الف حديث من كلام المصطفى راجع وتعلم احفظ وتدبر

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابو اسامه المصرى مسلم اكتشف المزيد حول ابو اسامه المصرى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الف حديث من كلام المصطفى راجع وتعلم احفظ وتدبر

    الف حديث من كلام المصطفى


    حياكم الله احبتى فى الله

    لما كان القرءان والسنه مجتمعان لا يفترقان ولما كانت السنه مجمله ومفصله ومبينه للقرءان الكريم ولما كان الايمان بهما واجب ولا يكون الانسان مسلما الا اذا امن بالقرءان والسنه فمن امن بالقرءان وجحد السنه فهو كافرلاشك فى كفره ولما كان عز الامه وصلاح احوالها مرهونا بالتمسك بالقرءان والسنه احببت ان يكون لمنتدانا دورا كبير احياء السنه باحياء كلام النبى عليه الصلاة والسلام ورايت ان اكتب هذا الموضوع وافتح فيه المشاركات للاخوه وتكون المشاركات قاصره على الاحاديث الصحيحه بشرحها ان امكن وها انا ابدأ بنفسى اولا واكتب هذاالحديث اهداء منى لقتلى غزه واحسبهم شهداء والله حسيبهم ولا نزكى على الله احدا

    الحديث الاول
    عن انس رضى الله عنه ان النبى عليه الصلاة والسلام قال ما من احد يدخل الجنه يحب ان يرجع الى الدنيا وان له ما على الارض من شئ الا الشهيد فانه يتمنى ان يرجع الى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامه وفى روايه لما يرى من فضل الشهاده رواه البخارىومسلم
    شرح الحديث
    هذا حديث جامع شامل من كلام النبى عليه الصلاة والسلام يبين فيه عظيم فضل الشهداء الذين قتلوا فى سبيل الله تعالى وشهداء الامه كثير كما اخبر النبى عليه الصلاة والسلام فمن قتل دفاعا عن دينه وعرضه وقاتل لتكون كلمة الله هى العليا هو شهيد فاخبرنا النبى عليه الصلاة والسلام ان من مات ودخل الجنه وراى فيها ما رأى لا يحب ان يعود الى الدنيا لانها سجن للمؤمن الاالشهيد يحب ان يرد فيقتل مرات اخرى فى سبيل الله لما يرى من الكرامة والفضل ممااعده الله للشهداء فى الجنه
    من فوائدالحديث
    1- افضل الشهداء من قاتل لتكون كلمة الله هى العيا
    2- شهداء الامه كثر كما اخبر النبى عليه الصلاةوالسلام

    3- لا تحزن على من قتل فى سبيل الله لانهم احياء عند ربهم يرزقون



    الحديث الثانى
    عن حذيفه بن اليمان رضى الله عنه ان رسول الله عليه الصلاة والسلاة والسلام قال
    فضل العلم خير من فضل العباده وخير دينكم الورع رواه الطبرانى والبزار باسناد حسن وصححه الالبانى فى صحيح الجامع
    شرح الحديث
    هذا حديث من كلام المصطفى صلوات ربى وتسليماته عليه يبين فيه فضل طلب العلم الشرعى اى علم القرءان والسنه بقصد بيانه للناس ونشره وتعليمه اياهم فطلب العلم الشرعى من اشرف العبادات التى يتقرب بها العبد الى خالقه سبحانه وتعالى متى خلصت نيته وصلحت لوجه الله تعالى وقال عليه الصلاة والسلام من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين وقال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء اى ان اكثر الناس خشيه من الله ومعرفة لقدره جل وعلا هم اهل العلم الشرعى لانهم يعرفون قدر ربهم بما تعلموا وحفظوا من علوم الدين فعلموا الدنيا واناروا السبيل فابقى الله
    ذكرهم الى قيام الساعه والعالم افضل من العابد لان العلم شمعه تنير لنفسه وغيره اماالعابد فخيره لنفسه والعالم خيره لنفسه وللامه ويؤكد ذلك حديث الرجل الذى قتل مائة نفس وكيف بين فيه النبى عليه الصلاة والسلام الفرق بين العابد المتبحر فى علوم العلم الشرعى والعابد
    فوائد الحديث
    1- طلب العلم الشرعى هو اشرف العلوم التى يسعى اليها العبد المسلم
    2- طلب العلم الشرعى يرفع العبد فى الدارين
    3- طلب العلم الشرعى طريق لاحياء الدين وقمع البدعه ونشرالسنه
    4- طلب العلم الشرعى طريق الى الجنه
    5- طلب العلم الشرعى من افضل وسائل كسب الحسنات لان الدال على الخير كفاعله ومن دعا الى هدى كان له اجره واجر من عمل به من غير ان ينقص من اجورهم شئ
    6-العالم شمعه تحترق لتنير السبيل للجهلاء والضعفاء وطالبى العلم
    7- الامه تقوى بكثرة علمائها وتنصر بهم وتنال الخير وتذل وتضعف بكثرة الجهلاء والمبتدعه
    8- العلم قال الله قال رسوله وليس ان نجعل فلان ندالله ورسوله عياذا بالله تعالى
    هدانا الله واياكم لكل خير وجعلناواياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
    بســمالله الـرحمــن الرحيــم
    السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

    شرح حديث (من أحدث في أمرنا)

    خالد بن سعود البليهد

    عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهورد ) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

    هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كماأن حديث (الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها ، وفيه بيان لحد البدعة والأثرالمترتب عليها والتحذير منها ، وفي الحديث مسائل:

    الأولى: قوله (من أحدث) الإحداث هو الإبتداع كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) رواه أبو داود والترمذي ، والبدعة هي كل قول أو فعل محدث نسب إلى الدين وليس له أصل في الكتاب أو السنة أو الإجماع ، قال ابن رجب "والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه" وقال ابن تيمية "البدعة ماخالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات" وقال ابن رجب أيضا "فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهوضلالة والدين منه بريء" ، والحاصل أن إطلاق البدعة على عمل معين يشترط فيه قيودثلاثة:
    1- أن يكون العمل محدثا.
    2- أن ينسب ويضاف إلى الدين.
    3- أن لايكون له أصل في الشرع.

    الثانية: الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشرع فهو مردود ويدل بمفهومه على أن كل عمل موافق للشرع فهو مقبول ، والمراد
    بأمره هنا دينه وشرعه فعلى ذلك يكون المعنى في الرواية الثانية من أحدث في شرعنا ما ليس منه فهو مردود على صاحبه لا يقبل منه ، فالعبرة في قبول ظاهر العمل موافقته للشرع كما أن العبرة في قبول باطن العمل إخلاص النية أما الإعتماد على مجرد حسن النية والمحبة مع عدم مراعاة موافقة العمل للشرع فتصرف باطل مخالف للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح وقد ورد عنهم آثار كثيرة تؤيد هذا الأصل ورأى ابن مسعودرضي الله عنه أناسًا جالسين في المسجد ومعهم الحصى،يكبرون مائة ويهللون مائة ويسبحون مائة فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا ‏ ‏أبا عبدالرحمن ‏ ‏حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أنلا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة ‏ ‏محمد ‏ ‏ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابةنبيكم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏متوافرون ‏ ‏وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة ‏ ‏محمد ‏ ‏أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا والله يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏ما أردنا إلا الخير. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه رواه الدارمي.

    الثالثة: البدع كلها محرمة مذمومة شرعا لقول النبي صلىالله عليه وسلم (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) رواه النسائي، وليس في الدين بدعة حسنة كما يزعم ذلك أهل البدع وحكم النبي في البدعة قاعدة عامة لا يستثنى منها شيئ ومن استثنى شيئا فعليه بالدليل ولا يحفظ في ذلك شيء مرفوع عن النبي صلى اللهعليه وسلم ، وأما قول الخليفة عمر رضي الله عنه لما رأى الصحابة إجتمعوا على إمامواحد في صلاة التراويح وكانوا يصلون أوزاعا قال "نعمت البدعة هذه" فمحمول على معنىالبدعة اللغوي وليس مراده المعنى الشرعي للبدعة فقصد بذلك أن هذا العمل جديدبالنسبة لهم لم يفعلوه بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد ذلك وجوه:
    أولا - أن عمر رضي الله عنه هو الذي أمرهم بالإجتماع على أبي بن كعب ولم يكن ليخالفالشرع في أمره وهو من أشد الناس تحريا للسنة.
    ثانيا- أن هذا العمل له أصل فيالشرع وليس بمحدث فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الليل فيرمضان فصلى رجال بصلاته ثم فعل ذلك الليلة الثانية والثالثة ثم ترك ذلك في الرابعةوقال إني خشيت أن تفرض عليكم.
    ثالثا- أن اجتهاد عمر مأمورون باتباعه والإقتداءبه مالم يخالف كتابا أو سنة كما أوصى بذلك النبي صلة الله عليه وسلم (عليكم بسنتيوسنة الخلفاء الر اشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ).

    الرابعة: تجري البدعة في الأمور التعبدية التي يتقرب بها إلى الله ، أما العادات التي لاتشوبها عبادة والأمور الدنيوية فلا مدخل لها في باب البدعة ولذلك يجوز الإنتفاع فيكل مايحقق مصلحة دينية أو دنيوية من صناعات الكفار وآلاتهم التي ليست من خصائصهمكما ثبت ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتصرفاته في أمور المعاش وشؤون الحربوسياسة الخلق ، والأصل في العبادات الحظر إلا ما دل الشرع على فعله والأصل فيالعادات الحل إلا ما دل الشرع على منعه قال ابن تيمية في الإقتضاء " ولهذا كانالأصل الذي بنى الإمام أحمد وغيره من الأئمة عليه مذاهبهم أن أعمال الخلق تنقسمإلى: عبادات يتخذونها دينا ينتفعون بها في الآخرة أو في الدنيا والآخرة . وإلىعادات ينتفعون بها إلى معايشهم. فالأصل في العبادات أن لا يشره منها إلا ماشرعهالله. والأصل في العادات أن لا يحضر منها إلا ما حضره الله".

    الخامسة: هناكفرق ظاهر بين البدعة والمصلحة المرسلة ، فالبدعة تكون في الأمور التعبدية ويقصد بهاالتقرب إلى الله وليس لها أصل في الشرع لا في جنسها ولا في عينها ، أما المصلحةالمرسلة فتكون في الوسائل ولا يقصد التعبد بها وقد دل الشرع على اعتبار جنسها وليسفيها مخالفة للشرع ومنافاة لمقاصده كاتخاذ عمر رضي الله عنه الديوان وجمع عثمان رضيالله عنه القرآن وبناء المسلمين المدارس والأربطة ونحو ذلك مما ظهرت مصلحته ودعتالحاجة إليه ولم يقم مقتضاه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يقصد بهالتعبد ، وبهذا يتبين خلط من يسوي بين البدعة والمصلحة المرسلة ويقيسها عليها وقديلبس على الناس بهذا والله المستعان.

    السادسة: تنقسم البدعة من حيث الحكمإلى قسمين:
    1- بدعة مكفرة: وهي كل ما اشتملت على شيء من نواقض الدين كبدعة غلاةالقدرية والجهمية وأهل الإتحاد ووحدة الوجود من الصوفية والرافضة القائلين بتحريفلقرآن وتكفير الصحابة وعصمة الأئمة ، وبدعة تصحيح الأديان وبدعة ترك الإحتجاجبالسنة والقول بأن أحكام الشريعة لا تصلح لهذا الزمان وتجويز الحكم بالقوانينالوضعية وغير ذلك.
    2- بدعة مفسقة: وهي كل ماخلت من نواقض وكانت دون الكفر كغالبالبدع العملية والسلوكية التي لا تصل إلى حد الجحود أو الشك أوالإشراك.

    السابعة: البدعة على أنواع:
    1- بدعة في الإعتقاد: كاعتقاد علمالغيب لأحد من الخلق أو أن هناك أبدالا يتصرفون في الكون أو أن الكون خلق من نورمحمد ونحو ذلك مما تعلق بأصول الدين كأسماء الله وصفاته وأفعاله والنبيين والغيب .
    2- بدعة في العبادة: كابتداع صلوات وأذكار وأوراد وأدعية وأعياد على هيئة غيرمشروعة كصلاة الرغائب والمولد النبوي ويوم وليلة الإسراء والمعراج وأعمال رجب وغيرذلك مما يتعلق بالعبادات.
    3- بدعة في السلوك: كالتقرب إلى الله بتحريم الحلالوتحليل الحرام كالإمتناع عن لبس ناعم الثياب والزواج وأكل اللحم والتنعم بالمباحات، والتقرب إلى الله بإستماع المعازف والنظر إلى المردان وغير ذلك مما يتعلقبالسلوك.
    4- بدعة في الدعوة إلى الله: كإحداث طرائق مبتدعة مخالفة لمنهج السلفالصالح كتجميع الأتباع تحت راية دون النظر إلى عقائدهم وتباينهم والتسامح معهم فيذلك بإسم العمل للإسلام ، وكذلك أخذ البيعة من الأتباع لصالح الجماعة وعقد الولاءلها والسمع والطاعة المطلقة ، وكذلك إلتزام الخروج والسياحة في الأرض لغرض الدعوةووضع لها طقوس محددة واعتقاد أنها طريقة لتزكية النفس وغير ذلك مما يتعلق بطرقالدعوة ومناهجها .

    الثامنة: فاعل البدعة على أحوال:
    1- أن يتقرب إلىالله بعمل لا يشرع مطلقا كالتقرب بترك النكاح.
    2- أن تكون العبادة مشروعة في حالفيتقرب بها في حال لم تشرع فيه كالرجل الذي نذر أن يقوم في الشمس فأنكر عليه النبيصلى الله عليه وسلم مع أن القيام مشروع في الأذان والصلاة.
    3- أن يتقرب للهبعبادة نهى عنها الشرع كصيام يومي العيد والصلاة وقت النهي بلا سبب.
    4- أن يتقربإلى بعبادة أصلها مشروع ثم يدخل عليها ما ليس بمشروع كإحداث صفات مبتدعة في الوضوءوالأذان والصلاة والأذكار.

    التاسعة: من أحدث بدعة ودعى الناس إليها فعليهوزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن دعى الناس إلى سنة كان له أجرها وأجرمن عمل بها إلى يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلامسنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن فيالإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهمشيئا) رواه مسلم.

    العاشرة: جنس البدعة أشد من جنس المعصية لأن العاصي يعملالذنب لشهوة من غير إعتقاد وهو في قرارة نفسه يعلم أنه مخالف للشرع ودائما يحدثنفسه بالتوبة ، أما المبتدع فيعمل البدعة عن اعتقاد أنها من الدين ويتقرب إلى اللهبذلك ولا يزداد إلا إصرارا على بدعته كما قال تعالى (أفمن زين له سوء عمله فرآهحسنا) وقال سفيان الثوري "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منهاوالبدع لا يتاب منها" ، وفي الأثر أن إبليس قال :(أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكونيبالإستغفار وبلا إلاه إلا الله فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولايتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
    متنالحديث
    عن أمير المؤمنينأبي حفص عمر بن الخطابرضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلىالله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأةينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواهالبخاريومسلمفي صحيحهما .

    الشرح
    لقد نال هذا الحديث النصيب الأوفر من اهتمام علماءالحديث ؛ وذلك لاشتماله على قواعد عظيمةٍ من قواعد الدين ، حتى إن بعض العلماء جعلمدار الدين على حديثين : هذا الحديث ، بالإضافة إلى حديثعائشةرضي الله عنها : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ ووجه ذلك : أن الحديث السابق ميزان للأعمال الظاهرة ، وحديث الباب ميزانللأعمال الباطنة .

    والنيّة في اللغة : هي القصد والإرادة ، فيتبيّن من ذلكأن النيّة من أعمال القلوب ، فلا يُشرع النطق بها ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلملم يكن يتلفظ بالنية في العبادة ، أما قول الحاج : " لبيك اللهم حجاً " فليس نطقاًبالنية ، لكنه إشعارٌ بالدخول في النسك ، بمعنى أن التلبية في الحج بمنـزلة التكبيرفي الصلاة ، ومما يدل على ذلك أنه لو حج ولم يتلفّظ بذلك صح حجه عند جمهور أهلالعلم .

    وللنية فائدتان : أولاً : تمييز العبادات عن بعضها ، وذلك كتمييزالصدقة عن قضاء الدين ، وصيام النافلة عن صيام الفريضة ، ثانياً : تمييز العباداتعن العادات ، فمثلاً : قد يغتسل الرجل ويقصد به غسل الجنابة ، فيكون هذا الغسلعبادةً يُثاب عليها العبد ، أما إذا اغتسل وأراد به التبرد من الحرّ ، فهنا يكونالغسل عادة ، فلا يُثاب عليه ، ولذلك استنبط العلماء من هذا الحديث قاعدة مهمة وهيقولهم : " الأمور بمقاصدها " ، وهذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه .

    وفيصدر هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنماالأعمال بالنيات ) ، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لايمكنه أن يعمل عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبقيمكننا أن نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مراتويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم عملباختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .

    ويستفاد منقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امريء ما نوى ) وجوب الإخلاص لله تعالى في جميع الأعمال ؛ لأنه أخبر أنه لا يخلُصُ للعبد منعمله إلا ما نوى ، فإن نوى في عمله اللهَ والدار الآخرة ، كتب الله له ثواب عمله ،وأجزل له العطاء ، وإن أراد به السمعة والرياء ، فقد حبط عمله ، وكتب عليه وزره ،كما يقول الله عزوجل في محكم كتابه : { فمن كان يرجو لقاء ربهفليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 ) .

    وبذلك يتبين أنه يجب على الإنسان العاقل أن يجعل همّه الآخرةَ في الأموركلها ، ويتعهّد قلبه ويحذر من الرياء أو الشرك الأصغر ، يقول النبي صلى الله عليهوسلم مشيراً إلى ذلك : ( من كانت الدنيا همّه ، فرّق الله عليهأمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ، ومن كانت الآخرةنيّته ، جمع الله له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ) رواهابن ماجة.

    ومن عظيم أمر النيّة أنهقد يبلغ العبد منازل الأبرار ، ويكتب له ثواب أعمال عظيمة لم يعملها ، وذلك بالنيّة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما رجع من غزوة تبوك : ( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً ، إلا كانوامعكم ، قالوا يا رسول الله : وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة ، حبسهم العذر ) رواهالبخاري.

    و لما كان قبول الأعمالمرتبطاً بقضية الإخلاص ، ساق النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً ليوضح الصورة أكثر ،فقال : ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى اللهورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، وأصل الهجرة : الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ، أو من دارالمعصية إلى دار الصلاح ، وهذه الهجرة لا تنقطع أبداً ما بقيت التوبة ؛ فقد ورد عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطعالتوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه الإمامأحمدفي مسنده وأبوداودوالنسائيفي السنن ، وقد يستشكل البعض ما ورد في الحديث السابق؛ حيث يظنّ أن هناك تعارضاً بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح ) كما في " الصحيحين " ، والجواب عن ذلك : أن المراد بالهجرة في الحديث الأخير معنىً مخصوص ؛ وهو : انقطاع الهجرة من مكة ،فقد أصبحت دار الإسلام ، فلا هجرة منها .

    على أن إطلاق الهجرة في الشرع يرادبه أحد أمور ثلاثة : هجر المكان ، وهجر العمل ، وهجر العامل ، أما هجر المكان : فهوالانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان ، وأما هجر العمل : فمعناه أن يهجر المسلمكل أنواع الشرك والمعاصي ، كما جاء في الحديث النبوي : ( المسلممن سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) متفقعليه ، والمقصود من هجر العامل : هجران أهل البدع والمعاصي ، وذلك مشروط بأن تتحققالمصلحة من هجرهم ، فيتركوا ما كانوا عليه من الذنوب والمعاصي ، أما إن كان الهجرلا ينفع ، ولم تتحقق المصلحة المرجوّة منه ، فإنه يكون محرماً .

    ومما يُلاحظفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصّ المرأة بالذكر من بين متاع الدنيا فيقوله : ( أو امرأة ينكحها ) ، بالرغم من أنها داخلة فيعموم الدنيا ؛ وذلك زيادة في التحذير من فتنة النساء ؛ لأن الافتتان بهنّ أشد ،مِصداقاً للحديث النبوي : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال منالنساء ) متفق عليه ، وفي قوله : ( فهجرته إلى ما هاجرإليه ) ، لم يذكر ما أراده من الدنيا أو المرأة ، وعبّر عنه بالضمير في قوله : ( ما هاجر إليه ) ، وذلك تحقيراً لما أراده من أمرالدنيا واستهانةً به واستصغاراً لشأنه ، حيث لم يذكره بلفظه .

    ومما يستفادمن هذا الحديث - علاوة على ماتقدم - : أن على الداعية الناجح أن يضرب الأمثال لبيانوإيضاح الحق الذي يحمله للناس ؛ وذلكلأن النفس البشرية جبلت على محبة سماع القصصوالأمثال ، فالفكرة مع المثل تطرق السمع ، وتدخل إلى القلب من غير استئذان ،وبالتالي تترك أثرها فيه ، لذلك كثر استعمالها في الكتاب والسنة ، نسأل الله تعالىأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، والحمد لله رب العالمين.




    ‏حدثنا ‏ ‏الحميدي عبد الله بن الزبير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏سفيان ‏‏قال حدثنا ‏ ‏يحيى بن سعيد الأنصاري ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏محمد بن إبراهيم التيمي ‏‏أنه سمع ‏ ‏علقمة بن وقاص الليثي ‏ ‏يقول سمعت ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنه ‏‏على المنبر ‏

    ‏قال سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏إنماالأعمال ‏ ‏بالنيات ‏ ‏وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا ‏ ‏يصيبها ‏‏أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ‏





    فتح الباريبشرح صحيح البخاري


    ‏قوله : ( حدثنا الحميدي ) ‏

    ‏هو أبو بكر عبد الله بنالزبير بن عيسى , منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي رهطخديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , يجتمع معها في أسد ويجتمع مع النبي صلى اللهعليه وسلم في قصي . وهو إمام كبير مصنف , رافق الشافعي في الطلب عن ابن عيينةوطبقته وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر , ورجع بعد وفاته إلى مكة إلى أن مات بهاسنة تسع عشرة ومائتين . فكأن البخاري امتثل قوله صلى الله عليه وسلم " قدموا قريشا " فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي لكونه أفقه قرشي أخذ عنه . وله مناسبة أخرىلأنه مكي كشيخه فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي لأن ابتداءه كان بمكة , ومنثم ثنى بالرواية عن مالك لأنه شيخ أهل المدينة وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفيجميع الفضل , ومالك وابن عيينة قرينان , قال الشافعي : لولاهما لذهب العلم منالحجاز . ‏


    ‏قوله : ( حدثنا سفيان ) ‏

    ‏هو ابن عيينة بن أبي عمرانالهلالي أبو محمد المكي , أصله ومولده الكوفة , وقد شارك مالكا في كثير من شيوخهوعاش بعده عشرين سنة , وكان يذكر أنه سمع من سبعين من التابعين . ‏


    ‏قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) ‏

    ‏في رواية غير أبي ذر : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري . اسم جده قيس بن عمرو وهو صحابي , ويحيى من صغار التابعين , وشيخه محمد بن إبراهيمبن الحارث بن خالد التيمي من أوساط التابعين , وشيخ محمد علقمة بن وقاص الليثي منكبارهم , ففي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق . وفي المعرفة لابن منده ما ظاهرهأن علقمة صحابي , فلو ثبت لكان فيه تابعيان وصحابيان , وعلى رواية أبي ذر يكون قداجتمع في هذا الإسناد أكثر الصيغ التي يستعملها المحدثون , وهي التحديث والإخباروالسماع والعنعنة والله أعلم . وقد اعترض على المصنف في إدخاله حديث الأعمال هذا فيترجمة بدء الوحي وأنه لا تعلق له به أصلا , بحيث إن الخطابي في شرحه والإسماعيلي فيمستخرجه أخرجاه قبل الترجمة لاعتقادهما أنه إنما أورده للتبرك به فقط , واستصوب أبوالقاسم بن منده صنيع الإسماعيلي في ذلك , وقال ابن رشيد : لم يقصد البخاري بإيرادهسوى بيان حسن نيته فيه في هذا التأليف , وقد تكلفت مناسبته للترجمة , فقال : كلبحسب ما ظهر له . انتهى . وقد قيل : إنه أراد أن يقيمه مقام الخطبة للكتاب ; لأن فيسياقه أن عمر قاله على المنبر بمحضر الصحابة , فإذا صلح أن يكون في خطبة المنبر صلحأن يكون في خطبة الكتب . وحكى المهلب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به حين قدمالمدينة مهاجرا , فناسب إيراده في بدء الوحي ; لأن الأحوال التي كانت قبل الهجرةكانت كالمقدمة لها لأن بالهجرة افتتح الإذن في قتال المشركين , ويعقبه النصر والظفروالفتح انتهى . وهذا وجه حسن , إلا أنني لم أر ما ذكره - من كونه صلى الله عليهوسلم - خطب به أول ما هاجر - منقولا . وقد وقع في باب ترك الحيل بلفظ : سمعت رسولالله صلى الله عليه وسلم يقول " يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية " الحديث , ففيهذا إيماء إلى أنه كان في حال الخطبة , أما كونه كان في ابتداء قدومه إلى المدينةفلم أر ما يدل عليه , ولعل قائله استند إلى ما روي في قصة مهاجر أم قيس , قال ابندقيق العيد : نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرةوإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس , فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ماينوى به , انتهى . وهذا لو صح لم يستلزم البداءة بذكره أول الهجرة النبوية . وقصةمهاجر أم قيس رواها سعيد من منصور قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبدالله - هو ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك , هاجر رجل ليتزوجامرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس ورواه الطبراني من طريق أخرى عنالأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجرفهاجر فتزوجها , فكنا نسميه مهاجر أم قيس . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , لكنليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك , ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريحبذلك . وأيضا فلو أراد البخاري إقامته مقام الخطبة فقط أو الابتداء به تيمناوترغيبا في الإخلاص لكان ساقه قبل الترجمة كما قال الإسماعيلي وغيره ونقل ابن بطالعن أبي عبد الله بن النجار قال : التبويب يتعلق بالآية والحديث معا ; لأن اللهتعالى أوحى إلى الأنبياء ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات لقولهتعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } . ‏
    ‏وقال أبو العالية فيقوله تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } قال وصاهم بالإخلاص في عبادته . وعن أبي عبد الملك البوني قال : مناسبة الحديث للترجمة أن بدء الوحي كان بالنية ; لأن الله تعالى فطر محمدا على التوحيد وبغض إليه الأوثان ووهب له أول أسباب النبوةوهي الرؤيا الصالحة , فلما رأى ذلك أخلص إلى الله في ذلك فكان يتعبد بغار حراء فقبلالله عمله وأتم له النعمة . وقال المهلب ما محصله : قصد البخاري الإخبار عن حالالنبي صلى الله عليه وسلم في حال منشئه وأن الله بغض إليه الأوثان وحبب إليه خلالالخير ولزوم الوحدة فرارا من قرناء السوء , فلما لزم ذلك أعطاه الله على قدر نيتهووهب له النبوة كما يقال الفواتح عنوان الخواتم . ولخصه بنحو من هذا القاضي أبو بكربن العربي . ‏
    ‏وقال ابن المنير في أول التراجم : كان مقدمة النبوة في حق النبيصلى الله عليه وسلم الهجرة إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء فناسب الافتتاحبحديث الهجرة . ومن المناسبات البديعة الوجيزة ما تقدمت الإشارة إليه أن الكتاب لماكان موضوعا لجمع وحي السنة صدره ببدء الوحي , ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعيةصدره بحديث الأعمال , ومع هذه المناسبات لا يليق الجزم بأنه لا تعلق له بالترجمةأصلا . والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيمقدر هذا الحديث : قال أبو عبد الله : ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيءأجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث . واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيمانقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو داود والترمذي والدارقطنيوحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام , ومنهم من قال ربعه , واختلفوا في تعيين الباقي . وقال ابن مهدي أيضا : يدخل في ثلاثين بابا من العلم , وقال الشافعي : يدخل فيسبعين بابا , ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة . وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضا : ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب . ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبديقع بقلبه ولسانه وجوارحه , فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ; لأنها قد تكونعبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها , ومن ثم ورد : نية المؤمن خير من عمله , فإذانظرت إليها كانت خير الأمرين . وكلام الإمام أحمد يدل على أنه بكونه ثلث العلم أنهأراد أحد القواعد الثلاثة التي ترد إليها جميع الأحكام عنده , وهي هذا و " من عملعملا ليس عليه أمرنا فهو رد " و " الحلال بين والحرام بين " الحديث . ثم إن هذاالحديث متفق على صحته أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ , ووهم من زعم أنه فيالموطأ مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك , وقال أبو جعفر الطبري : قديكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودا لكونه فردا ; لأنه لا يروى عن عمر إلامن رواية علقمة , ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بنإبراهيم إلا من رواية يحيى بن سعيد , وهو كما قال , فإنه إنما اشتهر عن يحيى بنسعيد وتفرد به من فوقه وبذلك جزم الترمذي والنسائي والبزار وابن السكن وحمزة بنمحمد الكناني , وأطلق الخطابي نفي الخلاف بين أهل الحديث في أنه لا يعرف إلا بهذاالإسناد , وهو كما قال لكن بقيدين : ‏
    ‏أحدهما : الصحة لأنه ورد من طرق معلولةذكرها الدارقطني وأبو القاسم بن منده وغيرهما . ‏

    ‏ثانيهما : السياق لأنه ورد فيمعناه عدة أحاديث صحت في مطلق النية كحديث عائشة وأم سلمة عند مسلم " يبعثون علىنياتهم " , وحديث ابن عباس " ولكن جهاد ونية " , وحديث أبي موسى " من قاتل لتكونكلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليهما , وحديث ابن مسعود " رب قتيلبين الصفين الله أعلم بنيته " أخرجه أحمد , وحديث عبادة " من غزا وهو لا ينوي إلاعقالا فله ما نوى " أخرجه النسائي , إلى غير ذلك مما يتعسر حصره , وعرف بهذاالتقرير غلط من زعم أن حديث عمر متواتر , إلا إن حمل على التواتر المعنوي فيحتمل . نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد : فحكى محمد بن علي بن سعيد النقاش الحافظ أنه رواهعن يحيى مائتان وخمسون نفسا , وسرد أسماءهم أبو القاسم بن منده فجاوز الثلثمائة , وروى أبو موسى المديني عن بعض مشايخه مذاكرة عن الحافظ أبي إسماعيل الأنصاري الهرويقال : كتبته من حديث سبعمائة من أصحاب يحيى . قلت : وأنا أستبعد صحة هذا , فقدتتبعت طرقه من الروايات المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذافما قدرت على تكميل المائة , وقد تتبعت طرق غيره فزادت على ما نقل عمن تقدم , كماسيأتي مثال لذلك في الكلام على حديث ابن عمر في غسل الجمعة إن شاء الله تعالى .


    ‏قوله : ( على المنبر ) ‏

    ‏بكسر الميم , واللام للعهد , أي منبر المسجدالنبوي , ووقع في رواية حماد بن زيد عن يحيى في ترك الحيل : سمعت عمر يخطب .


    ‏قوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ‏

    ‏كذا أورد هنا , وهو من مقابلةالجمع بالجمع , أي كل عمل بنيته . وقال الخوبي كأنه أشار بذلك إلى أن النية تتنوعكما تتنوع الأعمال كمن قصد بعمله وجه الله أو تحصيل موعوده أو الاتقاء لوعيده . ووقع في معظم الروايات بإفراد النية , ووجههأن محل النية القلب وهو متحد فناسبإفرادها . بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها ; ولأنالنية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له . ووقعت في صحيح ابن حبانبلفظ " الأعمال بالنيات " بحذف " إنما " وجمع الأعمال والنيات , وهي ما وقع في كتابالشهاب للقضاعي ووصله في مسنده كذلك , وأنكره أبو موسى المديني كما نقله النوويوأقره , وهو متعقب برواية ابن حبان , بل وقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري فيكتاب الإيمان بلفظ " الأعمال بالنية " , وكذا في العتق من رواية الثوري , وفيالهجرة من رواية حماد بن زيد , ووقع عنده في النكاح بلفظ " العمل بالنية " بإفرادكل منهما . والنية بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور , وفي بعض اللغاتبتخفيفها . قال الكرماني قوله " إنما الأعمال بالنيات " هذا التركيب يفيد الحصر عندالمحققين , واختلف في وجه إفادته فقيل لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيدللاستغراق , وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية , وقيل لأنإنما للحصر , وهل إفادتها له بالمنطوق أو بالمفهوم , أو تفيد الحصر بالوضع أو العرف , أو تفيده بالحقيقة أو بالمجاز ؟ ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنها تفيده بالمنطوقوضعا حقيقيا , بل نقله شيخنا شيخ الإسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعةإلا اليسير كالآمدي , وعلى العكس من ذلك أهل العربية , واحتج بعضهم بأنها لو كانتللحصر لما حسن إنما قام زيد في جواب هل قام عمرو , أجيب بأنه يصح أنه يقع في مثلهذا الجواب ما قام إلا زيد وهي للحصر اتفاقا , وقيل : لو كانت للحصر لاستوى إنماقام زيد مع ما قام إلا زيد , ولا تردد في أن الثاني أقوى من الأول , وأجيب بأنه لايلزم من هذه القوة نفي الحصر فقد يكون أحد اللفظين أقوى من الآخر مع اشتراكهما فيأصل الوضع كسوف والسين , وقد وقع استعمال إنما موضع استعمال النفي والاستثناء كقولهتعالى ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) وكقوله : ( وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ) وقوله : ( إنما على رسولنا البلاغ المبين ) وقوله : ( ما على الرسول إلا البلاغ) ومن شواهده قول الأعشى : ‏ ‏ولست بالأكثر منهم حصى ‏ ‏وإنما العزة للكاثر ‏ ‏يعنيما ثبتت العزة إلا لمن كان أكثر حصى . واختلفوا : هل هي بسيطة أو مركبة , فرجحواالأول , وقد يرجح الثاني , ويجاب عما أورد عليه من قولهم إن " إن " للإثبات و " ما " للنفي فيستلزم اجتماع المتضادين على صدد واحد بأن يقال مثلا : أصلهما كان للإثباتوالنفي , لكنهما بعد التركيب لم يبقيا على أصلهما بل أفادا شيئا آخر , أشار إلى ذلكالكرماني قال : وأما قول من قال إفادة هذا السياق للحصر من جهة أن فيه تأكيدا بعدتأكيد وهو المستفاد من إنما ومن الجمع , فتعقب بأنه من باب إيهام العكس ; لأن قائلهلما رأى أن الحصر فيه تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما وقع كذلك يفيد الحصر . وقال ابندقيق العيد : استدل على إفادة إنما للحصر بأن ابن عباس استدل على أن الربا لا يكونإلا في النسيئة بحديث " إنما الربا في النسيئة " , وعارضه جماعة من الصحابة فيالحكم ولم يخالفوه في فهمه فكان كالاتفاق منهم على أنها تفيد الحصر . وتعقب باحتمالأن يكونوا تركوا المعارضة بذلك تنزلا . وأما من قال : يحتمل أن يكون اعتمادهم علىقوله " لا ربا إلا في النسيئة " لورود ذلك في بعض طرق الحديث المذكور , فلا يفيدذلك في رد إفادة الحصر , بل يقويه ويشعر بأن مفاد الصيغتين عندهم واحد , وإلا لمااستعملوا هذه موضع هذه . وأوضح من هذا حديث " إنما الماء من الماء " فإن الصحابةالذين ذهبوا إليه لم يعارضهم الجمهور في فهم الحصر منه , وإنما عارضهم في الحكم منأدلة أخرى كحديث " إذا التقى الختانان " وقال ابن عطية : إنما لفظ لا يفارقهالمبالغة والتأكيد حيث وقع , ويصلح مع ذلك للحصر إن دخل في قصة ساعدت عليه , فجعلوروده للحصر مجازا يحتاج إلى قرينة , وكلام غيره على العكس من ذلك وأن أصل ورودهاللحصر , لكن قد يكون في شيء مخصوص كقوله تعالى ( إنما الله إله واحد ) فإنه سيقباعتبار منكري الوحدانية , وإلا فلله سبحانه صفات أخرى كالعلم والقدرة , وكقولهتعالى ( إنما أنت منذر ) فإنه سيق باعتبار منكري الرسالة , وإلا فله صلى الله عليهوسلم صفات أخرى كالبشارة , إلى غير ذلك من الأمثلة . وهي - فيما يقال - السبب فيقول من منع إفادتها للحصر مطلقا . ‏
    ‏( تكميل ) : ‏
    ‏الأعمال تقتضي عاملين , والتقدير : الأعمال الصادرة من المكلفين , وعلى هذا هل تخرج أعمال الكفار ؟ الظاهرالإخراج ; لأن المراد بالأعمال أعمال العبادة وهي لا تصح من الكافر وإن كان مخاطبابها معاقبا على تركها ولا يرد العتق والصدقة لأنهما بدليل آخر . ‏
    ‏قوله : ( بالنيات ) الباء للمصاحبة , ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنهاسبب في إيجاده , وعلى الأول فهي من نفس العمل فيشترط أن لا تتخلف عن أوله . قالالنووي : النية القصد , وهي عزيمة القلب . وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدرزائد على أصل القصد . واختلف الفقهاء هل هي ركن أو شرط ؟ والمرجح أن إيجادها ذكرافي أول العمل ركن , واستصحابها حكما بمعنى أن لا يأتي بمناف شرعا شرط . ولا بد منمحذوف يتعلق به الجار والمجرور , فقيل تعتبر وقيل تكمل وقيل تصح وقيل تحصل وقيلتستقر . قال الطيبي : كلام الشارع محمول على بيان الشرع ; لأن المخاطبين بذلك همأهل اللسان , فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع , فيتعين الحملعلى ما يفيد الحكم الشرعي . وقال البيضاوي : النية عبارة عن انبعاث القلب نحو مايراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلا , والشرع خصصه بالإرادةالمتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله وامتثال حكمه . والنية في الحديث محمولة علىالمعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر , فإنه تفصيل لماأجمل , والحديث متروك الظاهر لأن الذوات غير منتفية , إذ التقدير : لا عمل إلابالنية , فليس المراد نفي ذات العمل لأنه قد يوجد بغير نية , بل المراد نفي أحكامهاكالصحة والكمال , لكن الحمل على نفي الصحة أولى لأنه أشبه بنفي الشيء نفسه ; ولأناللفظ دل على نفي الذات بالتصريح وعلى نفي الصفات بالتبع , فلما منع الدليل نفيالذات بقيت دلالته على نفي الصفات مستمرة . وقال شيخنا شيخ الإسلام : الأحسن تقديرما يقتضي أن الأعمال تتبع النية , لقوله في الحديث " فمن كانت هجرته " إلى آخره . وعلى هذا يقدر المحذوف كونا مطلقا من اسم فاعل أو فعل . ثم لفظ العمل يتناول فعلالجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال . قال ابن دقيق العيد : وأخرج بعضهم الأقوال وهوبعيد , ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها . وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف لكنلا يطلق عليها لفظ العمل . وقد تعقب على من يسمي القول عملا لكونه عمل اللسان , بأنمن حلف لا يعمل عملا فقال قولا لا يحنث . وأجيب بأن مرجع اليمين إلى العرف , والقوللا يسمى عملا في العرف ولهذا يعطف عليه . والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقةويدخل مجازا , وكذا الفعل , لقوله تعالى ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) بعد قوله : ( زخرف القول ) . وأما عمل القلب كالنية فلا يتناولها الحديث لئلا يلزم التسلسل , والمعرفة : وفي تناولها نظر , قال بعضهم : هو محال لأن النية قصد المنوي , وإنمايقصد المرء ما يعرف فيلزم أن يكون عارفا قبل المعرفة . وتعقبه شيخنا شيخ الإسلامسراج الدين البلقيني بما حاصله : إن كان المراد بالمعرفة مطلق الشعور فمسلم , وإنكان المراد النظر في الدليل فلا ; لأن كل ذي عقل يشعر مثلا بأن له من يدبره , فإذاأخذ في النظر في الدليل عليه ليتحققه لم تكن النية حينئذ محالا . وقال ابن دقيقالعيد : الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال , والذين لم يشترطوها قدروا كمالالأعمال , ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى . وفي هذا الكلام إيهام أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية , وليس الخلاف بينهم فيذلك إلا في الوسائل , وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها , ومن ثمخالف الحنفية في اشتراطها للوضوء , وخالف الأوزاعي في اشتراطها في التيمم أيضا . نعم بين العلماء اختلاف في اقتران النية بأول العمل كما هو معروف في مبسوطات الفقه .
    ‏( تكميل ) : ‏

    ‏الظاهر أن الألف واللام في النيات معاقبة للضمير , والتقدير الأعمال بنياتها , وعلى هذا فيدل على اعتبار نية العمل من كونه مثلا صلاةأو غيرها , ومن كونها فرضا أو نفلا , ظهرا مثلا أو عصرا , مقصورة أو غير مقصورة وهليحتاج في مثل هذا إلى تعيين العدد ؟ فيه بحث . والراجح الاكتفاء بتعيين العبادةالتي لا تنفك عن العدد المعين , كالمسافر مثلا ليس له أن يقصر إلا بنية القصر , لكنلا يحتاج إلى نية ركعتين لأن ذلك هو مقتضى القصر والله أعلم . ‏


    ‏قوله : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) ‏

    ‏قال القرطبي : فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص فيالأعمال , فجنح إلى أنها مؤكدة , وقال غيره : بل تفيد غير ما أفادته الأولى ; لأنالأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها , فيترتب الحكم على ذلك , والثانيةأفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه وقال ابن دقيق العيد : الجملة الثانيةتقتضي أن من نوى شيئا يحصل له - يعني إذا عمله بشرائطه - أو حال دون عمله له مايعذر شرعا بعدم عمله وكل ما لم ينوه لم يحصل له . ومراده بقوله " ما لم ينوه " أيلا خصوصا ولا عموما , أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية عامة تشملهفهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء . ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى . وقد يحصلغير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصلله تحية المسجد نواها أو لم ينوها ; لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل , وهذابخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح ; لأنغسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيم فلا بد فيه من القصد إليه , بخلاف تحية المسجد والله أعلم . وقال النووي : أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيينالمنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أوعصرا , ولا يخفى أن محله ما إذا لم تنحصر الفائتة . وقال ابن السمعاني في أماليه : أفادت أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة , كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة . وقال غيره : أفادت أن النيابة لا تدخل فيالنية , فإن ذلك هو الأصل , فلا يرد مثل نية الولي عن الصبي ونظائره فإنها على خلافالأصل . وقال ابن عبد السلام : الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال , والثانيةلبيان ما يترتب عليها . وأفاد أن النية إنما تشترط في العبادة التي لا تتميز بنفسها , وأما ما يتميز بنفسه فإنه ينصرف بصورته إلى ما وضع له كالأذكار والأدعية والتلاوةلأنها لا تتردد بين العبادة والعادة . ولا يخفى أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصلالوضع , أما ما حدث فيه عرف كالتسبيح للتعجب فلا , ومع ذلك فلو قصد بالذكر القربةإلى الله تعالى لكان أكثر ثوابا , ومن ثم قال الغزالي : حركة اللسان بالذكر معالغفلة عنه تحصل الثواب ; لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة , بل هو خير من السكوتمطلقا , أي المجرد عن التفكر . قال : وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب انتهى . ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " في بضع أحدكم صدقة " ثم قال في الجواب عن قولهم " أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ " : " أرأيت لو وضعها في حرام " . وأورد على إطلاقالغزالي أنه يلزم منه أن المرء يثاب على فعل مباح لأنه خير من فعل الحرام , وليسذلك مراده . وخص من عموم الحديث ما يقصد حصوله في الجملة فإنه لا يحتاج إلى نيةتخصه كتحية المسجد كما تقدم , وكمن مات زوجها فلم يبلغها الخبر إلا بعد مدة العدةفإن عدتها تنقضي ; لأن المقصود حصول براءة الرحم وقد وجدت , ومن ثم لم يحتج المتروكإلى نية . ونازع الكرماني في إطلاق الشيخ محيي الدين كون المتروك لا يحتاج إلى نيةبأن الترك فعل وهو كف النفس , وبأن التروك إذا أريد بها تحصيل الثواب بامتثال أمرالشارع فلا بد فيها من قصد الترك , وتعقب بأن قوله " الترك فعل " مختلف فيه , ومنحق المستدل على المانع أن يأتي بأمر متفق عليه . وأما استدلاله الثاني فلا يطابقالمورد ; لأن المبحوث فيه هل تلزم النية في التروك بحيث يقع العقاب بتركها ؟ والذيأورده هل يحصل الثواب بدونها ؟ والتفاوت بين المقامين ظاهر . والتحقيق أن التركالمجرد لا ثواب فيه , وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس , فمن لم تخطرالمعصية بباله أصلا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى , فرجع الحالإلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه , لا الترك المجرد . والله أعلم .
    ‏( تنبيه ) : ‏

    ‏قال الكرماني : إذا قلنا إن تقديم الخبر على المبتدأيفيد القصر ففي قوله " وإنما لكل امرئ ما نوى " نوعان من الحصر : قصر المسند علىالمسند إليه إذ المراد إنما لكل امرئ ما نواه , والتقديم المذكور . ‏


    ‏قوله : ( فمن كانت هجرته إلى دنيا ) ‏

    ‏كذا وقع في جميع الأصول التي اتصلت لنا عنالبخاري بحذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله إلخ " قال الخطابي : وقع هذا الحديث في روايتنا وجميع نسخ أصحابنا مخروما قد ذهب شطره , ولست أدري كيف وقع هذا الإغفال , ومن جهة من عرض من رواته ؟ فقد ذكره البخاري منغير طريق الحميدي مستوفى , وقد رواه لنا الأثبات من طريق الحميدي تاما , ونقل ابنالتين كلام الخطابي مختصرا وفهم من قوله مخروما أنه قد يريد أن في السند انقطاعافقال من قبل نفسه لأن البخاري لم يلق الحميدي , وهو مما يتعجب من إطلاقه مع قولالبخاري " حدثنا الحميدي " وتكرار ذلك منه في هذا الكتاب , وجزم كل من ترجمه بأنالحميدي من شيوخه في الفقه والحديث , وقال ابن العربي في مشيخته : لا عذر للبخاريفي إسقاطه لأن الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام . قال : وذكر قوم أنهلعله استملاه من حفظ الحميدي فحدثه هكذا فحدث عنه كما سمع أو حدثه به تاما فسقط منحفظ البخاري . قال : وهو أمر مستبعد جدا عند من اطلع على أحوال القوم . وقالالداودي الشارح : الإسقاط فيه من البخاري فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل علىذلك انتهى . وقد رويناه من طريق بشر بن موسى وأبي إسماعيل الترمذي وغير واحد عنالحميدي تاما , وهو في مصنف قاسم بن أصبغ ومستخرجي أبي نعيم وصحيح أبي عوانة منطريق الحميدي , فإن كان الإسقاط من غير البخاري فقد يقال : لم اختار الابتداء بهذاالسياق الناقص ؟ والجواب قد تقدمت الإشارة إليه , وأنه اختار الحميدي لكونه أجلمشايخه المكيين إلى آخر ما تقدم في ذلك من المناسبة , وإن كان الإسقاط منه فالجوابما قاله أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ في أجوبة له على البخاري : إن أحسن مايجاب به هنا أن يقال : لعل البخاري قصد أن يجعل لكتابه صدرا يستفتح به على ما ذهبإليه كثير من الناس من استفتاح كتبهم بالخطب المتضمنة لمعاني ما ذهبوا إليه منالتأليف , فكأنه ابتدأ كتابه بنية رد علمها إلى الله , فإن علم منه أنه أراد الدنياأو عرض إلى شيء من معانيها فسيجزيه بنيته . ونكب عن أحد وجهي التقسيم مجانبةللتزكية التي لا يناسب ذكرها في ذلك المقام . انتهى ملخصا . وحاصله أن الجملةالمحذوفة تشعر بالقربة المحضة , والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصدهيحصل القربة أو لا , فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذاالحديث حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارا من التزكية , وبقيت الجملةالمترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته . ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم , وكانمن رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط وإيثارالأغمض على الأجلى وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره , استعملجميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وإسنادا . وقد وقع في رواية حماد بنزيد في باب الهجرة تأخر قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " عن قوله " فمنكانت هجرته إلى دنيا يصيبها " , فيحتمل أن تكون رواية الحميدي وقعت عند البخاريكذلك فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث . وعلى تقدير أن لا يكون ذلك فهو مصير من البخاري إلى جواز الاختصار في الحديث ولو منأثنائه . وهذا هو الراجح , والله أعلم . وقال الكرماني في غير هذا الموضع : إن كانالحديث عند البخاري تاما لم خرمه في صدر الكتاب , مع أن الخرم مختلف في جوازه ؟ قلت : لا جزم بالخرم ; لأن المقامات مختلفة , فلعله - في مقام بيان أن الإيمان بالنيةواعتقاد القلب - سمع الحديث تاما , وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما يصح بالنيةسمع ذلك القدر الذي روي . ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه , ثمإن كان منه فخرمه ثم لأن المقصود يتم بذلك المقدار . فإن قلت : فكان المناسب أنيذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده , وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ورسوله . قلت : لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس . انتهى . وهو كلام من لم يطلععلى شيء من أقوال من قدمت ذكره من الأئمة على هذا الحديث , ولا سيما كلام ابنالعربي . وقال في موضع آخر : إن إيراد الحديث تاما تارة وغير تام تارة إنما هواختلاف الرواة , فكل منهم قد روى ما سمعه فلا خرم من أحد , ولكن البخاري يذكرها فيالمواضع التي يناسب كلا منها بحسب الباب الذي يضعه ترجمة له , انتهى وكأنه لم يطلععلى حديث أخرجه البخاري بسند واحد من ابتدائه إلى انتهائه فساقه في موضع تاما وفيموضع مقتصرا على بعضه , وهو كثير جدا في الجامع الصحيح , فلا يرتاب من يكون الحديثصناعته أن ذلك من تصرفه ; لأنه عرف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحدفي موضع على وجهين , بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثانيبالسند الثاني وهكذا ما بعده , وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارةبالجزم إن كان صحيحا وتارة بغيره إن كان فيه شيء , وما ليس له إلا سند واحد يتصرففي متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق , ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامهسندا ومتنا في موضعين أو أكثر إلا نادرا , فقد عني بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منهنحو عشرين موضعا . ‏

    ‏قوله : ( هجرته ) الهجرة : الترك , والهجرة إلى الشيء : الانتقال إليه عن غيره . وفي الشرع : ترك ما نهى الله عنه . وقد وقعت في الإسلامعلى وجهين : الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشةوابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة , الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمانوذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك منالمسلمين . وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة , إلى أن فتحت مكةفانقطع من الاختصاص , وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا . فإنقيل : الأصل تغاير الشرط والجزاء فلا يقال مثلا : من أطاع أطاع وإنما يقال مثلا : من أطاع نجا , وقد وقعا في هذا الحديث متحدين , فالجواب أن التغاير يقع تارة باللفظوهو الأكثر , وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق , ومن أمثلته قوله تعالى ( ومن تابوعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) وهو مؤول على إرادة المعهود المستقر فيالنفس , كقولهم : أنت أنا . أي : الصديق الخالص , وقولهم : هم هم . أي : الذين لايقدر قدرهم , وقول الشاعر ‏ ‏أنا أبو النجم وشعري شعري ‏ ‏, أو هو مؤول على إقامةالسبب مقام المسبب لاشتهار السبب . وقال ابن مالك : قد يقصد بالخبر الفرد بيانالشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظا كقول الشاعر : ‏ ‏خليلي خليلي دون ريبوربما ‏ ‏ألان امرؤ قولا فظن خليلا ‏ ‏وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك : منقصدني فقد قصدني . أي : فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده , وقال غيره : إذا اتحد لفظالمبتدأ والخبر والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم وإما في التحقير .


    ‏قوله : ( إلى دنيا ) ‏

    ‏بضم الدال , وحكى ابن قتيبة كسرها , وهيفعلى من الدنو أي : القرب , سميت بذلك لسبقها للأخرى . وقيل : سميت دنيا لدنوها إلىالزوال . واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو , وقيل كل المخلوقاتمن الجواهر والأعراض , والأولى أولى . لكن يزاد فيه مما قبل قيام الساعة , ويطلقعلى كل جزء منها مجازا . ثم إن لفظها مقصور غير منون , وحكي تنوينها , وعزاه ابندحية إلى رواية أبي الهيثم الكشميهني وضعفها , وحكي عن ابن مغاور أن أبا الهروي فيآخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم حيث ينفرد ; لأنه لم يكن من أهل العلم . قلت : وهذا ليس على إطلاقه , فإن في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من روايةغيره , كما سيأتي مبينا في مواضعه . وقال التيمي في شرحه : قوله " دنيا " هو تأنيثالأدنى ليس بمصروف , لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث . وتعقب بأن لزوم التأنيثللألف المقصورة كاف في عدم الصرف , وأما الوصفية فقال ابن مالك : استعمال دنيامنكرا فيه إشكال ; لأنها فعل التفضيل , فكان من حقها أن تستعمل باللام كالكبرىوالحسنى , قال : إلا أنها خلعت عنها الوصفية أو أجريت مجرى ما لم يكن وصفا قط , ومثله قول الشاعر : ‏ ‏وإن دعوت إلى جلى ومكرمة ‏ ‏يوما سراة كرام الناس فادعينا ‏‏وقال الكرماني : قوله " إلى " يتعلق بالهجرة إن كان لفظ كانت تامة , أو هو خبرلكانت إن كانت ناقصة . ثم أورد ما محصله : أن لفظ كان إن كان للأمر الماضي فلا يعلمما الحكم بعد صدور هذا القول في ذلك . وأجاب بأنه يجوز أن يراد بلفظ كان الوجود منغير تقييد بزمان , أو يقاس المستقبل على الماضي , أو من جهة أن حكم المكلفين سواء .


    ‏قوله : ( يصيبها ) ‏

    ‏أي يحصلها ; لأن تحصيلها كإصابة الغرض بالسهمبجامع حصول المقصود . ‏


    ‏قوله : ( أو امرأة ) ‏

    ‏قيل التنصيص عليها منالخاص بعد العام للاهتمام به . وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم فيالإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها . وتعقب بكونها في سياق الشرط فتعم , ونكتةالاهتمام الزيادة في التحذير ; لأن الافتتان بها أشد . وقد تقدم النقل عمن حكى أنسبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته . ونقل ابن دحية أن اسمها قيلةبقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنة , وحكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيصالمرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية , ويراعون الكفاءة في النسب , فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينةليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى . ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذاالمهاجر كان مولى وكانت المرأة عربية , وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوجخلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام , وإطلاقه أن الإسلام أبطلالكفاءة في مقام المنع . ‏


    ‏قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ‏

    ‏يحتملأن يكون ذكره بالضمير ليتناول ما ذكر من المرأة وغيرها , وإنما أبرز الضمير فيالجملة التي قبلها وهي المحذوفة لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما , بخلاف الدنيا والمرأة فإن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون قوله " إلى ما هاجر إليه " متعلقا بالهجرة , فيكون الخبر محذوفاوالتقدير قبيحة أو غير صحيحة مثلا , ويحتمل أن يكون خبر فهجرته والجملة خبر المبتدأالذي هو " من كانت " انتهى . وهذا الثاني هو الراجح ; لأن الأول يقتضي أن تلكالهجرة مذمومة مطلقا , وليس كذلك , إلا إن حمل على تقدير شيء يقتضي التردد أوالقصور عن الهجرة الخالصة كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا فلاتكون قبيحة ولا غير صحيحة , بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة , وإنماأشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة , فأمامن طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة لكن دون ثواب من أخلص , وكذامن طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله ; لأنه من الأمر المباح الذي قديثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف . ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبيطلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال : تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهماالإسلام , أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت : إني قد أسلمت , فإن أسلمتتزوجتك . فأسلم فتزوجته . وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهه وضم إلىذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية , أو بطوافه العبادةوملازمة الغريم . واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هوالأغلب لم يكن فيه أجر , أو الديني أجر بقدره , وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئينفلا أجر . وأما إذا نوى العبادة وخالطها بشيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفربن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء , فإن كان ابتداؤه لله خالصالم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب أو غيره . والله أعلم . واستدل بهذا الحديث علىأنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ; لأن فيه أن العمل يكون منتفيا إذاخلا عن النية , ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة الحكم , وعلى أن الغافل لاتكليف عليه ; لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد , وعلى أن من صامتطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث , لكن تمسكمن قال بانعطافها بدليل آخر , ونظيره حديث " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " أي : أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت , وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى , وعلى أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكنغفلتهم عنه ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه , خلافا لمن أعل بذلك ; لأنعلقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة . واستدلبمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه , ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فإنالراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية , بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهمشيخنا شيخ الإسلام وقال : الجمع ليس بعمل , وإنما العمل الصلاة . ويقوي ذلك أنهعليه الصلاة والسلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه , ولو كانشرطا لأعلمهم به , واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنسأن نية الجنس تكفي , كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره ; لأن معنىالحديث أن الأعمال بنياتها , والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهوغير محوج إلى تعيين سبب , وعلى هذا لو كانت عليه كفارة - وشك في سببها - أجزأهإخراجها بغير تعيين . وفيه زيادة النص على السبب ; لأن الحديث سيق في قصة المهاجرلتزويج المرأة , فذكر الدنيا في القصة زيادة في التحذير والتنفير . وقال شيخنا شيخالإسلام : فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا , فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرةبعموم اللفظ لا بخصوص السبب , وسيأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإيمانحيث قال المصنف في الترجمة فدخل فيه العبادات والأحكام إن شاء الله تعالى , وباللهالتوفيق



    رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه ، قلت : من هذا ؟ ! قالوا : رسول الله - صلى اللهعليه وسلم - ، قلت : عليك السلام يا رسول الله ! مرتين ، قال : لا تقل : عليك السلام ، عليك السلام تحية الميت ! قل : السلام عليك، قال : قلت : السلام عليك ، قال : قلت : أنت رسولالله ؟ ! قال : أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته ؛ كشف عنك ، وإن أصابك عامسنة فدعوته ؛ أنبتها لك ، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة ، فضلت راحلتك فدعوته ؛ ردهاعليك ، قلت : اعهد إلي ، قال :لا تسبنأحدا، فما سببت بعده حرا ، ولا عبدا ، ولا بعيرا ، ولا شاة ،قال : ولا تحقرن شيئا من المعروف ، وأن تكلمأخاك ، وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف ،وارفع إزارك إلى نصف الساق ؛ فإن أبيت فإلىالكعبين، وإياك وإسبال الإزار ؛ فإنها من المخيلة ، وإن الله لايحب المخيلة ،وإن امرؤشتمك وعيرك بما يعلم منك ؛ فلا تعيره بما تعلم منه؛فإنما وبال ذلك عليه

    الراوي: جابربن سليم المحدث: الألباني - المصدر: مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1860
    خلاصة الدرجة: إسناده صحيح

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يول, 2021, 12:23 ص
رد 1
45 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 07:48 ص
ردود 0
901 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Ehab_Ehab1
بواسطة Ehab_Ehab1
 
ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:48 ص
ردود 0
191 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Ehab_Ehab1
بواسطة Ehab_Ehab1
 
ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:10 ص
ردود 0
466 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Ehab_Ehab1
بواسطة Ehab_Ehab1
 
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 8 فبر, 2021, 01:31 ص
ردود 0
34 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
يعمل...
X