مختارات ( مقالات هامه )

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الازهرى المصرى مسلم اكتشف المزيد حول الازهرى المصرى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    [frame="11 98"]وظيفة العلماء في تثبيت الأمراء .. نموذج تاريخي[/frame]


    أسوق إليكم نصاً جلياً متميزاً جرى الحديث فيه بين
    القاضي الفاضل وزير صلاح الدين
    وبين صلاح الدين الأيوبي رحمة الله عليهما ،

    وهو يوضح بجلاء

    مهمة العلماء في تثبيت المجاهدين و ولاة الأمور .

    ومناسبة هذا النص أن صلاح الدين رحمه الله تعالى كان قد اشتكى لوزيره القاضي الفاضل تباطؤ نجدة سائر الأمراء له ،

    و أنه يكاد ينفرد بالقيام بجهاد الكفار الصليبين ،
    وكان صلاح الدين على أسوار عكا مرابطاً ، وكان وزيره القاضي الفاضل في مصر مساعداً لابن صلاح الدين الوالي عليها ،
    فتأمل أخي القارئ عظمة هذا النص و جمال معانيه .

    قال القاضي رحمه الله تعالى : (( ولا شبهة أن مولانا - عز نصره - في أشغال شاغلة ،وأمور متشددة ، وقضايا غير واحدة ولا متعددة ،

    ولكن قد ابتلي الناس فصبروا ،
    وأضجرتهم الأيام فما ضَجِروا ، وأي عبادة أعظم من عبادته التي قام بهاوالناس عنها قعود ،
    وصبر في طلب جنتها على ناري الحرب و الوقت ذواتي الوقود .
    غير أن مولانا إذا ذكر نصيبه من الإقدام فلا ينسى نصيبه من الحزم ، و لا يعجل يالأمور الخطيرة ،
    ولا يُقدم بالعدد القليل على العدة الكثيرة ، فالمولى إذا أقبل كان واحداً و إذا أدبر كان مُقَوَّماً بجميع الخلق ولا يطمع بأن يقوّم به الألف ،

    ولا يكره المولى أن تطول مدة الابتلاء بهذا العدو فثوابه يطول ، و حسناته تزيد ، وأثره في الإسلام يبقى ،

    وفتوحاته بمشيئة الله يعظم موقعها و العاقبة للتقوى ، ولينصرن الله من ينصره ، والله تعالى يشكر لمولانا جهاده بيده وبرأيه ،

    وبولده و بخاصته ، وبعامة جنده )) .

    ومن كتاب آخر : (( إنما أُتينا من قِبَل أنفسنا ، ولو صدقناه لعجل لنا عواقب صدقنا ،

    ولو أطعناه لما عاقبنا بعدوّنا ،
    ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إلا به ،
    فلا يستخصم أحد إلا عمله ،
    ولا يلم إلا نفسه ، ولا يرج إلا ربه ، ولا تنتظر العساكر أن تكثر ، ولا الأموال أن تحضر ، ولا فلان الذي يُعتقد عليه أن يقاتل ،

    ولا فلان الذي ينتظر أنه يسير ، فكل هذه مشاغل عن الله ليس النصر بها ولا نأمن أن يكلنا الله إليها ،
    والنصر به واللطف منه ، والعادة الجميلة له ، و نستغفر الله سبحانه من ذنوبنا فلولا أنها مَسَدُّ طريق دعائنا لكان جواب دعائنا قد نزل ،
    وفيض دموع الخاشعين قد غسل ، ولكن في الطريق عائق ، خار الله لمولانا في القضاء السابق واللاحق .

    والآراء تختلف بحضرتك ، والمشورات تتنوع بمجلسك ،

    فقائل : لم لا نتباعد عن المنزلة ،

    و آخر: لم لا نميل إلى المصالحة ،

    و متندم على فائت ما كان فيه حظ ، ومشير بمستقبل ما يلوح فيه رشد ،
    و مشير بالتخلي عن عكا ، وما كأنها طليعة الجيش ولا خَرَزة السلك إن وهت تداعى السلك ،
    فألهمك الله قتل الكافر ، وخلاف المخذّل ، والتجلد و تحت قدمك الجمر ، و أفرشك الطمأنينة و تحت جنبك الوعر .

    لا شبهة أن المملوك قد أطال ، ولكن قد اتسع المجال ، وما مراده إلا أن يشكر الله على ما اختاره له ويسره عليه ،

    وحببه إليه ، فرب ممتحن بنعمة ، ورب منعَم عليه بمشقة ، و كم مغبوط بنعمة هي داؤه ، ومرحوم من بلوى هي دواؤه ،

    ويريد المملوك بهذا أن لايتغير لمولانا - أبقاه الله - وجه عن بشاشة ، ولا صدر عن سَعة ، ولا لسان عن حسنة ، ولا تُرى منه ضجرة ، ولا تُسمع منه نهره ، فالشدة تذهب و يبقى ذكرها ، و الأزمة تنفرج و يبقى أجرها ، وكما لم يُحدث استمرار النعم لمولانا - عز نصره - بطراً فلا تُحدث له ساعات الامتحان ضجراً .

    و المملوك بأن يسمع أن مولانا - عز نصره - على ما يعهده من سعة صدر أسرُّ منه بما يسمعه من بشائر نصره ، وياليتني كنت معهم ، وماذا كانت تصنع الأيام إما شيباً من مشاهدة الحروب ، فقد شبنا والله من سماع الأخبار ، أو غُرماً يمكن خُلفه من الوفر فقد غرمنا والله في بُعد مولانا ما لا خُلف له من العمر ، أو مرض جسم فخيره ما كان الطبيب حاضره ، ولقد مرضنا أشد المرض لفراقه غير أن التجلد ساتره ))

    نصاً آخر مكملاً لكلام القاضي الفاضل :

    (( يا مولانا: أليس الله تعالى اطلع على قلوب أهل الأرض فلم يؤهل ولم يستصلح ولم يختر ولم يُسهل ولم يستعمل ولم يستخدم في إقامة دينه و إعلاء كلمته و تمهيدسلطانه وحماية شعاره و حفظ قبلة موحديه إلا أنت ، هذاوفي الأرض من هو للنبوة قرابة ، ومَن له المملكة وراثة ، ومن له في المال كثرة ، ومن له في العدد ثروة ، فأقعدهم و أقامك و كسَّلهم ونشَّطك ، وقبضهم وبسطك ، وحبب الدنيا إليهم و بغَّضها إليك ، و صعبها عليهم وهونها عليك ، و أمسك أيديهم و أطلق يدك ، و أغمد سيوفهم و جرّد سيفك ، وأشقاهم و أنعم عليك ، وثبطهم و سيرك : (( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدة ولكن كرِه الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )).

    نعم و أخرى أهم من الأولى أنه لما اجتمعت كلمة الكفر من أقطار الأرض وأطراف الدنيا ما تأخر منهم متأخر ولا استبعد المسافة بينك و بينهم مستبعد ، وخرجوا من ذات أنفسهم الخبيثة ، لا أموال تنفق فيهم ، ولا ملوك تحكم عليهم ، ولا عصا تسوقهم ،ولا سيف يزعجهم ، مُهطعين إلى الداعي ، ساعين في أثر الساعي ، وهم من كل حَدَب ينسلون ، و من كل بر وبحر يقبلون ، كنت يا مولانا - كما قيل - أبقاك الله :
    ولست بملك هازم لنظيره **** ولكنك الإسلام للشرك هازم

    هذا وليس لك من المسلمين كافة مساعدة إلا بدعوة ولا مجاهد معك إلا بلسانه ، ولا خارج معك إلا بهمّ ، ولا خارج بين يديك إلا بالأجرة ، ولا قانع منك إلا بزيادة ، تشتري منهم الخطوات شبراً بذراع ، و ذراعاً بباع ، تدعوهم إلى الله و كأنما تدعوهم إلى نفسك ، و تسالهم الفريضة كأنك تكلفهم النافلة ، و تعرض عليهم الجنة وكأنك تريد أن تستأثر بها دونهم
    )).

    ومن كتاب آخر : ((و عسكرنا لا يشكو - والحمد لله - منه خوراً ، و إنما يشكو منه ضجراً ، والقوى البشرية لا بد أن يكون لها حدّ ، والأقدار الإلهية لها قصد ، و كل ذي قصد خادم قصدها ، و واقف عند حدها ، و إنما ذكر المملوك هذا ليرفع المولى من خاطره مقت المتقاعس من رجاله كما يثبت فيه شكر المسارع من أبطاله ، قال تعالى : (( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )) .

    أختم لك أخي القارئ النقل عن القاضي الفاضل الذي ثبّت به صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى يوم أن تباعدت بهم الديار ، فالقاضي الفاضل بمصر ، و ذاك مرابط على أسوار عكا رحمهما الله تعالى ، وتمام النص هذا يفهم منه كيف كانت راية الجهاد صافية و مفاهيمه واضحة ظاهرة متوافقة مع أحكام الشرع المطهر ، فكان مما قاله له :

    (( ولا بد أن تنفذ مشيئة الله في خلقه ، لا رادَّ لحكمه ، فلا يتسخط مولانا بشيء من قدره ، فلأن يجري القضاء وهو راض مأجور خير من أن يجري وهو ساخط موزور ، من شكا بثه وحزنه إلى الله شكا إلى مشتكى و استغاث بقادر ، ومن دعا ربه خفياً استجاب له استجابة ظاهرة ، فلتكن شكوى مولانا إلى الله خفية عنا ، ولا يقطع الظهور التي لا تشد إلا به ، ولا يُضيّق صدوراً لا تنفرج إلا منه ، وما شرد الكرى ، و أطال على الأفكار ليل السُّرى إلا ضائقة القوت بعكا ، ولم يبق إلا ضعف نعم المعين عليه ترويح النفس و إعفاؤها من الفكر ، فقد علم مولانا بالمباشرة أنه لا يُدبر الدهر إلا برب الدهر ، ولا ينفذ الأمر إلا بصاحب الأمر ، وأنه لا يقلّ الهم إن كثر الفكر .
    قد قلت للرجل المقسَّم أمرُه **** فوض إليه تنم قرير العين

    وكل مقترح يجاب إليه إلا ثغراً يصير نصرانياً بعد أن أسلم ، أو بلداً يخرس فيه المنبر بعد أن تكلم ، يا مولانا : هذه الليالي التي رابطت فيها والناس كارهون ، وسهرت فيها والعيون هاجعة ، و هذه الأيام التي ينادي فيها : ياخيل الله اركبي ، وهذه الساعات التي تزرع الشيب في الرؤوس هي نعمة الله عليك ، و غراسك في الجنة : (( يوم تجدُ كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً )) ، وهي مُجَوِّزاتك على الصراط ، وهي مثقلات الميزان ، و هي درجات الرضوان ، فاشكر الله عليها كما تشكره على الفتوحات الجليلة ، و اعلم أن مثوبة الصبر فوق مثوبة الشكر .

    من ربط جأش أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : (( لو كان الصبر و الشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت )) ، و بهذه العزائم سبقونا و تركونا لا نطمع في اللحاق بالغبار ، و امتدت خطاهم و نعوذ بالله من العثار ، ما استعمل الله في القيام بالحق إلا خير الخلق ، وقد عرف ما جرى في سير الأولين ، وفي أنباء النبيين ، و أن الله تعالى حرض نبيه صلى الله عليه وسلم على أن يهتدي بهداهم ، و يسلك سبيلهم ، ويقتدي بأولي العزم منهم .

    و ما ابتلى الله سبحانه من عباده إلا مَن يعلم أنه يصبر ، و أمور الدنيا ينسخ بعضها بعضاً و كأنَّ ما قد كان لم يكن ، و يذهب التعب ويبقى الأجر ، وإنما يقظات العين كالحلم ، و أهم الوصايا أن لا يحمل المولى هماً يضعف جسمه ، ويضر مزاجه ، و الأمَّه بنيان وهو - أبقاه الله تعالى - قاعدته ، والله يثبت تلك القاعدة القائمة في نصرة الحق .

    و مما يستحسن من وصايا الفرس : (( إن نزل بك مافيه حيلة فلا تعجز ، و إن نزل بك ماليس لك فيه حيلة - والعياذ بالله - فلا تجزع )) ، ورب واقع في أمر لو اشتغل عن حمل الهم به بالتدبير فيه مع مقدور الله لانصرف همه ، و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله .


    هذا سلطان هو - بحول الله - أوثق منه بسلطانه ، قاتلت الملوك بطمعها و قاتل هذا بإيمانه ، و إذا نظر الله إلى قلب مولانا لم يجد فيه ثقة بغيره ، ولا تعويلاً على قوة إلا على قوته فهنالك الفرج ميعاده ، واللطف ميقاته ، فلا يقنط من روح الله ، ولا يقل متى نصر الله ، وليصبر فإنما خلق للصبر ، بل ليشكر فالشكر في موضع الصبر أعلى درجات الشكر ، وليقل لمن ابتلَى : أنت المعافي ، و ليرض عن الله سبحانه فإن الراضي عن الله هو المسلم الراضي )) .

    وكتب السلطان إلى القاضي الفاضل كتاباً من بلاد الفرنج يخبره عما لاح له من أمارات النصر و يقول : ما أخاف إلا من ذنوبنا أن يأخذنا الله بها.

    فكتب إليه الفاضل : (( فأما قول المولى : إننا نخاف أن نؤخذ بذنوبنا ، فالذنوب كانت مثبته قبل هذا المقام وفيه محيت ، و الآثام كانت مكتوبة ثم عفي عنها بهذه الساعات وعَفيت ، فيكفي مستغفراً لسان السيف الأحمر في الجهاد ، ويكفي قارعاً لأبواب الجنة صوت مقارعة الأضداد ، ولعَين الله موقفك ، وفي سبيل الله مقامك و منصرفك ، و طوبى لقدم سعت في منهاجك ، و طوبى لنفس بين يديك قَتلت و قُتلت ، و إن الخواطر تشكر الله فيك و عن شكرها لك قد شُغلت )).



    المصدر : موقع التاريخ

    http://www.altareekh.com/Pages/Subje...1174&cat_id=67
    قال تعالى {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139
    لا ولن يكتمل حلمى الا بك يا اقصى
    MY Dream Will Not Be Completed
    Without AL-AQSA

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
    ردود 0
    40 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة عاشق طيبة
    بواسطة عاشق طيبة
     
    ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
    ردود 0
    62 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة عطيه الدماطى  
    ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
    رد 1
    63 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د. نيو
    بواسطة د. نيو
     
    ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
    ردود 0
    23 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة محمد بن يوسف
    بواسطة محمد بن يوسف
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
    ردود 0
    73 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    يعمل...
    X