{ مَا لَــكُمْ لا تَــرْجُــونَ لِلَّهِ وَقَــــاراً } ؟

تقليص
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحلام
    1- عضو جديد

    • 31 يوليو, 2008
    • 87
    • مسلمة

    #1

    { مَا لَــكُمْ لا تَــرْجُــونَ لِلَّهِ وَقَــــاراً } ؟

    ما لكم لا ترجون لله وقاراً
    أ.د. ناصر العمر


    بهذه الكلمات التي تقطع نياط قلوب الموحدين وكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد خاطب نوح عليه السلام قومه بعد أن بذل معهم كل ما في وسعه طيلة ألف سنة إلا خمسين عاماً من الدعوة؛ {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) ... ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح]،

    ألف سنة لم يألُ فيها جهداً لهدايتهم ولم يجد منهم في المقابل إلا الصدود والإعراض والاستهزاء، إلا قليلاً منهم.


    إن المرء يكاد يجزم بأن هذه الكلمات إنما خرجت منه عليه السلام والألم يعتصر قلبه، والدهشة والاستغراب يملآن جوانحه؛ أن يقابَل رب الأرض والسماء الذي أنعم على خلقه بكل ما يتمتعون به من نعم ظاهرة وباطنة بكل هذا الجحود والنكران، فخيره سبحانه وتعالى إلى الخلق نازل وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إليه بالكفر والمعاصي!


    أراد نوح عليه الصلاة والسلام بهذه العبارة أن يلين القلوب القاسية ويحرك العقول المتحجرة ويذيب الأحاسيس المتبلدة، كيف لا تعظمون الله وتوقرونه {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}؟ فلو نظر الإنسان لأطواره المتعاقبة وكيف أنه كما قال بعض السلف: مبدؤه نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وبينهما يحمل العذرة؛ لاستصغر نفسه في جنب هذا الكون مترامي الأطراف {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} [نوح]، فكيف في جنب مبدع هذا الكون ومنشئه على غير مثال، ومدبر أمره بلا ظهير!


    إن أمر الله سبحانه أعظم مما يتصوره البشر، ولهذا لما أتى الحبرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم -كما في البخاري ومسلم- وقال: "يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}"،


    ولهذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً آخر على المنبر فجعل "يقول هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به" كما في حديث ابن عمر الصحيح، وما هذا إلا من شدة تعظيم أعرف الخلق بربهم -صلوات الله وسلامه عليه- لربه عز وجل.


    التعظيم أصل الانقياد والطاعة لكل مطاع، فارجع البصر فيما حولك شرقاً وغرباً وقلب صفحات التاريخ تجد البشر قد انساقوا خلف من يعظمون وانقادوا لهم بالطاعة، وتعظيم الله عز وجل وتوقيره هو مبدأ الانقياد له سبحانه وتعالى، وتحقيق هذا التعظيم والتوقير في القلوب هو الموصل لرتبة الإحسان.


    لكن الحال اليوم كما بالأمس كما في الغد إلى ما شاء الله، فكثير من الناس لا يرجون لله وقاراً، ولئن كان هذا ينطبق بالكلية على كل من كفر بالله عز وجل إلا أن لكل من عصاه أو أعرض عن شيء من شرعه منه نصيب بحسبه.


    فمن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يشق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد ولاه الله عز وجل شيئاً من أمرهم فقد نقص توقيره لله بقدر ما عصاه بذلك، ومن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يعق والديه فقد نقص توقيره لله عز وجل بحسبه، ومن أسلم وجهه لله ثم هو يواقع المحرمات ولا يلتزم بالواجبات فقد نقص توقيره لله كذلك، وشر من ذلك أن يستقيم أمام الناس حياء منهم ثم يعصي ربه في السر، ولهذا يجعل الله أعمال هذا -ولو كانت كجبال تهامة- هباء منثوراً يوم القيامة،

    فلكل هؤلاء نقول {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً


    ونقول لمن يثير الشبهات حول شرع الله المطهر، وحول السنة الشريفة، أو من يدخل في شرع الله ما ليس منه

    {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً


    ونقول لمن يقعون في لحوم العلماء -وقد صارت صيحة هذه الأيام وعلامة التنوير"التزوير" فيها-

    {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً


    إن توقير الله عز وجل وتعظيمه في النفوس فرض عين على كل مسلم، وهو مما ينبغي أن نعلّمه أولادنا حتى يخالط لحمهم ودمهم وعظمهم، وليس المقصود أن نعلمهم أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلى فيحفظونها فحسب، ولا أن يثبتوا لله عز وجل ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه عليه السلام وينفوا عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه نبيه عليه السلام فحسب، بل لابد مع ذلك من زرع آثار وأحكام هذه الأسماء والصفات في النفوس كي تتشربها وتعيش بها، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه»،


    أما أن يعلم المرء أن الله عز وجل هو الرزاق ثم يخشى أن يقول كلمة الحق كي لا يُقطع رزقه، وأما أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ثم هو يعصيه سراً خشية أن يطلع عليه الناس، وأما أن يلتزم بالقانون خشية العقوبة ثم هو لا يخشى أن يقع في المعاصي فليس هذا من تمام توقير الله سبحانه وتعالى في شيء.


    فتوقير الله عز وجل وتعظيمه ليست كلمات مجردة تتحرك بها الألسن بلا وعي أو فهم، وليست حركات مجردة يؤديها المرء في عباداته الظاهرة بلا روح، بل ملاك الأمر ما يقوم في القلب تجاه هذا الرب العظيم ويصدقه اللسان وباقي الأركان، فمن تحقق ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ونحن لا نملك إلا أن نعيد عليه تلك الصيحة النبوية المدوية المترددة عبر القرون، عساه يفيق من سكرته:

    {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}


    ـــــــــــــــــــــ
    من مــوقع المسلـــم اشراف فضيلة الشيخ // نـــاصر العمـــر
    http://almoslim.net/

    .


    .
    لا إله إلا الله .. محمد رسول الله
    [rams]http://audio3.islamweb.net/quran/Fahed_Salam/017.rm [/rams]
    × ×
    استمع إلى القرآن بصوت القــارئ الذي تــريد



عن الكاتب

تقليص

أحلام مسلمة اكتشف المزيد حول أحلام

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة alhajaj2010, 2 أكتوبر, 2007, 02:09
ردود 0
1,452 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة alhajaj2010
بواسطة alhajaj2010
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
ردود 0
208 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة عادل محمد, 28 أبريل, 2016, 02:41
ردود 0
1,093 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل محمد
بواسطة عادل محمد
ابتدأ بواسطة عادل محمد, 15 مايو, 2016, 12:23
رد 1
886 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة جمعه عبد الفضيل1
ابتدأ بواسطة كلمة سواء, 30 سبتمبر, 2011, 06:31
رد 1
1,995 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة سدرة
بواسطة سدرة
ابتدأ بواسطة آيات الخوانكى, 7 فبراير, 2007, 08:00
ردود 37
8,798 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عبد الله بن يس
ابتدأ بواسطة ابو اسامه المصرى, 1 يناير, 2010, 05:28
ردود 2
1,443 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ابو اسامه المصرى
ثابت: عقيدتنا هي ...!
بواسطة بن عفان
ابتدأ بواسطة بن عفان, 2 أغسطس, 2007, 09:58
ردود 23
10,149 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة قلب ينبض بحب الله
ابتدأ بواسطة معارج القبول, 11 فبراير, 2011, 02:17
ردود 0
2,087 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة معارج القبول
ابتدأ بواسطة moti1982, 14 أكتوبر, 2007, 03:58
ردود 2
1,502 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ابن الإسلام
بواسطة ابن الإسلام
ابتدأ بواسطة ام حبيبه الصابرة, 9 يناير, 2011, 01:47
رد 1
1,438 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ابن خليفة
بواسطة ابن خليفة
ابتدأ بواسطة دكتور أزهري, 24 يونيو, 2007, 06:41
ردود 11
2,468 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محبة الاسلام
ابتدأ بواسطة عادل محمد, 6 فبراير, 2015, 11:36
ردود 0
917 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل محمد
بواسطة عادل محمد
ابتدأ بواسطة عادل محمد, 25 أغسطس, 2013, 11:49
رد 1
1,903 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة (عبد الرحمن)
بواسطة (عبد الرحمن)
ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 1 أبريل, 2015, 08:03
ردود 7
2,016 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة دكتور أشرف
بواسطة دكتور أشرف

مواضيع من نفس المنتدى الحالي

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 11 مارس, 2010, 04:20
ردود 463
74,939 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة بن الإسلام, 14 فبراير, 2015, 03:14
ردود 354
18,389 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة بن الإسلام
بواسطة بن الإسلام
ابتدأ بواسطة باحث سلفى, 18 نوفمبر, 2015, 01:08
ردود 147
8,320 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة باحث سلفى
بواسطة باحث سلفى
ابتدأ بواسطة المهندس زهدي جمال الدين, 15 مايو, 2013, 08:58
ردود 130
22,432 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الفضة
بواسطة الفضة
ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 22 مايو, 2010, 09:50
ردود 30
32,513 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الفضة
بواسطة الفضة
يعمل...
أحمد - مساعد المنتدى

السلام عليكم، أنا أحمد. اكتب سؤالك وسأحاول مساعدتك.

📢 رسالة توست

من فضلك اختر مستوى الإجابة: