هل في القرآن لفظة غريبة؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سامسونج مسلم اكتشف المزيد حول سامسونج
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    وحتى يتم تصور مادة الزمن في القرآن الكريم تصوراً مؤسساً، ينبغي أنيتنبه الباحث إلى هذا الجانب، ويوليه أهمية كبرى، وإلا فنصف التصور عندهضائع.
    ومما يلاحظ من القرآن وهو يعرض مادة الزمن توظيفه لفنون البلاغة، من ذلك: الجمع والتفريق، والتقديم والتأخير، والتخصيص والتعميم، واللفظ المشترك وغيرالمشترك، والتغليب، وحياة الألفاظ، والتكرار، والتشبيه، والاستعارة، والكناية،والإيجاز والإطناب، والسجع، والتصوير، والالتفات، والرمز ... وغيرها من فنونالبلاغة مما أحصاه المفسرون والبلاغيون، ومما لم يحصوه بعد، ويمكن إعداد بحث مستقلمستفيض وشيِّق في هذا المجال، أما نحن فنكتفي باستعراض نماذج تقرب الفهم، وتكونسنداً لبحثنا، تاركين الغوص لأهل التخصص:
    1
    ـ تحديد الألفاظ:
    يستثير المتأملفي جدول ألفاظ الزمن في القرآن الكريم، التحديد الدقيق لمكان الألفاظ وسياقها، بحيثيرى اللفظ «قاراً في موضعه، لأنه الأليق في النظم، ثم لأنه مع ذلك الأوسع فيالمعنى، ومع ذلك الأقوى في الدلالة ... ».
    ففي قوله تعالى: (هو الأول والآخروالظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) سورة الحديد: 3، نجد لفظتي الأولوالآخر.
    فكلمة «الأول» هكذا: معرَّفة، مذكَّرة، ومفردة ... لم ترد بهذا المعنى ـأي اسماً من أسماء الله تعالى ـ إلا في هذه الآية، وكل من المعرفة التي تنفي النكرةوالخفاء، والذكورة التي تنفي الأنوثة والضعف، والإفراد الذي ينفي التعدد والاشتراك ... كل هذا يتفق وصفات الله تعالى، حتى إنه إذا قيل «الأول» ـ في لغة القرآن هكذامطلقاً ـ فإنه ينصرف إلى الله سبحانه وتعالى دون غيره.
    وكذلك يقال عن «الآخِر» الذي ورد بمعنى يوم القيامة، ولكنه أسند إلى «اليوم» (واليوم الآخر) سورة التوبة: 19. وأما مطلقاً فيعني اللهَ سبحانه دون غيره.
    ويعني بالآخر: «المتأخر عن غيره،لا انتهاء له ... والآخر بالأبدية» وبالأول: «الأول الذي هو بالأزلية».
    ومهمابحث الباحث عن لفظين ليضعهما في موضع هذين فإن اللغة لن تسعفه، ولن يجد أبلغ ولاأعمق ولا أدق تعبيراً، أو أحسن وزناً من هذين اللفظين «الأول» و «الآخر»، خاصة وأنالآيات بصدد التعرض لموضوع الإحياء والإماتة، وخلق السموات والأرض، فناسب أن ينبهإلى الأولية والآخرية.
    2
    ـ المقابلة:
    عرَّف البلاغيون المقابلة بأنها إيرادالكلام ثم مقابلته بمثله في المعنى واللفظ، على وجه الموافقة أو المخالفة، وبهذاالمعنى استعمل القرآن الكريم المقابلة كأداة للتعبير عن الزمن في كثير منآياته.
    ومن الأمثلة قوله تعالى: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيهولتبتغوا من فضله) القصص: 73، فقد جيء في صدر الآية بضدين هما: الليل والنهار، ثمقابلهما بضدين هما: السكون والحركة على الترتيب «ثم عبر عن الحركة بلفظ مرادف،فاكتسب الكلام بذلك ضرباً من المحاسن زائداً عن المقابلة، ذلك أنه عدل عن لفظالحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل، لكون الحركة تكون لمصلحة ولمفسدة، وابتغاء الفضل حركةلمصلحة دون مفسدة».
    3
    ـ الطباق:
    الطباق هو الجمع بين الشيء وضده في كلامواحد، ومن أمثلته في القرآن الكريم: الليل والنهار، الأول والآخر ...
    فقد وردلفظ «الليل» في القرآن حوالي مائة مرة، وذُكر في جل المواطن مقابلاً «للنهار»، أوأحد أجزائه مثل: «الضحى» و «الإصباح» و «الفجر» و «دلوك الشمس» ... إلانادراً.
    4
    ـ الجناس:
    من أبلغ أنواع الجناس: الجناس التام، وهو التشابه المطلقلفظاً، والاختلاف معنى، ومن أمثلته عند البلاغيين قوله تعالى: (ويوم تقوم الساعةيقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) الروم: 55.
    فالجناس هنا بين اسمين متماثلينهما «الساعة» و «ساعة»، أما الأول فمعناه القيامة، وأما الثاني فيعني مطلقالوقت.
    5
    ـ التشبيه:
    انفرد القرآن الكريم بكثير من التشبيهات البديعة، منهاقوله تعالى: (وجعلنا الليل لباساً) سورة النبأ: 10، فشبَّه الليل باللباس، لأنالليل من شأنه أن يستر الناس بعضهم عن بعض.
    6
    ـ التصوير الفني:
    نحا سيد قطبفي دراسته للقرآن الكريم منحى خاصاً، فلم تكن مفردات القرآن ولا تراكيبه وحدهاشاغلة له بموسيقاها وتناسقها وترابطها، «وإنما كان نظره مركزاً في الأداة المفضلةللتعبير في كتاب الله، ولقد وجدها في التصوير» الفني، فألف كتاباً بعنوان: التصويرالفني في القرآن الكريم.
    ومن هذا المنطلق البلاغي المعاصر، نجد أن موضوع الزمنفي القرآن قد عرض عرضاً فنياً بليغاً، وقد أورد سيد قطب عدة نماذج من هذا التصوير،وتحت عنوان «التخييل الحسِّي والتجسيم» يذكر ثلاث صور من صور التشخيص التي تأخذباللبِّ، وتجعل الطبيعة الصامتة أبلغ ناطق، نقتبس منها مشهدين هما:
    أ) صورةالليل يسرع في طلب النهار، فلا يستطيع له دركاً ـ وكأنه شخص واع ذو إرادة وقصد ـ (يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً) سورة الأعراف: 54، ويدور الخيال مع هذه الدورةالدائبة، التي لا نهاية لها ولا ابتداء.
    وفي هذا كله مستوى من جمال التصويروالتعبير، لا يمكن أن يرقى إليه فن بشري على الإطلاق.
    ب) صورة هذا الليل وهويسري: (والليل إذا يسر) سورة الفجر: 4، فتحس سريانه في هذا الكون العريض، وتأنسبهذا الساري على هيِّنة واتِّئاد، فهو بالتالي مخلوق حي، وكأنه ساهر يجول فيالظلام، أو مسافر يختار السري لرحلته الشاقة المضنية.

    تعليق


    • #32
      أمثلة على بعض المتقوّلين على القرآن

      ـ أولاً: مسيلمة بن حبيب الكذاب:

      تنبأ باليمامة في بني حنيفة، وتقع شرق مدينة الرياض حالياً، وقد وفد على الرسول (ص) وأعلن إسلامه، وكان أليفاً مع الناس، ويجاهر بقبحه، وعندما عاد إلى اليمامة كتب إلى الرسول (ص) سنة 10 للهجرة: أمّا بعد، فإني شوركت في الأرض معك وإنما لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، لكن قريشاً قوم يعتدون. وكان الرسول (ص) قد أرسل أحد المسلمين، وهو «نهار الرَّجال» ـ وكان فقيهاً وقارئاً للقرآن ـ إلى مسيلمة ليرده عن فتنته، فارتد هو الآخر عن الإسلام، وكان أعظم فتنة من مسيلمة على بني حنيفة، إذ شهد أنه سمع الرسول (ص) يقول: إن مسيلمة قد أشرك معه، فصدقوه. وكان لا يقول شيئاً إلا تابعه مسيلمة، وكان يستعين به على التعرف على أحوال الرسول (ص). فكان الرَّجال شريكاً لمسيلمة في الارتداد عن الاسلام، وشريكاً له في النار بإذن الله ضرسه كجبل أحد في النار بل وأعظم.
      عن أبي هريرة (رض) قال: «جلست مع النبي (ص) في رهط معنا الرَّجال بن عنفوة، فقال: إن فيكم رجلاً ضرسه في النار أعظم من أُحُد، فهلك القوم، وبقيت أنا والرَّجال، فكنت متخوفاً لها حتى خرج الرَّجال مع مسيلمة، فشهد له بالنبوة». وقد قتل الرَّجال مع مسيلمة في حرب المرتدين في اليمامة.
      وقد زعم مسيلمة أنّ له قرآناً يوحى إليه عن طريق ملك يسمى رحمن. وكان قرآنه فصولاً، وجملاً يترسل به ي أمر أو حادثة تعرض له، فكان أقرب إلى سجع الكهان، وكان يقلد بكلامه أوزان، وتراكيب القرآن.
      ـ أمثلة على أقوال مسيلمة الكذاب قوله:
      «الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له ذنب ونبيل، وخرطوم طويل». وقوله: «الشاة وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المذق فما لكم لا تمجعون».
      وقوله: «يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين، نصفك في الماء، ونصفك في الطين، لا الماء تكدّرين، ولا الشارب تمنعين».
      وقوله: «والمبذرات زرعاً، والحاصدات حصداً، والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً، إهالة وسمناً ... لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المضر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والباغي فناوئوه ... ».

      ـ ثانياً: سجاح بنت الحارث بنت سويد التميمية:
      كانت نصرانية من بني تغلب في شمال الجزيرة، وهم أخوالها، تنبأت في خلافة أبي بكر، وتبعها بعض رؤساء القبائل، وكانت تقول لهم: «إنما أنا امرأة من يربوع، وإن كان ملك، فالملك ملككم». وسارت بجيشها تريد قتال أبي بكر، وقد سمعت بقوة مسيلمة، فسارت إليه، وسألته عن وحيه، فقال: نعم. قالت: أسمعني، قال: أرأيت إن كنت حبلى، وفي بطنك حية تسعى، قالت: صدقت، وتزوجته. فقال مسيلمة: لنأكل بقومي، وقومها العرب. وقد ذكر ابن جرير الطبري في كتابه «تاريخ الأمم والملوك»: أنه عندما عادت إلى قبيلتها سألها قومها: هل أصدقك شيئاً؟ قالت: لا. قالوا: إرجعي إليه، فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق. فرجعت، فقالت له: أصدقني صداقاً. قال: مَن مؤذنك؟ قالت: شبث بن ربعي الرياحي. قال: عليَّ به. فجاء، فقال: ناد في أصحابك، إن مسيلمة بن حبيب رسول الله ... وقد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد: صلاة العشاء الآخرة، وصلاة الفجر. وقد ذكر الكلبي أن مشيخة بني تميم حدثوهم أن عامة بني تميم لا يصلونها، وقالوا له: هذا حق لنا، ومهر كريمة منا لا نرده. وكان مسيلمة عندما سمع بقدوم سجاح إليه قد أمر بنصب سرادق كبير، وبفراش وثير مملوء بالطيب، فاستقبلها به، وحادثها بشجون الأحاديث، والشعر التي تثير غرائزها، إغراءً لها على تصديقه، ومن ثم زواجه منها. وكانت سجاح تزعم أنه يوحى إليها، وتسجع بكلامها كقولها حين توجهت إلى مسيلمة: «عليكم باليمامة، ورفوا رفيف الحمامة، فإنها غزوة ضرامة، لا يلحقكم بعدها ملامة». وكان لها قرآن قليل ذكر منه صاحب الأغاني: «يا أيها المؤمنون المتقون، لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوم يبغون».
      وذكرت الروايات أن سجاح رجعت إلى الإسلام، ورجع قومها معها، وحسن إسلامها، وتوفيت، ودفنت بالبصرة جنوب العراق
      .
      ـ ثالثاً: طلحة بن خويلد الأسدي:قدم على النبي (ص) سنة تسع للهجرة على رأس وفد أسد بن خزيمة، وأعلن إسلامه، وكان شجاعاً يعد بألف فارس، تنبأ بعد وفاة الرسول (ص)، وزعم أن ملكاً اسمه ذو النون يأتيه بالوحي. ولم يكن له قرآن إلا قليل جداً، ومنه كما ذكره ياقوت في معجم البلدان: «إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم، وقبح أدباركم شيئاً، فاذكروا الله قياماً، فإن الرغوة فوق الصريح». وقد أرسل إليه أبو بكر الصديق جيشاً بقيادة خالد بن الوليد، وعندما التقى الجمعان تزمل طلحة بكساء، انتظاراً لنزول الوحي عليه، ولما أطال سأله عيينة بن حصن ـ وكان معه في سبعمائة من بني فزارة ـ هل أتاك بعد؟!! فقال طلحة من تحت الكساء: لا والله. ما جاء بعد. فأعاد إليه مرتين، وهو يقول: لا. قال عيينة: لقد تركك أحوج ما كنت إليه. فقال طلحة: قاتلوا عن أحسابكم، فأما دين فلا دين.
      وقد ذكر ابن الأثير في كتابه «أسد الغابة» أن عيينة قال له: تباً لك آخر الدهر ثم جذبه جذبة جاش منها، وقال: قبح الله هذا، ومَن تبعوه، فجلس طلحة، فقال عيينة: ما قيل لك!؟!! قال طلحة: إن لك رحى كرحاه، وأمراً لا تنساه، فقال عيينة: قد علم الله أن لك أمراً لن تنساه. يا بني فزارة، هذا كذاب ما بورك لنا وله في ما يطلب. وقد انهزم طلحة، وهرب إلى الشام، ولكنه أسلم، وحسن إسلامه، وأبلى بلاءً حسناً في القادسية
      .
      ـ رابعاً: الأسود العنسي:
      وهو عبهلة بن كعب. يلقب بذي الخمار، لأنه يدّعي أنه يأتيه ملك اسمه «ذو خمار». وكان فصيحاً بليغاً، معروف عنه بالكهانة، والسجع، والخطابة، والشعر، والنسب. تنبأ على عهد النبي (ص)، ومعاذ بن جبل والياً على اليمن، وقد قتل الوالي المسلم، وتزوج من زوجته فيروز، وكان له حمار علّمه أن يأتي بحركات غريبة حتى يوهم الناس بصدق نبوته، وكان جباراً شقياً، بسط سلطانه على اليمن، وجنوب الجزيرة إلى أن قتله عم زوجته فيروز بتدبير منها، وقتل قبل وفاة النبي (ص) بيوم وليلة، ورجع الحكم إلى الإسلام.

      تعليق


      • #33
        شبهة لحن القرآن

        يقولون: روي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سُئِلت عائشة عن لحن القرآن، عن قوله تعالى: (إن هذان لساحران) وعن قوله تعالى: (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) وعن قوله تعالى: (إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئون). فقالت: يابن أخي، هذا من عمل الكُتَّاب، قد أخطأوا في الكتاب.
        قال السيوطي في هذا الخبر: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ويقولون أيضاً: روي عن أبي َلَف مولى بني جُمَح أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة فقال: جئت أسألكِ عن آية في كتاب الله، كيف كان رسول الله (ص) يقرؤها؟ قالت: أيّةُ آية؟ قال: (والذين يؤتون ما آتوا) أو (الذين يأتون ما آتوا). قالت: أيهما أحب إليك؟ قلت: والذي نفسي بيده، لإحداهما أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعاً. قالت: أيهما؟ قلت: (والذين يأتون ما آتوا) فقالت: أشهد أن رسول الله (ص) كذلك كان يقرؤها، وكذلك أُنزلت، ولكن الهجاء حرف
        .
        ـ تفنيد هذه الشبهة:
        أولاً: بأن هذه الروايات مهما يكن سندها صحيحاً، فإنها مخالفة للمتواتر القاطع، ومعارض القاطع ساقط مردود، فلا يلتفت إليها، ولا يعمل بها.
        ثانياً: أنه قد نص في كتاب «إتحاف فضلاء البشر»، على أن لفظ (هذان) قد رسم في المصحف من غير ألف ولا ياء، ليحتمل وجوه القراءات الأربع فيها، وإذن فلا يعقل أن يقال أخطأ الكاتب، فإن الكاتب لم يكتب ألفاً، ولا ياءً. ولو كان هناك خطأ تعتقده عائشة ما كانت تنسبه للكاتب، بل كانت تنسبه لمن يقرأ بتشديد (إن)، وبالألف لفظاً في (هذان). ولم ينقل عن عائشة، ولا عن غيرها تخطئة من قرأ بما ذكر، وكيف تنكر هذه القراءة وهي متواترة مجمع عليها؟، بل هي قراءة الأكثر، ولها وجه فصيح في العربية لا يخفى على مثل عائشة. ذلك هو إلزام المثنى الألف في جميع حالاته. وجاء منه قول الشاعر العربي:
        «واهاً لسلمى ثم واهاً واهاً يا ليتَ عَيناها لنا وفاها
        وموضعَ الخلخال من رجلاها بثمن يَرْضَى به أباها
        إنّ أباها وأبَا أباها قد بلغَا في المجدِ غايتاها».
        فبعيدٌ عن عائشة أن تنكر تلك القراءة، ولو جاء بها وحدها رسم المصحف.

        ثالثاً: إن ما نسب إلى عائشة (رض) من تخطئة رسم المصحف في قوله تعالى: (والمقيمين الصلاة) بالياء، مردود بما ذكره أبو حيان في البحر إذ يقول ما نصه: «وذكر عن عائشة (رض)، عن أبان بن عثمان أن كتبها بالياء من خطأ كاتب المصحف. ولا يصح ذلك عنهما، لأنها عربيان فصيحان، وقطع النعوت مشهور في لسان العرب. وهو باب واسع ذكر عليه شواهد سيبويه، وغيره. وقال الزمخشري: «لا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه خطأ في خط المصحف. وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب (يريد كتاب سيبويه) ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وخفي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل، كانوا أبعدَ همةً في الغيرة على الإسلام، وذب المطاعن عنه، من أن يتركوا في كتاب الله ثلمةً يسدها من بعدهم، وخرقاً يرفوه مَن يلحقهم».
        رابعاً: أنّ قراءة «الصابئون» بالواو، لم ينقل عن عائشة أنها خطّأتْ مَن يقرأ بها، ولم ينقل أنها كانت تقرأ بالياء دون الواو. فلا يعقل أن تكون خطأَتْ من كتب الواو.
        خامساً: أنّ كلام عائشة في قوله تعالى: (يؤتون ما آتوا) لا يفيد إنكار هذه القراءة المتواترة المجمع عليها. بل قالت للسائل: أيهما أحبُّ إليك؟ ولا تحصر المسموع عن رسول الله (ص) فيما قرأ هي به. بل قالت: إنه مسموع ومنزل فقط.
        وهذا لا ينافي أن القراءة الأخرى مسموعة، ومنزلة كتلك. خصوصاً أنها متواترة عن النبي (ص). أما قولها: ولكن الهجاء حرف: فكلمة حرف مأخوذة من الحرف بمعنى القراءة، واللغة، والمعنى أن هذه القراءة المتواترة التي رسم بها المصحف، لغة، ووجه من وجوه الأداء في القرآن الكريم. ولا يصح أن تكون كلمة حرف في حديث عائشة مأخوذة من التحريف الذي هو الخطأ، وإلا كان حديثاً معارضاً للمتواتر، ومعارض القاطع ساقط
        .

        تعليق


        • #34
          ـ شبهة نساخ القرآن:
          يقولون: روي عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه قال: «قالوا لزيد يا أبا سعيد «أوَهمتَ»! إنما هي «ثمانية أزواج من الضأن إثنين إثنين، ومن المعز إثنين إثنين، ومن الإبل إثنين إثنين، ومن البقر إثنين إثنين». فقال: لا. إن الله تعالى يقول: (فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى) فهما زوجان، كل واحد منهما زوج. الذكر زوج، والأنثى زوج» ا هـ . قال أعداء الإسلام: فهذه الرواية تدل على تصرف نساخ المصحف، واختيارهم ما شاؤوا في كتابة القرآن، ورسمه.
          ـ تفنيد هذه الشبهة:
          والجواب: أن كلام زيد هذا لا يدل على ما زعموا. إنما يدل على أنه بيان لوجه ما كتبه وقرأه سماعاً، وأخذاً عن النبي (ص) لا تصرفاً، وتشهياً من تلقاء نفسه.
          وكيف يتصور هذا من الصحابة في القرآن وهم مضرب الأمثال في كمال ضبطهم وتثبتهم في الكتاب والسنة، لا سيما زيد بن ثابت، وقد عرفت مَن هو زيد في حفظه وأمانته، ودينه، وورعه؟! وعرفت دستوره الدقيق الحكيم في كتابة الصحف والمصاحف! (فأنّى يؤفكون



          سنن القرآن في سقوط الحضارات

          معنى السقوط الحضاري في القرآن:
          لعل ما يقصد بالسقوط الحضاري من خلال القرآن ليس هو دائماً زوال الأمم من الوجود وفناء أفرادها في العدم ولكن ما يغني بالسقوط الحضاري هو الانهيار الداخلي للمجتمعات وذهاب قوة الأمم وعزتها وهوانها على الأمم الأخرى، ذلك عندما تذوب في غيرها وتنمحى شخصيتها المعنوية والروحية وهذا ما هو كائن في حياة الأمم التي سقطت حضاراتها. والثابت في تاريخ الإنسانية أن الأمم التي شهدت تلك الإمبراطوريات والحضارات الغابرة لم ينقرض نجمها ويندثر كيانها البشري كلية، وإنما ضعفت واستكانت وغاب تأثيرها المباشر في مسرح الحياة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فاستوعبتها حضارات أمم أخرى هي أشد وأبقى حتى صارت جزءاً منها لا ينفصل، وأنشئت على أنقاض كيانها الحضاري حضارات جديدة تسلمت علم الريادة ووساد السيادة.
          ولعل أوضح مثال تطبيقي في هذه النقطة هو حضارة العرب البائدة كعاد وثمود الذين بلغوا شأناً عظيماً في التحضر حكى القرآن الكريم بعضه للاعتبار ودلت عليه بقايا الدهر وأبحاث التاريخ، والثابت أن هؤلاء العرب العاربة وغيرهم من الأمم الهالكة لم يستأصلوا استئصالاً كلياً تاماً وإنما أهلك الله الظالمين والكافرين منهم وأنجا رسلهم والذين آمنوا منهم ليستمروا في عمارة الحياة.
          وقد جرت سنة الله أن يعامل البش حسب ما عملوا، وهذا بصريح قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
          فالله عز وجل لا يزيل ما بقوم من العافية والنعمة، والرخاء، والهناء ويبدلها بالآلام والأمراض والنوازل والفتن والأحداث وغيرها من ضروب العقاب الرباني حتى يزيلوا هم ويغيروا فيجحدون النعمة ويعلنون الكفر والمعاصي ويتمردون عن سنن الله في إسعاد البشر ويتظاهرون بالفحش والمنكر والفساد، فتكون النتيجة أن تحل بهم قوارع الدهر، وينزل بساحتهم عذاب من الله.
          وآفة الحضارات الجانحة التي نقرأ عنها في بطون التاريخ، أو نجد بقاياها وأطلالها منثورة على جنبات الأرض هي الفساد أو الإفساد في الأرض بكافة أشكاله وأنواعه فساد العقيدة ـ الشرك ـ فساد العلاقات بين أفراد الأمة بترك التوادد والتعاون، مما يؤدي الى العداء والتباغض ثم الظلم، وفساد النفوس بالغرور والتكبر والعجب وهذا هو الفساد الذي ظل القرآن الكريم يكرر الحديث عنه، ويكثر التحذير منه ويلفت نظر الإنسان إلى مغبات التورط في أسبابه وينبه إلى الرزايا والمصائب التي لابد أن يتحملها الإنسان على أعقابه وما فسدت هذه الأرض يوماً ما بعادية من عوادى الطبيعة ولا بسوء آخر ألم بها من هياج الحيوانات والوحوش، وإنما استشرى فيها الفساد وألم بها البلاء يوم تاه بنو الإنسان وخرجوا عن هواياتهم وطبيعتهم وحقيقة خصائصهم البشرية فتأله الأقوياء وذل الضعفاء، وخرج بذلك كل فريق عن حدود إنسانيته، ذلك نحو التعالى والتجبر في الأرض وذاك نحو الخنوع، فتمت بذلك قصة الفساد في الأرض وهي قصة قديمة تتكرر أسبابها أو عواملها في الإنسان ذاته.
          كيفية السقوط الحضاري في القرآن:
          أما عن كيفية سقوط الحضارات ودمار الأمم والمجتمعات فنجد أن أدق العلل وأصغرها، قد تؤدي إلى أعظم النتائج وأخطرها، ويعد عدم وجود صلة ظاهرة منظورة بين صغير العلل وعظيم النتائج من أكثر الحوادث نجاحاً في حياة الأمم وتبدل ظروفها الحضارية سياسياً واجتماعياً، ذلك أن عيون المراقبة والملاحظة عادة ما تغفل الجزئيات وتهمل صغائر الأمور وأدقها، ولعل هذا ما يمكن أن نفسر به تلك المفاجئات في التقلبات السياسية وتبديل القيادات العسكرية في الدول والحكومات، وكثير ما يدخل التاريخ من هذا الباب أناس لا حساب لهم في حس المراقبين واهتمامهم، وقد كانوا يتحركون ويعيشون في منأى عن أنظار خصومهم وفي القرآن الكريم إشارات وتنبيهات إلى هذا، قال تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
          وللتذكير فإن الآية نزلت في حادث الافك، وقد حسب بعض المؤمنين ذلك هيناً وعقوبته عند الله شديدة.
          ولذا كان مبدأ العلة أو السببية من أكبر القضايا الفلسفية التي شغلت المفكرين وفلاسفة التاريخ والاجتماع، والعلة هي حادث يؤدي إلى حادث آخر أو مجموعة من الحوادث تتراكم في شبكة واحدة ذات اتجاه معين حتى تؤلف عاملاً قد يكون له دور في تغيير وجه من أوجه الحياة أو تغيير مسار التاريخ كله.
          والثابت تاريخياً انه ما انتصرت أمة أو انهزمت إلا بفعل العوامل والأسباب الداخلية. وما العوامل الخارجية إلا متممة ومكملة للداخلية، ولعل هذا ما كان يطلق عليه مالك ابن نبي ـ رحمه الله ـ القابيلة للاستعمار، ويرى أنه العامل الأكبر في هزيمة المسلمين في العصر الحديث.
          وإن كان كثير من المؤرخين والمفكرين يميلون إلى الاهتمام بدور الأسباب المباشرة والعوامل الخارجية الظاهرة في دراسة الأحداث التاريخية والتبدلات الاجتماعية والسياسية والتقلبات الحضارية.
          ومن سنة الله في البشر أن كل ما يصيبهم من بلاء وأذى في الأنفس والأبدان وشئون الملك والسلطان إنما هي آثار للأعمال ونتائج للسلوك الفاسد، مع وجود عفو الله الكثير كما قال تعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).
          ولذا نجد القرآن لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ولم يترك الله ذرة من أعمال الإنسان إلا وسجلها يوم القيامة: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً).
          وتبقى سنة الله ثابتة تعمل عملها في حركة التاريخ، والله يتخذ من الظالمين والمترفين وأهل الشرك والضلال وغيرهم من كل ذوى الفساد والانحراف أدوات ووسائل يسوق بها القرى والدول والحضارات والأمم والمجتمعات نحو الفواجع والمصائر الكالحة.
          والقرآن الكريم يطرح على الإنسانية قضية السقوط الحضاري من أوسع الأبواب وأكثرها شمولاً، بصيغ عديدة واصطلاحات كثيرة كلها تؤدي إلى حالة واحدة بالأمة وهي الهلاك والسقوط.
          فالظلم مثلا عامل من أكبر عوامل سقوط الحضارات وله مفهوم شامل وعريض يؤدي إلى فقد التوازن في كافة مجالات الحياة، وعلاقات الإنسان مع نفسه ومع الله ومع غيره، وعن هذا تنبثق حالات وظواهر نفسية واجتماعية واقتصادية مرضية وتصورات فاسدة عن الوجود كله، فيعم الفساد الحياة الإنسانية كافة، كما قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين، فأقم وجهك للدين من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون).
          "ظهر الفساد في البر والبحر" نحو القحط والجدب، وقلة البركة في الزراعة والتجارة، وكثر الحرائق والغرق،" بما كسبت أيدى الناس" أي بسبب معاصيهم وذنوبهم، وأن الله أفسد بعض أسباب دنياهم ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل الآخرة والحكمة "لعلهم يرجعون" بمعنى لكي يرجعون عما هم عليه وحتى ينجو من عذاب الآخرة، وهو العذاب الأكبر، ثم أمر الله الأمم أن تسير في الأرض وتنظر لترى كيف أهلك الله إمما كانت على الظلم وأذاقها سوء العاقبة بمعاصيهم. ودل قوله تعالى (كان أكثرهم مشركين) على أن الشرك لم يكن هو السبب الوحيد لتدمير القرى والأمم بل هو سبب إلى جانب أسباب أخرى.
          وتكشف الآيات عن ارتباط أحوال الحياة وأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية عامة، بأعمال الناس وسعيهم، وأن فساد قلوب الناس وعقائدهم، وأعمالهم يوقع في الأرض الفساد، ويملأها براً وبحراً به، فظهور الفساد في البلاد واستفحال شره لا يتم عبثاً، ولا يقع صدفة، وإنما يكون وفق سنة جارية وحكمة مدبرة، وهي (ليذيقهم بعض الذي عملوا) من الشر والفساد والمنكر والباطل والظلم، وما إلى ذلك، والله يذيقهم بعض أعمالهم وليس كل أعمالهم ذلك لأنه رحمن رحيم يعفو عن كثير، وها هم أهل القرى الظالمة والحضارات الفاسدة يكتوون بنار أعمالهم وتصرفاتهم ويتألمون لما يصيبهم، بما فكرت عقولهم وصنعت أيديهم و "لعلهم يرجعون" لكي يرجعوا الى الله بالعمل الصالح والتوبة، ويعزموا على مقاومة الفساد والظلم، وفي هذا تحذير لمن جاء من الأمم من بعد، وهي تعرف عاقبة السابقين وترى آثارهم وتمر بها، وفي العاقبة وآثار الباقين من الهالكين عبر وعظات تستخلص منها التجارب والدروس وتستقرأ منها السنن والقوانين التاريخية والحضارية.
          وإننا نجد صورة متكاملة لسنن الإقبال والإدبار الحاضرين في قصص الأمم في القرآن كقصة فرعون وبنى إسرائيل ذلك أن أهل مصر من آل فرعون لما وصلوا إلى الرقى والازدهار أخلدوا إلى الأرض ومارسوا الظلم والعدوان كمنهج سياسي واجتماعي وجعل فرعون يذبح أبنائهم ويستحى نسائهم، ولما بلغ ظلمه نهايته جاءت سنة الله وقضى رب الملك أن يخفض هذا الفرعون ويزول ملكه ويرفع تلك الأمة المستضعفة بني إسرائيل. وإذ أراد الله أمراً هيأ له أسباباً حيث ولد موسى عليه السلام وتربى في قصر فرعون كما تربى كثير من العظماء في قصور الطغاة وتلك سنة من أعظم سنن الله، ولما كبر عليه السلام آتاه الله الوحى والعلم والحكمة كما هو شأن كل الأنبياء.
          فنصح فرعون بلطف ولم ينتصح له كعادة الظالمين والمتجبرين في كل العصور.
          ثم جاءت النذر والإنذارات لفرعون وآله فتعاقبت عليهم المجاعات والسنون ونزل عليهم الدم وأذتهم كثرة القمل والضفادع وأكل حرثهم الجراد ومسخوا مسخاً غريباً متى كان منهم الخنازير والقردة وعبدة الطاغوت وحتى أخذهم الطوفان وأغرقوا في إليمِّ وهو مليم.
          ولما تمت الحجة ولم يبق للظالمين عند الله عذر سقطت الحضارة الفرعونية وفق نفس السنن سقطت بها غيرها من الحضارات سقوطاً لم تنهض منه إلى الأبد وهلك فرعون وآله هلاك استئصال وتلك هي عاقبة الظالمين.
          وسارت حركة التاريخ ودارت الحضارة دورتها وجاءت نوبة أو دورة بني إسرائيل وفق سنن الاستخلاف والوراثة أو التداول والاستبدال الحضاري. وبعد أن نصرهم الله على فرعون بهلاكه آتاهم الملك وأورثهم الأرض. ولكن هذه الوراثة والاستخلاف كانا منوطين بسنة الاستقامة بالاعتقاد السليم والعمل الصالح وهذه سنة وشرط للاستمرار وللاستخلاف، ليس خاص ببني إسرائيل وحدهم في التاريخ بل يجب أن تلزمه كل أمة تمنح حكومة الأرض.
          ولما كان انحراف بني إسرائيل في تاريخ الإنسانية كانحراف الفراعين أو أشد نزعت من أيديهم الوراثة، وسلبوا التمكين والملك بنفس السنن العادلة وسلطت عليهم سهام المؤمنين تارة وسهام الجبابرة أمثالهم تارات أخرى، وأخرجوا من ديارهم وشردوا في الأرض مرات ومرات في بؤس وشقاء، وضربت عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة ولن يرفعها عنهم الله إلا إذا عادوا للحق وحكموا بالعدل، وإن كانوا تمكنوا في الأرض هذه الأيام فما تلك إلا فترة استثنائية في تاريخ القوم، ومن باب وسنة تسليط الظالمين على ظالمين مثلهم أو أشد.
          صيغ السقوط الحضاري في القرآن
          إن الله تعالى ما ذكر أمة أصيبت بالدمار والهلاك، إلا وقد ذكر بجانب ذلك جريمتها وفسادها في الأرض وانحرافها وفسوقها عن أمر ربها، حتى يعلم الناس أن ما يصيبهم من حسنات وسيئات، أو فرح وقرح أو سعادة وشقاء فبما كسبت أيديهم، قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
          كما أنه لا يكون باعث الدمار والهلاك فساداً فرديا بل هو الفساد الجماعي والظلم العام الذي يشمل كل العلاقات الإنسانية الشخصية والعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى على مستوى الاعتقاد والإيمان الذي يسوده الظلم بالشرك بالله. والتناقض الداخلي بالتظاهر بالإيمان والعمل الصالح واستبطان غيره وهو النفاق. ومعنى هذا أن ظلم الإنسان لنفسه بفساده العقيدي والعملي والأخلاقي ليس مدعاة للهلاك وسبب للدمار والسقوط ما دام قاصراً على الأفراد والأمة محتفظة بكيان استمرايتها وصلاحية ديمومتها وبقائها، ولكن إذ تجاوز الظلم والفساد مستوى الأفراد الذين لا يشكلون القاعدة أو الظاهرة العامة إلى مستوى دائرة الأمة أخذت تلك الأمة في الهبوط من علياء الكرامة والعز إلى درك الذل والهوان حتى تحين ساعة الدمار والسقوط.
          ولقد بين الله في القرآن أن الأمم التي أهلكت كان أكثر أفرادها غير مؤمنين فقال الله يبين هذه السنة في قوم نوح عليه السلام (فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين. إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).
          وعن ثمود قوم صالح: (فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).
          ولا يظن أحد أن الصيغة الوحيدة لسقوط الحضارات وهلاك الأمم هي في ذلك الأسلوب الذي تحدث عنه القرآن هو الدمار المباشر الذي حاق بعدد من القرى عبر عصور تاريخية متقدمة بسبب مواقفها الجائرة من دعوات الأنبياء والرسل، كلا إن الأمم الظالمة المنحرفة والمجتمعات الفاسدة غير الصالحة للبقاء التي أخذت الجزاء من جنس عملها، والتي ما زالت هي أمام قوتين: سخرهما مالك الملك لتحقيق أمره وتنفيذ سنته، القوة المادية المنظورة والقوة الروحية غير المنظورة، والناس في الأولى يمرون في الآثار الباقية ويقرءون في التاريخ نماذج شتى من تسخير الله للطبيعة في إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وذلك كالسيول الجارفة والرياح العاصفة والهزات العنيفة والصيحة والرجفة، والغرق، وإن اختلفت التعليلات والتصورات لأسباب حدوث هذه العوامل المدمرة بين الاتجاهات والمذاهب التفسيرية.
          أما صيغة القوة الثانية اللامرئية غير المنظورة فهي صيغة روحية معنوية أكثر شمولية وأشد خطراً، وهي التي تحتضر بها الأمة المصابة كثيراً، وسنة الله أن تنشأ أضرارها من داخل النفس الإنسانية، وهي أن كل فرد يحيد عن الاستقامة ويزيغ عن أمر ربه يصاب باليأس والإحباط والقنوط وفشل الإرادة أو بالغرور والتجبر والظلم والعدوان، وأخف الأمراض من هذه أشر من الآخر.
          وحتى لا يحسب الإنسان المعاصر نفسه أنه أصبح بمفازة ومناعة من هذه الأمراض والمهالك مع أنه يأتي أسبابها ويمارس عواملها ـ لمجرد انتمائه لعصر التكنولوجيا والازدهار الطبي وتقدم وسائل العلاج، فليقرأ عن هذه الأمراض في الحضارة الغربية المعاصرة وما تفعله في أكبر عواصمها وما يعانيه أبناؤها من دمار وانتحار، ولأمر بسيط جداً وهو أنهم زاغوا عن أمر الله فحق عليهم قوله تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين).
          ويقيناً في عدالة الرحمن انه سيحيق بهؤلاء ما حاق بأهل تلك القرى الظالمة التي سبقتهم في التاريخ والتي قال الله في أهلها: (فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين).
          وسنة الله سائرة، ثابتة، باقية ببقاء الخلق، ومن عدل الله في الإنسانية ألا يخص الأمم بنوع واحد أو صيغة واحدة من الدمار والسقوط بل جرت سنته تعالى بتنويع العذاب وكثرة ألوانه واختلافها بطرق عديدة (وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر).
          وبحسب فساد الأمة وانحرافها كما ذكرنا يكون الهلاك والتعذيب الذي قد يجئ صاعقة، أو غرقاً، أو فيضاناً، أو ريحاً، أو خسفاً أو قحطاً، أو مجاعة وارتفاعاً في الاسعار،أو امراضاً، وأوجاعاً، أو ظلما وجوراً أو فتناً واختلافاً بين الناس، أو مسخاً في الصور والأشكال كما فعل ببني إسرائيل، أو ضعفاً في القلوب، ووهنا في النفوس كما هو حالة الأمة الإسلامية.
          فعن هلاك قوم نوح عليه السلام يقول تعالى: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون).
          وعن عاد قال تعالى: (فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون).
          وعن ثمود قال تعالى: (وأما ثمود فأهلكوا بالطاغية).
          والطاغية هي الصاعقة.
          وهكذا كل الأمم آتاها ما يناسب إجرامها، ففي الغرق يقول الله: (فأغرقناهم في اليم).
          وفي الريح يقول تعالى: (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية).
          وفي الصاعقة يقول تعالى: (فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون).
          ويقول في الخسف (فخسفنا به وبداره الأرض)، وهو قارون.
          ويقول تعالى في القحط والمجاعات والارتفاع في الأسعار وانتشار الأمراض (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون).
          ويقول تعالى في الفتن بين الناس والتشيع للأفراد: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون).
          وقيل أن العذاب من فوق قد يكون هو القذف بالقنابل على الناس من الطائرات والعذاب من تحت قد يكون هو الألغام التي اعتاد المقاتلون استعمالها في الحروب، وقيل ليس الشيع هي كثرة الفرق والمذاهب المتناحرة والمتخاذلة.
          ويقول تعالى عن مسخ الصور: (فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).
          وهذا المسخ حدث لبني إسرائيل، وكان مسخاً وتغييراً حقيقياً وتحويلاً من الصور الآدمية إلى صورة قردة وخنازير وهذا هو ظاهر النص القرآني.
          أما مسخ القلوب فقد حصل للكثير من ذلك قارون وابن باعوراء، الذي قال الله فيه: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض وأتبع هواه فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلكم يتفكرون).
          وعن إمطار الحجارة على قوم لوط قال تعالى: (وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد).
          ولقد أنذر الله الذين كذبوا برسوله (ص) من أن ينزل بهم ما نزل بتلك الأمم السابقة التي خرجت عن سنن الاستقامة وحدود الامتثال لأمر الله فقال تعالى: (... وعاد وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين. وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
          وكانت الإشارة الأخرى إلى قارون وفرعون وهامان الذين جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض، فهؤلاء وأولئك قد كانوا أصحاب قوة ومال وغلبة وسلطان، ونالوا ملكاً وجاهاً فظنوا أن تلك عوامل بقاء وخلود وأسباب حصانة ومناعة فأتاهم الله بسبب ذنوبهم من حيث لم يحتسبوا. قال تعالى: (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
          فهذه مصارع بعض العتاة الطغاة على مدار التاريخ الذين بقوا عبرا ودروساً للإنسانية.
          أما ما عوقب به الظالمون العرب بسبب تكذيبهم برسول الله عليه الصلاة والسلام فقد كان يوم بدر الذي أخذ الله فيه رؤوس الكفر والشرك ونصر المسلمين عليهم وهم أذلة وهو نوع من أنواع عقوبات الأمم السابقة بل لعله أشد وأشقى لان تلك الأمم استؤصلت بالعذاب ثم الموت أما هم فلم يموتوا فيها كلية ولم يحيوا حياة طيبة.
          وبقت سنة الله واحدة لا تتبدل تعامل بها القرون الحاضرة بمثل ما عملت بها القرون الذاهبة الخالية.


          تعليق


          • #35
            (أعتذر عن التأخير في اكمال المشاركات لحدوث انقطاع دام لمدة 4 ايام بالانترنت )

            حقيقة
            الوحي

            كيف يتم إعلام الله وإيحاؤه لرسله بالكلمة الإلهية التي نسميها "وحيا"؟:إن الإبلاغ للرسل يتم بطرق متعددة:
            1_ فيكون بالإلهام للرسول بشيء ينصب في قلبه وروحه، حتى يصير متأكداً منه منساقاً إليه، فيحس أنه من الله فينفذه، ويقرب من هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)..
            2_ وقد يكون بوساطة الرؤيا الصادقة في المنام ، فيقوم الرسول بتنفيذ ما رآه كما حدث لإبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: "فَلمَّا بَلغَ مَعهُ السَّعيَ قَالَ يَا بُنيَّ إِنّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانُظرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَأبَتِ افْعلَ مَا تُؤْمرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرينَ فَلمَّا أَسْلمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَاديْنَاهُ أَن يَإبَراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المُحْسِنينَ) فقد اعتبر إبراهيم رؤياه أمراً من الله، وقام بتنفيذه، وظهر إخلاصه، فأكرمه الله وابنه: (وَفَديْنَاهُ بِذبْحٍ عَظِيمٍ).
            وروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أول من بدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح).
            ولم يثبت ثبوتاً قاطعاً أن شيئاً من القرآن نزل عن طريق الرؤيا المنامية، وإذا كانت هناك أحاديث يفيد ظاهرها ذلك، فمردها الحقيقي إلى حالة من الحالات الروحية التي كانت تعترى الرسول عند نزول الوحي، وربما ظنه الحاضرون نائماً.
            3_ وقد يكون وصول الموحى به للرسول عن طريق كلام يسمعه، ولا يرى المتكلم، متأكداً أن هذا الكلام من الله، كما قال الله عن موسى:
            "وَكَلَّم اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً"
            وقد جاء في موضع آخر من القرآن ما يفسر ذلك مخاطباً الرسول:
            "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِىَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَأخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوىً وَأَنا اخْتَرتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّني أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إلاَّ أنَا فَاعْبُدنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى"
            وكما حصل لنبينا عليه الصلاة والسلام وهو في معراجه:
            "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى".
            وكلمه الله دون أن يراه، ولكن رأى نوره، وفرض عليه الصلاة..
            4_ وقد يكون إيصال الكلمة الإلهية "الوحي" للرسول بوساطة جبريل عليه السلام، ولذلك يسمى "ملك الوحي"، لأنه حامل الوحي لرسل الله أجمعين. وقد نزل القرآن كله بوساطته على رسول الله، كما يخبر الله عن ذلك:
            "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُّبِينٍ"
            وقوله:
            "قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ أَمَنُوا"
            والروح الأمين وروح القدس، هو جبريل عليه السلام، ملك الوحي، ورسول الله إلى رسله من عباده
            ..


            ترتيب سور القرآن العددي والمكاني والزماني


            رقم السورة اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول1 الفاتحة 7 مكية نزلت بعد المدثر1
            2 البقرة 286 مدنية أول سورة مدنية2
            3 آل عمران 200 مدنية نزلت بعد الأنفال
            4 النساء 176 مدنية نزلت بعد الممتحنة
            5 المائدة 120 مدنية نزلت بعد الفتح3
            6 الأنعام 165 مكية نزلت بعد الحجر4
            7 الأعراف 206 مكية نزلت بعد ص5
            8 الأنفال 75 مدنية نزلت بعد البقرة6
            9 التوبة 129 مدنية نزلت بعد المائدة7
            10 يونس 109 مكية نزلت بعد الإسراء8
            11 هود 123 مكية نزلت بعد يونس9
            12 يوسف 111 مكية نزلت بعد هود10
            13 الرعد 43 مدنية نزلت بعد محمد
            14 إبراهيم 52 مكية نزلت بعد يوسف11
            15 الحجر 99 مكية نزلت بعد يوسف12
            رقم السور اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول
            16 النحل 128 مكية نزلت بعد الكهف13
            17 الإسراء 111 مكية نزلت بعد القصص14
            18 الكهف 110 مكية نزلت بعد الغاشية15
            19 مريم 98 مكية نزلت بعد فاطر16
            20 طه 135 مكية نزلت بعد مريم17
            21 الأنبياء 112 مكية نزلت بعد إبراهيم
            22 الحج 78 مدنية نزلت بعد النور18
            23 المؤمنون 118 مكية نزلت بعد الأنبياء
            24 النور 64 مدنية نزلت بعد الحشر
            25 الفرقان 77 مكية نزلت بعد يس19
            26 الشعراء 227 مكية نزلت بعد الواقعة20
            27 النمل 93 مكية نزلت بعد الشعراء
            28 القصص 88 مكية نزلت بعد النمل21
            29 العنكبوت 69 مكية نزلت بعد الروم22
            30 الروم 60 مكية نزلت بعد الانشقاق23
            31 لقمان 34 مكية نزلت بعد الصافات24
            32 السجدة 30 مكية نزلت بعد المؤمنون25
            رقم السورة اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول
            33 الأحزاب 73 مدنية نزلت بعد آل عمران
            34 سبأ 54 مكية نزلت بعد لقمان26
            35 فاطر 45 مكية نزلت بعد الفرقان
            36 يس 83 مكية نزلت بعد الجن27
            37 الصافات 182 مكية نزلت بعد الأنعام
            38 ص 88 مكية نزلت بعد القمر
            39 الزمر 75 مكية نزلت بعد سبأ28
            40 المؤمن 85 مكية نزلت بعد الزمر29
            41 فصلت 54 مكية نزلت بعد غافر
            42 الشورى 53 مكية نزلت بعد فصلت30
            43 الزخرف 89 مكية نزلت بعد الشورى31
            44 الدخان 59 مكية نزلت بعد الزخرف
            45 الجاثية 37 مكية نزلت بعد الدخان32
            46 الأحقاف 35 مكية نزلت بعد الجاثية33
            47 محمد 38 مدنية نزلت بعد الحديد34
            48 الفتح 29 مدنية نزلت بعد الجمعة35
            49 الحجرات 18 مدنية نزلت بعد المجادلة
            50 ق 45 مكية نزلت بعد المرسلات36
            رقم السورة اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول
            51 الذاريات 60 مكية نزلت بعد الأحقاف
            52 الطور 49 مكية نزلت بعد السجدة
            53 النجم 62 مكية نزلت بعد الإخلاص37
            54 القمر 55 مكية نزلت بعد الطارق38
            55 الرحمن 78 مدنية نزلت بعد الرعد
            56 الواقعة 96 مكية نزلت بعد طه39
            57 الحديد 29 مدنية نزلت بعد الزلزلة
            58 المجادلة 22 مدنية نزلت بعد المنافقون
            59 الحشر 24 مدنية نزلت بعد البينة
            60 الممتحنة 13 مدنية نزلت بعد الأحزاب
            61 الصف 14 مدنية نزلت بعد التغابن
            62 الجمعة 11 مدنية نزلت بعد الصف
            63 المنافقون 11 مدنية نزلت بعد الحج
            64 التغابن 18 مدنية نزلت بعد التحريم
            65 الطلاق 12 مدنية نزلت بعد الإنسان
            66 التحريم 12 مدنية نزلت بعد الحجرات
            67 الملك 30 مكية نزلت بعد الطور
            68 القلم 52 مكية نزلت بعد العلق40
            69 الحاقة 52 مكية نزلت بعد الملك
            70 المعارج 44 مكية نزلت بعد الحاقة
            71 نوح 28 مكية نزلت بعد النحل
            72 الجن 28 مكية نزلت بعد الأعراف
            73 المزمل 20 مكية نزلت بعد القلم41
            74 المدثر 56 مكية نزلت بعد المزمل
            رقم السورة اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول
            75 القيامة 40 مكية نزلت بعد القارعة
            76 الدهر 31 مدنية نزلت بعد الرحمن
            77 المرسلات 50 مكية نزلت بعد الهمزة42
            78 النبأ 40 مكية نزلت بعد المعارج
            79 النازعات 46 مكية نزلت بعد النبأ
            80 عبس 42 مكية نزلت بعد النجم
            81 التكوير 29 مكية نزلت بعد المسد
            82 الانفطار 19 مكية نزلت بعد النازعات
            83 المطففين 36 مكية نزلت بعد العنكبوت43
            84 الانشقاق 25 مكية نزلت بعد الانفطار
            85 البروج 22 مكية نزلت بعد الشمس
            86 الطارق 17 مكية نزلت بعد البلد
            87 الأعلى 19 مكية نزلت بعد التكوير
            88 الغاشية 26 مكية نزلت بعد الذاريات
            89 الفجر 30 مكية نزلت بعد الليل
            90 البلد 20 مكية نزلت بعد ق
            91 الشمس 15 مكية نزلت بعد القدر
            92 الليل 21 مكية نزلت بعد الأعلى
            93 الضحى 11 مكية نزلت بعد الفجر
            94 الانشراح 8 مكية نزلت بعد الضحى
            95 التين 8 مكية نزلت بعد البروج
            96 العلق 19 مكية أول ما نزل من القرآن
            97 القدر 5 مكية نزلت بعد عبس
            98 البينة 8 مدنية نزلت بعد الطلاق
            99 الزلزال 8 مدنية نزلت بعد النساء
            100 العاديات 11 مكية نزلت بعد العصر
            رقم السورة اسم السورة عدد آياتها مكان النزول تأريخ النزول
            101 القارعة 11 مكية نزلت بعد قريش
            102 التكاثر 8 مكية نزلت بعد الكوثر
            103 العصر 3 مكية نزلت بعد ألم نشرح
            104 الهمزة 9 مكية نزلت بعد القيامة
            105 الفيل 5 مكية نزلت بعد الكافرون
            106 قريش 4 مكية نزلت بعد التين
            107 الماعون 7 مكية نزلت بعد التكاثر44
            108 الكوثر 3 مكية نزلت بعد العاديات
            109 الكافرون 6 مكية نزلت بعد الماعون
            110 النصر 3 مدنية آخر ما نزل من سور القرآن45
            111 المسد 5 مكية نزلت بعد الفاتحة
            112 الإخلاص 4 مكية نزلت بعد الناس
            113 الفلق 5 مكية نزلت بعد الفيل
            114 الناس 6 مكية نزلت بعد الفلق
            --------------------------------------------
            المصدر: تأريخ القرآن
            1 وقيل إنها مدنية عن مجاهد، وقيل أنزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة، وكونها مكية هو الأشهر (ظ: فيما سبق، الهامش رقم: 46، من هذا الفصل).
            2 ما عدا الآية: 281، فإنها نزلت بعرفات في حجة الوداع، وهذا لا يعارض مدنيتها.
            3 ما عدا الآية: 3، فإنها نزلت في حجة الوداع، وهذا لا يعارض مدنيتها.
            4 ما عدا الآيات: 20،23،91،93،114،141،151،152،153، فإنها مدنية.
            5 ما عدا الآيات: 163،164،165،166،167،168،169،170، فإنها مدنية.
            6 ما عدا الآيات: 30،31،32،33،34،35،36، فإنها مكية.
            7 ما عدا الآيتين: 128،129، فمكيتان.
            8 ما عدا الآيات: 40،94،95،96، فإنها مدنية،
            9 ما عدا الآيات: 12،17،114، فإنها مدنية،
            10 ما عدا الآيات: 1،2،3،7، فإنها مدنية.
            11 ما عدا الآيتين: 28،29، فمدنيتان.
            12 ما عدا الآية: 87، فمدنية على رواية يضعفها الكثيرون.
            13 ما عدا الآيات: 126،127،128، فإنها مدنية.
            14 ما عدا الآيات:26،32،33،57،73،74،75،76،77،78،79،80، فإنها مدنية.
            15 ما عدا الآيات:
            28،83،84،85،86،87،88،89،90،91،92،93،94،95،96،97،98 ،99،100،101، فمدنية.
            16 عدا الآيتين: 58،71، فمدنيتان.
            17 عدا الآيتين: 130،131، فمدنيتان.
            18 ما عدا الآيات: 52،53،54،55، فنزلت بين مكة والمدينة.
            19 ما عدا الآيات: 68،69،70، فإنها مدنية.
            20 ما عدا الآيات: 197،224،225،226،227، فإنها مدنية.
            21 ما عدا الآيات: 52،53،54،55،85، فنزلت بالجحفة أثناء الهجرة.
            22 ما عدا الآيات: 1،2،3،4،5،6،7،8،9،10،11، فإنها مدنية.
            23 عدا الآية: 17، فإنها مدنية.
            24 ما عدا الآيات: 27،28،29، فإنها مدنية.
            25 ما عدا الآيات: 16،17،18،19،20، فإنها مدنية.
            26 ما عدا الآية: 6، فإنها مدنية.
            27 ما عدا الآية: 45، فإنها مدنية.
            28 ما عدا الآيات: 52،53،54، فإنها مدنية.
            29 ما عدا الآيتين: 56،57، فمدنيتان، والسورة تسمى (غافر) أيضاً.
            30 ما عدا الآيات: 23،24،25،27، فإنها مدنية.
            31 ما عدا الآية: 54، فإنها مدنية.
            32 ما عدا الآية: 14، فإنها مدنية.
            33 ما عدا الآيات: 10،15،35، فإنها مدنية.
            34 ما عدا الآية: 13، فإنها نزلت في الطريق أثناء الهجرة.
            35 نزلت هذه السورة في الطريق عند الانصراف من الحديبية.
            36 ما عدا الآية: 38، فإنها مدنية.
            37 ما عدا الآية: 32، فإنها مدنية.
            38 ما عدا الآيات: 44،45،46، فمدنية.
            39 ما عدا الآيتين: 81،82، فمدنيتان.
            40 إلا من الآية: 17 إلى غاية الآية: 33، ومن الآية: 48، إلى غاية: 50 فإنها مدنية.
            41 إلا الآيات: 10،11،20، فإنها مدنية.
            42 ما عدا الآية: 48، فإنها مدنية.
            43 هي آخر سورة نزلت بمكة.
            44 الآيات الثلاث الأولى مكيات، والبقية مدنية.
            45 وقد نزلت بمنى في حجة الوداع.


            تعليق


            • #36
              لماذا نزل القرآن مفرقا... ولم ينزل جملة واحدة؟

              هذا السؤال أو التساؤل قديم سأله المعارضون للرسول من باب المعارضة له في شيء ما، ولو نزل جملة لقالوا لم لم ينزل مفرقا؟ ولكن سؤالهم أو اعتراضهم هذا أفادنا كثيراً في معرفة الحكمة من الله سبحانه منزل الكتاب حيث ذكر اعتراضهم ورد عليه: (وقالوا لولا نزّلَ عليه القرآنُ جملةً واحدة)؟ كما نزلت الكتب السابقة: التوراة والإنجيل حسب ما بلغهم. فرد الله عليهم في الآية نفسها (كذلك.. "أي أنزلناه مفرقا" لِنثبّتَ به فُؤادَكَ ورتَّلناهُ ترتيلا).
              ثم تأتي الآية الأخرى فتسوق لنا حكمة غير الأولى:
              (وقُرءاناً فَرَقناهُ لِتَقرأَهُ على النّاسِ على مُكثٍ ونزَّلناهُ تنزيلاً).
              ومعنى فرقناه: جعلنا نزوله مفرقا منجما وفي قراءة: فرَّقناه بتشديد الراء.
              ما الذ الرشفة بعد الرشفة يأخذها الظامئ من كوب عصير بارد ليستديم لذة هذا العصير في فمه مدة!..
              وما أطيب الأمن والراحة النفسية للإنسان. يتعهده حاميه وراعيه الفينة بعد الفينة، ويزوره المرة بعد المرة، ويزوده كلما زاره بطاقة تقوية، وتشد أزره وتحميه!..
              هذا شيء نحسه من واقع الحياة التي نعيشها والطبيعة التي تحكمنا، والقرآن هدى وشفاء، تشريع وتكليف، نزل على الرسول ليقود على هديه البشر، ويداوي به أمراضهم الاجتماعية، ويمدهم بطاقة مادية وروحية، وهو ليس بالقصير الذي يمكن قراءته في جلسة، أو حفظه في يوم، ولهذا كان من حكمة الله أن ينزل على الرسول مفرقا، حتى يتمكن (ص) وهو وصحابته من حفظه؛ لأن الرسول وإن كان قد حرص على أن يأمر بكتابته، إلا أن العرب تغلب عليهم الأمية غلبة كبيرة، صدورهم هي كتبهم أو كما قيل: "أناجيلهم صدورهم" فهم يعتمدون على الحفظ، ولذلك، برعوا فيه، ولابد أن يكون القرآن أمره كذلك، يعتمد فيه على الحفظ، حتى وإن كتب على حجارة ملساء أو عظام مفرطحة، أو غر ذلك مما يستطيعون الكتابة عليه؛ لأن الورق لم يكن متوفرا لديهم بالصورة التي نراها عندنا، أو بالصورة التي تمكنهم من كتابة القرآن كله عليه..
              فكيف إذن يمكنهم حفظه لو نزل دفعة واحدة؟ هذا أمر عسير، ومن المتعذر على الإنسان أن يجد له حلا.. والله قد أخذ عباده بالتيسير عليهم: (لا يكلفُ اللهُ نفساً إلا وُسعَها) فلم يكن مفر من نزول القرآن مفرقا: (وقرآناً فرقناهُ لتقرأه على النّاسِ على مُكثٍ) أي على مهل وتؤدة، (ونزلناه تنزيلا) متتالياً لذلك. فإذا حفظوا اليوم ما نزل، ثم حينما ينزل شيء يحفظونه، ويضمونه إلى ما حفظوه من قبل كان الحفظ سهلا عليهم كما نفعل نحن اليوم ويفعل كل الناس والطبيعة واحدة والقدرة في جملتها واحدة.
              ولو نزل القرآن جملة واحدة لنزل فيه الأمر بالعقائد والتشريعات كلها دفعة واحدة، وكان القوم سيعجزون وهم في أول أمرهم بالإسلام.. وفي حاجة إلى أخذهم بالرفق والتدريج، وقد رأينا كيف عالج القرآن أمرهم في شرب الخمر بالتدريج، ولو كانت الحكمة في غير التدريج لكان.. ولكن الله فعل ما تقتضيه حكمته القائمة على علمه بالنفوس، فهل كان يتسنى للقرآن الأخذ بهذه الحكمة، لو أنه نزل جملة واحدة؟ّ!
              حقيقة يولد الإنسان ويشب حتى يبلغ فيكلف بكل ما في القرآن، ولكنه مسلم وابن لمسلم، وشب وتربى في جو إسلامي وتعود في صغره على آداب الإسلام وتشريعاته، فلا يصعب عليه القيام بعد ذلك بتكاليفه.. فالأمر يختلف عمن ندعوه لينسلخ من شركه في بدء الدعوة لينضم لزمرة المؤمنين _والدعوة غريبة ولها أعداؤها.. فلا بد من التدرج في التكاليف بما يتناسب وحالة الداخلين الجدد في الإسلام.
              وكثيراً ما كان يسأل المؤمنون أو اليهود أو المنافقون أو المشركون، يسألون عن أشياء يريدون فهمها أو عن أشياء يريدون تعجيز الرسول وإظهاره بمظهر عدم العارف ليضعفوا من شخصيته ومهابته، وكان نزول القرآن مفرقا يتيح للرسول أن يتلقى الرد عليهم من جبريل بما يريد الله، ولذلك تجد كثيراً في القرآن (يسألونك) أو (يسألك الناس) وتجد الرد بعد ذلك:
              (يَسئَلونَكَ عَنِ الأهلَّةِ قُل هيَ مواقيتُ للنَّاسِ والحجِ...).
              (يَسئَلونكَ عن الخمرِ والميسرِ قُل فيهِما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للنّاسِ وإثمُهُما أكبرُ مِن نَّفعهما، ويسئَلونَكَ ماذا يُنفقونَ قُلِ العَفو).
              (يَسئَلُكَ النّاسُ عَنِ الساعةِ قُل إنَّما عِلمُها عِندَ اللهِ).
              وغير ذلك كثير حتى بلغ (يسألونك) نحو خمسة عشر سؤالا وجهت للرسول في أوقات متباعدة، ونزل القرآن للرد عليها، فهل كان يتسنى الرد عليها لو أن القرآن كان قد نزل قبل ذلك بسنوات دفعة واحدة؟.
              وهكذا تتجمع هذه الحكم والأسباب التي نستظهرها حسب علمنا وإدراكنا لتجعل من نزول القرآن مفرقا هو عين الحق والصواب ممن هو أدرى من الخلق جميعاً بالحق والصواب..
              ولكن مما ينبغي معرفته مع ذلك أنه ليس معنى نزوله مفرقا أن كل آية منه نزلت على دفعة، بل معنى نزوله مفرقا أن نزوله كان على دفعات وأوقات استمرت من بدء البعثة، حتى توفي الرسول عليه الصلاة والسلام أي مدة ثلاث وعشرين سنة.. فقد ينزل جبريل بآية، وقد ينزل بآيات، وقد ينزل بسورة صغيرة، وقد ينزل بسورة كبيرة كالأنعام مرة واحدة..
              ومن السور التي نزلت دفعة واحدة: الفاتحة، الإخلاص، المعوذتان، المسد (تبت يدا أبي لهب)، الكوثر، البينة، المرسلات، الصف، الأنعام..
              أما أغلبية سور القرآن فقد نزلت على دفعات.. وليس معنى ذلك أن النزول كان بالترتيب في السورة يعني تنزل الآيات الخاصة بسورة البقرة مثلاً على دفعات، ولا ينزل غيرها، ثم يبدأ الوحي في سورة أخرى فتنزل آياتها على دفعات، ثم تبدأ سورة أخرى وهكذا.. بل كانت الآيات تنزل، وجبريل يرشد الرسول الى أن هذه الآيات توضع في سورة البقرة مثلا قبل آية كذا أو بعدها.. ثم تنزل آيات أخرى بعد ذلك ويرشد جبريل إلى وضعها مثلا في سورة آل عمران وهكذا.. حتى إذا أتى رمضان من السنة نزل جبريل على الرسول يدارسه ما نزل في السنة الماضية من القرآن بالترتيب الذي أرشد إليه، ولو كان جزءاً من السورة، ثم إذا جاء رمضان آخر نزل جبريل يدارسه ما نزل من أول آية، حتى آخر ما نزل في العام للمدارسة بالترتيب، وهكذا، حتى آخر رمضان من حياة الرسول، وقد كاد القرآن يكتمل، إلا بعض آيات قليلة، فنزل جبريل يدارسه (أي يقرأ على الرسول مرة ويستمع له مرة) ما نزل من القرآن كله من أول آية: (اقرأ باسم ربك) حتى آخر آية نزلت قبل انتهاء هذه المدارسة الأخيرة، بالترتيب الذي عليه القرآن الآن، فيقرأ من سورة البقرة ما نزل ، ومن سورة آل عمران ما نزل.. الخ. وهكذا انضبط أمر القرآن تماما..



              تعليق

              مواضيع ذات صلة

              تقليص

              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
              ابتدأ بواسطة ابن الوليد, منذ 4 أسابيع
              رد 1
              121 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة ابن الوليد
              بواسطة ابن الوليد
               
              ابتدأ بواسطة Guardian26, 22 ينا, 2024, 02:18 ص
              ردود 3
              124 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة محب المصطفى
              بواسطة محب المصطفى
               
              ابتدأ بواسطة Muslim1989, 13 ديس, 2023, 02:27 ص
              ردود 8
              108 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
              بواسطة *اسلامي عزي*
               
              ابتدأ بواسطة Muslim1989, 11 ديس, 2023, 12:39 م
              ردود 9
              166 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة أحمد عربي أحمد سيد  
              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 أكت, 2023, 11:53 م
              ردود 0
              219 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
              بواسطة *اسلامي عزي*
               
              يعمل...
              X