للمناظرة فنون ( تعلم كيف تناظر محاورك من الخليل )

تقليص

عن الكاتب

تقليص

(((ساره))) مسلمة ولله الحمد والمنة اكتشف المزيد حول (((ساره)))
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للمناظرة فنون ( تعلم كيف تناظر محاورك من الخليل )


    دعوة خليل الرحمن ومناظراته

    يزعم الملحدون أنه لا يوجد إله للكون .. بعيدًا عن الفلسفات والخلفيات العقدية فأبسط الحوادث التي تحدث للإنسان في حياته سواء عمليات فسيولوجية أو أخرى لها علاقة بالظروف والبيئة المحيطة من حيث الخلق أو المرض أو الموت يحتاج الإنسان فيها لقدرة أكبر من قدرته لتعينه وتكون الوحيدة القادرة على اخراجه مما هو فيه .. فالمرض والموت والحياة لا يستطيع البشر التحكم فيها ، بل أمر كـ"الروح" مثلًا" قد عجز الإنسان عن معرفة ماهيتها !

    على سبيل المثال عند المرض يكون الإنسان في أقصى حالات الألم وحتى إن كان بغير عقيدة أصلًا سيشعر في قرارة نفسه أن هناك من لابد أن يستنجد به عند ألمه ( هذا الأمر لا إرادي ) .. ولعله قد لا يدري من هذا المجهول القادر على شفائي ؟ لابد أن أشفى ولابد أن هناك من يشفيني " بعد الشفاء سيتبين للإنسان أن اليد القديرة التي أمرضته ليلجأ ويستغيث ثم شفته ليست بيد عادية ولابد أن يعلم حينها أن هناك من يفوقه قدرة ولا يستطيع بصره أن يدركه لأنه غير مؤهل لذلك .. "إذًا فهناك من يقدر على شفائي يقينًا ! كيف شفيت وقد عجز الأطباء عن معرفة ما بي ؟ من شفاني ؟" .. مثلًا وهكذا ..

    كذلك عند التفكر في الطبيعة من حولنا واختلاف الليل والنهار ومراقبة الأجرام السماوية فسيتبين أنه مستحيل أن يكون هذا النظام الدقيق لتعاقب الليل والنهار نشأ بـ"الصدفة" كما يدعي اللادينيون ، لأن الصدفة لا ينتج عنها إلا العشوائية ولا تخلق أبدًا نظام .. طالما وجدت هذه الشمس فلابد لها من واجد وطالما غابت عن النظر بعد حضور فهي ضعيفة لابد أنه هناك من هو أقوي منها كذلك القمر ..

    وتلخص لنا مواضع كثيرة في قصة سيدنا "إبراهيم عليه السلام" فن المناظرة وبراعتها وافحام المخالف وإلزامه الحجة بذكاء ، وهي مفيدة جدًا في التعامل مع غير المسلمين ( والملحدين والنصارى خاصة ) ، وسأضع المواضع الدالة على ذلك تباعًا إن شاء الله

    يتبع بإذن الله ..
    اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

  • #2


    تفكر سيدنا "إبراهيم" عليه السلام في الأجرام السماوية يدلل على أن الإنسان بفطرته يستطيع التوصل لوجود إله لهذا الكون - بعكس تخاريف الملحدين واللادينيين الذين يزعمون أن الكون نشأ بالصدفة - وكما قلنا في السابق أن الصدفة لا ينتج عنها إلا العشوائ
    ية لا النظام ..

    بداية معرفة أي إنسان للحق تبدأ من مرحلة التفكر في الكون والطبيعة من حولنا .. دورة المياه في الطبيعة ، لماذا ماء الأنهار والأمطار عذب بينما البحار مالحة ؟

    ما سر تعاقب الليل والنهار بهذا النظام الدقيق ؟ لماذا نستطيع النظر للقمر ولا نستطيع أن نطيل النظر لقرص الشمس مثلًا وما سبب ظهور القمر في أوقات معينة في الشهر ولماذا يختلف شكله ويتطور إلى أن يصير هلالًا ثم يختفي ليبدأ دورة أخرى
    ولماذا تغيب الشمس أيضًا في الليل وقد تحجبها سحابة كثيفة نهارًا ؟

    هذه الأجرام العظيمة التي تظهر لنا بنظام وتغيب بنظام لابد أن هناك من يتحكم فيها .. يأمرها وينهيها ويقول لها كوني فتكون !

    بعد التفكر في الكون لابد من معرفة أن لهذا الكون رب خلقه وقدره .. ليست الشمس التي تغيب ولا القمر ولا الكوكب الذي أفل .. أحتاج رب عندما أجوع يطعمني في أي وقت .. إذا ربي لا يغيب .. عندما أمرض يشفيني في أي وقت إذا هو لا يغيب !

    من أعبد إذًا .. أعبد الرب الذي يدلني عليه بآياته .. أعبد الذي خلق الشمس والقمر والكواكب الآفلة .. الذي فطرهم جميعًا : { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) } سورة "الأنعام"

    نعم لقد هداني الله إليه بآياته .. أولها في نفسي
    "الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ"

    ويتبع بإذن الله ..


    موضوع ذو صلة :

    http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=15722&
    اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

    تعليق


    • #3

      وبعد تفكر نبي الله "إبراهيم" عليه السلام في ملكوت السماوات والأرض وأبت فطرته أن تصدق أن رب الكون يغيب للحظات فهو القيوم الموكل بشؤون عباده والذي لا ينبغي أن تأخذه سنة ولا نوم وإلا اختل هذا النظام الدقيق للكون
      تأتي المرحلة الثانية وهي الدعوة إلى الله على بصيرة والصدع بالحق ملء الآفاق !

      وهنا يظهر فن المناظرة وذكاء الأسلوب وروعته وتفرده حينما سألهم :
      { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } [ الشعراء : 70 ] ، وهل لم يكن يعلم نبي الله ماذا يعبد أبوه وقومه ؟ بل كان يعلم يقينًا ولكنه أراد أن يقيموا الحجة على أنفسهم وأن يتفكروا فيما يقولون ، وبالفعل كان اعترافهم العجيب : { قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ }[ الشعراء : 71 ] ، وبالطبع اعترافهم هذا مفيد له جدًا كمناظر ليس فقط لكي يقيم الحجة عليهم وإنما ليختصر على نفسه مزيد من الشرح والعناء في تعريف كلمة "صنم" !

      فكان جواب خليل الله بذكاء وسرعة بديهة :
      { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) } ، وبالطبع كان يعلم يقينًا بإجابة سؤاله ولكنه للمرة الثانية يقيم الحجة عليهم بإقرارهم واعترافهم ، فكان الرد الأزلي المعتاد للمحاور عندما ينهزم ويعلم أنه على باطل ولكنه متكبر عن الحق وعنيد { قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ }[ الشعراء : 74 ] ، وهو ولا شك هروب واضح من الإجابة إلى عذر أقبح من ذنب ، هم يعلمون يقينًا أنها حجارة لا تضر ولا تنفع وقد أقروا بأنفسهم أنهم لا يعبدونها إلا لأنهم وجدوا آباءهم على هذا الحال من الاتباع وعبادة ما لا يضرهم ولا ينفعهم !

      فكان رد خليل الرحمن المدوي والصاعق ، ليعلم البشرية أسمى معاني الولاء والبراء ! فكما لاحظنا أن الله عز وجل بين لنا في مستهل الآيات أن نبيه قام بدعوة أبيه وقومه ، ليوضح لنا فيما بعد جواب نبيه لقومه - بما فيهم أبوه - والذي تبرأ مما يعبدون فيه وأظهر ولاءه كله لله رب العالمين ، وهذا لا شك يعلمنا ألا نتنازل أبدًا عن ثوابتنا أثناء الحوار ولا نظهر دنية ولا مداراة ولا مداهنة لترضية المخالف حتى ولو كان ذو قربى .. حتى ولو كان أقرب الأقربين ، فالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة - في موضعها - لا تجعلنا نتخلى عن أمور أساسية في العقيدة وأهمها "الولاء والبراء" فمن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ،

      فكان الرد الصاعق الرادع :
      { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) } سورة "الشعراء"

      كل هؤلاء عدو له إلا رب العالمين ؟ ومن رب العالمين ؟

      يتبع بإذن الله ..
      اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

      تعليق


      • #4


        لقد أقر القوم أنهم يعبدون الأصنام ، وبالقطع تهربوا من الإجابة عندما سألهم خليل الله "إبراهيم" عن ما إذا كانوا يضرونهم أو ينفعون وكان عذرهم القبيح أن هذا ما وجدوا عليه الآباء والأجداد !

        وبعد أن تبرأ مما يعبدون أعلن العبودية والإسلام لله رب العالمين .. وكيف سيعرفهم نبي الله المناظر الشجاع برب العالمين ؟

        قطعًا بآياته في أنفسهم !
        أنظر في نفسك يا إنسان يا ضعيف .. وستعلم من هو رب العالمين !

        { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } [ الشعراء : 78 ] .. أول آياته في نفسك .. أنت لم تأتي من العدم ، من خلقك يا ضعيف وجعلك رجلًا تجادل في الله بغير هدى ولا علم ولا كتاب منير وتفتري عليه الكذب بعد أن كنت نطفة صغيرة في رحم أمك ولم يكن شيئًا مذكورًا ؟ صنمك الذي صنعته بيدك يا مسكين ؟ أم الطبيعة البائسة التي تتغير بنظام يا ملحد ؟

        { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ }[ الشعراء : 79 ] ليس فقط في خلق الطعام والشراب بل تيسير الرزق به وأمر أعضاء الجسم على أن تقوم بالعمليات الفسيولوجية .. ولنا أن نتخيل ماذا لو توقف أحد أعضاء الجهاز الهضمي مثلًا عن العمل .. من يأمرها بالعمل ؟ هل هو الصنم الذي لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولو دفعته للأرض لصار حطامًا ؟

        { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [ الشعراء : 80 ] .. من خلق داءك ودواءك يا مسكين ؟ يا من إذا أصابك فيرس صغير لا تراه عينك تبقى طريح الفراش لأسابيع طوال ولا تعلم ما أصابك ويحتار فيك الأطباء وتشكو معك الأدوية والعلاجات ولا تعرف ما بك ؟
        من ينجيك ويشفيك ؟ من يحول دونك والموت إن دنى أجلك ؟ استجلب أطباء العالم وأدوية الأرض فلن تفلح معك إذا أراد الله بك الهلاك ! فمن إذًا ؟!

        { وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ }[ الشعراء : 81 ] ها قد حان الأجل من ذا الذي يملك لك النجاة وكيف تمنعه عنك أصنامك ؟
        بل إنك تموت كل يوم ميتة صغرى ولا تعلم كيف تنام ولا تستطيع أن تتحكم في نومك ولا تعلم ما سر النوم ولا ميكانيكيته أصلًا .. فهل ستعلمها أصنامك البائسة ؟

        هل هي الطبيعة يا ملحد ؟ ما سر الروح يا ملحد ؟
        من يأمر الروح بالخروج فتصير جثة هامدة ؟ ما سر الروح يا ملحد أو يا عابد الصنم ؟
        ( أما عن النصارى فسأفرد لهم مشاركة بمفردهم )

        نبي الله "إبراهيم" عليه السلام يقيم عليهم الحجة للمرة الثالثة وهم كأصنامهم بلا حراك .. فما هي الحجة الرابعة التي أقامها عليهم يا ترى ؟
        ( ولعلها من أحب الحجج إلى قلبي )

        يتبع بإذن الله ..
        اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

        تعليق


        • #5



          { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ } [ الأنبياء : 57 ]


          كان هذا هو الرد الطريف لنبي الله "إبراهيم" بعد جدال القوم له ، فقد عقد العزم على القضاء على أصنامهم ، ثم صفعة ما .. لعلهم يعملون عقولهم التي حباهم الله إياها فيفيقون !
          قد يبلغ الحق من المؤمن الدرجة التي تجعله يتفوه بكلمة الحق حتى وإن كان يعلم أنه لن يسمعه أحد ، حتى وإن اختلى بنفسه وحيدًا .. حتى وإن كان بين تماثيل من الخشب والحجارة صماء بكماء لا تملك لنفسها ضرًا ولا نفعًا فما بالنا بما تملكه لغيرها من الضر والنفع وما بالنا بأنها من صنع هذا الإنسان أصلًا ؟


          خليل الرحمن في هذا اللحظة يقف أمام الأصنام وحيدًا بعد أن ذهب قومه لمطالعة النجوم فقد كانوا قوم تنجيم .. أما الخليل فهو الآن يواجه متعة من نوع خاص .. فا هو يقف وحيدًا أمام معبودات قومه .. قطع ممثلة من الحجارة والأ***ب لا تملك لنفسها - فضلًا عن ملكها لغيرها غيرها - ضرًا ولا نفعًا !


          مال على الأصنام المساكين خفية وسألهم بسخرية واستنكار : { أَلَا تَأْكُلُونَ .. مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ } [ الصافات : 91-92 ]


          ثم لحظة مفاجأة وحاسمة .. راغ عليهم بيمينه وأخد يحطمهم بكل ما أوتي من قوة .. هل لأنه ضاق بهم ذرعًا فقط ؟


          كلا فنبي الله "إبراهيم" أراد أن يقيم عليهم حجة للمرة الرابعة !


          عاد القوم فوجدوا مفاجأة غير سارة في انتظارهم .. الأصنام كلها حطام .. ولكن يوجد شئ عجيب !


          كل الأصنام محطمة .. إلا كبيرهم : )


          وبعد السؤال والبحث علموا أن سيدنا "إبراهيم" هو من نال هذا الشرف .. ولكنهم سألوه أيضًا - ربما كاد عقلهم أن يذهب منهم جنونًا أو ربما رهبة من هذا الفتى "الفتي" - وما سألوه إلا على الملأ أمام الجموع !


          إنها فرصة الخليل ليضرب الضربة الرابعة "والأقوى" .. المناظرة هذه المرة علنية : )


          { قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) } سورة "الأنبياء"


          يا الله .. الخليل أجهز عليهم بالقاضية هذه المرة .. الهزيمة نكراء !
          يتهم كبير الأصنام بتحطيمها ويطالبهم بسؤال المجني عليهم - الأصنام الصغيرة المسكينة !


          المتهم والمجني والمجني عليهم - كلاهما - لا ينطقان .. ولا يسمعان ! ولا يستطيعان الحركة !


          الموقف محرج للغاية والقوم مترددون .. علموا أنهم على باطل يقينًا وبالفعل أقيمت عليهم الحجة
          { فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ } [ الأنبياء : 64 ]


          ولكن كبرهم وعنادهم حال دون إقرارهم بالحق .. أنت تعلم يقينًا أنهم لا ينطقون ونحن أيضًا نعلم .. لسان حالهم : ليتك ما سألتنا !


          ماذا سيفعل الجمع مع نبي الله "إبراهيم" بعد أن اعترفوا بأنها حجارة لا تملك لنفسها ضرًا ولا نفعًا .. لا تسمع .. لا ترجع قولًا .. ما ملكت لنفسها الحماية من بطش يد الخليل .. أيؤمنون له بعدما رأوا الآيات ؟


          يتبع بإذن الله ..


          ( معذرة على كثرة الابتسامات .. وإن بدى الأمر جادًا ولكنني أجد فيه طرفة وهكذا دومًا حالي عندما أطالع هذا الجزء من قصة نبي الله "إبراهيم" ولعلها من أحب المواضع إلى قلبي في قصته )
          التعديل الأخير تم بواسطة (((ساره))); 1 فبر, 2014, 11:35 م.
          اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

          تعليق


          • #6


            ترى ما الذي يمثله هذا الفتى الصغير من خطر على قومه حتى يأمرون بحرقه ؟
            بحرقه ؟! نعم بحرقه !

            للقتل طرق عديدة ولكن لمَ "الحرق" تحديدًا ؟

            لعلها تلك النار التي شبت في قلوب القوم عندما هزمهم الفتى الصغير بالحجج والأدلة العقلية !
            هزم عدتهم وعددهم ، هزم خبرات طويلة خيل لهم أنها ثمرة أعمارهم الكبيرة ، حطم أصنامهم العديدة التي لا تضر ولا تنفع ، وفوق هذا كله لقد كشفهم أمام أنفسهم !
            نعم علمنا الحق وأقيمت علينا الحجة ولا نريد أن نؤمن لك !

            فتى واحد هزم جيوش من الأناس والأصنام ثم ها هو الآن يقف وحيدًا في مواجهة العقاب المنتظر ، هذه المرة نبي الله "إبراهيم" لن يقيم الحجة عليهم ..!
            المخالف هذه المرة سيضع سطور النهاية ليهزم نفسه بنفسه في تلك المناظرة العظيمة !

            حرقوه .. وماذا ؟
            "وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ" [ الأنبياء : 68 ]

            مرة أخرى .. وماذا ؟ "وانصروا آلهتكم" !

            مرة ثالثة .. وماذا ؟ "وانصروا آلهتكم" !

            أي آلهة هذه التي تؤذى من البشر وتنصر من البشر ؟!
            أي عاقل من يعبد من هم دونه في الخلق أو حتى ( مثله ) !
            اقرارهم الأخير بالهزيمة لما وضعوا اللمسات الأخيرة في هذه المناظرة البديعة !
            آلهة من الحجارة والأ***ب لا تضر ولا تنفع نعبدها ثم يأتي فتى ليكسرها ثم نحرقه .. لننصرها !

            ما أشبه هذا الحدث بحال من صاح على الصليب :
            " إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" ثم يأتي قوم - هداهم الله - يدعون أن من قال بهذا على الصليب هو رب العباد من بيده ملكوت السماوات والأرض المحيي المميت حاشاه - وتعالى عما يصفون !

            كيف أبتغي القوة من إله لا يملك القوة لنفسه .. يكسر بصفعة أو يقتل على الصلبان ثم يبصق على وجهه ويكلل بتاج الشوك ؟! ( حاشاه رب العباد )

            بعد أن تملك الغيظ من الحاقدين وقرروا أن يلقوه في النار لـ "ينصروا آلهتهم" نجاه رب النار ليريهم آيته الكبرى في الفرق بين الآلهة التي تنصرها البشر لأنها لا تملك لنفسها النصرة وبين القوي الملك الذي ينصر عباده وينجيهم برحمته !

            صارت النار "بردًا" بل و"سلامًا" على نبي الله "إبراهيم" ،
            { وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ } [ الأنبياء : 70 ]

            يتبع بإذن الله ..
            التعديل الأخير تم بواسطة (((ساره))); 1 فبر, 2014, 11:34 م.
            اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

            تعليق


            • #7

              وبعد أن غُلب قومه بالأدلة العقلية ثم بالآية البينة بخروجه سالمًا معافًا من النار

              الفتى الشجاع هذه المرة في مناظرة مع الملك !

              خليل الرحمن هذه المرة يواجه ملك "بابل" رأسًا ، بل قيل أنه أوتي ملك الأرض بمشارقها ومغاربها ، فهل خاف مقامه أو سلطانه أو منعانه على الصدع بالحق ؟!

              كلا بالطبع ، وكيف يكون خليل الرحمن إذًا ؟!

              "النمرود" - ملك "بابل" - كان ملحدًا ، بل والأكثر حمقًا أنه كان لا يعترف بوجود إله غيره ( نعم تمامًا كفرعون ) ، قد يضل إنسان أو يجهل آيات الرحمن في الكون ويتعامي عنها أما آياته في نفسه ؟! أما آياته في مرضه وضعفه ؟! أما آياته في حزنه وضحكه ؟ أما آياته في عجزه عن معرفة ميكانيكية عمليات تجري له لا يستطيع أن يتحكم فيها - كالنوم والوفاة ؟!

              أما وأن يتعامى عن هذا كله ويتملكه الكبر ويدعي أنه هو إله الكون ؟! ( وهو يعرف يقينًا أنه كاذب ) ؟!

              طلب "النمرود" من نبي الله "إبراهيم" دليلًا على ألوهية الله عز وجل ، فجاوبه الخليل وقال :
              { رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ }[ البقرة : 258 ] ملمحًا له لآية الله في نفسه وأنه عاجز يقينًا على القيام بها ، فرد "النمرود" الخبيث وقال : { قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ }
              [ البقرة : 258 ] ثم جاء برجلين استحقا القتل فصفح عن واحد وقتل الآخر وكأنه هكذا قد ضحد الحجة !

              ولأن خليل الله كان يعلم أن الرجل مراوغ وفهم قصده ودلس فلم يطل الخليل معه الجدال والشرح لأنه يعلم أنه يعلم ما يقصد بـ "يحيي ويميت" ولم يكن "النمرود" يعلم أن هذا استدراج ومقدمة للحجة الثانية ففاجأه الخليل بالسؤال التالي الذي هوى على رأسه كالصاعقة : " فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ " ، فخرس إله نفسه - "النمرود - وعجز عن الرد لما أقيمت عليه الحجة ولله الحمد والمنة ، ولا شك أن الحجة الثانية تذكرنا بقصة إيمان خليل الله الأولى حينما نظر لحال الأجرام والقمر والشمس ، وهي نفسها ذات الآلهة التي يعبدها قومه ، فكان دليل إيمانه هو نفسه ما يعبده قومه وما عجز "النمرود" عن الإتيان به ، نفس الدليل الذي آمن به الخليل هو معبود وذل لآخرين ولكن هدى الله الخليل وزوجته "سارة" وابن أخيه "لوط" عليه السلام ، أما هم فلا .. لأن الله لا يهدي القوم الظالمين !

              { فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
              [ البقرة : 258 ]

              يتبع إن شاء الله ( المناظرة القادمة "أرق ما يكون" ) ..
              اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

              تعليق


              • #8



                المهمة هذه المرة ليست في دعوة مخالف ، ولا اقناع كافر ..المهمة هذه المرة ليست في إيصال الإيمان لقلب عاصي !

                الوحي الرباني هذه المرة ليس في إيصال الصحف لقلوب العباد .. خليل الرحمن هذه المرة مكلف بإخبار أحدهم بأن الوحي الإلهي جاء بشأنه ..!
                مهمة خليل الرحمن هذه المرة في اقناع وحيده وحبيبه وقرة عينه بأنه مقدم على ذبحه .. بيديه الشريفتين ..!

                أيقول له يا حبيبي جاءني الأمر بذبحك ؟ أم يقول له يا قرة عيني سأقضي عليك وأشهد نهايتك بيدي ؟ أم يقول له يا وحيدي رؤياي قضت بقتلك ..!
                ولا شك بأن رؤيا الأنبياء وحي .. وحق !

                هو نبي الله الذي لا يعصي لله أمرًا ، فكيف لا وهو خليله وحبيبه ؟!
                ولا شك أن أمر الله فيه نافذ وليس بوسعه إلا أن يكون لسان حاله : "سمعنا وأطعنا يا رب " وأن يفعل ما أوحى به الله عز وجل عن رضى وإيمان وتسليم كامل له ..

                ليت البلاء في الأمر فقط ، وإنما ما هو صعب أيضًا كيف سيوصلها لصغيره ؟

                { قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى } [ الصافات : 102 ] وهنا تظهر مهمة المناظر ممزوجة بعاطفة وحنو الأب ، الخليل سينفذ أمر الله قطعًا طالما أمر به وهنا هو لا يطلب رأي ولده بالطبع بقوله " فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى" فالمهمة نافذة لا محالة ، ولكن لعله يستجدي إيمان صغيره ويهون عليه وعلى نفسه صعوبة إيصاله الموقف كاملًا ، فلم يقل له جافًا : "جاءني الأمر بذبحك وسأفعل" بل إنه بذكاء المناظر ممزوجًا بعاطفة الأب الملتهبة مستجديًا إيمان الصغير وحلمه ومحفزًا له على التسليم بأمر الله ليدفعه لينطقها بنفسه :
                { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [ الصافات : 102 ]

                وكيف لا يقولها وهو الغلام الحليم " إسماعيل " عليه السلام ، قر عين والده به لما سلم بأمر الله وقضائه والنبات الحسن الذي أنبته الله إياه ..

                ثم حانت اللحظة الشديدة ، تشهد الاثنان وسلما .. خليل الله يصرع وحيده وقرة عينه على وجهه حتى يهون على نفسه رؤية ملامحه وهو يزهق روحه بيده ،

                .. يا الله ما أشدها من لحظات ! إن قلبي لينفطر وعيني لتدمع وأنا أسردها ، فما كان حال خليل الله وولده حينها ؟!

                ثم ناداه الحق بأنه قد حصل المقصود من الرؤيا باضطجاعه لولده لذبحه ، وقد قضى الحق تبارك وتعالى أن الأب والابن قد نجحا في البلاء المبين ،
                { قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [ الصافات : 105 ] ، ثم نسخ الأمر بذبح نبي الله "إسماعيل" وذبح بدلًا منه كبش أبيض قيل أنه قد رعي في الجنة أربعين خريفًا
                { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) } سورة الصافات .

                كذلك يجزي الله عباده المحسنين الطائعين بأن يصرف عنهم الشدائد والبلايا وأن يجعل لهم من أمرهم يسرًا ومن كل ضيق فرجًا من حيث لا يحتسبون وفي وقت يظن فيه أنه لا مفر ولا نجاة .. كذلك الثناء الحسن في الآخرين وأمن وأمان من الله في الأرض ..

                { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) }
                سورة الصافات .

                رابط المشاركة في صفحة الفيس :

                https://www.facebook.com/hurrasaqeda...14128405343187
                اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                تعليق


                • #9


                  ونرى كثير من الناس يكذبون في اليوم عشرات الكذبات ، ثم يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خليل الرحمن لم يكذب في حياته كلها إلا ثلاث كذبات فقط ( تخيلوا ) ، والثلاثة كانت في الجدال عن دين الله .. ذكرنا منها ثنتين عندما قال : "إني سقيم" ليتخلص من دعوة قومه له في الذهاب معهم في عيدهم الوثني والاحتفال بالنجوم ، والثانية عندما قال : "بل فعله كبيرهم هذا" بعد تحطيمه صغار الأصنام ..

                  أما الثالثة فكانت في دفاعه عن امرأته السيدة "سارة" فكانت محنة عظيمة تعرضا لها في "مصر" من ملكها آنذاك وكان من الجبابرة الأشرار ، وكان يريد أن يأخذها لما سمع عن حسنها ، فقال حينها الخليل أنها أخته - وهي أخته في الإسلام فعلًا - حتى إن علم ذلك الكافر أنها امرأته لا يغلبه عليها ..

                  (*) وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن حفص ، عن ورقاء هو ابن عمر اليشكري ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ؛ قوله حين دعي إلى آلهتهم فقال : إني سقيم . وقوله : بل فعله كبيرهم هذا . وقوله لسارة : إنها أختي . قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل : دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس . قال : فأرسل إليه الملك أو الجبار من هذه معك ؟ قال : أختي . قال : فأرسل بها . قال : فأرسل بها إليه . وقال : لا تكذبي قولي ، فإني قد أخبرته أنك أختي ، إن على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فلما دخلت عليه قام إليها فأقبلت توضأ وتصلي ، وتقول : اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد قال أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقل : هي قتلته . قال : فأرسل . قال : ثم قام إليها . قال : فقامت توضأ وتصلي ، وتقول : اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد ، وقال أبو سلمة ، عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقل هي قتلته . قال : فأرسل . قال : فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلي إلا شيطانا أرجعوها إلى إبراهيم ، وأعطوها هاجر . قال : فرجعت فقالت لإبراهيم : أشعرت ؟ إن الله رد كيد الكافر وأخدم وليدة . تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وهو على شرط الصحيح ، وقد رواه البخاري ، عن أبي اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرا .

                  وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : ما منها كلمة إلا ماحل بها عن دين الله ، فقال : إني سقيم وقال : بل فعله كبيرهم هذا وقال للملك حين أراد امرأته : هي أختي . فقوله في الحديث . هي أختي . أي في دين الله ، وقوله لها إنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك . يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ، ويتعين حمله على هذا ؛ لأن لوطا كان معهم ، وهو نبي عليه السلام ، وقوله لها لما رجعت إليه : مهيم ؟ معناه ما الخبر فقالت : . إن الله رد كيد الكافر . وفي رواية : الفاجر . وهو الملك . وأخدم جارية . وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك قام يصلي لله عز وجل ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء ، وهكذا فعلت هي أيضا كلما أراد عدو الله أن ينال منها أمرا قامت إلى وضوئها وصلاتها ، ودعت الله عز وجل بما تقدم من الدعاء العظيم ؛ ولهذا قال تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة . فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله إبراهيم عليه السلام .

                  وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة ؛ سارة ، وأم موسى ، ومريم عليهن السلام والذي عليه الجمهور أنهن صِدّيقات رضي الله عنهن وأرضاهن ورأيت في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين إبراهيم عليه السلام ، وبينها فلم يزل يراها منذ خرجت من عنده إلى أن رجعت إليه ، وكان مشاهدا لها وهي عند الملك ، وكيف عصمها الله منه ؛ ليكون ذلك أطيب لقلبه وأقر لعينه وأشد لطمأنينته ، فإنه كان يحبها حبا شديدا لدينها ، وقرابتها منه وحسنها الباهر ، فإنه قد قيل : إنه لم تكن امرأة بعد حواء إلى زمانها أحسن منها رضي الله عنها ، ولله الحمد والمنة .

                  (*) البداية والنهاية للإمام "ابن كثير"
                  اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة (((ساره))) مشاهدة المشاركة


                    ( أما عن النصارى فسأفرد لهم مشاركة بمفردهم )

                    يتبع بإذن الله ..
                    كنت قد أرجئت هذه الجزئية الخاصة بالنصارى ونسيتها ..

                    قد يحتج بعض النصارى ويقول : المسيح كان يبرئ الأكمه والأبرص إذًا فهو يشفي المرضى !

                    أو يخلق من الطين كهيئة الطير .. أو أنه قد أحيى ميتًا !

                    كل هذه الادعاءات رددنا عليها ولله الحمد والمنة في هذا الموضوع :


                    ما كان إلا بشرًا رسولًا ..! ( وهنا سنثبت إن شاء الله ) ..


                    وهل للخليل الذي ترك الشمس على عظمتها والقمر على بهائه لما أفلوا أن يعبد إنسانًا - مثله مثله - يأكل الطعام ويمثل الغذاء ويموت ؟ هذا إن فرضنًا جدلًا أن هناك إنسان آخر قيل إنه إله في زمان الخليل ..

                    ولكن الأسئلة الأهم هنا لكل نصراني :

                    هل كان للمسيح وجود في زمان نبي الله "إبراهيم" أصلًا ؟

                    من كان يعبد الخليل ؟

                    ما هو دين الخليل .. هل كان يهوديًا ؟ ( وقد جاء كليم الله "موسى" من بعده )

                    أم كان نصرانيًا ؟ ( وقد جاء المسيح من بعده )

                    الموضوع لا يحتاج منك أكثر من أن تفعل مثلما فعل خليل الرحمن تمامًا : اعمل عقلك !



                    { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) } سورة "آل عمران"

                    موضوع ذو صلة :

                    ملة إبراهيم
                    اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                    تعليق


                    • #11


                      أما تعريف خليل الرحمن للرب الذي أراد أن يعبده تاركًا عبادة الأصنام فأول ما بدأ به بعد إعلانه العداء لآلهة قومه استثنى منه : "رب العالمين" وهي صفة كفيلة بإيقاظ وإفاقة كل نصراني يعمل عقله .. إذ أن كتاب النصارى يذكر صراحة أن المسيح لم يرسل إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة :

                      21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ.
                      22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا».
                      23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!»
                      24 فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».
                      إنجيل متى 15


                      وهنا نتساءل كيف يعبد نصارى اليوم رب قال عن نفسه أنه لم يرسل إلا لخراف بيت إسرائيل ويترك الله رب ( العالمين ) - كما عرفه الخليل بفطرته ؟

                      نعم .. رب العالمين وليس ربًا لفئة معينة أو لزمان معين !

                      أما النقطة الفاصلة والجوهرية الكفيلة بهدم معتقد الصلب والفداء نسفًا ههنا هي قول الخليل معرفًا ربه الذي ترك عبادة أصنام والأجرام السماوية من أجله :

                      { وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) } سورة "الشعراء".

                      للأسف اعتقاد النصارى هو أن الله عز وجل لم يقدر على غفران الخطيئة الأصلية لنبيه "آدم" لذا لجأ لخطة التجسد !

                      حاشاه رب العزة وتعالى عما يصفون الكبير المتعال ..!

                      فمهما فعل الملحد ومهما كابر وعاند فستصرخ في نفسه آيات الله وفي الكون من حوله لتخبره أن للكون رب قائم عليه .. ومهما كابر وعاند النصراني فستطارده الدلائل والبراهين واحدة تلو الأخرى لتخبره أن رب الكون هو رب المسيح - الذي يزعمون أنه صرخ ومات على الصليب طالبًا النجدة والعون من "إلهه" قائلًا : "إلهي لماذا تركتني" والذي قال عنه في موضع آخر أنه : "الإله الحقيقي" !

                      هو الله .. فأين تذهبون ؟!

                      { وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) } سورة "النمل"

                      { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) } سورة "فصلت"

                      اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                      تعليق


                      • #12


                        ومن عجائب القرآن الكريم ومعجزاته التي لا تنقضي أنك كلما طالعت قصة من قصصه في كل مرة تسنبط منها درس مستفاد وعبرة جديدة .. وأخص بالذكر هنا الجانب الدعوي في قصة خليل الرحمن والدروس المستفادة منه ..

                        فكلما ظننت أنني فرغت من هذا الموضوع :

                        كلما أرجعتني فائدة جديدة قيمة وثرية تصب في نفس الإتجاه ، ألا وهو إتجاه مناظرة المخالف ومحاولة إفاقته وتوجيهه للحق بالأدلة العقلية والفطرة التي فطره الله عليها

                        وفي قصته تجد نفسك وكأنك بداخل الحدث لا تعاين خليل الله وهو يحطم الأصنام فحسب ، بل تخرج منها مجترئًا على تحطيم الأصنام بفردك أيضًا ..!
                        فشخص قد يكون صنمًا .. وسلوك قد يكون صنمًا .. الفكرة نفسها قد تكون صنمًا !

                        سأضع في المشاركة التالية إشارة لصنم مهم جدًا حطمه الخليل في القصة ..
                        صنم قد لا يجترئ أكثر الناس على تحطيمه إلى يومنا هذا - بل إن من يجترئون على تحطيمه في زماننا هذا ندرة .. كما كانوا ندرة في زمان الخليل أيضًا !

                        يتبع إن شاء الله ..
                        اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                        تعليق


                        • #13


                          { قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } [ الشعراء : 74 ]

                          لماذا عبدت فلان ؟ لأنني وجدت علان يعبده !

                          لماذا اتبعت "فلان" ؟ لأنني وجدت علان يتبعه !

                          لماذا تقول كذا ؟ "لأنني وجدت غيري" يقول كذا ؟

                          وكأن صحة المعتقد والفكر تقاس بإيمان فلان أو علان به !

                          أين عقلك ؟ أين فكرك ؟ وماذا لو كان فلان الذي تتبعه على باطل ؟

                          لماذا تجعل غيرك يختار لك مصيرك ؟!

                          لقد حطم خليل الرحمن صنم الاتباع الأعمى والتقليد وأثبت أن قومه بلا فكر .. بلا عقل مجرد أتباع مقلدون !

                          وما أكثرهم في عصرنا هذا .. فنجد من يسير وراء الأفكار دون تحقق وتثبت ويقلد تقليدًا أعمى لغيره دون إعمالًا لعقله وكأنه يخشى أن يحرر عقله من قيود العبودية لغير الله - سواء شعر بذلك أو لا - وكأنه لابد له أن يفكر بعقل غيره لا بعقله ، فنجده دائمًا يبني أفكاره على أطلال أفكار الآخرين آخذًا منها أساسًا له !

                          فهناك من يقلد من يظن أنهم أعلى منه قدرًا وينزلهم منزلة يغضب لها أكبر من مقام الله عز وجل نفسه والعياذ بالله وقد يؤدي هذا الأمر إلى الشرك بل إلى الكفر .. بل إن النصارى على سبيل المثال يضعون قساوستهم في منزلة عملية أعلى من معبودهم نفسه ( حاشا لله وتعالى علوًا كبيرًا ) !

                          وهناك من يحاول تقليد غيره بدافع الغيرة أو الأحقاد الدنيوية فنجده يتقمص ويتحدث بلسان غيره ويرتدي عباءة غيره ليحمد على ما لم يفعل .. وللأسف أنت لن تكون إلا أنت فكن أنت وفقط وابتكر فأمتنا لا تحتاج لمزيد من النسخ لأصل واحد وإلا تكون كيف أمه أخرجت للناس ؟

                          قليلون هم الذين يستطيعون كسر صنم النمطية والاتباع والتقليد ..
                          وفي النهاية .. أين شخصيتك أيها المقلد ؟

                          أين عقلك وفكرك أيها المتبع ؟
                          اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                          تعليق


                          • #14


                            ومن الخواص العجيبة لقصص الأنبياء بالقرآن أن بها عبر وفوائد لا تنقضي وربما كلما مر الوقت علينا استخلصنا منها عبرة جديدة ..

                            { قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) } سورة الأنبياء .

                            لا شك أنه ما من لفظة وردت في القرآن الكريم إلا وكان لذكرها حكمة من المولى عز وجل ..

                            فعلى سبيل المثال لفظة : "فتى" في الإشارة لنبي الله "إبراهيم" تشير هنا لشيئين - على الأقل - غاية في الأهمية :

                            أولهما : الإشارة لحداثة سن نبي الله الخليل .. وهذا يؤكد على أن الصدع بالحق لا يستلزم كفاءة العمر لدى المخالفين ، كذلك رجاحة العقل لا يشترط لها سن معينة ..

                            ثانيهما : في لفظة "فتى" ثمة تسفيه لمقام خليل الله "إبراهيم" عليه السلام وفيه نبرة كبر وتعالي لا تغفلها عين المتابع .. ورغم صغر السن هذا إلا أن خليل الله اصطفاه الله عز وجل منهم وجعله نبيًا من أولي العزم كما أنه هزمهم في مواضع عديدة وأهمها سلامة القلب والفكر التي أدت به للوصول للحق بفضل الله ..

                            كذلك هزمهم بأدب الخلاف .. فمن معه الحق يمضي في طريقه بثبات بحول الله وقوته لا يهزمه كائنًا ما كان .. كذلك فإن القوة البدنية - والتي برزت في تحطيم الأصنام - والقوة العقلية في التفكر في بديع السموات والأرض .. والقوة في الصدع بالحق والتغلب على رهبة مواجهة بطش قوم بهذا السوء لم يمنعه أبدًا أن يتحلى بأدب الخلاف مع قومه وهذا يبرز جليًا في مخاطبته لأبيه والحرص على هدايته والدعاء له ..

                            وفي تواضع المحاور وحلمه نقطة هامة سنشير لها في حياة خليل الرحمن المرة القادمة إن شاء الله .. وهي من القصص الهامة التي لابد أن يخرج من المحاور بعديد من العبر والعظات ..
                            ولا شك أن العبرة تستلزم منا الإمتثال بحياة الأنبياء - وإن كنا لسنا بأنبياء ولكنهم قدوتنا ولابد من الإقتداء بهم قدر المستطاع في الجوانب المؤثرة في حياتهم ..

                            ( يتبع إن شاء الله ) ..




                            اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                            تعليق


                            • #15
                              من بعد اذنكم ارجو ان يكون هذا الفديو في موقعه كاضافة لنفس الموضوع واعتذر عن الموسيقى مقدما :




                              ( يتبع إن شاء الله ) ..

                              بالانتظار بإذن الله - تسجيل متابعة ..
                              شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

                              سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
                              حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
                              ،،،
                              يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
                              وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
                              وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
                              عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
                              وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




                              أحمد .. مسلم

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 14 ديس, 2022, 12:33 م
                              ردود 4
                              49 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة عبدالمهيمن المصري, 23 أغس, 2022, 03:05 ص
                              رد 1
                              214 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عبدالمهيمن المصري  
                              ابتدأ بواسطة باحث73, 7 أبر, 2022, 03:05 ص
                              ردود 0
                              65 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة باحث73
                              بواسطة باحث73
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 24 نوف, 2021, 07:44 م
                              ردود 14
                              129 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة متعلم, 14 أكت, 2021, 01:12 م
                              رد 1
                              79 مشاهدات
                              1 معجب
                              آخر مشاركة د. نيو
                              بواسطة د. نيو
                               
                              يعمل...
                              X