينوم لكائن حي وهي بكتيريا الميكوبلازما Mycoplasma mycoides وعدد جيناتها الطبيعية 525 حتى وصل إلى خلية حية لديها 473 جين فقط ويفترض بهذه الجينات أنها الحد الأدنى الممكن لإيجاد الحياة. وطبعا الإعلام روج لهذا الحدث بأن فنتر صنع حياة من الصفر وأنه أوجد كائنا حيا لم يكن له وجود من قبل إلى غير ذلك من الفرقعات التي لا تصف حقيقة الأمر. لكن فنتر رغم كونه ملحدا إلا أنه كان صريحا فقد قال أن الأمر صادما لأنه من ضمن هذه ال 473 جين الأساسية نحن لا نعلم أى وظيفة ل149 منهم والأدهى من ذلك أن هناك 79 جين منهم لا وجود لهم فى أى كائن حي آخر. وقال أيضا (لقد كان المجتمع العلمي يعاني أساسا من الوهم بأننا كنا نعرف كل علم الأحياء. نحن حقا مثل كائنات فضائية من كوكب آخر نحاول معرفة ما تفعله هذه الأجزاء)
J. Craig Venter et al., "Design and synthesis of a minimal bacterial genome" Science 25 Mar 2016: Vol. 351, Issue 6280, aad6253 DOI: 10.1126/science.aad6253
https://www.nationalgeographic.com/s...-how-it-works/
[تعقيب شخصى: لاحظ أيضا أن الزعم بأن ما فوق هذا الحد الأدنى غير ضرورى أو خردة زعم كاذب تماما لأن هذه الخلايا المصنعة عاجزة عن الحياة فى بيئة طبيعية و تعتمد على تزويدها بكل المكونات التى تحتاج اليها من الخارج بعد أن فقدت القدرة على صناعتها
"Unlike most organisms, which have synthesis pathways for most of its building blocks, Syn3A has been reduced to the point where it relies on having to transport them in"
Thornburg ZR et al. Fundamental behaviors emerge from simulations of a living minimal cell. Cell 2022; 185: 345-360
ان الاتيان بجينوم بكتيريا و تعديله بحذف أو حتى اضافة جينات ثم حقنه فى الخلايا و الزعم أن هذا انتاج خلايا من الصفر نوع من التدليس الاعلامى لم يقم به من قاموا بالتجربة أنفسهم أما أن يأتيك عبقرى ليستشهد بهذه التجربة المليئة بالتصميم الدقيق و العلم على امكان نشأة الحياة من الصفر فى بيئة الأرض الأولية فهذا نوع من التخلف العقلى المستعصى على العلاج. ]
المدهش أن مبدأ وجود حد أدنى من الجينات لأبسط خلية يتنافى تماما مع مبدأ التطور التدريجى اذ تحتاج الخلية وجود كل هذا الحد الأدنى معا و نحن نتحدث عن أبسط الخلايا حتى لا يخترع لنا الدراونة سلف مشترك وهمى و الأهم من ذلك أن الخلايا المنتقاة هنا عادة ما تكون خلايا طفيلية غير قادرة على الحياة بمفردها أصلا حتى بجينومها الكامل مما يطعن فى كونها نموذج جيد للخلية الأولى و فى سنة 2024 قام فريق من العلماء باستخدام الفرضيات التطورية (اشتراك الكائنات فى جينات ما دليل على وراثتها من سلف مشترك) فى محاولة لتحديد عدد الجينات الموجودة فى السلف المشترك المفترض ليصلوا الى نتيجة عجيبة: حوالى 2600 بروتين و خلية مماثلة للخلايا بدائية النوى المعاصرة بل و على الأرجح كانت جزء من نظام بيئى متكامل من أنواع مختلفة من الخلايا و كل هذا بعد فترة قصيرة جدا جيولوجيا من نشأة كوكب الأرض!!! بعبارة أخرى زاد التعقيد المطلوب من جهة و قلت الفترة الزمنية المتاحة للتطور الكيميائى لانتاج الناسخ الذاتى الأول المزعوم و التطور البيولوجى لتحويله الى خلية مماثلة للمعاصرة!!!
Phylogenetic reconciliation suggests that LUCA had a genome of at least 2.5 Mb (2.49–2.99 Mb), encoding around 2,600 proteins, comparable to modern prokaryotes...Altogether, our metabolic reconstructions suggest that LUCA was a relatively complex organism, similar to extant Archaea and Bacteria.
The result is a picture of a cellular organism that was prokaryote grade rather than progenotic and that probably existed as a component of an ecosystem...he inferred age of LUCA (~4.2 Ga) compared with the origin of the Earth and Moon suggests that the process required a surprisingly short interval of geologic time.
Edmund R. R. Moody et al., "The nature of the last universal common ancestor and its impact on the early Earth system" Nature Ecology & Evolution (2024)
طبعا كما جرت العادة بدلا من الاعتراف بخطأ الفرضية التطورية يتم اعادة تعريف التعقيد و الحياة على مقاس التطور ففجأة أصبح انتاج الحياة أسهل مما نظن و لا يحتاج وقتا طويلا...كيف عرفوا ذلك؟ لم يعرفوا أى شئ طبعا بل فقط هم نظروا الى البيانات و قالوا لابد أن التطور هو من فعلها تماما كما صنعوا جينوم بأيديهم فى المعمل ثم قالوا لابد أن التطور هو من فعلها أول مرة فى الطبيعة!!
وكمثال على طريقة من أسفل لأعلى: فى عام 2018 قام نيل ديفراج بما قيل عنه أنه الخلية الاصطناعية الأكثر شبها بالخلية الحية حتى الآن وهى عبارة عن كبسولات من السيلكون بجدارها منافذ وبداخلها عناصر من الطين لأن الDNA يرتبط بشدة مع الطين ثم تم إضافة الـ DNA و tRNA و ريبوسوم وإنزيمات بوليميراز RNA و الأحماض الأمينية وكل هذا وغيره تم نزعه من خلايا حية حقيقية ونقله إلى هذه الكبسولات وكان النجاح الذي سجلوه هو نشاط الـ DNA وإنتاج البروتينات التى بدأت فى الانتقال بين الكبسولات لكن واضح أن هذا ليس صنعا للحياة على الإطلاق وإنما هو مجرد تغير للحاوية التى تعمل داخلها النواة أو الخلية.
Fill the spongy material with DNA, amino acids, the right enzymes and a few bits of cellular machinery and you can make the proteins for which the DNA encodes.
"Before cells, biochemicals may have combined in clay" Cornell Chronicle (November 2013)
https://news.cornell.edu/stories/2013/11/chemicals-life-may-have-combined-clay
https://www.sciencemag.org/news/2018...cial-cells-yet
https://www.nature.com/articles/s41467-018-07473-7
-دكتور أحمد ابراهيم
ان الجملة العجيبة التى يرد بها التطورى عادة بعد كل هذا هى تنويع على "العلم سيتقدم و سنصنع خلية" تضرب كفا بكف و تسأل نفسك هل يفهم هذا الشخص فعلا ما يقول؟ أم أنها اجابة يقومون بتحفيظها لبعضهم البعض؟ عندما تكون صناعة الخلية نتيجة "تقدم العلم" فان هذا دليل عملى على أنها ليست من صنع التفاعلات الكيميائية العمياء فى الطبيعة. لاحظ أيضا العلاقة الوثيقة بين الطين/الفخار clay و الحمض النووى - المصدر الثالث على Nature أيضا أشارالى مصادر أخرى تتحدث عن نفس العلاقة و هى علاقة مستقلة عن الحساء البدائى الغنى بالسموم.
The encapsulated clay minerals had a large capacity for binding and capturing DNA from solution, and retained DNA in the clay-DNA hydrogel that formed after electrolyte addition...DNA adsorbs to the surfaces of clay minerals through electrostatic interactions, cation bridges, hydrogen bonding and ligand exchange.... The clay-DNA hydrogel in the cell-mimic’s interior resembles a eukaryotic cell’s nucleus,...Our study demonstrates that clay minerals and clay-DNA hydrogels are useful hybrid materials for synthetic biology and the assembly of artificial cell-mimics. In fact, clay minerals have been proposed as favorable environments for prebiotic evolution because a wide variety of organic molecules adsorbs to their surface. Clay minerals have been shown to possess catalytic properties and to enhance protein synthesis in cell-free expression systems
Henrike Niederholtmeyer, et al., "Communication and quorum sensing in non-living mimics of eukaryotic cells" Nature Communications volume 9, Article number: 5027 (2018)
و موضوع استخدام الطين فى هذه التجارب شائع فمثلا فى هذه المحاضرة تتحدث الباحثة عن استخدام الطين لتحفيز ارتباط جزيئات سلاسل الرنا مع بعضها فى الدقيقة 39 و 45 ثانية الى الدقيقة 42
rna nucleotides have been polymerized using clay...oligoneucleotides polymerized on clay
Case Western Reserve University "The Origins of Life: From Geochemistry to Biochemistry"
Alexander G. Cairns-Smith and Hyman Hartman, eds.. Clay Minerals and the Origin of Life (Cambridge: Cambridge University Press, 1986).
ربما لن تجد أناسا يسخرون من هذا الكلام بعد أن ثبت تجريبيا لكن تجدهم يسخرون من شخص من 1400 عام قال أن الانسان أصله من طين أو صلصال كالفخار و كيف أن هذا الكلام "ضد العلم"... الطريف أنها فى الدقيقة 48:55 تسقط الباحثة بلسانها و هى تتحدث و تقول أننا نحتاج أثناء تجارب أصل الحياة الى التصميم الذكى ثم تنتبه بسرعة الى ما قالت فتقوم بالتصحيح و تقول لا ليس التصمم الذكى ثم تبحث عن كلمة مناسبة فلا تجد الا كلمة معارفنا و يساعدها أحد الزملاء فيقول "الانتخاب بحرص" و هذا المشهد يعبر عن كمية الانحراف التى شابت الوسط العلمى و اذى أصبح يظن أن مهمته هى التلاعب بالمصطلحات لتمجيد الطبيعة و اثبات اكتفاءها الذاتى فى صنع الحياة...ما الفارق بين التصميم الذكى و كلمة معرفتنا التى استخدمت كبديل و كلمة الانتخاب الحريص التى استخدمت كبديل ثالث؟ هل الطبيعة تمتلك معرفة؟ من الذى ينتخب بحرص؟ التفاعلات الكيميائية فى بيئة الأرض البدائية؟ أم أم مصطلح "الانتخاب" قد تحول الى اله فجوات تلجأ اليه الكهانة الطبيعانية كلما لم تجد ما تقول؟ لقد أصبحت كلمة "الانتخاب" حرفيا اله فجوات يتم ذكره كلما كانوا لا يعرفون كيف حدث الأمر. يعلق الكيميائى الشهير الناقد لسيناريوهات نشأة الحياة على هذا الكلام قائلا ما معناه: لو سألتهم كيف تم انتاج المكونات المطلوبة بدرجات النقاء و التركيز المطلوبة فسيقولون لك "الطبيعة تختار" أو "الانتخاب" و لكن لماذا تختار الطبيعة حمضا أمينيا الا لو كانت تعلم أنها تريد بعد عدة مراحل من التفاعلات أن تصنع بروتين و لماذا تختار نيوكليوتيدات الا اذا كانت تعرف أنها بعد عدة مراحل من التفاعلات تريد أن تصنع حمض نووى أو رنا. هذه أشياء لا يوجد أى مبرر للتركيز عليها فى التفاعلات فى أى لحظة بعينها لأن استخداماتها لا تأتى الا بعد عدة مراحل من نشأتها. ثم كيف أصلا اختارت الطبيعة؟ كيف تدخلت و منعت تفاعلات و سمحت بأخرى و قامت بتنقية المنتجات المطلوبة من غير المطلوبة...يفعل هذا الكيميائى فى معمله لكن "الطبيعة"؟
J. M. Tour, “Why Is Everyone Here Lying?” Inference: International Review of Science 2, no. 2 (2016)
و يعلق عالم البيولوجيا الجزيئية دوجلاس أكس على هذا الأمر فى كتابه قائلا ما معناه: حتى ان كنت غير متخصص فى الكيمياء فيمكنك تقييم الأمر. ما الذى دخل الى المعمل؟ مواد كيميائية و طاقة+ عالم أو فريق من العلماء+أجهزة كثيرة. ما الذى دخل الى الطبيعة؟ مواد كيميائية و طاقة. الفارق واضح جدا و لا يمكن الاستدلال بالأول على الثانى.
Douglas Axe "Undeniable" (2016): p. 152 - 153
أو كما قال فى موضع اخر من الكتاب. أيا كانت مكونات الحساء البدائى فن العلم و البصيرة و المعرفة التى يستخدمها العلماء قطعا لم تكن من بينها. و أخيرا فى مقالة فى فبراير 2024 اعترف الباحثون بأن سيناريوهات أصل الحياة المطروحة تمثل انتقاءا لخطوة من هنا و تفاعل من هناك دون أى نظر للصورة الأكبر المطلوب تحقيقها للوصول الى الخلية مؤكدين طبعا أن الانتخاب الطبيعى لابد أن يكون هو الفاعل لكن كيف فعلها و وفقا لأى سيناريو لا أحد يعرف
Most scientists agree that these nanomachines are a product of selection — but selection for what, where and how?...researchers must stop cherry-picking the most beautiful bits of data or the most apparently convincing isolated steps, and explore the implications of these deep differences in context...brash claims for a breakthrough on the origin of life are unhelpful noise if they do not come in the context of a wider framework.
Nick Lane & Joana C. Xavier "To unravel the origin of life, treat findings as pieces of a bigger puzzle" Nature 26 February 2024
المشكلة أن هذا التأكيد فى حد ذاته مجرد ايمان أعمى بلا أى دليل فهم لا يعرفون ما الذى يتم انتخابه و لا لماذا و لكن يجب أن يكون هناك انتخاب! هذه عقيدة و ليست نتيجة علمية خاصة و أن الباحثين قد ذكروا المشاكل الكثيرة التى تواجه كل سيناريو من الناحية العلمية و هى ذات المشاكل التى فصلنا فيها فى مقالات أخرى على المدونة و يذكرها منتقدى التطور منذ سنين فيتهمون بأن دوافعهم غير علمية لكن الأهم من هذه المشاكل أنهم أكدوا على نقطة هامة جدا و هى أن وجود تفاعل كيميائى ممكن الحدوث ليس فى حد ذاته دليلا على أنه حدث فعلا فى بيئة الأرض الأولى و كان له دور فى نشأة الخلية
the fact that it is possible to make amino acids by passing electrical discharges through a Jovian mixture of gases, as the US chemist Stanley Miller famously did 70 years ago, does not mean that is how life began — merely that this chemistry is possible. Likewise, the fact that analogous chemistry can occur in hydrothermal systems, or from cyanide in terrestrial geothermal systems, or in interstellar space, does not mean that all of these environments were required for life to start, just that this chemistry is favoured under many conditions.
هذه النقطة فى منتهى الأهمية و تذكرنى بالمثال الشهير الذى ألفه البروفسور التطور كينيث ميلر للرد على مثال مصيدة الفئران الذى استخدمه البروفسور مايكل بيهى للتدليل على التعقيد الغير قابل للاختزال. لقد قام كينيث ميلر بتألف مجموعة من الخطوات الوظيفية لنشأة مصيدة الفئران تعمل فيها كمثبت ورق أولا ثم كمشبك لربطة العنق و هكذا. الطريف أن الجميع و أولهم كينيث ميلر ذاته يعلمون أن مصيدة الفئران لم "تتطور" بهذه الطريقة لذا فان كون شئ ما ممكن (اذا سلمنا أصلا أنه ممكن) ليس دليلا على أنه حدث. ثم انتقلت المقالة بعد ذلك الى النقطة الأهم و هى أننا حتى لو سلمنا بامكان وجود المكونات المطلوبة فى بيئة الأرض البدائية أو فى الفضاء و تكون الناسخ الذاتى الأول سواءا كان رنا أو بروتين ثم ماذا؟ لا يمكنك بناء المسارات الكيميائية للخلية خطوة خطوة لأن ككل مسار سيتطلب عدة مكونات معا و الا لن يعمل و قد اعترفت المقالة صراحة بأن الطريقة التى يتبعها البعض بمجرد ذكر كلام انشائى عام عن "الخطوة خطوة" ليست تفسيرا (لاحظ أنهم يقولون المسارات البيوكيميائية لا يمكن أن تنشأ خطوة خطوة كما نشأت العين و لكن العين نفسها لا يمكن أن تنشأ خطوة خطوة و هو ما فصلنا فيه فى موضع اخر)
The question is always: what happens next?...Unlike evolving an eye, a process in which intermediates have function, encoding only half the steps of a metabolic pathway (or half the pathways needed for a free-living cell) has little, if any, benefit. Can genes that encode multiple metabolic pathways have arisen at once? The odds against this are so great that the astrophysicist Fred Hoyle once compared it to a tornado blowing through a junkyard and assembling a jumbo jet. It is not good enough to counter that evolution will find a way: a real explanation needs to specify how.
المدهش أن المقالة تحدثت عن نصل أوكام و تقليل الفرضيات بينما لو أنصفت و نظرت الى كمية الأجهزة و العلوم التى تستخدم لانتاج سلسلة ناسخ ذاتى أو بروتين أو جين لوجدت أن أفضل تفسير وفقا لنصل أوكام ليس أن الطبيعة قد قامت بالصدفة ببناء نفس العمليات التى تقوم به المعامل الحديثة بل أن نشأة الحياة نتيجة علم و تصميم تماما كتصميم الأجهزة التى يستخدمونها
منقول من ملخص كتاب أيقونات التطور، علم أم خرافة لجوناثان ويلز