إن دراستنا و كثير من الدراسات الحديثة الأخرى تقترح أنه فى يهودية القرن الأول الميلادى على الأقل , كان هناك شعور أن عقيدة التوحيد متلائمة مع وجود وكيل الهى أو نائب ملكى يمثل الله و يعمل نيابة عنه . إن التلمود البابلى يروى لنا نقاشا يقال أنه قد حدث بين الحبر " إيدى " R. Idi ( القرن الثانى و الثالث الميلادى ) مع رجل هرطوقى منغمس فى التفسير وفقا لهرطقة القوتين , و يقول أن النص الوارد فى سفر التكوين 19 – 24 يشير الى وجود ربين two lords . إن الحبر " إيدى " يجيب قائلا أن النص يشير الى ال " ميتاترون " Metatron الذى يحمل اسم الله . لقد كانت نقطة خلافه الوحيدة مع الرجل الهرطوقى تتعلق بما اذا كانت هذه الشخصية تستحق العبادة .
يبدو أن الفكرة التى تتحدث عن وجود وكيل أساسى لله لم تكن مشكلة بحد ذاتها , بل بالأحرى كانت المشكلة متعلقة بجانب خاص من محتوى هذا المعتقد . ربما هذا يفسر لم اتهم المسيحيون بالوقوع فى هرطقة القوتين . من ناحية معينة , لقد اعتبر المسيحيون اللوجوس – المسيح انبثاقا من الآب , و هو الأمر الذى بدى غنوصيا بالنسبة للأحبار . من ناحية أخرى , بدءا من القرن الثانى و ما يليه , كان هناك ميل متزايد لعبادة المسيح كإله . أيضا , فالفكر المسيحى الآخذ فى النمو عن المسيح ك " إله كامل " fully God , و الذى تم التأكيد عليه رسميا فى مجمع نيقية 325 م , قد قاد البعض الى الإعتقاد بأن هذا إنكار لعقيدة التوحيد .
من المثير للإهتمام أن نلاحظ أنه حتى ما بعد فترة نيقية , لم يشعر المسيحيون المتهودون الذى ألفوا كتابات " كليمنت المزورة " أن إيمانهم بكائن سمائى ثان و الذى يمكن حتى أن يطلق عليه " إله " , لم يشعروا أن هذا أمر هرطوقى , لأن هذا الشخص كان خاضعا بكل وضوح .
إن " كريستولوجيا الخضوع " Subordinationist Christology سواء فى عصر كتابات العهد الجديد أو ما بعد ذلك , لم يبدو عليها أنها أمر يثير الجدل بحد ذاتها .
يمكننا اذن أن نقترح أن تزاوجا من " التطور " و " الإدانة بأثر رجعى " كانا فعّالين فيما يتعلق بأصول " هرطقة القوتين " . من الواضح أن معظم اليهود لم يقبلوا الغنوصية حتى فى القرن الأول , و يبدو محتملا أنها قد أدينت كأمر هرطوقى عندما صار للأحبار القوة أن يفعلوا هذا .
إن الإيمان بوكيل إلهى رئيسى أو وسيط من الملائكة ربما لم يدن إلا عندما بدأت مجموعات ذات ميول غنوصية فى التمييز بين الإله الأعلى و بين خالق العالم ,و – أو ليس إلا عندما بدأ المسيحيون فى اعتبار " القوة الثانية " مساوية للة , و مستحقة للعبادة بنفس الدرجة .
كانت الحاجة للجدال ضد هذه المعتقدات -- التى نبعت من المعتقدات اليهودية القديمة عن الوسطاء , و لكنها لم تكن مطابقة لهذه المعتقدات الأقدم -- هى ربما التى أدت الى إدانة العديد من المدارس الفكرية داخل اليهودية و التى كان هناك شعور بأنها تشابه العقائد التى يؤمن بها المسيحيون أو الغنوصيون .
لأن هذه المعتقدات قد أدينت فى فترة متأخرة جدا , ربما كان هناك بعض الغموض حول أى المعتقدات تعتبر مقبولة و أيها ليس كذلك . ربما أن الكثير ممن كانوا يعتبرون أنفسهم قبل ذلك من التيار اليهودى الرئيسى قد وجدوا أن معتقداتهم محل استهجان عند سلطات الأحبار . الى أى مدى ظل الناس متمسكين بهذه المعتقدات على الرغم من الإستهجان الرسمى , و الى أى مدى ساهمت هذه المعتقدات بشكل مباشر فى المعتقدات التى نجدها فى الأشكال الأخيرة للمستيكية اليهودية , هذا أمر مستحيل علينا أن نقرره .
______________________________
المصدر :
James F. McGrath and Jerry Truex. "Two Powers and Early Jewish and Christian Monotheism"
Journal of Biblical Studies 4.1
(2004)
pages 68 - 70
يبدو أن الفكرة التى تتحدث عن وجود وكيل أساسى لله لم تكن مشكلة بحد ذاتها , بل بالأحرى كانت المشكلة متعلقة بجانب خاص من محتوى هذا المعتقد . ربما هذا يفسر لم اتهم المسيحيون بالوقوع فى هرطقة القوتين . من ناحية معينة , لقد اعتبر المسيحيون اللوجوس – المسيح انبثاقا من الآب , و هو الأمر الذى بدى غنوصيا بالنسبة للأحبار . من ناحية أخرى , بدءا من القرن الثانى و ما يليه , كان هناك ميل متزايد لعبادة المسيح كإله . أيضا , فالفكر المسيحى الآخذ فى النمو عن المسيح ك " إله كامل " fully God , و الذى تم التأكيد عليه رسميا فى مجمع نيقية 325 م , قد قاد البعض الى الإعتقاد بأن هذا إنكار لعقيدة التوحيد .
من المثير للإهتمام أن نلاحظ أنه حتى ما بعد فترة نيقية , لم يشعر المسيحيون المتهودون الذى ألفوا كتابات " كليمنت المزورة " أن إيمانهم بكائن سمائى ثان و الذى يمكن حتى أن يطلق عليه " إله " , لم يشعروا أن هذا أمر هرطوقى , لأن هذا الشخص كان خاضعا بكل وضوح .
إن " كريستولوجيا الخضوع " Subordinationist Christology سواء فى عصر كتابات العهد الجديد أو ما بعد ذلك , لم يبدو عليها أنها أمر يثير الجدل بحد ذاتها .
يمكننا اذن أن نقترح أن تزاوجا من " التطور " و " الإدانة بأثر رجعى " كانا فعّالين فيما يتعلق بأصول " هرطقة القوتين " . من الواضح أن معظم اليهود لم يقبلوا الغنوصية حتى فى القرن الأول , و يبدو محتملا أنها قد أدينت كأمر هرطوقى عندما صار للأحبار القوة أن يفعلوا هذا .
إن الإيمان بوكيل إلهى رئيسى أو وسيط من الملائكة ربما لم يدن إلا عندما بدأت مجموعات ذات ميول غنوصية فى التمييز بين الإله الأعلى و بين خالق العالم ,و – أو ليس إلا عندما بدأ المسيحيون فى اعتبار " القوة الثانية " مساوية للة , و مستحقة للعبادة بنفس الدرجة .
كانت الحاجة للجدال ضد هذه المعتقدات -- التى نبعت من المعتقدات اليهودية القديمة عن الوسطاء , و لكنها لم تكن مطابقة لهذه المعتقدات الأقدم -- هى ربما التى أدت الى إدانة العديد من المدارس الفكرية داخل اليهودية و التى كان هناك شعور بأنها تشابه العقائد التى يؤمن بها المسيحيون أو الغنوصيون .
لأن هذه المعتقدات قد أدينت فى فترة متأخرة جدا , ربما كان هناك بعض الغموض حول أى المعتقدات تعتبر مقبولة و أيها ليس كذلك . ربما أن الكثير ممن كانوا يعتبرون أنفسهم قبل ذلك من التيار اليهودى الرئيسى قد وجدوا أن معتقداتهم محل استهجان عند سلطات الأحبار . الى أى مدى ظل الناس متمسكين بهذه المعتقدات على الرغم من الإستهجان الرسمى , و الى أى مدى ساهمت هذه المعتقدات بشكل مباشر فى المعتقدات التى نجدها فى الأشكال الأخيرة للمستيكية اليهودية , هذا أمر مستحيل علينا أن نقرره .
______________________________
المصدر :
James F. McGrath and Jerry Truex. "Two Powers and Early Jewish and Christian Monotheism"
Journal of Biblical Studies 4.1
(2004)
pages 68 - 70