الحوادث والترتيب

[ابن النعمان]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الحوادث والترتيب
قد يقال ان الحوادث يجب ان تحدث كلها معا فى نفس الوقت لعدم وجود شىء يعطى مجالا او فضاء للتغير (الزمن) نقول : لو فكرنا فى الاحداث وترتيبها بشىء من الامعان سوف نصل الى هذه النتيجة :
اذا حدثت الاحداث جميعها بدون ترتيب فى نفس الوقت كما يقول القائل فان ذلك يعنى عدم وجود مجال للتغير فى الاساس , اى تغير الشىء من حال الى حال , كالتغير من حالة السكون الى حالة الحركة ولهذا السبب حدثت كل تغيرات الشىء مرة واحدة , ولكن هناك شىء هام للغاية يجب ان ينتبه اليه كل ذى عقل وهو .... اذا لم يكون هناك مجال للتغير فلن يمكن او يتاح للشىء فى هذا الحالة ان يتغير فى الاساس فيحدث له حدث واحد او اكثر او كل الاحداث معا فى نفس الوقت لانه ببساطة كما قال ليس هناك مجال للتغير .... فعدم وجود هذا المجال سوف يترتب عليه بقاء هذا الشىء بدون تغير الى الابد .... اما اذا كان هناك مجالا للتغير فان هذا المجال سوف يمكن الاحداث من ان تحدث مرتبة حدث بعد اخر اذن لابد للاحداث ان حدثت ان تكون مرتبة يتقدم بعضها على بعض مع توفر مجالا يمكن من حدوثها (الزمن) . .

[ابن النعمان]

ثانيا : لا يمكن للاحداث ان تحدث معا فى نفس الوقت مع عدم تقدم احدها على الاخر لانه اذا لم تتقدم الاحداث احدها على الاخر فى الترتيب , فان اختلاف الاحداث سوف يدل على اختلاف الذوات , فيكون كل حدث خاصا بذات مستقله , لانه اذا لم يكون هناك ترتيب بين الحوادث ولم يتقدم احدها على الاخر , فلن يكون هناك رابط واحد لكل هذه الحوادث المتعددة او بمعنى اخر, لن يكون هناك ذات واحدة تربط بين كل هذه الاحداث , فتتعدد الذوات بتعدد الحوادث , ويصبح بذلك لكل ذات حدث ولكل حدث ذات , لانه اذا كان هناك حوادث متعددة ومتعلقة بذات معينة , فان هذه الذات المعينة يجب ان تتقدم على ما تعلق بها من احداث لاستحالة ان تتقدم الاحداث على الذات لعدم امكان ان يكون هناك تغير او حدوث لغير موجود والحوادث لا يمكن ان تحدث الا بعد الوجود والفارق هو هل هناك فاصل بين لحظة الوجود ام لا ?

[ابن النعمان]

ثالثا : اذا حدثت الاحداث كلها معا فى نفس الوقت فهذا يدل على عدم تقدم احدها على الاخر فيكون اذن المتقدم واحد من اثنين اما ان يكون المتقدم هو العدم فيكون ما يحدث له هذه الاحداث مخلوق لان العدم هو الذى قد تقدم علي الحوادث ولم تتقدم عليها الذات و تقدم العدم يدل على ان الذات لم تكون موجودة فى الاصل واما ان يتقدم عليها الوجود وبذلك تكون مخلوقة ايضا لان الوجود يتقدم عليه العدم حيث يمكن ان يحدث التغير بعد الوجود مباشرة الا اذا كان هناك فاصل بين الوجود والحدث وهذا ايضا لا يؤثر على الامر , فهناك لحظة للوجود ياتى بعدها الفاصل فيكون ايضا الوجود غير ازلى وقد تجاهلنا السكون , ان السكون لا يعتد به اذا تحرك الجسم بالفعل لان السكون سوف ياخذ فى هذه الحالة حكم الحركة الفعلية لكونه كان قابلا لها منذ لحظة وجوده , لذا سوف نعامل الجسم الساكن على انه متحرك (اى اننا سوف نجعل صفة الحركة ملازمة لوجوده) .

[ابن النعمان]

رابعا : لا يمكن لكل احداث الكون ان تحدث مرة واحدة فى نفس الوقت بل يجب ان تكون مرتبة تبدا بالحدث الاول ثم يليه الحدث الثانى وهكذا حتى اخر حدث , لانه اذا كانت الاحداث لانهائية حقيقة او افتراضا فلن يمكنها ان تحدث معا فى نفس الوقت لانها لو حدثت فى نفس الوقت سوف تكون قد انتهت فكيف تنتهى وهى ليس لها نهاية , فلكى تحدث كل الاحداث فى نفس الوقت يجب ان تكون شاملة الحدث الاول والحدث الاخير , فاذا كانت الحوادث لا نهائية فلن يتم الوصول الى الحدث الاخير مطلقا , لانه لو تم الوصول اليه سوف تكون الاحداث نهائية وليست لا نهائية وبذلك لا يمكن للاحداث اللا نهائية التى سوف تحدث فى نفس الوقت ان تتضمن الحدث الاخير ذلك لوفرضنا ان الاحداث ليس لها نهاية ومن ذلك ينتج الاتى :
اذا تعددت الحوادث واختلفت لنفس الذات يجب ان يكون هناك رابط بين هذه الذات واحداثها المختلفة والمتعددة يعطى مجالا لتغير وترتيب الاحداث فتكون الذات واحدة اما احوالها فتكون مختلفة , هذا الرابط هو الزمن , واذا كانت الاحداث لا نهائية فانها لا يمكن ان تحدث معا فى نفس الوقت لانها اذا اشتملت على الحدث الاول فلن يمكن لها ان تشتمل على الحدث الاخير وحدوثها معا فى نفس الوقت يجب ان يشمل كل الاحداث من اول حدث الى اخر حدث...... من كل ذلك نخرج بدليل يدل على حتمية الترتيب بين الاحداث فلا يمكن للاحداث اذا حدثت الا ان تكون مرتبة ولا يمكن لها ان تحدث الا اذا كان هناك زمن يعطيها فضاء يمكنها من الحدوث