الرد الشامل على ألوهية روح الله الكامل - أرجوا التثبيت

تقليص

عن الكاتب

تقليص

فتى يسوع مسلم اكتشف المزيد حول فتى يسوع
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد الشامل على ألوهية روح الله الكامل - أرجوا التثبيت

    يؤمن الكثير من المسيحيين بأن الروح القدس هو الله ، فالله إله واحد ولكنه ثلاثة شخصيات: الآب والابن والروح القدس.
    ولذلك لنا هنا سؤال هام جداً: ما الدليل على أن الروح القدس هو الله؟ هل ورد نص صريح يقول بأن الروح القدس هو الله؟

    في الواقع ليس هناك نص صريح واضح يعلن بأن الروح القدس هو الله أو شخصية من شخصيات الله ، وإنما يستدل المسيحيون بنصوص يرون أنها دلائل ألوهيته.
    أهم ما يستدل به المسيحيون على ألوهية الروح القدس استدلالان وهما مبنيان على الآية الثانية من الفصل الأول من سفر التكوين (أي أنها الآية الثانية من الكتاب المقدس كله) والتي هي:
    "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ. وَكَانَتِ الأرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ."


    والاستدلالان هما:
    1) أن الروح القدس موجود وقت خلق الله للسماوات والأرض وموجود قبل خلق الله للحيوانات والنباتات والناس ، فوجوده قبل كل هذه الأشياء دلالة عندهم بقدمه والتي هي أحد صفات الألوهية.
    2) أن الروح القدس هو روح الله ، وذلك يعني أن لله روحاً ، وروحه جزء لا يتجزأ منه ، وبالتالي فإن الروح القدس هو الله.


    وللرد على هذين الاستدلالين نرد باختصار بنصين وأضيف ثالثة:
    1) "أَيْنَ كُنْتَ حِينَ أَسَّسْتُ الأَرْضَ؟ أَخْبِرْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ فَهْمٌ. مَنْ وَضَعَ قِيَاسَهَا؟ لأَنَّكَ تَعْلَمُ! أَوْ مَنْ مَدَّ عَلَيْهَا مِطْمَاراً؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قَرَّتْ قَوَاعِدُهَا أَوْ مَنْ وَضَعَ حَجَرَ زَاوِيَتِهَا ، عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ مَعاً وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي اللهِ؟" (أيوب 38 : 4-7) بنو الله هنا هم الملائكة (راجع تفسير جون جيل و تفسير ألبرت بارنز وتفسير ماثيو هنري) ، إذن فالملائكة أيضاً كانت موجودة وقت خلق الله للسماوات والأرض وقبل خلق الله للحيوانات والنباتات والناس ، وكانت هذه الملائكة تهتف لخلق الله لتلك الأشياء ، فهل وجود الملائكة قبل كل هذه الأشياء دلالة على قدمهم وأزليتهم والتي هي من صفات الله؟
    2) ورد في سفر الرؤيا (4: 5 و 5: 6): "سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ" ، إذن ليس هناك روح واحدة لله وإنما كانت هناك سبعة أرواح ، فإذا كانت روحه جزء لا يتجزأ منه فهل يعني ذلك أن السبعة أرواح هم الله نفسه؟
    3) "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ." (يوحنا 16 : 13) ، الله يتكلّم من نفسه ويعلّم من علمه الكلي الأزلي ولا يتعلّم من أحد لأنه كلي المعرفة ، وأما الروح القدس فوزلا يتكلم من نفسه وإنما يُعلّم ما يتعلّمه من الله ، إذن فالروح القدس ليس هو الله.


    وإليك الإجابة بتفصيل أكثر:


    النقطة الأولى: هل لله روح واحدة أم سبعة أرواح؟ ليس الروح القدس هو روح الله فقط وإنما هناك سبعة أرواح لله ، نقرأ في سفر الرؤيا: "وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ." (الرؤيا 4 : 5) ، إذن إن لله ليس روحاً واحدة وإنما سبعة أرواح ، وبذلك علينا أن نقسم الله ليس إلى ثلاثة شخصيات (ثالوث) وإنما إلى تسعة شخصيات (تاسوع): الآب والابن وسبعة أرواح الله!


    النقطة الثانية: هل الله واحد أم شخصيات متعددة؟ بالطبع الله ليس تاسوع وليس تسعة شخصيات في واحد ولا تسعة أقانيم ، ولا حتى تسعة آلهة ، بل وليس اثنين ولا ثلاثة ولا مائة ، إنما هو إله واحد وشخص واحد لا آخر له ، وتلك هي القاعدة التي رسمها موسى من قبل للمؤمنين حيث قال: "اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ." (التثنية 6 : 4) ، وهو نفس المبدأ الذي كرره المسيح وأعلنه ، بل وجعله أول المبادئ والوصايا الإلهية كلها حينما قال: "إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ." (مرقص 12 : 29) ، وهذا المبدأ لا يعني أبداً أن الله واحد له شخصيات متعددة أخرى ، وإنما هو شخصية واحدة لا آخر له ، نعرف ذلك لأن تعليم موسى نفسه يوضح بأنه ليس من أحد آخر مع الله ، ومن ذلك ما ورد في سفر التثنية المنسوبة إلى موسى: "إِنَّكَ قَدْ أُرِيتَ لِتَعْلمَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ. ليْسَ آخَرَ سِوَاهُ." (التثنية 4 : 35) ، وحتى لا يأتي إلينا شعب من الشعوب فيزعم في أي زمن من الأزمان أن الله سبعة في واحد أو اثنين أو ثلاثة في واحد أصدر الله قراراً للبشرية جمعاء: "لِيَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرُ." (1 الملوك 8 : 60) ، وكما هو معلوم بأن السبعة أرواح هي شخصيات أخرى ، وكذلك هو حال الروح القدس الذي هو آخر أيضاً ، حيث أطلق المسيح عليه بأنه آخر حينما قال: "وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ.رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ."(يوحنا 14 : 16-17) والله ليس له آخر كما أعلنه لنا هو بنفسه ، وأما ما يحاوله البعض بقولهم أن الله عبارة عن شخصيات متعددة لأنه تكلم عن نفسه بصيغة الجمع حيث قال: "وَقَالَ اللهُ: «نعْمَلُ الانْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا»" (التكوين 1 : 26) وهؤلاء يجهلون بأن اللغة العبرية لديها نوعان من الجمع وهما: جمع العدد وجمع التعظيم (حيث أن كتب موسى كتبت باللغة العبرية) ، والجمع الذي ذكر في هذا النص إنما هو جمع تعظيم وليس العدد ، ونرى جمع التعظيم جلياً في الكتاب المقدس بقول الملك الإسرائيلي أبشالوم لمستشاره: "مارأيكم؟ ماذا نفعل؟" (صموئيل الثاني 16 : 20) وقد أقر "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" بأن من علماء المسيحية من يفسر صيغة الجمع على الله بجمع التعظيم ، وبالطبع . . الذين يفسرون بكونها صيغة جمع عدد فإنها منتقضة بإعلان الله بعدم وجود أي آخر معه ، فإذا كان الله عبارة عن شخصيات متعددة لماذا لم يعلن ذلك؟

    النقطة الثالثة: من هم سبعة أرواح الله؟ فإن لم يكن الله إلا واحد فمن هم السبعة الآخرين؟ هذه السبعة أرواح هي ملائكة كما يبينها المفسر آدم كلارك ، بل هذه الأرواح تقف أمام عرش الله: "وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ." (الرؤيا 4 : 5) ، والتي يوضحها الرؤيا 8 : 2 والتي نقرأ فيها: "وَرَأَيْتُ السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ أَمَامَ اللهِ." ، إذن فكلمة روح الله لا تطلق على الله وإنما على ملاك الله ، فمن يستدل بأن كلمة روح الله تعني بأن هناك روحاً لله وأنها شخصية من شخصيات الله ، فعليه أن يضيف سبعة شخصيات أخرى لله. ولأن هذا النص محرج للبعض وقعوا في مشكلة أمام هذا النص فحاول بعضهم التهرب من المشكلة بأن فسروا السبعة على أنها واحد!! وهذا ما عمله مفسروا "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" حيث قالوا (في تفسيرهم على الرؤيا 1 : 4): "الأرواح السبعة اسم آخر للروح القدس. ويستخدم العدد سبعة في كل فصول سفر الرؤيا ليرمز إلى الكمال." لا تعليق على هذا التهرّب!!

    النقطة الرابعة: لماذا يُطلق على الملائكة أرواح الله؟ إن كلمة "روح" في العبرية هي "روخ" ، وكلمة "روخ" هذه تعني في العبرية أيضاً "ريح" ، فكلمة الروح تُطلق على كل كائن لا يُرى وكل ماهو ليس بمادّة ، فنفس الإنسان روح لأنها ليست مادة و لا تُرى: "اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ." (الأرقام 16 : 22)، والله تعالى لأن عيناً لا تستطيع أن تراه سمّاه المسيح روحاً: "اَللَّهُ رُوحٌ." (يوحنا 4 : 24) والشياطين أرواحاً لأنها أيضاً لا ترى ، فقد أُطلِق على الشياطين الذين أخرجهم المسيح من المجانين أرواحاً: "وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ" (متى 8 : 16) ، والملائكة أيضاً هم أرواح: "ثُمَّ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟» أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ!" (العبرانيين 1 : 13-14)

    النقطة الخامسة: إذا كانت الشياطين والملائكة أرواحاً فهل هناك ما يميّز تسميتهما؟ إن أيّ قارئ للكتاب المقدس سيلحظ بأن الملائكة والشياطين هم فريقان من الأرواح متضادّان ، ففريق في جانب الله والخير والقداسة وهم الملائكة ، وفريق إلى جانب الشر والنجاسة وهم الشياطين ، ولذلك يُعبّر عن الشياطين بأنها أرواح نجسة: "فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ." (مرقص 5 : 12-13) ، كما وتُسمّى الشياطين بالأرواح الشريرة: "وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ." (لوقا 8 : 2) ، وكذلك يُطلق عليها بالأرواح الرديئة: "وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ, وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ." (1 صموئيل 16 : 14) ، وأما الملائكة فإنها أرواح الله كما ورد في سفر الرؤيا كما رأينا ، وهي أرواح قدوسة ومقدسة حيث قال النبي دانيال: "كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى رَأْسِي عَلَى فِرَاشِي وَإِذَا بِسَاهِرٍ وَقُدُّوسٍ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ." (دانيال 4 : 13) ، فالقدوس والساهر (أي المراقب أو الرقيب) هنا هو ملاك كما بينه المفسرون أمثال جون جل وآدم كلارك وهنري ماثيو ، والذي يشرحه دانيال نفسه: "هَذَا الأَمْرُ بِقَضَاءِ السَّاهِرِينَ وَالْحُكْمُ بِكَلِمَةِ الْقُدُّوسِينَ لِتَعْلَمَ الأَحْيَاءُ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ فَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ وَيُنَصِّبَ عَلَيْهَا أَدْنَى النَّاسِ." (دانيال 4 : 17) ، وذلك لأن الملائكة هي كائنات قدسية: "فَهُوَ أَيْضاً سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ الْمَصْبُوبِ صِرْفاً فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْحَمَلِ." (الرؤيا 14 : 10) ، وبذلك فإن الملاك كما يسمّى بروح الله فإنه يسمّى أيضاً بروح القدس: "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ. وَلَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ." (أشعياء 63 : 9-10)

    النقطة السادسة: لماذا يُقال عن الملائكة بأنها أرواح الله؟ فهل هي أرواح الله نفسه؟ إن كلمة روح الله هي بالعبرية (كما ورد في التكوين 1 : 2) "روخ إلوهيم" (ורוח אלהים) (فـ"روخ" معناها في العربية "روح" كما بينا ، و "إلوهيم" تعني "الله") ، وليس المقصود هنا أن الروح جزء من الله وإنما المقصود به روح منسوب إلى الله أو مبعوث من قِبل الله ، ولذلك حتى الشيطان أُطلق عليه اسم "روح الله الرديء" والتي وردت في سفر صموئيل الأول 16 : 16 وترجمتها ترجمة الفاندايك العربية بترجمة خاطئة كالتالي: "وَيَكُونُ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ الرُّوحُ الرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ." فهذه الترجمة خاطئة لأن النص العبري لا يقول: "الروح الرديء من قِبل الله" وإنما بالعودة للأصل العبري نجده هكذا: "روخ إلوهيم راه"(רוח אלהים רעה) أي "روح الله الرديء" (فكلمة "راه" العبرية تعني "رديء") ، وهناك ترجمة إنجليزية قديمة (أقدم من ترجمة الملك جايمس) وهي ترجمة جنيفا (Geneva Bible) ترجمت الكلمة العبرية كما هي: "روح الله الرديء" (حيث ترجمتها هكذا: ""the euill spirite of Godوهذه ترجمة إنجليزية قديمة فـ"euill" هي في نفسها في الإنجليزية الحديثة "evil" أي شرير أو رديء وأما "spirite" فهي في الحديثة: "spirit" أي روح – ويمكنك مراجعة هذه الترجمة (أي ترجمة جينيفا للكتاب المقدس Geneva Bible) التي تجدها في بعض مواقع الانترنت) ، فهل الله له روح رديء؟ بالعودة للآية التي قبلها (أي نرجع من الآية 16إلى الآية 15) نجد: "وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ, وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ." فالترجمة العربية لـ"روح رديء من قِبل الرب" هنا مقبولة فاللفظ العبري لها هي: "روخ راه آيث يهوفا" (רוח רעה מאת יהוה׃) (أي "روح رديء من عند الرب" – فكلمة "آيث" تعني "عند" ، وكلمة "يهوفا" هي "يهوه" والمقصود منها "الرب" أو "الله") ، وبالتالي فإن كلمة روح الله الرديء لا تعني أن الله له روح رديء وإنما تعني روح رديء مرسل من عند الله ، وبالمثل فإن كلمة روح الله لا تعني أن الله له روح وإنما تعني روح مرسل من عند الله ، والملائكة كما رأينا هي أرواح الله لأنها أرواح مرسلة من عند الله.

    النقطة السابعة: هل الله يسكن ويحل في الناس وفي الأرض؟ إن الروح القدس يسكن ويحل في الناس: "وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً." (1 صموئيل 16 : 13) ، والكتاب المقدس مليء بمثل هذه النصوص ، بينما لا نجد أي نص يصرّح بحلول الله أو سكنه في شيء! ذلك لأن الله إله غير محدود في منتهى الكمال ، وأما الحلول في الشيء دلالة على المحدودية ، فالحال في الشيء يُحَدّ بالشيء الذي يحل فيه ، ولذلك نقرأ: "لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟" (الملوك الأول 8 : 27) فالمقصود بالبيت هنا المعبد الذي بناه سليمان من أجل الله ، وهو يعترف هنا بأن البيت لا يسكنه الله لأن الله لا يحدّه شيء لأن لا شيء يسعه ، فحتى السماوات التي هي أكبر المخلوقات لا تسع الله لأنها أيضاً محدودة: "سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ وَضَعَ لَهَا حَدّاً فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ." (المزامير 148 : 3-6) ، إذن فالروح القدس ليس هو الله لأنه يحل في الأشياء ، وهذا ما يناقض صفة كمال الله تعالى ، فكما رأينا في النقطة السابقة بأن روح الله ليس معناه ذات الله أو جزء منه وإنما معناه روح تابع لله أو مرسل من قبل الله.

    النقطة الثامنة: إذا كان الله لا يحل و لا ينزل ولا يسكن في الأرض فمن الذي ظهر لموسى في العليقة؟ ومن الذي صارع يعقوب؟ ومن الذي قاد بني إسرائيل في البرية؟ يزعم البعض بأن الله كان ينزل إلى الأرض ويظهر للناس بأشكال مختلفة مرة على شكل نار ومرة على شكل رجل ومرة على شكل دخان والتي تسمّى عندهم بظهورات الله ، ولكننا سنبين هنا بأن هذه الظهورات لم تكن ظهورات لله وإنما هي ظهورات ملاك الرب ، وسأذكر هنا ثلاثة أمثلة على تلك الظهورات وأقسم كل واحدة على حدة:

    ‌أ-من الذي ظهر لموسى في العليقة؟ يستدل البعض بأن موسى أول ما كلمه الله كان الله وقتها عند شجرة العليقة ، فيذكر سفر الخروج بأن موسى بعدما رأى النار المتوقدة عند العليقة: "فَقَالَ مُوسَى: «أمِيلُ الآنَ لأنْظُرَ هَذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لا تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟» فَلَمَّا رَأى الرَّبُّ أنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى مُوسَى». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». فَقَالَ: «لا تَقْتَرِبْ الَى هَهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ لأنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أرْضٌ مُقَدَّسَةٌ». ثُمَّ قَالَ: «أنَا إلَهُ أبِيكَ إلَهُ إبْرَاهِيمَ وَإلَهُ إسْحَاقَ وَإلَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأنَّهُ خَافَ أنْ يَنْظُرَ إلَى اللهِ." (الخروج 3 : 3-6) في الواقع إن الذي ظهر لموسى في العليقة ليس هو الله وإنما هو ملاك الله! ذلك لأننا إن عدنا آية واحدة (أي الآية الثانية من نفس الفصل) قبل هذه النصوص لوجدناها تصرّح بأنه كان الملاك: "وَظَهَرَ لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ فَنَظَرَ وَإذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ!" (الخروج 3 : 2) ، إذن الذي ظهر هو ملاك الرب وليس الله! وهاهو العهد الجديد يؤكد على لسان ستيفانوس بأن الذي ظهر هو ملاك الرب: "وَلَمَّا كَمِلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً ظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ." (الأعمال 7 : 30) ، بل ويكررها تأكيداً: "هَذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً؟ هَذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيساً وَفَادِياً بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ." (الأعمال 7 : 35) وقوله بأن الله أرسل موسى بيد الملاك تبييناً بأن الملاك هو الوسيط بين الله وموسى وأنه هو الذي نقل كلام الله لموسى ، بل إن ظهور الملاك في شعلة نار لهي دلالة واضحة بأنه ملاك وليس الله ، وقد يخطئ البعض ظناً بأن الله هو الذي يظهر على شكل نار فيرسمون الروح القدس الذي يؤمنون بأنه الله على هيئة نار متقدة ، فالظهور على شكل نار هو من خصائص الملائكة ، وذلك كما قرأناه سابقاً بأن أرواح الله السبعة التي هي الملائكة تظهر على ذلك النحو: "وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ." (الرؤيا 4 : 5) ، ونقرأ هذا الوصف عن الملائكة بشكل عام: "وَعَنِ الْمَلاَئِكَةِ يَقُولُ: الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحاً وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ." (العبرانيين 1 : 7) (ملاحظة: نسخة الملك جايمس الإنجليزية وغيرها من التراجم الأخرى ترجمتها "الصانع ملائكته أرواحاً" بدلاً من "رياحاً") ، إذن فالنار الذي ظهر لموسى في العليقة هو الملاك وليس الله.

    ‌ب-من الذي صارع يعقوب؟ يؤمن البعض بأن الله نزل إلى الأرض على هيئة إنسان وتصارع مع يعقوب عليه السلام وكان المنتصر في هذه المصارعة هو يعقوب!! وهؤلاء يستدلون بهذا النص: "فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رَآى أنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: «أطْلِقْنِي لأنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لا أطْلِقُكَ إنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». فَسَالَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». فَقَالَ: «لا يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إسْرَائِيلَ لأنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». وَسَألَهُ يَعْقُوبُ: «أخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْألُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي»." (التكوين 32 : 24-30) ، هل يتصارع الله مع البشر ويُغلب؟ ما هذا الكلام؟ والأعجب من ذلك كله هو قول بعض المفسرين بأن الذي صارعه يعقوب هو المسيح! فحينما نُقلّب كتب المفسرين المسيحيين نجدهم انقسموا إلى فريقين: فريق قال بأن الذي صارعه يعقوب هو ملاك (وهؤلاء منهم المفسر جون ويسلي والمفسر الشهير ماثيو هنري) ، وفريق آخر يفسرها بأن الذي صارع يعقوب هو الله ، وبالذات الله الابن الذي يمثل الشخصية الثانية من الثالوث المسيحي ، فهذا الرجل الذي صارع يعقوب يعتبرونه أحد تجسدات المسيح! ومن هذا الفريق المفسر جون جل وأيضاً المفسر آدم كلارك والذي قال معلقاً على هذه القصة: "إنه من دون شك لهو الرب يسوع المسيح والذي اتخذ أيام الآباء هيئة إنسان." ، إن الغريب من هذه التفسيرات هو أن قولهم بأن هذه المصارعة تمت مع المسيح ليس له أي دليل وإنما هي آراء مخترعة ، والأغرب من ذلك هو أن الكتاب المقدس بنفسه في سفر هوشع يعلن بأن الذي صارعه يعقوب وغلبه إنما هو ملاك: "جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ." (هوشع 12 : 4) ، إذن الذي صارع يعقوب هو ملاك وليس الله.

    ‌ج- من الذي كان يقود بني إسرائيل في البرية؟ حينما هرب موسى وقومه من فرعون وعبروا البحر الأحمر ومضوا في برية سيناء ومتجهين إلى فلسطين كان هناك مَن تمثل لهم على هيئة سحاب في النهار ونار في الليل يمضي أمامهم ليدلهم على الطريق فمن هو هذا؟ يقول البعض بأنه الله ويستدلون بهذا النص: "وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أمَامَهُمْ نَهَاراً فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ - لِكَيْ يَمْشُوا نَهَاراً وَلَيْلاً." (الخروج 13 : 21) ، يظهر هنا أن الذين فهموا على أن الله هو الذي كان يسير أمام بني إسرائيل لم يركزّوا على الفصل الذي يلي الفصل الذي ذُكر هذا النص فيه ، نقرأ في ذلك الفصل: "فَانْتَقَلَ مَلاكُ اللهِ السَّائِرُ أمَامَ عَسْكَرِ اسْرَائِيلَ وَسَارَ وَرَاءَهُمْ وَانْتَقَلَ عَمُودُ السَّحَابِ مِنْ امَامِهِمْ وَوَقَفَ وَرَاءَهُمْ." (الخروج 14 : 19) ، ويؤكد هذا النص هو قول الله لبني إسرائيل في مكان آخر: "هَا أنَا مُرْسِلٌ مَلاكاً أمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ وَلِيَجِيءَ بِكَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أعْدَدْتُهُ." (الخروج 23 : 20) إذن فالذي كان يسير أمام بني إسرائيل ويقودهم في الطريق هو ملاك وليس الله.

    ‌د- لماذا يُذكر ملاك الرب في النصوص السابقة على أنه الله؟ من النصوص السابقة يظهر لنا بأنه كلما ذُكر الله على الأرض وذُكرت مقابلته للناس وتشكله بأشكال مختلفة إنما هو ملاك الله والذي يعمل كممثل عن الله وليس الله بذاته ، فبالإضافة إلى الأمثلة السابقة تجد بين دفتي الكتاب المقدس تصريحات أخرى بأنه حينما يُذكر الله في تلك الأعمال الأرضية إنما هو ملاكه فعلياً ، فعلى سبيل المثال . . قارن ظهور ملاك الله لهاجر (التكوين 16 : 11) والذي عبّر عنه في الآية 13 بأنه الرب ، وظهور الملاك ليعقوب في بيت إيل (التكوين 31 : 11) والذي عُبّر عنه بأنه الله (التكوين 28 : 13) ، وظهور الملاك لمنوح وامرأته والِدَي شمشون (القضاة 13 : 3-21) وتصريح منوح لزوجته أن رؤيتهم للملاك هي رؤيتهم لله (القضاة 13 : 22) ، بل ونقرأ في سفر القضاة أيضاً مقابلة جدعون لملاك الرب والذي في نفس سياق القصة يُعبّر عن ملاك الرب بأنه الله: "فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَالَ لَهُ: «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ!» فَقَالَ لَهُ جِدْعُونُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي, إِذَا كَانَ الرَّبُّ مَعَنَا فَلِمَاذَا أَصَابَتْنَا كُلُّ هَذِهِ, وَأَيْنَ كُلُّ عَجَائِبِهِ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا آبَاؤُنَا قَائِلِينَ: أَلَمْ يُصْعِدْنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ؟ وَالآنَ قَدْ رَفَضَنَا الرَّبُّ وَجَعَلَنَا فِي كَفِّ مِدْيَانَ».فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِقُّوَتِكَ هَذِهِ وَخَلِّصْ إِسْرَائِيلَ مِنْ كَفِّ مِدْيَانَ. أَمَا أَرْسَلْتُكَ؟»" (القضاة 6 : 12-14) ، وقد كان يستخدم اسم الله في مكان ملاك الله لأن ملاك الله هو ممثل عن الله كما قلنا ، فهو ناقل كلام الله وتعاليمه وأوامره ، ويفسّر التفسير التطبيقي للكتاب المقدس هذه القصة بالقول:
    "الملاك المذكور هنا في سفر القضاة ، يبدو في موضع أنه كان شخصاً آخر غير الله (6 : 12) ، وفي موضع آخر نراه هو نفسه الله (6 : 14) ، وقد أدّى هذا بالكثيرين إلى الاعتقاد بأن الملاك كان ظهوراً مجسماً ليسوع قبل مجيئه إلى الأرض المسجل في العهد الجديد. ومن الممكن أيضاً أنه باعتباره رسولاً خاصاً من الله، كان للملاك سلطان أن يتكلم بلسان الله. وعلى أي حال ، أرسل الله رسولاً خاصاً لتبليغ رسالة إلى جدعون."
    نعم "كان للملاك سلطان أن يتكلم بلسان الله" ، نعرف ذلك لأن الكتاب المقدس أعلن بأن الملاك حينما يتحدث إنما يتحدث بصوته ولكن كلامه هو كلام الله: "هَا أنَا مُرْسِلٌ مَلاكاً أمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ وَلِيَجِيءَ بِكَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أعْدَدْتُهُ. احْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلا تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ لانَّهُ لا يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ لأنَّ اسْمِي فِيهِ.وَلَكِنْ إنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أتَكَلَّمُ بِهِ أعَادِي أعْدَاءَكَ وَأضَايِقُ مُضَايِقِيكَ. فَإنَّ مَلاكِي يَسِيرُ أمَامَكَ وَيَجِيءُ بِكَ إلَى الأمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ. فَأبِيدُهُمْ."(الخروج 23 : 20-23) ، ولذلك فإن الملاك أو أيَّ ملاكٍ يُرسل من الله كان يُعامل على أنه وكيل الله ، فقد كان الأنبياء يعاملون الملائكة المرسلين على أنهم ممثلين عن الله ، ولذلك نجد يشوع كان يسجد لرئيس جند الله ويسميه بالرب كما نقرأه في نسخة الأخبار السارة العربية للكتاب المقدس: "ولما كان يشوع عند أريحا رفع عينيه فرأى رجلا واقفا قبالته وفي يده سيفه مسلول. فاقترب منه يشوع وسأله: ((أمعنا أنت أم مع أعدائنا؟)) ، فأجاب: ((كلا، بل أنا رئيس جند الرب وها أنا الآن جئت لخدمتك)). فانحنى يشوع حتى الأرض وسجد وقال: ((بماذا تأمر عبدك يا رب؟))" (يشوع 5 : 13-14) ، وللأسف فإن هناك من وصل إلى مرحلة تأليه الملاك (منهم آباء الكنيسة مثل ترتليان وبعض مفسري الكتاب المقدس! بل وبيّن المفسر جون جل بأن هذا الملاك هو رئيس الملائكة ميخائيل وسمّاه بـ"الملاك الغير مخلوق"!!) ، ونرد عليهم بثلاثة نقاط:

    1- بتأليههم للملاك وقعوا في جريمة عبادة الملائكة المنهي عنها في الكتاب المقدس نفسه (راجع كولوسي 2 : 18) وهذا من التجديف والكفر على الله.
    2- ملاك الله يختلف عن الله فهو يخاطب الله ويخاطبه الله: "فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ: يَا رَبَّ الْجُنُودِ إِلَى مَتَى أَنْتَ لاَ تَرْحَمُ أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا الَّتِي غَضِبْتَ عَلَيْهَا هَذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً؟ ، فَأَجَابَ الرَّبُّ الْمَلاَكَ الَّذِي كَلَّمَنِي بِكَلاَمٍ طَيِّبٍ وَكَلاَمِ تَعْزِيَةٍ." (زكريا 1 : 12-13) بل والملاك خادم لله يأمره الله ويوجهه حيث يشاء (راجع التكوين 24 : 40 و 2 صموئيل 24 : 16).
    3- الملاك يظهر للناس ويرونه وأما الله فلم يره أحد: "اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ." (يوحنا 1 : 18).
    مع أن النصوص واضحة بتحريم عبادة الملائكة وأن الملاك هو رسول من عند الله إلا أننا نرى كيف يؤلّه بعضهم الملاك ، وذلك لا يستغرب منهم حيث ألّهوا الروح القدس مع عدم وجود دليل صريح على ألوهيته!

    النقطة التاسعة: هل يُعلّم الروح القدس من نفسه؟ بعدما بيّنا بأن الله لا ينزل إلى الأرض وإنما الذي ينزل هو الملاك ، نعود إلى الروح القدس ، فنقول بأنه إذا كان روح الله هو الله ذاته فلا شك بأن تعاليمه ستكون من ذاته لأن الله لا يتعلّم من أحد وإنما هو مصدر العلم بل ويُطلق عليه "كلي العلم" لذلك ، فعلمه ذاتي وكلي فهو لا يتعلم من أحد ولا يتعلم عن طريق الاستنتاجات والتفحص: "أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلَهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ." (أشعياء 40 : 28) ، ولذلك ما من متعلّم ولا من حكيم إلا ومصدر تعليمه هو الله الذي يُعلّم ولا يتعلّم: "يُعْطِي الْحُكَمَاءَ حِكْمَةً وَيُعَلِّمُ الْعَارِفِينَ فَهْماً. هُوَ يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ." (دانيال 2 : 21-22) ، هذا عن الله . . ماذا عن الروح القدس؟ هل هو كلي العلم أم أنه يتعلّم؟ نقرأ الإجابة كما يبينها المسيح حيث قال مخبراً عن الروح القدس: "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ." (يوحنا 16 : 13) ، إذن فالروح القدس لا يُعلّم من ذاته وإنما يُعلّم ما يتعلمه من الله ، وبالتالي ليس الروح القدس هو الله.

    النقطة العاشرة: من هو الذي لا يتكلم من نفسه وإنما يتكلم بما يمليه الله عليه؟ بالرجوع إلى العهد القديم نجد بأن الذي يسمع من الله ويتكلم بما يعلمه الله بل ويتحدث باسم الله هو ملاك الرب ، نقرأ قول الله عن ملاكه مخاطباً موسى وشعبه: "هَا أنَا مُرْسِلٌ مَلاكاً أمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ وَلِيَجِيءَ بِكَ الَى الْمَكَانِ الَّذِي اعْدَدْتُهُ. احْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلا تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ لأنَّهُ لا يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ لأنَّ اسْمِي فِيهِ. وَلَكِنْ إنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أتَكَلَّمُ بِهِ أعَادِي أعْدَاءَكَ وَأضَايِقُ مُضَايِقِيكَ." (الخروج 23 : 20-22)، إذن فالصوت صوت الملاك والكلام كلام الله ، أي أن الملاك يكلمهم بكلام الله ، فالملاك لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ، وهو نفس الوصف الذي وصفه المسيح للروح القدس.

    النقطة الحادي عشرة: هل صرّح الكتاب المقدس بأن الروح القدس هو الملاك؟ لقد صرّح الكتاب المقدس كما رأينا بأن الملائكة أرواح (العبرانيين 1 : 13-14) ، بل وأطلق عليهم اسم أرواح الله (الرؤيا 4: 5) ، وأن هذه الأرواح قدوسة (دانيال 4 : 17) ، وأيضاً صرّح الكتاب المقدس عدة مرات بأن ملاك الرب هو الروح القدس ولم يُصرّح أبداً بأن الروح القدس هو الله ، وإليك النصوص التي تصرّح بذلك:
    1-"فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ. وَلَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ." (أشعياء 63 : 9-10).
    2-ونعلم أيضاً كما رأينا سابقاً بأن الملاك كان مع بني إسرائيل يقودهم وبذلك صرّح الكتاب المقدس بأن هذا الملاك الذي كان معهم هو الروح القدس: "ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ: مُوسَى وَشَعْبَهُ. «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ." (إشعياء 63 : 11) فهذا الروح القدس الذي كان مؤيداً لموسى وقومه هو الملاك كما هو مصرح عنه في العهد الجديد: "هَذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً؟ هَذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيساً وَفَادِياً بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ." (الأعمال 7 : 35) وورد أيضاً: "هَذَا هُوَ [موسى] الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا.".
    3-"ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ قَالَ لِفِيلُبُّسَ: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ» الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ. فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا - فَهَذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. وَكَانَ رَاجِعاً وَجَالِساً عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ. فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ الْمَرْكَبَةَ»." (الأعمال 8 : 26-29)

    النقطة الثانية عشرة: لماذا لا يُغفر التمرد والاعتراض على الروح القدس؟ يقول المسيح: "لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ." (متى 12 : 31) لا يُغفر التجديف والتمرد على الروح القدس لأنه ملاك مرسل من الله ، فرفضه هو رفض لله ، كمثل السفير الذي يرسله رئيس دولة ما ، الذي رفضه يعني رفض رئيسه ، نقرأ: "هَا أنَا مُرْسِلٌ مَلاكاً أمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ وَلِيَجِيءَ بِكَ الَى الْمَكَانِ الَّذِي اعْدَدْتُهُ. احْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلا تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ لأنَّهُ لا يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ لأنَّ اسْمِي فِيهِ." (الخروج 23 : 20-21)


    النتيجة: إن أهم نقطتين في هذا المقال كله هي:
    1- أن كلمة "روح الله" لا تعني أن ذلك الروح هو جزء من ذات الله ، فكلمة "روح" تطلق على الملائكة ، ونسبة ذلك الروح إلى الله إنما هي دلالة على أن الروح مرسل من الله ، ولذلك يُطلق على السبعة الملائكة الذين يقفون أمام الله بأرواح الله السبعة.
    2- أن الروح القدس هو ليس الله لأن الروح القدس يتعلم من الله حيث أنه لا يتكلم من نفسه وإنما يتكلم بكل ما يسمع ، وهي نفس وظيفة ملاك الرب الذي يتكلم بصوته كلام الله.

    وبذلك فليس لأحد أن يجعل ملاك الرب أو روح الله إلهاً مع الله ، فالله إله واحد وليس معه آخر: "أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلَهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي.لِيَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ." (أشعياء 45 : 5-6) ، فمن يضيف إلى الله أي أحد آخر ويشركه معه في ألوهيته فإنه بذلك يقع في أكبر جريمة ، فسواءاً عبد الإنسان إلى جانب الله بشراً أو حيواناً أو ملاكاً أو روحاً أو حجراً فإنه بذلك يكون قد ارتكب خطيئة عظيمة (وهي أعظم الخطايا على الإطلاق) ، فحينما عبد بنو إسرائيل العجل إلى جانب الله قال موسى لهم: "أنْتُمْ قَدْ أخْطَاتُمْ خَطِيَّةً عَظِيمَةً." (الخروج 32 : 30) ، بل من شدة عِظم هذه الخطيئة تأوّه موسى متوجعاً ومتألماً من حجم هذه الكارثة ، قال موسى مخاطباً ربه: "آهِ قَدْ أخْطَأ هَذَا الشَّعْبُ خَطِيَّةً عَظِيمَةً." (الخروج 32 : 31).

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 مار, 2024, 03:34 ص
ردود 0
21 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 11 مار, 2024, 01:39 ص
رد 1
31 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 ينا, 2024, 02:46 ص
ردود 2
28 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة رمضان الخضرى, 18 ديس, 2023, 02:45 م
ردود 0
105 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة رمضان الخضرى  
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:21 ص
ردود 0
100 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
يعمل...
X