حركة القاديانيه

تقليص

عن الكاتب

تقليص

المتفائل
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حركة القاديانيه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    فتوى فضيلة الدكتور على جمعه مفتى الديار المصريه بالنسبه لحركة القاديانيه

    القاديانية طائفة منسوبة إلى قرية قاديان إحدى قرى مقاطعة "البنجاب " بالهند وقد أسسها رجل يدعى علام أحمد القادياني وهو من فرس أو المغول ويقال إن آباءه من سمرقند، وقد ولد سنة 1839 في قرية قاديان ونشأ في أسرة خائنة عملية للاستعمار حيث كان أبوه غلام مرتضي صاحب رابطة وثيقة بالحكومة الإنجليزية وكان صحاب كرسي في ديوانها وفي سنة 1851 م أنضم أبوه إلى معاونة الإنجليز ضد بني قومه ودينه، وأمدهم بخمسين جنديا وخمسين فرسا وبعد أن درس غلام أحمد بعض الكتب الأردية والعربية وقرأ جانبا من القانون شغل وظيفة في بلده سياكوت ثم أخذ ينشر كتابه براهين أحمدية في عدة أجزاء وكان قد بدأ دعوته الأثيمة سنة 1877م وفي سنة 1885 أعلن أنه مجدد وفي سنة 1891م ادعي أنه المهدي وأنه المسيح الموعود وأخذ يقول:
    أنا المسيح وأنا كليم الله وأنا محمد وأحمد معا ولذلك كان يدعي أنه أفضل من جميع الأنبياء ومات غلام أحمد في 26 مايو سنة 1908 م في مدينة لأهور ودفن في قرية قاديان.

    وكان القادياني ماكر في مزاعمه وتضليله فهو حين ابتدع القاديانية لم يجاهر بعداوة الإسلام ولم يصرح بالخروج عليه بل بدأ بمظهر التجديد والتطوير ثم انتقل إلى فكرة المهدوية ثم انتقل إلى إدعاء أنه يوحي إليه لا على أنه نبي مستقل مرسل بل على أنه نبي متابع كهارون بالنسبة لموسى عليهما السلام ثم أخذ في تأويل نصوص القرآن الكريم تأويلا منحرفا فاسدا لتحقيق مأرب لديه ثم تعاون مع الاستعمار والمحتلين وأصدر فتواه الأثيمة بان الجهاد قد انتهي واصبح منسوخا ولذلك لا يجوز رفع السلاح من المسلمين ضد الإنجليز المحتلين للهند بحجة أنهم حلفاء الله في الأرض.

    وقد جاء بعده ابنه وخليفته واسمه محمود ليروج مزاعم أبيه ويواصل مسيرة الكفر من بعده فيقول: إننا نكفر غير القايانيين لأن القرآن يخبرنا أن من ينكر أحدا من الرسل يكفر وعلي هذا من ينكر أن غلام أحمد نبي رسول الله يكفر بالله... وجاء ابنه الثاني ليزيد الطين بلة فقال: كل من يؤمن بموسى ولا يؤمن بعيسى أو يؤمن بعيسى ولا يؤمن بمحمد فهو كافر،وكذلك من لا يؤمن بغلام أحمد فهو كافر!..

    وتزعم كتب القاديانية أن الله أوحي إلى غلام أحمد فقال له الذي يحبني ويطيعني وجب عليه أن يتبعك ويؤمن بك، وإلا لا يكون محبا لي بل هو عدو لي وإن أراد منكرون ألا يقبلوا هذا بل كذبوك وأذوك فتجزيهم جزاء سيئا وأعدنا لهؤلاء الكفار جهنم سجنا لهم.
    ومن عقائد القاديانية الباطلة أن النبوة لم تختم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم بل نقول القاديانية نعتقد أن الله لا يزال يرسل الأنبياء لإصلاح هذه الأمة وهدايتها على حسب الضرورة ، وهذا كفر صريح مخالف لقوله تعالي: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما، الأحزاب، وبقوله صلي الله عليه وسلم " لا نبي بعدي " رواه البخاري.

    ومن فسق القاديانية تهجمها على مقام الأنبياء والرسل وعلى الخلفاء الراشدين، والصحابة الطاهرين وتطاولها على حرمة سدي شباب أهل الجن الحسن والحسين فيقول مبتدع القاديانية مثلا " يقولون عنى بأني أفضل نفسي على الحسن والحسين فأنا أقول نعم أنا أفضل نفسي عليهما وسوف يظهر الله هذا الفضيلة أو من ضلال القاديانية كذلك تحريفهم وتخريفهم في تأويل آيات القرآن المجيد ومنها أنهم يعقلون على الآية الكريمة من سورة الإسراء : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" الإسراء ، فيقولون إن المقصود من المسجد الأقصى هنا ليس هو مسجد بيت المقدس، كما أجمع أهل التفسير والتاريخ بل المراد به هو مسجد قاديان لأن الرسول صلي الله عليه وسلم أسري به إلى هذا المسجد الذي يقع في شرقي قاديان ويشبه غلام أحمد هذا المسجد ببيت الله الحرام ويزعم مسجد قاديان هو الذي أنزل الله تعالي فيه قوله: ومن دخله أن آمنا" "آل عمران" ومن تخريفه في تأويل القرآن الكريم أنه يتعرض لقول الله تبارك وتعالي " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" الفتح فيزعم لنفسه أنه المراد بمحمد فيقول المخبول: "محمد هنا أنا لأن الله سماني بهذا الاسم في عدة مقامات أخرى ...ولو يتورع عن تسجيل هذا في كتابه" تبليغ رسالة!!

    ويوصل سفاهته حينما يقول من المقصود يقول القرآن وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" الأنبياء ، ويقول كذلك أنا المقصود بقول القرآن في سورة الصف " ومبشرا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد" ومن فجور القاديانية أنها حاولت صرف ابتاعها من المنزل الوحي، وعن الكعبة المشرفة ، وعن المسجد الحرام فأخذت من قرية قاديان قبلة وكعبة لهم بدل الكعبة المطهرة في مكة، وجعلوا فريضة الحج في نحلتهم الضالة هي حضور المؤتمر السنوي للقاديانية في قرية قاديان ويقول كبيرهم غلام أحمد المجيء إلى قاديان هو الحج"..

    وكذلك بني القاديانيون مدينة صغيرة في باكستان وسموها "ربوة" وجعلوها مركزًا لدعوتهم، وألقوا عليها ظلال من الهيبة والتقديس.

    ويزعم غلام أحمد أنه قد نزل عليه من عند الله قرآن أسمه الكتاب المبين، وأنه قد نزل عليه أكثر مما نزل على الأنبياء وقد نشر طائفة من الكتب الخبيثة المليئة بالمزاعم والأوهام ومنها" براهين أحمدية" وإزالة الأوهام حقيقة الوحي، وسفينة نوح وتبليغ رسالة، وخطة إلهامية" ومن تضليل القاديانية أنها تسمي نفسها الأحمدية تمويها وتضليلا وإيحاء كاذبا بأنهم ينتسبون إلي أحمد الرسول صلي الله عليه وسلم وقد لجأ القادياني إلى توهين شوكة المسلمين أمام المستعمرين وإلغاء الجهاد ضد المجتلين ولذلك أخذ يدعو بأنه لا جهاد في الإسلام بعد الآن، ويعلل لذلك فيقول: إن الله خفف الجهاد في سبيل الله بالتدريج فكان يبيح قتل الأطفال في عهد موسى، وفي عهد محمد الغي قتل الأطفال والشيوخ والنساء ثم الغي الجهاد نهائيا في عهدي ويقول اليوم الغي الجهاد بالسيوف ولا جهاد بعد هذا اليوم فمن يرفع بعد ذلك السلاح على الكفر ويسمي نفسه غازيا يكون مخالفا لرسول الله الذي أعلن قبل ثلاثة عشر قرنا إلغاء الجهاد في زمن المسيح الموعود، فأنا المسيح، ولا جهاد بعد ظهورى الآن.



  • #3
    إمعانا في العداء للإسلام
    دعم إسرائيلي لنشاط الجماعة الأحمدية القاديانية
    لندن(مراسل خاص ) - أكد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز علي منح الدعم الإسرائيلي الكامل للجماعة الأحمدية القاديانية ماديا ومعنويا وتعزيز التعاون بين إسرائيل والأحمدية علي مستوي العالم – جاء ذلك عقب توقيع شمعون بيريز وميرزا مسرورأحمد على اتفاقية سرية للتعاون بين إسرائيل والجماعة الأحمدية القاديانية ، وذلك في اللقاء الذي تم بينهما في مدينة حيفا بدعوة من الجماعة للرئيس الصهيوني وبعد الاتصالات السرية والعلنية التي تتم بشكل شبه دوري بين الجانبين،وأفادت التقارير الإخبارية أن من مظاهر خداع الجماعة الأحمدية للعالم وللمسلمين خاصة أنهم يقدمون أنفسهم علي أنهم جماعة إسلامية تحظي بالدعم الإسرائيلي في كافة الخدمات والتسهيلات، ومنها المساعدة في بناء معابدهم التي يسمونها مساجد في حيفا .وفي مقابل هذا الدعم الإسرائيلي للجماعة الأحمدية أكد الميرزا مسرور أحمد أن الجماعة االقاديانية في كل أنحاء العالم تدافع عن أمن إسرائيل،كما أفادت التقارير الصادرة عن الأحمدية أن الجماعة أن قيادة الأحمدية تؤكد علي حق إسرائيل في إحكام قبضتها وسيطرتها علي القدس والمسجد الأقصي ،كما أن الجماعة القاديانية الأحمدية ساندت إسرائيل أثناء العدوان الإسرائيلي علي المسلمين في قطاع غزة.

    تعليقا علي هذا التعاون القادياني الصهيوني يقول رئيس أكاديمية ختم النبوة بلندن الشيخ عبد الرحمن باوا والداعية الشيخ سهيل باوا : هذا مما يؤكد أن هذه الجماعة (القاديانية الأحمدية) عدو لدود للإسلام والمسلمين وأنهم مفسدون في الأرض ،ولكن الأمة الإسلامية علي يقظة تامة وإدراك كامل لكل ما تفعله القاديانية وأمثالها ،ونحن لهذه الجماعة الضالة المضلة بالمرصاد.

    منقول من

    http://www.antiahmadiyya.net/main/ar...rticle_no=1285

    تعليق


    • #4
      شبهات و ردود ساحقع على هذه الحركة الملعونه

      الشبهة :
      إنه صلى الله عليه وسلم يمهر الناس ، وبمهره يصير الواحد نبيًّا.

      الرد على الشبهة :

      إن هذا الكلام السخيف لا يعرفه العرب، وإنما هو من مخترعات هذا الكذاب، وبهذه السفاهة والأكاذيب يريد أن يصبح نبيًا متبوعًا، ويريد أتباعه أن يثبتوا متنبئهم الكذاب ليخدعوا به المسلمين، ويخدموا مصالح المستعمرين.
      ثانيًا: إذا كان هذا المتنبئ رسولًا أرسله الله فأي حاجة أن يمهره سيدنا محمد ، مع العلم أن الرسول قد انتقل إلى الرفيق الأعلى في عالم غير هذا العالم ، فأين اتصل به حتى يمهره. وهذا المتنبئ زعم أن الله كاشفه وخاطبه وأرسله، فأي حاجة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لكي يختم له.
      ثالثًا: ليس في كتب اللغة ولا في قواميسها أن الخاتم يكون بمعنى المهر ، وإذا كان معنى الخاتم الطابع ، فليس يراد به الطابع الذي يطبع به على الرسائل في دائرة البريد عند توزيعها ، وإنما المراد به الطابع الذي يطبع به على الغلاف حتى لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء، وعليه فإذا كان الخاتم بمعنى الطابع بهذا المعنى الصحيح ، فقد ختم الله النبوة بمحمد عليه الصلاة والسلام بحيث لا يأتي نبي بعده .








      الشبهة :
      " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " في الآية الشريفة ليست بدليل على أن لا نبي بعد سيدنا محمد ، لأن خاتم ليس بمعنى آخر، ولكن بمعنى أفضل، يعني أن محمدًا أفضل النبيين لا بمعنى انقطاع النبوة بعده ، فلذا ادعى النبوة ، وفتح باب النبوة على مصراعيه لغيره.
      الرد على لاشبهة :
      إن الله أنزل القرآن بلغة العرب، كما قال الله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } يوسف2 ، ولم ينزل بلغة العجم والفرس والهنود وغيرهم، والرسول أفصح العرب، والصحابة وغيرهم من فصحاء العرب، وجاء بعد ذلك التابعون وفيهم من الشعراء والأدباء والبلغاء ما يفوق العد والإحصاء، ولم يقل أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من أتباعهم من الفقهاء والمحدثين واللغويين من أن خاتم النبيين بمعنى أفضل النبيين، بل كلهم فهموا من الآية وجزموا واعتقدوا أن النبوة ختمت بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وها هي القواميس والمعاجم العربية بين أيدينا هل فيها حرف واحد مما زعمه هذا الكذاب ، كما أن كل نبي باتفاق من المسلمين ومن اليهود والمسيحيين وغيرهم وحتى من ميرزا غلام أحمد هذا المتنبئ إنه يكون صادقًا معصومًا من الكذب ، فإذا كان كذلك ، فقد وردت الأحاديث العديدة الكثيرة التي بلغت مبلغ التواتر عن النبي أنه خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده ، ومن تلك الأحاديث :
      1- ما جاء في البخاري في كتاب المناقب ، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، ومسلم في باب الإمارة ، وأحمد في مسنده : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء».
      وقال عليه الصلاة والسلام كما أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه : «فضلت على الأنبياء بست ، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون».

      تفسير الميرزا غلام أحمد لكلمة " خاتم " بعنى " آخر "

      إن ميرزا غلام أحمد القادياني قد استعمل كلمة (خاتم) في كتبه في عدة مواطن ، وعنى به: (آخر وخاتم ونهائي) ، وإليكم نماذج من هذه اللفظة .
      1- «إن للمسيح الموعود أسماء متعددة في كتب الله ، ومن هذه الأسماء : خاتمُ الخلفاء، أي الخليفة الذي سوف يأتي في الآخر على الإطلاق»([1]).
      2- «إنني قد آمنت برسوله بصدق قلبي وأعرف أن جميع النبوات انتهت عليه، وإن شريعته خاتم الشرائع»([2]).
      3- «إننا نؤمن بهذا الأمر بكل يقين بأن القرآن خاتمُ الكتب السماوية»([3]).
      4- «إنه خاتم الأولياء كما أن عيسى غ خاتم الأنبياء في سلسلة خلفاء موسى» ([4]).
      نقول: إن ميرزا غلام أحمد القادياني قد استعمل كلمة خاتم في المقتطفات المذكورة بمعنى آخر ، وهذا يؤيد كلامنا.
      5- يقول ميرزا غلام عن ذكر ولادته : «لقد وُلدتُ أنا وشقيقتي واسمها (جنة) ، توأمين ، تم خروجها أولًا إلى هذه الدنيا ثم ولدت أنا، وكنت خاتم الأولاد عند والديّ ، ولم يُولد بعدي ابنٌ ولا بنتٌ لدى والديّ»([5]).
      6- «وهذا من الأسرار أنه في الآخر عيسى غ وهو خاتمُ أنبياء بني إسرائيل وأحمد ومحمد خاتم أنبياء الإسلام ...» ([6]).
      هنا استعمل ميرزا غلام أحمد القادياني كلمات خاتم الأولاد وخاتم الأنبياء بمعنى آخرهم. وقد صرح بعد ذكر خاتم الأولاد (أنه لم يولد بعدي ابن أو بنت لدى والديّ)، ويبين هذا القول بصراحة أن ميرزا المذكور هو آخر أولاد والديه. وهكذا كلمة خاتم النبيين تعني أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين، لا نبي بعده ولا رسول ، ولما ثبت أن ميرزا غلام أحمد القادياني آخر أولاد والديه ، لم يولد له شقيق ولا شقيقة عندئذ زالت شبهة أخرى وهي:
      شبهة : وهي لو اعتبرنا أن الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء فكيف يأتي عيسى غ ؛ لأنه عندما يأتي قرب القيامة يصبح هو آخر الأنبياء. إذن ثبت أمران:
      (1) أن عيسى عليه السلام قد مات.
      (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بخاتم النبيين.
      نجيب على هذه وتلك : إن شبهة القاديانيين المذكورة قد زالت وأصبحت هباءً منثورًا من المقتطف المذكور. ونقول: إن الاعتراف بختم النبوة على محمد صلى الله عليه وسلم لا يستلزم وفاة عيسى عليه السلام ، أي يمكن جدًّا أن يكون عيسى غ على قيد الحيا والرسول صلى الله عليه وسلم يكون في عالم البرزخ، ومع ذلك يكون آخر الأنبياء وخاتمهم، انظروا إلى قول ميرزا غلام أحمد القادياني ، فهو خاتم الأولاد ، وكان في عالم البرزخ ولا يزال ، وبقي شقيقه الأكبر غلام قادر على قيد الحياة مدة بعد وفاة أخيه ميرزا غلام أحمد القادياني ، فلم تتحول درجة ميرزا : خاتمية الأولاد إلى درجة أخرى دون الأولى؛ مع أن شقيقه الأكبر منه سنًّا بقي على قيد الحياة؛ وإن مَثَلَ عيسى غ كمثل قدرة الله في قصة خاتمية الأولاد المذكورة ، فعيسى غ بقي على قيد الحياة ، والرسول صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى؛ لكن هذا كله لم يغير شيئًا في درجة هذا النبي الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين، فبقي هو هو خاتمًا للأنبياء والمرسلين، وأخوه السابق في زمن هذا العالم : عيسى غ بقي ولا يزال في عداد الأنبياء السابقين . فإذا كان للوالدين أربعة أولاد أو إذا كان لأستاذ تلاميذ عديدة أو إذا كان لشيخ طريقة عدة مبايعين ، وحدث أن أول هؤلاء قد مات وبقي آخرهم ، فهذا الأمر لا يجعل الأول الذي بقي على قيد الحياة آخرهم ، بل آخرهم فعلاً هو الذي كان في الآخر وإن مات قبلهم.


      --------------------------------------------------------------------------------
      ([1]) جشمة معرفة / الهامش ص 318.
      ([2]) أيضًا ص 324.
      ([3]) إزالة أوهام ص 60.
      ([4]) تحفة كولروية.
      ([5]) ترياق القلوب ص 300 ، 303.
      ([6]) ضميمة براهين أحمدية / الجزء الخامس.


      الشبهة :
      زعم القاديانيون أن تفسير خاتم النبيين بإغلاق باب النبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفسير الذي يذكره المسلمون، لو كان هذا صحيحًا لامتنع نزول عيسى لأنه نبي.
      الرد على الشبهة :

      إن المراد بأنه خاتم الأنبياء أي أنه لا ينبأ أحد بعده بنبوة جديدة ، فلا ينافي بقاء أحد من الأنبياء السابقين بعده، وهذا هو المدلول اللغوي من قوله تعالى: " وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " ، بلا تأويل ولا تكلف، فإنه إذا قيل: فلان آخر الأولاد لا يكون مراده عند أحد من أهل العقل أنه مات الأولاد سائرهم أجمعون ، ولم يبق منهم أحد. وكذلك إذا قلت : فلان خاتم المهاجرين هل يفهم منه أن المهاجرين كلهم ماتوا، فلم يبق منهم أحد، بل معناه عند كل ذي فهم وتمييز أنه آخر في الهجرة ما بعده أحد، ولك في أمثاله من الكلمات كقولك: آخر الجالسين، وآخر الراحلين، وآخر الراكبين ، إلى غير ذلك من الأقوال التي لا يراد منها في لغة العرب إلا اختتام وصف المضاف إليه



      الشبهة :
      قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } الأعراف35.
      وقوله : {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } الحج75
      قال القادياني : أن الفعل في الآيتين مضارع، والمضارع للحال والاستقبال ، والجملة الفعلية تدل على التجدد والحدوث، ومن هننا نفهم أن النبوة لا زالت في استمرار وتجدد حينًا بعد حين،, وعليه فادعاؤهم النبوة صحيح، ولا وجه لإنكارها ، هذا توضيح شبهته الكاسدة.
      الرد على الشبهة :
      1- قد قدمت سلفًا أن الله أنزل القرآن بلغة العرب وليس بلغة الأعاجم، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2
      2- لا يستريب عاقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه القرآن ، أعلم بمعانيه على الإطلاق ، وهذا مما أجمعت الأمة بأسرها عليه. ومن بعده أصحابه رضوان الله عليهم الذين صحبوه وأخذوا منه القرآن وتفسير ما أشكل عليهم، وعرفوا أسباب نزوله، وما تهدف إليه، وبعدهم التابعون وتابعوهم. ومما لا جدال فيه أنهم كانوا يعرفون ما يدل عليه الفعل الماضي والمضارع والأمر، والجملة الاسمية والفعلية ونحو ذلك؟ وهل مصدر علم النحو الصرف والبلاغة إلا من كلام العرب ، فهل جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو واحد من أصحابه أو التابعين أو تابعيهم أو أئمة اللغة أو المفسرين أن هاتين الآيتين تدلان على استمرار النبوة والرسالة إلى قيام الساعة، أو أن الميرزا غلام متنبئ كذاب ، يفتري على الله وعلى اللغة ، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه كاذب في هذا الادعاء ، ولكن روج ما زعم لمآربه الخسيسة، وهل يدور في خلد عاقل أن القادياني أعلم بتفسير القرآن ممن أنزل عليه ومن أصحابه ومن التابعين وسائر الأمة، التي أنجبت من فحول العلماء ونوابغ الفضلاء في جميع العلوم ولا سيما علمي الكتاب والسنة والعربية ما يفوق الحصر، لا يدعي بهذا الادعاء إلا من سفه نفسه، ولا تروج هذه الدعايات الضالة إلا على من كان أبلد من الحمار ، لا تروج إلا في وسط الأغبياء وفاقدي التمييز بين الغث والسمين لدى بعض الأعاجم الذين يجهلون اللغة العربية ولا سيما القرآن الكريم.
      3- هذه كتب التفسير التي لا حصر ولا عد لها ، تفاسير أهل السنة والشيعة الإمامية، والزيدية والإباضية والمعتزلة، فهل يستطيع الميرزا أن يأتي بكلمة واحدة من تلك التفاسير تفسيرًا للآيتين على ما ادعاه أو أن هذا المفتري انسلخ من الدين الصحيح ، أولًا، ومن الحياء والعقل ثانيًا ، وفي الحديث: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ، إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، بالإضافة إلى مخالفته لإجماع المسلمين ، والعقلاء العارفين ، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } النساء115
      4- وأما تمكسه بالآيتين وإنهما فعلان مضارعان، والمضارع للحال والاستقبال ... إلخ.
      فالجواب: أن يقال: دلالة الفعل المضارع على الحال والاستقبال فيها خلاف، وعلى القول بأنه للحال والاستقبال ، فكلامه صحيح، ولكن استدلاله على استمرار النبوة والرسالة لدلالة الفعل على الحدجوث والتجدد ، على أن نبينا صلى الله عليه وسلم ليس بخاتم النبيين ، باطل ، وذلك أن الفعل الماضي قد يعبر عنه بصيغة المضارع لمقتضيات بلاغية، منها : أن يكون للمعنى البليغ غرابة، فإن المضارع من جهة دلاته على الحال يتوسل به المتكلم إلى موضوع إخراج الحادث الغريب في صورة الواقع في الحال ، ليبلغ تعجب المخاطب من وقوعه مبلغًا عظيمًا من الصورة البديعة في حالة مشاهدتها، كقوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } آل عمران59.
      والموضوع في الظاهر للماضي (فكان) لأن وجود إنسان من غير أب حادث غريب فحالته تقتضي أن يعبر عنه بالمضارع لإحضاره في ذهن المخاطب كأنه مشاهد له، ومن دواعي التعبير عن الماضي بصيغة الإشارة إلى استمرار الفعل وتجدده حينًا بعد حين. فإن الاستمرار والتجدد يستفاد من المضارع على ما جرى عليه استعمال البلغاء، لكن ما لم تكن هناك قرينة تصرفه من الحال إلى الاستقبال إلى الماضي، وهنا وجدت آية " وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " التي هي دليل قاطع على ختم النبوة، فضلًا عن أن تكون قرينة تصرف معنى المضارع إلى الماضي بالإضافة إلى الأحاديث الواردة في ختم النبوة.
      وللتوضيح أكثر نقول في الآيتين : إن اصطفاء الرسل في الآية التي في سورة الحج ، وإرسالهم كما في آية الأعراف كان يتجدد ويقع مرة بعد أخرى قبل سيدنا محد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عقول البشر، إذ ذاك لم تكتمل ، ولم تكن لديها من الاستعداد والأهلية لشريعة عامة صالحة لكل جيل وزمان ولما جاء عصر الرسالة وقد كان البشر اكتمل نضوج عقولهم وصار لديهم من الاستعداد والأهلية لشريعة كاملة صالحة عامة شاملة، ختم الله الرسالات بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بدليل قوله تعالى: " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " ، لأن هذه بعد الآيتين، وجاءت الأحاديث المتواترة تزيد الآية توضيحًا وتفسيرًا، لأن السنة كشرح للكتاب تفسره وتوضح مجمله فلا حاجة بعد هذه النبوة الخاتمة والشريعة الكاملة إلى نبوة وشريعة جديدة.
      وقد سبق في آخر شبه البابية والبهائية هذا المرام بأبسط وأوضح مما هنا.
      فهل يعقل أن القرآن الذي أنزله الله على الرسول صلى الله عليه وسلم ومنه الآيتان اللتان تمسك بهما القادياني تدلان على عدم انقطاع النبوة والرسالة ، ثم يقول الرسول ويعلن بكل صراحة أنه خاتم النبيين ولا نبي بعده ، هذا لو لم تأت آية خاتم النبيين، فكيف وصرحت الآية بختم النبوة ، وجاءت الأحاديث الكثيرة المتواترة توضحه وتؤكده ، وهنا لا محيص للميرزا وأتباعه مما يلي:
      أولًا: إما أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفهم معنى القرآن أو بعضه، أو الآيتين اللتين احتج بهما . ولا أظن أن تبلغ به الوقاحة إلى هذا الحد.
      ثانيًا: وإما أن يقول: إن تلك الأحاديث المصرحة بختم النبوة، قالها النبي من تلقاء نفسه وليس من وحي رب العالمين، وهذا من أبطل الباطل، لقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } النجم ،4 3، وقوله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ {44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ {45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ{46} } الحاقة ، كما أن الأنبياء معصومون من الكذب بإجماع الملل السماوية ، وباعتراف الميرزا ، وعليه فما بقي له إلا طريقان:
      الطريق الأول : أن يكذب بتلك الأحاديث كلها ، فإن كذب بها ، فقد نادى على نفسه بالجهل الفاضح لأنها بلغت مبلغ التواتر اللفظي والمعنوي ، والمتواتر يفيد العلم القطعي بإجماع أهل العلم والعقل.
      الطريق الثاني: أن يسلط على تلك الأحاديث ظلمات تأويلاته الفاسدة ، وهذا ما فعله، وقد مرت الأجوبة الشافية التي اكتسحت تلك الظلمات والشبهات الميرزائية .
      وبعد هذا نقول لميرزا ، فلو تدبر الآية التي بعد قوله تعالى: " إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ " ، وهي قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } الأعراف37
      فالآية وإن نزلت في المشركين، فالعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فغلام أحمد القادياني افترى على الله كذبًا ، بأن زعم أن الله أنبأه وأرسله للناس، وكذب بالآية الصريحة "ولكن رسول الله وخاتم النبيين" كما كذب بآيات الجهاد ، فلا ريب بأن الآية شاملة له ولأمثاله ولكل من افترى على الله كذبًا أو افترى على رسوله أو كذب بآياته أو بأحكامه.



      الشبهة :

      إن معنى ( ختم النبوّة ) ليس بمعنى آخر نبوة استنادا إلى الحديث الصحيح ، وهو قول أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ( صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وإن مسجده آخر المساجد ) رواه مسلم ، فقالوا : " معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( آخر الأنبياء ( هو نفس معنى قوله : ( مسجده آخر المساجد ) وهو الإشارة إلى الفضل والمكانة ، فإننا نعلم أن مساجد كثيرة قد بُنيت بعد المسجد النبويّ ، فيكون معنى الحديث : مسجده عليه الصلاة والسلام أفضل المساجد ، وهو أفضل الأنبياء " .

      الرد على الشبهة :

      هذا التأويل غير مقبول ، لأن معنى (آخِر ) في لغة العرب تكون بمعنى الأخير ، ولذلك سًمّيت الدار الآخرة بهذا الاسم ، لأنّه لا دار بعدها ، ولم يُعهد أبداً ورود لفظة ( الآخِر ( بمعنى (الأفضل ).
      أما التوجيه الذي وجّهوا به الحديث ، فينفيه السياق ، فإن الحديث يعقد المفاضلة بين المساجد الثلاثة ، وهي المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وهذه المساجد الثلاثة قد بُنيت على أيدي الأنبياء كما هو معلوم في التاريخ ، ,وهذا أي مبنى المساجد يعني أي المساجد الثلاثة المذكورة سابقا لأن الألف واللام في قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( المساجد ) ليست للجنس بل للعهد ، ويدلّ على ذلك صراحة ما رواه البزّار عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أنا خاتم الأنبياء ، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء(.



      الشبهة :
      إن كلمة (لا نبي بعدي) تعني: «لا نبي صاحب شريعة بعدي»، كما يبدو ذلك من تصريحات أكثر العلماء أنه لا يمكن أن يكون نبي صاحب شريعة بعدك. ويبدو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عنى به ذلك؛ لأنه قد أخبر عن عيسى غ ، فتبين أن كلمة (لا) لا تشمل النفي العام.
      الرد على الشبهة :
      هو أن وجود (لا) هنا لنفي الجنس والنفي عام ، كما اعترف بذلك ميرزا غلام أحمد القادياني نفسه في كتابه : حمامة البشرى، وباللغة العربية : «ألا تعلم أن الرب الرحيم المتفضل سمى نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بغير استثناء، وفسره نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا نبي بعدي» ببيان واضح للطالبين ، ولو جوزنا ظهور نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم لجوزنا انفتاح باب وحي النبوة بعد تغليقها ، وهذا خلف كما لا يخفى على المسلمين ؛ وكيف يجيء نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم وقد انقطع الوحي بعد وفاته وختم الله به النبيين»([1]).
      النقد: إن ميرزا غلام أحمد القادياني قد أخذ نفس المفهوم الذي أخذنا نحن المسلمين لـ (خاتم النبيين) و (لا نبي بعدي) ، أما اعتراضهم عن عيسى غ فقد مر جوابه آنفًا بأنه لا يترتب أي تغيير في قائمة الأنبياء عندما سيأتي عيسى غ قرب القيامة.
      ثانيًا: نقول: إن كلمة (لا إله إلا الله) تعني: أنه لا يوجد إله ظلي أو بروزي سوى الله ، وهكذا لا يوجد نبي ظلي وبروزي سوى النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم.
      والحاصل أن كلام هذا السخيف ميرزا غلام أحمد القادياني قبحه واضح وكذبه أوضح من الشمس في رابعة النهار، لا يحتاج إلى كبير جهد وعناء، ولا سيما من استقرأ أحواله من حين ولادته إلى حين وفاته ، وتطوراته وتفانيه في حب الإنجليز يعلم علمًا جازمًا أن هذا الرجل كذاب وأنه صنيعة من صناعة الدولة البريطانية ، وكفى ذلك قبحًا وضلالًا.


      --------------------------------------------------------------------------------
      ([1]) حمامة البشرى ص 34 طبعة عام 1894.



      الشبهة :

      أن المراد من النبيين أنبياء ذوي الشريعة المستقلة كإبراهيم وموسى وعيسى، أي أن محمدًا خاتم النبيين الذين جاءوا بشريعة مستقلة، وعليه فلا مانع من أن تأتي أنبياء إذا كانوا تابعين للشريعة المستقلة ، فحضرة الميرزا على حسب دعواه ودعوى أتباعه نبي، ولكنه تابع للنبي محمد في التشريعات ولم يستقل بتشريع ، وعليه فلا محذور من دعواه النبوة والرسالة.
      وزعموا أن اللام في خاتم النبيين ليست للاستغراق الحقيقي ، بل العرفي، والمراد النبيين التشريعيين الذين جاءوا بكتاب جديد وشريعة جديدة ، كما في قوله تعالى: "وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ"، فإن الظاهر أن المراد بعض النبيين لا جميعهم ، كيف والجميع لم يولدوا بعد ، فكذلك ها هنا ليس المراد سائر النبيين، بل من خص منهم بشريعة وكتاب فقط.
      الرد على الشبهة :
      أن هذه الشبهة مردودة بوجوه عديدة:
      1- تصريحات الميرزا غلام أحمد ، أن الله أوحى إليه بل خاطبه قبلًا، فقال له: «يا ولدي أنت مني وأنا منك وأنزل عليه كتابًا مستقلًا سماه الكتاب المبين»، حوى ما في جميع الكتب المنزلة على أنبيائه وفاق عليها ، مع العلم أن الأنبياء الذين كانوا تابعين لنبي مستقل بالتشريع كأنبياء بني إسرائيل كيوشع وعزير ، لم تنزل عليهم كتب من السماء وإنما كانوا يأخذون أحكامهم من التوراة ، حتى نبي الله داود وهو من بني إسرائيل، المنزل عليه الزبور ، ليس فيه أحكام إنما فيه مواعظ وزواجر لأنهم مأمورون باتباع التوراة.
      2- أنه أتى بتشريعات جديدة منها الحج إلى القاديان، ومنها نسخ الجهاد، وتحريم زواج القاديانية من المسلمين ، ومنها : وجوب طاعة الكفار كدولة الإنجليز ، والله أمرنا بجهادهم وعدم الإذعان لأمرهم ، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } التوبة73 ([1]). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } النساء144 ([2]).. فهل هناك كلام أبلغ من هذا الكلام وأوضح وأصرح في النهي عن موالاة الكفار ومحبتهم ، وحضرة الميرزا غلام يأمر المسلمين بمحبة الإنجليز وموالاتهم ، ويحرض أتباعه ومريديه أن يستعدوا بتضحيات المال والنفس للاستعمار الإنجليزي ، لأن دينه يعلمه أن يطاع الله وتطاع الحكومة التي أمنتهم وحفظتهم من أيدي الظالمين يعني (المسلمين) وأكثر من هذا قال: (فإن عصينا الحكومة فقد عصينا الإسلام وعصينا الله ورسوله ، وزعم ما معناه أنه أفنى عمره في خدمة الإنجليز وحث المسلمين على الخضوع لهم ، وألف مؤلفات كثيرة في هذا المرام اللائق بنبوة الميرزا غلام فإن كان تابعًا لرسول الله محمد بن عبدالله ، فالرسول يتبرأ من هذه التشريعات السخيفة الكافرة الفاجرة ([3])، وإن كان نبيًّا مستقلًا، وهو الصريح من دعواه ، والملموس من سيرته ومؤلفاته ودعايته ، فعلام يضلل الناس ويموه عليهم بهذه الشبهة الكاسدة ، بأن محمدًا خاتم النبيين من ذوي الشرائع المستقلة ، وأنا لست بذي شريعة مستقلة، فكذب في تفسير الآية، كما كذب وضلل في دعوى أتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم.
      3- مطالب بالدليل على هذه التفرقة التي أتى بها وأتباعه بين الأنبياء المشرعين وغير المشرعين، لأن قول الله : "z وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " عام ومطلق، والعام يستغرق أفراده الصالحة([4]) له من غير حصر([5])، والمعروف في الأصول أن العام يجري على عمومه، حتى يأتي ما يخصصه، والمطلق على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده، فأين المخصص لهذا العام والمقيد للمطلق، ولو صعد السماء السابعة، ونزل تحت الأراضين السفلى ، لما وجد مخصصًا ومقيدًا، ولو استفرغ كل قواه وقوى أتباعه ومن يناصرونهم بأن يجدون في آيات القرآن أو الأحاديث الصحيحة أو الحسنة أو حتى الضعيفة ما يصلح لتخصيص الآية الشريفة، أو تقييدها لما وجدوا إلى ذلك سبيلًا.
      4- ونقول : إن أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه بسط في موضع آخر، فإن لم نجد فالسنة ، فإنها شارحة للقرآن، فإن لم نجد تفسير القرآن في السنة ، فلنرجع لأقوال الصحابة ن ، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، فإذا لم نجد تفسير القرآن في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة ، فلنرجع لأقوال التابعين كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وأمثالهم.
      فنحن نطالب الميرزا وأتباعه بأن يأتوا على صحة هذه الدعوى التي ادعوها وفسروا بها آية "zوَخَاتَمَ النَّبِيِّينz" بأن يأتوا من القرآن أو من السنة، أو من أقاويل الصحابة أو من تفاسير التابعين أو أئمة الدين، وإلا فليعلموا أن تأويلهم لهذه الآية مردود عليهم ، وإنها تمحلات وتأويلات لا يؤيدها نقل ولا عقل ولا ذوق ولا طبع.
      5- نقول لحضرة الميرزا وأتباعه : بماذا تفسرون قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } البقرة177 ([6]) فهل النبيون هنا ذووا الشرائع المستقلة، حتى يجوز أن لا يؤمن بأنبياء غير المشرعين، وهذا ما لا يرضاه الغلام وأتباعه من أجل أنهم يقولون: إن غلام أحمد القادياني نبي غير مشرع، ومع ذلك يوجبون الإيمان به ويكفرون كل من لا يعترف بنبوته الكاذبة، ومما لا يخفى على كل من قرأ شيئًا من كتبهم بعد إعلان الميرزا النبوة ، أنه يدعي النبوة المستقلة في التشريعات.
      6- قال الله تعالى مخاطبًا نبيه الكريم: "! وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " ، فالرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ هذا القرآن وبيانه ، أي بيان معانيه من مجمل ومطلق ومقيد ، فإن السنة شارحة للقرآن العظيم ، فإذا كان الرسول مأمورًا بالبلاغ وتبيين معاني الكتاب فقد قال عليه الصلاة والسلام مبينًا انقطاع النبوة بعده في عدة أحاديث ، وسيأتي ذكر بعض منها، ومن أصرح تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون الخلفاء فيكثرون». أخرجه البخاري وأحمد في مسنده .
      فقد نص الحديث على أن بني إسرائيل كانت تتعاقب فيهم الأنبياء وتسوسهم وقال: «لا نبي بعدي» باللفظ الصريح الذي لا يحتمل تأويلًا، ولا يحتاج إلى تفسير، ثم أخبر أن سيكون الخلفاء من بعده وسيكثر عددهم، وبنو إسرائيل كانوا كلما هلك نبي، جاء بعده نبي آخر للقيام بسياستهم وشئون أمور دينهم، وحيث انقطعت النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فلابد للأمة من يقوم بشئون دينها وسياسة دنياها، فكان الخلفاء هم القائمون بذلك، وأي حديث أصرح من هذا الحديث، وأي تفسير أوضح من هذا التفسير لقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } الأحزاب40 ([7])، فإن أمكن على زعم هذا المتنبئ وأتباعه أن يحمل الآية تأويلًا أبعد ما يكون عن الآية كبعد الثريا من الثرى، فماذا يقول بهذه الأحاديث العديدة الكثيرة المتواترة الصحيحة في انقطاع النبوة بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن الأمر كما قال الله تعالى: " مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً "([8]).
      7- إن هذا الزعم اختلاق وتفسير بالرأي وبمحض الهوى لا يؤيده الكتاب ولا السنة ، ولا الآثار، ولا اللغة العربية، وقواعدها كلها تأتي إلا الحمل على ظاهره من غير تأويل ولا تخصيص.
      8- أما قواعد العربية فإن الاستغراق العرفي، لا يصار غليه إلا إذا تعذر الحقيقي عقلًا أو عرفًا ولا تعذر هنا في الاستغراق الحقيقي، بل التعذر والتكلف هو حمله كما زعم هذا الدجال على العرفي.
      الثاني: إن اللفظ القرآني عام لا تخصيص فيه بالنبي التشريعي ولا غيره، ولا يخصص عام الكتاب إلا بمخصص قطعي، ولا مخصص هنا أبدًا، ومن ادعى فعليه البرهان.
      الثالث: إن الألصق بالمقام كان لفظة المرسلين، فإنه قبله : (رسول الله) فتغيير التعبير من الرسالة إلى النبوة ووضع خاتم النبين موضع خاتم المرسلين مع كونه ألصق بما قبله يدل دلالة واضحة على أن المراد التعميم في أصحاب الشريعة وغيرهم من الأنبياء ، فإن النبي أعم فيهما ، بخلاف الرسول فإنه يختص بصاحب الكتاب والشريعة الجديدة، كما هو مذهب جمهور أهل السنة والجماعة . وقد ذكر المفسرون أن المراد بالنبي ما هو أعم من الرسول، فيلزم من كونه خاتم النبيين أن يكون خاتم المرسلين ، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، وهاك تأييدًا لما قلنا، روى أنس عن النبي أنه قال: «إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي» رواه الترمذي وقال: حديث صحيح ، وأحمد في مسنده والحاكم في مستدركه.
      فقد صرح غ بانقطاع النبوة والرسالة كليهما، وما اختار التفصيل بلفظين إلا لغرض التعميم في التشريع وغيره، فلعل الله أطلعه أن سيأتي في أمته من يحرف الكلم عن مواضعه ويفتري عليه ما ليس مراده.
      وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء» الحديث رواه الشيخان ، فقد نفى غ من أمته الأنبياء مثل أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يبعثون لسياستهم على دين موسى غ، وإقامة التوراة من دون تشريع جديد ، فجاء التصريح بنفي نبي غير تشريعي من هذه الأمة.
      أما تمسكهم بالآية " وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ " ، فباطل قطعًا، فإن الحكم فيه على بعض النبيين لشهادة المشاهدة ، والبداء على التخصيص بالبعض حيث لم يكن سائر النبين موجودين في وقتهم فكيف يمكن لهم قتلهم، علمًا أن القرآن المجيد أعلن بهذا التبعيض حيث قال تعالى: " فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ " ، وبالجملة لو لم يحمل كلمة النبيين فيه على البعض لكان الكلام كذبًا محضًا، ترده المعاينة ثم نصوص القرآن نفسه، فلم يكن بد من الحمل على البعض، بخلاف آية "z$ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " فإن حمله على سائر النبيين نافذ من غير تكلف ، بل التكلف حاصل في تخصيصه بالبعض من غير مخصص.

      --------------------------------------------------------------------------------
      ([1]) سورة التوبة : 73.
      ([2]) سورة المائدة : 51.
      ([3]) بل الرسول × وسائر الأنبياء والمرسلين يتبرؤون من الظلمة ، ويحذرون الناس من التعاون معهم فيما يقوي سلطتهم وأوامرهم ، قال الله تعالى مخبرًا عن موسى غ: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ }القصص17 أي معينًا وناصرًا، وقال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113، ولم يخف على من قرأ شيئًا من سيرة الأنبياء ما كان موقف إبراهيم من نمرود بن كنعان، وموقف نمرود من إبراهيم، وموسى من فرعون، وفرعون من موسى ، وعيسى من ملوك زمانه وموقفهم منه، لأن أكثر الملوك والرؤساء والأغنياء هم الذين يعارضون الأنبياء والمصلحين في كل قرن وزمن، وغلام أحمد القادياني على نقيض سيرة الرسل والأنبياء، فهو يحب الدولة البريطانية الظالمة ويحث الناس على طاعتها والانقياد لها ، فكان ظهيرًا وناصرًا ومعينًا لهذه الدولة بقلمه وخطبه ومؤلفاته ، فهل سمع أحد عن الأنبياء السالفين الذين يبلغون مئات أن أحدًا منهم نصر ملكًا ظالمصا أو أعانه وحث الناس على الخضوع له ، بل العكس هو الصحيح ، فليتأمل العاقل الفرق الشاسع بين سيرة الأنبياء وسيرة غلام أحمد ليتضح له الأمر وضوحًا لا غبار عليه أنه صنيعة من صنائع المستعمر، ودجال من دجاجلة القرن الثالث عشر الهجري ، وقى الله المسلمين من شره وشر أتباعه.
      ([4]) العام : تعريفه: العام لغة: الشامل ، واصطلاحًا: اللفظ المستغرق لجميع أفراده بلا حصر مثل: +¨bI) u?#t??/F{$# ??"s9 5O?IètR" ، فخرج بقولنا: المستغرق لجميع أفراده، ما لا يتناول إلا واحدًا ، كالعلم والنكرة في سياق الإثبات كقوله تعالى: +??????stGsù 7pt7s%u?"، لأنها لا تتناول جميع الأفراد على وجه الشمول، وإنما تتناول واحدًا غير معين، وخرج بقولنا: بلا حصر ، ما يتناول جميع أفراده مع الحصر كأسماء العدد مئة وألف ونحوهما.
      ([5]) خرج اسم العدد من حيث الآحاد، أنه يستغرقها بحصر كعشرة ومثله النكرة المثناة من حيث الآحاد كرجلين.
      ([6]) سورة البقرة 177.
      ([7]) سورة الأحزاب :40.
      ([8]) سورة الكهف : 170.





      شبهات حول حجية السنة

      الشبهة :
      أخبار عن النبي r : تدل على عدم حجية السنة :
      روي أنه r دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى . فصعد النبي r المنبر ، فخطب الناس فقال " إن الحديث سيفشوا عني " فما آتاكم يوافق القرآن : فهو عني ، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني "
      وقد روي هذا المعنى من طرق مختلفة ، وهو يفيد وجوب عرض ما ينشب إليه r على الكتاب ، وإنه لا يصح التمسك إلا بما هو ساواه إجمالاً وتفصيلاً دون ما أفاد حكماً استقلالاً ودون ما بين حكماً قد أجمله الكتاب - : لأن كلاً منهما موجوداً فيه . فتكون وظيفة السنة : وحض التأكيد .
      وعلى ذلك : لا تكون حجة على حكم شرعي لأن دلالة ما هو حجة على شيء لا تتوقف على ثبوت ذلك الشيء بحجة أخرى .
      بل لك أن تمنع التأكيد أيضاً فإنه فرع صلاحية الدليل للتأسيس منفرداً فهي لا توصف إلا بالموافقة .
      وروي أنه r قال : " إذا حدثتم عني حديثاً تعرفوه ولا تنكروه قلته أم لم أقله فصدقوا به فإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني حديثاً تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإن لا أقول ما ينكر ولا يعرف "
      وقد روي هذا المعنى من طرق مختلفة وهذا يفيد عرض ما نسب إليه r على المستحسن المعروف عن الناس من الكتاب أو العقل فلا تكون السنة حجة كما تقدم .

      وروي أنه r قال " إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابة ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابة "
      ذكر السيوطي في مفتاح الجنة ص 19 : أن الشافعي والبيهقي أخرجاه من طريق طاوس هكذا والذي في جماع العلم ص 113 أنه r قال " لا يمسكن الناس علي بشيء فإني ما أحل لهم إلا ما أحل الله ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله " وأشار بعد ذلك إلى أنه من طريق طاوس أيضاً .
      فالرواية الأولى : تدل على أن ما يصدر منه يكون موافقاً لكتاب الله فلا يكون حجة كما سبق .
      والرواية الثانية : نهى فيها عن التمسك بالسنة والاحتجاج بها .

      وروي أن بعض الصحابة سأل النبي r هل يجب الوضوء من القيء ؟ فأجاب r " لو كان واجباً لوجدته في كتاب الله تعالى "
      فدل ذلك : على أنه لا يجب إلا ما في الكتاب ولا توجب السنة شيئاً .



      رد الشبهات :


      أما عن أحاديث العرض على كتاب الله فكلها ضعيفة لا يصح التمسك بها فمنها ما هو منقطع ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول . ومنها ما جمع بينهما .
      وقد بين ذلك بن حزم في الأحكام ج 2 ص 76-79 والسيوطي في مفتاح الجنة ص 6 و 14-19 نقلاً عن البيهقي -: بالتفصيل .
      وقال الشافعي في الرسالة ص 225 " وما روى هذا أحد يثبت حدثيه في شيء صغر أو كبر فيقال لنا قد أثبتم حديث ما روى هذا ، في شيء وهذه أيضاً رواية منقطعة عن رجل مجهول : ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء " أهـ .
      وقال ابن عبد البر في جامعه ج2 ص 191 " قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث "
      ثم قال" وهذه الألفاظ لا تصح عنه r عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك ، قالوا فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفاً لكتاب الله لأنا لم نجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث رسول الله r إلا ما وافق كتاب الله .
      بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به والأمر بطاعته ويحذر المخالفة عن أمره جمله على كل حال " أهـ . فقد رجع على نفسه بالبطلان .
      ثم إنه ورد في بعض طرقه عن أبي هريرة مرفوعاً أنه r قال " إنه سيأتيكم عني أحاديث مختلفة فما أتاكم موافقاً لكتاب الله وسنتي فهو مني وما أتاكم مخالفاً لكتاب الله وسنتي فليس مني "
      وهذه الرواية – وإن كانت ضعيفة أيضاًً – ليست أضعف من غيرها وهي كما ترى لنا لا علينا .
      ومما يدل على أن الخبر موضوع أنه صح عنه r أنه قال " لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه "
      قال الشافعي في الرسالة بعد أن روى هذا الحديث " فقد ضيق رسول الله على الناس أن يردوا أمره بفرض الله عليهم إتباع أمره "

      وعلى تسليم صحة خبر العرض : فلا نعتقد أن أحداًً من المسلمين يذهب إلى أن معنى الحديث " أن ما يصدر عن رسول الله نوعين : ما يوافق الكتاب وهذا يعمل به وما يخالفه وهذا يرد " ألا ترى قوله في الرواية المذكورة "فهو عني " بالنسبة للأول وقوله " فليس عني " بالنسبة للثاني ، وقوله في بعض الروايات التي رواها ابن حزم : " وما لرسول الله r حتى يقول ما لا يوافق القرآن وبالقرآن هداه الله ؟! " ؟
      وكيف يكون هذا معنى الحديث ورسول الله r معصوم بالاتفاق عن أن يصدر عنه ما يخالف القرآن ، وهو أبلغ الناس حفظاً وأعظمهم لآياته تدبراً وأكثرهم لها ذكراً ؟ وقد قال تعالى " قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي أن أتبع إلا ما يوحى إلي " فكل مسلم يعتقد أن كل ما يصدر عنه r لا يخالف القرآن .
      قال الشافعي رضي الله عنه في جماع العلك ص 118 " إن الله عز وجل وضع نبيه r من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه فالفرض على خلقه أن يكونوا عاملين بأنه لا يقول فيما أنزل الله عليه إلا بما أنزل عليه وانه لا يخاف كتاب الله وأنه بين عن الله عز وجل معنى ما أراد الله " ثم قال في ص 124 " ولا تكون سنة أبداً تخالف القرآن والله تعلى الموفق " أهـ .
      فمعنى الحديث إن صح " إذا روي لكم حديث فاشتبه عليكم وجه الحق فيه فاعرضوه على كتاب الله فإذا خالف فردوه فإنه ليس من مقولي "

      ثم إنه لم يلزم من عدم مخالفة ما يصدر عنه r للكتاب ، بطلان حجية السنة ، وأن لا يبين حكماً قد أجمله القرآن ، وأن لا يبين تخصيص عام ، أو تقييد مطلق ؟، أو انتهاء حكم ونسخه ، وأن لا يوضح مشكلاً فيه . ( كما فهمه صاحب الشبهة ) فإن هذا البيان موافق تمام الموافقة لمراد الله تعالى وإذا نظرنا لظاهر لفظ الكتاب – فلو سلمنا أنه غير موافق وغير محتمل له فهو غير مخالف له والنبي r إنما أمر برد المخالف ولا يلزم من ذلك : رد ما ليس بموافق ولا بمخالف .
      ويدلك على هذا رواية أخرى لحديث العرض على الكتاب رواها ابن حزم أن رسول الله r قال " الحديث عني على ثلاث فأيما حديث بلغكم عني تعرفونه بكتاب الله تعالى فاقبلوه ، وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن ما تنكرونه به ولا تعرفون موضعه فيه فاقبلوه ، وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن ما تنكرونه به ولا تعرفون موضعه فيه فاقبلوه ، وأيما حديث بلغكم عني تقشعر منه جلودكم وتشمئز منه قلوبكم وتجدون في القرآن خلافه فردوه "
      فأنت تراه قد جعل ما لم يوافق ولم يخالف : واجب مقبول وهذه الرواية – وإن كانت ضعيفة – فهي من نوع ما يحتج به صاحب الشبهة .
      وعلى ذلك فلا دلالة في هذه الروايات على بطلان الاستدلال بالسنة على حم : لم يتعرض له القرآن ، ودلت عليه مستقلة فإنه حكم لم يخالف القرآن حيث إنه قد سكت عنه .
      بل نقول إن القرآن قد تعرض له على وجه الموافقة إجمالاً حيث قال " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " . وعم ذلك ولم يخصصه بكونه موافقاً للقرآن إجمالاً وتفصيلاً ومن كل وجه .
      على أن النبي r قد يفهم من القرآن ما لا يفهمه غيره فنظنه نحن ليس فيه وهو فيه .
      ألا ترى انه لما سئل عن الحمر قال " ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره "" ؟
      فانظر يا من تريد : أن تستقل باستنباط الأحكام من القرآن بدون اعتماد على السنة أيستطيع عقلك أن يستنبط هذا الحكم من هذه الآية ؟
      قال بن مسعود رضي الله عنه : " ما من شيء إلا بين لنا في القرآن ولكن فهمنا يقصر عن إدراكه فلذلك قال تعالى " لتبين للناس ما نزل إليهم "
      فانظر هذا من ابن مسعود أحد أجلاء الصحابة وأقدمهم إسلاماً .

      وأما حديث العرض على ما يعرفه الناس فرواياته أيضاً ضعيفة منقطعة كما قال البيهقي وابن حزم وغيرهما فضلاً عما فيه من نسبة الكذب إليه rحيث يقول " ما أتاكم من خبر فهو عني قلته أو لم أقله "
      قال البيهقي في المدخل : " وأمثل إسناد روي في هذا المعنى رواية ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو أبي أسيد قال : قال رسول الله r " إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه "
      وروى بكير عن عبد الملك بن سعيد عن ابن عباس بن سهل عن أبي قال إذا بلغكم عن رسول الله r ما يعرف وتلين له الجلود فقد يقول النبي r الخير ولا يقول إلا الخير "
      قال البخاري وهذا أصح يعني أصح رواية من رواة عن أبي حمدي أو أبي أسيد "
      " وقد رواه ابن لهيعة عن بكير بان الأشجع عن عبد الملك بن سعيد عن القاسم بن سهيل عن أبي بن كعب فال ذلك بمعناه ، فصار الحديث المسند معلولاً "
      " وعلى الأحوال كلها :حديث رسول الله r الثابت عنه : قريب من العقول موافق للأصول ر ينكره عقل من عقل عن الله : الموضع الذي وضع به رسول الله r من دينه وما افترض على الناس من طاعته ولا ينفر منه قلب من أعتقد تصديقه فيما قال وأتباعه فيما حكم به وكما هو جميل حسن من حيث الشرع جميل في الأخلاق حسن عند أولى الألباب "
      " هذا هو : المراد بما عسى يصح ، من ألفاظ هذه الأخبار " انتهى كلام البيهقي .
      فكل ما يصدر عن رسول الله r فهو حسن وجميل معروف عند العقل السليم . وقد يقصر عقلنا عن إدراك حسنه وجماله فلا يكون ذلك سبباً في إبطال صدوره عنه أو حجيته بل إذا رواة لنا الثقات : وجب علينا قبوله وحسن الظن به والعمل بمقتضاه واتهام عقولنا .
      قال ابن عبد البر كان أبو إسحاق إبراهيم بن سيار قال : " بلغني وأنا أحدث : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إختناث فم القربة والشرب منه فكنت أقول إن لهذا الحديث لشأناً وما في الشرب من فم القربة حتى يجيء فيه هذا النهي ؟ فلما قيل لي : إن رجلاً شرب من فم القربة فوكعته حية فمات ، وإن الحياة والأفاعي تدخل في أفواه القرب . – علمت : أن كل شيء لا أعلم تأويله من الحديث أن له مذهباً وإن جهلته "
      وروى ابن عبد البر عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن سعد بن معاذ أنه قال" ثلاث أنا فيهن رجلاً كما ينبغي وما سوى ذلك فأنا رجل من سائر الناس - : ما سمعت من رسول الله r حديثاً قط إلا علمت أنه حق من الله ، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ، ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى انصرف عنها " قال سعيد : " هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي " .
      وأما حديث الطاووس فهو منقطع في كلتا رواياته كما قال الشافعي والبيهقي وابن حزم وقد رواه من غير طريق طاوس .
      ولو فرضنا صحته فليس في الرواية الأولى دلالة على عدم حجية السنة ولا على أنه r لا يأتي إلا بما في الكتاب من تحليل أو تحريم .
      فإنه ليس المراد من الكتاب القرآن بل المراد به – كما قال البيهقي – ما أوحي إليه ، ثم ما أحوي إليه نوعان : احدهما وحي يتلى والآخر وحي لا يتلى .
      والذي حملنا على هذا التأويل والتجوز نحو قوله r " لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته " الحديث . وقد تقدم : فإنه يدل على أن الرسول يحل أو يحرم ما ليس في الكتاب .
      وقد ورد في السنة استعمال الكتاب في عموم ما أنزل عليه فقد روي في الأم : " أن رسول الله r قال : لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما إن الغنم والخادم رد عليك وإن امرأته ترجم إذا اعترفت " وجلد ابن الرجل مائة وغربه عاماً .
      فأنت ترى انه جعل حكم الرجم والتغريب في كتاب الله فدل ذلك على أنه أراد به : ما انزل مطلقاً .

      ويمكن أن يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ . كما قال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى " ما فرطنا في الكتاب من شيء "
      ولو سلمنا أن المراد من الكتاب القرآن فما أحله رسول الله r أو حرمه ولم ينص القرآن عليه فهو حلال أو حرام في القرآن بقوله تعالى "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وقد تقدم ذلك في الشبهة الأولى .

      وأما الرواية الثانية : فليس معنى قوله " لا يمسكن الناس علي بشيء " : تحريم التمسك بشيء مما يصدر منه والمنع من الاحتجاج به .
      وإنما معناه لا يتمسكن الناس علي بشيء من الأشياء الذي خصني الله بها ، وجعل حكمي فيها مخالفاً لحكمهم ، ولا يعترض علي معترض فيقول لم يفعل رسول الله r كذا ويحرمه علينا ؟ ولم يمنع نفسه من كذا ويبيحه لنا ؟ أو لا يقس أحد نفسه علي في شيء من ذلك ، فإني لم أحل لي أولهم ، أو أحرم علي أو عليهم شيئاً من نفسي ولم أفرق بيني وبينهم وإنما الحاكم في ذلك كله هو الله تعالى ، فهو الذي سوى بيني وبينهم في بعض الأحكام وهو الذي فرق بيني وبينها في بعضها الآخر .
      قال الشافعي في جماع العلم ص 113 – 115 بعد أن روى حديث طاوس : هذا منقطع ونحن نعرف فقه طاوس ولو ثبت عن رسول الله r فبين فيه أنه على ما وصفت إن شاء الله تعالى قال : لا يمسكن الناس علي بشيء ولم يقل لا تمسكوا عني بل قد أمر أن يمسك عنه وأمر الله عز وجل بذلك "
      " أخبرنا ابن عيينة عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أن رسول الله r قال : " لا أعرفن ما جاء أحدكم الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه – وهو متكئ على أريكته فيقول ما ندري هذا ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " وقد أمرنا بإتباع ما أمرنا به واجتناب ما نهى عنه وفرض الله ذلك في كتابه على خليقته وما في أيدي الناس من هذا : إلا ما تمسكوا به عن الله تبارك وتعالى ثم عن رسوله r ثم عن دلالته "
      " ولكن قوله – إن كان قاله – " لا يمسكن الناس علي بشيء " يدل على أن رسول الله r إذ كان بموضع القدوة فقد كان له خواص أبيح له فيها ما لم يبح للناس وحرم عليه منها ما لم يحرم على الناس فقال : لا يمسكن الناس علي بشيء من الذي لي أو علي دونهم فإن كان علي أو لي دونهم لا يمسكن بشيء " أهـ .

      وأما خبر السؤال عن الوضوء من القيء : فلم تنظره أعيننا إلا في ( مجلة المنار ) س 9 ع 7 ص 515 في مقال الدكتور صدقي ولم يبين لنا سنده ولا الكتاب الذي نقل منها ولعله من وضع العصر الحديث .
      وعلى فرض صحته فقد علمت جوابه من الكلام على حديث طاوس في الرواية الأولى .
      وأما قول الدكتور " فهذا الحديث – صح أم لم يصح – فالعقل يشهد له ويوافق عليه وكان يجب أن يكون مبدأ للمسلمين لا يحيدون عنه " ففي غاية السقوط بعد ما تبين من الحجج ودفع الشبهة .
      وعقول المسلمين وهي سليمة والحمد لله توجب الأخذ بما جاء به الرسول r حيث إنه سفير ورسول بين الله وبين خلقه وإن لم يكن قد جاء في كتاب .
      كما أنا رعية الملك يلزمهم الأخذ بقول رسوله – بعد أن تثبت رسالته – وإن لم يأت لهم بكتاب – بما يقول – من الملك .
      وهذا أمر متقرر في بداهة العقول ولعل العقل الذي وافقه ظاهر خبر القيء هو عقل الدكتور فقط .
      وأما عقول المسلمين فنظيفة من خبر القيء ولم تتلوث به .
      هدانا الله لما فيه الخير والرشاد.



      العلامة الدكتور / عبد الغني عبد الخالق
      كتاب حجية السنة
      دار الوفاء



      الرد على شبهة إِنكـَـار الجِــنِّ
      للشيخ مصطفى الوراق إبراهيم
      مدرس بالمعهد الثانوي الأزهري

      من شطحات التفسير الموضوعي للقرآن .

      إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله. صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
      وبعد فإن هناك شطحات أشد غرابة في التفسير الموضوعي للقرآن أوضحها فيما يلي:
      عندما تعرض الدكتور لتفسير سورة الجن اصطدم إنكاره بآيات هذه السورة التي كشفت بوضوح تام عن موقف الجن من الإِسلام ويتلخص ذلك الموقف فيما يلي:
      1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه بما كان من أمر الجن عندما استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن.
      2- استماع النفر من (الجن) للقرآن.
      3- إيـمانهم بوحـدانية الله وتبرؤهم من الشـرك الذي كانوا عليه من قبل وإذعانهم برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
      4- انطلاقهم إلى قومهم دعاة منذرين.
      إذن فالأمر هنا ليس قاصراً على ورود كلمة (الجن) ولو كان الأمر كذلك لكان من اليسـير على الدكتور أن يصرفها عن معناها الحقيقي إلى شيء من المعاني المبتكرة التي ادعاها لكلمة الجن ولكن الأمر هنا ليس سهلاً فكيف يصنع الدكتور ليوفق بين إنكاره للجن وهذه السورة التي سميت بهم وتكلمت عن عالمهم بكل هذا الوضوح؟ لابد إذن من تفكـير وتدبير لكي يصل الدكتور إلى مخرج- وأعمل فكره ثم أعمل خياله وبدا له أنه وجد الإِنقاذ في فكرة عَنَّت له فسرعان ما أبرزها بل واعتبرها نظرية لم يسبق إليها وكأني به قبل أن يصل إلى إبراز نظريتـه يتسـاءل لماذا لا يفترض أن الجنَّ قسـمان جن (أصلي) وجن (ملحق به) أو سمه مجازياً أو مزيفاً.. ولندع الدكتور يوضح لنا قصة الجن في نظره.
      * . سقط من المقالة الأولى الآتي: (ثم نسأل الدكتور إلام كان يهدف نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من رسم هذه الخريطة المزعومة؟ فيجيبنا ليستعين بها على غزو سبأ الذي عزم عليه. وإذا كان هذا صحيحاً فلم طلب من (مهندسيه) أن ينكروا لملكة سبأ عرشها أي يغيروا من معالم الخريطة على زعم الدكتور. قال الله تعالى: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ} (النمل: 41).)
      تم يأتي بعد هذه الأسطر القول (ونلاحظ هنا أنه يخاطب ص 316 العدد 53.)
      ولقد سقطت أيضاً كلمة (لا يعدو) في السطر قبل الأخير فجاءت العبارة هكذا "ولا يكون عناء الخ" وصحتها "لا يعدو أن يكون عناء الخ" فمعذرة.)
      إذن فالأمر هنا ليس قاصراً على ورود كلمة (الجن) ولو كان الأمر كذلك لكان من اليسـير على الدكتور أن يصرفها عن معناها الحقيقي إلى شيء من المعاني المبتكرة التي ادعاها لكلمة الجن ولكن الأمر هنا ليس سهلاً فكيف يصنع الدكتور ليوفق بين إنكاره للجن وهذه السورة التي سميت بهم وتكلمت عن عالمهم بكل هذا الوضوح؟ لابد إذن من تفكـير وتدبير لكي يصل الدكتور إلى مخرج- وأعمل فكره ثم أعمل خياله وبدا له أنه وجد الإِنقاذ في فكرة عَنَّت له فسرعان ما أبرزها بل واعتبرها نظرية لم يسبق إليها وكأنى به قبل أن يصل إلى إبراز نظريتـه يتسـاءل لماذا لا يفترض أن الجنَّ قسـمان جن (أصلي) وجن (ملحق به) أو سمه مجازياً أو مزيفاً.. ولندع الدكتور يوضح لنا قصة الجن في نظره.
      يقول: " الجن موجـود قطعـاً وهم قوى مخلوقـة من نار صافية ولذا كانوا قوى روحية. وعـالم الجن قائم إلى يوم البعث لا مريـة فيه" لقد ظننت عندما قرأت هذين السطرين أن الـدكتـور رجـع من الإنكـار إلى الإقرار ولكن سرعان ما تبدد هذا الظن عندما قرأت السطر الثالث وما تلاه. قال الدكتور:" أما موجوداته الأصلية فهي طبائع الملائكة وهي العناصر الخيرة، وطبيعة إبليس كذلك وهو العنصر الشرير" إذن فهذا هو عالم (الجن) الأصلي وليس هناك عالم ناري عاقل سوى ما ذكر الدكتور!! وما هو الجن (الملحق) أو المزيف- كما ينبغي أن يوصف؟ فيجيبنا الدكتور: "ويدخل في عالم الجن- ملحقاً بطبائعه الأصلية مَنْ يتخفى مِن عالم الإِنسان في إيمانه وكفره وفى خيره وشره باعتبار أن هذا الذي يتخفىَّ غير ظاهر وغير مرئي وذلك كشياطين الجن. فإنهم من الإِنسان، يخفون شرهم وكيدهم لدين الله وللمؤمنين به، وصدهم عن سبيل الله. وجـاء في قول الله تعـالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ} أي الشيطان وهو إبليس {هُوَ وَقَبِيلُهُ} أي هو وأعوانه من الشياطين {مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} لأن إبليس بحكم طبيعته من عالم الجن، وأعوانه بحكم تخفيهم في الشر ألحقوا بهذا العالم وأصبحوا شياطين الجن. ومثل هذا الفريق الشرير من الناس في إلحاقه بعالم الجن لتخفيه في الكفر والإِيذاء والإغراء، فريق آخر من الناس أيضاً تخفى في إيمانه ولم يظهر في تعرفه على الهداية وفى تبشيره بالدَعوة لدين الله هو هذا الفريق الذي أعلن عنه الوحي في سورة الجن في قول الله تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} أي من العالم غير المرئي. ولكن ليس من القوى النّارية {يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} انتهى كلام الدكتور في صفحتي 8 و9 تفسـير سورة الجن طبعة دار الفكر.
      ومن الواضح أن الدكتور يزعم بأن الذين نزلت فيهم (سورة الجن) وآية الأحقاف ليس المراد بهم (الجن) الحقيقيين أي المخلوقات العاقلة النارية التي تختلف عن الملائكة كما تختلف عن الإنس بل المراد بهم جماعة من البشر الذي يخفى إيمانه (ولم يظهر في تعرفه على الهداية وفي تبشيره لدين الله) تفسير سورة الجن ص 9.
      ويرجح الدكتور أن هذا النفر الذي أنزلت فيه سورة الجن وآية الأحقاف كان من أهل يثرب ثم يتحدث عن ثلاث قضايا أنها أدلة على أن المراد بالجن البشر. القضية الأولى: إيمان هذا الفريق بوحدة الله في الألوهية. القضية الثانية: حكم هذا الفريق على القرآن بعدما سمعوا منه بعض آياته بأنه كتاب مصدق لما بين يديه من التوراة. القضية الثالثة: دعوة هذا الفريق إلى الإِسلام بين قومه. وهذه القضايا الثلاث تختص- في رأي الدكتور- برسالة البشر فالبشر وحدهم المكلفون باتباع رسالة الله، راجع ص 10 من تفسيره المذكور. ولن أطيل في مناقشة هذه القضايا ولا النتيجة التي وصل إليها الدكتور وذلك لأنها لا تعدو أن تكون مقدمات أو قضايا لا يحكم ارتباطها بما وصل إليه من نتيجة إلا مجرد الوهم والإِدعاء والنتيجة وهي (اختصاص البشر وحدهم بالتكليف) لا دليل عليها بل الدليل يقوم على تأييد أن الرسالة والتكليف للإنس والجن. وما نحسب أن أحداً من أهل العلم الذين يعتد بهم يؤيد ما ذهب إليه الدكتور ويكفي- في رد هذا الإختصاص سواء قال به الدكتور أو غيره- قول الله جل وعلا:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}.
      ولنعد إلى نظرية الدكتور عن نوعي الجن الأصلي والملحق فنقول: إن الدكتور يخلط خلطاً عجيباًَ بين الملك والجني فيدعى بأنهما عنصر واحد خلق من مادة واحدة وله طبيعة واحدة فالملائكة هم الجن والجن هم الملائكة وهذا هو الجن الأصلي أما الملحق أو الذي يسمى (تبعاً) بالجن فهم البشر المتخفون. وقد سبق أن أوردت في المقالة الأولى أن حديث رسـول الله صلى الله عليه وسلم حدَّد أن الأصل لخلق الجن هو (النار) وأن الأصل لخلق الملائكة هو (النور) وبناء على مفهوم هذا الحديث الواضح فإن الجن والملائكة نوعان مختلفان وعالمان متمايزان وكلام الدكتور حول اتحاد جوهر النار والنور لا يقدح في كونهما عالمين ذلك لأن الخلق لنوعين أو أكثر من جوهر واحد أو عنصر متحد ليس مثيراًَ للإستغراب مادام الخلق بقدرة الخالق الباريء المصوِّر سبحانه وتعالى. ولعلنا نستأنس ببيتي الشاعر:
      سـبـحـان الـذي خـلـق
      مـن نـطـفـة ومـن عـلـق
      سـبـحـانــه مــصـوراً
      مـن حـمـاة الـطـين (الحـدق)
      فـما أبعد ما بين كدر الطين وصفاء العين ولكنها قدرة الله الذي قال في كتابه {هَذَا خَلْقُ الله فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} (لقمان: 11).
      الجـن عـالم والملائكـة عـالم آخـر:
      ومـا كنت أحسب أنني في حاجـة إلى التفريق بين الجن والملائكة لأن هذا الأمر لا يشك فيه أحد ولكنَّ دعاوى الدكتور محمد البهي جعلت الحاجة ماسة للاستدلال في كتاب الله سبحانه ومن السنة النبوية على اختلاف عالمي الجن والملائكة، وسأورد الآيات والأحاديث التي تفصل وتبين أن لكل عالم من العالمين المتمايزين صفات تناقض صفات الآخر مناقضة تامة وليس هناك سمة مشتركة ولا طبيعة متحدة بين العالمين عالم الملائكة وعالم الجن الذي منه الشياطين وأعوذ بالله منهم وإلى قارئ هذا المقال أولاً الآيات التي جاء فيها وصف الملائكة وتليها الأحاديث ولا أشك في أن القارئ يعرف هذه الأدلة فلتكن له من باب التذكير.
      قال الله تعالى مخبراً عن لزوم الملائكة لطاعته:{ لا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6). وقال سبحانه: { بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء:26 ، 27) فهل عالم الجن بما فيهم الشياطين تنطبق عليهم هذه الصفة؟!
      يقول الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في كتابه (عقيدة المؤمن) :"إن الملائكة منزهون عن الأغراض البشرية كالجوع والمرض والأكل والنوم والتعب وما إلى ذلك فقد جاء في القرآن ما يدل على ذلك بدلالة الإلتـزام إذ أخبر الله تعالى عنهم بأنهم {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}(الأنبياء: 20) ولازم ذلك أنهم لا ينامون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتعبون " [1] .
      فهل يرى الدكتور شبهاً بين الملائكة الذين يسبحون الله ليلاً ونهاراً وبين الجن ومنهم الشياطين قبيل إبليس ؟!
      والملائكة منهم حملة العرش المسبحون بحمد ربهم المستغفرون للمؤمنين قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (غافر: 7) فهل يحمل الجن العرش، ويسبحون الله ويحبون التائبين عن المعاصي ويستغفرون لهم؟! فهل يرى الدكتور في الشياطين أحباباًَ للمؤمنين؟!
      والملائكة يلعنون الكافرين الذين ماتوا بكفرهم.. يقول الشيخ الجزائري في عقيدة المؤمن: "وإنهم ليلعنون من لعنه ربهم سبحانه وتعالى كما قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } (البقرة: 161) (عقيدة المؤمن 201) فهل ترى لهذه الصفة مكاناً بين الشياطين؟!
      والملائكة تقاتل مع المؤمنين في سبيل الله. يقول الشيخ عمر سليمان الأشقر في كتابه (عالم الملائكة الأبرار) صفحة 62 "وقد أمدَّ الله المؤمنين بأعداد كثيرة من الملائكة في معركة بدر{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}(الأنفال: 9) {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ, إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ, بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ}(آل عمران: 123-125) ويقول الأشقر في صفحة 63 "وقد حاربت الملائكة في مواقع أخرى ففي غزوة الخندق أرسل الله ملائكته{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا}(الأحزاب: 9) والمعنى بالجنود التي لم يروها الملائكة كما ثبت في الصحاح وفي غيرها أن جبريل جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد رجوع الأحزاب وعلى ثنايا جبريل النقع (الغبار) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يغتسل فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: "أوضعتم سلاحكم فإنا لم نضع سلاحنا بعد" فقال:" إلى أين؟ " فأشار إلى بني قريظـة" فهل يمكن أن تتصف الجن والشياطين بما تقدم من جهاد وتثبيت للمؤمنين في حربهم مع الكافرين؟! وإذا كانت الملائكة تتنزل على المرسلين فإن الشياطين تتنزل على كل أفاك أثيم.
      وبعد هذا نذكر قليلاً من الأحاديث التي تكشف عن صفات الملائكة وأعمالهم وأخلاقهم وذلك لأن الأحاديث في هذا الباب كثيرة فإلى القارئ بعضها.
      1- يقول الأشقر في كتابه (عالم الملائكة الأبرار) :"وكل الله بكل إنسان قريناً من الملائكة وقريناً من الجن ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة". قالوا:"وإياك يا رسول الله ". قال:" وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخـير" ولعـل هذا القرين من الملائكة غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله قيضه الله ليهديه ويرشده. وقرين الإنسان من الملائكة وقرينه من الجن يتعاوران الإنسان - هذا يأمره بالشر ويرغبه فيه وذاك يحثه على الخير ويرغبه فيه فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجـد من ذلـك شيئاً فليعلم أنـه من الله ومن وجـد الأخرى فليتعـوذ بالله من الشيطان الرجيم" ثم قرأ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَالله يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 268).
      فهل يمكن أن يختلط أمر الملائكة بالشياطين بعد هذا الكلام المبين ؟!
      وهل يمكن أن يكون الإيعاد بالشر ثم الإيعاد بالخير فعل مخلوق واحد أو صفة مخلوقات من عنصر واحد ونوع واحد أم هما عنصران ونوعان.
      و الملائكة يُحبون المؤمنين يقول الشيخ أبو بكر الجزائري في صفحة 201 من عقيدة المؤمن: "إن الملائكة تحب حباً يليق بحالهم، وحسب ذواتهم فقد دل الدليل الشرعي على أنهم يحبون ففي الصحيحين "إن الله تعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل إن الله قد أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض" اللؤلـؤ والمرجان (3/ 205-206) والبخاري (9/ س 173-174) ومسلم (8/40-41).
      أما عالم الجن فهو (نوعان شياطين لا خير فيهم البتة وجن منهم الصالح ومنهم الفاسد فحالهم كحال الناس منهم البر والفاجر ومنهم المؤمن ومنهم الكافر بيد أن الشياطين أصله من الجن وذلك لأن إبليس كان من الجن لإخبار القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ … الآية} (الكهف: 50).
      ولمـا أبلس الشيطان وطرد من الرحمة الإلهية وانقطع عن الخير كلية كانت ذريته مثله بحكم الوراثة لا خير فيهم أصلاً فلا يعرفون إلا الشر ولا يدعون إلا إليه" عقيدة المؤمن ص 3 21.
      والشيطان ليس فرداً واحداً هو إبليس بل معه ذريته وقبيله من الشياطين وليس هناك مبرر على الإِطـلاق يسوغ للدكتور تأويل معنى (الذرية والقبيل) بما ذكره في ص 17 من تفسير سورة الجن (شياطين الجن وهم من البشر تخفُّـوا ويتخفون في مباشرة الشر للناس، والصد عن سبيل الله وهؤلاء شياطين الجن هم أعوان إبليس وقبيله وهو معهم يرون الناس والناس لا يرونهم {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} (الأعراف: 27) وشياطين الجن أشبه بالخلايا السرية التي تعمل تحت الأرض وفي الخفاء على تقويض الإِيمان بالله، والكيد للمؤمنين فهم من الناس ولكنهم متخفون في مباشرتهم للكيد والصد عن سبيل الله) وبهذا التأويل الذي يجنح للتحريف المقصود أوّل الدكتور قوله تعالى:{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} وإنما لجأ الدكتور لكل هذا (التخريف) بالخاء المعجمة ليدعم نظرية الجن الأصلي والجن الملحق لأن هذه النظرية الغريبة هي الأساس الموهوم الذي يبنى عليه دعوى إنكار الجن كعالم موجود ومقابل لعالم الملائكة والإنس.
      ولنمض في تمييز عالم الجن عن الملائكة والإنس بما وصفه به خالقه ومصوره سبحانه وتعالى وبما وصفه به الرسول الكريم في أحاديثه صلى الله عليه وسلم
      يقول الله سبحانه وتعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} فالآية نص على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة كما قال الدكتور في حديثه عن موجودات عالم الجن الأصلي ص 8 من تفسيره.
      ويقول الله سبحانه مخبراً عن الجن الذين استمعوا للقران من رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً, وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} فهل يصلح هذا الوصف (للملائكة)؟ هل منهم القاسطون الذين يكونون لجهنم حطباً؟ وهل تصلح آيات سورة الجن التي وصفت ما كان عليه عالم الجن قبل أن يسلموا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لعالم الملائكة؟ أو هل تصلح لأن تكون وصفاً لمن سماهم الدكتور بالملحقين بعالم الجن من (البشر) الأوس والخزرج كما ادعى؟ يقول سبحانه:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى الله شَطَطاً} ويقول عز وجل:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} ويقول:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} اللهم إنها ليست وصفاً لملائكة ولا لبشر. ولقد اتعب الدكتور نفسه في التحريف عندما تعرض لتأويلها وسنعرض بعض تأويله فيما يأتي بمشيئة الله سبحانه. ولكنني أسأل هل كان رجال من الإِنس (الأوس) يعوذون بجهنم؟! وهل كانوا يلمسون السماء ويقول الله في كتابه الكريم:{يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ...}(الأعراف: 27). ويقول سبحانه:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}(فاطر: 6). ويقول الله في كتابه مبيناً عداوة إبليس وذريته من الشياطين لبني آدم {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}(الكهف:50). فهل يفتن الملائكة الناس في دينهم؟ وهل يعادى الملائكة الناس؟ وهل يحذر الله المؤمنين من الملائكة و يأمرهم بعداوتهم؟ ولماذا ؟ اللهم ليس هذا من صفات الملائكة الذين يحبون المؤمنين ويستغفرون للتائبين.
      ولقـد بيَّن الله أن لكل إنسان قريناً وأوضح الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في أحاديثه قال تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِين} وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مريم: 83) وقال تعالى:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(الحجر: 39-40) وجاء بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر القرين وافياً شافياً وذلك في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم "ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن" قالوا:" وإياك يا رسول الله". قال:"وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بالخير" (مسلم: 8/139) فهل لهذا علاقة ما بملك من ملائكة الرحمن الذين لا يعصون الله ما أمرهم؟ وقد بينت الأحاديث أن من صفات الملائكة الحياء وأن من سماتهم أنهم يكرهون الروائح الخبيثة كرائحة البصل والثوم وغيرهما مما له رائحة كريهة ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن دخوله بيوت الله بمثل هذه الروائح التي يتأذى منها الملائكة كـما يتأذى منها بنـو آدم كما بينت الأحاديث أنهم لا يدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة أما الشياطين فيسكنون الأماكن القذرة ويعملون لإيذاء الإِنسان في نفسه ولإضلاله عن الطريق السوي يقول الشيخ أبو بكر الجزائري في كتابه عقيدة المؤمن: "الغاَلب في الجن والشياطين أنهم يسكنون الخرائب والحشوش والمزابل والقمائم لحديث أبى داود "إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث". والشياطين توسوس في صدور الناس بالشر وتغريهم بالمعاصي ولذا أمرنا الله سبحانه أن نستعيذ به من شرهم في سورتي الجن والناس فهل كل ما ذكر يمكن أن يكون له صلة بملائكة الرحمن يا دكتور.
      بعض الأمثلة لتفسير سورة الجن:
      يقول الدكتور في تفسير قوله تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ}أي أنصت إلى القرآن فريق من الغرباء أومن العالم غير المرئي وهو ما يطلق عليه اسم الجن{فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} أي قرآناً عظيماً {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} وهو طريق التوازن والإعتدال، وعدم الإِسراف والسفه {فَآمَنَّا بِهِ} فاستقر في نفوسنا الإيمان برسالته فيما جاء فيه من عقيدة ومن منهج للحياة{وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} ثم يقول الدكتور من الذي يعلن الإيمان بالله وعدم الشرك به غير الإِنسان المكلف بالرسالة الإِلهية؟ فالملك ليس مكلفاًَ والرسل لا تأتي بالرسالة لغير الناس وإذا كان هناك- على سبيل الإفتراض- غير الملك وغير الإنسان مكلف برسالة إلهية فرسلهم لابد أن تكون من نوعهم {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}(إبراهيم: 4) ولهذا كان الفريق الغريب المتخفي الذي قدم إلى مكة واستمع إلى القرآن وآمن به وأعلن أنه لا إله إلا الله هو فريق من الناس مكلف- ككل البشر- باتباع الرسالة الإلهية، والتي قوامها عبادة الله وحده {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25) وليس من طبيعة أخرى غير طبيعة الإِنسان ولكنها طبيعة متخفية فقط) تفسير سورة الجن 29-.3.
      وإنني أسأل الدكتور إذا كان المراد بهذا النفر من (الجن) بشراً ذا طبيعة متخفية فلماذا لم يرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهم بقربه يستمعون إليه؟ ولماذا أوحى إليه بأمرهم؟ وهل إرادة إخفاء (الإيمان) من شأنها أن تجعل جسم صاحبها يختفي فلا تراه العيون؟! ولماذا تجاوز الدكتور كلمة (أوحي) فلم يشر إلى المقصود منها؟ ويقول الدكتور في تفسير قوله تعالى{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} أي كما كنا نلمسها قبل نزول القرآن إدعاء {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} ولكن لم نستطع الإقتراب منها والقعود للتسمع كما كنا نفعل لأن أبوابها قد أوصدت وعليها حرس قوي بالإضافة إلى أن من يقترب منها يرمى بالشهاب وهو شعلة النار الساطعة. {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} أي وقبل ذلك- وهو قبل نزول القرآن ورسالة الرسول عليه السلام- كما كنا نتمكن من الإقتراب من السماء والقعود بجوارها منها وبذلك كما كنا نتمكن من السمع {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} ولكن الآن وبعـد أن نزل الوحي بالقرآن فمن يحاول الإقتراب من السماء والسماع لما يدور فيها لا يمكنه ذلك إذ ترقبه الشهب النارية وتنتظره فتصيبه حتماً لو اقترب. وهذا تعبير مجازي قصد منه الحيلولة وعدم التمكن من استراق السمع كما كان يدعي سابقاً" تفسير سورة الجن ص 37.
      تفسير ابن عباس لسورة الجن:
      أما حبر الأمة فيفسر قوله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} بما يؤكد وجود عالم الجن الذي أثبته خالقه وأجمعت الأمة علماؤها ومفسروها عوامها وخواصها سلفها وخلفها على الإِيمان بوجود الجن وبكل ما أخبر الله به عنهم في كتابه الكريم وليرجع من يريد الرجوع إلى تفسير ابن عباس وتفسير الطبري تفسير ابن كثير تفسير الزمخشري، تفسير القرطبي تفسير الجلالين أو تفسير النسفي أو الألوسي الخ التفاسير التي تعد مراجع للمفسرين بل وليرجع من شاء إلى التفاسير التي كتبها المعاصرون ليجد الإِجماع الكامل على الإيمان بما في كتاب الله من الأخبار عن الجن وليجد التصديق الجازم بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم. وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} بأن القصد أن يقول: قل لكفار مكة، يا محمد: أوحي إليّ أنزل إليّ جبريل فأخبرني{أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} تسعة نفر (من الجن) جن نصيبين باليمن {فَقَالُوا} بعد أن آمنوا ورجعوا إلى قومهم {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} تلاوة قرآن عجيب كريم شريف يشبـه كتاب موسى وكانوا أهل توراة{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} إلى الحق والصواب لا إله إلا الله… ثم يقول في تفسير قوله تعالى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ}يتعوذون {بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} بذلك {رَهَقاً} عظمة وتكبراً وفتنة وفساداًَ وذلك أنهم إذا سافروا سفراً واصطادوا صيداً من صيدهم أو نزلوا وادياً خافوا منهم فقالوا:"نعوذ بسيِّد هذا الوادي"من سفهاء قومه فيأمنون بذلك منهم فيزيد رؤساء الجن بذلك عظمة وتكبراً على سفلتهم والجن ثلاثة أجزاء جزء في الهواء وجـزء ينزلون ويصعدون حيثما يشاءون وجزء مثل الكلاب والحيات [2] . ثم يقول في تفسير قوله تعالى {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} انتهينا إلى السماء قبل أن آمنا {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً}من الملائكة {شَدِيداً} كثيراًَ {وَشُهُباً} نجماًَ مضيئاً يدحرهم عن الإستماع {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا} من السماء {مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} للإستماع قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ} بعد ما بعث محمد صلى الله عليه وسلم {يَجِدْ لَهُ شِهَاباً} نجماً مضيئاً {رَصَداً} من الملائكة يدحرونهم عن الإستماع) تفسـير ابن عباس سورة الجن... وكيف يكون التعبير في هذه الآية {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ...} مجازياًَ قصد منـه الحيلولـة وعدم التمكن من استراق السمع كما كان يدعي سابقاًَ؟ كيف يكـون كذلـك وهذا تفسير ابن عباس حبر الأمة ومن بعده المفسرون يقول إن استراق الشيـاطين للسمـع قبل الرسول صلى الله عليه وسلم كان حقاً واقعاً ويؤكد هذا حديث البخاري4/ 135 "إن الملائكـة تنزل في العنـان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمـع فتسمعـه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم" ومن غير الدكتور قال بهذا التفسير المنحرف؟!
      (تفسير القادياني للجـن):
      لقد سبق أن أوردنا كلام القرطبي عن إنكار الفلاسفة وبعض أهل الإعتزال للجن وهذه فئة المنكرين قديماً أما فئة المنكرين حديثاً فمنهم الفلاسفة الماديون وطائفة القاديِانية يقول محمد علي اللاهوري القادياني:"والمراد بالجن في قوله تعالى {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} طائفة من البشر اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في الخفاء وليس المراد به نفوس لا يقع عليها البصر وقد جاءوا من الخارج وكانوا أجانب وغرباء ولذا سموا جناً " بيان القرآن ج 3 ص 6711 (من كتاب القاديانية دراسة وتحليل للشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي مدير ندوة العلماء بالهند وعضو المجلس العلمي العربي بدمشق.
      وليس هذا الكلام في حاجة إلى تعليق ولكنني أزيده إيضاحاً ليعرف المسلمون مصادر الدكتور ومراجعه وليدركوا من أين يستقي؟ يقول من يسميه القاديانيون بمولاهم محمد علي اللاهوري:" في قوله تعالى{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}ليس محمولاً على الحقيقـة بل هو مبالغة في السرعة وقد كان بإذن العفريت والذي عنده علم من الكتاب مباراة فكان العفريت- وهو الرجل الذي يخوض في أمر بخبث وشده ويوصله إلى الكمال- ممثلاً للقوة البدنية وكان يحتاج إلى وقت أطول في إحضار هذا العرش، وكان صاحب العلم يستطيع أن يكمل مهمته في وقت قصير مع أنه لم يكن على جانب عظيم من القوة والمقصود ترجيح العلم على القوة" بيان القرآن ج 3 ص 416 ا-1417 عن كتاب القاديانية للشيخ أبي الحسن علي الحسن الندوي. وليرجع القاريء إلى تفسير الدكتور لسورة الجن ص 9 وإلى تفسيره لسورة النمل ص 19 وليوازن بين ما نقلناه من تفسير محمد علي اللاهوري وما كتبه الدكتور.

      (إنكار عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم تبعاً لإِنكار الجن):
      وإن من المؤسف حقاً أن يجحد الدكتور عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم الإِنس والجن، وأن يدافع بحرارة عن هذا الجحود وكأنه يدافع عن حق! يقول الدكتور:"وإذن بناء على جميع هذه الإفتراضات وهي:
      ا- أن عالم الجن مستقل خلق من نار كما خلقت الملائكة من نور وكما خلق الإنسان من طين.
      2- وأن الجنَّ اختبر في طاعته وفى عبادتـه لحظة أن اختبرت الملائكة، واختبر آدم وحواء، أو بعد هذه اللحظة أو قبلها فظهر: أنه في حاجة إلى هداية إلهية كـما اتضحت حاجة الإِنسان إليها.
      3- وأن الجن كلفوا باتباع رسالة من الله لهدايتهم، كما كلف بنو آدم باتباع رسالة الله يأتي بها رسل منهم. وإذن بناء على جميع هذه الإفتراضات فإنَّ الرسول الذي يحمل رسالة الله إليهم، هو منهم، وليس بغريب عن عالمهم أي ليست ملكاً ولا إنساناً، وبالتالي ليس هو محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام" ص 24-25 من تفسير سورة الجن.
      أرأيت ما يسميـه (بالإفتراضات)9 وإلى النتيجة التي بناهـا عليها على (فرض) صحتها؟! يقول الله سبحانه {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً فَآمَنَّا بِهِ} فيقول الدكتور لا ليس هذا موافقاً للمنطق اليوناني وبالتالي فلابد من تأويله ولابد من اعتبار كل خبر يؤكد تكليف الجن ويثبت وجودهم لابد من اعتباره مجرد افتراض! وهل يصح من مسلم أن يعتقد مثل هذا؟!
      أصل البلاء: وأصل البـلاء الذي تنطلق من ناحيته النكباء هو التفسير بالرأي، هو الإعتداد بالرأي مقابلاً للنصوص بل ومعارضاً لها. يقول ابن تيمية في كتابه (مقدمة في أصول التفسير):"أما تفسـير القرآن بمجرد الرأي فحرام حدثنا مؤمل حدثنا سفيان حدثنا عبد الأعلى عن سعيـد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" ص 105. ويقول في صفحة 158:"ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسـير ما لا علم لهم به كـما روى شعبة عن سليـمان عن عبد الله بن مرة عن أبي معمر قال: قال أبو بكر الصديق: "أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم ".
      ويقـول الـدكتور محمد حسين الذهبي: "وإذا أردنا أن نرجع الخطأ في التفسير بالرأي إلى دوافعه وأسبابه أمكننا أن نرد ذلك- في الغالب- إلى عاملين اثنين: العامل الأول أن يعتقد المفسر معنى من المعاني ثم يريـد أن يحمـل ألفاظ القرآن على ذلـك المعنى الذي يعتقده. العـامل الثاني أن يفسر القرآن بمجـرد ما يسـوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغـة العـرب وذلك بدون نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزل عليه، والمخاطب به" الإتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن دوافعها ودفعها ص 8 ا-19.
      وضرب الدكتور الذهبي للعامل الأول أمثلة نختار منها اثنين:
      1- تفسير ابن عربي للآية {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} يقول ما نصه:"واذكر ربك الذي هو أنت أي اعرف نفسك ولا تنسها فينسك الله" (تفسـير ابن عربي 16) (الإتجاهات ص 20).
      2- تفسـير بعض المعتزلة لقوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}(القيامة: 22-23) يقول (إلى) واحد الآلاء بمعنى النعم فيكون المعنى ناظرة نعمة ربها على التقديم والتأخير وذلك ليصرف الآية عن دلالتها على رؤية الله عز وجل في الآخرة.. (أمالي المرتضى ج 2 ص 28) (الإتجاهات ص ا 2). وهكذا فعل الدكتور ولسنا في حاجة إلى زيـادة التنبيه إلى خطر هذا الإتجـاه ويكفى ما تقدم في مناقشة شطحات التفسـير المـوضوعي ولكني اثبت هنا فتوى ابن تيميـة في عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم الإِنس والجن كـما أوردها عمر سليمان الأشقر في كتابه (عالم الجن والشياطين) يقول ابن تيمية (مجموع الفتاوى 19/ 9): "وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين أهل السنة والجماعة وغيرهم أجمعين" يدل على ذلك تحدى القرآن الجن والإِنس {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإِسراء: 88). ثم ذكـر النفر الذي استمع القرآن وآمن به ونزلت بشأنه سورة الجن وآية الأحقاف. وذكر رواية البخاري ومسلم لقصتهم. ص 44-45 من كتاب الأشقر. ولعـل القاريء يعلم بما تحكم به الشريعة في (إنكار الجن) ودونه فتاوى العلماء من أمثال النسفي في تفسير سورة الجن، وابن تيمية في الفتاوى والشيـخ أبو بكـر الجزائري في(عقيدة المؤمن) وغيرهم من العلماء ولعل القاريء يعلم أيضاً أن إنكار المغيبات هو الإتجاه الذي يدعمه ويعمل على نشره أعداء الإسلام في الماضي وفى الحاضر. يقول عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) بعد أن ذكر جملة من دعاوى الباطنية الباطلة في إبطال الشريعة (وقد قال القيرواني في رسالته إلى سليمان بن الحسن:" إني أوصيك بتشكيك الناس في القرآن والتوراة والزبور والإنجيل وبدعوتهم إلى إبطال الشرائع، وإلى إبطال المعـاد والنشور من القبور وإبطال الملائكة في السماء، وإبطال الجن في الأرض، وأوصيك بأن تدعوهم إلى القول بأنـه قد كان قبـل آدم بشر كثير فإن ذلك عون لك على القول بقدم العالم" ص 296. هذا في القديم وأما في الحديث فقد أوردت فيما سبق قول القاديانية في تفسـير مولاهم محمد علي اللاهوري. وإليك ما يورده الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان في كتابه (منظمة الايجـا محمد الأمريكية) يقول عن إيمان الإِيجا محمد بالملائكة: "فـإن الإيـمان بالملائكة لا يتفق ومبادئه الدينية والفلسفية ويزيد هذا المعنى تأكيداً دعواه أن الرسول محمـد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن مباشرة من الله" يقول الدكتور عبد الوهاب وفي هذا دلالة واضحة على إنكاره الإِيمان بوجود الملائكة التي تنزل بالوحي من عند الله. ص 72 من الكتاب.
      وهل هناك منزلق أشد إهلاكاً من هذا. وكل هذا أدى إليه الإعتداد بالرأي في التفسير.
      أسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين. وصلى الله على عبده ورسوله الكريم محمد وعلى آله وصحبه.
      من أسباب النصـر
      خرج الصديق رضي الله عنه يمشي مودعاً جيش يزيد بن أبى سفيان، وهو متوجه للفتح، وكان مما أوصاه به:

      - لا تكثرن الكلام فإن بعضه ينسى بعضاً، وأصلح نفسك يصلح الناس لك.
      - لا تجعل سرك مع علانيتك فيمزج عملك، وإذا استشرت فأصدق الخبر تُصدق لك المشورة، ولا تكتم المستشار فتُؤُتى من قبل نفسك.
      - إذا قدمت عليك رسل عدوك فأكرم منزلتهم، فإنه أول خيرك إليهم، وأقلل حبسهم حتى يخرجوا وهم جاهلون بما عندك، وامنع من قبلك من محادثتهم وكن أنت الذي تلي كلامهم.
      - إذا بلغك عن العدو عورة فاكتمها حتى تعانيها، واستر في عسكرك الأخبار، وأذْكِ حرسك وأكثر مفاجأتهم في ليلك ونهارك، واصدق اللقاء إذا لقيت، ولا تجبن فيجبن من سواك...


      --------------------------------------------------------------------------------
      * . سقط من المقالة الأولى الآتي: (ثم نسأل الدكتور إلام كان يهدف نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من رسم هذه الخريطة المزعومة؟ فيجيبنا ليستعين بها على غزو سبأ الذي عزم عليه. وإذا كان هذا صحيحاً فلم طلب من (مهندسيه) أن ينكروا لملكة سبأ عرشها أي يغيروا من معالم الخريطة على زعم الدكتور. قال الله تعالى: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ} (النمل: 41).)
      تم يأتي بعد هذه الأسطر القول (ونلاحظ هنا أنه يخاطب ص 316 العدد 53.)
      ولقد سقطت أيضاً كلمة (لا يعدو) في السطر قبل الأخير فجاءت العبارة هكذا "ولا يكون عناء الخ" وصحتها "لا يعدو أن يكون عناء الخ" فمعذرة.)
      [1]عقيدة المؤمن. ص هـ0 20
      [2]ثبت ذلك في حديث رواه الطبراني والحاكم والبيهقي بإسناد صحيح (صحيح الجامع 3/ 85).



























      تعليق


      • #5
        حركة القاديانيه


        يحكي القرآن عن إسراء النبي إلى المسجد الاقصى وقد بني بعد النبي عليه الصلاة و السلام بنحو مئة سنة ؟؟؟
        الرد على الشبهة :
        ما معنى كلمة مسجد ؟

        إن كلمة مسجد اسم مكان لمكان السجود ، والسجود جاء في كل الرسالات ، وهناك فرق بين الشيىء حينما يستعمل وصفاً اشتقاقياً ، وبين أن يستعمل علماً ، وهل كلمة مسجد بقيت علماً عندنا على المكان الخاص به ، إنما المسجد هو كل مكان يسجد فيه لله سبحانه وتعالى ، وهم اتخذوه أيضاً مسجداً لله ، بدليل قوله سبحانه وتعالى : (( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الراكعين )) [ آل عمران : 42 ] فكأن السجود موجود في كل الرسالات كلها ، وأيضاً يقص علينا سبحانه وتعالى قصة أهل الكهف فيقول : (( لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا )) الآية 21 . فكأن كلمة المسجد لم تأت ابتداء مع الاسلام ، إنما شاع استعمالها في هذه الاماكن مع الاسلام ، وإلا فكل مكان يسجد لله فيه يكون مسجداً ، ونجد أنه كان في اليهودية سجود مصداقا لقوله تبارك وتعالى لبني اسرائيل (( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا ))

        فعندما حدثت حادثة الإسراء لم يكن بهذا المكان بناء معروف بالمسجد الأقصى، وإنما كان المكان الموجود بين أسوار الحرم الشريف بالقدس مكانا مخصصاً لعبادة الله سبحانه وتعالى، ولم يكن مسجدا بالمعنى المفهوم حاليا، وإنما سمي بالمسجد لأنه مكان العبادة .

        وقد ظل مكان الهيكل فضاءً خالياً من أي بناء بقية عهد الرومان النصارى، وقد حدث الإسراء والمعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان المكان ما زال خالياً من أي بناء، إلا أنه محاط بسور فيه أبواب داخله ساحات واسعة هي المقصودة بالمسجد الأقصى في قوله ـ تعالى ـ: { سٍبًحّانّ الذٌي أّسًرّى بٌعّبًدٌهٌ لّيًلاْ مٌَنّ المّسًجٌدٌ الحّرّامٌ إلّى المّسًجٌدٌ الأّقًصّا الذٌي بّارّكًنّا حّوًلّهٍ لٌنٍرٌيّهٍ مٌنً آيّاتٌنّا إنَّهٍ هٍوّ السَّمٌيعٍ البّصٌيرٍ } [الإسراء: 1] .
        روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال : (( قلت: يا رسول الله: أي مسجد وُضع في الأرض أول؟ قال : "المسجد الحرام". قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم بينهما؟ قال : "أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد" )).
        ولهذا فتسمية ذلك المكان بالمسجد الأقصى في القرآن الكريم تسمية قرآنية اعتبر فيها ما كان عليه من قبل، لأن حكم المسجدية لا ينقطع عن أرض المسجد. فالتسمية باعتبار ما كان، وهي اشارة خفية إلى انه سيكون مسجداً بأكمل حقيقة المساجد المزعوم !




        الشبهة :
        كيف تدعون أيها المسلمون أن عيسى رفع إلى السماء ....
        وقرأنكم يقول أنه قتل ومات
        ألم يقل الله تعالى في القرآن ((إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(آل عمران : 55 )
        وهذه الآية في القرآن واضحة وبينة بأن عيسى لم يرفع إلى السماء بل قتل وتوفاه الله تعالى
        فكيف تدعون أيها المسلمون بأن عيسى لم يمت وربكم في كتابكم يقول ((إني متوفيك ))
        فعيسى ميت وليس بحي كما تدعون أيها المسلمون .....

        الرد على الشبهة :
        نقول وبالله التوفيق وهو المستعان
        قال الله تعالى :- (( إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )(آل عمران : 55 )
        ورد ثلاثة أقوال في معنى التوفي بالقرآن :-

        1// قول الجمهور ورجحه ابن كثير وهو أن المراد به توفي النوم ، فكلمة الوفاة كما تطلق على الموت تطلق على النوم أيضاً .
        - كقول الله ... " وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ "
        - وكقوله تعلى ... " اللَّه يَتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا وَاَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامهَا "
        - وكان رسول الله صلى الله عليك وسلم يقول إذا قام من النوم : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا ... " الْحَدِيث
        - وقوله تعالى ... " وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلهمْ عَلَى مَرْيَم بُهْتَانًا عَظِيمًا وَقَوْلهمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ - إلى قوله - وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّه عَزِيزًا حَكِيمًا وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْل مَوْته وَيَوْم الْقِيَامَة يَكُون عَلَيْهِمْ شَهِيدًا "
        ** والضمير في قوله قبل موته عائد على عيسى عليه السلام أَيْ وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى وَذَلِكَ حِين يَنْزِل إِلَى الْأَرْض قَبْل يَوْم الْقِيَامَة عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانه فَحِينَئِذٍ يُؤْمِن بِهِ أَهْل الْكِتَاب كُلّهمْ لِأَنَّهُ يَضَع الْجِزْيَة وَلَا يَقْبَل إِلَّا الْإِسْلَام.
        2// أن في الكلام تقديماً وتأخيراً والتقدير ( إني رافعك ومتوفيك ) أي بعد النزول .. .. .. وهذا القول منسوب إلى قتادة .
        3// أن المراد بالتوفي هو نفس الرفع ، والمعنى : ( إني قابضك من الأرض ومستوفيك ببدنك وروحك ) .. .. .. وهذا رأي ابن جرير .
        - قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى " إِنِّي مُتَوَفِّيك " يَعْنِي وَفَاة الْمَنَام رَفَعَهُ اللَّه فِي مَنَامه قَالَ الْحَسَن : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِ " إِنَّ عِيسَى لَمْ يَمُتْ وَإِنَّهُ رَاجِع إِلَيْكُمْ قَبْل يَوْم الْقِيَامَة "
        - وقوله تعالى ... " وَمُطَهِّرك مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا " أى برفعي إياك إلى السماء " وَجَاعِل الَّذِينَ اِتَّبَعُوك فَوْق الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " وهكذا وقع بالفعل .. .. .. فَإِنَّ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا رَفَعَهُ اللَّه إِلَى السَّمَاء تَفَرَّقَتْ أَصْحَابه شِيَعًا بَعْده فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِمَا بَعَثَهُ اللَّه بِهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْد اللَّه وَرَسُوله وَابْن أَمَته وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَا فِيهِ فَجَعَلَهُ اِبْن اللَّه وَآخَرُونَ قَالُوا هُوَ اللَّه وَآخَرُونَ قَالُوا هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة
        نقل الطبري في تفسيره الآتي بخصوص تفسير الآيه :-

        - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح أَنَّ كَعْب الْأَحْبَار , قَالَ : مَا كَانَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِيُمِيتَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم , إِنَّمَا بَعَثَهُ اللَّه دَاعِيًا وَمُبَشِّرًا يَدْعُو إِلَيْهِ وَحْده , فَلَمَّا رَأَى عِيسَى قِلَّة مَنْ اِتَّبَعَهُ وَكَثْرَة مَنْ كَذَّبَهُ , شَكَا ذَلِكَ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : { إِنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعك إِلَيَّ } وَلَيْسَ مَنْ رَفَعْته عِنْدِي مَيِّتًا , وَإِنِّي سَأَبْعَثُك عَلَى الْأَعْوَر الدَّجَّال , فَتَقْتُلهُ , ثُمَّ تَعِيش بَعْد ذَلِكَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَة , ثُمَّ أُمِيتك مِيتَة الْحَيّ . قَالَ كَعْب الْأَحْبَار : وَذَلِكَ يُصَدِّق حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ : " كَيْفَ تَهْلِك أُمَّة أَنَا فِي أَوَّلهَا , وَعِيسَى فِي آخِرهَا ؟ " .
        - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعك إِلَيَّ } قَالَ : مُتَوَفِّيك : قَابِضك , قَالَ : وَمُتَوَفِّيك وَرَافِعك وَاحِد . قَالَ : وَلَمْ يَمُتْ بَعْد حَتَّى يَقْتُل الدَّجَّال , وَسَيَمُوتُ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَيُكَلِّم النَّاس فِي الْمَهْد وَكَهْلًا } قَالَ : رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ قَبْل أَنْ يَكُون كَهْلًا , قَالَ : وَيَنْزِل كَهْلًا .

        ومن هذا كله يتبين أنه لاخلاف وكلهم اتفقوا على أنه رفع حياً
        وبعدما أسلفنا من تفاسير وأقوال يُرد عليه بها
        اقتباس:
        وهذه الآية في القرآن واضحة وبينة بأن عيسى لم يرفع إلى السماء بل قتل وتوفاه الله تعالى


        طبعاً هذا جهل مبين .. يُطلب منه الدليل على أنه قُتل وإلا يُخرس بهذه الأدلة
        نقول له الجاهل لايتكلم بمالايعلم وإلا أصبح موضع سخرية وجعل من نفسه أضحوكة يضحك منها الجميع
        فنٌسكِتَهٌ بالقليل الذي أوردناه وإلى المزيد بحول الله

        اقتباس:
        فكيف تدعون أيها المسلمون بأن عيسى لم يمت وربكم في كتابكم يقول ((إني متوفيك ))


        بعد إيراد ماسلف من الأدلة له ... وقال هذه القولة مرة أخرى نقول له هذا جهل مركب إذ أنه علم المعنى وأعرض عن لغلق العقول
        وبفضل الله وحوله تم الرد على معنى التوفي وسأورد إن شاء المولى عز وجل أوجه نفي الموت عن عيسى عليه السلام

        ذكر الإمام الشنقيطي فى كتابه دفع إيهام الاضطراب سورة آل عمران الجزء الاول صـ 16 التالى :-
        قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ} الآية, هذه الآية الكريمة يتوهم من ظاهرها وفاة عيسى عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام, وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على خلاف ذلك كقوله : {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ }, وقوله: { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية على ما فسرها به ابن عباس في إحدى الروايتين, وأبو مالك والحسن وقتادة وابن زيد وأبو هريرة, ودلّت على صدقه الأحاديث المتواترة, واختاره ابن جرير, وجزم ابن كثير أنه الحق من أن قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ} أي موت عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
        والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
        الأول: أنّ قوله تعالى : {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت, ولا يدل على كونه قد مضى, وهو مُتَوَفّيه قطعاً يوماً ما, ولكن لا دليل على أنّ ذلك اليوم قد مضى, وأما عطفه {وَرَافِعُكَ إِلَيّ} على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل عليه لإطباق جمهور اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع, وإنما تقتضي مطلق التشريك, وقد ادّعى السيرافي والسهيلي إجماع النحاة على ذلك, وعزاه الأكثر للمحققين, وهو الحق, خلافا لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمر والزاهد وهشام والشافعي من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه, وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء وقال : لم أجده في كتابه .
        وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي, حكاه عنه صاحب (الضياء اللامع) وقوله صلى الله عليه وسلم: "أبدأ بما بدأ الله به" يعني الصفا, لا دليل عليه على اقتضائها الترتيب, وبيان ذلك هو ما قاله الفهري كما ذكر عنه صاحب الضياء اللامع وهو أنها كما أنها لا تقتضي الترتيب ولا المعية, فكذلك لا تقتضي المنع منهما فقد يكون العطف بها مع قصد الاهتمام بالأول كقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية بدليل الحديث المتقدم.
        وقد يكون المعطوف بها مرتبا كقول حسان: ( هجوت محمد وأجبت عنه ) على رواية الواو, وقد يراد بها المعية كقوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ}, وقوله: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}, ولكن لا تحمل على الترتيب ولا على المعية إلا بدليل منفصل .
        بمعنى أنها لايُفهم منها أنه توفاه ثم رفعه ميتاً لأنه إن قيل أنها للمعية أو للترتيب يجب أن يأتي عليها دليل منفصل وقرينة تدل على هذا ... وإلا فقد توافقت معه كل الأدلة والنصوص على أنه رفعه ولم يمت
        الوجه الثاني: أنّ معنى {مُتَوَفِّيكَ} أي منيمك ورافعك إليّ أي في تلك النومة, وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}, وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}, وعزا ابن كثير هذا القول للأكثرين, واستدل بالآيتين المذكورتين وقوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا.." الحديث .
        هذا كما أسلفنا بما سبق فى المشاركة الأولى من الرد
        الوجه الثالث: أنّ {مُتَوَفِّيكَ} اسم فاعل توفاه إذا قبضه وحازه إليه ومنه قولهم: "توفّى فلان دينه" إذا قبضه إليه.. فيكون معنى {مُتَوَفِّيكَ} على هذا قابضك منهم إلي حيا, وهذا القول هو اختيار بن جرير. وأما الجمع بأنه توفّاه ساعات أو أياما ثم أحياه فالظاهر أنه من الإسرائليات, وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تصديقها وتكذيبها .
        ___________
        وهذه الأوجه الثلاثة إجمالاً لما تم تفصيله أعلاه بالمشاركات السابقة
        قال شيخ الإسلام ابن تيميه في مجموع الفتاوى ( 4/322- 323) :


        " وأما قوله تعالى : {إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا }(آل عمران 55) ، فهذا دليل على أنه لم يَعْنِ بذلك الموت ، إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين ، فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية ، وكذلك قوله :{ومطهرك من الذين كفروا }(آل عمران 55) ، ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء أو غيره من الأنبياء .
        _________
        وورد في زاد المسير لابن الجوزي :-

        قوله تعالى : { إِذ قال الله يا عيسى إني متوفيك } قال ابن قتيبة : التوفي ، من استيفاء العدد ، يقال : توفيت ، واستوفيت ، كما يقال : تيقنت الخبر ، واستيقنته ، ثم قيل للموت : وفاة ، وتوف .

        وأنشد أبو عبيدة :
        إِنَّ بني الأدرد ليسوا من أحدٍ ... ليسوا إِلى قيس وليسوا من أسد
        ولا توفاهم قريش في العدد ... أي : لا تجعلهم وفاء لعددها ، والوفاء : التمام .

        ______________

        جدير بالذكر أن من تبنى القول بموت عيسى هم الفرقة الأحمدية " القاديانية " وإن أراد التفصيل أحد هنا أفصل بإذن الله تعالى

        وماتوفيقي إلا بالله
        مشرف القسم الإسلامي بمنتدى حراس العقيدة



        الشبهة :
        هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟



        الرد عليها
        أ. د / عبد الصبور مرزوق


        الرد علي الشبهة :
        1 ـ لقد كفل الإسلام للإنسان حرية الاعتقاد. وجاء ذلك فى وضوح تام فى القرآن الكريم : ( لا إكراه فى الدين ) (1) . فلا يجوز إرغام أحد على ترك دينه واعتناق دين آخر . فحرية الإنسان فى اختيار دينه هى أساس الاعتقاد . ومن هنا كان تأكيد القرآن على ذلك تأكيدًا لا يقبل التأويل فى قوله : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (2) .
        2 ـ وقد أقر النبى - صلى الله عليه وسلم - الحرية الدينية فى أول دستور للمدينة حينما اعترف لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة .
        ومن منطلق الحرية الدينية التى يضمنها الإسلام كان إعطاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب للمسيحيين من سكان القدس الأمان " على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم ، لا يضار أحد منهم ولا يرغم بسبب دينه " .
        3 ـ لقد كفل الإسلام أيضًا حرية المناقشات الدينية على أساس موضوعى بعيد عن المهاترات أو السخرية من الآخرين . وفى ذلك يقول القرآن : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ) (3) . وعلى أساس من هذه المبادئ السمحة ينبغى أن يكون الحوار بين المسلمين وغير المسلمين ، وقد وجه القرآن هذه الدعوة إلى الحوار إلى أهل الكتاب فقال : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله * فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) (4). ومعنى هذا أن الحوار إذا لم يصل إلى نتيجة فلكل دينه الذى يقتنع به . وهذا ما عبرت عنه أيضًا الآية الأخيرة من سورة ( الكافرون ) التى ختمت بقوله تعالى للمشركين على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( لكم دينكم ولى دين ) (5).
        4 ـ الاقتناع هو أساس الاعتقاد : فالعقيدة الحقيقية هى التى تقوم على الإقناع واليقين ، وليس على مجرد التقليد أو الإرغام . وكل فرد حر فى أن يعتقد ما يشاء وأن يتبنى لنفسه من الأفكار ما يريد ، حتى ولو كان ما يعتقده أفكارًا إلحادية . فلا يستطيع أحد أن يمنعه من ذلك طالما أنه يحتفظ بهذه الأفكار لنفسه ولا يؤذى بها أحدًا من الناس .
        أما إذا حاول نشر هذه الأفكار التى تتناقض مع معتقدات الناس ، وتتعارض مع قيمهم التى يدينون لها بالولاء ، فإنه بذلك يكون قد اعتدى على النظام العام للدولة بإثارة الفتنة والشكوك فى نفوس الناس . وأى إنسان يعتدى على النظام العام للدولة فى أى أمة من الأمم يتعرض للعقاب ، وقد يصل الأمر فى ذلك إلى حد تهمة الخيانة العظمى التى تعاقب عليها معظم الدول بالقتل . فقتل المرتد فى الشريعة الإسلامية ليس لأنه ارتد فقط ولكن لإثارته الفتنة والبلبلة وتعكير النظام العام فى الدولة الإسلامية . أما إذا ارتد بينه وبين نفسه دون أن ينشر ذلك بين الناس ويثير الشكوك فى نفوسهم فلا يستطيع أحد أن يتعرض له بسوء ، فالله وحده هو المطلع على ماتخفى الصدور .
        وقد ذهب بعض العلماء المحدثين إلى أن عقاب المرتد ليس فى الدنيا وإنما فى الآخرة ، وأن ما حدث من قتل للمرتدين فى الإسلام بناء على بعض الأحاديث النبوية فإنه لم يكن بسبب الارتداد وحده ، وإنما بسبب محاربة هؤلاء المرتدين للإسلام والمسلمين (6).

        ــــــــــــ
        (1) البقرة : 256.
        (2) الكهف : 29.
        (3) النحل : 125.
        (4) آل عمران : 64.
        (5) الكافرون : 6.
        (6) راجع : الحرية الدينية فى الإسلام للشيخ عبد المتعال الصعيدى ص 3،72، 73، 88 ـ دار الفكر العربى ـ الطبعة الثانية (دون تاريخ).


        تابعو

        تعليق


        • #6
          الشبهة
          النسخ فى اللغة هو الإزالة والمحو ، يقال : نسخت الشمسُ الظلَّ ، يعنى أزالته ومحته ، وأحلت الضوء محله .
          ثم تطورت هذه الدلالة فأصبح النسخ يطلق على الكتابة ، سواء كانت نقلاً عن مكتوب ، أو ابتدأها الكاتب بلا نقل .
          والنُّساخ أو الوراقون هم جماعة من محترفى الكتابة كانوا ينسخون كتب العلماء ( ينقلون ما كتب فيها فى أوراق جديدة فى عدة نسخ ، مثل طبع الكتب الآن ) .
          أما النسخ فى الشرع فله عدة تعريفات أو ضوابط ، يمكن التعبيرعنها بالعبارة الآتية :
          " النسخ هو وقْفُ العمل بِِحُكْمٍٍ أَفَادَه نص شرعى سابق من القرآن أو من السنة ، وإحلال حكم آخر محله أفاده نص شرعى آخر لاحق من الكتاب أو السنة ، لِحكمة قصدها الشرع ، مع صحة العمل بحكم النص السابق ، قبل ورود النص اللاحق (1) والنسخ موجود بقلة فى القرآن الكريم ، مثل نسخ حبس الزانيات فى البيوت حتى الموت ، وإحلال الحكم بالجلد مائة ، والرجم حتى الموت محل ذلك الحبس (2).
          النسخ و وروده فى القرآن ، على أن القرآن ليس وحياً من عند الله . ونذكر هنا عبارة لهم صوَّروا فيها هذه الشبهة : " القرآن وحده من دون سائر الكتب الدينية ، يتميز بوجود الناسخ والمنسوخ فيه ، مع أن كلام الله الحقيقى لا يجوز فيه الناسخ والمنسوخ ؛ لأن الناسخ والمنسوخ فى كلام الله هو ضد حكمته وصدقه وعلمه ، فالإنسان القصير النظر هو الذى يضع قوانين ويغيرها ويبدلها بحسب ما يبدو له من أحوال وظروف .
          لكن الله يعلم بكل شىء قبل حدوثه . فكيف يقال إن الله يغير كلامه ويبدله وينسخه ويزيله ؟
          ليس الله إنساناً فيكذب ، ولا ابن إنسان فيندم ؟ !


          الرد عليها
          أ. د / عبد العظيم المطعني

          الرد على الشبهة :
          نحن لا ننكر أن فى القرآن نسخاً ، فالنسخ موجود فى القرآن بين ندرة من الآيات ، وبعض العلماء المسلمين يحصرها فيما يقل عن أصابع اليد الواحدة ، وبعضهم ينفى نفياً قاطعاً ورود النسخ فى القرآن (3) .
          أما جمهور الفقهاء ، وعلماء الأصول فيقرونه بلا حرج ، وقد خصصوا للنسخ فصولاً مسهبة فى مؤلفاتهم فى أصول الفقه ، قل من لم يذكره منهم قدماء ومُحْدَثين . والذى ننكره كذلك أن يكون وجود النسخ فى القرآن عيباً أو قدحاً فى كونه كتاباً منزلاً من عند الله . ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار .
          إن الناسخ والمنسوخ فى القرآن ، كان إحدى السمات التربوية والتشريعية ، فى فترة نزول القرآن ، الذى ظل يربى الأمة ، وينتقل بها من طور إلى طور ، وفق إرادة الله الحكيم ، الذى يعلم المفسد من المصلح ، وهو العزيز الحكيم .
          أما ما ذكرتموه من آيات القرآن ، ساخرين من مبدأ الناسخ والمنسوخ فيه فتعالوا اسمعوا الآيات التى ذكرتموها فى جداول المنسوخ والناسخ وهى قسمان : أحدهما فيه نسخ فعلاً ( منسوخ وناسخ ) .
          وثانيهما لا ناسخ فيه ولا منسوخ فيه ، ونحن نلتمس لكم العذر فى هذا " الخلط " لأنكم سرتم فى طريق لا تعرفون كيفية السير فيه.

          القسم الأول : ما فيه نسخ :
          من الآيات التى فيها نسخ ، وذكروها فى جدول الناسخ والمنسوخ الآيتان التاليتان : ( واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) (4) .
          ثم قوله تعالى : ( الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله . . . ) (5) .
          هاتان الآيتان فيهما نسخ فعلاً ، والمنسوخ هو حكم الحبس فى البيوت للزانيات حتى يَمُتْنَ ، أو يجعل الله لَهُنَّ حكماً آخر .
          وكان ذلك فى أول الإسلام . فهذا الحكم - حكم حبس الزانية فى البيت - ، حين شرعه الله - عز وجل - أومأ فى الآية نفسها إلى أنه حكم مؤقت ، له زمان محدد فى علم الله أزلاً . والدليل على أن هذا الحكم كان فى علم الله مؤقتاً ، وأنه سيحل حكم آخر محله فى الزمن الذى قدره الله عز وجل هو قوله : ( أو يجعل الله لهن سبيلاً ) . هذا هو الحكم المنسوخ الآن وإن كانت الآية التى تضمنته باقية قرآناً يتلى إلى يوم القيامة .
          أما الناسخ فهو قوله تعالى فى سورة " النور " فى الآية التى تقدمت ، وبين الله أن حكم الزانية والزانى هو مائة جلدة ، وهذا الحكم ليس عامّا فى جميع الزناة . بل فى الزانية والزانى غير المحصنين . أما المحصنان ، وهما اللذان سبق لهما الزواج فقد بينت السنة قوليًّا وعمليًّا أن حكمهما الرجم حتى الموت .
          وليس فى ذلك غرابة ، فتطور الأحكام التشريعية ، ووقف العمل بحكم سابق ، وإحلال حكم آخر لاحق محله مما اقتضاه منهج التربية فى الإسلام . ولا نزاع فى أن حكم الجلد فى غير المحصنين ، والرجم فى الزناة المحصنين ، أحسم للأمر ، وأقطع لمادة الفساد .
          وليس معنى هذا أن الله حين أنزل عقوبة حبس الزانيات لم يكن يعلم أنه سينزل حكماً آخر يحل محله ، وهو الجلد والرجم - حاشا لله .
          والنسخ بوجه عام مما يناسب حكمة الله وحسن تدبيره ، أمَّا أن يكون فيه مساس بكمال الله . فهذا لا يتصوره إلا مرضى العقول أو المعاندين للحق الأبلج الذى أنزله الله وهذا النسخ كان معمولاً به فى الشرائع السابقة على شريعة الإسلام .
          ومن أقطع الأدلة على ذلك ما حكاه الله عن عيسى - عليه السلام - فى قوله لبنى إسرائيل : ( ولأحل لكم بعض الذى حُرِّم عليكم ) (6).
          وفى أناجيل النصارى طائفة من الأحكام التى ذكروها وفيها نسخ لأحكام كان معمولاً بها فى العهد القديم .
          ومثيروهذه الشبهات - ضد القرآن - يعرفون جيداً وقوع النسخ بين بعض مسائل العهد القديم والعهد الجديد . ومع هذا يدعون - بإصرار - أن التوراة والأناجيل - الآن - متطابقان تمام الانطباق (7) .
          ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
          ( يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ) (8).
          وقوله تعالى : ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ) (9) .
          والآيتان فيهما نسخ واضح . فالآية الأولى توجب مواجهة المؤمنين لعدوهم بنسبة (1: 10) ، والآية الثانية توجب مواجهة المؤمنين للعدو بنسبة (1: 2) .
          وهذا التطور التشريعى قد بين الله الحكمة التشريعية فيه ، وهى التخفيف على جماعة المؤمنين فى الأعباء القتالية فما الذى يراه عيباً فيه خصوم الإسلام ؟ لو كان هؤلاء الحسدة طلاب حق مخلصين لاهتدوا إليه من أقصر طريق ، لأن الله - عزوجل - لم يدع مجالاً لريبة يرتابها مرتاب فى هاتين الآيتين . لكنهم يبحثون عن " العورات " فى دين أكمله الله وأتم النعمة فيه ، ثم ارتضاه للناس ديناً .
          وقد قال الله فى أمثالهم :
          ( ولو نزلنا عليك كتاباً فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) (10) .
          ومن هذا القسم - أيضاً - الآيتان الآتيتان :
          ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج . . . ) (11) .
          وقوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً . . .) (12) .
          أجل ، هاتان الآيتان فيهما نسخ ؛ لأن موضوعهما واحد ، هو عدة المتوفى عنها زوجها .
          الآية الأولى : حددت العدة بعام كامل .
          والآية الثانية : حددت العدة بأربعة أشهر وعشر ليال .
          والمنسوخ حكماً لا تلاوة هو الآية الأولى ، وإن كان ترتيبها فى السورة بعد الآية الثانية .
          والناسخ هو الآية الثانية ، التى حددت عدة المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر ليال ، وإن كان ترتيبها فى السورة قبل الآية المنسوخ حكمها .
          وحكمة التشريع من هذا النسخ ظاهرة هى التخفيف ، فقد استبعدت الآية الناسخة من مدة العدة المنصوص عليها فى الآية المنسوخ حكمها ثمانية أشهر تقريباً ، والمعروف أن الانتقال من الأشد إلى الأخف ، أدعى لامتثال الأمر ، وطاعة المحكوم به . . وفيه بيان لرحمة الله - عز وجل - لعباده . وهو هدف تربوى عظيم عند أولى الألباب .
          القسم الثانى :
          أما القسم الثانى ، فقد ذكروا فيه آيات على أن فيها نسخاً وهى لا نسخ فيها ، وإنما كانوا فيها حاطبى ليل ، لا يفرقون بين الحطب ، وبين الثعابين ، وكفى بذلك حماقة .
          وها نحن نعرض نموذجين مما حسبوه نسخاً ، وهو أبعد ما يكون عن النسخ .
          النموذج الأول : ( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى ) (13) .
          ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) (14).
          زعموا أن بين هاتين الآيتين تناسخاً ، إحدى الآيتين تمنع الإكراه فى الدين ، والأخرى تأمر بالقتال والإكراه فى الدين وهذا خطأ فاحش ، لأن قوله تعالى ( لا إكراه فى الدين ) سلوك دائم إلى يوم القيامة .
          والآية الثانية لم - ولن - تنسخ هذا المبدأ الإسلامى العظيم ؛ لأن موضوع هذه الآية " قاتلوا " غير موضوع الآية الأولى : ( لا إكراه فى الدين ) .
          لأن قوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) له سبب نزول خاص . فقد كان اليهود قد نقضوا العهود التى أبرمها معهم المسلمون .
          وتآمروا مع أعداء المسلمين للقضاء على الدولة الإسلامية فى المدينة ، وأصبح وجودهم فيها خطراً على أمنها واستقرارها . فأمر الله المسلمين بقتالهم حتى يكفوا عن أذاهم بالخضوع لسلطان الدولة ، ويعطوا الجزية فى غير استعلاء .
          أجل : إن هذه الآية لم تأمر بقتال اليهود لإدخالهم فى الإسلام . ولو كان الأمر كذلك ما جعل الله إعطاءهم الجزية سبباً فى الكف عن قتالهم ، ولاستمر الأمر بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها ، حتى يُسلموا أو يُقتلوا وهذا غير مراد ولم يثبت فى تاريخ الإسلام أنه قاتل غير المسلمين لإجبارهم على اعتناق الإسلام .
          ومثيرو هذه الشبهات يعلمون جيداً أن الإسلام أقر اليهود بعد الهجرة إلى المدينة على عقائدهم ، وكفل لهم حرية ممارسة شعائرهم ، فلما نقضوا العهود ، وأظهروا خبث نياتهم قاتلهم المسلمون وأجلوهم عن المدينة .
          ويعلمون - كذلك - أن النبى ( عقد صلحاً سِلْمِيًّا مع نصارى تغلب ونجران ، وكانوا يعيشون فى شبه الجزيرة العربية ، ثم أقرهم على عقائدهم النصرانية وكفل لهم حرياتهم الاجتماعية والدينية .
          وفعل ذلك مع بعض نصارى الشام . هذه الوقائع كلها تعلن عن سماحة الإسلام ، ورحابة صدره ، وأنه لم يضق بمخالفيه فى الدين والاعتقاد .
          فكيف ساغ لهؤلاء الخصوم أن يفتروا على الإسلام ما هو برىء منه ؟ إنه الحقد والحسد . ولا شىء غيرهما ، إلا أن يكون العناد .

          النموذج الثانى :
          ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) (15).
          ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) (16).
          والآيتان لا ناسخ ولا منسوخ فيهما . بل إن فى الآية الثانية توكيداً لما فى الآية الأولى ، فقد جاء فى الآية الأولى : " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "
          ثم أكدت الآية الثانية هذا المعنى : ( رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) فأين النسخ إذن ؟ .
          أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى : أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس .
          وبعد أن تدرج فى تضئيل دورها فى حياة الناس الاقتصادية وسد منافذ رواجها ، ونبه الناس على أن حسم الأمر بتحريمها آتٍ لا محالة وأخذوا يتحولون إلى أنشطة اقتصادية أخرى ، جاءت آية التحريم النهائى فى سورة المائدة هذه : ( رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) هذه هى حقيقة النسخ وحكمته التشريعية ، وقيمته التربوية ومع هذا فإنه نادر فى القرآن .

          ــــــــــــ
          (1) هذا التعريف راعينا فيه جمع ما تفرق فى غيره من تعريفات الأصوليين مع مراعاة الدقائق والوضوح .
          (2) الجلد ورد فى القرآن كما سيأتى . أما الرجم فقد ورد قوليا وعمليا فى السنة ، فخصصت الجلد بغير المحصنين .
          (3) منهم الدكتور عبد المتعال الجبرى وله فيه مؤلف خاص نشرته مكتبة وهبة بالقاهرة ، والدكتور محمد البهى ومنهم الشيخ محمد الغزالى .
          (4) النساء : 15 .
          (5) النور : 2 .
          (6) آل عمران : 50 .
          (7) انظر كتابنا " الإسلام فى مواجهة الاستشراق العالمى " طبعة دار الوفاء .
          (8) الأنفال : 65 .
          (9) الأنفعال : 66 .
          (10) الأنعام : 7 .
          (11) البقرة : 240 .
          (12) البقرة : 234 .
          (13) البقرة : 256 .
          (14) التوبة : 29 .
          (15) البقرة : 219 .
          (16) المائدة : 90 .



          الشبهة :
          قال تعالى :
          (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون)

          قالوا اني متوفيك يدل على أن عيسى صلب أو قتل تم رفع بعد دلك
          الرد على الشبهة :
          وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولـكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتل وه يقينا
          ادن الاية 4/157 و اضحة .لكن ما معنى اني متوفيك ??
          6/60
          وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون
          فهل نحن نصلب أو نموت موتة عندما ننام ??ادن اني متوفيك و رافعك الي دل على أن الله أنام عيسى تم رفعه مثل قصة أهل الكهف أو رفعه و هو نائم .


          الدكتور عزمي في منتدى أهل التفسير أجاب
          ب

          يقول شيخ الإسلام للدولة العثمانية مصطفى صبري - رحمه الله - في رده على فضيلة الشيخ محمد شلتوت رحمه الله مفتي الديار المصرية الأسبق :
          أما آيات التوفي التي تمسك بها الشيخ فليس فيها تأييد لمذهبه يعادل في القوة أو يداني ما في تكميل نفي القتل و الصلب بإثبات الرفع من تأييد مذهبنا ، لأن المعنى الأصلي للتوفي المفهوم منه مبادرة ليس هو الإماتة كما يزعم الشيخ بل معناه أخذ الشئ و قبضه تمامًا فهو أي التوفي و الاستيفاء في اللغة على معنى واحد ، قال في مختار الصحاح : "و استوفى حقه و توفاه بمعنى" و إنما الإماتة التي هي قبض الروح نوع من أنواع التوفي الذي يعمها و غيرها ، لكونه بمعنى القبض التام المطلق . و هذا منشأ غلط الشيخ شلتوت أو مغالطته في تفسير آيات القرآن التي يلزم أن يفهم منها رفع عيسى عليه السلام حيًا ، لأنه ظن أن القرآن معترف بموته في الآيات الدالة على توفيه كما ظن أن التوفي معناه الإماتة نظرًا إلى أن الناس لا يستعملون التوفي إلا في هذا المعنى و غفولاً عن معناه الأصلي العام فكأنه قال بناء على ظنه هذا لا محل لرفعه حيًا بعد إماتته . لكنه لو راجع كتب اللغة لرأى أن الإماتة تكوت معنى التوفي في الدرجة الثانية حتى ذكر الزمخشري هذا المعنى له في "أساس البلاغة" بعد قوله "ومن المجاز" و المعنى الأصلي المتقدم إلى أذهان العارفين باللغة العربية ، للتوفي هو كما قلنا أخذ الشئ تمامًا ، و لا اختصاص له بأخذ الروح .
          و لقد فسر القرآن نفسه معنى التوفي الذي يعم الإماتة و غيرها فقال : {الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها} فهذه الآية تشتمل على نوعين من أنواع توفي الأنفس الذي هو الأخذ الوافي نوع في حالة الموت و نوع في حالة النوم ، فلو كان التوفي ينحصر في الإماتة كان المعنى في الآية : الله يميت الأنفس حين موتها و يميت التي لم تمت في منامها . و الأول تحصيل حاصل و الثاني خلاف الواقع و لزم الأول أيضًا أن تكون حالة الموت حالة إماتة الروح لا فصلها عن البدن . و من هذا يفهم أيضًا معنى التوفي في قوله تعالى : {و هو الذي يتوفاكم بالليلو يعلم ما جرحتم بالنهار} .
          و معنى قوله تعالى على هذا التحقيق : {يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا} إني آخذك من هذا العالم الأرضي و رافعك إلي . و في قوله {و مطهرك من الذين كفروا} بعد قوله {متوفيك} دلالة زائدة على عدم كون معنى توفيه إماتته ، لأن تطهيره من الذين كفروا بإماتة عيسى و إبقاء الكافرين لا يكون تطهيرًا يشرفه كما كان في تطهيره منهم برفعه إليه حيًا . فإذن كل من قوله تعالى متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا بيان لحالة واحدة يفسر بعضها بعضًا من غير تقدم أو تأخر زمني بين هذه الأخبار الثلاثة "لأن" و من المعلوم عدم دلالة الواو العاطفة على الترتيب . فلو كان المراد من قوله تعالى {متوفيك} على معنى مميتك و من قوله {رافعك} رافع روحك كما ادعى الشيخ شلتوت كان القول الثاني مستغنى عنه لأن رفع روح عيسى عليه السلام بعد موته إلى ربه و هو نبي جليل من أنبياء الله معلوم و لا حاجة لذكره ، بل لو حملنا القول الأول أعني {متوفيك} على معنى مميتك كان هو أيضًا مستغنى عنه إذ معلوم أن كل نفس ذائقة الموت و كل نفس فالله يميتها و من من الناس أو الأنبياء قال الله له إني مميتك ؟ فهل لا يفكر فيه الشيخ الذي يفهم من قوله تعالى إني متوفيك أنه مميته ؟ إلا أن يكون المعنى أن الله مميته لا أعداؤه فالمراد نفي كونهم يقتلونه . و فيه أن كون الله مميته لا ينافي أن يقتلوه لأن الله هو مميت كل ميت حتى المقتولين ، و لذا حمل كثير من المفسرين قوله {متوفيك} على معنى أن الله مستوفي أجله عليه السلام و مؤخره إلى أجله المسمى فلا يظفر أعدائه بقتله .
          و عندي في هذا التفسير أيضًا أنه يرجع إلى حمل التوفي على معنى الاستيفاء كما حملنا نحن لا على معنى الإماتة ، لكن التوفي و الاستيفاء معناه استكمال أخذ الشئ لا استكمال إعطائه فليس الله تعالى مستوقي أجل عيسى عليه السلام بل المستوفى هو عيسى نفسه و الله الموفي أي معطيه تمام أجله . فقد التبس التوفي على أصحاب هذا التفسير - و العجب فيهم الزمخشري - بالتوفية التي تتعدى إلى مفعولين و هو خطأ لغوي ظاهر . و فيه أيضًا تقدير مضاف بين المتوفى و ضمير الخطاب حيث قال الله إني متوفيك أي مستوفيك لا مستوفي أجلك ، فزيادة الأجل تكون زيادة على النص ، كما أن زيادة الروح في آيتي رفع عيسى عليه السلام نفسه زيادة على النص من جانب الشيخ شلتوت لإرهاق قول الله على خلاف ظاهر المعنى المنصوص . و هذه الزيادة إن كانت خلاف الظاهر بين الرافع و ضمير الخطاب في قوله {و رافعك} بأن يكون المعنى و رافع روحك ، فهي في قوله {بل رفعه الله إليه} أشد من خلاف الظاهر أي غير جائزة أصلاً لكونها مفسدة لما يقتضيه {بل} من كون ما بعده و هو {رفعه الله إليه} ضد ما قبله و هو قوله {ما قتلوه} بناء على أن رفع الروح يلتئم كما قلنا من قبل مع حالة القتل أيضًا الذي اعتنى بنفيه ، فضلاً عن أن هذا الرفع أي رفع الروح ليس بأمر يستحق الذكر في شأنه عليه السلام . بل إن قوله {متوفيك} أيضًا مما لا وجه لذكره إذا كان المعنى مميتك ، ففي أي زمان تقع هذه الإماتة ؟ فإن وقعت حتلاً أي في زمان مكر أعدائه به المذكور قبيل هذه الآية كان هذا الكلام المتوقع منه طمانته عليه السلام على حياته ، أجنبيًا عن الصدد بل مباينًا له لأن فيه اعترافًا ضمنيًا لنفاذ مكرهم بأن يكونوا قاتليه و الله قابض روحه ، فهل الشيخ شلتوت ينكر أنهم ما قتلوه كما ينكر أن الله رفعه إلى السماء حيًا ؟ و إن وقعت إماتته في المستقبل البعيد فليس في الآية تصريح به مع أن مقام الطمأنة يقتضي هذا التصريح كما أنه يقتضي كون الرفع رفعه حيًا ، فحيث لا تصريح بكون إماتته في المستقبل البعيد فقوله {إني متوفيك} على معنى إني مميتك أجنبي عن المقام ، حتى أن توجيه العالم الكبير حمدي الصغير صاحب التفسير الكبير الجديد التركي ، بكون ذكر إماتته ردًا على عقيدة النصارى في تأليه المسيح لا يجدي في دفع هذا الاعتراض لكون ذلك الرد أيضًا أجنبيًا عن المقام الذي هو مقام الطمأنة و الذي ينافيه كل ما ينافيها . فالواجب الذي لم يحس بوجوبه أحد ممن تكلم قبلي في تفسير قوله تعالى {إني متوفيك} إحساسي به ، حمل {متوفيك} على معنى آخذك السالم عن جميع الاعتراضات و التكلفات .
          و قس عليه التوفي في آية المائدة و هي قوله تعالى : {و إذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله قال سبحانك مايكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم غلا ما امرتني به أن اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} و معنى قوله {فلما توفيتني} فلما أخذتني من بينهم و جعلت صلتي بهم و بعالمهم الأرضي منتهية . فالمراد توفيه أي أخذه بالرفع لا بالإماتة و قد علمت أن التوفي في اللغة و في عرف القرآن لا يختص بالأخذ من النوع الثاني .
          هذا تفصيل ما ورد في القرآن متعلقًا برفع عيسى عليه السلام .
          (مصطفى صبري ، القول الفصل ص142-145




          من آيات كذب ميرزا غلام أحمد
          الميرزا وحديث الكسوف والخسوف

          من الأشياء الذي يتغنى بها القاديانيون ويستدلون بها على صدق نبوة ميرزا غلام أحمد : الحديث الذي ورد في سنن الدارقطني في باب صلاة الكسوف والخسوف ويدعون أنه تحقق في عهد الغلام وورد في موقعهم الرسمي هكذا :



          هذا الحديث رواه الدرقطنى فى السنن رقم (1816) فقال : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَصْطَخْرِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ إِنَّ لِمَهْدِينَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ تَنْكَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِى النِّصْفِ مِنْهُ وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ .

          وهذا الحديث لا يحتج به لعدم صحته من وجوه :

          الأول : عمرو بن شمر الجعفي كنيته أبو عبد الله قال النسائى فى الضعفاء والمتروكين عمرو بن شمر متروك الحديث كوفي قال بن حبان فى المجروحين " كان رافضيا يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ممن يروي الموضوعات عن الثقات في فضائل أهل البيت وغيرها لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب أخبرنا محمد بن إسحاق مولى ثقيف قال حدثنا المفضل بن غسان قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن شمر لا يكتب حديثه " .

          قال بن ابى حاتم فى "الجرح والتعديل":أخبرنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن عمرو بن شمر فقال ضعيف الحديث " قال السعدى عمرو بن شمر زائغ كذاب , وقال البخارى منكر الحديث , ولعمرو بن شمر غير ما ذكرت من اقوال العلماء وعامة ما يرويه غير موجود يضع الحديث ولا حول ولا قوة الا بالله لا تحل الرواية عنه مطلقاً .

          الثانى : جابر بن يزيد الجعفي من أهل الكوفة كنيته أبو يزيد قال بن حبان فى المجروحين " وكان سبئيا من أصحاب عبد الله بن سبأ وكان يقول إن عليا عليه السلام يرجع إلى الدنيا حدثنا إسحاق بن أحمد القطان بتنيس ثنا عباس بن محمد سمعت يحيى بن معين يقول جابر الجعفي لا يكتب حديثه ثنا محمد بن سليمان بن فارس ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا الحميدي سمعت سفيان بن عيينة يقول جابر الجعفي يؤمن بالرجعة .

          ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا العباس بن محمد ثنا يحيى بن يعلى قال قال زائدة أما جابر الجعفي فكان والله كذاب يؤمن بالرجعة ثنا القطان بالرقة قال ثنا أحمد بن أبي الجواري سمعت أبا يحيى الجماني سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي قال أبو حاتم هذا زعيم أهل الرأي وقائدهم وإمامهم في مذهبهم يطلق على جابر الجعفي الكذب ثنا محمد بن سليمان بن فارس ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا الحميدي سمعت سفيان بن عيينة يقول جابر الجعفي يؤمن بالرجعة " .


          الثالث : محمد بن على هو بن الحسين بن على بن ابى طالب ابو جعفر الباقر ثقة فاضل من الطبقة الرابعة ، فهو حديث مقطوع كما هو مقرر فى علم المصطلح فلا يصح الاحتجاج لأنه لا يجوز رد كلام النبى صلى الله عليه وسلم بكلام غيره .

          الرابع : الحديث منكر لانه تعارض مع الحديث المتفق عليه من حديث عَائِشَةَ رضى الله عنه :

          " خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ :

          إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ."

          الخلاصة : الحديث مقطوع بمحمد بن على "الباقر" - رحمه الله - إلا أنه موضوع لكثرة وجود الضعفاء فيه ، وهذا الحديث مما ينطبق عليه قول شيخنا الالبانى ظلمات بعضها فوق بعض ، يكاد لا يخلوا فى إحدى طبقاته من ضعيف ، كما انه يتعارض مع ما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم فلا يجوز رد كلام النبى صلى الله عليه وسلم بكلام غيره ، فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذا الحديث على دعواهم الباطلة .


          تابعو

          تعليق


          • #7

            الأدلة العقلية على إثبات اليوم الآخر والبعث والحساب والجزاء

            1 _ ثبوت قدرة الله لإعادة الخلائق بعد فنائهم ، إذ إعادتهم ليست بأصعب من خلقهم وإيجادهم على غير مثال سابق .
            النشأة الأولى :
            قال تعالى : { يا أيها الناس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مُخلقةٍ وغيرِ مخلقة . . .}.
            فمن قدر على خلق الإنسان في أطوار متعددة لا يعجز عن إعادته مرة أخرى , بل إن الإعادة أهون من البدء في حكم العقل.

            2 _ ليس هناك ما ينفيه العقل من شأن البعث والجزاء ، إذ العقل لا ينفي إلا ما كان من قبيل المستحيل كاجتماع الضدين ، أو التقاء النقيضين ، والبعث والجزاء ليسا من ذلك في شيء .
            3 _ حكمته تعالى الظاهرة في تصرفاته في مخلوقاته ، والبارزة في كل مظهر ومجال من مجالات الحياة ومظاهرها تخيل عدم وجود البعث للخلق بعد موتهم ، وانتهاء أجل الحياة الأولى وجزائهم على أعمالهم من خير وشر .
            ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل الحياة الدنيا دار اجتهاد وعمل ، وجعل الآخرة دار حساب وجزاء ، يحاسب فيها الناس ، فيجزى المحسن على إحسانه ، والمسيء على إساءته ، قال تعالى :{ ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب }( إبراهيم:51)

            4 _ وجود الحياة الدنيا وما فيها من نعيم وشقاء ، شاهد على وجود حياة أخرى في عالم آخر يوجد فيها من العدل والخير والكمال ، والسعادة والشقاء ما هو أعظم وأفضل بكثير ، بحيث أن هذه الحياة وما فيها من سعادة وشقاء لا تمثل من تلك الحياة إلا ما تمثل صورة قصر من القصور الضخمة ، أو حديقة من الحدائق الغناء على قطعة ورق صغيرة .
            ومن هذه الأدلة :
            5- المشاهد الكونية المحسوسة الدالة على إمكان البعث :
            قال تعالى : { وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج *
            ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيءٍ قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور}.

            فإحياء الأرض الميتة بالمطر وظهور النبات فيها دليل على قدرة الخالق جل وعلا على إحياء الموتى وقيام الساعة.
            6- قدرة الله الباهرة المتجلية في خلق الأعظم :
            قال تعالى : { أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون }.

            7- حكمته تعالى الظاهرة للعيان والمتجلية في هذه الكائنات لكل من أنعم النظر وجرد الفكر من التعصب والهوى :
            قال تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق }.
            وقال تعالى : { وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون }.
            فمن البين أن من أدار نظره في عجائب هذه المخلوقات , وتدبر ما فيها من نظام وإحكام فكل شيء خُلق بمقدار , كل شيء خُلق لغاية وأمدٍ في تحقيق هذه الغاية.


            8- خالق الإنسان أكمل من الإنسان ، والإنسان يُحب العدل ، ولا شك أن الله هو الذي خلق العدل في الأوليين والآخرين ، وما عدل الناس جميعا إلا قبس من عدل الله ، فالله هو العدل الحكيم.
            ومن العدل أن يثاب المُحسن ، ويعاقب المُسيء ، ولكن هذه الدنيا لا يتحقق العدل فيها – وقد علمنا عدل الله – لذلك تجزم العقول بأن الله لا بد أن يُقيم موازين العدل في حياة أُخرى ، قال تعالى : ( أفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون ) سور( ن ) 35 - 36

            9- إن العقول تدلنا على أن الذي خلق السموات والأرض بالحق ، لا بد أن يقيم الحق في أحوال الناس ، وإذا كان هذا لا يكون في الدنيا نظراً لكونها دار ابتلاء وامتحان... فلا بد أنه يتحقق في الدار الآخرة
            10- وإذا تأمل الإنسان كيف حَفِظَهُ الله وهو نطفة من ماء مهين، أو هو علقة كما تولى الله حِفْظَه سبحانه طوال حياته ، من تأمل هذا تأكد أن الله لا يضيع الإنسان بالموت، ويجعله يذهب سُدى ، فالحكيم الذي يحفظ الأجزاء الصغيرة لا يضيع الخِلْقَةَ التامة، قال تعالى: ( أيحسب الإنسان أن يترك سُدى * ألم يك نُطفة من منيٍ يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحْيِيَ الموتى ) سورة القيامة
            11- الايمان باليوم الاخر هو الايمان بفناء هذه العوالم وانتهاء الحياة بكاملها, والفناء ممكن لأن العالم ليس أزلياً ابداَ ان لدى الأنسان قناعة في جميع العصور بحياة ثانية يلقى فيها الانسان جزاء عمله الذي قام به من هذه الحياة الدنيا من خير او شر. وصلاح وفساد الشعور دال على وجود المعاد والحياة الثانية .

            12- الايمان باليوم الاخر هو ايمان فطري ظهر منذ العصور القديمة فالباحث يجد ان مفهوم الحساب بالسيئات والحسنات كان قائم عند الانسان منذ تلك العصور. وكانوا يؤمنون بالحساب وبميزان للحسنات والسيئات وهذا يدل على ان الايمان بالحساب هو ايمان فطري.
            13- إذا كان المولى عز وجل قد أخفى وقت وقوع الساعة عن العباد ؛ فإنه تعالى قد جعل لها علامات ودلالات وأشراطا ؛ تدل على قرب وقوعها, وقد تحقق وقوع الكثير من هذه العلامات والدلالات والأشراط , فتحقق وقوع الكثير من هذه العلامات والدلالات والأشراط يدل على تحقق حدوث الساعة .. وما شاهدنا من علامات الساعة يؤكد لنا صدق ما أخبرنا الرسول به عن الساعة والآخرة ، وكما رأينا هذه العلامات في الدنيا حقاً بعد ألف وأربعمائة عام فسنرى الجنة والنار حقا
            14- صدق الرسول صاحب الآيات والمعجزات التي تشهد للعقول بصدق رسالته
            فالإيمان باليوم الآخر : هو الاعتقاد الجازم أن الله تعالى يؤخر العباد ليوم يبعثهم فيه من قبورهم،ويحاسبهم على أعمالهم ، ويجزيهم عليها ؛ إما بالجنة أو النار .
            وللأهمية الكبرى بالأيمان باليوم الآخر كحقيقة تؤكد وجود حياة أخرى بعد الحياة في الدنيا، فإن من عدالة الله سبحانه وتعالى ورحمته أن خلق طرقاً ووسائل عديدة تؤدي حتماً إلى تذكير الإنسان بضرورة التفكير بمسألة البعث بعد الموت ومن ثم التفكير بكيفية التعامل مع هذه الحقيقة في الحياة الدنيا استعداداً لمواجهة الحياة الأخرى،
            ومن تلك الطرق والوسائل ماهو فطري ذاتي نابع من غريزة حب الإنسان للحياة الدنيا والاستمتاع بملذاتها ومتعها المادية والمعنوية وكراهيته للموت وحبه للخلود،
            ومنها ماهو موضوعي خارجي مثل التأمل والبحث في الأحداث التاريخية ودعوة الأنبياء والمرسلين والصالحين المتعاقبة إلى الإيمان باليوم الآخر عقلاً ووجداناً وروحاً وسلوكاً على النحو الذي يحقق للإنسان حسن المصير في الآخرة وتجعله يدرك أن الحياة الدنيا ماهي إلاَّ وسيلة وليست غاية، فما أصغر الإنسان بحياته الجسمية التي تستمد حاجاتها من عناصر الأرض الفانية، أي من متاع الدنيا وزينتها والتي تنتهي إلى عالم التراب كحثالة ميتة، ما أصغره بهذا العمر القصير وما أقل قيمته بهذه النهاية الموحشة والمحزنة،وما أكبر الإنسان وما أعظم قدره وقيمته بطموحاته الفكرية وبطموحاته الروحية التي تستمد حياتها من نور العلم ومن روح الإيمان بواهب العلم سبحانه وتعالى، والتي تنتهي بجهادها الصادق وبجهودها الخيرة إلى عالم الأرواح كخلاصة روحية تعيش مع الأفلاك والأملاك مع ملكوت الله الأبدي الأكبر
            وهذه الخلاصة هي التي تعود علينا ونحن في هذه الحياة بالرضا والاطمئنان وبالمزيد من الإيمان بحقيقة مايبقى منا وعظمته في عالم الخلود وحقيقة مايفنى وتفاهته إذا لم يستخدم فيما يرضي واهب القوى والحاكم عليها وفيما ينفع الصالح العام الذي ينعم ويسعد به الفرد والمجتمع سعادة مادية وروحية، وعلينا أن ندرك أنه بواسطة ما تأخر فينا من عناصر الطاقة الجسمية والطاقة العقلية التي لم تتحرك بالعمل الذي يريده الله منا والذي يدخره لنا كرصيد روحي بواسطة هذه الرواسب الردئية يذكرنا سبحانه وتعالى بما نكره ويبتلينا بما يُخيفنا على الدنيا وبما يُخيفنا منها وذلك هو العذاب الأليم والمهين، وبوساطة ما ارتفع من تلك العناصر من خلاصات جهودنا الفكرية والعلمية الخالصة لوجه الله الكريم ولخير الصالح العام بواسطة هذه الجهود الخيرة يذكرنا الله سبحانه وتعالى بما نحب ويبشرنا بما نستريح به نفسياً وروحياً: «يُبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبداً وذلك هو الفوز العظيم»(التوبة:21).

            ويستطيع الإنسان إدراك الكثير من الحقائق عن الحياة الدنيا باعتبارها مزرعة وبذره للحياة الأخرى وذلك من خلال حسن الاستفادة من الأشراقات الروحية التي يتجلى بها الله سبحانه وتعالى على عباده والتي تعتبر في نظري أسعد ساعات الإنسان فيها ومنها يستمد النور والهداية فالله قريب من عباده مجيب لمن آمن به ودعاه: «وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون»(البقرة168).
            وقد أستطاع الكثير ممن تعرضوا للشك ووصلوا بالاستفادة من الإشراقات الروحية إلى اليقين بالله وباليوم الآخر والشعور بالرضا والاطمئنان وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى ومن أمثال هؤلاء الشاعر الكبير أبو العلاء المعري رحمة الله عليه الذي يقول:
            رقدة الموت هجعة يستريح الجسم
            فيها والروح رهن الحساب
            إنما ينقلون من دار أعمال
            إلى دار شقوةٍ أو ثواب
            والسعيد الذي يرى الغيب حقاً
            ويرى الحق سلماً للمآبِ

            فالآخرة ثمرة الدنيا وعلى الانسان الاجتهاد للسمو بمكانته في الحياة الأخرى..
            لقد دل كتاب الله ، وسنة نبيه ، كما دل العقل ، والفطرة السليمة على الإيمان باليوم الآخر .
            وقد رد الله شبه المنكرين للبعث في كثير من المواقع ، قال تعالى : (( الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة )) .
            ويخبرنا القرآن عن نوح عليه السلام أنه قال : (( والله أنبتكم من الأرض نباتا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ))
            وعن إبراهيم أنه قال : (( والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين )) .
            كما أمر الله تعالى نبيه ان يقسم به على البعث قال تعالى : (( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) .
            كما رد الله على شبهة المنكرين للبعث وبين تفاهتها في أكثر من موضع نذكر منها :
            1 - قال عز وجل : (( وقالوا أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا من ما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا * يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلى قليلا)) .
            2 - كما قال تعالى : ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ))
            3 - وقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ )) .
            ومن هذه الآيات نستخرج عدة حقائق تزيل كل استغراب وتفند شبهات كل المعاندين لليوم الآخر ومن أبرزهذه الحقائق :
            أ – دليل إنشاء الخلق .
            ب – إبراز لقدرة الله في خلق الانسان ونقله من طور الى طور .
            جـ - دليل على البعث وآية أخرى على خلق الموتى : هذه الأرض القاحلة ، إذا جاءها المطر ظهرت فيها الحياة وأنبتت الزرع .
            4 – قال تعالى : (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ )) وقال : ((أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى )) .
            وهذه الآيتان وأمثالهما تقرر أن الإيمان بالمعاد والحساب والجزاء من مقتضيات توحيد الله في صفاته الكاملة وأسماءه الحسنى .

            ولما كان اليوم الآخر من الأمور الغيبية ، أعان الله سبحانه وتعالى خلقه على الإيمان به بأمور كثيرة ، ومن ذلك ربط هذا الغيب بالأمور المحسوسة ، فإن الغيب إذا ربط بالأمور المحسوسة سهل الإيمان به على الإنسان ، ومن هذه الأمور المحسوسة التي تعين على الإيمان باليوم الآخر ، أشراط الساعة .
            يقول القرطبي - رحمه الله - : قال العلماء رحمهم الله تعالى : الحكمة في تقديم الأشراط ، ودلالة الناس عليها ، تنبيه الناس من رقدتهم وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة ، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم ، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة ، قد نظروا لأنفسهم وانقطعوا عن الدنيا واستعدوا للساعة الموعود بها

            وتظهر حقيقة الحياة الدنيا والموت ، بالأدلة الحسية أن الإنسان ما خلق عبثا ، وأنه خلق لحكمة وهي أن يعمل في الدنيا وفق مراد الذي خلقه، وأن مراد ربه يتمثل في أن يقضي الإنسان مدة على الأرض لأداء الامتحان والاختبار في موضوع عبادته لربه ، فيستحق الثواب أو العقاب في الدار الآخرة وفقاً لنجاحه أو فشله في الامتحان
            وخلاصة القول: فان العقول المؤيدة ـ كما يقول ابن القيم في الفوائد ـ بالتوفيق ترى أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق الموافق للعقل والحكمة, والعقول المضروبة بالخذلان ترى المعارضة بين العقل والنقل, وبين الحكمة والشرع.
            والمعجزة القرآنية الباقية بين أيدينا والتي يمكن لأمم الأرض وأجيال البشرية مشاهدتها ليعرفوا صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.





            الدجال .. حقيقة أم خيال ؟

            المقدمة
            الحمد لله القادر الواحد الذي غلبت عظمته كل خلقه وكلٌ أتوه داخرين والحمد لله الذي أمره بين الكاف والنون فما شاء كان وما شاء لم يكن والحمد لله الذي ميز الإنسان بالعقل وبه استحق المدح والثناء فقال جل وعلا " لآيات لقوم يعقلون " وقال " وما يتذكر إلا ألو الألباب "
            والصلاة والسلام على النبي المصطفى المبعوث رحمة للعالمين والمعصوم في الدارين عن الخطأ والزلل ولا يشك في ذلك إلا من لا علم له بعظم النبوة وعظم سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
            اللهم اجعلنا ممن يحشر في زمرة المحبين له والمقبولين على حوضه إنك سميع مجيب ......آمين
            وبعد :
            فكما قال الإمام مالك رضي الله عنه " كل يأخذ منه ويرد إلا صاحب ذلك القبر عليه الصلاة والسلام " فهذا بحث في أحاديث المسيح الدجال وهي رأيٌ و نظرة ارتأيتها وكان لبعض العارفين في هذا البحث سبيل فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت فمن نفسي .
            فأقول إن البحث في موضوع الدجال والفتن بشكل عام من الأمور التي شغلت الكثيرين واستدعت من البعض الكتابة في بيان ماهية هذه الفتن ( الدجال ) بين منكر ومؤيد وكان لما قاله الإمام أحمد دور في هذه الأبحاث حيث قال الإمام رضي الله عنه " ثلاث لا أصل لها وذكر الفتن " وقد جعلت مستندي في بحثي هذا هو الأحاديث الصحيحة سندا في صحيحي مسلم والبخاري . ولقائل أن يقول إن البحث في هذه الكتب هو من قبيل جمع ذراة الهواء وتحصيل الحاصل فلا داعي للبحث في هذه الأحاديث حيث أجمعت الأمة على صحت ما في الصحيحين من الحديث فأردت أن أنقل عبارات لإمام من كبار أئمة الحديث وهو الإمام ( أبي إبراهيم محمد بن اسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني ) صاحب كتاب " توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار " حيث قال رحمه الله " إن الفطرة السليمة مجبولة على الشك في المنكر والغريب حيث قال تعالى " أفلم يتدبروا القول " وقال " أم جاءهم ما لم يأتي آباءهم الأولين " ففي الآية دليل على نكران الشاذ والغريب لدى الفطرة السليمة ولأجل ذلك قال عليه السلام " حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذب الله ورسوله " وهو دليل على النفرة من الشاذ من الأقوال المستغربة وأيضا حديث ذي اليدين إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر ما قاله لتفرده به حتى وافقه عليه الحاضرون " وأيضا قال رحمه الله " إن الحديث يعلل من أوجه ليس للجرح فيها مدخل فإن الحديث المجروح ساقط واه وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات بأن يحدثوا بحديث له عله فتخفى عليهم والحجة عندنا في العلم الفهم والمعرفة "
            هذه الأقوال التي قالها رحمه الله وفيها الصواب إن شاء الله أما عن دعوا الإجماع منتقدة بأن الإجماع لم يكن على كل حديث في الصحيح وإنما هو مجمل الأحاديث وبالأخص أحاديث الباب
            وبعد ما قاله رحمه الله فإني أتمثل قول الإمام الشافعي رحمه الله عندما قال إن وافق ما أقول كلام الله وسنة رسوله فهو قولي ومذهبي وإن خالف قولي قول الله أو رسول فاضربوا به عرضالحائط
            أما طريقة البحث فهي على النحو التالي :
            1 ذكر بعض علل المتون والتعليق على بعضها بإيجاز
            2 ذكر الحديث المروي في صحيح البخاري أو مسلم كاملا
            3 ذكر ما ظاهره التعارض وبيان وجه التعارض في الحديث
            4 التعليق على الحديث مباشرة بذكر ما هو مقبول أو مرفوض على حسب شروط نقد المتن
            5 ذكر الآراء المتعدد في الموضوع بين الموافق والمعارض
            6 محاولة الترجيح والتوفيق بين الآراء
            7 وأخير الرأي الذي أخلص إليه بعد هذه الدراسة والبحث
            والله الموفق والهادي
            ما ذكر من علل المتون والكشف عنها

            • ذكر علل المتون
            1- ما كانت علته إحالة المعنى كليا أو جزئيا
            2- ما كانت علته تحريفا في لفظ من ألفاظه
            3- ما كانت علته إدراج كلام أخر فيه ليس منه
            4- ما كانت علته أنه لا يشبه كلام النبوة .
            5- وقد وضع ابن قيم الجوزية قواعد لمعرفة الحديث من بينها فساد المعنى، وهي الأحاديث التي يكذبها الحس والواقع، أو كان الحديث يخالف الحقائق التاريخية، أو اقترن بقرائن ثبت بطلانها. ويقول: "إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم انه حديث موضوع
            كيف يعرف الحديث المعلل ؟
            1 أن يجمع المحدث روايات الحديث الواحد قال ابن المديني : الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطأه .(نور الدين

            2 أن يوازن بينها سندا ومتنا فيرشده اختلافها واتفاقها على موضع العلة ( نور
            3 أن يتضاد الحديثان بحيث لا يمكن الجمع بينهما
            4 ألا يخالف الحديث قواطع العقل الصحيح المتفق عليها

            والعلة في الحديث الصحيح أو غيره من أسباب رده وعدم قبوله كما أقره العلماء في قواعد علوم الحديث ( )
            من علوم المتن
            الحديث المشكل ( مختلف الحديث ) \: وهو ما تعارض ظاهره من القواعد فأوهم معنى باطلا أو تعارض مع نص شرعي آخر
            فمن الأمثلة على هذا ما في الصحيحين وهو متفق عليه حديث أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له أجب ربك قال فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها قال فرجع الملك إلى الله تعالى فقال إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني قال فرد الله إليه عينه وقال ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال ثم مه قال ثم تموت قال فالآن من قريب رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر. متفق عليه
            فهذا من الأحاديث التي تعارض نصوص شرعية في القرآن الكريم وأقوى دلالة وأقطع في المفهوم وهي كون الملائكة مخلوقة من نور وليس بمادة ( )

            الحديث المضطرب \: هو الحديث الذي يروى من قبل راو واحد أو أكثر على أوجه مختلفة متساوية لا مرجح بينها ولا يمكن الجمع بينها
            وحكم الحديث المضطرب أنه يوجب ضعف الحديث لأنه يشعر بعدم ضبط الراوي للحديث
            ومثاله حديث فاطمة بنت قيس قالت سأل أو سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال ( إن في المال لحقا سوى الزكاة ) والرواية الأخرى ( ليس في المال حق سوى الزكاة) ( )
            الحديث المحكم \: وهو الذي لا معارض له بوجه من الوجوه
            وهذا هو الحديث الذي عليه مدار الأحكام حيث أنه لا معارض له ولا ناقد

            العلل في المتن والسند
            كيف يعرف الحديث المعلل
            1 أن يجمع المحدث روايات الحديث الواحد ويوازن بينها سندا ومتنا فيرشده اختلافها واتفاقها على موطن العلة مثاله ما أورده ابن الصلاح في حديث البسملة في علة المتن
            ونورد قول الإمام ( محمد بن إسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني) إن الحديث يعلل من أوجه ليس للجرح فيها مدخل فإن حديث المجروح ساقط واه وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة فتخفي عليهم والحجة عندنا في العلم هي الفهم والمعرفة)

            وقد وُجد بين أئمة الفقه القدامى من كانوا ينظرون إلى متن الحديث فينقدونه ويردونه إذا رأوا فيه شذوذاً في المعنى، من دون الالتفات إلى إسناده، لأن الغرض من البحث عن صحة الإسناد هو الوصول إلى صحة المعنى، فإذا كان المعنى فاسداً فيجب رده من دون اعتبار لأي شيء آخر. وكان من أولئك الفقهاء الإمام أبو حنيفة، فكان ينظر إلى متن الحديث فيرده إذا رآه شاذاً أيا كان رواته هذا ( ).
            و مثاله الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري جاء في معرض سؤال وُجّه للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما رجع من غزوة تبوك، سألوه عن قيام الساعة فقال: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة)
            ومنها حديث "أن يهودياً رضخ رأس جارية بين حجرين، فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين".
            قال أبو حنيفة أنه كذب وهذيان".
            يقول ابن عبد البر: ("أن أهل الحديث جرحوا بأبي حنيفة لأنه كان يرد كثيراً من أخبار العدول. فكان يذهب إلى عرضها على ما اجتمع لديه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذاً". وقد أحصوا عليه أنه أفتى بأكثر من مئتي مسألة خالف فيها الحديث وعمل بالرأي)
            صحيح لأن هذا الحديث يخالف الحديث القائل " لا قود إلا بالسيف "
            وكان أبو حنيفة يرد على الذين يتهمونه بالخروج على السنّة فقال: "ردي على رجل يحدث عن رسول الله بخلاف القرآن ليس رداً على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكذيباً له، ولكنه رد على من يحدث عن رسول الله بالباطل، والتهمة دخلت عليه وليس على نبي الله".
            ويقول: "كل شيء تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين. فقد آمنّا به وشهدنا أنه كما قال
            وهذا القول يدل على أن أبا حنيفة كان غير قانع بصحة معظم أحاديث الآحاد التي كانت تروي في عصره، والتي أدخلت فيما بعد في الصحيحين


            الـدجـال حقـيقـة أم خيــال
            بعد النظر في مجموع الأحاديث التي ذكرت الدجال بين حديث معتبر و مردود وأقوال علماء أثبتوا ونفوا تبين أن المسيح الدجال سيكون له وجود حقيقي ومن الأحاديث الدالة على هذا والتي لم يوجه لها النقد قوله صلى الله عليه وسلم
            1- مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّال (مسلم ص12)
            2- يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ ( البخاري ص10)
            3- هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ (مسلم ص9)
            4- وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّه ( البخاري ص7)
            5- إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ( البخاري ص6)
            6- لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ (البخاري ص5)
            7- أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال(البخاري ص4)
            ثم بعد ذلك فقد نقل الحديث عن حقيقة الدجال عن كبار أئمة الإسلام
            فهذه الأحاديث دالة على وجود الدجال حقيقة دون التطرق إلى القدرات الخاصة التي ذكرت في الأحاديث التي وجه لها النقد في متنها من حيث تعارض في المتون أو بعض نصوص الشريعة

            المـسيـح الــدجــال
            الدجال :/ يقول الإمام ابن حجر رضي الله عنه هو من فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالا لأنه يغطي الحق بباطله ويقال دجل البعير بالقطران إذا غطاه وقيل لضربه نواحي الأرض وقد اختلف في تسمية الدجال على عشرة أقوال
            الأحاديث الواردة في صحيح البخاري وذكر التعارض فيها
            كتاب الوضوء 178
            حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ أَيْ نَعَمْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي مَاءً فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوْ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوْ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ

            ( إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ )
            في هذا الحديث ظاهر الشك من الراوي أن فتنة الدجال هل هي مثل القبر أو قريب والقرب قد يكون بالأكثر والأقل ( والأقل أظهر) وإن افترضنا أنها أكثر حيث أن من فتنة الدجال أنه يرد الناس عن دينهم بأنه إله ويحيى ويميت وله جنة ونار فهذا التشبيه ليس سديدا من حيث أننا نعلم أنه ليس هناك فتنة أكثر من أن يفتن المرء في دينه ثم إن فتنة القبر ليس فيها رد الإنسان عن دينه وإنما هو يمكث للسؤال وهو بحسب العمل الذي عمل المرء فهو من كسبه والله أعلم


            بقلم / محمد أبو القاسم



            الشبهة :

            تحتج الفرقة القاديانية بأن المهدي والمسيح شخص واحد بحديث ( لا مهدي إلا عيسى ) فما مدى صحة هذا الحديث ؟؟

            الرد على الشبهة :


            تستدل القاديانية أن المهدي هو المسيح عيسى عليه السلام ، وهذا الكلام مخالف لكلام نبينا صلى الله عليه وسلم على ان المهدى ليس هو عيسى عليه السلام،فإن هذا الكلام لا يحتج به لمخالفته لكلام النبى صلى الله عليه وسلم،وفوق ذلك كله فأن الحديث سنده ضعيف كما سنبين ذلك ان شاء الله عزوجل .

            اما الحديث فقد رواه بن ماجة رحمه الله(4029)بسنده إلى النبى صلى الله عليه وسلم كالتالى:
            حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
            (لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)

            وهذا الحديث لا يحتج به لضعفه سنداً ومتنا:
            اولاً:ضعف السند:
            (أ)مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ
            قال الابري:محمد بن خالد غير معروف عند أهل الصناعة من أهل النقل،وقال البيهقي:قال أبو عبد الله الحافظ محمد بن خالد مجهول،قال أبو عمر محمد ابن خالد والمثنى بن الصباح متروكان.

            (ب)أضطراب السند
            قال البيهقى رحمه الله:(اختلفوا عليه في إسناده فرواه صامت بن معاذ قال ثنا يحيى بن السكن ثنا محمد بن خالد فذكره قال صامت عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء فدخلت على محدث لهم فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن ابان بن أبي عياش عن الحسن مرسلا.

            فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول عن ابان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم)أهـ.

            وقال أبو الفتح الازدي في الضعفاء(وذكر محمدا وحديثه لا يتابع عليه وإنما يحفظ عن الحسن مرسلا رواه جرير ابن حازم عنه)أهـ،والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يُضبط

            ثانياً:ضعف المتن:
            (أ)من أقوال العلماء:
            قال البيهقي:(والاحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا)أهـ.

            وقال الابري:(وقد تواترت الاخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين ويملا الارض عدلا وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الامة وعيسى خلفه في طول من قصته وأمره)أهـ.

            (ب)الاحاديث الصحيحة التى تخالف ذلك الحديث:
            (1)حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة،قال:فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا،فيقول:لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة).رواه مسلم

            (2)حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي)رواه الترمذي و أبو داود

            (3)حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين)رواه أبو داود وغيره.

            (4)حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بإسناد جيد كما قال ابن القيم في المنار المنيف.

            ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .



            الشبهة :

            تستدل القاديانية على ثبوت إستمرار الوحي بحديث (إذا أعظمت أمتي الدنيا نزعت منها هيبة الإسلام ، وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي).
            فما صحة هذا الحديث ؟؟؟

            الرد على الشبهة :

            بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :

            نص حديث: (إذا أعظمت أمتي الدنيا نزعت منها هيبة الإسلام ، وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي).

            رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف من حديث الفضل بن عياض مرسلاً(70)

            فقال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن علي بن شقيق ، عن إبراهيم بن الأشعث ، قال : سمعت الفضيل بن عياض ، يقول : (ذكر عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وساق المتن)

            وهذا الاسناد به ثلاثة علل قادحة تجعل الحديث لا يصح الاحتجاج به من حيث الأحكام الشرعية:

            أولاً:إبرهيم بن الأشعث هو بن الأسود البخاري خادم الفضيل بن عياض قال بن ابى حاتم فيه(كنا نظن بابراهيم بن الاشعث الخير فقد جاء بمثل هذا)يقصد الأحاديث الموضوعة ،وقال بن حجر فى الميزان(ضعفه أبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات وقال يغرب وينفرد فيخطئ ويخالف)

            ثانياً:وهو ان الحديث معضل لأن الفضيل بن عياض من طبقة أتباع التابعين وقد توفى رحمه الله سنة مائة وسبعة وثمانين وقيل قبلها وبذلك نضمن أستحالة عدم سماعه من النبى صلى الله عليه وسلم والحديث المعضل أصطلاحاً هو ما سقط من إسناده اثنان فصاعداً ومنه ما يرسله تابع التابعي.

            ثالثاً:النكارة:وهى مخالفة الراوى الضعيف للحفاظ الثقات,وقد خالف هذا الحديث جمعاً من الأحاديث الصحيحة التى تثبت انقطاع الوحى بالجملة من تلك الأحاديث:

            (1)روى البخارى ومسلم فى صحيحهما من حديث سعد بن أبى وقاص قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).

            (2)روى البخارى ومسلم فى صحيحهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ(إن مثلي مثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى بيتا ، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين)


            هذا وبالله التوفيق




            الإسراء والمعراج
            ثبوت الإسراء والمعراج بشخصه صلى الله عليه وسلم في اليقظة
            قال -رحمه الله- تعالى-: والمعراج حق وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ثم إلى حيث شاء الله من العلا وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى .


            --------------------------------------------------------------------------------

            هذا البحث في إثبات الإسراء والمعراج للنبي -صلى الله عليه وسلم- والإسراء ثابت في كتاب الله -عز وجل- قال -تعالى- سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ومن أنكر الإسراء كفر؛ لأنه مكذب لله وما كذب بشيء من كتاب الله، والمعراج ثابت بالأحاديث الصحيحة التي تفيد العلم والقطع، لكن من أنكر ذلك فحتى تقوم عليه الحجة ويبين له.
            والإسراء أصل الإسراء لغة السير ليلا يقال: أسرى يسري إسراء ويأتي لازما فيقال: سرى الرجل ويأتي متعديا فيقال: أسرى به، وأما الإسراء شرعا واصطلاحا فهو السفر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى بيت المقدس ليلا على البراق، والبراق دابة دون البغل وفوق الحمار أبيض طويل.
            والعلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أنهما يشتركان في السير ليلا المعنى اللغوي والاصطلاحي كلاهما فيه السير ليلا فكل من المعنيين فيه السير في الليل، لكن المعنى اللغوي أوسع، ثم يأتي المعنى الاصطلاحي بقيود وشروط زائدة على المعنى اللغوي وهو كونه سفرا وبرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى البراق ومن مكة إلى بيت المقدس.
            أما المعراج لغة فهو على وزن مفعال مشتق من العروج وهي آلة العروج التي يعرج فيها ويصعد، يشمل السلم ويشتمل الدرجة والمعراج شرعا واصطلاحا هو العروج برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلا من بيت المقدس إلى السماء، والآلة التي عرج عليها -عليه الصلاة والسلام- هي بمنزلة السلم، ولا يعلم كيف هو؟ لا يعلم كيفية هذه الآلة وحكمه حكم غيره من المغيبات نؤمن به ولا نشتغل بكيفيته.
            والعلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي في المعراج يشتركان في أن كلا منهما صعود وعروج من أسفل إلى أعلى، فالعروج لغة الصعود من أسفل إلى أعلى، والعروج شرعا العروج برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلا من بيت المقدس إلى السماء بآلة غيبية لا تعلم كيفيتها، فالمعنى اللغوي والاصطلاحي يشتركان في أن كلا منهما فيه الصعود وعروج من أسفل إلى أعلى وهذا قدر مشترك، ثم يأتي المعنى الاصطلاحي بقيود وشروط زائدة على المعنى اللغوي وهو أن العروج بآلة خاصة وغيبية ومن مكان خاص وإلى علو خاص من بيت المقدس إلى السماء، والمعنى اللغوي أوسع دائرة، فإذن عرفنا أن الإسراء هو الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلا من مكة إلى بيت المقدس على الدابة على البراق والبراق دابة فوق الحمار ودون البغل يعني: أكبر من الحمار وأقصر من البغل دابة بيضاء، والعروج هو صعود النبي -صلى الله عليه وسلم- من بيت المقدس إلى السماء بآلة غيبية.
            العلماء لهم أقوال في الإسراء والمعراج هل أسري به -عليه الصلاة والسلام- وعرج به وهو نائم؟ هل أسري به بروحه أو بروحه وجسده؟ العلماء لهم أقوال أربعة في هذا أقوال العلماء في الإسراء والمعراج أربعة:
            القول الأول: أن الإسراء كان مناما أسري به -صلى الله عليه وسلم- وهو نائم وهذا أضعف.
            القول الثاني: أن الإسراء كان بروحه -صلى الله عليه وسلم- دون جسده وهذا نقله إسحاق عن عائشة -رضي الله عنها- ونقل عن معاوية ونقل عن الحسن البصري.
            القول الثالث: أن الإسراء كان مرارا مرة مناما ومرة يقظة وبعضهم قال: مرة قبل الوحي ومرة بعد الوحي وبعضهم قال: الإسراء ثلاث مرات مرة قبل الوحي ومرتين بعده وهذا يفعله ضعفاء الحديث كما سيأتي كلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة يقولون: الإسراء كان مرة مناما وكان مرة يقظة فتكون مرة منام كالتوطئة والتمهيد لليقظة كما حصل في الوحي، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوحي أول ما ابتدأ به الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا وقعت مثل فلق الصبح ستة أشهر كان بدئ به الوحي من ربيع إلى رمضان ثم فاجأه الحق وجاء بعد ذلك جبريل وجاءه الوحي في رمضان قالوا: كما أن الوحي كان في المنام ثم في اليقظة فكذلك الإسراء والمعرج كان مرة مناما كتوطئة ثم كان يقظة.
            القول الرابع: إن الإسراء كان بروحه وجسده مرة واحدة بعد الوحي يقظة لا مناما وهذا أرجح الأقوال وأصحها، وهذا هو الصواب أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة لا في النوم بروحه وجسده بجسد النبي -صلى الله عليه وسلم- وروحه بعد البعثة، فالإسراء كانت بروحه وجسده يقظة لا مناما مرة واحدة في ليلة واحدة بعد البعثة وقبل الهجرة وإلى هذا ذهب جمهور العلماء والمحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت على هذا القول ظاهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك وليس في العقل ما يحيل ذلك حتى يحتاج إلى تأويل.
            الفرق بين القول الأول والثاني الفرق بين من قال: إن الإسراء كان مناما وبين من قال: إن الإسراء كان بروحه هو أن من قال: إن الإسراء كان مناما قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في نومه أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة من قبيل الحلم فيرى كأنه قد عرج به إلى السماء وذهب به إلى مكة وجسده باق وروحه باقية جسده باق وروحه أيضا لم تصعد ولم تذهب وإنما ملك الرؤيا ضرب له الأمثال هذا معنى الإسراء كذبا، ومن قال: إن الإسراء كان بروحه قال: إن الروح ذاتها أسري بها ففارقت الجسد ثم عادت إليه قالوا: وهذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أن غيره لا تنال روح الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت، والقدر مشترك بين القولين الذي اتفقوا فيه هو أن الجسد باق كل من القولين بقول الجسد باق لكن من قال: إن الإسراء كان مناما قال: الروح أيضا باقية والملك هو الذي ضرب له الأمثال، ومن قال: الإسراء كان بروحه قال الجسد باق والروح هي التي صعدت وأسري بها ثم رجعت.
            الأدلة استدل أهل القول الأول القائلون بأن الإسراء كان مناما بدليل شرعي ودليل عقلي الدليل الشرعي استدلوا بحديث الإسراء والمعراج الذي رواه شريك بن أبي نمر فإنه قال في بعض ألفاظ حديث شريك: إنه ختم القصة بقوله: ثم استيقظت ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام لما ذكر الحديث الإسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام قالوا: هذا دليل على الإسراء كان مناما لكن أجاب عنها نقاد الحديث بأن هذه اللفظة غير ثابتة لما فيها هذه اللفظة غير ثابتة، والحديث الذي رواه شريك بن أبي نمر غلطه الحفاظ في ألفاظ من حديث الإسراء فهذه الألفاظ وهي قوله: ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام لم تثبت لا سيما وأن الأحاديث لم ترد بذكرها وشريك بن عبد الله بن أبي نمر له أغلاط غلطه الحفاظ في ألفاظ من حديث الإسراء ولهذا قال الإمام مسلم -رحمه الله- بعدما روى حديث شريك بن أبي نمر: أورد مسلم منه ثم قال: فقدم وآخر وزاد ونقص هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر.
            الدليل الثاني للذين قالوا: إن الإسراء كان مناما: عقلي قالوا: إن الأجسام الأرضية من طبيعتها الثقل فلا يعقل أن تصعد إلى السماء وليست في الروحانيات كالملائكة فإنها خفيفة بخلاف الروح، فإن من طبيعتها الخفة والجواب أن نقول هذا معارضة لمقصد العقل العقل لا يعارض النقل إذا صح النقل فلا يجوز لنا أن نعارضه الواجب التسليم والخضوع لكلام الله وكلام رسوله وأن نتلقاه بقبول وتسليم ولا نعارضه بعقولنا.
            وأيضا نقول لهم: لو لم يعقل صعود البشر أيضا نرد عليهم به بدليل عقلي نقارع الحجة بالحجة لو لم يعقل صعود البشر لما صح المقابل له وهو نزول الملائكة الأرض، فأنتم تقولون: الأجسام الأرضية من طبيعتها الثقل فلا يعقل أن تصعد إلى السماء نقول لكم: الملائكة من طبيعتها العلو والخفة فلا يعقل أن تنزل إلى الأرض، فلو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة والوحي وهذا كفر، وبهذا يبطل قول الذين قالوا: إن الإسراء بروحه -عليه الصلاة والسلام-.
            دليلهم على هذا هو الدليل العقلي الذي استدل به أهل القول الأول قالوا: أن الأجسام الأرضية من طبيعتها الثقل فلا يعقل أن تصعد إلى السماء بخلاف الروح فإن من طبيعتها الخفة فلا مانع من العروج بها.
            والجواب أن نقول: هذا معارضة للنصوص بالعقل والعقل لا يعارض النصوص، والواجب التسليم لله ولرسوله ثم أيضا لو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهذا كفر، ويرد على هذا القول أيضا بقول الله سبحانه:
            سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا والعبد يطلق على الروح والجسد وأيضا من أدلتهم استدلوا بها استدلوا بقول عائشة -رضي الله عنها-:
            ما فقد جسد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن أسري بروحه فلا ينكر ذلك من قولها، وهذا إن صح عن عائشة فهو اجتهاد منها لا تعارض به النصوص. ويرد أيضا على من قال: إن الإسراء كان مناما أو الإسراء بالروح يرد عليهم أنه لو كان الإسراء مناما، وأن جسد النبي -صلى الله عليه وسلم- وروحه باق في مكة، ولو كان الإسراء بروحه وجسده باق لما بادرت كفار قريش إلى تكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا ما ارتدت جماعة ممن كان أسلم لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الإسراء والمعراج لما أخبر بذلك ارتدت جماعة بسبب ذلك، وقالوا: لا يمكن أن يصعد بروحه لا يمكن كيف يسافر إلى بيت المقدس مسافة شهر في ليلة واحدة ثم يصعد إلى السماوات وبين كل سماء إلى سماء مسافة خمسمائة عام ويرجع في ليلة واحدة استبعدوا هذا -والعياذ بالله- فارتدوا، ولو كان مناما أو الإسراء كان مناما أو كان بروحه وجسده باق لما أنكروه ولما بادروا؛ لأنهم يصدقون بالرؤية يقال: جسده باق عندهم ولما كان هناك كبير شيء في النوم والله -تعالى- قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ والتسبيح إنما يكون في الأمور العظام، وهذا يدل على أن الإسراء بروحه وجسده فإذن الصواب أن الإسراء بروحه وجسده.
            وأما أهل القول الثالث فإذن لو كان الإسراء بالروح أو الإسراء مناما لما بادرت كفار قريش إلى تكذيبه تكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وما ارتدت جماعة ممن كان أسلم؛ لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حدث قريش حديث الإسراء والمعراج تهكموا به وسخروا منه، ولو كان الإسراء مناما أو بروحه دون جسده لما سخروا منه وتهكموا به؛ لأنهم يصدقون بالرؤيا ولا يستغربون صعود الروح مادام الجسد باقيا عندهم؛ ولأن الله قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ وهذا إنما يكون التسبيح عند الأمور العظام وهو الإسراء بروحه وجسده.
            أما أهل القول الثالث الذين قالوا: كان الإسراء مرة مناما ومرة يقظة أو مرة قبل الروح ومرة بعده أو مرتين مرة قبل الروح ومرة بعده أو مرتين أو مرة قبل الروح ومرتين بعده دليلهم قالوا: أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريك وقوله حين ختم القصة: ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام وبين سائر راويات الحديث التي لم تذكر هذه الألفاظ هذه اللفظة المستيقظة فقالوا: إن الإسراء كان مرارا مرة مناما كما يفيده حديث شريك ومرة يقظة كما يفيد سائر الروايات، وبعضهم قال: مرة قبل الوحي ومرة بعده وبعضهم قال: ثلاث مرات مرة قبل الوحي ومرتين بعده جمعا بين الأدلة في زعمهم كلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة للتوفيق بين الأدلة في نظرهم، وهذا يفعله ضعفاء الحديث.
            والجواب عن شبهتهم أجاب عنها العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد أجاب عنها بما ملخصه قال: بأنه ثبت في حديث الإسراء والمعراج أن الله فرض على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الصلاة في أول الأمر خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يتردد بين ربه وبين موسى في السماء السادسة في كل مرة يأمره موسى -عليه الصلاة والسلام- بأن يسأل ربه التخفيف لأمته فيحط الله -تبارك وتعالى- عنه خمسا وعشرا حتى صارت إلى خمس صلوات ثم نادى مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي فلو كان الإسراء والمعراج مناما للزم من ذلك أن يعيد الله فرضية الصلاة مرة ثانية خمسين ثم يحطها إلى خمس وهذا فاسد.
            وبهذا يبطل هذا القول أما أهل القول الرابع الذين قالوا: إن الإسراء مرة واحدة بجسده وروحه يقظة لا مناما في ليلة واحدة قبل البعثة قبل الوحي وبعد البعثة وقبل الهجرة، هذا القول تؤيده النصوص من الكتاب والسنة من ذلك هذا هو الصواب أن الإسراء مرة واحدة لا مرارا بروحه وجسده لا مناما ولا بالروح فقط يقظة لا مناما في ليلة واحدة الإسراء والمعراج بعد البعثة وقبل الهجرة من أدلة هذا القول قول الله -تعالى- سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ووجه الدلالة أن العبد إذا أطلق فهو عبارة عن مجموع الجسد والروح سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ العبد اسم للروح والجسد كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح إذا أطلق وهذا يدل على أن الإسراء بروحه وجسده.
            ولهذا قال الطحاوي -رحمه الله-: وعرج بشخصه بشخصه أسري بشخصه وأسري بشخصه والشخص اسم للروح والجسد، فالطحاوي -رحمه الله- يثبت أن الإسراء بروحه وجسده كما عليه المحققون.
            الدليل الثاني: ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم -رحمهما الله- بروايات متعددة أنه أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعرج بشخصه إلى السماء وأنه اجتمع بالأنبياء وصلى بهم إماما وأنه التقى بعدد من الأنبياء في كل سماء وأن الله فرض عليه الصلاة خمسين ثم خففها إلى خمس بواسطة تردده بين ربه وبين موسى وأنه رأى جبريل عند سدرة المنتهى على صورته التي خلق عليها، وكل هذه الروايات ظاهرها أنه أسري بروحه وجسده -عليه الصلاة والسلام-.
            وبهذا يتبين أن الصواب أنه أسري بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام وأنه لا بد للمسلم أن يؤمن بالإسراء والمعراج، ومن أنكر الإسراء كفر؛ لأنه مكذب لله ومن أنكر المعراج فلا بد من إقامة الحجة عليه، الفوائد الأصولية المستنبطة من حديث الإسراء والمعراج، هناك فوائد أصولية وهناك فوائد عامة، من الفوائد الأصولية المستنبطة من حديث الإسراء والمعراج
            أولا: جواز النسخ قبل التمكن من الفعل جواز النسخ قبل التمكن من الفعل حيث فرضت الصلاة خمسين أولا ثم نسخت بأن خففت إلى خمس وهذا في السماء قبل تمكن العباد من الفعل.
            ثانيا: الفائدة الثانية الأصولية: جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة حيث أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمة بفرضية الصلاة إجمالا بدون تفصيل لأركانها وشروطها وهيئاتها وأوقاتها، ثم لما جاء وقت الصلاة نزل جبريل فأخبر جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك وجاء وحدد له الأوقات أما الفوائد الأخرى العامة المستنبطة من حديث الإسراء والمعراج ففيه أولا إثبات العلو لله عز وجل من وجوه: حيث إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- عرج به إلى ربه -عز وجل- ثم جاوز السبع الطباق ثم لما كان يتردد بين ربه وبين موسى في كل مرة يعلو به جبرائيل إلى الجبار -تبارك وتعالى- فيه الرد على من أنكر العلو من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم.
            ثالثا: إثبات الكلام لله عز وجل حيث فرض الله -سبحانه- عليه الصلاة بدون واسطة وفيه الرد على من أنكر الكلام.
            رابعا: فضيلة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعظم منزلته عند الله عز وجل حيث جاوز الأنبياء كلهم وجاوز السبع الطباق وصلى بالأنبياء إماما بعضهم استنبط أن رسول الله رآه بعين رأسه لكن هذا ضعيف كما سبق بالأمس.
            خامسا: مشاركة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لموسى -عليه الصلاة والسلام- في التكليم وأن التكليم ليس خاصا بموسى كما أن الخلة ليست خاصة بإبراهيم بل يشاركه فيها نبينا أيضا، فكما أن إبراهيم خليل الله فمحمد خليل الله وكما أن موسى كليم الله فمحمد كليم الله كلمه الله بدون واسطة ليلة المعراج.
            سادسا: شفقة موسى ورحمته بهذه الأمة حيث أمر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل ربه التخفيف لأمته في الصلاة.
            سابعا: عظم مخلوقات الله -تعالى- وسعتها هذا يدل على عظمة الخالق.
            ثامنا: معجزة الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الإٍسراء والمعراج في ليلة واحدة تاسعا استشارة أهل الفضل والصلاح حيث التفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جبريل كأنه يستشيره.
            مسألة: والحكمة من تقديم الإسراء إلى بيت المقدس قبل المعراج ما الحكمة من تقديم الإسراء إلى بيت المقدس قبل المعراج الحكمة والله أعلم لإظهار صدق دعوى النبي -صلى الله عليه وسلم- المعراج حيث سألته قريش عن نعت بيت المقدس فنعته لهم وأخبرهم عن عيرهم التي مر عليها في طريقه، ولو كان عروجه إلى السماء من مكة لما حصل ذلك إذ لا يمكن اطلاعه ولا يمكن اطلاعهم على ما في السماء لو أخبرهم عنه، وقد اطلعوا على بيت المقدس فأخبرهم بنعته، وقيل: الحكمة أن يجمع -صلى الله عليه وسلم- في تلك الليلة بين رؤية القبلتين أو؛ لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله، وحصل له الرحيل إليه في الجملة ليجمع بين أشراف الفضائل أو؛ لأنه محل الحشد وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية فكان المعراج منه أليق بذلك أو للتفاعل ليحصل وللتفاعل بحصوله أنواع التقديس له حسا ومعنى، أو ليجتمع بالأنبياء جملة وذهب بعض العلماء إلى أن الحكمة هي لتحصيل العروج مستويا بغير تعويج؛ لأن كعب الأحبار روى أن باب السماء الذي يقال له: مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس لكن هذا فيه نظر لورود أن في كل سماء بيتا معمورا وأن الذي في السماء الدنيا حيال الكعبة فكان المناسب أن يصعد من الكعبة من مكة ليصعد إلى البيت المعمور بغير تعويج وهذا ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
            والبراق دابة دون البغل وفوق الحمار أبيض طويل يضع خطوه عند أقصى طرفه وبهذا ننتهي من هذا البحث تعيد كلام المؤلف -رحمه الله-
            قال -رحمه الله- -تعالى-: والمعراج حق وقد أسري بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وعرج به.
            قوله: المعراج حق يعني: ثابت وكذلك أسري بشخصه حق ثابت لا بد من الإيمان به نعم.
            وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء.
            عرج بشخصه يعني: الشخص اسم للروح والجسد هذا إلى السماء عرج بروحه وجسده نعم.
            ثم إلى حيث شاء الله من العلا وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى.
            لا شك أن الله أكرمه في عروجه وصلاته بالأنبياء ورفعته فوقهم وأكرمه الله بتكليمه له وفرضه الصلاة عليه نعم
            مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى
            نعم مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لم يزغ بصره ولم يكذب فؤاده عليه الصلاة والسلام بل كل ما رآه فهو حق نعم.
            فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى.
            عليه الصلاة والسلام فصلاة الله على عبده أحسن ما قيل فيها: إنها ما رواه أبو العالية ما رتبه في البخاري عن أبي العالية رضي الله و-رحمه الله- أنه قال: صلاة الله على عبده ثناؤه في الملأ الأعلى .
            بسم الله الرحمن الرحيم
            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وكان من حديث الإسراء أنه -صلى الله عليه وسلم - أسري بجسده في اليقظة - على الصحيح - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكبا على البراق بصحبة جبرائيل عليه الصلاة والسلام فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد، وقد قيل: إنه نزل ببيت لحم فصلى فيه ولا يصح عنه ذلك البتة، ثم عرج به من بيت المقدس في تلك الليلة إلى السماء الدنيا فاستفتح له جبريل ففتح له فرأى هناك آدم أبا البشر فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الثانية فاستفتح له فرأى فيها يحيي بن زكريا وعيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- فلقيهما فسلم عليهما فردا -عليه السلام- ورحبا به وأقرا بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فرأى فيها يوسف -عليه الصلاة والسلام- فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الرابعة فرأى فيها إدريس فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فرأى فيها هارون ابن عمران فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، ثم عرج إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته فلما جاوزه بكى موسى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي؛ لأنه غلام بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم عرج به إلى السماء السابعة فلقي فيها إبراهيم فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، ثم رفع إلى سدرة المنتهى ثم رفع له البيت المعمور، ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمسين صلاة فرجع حتى مر على موسى فقال: بم أمرت؟ قال: بخمسين صلاة قال: إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار أن نعم. إن شئت فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار -تبارك وتعالى- وهو في مكانه هذا نص البخاري في صحيحه.
            وفي بعض الطرق فوضع عنه عشرا ثم نزل حتى مر بموسى فأخبره فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله -تبارك وتعالى- حتى جعلها خمسا فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف فقال: قد استحييت من ربي ولكن أرضى وأسلم، فلما نفذ نادى مناد قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي .

            شرح العقيدة الطحاوية
            الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

            شبهات حول أحاديث المهدي
            أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة بظهور رجل في آخر الزمان من آل بيته يوافق اسمه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم- واسم أبيه اسم أبيه ، يتولى إمرة المسلمين ، يملك سبع سنين ، ويصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه ، ويؤيد الله به الدين ، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويكتب الله على يديه خيراً كثيراً ، وتنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، فتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها ويعطى المال بغير عدد .
            وهذه الأحاديث رواها الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد ، وأفردها بعضهم بالتأليف كأبي نعيم ، و السيوطي ، و ابن كثير ، و الشوكاني وغيرهم ، وعدها بعضهم من المتواتر تواتراً معنوياً ، ومن هذه الأحاديث :
            بعض الأحاديث الواردة في شأن المهدي
            - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي ) رواه الترمذي و أبو داود ، وفي رواية لأبي داود ( يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) .
            - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين ) رواه أبو داود وغيره .
            - حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) . رواه أبوداود .
            - حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) رواه أحمد و ابن ماجه .
            - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : ( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً (يعني حججا) أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي .
            - حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بإسناد جيد كما قال ابن القيم في المنار المنيف .
            وقد ردَّ بعض المعاصرين هذه الأحاديث ، وشككوا في نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، واعتبرها البعض خرافة لا تتفق والعقل الصحيح ، متعللين ببعض الشبه التي سنناقش أهمها في هذه السطور .
            عدم إخراج صاحبي الصحيح أحاديث المهدي
            فمن الشبه التي أثيرت حول أحاديث المهدي أن صاحبي الصحيح لم يعتدا بهذه الروايات ، ولذلك لم يذكرا شيئاً منها في كتابيهما ، مع أنهما في المقابل أخرجا حديث القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه ، والذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ، مما يدل على ضعف هذه الأحاديث عندهما ، ولو كان شيء منها صحيحاً لذكروه كما ذكروا غيره .
            والجواب أن عدم إيراد الشيخين شيئاً من الأحاديث المتعلقة بالمهدي لا يدل على ضعفها ، لأنه كما هو معلوم أن السنة لم تدون كلها في الصحيحين فقط ، بل ورد في غيرهما أحاديث كثيرة صحيحة في السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها من دواوين الحديث .
            ولم يقل أحد - حتى صاحبا الصحيح أنفسهما - أنهما قصدا اسـتيعاب الصحيح كله في كتابيهما ، حتى يحكم بأن كل ما لم يخرجاه ضعيف عندهما ، بل جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك - كما نقل عنهما الأئمة - .
            قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله في كتابه " علوم الحديث " : "لم يستوعبا - يعني البخاري و مسلم - الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال : " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحيح لحال الطول " ، وروينا عن مسلم أنه قال : " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعنى في كتاب الصحيح - إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه " أهـ .
            وقال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم (1/24) - بعد أن ذكر إلزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطهما ولم يخرجاها في كتابيهما- : " وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جُمَل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جُمَل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله " أهـ .
            ولذلك نجد أنهما قد يصححان أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها .
            ومن المعلوم أيضاً أن المقبول عند المحدثين أعم من الصحيح فهو يشمل الصحيح لذاته ، والصحيح لغيره ، والحسن لذاته ، والحسن لغيره ، والصحيح موجود في الصحيحين وفي غيرهما ، أما الحسن فمظانه في غير الصحيح .
            والعلماء رحمهم الله قسموا الصحيح بحسب القوة إلى مراتب سبع :
            1. صحيح اتفق الشيخان على إخراجه .
            2. صحيح انفرد بإخراجه البخاري عن مسلم .
            3. صحيح انفرد بإخراجه مسلم عن البخاري .
            4. صحيح على شرطهما معاً ولم يخرجاه .
            5. صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه .
            6. صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه .
            7. صحيح لم يخرجاه وليس على شرطهما معاً ، ولا على شرط واحد منهما .
            وليس في الصحيحين من هذه المراتب إلا الثلاث الأولى ، أما الأربع الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين .
            ولم يزل دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة بل والحسنة الموجودة خارج الصحيحين ، والعمل بها مطلقاً ، واعتبار ما دلت عليه ، من غير حط من شأنها أو تقليل من قيمتها ، سواء أكان ذلك في أمور الاعتقاد أو في أمور الأحكام.
            على أننا نقول إن أحاديث الصحيح وإن لم يرد فيها التصريح بذكر المهدي على جهة التفصيل ، إلا أنه قد وردت أحاديث في الصحيح تدل إجمالاً على ظهور رجل صالح يؤم المسلمين عند نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، يصلي عيسى ابن مريم خلفه .
            ومن ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري رحمه الله في باب نزول عيسى بن مريم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) ، والحديث أخرجه مسلم عن جابر رضي اللّه عنه أنه سمع النبي - صلى اللّه عليه وسلم - يقول: ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ) .
            وجاء ما يفسر هذه الأحاديث في السنن والمسانيد وغيرها ، ويبين اسم هذا الأمير- الذي يصلى عيسى عليه الصلاة والسلام خلفه - وصفته وأنه هو المهدي ، والسنة يفسر بعضها بعضاً .
            ومنها حديث جابر الذي رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- : ( ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة ) قال ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " : وهذا إسناد جيد ، وصححه الألباني في السلسلة ، مما يدل على أن أصل هذه الأحاديث موجود في الصحيح .
            تعارض الأحاديث واختلافها
            ومن الشبه المثارة أن الروايات الواردة في شأن المهدي فيها من التعارض والتناقض والاختلاف ، ووقوع الإشكالات في معانيها ، ما يتعذر معه الجمع بينها ، ويجعلنا نجزم أنها ليست من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
            ومن ذلك الروايات التي تفيد بأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وهي تدل على خلو الأرض تماماً قبل زمنه من أهل الحق والخير ، وانتهاء الشر والفساد بظهوره .
            مما يعارض الأحاديث الثابتة التي تفيد بقاء طائفة من الأمة في كل زمان على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللّه ، ويعارض كذلك وجود الشر والصراع بين الحق والباطل في زمنه .
            أضف إلى ذلك أنه قد ورد ما يعارض ظهور أي مهدي غير عيسى عليه السلام وذلك في حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) .
            والجواب أن التعارض إنما نشأ عن الروايات غير الصحيحة ، ودعاوى المهدية التي ادعتها طوائف عبر التاريخ فحاولت كل طائفة أن تؤيد دعواها بهذه الأحاديث الباطلة ، والمثبتون لأحاديث المهدي من أهل السنة لم يقولوا بأن كل ما ورد في شأنه هو من قبيل الصحيح المحتج به ، بل إنهم متفقون على أن فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف ، وفيها الموضوع أيضاً ، فما كان منها موضوعاً أو ضعيفاً فلا حجة فيه ولا يلتفت إليه ولا يعارض به غيره .
            وأما ما صح منها فهو مؤتلف غير مختلف ، ومتفق غير مفترق ، وهو يتعلق بشخص واحد يأتي في آخر الزمان قبيل خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، وهو محمد بن عبد اللّه الموصوف بالمهدي .
            وأما ما دلت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الأرض ظلماً وجوراً قبل خروجه ، وامتلائها عدلاً في زمانه ، فليس فيها أي دلالة على خلو الأرض تماماً من أهل الحق ، واضمحلال الخير وتلاشيه قبل ظهوره ، وإنما المقصود منها كثرة الشر وظهور الغلبة لأهله ، ولا يعني ذلك بالضرورة عدم وجود طائفة على الحق قائمة بأمر الله .
            كما لا يعني انتشار العدل في زمن المهدي ألا يكون للشر والباطل أي وجود ، لأن المقصود كثرة الخير ، وقوة أهل الإسلام ، وحصول الغلبة والعاقبة هم ، وقهرهم لعدوهم ، وهذا لا ينفي وجود أشرار مغمورين في ذلك الزمان .
            وسنة اللّه في خلقه أن يستمر الصراع بين الحق والباطل ، وأن يقوى في بعض الأزمان جانب الخير على جانب الشر ، وفي أزمان أخرى يقوى جانب الشر على جانب الخير ، ولا تخلو الأرض من الأخيار إلا قبيل الساعة حين تقوم على شرار الخلق ، ولا يبقى فيها من يقول الله الله .
            وأحاديث المهدي نفسها تدل على أن الحق مستمر لا ينقطع فكيف يعارض بها غيرها ! فإن من الأحاديث التي أصلها في الصحيحين ووردت مفسرة في غيرهما – كما سبق – الحديث الذي رواه مسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة ) .
            وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره : ( لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدباراً ، ولا الناس إلا شحاً ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ) .
            فهو حديث ضعيف جداً لأن مداره على محمد بن خالد الجندي ، قال فيه الذهبي ( ميزان الاعتدال 3/535) : " قال الأزدي : منكر الحديث ، وقال أبو عبد الله الحاكم : مجهول ، قلت – القائل الذهبي – : حديثه ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وهو خبر منكر ، أخرجه ابن ماجه " أهـ .
            وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (منهاج السنة النبوية 4/211) : " وهذه الأحاديث - يعني أحاديث المهدي - غلط فيها طوائف ، فطائفة أنكرتها واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) ، وهذا الحديث ضعيف ، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه ، وليس مما يعتمد عليه ، ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي و الشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد ابن خالد الجندي وهو ممن لا يحتج به ، وليس هذا في مسند الشافعي ، وقد قيل إن الشافعي لم يسمعه ، وأن يونس لم يسمعه من الشافعي " أهـ .
            وعلى فرض ثبوته فإنه لا يعارض الأحاديث الثابتة في المهدي ، لأنه يمكن الجمع بينها بأن المراد هو أنه لا مهدي كاملاً معصوماً إلا عيسى عليه السلام ، وذلك لا ينفي إثبات خروج مهدي غير معصوم كما قال بذلك بعض أهل العلم كالقرطبي و ابن القيم و ابن كثير وغيرهم ، وبهذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض .
            تضعيف ابن خلدون لأحاديث المهدي
            ومن الشبه التي تعلق بها المنكرون لأحاديث المهدي ما اشتهر عن ابن خلدون من تضعيفه لهذه الأحاديث حيث قال في المقدمة (1/322) - بعد أن استعرض كثيراً من أحاديث المهدي وطعن في كثير من أسانيدها- : " فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان . وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه " .
            ولو رجعنا لكلام ابن خلدون لوجدنا أنه صدَّر الفصل الذي عقده عن المهدي في مقدمته بقوله : " اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويسمى بالمهدي ، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدي في صلاته ، ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرّجها الائمة ، وتكلم فيها المنكرون لذلك ، وربما عارضوها ببعض الاخبار ....إلخ .
            وهي شهادة منه على أن اعتقاد خروج المهدي في آخر الزمان هو المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار ، فهل هؤلاء الكافة اتفقوا على الخطأ ؟ مع أن الأمر يتعلق بأمر غيبي لا مجال للاجتهاد فيه ، ولا يسوغ لأحد إثباته إلاّ بدليل من كتاب اللّه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم – ، هذا أمر .
            الأمر الثاني كيف يسوغ لنا أن نعتمد على كلام ابن خلدون في التصحيح والتضعيف مع أنه ليس من فرسان هذا الميدان ، ونطرح كلام أئمة الحديث قبل ابن خلدون وبعده الذين تكلموا على أحاديث المهدي ونقدوها وبينوا صحيحها من سقيمها ، واحتجوا بكثير منها ، بل حكى بعضهم تواترها تواتراً معنوياً .
            ومنهم على سبيل المثال : الحافظ أبو جعفر العقيلي تـ322هـ فقد قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة علي بن نفيل النهدي : " قلت ذكره العقيلي في كتابه وقال : لا يتابع على حديثه في المهدي ، ولا يعرف إلا به ، ثم قال : وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه " أهـ .
            والإمام ابن حبان تـ354 هـ ، قال الحافظ في الفتح (13/21) عند كلامه على حديث ( لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) : " واسـتدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي وأنه يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا " .
            والإمام البيهقي تـ 438 هـ فقد قال في كتاب " البعث والنشور" بعد كلامه على تضعيف حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) : " والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا " .
            والحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري صاحب كتاب " مناقب الشافعي " تـ363، نقل عنه الإمام ابن القيم في (المنار المنيف 1/142) ، والحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " ، و" فتح الباري " قوله : " وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بذكر المهدي وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه " .
            وممن صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي الإمام الترمذي في جامعه ، و الحاكم في مستدركه ووافقه الإمام الذهبي في تصحيح جملة منها ، ومنهم القرطبي صاحب التفسير فقال في كتابه " التذكرة " - بعد ذكر حديث : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وبيان ضعفه - : " والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التنصيص على خروج المهدى من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه" .
            ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله فقد صحـح بعض الأحاديث الواردة في المهدي في كتابه " منهاج السنة " والإمام ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " والإمام ابن كثير في تفسيره وفي كتابه " النهاية في الفتن والملاحم " وغيرهم كثير .
            بل حكى بعضهم تواتر هذه الأحاديث تواتراً معنوياً كما سبق عن الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري ، والإمام السخاوي حين مثل في كتابه " فتح المغيث " للأحاديث المتواترة اعتبر أحاديث المهدي من هذا القبيل ، و للشوكاني - رحمه الله - رسالة أسماها " التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح " ومما جاء فيها قوله : " فالأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي ، فهي كثيرة جداً ، لها حكم الرفع ; إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك " .
            وقال الشيخ الكتاني في كتابه : " نظم المتناثر في الحديث المتواتر " : " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة ، وكذا الواردة في الدجال ، وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام " .
            فهل نطرح كلام كل هؤلاء ونقبل كلام ابن خلدون على عواهنه .
            الأمر الثالث أن ابن خلدون لم يقل إن أحاديث المهدي كلها ضعيفة فضلا عن القول بأنها موضوعة ، فعبارته تدل على أن هناك عدداً قليلاً من هذه الروايات قد سلم من النقد ، ونحن نقول لو سلَّمْنا بكلام ابن خلدون فهذا القدر القليل كاف في الاحتجاج بهذه الأحاديث واعتقاد موجبها.
            وقد رد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على ابن خلدون في تعليقه على المسند فقال : " أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم ، واقتحم قحما لم يكن من رجالها.. " ، وقال : "إنه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتا عجيبا ، وغلط أغلاطا واضحة.." ، وقال : "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين الجرح مقدم على التعديل.. ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئا مما قال.." أهـ .
            ليست من عقائد أهل السنة
            ومن الشبه التي يرددها المنكرون أن فكرة المهدية ليست في أصلها من عقائد أهل السنة وإنما هي دخيلة علينا من عقائد الفرق الأخرى ، التي تؤمن بظهور إمام غائب منتظر يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً .
            ونحن نقول إن الأحاديث ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في خروج المهدي في آخر الزمان ، وقد رواها أئمة أهل السنة في كتبهم المعتمدة بأسانيد تنتهي إلى رسول الله - صلى اللّه عليه وسلم- من طريق صحابته الكرام رضي اللّه عنهم ، والثقات من الرواة ، واعتمد أهل الحديث في تصحيحها على قواعد دقيقة في الحكم على الرجال والأسانيد ، حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إلا وكشفوا أمره .
            فما صح من هذه الأحاديث الواردة لا علاقة له بعقيدة أي فرقة أو طائفة ، لأنه لم ينقل من طريقهم ، وإذا كان هناك روايات موضوعة في المهدي تعصباً ، فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح من الروايات فيه .
            فإذا عينت طائفة شخصاً وزعمت أنه هو المهدي دون أن تؤيد زعمه بما ثبت من أحاديث صحيحة ، فإن ذلك لا يؤدي إلى إنكار المهدي على ما جاء في أحاديث أخرى ، فالحكم العدل هو الكتاب والسنة الصحيحة ، وأما عقائد الفرق الأخرى فلا يجوز أن تكون عمدة يرد بها ما ثبت من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
            وقد نص أهل العلم الذي صنفوا في عقائد أهل السنة أنه متى ما صح النقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سواء كان في أمور ماضية أو مستقبلة ، وجب التصديق به واعتقاد موجبه ، وهو مقتضى الشهادة بأن محمدا رسوله الله ، ومن أولئك الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه " لمعة الاعتقاد " حيث قال : "ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ، ولم نطلع على حقيقة معناه ، مثل حديث الإسراء والمعراج ، ومن ذلك أشراط الساعة ، مثل خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل " أهـ . فكلام ابن قدامة هذا يدخل فيه التصديق بخروج المهدي لأنه مما صح به النقل .
            وقال السفارينى رحمه الله في عقيدته المسماة " لوامع الأنوار البهية " بعد أن ذكر طائفة من الأحاديث والآثار : " وقد روي عمن ذكر من الصحابة ، وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين ومن بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة " ا.هـ . وقال في موضع آخر : " وقد كثرت الأقوال في المهدي ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ... " .
            وذكر ذلك الشيخ الحسن بن علي البربهاري الحنبلي المتوفى سنة 329 هـ في عقيدته ، المثبتة ضمن ترجمته في كتاب " طبقات الحنابلة " لابن أبي يعلى الحنبلي .
            ثم إن هناك فرقاً كبيراً بين عقيدة أهل السنة وعقيدة الفرق الأخرى في هذا الباب ، فالمهدي عند أهل السنة لا يعدو كونه إماما من أئمة المسلمين ، يخرج في آخر الزمان خروجاً طبيعياً ، يولد كما يولد غيره ، ويعيش كما يعيش غيره ، وهو غير معصوم ، فقد يقع منه الخطأ ، ويحتاج إلى إصلاحٍ مثل غيره من الناس ، ثم يكتب الله على يديه خيراً كثيراً وبرًّا وصلاحاً للأمة ، وينشر العدل ، ويطبق شريعة الإسلام ، ويجمع الله به شمل المسلمين .
            وأما عند غيرهم فهو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد في منتصف القرن الثالث تقريباً ، ودخل سرداباً في سامراء وعمره تسع سنين ، وهم ينتظرون خروجه ، وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الذين يعتقدون فيهم العصمة ، فعقيدة أهل السنة مغايرة تماماً لعقيدة غيرهم في هذا الباب .
            أكبر مثارات الفساد والفتن عبر التاريخ
            ومما أثير حول أحاديث المهدي أن دعوى المهدية كانت سبباً في إثارة الكثير من الفتن والمفاسد عبر التاريخ ، كما أن هذه الأحاديث قد أسهمت بشكل أو بآخر في تخدير المسلمين وهروبهم من واقعهم إلى التعلق بالأوهام والخيالات وانتظار المخلص الذي يظهر فجأة ليخلصهم من الظلم والطغيان ، وينشر العدل في العالمين .
            والجواب أنه قد سبق أن خروج المهدي في آخر الزمان هو أمرٌ غيبي يتوقف التصديق به على ثبوت النص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقد ثبتت بذلك النصوص ، وحكم بثبوتها العلماء المحققون ، والجهابذة النقاد من أهل الحديث .
            ووجود مدعين للمهدية عبر التاريخ حصل بسببهم العديد من الفتن والفساد ، لا يؤثر في التصديق بمن عناه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة وهو المهدي الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه .
            والواجب قبول الحق ورد الباطل لا أن يُرَد الحق ، ويُكَذَّب بالنصوص الثابتة من أجل أن هذه الدعوى تدثر بها بعض الجهلة والمبطلين .
            والمتتبع لنصوص القرآن والسنة يجدها تأمر بالاجتهاد في العمل والأخذ بالأسباب في أمور الدنيا والآخرة ، وقيمة العمل من أعظم القيم التي جاء الإسلام لتقريرها وترسيخها في النفوس ، حتى مع يقين الإنسان بانتهاء الدنيا وقيام الساعة كما هو واضح من قوله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل ) .
            وفي بعض الروايات :( إذا سمعت بالدجال وأنت على ودية تغرسها فلا تعجل أن تصلحها ، فإن للناس بعد ذلك عيشا ) .
            ولا يوجد نص في القرآن والسنة يدل على أننا متعبدون بانتظار المهدي أو ترقبه ، أو توقف شيء من شعائر الإسلام على خروجه ، غاية ما في هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- بشَّر برجل من أهل بيته ، ووصفه بعدد من الصفات من أهمها أنه يحكم بالإسلام ، وينشر العدل بين الناس وليس أكثر من ذلك ، فليس في هذه الأحاديث أبداً ما يعفينا من تبعة التكاليف الشرعية والصبر والجهاد ، والعلم والعمل ، والسعي في الإصلاح والتغيير ، وعلى هذا درج الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وتتابع عليه أئمة العلم على تعاقب العصور ، ومر الدهور ، ولم يفهم أحد منهم هذا الفهم السلبي ، فإذا فهم البعض هذه الأحاديث فهماً خاطئاً يدعو إلى القعود والكسل وترك العمل ، فلماذا نحمل هذه النصوص مسؤولية هذا الفهم المنحرف ؟! .
            ثم إن أحاديث نزول عيسى نفسها قد يفهم منها البعض ما يدعوه إلى القعود والكسل، فهل نقول ببطلانها لأجل هذه الفئة أو تلك !!
            فالخلاصة أنه من المجازفة أن يقال إن كل هذه الأحاديث التي رواها الأئمة ، وصنف فيها المصنفون ، وحكى تواترها جماعة ، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة ، لا أساس لها من الصحة ، أو أنها خرافة لا يقبلها العقل الصحيح ، وهل العقل إلا تابع للشرع في قضايا الغيب والاعتقاد ؟! وما قيمة الإيمان بالغيب إذا كنا كلما جاءنا نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عرضناه على عقولنا ؟!. ، ورحم الله الإمام الزهري إذ يقول : " من الله الرسالة ، ومن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم " .


            تابعو


            تعليق


            • #8
              الشبهة
              كيف نوفق بين حد الردة وقوله تعالى " لا إكراه في الدين " ؟؟؟



              الرد عليها
              أ. د / علي جمعة


              الرد على الشبهة :
              إن الإسلام يقرر حرية اختيار الدين ، فالإسلام لا يكره أحداً على أن يعتنق أى دين يقول الله تعالى : ( لا إكراه فى الدين ) (1) .
              غاية ما هنالك أن الإسلام لا يقبل الشرك بالله ولا يقبل عبادة غير الله وهذا من صلب حقيقة الإسلام باعتبار كونه دين من عند الله جل وعلا ، ومع ذلك يقبل النصارى واليهود ولا يقاتلهم على ما هم عليه ولكن يدعوهم إلى الإسلام . كما أن الإسلام لا يبيح الخروج لمن دخل فى دين الله ولا يكلف أحداً أن يجهر بنصرة الإسلام ، ولكنه لا يقبل من أحدٍ أن يخذل الإسلام ، والذى يرتد عن الإسلام ويجهر بذلك فإنه يكون عدوًّا للإسلام والمسلمين ويعلن حرباً على الإسلام والمسلمين ولا عجب أن يفرض الإسلام قتل المرتد ، فإن كل نظام فى العالم حتى الذى لا ينتمى لأى دين تنص قوانينه أن الخارج عن النظام العام له عقوبة القتل لا غير فيما يسمونه بالخيانة العظمى .
              وهذا الذى يرتد عن الإسلام فى معالنة وجهر بارتداده ، إنما يعلن بهذا حرباً على الإسلام ويرفع راية الضلال ويدعو إليها المنفلتين من غير أهل الإسلام وهو بهذا محارب للمسلمين يؤخذ بما يؤخذ به المحاربون لدين الله .
              والمجتمع المسلم يقوم أول ما يقوم على العقيدة والإيمان . فالعقيدة أساس هويته ومحور حياته وروح وجوده ، ولهذا لا يسمح لأحد أن ينال من هذا الأساس أو يمس هذه الهوية . ومن هنا كانت الردة المعلنة كبرى الجرائم فى نظر الإسلام لأنها خطر على شخصية المجتمع وكيانه المعنوى ، وخطرعلى الضرورة الأولى من الضرورات الخمس : " الدين والنفس والنسل والعقل والمال ".
              والإسلام لا يقبل أن يكون الدين ألعوبة يُدخل فيه اليوم ويُخرج منه غداً على طريقة بعض اليهود الذين قالوا : ( آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ) (2).
              والردة عن الإسلام ليست مجرد موقف عقلى ، بل هى أيضاً تغير للولاء وتبديل للهوية وتحويل للانتماء . فالمرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التى كان عضواً فى جسدها وينقم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها ويعبر عن ذلك الحديث النبوى بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه : [ التارك لدينه المفارق للجماعة ] (3) ، وكلمة المفارق للجماعة وصف كاشف لا منشئ ، فكل مرتد عن دينه مفارق للجماعة .
              ومهما يكن جرم المرتد فإن المسلمين لا يتبعون عورات أحدٍ ولا يتسورون على أحدٍ بيته ولا يحاسبون إلا من جاهر بلسانه أو قلمه أو فعله مما يكون كفراً بواحاً صريحاً لا مجال فيه لتأويل أو احتمال فأى شك فى ذلك يفسر لمصلحة المتهم بالردة .
              إن التهاون فى عقوبة المرتد المعالن لردته يعرض المجتمع كله للخطر ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه . فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره ، وخصوصاً من الضعفاء والبسطاء من الناس ، وتتكون جماعة مناوئة للأمة تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها وبذلك تقع فى صراع وتمزق فكرى واجتماعى وسياسى ، وقد يتطور إلى صراع دموى بل حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس .
              وجمهور الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد قبل تنفيذ العقوبة فيه بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية هو إجماع الصحابة ـ رضى الله عنه ـ وبعض الفقهاء حددها بثلاثة أيام وبعضهم بأقل وبعضهم بأكثر ومنهم من قال يُستتاب أبداً ، واستثنوا من ذلك الزنديق ؛ لأنه يظهر خلاف ما يبطن فلا توبة له وكذلك سابّ الرسول صلى الله عليه وسلم لحرمة رسول الله وكرامته فلا تقبل منه توبة وألَّف ابن تيمية كتاباً فى ذلك أسماه " الصارم المسلول على شاتم الرسول " .
              والمقصود بهذه الاستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحُجة ويكلف العلماء بالرد على ما فى نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحُجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص ، وإن كان له هوى أو يعمل لحساب آخرين ، يوليه الله ما تولى .
              ــــــــــــ
              (1) البقرة: 156.
              (2) آل عمران: 72.
              (3) رواه مسلم.





              ما حقيقة البعث بعد الموت ؟؟

              ما أجمل هذه الأرض , فيها الشجر والحجر , فيها الحيوان والإنسان , نجد في كل شيء دلالة على علم وحكمة صانعه عز وجل , مضت قرون وتمضي أخرى , هكذا هي لا تدوم لأحد , فالموت يفني كل حي على الأرض ,فيرث الميت الحي , ولو دامت للميت لما ورثها الحي , قال سابق البربري:
              إذا قضت زمر آجالها نزلت **على منازلهم من بعدها زمر
              ننظر فيمن مضى ونقول كما قال ابن الوردي في لاميته :
              كُتب الموت على الخلق فكم *** فلّ من جيش وأفنى من دول
              أين نمرود وكنعان ومن *** ملك الأرض وولّى وعزل
              أين من سادوا وشادوا وبنوا***هلك الكل ولم تغنِ القُلل
              أين أرباب الحجى أهل النهى***أين أهل العلم والقوم الأُوَل
              سيعيد الله كلاً منهم *** وسيجزي فاعلا ما قد فعل
              فإن كان إبن الوردي أيقن بالبعث بعد الموت , فإن من الناس من ينكر ذلك , فيقول كيف يعيدها الله بعد أن تحللت تلك الأجسام , فبعضها في البر وبعضها في البحر وكم أحرق منها , ومرد الشبهة إلى القدرة على إعادة ما كان إلى ما هو عليه , فكان إنكار أهل الكفر والإلحاد قديما وحديثا على البعث أنهم تبلى وتتشتت أعضاؤهم وتتحلل فتصبح مادة أخرى فكيف يعود ذلك إلى جسده بعد تحلله وكيف يعود؟ وأنه يشاهد أحدا عاد بعد موته مع أن الأنبياء أخبروهم بالبعث ؟ وأخبرنا الله عن هؤلاء بقوله جل وعلا{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
              وبمثل ذلك شبهة من أنكر البعث بالجسد فزعم إنها للروح دون الجسد , كالفلاسفة وبعض أهل البدع .
              قال القحطاني في نونيته :
              علم الفلاسفة الغواة طبيعة ////ومعاد أرواح بلا أبدان
              لولا الطبيعة عندهم وفعالها ////لم يمش فوق الأرض من حيوان

              ولم يكذب هؤلاء البعث إلا بعد عجز عقولهم عن إدراك ذلك بالمحسوس بزعمهم , فكيف يمكن لهذه الأجساد أن تعود ؟ . ولم يكن الأمر كما يظن هؤلاء , بل هو يدرك بالعقل , بنفس الطريقة التي حاولوا أن يستخدموها لنفي البعث , وبنفس أدواتهم الذين زعموها تنفي البعث, والقرآن الكريم , فيه آيات بينات واضحة تزيل إستشكلات هؤلاء وشبههم .
              فإن إستشكالهم محصور في أمرين :
              - إمكان أن يعاد الجسد كما كان .
              - بعد اثبات الإساتطاعة تحديد من يستطيع .
              عالج القران هذا الأمر في نفس الآيات , وكان الرد عليهم بما يشفي القلوب ويقنع العقول . فالوجود هو دليل الإمكان , ويقصد بذلك أن وجود أي شيء مشاهد . هو دليل أنه غير مستحيل , لأنه موجود ومشاهد . فدليل أمكان عودة الأجسام هو وجودها يوما على هذه الأرض , لذلك نجد أن الآيات تشير الى ذلك , وتذكر الناس به :
              {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }[يس/78] . فهذا أستشكل عودة الرميم ليكون جسدا , ونسي أنه خلق من قبل ولم يكن شيئا مذكورا , فكيف يستشكل إمكان عودة الجسم الى حاله وهو أصلا كان على حالته الأولى مثل ما هو عليه بعد أن بلي الجسد !!! إذا فخالقه أول مرة لا شك أنه قادر أن يعيده كما كان , وما يرونه من نشأة الجسد ونموه ثم موته وتحلله إلا أن يعرفوا بقدرة وحكمة من خلقه , فهو القادر على ذلك .
              فخالق الشيء قادر على إعادة خلقه دون عجز سواء تحلل الجسد أم بقي على حاله , أو حتى لو أصبح شيئا آخر :
              وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *
              قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ [الإسراء/49، 51] فلو كنتم ترابا أو صرتم حجارة أو أصبحتم حديدا , فهذا وإن كان بعضه أصعب من بعض من قياس الناس إلا أن ذلك للله عز وجل سواء , فلا يعجزه صعب بني آدم ولا غيره .
              فإن العظام تبلى ولكن العظام لم تكن يوما وخلقها ربها وكساها لحما وهذا اللحم والعظم إنما خلقه الله من هذه الأرض فهل يعجز من خلقهم أول مرة بإعادتهم كما كانوا ؟.بل هذا الأمر أذل من أن يعجز الخالق عز وجل ,فبين لهم أن القدرة موجودة لمن خلقهم أول مرة.
              ثم بين الله لهم أمرا يخصهم ويفحم عقولهم , وهو أن من خلق الأعظم لا يعجز عن الأقل فيذكرهم بكبير القدر :{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا } [الإسراء/99] فبين لهم ما في الآية الأولى أن خالق الشيء لا يعجز أن يعيده وكذلك قرنها لهم بالسموات والأرض التي هي أعظم من خلق الناس { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [غافر/57]
              فأيها الإنسان مهما نظرت إلى نفسك فلست إلا شيء قليل فانت اصغر من بعض المخلوقات وأقل قدرا كالسموات و الأرض فإن الله فالله عز وجل خلقكم من بعض ذلك الخلق وهي تربة الأرض ومائها .فتذكروا أول خلق أنه حدث والذي خلق الخلق يعيد الخلق تارة أخرى :{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء/104]
              وتشابه قلوب أهل الإلحاد أولهم وآخرهم , فجعلوا إستمرار الحياة دليل على عدم البعث لأنه لم يعد أحد ممن مات :{ وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }[هود/7]
              { بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
              فبين الله لهم ذلك أنه ليس من ضروب السحر ولا من أساطير الأولين بل هو الحق المبين الذي تعرفه عقولهم وتطمئن له قلوبهم فبين عز وجل {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}فالخلق دليل على البعث لأن الخلق يحدث دائما وقولهم إنها أساطير الأولين هو بعد عن الحق إذ أن الخلق كله موجود والخلق كله بتصرف الخالق يجري فليس يخرج من سلطانه شيء فكيف يستبعد إعادة الإنسان بعد موته:
              قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) [المؤمنون/84-89]وعدم عودة الموتى إلى الحياة مرة أخرى في هذه الدنيا لهو دليل على أن من مات لا يعود إليها. فهو دليل أن الحياة والموت بيده عز وجل , إذ لوعاد دون إذن الله لكان دليلا على العشوائية , وعدم عودتهم إلى الدنيا دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,وأن الأمر لم يحدث بدون خالق مدبر عليم مسيطر على ما خلق , لان وجود الشيء هو دليل على أنه من الموجودات, والمخلوقات الموجودة لو لم كان وجودها بسبب , فإن عودتها ممكن بنفس السبب , واناس كلهم يفهموا ذلك فهم يسلموا أن الوجود دليل الإمكان , فلو تحقق شرط الخلق لعاد الشيء كما كان . فعدم عودة الموتى دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,لأنه مالك لسبب وجودهم وهو من أوجدهم عز وجل. بل هو دليل أن كل شيء مقدر بطريقة حكيمة : . فقد بين عز وجل ان من يموت لا يرجع الى هذه الدنيا الا باذنه فقال عز وجل :"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ" فبين الله عز وجل أن الحقيقة أن من يموت لا يرجع إلى الدنيا كما هو ممكن عند الدهرية الملاحدة فالحال دليل على أن الموت والحياة بيد الخالق عز وجل لا بيد الناس ولا مما تملكه الطبيعة , ولا يحق لهم الاعتراض على بعث الموت بحال الميت بعد موته وتحلل جسده بل خلقه ووجوده دليل على قدرة الخالق بإعادة الخلق مرة أخرى . وقد كان أهل الكفر والالحاد يسخرون من البعث ويرونه منافيا للعقول :" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)"
              فبين الله لهم ضعف عقولهم وعدم تدبرهم بما حولهم ونسيانهم واقع حالهم " بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ " فاي ضلال اشد من عدم إدراك الإنسان لأصله ولحاله وإلى منزلته بالنسبة للخلق " أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "
              وقد بين الله عز وجل ان أصل الانسان انه كان من شيء ميت تم خلقه خلقا بعد خلق حتى أصبح انسان سوي وهذا الخلق دليل على البعث والنشور :
              يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
              فسبحان الله كيف تطيش عقولهم وتعمى ! فخلق الإنسان في بطن أمه أطوارا وخلقا بعد خلق لا يشبه بعضه بعض دليل على ذلك . فكل طور لا يشبه ما قبله , فان كان الانسان وجد الميت يصبح ترابا ,فإنه يرى التراب يصبح حيا, فإذا عاد الانسان ترابا فما المانع أن يرجع مرة أخرى كما خلق أول مرة وجاء الى هذه الدنيا !!!
              ولعل أروع ما يدخل القلوب ويقنع أهل الإلحاد بالبعث ومقدرة الله عليه مثال يشاهدونه في كل عام ويشاهدونه بأشكال مختلفة :
              "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) فالإنسان يشاهد الزرع كيف يكون وكيف يصير وكيف يحي الله الأرض بعد موتها وهي صورة جميلة يراها الانسان دائما , فلفت إنتباهه لها وجعل قلبه مع الصورة الجمالية التي يرسمها القران في القلوب لتلك الأرض وكأنك ترى ذلك بأم عينك , ثم بعد ذلك يخبرك أن هذه الصورة التي ابهجت قلبك وسلمت لها هي نفس الصورة التي أنكرتها بالنسبة للبعث فهو أسلوب للقران صورة مختصرة يسمعها الإنسان فيفهما ويعتبر يرى أن المشهود دليل على الموعود . "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) "كذلك يخرج الله الموتى وهو قياس تقبله العقول ومشاهدة الأرض تحيا بعد الموت.حتى أن العقول أصبحت لا تستنكرها من كثرة تكرارها في الحياة , قال تعالى:" اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) "
              فالرياح تثير السحاب والأمطار تنزل على الأرض الميتة فينبت الزرع , صورة جميلة ترسم في القلوب وتدركها كل العقول . وهذه الصورة ليست للتذكير فقط بل هي للتذكير بالبعث :فأنظر أيها الإنسان كيف يحي الله الأرض بعد موتها ,إن الله الذي أحيا الأرض هو نفسه الذي سيحيي الموتى وهو قادر أصلا على كل شيء . فاذا نظرنا الى الرياح كيف تثير السحاب وكيف يسوقه الله إلى أرض بعيدة قاحلة وكيف ينزل عليها المطر فتنبت الأرض وتهيج . لا ننكرها بل نقبلها وهذه الصورة تحدث في أشهر حتى تكتمل فألإيجاز دليل على وضوح الصورة عند الناس والعبرة بسيطة سهلة يعتبر بها كل ذي لب :" إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى " وهذه الصورة هي صورة مقابلة لما يحدث للناس فالانسان يكون ميتا ثم يحيه الله ويميته ثم يحي آخرين , وكذا الزرع يكون بذرة فيسقى الماء فينبت , ثم يصفر ويصبح هشيما تذروه الرياح , ثم يعود كم بدأ ثم يعاود ذلك , فهذه صورة تمر على كل إنسان في حياته يراها ولا ينكرها فلو سألناه بعد أيام لا يكون نبات هنا؟ هل يمكن ان تنبت هذه الأرض ؟ فإنه لن يتردد بالإجابة بنعم , لا لشيء وإنما لأنه شاهدها . كيف لا يكون ذلك في الانسان أيضا وهو يرى الموت والحياة كل يوم .
              فأي عاقل ينكر البعث بعد هذه الادلة عليه ؟
              ومن اسلوب القران في اثبات البعث , أن يرد عليهم شبهتهم بعدة طرق منها ما سبق ومنها ما يكون تذكيرا لهم بما حولهم وبطرق عدة بحيث أن الأنسان لا يجد أمامه إلا التسليم لأن الجواب تقبله العقول وتدركه حواسهم .مثال ذلك قوله تعالى :
              قال العزيز الحكيم " أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) "
              وعند ضرب الكفار مثلا عن هذه العظام البالية وإستشهادهم بتحلل الجسم إذ لم تستطيع عقولهم تخيل كيف ستعود الحياة فيها مرة أخرى بين الله لهم ذلك من وجوه :
              --الأول أن أصل الإنسان نطفة فلو تذكر أصله وعلم حاله لما أنكر بعث الميت من بعد تحلله . وأعظم ما يلفت الإنتباه إليه أنه كان نطفة لا قيمة لها ولم يكن شيئا مذكورا حتى إذا خلقه الله في بطن أمه خلقا بعد خلق نرل طفلا وتعلم وكبر حتى أصبح يخاصم في كل شيء ناسيا أصله ومآله" أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ "
              --الثاني انه عند سؤاله نسي أنه مخلوق بعد أن لم يكن أي أن وجوده دليل على إمكان إعادته وسبقت الإشارة لذلك سابقا, وهو كقوله تعالى :"هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)" " قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) " فاذا نظر الانسان لخلقه وأنه أصبح موجودا ولم يكن قبل ذلك شيئا مذكورا علم أن بعثه بعد موته أمر يشهد عليه وجوده وأن الأصل هو أن الخالق عنده القدرة على ذلك ودليلها وجود الإنسان نفسه ."وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ "
              --الثالث : أن أصل الأمر ومرده إلى قدرة الله لأنه نفسه الذي سيحيها وهو الذي سيبعثها .وهو عليم بخلقها قادر عليها ."قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ "والخالق عز وجل أخبر بأنه سيفعل . وعلمه بذلك وقدرته عليه تكفي للأجابة عند العقلاء.
              --الرابع: لفت نظر الانسان الى قدرة الله عز وجل وكيف أنه يخرج الحي من الميت والميت من الحي وكيف يجعل الشجر الأخضر الرطب الذي يستظل بظله نارا تبعث الدفئ بالنفوس ويطهى عليها أنواع الطعام . فهي من ما يستظل بظلها من ما يتقى حره" الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ", وخلاصتها أن الله عز وجل خلق من الشيء ضده فلا يعجزه أن يفعل ذلك متى شاء عز وجل .
              --الخامس: أن الذي خلق السموات والأرض لا يعجز عن إعادة خلقها فكيف بهذا الإنسان الذي لا يقارن بخلق السماء ولا الأرض:" لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ " فأي مقارنة لبعث الإنسان مع هذا الخلق" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ "
              --السادس : إن الله عز وجل لا يعجزه شيء ولكن تشبيه الناس لربهم بأشخاص عجز مثلهم هو ما يوهمهم ذلك "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ "فهم شبهوا الخالق بما يشركوا وبضعفهم تعالى الله عما يشركون وتعالى عما يصفون علوا كبيرا فالله عز وجل إنما يأمر الشيء فينقاد الشيء لخالقه كيفما أراد فلا يعجزه شيء عز وجل ويستوي عنده خلق نفس أو خلق أنفس كما قال الله عز وجل :"مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)" " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"
              السابع : إن إنقياد الشيء لخالقه أمر لا محالة له إذ بيده عز وجل ملكوت كل شيء لا بعضه وإنما أخر الناس لأجل معلوم عنده عز وجل" فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
              إذا أنكار البعث حقيقة لا يكون بسبب العجز لأن الذي فعل شيء لا يعجز على إعادته كما كان. والخالق الذي خلق الشيء العظيم كالسموات والأرض لا يعجز عن خلق شيء منهما ولا أقل منهما , وقد بين الله لنا صورة البعث في الزرع الذي نراه في حياتنا .


              وخلاصة القول أن الخلق دليل على القدرة . وإعادة الشيء إلى حاله لا يعجز عنه من صنع أول مرة . وهذه تقبلها العقول دائما بتوفر الحال الأول من قدرة الخالق وارادته عز وجل .

              مجدي
              منتدى التوحيد



              الشبهة :

              عندما نناقش قادياني وننقل له من كلام المتنبئ الكذاب إلهامه الشيطاني بإدعاءه أن الله أوحى إليه قائلاً ( انت مني بمنزلة ولدي ) يردون علينا بحديث منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( الخلق عيال الله ) فما صحة هذا الحديث ؟؟

              الرد على الشبهة :

              الحمد لله الذى رفع الحق بالحجج النيرات،ورفع المتمسكين به بأعلى الدرجات،واثبت الحق لدينه بالآيات البينات،واشهد ان لا إله إلا هو مع اثبات الأسماء والصفات،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالآيات المحكمات،فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين بدون زيادات.

              أما بعد:

              فهذا تخريج لحديث الخلق عيال الله الذى تبرر به القاديانية الإلهام الشيطاني الذي تلقاه ميرزا غلام أحمد لعنه الله .
              وسيكون عبارة عن ايراد اقوال اهل العلم المعتبرة التى تدل على ضعف هذ الحديث ونرجوا من الله السداد والقبول.

              حديث(الخلق كلهم عيال الله ، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله)

              قال العجلونى رحمه الله فى كتابه كشف الخفاء(1/380)

              رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو النعيم في الحلية والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود مرفوعا ، ورواه أبو نعيم وأبو يعلى والطبراني والبزار وابن أبي الدنيا وآخرون عن أنس مرفوعا ، والطبراني عن ابن مسعود بلفظ فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله،

              ورواه الديلمي عن أنس رفعه بلفظ الخلق كلهم عيال الله وتحت كنفه ، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله ،وفي رواية للعسكري عن ابن عمر قال قيل يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله ؟ قال أنفع الناس للناس ،

              وللطبراني عن زيد بن خالد مرفوعا خير العمل ما نفع ، وخير الهدى ما اتبع ، وخير الناس أنفعهم للناس ، وعزاه في الدرر للبيهقي في الشعب وأبي يعلى عن أنس بسند ضعيف ، ولابن عدي عن ابن مسعود بلفظ الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله انتهى ،

              وقال النووي في فتاويه هو حديث ضعيف ، لأن فيه يوسف بن عطية ضعيف باتفاق الأئمة ، ورواه الحافظ عبد العظيم المنذري في أربعينه عن أنس رفعه بلفظ الخلق كلهم عيال الله ، فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله ،

              وقال ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثية حديث الخلق عيال الله ، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله ، ورد من طرق كلها ضعيفة ، ولفظ بعضها الخلق كلهم عيال الله وتحت.

              قال الالبانى رحمه الله فى السلسلة الضعيفة(4/399)

              ضعيف . روي من حديث أنس بن مالك و عبد الله بن مسعود و أبي هريرة .

              1 - أما حديث أنس ، فيرويه يوسف بن عطية الصفار عن ثابت عنه مرفوعا . أخرجه ابن
              أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " ( ص 77 ) و المخلص في " المجلس الأول من المجالس السبعة "
              (4 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 115 / 1 ) و كذا البيهقي في " الشعب "، و أبو يعلى و البزار و الطبراني و الحارث بن أبي أسامة و العسكري و غيرهم ، كما في " المقاصد الحسنة " . و يوسف هذا متروك كما في "التقريب " . و قال الذهبي في " الميزان " : " مجمع على ضعفه ... و من مناكيره... " . ثم ساق له أحاديث ، هذا أحدها .

              2 - و أما حديث ابن مسعود ، فيرويه موسى بن عمير عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد عنه مرفوعا به . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 324 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 102 و 4 / 237) و الخطيب في " التاريخ " ( 6 / 334 ) و كذا البيهقي في " الشعب " ، و قال ابن عدي : " لا أعلم يرويه عن الحكم غير موسى بن عمير ، و عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه " . قلت : و قال أبو حاتم : " ذاهب الحديث ، كذاب " .

              3 - و أما حديث أبي هريرة ، فيرويه بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه رفعه
              بلفظ : " الخلق كلهم عيال الله ، و تحت كنفه ، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله " . أخرجه الديلمي . و بشر هذا ضعيف الحديث كما قال الحافظ في " التقريب" . و ذكره الذهبي في " الضعفاء و المتروكين " ، و قال : " ليس بحجة " . و قد ثبت الشطر الثاني من الحديث بلفظ : " خير الناس أنفعهم للناس " . و هو مخرج في " الصحيحة " ( 427 ) .

              والناظر فى متن هذا الحديث يتبين له نكارة لفظه لانه من المعلوم من الدين بالضرورة ان الله عزوجل لا ولد له,ولفظ هذا الحديث جعل الخلق عيال لله,حتى وان كان له تأويلا فلا يجوز الاستدلال به لنكارة لفظه والله اعلم

              ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

              تعليق


              • #9
                هؤلاء تركو القاديانيه

                مناظر الإسلام مولانا لال حسين أختر
                من ظلمات القاديانية الأحمدية إلي نور الإسلام

                مناظر الإسلام مولانا لال حسين أختر كان وجوده عطاء إلهياً للقاديانية الأحمدية إنه قضى من عمره حوالي نصف قرن من الزمان في خدمة الإسلام والدفاع عنه خاصة مع زملائه في منظمة ختم النبوة ، وكان هذا معروفاً في داخل البلاد وخارجها مع شيخ الإسلام مولانا أشرف علي التهانوي ، وشيخ الإسلام مولانا السيد أنور شاه الكشميري ، وقطب الإرشاد مولانا عبد القادر الراي بوري ، وأمير الشريعة سيد عطاء الله شاه البخاري ، هذه الكوكبة من العلماء الذين بذلوا جهودا غير عادية في الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، و نشر العلوم الشرعية في طول البلاد وعرضها.
                ونظراً لمكانته العلمية البارزة وتمكنه وثقافته الغزيرة اختاره شيخ التفسير مولانا أحمد علي لاهور نائبا عنه في مناظرة علمية ، كما يرجع إليه فضل إنشاء منظمة ختم النبوة في الهند بالتعاون مع زملائه مع انه في تلك الفترة كان قد انزلق إلي مهاوى القاديانية لحوالي ثمانية أعوام ،
                ويقول عن تلك التجربة المريرة:
                الحمد لله الذي أوجد العالم من عدم ، وجعل الناس أشرف المخلوفات ، والصلاة والسلام علي أشرف الوري الذي أرسله الله رحمة للعالمين سيدنا ومولانا محمد المصطفي صلي الله عليه وسلم .
                لقد كنت عبدا ذليلا،وإنسانا غارقا في ظلمات الجهل علي مدي ثمانية أعوام قضيتها في ظلمات القاديانية وضلالها،ولكني الآن أعيش بفضل الله وكرمه في نور الإسلام "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
                لقد بدأت حياتي المذهبية حينما كنت أدرس في مرحلة الكلية بلاهور، وفي تلك الفترة فوجئت بصدور فتوى من العلماء في ضوء القرآن الكريم والسنة المطهرة بترك المدارس والتعليم الحكومي فتركت كليتي ووطني الحبيب في محافظة "كروداسبور" امتثالا لتلك الفتوى من جهة ، ومن جهة أخري تقديم التضحية من أجل خدمة الإسلام والمسلمين بكل غال ونفيس ، وعلي الرغم من حملة التخويف التي تعرضت لها والتهديد بالسجن ، واصلت المقاطعة وسجلت اسمي بين أعضاء لجنة المقاطعة التي ظلت تعمل طوال تسعة أشهر حتى حققت أهدافها،خاصة في محافظة "كروداسبور" ، وقبل أن تنتهي المقاطعة ثارت الجماهير في المحافظة ضد الحكومة وأشعلوا النيران في بعض المصالح الحكومية ، ونتج عن ذلك اتهامي من قبل الحكومة بتحريض الجماهير ،وصدر ضدي حكم بالسجن سنة وعشرين يوما،قضيتها في سجن "كروداسبورت"،وبعد خروجي من السجن وجدت البلاد غارقة في الفتن ،وفي هذه المرحلة الحرجة التقيت ببعض المبلغين من فرقة القاديانية الذين كانوا يعملون بشكل جماعي أعجبني ، وفي تلك اللقاءات حاولوا جاهدين إقناعي بأن عقائدهم لاتخرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة ،وأن الميرزا القادياني لم يكن مدعيا للنبوة ، وأن الذين نسبوا إليه إدعاء النبوة كذبوا وافتروا عليه،ولكي يبرهنوا لي علي صدق كلامهم قرءوا علي بعض النصوص من كتب الميرزا التي ألفها في مراحله الأولي، ومنها علي سبيل المثال :ما كتبه الميرزا بخط يده "إن من ادعي النبوة فهو كافر دجال وخارج عن ملة الإسلام " هذا من ناحية ومن ناحية أخري أنني لم أكن أعرف شيئا عن مؤلفات الميرزا، و كانت مطالعاتي في هذا الشأن لاتزيد عن الصفر، وهذا كان له الأثر البالغ في سقوطي في براثنهم و قبولي لعقيدة القاديانية بسهولة ليس هذا فقط بل التحقت بالكلية التبليغية التابعة لهم بعد مبايعتهم ،وهناك درست اللغة السنسكريتية، وبعد أن أكملت مقرراتهم في الفترة المحددة لها نصبوني مبلغا مهما لنشر معتقدهم،ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل عينوني سكرتيرا للجماعةالأحمدية ومحررا لجريدة "بيغام صلح "، و"محصل" وغيرهما فكنت أتحمل المسؤلية في تبليغ عقائدهم ونشر أفكارهم علي مدي ثمان سنوات كاملة.
                بداية التحول.....رؤيا
                خلال عام 1931م رأيت في المنام رؤيا تكررت عدة مرات ،رأيت فيها القادياني- الميرزا غلام أحمد- علي أسوأ حال ، ولم أستطع التصريح بشيء عن هذه الرؤيا لأي واحد منهم،لأني أعرف ردهم مسبقا فسيقولون هذه رؤيا شيطانية.
                هذه الرؤيا التي تكررت عدة مرات كانت نقطة تحول بالنسبة لي ، ففي الوقت الذي لم أحكيها لأحد من هؤلاء القاديانيين ،لم أستطع الصبر علي تلك الحالة التي كنت عليها في معتقد الأحمدية القاديانية ،فإن كانت أفكار الميرزا قد أثرت فكري ومعتقدي في البداية ،إلا أن عقيدتي الإسلامية الصحيحة كانت تدفعني دوما إلي الاعتقاد المؤكد بأن كل ما يقوله المرزا من إلهامات وإرشادات ليس صحيحا علي الإطلاق ،ومع تكرار الرؤيا التي أرى فيها الميرزا في أسوأ حال ،وعلي الرغم من إدراكي أن الرؤيا ليست حجة شرعية إلا أنني أدركت أنها رؤيا خير ترشدني إلي طريق الهدي،ولذلك قررت أن أترك "حب أو بغض القادياني" وأن أضعه علي الرف، علي أن أحقق المسألة تحقيقا علميا بميزان الإسلام ، لكي أتحقق من صدق أو كذب عقيدة القادياني بدأت في الإطلاع علي مصنفات الميرزا خاصة تلك المشهورة التي كان لها أثر علي الناس وأدت إلي انتشار عقيدته،وبدأت مراجعة الكتب المعتبرة عندهم كالناقد البصير والمحقق المستنير حتى قضيت ستة أشهر في هذا الأمر ،وفي نفس الوقت كنت أقرأ الكتب التي تقدح قي القاديانية وتفند مزاعمها ،وفي النهاية كانت الحقيقة التي لامراء فيها وهي أنني كلما قرأت كثيرا كلما ازداد يقيني بكذب القاديانية، وأصبحت علي يقين تام بأن القادياني في دعواه الإلهام والتجديد والمسيحية والنبوة كان مفتريا عظيما ،كما وصلت إلي القناعة الكاملة بأن النبي محمد صلي الله عليه وسلم هو خاتم النبيين والمرسلين،وأن المسيح عيسي علي السلام لم يزل حيا في السماء وانه سينزل إلي الدنيا مرة ثانية قبل قيام الساعة .
                مشكلة عظيمة ولكن
                عندما وصلت إلي هذه النتيجة شعرت بأني وقعت في مشكلة ألا وهي ،كيف أتصرف الآن بعد أن لازمت القاديانيين ثماني سنوات كاملة حتي وصلت إلي درجة مبلغ ناجح ومناظر ماهر للقاديانية ،في نفس الوقت الذي اكتشفت فيه أن عقائد القاديانية تخالف القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ؟
                بعد تفكير طويل قررت أخيرا أن أصدع بالحق ، ولا أخشي في الحق لومة لائم،وإن كنت في سبيل ذلك سأتحمل الشدائد والصعاب ،وليس لي إلا الصبر لأن من يصدع بالحق لابد أن يضحي بكل غال ونفيس في سبيل هذا الحق ،فندمت ندما شديدا وتبت إلي الله توبة نصوحا،فتاب الله علي وهداني إلي سواء السبيل ألا وهو الإسلام فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله....ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
                في يوم 10يناير من عام 1932م قدمت استقالتي من كل المهام التي كنت أقوم بها في القاديانية الأحمدية،وقررت ترك الأحمدية تركا نهائيا وقطع كل صلاتي بها ،وفي يوم 26يناير1932م أخطروني بقبول الإستقالة،وفي نفس الوقت جاءوا عندي وقالوا: نحن نعرف أنك ليس لديك عملا تكسب منه مالا وأنك لاتكسب من الكتابة والمقالات ما يوفر لك نفقات العيش ،لذلك نحن في الجماعة الأحمدية قررنا منحك1500روبية تساعدك علي ان تتاجر في الملابس، أوغيرها بشرط التعهد بعدم كتابة أي شيء عن الأحمدية ، أو إجراء أي مناظرات ضدها لمدة خمسة عشرعاما ،وإذا خالفت هذا التعهد فسوف تدفع غرامة قدرها 30,000روبية، وإن لم تقبل هذا الأمر فإن الأحمدية لن تجبرك علي العودة إليها،ولكن عليك أن تكون مثل العلماء الأحناف وأهل الحديث في الهند الذين لا يهاجمون الأحمدية ،فكان ردي عليهم فورا قائلا:كيف تتجرءون وتطلبون مني هذا؟ أما ألوف العلماء الذين لايتحدثون عن القاديانية فأنا لاأتحمل وزرهم ،أما بالنسبة لي فهذا الأمر فرض عين علي فقدت شاركت في الدعوة لهذه العقيد الباطلة عدة سنوات ،فكيف تطلبون مني الصمت بعد أن هداني الله إلي الحق ..لا لن يستطيع أحد في هذه الدنيا إجباري علي الصمت ولاكنوز الدنيا تثنيني عن مواجهة هذا الباطل واستئصال شأفته، ولم يستسلم الوفد القادياني الذي جاء يساومني واستمر الجدل معهم حوالي ثماني ساعات ثم رجعوا يائسين أذلاء صاغرين ،ولم يعد أمامهم إلا التهديد الصريح قائلين :إن هذا الإقدام والتصميم لن يأت لك بخير ولا يكون فيه الهلاك لك. لكنني لم أبال بتحدياتهم الجارحة فلا يمنعني عن تأدية المسئولية أي شئ.فمازلت مشغولا بالخطابة والمناظرة،في الوقت الذي هاجمني القاديانيون أتباع ميرزا في المحاضرات والمناظرات التي كانت تعقد،و في محافظة كروداسبور - في بيلون دلهوزي-حاولوقتلي ولكن الله- تعالى- سلم وجرحت ،وعندها قال لي أحد أتباع الميرزا في تهديد واضح وصريح "اعلم يا حسين أننا سنقتلك" فرددت عليهم فورا : ليس هناك أعظم من الشهادة في سبيل الله،وأنا اسعي إلي الشهادة في سبيل الله بدلا من أن أموت علي فراشي .
                وفي محاولة ثانية بينما كنت أخطب في الناس بعد صلاة العشاء في مسجد بيلون دهلوزى ، هاجمنى أحد أتباع الميرزا وكان متخفيا في بطانية ومعه سكينا،فانقض عليه أحد الرجال الذين يستمعون الخطبة ،وأخذ منه السكين وألقت الشرطة القبض علي ذلك القادياني وأرسلته إلي مديرية الشرطة للتحقيق معه اتخاذ الإجراءات اللازمة. القادياني الدجال ...وجه خنزير
                ذات ليلة رأيت في المنام آلاف الناس قائمين متحيرين محتجزين في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء،وأنا محتجز معهم في هذا المكان الرهيب المحاط بأسوار حديدية عالية لا أبواب لها وعليها أسلاك شائكة ،ورأيت في هؤلاء الناس من أعرفه منهم فسألهم :لماذا نحن هنا في هذا المكان وما السبب في هذه المصيبة ؟ فقالوا: نحن حبسنا هنا بسبب الأحمدية القاديانية. وأن المسيح الموعود ينام هناك علي ذلك السرير ولم يشعر بنا أو يخلصنا من هذه المصيبة .فبدأت أنا الطواف في المكان لعلي أجد بابا في ذلك السور العالي لكي أترك هذا المكان البغيض،فوجدت فتحة فتحايلت حتي خرجت منه بصعوبة وقبل أن أفر بعيدا عن المكان رأيت من بعيد سريرا عليه شخص نائم شبه مغطي بملاءة فاقتربت منه في أدب ووقار فإذا بى أري وجهه طويلا قبيحا كأنه خنزير ، وإحدي عينيه مفتوحة بقدر حبة الخردل والعين الثانية مغلقة وقال لي أنا علي أسوأ حال ،وانبعثت من فمه وهو يتكلم رائحة كريهة منتنة لاتطاق ففررت مسرعا ،وإذا بي أستيقظ من النوم خائفا مرتعدا.
                الميرزا القادياني يمشي إلي جهنم
                رؤيا أخري ..رأيت فيها أن شخصا كان يمشي أمامي علي بعد حوالي400ذراع وأن أسير خلفه متجها من الشرق إلي الغرب ،وبينما أنا أسير في الطريق وجدت شخصا آخر أجنبيا وجيها أبيض اللون متوسط القامة وجميع ثيابه بيضاء ، ونظر لي وسألني: إلي أين أنت ذاهب ؟ فأجبته: أنا ذاهب إلي حيث يقودني ذلك الرجل الذي يسير هناك. فقال لي أتعرف من ذلك الرجل الذي يقودك وإلي أين هو ذاهب بك ؟ فأجبته: لا أعرفه ولا أعرف إلي أين يقودني. قال لي: إن هذا الرجل الذي أمامك هو غلام أحمد القادياني ذاهب بنفسه إلي جهنم ، ويذهب بك إليها.فقلت له: لاأظن أن أحدا في الدنيا يذهب بنفسه إلي النار وهو يعلم كم يذهب بالآخرين . فرد قائلا :فما رأيك في مسيلمة الكذاب ،ألم يختار بنفسه طريق جهنم متعمدا بإدعائه النبوة كذبا وزورا؟ فلم أرد عليه فقال لي : أنظر أمامك ، فلما نظرت أمامي إذا بي أري أمامي شعلة حمراء تمتد من الأرض إلي السماء.وقال لي ذلك الرجل: أتدري ما هذه الشعلة الحمراء ؟ قلت لا أعرف .،فقال لي هذه الشعلة هي جهنم وإذا بالرجل يغيب عني،بينما أنا أمشي حلف الغلام أحمد القاديانى- حتى إقنربت من الشعلة الحمراء ، وعندما اقتربت من تلك الشعلة الحمراء فشعرت بحرارة شديدة ،واستيقظت من النوم .
                عقائد ميرزا الباطلة
                لا يخفي علي أحد أن هناك فرقا شاسعا بين الإسلام المنزل من السماء وبين عقائد االقاديانية الضالة ، بعد المشرقين وبعد المغربين ،فالقادياني جاء بعقائد وأهواء لاتمت للإسلام بأدني صلة.- كما أن القادياني زعم أنه محدث ومجددالإسلام وادعى والمهدية والمسيحية ،ولم يكتف بذلك بل ادعي مرة أنه ابن الله ثم تطور الأمر به إلي إدعاء الألوهية .وبناء علي وضوح تلك الإدعاءات الباطلة فكلامه وكتاباته أصدر العلماء فتوي بكفر غلام أحمد القادياني كفرا صريحا يخرجه عن ملة الإسلام.
                بعض خرافات وترهات ذلك الميرز ا القادياني
                1-أنا محدث (حمامة البشري-صفحة79).
                2-بشر لي من الغيب بأني رجل أجدد هذا الدين (در ثمين فارسي صفحة 122).
                3-أنا المهدي المنتظر (مسيار الأخبار صفحة 11)
                4-أنه جعل من نفسه مصداقا للأية الكريمة – مبشرا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد-(إزالة هامة –صفحة 673).
                5-أنا مسيح الزمان،وأنا كليم الله – يعني موسي ،أنا محمد مجتبي-(ترياق القلوب صفحة 3).
                6 -جعلني الله مظهرا للأنبياء جميعا ونسب إلي أسماء جميع الأنبياء ،أنا آدم ،وشيث ،نوح ،وإبراهيم ،واسحق،وإسماعيل ،ويعقوب،أنا يوسف،أنا موسي ،داود،وعيسي ،وأنا أتم مظهر لإسم محمد صلي الله عليه وسلم،أي أنا محمد ،وأحمد علي سبيل الظل (حاشية حقيقة الوحي).
                7- وما بعث نبي في الدنيا إلا وقد أعطي لي اسمه كما وصفني ربي في"براهين أحمدية" بأنني آدم ونوح ،وإبراهيم ،وإسحق ،ويعقوب وإسماعيل ،وموسي ،وعيسي بن مريم ،ومحمد صلي الله عليه وسلم ،وكما أنزل الله أسماء كل الأنبياء في ذلك الكتاب ،وجعل نسبي في حلل الأنبياء وأن تظهر في صفات كل الأنبياء(تتمة حقيقة الوحي84-85).
                8-ياأيها القراء : قد اتضح الأمر من الكلام المذكور بأن الميرزا غلام أحمد انتسب إلي أسماء كل الأنبياء –علي سبيل- وهذه الخصائص والصفات أعطيت جميعا د للميرزا كما أعلن بنفسه – أنا آدم وأيضا أحمد المختار ،وأنا مظهر لكل أفعال الخير وكل الصفات التي أعطاها الله لكل نبي ، وقد أعطاها الله لي جميعها –يا أيها الأحمدي من لاهور –أليس مفهوم إشعار الميرزا بأنه ادعي لنفسه صفات ومظاهر كل الأنبياء عليهم السلام ؟ ولم يجعل نفسه في درجة أقل من أي نبي وردد هذا في شعره:كم من الأنبياء رحلوا من الدنيا ولكني لست أقل شأنا منهم (درخمين فارسي صفحة 163).
                9-ولم يكتف الميرزا بذلك ، بل أضفي علي نفسه صفات أخري قائلا:أنا من عجينة مركبة من كل خصائص الأنبياء،بل اجترأ وقال " أنا تلك الحقيقة التي سواد كل الأنبياء منها " (در ثمين فارسي 165) .
                10-وقال :" بسبب وجودي في كل الأنبياء أصبحوا أحياء ،وكل الرسل اختفوا في جبتي "-نعوذ بالله من هذا البهتان وهذا الإفك.
                كما يقول الميرزا عن نفسه أيضا: قد أراد الله في هذا الزمان كما أن الأنبياء الأوائل رحلوا من هذه الدنيا ،إلا أن هؤلا ء جميع يظهرون في شخص واحد هو أنا.(براهين أحمد –جزء خاص-90).
                يا أتباع ميرزا في لاهور لقد ادعي السيد ميرزا لنفسه فضائل كل الأنبياء فقولوا ما الذي جعله يفضل نفسه عل كل الأنبياء فكروا في الجواب عن حقيقة هذا الذي يقودكم .
                11- من شعر الميرزا "جنة آدم كانت ناقصة ، وبمجيئي صارت ذات ثمار وزهور " . أيها القراء الأعزاء : هاهو الميرزا يعلن رفعته وسمو مكانته مدعيا بأن الجنة التي زرعها آدم وفيها سمو أخلاقي وشرف وتحضر وحياة إنسانية فاضلة –هذه الجنة كانت ناقصة ،ولكن بمجيء هذا الميرزا أصبحت هذه الروضة الآدمية مليئة بالزهور والزروع والثمار،أي أن هذه الدنيا كانت ناقصة وغير تامة قبل مجيء الميرزا ،ثم يبلغ الميرز أعلي درجات الهراء والتخريف عندما يقول:قبل وجودي كان كل شيء ناقصا،ولو لم أولد لما خلق هذا العالم ،ولم تخلق الشمس ولا القمر ولا الأرض ،ولم يبق نسل الإنسان ،ولم يبعث الأنبياء،ولم ينزل القرآن.
                أي أن خلاصة قول الميرزا أن كل هذه الأشياء خلقت من أجل غلام أحمد القادياني ،كما يقول عن نفسه في بعض هلوساته التي يسميها إلهامات :"لولاك لما خلقت الأفلاك"-(إلهام مندرج في" البشري" الجزء الثاني صفحة 12).

                الشخصيه الثانيه
                توبة محمد صالح القزق

                زعيم القاديانية في الأردن عام 1990م
                قد نشرت صحيفة عكاظ السعودية في عددها الصادر يوم السبت 17 شوال 1410هـ ( الموافق 12/5/1990م ) في صفحتها الإسلامية تقريراً من مراسلها في عمان سمير الحياري حول إعلان زعيم القاديانيين في الأردن المدعو طه محمد صالح القزق توبته ، وتبرئه من العقيدة القاديانية ومن نبوة نبيها الكذاب وخلفائه . وذكر التقرير أن القاديانية اتخذت ثلاثة طرق للترويج لمزاعمها في الأردن ، واعتمدت بصفة أساسية على أنشطة القاديانية الهندي رشيد أحمد جوقناوي الذي جاء إلى الأردن عام 1948م ثم عن طريق الأقارب ، ثم بواسطة الأصحاب والأصدقاء وكانت المحكمة الشرعية في بلدة " الناعور " في الأردن قد قررت تحريك دعوى اتهام القزق بالردة عن الإسلام إثر التحقيق الذي نشرته جريدة الراية الإسلامية في عددها الصادر يوم 13 أبريل 1990م باسم " الحق العام الشرعي " لعدم تقدم أحد بدعوى ضد زعيم هذه الجماعة ( القزق ) . واتضح من خلال سير التحقيق أن الجماعة القاديانية في الأردن تضم عشرين شخصاً
                والجدير بالذكر أن الصحفي الأردني المدعو إبراهيم ابوناب كان قد أرسل عرضاً إلى العديد من الصحف والمجلات العربية لنشر تحقيق مطول بعنوان القادياني في أواخر عام 1989م وقد قامت بعض الصحف بالفعل بنشر بعض الحلقات من هذا التحقيق الذي ادعى فيه هذا الصحفي أنه تغلغل في أوساط الجماعة القاديانية بهدف معرفة أسرارهم وخباياهم ثم لم يلبث أن اتضحت الحقيقة وهي أن إبراهيم أبو ناب نفسه – هو أحد أعضاء تلك الجماعة
                الشخصيه الثالثه

                .title_link { font-size: 8pt; color: #3366cc; font-family: tahoma; text-decoration: none; }
                قصة توبة أمجد السقلاوي


                الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله واله ومن والاه وبعد

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                بداية قصتي مع القاديانية (الأحمدية ) هي أنني كنت أفكر كثيرا في ظهور الإمام المهدي رضي الله تعالى عنه وجعلنا من خدامه وكنت دائما أتساءل متى سيظهر المخلص لنا من كل هذا الظلم الذي يحيق بالمسلمين في كل أرجاء الأرض حتى جاء شخص مقرب جدا لي (قريب) من فلسطين المحتلة أعادها الله سالمة لحضن الإسلام وكان هذا القريب عزيز على قلبي ويصغرني بسنوات وفاجئني بعقيدته التي يحملها وهي انه يؤمن بشخص اسمه الميرزا غلام احمد القادياني وانه نبي مرسل وانه المخلص وانه المسيح الموعود ..فقلت له يستحيل أن يكون قد ظهر ومات ولم نسمع به ..

                فقلت له هات الكتب التي عندك لأقراها وبالفعل عكفت على قراءة كتبهم وقرأت كل الكتب التي احضرها لي في غضون أسبوعين أو اقل ليلا نهارا منكبا على قراءة تلك الكتب واذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تفسير سورة الكهف , جزء من التفسير الكبير للقران الكريم , الناسخ والمنسوخ , لماذا تنقمون منا , وبعض المقالات هنا وهناك , أعداد كثيرة من مجلة البشرى الصادرة من حيفا – الكبابير (مركز القاديانية الأول في الوطن العربي والتي تحتضنه دولة إسرائيل المزعومة) ...هذه ما أذكر..

                وبعد نقاشات طويلة مع هذا القريب- أعاده الله إلى الإسلام - قال لي لم لا تستخير وتسال الله تعالى أن يريك الحق أين ؟

                قلت هو كذلك وتلكم كانت المصيبة ..فالقاديانيون يوقعون الناس في حبائلهم بتلك الطريقة وهي الرؤى والمنامات ..

                فرأيت في منامي أنني انظر لشاشة التلفاز وإذا بمسجد القاديانيين ومناراته في شاشة التلفاز على القناة المحلية وجهلت تماما الرؤية وتفسيرها وهي أنهم سيخترقون الاعلام العربي (وهذا ما حصل الان بافتتاح فضائيتهم العربية ) ففسرتها بأنهم على حق ...

                لا استطيع أن اصف تلك الفترة إلا بأنني كنت شبه مغيب نفسيا وعقليا وذلك لفرحتي بان المخلص للعالم قد جاء والغريب يا سادة أنني ملم جدا بالعقيدة والفقه الإسلامي وأنني تربيت في أحضان المشايخ وهذا أعجب شيء يمر علي بأنهم قد استطاعوا غسل دماغي وهنا تكمن خطورتهم ..

                بعدها ذهبت لأمير المنطقة هناك وبايعت على السمع والطاعة ووقعت وثيقة البيعة وحضرت بعض صلوات الجمعة معهم وتعرفت على بعضهم ..

                ثم ما لبثت أن بدأت أفكر

                أول ما أخرجني من ملتهم هو حديث لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وهو أنا آخر الأنبياء وانتم آخر الأمموسألت فيه أكثر من واحد إلا أنهم لا يستطيعون تأويله كعادتهم

                ثم نظرت في عقائدهم مرة أخرى فوجدتها كلها تأويلات سمجة لا يتقبلها عاقل

                فعليك عند دخول القاديانية أن ترمي وراء ظهرك كل الافكار القديمة وتبدأ من جديد تعلم الاسلام فالجن غير الجن والمعجزات غير المعجزات والنار غير النار وادم غير ادم الذي نعرفه ...

                ثم بعد ذلك تفكرت في مسالة المسيخ الدجال فكيف يقول القاديانيون أن المسيخ الدجال هي قوى الشر في العالم ثم يقول نبيهم الكذاب ان الانجليز يجب طاعتهم ...فتضاربت عندي المسالة لو سالت أي قادياني من هو المسيخ الدجال الذي سيقتله مهديكم الآن سيقول لك اميريكا طيب فيما مضى لم تكن اميريكا هي قوى الشر العظمى في زمن الميرزا الكذاب إنما كانت بريطانيا فكيف يقول طاعتهم واجبة ...وهي راس قوى الشر في العالم وبريطانيا انتهت وحلت مكانها روسيا واميركا فكانوا يقولون قبل سقوط روسيا بان المسيخ الدجال هي روسيا ثم سقطت روسيا فقالوا اميركا وان سقطت اميركا سيقولون هي تلك الاخرى ...وهكذا ..

                ثم ما لفت انتباهي أكثر أين النصر الذي كنا نحلم به أين تلك الوعود من رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ..حاشا وكلا أن يكون رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه كذاب في وعوده إذ الغلام هو الكذاب فسالت أيضا نفس السؤال فقالوا لي أول مئة سنة نصرة ...ولا اذكر بقية الثلاثمئة سنة يعني النصر سياتي بعد ثلاثمئة سنة انعم بها من دعوة التي لن ننال منها الا الظلم لمدة ثلاث مئة سنة شيء مضحك فعلا ...

                وبعدها قمت بمراجعة جدية لكتبهم فنظرت بها مرة أخرى نظرة متجردة وإذا بي اكتشف الهولات واكتشف أن القاديانيون انفسهم لا يفقهون دينهم بل هم جهلة ولا يعرفون شيئا عن نبيهم المزعوم ...

                هذه باختصار قصتي مع القاديانية

                و أبشركم أنني اكتب كتابا ضخما سيهدم نحلتهم وسيكون القاسم لهم لتتحقق رؤية قريبي الذي رآني عندما استخار الله تعالى قبل دخوله القاديانية رآني إماما في مسجد القاديانية وخلفي يصلي نفر كثير من القاديانيين فإذا بي أغير قبلتهم وهم يتغيرون خلفي لقبلة اخترتها أنا وأسأل الله تعالى أن أكون كما يريدني الله تعالى وان أكون خادما للإمام المهدي الذي بشرنا به صلى الله عليه وسلم لا كما يدعي الكذابين اللهم آمين وكل محب لله ولرسوله .

                أمجد السقلاوي - الأردن

                الشخصيه الرابعه
                قصة توبة حسن عودة مدير القسم العربي للجماعة الأحمدية- بحيفا

                حسن عودة / سنغافورة 19 شعبان 1426

                ولد حسن بن محمود عودة في مدينة حيفا يوم الأحد العاشر من جمادى الأولى عام 1375 من الهجرة الموافق 25/12/1955 لأبوين "أحمديين" كان جده لأمه ويدعى عبدالقادر بن صالح العودة أول من صدق دعوة "القادياني" مرزا غلام في "الكبابير" (ضاحية على جبل الكرمل في حيفا ومعقل الأحمدية اليوم في الشرق الأوسط) وذلك عام1346(1928) عن طريق أحد دعاة هذه الطائفة الهنود ، وكان جده لأبيه ويدعى الحاج أحمد بن عبدالقادر العودة هو المصدق الثاني لها. وهكذا نشأ حسن كما نشأ والداه على العقيدة الأحمدية القائلة بصدق "مرزا غلام أحمد القادياني" ونجاة طائفته ، وكذب من لم يصدقه وهلاكه ، وأن الأحمدية هي الإسلام الصحيح و"الأحمديون" هم المسلمون حقا، وغيرهم – بمن فيهم جميع المسلمين – كفار خارجون عن دائرة الإسلام لعدم إيمانهم بنبوة مرزا غلام.

                بعد أن أتم حسن دراسته الإبتدائية في "المدرسة الأحمدية" بدأ دراسته الثانوية في حيفا إلى أن أنهاها عام1394 (1974) وفي عام 1396 (1976) سافر إلى السويد للدراسة الجامعية وفي العام نفسه وأثناء إقامته في السويد قابل حسن ولأول مرة "مرزا ناصر أحمد" الملقب بـ "خليفة المسيح الثالث" (حفيد مرزا غلام وثالث خلفائه) وقد كان "الخليفة" في زيارة للسويد من أجل افتتاح "مسجد ناصر" الجديد في مدينة كوتنبرج.
                وفي عام 1398 (1978) وبعد مقابلة الخليفة للمرة الثانية في السويد والحديث معه في شؤون الأحمدية والدعوة إليها بين العرب قرر حسن إنهاء برنامجه الدراسي في السويد والسفر إلى قاديان في الهند معقل الأحمدية ومركزها الأول مولد "المسيح والمهدي" مرزا غلام "رسول آخر الزمان" وذلك بعد موافقة "الخليفة" وتشجيعه له ليتفرغ - بعد زيارة قاديان "البلدة المقدسة" والدراسة فيها- لنشر الدعوة "الأحمدية" في المحيط العربي.

                وصل حسن عودة مركز الأحمدية في قاديان – الهند يو م الأربعاء 21 رمضان 1399 الموافق 15/8/1979 واستمر في دراسته للأحمدية ما يقارب نصف عام مكث منها مدة في منزل مؤسس الأحمدية يطالع كتبه ويدرس اللغة الأردية التي كتب بها مرزا غلام أكثر مؤلفاته، وقد تسنى لحسن خلال إقامته في قاديان زيارة أهم المراكز الأحمدية في الهند وكشمير وقد شارك في العديد من المؤتمرات والاحتفالات التي تعقدها هذه الجماعة.
                وفي يوم الاثنين الموافق 15/2/1401 (22/12/80) أقيمت في "المسجد المبارك" بقاديان وبموافقة" الخليفة" ومباركته مراسم زواج حسن بن محمود عودة من فتاة "أحمدية" إبنة لأحد المسؤولين في قاديان وتم الزواج في منزل "المسيح والمهدي". وفي هذا العام 1401 حصل حسن على شهادة "الوصية" الخاصة بـ "أهل الجنة".

                أنتخب حسن عودة عام 1402 (1982) رئيسا لمجلس "خدام الأحمدية" في مدينة حيفا وفي عام1405 (1985) عينه "خليفة المسيح الرابع" مرزا طاهر احمد مبشرا (داعية) أحمديا في بريطانيا.
                وصل حسن مع عائلته - وقد رزقه الله محمد وسليمة وسارة - إلى بريطانيا يوم الاثنين العاشر من جمادى الأولى عام 1406 (20/1/1986). وتم تعيينه من قبل "الخليفة" مديرا للقسم العربي في الجماعة الأحمدية. مكث حسن عودة في هذا المنصب نحو عامين ونصف إلى أن هداه الله إلى ترك هذه الطائفة واعتناق الإسلام.
                أعلن حسن في الرابع عشر من ذي الحجة 1409 (17/7/1989) براءته من الأحمدية تاركا مكانه في مركز هذه الطائفة متجها إلى حياة جديدة في الإسلام البريء من أي مدع للنبوة بعد رسول الله وخاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام، وكان أبواه وإخوانه وأصدقاؤه أول من علم بقراره هذا.


                أصدر حسن في جمادى الآخرة من عام 1411 (1990) أول عدد من صحيفة التقوى التي أسسها لنشر تعاليم الإسلام الصحيحة وما توصل إليه حول حقيقة الأحمدية، وما زالت – بعون الله - هذه الصحيفة تصدر حتى هذا اليوم.

                أتم حسن عودة في عام 1421 تأليف كتابه "الأحمدية عقائد وأحداث" والذي بين فيه وبالتفصيل رحلته مع الأحمدية منذ نشأته فيها مرورا برحلته في الدعوة إليها وانتهاءا بالأسباب التي دعته إلى تركها وقد نشر هذا الكتاب في ربيع الأول ذلك العام من قبل مؤسسة التقوى العالمية باللغتين العربية والانجليزية، وفي عام 1423 قام معهد البحوث والدراسات الإسلامية في إندونيسيا بترجمته إلى الإندونيسية ونشره بين قراء الإندونيسية في العالم. وقد لاقى – بفضل الله – هذا الكتاب كما لاقت صحيفة التقوى ردود فعل طيبة كثيرة من مختلف أنحاء العالم.



                أتم حسن عودة في رمضان 1426 - وقد مضى أكثر من 16 عاما على تركه "الأحمدية" وقبوله الإسلام (وقد رزق بمولودين آخرين هما أحمد ومريم) - كتابه الجديد بعنوان "الإسلام عقائد وأحداث" قد بين فيه محاسن هذا الدين العظيم والأسباب التي دعته إلى التمسك به رغم كل ما ينسب إليه من افتراءات وأفكار ومعتقدات منحرفة، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي واجهها منذ إعلان براءته من "الأحمدية" وقبوله الإسلام الدين الخالد. يمكنك تصفح الكتاب المذكور ومواضيع أخرى عبر هذا الموقع www.attaqwa.com.















                الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله واله ومن والاه وبعد

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                بداية قصتي مع القاديانية (الأحمدية ) هي أنني كنت أفكر كثيرا في ظهور الإمام المهدي رضي الله تعالى عنه وجعلنا من خدامه وكنت دائما أتساءل متى سيظهر المخلص لنا من كل هذا الظلم الذي يحيق بالمسلمين في كل أرجاء الأرض حتى جاء شخص مقرب جدا لي (قريب) من فلسطين المحتلة أعادها الله سالمة لحضن الإسلام وكان هذا القريب عزيز على قلبي ويصغرني بسنوات وفاجئني بعقيدته التي يحملها وهي انه يؤمن بشخص اسمه الميرزا غلام احمد القادياني وانه نبي مرسل وانه المخلص وانه المسيح الموعود ..فقلت له يستحيل أن يكون قد ظهر ومات ولم نسمع به ..

                فقلت له هات الكتب التي عندك لأقراها وبالفعل عكفت على قراءة كتبهم وقرأت كل الكتب التي احضرها لي في غضون أسبوعين أو اقل ليلا نهارا منكبا على قراءة تلك الكتب واذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تفسير سورة الكهف , جزء من التفسير الكبير للقران الكريم , الناسخ والمنسوخ , لماذا تنقمون منا , وبعض المقالات هنا وهناك , أعداد كثيرة من مجلة البشرى الصادرة من حيفا – الكبابير (مركز القاديانية الأول في الوطن العربي والتي تحتضنه دولة إسرائيل المزعومة) ...هذه ما أذكر..

                وبعد نقاشات طويلة مع هذا القريب- أعاده الله إلى الإسلام - قال لي لم لا تستخير وتسال الله تعالى أن يريك الحق أين ؟

                قلت هو كذلك وتلكم كانت المصيبة ..فالقاديانيون يوقعون الناس في حبائلهم بتلك الطريقة وهي الرؤى والمنامات ..

                فرأيت في منامي أنني انظر لشاشة التلفاز وإذا بمسجد القاديانيين ومناراته في شاشة التلفاز على القناة المحلية وجهلت تماما الرؤية وتفسيرها وهي أنهم سيخترقون الاعلام العربي (وهذا ما حصل الان بافتتاح فضائيتهم العربية ) ففسرتها بأنهم على حق ...

                لا استطيع أن اصف تلك الفترة إلا بأنني كنت شبه مغيب نفسيا وعقليا وذلك لفرحتي بان المخلص للعالم قد جاء والغريب يا سادة أنني ملم جدا بالعقيدة والفقه الإسلامي وأنني تربيت في أحضان المشايخ وهذا أعجب شيء يمر علي بأنهم قد استطاعوا غسل دماغي وهنا تكمن خطورتهم ..

                بعدها ذهبت لأمير المنطقة هناك وبايعت على السمع والطاعة ووقعت وثيقة البيعة وحضرت بعض صلوات الجمعة معهم وتعرفت على بعضهم ..

                ثم ما لبثت أن بدأت أفكر

                أول ما أخرجني من ملتهم هو حديث لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وهو أنا آخر الأنبياء وانتم آخر الأمموسألت فيه أكثر من واحد إلا أنهم لا يستطيعون تأويله كعادتهم

                ثم نظرت في عقائدهم مرة أخرى فوجدتها كلها تأويلات سمجة لا يتقبلها عاقل

                فعليك عند دخول القاديانية أن ترمي وراء ظهرك كل الافكار القديمة وتبدأ من جديد تعلم الاسلام فالجن غير الجن والمعجزات غير المعجزات والنار غير النار وادم غير ادم الذي نعرفه ...

                ثم بعد ذلك تفكرت في مسالة المسيخ الدجال فكيف يقول القاديانيون أن المسيخ الدجال هي قوى الشر في العالم ثم يقول نبيهم الكذاب ان الانجليز يجب طاعتهم ...فتضاربت عندي المسالة لو سالت أي قادياني من هو المسيخ الدجال الذي سيقتله مهديكم الآن سيقول لك اميريكا طيب فيما مضى لم تكن اميريكا هي قوى الشر العظمى في زمن الميرزا الكذاب إنما كانت بريطانيا فكيف يقول طاعتهم واجبة ...وهي راس قوى الشر في العالم وبريطانيا انتهت وحلت مكانها روسيا واميركا فكانوا يقولون قبل سقوط روسيا بان المسيخ الدجال هي روسيا ثم سقطت روسيا فقالوا اميركا وان سقطت اميركا سيقولون هي تلك الاخرى ...وهكذا ..

                ثم ما لفت انتباهي أكثر أين النصر الذي كنا نحلم به أين تلك الوعود من رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ..حاشا وكلا أن يكون رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه كذاب في وعوده إذ الغلام هو الكذاب فسالت أيضا نفس السؤال فقالوا لي أول مئة سنة نصرة ...ولا اذكر بقية الثلاثمئة سنة يعني النصر سياتي بعد ثلاثمئة سنة انعم بها من دعوة التي لن ننال منها الا الظلم لمدة ثلاث مئة سنة شيء مضحك فعلا ...

                وبعدها قمت بمراجعة جدية لكتبهم فنظرت بها مرة أخرى نظرة متجردة وإذا بي اكتشف الهولات واكتشف أن القاديانيون انفسهم لا يفقهون دينهم بل هم جهلة ولا يعرفون شيئا عن نبيهم المزعوم ...

                هذه باختصار قصتي مع القاديانية

                و أبشركم أنني اكتب كتابا ضخما سيهدم نحلتهم وسيكون القاسم لهم لتتحقق رؤية قريبي الذي رآني عندما استخار الله تعالى قبل دخوله القاديانية رآني إماما في مسجد القاديانية وخلفي يصلي نفر كثير من القاديانيين فإذا بي أغير قبلتهم وهم يتغيرون خلفي لقبلة اخترتها أنا وأسأل الله تعالى أن أكون كما يريدني الله تعالى وان أكون خادما للإمام المهدي الذي بشرنا به صلى الله عليه وسلم لا كما يدعي الكذابين اللهم آمين وكل محب لله ولرسوله .

                أمجد السقلاوي - الأردن




                توبة محمد صالح القزق
                زعيم القاديانية في الأردن عام 1990م
                قد نشرت صحيفة عكاظ السعودية في عددها الصادر يوم السبت 17 شوال 1410هـ ( الموافق 12/5/1990م ) في صفحتها الإسلامية تقريراً من مراسلها في عمان سمير الحياري حول إعلان زعيم القاديانيين في الأردن المدعو طه محمد صالح القزق توبته ، وتبرئه من العقيدة القاديانية ومن نبوة نبيها الكذاب وخلفائه . وذكر التقرير أن القاديانية اتخذت ثلاثة طرق للترويج لمزاعمها في الأردن ، واعتمدت بصفة أساسية على أنشطة القاديانية الهندي رشيد أحمد جوقناوي الذي جاء إلى الأردن عام 1948م ثم عن طريق الأقارب ، ثم بواسطة الأصحاب والأصدقاء وكانت المحكمة الشرعية في بلدة " الناعور " في الأردن قد قررت تحريك دعوى اتهام القزق بالردة عن الإسلام إثر التحقيق الذي نشرته جريدة الراية الإسلامية في عددها الصادر يوم 13 أبريل 1990م باسم " الحق العام الشرعي " لعدم تقدم أحد بدعوى ضد زعيم هذه الجماعة ( القزق ) . واتضح من خلال سير التحقيق أن الجماعة القاديانية في الأردن تضم عشرين شخصاً .
                والجدير بالذكر أن الصحفي الأردني المدعو إبراهيم ابوناب كان قد أرسل عرضاً إلى العديد من الصحف والمجلات العربية لنشر تحقيق مطول بعنوان القادياني في أواخر عام 1989م وقد قامت بعض الصحف بالفعل بنشر بعض الحلقات من هذا التحقيق الذي ادعى فيه هذا الصحفي أنه تغلغل في أوساط الجماعة القاديانية بهدف معرفة أسرارهم وخباياهم ثم لم يلبث أن اتضحت الحقيقة وهي أن إبراهيم أبو ناب نفسه – هو أحد أعضاء تلك الجماعة !.




                توبة محمد صالح القزق
                زعيم القاديانية في الأردن عام 1990م
                قد نشرت صحيفة عكاظ السعودية في عددها الصادر يوم السبت 17 شوال 1410هـ ( الموافق 12/5/1990م ) في صفحتها الإسلامية تقريراً من مراسلها في عمان سمير الحياري حول إعلان زعيم القاديانيين في الأردن المدعو طه محمد صالح القزق توبته ، وتبرئه من العقيدة القاديانية ومن نبوة نبيها الكذاب وخلفائه . وذكر التقرير أن القاديانية اتخذت ثلاثة طرق للترويج لمزاعمها في الأردن ، واعتمدت بصفة أساسية على أنشطة القاديانية الهندي رشيد أحمد جوقناوي الذي جاء إلى الأردن عام 1948م ثم عن طريق الأقارب ، ثم بواسطة الأصحاب والأصدقاء وكانت المحكمة الشرعية في بلدة " الناعور " في الأردن قد قررت تحريك دعوى اتهام القزق بالردة عن الإسلام إثر التحقيق الذي نشرته جريدة الراية الإسلامية في عددها الصادر يوم 13 أبريل 1990م باسم " الحق العام الشرعي " لعدم تقدم أحد بدعوى ضد زعيم هذه الجماعة ( القزق ) . واتضح من خلال سير التحقيق أن الجماعة القاديانية في الأردن تضم عشرين شخصاً .
                والجدير بالذكر أن الصحفي الأردني المدعو إبراهيم ابوناب كان قد أرسل عرضاً إلى العديد من الصحف والمجلات العربية لنشر تحقيق مطول بعنوان القادياني في أواخر عام 1989م وقد قامت بعض الصحف بالفعل بنشر بعض الحلقات من هذا التحقيق الذي ادعى فيه هذا الصحفي أنه تغلغل في أوساط الجماعة القاديانية بهدف معرفة أسرارهم وخباياهم ثم لم يلبث أن اتضحت الحقيقة وهي أن إبراهيم أبو ناب نفسه – هو أحد أعضاء تلك الجماعة !.



                تعليق


                • #10
                  http://www.youtube.com/watch?v=sJWH2...eature=related

                  http://www.youtube.com/watch?v=0DGXd...eature=related

                  http://www.youtube.com/watch?v=6kQe2...eature=related
                  إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

                  من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
                  إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
                  فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
                  ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
                  لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
                  ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
                  لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
                  ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
                  ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
                  أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
                  ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

                  تعليق


                  • #11
                    شكر لك يا استاذى و معلمى مسلم للابد و هذه حاجه اخيره خاصه بهذه الحركة الضاله

                    فتاوى علماء المسلمين فى هذه الحركة

                    http://www.antiahmadiyya.net/main/ar...article_no=903


                    و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

                    تعليق

                    مواضيع ذات صلة

                    تقليص

                    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                    ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
                    ردود 0
                    40 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة عاشق طيبة
                    بواسطة عاشق طيبة
                     
                    ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
                    ردود 0
                    62 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                    ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
                    رد 1
                    64 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة د. نيو
                    بواسطة د. نيو
                     
                    ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
                    ردود 0
                    23 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة محمد بن يوسف
                    بواسطة محمد بن يوسف
                     
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
                    ردود 0
                    73 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                     
                    يعمل...
                    X