حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة

تقليص
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابو حميد

    #1

    حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    انا سوف اعطى لكم ردا حول عصمة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هذا الرد مقتبس من موقع المجلس الاعلى للشئون الاسلاميه و نسأل الله ان يجعل هذا العمل خالص لوجه الكريم

    هناك من لا يعترفون بأن الرسول معصوم عن الخطأ ، ويقدمون الأدلة على ذلك بسورة [ عبس وتولى ] وكذلك عندما جامل الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته ، ونزلت الآية الكريمة التى تنهاه عن ذلك (انتهى).
    الرد على الشبهة:
    إن عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك عصمة كل الرسل - عليهم السلام - يجب أن تفهم فى نطاق مكانة الرسول.. ومهمة الرسالة.. فالرسول: بشر يُوحَى إليه.. أى أنه - مع بشريته - له خصوصية الاتصال بالسماء ، بواسطة الوحى.. ولذلك فإن هذه المهمة تقتضى صفات يصنعها الله على عينه فيمن يصطفيه ، كى تكون هناك مناسبة بين هذه الصفات وبين هذه المكانة والمهام الخاصة الموكولة إلى صاحبها.
    والرسول مكلف بتبليغ الرسالة ، والدعوة إليها ، والجهاد فى سبيل إقامتها وتطبيقها.. وله على الناس طاعة هى جزء من طاعة الله - سبحانه وتعالى - (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) (1) (قل أطيعوا الله والرسول ) (2) (من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (3) (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ) (4) ولذلك كانت عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ضرورة من ضرورات صدقهم والثقة فى هذا البلاغ الإلهى الذى اختيروا ليقوموا به بين الناس.. وبداهة العقل - فضلاً عن النقل - تحكم بأن مُرْسِل الرسالة إذا لم يتخير الرسول الذى يضفى الصدق على رسالته ، كان عابثًا.. وهو ما يستحيل على الله ، الذى يصطفى من الناس رسلاً تؤهلهم العصمة لإضفاء الثقة والصدق على البلاغ الإلهى.. والحُجة على الناس بصدق هذا الذى يبلغون.
    وفى التعبير عن إجماع الأمة على ضرورة العصمة للرسول فيما يبلغ عن الله ، يقول الإمام محمد عبده [1266-1323هجرية/1849-1905م] عن عصمة الرسل - كل الرسل -: ".. ومن لوازم ذلك بالضرورة: وجوب الاعتقاد بعلو فطرتهم ، وصحة عقولهم ، وصدقهم فى أقوالهم ، وأمانتهم فى تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه ، وعصمتهم من كل ما يشوه السيرة البشرية ، وسلامة أبدانهم مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة ، وأنهم منزهون عما يضاد شيئًا من هذه الصفات ، وأن أرواحهم ممدودة من الجلال الإلهى بما لا يمكن معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية.. إن من حكمة الصانع الحكيم - الذى أقام الإنسان على قاعدة الإرشاد والتعليم - أن يجعل من مراتب الأنفس البشرية مرتبة يُعدُّ لها ، بمحض فضله ، بعض مَنْ يصطفيه من خلقه ، وهو أعلم حيث يجعل رسالته ، يميزهم بالفطرة السليمة ، ويبلغ بأرواحهم من الكمال ما يليقون معه للاستشراق بأنوار علمه ، والأمانة على مكنون سره ، مما لو انكشف لغيرهم انكشافه لهم لفاضت له نفسه ، أو ذهبت بعقله جلالته وعظمته ، فيشرفون على الغيب بإذنه ، ويعلمون ما سيكون من شأن الناس فيه ، ويكونون فى مراتبهم العلوية على نسبة من العالمين ، نهاية الشاهد وبداية الغائب ، فهم فى الدنيا كأنهم ليسو من أهلها ، هم وفد الآخرة فى لباس من ليس من سكانها.. أما فيما عدا ذلك - [ أى الاتصال بالسماء والتبليغ عنها ] - فهم بشر يعتريهم ما يعترى سائر أفراده ، يأكلون ويشربون وينامون ويسهون وينسون فيما لا علاقة له بتبليغ الأحكام ، ويمرضون وتمتد إليهم أيدى الظلمة ، وينالهم الاضطهاد ، وقد يقتلون " (5).
    فالعصمة - كالمعجزة - ضرورة من ضرورات صدق الرسالة ، ومن مقتضيات حكمة من أرسل الرسل - عليهم السلام -..
    وإذا كان الرسول - كبشر - يجوز على جسده ما يجوز على أجساد البشر.. وإذا كان الرسول كمجتهد قد كان يمارس الاجتهاد والشورى وإعمال العقل والفكر والاختيار بين البدائل فى مناطق وميادين الاجتهاد التى لم ينزل فيها وحى إلهى.. فإنه معصوم فى مناطق وميادين التبليغ عن الله - سبحانه وتعالى - لأنه لو جاز عليه الخطأ أو السهو أو مجانبة الحق والصواب أو اختيار غير الأولى فى مناطق وميادين التبليغ عن الله لتطرق الشك إلى صلب الرسالة والوحى والبلاغ ، بل وإلى حكمة من اصطفاه وأرسله ليكون حُجة على الناس.. كذلك كانت العصمة صفة أصيلة وشرطًا ضروريًا من شروط رسالة جميع الرسل - عليهم السلام -.. فالرسول فى هذا النطاق - نطاق التبليغ عن الله - (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى ) (6). وبلاغة ما هو بقول بشر ، ولذلك كانت طاعته فيه طاعة لله ، وبغير العصمة لا يتأتى له هذا المقام.
    أما اجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا وحى فيه ، والتى هى ثمرة لإعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية ، فلقد كانت تصادف الصواب والأولى ، كما كان يجوز عليها غير ذلك.. ومن هنا رأينا كيف كان الصحابة ، رضوان الله عليهم فى كثير من المواطن وبإزاء كثير من مواقف وقرارات وآراء واجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه - قبل الإدلاء بمساهماتهم فى الرأى - هذا السؤال الذى شاع فى السُّنة والسيرة:
    " يا رسول الله ، أهو الوحى ؟ أم الرأى والمشورة ؟.. "
    فإن قال: إنه الوحى. كان منهم السمع والطاعة له ، لأن طاعته هنا هى طاعة لله.. وهم يسلمون الوجه لله حتى ولو خفيت الحكمة من هذا الأمر عن عقولهم ، لأن علم الله - مصدر الوحى - مطلق وكلى ومحيط ، بينما علمهم نسبى ، قد تخفى عليه الحكمة التى لا يعلمها إلا الله.. أما إن قال لهم الرسول - جوابًا عن سؤالهم -: إنه الرأى والمشورة.. فإنهم يجتهدون ، ويشيرون ، ويصوبون.. لأنه صلى الله عليه وسلم هنا ليس معصومًا ، وإنما هو واحد من المقدمين فى الشورى والاجتهاد.. ووقائع نزوله عن اجتهاده إلى اجتهادات الصحابة كثيرة ومتناثرة فى كتب السنة ومصادر السيرة النبوية - فى مكان القتال يوم غزوة بدر.. وفى الموقف من أسراها.. وفى مكان القتال يوم موقعة أُحد.. وفى مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق.. إلخ.. إلخ.
    ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أراد الله له أن يكون القدوة والأسوة للأمة (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ) (7).
    وحتى لا يقتدى الناس باجتهاد نبوى لم يصادف الأولى ، كان نزول الوحى لتصويب اجتهاداته التى لم تصادف الأولى ، بل وعتابه - أحيانًا - على بعض هذه الاجتهادات والاختيارات من مثل: (عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى ) (8). ومن مثل: (يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثًا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير ) (9). ومن مثل: (ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) (10).
    وغيرها من مواطن التصويب الإلهى للاجتهادات النبوية فيما لم يسبق فيه وحى ، وذلك حتى لا يتأسى الناس بهذه الاجتهادات المخالفة للأولى.
    فالعصمة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما يبلغ عن الله شرط لازم لتحقيق الصدق والثقة فى البلاغ الإلهى ، وبدونها لا يكون هناك فارق بين الرسول وغيره من الحكماء والمصلحين ، ومن ثم لا يكون هناك فارق بين الوحى المعصوم والمعجز وبين الفلسفات والإبداعات البشرية التى يجوز عليها الخطأ والصواب.. فبدون العصمة تصبح الرسالة والوحى والبلاغ قول بشر ، بينما هى - بالعصمة - قول الله - سبحانه وتعالى - الذى بلغه وبينه المعصوم - عليه الصلاة والسلام -.. فعصمة المُبَلِّغ هى الشرط لعصمة البلاغ.. بل إنها - أيضًا - الشرط لنفى العبث وثبوت الحكمة لمن اصطفى الرسول وبعثه وأوحى إليه بهذا البلاغ.
    المراجع
    (1) النساء: 59.
    (2) آل عمران: 32.
    (3) النساء: 80.
    (4) آل عمران: 31.
    (5) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج2 ص 415 ، 416 ، 420، 421. دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة. طبعة القاهرة سنة 1993م.
    (6) النجم: 3-4.
    (7) الأحزاب: 21.
    (8) عبس: 1-10.
    (9) التحريم: 1-3.
    (10) الأنفال: 67-68.



    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن الكاتب

تقليص

ابو حميد

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة كريم العيني, 26 يون, 2024, 04:00-م
ردود 0
218 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة كريم العيني
بواسطة كريم العيني
ابتدأ بواسطة وليد المسلم, 24 يون, 2006, 03:27-ص
ردود 7
6,391 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محب المصطفى
بواسطة محب المصطفى
ابتدأ بواسطة أبو أسامة, 8 سبت, 2006, 08:48-م
ردود 6
4,867 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
ابتدأ بواسطة ديدات, 3 أبر, 2014, 02:39-ص
ردود 3
9,648 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ديدات
بواسطة ديدات
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34-ص
ردود 0
62 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عطيه الدماطى
ابتدأ بواسطة محب المصطفى, 13 يون, 2012, 09:02-ص
ردود 3
2,290 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة سلطان الكلمه
ابتدأ بواسطة وليد المسلم, 23 يون, 2010, 02:09-ص
ردود 2
152 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة The Truth
بواسطة The Truth
ابتدأ بواسطة وليد المسلم, 24 يون, 2006, 11:49-م
ردود 3
7,748 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
ابتدأ بواسطة ابن عبد, 14 يول, 2010, 05:33-م
ردود 3
11,626 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ابن عبد
بواسطة ابن عبد
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 27 نوف, 2007, 05:54-م
ردود 4
6,665 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أبو زيد
بواسطة أبو زيد
ابتدأ بواسطة طلعت666, 6 ينا, 2010, 03:03-م
ردود 0
2,701 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة طلعت666
بواسطة طلعت666
ابتدأ بواسطة نور عمر, 23 أكت, 2009, 09:01-ص
ردود 0
1,732 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة نور عمر
بواسطة نور عمر
ابتدأ بواسطة معارج القبول, 28 أغس, 2010, 02:16-م
ردود 6
2,323 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة بن الإسلام
بواسطة بن الإسلام
ابتدأ بواسطة أبو حته, 7 مار, 2017, 09:57-ص
ردود 0
3,105 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أبو حته
بواسطة أبو حته
ابتدأ بواسطة أبوعبدالله الحنبلي, 14 أكت, 2007, 06:30-ص
رد 1
63 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الشرقاوى
بواسطة الشرقاوى

مواضيع من نفس المنتدى الحالي

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 21 يول, 2012, 07:32-م
ردود 97
13,849 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة ياسر جبر, 18 أكت, 2010, 01:19-ص
ردود 65
14,730 مشاهدات
1 رد فعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة نصرة الإسلام, 8 يول, 2012, 01:03-ص
ردود 47
35,364 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة محب رسول الله, 25 ماي, 2007, 08:34-م
ردود 26
25,534 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الفضة
بواسطة الفضة
ابتدأ بواسطة احمد زياد, 25 ماي, 2025, 04:37-ص
ردود 25
125 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة احمد زياد
بواسطة احمد زياد
يعمل...
أحمد - مساعد المنتدى

السلام عليكم، أنا أحمد. اكتب سؤالك وسأحاول مساعدتك.

📢 رسالة توست

من فضلك اختر مستوى الإجابة: