(1) سلع، سالع:
جاء في سفر أشعياء: (أَرْسِلُوا خِرْفَانَ حَاكِمِ الأَرْضِ مِنْ سَالِعَ نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى جَبَلِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ.) أشعياء 16: 1.
عبارة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، حاكم الأرض من سالع.. فأين هي سالع؟ حسب قاموس الكتاب المقدس فإن سالع تنطق أيضا: (سَالَع أو سَالِع أو سِلَع)، أي يمكن حذف الألف، وفتح السين واللام أو كسرهما. ويقول قاموس الكتاب المقدس شارحا مكانها: (وقد تكون الإشارة على الصخرة التي وردت في قضاة 1: 36 عن هذا المكان. ويغلب انها هي المقصودة في 2 أخبار 25: 12 واشعيا 42: 11 وعوبديا 3، وربما أيضاً اشعياء 16: 1. ... وتقع سالع بقرب سفح جبل هور، في منتصف المسافة بين أريحا وجبل سيناء... وقد كشف مكانها المستكشف والرائد المشهور بركهادت عام 1812 ... واسم قلعة سالع اليوم((أم البيَّارة))).
أي أننا لو سألنا البابا نفسه سنة 1811، في القرن التاسع عشر، لو سألناه عن مكان سالع فلن يعرفه! إذ اكتشفه بركهادت بعد عام من ذلك!!!؛ أيضا، من المضحكات في هذا الكلام، أن منطقة(أم البيَّارة) هي التي خرج منها حاكم الأرض الذي ظل يتنبأ عنه أشعياء. وحسَنا فعل قاموس الكتاب المقدس عندما استخدم عبارات(الاحتمالية) و(عدم التأكُّد) وهي: [وقد تكون.. ويغلب أنها.. وربما أيضا]. من هنا فقد حكم قاموس الكتاب المقدس ببطلان الاستدلال به في هذا الأمر، لأن القاعدة المنطقية البسيطة تقول: ما تطرق إليه الاحتمال، بطل به الاستدلال.
ونأتي الآن لنبوة أخرى عن (حاكم الأرض) من (سَالَِع أو سَِلَِع)، النبي القوي الذي سيقيم الدين، من أشعياء أيضا: 42 (1 «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2 لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3 قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4 لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ».5 هكَذَا يَقُولُ اللهُ الرَّبُّ، خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا، بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِِهَا، مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً، وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحًا: 6 «أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ، فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ، 7 لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ.8 «أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ. 9 هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ، وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا».10 غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا، 11 لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12 لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ. 13 الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ يَخْرُجُ. كَرَجُلِ حُرُوبٍ يُنْهِضُ غَيْرَتَهُ. يَهْتِفُ وَيَصْرُخُ وَيَقْوَى عَلَى أَعْدَائِهِ.)
نبوة تنطبق على محمد، صلى الله عليه وسلم، انطباق القفاز على اليد كما يقول شيخنا أحمد ديدات، رحمه الله. نبي هو عبد الله ، المختار، يجاهد دون ملل ولا انكسار، يحفظه الله حتى يُقيم الشريعة في كل الأرض، فهو مبعوث لكل الأمم. ولما كان مبحثنا هذا عن مكان سالع، نقف عند الفقرة 11 (لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا.).. هذا النبي العظيم سيأتي فيرتفع صوتٌ من البرِّية هتافا وتمجيدا لله، تعالى، من الديار التي سكنها قيدار، من سالع.. من المعلوم أن قيدار هو ابن إسماعيل الثاني (تكوين 25: 13) ، ولقد سكن أبناء إسماعيل من حويلة إلى شور (تكوين 25: 18)، أي من اليمن إلى جنوب فلسطين حسب قاموس الكتاب المقدس، وهذه المنطقة، ولا جدال، هي بلاد الحجاز! حيث خرج الرب من هناك، من سالع، وصرخ وقوي على أعدائه.
إن سلع هي المدينة، لم يكتشفها لنا بركهادت في القرن التاسع عشر، لنقول(ربما ومن المحتمل أن تكون هي...!!!!) وإنما هي معروفة عندنا منذ العصر الجاهلي، وإلى اليوم.
قال تأبط شرا (جاهلي): إن بالشِّعب الذي دون سلع لقتيلٌ دمُه ما يُطلُّ
وقال قيس بن ذريح (جاهلي): لَعَمْرُك إنَّنِي لَأُحِبُّ سَلْعًا لِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ بِجُنُوبِ سَلْعِ
وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أنس في حديث الاستسقاء: (وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار)؛ و في حديث كعب بن مالك الذي رواه البخاري أيضا: ( سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر!).
وفي تفسير ابن كثير (في تفسير إذ جاءتكم جنود... ). : (ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم أمر بحفر الخندق تحت سفح جبل سلع غربي المدينة)
جاء في معجم الأماكن(مُحْدَث): ((يُنْطَقُ بِكَسْرِ السِّينِ ، وَالْقُدَمَاءُ يَفْتَحُونَهَا ، وَقَدْ يَكْسِرُونَهَا : جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَثَانِي السِّيرَةِ ، وَهُوَ أَشْهَرُ جِبَالِ الْمَدِينَةِ عَلَى صِغَرِهِ ، حَتَّى أَنَّهُ يَفْوَقُ أُحُدًا شُهْرَةً عَلَى كِبَرِ أُحُدٍ وَقُدْسِيَّتِهِ . وَيَكَادُ الْأَقْدَمُونَ يَصْرِفُونَ كُلَّ ذِكْرٍ أَوْ شِعْرٍ يُذْكَرُ فِيهِ ( سَلْعٌ ) إلَى سَلْعِ الْمَدِينَةِ هَذَا ) أهـ.
http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%D3%E1%DA
وكمثال لهذا، قال ابن الجوزي: (ت 567هـ ـ 1172م) في(المدهش) :
يا أرضَ سَِلع أخبري * وحدِّثيني عنهُمُ
تَبْكيهُمُ أرضُ مِنىً* وتشتهيهمْ زمزمُ
وقال صفي الدين الحلي (ت 1349 م) :
إنْ جئتَ سَِلعاً فسَلْ عن جيرة العلَمِ واقْرَ السَّلامَ على عُرْبٍ بذي سَلَم
وقال البرعي اليماني (ت 803هــ 1401؟):
جاد الغمامُ على رباه إلى ربا سلعٍ فما والى بقيعَ الغرْقَدِ
وسَقَى جوانبَ روضةٍ قدْسيةٍ محروسةٍ في ظلِّ ذاك المسجد
جاء في خزانة الأدب للشيخ تقي الدين الحموي (ت 1433م) : (وهنا فائدة وهو أن الغزل الذي يصدر به المديح النبوي يتعين على الناظم أن يحتشم فيه ويتأدب ويتضاءل ويتشبب مطربا بذكر سلع، ورامة، وسفح العقيق، والعذيب، والغوير، ولعلع، وأكناف حاجر).
وانظر إلى خريطة المدينة اليوم، انظر إلى منطقة جبل سلع شمال غرب المسجد النبوي، انظر إلى ضخامتها
http://www.al3ez.net/mag/almadina_map.htm
إذن فهذه المنطقة(سلع) معروفة عندنا في المدينة المنورة منذ العصر الجاهلي، وإلى هذه اللحظة التي نراها فيها شمال غرب طريق الملك فيصل بن عبد العزيز في المدينة المنورة!.
وبالقرب منها قبر حاكم الأرض، صلى الله عليه وسلم، لتظل هذه العبارة متحققة أبدا:
( أَرْسِلُوا خِرْفَانَ حَاكِمِ الأَرْضِ مِنْ سَالِعَ نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى جَبَلِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ) أشعياء16: 1
(2) المدينة: (وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ)
لنقرأ في مزمور 72 عن النبي القوي الخاتم:
( 13 يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ، وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14 مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ، وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ. 15 وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. 16 تَكُونُ حُفْنَةُ بُرّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا، وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. 17 يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ).
نبوة هذا المزمور، من أولها لآخرها، تنطبق على النبي

لم يكن أمام القسيس عبد المسيح بسيط في كتابه: هل بشر الكتاب المقدس بنبي بعد المسيح، لم يكن أمامه إلا التجاوز التام لهذه النبوة والهروب منها، وعدم التطرق لها لا من قريب ولا من بعيد، رغم بذله المجهود الخارق في تحوير النبوات الأخرى! فهي في غاية الوضوح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، الذين:
(يزهرون من المدينة مثل عشب الأرض)
(3) المدينة المقدسة: (الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ.) أشعياء 53
انظر إلى كل بلاد الدنيا، تجد الغُلْفَ(جمع أغلف) والنجسين(إنما المشركون نجس) يسرحون في سائر بلاد الأرض، عدا مكة والمدينة... المدينة المقدسة! ونبوات أشعياء، كما يتضح للدارس، تبشر بالنبي القوي الخاتم الذي سيقيم الدين. إن شاهد الحال، أعني حرمان الغُلْف والنجسين من دخول المدينة، يؤكد ما ذهبنا إليه، فالنبوة قد تحققت!.
قد يقول قائل: إنك بترت النص، إذ إنه يقول: (1 اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! الْبَسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ.) أشعياء 53.
نقول، جاء في قاموس الكتاب المقدس في معنى أورشليم: ((5) أورشليم رمزياً: يستخدم الأنبياء أورشليم وصهيون كرمز إلى ملكوت الله فمثلاً انظر 1ش 65: 17-25 ورؤيا 21: 2 وقد أطلق اسم أورشليم على الكنيسة الممجدة).
إذن فأشعياء استخدم أورشليم وصهيون لملكوت الله، أي للمدينة المقدسة التي رآها يوحنا، أورشليم الجديدة. إن ملكوت الله، الذي ظل يبشِّر به المسيح هو مملكة الله في الأرض التي يقيمها النبي القوي وأصحابه أولياء الله الصالحين(ترجمة 1844)، أو(قدِّيسي العليِّ) (ترجمة 1865) في دانيآل، هو الملك القائم على الأرض بشرع الله وبواسطة اوليائه:
(وَالمَمْلَكَة وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَة المَمْلكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِيِّ العَلِيِّ، مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أبَدِيٌّ، وَجَمِيعُ السَّلاطِينِ إيَّاهُ يَعْبُدُونَ وَيُطِيعُونَ) دانيآل 7/27. وفي ترجمة1844:(إنَّ مَلَكُوتَ وَعَظَمَة المَمْلَكَةِ المُمْتَدَّةِ تَحْتَ السَّمَاءِ كُلِّهَا سَوْفَ تُعْطَى لِعِبَادِ اللهِ تَعَالَى وَأوْلِيَائِهِ، وَسَيَكُونُ مَلَكُوتُهُمْ هذا مَمْلَكَةً أبَدِيَّةً تَخْدِمُهَا جَمِيعُ المَمَالِكِ الأخْرَى وَتَعْمَلُ بِطَاعَتِهَا)، فلا مجال إذن للقول بأنها مملكة روحية وهمية!، إنها مملكة على الأرض. ولقد بشر المسيح عليه السلام بمحمد

قال عليه السلام:(إنَّهُ يَنبَغِي لِي أنْ أبَشِّرَ المُدُنَ الأخَرَ أيْضَاً بمَلَكُوتِ اللهِ، لأِنِّي لِهذا قدْ أرْسِلْتُ ) لوقا 4/43، (قدْ أتَيْتُ إلَى العَالَمِ لأِشْهَدَ لِلْحَقِّ) يوحنا 18/37، فهو مبشـِّر بالملكوت وشاهد فقط وليس مقيما له، فأمَر تلاميذه بأن يكرزوا قائلين:(إنَّهُ قد اقتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ) متى 10/7. وكان يقول في الصلاة ويأمر الناس أن يقولوا:(لِـيَأتِ مَلَكُوتُكَ) لوقا 11/2، فهو أمنية عزيزة، يُفسّر لك كل هذا أنه ضَرَب أمثالا لملكوت الله. فقد ضرب له مثلا بإنسان عنده مزرعة كرْم(عنب) سلمها لمزارعين وسافر، ثم أرسل عبيده ليأخذ أثماره فجلدوهم وقتلوهم:
(فمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الكَرْمِ مَاذا يَفعَلُ بأِولئِكَ الكَرَّامِينَ. قالُوا لَهُ أولئِكَ الأرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاكَاً رَدِيَّاً وَيُسَلِّمُ الكَرْمَ إلى كَرَّامِينَ آخَرينَ يُعْطونَهُ الأثـْمَارَ فِي أوْقاتِهَا. قالَ يَسُوعُ أمَا قرَأتُمْ قطُّ الحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ البَنَّاءُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأسَ الزَّاويَةِ. مِنْ قِبَـلِ الرَّبِّ كَانَ هذا وَهُوَ عَجيبٌ فِي أعْيُنِنا. لِذلِكَ أقولُ لَكُمْ: إنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُـنـْزَعُ مِنكُمْ وَيُعْطَى لأِمَّةٍ تَعْمَلُ أثمَارَهُ، وَمَنْ سَقطَ عَلَى هَذا الحَجَر يَتَرَضَّضُ. وَمَنْ سَقطَ عَليْهِ فهُوَ يَسْحَقـُهُ) متى 21/33ـ44.
فالمقصود أن الله تعالى أرسل رسله لبني إسرائيل فجلدوهم وقتلوهم لذا سينتقم الله منهم ويُسلِّم الأمانة لأمَّة أخرى تعمل صالحا وتقيم ملك الله. لقد رفض اليهود إسماعيل عليه السلام الذي أقام نسله الدين وصار منه(رأس الزاوية) القوي في دفاعه، الساحق في هجومه.
فهذا هو ملكوت الله الذي أشار قاموس الكتاب المقدس بأن(أورشليم) و(صهيون) رمز له. من كل ما تقدم فليس من بدٍّ من الإذعان بأن المدينة المقدسة المشار إليها في أشعياء 53: 1 هي المدينة، (الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ.) .
(4) مدينة الرب، مدينة الله:
تأمل هذه النبوة في مزمور 48:
( 4 لأَنَّهُ هُوَذَا الْمُلُوكُ اجْتَمَعُوا. مَضَوْا جَمِيعًا.
5 لَمَّا رَأَوْا بُهِتُوا، ارْتَاعُوا، فَرُّوا.
6 أَخَذَتْهُمُ الرِّعْدَةُ هُنَاكَ، وَالْمَخَاضُ كَوَالِدَةٍ.
7 بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ تَكْسِرُ سُفُنَ تَرْشِيشَ.
8 كَمَا سَمِعْنَا هكَذَا رَأَيْنَا في مَدِينَةِ رَبِّ الْجُنُودِ، فِي مَدِينَةِ إِلهِنَا. اللهُ يُثَبِّتُهَا إِلَى الأَبَدِ. سِلاَهْ).
أليست هذه هي غزوة الأحزاب بتفاصيلها مختصرة؟ اجتمع ملوك محاصرين المدينة، لكنهم فروا لما أتت ريح قوية فسلمت المدينة إلى الأبد. جاء في الرحيق المختوم:
( خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش..ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان.. فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي

وأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضاباً .... فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد وُدّ وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم، فتيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فاقتحموه، وجالت بهم خيلهم في السَّبْخة بين الخندق وسَلْع، وخرج على بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم، ودعا عمرو إلى المبارزة، فانتدب له على بن أبي طالب، وقال كلمة حمي لأجلها ـ وكان من شجعان المشركين وأبطالهم ـ فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي، فتجاولا وتصاولا حتى قتله علي رضي الله عنه، وانهزم الباقون حتى اقتحموا الخندق هاربين (فروا) وقد بلغ بهم الرعب (ارتاعوا) إلى أن ترك عكرمة رمحه وهو منهزم عن عمرو.... (وبعد حصار أيام) وكان المسلمون يدعون الله تعإلى: (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)، ودعا رسول الله


نعم.. لقد كانت هذه المعركة نقطة تحول حاسمة في تأريخ الإسلام، فجدير بأشعياء النبي أن يتنبأ بها.. نبوة تحققت حرفيا، ولا تزال المدينة في أمن الله، وحفظه،
(مدينة إلهنا الرب يثبتها للأبد).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يرى علماء نصارى – حسب قاموس الكتاب المقدس - أن شبا اسم آخر لسبأ، وأنه قد سكن السبئيون على ضفة البحر الأخرى، أي بأفريقيا، وتوجد مدينة اليوم في السودان(الحبشة سابقا) اسمها (سوبا). ومن المعلوم أن ملك الحبشة النجاشي قد قدم الهدايا للنبي الكريم، صلى الله عليه وسلم.
منقول من شبكة ابن مريم
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=32355