جديد // السند والإسناد خصيصه هذه الأمة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

salsapil مسلم اكتشف المزيد حول salsapil
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جديد // السند والإسناد خصيصه هذه الأمة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    السند والإسْناد خصيصة هذه الأمة وأهميته

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاهوبعد فإن السند خصيصه من خصائص هذه الامة اختصها الله سبحانه وتعالى بها حفاظا لشريعة ربنا عز وجل وفى هذا البحث سنتعرف على ماهو السند وماهى اهميتة وكيف نشأ واقوال العلماء فيه ودور المحدثين فى العناية بالسند وعناية هذه الائمة بالسند دون غيرها وطرق رواية الحديث وقد وقسم البحث إلى عدة مباحث
    المبحث الأول : أهمية السنة ومنزلتها من القرآن
    فى هذا المبحث سنتعرف على منزلة السنة من القران واهميتها لسائر العلماء وحاجتهم لمعرفها ثبوتها وصحتها عن النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا أحتاجوا لمعرفة السند عن النبى صلى الله عليه وسلم
    المبحث الثانى : السند والإسناد والفرق بينهم
    فى هذا المبحث القصير سنتعرف على معنى السند والإسناد وهل فرق العلماء بينهم

    المبحث الثالث : نشأة الستد وأهميتة
    وفى هذا المبحث سنتعرف على نشأة السند وان له أصل من الكتاب والسنة و أقوال الأئمة عن أهمية السند وتطورة على مر العصور ومجهود العلماء وعنايتهم به و وبعض من كتبهم التى عنوا فيها بالسند وجمعه متصلا إلى النبى صلى الله عليه وسلم

    المبحث الرابع : أقسام السند
    وفى هذا المبحث سنتعرف على أقسام السند وعدة تصنيفات له وصفاته وعناية العلماء به وبوضع قواعد لمعرفه ما يقبل منه وما يرد وأهمية الرحلات فى طلب الاسناد

    المبحث الخامس : بيان أن السند من خصائص هذه الامة
    سنتعرف فى هذا المبحث على ان السند من خصائص هذه الامة ولم تعنى أمة من الامم السابقة بالسند كهذه الامة وأقوال لبعض الائمة فى ذلك
    المبحث السادس : دورالمحدثين في الاسناد وفضلهم فيه علي غيرهم من علماء الأمة
    سنتعرف فى هذا المبحث على دور علماء الحديث وعنايتهم بموضوع السند وتطوير علوم خادمة للسند كعلم مصطلح الحديث والجرح والتعديل
    المبحث السابع :طرق رواية الحديث

    سنتعرف فيه على طرق رواية الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 18 ينا, 2022, 08:39 م.

  • #2
    المبحث الأول : أهمية السنة ومنزلتها من القرآن



    المصدر الثاني من مصادر التشريع هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو وحيٌ منالله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى "،وسنة النبي صلى الله عليه مبينةٌ وشارحةٌ للكتاب العزيز {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }النحل44،

    ومن أحوال السنة مع كتاب الله عز وجل ثلاث أحوال ( ش )

    1- أن تأتى السنة مثبتة لما جاء بالقرآن
    عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ((إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته . قال : ثم قرأ : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } . )) رواه البخارى
    2- أن تأتى السنة مبينة للقرءان
    وهذه الحالة تنطوى على أربع حالات منها
    أ‌- تفصيل المجمل :
    تأتى آيات القرآن مجملة فتأتى السنة تفصلها قال تعالى ((وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ )) فجاءت السنة موضحة عدد الركعات وأوقاتها وأركانها وشروطها وكذلك الأمر بالنسبة للزكاة
    ب‌- توضيح مشكل :
    أن تكون فى القرآن آيات مشكلة ومتعارضة فى ظاهرها فتوضحها السنة مثلا قوله تعالى ((يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ )) عن عائشة رضى الله عنها قالت ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل : { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } فأين يكون الناس يومئذ ؟ يا رسول الله ! فقال " على الصراط " . )) رواه مسلم
    وكذلك المرأة يطلقها زوجها ثلاثا فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره والنكاح هنا بمعنى الوطء فعن عائشة رضى الله عنها (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للغميصاء لا حتى يذوق من عسيلتك وتذوقي من عسيلته ))

    ت-تخصيص عام :
    ذكر الله تعالى فى الوراثه للاولاد أما السنة فخصصت أن الانبياء لايورثوا وما تركه صدقه وكذلك أختلاف الدين لقوله صلى الله عليه وسلم (( لايرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وليس لقاتل ميراث ))
    وقوله تعالى ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) فهذا النحريم عام وخصصت السنة فى حديث عبد الله بن عمر (( أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال ))
    ت‌- تقييد مطلق :
    قال تعالى ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) فهنا اليدى والسرقة مطلقة فتأتى السنة فتقيد القطع من الرسغ بعد أن كانت مطلقة على اليد والساعد والذراع وكذلك حد السرقة وتحديد النصاب عن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ((لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا )) رواه مسلم

    3- أن تأتى السنة بأحكام سكت عنها القرءان :
    أ‌- كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمراة وخالتها عن ابى هريرة رضى الله عنها قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها )) متفق عليه
    ب‌- تحريم سائر القرابات من الرضاعة لقوله صلى الله عليه وسلم ((إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب )) من حديث على بن ابى طالب فى سنن الترمذى
    ت‌- تحليل ميته البحر لقوله صلى الله عليه وسلم ((سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأ به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته )) رواه البخارى من حديث ابى هريرة رضى الله عنه
    ث‌- تحريم كل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير فقد حرم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم خيبر الحمر الاهليه ولحوم البغال وكل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير


    وبهذا نرى أهمية السنة وأهمية معرفتها واتباع أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم
    وكذلك العلماء يحتاجون لمعرفة السنة فالمفسِّر يُفسِّر القرآن بالقرآن، ثُمَّ بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بأقوال الصحابة ثُمَّ بأقوال التابعين،وكذلك الفقيه لا يستغني عن الحديث، فإنه هو الذي يقول للنَّاس هذا حلال وهذا حرام،فإذا كان لا يَعرف صحيح الأخبار من سَقِيمها فإنه سَيْبني أحْكامًا ويُحل أشياء ويُحرَّم أشياء على ما لا يثبُت من الحديث والأثَر.وغيرهم كثير من الاصولى والمؤرخ و... الخ
    فلو نَظَرْنا إلى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء عن الصحابة والتَابعين وإذا به لابُد أن يكون مروياً بالسَّند،
    لأن المستدل بالسنة يحتاج إلى أمرين هما:
    1 ـ ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلّم.
    2 ـ ثبوت دلالتها على الحكم.
    فتكون العناية بالسنة النبوية أمرًا مهمًا، لأنه ينبني عليها أمرٌ مهم وهو ما كلف الله به العباد من عقائد وعبادات وأخلاق وغير ذلك.
    وثبوت السنة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم يختص بالحديث، لأن القرآن نُقل إلينا نقلًا متواترًا قطعيًا، لفظًا ومعنى، ونقله الأصاغر عن الأكابر، فلا يحتاج إلى البحث عن ثبوته
    (م)

    ولهذا كان الإهتمام بالسند إذ عن طريقه نستطيع معرفة درجة الحديث إذن ماهو السند والاسناد وهل هناك الفرق بينهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 18 ينا, 2022, 08:38 م.

    تعليق


    • #3
      المبحث الثانى : السند والإسناد والفرق بينهم


      السـَّنَد

      لغةً: ما استندت إليه من حائط أو غيره، ومُعتَمَد الإنسان، أو هو ما ارتفع وعلا من سفح الجبل(1).

      واصطلاحاً: هو الطريق الموصل للمتن،أو هم رواة الحديث الذين رووه كل واحد عن الآخر حتى يبلغوا متنه، سواء كان هذا للمتن مرفوعا إلى رسول الله r أو موقوفا على غيره من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم


      وإسناد الحديث: روايته بالإسناد وهم الرواة، وقد يطلق الإسناد ويراد به السند، قال ابن جماعة: المحدثون يستعملون السند والإسناد لشىء واحد (2).

      السند: رجال الحديث أي رواته، فإذا قال: حدثني فلانٌ عن فلان عن فلان، فهؤلاءهم سند الحديث؛ لأن الحديث اعتمد عليهم، وصاروا سنداً له.
      أما (الإسنادُ): فقالبعض المحدثين: الإسناد هو السند، وهذا التعبير يقع كثيراً عندهم فيقولون: إسنادهصحيح، ويعنون بذلك سنده أي الرواة.
      وقال بعضهم: الإسناد هو نسبة الحديث إلىراويه.
      يقالُ: أسند الحديث إلى فلان أي نسبه إليه.
      والصحيح فيه: أنه يُطلقعلى هذا وعلى هذا.
      فيطلق الإسناد أحياناً: على السند الذين هم الرواة.
      ويطلقأحياناً: على نسبة الحديث إلى راويه، فيقال أسند الحديث إلى فلان، أسنده إلى أبيهريرة، أسنده إلى ابن عباس، أسنده إلى ابن عمر وهكذا ( أ )

      تعليق


      • #4
        المبحث الثالث : نشأة السند وأهميته

        نشأة السند و أهميته :
        ويلاحظ أن الأسس والأركان الأساسية لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة فى الكتاب والسنة فجاء فى القرآن الكريم قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )) وفى السنة قوله صلى الله عليه وسلم (( نضر الله أمرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع )) رواه الترمذى وفى رواية (( فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ))

        ففى هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت فى أخذ الأخبار وقبولها وكيفيه ضبطها بالأنتباه لها ووعيها والتدقيق فى نقلها للآخرين
        وأمتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد كان الصحابة رضى الله عنهم يتثبتون فى نقل الأخبار وقبولها لاسيما إذا شكوا فى صدق الناقل لها .
        فتعود أهميةالإسناد إلى أهمية السنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني بعد كتاب الله تعالى لهذا الدين، والمتممة لما جاء فيه من هداية وتشريع، لذا كان من الواجب الاهتمام بها والدفاع عنها، ولما كان الإسناد من أنجح الوسائل التي يحافظ به عليها، (ج)

        فرواية حديث رسول الله r بإسناده من أهم وسائل صيانته وأدائه أداءً صحيحا: لأنه بالإسناد يمكن تبيين حالة الرواة هل هم عدول ضابطون فيقبل حديثهم، أو غير عدول ضابطين ، فلا يقبل؟ وهل هناك اتصال وثيق بين الرواة بعضهم وبعض، بمعنى أن كل واحد منهم قد سمع من الآخر فيكون حديثهم صحيحاً، أو لم يسمع ، فيكون انقطاعاً يحول دون صحة الحديث؟
        ولما كانت سنة رسول الله r هى المصدر الثانى من مصادر التشريع، وكانت صحتها تتوقف على الإسناد كما سبق بيانه
        فللإسناد أهمية كبيرة في صيانة الشريعة من التحريف والتبديل ، وحفظها من الزيادة أو النقص ، إذ بوساطته يمكن الاعتماد على صحة الحديث أو ضعفه ، أو أنه خبر موضوع لا أصل له ، لأننا حين نسمع بالخبر نعود إلى طريقه وهو السند ، فنتعرف على رجاله وأحوالهم وصفاتهم ، ونبحث عن أخلاقهم ومدى صدقهم والتزامهم لدينهم ، وعن صلة بعضهم ببعض وإمكان نقله عنه ونحو ذلك ، وعندها نقبل الحديث أو نرده ، بناءً على ما نتوصل إليه بنتيجة البحث والتمحيص ، ولولا السند والإسناد لما كان بالإمكان معرفة شيء من ذلك .

        وهذه الطريقة في رواية الأخبار بالسند لم تكن معروفة قبل الإسلام ، حتى إذا جاء الإسلام وجدنا أن المسلمين يقررون : أن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ويقررون : أن الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ، ويقررون : أنه لا يؤخذ بالخبر ، ولا يضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلا إذا عرف من حدث به عنه ، ومن نقله إلينا ، وعرف حاله من الصدق والضبط وقوة الحفظ .

        وإذا كان الإسناد في الأخبار من خصائص هذه الأمة الإسلامية ، فذلك مزيد فضل الله تعالى الذي امتن به عليها إذ وعدها بحفظ ما أوحى به إلى نبيها عليه الصلاة والسلام من تشريع فقال جل وعلا : { إنـَّا نحن نزَّلنا الذِّكرَ وإنـَّا له لحافظون } [ الحجر9 ] ، وإذا كان الذكر هو القرآن الكريم ، فإن حديث النبي عليه الصلاة والسلام هو المبين له ، والمفصل لأحكامه ، فكان حفظه بحفظه .

        الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول ( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى وهو لا يدري ! )

        وقال بعض الحفاظ : ( مثل الذي يطلب دينه بلا إسناد مثل الذي يرتقي السطح بلا سلم ، فأنى يبلغ السماء ! ) ،
        وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى : ( ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد ) ، وقال الحافظ يزيد بن زُرَيْعٍ رحمه الله تعالى : ( لكل دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد ) ،
        وهذا أبو العالية يقول : ( كنا نسمع بالرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بالبصرة فما نرضى حتى أتيناهم فسمعنا منهم )
        ، وقال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : ( طلبُ علوِّ الإسنادِ من الدين ) .
        روي عن سفيان الثوري أنه قال : الإسناد سلاح المؤمن ، فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيئ يقاتل( ( ابن حبان المجروحين ) (ج)
        قال عبدالله بن المبارك "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"، كما يقول "بيننا وبين القوم القوائم " يعنى الإسناد (3).
        وقال شعبة : " كل حديث ليس فيه ( حدثنا ، وأخبرنا ) فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام
        وشبه بعضهم الحديث من غير إسناد بالبيت بلا سقف ولا دعائم ونظموه بقولهم :
        والعلم إن فاته إسناد مسنده كالبيت ليس له سقف لا طنب

        وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "علم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله سُلَّماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأُمَّة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لِمَنْ أعظم الله عليه المِنَّة، أهل الإسلام والسُّنَّة، يُفرقون به بين الصحيح والسقيم، والمُعْوَجِّ والقويم..."(17
        ويحث محمد بن سيرين على تسمية من يؤخذ منهم الحديث، أى رواة الإسناد، والحذر من الأخذ عن غير العدول الضابطين، فيقول: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.(4)

        كما يبين ابن سيرين أن الاهتمام بالإسناد إنما نشأ بعد الفتنة، والخوف على حديث رسول الله r أن يُدَسَّ فيه ما ليس منه أو يحرف، قال "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ".(5)
        والمقصود بالفتنه هنا الفتنة التي أدت إلى مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وما تبع ذلك من انقسامات واختلافات ، وظهور الفرق والمذاهب المبتدعة ، فأخذ الدَّسُ على السنة يكثر شيئاً فشيئاً ، وبدأ كل فريق يبحث عن ما يسوغ بدعته من نصوص ينسبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعندها بدأ العلماء من الصحابة والتابعين يتحرون في نقل الأحاديث ، ولا يقبلون منها إلا ما عرفوا طريقها واطمأنوا إلى ثقة رواتها وعدالتهم ، وذلك عن طريق الإسناد
        ما قاله الحاكم فى معرفة علوم الحديث :
        قال الحاكم : فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له، وكثرة
        مواظبتهم على حفظه، لدرس منار الإسلام، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراً (ج)
        ما قاله ابن حبان
        فى المجروحين
        قال ابن حبان : ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له
        لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم (ج)
        أنشد القعنبي في الثناء على الإسناد أبياتاً قال فيها :

        إذا لم يكن خبر صحيح
        عن الأشياخ متضح الطريق
        فلا ترفع به رأسا ودعه فإني ناصح لك ياصديقي
        وإسقاط
        المشائخ من حديث أشد عليّ من ثكل الشقيق
        وما في الأرض خير من حديث له نور بإسناد
        وثيق

        والقعنبي : هو الحافظ عبدالله بن مسلمة بن قعنب ، أبو عبد الرحمن الحارثي الضبي المدني ، نزيل البصرة ثم مكة ، احد رواه الموطأ عن مالك بن أنس ، ثقة حجة ، مجاب الدعوة ، توفي سنة 221 هـ تذكره الحفاظ
        ونتيجة لهذا التأكيد على المطالبة بالإسناد ، وما حظي به من اهتمام بالغ وعناية فائقة ، نجد أن كتب الحديث التي دُونت منذ النصف الأول من القرن الثاني الهجري قد التزمت به ، وأطلق عليها اسم المسانيد " جمع مسند " ، وهو اسم ذو علاقة واضحة بقضية الإسناد ، وهى عبارةعن جمع أحاديث كل صحابي على حدة وإن اختلفت الموضوعات التي تتناولها تلك الأحاديث سواء كان الحديث صحيحا أو حسنا أو ضعيفا مرتبين ذلك على حروف الهجاء في أسماء الصحابة وهو أسهل أنواع الترتيب تناولا أو على القبائل أو على السابقة في الإسلام وقد يقتصر في بعضها على أحاديث صحابي واحد كمسند أبى بكر أو أحاديث جماعة منهم كمسند الأربعة أو العشرة المبشرين بالجنة إلى غير ذلك ومن أشهر تلك المسانيد ، مسند معمر بن راشد ( 152هـ ) ، ومسند الطيالسي ( 204هـ ) ، ومسند الحميدي ( 219هـ ) ، ومسند أحمد بن حنبل ( 241هـ ) ، ومسند الشافعي ( 204هـ) ، وغيرها من كتب المسانيد ، وكانت هذه المسانيد هي العمدة للمؤلفين الذي جاؤوا من بعد ، فعولوا عليها واعتمدوها مصادر لهم ، واستمر نهج العلماء الذين كتبوا الصحاح والمسانيد والسنن والمصنفات والموطآت على هذا النهج في التزام الإسناد التزاما دقيقاً
        وقد وصلت إلينا بعض هذه المسانيد ولا يمكن الجزم بفقدان المصنفات والمسانيد الأخرى، فهناك الألوف من المخطوطات العربية في مكتبات اسطنبول والمغرب والمكتبات الأخرى في أرجاء العالم، التي لا توجد لدينا فهارس شاملة عن بعضها وقد يكون فيها بعض المصنفات والمسانيد التي نحسبها مفقودة.‏
        ‎‎ وعلى أية حال فإن هذه المسانيد لم تقتصر على جمع الحديث الصحيح، بل احتوت على الأحاديث الضعيفة أيضاً، مما يجعل من الصعوبة الافادة منها إلا من قبل العلماء المتضلعين في الحديث وعلومه، وكذلك فإن طريقة الترتيب تجعل من الصعوبة الوقوف على أحاديث حكم معين، لأنها لم ترتب على أبواب الفقه. مما حدا بالإمام محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ ) إلى تصنيف كتابه (الصحيح ) الذي يقتصر على الأحاديث الصحيحة وإن كان لا يستوفيها جميعاً، وجرى على منواله الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري(ت 361هـ ) في صحيحه، وقد رتبا صحيحهما على أبواب الفقه تسهيلاً على العلماء والفقهاء عند الرجوع إليهما في حكم معين.‏
        ‎‎ وقد اعتبر العلماء صحيحي البخاري ومسلم أصح كتب الحديث، وقد اعتمد كل منهما في تصنيف كتابه على كتب المسانيد وصحف الحديث الأخرى التي تلقاها سماعاً عن شيوخه الذين صنفوها أو نقلوها عن مصنفيها بإسنادهم إليهم، إضافة إلى الروايات الشفهية التي أضافها كل من البخاري ومسلم إلى صحيحيهما، وبذلك حفظا مادة كثير من كتب المسانيد المفقودة.‏
        ‎‎ وقد تابعهم في الترتيب على أبواب الفقه معاصروهم والمتأخرون عنهم مثل: ‏
        1. ابن ماجة، محمد بن يزيد، (ت273هـ ) في سننه.‏
        2. أبو دواد، سليمان بن الأشعث السجستاني، (ت275هـ ) في السنن.‏
        3. الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة السلمي، (ت 279 هـ ) في جامعه.‏
        4. النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، (ت 303 هـ ) في سننه. (ط) ‏

        فإذن خصيصة الإسناد هذه أهم خصائص الأمة المحمدية ، فقد كان السند هو الشرط الأول في كل علم منقول فيها (ب)

        فإذا كان الإسناد هو : رفع الحديث إلى قائله، أو الإخبار عن طريق المتن، كما أسلفنا: فإنه كان قد وجد بهذا المعنى في عهد النبي

        صلى الله عليه وسلم، إذ أن من
        المعروف ان الصحابة رضي الله عنهم، كانوا ينقلون مايسمونه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وما

        يرونه ويشاهدونه من أفعاله وسائر أحواله إلى من لم يسمع أو
        يشاهد شيئاً منها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، حيث كان

        الكثير
        منهم تفوتهم بعض فرص اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فتفوتهم بذلك أشياء كثيرة من السنن فيأخذونها ممن أخذها عن النبي صلى

        الله عليه وسلم من إخوانهم،
        وينقلها هؤلاء وأولئك إلى غيرهم ممن فاتهم لقاء النبي صلى الله عليه وسلم من الأعراب وغيرهم من أهل

        الأماكن النائية الذين لم يتيسر لهم لقاؤه صلى الله
        عليه وسلم، بلفظ، سمعنا أو رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كذا أو فعل كذا.
        روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: كنت أنا وجار لي من

        الأنصار نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينزل يوما وأنزل
        يوما، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي، وإذا نزل فعل

        مثل ذلك
        .. الحديث رواه أحمد فى المسند
        و روي عن البراء بن عازب أنه قال: ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن كان الناس لم

        يكونوا يكذبون يومئذ، فيحدث
        الشاهد الغائب

        وعلى هذا فإن من كان يروي لإخوانه ما فاتهم أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة بلفظ: قال أو فعل أو سمعت أو

        رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
        فإنه يكون بذلك قد رفع لهم الحديث إلى قائله، وأخبرهم عن طريق متنه، أي نسبه إلى من صدر منه،

        وهو النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان من الصحابة في هذا العهد
        من إذا روى حديثا لغيره رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواء رواه

        عنه
        مباشرة أو رواه عنه بواسطة صحابي آخر، ولم يكن ذلك ناشئا عن جهلهم بالواسطة وعدم معرفتهم ممن أخذوا أو عمن تحملوا، وإنما

        كان ذلك منهم، لثقة بعضهم ببعض،
        وبعدهم عن مظان الكذب ديانة وطبعا، ووجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، ورجوعهم إليه فيما قد

        يشكل عليهم أو يتشككون فيه، وإلا فإنهم كانوا يعرفون ما
        تحملوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما تحملوه عن غيره، ولا أدل على ذلك

        مما حفلت به كتب السنة المعتبرة من الأحاديث المتصلة المرفوعة إلى النبي
        صلى الله عليه وسلم
        وقد كانوا على هذا إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ساروا عليه بعد وفاته، فكان منهم من يذكر الواسطة فيما لم

        يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم
        مباشرة، ومنهم من لم يذكرها، بل يرفع الحديث إليه مباشرة، وذلك لعدم حاجتهم إلى ذكر الواسطة لقربهم

        من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يكن بين الكثير
        منهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم واسطة، ومن كانت بينه وبينهم واسطة، فهي

        معروفة لهم، وهي لا تتعدى في الغالب الشخص أو الشخصين
        .
        ولاستمرار ثقة
        بعضهم ببعض، وتصديق أحدهم للآخر كما ذكرنا.

        روي عن الحسن عن أنس بن مالك أنه قال: ليس كل من

        نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعنا منه، ولكن حدثنا
        أصحابنا ونحن قوم لا يكذب بعضهم بعضا ( الخطيب – الكفاية )
        ومع شديد ثقة بعضهم ببعض، فإنهم كانوا يحتاطون في الأخذ ويتثبتون في قبول الروايات
        فقد أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور: فقال:

        استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما
        منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

        إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع، فقال: والله لتقيمن عليه بينة،
        أمن أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي بن كعب:

        والله لا يقوم
        معك إلا أصغر القوم، فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وفي رواية : فقال عمر لأبي موسى: إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس

        ويبدو واضحاً من اعتذار عمر لأبي موسى: أن الدافع له ولغيره عن هذا التحري والتشدد هو: لفت أنظار الصحابة رضي الله

        عنهم إلى ضرورة زيادة
        الاحتياط في رواية السنة وتحملها والخوف من الخطأ والتقول في روايتها، وليس الشك في صدق إخوانهم أو صحة

        روايتهم لها
        .
        قال ابن حبان في توجيهه لهذه الرواية
        : قد أخبر عن بن الخطاب أنه لم يتهم أبا موسى في روايته، وطلب البينة منه على ما

        روى ليس تكذيبا له، وإنما كان يشدد فيه لأن يعلم الناس أن الحديث عن رسول
        الله صلى الله عليه وسلم شديد، فلا يجيء مِن بعدهم من

        يجترئ، فيكذب عليه
        صلى الله عليه وسلم، أو يتقول عليه ما لم يقل، حتى يدخل بذلك في سخط الله عز وجل
        وكما تحروا في رواية السنة وتثبتوا في قبولها، فإنهم كانوا يتحرجون في روايتها للغير ويميلون إلى الإقلال منها، والاقتصاد

        فيها، خشية الوقوع في الخطأ،
        والتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يقله.ومن ذلك ما روي عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت الزبير: لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان. قال:

        أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول
        : (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار) البخارى )

        وبهذا كان قد تحقق للسنة في هذه الفترة، بالإضافة إلى قصر الإسناد والثقة المتبادلة بين حملتها ، من التحري لها والتثبت في

        قبولها، والإقلال من روايتها ما
        جعلها في مأمن من الدس والافتراء، وجعل الصحابة رضي الله عنهم في غنى عن طلب الإسناد والسؤال عنه.
        وقد استمروا على ذلك إلى أن ظهرت البوادر الأولى للوضع
        التي مهدت للتجمع الآثم الذي قام بفعلته الشنعاء بقتل ثالث الخلفاء

        الراشدين: عثمان بن عفان رضي الله عنه(قتل فى ذى الحجة سنة 35هـ ) ، وما نجم عن قتله من اختلاف
        المسلمين، وافتراقهم إلي فرق شتى
        أخذت بعضها تبحث عما يؤيدها فيما ذهبت إليه في كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا أعياها الطلب ولم تجد فيهما ما

        يؤيدها عمدت إلى
        اختلاق ما ترى أنه يؤيدها، ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لابد للصحابة والحالة هذه أن يقفوا أمام هذا

        الافتراء الباطل والدس الرخيص الذي
        أراد منه مروجوه: أن يشوهوا به جمال السنة ويعكروا به صفوها ونقاءها.
        فأخذوا
        يتشددون في الرواية ويبحثون عن مصادرها ويسألون عن أسانيدها، ليعرفوا صحيحها من سقيمها، وغثها من سمينها
        روي عن مجاهد أنه قال : جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن

        عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه،
        فقال: يابن عباس، ما لي لا أراك تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع.

        فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول
        الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا غليه بأذاننا، فلما ركب الناس

        الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف رواه مسلم


        ومن ذلك نرى كيف كان الكذب على الله صلى الله عليه

        وسلم أثناء هذه الفتنة وماتلاها من أحداث – سببا في تشدد الصحابة رضي الله عنهم في الرواية وتحرجهم في قبول الأخبار، وطلبهم للإسناد،


        وسؤالهم عنه، كما يفهم ذلك من قول ابن عباس: لم
        نأخذ من الناس إلا ما نعرف: أي إلا ما نعرف رجاله، أو طريقه، ومما يزيد ذلك وضوحا

        ماروي عن محمد بن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت
        الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ

        حديثهم، وينظر
        إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم
        و منذ ذلك الحين أخذ

        العلماء يبحثون عن الإسناد، وأخذ بحثهم عنه يزداد يوماً بعد يوم مع زيادة الحاجة إليه حتى كان عهد كبار التابعين الذين أولوه اهتمامهم،


        وكان في طليعة من اهتموا به: عامر الشعبي(الشعبي : هو عامر بن شراحيل ، ثقة ، فقيه ، فاضل مشهور . قال مكحول : مارايت أفقه
        منه ، مات بعد المئة : تقريب التهذيب). حتى نسبت إليه أولية التفتيش عن الإسناد.

        روي عن يحي بن سعيد القطان عن إسماعيل بن أبي
        خالد عن الشعبي عن الربيع بن ختيم، قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا

        شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير فله كذا
        وكذا، وسمى من الخير، قال الشعبي: فقلت: من حدثك؟ قال:

        عمرو بن ميمون،
        وقلت: من حدثك؟ قل: أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن سعيد: وهذا أول ما فتش عن

        الإسناد
        . - الرامهرمزي : المحدث الفاضل -ولعل اهتمام الشعبي الزائد بالإسناد وتأكيده عليه يعكس لنا مدى الحاجة إليه يومئذ وخاصة في الكوفة التي كانت قد حظيت أكثر

        من غيرها من الأمصار الإسلامية
        بالخلافات والأهواء،وقد استمر التفتيش عن الإسناد بعد كبار التابعين، وأخذ السؤال عنه يشتد، والإقبال عليه يزداد مع الأيام بازدياد الكذب وفشو

        الوضع حتى شاع وعم الالتزام به
        على عهد صغار التابعين وكان من أكثرهم التزاماً بالإسناد وأشدهم تمسكاً بطلبه في هذا العهد هو الإمام: ابن شهاب الزهري - هو الامام الحافظ محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبدالله بن شهاب الزهري إمام المحدثين في عصره قال مالك بن

        أنس بقي ابن شهاب وما له في الدنيا نظير ،
        مات سنة 124هـ - روي عن سفيان بن عيينة أنه قال: حدث الزهري يوماً بحديث فقلت : هاته بلا إسناد. قال: أنزل من السطح بلا

        سلم ( الامام الذهبى بسير اعلام النبلاء )

        وعلى أي حال فإن الإسناد كان قد شاع التمسك به في عهد الإمام الزهري وأقرانه من صغار التابعين، وأصبحت له السيادة

        التامة في أواخر القرن الأول الهجري
        وأوائل الثاني حيث صار شرطاً لاعتبارات الروايات وأساساً يعتمد عليه في قبولها أو ردها.
        وخلاصة القول: فإن الإستاد كان موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
        وإن عدم سؤال الصحابة عنه في هذا العهد وما

        تلاه من عهد كبار الصحابة رضي
        الله عنهم، لا يعني عدم وجوده، كما يظن البعض وإنما كان لعدم حاجتهم إليه. وإن السؤال عنه بدأ يظهر

        بوضوح مع بداية الوضع والافتراء اللذين ظهرت بوادرهما
        الأولى قبيل فتنة قتل عثمان بن عفان كما أسلفنا. ثم أخذ السؤال عنه يزداد والتفتيش

        يتضاعف مع زيادة الوضع واتساع خطره، حتى تم التزامه، وعم التمسك به، وأضحت
        له الهيمنة الكاملة في عهد صغار التابعين (ج)

        تعليق


        • #5
          المبحث الرابع : أقسام السند


          نقسم الإسناد إلى :

          متصل وغير متصل.

          أما المتصل : فهو الذي اتصلتسلسلة رواته من أوله إلى منتهاه وهو يشمل المرفوع والموقوف والمقطوع(ج 1)،
          والمرفوع : هو ما انتهي الي النبي صلي الله

          عليه وسلم والموقوف : ما انتهي الي الصحابة رضي الله عنهم والمقطوع ما انتهي الي التابعين موقوفا عليهممن اقوالهم وأفعالهم .


          ويسميهبعضهم المسند على القول بأن المسند هو ما اتصل إسناده، سواء كان مرفوعاًأو موقوفاً أو مقطوعاً(ج2(.

          وأما غير المتصل : فهو ما سقط من سلسلة رجاله راو أوأكثر، من أوله أو وسطه أو منتهاه. ويعتبر بذلك السند ضعيفاً، لفقدهشرطالاتصال

          وقامت علوم لخدمة الإسناد حتى يحقق الهدف المَرجُوَّ منه، ومنها علم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم طبقات الرواة، وعلم علل الحديث، وغيرها.
          ودرجة الحديث تتوقف على صفات الإسناد فصفات إسناد الحديث الصحيح: أن يكون متصلاً والرواة فيه عدول ضابطون، وأن يكون خاليًا من الشذوذ والعلة (6)
          وان كان الشذوذ والعلة قد يرجعان إلى المتن فى بعض الأحيان.
          وصفات إسناد الحديث الحسن: هى نفسها صفات الحديث الصحيح ، غير أن ضبط بعض الرواة يقل عن تمامه فى الحديث الصحيح(7).

          وصفات إسناد الحديث الضعيف: هى اختلاف صفة من الصفات السابقة، كأن يكون بعض رواته غير عدل ولكنه غير كذاب، أو سيئ الحفظ، أو منقطعاً أو فيه شذوذ، أو علة. ويتنوع الانقطاع فى الإسناد، فتارة يكون في أوله، وتارة يكون فى وسطه، وتارة يكون فى آخره، وبالتالى تتنوع الأحاديث الضعيفة لهذا السبب، ويطلق على كل نوع من الانقطاع مصطلح خاص، كالمرسل، والمنقطع، والُمعضَل، والمدلَّس، ، والمعلّق(8).
          : المرسل ،
          وهو ما سقط منه الصحابي، سواء قالالتابعي الكبير فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو التابعي الصغير

          وهو ضعيف عند جمهور المحدثين وكثير من الفقهاء والأصوليين وذهب فريق منالعلماء إلى القول: بأنه صحيح

          المنقطع،
          وهو ما لم يتصلإسناده على أي وجه كان انقطاعه، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عنالصحابي، كمالك بن أنس عن عبد الله بن عمر.
          وقيل : هو ما اختل منه رجلقبل التابعي محذوفاً كان أو مبهماً، كرجل، أو أثنين لا علىالتواليالمعضَل ، يفتح الضاد، وهو ما سقط منه اثنانفأكثر.
          قال ابن الصلاح : وهو لقب خاص من المنقطع، فكل معضل منقطع وليس كل منقطعمعضلا. وفرق السيوطي بينهما فقال: هو ما سقط

          من إسناده اثنان فأكثربشرط التوالي، أما إذا لم يتوال فهو منقطع منموضعين

          المعلق، وهو أن يحذف من أول الإسناد واحدفأكثر، واستعمله بعضهم في حذف كل الإسناد كقوله: قال رسول اللهصلى اللهعليه وسلم

          التدليس ، وهو قسمان:
          :
          أحدهما : تدليسالإسناد،
          وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، موهماً أنه سمعه منه، أو عمن عاصرهولم يقله موهماً

          أنه قد لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكونأكثر، ومن شأنه أن لا يقول في ذلك أخبرنا فلان، أو عن فلان وغيرهما من صيغالاحتمال.

          وثانيهما : تدليس الشيوخ ،
          وهو أن يروي عن شيخ حديثاً سمعهمنه، فيسميه، أو يكنيه، أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كيلايعرف(( ج3))
          هذا ويتنوع الإسناد باعتبارات أخرى إلى أنواع عديدة منها:
          المعنعن، وهو الذي يقال فيه: فلان عن فلان. عده بعض الناس منقبيل المرسل والمنقطع، والصحيح الذي عليهالعمل، وقاله الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول إنه من قبيل الإسناد المتصل،بشرط أنلا يكون المعنعن مدلساً، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضاً، ومنالمحدثين من لم يشترط اللقاء

          ومنها : الإسناد المؤنن ، وهو الذي يقال فيهمثلا: حدثنا الزهري أن سعيد بن المسيب حدثه بكذا وكذا. فقال أحمد بن حنبل،وجماعة من العلماء: لا تلتحق أن وشبهها بعن، بل يكون منقطعاً حتى يتبينالسماع.
          وقال الجمهور : أن كعن، ومطلقة محمول على السماع بالشرط المتقدم فيالمعنعن ( ج 4 )

          أما الحديث الموضوع: فما كان فى إسناده كذِّاب.
          يعرف الوضع بأمور منها
          1- إقرار الواضع به .
          2- مخالفة الحديث للعقل مثل أن يتضمن جمعا بين نقيضين أو إثبات وجود مستحيل أونقض وجود واجب وغيره
          3- مخالفته للمعلوم بالضرورة من الدين مثل أن يتضمن إسقاط ركن من أركان الإسلام أو تحليل ربا أو جواز إرسال نبى بعد محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك
          والوضاعين أصناف منهم :
          1- الزنادقة : الذين يريدون إفساد عقيدة المسلمين وتشويه الإسلام وتغيير أحكامه مثل محمد بن سعيد المصلوب الذى قتله أبو جعفر المنصور وضع حديثا عن أنس مرفوعا ( أنا خاتم النبيين لانبى بعدى إلا أن يشاء الله )) ومثل عبد الكريم بن أبى العوجاء الذى قتله أحد الأمراء العباسيين فى البصرة وقال حين قدم للقتل : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام
          2- المتزلفون إلى الخلفاء والأمراء : مثل غياث بن إبراهيم دخل على المهدى وهو يلعب بالحمام فقيل له : حدث أمير المؤمنين فساق سنداً وضع به حديثا على النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لاسبق إلا فى خف أو نصل أو حافر أو جناح فقال المهدى أنا حملته ‘لى ذلك ثم ترك الحمام وأمر بذبحها
          3- ثالثا المتزلفون إلى العامة بذكر الغرائب ترغيبا وترهيبا أو إلتماسا للمال أو الجاه
          مثل القصاص الذين يتكلمون فى المساجد والمجتمعات بما يثير الدهشة من غرائب
          نُقل عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أنهما صليا فى مسجد الرصافة فقام قاص يقص فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ثم ساق سنداً إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال لا إله إلا الله خلق الله له من كل كلمة طيراً منقاره من ذهب وريشه من مرجان وذكر قصة طويلة فلما فرغ من قصصه وأخذ العطيات أشار إليه يحيى بيده فأقبل متوهماً لنوال فقال له يحيى من حدثك بهذا الحديث قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين فقال له يحيى : أنا يحيى بن معين ! وهذا أحمد بن حنبل ! ماسمعنا بهذا قط فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القاص لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما تحققتُ من هذا إلا هذه الساعة ! كأن ليس فيها يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما ! لقد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين !!! فوضع أحمد كُمَّهعلى وجهه وقال دعهُ يقوم فقام كالمستهزىء بهما !!
          4- المتحمسون للدين الذين يضعون أحاديث فى فضائل الإسلام والزهد فى الدنيا ونحوذلك لقصد إقبال الناس على الدين
          مثل أبى عصمة نوح بن أبى مريم قاضى مرو وضع حديثا فى فضائل سور القرآن سوة سورة وقال : إنى رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبى حنيفة ومغازى ابن إسحاق يعنى فوضع ذلك
          5- المتعصبون لمذهب أو طريقة أو بلد أو متبوع أو قبيلة
          يضعون أحاديث فى فضائل ماتعصبوا له والثناء عليه فعن شيخ من الخوارج أنه كان يقول بعدما تاب انظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً , ومثل ميسرة ابن عبد ربه الذى أقر أنه وضع على النبى صلى الله عليه وسلم يبعين حديثا فى فضائل على بن أبى طالب رضى الله عنه ( هـ)


          وهناك تقسيم أخر للإسناد،

          وهو الإسناد العالى والإسناد النازل(9)،

          والإسناد العالى هو قلة الوسائط فى السند، أو قدم سماع الراوى، أو قدم وفاته،
          والإسناد النازل هو كثرة الوسائط فيه،
          وكما يقول ابن الصلاح.. "العلو يبعد السند من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوًا أو عمدًاه ففى قلتهم قلة جهات الخلل، وفى كثرتهم كثرة جهات الخلل، وهذا جلىَّ واضح "(10)

          وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: طلبالإسناد العالي سنة عمن سلف.

          وعن يحيى بن معين رحمه الله أنه قيل له في مرضهالذي مات فيه:
          ما تشتهي؟ قال: بيتٌ خالٍ وإسناد عالٍ.

          وعن محمد بن أسلمقال: قرب الإسناد قربة إلى الله عز وجل

          ولميزة العلو هذه استُحبَّت الرحلة فى طلب الحديث، ولا يكتفى كثير من المحدّثين بأن يحدثه علماء بلده عن شيوخ أحياء، بل يرحل إلى هؤلاء الشيوخ، وتنتفي هذه الواسطة، وهكذا، فتعلو الأسانيد.
          وكان للرحلة هدف آخر أسمى، وهو قوة الإسناد، والاطمئنان التام إليه، قال الحاكم "وقد رحل فى طلب الإسناد غير واحد من الصحابة (11).

          وكان لهذه الرحلات أعظم الأثر في حفظ السنة وتمحيصها وجمعها وانتشارها ، فالراوي يرى من يروي عنه ، ويطلع على سيرته وأحواله عن كثب ، ويسأل عنه أهل بلده ، فيعرف قوته من ضعفه ،فضلاً عن الفوائد الأخرى للرحلة ، من معرفة الطرق المتعددة للحديث الواحد ، وسماع الراوي من علماء البلد الذي رحل إليه زيادات لم يسمعها من علماء بلده ، ومعرفة أسباب ورود الحديث حين يلقى من سمعه مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أفتاه أو قضى له به ، وتحصيل علو الإسناد بالوصول إلى أقصرطريق لهذا الحديث ، ووقوع المناظرات والمذاكرات بين العلماء والمحدثين حول طرق الأحاديث ورواياتها ، لمعرفة القوي من الضعيف ، إلى غير ذلك من الفوائد الجليلة للرحلة .
          و مما ترتب عليه شيوع رواية الحديث بين العلماء في الأقطار المختلفة ، فبعد أن كان المصري مثلا يتحمل الحديث ويرويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ممن نزل مصر أصبح يروي الحديث عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة ، وبعد أن كان الحديث يقع للرواي من طريق واحد أصبح يرويه من طرق عديدة ، وبعد أن كانت بعض البلدان أكثر حظاً بالحديث وحملته كالمدينة مثلاً ، أصبحت البلدان الأخرى تتمتع برواية الحديث والعمل به في أحكامها وقضاياها وعباداتها ومعاملاتها ، حتى رأينا الصحابي يرحل من المدينة - التي هي بلد رسول الله وملاذ الحديث - إلى مصر في طلب حديث سمعه آخرُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
          فهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل من المدينة إلى مصر ليسأل عقبة بن عامرعن حديث سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال له : حدِّثْنا ما سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في ستر المسلم ، لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك ، فلما حدَّثه ركب أبو أيوب راحلته وانصرف عائداً إلى المدينة ، وما حلَّ رحله .
          وهذا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه بلغه حديثٌ عن صحابي بالشام سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعظم أن يفوته شيء من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاشترى بعيرا وشد عليه رحله ، وسافر مسيرة شهر حتى قدم الشام ، فإذا هو عبد الله بن أنيس فقال له : " حديثٌ بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القصاص ، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يُحشر الناس يوم القيامة - أو قال العباد - عراة غرلا بُهْما ..... )وذكر الحديث .
          ومن بعد الصحابة سار التابعون على هذا المنوال فكان أحدهم يخرج من بلده لا يُخْرجه إلا حديث عن صحابي يريد أن يسمعه منه مباشرة بدون واسطة ، يقول أبو العالية : " كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم " .
          ويقول سعيد بن المسيب رحمه الله : " إن كنت لأسافر مسيرة الأيام والليالي في الحديث الواحد " .
          وحدَّث الشعبي رجلاً بحديث فلما انتهى من رواية الحديث قال له : " خذها بغير شيء قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة " .
          ، سئل الإمام أحمد عن طالب العلم ، هل يلزم رجلاً عنده علم فيكتب عنه أو يرحل إلى المواضع التي فيها العلم فيسمع منهم ؟ أجاب بقوله : يرحل ويكتب عن الكوفيين والبصريين وأهل المدينة ومكة ، ويشام الناس ويسمع منهم " ، - ويشام بمعنى يختبر - .
          وقال يحي بن معين : " أربعة لا تؤنِس منهم رشداً ، وذكر منهم رجلاً يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث " .
          فهذه الأمثلة تبين لنا شيئاً يسيراً مما بذله الأئمة من جهد دؤوب وعمل متواصل في رحلاتهم تتبعاً للأحاديث وجمعها وتمحيصها ، وهو يدل على الحرص الشديد والعناية البالغة بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أيضا من التسخير الإلهي الذي حفظ الله به دينه وشرعه ، حيث جعل من هؤلاء الأئمة أوعية لحمل سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ورزقهم من الصفات التي مكنتهم من حفظها وصيانتها ، فلم يصلنا الحديث النبوي إلا بعد أن خدمه الصحابة والتابعون والعلماء وأوقفوا عليه حياتهم ، فجزاهم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء ( و)

          ومن أنواع الإسناد أيضاً : المعلل والمضطرب والمدرج والمصحف وغيرها منالأنواع الأخرى.
          فيقال : هذا سند معلل، وهذا سند مضطرب ، وهذا مدرج أو مدرج فيه،وذاك مصحف، كما يقال: هذا حديث معلل أو مضطرب أو مدرج أومصحف
          .
          والسندالمعلل : هو الذي اعترته عله من العلل القادحة كالانقطاع فيما ظاهره الوصل، والوقففيما ظاهره الرفع وغيرهما من العللالأخرى

          واما المضطرب : فهو الذييروى على أوجه مختلفة متقاربة ويقع الاضطراب في الإسناد كما يقع في المتن، بل وقوعهفي الإسناد أكثر منوقوعه في المتن، وهو يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدمالضبط

          وأما السند المدرج : ، أومدرج الإسناد، فمنه أن لا يذكر المحدث متن الحديث، بل يسوق إسناده فقط، ثم يقطعهقاطع، فيذكر كلاماً فيظن بعضمن سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلكالإسناد

          وأما التصحيف : فيكون في المتن والإسناد.(ج5)

          المصحف أصطلاحا – تغيير كلمة فى الحديث إلأى غير مارواها الثقات لفظا أو معنى .( د)
          من المعلوم أنه لا تلتزم صح الإسناد صحة المتن، ولا صحة المتن صحةالإسناد، إذ قد يكون الإسناد صحيحاً لاستجماع شروطه من الاتصالوالعدالةوالضبط، ولا يكون المتن كذلك، لشذوذ أو علة وقد يكون المتن صحيحاً، لسلامته منالشذوذ والعلة، و وروده من طريق أو طرق أخرى صحيحة ولايكون الاسناد كذلك ( ج6)

          تعليق


          • #6
            المبحث الخامس : بيان أن السند من خصائص هذه الأمة


            نحب أن ننوه إلى ماهو بَدهىُّ فى تاريخ العلوم الإسلامية، وهو أنه ليست السنة فقط هى التى نقلت بالأسانيد، وإنما كل العلوم الإسلامية نقلت كذلك، ابتداء من القرآن الكريم الذى نقل بأسانيد القراء جيلا بعد جيل، مع كونه نُقل متواترًا. وانتهاء بكل العلوم ويتجلى ذلك فى مخطوطات تلك العلوم، وهذا ما تمتاز به العلوم الإسلامية عن تراث الأمم الأخرى، وكما يقول ابن الصلاح "أصل الإسناد أولاً خِصَّيصة من خصائص هذه الأمة، وسنة بالغة من السنن المؤكدة) (12).
            وبهذه الخِصَّيصة حفظ الله تعالى للأمة الإسلامية دينها، فلم يُحَرَّف كما حُرَّفت الرسالات السابقة، وصدق الله عزوجل حيث يقول ]إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون [ (الحجر 9).

            اختصتالأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم بالأسانيد المتصلة الصحيحة إلى النبي صلى اللهعليه وسلم، وإلى الصحابة والتابعين ومن بعدهمإذ هيأ الله تعالى لها منأبنائها من وهبوا أنفسهم لحفظ أخبار نبيهم صلى الله عليه وسلم، ونقلها بكل أمانةوصدق وإخلاص.
            روي عن محمد بن حاتم بن المظفر أنه قال : إن الله أكرم هذه الأمةوشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسنادإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم اخبارهم، فليس عندهم تمييز بين مانزل من التوراة والإنجيل، وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبارالتي أخذوها عنغير الثقات. وهذه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدقوالأمانة عن مثله حتى تناهى
            إخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفواالأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة، ثميكتبونالحديث من عشرين وجهاً أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطونحروفه ويعدوه عداً، فهذا من فضل الله على هذه الأمة( 105)
            قال أبو حاتم الرازى : لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم، أمة يحفظون آثار الرسل إلا في هذهالأمة(106.
            وقال ابن حزم : نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلي الله عليهوسلم مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل ، وأما مع الإرسال
            والإعضال فيوجد في كثير من اليهود ، لكن لايقربون فيه من موسي قريناً منمحمد صلي الله عليه وسلم ، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين
            موسي أكثر منثلاثين عصراً ، وإنما يبلغون الي شمعون ونحوه .
            قال وأما النصارى فليس عندهم من صفةهذا النقل الا تحريم الطلاق فقط . وأما النقل بالطريق المشتملة علي كذاب أو مجهولالعين فكثير في
            نقل اليهود والنصاري . قال .
            وأما أقوال الصحابة والتابعين، فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلي صاحب نبي أصلاً ولا إلي تابع له ، ولا يمكن
            للنصارى أن يصلوا إلي أعلي من شمعون وبولص (107 .
            وكان هؤلاء الأئمةوغيرهم من أئمة الإسلام يعتمدون في ذلك حقائق التاريخ وما نقل عن أهل الكتاب أنفسهممما يؤكد وبلا ريب أنه ليس لديأهل الكتاب من النقول ما له سند متصل صحيح ،بل جميع أسانيدهم منقطعة بما في ذلك أسانيد كتبهم السماوية ، التي طرأ عليها الكثيرمنالتبديل والتحريف .
            قال رحمه الله الهندي : إن السند المتنازع بينناوبينهم السند المتصل ، وهو عبارة أن يروي الثقة بواسطة أو بوسائط عن الثقة الآخربأنه قال
            إن الكتاب الفلاني تصنيف فلان الحواري ، أو فلان النبي ، وسمعتهذا الكتاب كله من فيه ، أو قرأته عليه ، أو أقر عندي أن هذا الكتابتصنيفيوتكون الواسطة أو الوسائط من الثقات الجامعين لشروط الرواية فنقول : إن مثل هذاالسند لا يوجد عندهم من آخر القرن الثاني أو
            أول القرن الثالث إلي مصنفالأناجيل ، وطلبنا هذا السند مراراً وتتبعناه في كتب إسنادهم فما نلنا المطلوب بلاعتذر القسيس (فرنج) في مجلس
            المناظرة أنه لا يوجد السند الكذائي عندنالأجل وقوع الحوادث العظيمة في القرون الأولي من القرون المسيحية .
            وقال المرحومعبد الوهاب النجار : بعد أن أفاق المسيحيون من الاضطهادات التي كانت تتوالي عليهمنظروا في تلك القصص واختارت الكنيسةمن بينها القصص التي لا تتعارض معنزعتها وسلمت بها وجعلتها قانونية ، ولم تكترث لما بينمضاميتها من التخالف والتناقص مادام ذلك لا يخالف المنزع العامالذي قصدته الكنيسة ، والأناجيل جميعها منقطعة السند ، ولا توجد نسخةإنجيلبخط تلميذ من تلاميذ ذلك المؤلف ولا ما يضمن شبهة صحة فيها .

            تعليق


            • #7
              المبحث السادس : دورالمحدثين في الاسناد


              وفضلهم فيه علي غيرهم من علماء الأمة:


              وإذا كانت الأمة الإسلامية قد امتازت علي غيرها من الأمم بالإسناد الصحيح ، فإن للمحدثين الفضل فيه علي غيرهم من علماء الأمة . إذ هم الذين بحثوا عنه وواظبوا عليحفظه والعناية به إلي أن قام عوده واشتد ساعده وأصبح الأساس الذي تقوم به الرواياتالحديثية والتاريخيةواللغوية وغيرهاً
              قال ابن حبان : ولو لم يكنالإسناد وطلب هذه الطائفة له ، لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائرالأمم ، إلي أن قال : فحفظتهذه الطائفة السنن علي المسلمين ، وكثرتعنايتهم بأمر الدين ، ولولاهم لقال من شاء بما شاء (108
              وقال الحاكم : فلولاالإسناد وطلب هذه الطائفة له ، وكثرة مواظبتهم علي حفظه ، لدرس منار الإسلام ،ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضعالاحاديث و قلب الأسانيد ، فإن الأخبارإذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراً (109
              وقال الرافعي : لولا الحديثلما خلصت اللغة ولجاءت مشوبة بالكذب والتدليس ، ولفسد هذا العلم وما بني عليه وذلكقليل من بركة رسول اللهصلي الله عليه وسلم ، إلي أن قال : وقد عنيالمحدثون بعلم الرجال أتم عناية وأكملها ، بحيث لا يتعلق بغبارهم في ذلك مؤرخوالأمم جمعاء ،حتي جعلوا الإسناد عاليه ونازله كأنه علم الأخلاق التاريخي(110)

              وقال الدكتور أسد رستم : وأول من نظم نقد الرواياتالتاريخية ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامي فإنهم اضطروا اضطراراً إليالاعتناء

              بأقوال النبي وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل ، فقالواً : (انهو إلا وحي يوحي) ما تلي منه فهو القرآن وما لم يتل فهو السنة ، فانبروا
              لجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال فيأسسها وجوهرها محترمة في الأوساط العلمية حتي يومناً هذا (111
              وقالايضاً في فصل تحري النص : وهذه مأثرة أخري من مآثر علماء الحديث فإنهم قالوابالأمانة في نقل الحديث وفرضوا وجوب تحري النص
              لأجل الوقوف علي اللفظالأصلي ، ومنهم من أبي أن يصلح الخطأ أو يقوم اللحن واكتفي بإبداء رأيه علي الهامش، هذا ما توصل إليه علماء
              الحديث في القرون الأولي ، وهو المعول عليه الآنلدي المؤرخين المعاصرين (112)
              وقد تكبد العلماء المشاق لوضع علم مصطلح الحديث وهو علم يعرف به احوال السند والمتن من حيث القبول والرد وقد تطور هذا العلم منذ القرن الثانى الهجرى الى يومنا هذا وأول من أفرد هذا العلم بالتصنيف هو القاضي الحَسَن بن عبد الرَّحمنالرَّامَهُرْمُزِي المتوفى سنة 360هـ في كتابه (المُحدِّث الفَاصِل بين الرَّاويوالوَاعي)، فهذا الكتاب يُعدُّ بداية التَّصنيف المُسْتقِل في عِلْم المصطلح.
              ثُمَّ جاءَ بَعْده أبو عبد الله الحاكِم المتوفى سنة 405هـ فألَّف كتابه (مَعْرِفة عُلُوم الحديث)، وقد بَسَط الأُمُور أكثر مِن الرَّامَهُرْمُزِي. ثُمَّ جاءَ بَعْد ذلك الخَطيبُ البَغْدادي، وهو الذي خَدَم عِلْم المصطلحخِدْمةً لا مَثيل لها، وقلَّ أن يكون بابٌ في المصطلح إلا وللخَطِيب البَغْدادي فيهتَصْنيفٌ مُسْتقِل، قال الحافظ أبو بكر بن نقطة رحمه الله: " كل من أنصف علِم أنالمحدثين بعد الخطيب عيالٌ على كتبه ".
              ثُمَّ مَازَال هذا العلم يَتطوَّرشيئًا فشيئًا وتُضْبطُ قَوَاعِده إلى أنْ جاء أبو عمرو ابن الصَّلاح، فألَّف كتابَهالمَشْهور بمقدِّمة ابن الصَّلاح، وهو الذي أَصْبح عُمْدةً لمن جاءَ بَعْده؛ لأنهجَمَع أنواعَ عُلُوم الحديث وتكلَّم على كُلِّ نوع، فكُلُّ مَن جاءَ بَعْده فهوإمَّا مُخْتصِرٍ أو نَاظِمٍ أو شارِحٍ لِنَظْمٍ أو شارِحٍ لاخْتِصَارٍ إلى غيرذلك.
              ثُمَّ جاءَ بَعْده الحافظ ابن حَجَر فوجَد أنَّ هناك بعضالاسْتدْراكَات على ابن الصَّلاح وعلى شَيْخهِ العِرَاقي؛ فألَّف كتابه (النُّكَت)،ثم ألف رحمه الله كتاب (نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر)، وقد اهتم العلماء بهذاالمتن ومنهم الحافظ نفسه فشرحه في كتابه (نُزهة النظر في توضيح نخبةالفكر.
              وقد قال بعض العلماء أن الرامهرمزي مسبوق في الكتابة في هذا الفن،فالإمام الشافعي المتوفى سنة (204هـ) – رحمه الله – في كتابه (الرسالة) قد تعرضلشيء من هذا العلم، وكذلك الإمام مسلم المتوفى سنة (261هـ) - رحمه الله – في مقدمتهللصحيح، وكذا في السؤالات التي كانت تُوجه إلى الإمام أحمد رحمه الله، لكن الصوابأن هؤلاء الأئمة ذكروا هذا الفن ضمن كتبهم، ونسبة الأولية للرامهرمزي رحمه اللهباعتبار أن كتابه كان مستقلًا في هذا الباب، (ز)




              وبما أن الاسناد سلسلة الرجال الموصلة للمتن فحتاج لمعرفة احوال الرواة لدراسة احوال الرواة من كذب وصدق وقوة حافظتهم ليعلم عمن يؤخذ الحديث وبهذا ظهر علم الجرح والتعديل
              ‎‎ وهو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة، وعن مراتب تلك الألفاظ. وهو يستمد شرعيته من باب صون الشريعة وقصد النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم، وعامة المسلمين، لا طعناً في الناس على جهة التنقيص المجرد عن المصلحة الشرعية، ولا غيبة لأعراضهم فيما ليس مباحاً من هذا الجانب، وكما جاز الجرح في الشهادة "الشهود " جاز في الرواية "الرواة " فإن التثبت في أمر الدين أولى من التثبت في الحقوق والأموال، إلا أنه لا يجوز التجاوز عن الحد المطلوب من نقد الرواة، والإفراط في هذا من أقبح القبائح فإن أمكن تجريح الراوي بأمر واحد تسقط به روايته حرم عليه ذكر غيره، لأنه يصير إلى الغيبة المحرمة المذمومة.‏
              ‎‎ قال ابن دقيق العيد: "أعراض الناس حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها المحدثون والحكام " أ. هـ.‏
              ‎‎ والجرح والتعديل والبحث في شئون الرجال ثابث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، ثم من بعدهم. والجرح والتعديل قد بدأ في عصر النبوة المبارك واستمد شرعيته من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض الرجال بما يخدش في عدالتهم، فعن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة. وبئس ابن العشيرة ، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ياعائشة متى عهدتني فاحشاً، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ) رواه البخاري.‏
              ‎‎ وعن طلحة بن عبيد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن عمرو بن العاص من صالحي قريش ) رواه الترمذي وقال: ليس إسناده بمتصل.‏
              ‎‎ وعن إسماعيل بن صالح بن عليّة قال: الجرح أمانة وليس غيبة.‏
              ‎‎ وعن عاصم الأحول قال:"جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه ، فقلت: لا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض ، فقال: يا أحول، ألا تدري أن الرجل إذا ابتدع فينبغي أن يذكر حتى يحذر ".‏
              ‎‎ وكان شعبة يقول:"تعالوا حتى نغتاب في دين الله ".‏
              ‎‎ وذكر ابن المبارك رجلاً فقال: يكذب ، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن تغتاب ؟ قال: اسكت، إذا لم نبين كيف يعرف الحق من الباطل .‏
              ‎‎ وقد تصدى لتجريح الرواة وتعديلهم خلق كثير من العلماء لا يتهيأ حصرهم، لكن حديثهم من هذه الحيثية كان يتخطى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويتجاوزهم إلى غيرهم ممن لم يتسموا بهذه الصفة الرفيعة، وذلك لما هو مقرر عند من يعتد برأيه من أئمة النقاد من القطع بعدالة الصحابة جميعاً كبيرهم وصغيرهم، من لابس الفتن منهم ومن لم يلابهسا.‏
              ‎‎ وقد علمت آنفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسى بنفسه قواعد شرعية الجرح والتعديل، وتبعه من بعده الصحابة رضوان الله عليهم ، ثم من بعدهم، حتى اشتمل على كل رواة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصادر المعتبرة للسنة وما يلحق بها.‏
              ‎‎2. الجرح والتعديل:
              الجرح لغةً:
              ‎‎ بفتح الجيم مصدر جرَح بفتح الراء من جرحه بلسانه جرحاً: عابه وتنقصه، وأكثر ما يستعمل ذلك في المعاني والأعراض.‏
              واصطلاحاً:
              ‎‎ رد الحافظ المتقن رواية الرواي لعلة قادحة فيه أو في روايته من فسق أو تدليس أو كذب أو شذوذ ونحوها.‏
              ‎‎ وهو عبارة عن بيان عيوب رواة الحديث التي لأجلها تسقط روايتهم من اختلال في العدالة أو اختلال في الضبط، وهذه العيوب قد ذهب العلماء على أنها عشرة، منها خمسة تتصل بالعدالة، وخمسة أخرى تتصل بضبط الرواة.‏
              ‎‎ أما الصفات الخمس التي تتصل بالعدالة فهي:‏
              1. الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.‏
              2. التهمة بالكذب.‏
              3. الفسق بالفعل، أو بالقول الذي لا يبلغ حد الكفر.‏
              4. الجهالة.‏
              5. البدعة.‏
              * وأما الصفات الخمس التي تتصل بضبط الراوي فهي:‏
              1. سوء الحفظ.‏
              ‎‎2. فحش الغلط.‏
              ‎‎3. الغفلة.‏
              ‎‎4. الوهم.‏
              5. مخالفة الثقات.‏
              التعديل لغةً:
              ‎‎ من عدل الحكم: أقامه، وعدل الرجل: زكاه، وعدل الميزان: سواه، فالتعديل: التقويم والتزكية والتسوية.‏
              واصطلاحاً:
              ‎‎ وصف الرواي بما يقتضي قبول روايته.‏
              ‎‎ وهو عبارة عن تحقق أوصاف القبول من الرواي، بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً خالياً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، وأن لا يكون سيء الحفظ ولا فاحش الغلط، ولا مخالفاً للثقات، ولا كثير الأوهام، ولا مغفلاً.‏ ( ك )

              تعليق


              • #8
                المبحث السابع : طرق رواية الحديث


                طرق الرواية:
                ولما للإسناد من هذه الأهمية فقد قال يزيدبن زُريع لكل دين فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد ولها طرق فيالتحمل والتبليغ وللرواية مراتب، سماع الراوي قراءة المحدث للكتاب الذي رواه أوالحديث. وسماع الشيخ، ثم مناولة الشيخ للكتاب الذي رواه عن شيخه، ثم إجازة الطالبأن يحدث عنه بالكتاب الذي رواه وإباحة ذلك. ( 7 أ )
                فأماالسماع
                السماع من الشيخ فينقسم إلى إملاء، وتحديث من غير إملاء، وسواء كان من حفظه أو من كتابه وهذا القسم من أرفعالأقسام عند الجماهير.
                فالأصل فيه حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهمقال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:" تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن يسمعمنكم ( 9 أ )
                وقوله صلىالله عليه وآله وسلم:" نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها فأداها كماسمعها( 10 أ )
                وأما العرض: وهو أن يعرض القارئ على الشيخ ما قرأه كما يعرض القرآن على المقرئ.
                فالأصل فيهحديث ضُمام بن ثعلبة رضي الله عنه الثابت في الصحيح أنه قال سئل رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم :" آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس قال: نعم( 11 أ )
                فهذه قراءةعلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أخبر بذلك ضُمامُ قومَه.
                قال يحيي بن عبدالله بن بُكير( 12 أ ) لما عرضناالموطأ على مالك قال له رجل من أهل المغرب: يا أبا عبد الله أُحدث به عنك وأقول: حدثنا مالك؟ قال: نعم، حدثوا به عني وقولوا حدثنا مالك".
                وأما المناولة: وهو أنيدفع الشيخ أصل سماعه، أو مقابلاً به، ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان فأروه،أو أجزت لك روايته عني" ا.هـ
                والأصل فيها حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيالصحيح "حيث كتب لأمير السرية كتاباً وقال له لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا فلما بلغذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وآلهوسلم( 13 أ )
                فهذا النبيصلى الله عليه وآله وسلم قد ناول أمير السرية كتابهُ ولم يقرأهُ ولا عرضه أميرالسرية عليه ثم إن الأمير قرأه على السرية فامتثلوا لما في الكتاب وأخذوا به وبلغذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرضيه وأقرَّ به وقامت بذلك الحجة.
                وأماالإجازة: وهي أن يأذن الشيخ لغيره بأن يروي عنه مروياته أو مؤلفاته وقد اختلفالعلماء في جوازها وإبطالها، فقد أجازها أكثر أهل العلم كربيعة ويحيي بن سعيدالأنصاري وعبد العزيز بن الماجشون وسفيان الثوري والأوزاعي وسفيان بن عيينة والليثبن سعد واختلفت الرواية فيها عن مالك والمشهور عنه جوازها وعلى ذلك أصحابه الفقهاءلا يُعلم أحد منهم خالفه.
                ولقد ألف بعض العلماء في خصوص الكلام على الإجازةمنهم
                أبو العباس الوليد بن مَخْلِدْ الأندلسي تأليفا سماه ( الوِجازة في صحةالقول بالإجازة
                وألف الحافظ ابن عبد البر تأليفا سماه ( الجامع لبيان العلموفضله وما ينبغي في روايته وحمله
                وألف الخطيب البغدادي كتابه ( الجامع لآدابالراوي وأخلاق السامع ). وغيرهم كثير

                تعليق


                • #9
                  الخاتمة
                  الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتد لولا أن هدانا الله وجزى الله خيرا كل من جمعت عنهم هذا البحث وجعله بميزان حسناتهم جميعا ونفع بهم
                  وإن أصبت ووفقت به فمن الله وإن أخطأت فمن نفسى ومن الشيطان
                  المراجع

                  ( ش ) دروس فى مادة مصطلح الحديث
                  ( م ) منتدى الاكاديمية الاسلامية دروس فى شرح البيقونية
                  1- تاج العروس مادة (سند)
                  2- تدريب الراوى- حلال الدين السيوطى 1/42 دار الفكر- بيروت-
                  3- مقدمة صحيح مسلم- مع شرح النووى 1/ 15طبعة د ار الشعب- القاهرة) -
                  4- المصدر السابق 1/14
                  5- المصدر السابق 1/15
                  6- مقدمة ابن الصلاح- ص151دار المعارف- مصر- ط"2"
                  7- نزهة النطر ابن حجر العسقلانى ص 29 مكتبة ابن تيمية- مصر1411 هـ- 0 199 م-
                  8- المصدر السابق ص36-40
                  9- الإرشاد للنووى 2/ 530 مكتبة الإيمان بالمدينة المنورة- ط"1" 1408 هـ- 1987 م-
                  10- مقدمة ابن الصلاح ص 440
                  11- معرفة علوم الحديث للحاكم ص 7- 8المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ط 1-
                  12- مقدمة ابن الصلاح ص437
                  من 1 الى 12 نقلا عن د : رفعت فوزى عبد المطلب المجلس الاعلى للشئون الاسلامية

                  أ- قاله ابن عثيمينرحمه الله في شرح البيقونية
                  ب- عن مقدمة كتاب ( الأمالي في أعلى الأسانيد العوالي ).
                  تأليف حسام الدين سليم الكيلاني من موقع صيد الفوائد
                  ج- منتدى انصار السنة
                  ج1- منتدى انصار السنةانظر ابن الصلاح : علوم الحديث 121 ، والنووي : التقريب بشرحالسيوطي108

                  ج2- منتدى انصار السنة انظر ابن الصلاح : علومالحديث 119 ، والنووي : التقريب بشرح السيوطي 107
                  ج3- منتدى انصار السنة انظر ابن الصلاح : علوم الحديث 130 وما بعدها والنووي التقريببشرح السيوطي 117 وما بعدها
                  ج4 – منتدى انصار السنة انظر النووي : التقريب وشرحه للسيوطي 134 والسخاوي فتحالمغيث 1 / 159 / وما بعدها
                  ج5- منتدى انصار السنة انظر ابن الصلاح : علومالحديث 204 وما بعدها والسخاوي : فتح المغيث 221 وما بعدها والسيوطي تدريب الراوي169

                  د- تيسير مصطلح الحديث د محمود الطحان
                  ج6- منتدى انصار السنة انظر السخاوي : فتح المغيث /1 /87والسيوطي : تدريب الراوي91-92

                  نقلا عن الاخ سالم منتدى أنصار السنة
                  (105 ) السخاوى فتح المغيث 3/ 3-4
                  السخاوي : فتح المغيث 3/4 واللكنوي : الاجوبة الفاضلة 23 بلفظ أمناء وأبو حاتمالرازي هو الأمام الحافظ محمد بن إدريس بنالمنذر الحنظلي ، مات سنة 277هـ، تقريب التهذيب 2/ 143
                  107 ابن حزم : الفصل 2/ 81 وما بعدها
                  108 ابن حبان : المجروحين1/25
                  109الحاكم : معرفة علوم الحديث 6
                  110الرافعي : تاريخأداب العرب229-300
                  111أسدرستم : مصطلح التاريخ : المقدمة
                  112أسد رستم : مصطلح التاريخ 33-

                  هـ - كتاب مصطلح الحديث محمد بن صالح العثيمين
                  و – الشبكة الاسلامية
                  ز – الاكاديمية الاسلامية المفتوحة دروس بمصطلح الحديث
                  ك- الجرح والتعديل موقع المدرسة الاسلامية قسم السنة
                  ط – كتابة الحديث فى عهد التابعين موقع مدرسة الاسلام قسم السنة
                  17- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (1/9)، وانظر أيضاً: منهاج السنة النبوية له: (7/37).

                  نقلا عن منتدى كلية الشيخ عبد الله البدرى موضوع مقدمة فى علم الاسناد :
                  ( 7 أ )يزيد بن زريع أبو معاوية السدوس ثقة ثبت توفي سنة 182هـ ترجم له في التاريخالصغير للبخاري 2/828، وتهذيب التهذيب 11/325، وتاريخ الثقات للعجلي ص478..
                  ( 9 أ ) أخرجه أبو داوود في كتابالعلم باب فضل نشر العلم حديث رقم (3659) من طرائق الأعمش وهو سليمان بن مهران، قالالحافظ ابن حجر ثقة حافظ عالم بالقرءات ورع لكنه يدلس التقريب:1/392 أخرجه أحمد فيمسنده في مسند بن هاشم.
                  ( 10 أ ) أخرجه الترمذي في كتاب العلم (7) باب ما جاء فيالحث على تبليغ السماع حديث ( 2665) وقال حديث زيد بن ثابت حديث حسن وحديث ( 2666 ) وقال: هذا حديث حسن صحيح وحديث ( 2667 ) برواية عبد الله بن مسعود ويحدث عن أبيه،أما الحديث الأول برواية أبان بن عثمان يحدث عن أبيه، نضَّر: أي نعمه، والمرادالبريق وحسن الوجه.
                  ( 11 أ ) انظر الحديث تاما في صحيح البخاري كتاب العلم بابما جاء في العلم وقوله تعالى:" وقل ربي زدني علما .
                  ( 12 أ ) يحيي بن عبد اللهبن بُكير المخردمي المصري، سمع مالكا والليث وخلقا كثيرا توفي سنة 231هـ وترجم لهفي الديباج المذهب ص435 ، وتهذيب التهذيب 11/237.
                  ( 13 أ ) رواه الإمام البخاري في كتاب العلم باب ما يذكر في المناولة.

                  تعليق


                  • #10
                    ما شاء الله لا قوة إلا بالله، للرفع.
                    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                    *******************
                    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                    ********************
                    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                    تعليق

                    مواضيع ذات صلة

                    تقليص

                    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يول, 2021, 12:23 ص
                    رد 1
                    44 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                     
                    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 07:48 ص
                    ردود 0
                    890 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
                    بواسطة Ehab_Ehab1
                     
                    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:48 ص
                    ردود 0
                    186 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
                    بواسطة Ehab_Ehab1
                     
                    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:10 ص
                    ردود 0
                    456 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
                    بواسطة Ehab_Ehab1
                     
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 8 فبر, 2021, 01:31 ص
                    ردود 0
                    33 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                     
                    يعمل...
                    X