اسئلة عن الشريعة الاسلامية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

yadhira مسلمة اكتشف المزيد حول yadhira
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اسئلة عن الشريعة الاسلامية

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    لدى اسئلة عن الشريعة الاسلامية ارجو ان تساعدونى فى معرفة اجاباتها

    أولا: من المؤكد ان الله سبحانه و تعالى حرم الشذوذ الجنسى سواء بين الرجال او النساء
    لكن هل له عقوبة فى الشريعة الاسلامية، و ان وجدت فما هى ضوابطها و ما هى الادلة من القرآن و السنة؟

    ثانيا: اريد ادلة من القرآن و السنة على بطلان زواج المسلمة من غير المسلم
    و هل فرق رسول الله (ص) بين امرأة اعتنقت الاسلام و ظل زوجها على وثنيته أو نصرانيته؟

    ثالثا: قررت الشريعة الاسلامية ان عقوبة شارب الخمر هى الجلد
    لكن ما هى طرق الاثبات فى هذه الحالة؟
    هل هى عن طريق الاعتراف او عن طريق الشهود، هل يعاقب شارب الخمر ان شربها فى بيته و لم يؤذ غيره؟
    ام يعاقب من شربها و اضر بالغير فقط؟

    جزاكم الله خيرا

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياكم الله اختنا الكريمة بارك الله فيكم




    أولا: من المؤكد ان الله سبحانه و تعالى حرم الشذوذ الجنسى سواء بين الرجال او النساء
    لكن هل له عقوبة فى الشريعة الاسلامية، و ان وجدت فما هى ضوابطها و ما هى الادلة من القرآن و السنة؟

    بالنسبة للذكور

    قد اختلف فقهاء الإسلام في عقوبة من ارتكب هذه الفاحشة:
    أيحدان حد الزنى ؟ أم يقتل الفاعل والمفعول به ؟ وبأي وسيلة يقتلان ؟ أبالسيف ؟ أم بالنار ؟ أم إلقاء من فوق جدار ؟.
    وهذا التشديد الذي قد يبدو قاسيًا إنما هو تطهير للمجتمع الإسلامي من هذه الجرائم الفاسدة الضارة التي لا يتولد عنها إلا الهلاك والإهلاك. أهـ


    ويقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء السعودية:

    " إنّ الإسلام حرَّم هذا الفعل تحريما شديدا وجعل عقوبته عظيمة أليمة في الدّنيا والآخرة . كيف لا وقد قال نبي الإسلام عليه السّلام :
    " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ . "
    الراوي: - المحدث: الإمام أحمد - المصدر: تنقيح تحقيق التعليق - الصفحة أو الرقم: 3/302 , خلاصة الدرجة: صحيح
    أي إذا كان راضيا .
    وقال علماء الإسلام كمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ : إنّه يُقام عليه حدّ الرجم أحصن أو لم يُحصن.
    والذي يخالف فطرة الله ، ويفعل ما يؤدي إلى اكتفاء الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء ، وفساد الأُسر ، والتأثير على الإنجاب ، ونشر الانحلال في المجتمع ، وحدوث الأمراض الفتّاكة ، والإضرار بالأبرياء ، وسريان الأذيّة إلى الأطفال اغتصابا ونقلا للأمراض ، والفساد في الأرض عموما لا شكّ أنّه آفة يجب أن تُستأصل . أهـ




    اما بالنسبة الإناث :
    وهو يعنى أن تستغنى المرأة بالمرأة عن الرجل في عملية الجماع وهي انتكاسة للفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها.

    وليس فيه حد ، ولكن فيه التعزير ... والتعزير عقوبة الغرض منها زجر الجاني وتأديبه لكي يقلع عما فيه ، والتعزير يكون بما يراه الحاكم , جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عن عقوبة السحاق: اتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق ‏;‏ لأنه ليس زنى ‏.‏ وإنما يجب فيه التعزير ‏;‏ لأنه معصية ‏.‏ ‏أهـ

    وهذا الفعل مسقط للشهادة فشهادة من تساحق مردودة ؛لأن من تفعل هذا الفعل القذر المشين تجعل نفسها في زمرة الفساق المردودين في الشهادة ، جاء أيضا في نفس الموسوعة: " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في قبول شهادة الشاهد أن يكون عدلا ‏,‏ فلا تقبل شهادة الفاسق ‏.‏ ولما كان فعل السحاق مفسقا ومسقطا للعدالة فإنه لا تقبل شهادة المساحقة ‏.‏ وهذا وإن لم يصرح الفقهاء برد الشهادة بالسحاق إلا أنه مفهوم من كلامهم وقواعدهم العامة في قبول الشهادة وردها ".‏ أ.هـ

    المصدر

    ************************************************** ***************





    زواج المسلِمة من غير المسلِم :


    ثانيا: اريد ادلة من القرآن و السنة على بطلان زواج المسلمة من غير المسلم
    و هل فرق رسول الله (ص) بين امرأة اعتنقت الاسلام و ظل زوجها على وثنيته أو نصرانيته؟
    لا يحل للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم من الديانات الأخرى لا من اليهود والنصارى ولا من غيرهم من الكفار ، فلا يحل لها أن ينكحها اليهودي أو النصراني ولا المجوسي ولا الشيوعي والوثني أو غير ذلك . والدليل على ذلك قوله تعالى :

    ( ... ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه وبيين آياته للناس لعلهم يتذكرون ) البقرة/221 .

    قال الإمام الطبري : ... "القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) يعني تعالى ذكره بذلك : أن الله قد حرم على المؤمنات أن ينكحن مشركاً كائناً من كان المشرك من أي أصناف الشرك كان ، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم فإن ذلك حرام عليكم ، ولَأَنْ تُزَوّجُوهنّ من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله خير لكم من أن تُزَوّجُوهنّ من حر مشرك ولو شرف نسبه وكرم أصله وإن أعجبكم حسبه ونسبه ..

    عن قتادة والزهري في قوله : ( ولا تنكحوا المشركين ) قال : لا يحل لك أن تنكح يهودياً أو نصرانياً ولا مشركاً من غير أهل دينك . ( تفسير الطبري 2/379 ) .

    و هو قمة العدل حيث ان غير المسلم لا يعترف بدين زوجتة و سيرفض قيامها بتعاليم دينها لانه ببساطة لا يؤمن به





    يحل زواج المُسْلِم الذكر من الكتابية :


    و لكن المسلم يؤمن بكل الديانات السماوية لذلك احل له الله تعالى ان يتزوج من اليهودية و النصرانية .

    بينما لا يحل له أن ينكح امرأة من غير المسلمين تدين بغير هاتين الديانتين والدليل على ذلك قوله تعالى :

    ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان .. ) المائدة/4 .

    قال الإمام الطبري في تأويل هذه الآية : " ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) يعني : والحرائر من الذين أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل من قبلكم أيها المؤمنون بمحمد من العرب وسائر الناس أن تنكحوهن أيضاً ، ( إذا آتيتموهن أجورهن ) يعني : إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم أجورهن وهي مهورهن " ( تفسير الطبري 6/104 ) .






    ولا يحل للمسلِمِ أن ينكح المجوسية ولا الشيوعية ولا الوثنية أو ما يشبههم :


    والدليل على ذلك قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم .. ) البقرة/221 .
    والمشركة هي الوثنية التي تعبد الأحجار من العرب أو غيرهم

    المصدر

    ************************************************** ***************


    عقوبة وحد شارب الخمر :


    ثالثا: قررت الشريعة الاسلامية ان عقوبة شارب الخمر هى الجلد
    لكن ما هى طرق الاثبات فى هذه الحالة؟

    وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:

    " ثبت حد شارب الخمر بالسنة , فقد وردت أحاديث كثيرة في حد شارب الخمر , منها ما روي عن أنس: (أن النبي أتي برجل قد شرب الخمر , فجلده بجريدتين نحو أربعين).
    قال: وفعله أبو بكر , فلما كان عمر استشار الناس , فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر .

    وعن السائب بن يزيد قال: (كنا نؤتى بالشارب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا , حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين) .

    وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر.

    واتفق الفقهاء على وجوب الحد على من شرب الخمر مطلقا أي سواء سكر منها أم لا , وسواء أكان ما شربه منها قليلا أم كثيرا .

    واختلف الفقهاء في قدر الحد الواجب في شرب الخمر على قولين:
    القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في الراجح عندهم وهو مقابل الأصح عند الشافعية إلى أن الحد ثمانون جلدة لا فرق بين الذكر والأنثى، وبه قال الثوري .
    واستدلوا على ذلك بإجماع الصحابة فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين، فضرب عمر ثمانين، وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام . وروي أن عليا قال في المشورة : إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى , وعلى المفتري ثمانين .

    القول الثاني : ذهب الشافعية في الأصح والحنابلة في رواية ثانية إلى أن قدر الحد أربعون فقط، ولو رأى الإمام بلوغه ثمانين جاز في الأصح عند الشافعية والزيادة على الأربعين تكون تعزيرات.
    وقد استدلوا على ذلك بأن عليا جلد الوليد بن عقبة أربعين ثم قال: (جلد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين } , وجلد أبو بكر أربعين , وعمر ثمانين، وكلٌ سنةٌ وهذا أحب إلي .

    وعن أنس بن مالك قال: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال : ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن تجعلها كأخف الحدود . قال: فجلد عمر ثمانين .

    قالوا : وفعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا يجوز تركه بفعل غيره ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعلي رضي الله عنهما , فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رأى الإمام ذلك .
    و بالتأكيد من يقوم بتطبيق هذة الحدود هو الحاكم .

    المصدر

    ************************************************** ***************


    ثبوت شرب الخمر :


    هل هى عن طريق الاعتراف او عن طريق الشهود، هل يعاقب شارب الخمر ان شربها فى بيته و لم يؤذ غيره؟

    اتفقوا على أن شرب الخمر يثبت بإحدى وسيلتين: شهادة عدلين، وإقرار الشارب.

    واختلفوا في وسيلة ثالثة؛ هي الاستنكاه: وهو شم رائحة الشارب لإثبات شربه ... فذهب جمهور الفقهاء، ومنهم الإمام مالك وأصحابه إلى أن الاستنكاه من الوسائل الشرعية لإثبات الشرب والحد.

    المصدر

    ************************************************** ***************

    حياكم الله اختنا الكريمة

    تعليق


    • #3
      جُزيتَ خيراً أخي الحبيب the truth على اجاباتِكم الرائِعة

      وجزى الله السائِلة لسؤالها خيراً , ونفعها الله بما تقرأ ...
      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
      *******************
      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
      ********************
      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا على الشرح
        لكنى فى حاجة الى مزيد من التوضيح

        اولا: فى مسألة الزواج من غير المسلمين، استخدمت آيتين بنفس الالفاظ لكن اردت ان تجعل لكل منهما دلالة مختلفة
        ( و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا )
        ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )
        سؤالى هو لماذا تأخذ لفظة المشركين و المشركات دلالة مختلفة بالرغم من انها تتحدث عن نفس الحالة
        فى الاية الاولى اعتبرت المشركين تعنى اليهود و النصارى، لو اتبعنا نفس المنطق يعنى ذلك تحريم زواج المسلم من كتابية
        فى الواقع لا يمكنى تقبل الفكرة لان القرآن عندما تحدث عن المسيحيين و اليهود ذكر الفاظ مثل اليهود و النصارى و الذين أوتوا الكتاب، و بالتالى كيف نسقط لفظ المشركين على اهل الكتاب؟؟؟
        اتمنى ان توضح اكثر باستخدام السنة النبوية، بمعنى هل فرق الرسول (ص) بين مسلمة و زوجها غير المسلم؟
        ام ان هذه الحالة لم تحدث فى عهد الرسول او عهد ابى بكر و عمر؟
        رجاء اخير لا داعى لايراد اقوال المفسرين لانى احتاج الى نصوص صحيحة من القرآن او السنة فقط

        شكرا

        تعليق


        • #5
          السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

          جزاك الله خيرا على الشرح
          لكنى فى حاجة الى مزيد من التوضيح

          اولا: فى مسألة الزواج من غير المسلمين، استخدمت آيتين بنفس الالفاظ لكن اردت ان تجعل لكل منهما دلالة مختلفة
          ( و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا )
          ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )
          سؤالى هو لماذا تأخذ لفظة المشركين و المشركات دلالة مختلفة بالرغم من انها تتحدث عن نفس الحالة
          فى الاية الاولى اعتبرت المشركين تعنى اليهود و النصارى، لو اتبعنا نفس المنطق يعنى ذلك تحريم زواج المسلم من كتابية
          فى الواقع لا يمكنى تقبل الفكرة لان القرآن عندما تحدث عن المسيحيين و اليهود ذكر الفاظ مثل اليهود و النصارى و الذين أوتوا الكتاب، و بالتالى كيف نسقط لفظ المشركين على اهل الكتاب؟؟؟
          اتمنى ان توضح اكثر باستخدام السنة النبوية، بمعنى هل فرق الرسول (ص) بين مسلمة و زوجها غير المسلم؟
          ام ان هذه الحالة لم تحدث فى عهد الرسول او عهد ابى بكر و عمر؟
          رجاء اخير لا داعى لايراد اقوال المفسرين لانى احتاج الى نصوص صحيحة من القرآن او السنة فقط

          الأخت الكريمة مرحبا بكِ، أرى في أسئلتك التدقيق و الرغبة في المعرفة، فبارك الله فيكِ و أحسن الله إليكِ، و هذا بحث في زواج المسلمة من كتابي، و إن شاء الله يرد على جميع أسئلتك.


          زواج المسلمة من الكتابي حرام ومستحله مرتد

          عقد الزوجية في الإسلام ليس كعقدها في جميع الديانات الأخرى كتابية أو وثنية أو لادينية، بتميزه عنها جميعها ابتداء واستمرارا وانتهاء.
          ولئن كان هذا العقد في غير الإسلام مجرد اتفاق بين ذكر وأنثى يباركه أو يوثقه بشر سواء كان رجل دين أورجل دولة، فإنه في الإسلام علاقة ربانية ينشئها الله تعالى ويشهد عليها ويأتمن الزوجين عليها ويسألهما ويحاسبهما يوم القيامة بها.
          يقول تعالى:

          ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) 1
          ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )2
          ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )3
          ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )4
          هذه الوشيجة الربانية والعلاقة الإنسانية أبى الله عز وجل إلا أن يصفها بالميثاق الغليظ5 بقوله:
          ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ) 6
          ومن العجيب أن هذا الوصف
          " الميثاق الغليظ" لم يطلق في القرآن إلا على معنيين :
          أولهما ميثاق الله عز وجل مع النبيئين وأقوامهم على الإيمان والإسلام بقوله تعالى:
          ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً )7
          ( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً )8
          أما المعنى الثاني فخاص بالعلاقة الزوجية كما أسلفنا بقوله تعالى ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظا)9 ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع ( فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله )10
          وقال: (وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه وقال: ألا هل بلغت ألا هل بلغت،ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع )11 . فكان من مقتضيات هذا الميثاق لقوته ومتانته وعظم مسؤوليته أن يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج وحسن الصحبة والمعاشرة والولاء في الله ما يثقل كاهليهما ويحفظ أسرتهما وذريتهما ويبرئ ذمتهما عند المساءلة بين يدي الله تعالى.
          كذلك أيضا نجد تعظيما آخر من الله عز وجل لهذه العلاقة في سورة الممتحنة، إذ جعلها أحد مَثَلين للولاء والبراء، مَثَل منها ومَثَل من إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه.
          ذلك أن محور هذه السورة الكريمة هو عقيدة الولاء والبراء، افتتحت بتحريم موالاة أعداء الله ومحبتهم بقوله تعالى:

          ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) 12
          وختمت كذلك بتحريم اتخاذ الكافرين أولياء في قوله تعالى:
          ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ )13
          وبين دفتي هذه السورة ضرب الله تعالى مَثَلين توضيحيين كاشفين لمدى خطورة هذه العقيدة في أهم مفاصلها، مفصل العلاقة مع الوالدين والقوم، ومفصل العلاقة بين الزوجة وزوجها، داعيا في الحالتين إلى اتخاذ الميثاق مع الله مقدما على أي رابطة أخرى، وحاكما عليها.
          الأول في علاقة إبراهيم بأبيه وقومه إذ يقول تعالى
          ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) 14 ، ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) 15
          أما المَثَل الثاني ففي العلاقة الزوجية، إذ حرم الله عز وجل المرأة المسلمة على الكافر، بحيث لا تقوم هذه الآصرة حق قيامها إلا من خلال الرجل المسلم ذي أهلية تحمل أمانة الوفاء بهذا الميثاق الغليظ:
          {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }16
          بهذه الآية الكريمة يكون اشتراط الإسلام في الرجل كي يكون أهلا للزواج من المسلمة ثابتا ثبوتا قطعيا بنص الكتاب. ولئن جادل بعضهم بمحاولة تأويل قوله تعالى( وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) 17 ،
          فلا حجة لهم فيما ذهبوا إليه، لأن هذه الآية نفسها تؤكد حكم تحريم زواج المسلمة من الكافر. وما محاولة ضرب آية سورة الممتحنة بآية سورة البقرة إلا من تلبيس الأهواء والغواية، والقول بأن أهل الكتاب ليسوا مشركين دعوى ساقطة لتعارضها مع النقل الصحيح والعقل السليم، وما الداعي إليها إلا كفر بما جاء عن الله تعالى أو خضوع مذل ومداراة سفيهة ومسايرة وتزلف للتجبر الكتابي المعاصر.
          إن الكفر في الشريعة الإسلامية هو تكذيب ما جاء عنه عز وجل بواسطة نبيه - صلى الله عليه وسلم - سواء كان هذا التكذيب جحودا للأسماء والصفات أو الربوبية والألوهية أو إنكارا للنبوة وما نقل عنها صحيحا، أو رفضا للشريعة وتعاليمها، وهو بذلك متضمن للشرك سواء كان الشرك بعبادة الأهواء أو الأشجار أو الأحجار أو الرهبان والأحبار، ويدخل فيه بهذه المعاني كلها اليهودي والنصراني والمشرك واللاديني، فيحرم لذلك على المسلمة الزواج بأي منهم. لاسيما وقد ورد لفظ " الكفار " في آية التحريم من سورة الممتحنة بصيغة الجمع المعرف ب" أل" وهي تفيد الاستغراق ، أي جميع أصناف الكفرة.
          كما أن صريح الكتاب والسنة قد حسم هذا الأمر حسما قاطعا حين وردت النصوص المبينة أن أهل الكتاب كفار ومشركون. فقد قال تعالى:
          ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 18
          (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) 19
          (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }20
          هذه الآيات صريحة في أن اليهود والنصارى مشركون، لاسيما عندما عقب على الآية الثالثة بقوله تعالى ( وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )، وعلى الثانية بقوله: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
          تبين هذه المعاني كلها وتؤكدها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تواتر عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يسمي كل من كان كافرا بالمشرك وكان الكفار في عهده ما بين يهودي ونصراني وعابد وثن ومستشفع به ومنكر للبعث والتكليف.
          كما روى الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري قال: سئل حذيفة عن قول الله عز وجل: ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )، هل عبدوهم؟ فقال : لا ، ولكن أحلوا لهم الحرام فاستحلّوه ، وحرموا عليهم الحلال فحرموه .21
          وروى الترمذي عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "ما هذا يا عدي ؟ اطرح عنك هذا الوثن" ، وسمعته يقرأ من سورة براءة :  اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، ثم قال: " أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلّوه ، وإذا حرّموا عليهم شيئاً حرموه " 22.
          وفي رواية البيهقي: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فسمعته يقول اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، قال: قلت يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم، قال: أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم ) 23
          وتقتضي هذه النصوص القطعية من الكتاب والسنة أن الكفر يتضمن الشرك مبنى ومعنى وشرعا، إذ لو كان غير ذلك لوجب أن يغفر الله عز وجل لأهل الكتاب بمقتضى قوله : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } 24. وهذا المعنى باطل بطلانا بينا.
          كما أن قوله تعالى{ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }25 يهدم ما ذهب إليه المبطلون لاسيما بتعقيب الله في نهاية الآية بقوله (أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) لأن علة التحريم في المشركين
          وهي الدعوة إلى النار قائمة في أهل الكتاب أيضا.
          هذه المعاني كلها بينتها السنة النبوية المطهرة ولخصتها قولا وعملا، فقد أخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
          " نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا "26 وعند عبد الرزاق وابن جرير عن عمر بن الخطاب قال " المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة "27 وعند عبد بن حميد عن قتادة قال " أحل الله لنا محصنتين محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب نساؤنا عليهم حرام ونساؤهم لنا حلال " 28 .
          إن تحريم زواج المسلمة بغير المسلم يعد من المسائل التي لم يختلف عليها المسلمون ، والتي تواتر إجماعهم عليها منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فرق بين بنته زينب وزوجها المشرك ثم ردها إليه بعد إسلامه 29، إلى يومنا هذا، وما ذلك إلا لما فهموه من الكتاب والسنة قطعيا، ولم يشذ عن هذا الحكم إلا شرذمة من ذوي الأهواء والضلال، قدامى ومعاصرين ممن باعوا أنفسهم لغير الله تعالى.
          إن زواج المسلمة بغير المسلم ولو كان جهلا منها لا استحلالا، يؤدي بها إلى الكفر مهما حاذرت وحرصت، لأن مآل هذا الزواج أن يخل بعقيدتها ولاء وبراء.
          ذلك أن الولاء شرعا هو محبة الله ورسوله وطاعتهما ومحبة المسلمين في الله ونصرتهم، والبراء هو بغض من كفر بالله ورسوله وشريعة الإسلام، أو أنكر الرسالة ومرسلها والمرسل بها، أو حارب أهلها، بدليل قوله تعالى ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) 30.
          ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) 31.
          ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ) 32.
          ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) 33
          وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله 34
          وعن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يحق العبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله تعالى ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله تبارك وتعالى فقد استحق الولاء من الله وإن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم35
          وعن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحق العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله فقد استحق الولاية من الله 36
          وعن معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال وماذا يا رسول الله قال وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك 37
          وعن البراء بن عازب قال كنا جلوسا عند النبي صلى اللهم عليه وسلم فقال أي عرى الإسلام أوسط قالوا الصلاة قال حسنة وما هي بها قالوا الزكاة قال حسنة وما هي بها قالوا صيام رمضان قال حسن وما هو به قالوا الحج قال حسن وما هو به قالوا الجهاد قال حسن وما هو به قال إن أوسط عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله 38

          وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون أي عرى الإيمان أوثق؟ قلنا الصلاة، قال: الصلاة حسنة وليست بذلك، قلنا الصيام، فقال مثل ذلك، حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله عز وجل والبغض في الله 39
          وبما أن الزوجة المسلمة في الأصل بفطرتها ومقتضيات دينها تحب زوجها وتواليه وتطيعه وتنصره، فإن كان زوجها كافرا كان ولاؤها ومحبتُها له ونصرتهُا إياه محبةً ضمنيةً للكفر ونصرةً وطاعةً لأعداء ربها ورسوله ومبغضيهما، وهذا يتعارض مع العقيدة السليمة ويهدمها.
          خلاصة ما نصل إليه في هذا المبحث أن زواج المسلمة من غير المسلم، الكتابي40 يهوديا كان أو نصرانيا، والمشرك واللاديني، لا يجوز شرعا، ومحرم بإجماع كل المذاهب الإسلامية على اختلافها، ولا يوجد رأي فقهي واحد يؤيد هذه المسألة، لا في كتب المتأخرين ولا المتقدمين ولا في أقوالهم
          وأن إنكار حكم التحريم هذا يوجب ردة القائل به، لأنه معلوم من الدين بالضرورة، وغير خفي على عامة المسلمين وسوقتهم بله علمائهم وسراتهم، وغني عن البيان التذكير بحكمة هذا التحريم وضرورته لحفظ الأعراض دينا ونسلا ومجتمعا سويا وأمة قوية رائدة، وإن كانت النصوص المحرمة لزواج المسلمة من غير المسلم متضمنة كل هذه المعاني.


          -----------------------------------[align=right]
          [1] - النساء 1
          [2] - الأعراف 189
          [3] - الروم 21
          [4] - الزمر 6
          [5] - الواو والثاء والقاف كلمة تدل على عقد وإحكام، والفعل : وثق به على وزن "ورث" ثقة وموثقا ووثاقة ووثوقا: ائتمنه، والميثاق هو العهد المحكم، والمواثقة المعاهدة، ، وأخذ الله ميثاق النبيئين أخذ العهد عليهم.
          [6] - النساء 21
          [7] - الأحزاب 7
          [8] - النساء 154
          [9] - النساء 21
          [10] - صحيح مسلم رقم 2137 – ابن ماجه 3065 – الدارمي 1778
          - [11] مجمع الزوائد
          [12] - الممتحنة 1
          [13] - الممتحنة 13
          [14] - الممتحنة 4
          [15] - الممتحنة 6
          -[16] الممتحنة 10
          [17] - البقرة 221
          [18] - المائدة 73
          [19] - المائدة 72
          [20] - التوبة30 – 31
          [21] - تفسير القرطبي 8/120
          [22] - سنن الترمذي رقم 3020
          [23] - السنن الكبري للبيهقي 10/116
          [24] - النساء 48
          [25] - البقرة 221
          [26] - حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق الأزرقي عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا ثم قال وهذا الخبر وإن كان في إسناده مافيه فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه كذا قال ابن جرير رحمه الله . تفسير ابن كثير 1/258 ، أقول وصحة معنى هذا الحديث تأتي من موافقته للقرآن عند عرضه عليه كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
          [27] - تفسير الطبري 2/278 ، تفسير ابن كثير 1/258
          [28] - عون المعبود 8/9، تفسير الطبري 6/108
          [29] - المستدرك على الصحيحين 3/25.
          [30] - المجادلة 22
          [31] - المائدة 51
          [32] - آل عمران149
          [33] - هود 113
          [34] - مصنف ابن أبي شيبة 6/172
          [35] - أحمد مسند المكيين 14998- ج 3/430، فتح الباري 1/47، الفردوس بمأثور الخطاب 5/152
          [36] - مجمع الزوائد 1/89، رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وهو منقطع ضعيف.
          [37] - أحمد مسند الأنصار 21113، مجمع الزوائد 1/61
          [38] - أحمد مسند الكوفيين 17793
          [39] - مسند الطيالسي1/101، شعب الإيمان 1/46
          [40] - أطلق لفظ" كتابي" على اليهود والنصارى لكونهم كانوا أصحاب كتاب منزل، ولكنهم حرفوه وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وهو ما أشارت إليه الآيتان 30- 31 من سورة التوبة. وإلا فهم في الشرك مع المشركين سواء
          [/CENTER]

          المؤلف: الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي

          المصدر
          http://www.almeshkat.net/index.php?pg=stud&ref=136

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

            اولا: فى مسألة الزواج من غير المسلمين، استخدمت آيتين بنفس الالفاظ لكن اردت ان تجعل لكل منهما دلالة مختلفة
            ( و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا )
            ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )
            ما يزيل اللبس، عندك، في فهم الآيات الكريمة هو الجمع بين الآيتين التاليتين:

            ( ... ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه وبيين آياته للناس لعلهم يتذكرون ) البقرة/221 .

            ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان .. ) المائدة/4 .

            تعليق


            • #7
              اخى فى الله مسلم لا يريد الشهرة
              الآن وضحت الصورة بالنسبة لى و لم يعد هناك مجالا للشك
              جزاك الله خيرا لسعة صدرك فى محاورتى

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


                اخى فى الله مسلم لا يريد الشهرة
                الآن وضحت الصورة بالنسبة لى و لم يعد هناك مجالا للشك
                جزاك الله خيرا لسعة صدرك فى محاورتى
                الأخت الكريمة، بارك الله فيكِ، و أحسن الله إليكِ، ثقى أن أي سؤال في الإسلام له جواب مقنع، وإن كنت لا تعرفيه، و ثقى أنكِ مهما قابلتِ من شبهات، فعليها ردود قوية و مفحمة و بالأدلة الشرعية النقلية و العلمية، و مرحبا بكِ و بأسئلتكِ، و طبعا الترحيب لكل أخ أو أخت لديه سؤال أو استفسار، و لست أنا فقط الذي أرحب بل جميع حراس العقيدة يرحبون أيضا بذلك.

                تعليق

                مواضيع ذات صلة

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
                ردود 0
                40 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة عاشق طيبة
                بواسطة عاشق طيبة
                 
                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
                ردود 0
                62 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
                رد 1
                64 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة د. نيو
                بواسطة د. نيو
                 
                ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
                ردود 0
                24 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة محمد بن يوسف
                بواسطة محمد بن يوسف
                 
                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
                ردود 0
                75 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                بواسطة *اسلامي عزي*
                 
                يعمل...
                X