3- باب الإعراب - شرْح الآجُرُّومِيّة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 3- باب الإعراب - شرْح الآجُرُّومِيّة

    باب الإعْرَابُ والبناء

    البناء

    أ) البناء


    1- وللبناء معنيان : أحدهما لغويّ ، والآخر اصطلاحيّ : فأما معناه في اللغة فهو عبارة عن وَضْع شيءٍ على شيءٍ على جهَة يُرَادُ بها الثبوتُ و اللزومُ . وأما معناه في الاصطلاح فهو لُزُومُ آخر الكلمة حالةً واحدةً لغير عامل و لا اعتلال ، وذلك كلزوم " كَمْ " و " مِنْ " السكون ، و كلزوم " هؤلاءِ "و " حَذَام ِ " الكَسْرَ ، وكلزوم "مُنْذُ " و" حَيْثُ " الضمَّ ، وكلزوم "أيْنَ" و " كَيْفَ " الفتحَ .

    فإذا قلنا " قابلتُ هؤلاءِ الطلاب" فإن هؤلاء اسم اشارة مبني في محل نصب مفعولٌ بهِ.
    وإذا قلنا " مررت بهؤلاءِ الطلاب" فإن هؤلاء اسم اشارة مبني في محل جر بحرف الجر الباء.


    2- ومن هذا الإيضاح تعلم أن القابِ البناءِ أربعة : السكون ، والكسر ، والضم ، والفتح.

    وبعد بيان كل هذه الأشياء لا تَعْسُرُ عليك معرفة المعرب والمبني ، فإن المعرب : ما تَغَيَّرَ حالُ آخِرِهِ لفظاً أو تقديراً بسبب العوامل ، والمبني : ما لزم آخرُهُ حالَةً واحدةً لغير عامل و اعتلال .

    ب) أنواع البناء
    وأنواع البناء:
    1- ضمٌ: الإسْم والحرف. (اسم: نحنُ، حرف:منْذُ)
    2- فتحٌ: الإسْم والفعل. (اسم: أنتَ، فعل ماضي: فتَحَ).
    3- كسْرٌ: الإسْم والحرف. (اسم: أنتِ، حرف: اللام كما في "لِلّهِ)
    4- سكون: الإسْم والفعل والحرف. (اسم: مَن، فعل الأمر: اكتُب، حرف: قدْ).






    الإعراب

    أ) الإعراب


    قال : الإعْرَابُ هُوَ : تَغْييرُ أَوَاخِرِ الْكلِمِ لاِخْتِلاَفِ الْعَوَامِلِ الداخِلَة عَلَيهَا لَفْظاً أَوْ تَقْدِيراً .

    1- الإِعراب له مَعْنَيَانِ : أحدهما لُغويٌّ ، و الآخر اصطلاحيٌّ أما معناه في اللغة فهو : الإِظهار و الإِبانة ، تقول : أَعْرَبْتُ عَمَّا فِي نَفْسِي ، إذا أَبَنْتَهُ وأَظْهَرْتَهُ . و أما معناه في الاصطلاح فهو ما ذكره المؤلف بقوله : " تَغْيِيرُ أوَاخِرِ الكَلِم إلخ " والمقصود من " تَغْيِير أَوَاخِرِ الْكَلِم " تَغْيِيرُ أَحْوَالِ أَوَاخِر الكلم ، ولا يُعْقَل أن يُرَادَ تغييرُ نفس الأوَاَخِرِ، فإنَّ آخِر الكلمة نَفْسَهُ لا يتغير.

    2- وتغيير أحوال أواخِر الكلمة عبارة عن تحوٌّلها من الرفع إلى النصب أو الجر : حقيقة ، أو حُكماً ، ويكون هذا التَّحَوُّل بسبب تغيير العوامل : من عامل يقتضي الرفع على الفاعلية أو نحوها ، إلى أخرَ يقتضي النصبَ على المفعولية أو نحوها ، وهلم جرا . مثلاً إذا قلت: " حَضَرَ مُحَمَّدٌ " فمحمد : مرفوع ؛ لأنه معمول لعامل يقتضي الرفع على الفاعلية ، وهذا ا لعامل هو " حضر " ، فإن قلت : " رأيت محمداً " تغير حال آخر " محمد " إلى النصب ؛ لتغير العامل بعامل آخر يقتضي النصبَ وهو " رأيت " ، فإذا قلت " حظيتُ بمحمدٍ " تغير حالُ آخره إلى الجر ؛ لتغير العامل بعامل آخر يقتضي الجر وهو الباء . وإذا تأَمَّلْتَ في هذه الأمثلة ظهر لك أن آخِرَ الكلمة ـ وهو الدال من محمد لم يتغير ، وأن الذي تغير هو أحوالُ آخرها : فإنك تراه مرفوعاً في المثال الأوَّل ، ومنصوباً في المثال الثاني ، ومجروراً في المثال الثالث . وهذا التغير من حالة الرفع إلى حالة النصب إلى حالة الجرِّ هو الإعراب عند المؤلف ومن ذهب مذهبه. ومثلُ الاسم في ذلك الفعلُ المضارعُ ، فلو قلت : " يُسَافِرُ إبراهيمُ " فيسافر: فعل مضارع مرفوع ؛ لتجرده من عامل يقتضي نصبه أو عامل يقتضي جزمه ، فإذا قلت : " لَنْ يُسَافِرَ إبراهيمُ " تغير حال " يسافر " من الرفع إلى النصب ، لتغير العامل بعامل آخر يقتضي نصبه ، وهو " لَنْ " ، فإذا قلت : " لَمْ يُسَافِرْ إبراهيمُ " تَغَيَّرَ حالُ " يسافر " من الرفع أو النصب إلى الجزم ، لتغير العامل بعامل آخر يقتضي جزمه ، وهو "لم" .
    .
    والحالات الإعرابية:الرفع ، والنصب ، الجر، والجزم.
    والحركات الإعرابية: الضمة، والفتحة، والكسرة، والسكون.



    3- واعلم أن هذا التغير ينقسِمُ إلى قسمين : لَفْظِيُّ ، وتقديري . فأما اللفظي فهو : مالا يمنع من النطق به مانع كما رأيت في حركات الدال من " محمد " وحركات الراء من " يسافر " . وأما التقديري : فهو ما يمنع من التلفظ به مانع من تَعَذُّر ، أو استِثقال ، أو مناسَبَة ؛ تقول : " يَدْعُو الفتَى والْقَاضِي وغلاَمِي " فيدعو : مرفوع لتجرده من الناصب والجازم ، والفتى : مرفوع لكونه فاعلاً ، والقاضي وغلامي : مرفوعان لأنهما معطوفان على الفاعل المرفوع ، ولكن الضمة لا تظهر في أواخر هذه الكلمات ، لتعذرها في " الفتى " وثقلها في " يَدْعُو" وفي "الْقَاضِي " ولأجل مناسبة ياء المتكلم في " غُلاَمِي " ؛ فتكون الضمة مقدّرة على آخر الكلمة منع من ظهورها التعذر ، أو الثقل ، أو اشتغال المحل بحركة المناسبة . وتقول : " لَنْ يَرْضَى الْفَتى وَ الْقَاضِي وَ غُلاَمِي " وتقول : " إنَّ الْفَتَى وَ غُلاَمِي لَفَائِزَانِ " وتقول : " مَرَرْتُ بِالْفَتَى و غُلاَمِي و الْقَاضِِِي " .
    .
    • فما كان آخره ألفاً لازمة تُقََدَّر عليه جميعُ الحركات للتعذر، ويسمى الاسمُ المنتهي بالألف مقصوراً ، مثل الفتى ، و العَصا ، والحجَى ، والرَّحَى ، والرِّضَا .
    • وما كان آخره ياء لازمَة تُقَدَّر عليه الضمة والكسرة للثقل، ويسمى الاسمُ المنتهي بالياءِ منقوصاً ، وتظهر عليه الفتحة لخفتها ، نحو : القَاضِي ، والدَّاعِي ، والْغَازِي ، والسَّاعِي ، الآتي ، و الرّاَمِي .
    • وما كان مضافاً إلى ياء المتكلم تُقَدَّر عليه الحركاتُ كلُّها للمناسبةِ، نحو : غلامِي ، وكِتابي ، وصَديِقِي ، وأبِي ، وأُستاذي.
    ب) أنواع الإعراب


    قال : وأقسامه أربعة : رَفْعٌ ، وَ نَصْبٌ ، وَ خَفْضٌ، وَ جَزْمٌ ، فللأسمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الرَّفعُ ، و النَّصْبُ ، و الخَفْضُ ،ولا جَزمَ فيها ، وللأفعال مِنْ ذَلِكَ الرَّفْعُ ، والنَّصبُ ، و الجَزْمُ ، ولاَ خَفْض َ فيها .

    وأنواع الإِعراب التي تقع في الاسم و الفعل جميعاً أربعة :
    الأوَّل : الرفع، في الاسم والفعل، وهو في اللغة : العُلُوُّ والارتفاعُ ، وهو في الاصطلاح : تغير مخصوصٌ علامَتُهُ الضمة وما ناب عنها، نحو : " يَقُومُ عَليُّ " و " يَصْدَحُ البُلْبُلُ" .
    والثاني : النصب، في الاسم والفعل، وأما النصبُ فهو اللغة : الاسْتِواءُ والاسْتِقَامَة ، وهو في الاصطلاح : تغير مخصوص علامته الفَتْحَة وما ناب عنها ، نحو : " لَنْ أُحِبَّ الكَسَلَ " .
    والثالث : الخفض ، في الاسم فقط وأما الخفض فهو في اللغة : التَسَفُّلُ ، وهو في الاصطلاح : تغيُّر مخصوصٌ علامتٌةُ الكَسْرَة وما نابَ عنها ، نحو : " تَأَلَّمْتُ مِنَ الكَسُولِ ".
    والرابع : الجزم ، في الفعل المضارع فقط، و أما الجزم فهو في اللغة : القَطْعُ ، وفي الاصطلاح تغيرٌ مخصُوصٌ علامتُهُ الَسُّكونُ وما نابَ عنه ، نحو " لَمْ يَفُزْ مُتَكَاسِلٌ " .

    ج) معرفة علامات الرفع

    قال " للرفْعِ أَرْبَعُ عَلاَمَاتٍ :الضَّمَّة ُ ، والوَاوُ ، وَالألِفُ ، وَالنُّونُ" .

    تَعْرِفَ أن الكلمة مرفوعة بوجود علامة في آخرها من أربع علامات : واحدة منها أصلية: الضمة ، وَثُلاَثٌ فُروعٌ عنها: الواو ، والألف ، والنون .
    .
    أولا: الضمة

    "فَأمَّا الضَّمَّةُ فَتَكُون عَلاَمَةً للرَّفْعِ في أرْبَعَةِ مَوَاضِيعَ : الاِسمِ المُفْرَدِ ، وجَمْعِ التَّكْسِيرِ ، وَ جَمْعِ الْمُؤَنثِ السَّالِمِ ، والْفِعْل الْمُضَارِعِ الذي لَمْ يَتَّصلْ بآخره شَيْءٌ ."

    مواضع الضمة: تكون الضمة علامَةً على رَفْعِ الكلمة في أربع مواضع :
    الموضع الأول : الاسم المفرد: وهو ما ليس مُثَنَّى ولا مجموعاً ولا ملحقاً بهما ولا من الأسماء الخمسة : سواءٌ أَكان المراد به مذكراً مثل : محمد ، وعلي ، وحمزة ، أم كان المراد به مؤنثاً مثل : فاطمة ، وعائشة ، وزينب ، وسواءٌ أكانت الضمة ظاهرة كما في نحو "حَضَرَ مُحَمَّدٌ " و "سّافَرَتْ فَاطِمَةُ " ، أم كانت مُقَدَّرَةً نحو " حَضَرَ الْفَتَى و الْقَاضِي وَأَخِي " ونحو " تَزَوَّجَتْ لَيْلَى و نُعْمى " فإن " محمد " وكذا " فاطمة " مرفوعان ، و علامة رفعهما الضمة الظاهرة ، و "الفتى" ومثله "ليلى" و "نعمى" مرفوعات ، وعلامَةُ رَفعهِنَّ ضمة مُقَدَّرَةٌ علي الألف منع من ظهورها التعذر، و " الْقَاضِي" مرفوع ، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل ، و"أَخِي " مرفوع ، وعلامة رفعه ضمة مقدرة علي ما قبل ياءِ المتكلم منع من ظهورها حركةُ المنَاسَبَةِ .

    والموضع الثاني : جمع التكسير. والمراد به : ما دَلَّ على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تَغَيُّر في صيغة مفردهِ . وأنواع التغير الموجودة في جموع التكسير ستة :
    1ـ تَغََيُّرٌ بالشكل لَيْسَ غَيْرُ ، نحو : أَسَدٌ وأُسْدٌ ، وَنَمِرٌ ونمُرٌ ؛ فإن حروف المفرد والجمع في هذين المثالين مُتَّحِدَة ، والاِخْتلاَف بين المفرد والجمع إنما هو في شكلها.
    2ـ تَغَيُّرٌ بالنقص لَيْسَ غَيْرُ ، نحو : تُهَمَة وتُهَمٌ ، وتُخَمَة و تُخَمٌ ، فأنت تجد الجمع قد نقص حرفاً في هذين المثالين ـ وهو التاء ـ وباقي الحروف علي حالها في المفرد.
    3ـ تغير بالزيادة ليس غير ، نحو : صِنْوٌ و صِنْوَان ، في مثل قوله تعالي : < صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ >
    4ـ تغير في الشكل مع النقص ، نحو : سَرِير و سُرُر ، وكتَاب و كُتُب ،وأحْمَر و حُمْر، و أبْيَض وبيض .
    5ـ تغير في الشكل مع الزيادة ، نحو : سَبَب وَأسْبَاب ، وَبَطل وأبطال ، وَهِنْد وَهُنُود ، وَسَبُع وَسِبَاع ، وَذِئْب وَذِئَاب ، وشُجَاع و شُجْعَان .
    6ـ تغير في الشكل مع الزيادة والنقص جميعاً ، نحو : كَرِيم و كُرَمَاء ، وَرَغِيف وَرُغْفَان ، و كاتِب وَ كُتَّاب ، وَأمِير و أُمَرَاء .

    وهذه الأنواع كلها تكون مرفوعة بالضمة ، سواءٌ أكان المراد من لفظ الجمع مذكراً ، نحو : رِجَال ، وكُتّاب ، أم كان المراد منه مؤنثاً ، هُنُود ، وَزَيَانِب ، وسواءٌ أكانت الضمة ظاهرة كما في هذه الأمثلة ، أم كانت مقدرة كما في نحو : " سكَارَى ، وَجَرْحَى " ، ونحو : " عَذَارَى ، وَحَبَالى " تقول : " قامَ الرِّجالُ و الزَّيَانِبُ " فتجدهما مرفوعين بالضمة الظاهرة ، وتقول : " حَضَرَ الْجَرْحَى و العَذَارَى " فيكون كل من " الْجَرْحَى " و " العَذَارى " مرفوعاً بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر .

    والموضع الثالث : جمع المؤنث السالم. وهو ما دلَّ عَلَى أكثر من اثنتين بزيادة ألفٍ وَ تاءِ في آخره ، نحو : " زَيْنَبَات ، فاطمات ، وحَمَّامات " تقول جَاءَ الزَّيْنَبَاتُ، و سافر الفاطمات " فالزينبات والفاطمات مرفوعان ، وعلامة رفعهما الضمة الظاهرة ، ولا تكون الضمة مقدرة في جمع المؤنث السالم ، إلا عند إضافته لياء المتكلم نحو : " هَذِهِ شَجَرَاتِي وَبَقَرَاتِي " .
    فإن كانت الألف غيرَ زائدةٍ : بأن كانت موجودة في المفرد نحو " القاضي و القُضَاة ، والداعي و الدُّعَاةُ " لم يكن جمع مؤنث سالماً ، بل هو حينئذٍ جمعُ تكسيرٍ ، وكذلك لو كانت التاء ليست زائدة : بأن كانت موجودة في المفرد نحو " ميت وأمْوَات ، وبَيْت وأبيات ، وصوت وأصْوَات " كان من جمع التكسير ، ولم يكن من جمع المؤنث السالم .

    والموضع الرابع : الفعل المضارع الذي لم يَتَّصِلْ به ألف اثنين ، ولا واو جماعة ، ولا ياء مخاطبة ، ولا نون توكيد خفيفةٌ أو ثقيلةٌ ، ولا نُونِ نِسْوَة . نحو " يَضْرِبُ " و "يَكْتُبُ " فكل من هذين الفعلين مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، وكذلك " يدعو ، يَرْجُو " فكل منهما مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة عَلَى الواو منع من ظهورها الثقل ، وكذلك " يَقْضِى ، ويُرْضِى " فكل منهما مرفوع ، وعلامة رفعه ضمة مقدرة علي الياء منع من ظهورها الثقل ، وكذلك " يَرْضَى ، وَيَقْوَى " فكل منهما مرفوع ، وعلامة رفعه مقدرة عَلَى الألف منع من ظهورها التعذر .
    .
    و قولنا " الذي لم يتصل به ألفُ اثنين أو واو جماعة أو ياءُ مخاطبة "يُخْرِجُ ما اتصل به واحد من هذه الأشياء الثلاثة ؛ فما اتصل به ألف الاثنين نحو " يَكْتُبَانِ ، ويَنْصُرَان " وما اتصل به واو الجماعة نحو : " يَكْتُبونَ ، ويَنْصُرونَ " وما اتصل به ياءُ المخاطبة نحو : تَكْتُبِينَ ، وتَنْصُرِينَ " لا يرفع حينئذ بالضمة ، بل يرفع بثبوت النون ، والألفُ أو الواو أو الياء فاعل.

    و قولنا " ولا نون توكيد خفيفة أو ثقيلة " يُخْرِجُ الفِعْلَ المضارعَ الذي اتصلت به إحدى النونين ، نحو قوله تعالى : "لَيُسْجَنَنَّ وَلَيُكٌونَنَّ مِن الصَّاغِرينَ" والفعل حينئذٍ مبني علي الفتح .

    وقولنا " ولا نون نسوة " يُخْرِجُ الفعلَ المضارعَ الذي اتصلت به نون النسوة ، نحو قوله تعالى "وَالْوَالِدَتُ يُرْضِعْنَ" والفعلُ حينئذ مبنىٌّ علي السكون .

    ثانيًا: نيابة الواو عن الضمة


    قال : وأمَّا الْوَاوُ فَتَكونُ عَلاَمَةً لِلرَّفْعِ في مَوْضعَيْن : في جَمْع المذكَّر السَّالم ، وفي الأَْسْمَاءِ الْخَمْسَةِ ، وَهِيَ : أَبُوكَ ، وأَخوكَ ، وحَمُوكَ ، وفُوكَ ، وذو مَال .

    تكون الواو علامة على رَفْعِ الكلمة في موضعين:

    الموضع الأول : جَمْعُ المذكر السالم، و
    هو : اسمٌ دَلَّ عَلَى أكثر من اثنين ، بزيادة في آخره ، صالح للتَّجْرِيد عن الزيادة ، وعَطَفِ مثله عليه ، نحو :"فَرِحَ المخَلَّفون" ، "لَكِنِ الرَّاَسِخُونَ في الْعِلْمِ مِنْهُمْ والْمُؤْمِنُونَ" ، "ولَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" ، "إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُون" ، "وآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم" . فكل من " المخلفون و " الراسخون " و " المؤمنون " و " المجرمون " و " صابرون " و "آخرون " جمعُ مذكر سالمٌ ، دالٌ عَلَي أكثر من اثنين ، وفيه زيادة في آخره ـ وهي الواو والنون ـ وهو صالح للتجريد من هذه الزيادة ، ألا ترى أنك تقول : مُخَلَّفٌ ، ورَاسِخٌ ، ومُؤْمِنٌ ، ومُجْرِمٌ ، وصَابِرٌ ، وآخَرٌ ، وكل لفظ من ألفاظ الجموع الواقعة في هذه الآيات مرفوعٌ ، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة ، وهذه النون التي بعد الواو عِوَضٌ عن التنوين في قولك : " مُخَلَّفٌ " وأخواته ، وهو الاسم المفرد.

    والموضع الثاني : الأسماء الخمسة . وهي : أبُوكَ ، وأخوكَ ، وحَمُوكَ ، وفُوكَ ، وذو مَالٍ ـ وهي تُرْفَعُ بالواو نيابة عن الضمة ، تقول: " حَضَرَ أبُوكَ ، وأخُوكَ ، وَحَمُوكَ ، ونَطُق فُوكَ ، وذُو مَالٍ " ، وكذا تقول : " هذا أبُوكَ " وتقول " أبُوكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وقال الله تعالي { وَأَبُونََا شَيْخٌ كَبِيرٌ }، { مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ } ، { وإنه ُ لَذُو عِلْمٍ } ، { إني أنا أخُوكَ } فكلُّ اسمٍ منها في هذه الأمثلة مرفوع ٌ ، وعلامة رفعه الواوُ نيابةً عن الضمة ، وما بعدها من الضمير أو لفظ " مال " أو لفظ "علم " مضافٌ إليه . واعلم أن هذه الأسماء الخمسة لا تُعْرَبُ هَذا الإِعراب إلا بشروط ، وهذه الشروط منها ما يشترط في كلها ، ومنها ما يشترط في بعضها :
    أما الشروط التي تشترط في جميعها فأربعة شروط :
    الأول : أن تكون مُفْرَدةً ، فخرج باشتراط الأفراد ما لو كانت مُثَنّاةً أو مجموعة جمع مذكر أو جمع تكسير؛ فإنها لو كانت جمع تكسير أُعربت بالحركات الظاهرة ، تقول : " الآباءُ يُرَبُّونَ أَبْنَاءَهُمْ " وتقول : " إخْوانُكَ يَدُكَ التي تبْطِشُ بِهَا " ، وقال الله تعالى :{ آباؤكم وأبْنَاؤُكم } ، { إنما الْمُؤمِنُونَ إخْوَةٌ } ، { فأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَاناً } ، ولو كانت مُثَنَّاةَ أُعربت إعرابَ المثني بالألف رفعاً وبالياء نصباً و جرًّا ، وسيأتي بيانه قريباً ، تقول : " أبَوَاكَ رَبَّيَاكَ " وتقول : " تَأَدَّبْ فِي حَضْرَةِ أَبَوَيكَ " وقال الله تعالي : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَي العَرْشِ } ، { فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } ، ولو كانت مجموعة جمع مذكر سالماً رُفعت بالواو على ما تقدم ، ونصبت وجرت بالياءِ ، وتقول : " هؤلاَء أبُونَ وأخُونَ " ، وتقول : " رَأيتُ أَبِينَ وَأَخِينَ " ولم يجمع بالواو والنون غيرُ لفظ الأب والأخ ، وكان القياسُ يقتضي ألا يُجمع شيءٌ منها هذا الجمعَ .
    والثاني : أن تكون مُكبَرةً ، وخرج باشتراط " أن تكون مكبرة " ما لو كانت مُصَغَّرَةٌ ، فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة ، تقول : " هذا أُبَيُّ وأُخَيُّ " ؛ وتقول : " مَرَرْتُ بِأُبَيٍّ وأُخَيٍّ " .
    والثالث أن تكون مضافة ، وخرج باشتراط "أن تكون مُضَافة " ما لو كانت منقطعة عن الإضافة ؛ فإنها حينئذٍ تُعرب بالحركات الظاهرة أيضاً ، تقول : " هذا أبٌ " وتقول : " رأيْتُ أباً " وتقول : " مَرَرْتُ بأب " وكذلك الباقي ، وقال الله تعالي : { ولَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } ، { إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ } ، { قَالَ ائْتُونِي بِأخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ } ، { إنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا } .
    والرابع : أن تكون إضافتها لغير ياء المتكلم . وخرج باشتراط " أن تكون إضافتها لغير ياءِ المتكلم " ما لو أضيفت إلى هذه الياء ؛ فإنها حينئذٍ تعرب بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغالُ المحلِّ بحركة المناسبة؛ تقول : " حَضَرَ أبِي وأخِي " ، وتقول : " احْتَرَمْتُ أبِي و أخِي الأكْبَرَ " وتقول : " أنَا لا أتكلَّمُ في حَضْرَةِ أبِي وأخِي الأكْبَرِ " وقال الله تعالى : { إنَّ هذَا أخِي } ، { أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي } ، { فأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبي } .

    و أمّا الشروط التي تختص ببعضها دون بعض؛
    1- فمنها أن كلمة " فُوكَ " لا تُعْرَبُ هذا الإِعرابُ إلاّ بشرط أن تخلو من الميم ، فلو اتصلت بها الميم أُعربت بالحركات الظاهرة ، تقول : " هذَا فَمٌ حَسَنٌ " ، وتقول : " رأَيْتُ فَماً حَسَناً " ، وتقول :" نَظَرْتُ إلَي فَمٍ حَسَنٍ " وهذا شرط زائد في هذه الكلمة بخصوصها علي الشروط الأربعة التي سبق ذكرها .
    2- ومنها أن كلمة " ذو " لا تعرَبُ هذا الإِعرَابَ إلا بِشرطين : الأول : أن تكون بمعنى صاحب ، والثاني : أن يكون الذي تضاف إليه اسمَ جنس ظاهراً غَيْرَ وَصْفٍ ؛ فإن لم يكن بمعنى صاحب ـ بأن كانت موصولة فهي مَبْنيَّةٌ . ومثالُها غيرَ مَوْصُولة قولُ أبي الطيب المتنبي : ذُو الْعَقْلِ يَشْقَى في النَّعِيمِ بَعَقْلِهِ وَأَخُو الْجَهَالَةِ في الشّقَاوَةِ يَنْعَمُ. وهذان الشرطان زائدانِ في هذه الكلمة بخصوصها علىالشروط الأربعة التي سبق ذكرها .

    ثالِثًا: نيابة الألفِ عن الضمة

    قال : وأمَّا الألفُ فَتكُونُ عَلاَمَةً لِلرَّفْعِ فِي تَثْنِيَةِ الأسْمَاءِ خَاصَّةً .

    تكون الألف علامة على رفع الكلمة في موضع واحد ، وهو الاسم المثنى ، نحو " حَضَرَ الصّدِيقَانِ " فالصديقان : مثنى ، وهو مرفوع لأنه فاعل ، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة ، والنون عوضٌ عن التنوين في قولك : صَدِيقٌ ، وهو الاسم المفرد . والمثنى هو : كل اسم دَلَّ علي اثنين أو اثنتين ، بزيادة في آخره ، أغْنَتْ هذه الزيادة عن العاطف والمعطوف ، نحو " أَقْبَلَ العُمَرانِ ، والهِنْدَانِ " فالعُمران : لفظ دلَّ علي اثْنَيْنِ اسْمُ كلِّ واحدٍ منهما عُمَرُ ، بسبب وجود زيادة في آخره ، وهذه الزيادة هي الألف والنون ، وهي تُغْنِي عن الإتيان بواو العطف وتكرير الاسم بحيث تقول : " حَضَرَ عُمَرُ وَ عُمَرُ " وكذلك الهندان ؛ فهو لفظ دَالٌّ علي اثنتين كلُّ واحدة منهما اسمها هِنْدٌ ، وسَبَبُ دلالته عَلي ذلك زيادة الألف والنون في المثال ، ووجود الألف والنون يغنيك عن الإِتيان بواو العطف وتكرير الاسم بحيث تقول : حَضَرَتْ هِنْدٌ وَ هِنْدٌ ".

    رابِعًا: نيابة النونِ عن الضمة

    قال : وأمَّا النُونُ فَتكُونُ عَلاَمَة للرَّفع في الفِعْلِ المُضَارع ، إذا اتصَلَ بِهِ ضمِير تَثْنِيةٍ ، أوْ ضَمِيرُ جَمْعٍ ، أوْ ضَمِيرُ المُؤنَّثَةِ الْمُخَاطَبَةِ .

    تكون النون علامة على أن الكلمة التي هي في آخرها مرفوعة في موضع واحد ، وهو الفعل المضارع المسند إلى ألف الاثنين أو الاثنتين ، أو المسند إلى واو جماعة الذكور ، أو المسند إلى ياء المؤنثة المخاطبة.
    أما المسند إلى ألِفِ الاثنين فنحو " الصَّدِيقََانِ يُسَافِرَانِ غداً " ، ونحو " أنْتُمَا تُسَافِرَانِ غَدَاً " فقولنا : " يسافران " وكذا " تسافران " فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم ، وعلامة رفعه ثُبُوتُ النون ، وألف الاثنين فاعل ، مبني علي السكون في محل رفع . وقد رأيت أن الفعل المضارع المسنَدَ إلى ألف الاثنين قد يكون مبدوءًا بالياء للدلالة على الْغَيْبَةَ كما في المثال الأوَّل ، وقد يكون مبدوءًا بالتاء للدلالة على الخطاب كما في المثال الثاني .
    وأما المسند إلى ألف الاثْنَتَين فنحو " الهِندَانِ تُسَافِرانِ غَداً " ، ونحو : "أنْتُمَا يا هِنْدَانِ تُسَافِرَانِ غَداً " فتسافران في المثالين : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والألف فاعل ، مبني علي السكون في محل رفع . ومنهم تعلم أن الفعل المضارع المسند إلى ألف الاثنتين لا يكون مبدوءًا إلا بالتاء للدلالة على تأنيث الفاعل ، سواءٌ أكان غائباً كالمثال الأوَّل ، أم كان حاضراً مُخَاطَباً كالمثال الثاني .
    وأما المسند إلى واو الجماعة فنحو " الرِّجَالُ الْمُخْلِصُونَ هُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ بواجبهم " ، ونحو " أنْتُمْ يَا قَوْمِي تَقُومُونَ بِواجبكم " فيقومون ـ ومثله تقومون ـ فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ،و واو الجماعة فاعل ، مبني على السكون في محل رَفْعٍ . ومنه تعلم أن الفعل المضارع المسنَدَ إلى هذه الواو قد يكون مَبْدُوءًا بالياء للدلالة علي الغيبة ، كما في المثال الأوّل ، وقد تكون مَبْدُوءًا بالتاء للدلالة علي الخطاب ، كما في المثال الثاني .
    وأما المسند إلى ياء المؤنثة المخاطبة فنحو " أنْتِ يا هِنْدُ تَعْرِفِينَ وَاجِبَكِ " فتعرفين : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وياءُ المؤنثة المخاطبة فاعل ، مبني على السكون في محل رفع . ولا يكون الفعلُ المسند إلى هذه الياء إلاَّ مبدوءًا بالتاء ، وهي دَالة على تأنيثِ الفاعل .
    فَتَلَخَّصَ لك أن المسند إلى الألف يكون مبدوءًا بالتاء أو الياء ، والمسند إلى واو كذلك يكون مبدوءًا بالتاء أو الياء ، والمسند إلى الياء لا يكون مبدوءًا إلا بالتاء . ومثالها : يَقُومَانِ ، وَتَقُومَان ، وَيَقُومُون ، وَتَقُومون ، وتقومِينَ ، وتُسَمَّى هذه الأمثلة " الأَفْعَالِ الْخَمْسَةَ " .
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 25 ماي, 2022, 02:53 م
ردود 0
34 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وداد رجائي
بواسطة وداد رجائي
 
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 12 مار, 2021, 08:21 م
ردود 2
2,082 مشاهدات
3 معجبون
آخر مشاركة Nour Al-Hoda
بواسطة Nour Al-Hoda
 
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 7 ينا, 2021, 09:56 ص
ردود 2
1,031 مشاهدات
1 معجب
آخر مشاركة د. نيو
بواسطة د. نيو
 
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 21 ديس, 2020, 02:42 م
ردود 0
150 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة إيمان يحيى, 22 نوف, 2020, 05:12 ص
ردود 4
151 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة إيمان يحيى
بواسطة إيمان يحيى
 
يعمل...
X