قراءة في سقوط الجولان

تقليص
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
المشاركات
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • لبيك إسلامنا
    3- عضو نشيط

    • 5 ماي, 2010
    • 330
    • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
    • مسلم

    #16
    خسائر العدو:
    لم أستطع الوقوف على رقم مقبول، أو تقدير معقول لخسائر العدو التي أصابته خلال دخوله الجولان، ولكني أستطيع الاستنتاج أن الخسائر عنده كانت قليلة، وأن أية خسائر مني بها إنما كانت من المقاومات الضارية في القلع، وتل العزيزيات، وتل الفخار، وتل شيبان، وحرش الجويزة، والرفيد، وقد كانت خسائره في الأرواح قليلة، أما خسائره في السلاح، والعتاد، فلقد كان مجموعها ما يقارب كتيبة دبابات، بسبب المقاومات التي ذكرت.
    خسائرنا:
    ضخمة جداً.. وتفوق حدود التصور في قيمتها وهولها.
    1- فأول الخسائر، هو كرامة الشعب، وروحه القتالية، وقدرته على الصمود، وشرفه الذي ديس ولوث.
    2- وثاني الخسائر، هو الأرض الكريمة الغالية الحبيبة، بكل ما فيها من كنوز وثروات.
    3- وفيما عدا ذلك، فقد كانت الخسائر على الشكل التالي:
    - في الأرواح، لم يتجاوز عدد القتلى 250 قتيلاً، كما لم يتجاوز عدد الجرحى 300 جريح، بينهم عدد من الضباط ذكرنا بعضهم اسماً، وحوالي سبعة أطباء.
    - وأما الأسلحة: فحدث ولا حرج، فالمدفعية دمرت بكاملها، والمدافع المضادة للدبابات والطائرات ذهبت كلها بين مدمر أو غنيمة أخذها العدو بعد أن تركتها القوات، والأسلحة الأخرى، تركت كلها في الأرض، في العراء، جمع العدو قسماً منها، وجمع الفدائيون قسماً آخر، وجمع المهربون قسماً ثالثاً وباعوه، وقسم رابع وضئيل لا يزال مطموراً أو ملقى على الأرض وقد أكله الصدأ.
    والمدفعية الصاروخية أصبحت كتلاً من الحديد الأسود المحروق.
    وقاذفات اللهب، تركت سالمة للعدو ليستعملها ضد قواتنا وآلياتنا.
    والدبابات.. دمر عدد منها لا يقل بمجموعه عن كتيبتين (40-50 دبابة)، وغنم العدو كتيبة دبابات برمائية تركها الجيش في الرفيد.
    وأما الآليات.. فوا حسرتا عليها.
    الآلاف منها دمر، ابتداءً من عربات الجيب... حتى الشاحنات الكبرى، مروراً بعربات الجند المدرعة.. مضافاً إليها عدد كبير من الشاحنات المدنية التي صادرتها السلطة لصالح الحرب، وأضف إلى ذلك، ما لا يقل عن ثلاثمائة صهريج بنزين، لا تقل قيمة الواحد منها عن 70 ألف ليرة سورية.
    والطائرات.. دمر منها وأعطب عدد لم أستطع الوقوف عليه بدقة، وخربت مدارج الطائرات في كل من مطاري المزة، والضمير، وفي عدد من المطارات (السرية الأخرى).
    وأخيراً.. المستودعات الهائلة الجبارة، بكل محتوياتها، من وقود، أو ذخيرة، أو مواد طبية أو أطعمة جافة أو ألبسة وتجهيزات ومفروشات..إلخ. ومن أبرز هذه المستودعات وأكثرها أهمية، هي مستودعات:
    تل خنزير، الحميدية، جباتا الخشب، حرش عين زيوان، بقعاتا، خسفين.
    الفصل الثاني
    الوجه المشرق
    "... وقد وقع أثناء انسحاب اللواء المدرع السوري حادث طارئ كشف عن مدى الخسائر التي كان يمكن إلحاقها بالمدرعات الإسرائيلية لو قامت الدبابات السورية بالهجوم المعاكس.
    لقد تعطلت إحدى الدبابات بالصدفة، بعد تعطيل جنزيرها وكانت هذه الدبابة في أواخر الرتل السوري المنسحب، ولم يكن أمام قائد الدبابة إلا أن يحارب، فأدار مدفعه إلى الخلف، واستطاع من مكانه، وخلال دقائق معدودة أن يدمر ست دبابات ويوقف تقدم الإسرائيليين، واستنجد العدو بالطائرات فدمرت الدبابة السورية الشجاعة بصاروخ جوي، ولولا ذلك لاستطاعت تدمير 15 دبابة إسرائيلية على الأقل قبل أن تصاب وتحترق..".
    (من رواية لضابط لبناني شهد المعركة صباح 9 حزيران نشرتها مجلة الحوادث اللبنانية، العدد 604، تاريخ 7/6/1968).
    -1-
    وجوه ناصعة للبطولة
    وقد يعتقد البعض أن هذا الشعب قد فقد كل مقومات الأصالة والبطولة فيه.. وذلك، بعد الاطلاع على المخازي والجرائم التي حاولنا في صفحات سابقة، إبراز بعضها، والذي لم نستطع الوقوف عليه، أكثر وأدق وأعمق أثراً وأبعد خطراً..
    ولكن الأصالة والنبل.. والشجاعة والرجولة، الصادقة غير المفتعلة، قادرة على إبراز وجودها، ولفت الأنظار إليها، وتحقيق فعالياتها القادرة على إصابة الباطل بشروخ خطيرة، مهما علا واستكبر، ومهما كان زيفه محبوكاً ودقيقاً.. بحيث خيل إليه أنه قد قضى على كل بذرة من بذور الحق الوضاء، والنور الكامن في النفوس.. القادر على رفع رأسه فوق كل سحب الظلام المفتعلة.
    فهل عدمت الجبهة، رغم كل ذلك اللؤم والباطل.. عناصر وقفت بإباء ورجولة تدفع عنها طغيان ذلك السيل من خيانات المجرمين، وأرتال العدو الغازي الغريب؟
    أبداً.. وكما في كل لحظة يأس.. وكما في كل صولة باطل.. يقف الحق، ليبعث البطولة في صور متعددة الأشكال.. وصيغ مختلفة الأحجام، هذه منها بعض النماذج:
    1- لقد كانت في مقدمة تلك البطولات، التي ستبقى أبد الدهر، مفخرة لهذا الشعب.. ورمز كرامة وعزة الجيش هي بطولات وحدات المدفعية م/ط.. التي عملت في أسوأ الشروط التي أتيحت لها.. وحققت أعظم مردود كان يمكن لوحدات أفضل منها تدريباً وإعداداً.. أن تحققه، وساهمت مساهمة كبيرة في الحد من خطورة وفعالية طائرات العدو.. بعد أن غاب من الجو نسورنا، وعزلوا عن الحرب، ومنعوا من أداء واجبهم، وتركوا طاقات معطلة تغلي.. وهم يرون طائرات العدو تمرح في سماء البلاد.. وما من نسور تتصدى لها.
    فالمدفعية المضادة للطائرات.. رغم حداثة عهدها.. ورغم ضعف تدريبها.. ورغم أن أكثر سدنتها كانوا من الاحتياطيين، ورغم أن أكثر ضباطها كانوا من غير الاختصاصيين.. فقد كان لها دور بطولي رائع، واستطاعت أن تمنع الطائرات المغيرة من تحقيق إصابات فعالة.. فوق كل هدف دافعت عنه وحداتها، وعملت بدون كلل.. وحققت المدافع أكثر من المردود المطلوب منها في المعدل الزمني الواحد، حتى احمرت سبطانات الكثير من المدافع لكثرة ما رمت وتشوه بعض هذه السبطانات ولم يكن لدى السدنة وقت كاف لتركيب السبطانات الاحتياطية.. وعجز المذخرون(90) عن حسن تلبية احتياجها، ووصلت إليهم الذخيرة مطلية بالشحم، ولكن ذلك لم يثن عزم الجميع، وقاموا بواجبهم خير قيام.
    2- ومن روائع صور البطولة التي برزت، المقاومة الجبارة التي تصدت "للهجوم" المدرع الذي شنه العدو، وذلك حين اصطدم بنقطة استناد القلع.
    دافع رجال هذا الموقع، كأفضل ما يمكن لرجال أن يدافعوا..
    وكان القائد على رأس هذه القوة الصغيرة الرائد محمد سعيد يونس، واستطاعت هذه المقاومة الباسلة أن تحطم 36 دبابة، ولو نفذ الذي سبق أن قررته خطة العمليات، وقدمت لهذه المقاومة –وغيرها- الحماية والدعم، بالمدفعية والهجمات المعاكسة وكل أعمال القوات القتالية.. لتحطم الهجوم، وارتد المهاجمون، يلعقون جراحهم كالكلاب، ويلعنون قادتهم الذين زجوا بهم في وجه أولئك المردة من رجال الجيش السوري.
    ولكن ما حيلة البطولة إن كانت وحيدة في وجه موجات متلاحقة من قوى الغزو الباغي؟.. وكيف يمكن للرجال الأشاوس أن يستمروا في ممارسة بطولاتهم.. ما دام قادتهم يمارسون مختلف صور الخيانة والغدر، بهم و بالبلاد ولقد استشهد الرائد البطل.. ومعه ضابط آخر..
    فإلى هذا الرجل.. وكل الرجال الذين أدوا واجبهم.. سنؤدي واجب الشكر الآن.. وفي كل مناسبة ترجع فيها إلينا.. ذكرى صمودهم ... ومرارة الجريمة التي نفذت رغم إصرارهم على منع وقوعها..!
    3- وليس للبطولة أن تقتصر على الضباط.. أو غيرهم من الرتب... فهي جوهر كريم.. قابع في كيان كل كريم.. يبرز باهراً الأبصار، متى أتيح له البروز.. سواء أكان صاحبه ضابطاً أم جندياً أم مدنياً.. فالبطولة والصمود، هما من نتاج الأصل الكريم.. والتربية البيتية الكريمة الأصيلة.. وليس للاختصاص أو الرتبة إلا تحديد مجال ظهورها، أو تحديد الحجم الذي يمكنه استيعابها.
    ففي إحدى نقاط الدفاع، في تل شيبان.. قام مجند واحد.. نعم عسكري واحد، ومجند –من أبناء دير الزور- بتحطيم سبع دبابات للعدو.. وبماذا؟.. بسلاحه الفردي المضاد للدبابات، المسمى (القاذف ر.ب. ج).
    4- وفي نقطة تل الفخار.. ذلك الموقع الذي ترك أثراً مريراً في قلوب القادة الإسرائيليين، طفحت به تصريحاتهم التي فاضلت على ألسنتهم أمام مراسلي الصحف الأجنبية المختلفة..
    في ذلك الموقع.. صمد الرجال.. وليت كل الرجال مثلهم.. أدوا واجبهم بشرف ما فوقه شرف. وبروا بالقسم الذي سبق أن أدوه لأمتهم يوم ارتدوا لباس الجيش..
    صمد الرجال.. بقيادة ضابطين، (النقيب نورس طه، وملازم أول لم يصل إلي اسمه)، وقاوموا بعناد لا نظير له.. ومنعوا قوات العدو المهاجمة من تخطي مجالات الرمي لأسلحتهم.. وقدمت هذه النقطة بفضل رجالها الأبرار.. أكرم وفاء لدين الأمة عليها.. ومات الرجال فيها، شهداء، أبراراً، كراماً، ولم يتم للعدو متابعة احتلال الأرض إلا على جثثهم.. وبعد نفاد ذخيرتهم, وانعزالهم وتطويقهم، وفقدان الاتصال بأي قائد مسؤول.. فأطبقوا جفونهم على ثرى الأرض الحبيبة، والأيدي مشدودة إلى الزنادات.. تشكو إلى الله، خيانة الذين أوقفوا رجالها عن متابعة الضرب.. حتى يرتد العدو الدخيل..
    5- وفي سهل المنصورة، تصدى شابان من رجال المنصورة لرتل الدبابات المتقدم نحو القنيطرة، وأطلقا على عربة القائد، وعلى تجمعات القادة حوله، خلال إصداره أوامر التقدم لدخول القنيطرة.. فماذا كان؟
    دب الذعر في صفوف الجبناء المتقدمين لاحتلال القنيطرة.. وتراجع رتل الدبابات الذي لا يقل عن 50 دبابة مسافة 3 كم إلى الوراء، واحتل الخط (باب الهوى- عين الحجل)، ثم انتشر بتشكيلة القتال، وأصدر قائد أوامر الهجوم.. (الأكاديمية وكأنه سيهاجم موقعاً حصيناً)، ثم تقدم مستعملاً كل طرق الحذر والترقب والاستعداد للتدخل، وقد شمل خط الفتح(91) المسافة الآتية: يميناً السفح الشمالي الشرقي لتل العرام (انظر الخريطة وهو شمال غرب تل أبي الندى)، ويساراً طريق الأوتوستراد الواصل ما بين المنصورة –الحميدية.. وتابعت قوات العدو زحفها بغاية البطء.. وقد حيرها صمت المقاومة التي انبعثت في وجهها فأجبرتها على التراجع.
    ولما عادت وأشرفت على المنصورة.. طوقتها، وأخذ قائد الرتل يخاطب سكانها بمكبرات الصوت، ويطلب منهم الاستسلام.. ولما أعياه أن يجيب أحد، طلب أن يخرج إليه وفد من السكان.. فقابله بعضهم، وسأله عن القوات والجيش، فأخبره أن الجيش انسحب، ولم يبق في المنطقة أحد من القوات.
    عندها سأله قائد الرتل الإسرائيلي عن المقاومة التي سببت له أن يتراجع عن تلك المسافة، فضحك المنصوري وأعلمه أن تلك كانت فورة حماس من شابين، حصلا على بندقيتين من أسلحة الجيش الفار، فأطلقا على الرتل الإسرائيلي وسببا له ذلك الذعر كله.
    ولم تهدأ أنفاس القائد الغريب إلا حين اطمأن إلى أن ذينك الشابين قد تراجعا، وأن البلاد أصبحت خاوية على عروشها، ولم يبق فيها إلا من لم يستطع الفرار، أو الذين تشدهم الأرض إليها بارتباطات هي أعمق وأقوى من كل خطر.. حتى ولو كان خطر الاحتلال الصهيوني.. بلؤمه وخسته.
    كان ذاك الحادث، في الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر السبت 10 حزيران.. وقد استغرق تراجع الرتل إلى خط الفتح عشر دقائق، بينما احتمل تقدمه (مجدداً) 5-6ساعات، اجتاز خلالها مسافة لا تزيد عن (3) كيلومترات في حدودها القصوى، وكان ذاك بعد إذاعة بلاغ سقوط القنيطرة من إذاعة حزب البعث.
    وبلغ مجموع الخسائر التي ألحقتها بتلك القوة، رصاصات الشابين المذكورين ما لا يقل عن عشرة رجال بين قتيل وجريح.
    6- في الساعة الرابعة من مساء الاثنين (بعد الظهر) 12 حزيران.. كانت تتقدم كتيبة دبابات إسرائيلية (40 دبابة)، على طريق (الرفيد –الجويزة –القنيطرة) وباتجاه القنيطرة.. وما إن وصلت مقدمة الرتل (سيارة القائد) إلى مشارف الحرش المحيطة بقرية (الجويزة)، حتى أصلته نيران المقاومة جحيماً أوقف الرتل بكامله، فتوقف، وانتشرت الدبابات واستنجد القائد بالطيران.. وجاءت طائرات (الهليوكوبتر) وفلحت أرض الحرش كله رشاشاتها.. حتى اطمأنت إلى إخماد المقاومة.. واستمر ذلك التوقف حتى صباح الثلاثاء 13 حزيران.. عندها عادت إلى قائد كتيبة الدبابات الإسرائيلية أنفاسه، وعاود التقدم لإكمال احتلال القنيطرة.
    ولقد قام بعض الذين أعرفهم بسؤال النازحين من أبناء الجويزة، عن تلك المقاومة، التي عطلت إكمال احتلال القنيطرة مدة لا تقل عن 18 ساعة.. فعلموا أنه شاب من أبناء القرية، أطلق من إحدى البنادق التي وجدها كثيرة في الأرض (بنادق الجيش الهارب)، ولما نفدت الذخيرة التي كانت في البارودة، أكمل تراجعه باتجاه القنيطرة.. ثم دمشق..
    7- وفي فترة الحرب، حشدت إحدى كتائب جيش التحرير الفلسطيني، في الرفيد، وقد تمكن بعض رجال هذه الكتيبة من إسقاط قاذفة إسرائيلية بأسلحتهم الفردية.. ولكن الطيار تخلى عن طائرته وسقط بالمظلة..
    هرع بعض رجال الكتيبة لأسر الطيار.. فجاءت أربع طائرات مطاردة، وهاجمت الكتيبة، واضطرت الرجال إلى الاحتماء بالأرض تفادياً لنيرانها.. عندها استغلت تلك الفرصة طائرة هليوكوبتر للعدو، وأنقذت الطيار من الأسر أو القتل.
    8- استطاع أحد ضباط الصف، من قوات المدفعية م/ط المتمركزة على (تل أبي الندى)، وهو المساعد عدنان الداغستاني قتل أحد الطيارين خلال هبوطه بمظلته، بعد إسقاط طائرته.. ثم استشهد المساعد فعليه رحمه الله ورضوانه..
    9- وفي حرش الجويزة، كان واحد من الأبطال (مساعد لم يصل إلي اسمه) يعمل على مدفع مضاد للطائرات، استطاع إسقاط أربع طائرات ميستير بمدفعه وحده (عيار 5،14 مم رباعي السبطانات) ثم فاضت روحه الكريمة بعد أن هاجمته أربع طائرات ميراج بصواريخ النابالم فأحرقته ومدفعه.
    10- ولا يفوتنا في حديثنا عن صور البطولة الرائعة التي برزت خلال تلك الأيام العصيبة، أن ننوه بالروح التي كانت من العسكريين المُسرَّحين. هؤلاء العسكريون، الذين سرحتهم سلطات حزب البعث، في نطاق خطتها التي اتفقت عليها مع الإسرائيليين، تمهيداً لوضع الجيش والشعب والبلاد كلها، في وضع صالح لتقبل الهزيمة.
    العسكريون الذين لم ينج أكثرهم خلال حكم سلطة البعث، من العنت والأذى، تسريحاً ثم اتهاماً بالعمالة للأجنبي، أو مصادرة للأموال، أو ملاحقة وحرماناً من الراتب، أو سجناً وتعذيباً بلغ حدود التشويه في كثير من الحالات.. أو حكماً جائراً بالسجن أو بالنفي أو بالإعدام..
    هؤلاء المسرحون... الذين دربهم الجيش ذخراً له لساعة من ساعات المحنة كالتي كانت يوم المسرحية التي أسموها حرباً..
    هؤلاء العسكريون.. الذين أبعدوا عن حقل فعاليتهم الحقيقي، وعزلوا عن المشاركة في الحرب.. وحملوا فيما بعد –مع باقي فئات الشعب- أوزار الهزيمة التي لم يكن لهم فيها مطلق دور، ولم يسمح لهم بأي نشاط لمنعها أو وقفها عند حدود أقل مما كانت..
    هؤلاء المسرحون.. لا لشيء، سوى أنهم رفضوا الموافقة على صفقة بيع الجولان، وتحدوا حزب البعث المجرم وحاولوا تنحيته لمنعه عن تأدية ذلك الدور الخطير..
    رغم كل هذا وذاك.. لم ينسوا بلادهم وجيشهم وجولانهم الحبيب، يوم المحنة.. فتقدم أكثرهم إلى قيادة الجيش، واضعاً نفسه تحت تصرفها للدفاع عن البلاد، ولكن القيادة "شكرتهم" وطلبت منهم البقاء في بيوتهم.. وكأنهم من ذوات الخدور.
    ولقد تنوعت صور البطولة خلال المحنة التي أنست هؤلاء كل جراحهم.. فجعلتهم يتقدمون للذود عن حياضهم.. رغم خيانة المجرمين.. أهل السلطة.
    -فمنهم من تطوع في الدفاع المدني، للمساهمة في حماية المواطنين، والتخفيف من خسائر الحرب، وخاصة في المدن الكبيرة.
    - ومنهم من التحق ببعض المنظمات الفدائية، للمساهمة في العمل على مؤخرات القوات الإسرائيلية، فيما إذا حاولت متابعة التوغل داخل البلاد.
    - ومنهم من التحق بإحدى وحدات الاحتياط، طائعاً مختاراً.. وهؤلاء كانوا قلة، لأن التحاقهم يتوقف على موافقة القيادة، أولاً وأخيراً.. والقيادة لا ولن توافق إلا إذا اطمأنت إلى الذين يطلبون الالتحاق بالخدمة، بأنهم لن يعملوا ضدها.
    - ومنهم من شكل –ببداهته- مجموعات للدفاع عن المدن، وخاصة دمشق، بعد أن هجرتها القوات والسلطات البعثية وتخلت عنها، وتركتها مفتوحة في وجه القوات الغازية.
    - ومنهم من قابل بعض القادة المسؤولين في دمشق، وألحوا عليهم بوجوب تناسي الخلافات، ودعوة كل الضباط للخدمة في ذلك الظرف العصيب.. ولكنهم –هكذا أرى- كانوا يجهلون أنهم يطلبون الدفاع عن البلاد، من مجرمين يملكون كل التصميم والتخطيط المسبق لتسليمها إلى عدوها، مقابل ثمن بخس قبضوه، فاستحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
    - وحتى المشردين خارج البلاد، الملاحقين المحكومين كانوا يتحرقون ويتميزون غيظاً للقيام بواجبهم، فمن سبق منهم كان نصيبه السجن والمحاكمة، وكان من أبرز هؤلاء الأخوان (عبد الرحمن، وعلي السعدي)، ومنهم من اتصل بالقيادة العامة، وخاطبوا لضابط المناوب.. وقد سمى نفسه "الرائد شريف"، وأبلغوه أنهم يريدون العودة إلى البلاد، والدفاع عنها، فطلب منهم التريث، ثم عاود الاتصال معهم، وأبلغهم قرار القيادة برفض دخولهم إلى الأرض السورية، التي كانت – تلك القيادة تسلم منها جزءاً أغلى من حبة القلب إلى العدو الغريب الدخيل.
    11- وفي ختام عرضنا لنماذج البطولة الصادقة، التي تأبى إلا أن تجد لها متنفساً في كل لحظة تطبق خلالها سوءات الجريمة، أو تحيق فيها الأخطار من كل جانب..
    في ختام لحظات التسامي فوق مستوى الجريمة التي نفذها الفجار، وفي ساعة التجلي هذه، التي تبسط فيها البطولة أجنحتها فتظل المنكوبين، وتتسلل ذكرى الأبطال الذين أدوا ضريبة الرجولة.. فتلمس الجراح لمس الحنو المشبوب بالأمل في أن تعاود هذه الأمة الإنجاب..
    في ختام هذا السرد الموجز، الذي استطعت الوقوف عليه من ملامح الأعمال البطولية التي أبرزت الوجه الحقيقي لهذه الأمة رغم ركام الخيانة والجريمة الهائل.
    في هذا الختام.. الذي أراه مسك الختام لهذه الصفحات، لست أجد خيراً من المرور بإجلال واحترام، قريباً من ذكرى أخي الأبطال.. وكريم الرجال.. العقيد أركان حرب كمال مقصوصة، مبيناً حقيقة البطولة التي كلفته حياته.
    ولم تبرز رجولة هذا الإنسان في ميدان الحرب، لأنه لم يرسل للحرب.. بل برزت في ميدان قولة الحق، الذي هو ميدان لصولات سادة الشهداء..
    العقيد كمال مقصوصة ضابط من الذين عينوا في مراكز التجنيد، والذين تقع دعوة الاحتياط في حدود مسؤولياتهم.
    ولقد استدعي إلى القيادة العامة (مبنى الأركان العامة في دمشق)، ليشهد اجتماعاً عقده الحزبيون.. ليقرروا سلسلة من الإجراءات والأعمال "للدفاع عن البلاد"، وذلك بعد سقوط القنيطرة، وبعد أن أصبحت دمشق مهددة بالغزو الإسرائيلي.
    وفي خلال المناقشة، طالبوه بدعوة لواءي احتياط من أبناء (دمشق ، حمص، حماة، حلب). فاستغرب العقيد المذكور هذا الطلب.. ونبه القائد الذي يطالبه إلى أن دعوة الاحتياط لا يمكن أن تتم على أساس هذا التقسيم (أبناء المدن، ومن الطوائف غير العلوية)، وأن دعوة الاحتياط عادة تتم على أساس دعوة الألوية المعبأة سابقاً مثلاً (اللواء 90، اللواء 80، اللواء 60 احتياط.. إلخ).
    أما دعوة الاحتياط، من أبناء مدن معينة، ومن أبناء طوائف معينة، واستثناء غيرهم من أبناء المناطق والطوائف الأخرى، فهذا أمر فريد من نوعه في تاريخ الجيش، ومستحيل التطبيق لأن أجهزة شعب التجنيد ومكاتب النفير، لا تملك الإحصاءات الجاهزة التي تمكنها من تنفيذ تلك الدعوة المريبة لبعض قوى الاحتياط.
    عندها تصدى منطق التعصب والإجرام لمنطق الحق والإخلاص، فأصروا عليه أن ينفذ ما طلب منه وإلا.. ثم ألحقوه ببعض النعوت التي لا تليق بإنسان كريم..
    ... وجد العقيد المذكور – رحمه الله - أن الأمر مطبوخ مسبقاً، وأن هذه الجريمة الجديدة، معدة ومهيأة لوضع صفوة شباب هذه المدن في وجه القوات الإسرائيلية المتفوقة، بغية تركها للعدو فريسة يقضي عليها، وبذلك يتم لهم إذلال تلك المدن، والقضاء على أي أمل لديها بالمقاومة.. وأدرك كذلك أنهم يريدونه لتنفيذ تلك الجريمة.. ليحمل وزرها، وينجوا –هم- أمام الشعب، فرفض، ورد التحدي، وأفهمهم أن هذه الجريمة لن تتم وهو حي، عندها عاجله أحدهم بإطلاق الرصاص عليه، فقتل على الفور، وصعد إلى ربه مظلوماً!
    ولكن المجرمين.. بعد أن وجدوا البطل أصبح جثة هامدة، هالهم الأمر، وحاروا كيف يغطون جريمتهم، فحمل وألقي من الطابق الثاني لمبنى الأركان.. وأشاعوا أنه "انتحر"، ونقل إلى المستشفى العسكري.. ثم سلمت جثته إلى ذويه، ومنعوا من تشريحها، كما أجبروا على دفنه سراً دون أن تكون له جنازة أسوة بأي إنسان آخر.. وذلك خشية افتضاح الأمر، وانقلاب الجنازة إلى ثورة ضدهم.
    رحم الله كمال مقصوصة، فقد ذهب إلى ربه الذي نسأله أن يكتبه شهيداً من سادة الشهداء.. قال كلمة الحق في وجه سلطان جائر، فمنع باستشهاده تنفيذ جريمة خطط لها البعثيون.. وفوت عليهم ما دبروا.. فجزاه الله عن هذا الشعب كل خير.. وعوضه فسيح جناته، وجعله قدوة لغيره من الذين لم تستيقظ فيهم كوامن البطولة حتى اليوم.
    رحم الله الشهيد.. ورحم الله كل الشهداء الذين ماتوا ثابتين صادقين.. ولا رحم الله الذين ماتوا فارين مولين الدبر.. وشلت أيدي المجرمين الذين نفذوا تلك الجريمة الفريدة في تاريخ الشعوب.
    الفصل الثالث
    نقاش الإثبات
    "... صحيح أننا عملنا حتى الآن على تسهيل الحياة أمام مملكة تعيش بعيدة عن النفوذ السوفياتي، ولكن، في النهاية، تفرض علينا مصالحنا الاختيار..
    نجد الآن أنه يوجد في سورية نظام بعثي.. وهو تحت النفوذ السوفياتي.
    ولكن الواقع أن هدوءاً كاملاً يسود خطوط وقف إطلاق النار التي تفصل بيننا وبين هذه البلاد، وبتعبير آخر، وبغض النظر عن المفاهيم العقائدية، علينا أن ننظر إلى الأمور نظرة واقعية".
    من تصريح آبا أيبان لمجلة "الاكسبريس" 22 نيسان 1968. عن كتاب (المسلمون والحرب الرابعة).
    -1-
    من الجانب العسكري
    ... قبيل الحرب وخلالها افتعلت أخطاء عسكرية في غاية الأهمية والخطورة، كان لها الأثر الذي نراه اليوم، من فجيعة تكاد تذهب بالعقول.. والأخطاء التي ارتكبت، سَوْقية (استراتيجية)، أو تعبوية (تكتيكية)، ما كان لها أن تقع، لو أن القيادة البعثية كانت حريصة حقاً على صون البلاد، لأن هذه الأخطاء، لا تصدر عن مطلق قائد، مهما بلغ من السذاجة أو السطحية والارتجال في ما يتخذ من قرارات. ونحن نناقش الآن أهم الأخطاء وأخطرها، وما كان لها من نتائج سببت النكبة.
    1- عدم إعلان التعبئة العامة (النفير العام): وذلك يعني أن حزب البعث، لجأ لمواجهة تهديدات بالحرب يطلقها العدو الإسرائيلي، ويعلن خلالها أنه سيزحف لاحتلال دمشق..
    مثل هذه التهديدات، وما تلاها من تحركات وأحداث بدأت تتلاحق في تصاعد مستمر، حتى بلغت نقطة "اللاعودة"، وأصبح في حكم المحقق الأكيد، وقوع الحرب، والصدام مع العدو.
    رغم كل ذلك.. بقيت قيادة (السويداني وجديد والأسد وزعين، وماخوس وسادسهم الأتاسي، وكل الشركاء الآخرين في الجريمة).. هذه القيادة ظلت محتفظة "بهدوء أعصابها..!".، ولم "تؤثر التهديدات في خط سير الثورة".. تلك التهديدات.. "الصغيرة التافهة" التي يطلقها العدو.. "لتدعيم موقف عملائه من الرجعيين والأمبرياليين..(92)".
    أقول: إن قيادة حزب العبث، لجأت لمواجهة ذلك الخطر المحقق، بتظاهرة دعائية مجرمة توهم أن القيادة تقوم بالحشد العسكري المطلوب.. بينما تركت الطاقات والقوى الحقيقية الفعالة والقادرة فعلاً على مواجهة العدو والتصدي له بأمانة وفعالية.. كل تلك القوى والطاقات، تركتها القيادة "البعثية" معطلة مشلولة، وكأنها دخيلة على الوطن، ولأن البعثيين ينظرون إلى هذه الطاقات، نظرة الريبة، ويرون فيها – لو جمعت وأطلقت يدها- مصدر خطر على وجودها واستمرارها في السلطة.
    إن كل ما قامت سوريا (حزب البعث) باستنفاره من طاقاتها لمواجهة الحرب بعد أن تحقق وقوعها، هو ثلاثة ألوية احتياطية من ألوية المشاة، هي الألوية (80،123) والثالث لم أقف على اسمه.. وهذا يعني أن كل ما استنفر، لم يتجاوز عشرة آلاف مقاتل.. كان معظمهم من الاحتياطيين بعيدي العهد بالتدريب.. ثم عبئوا في وظائف وأعمال ليست اختصاصاً لهم.. ثم رغم كل ذلك.. كلفوا الهجوم على "صفد".
    لقد استطاعت إسرائيل (حشد 11%) من طاقاتها المقاتلة للحرب ضد العرب(93)، وأن مبادئ النفير السليم تنص على أن من واجب أية دولة لمواجهة احتمالات الحرب، أن تعبئ ما لا يقل عن 10% من طاقاتها البشرية للقتال..
    فإذا كان تعداد سكان سوريا لا يقل عن خمسة ملايين شخص، فإن من واجب الدولة أن تستنفر نصف مليون مقاتل وتضعهم في ظروف الاستعداد للحرب، ليؤدوا الأمانة المطلوبة.
    ولزيادة الإيضاح، نؤكد أن نصف هذه النسبة على الأقل كان في وسع القيادة حشده واستنفاره لأن ما لا يقل عن ربع مليون من الرجال سبق له أن جند ودرب منذ تطبيق نظام التجنيد الإجباري في سوريا وحتى يوم المؤامرة..
    إذن.. كان في وسع حزب البعث، أن يعبئ ربع مليون من المقاتلين في وجه إسرائيل على الأقل وهذا الـ "ربع مليون" فيه من أهل الاختصاص والخبرة عشرات الألوف من الضباط وضباط الصف والجنود، الذين سرحوا من الجيش خلال العهود السياسية المتعاقبة، فلم لم تستنفر هذه القوى لتؤدي دورها في الدفاع عن البلاد؟!!
    هنا.. تقع أولى نقاط الاتهام، بحق المجرمين الذين صنعوا هذه النكبة.. ويدعم هذه التهمة تصريح خطير لقائد الجيش البعثي، يثبت الجريمة.. ويدين المجرمين..
    فلقد صرح اللواء أحمد سويداني، رئيس الأركان العامة عشية الحرب، وبتاريخ 4/5/1967، خلال زيارته لتفقد القوات في الجبهة، وأمام جمع من ضباط الوحدات قائلاً: "إن القيادة لا تتوقع الصدام مع العدو.. وأن الذي ترونه يجري الآن، ما هو إلا تظاهرة عسكرية بالحشد".
    2- حشد القوى الاحتياطية غير المدربة، وتعبئة العسكريين في ملاكات ووظائف ليست من اختصاصهم، في الوقت الذي تركت فيه العناصر الاختصاصية معطلة الفعالية، ومعزولة تماماً عن ميدان القتال... فكانت النتائج المذهلة التي رأينا.
    إن أية قيادة، مهما كان رجالها جهلة أو مغفلين، لا يمكن أن تقدم على الذي فعلته قيادة حزب البعث، وأن هذا الذي فعلته لا نجد له تفسيراً إلا أنه الخيانة المدبرة مسبقاً والمرسوم لها أدق الخطط وأكثر التفصيلات لؤماً وسوء نية.
    إن أية مؤسسة (حتى بائع الفول والحمص)، لا تسمح لغير المتخصص أن يمارس عملاً لا يفقهه أو لا يتقنه.. وهذا أمر طبيعي وبديهي.. فكيف تقدم قيادة جيش، ومن ورائها قيادة دولة على وضع قوات بكاملها، في مواجهة العدو –حتى ولو كان ذاك العدو ضعيفاً أو جاهلاً- وتكلفها بأخطر الواجبات القتالية.. وهي تعلم أن هذه القوات ليست إلا جمعاً متنافراً من الرجال- كما رسمت لذاك قيادة البعث- فاقداً لأبسط مستوى من التماسك والتعاون اللذين لا ينشآن عادة إلا بنتيجة التدريب المشترك الطويل؟.
    كيف يكمن أن تقدم أجهزة دولة، وقيادتها، قوات للحرب عين فيها المتخصص بالهاون، رامياً لمدفع م/ط، أو الذي أمضى خدمته السابقة حاجباً أو خادماً في بيت أحد الضباط، رامياً لمدفع مضاد للدبابات؟
    لا.. إن الذي حدث لم يكن أخطاء مبعثها الجهل أبداً.. فأجهزة النفير ومكاتبه التابعة لقيادة الجيش السوري لها من الخبرة والاختصاص ما جعلها تحقق – في أوائل الستينيات- أرفع مستوى في أعمال النفير وتعبئة الوحدات، عرفته دولة عربية على الإطلاق!.
    والجداول الإحصائية، والسجلات الذاتية لكل من عاش في الجيش، تضم من المعلومات ما هو كاف وبدقة كافية، لتعطي من يستعملها أوضح معلومات عن اختصاص كل فرد في الوطن.. وبالتالي ما يمكنه من تعبئة هذه الاختصاصات في ميادين عملها، والوظائف التي تتيح لها أن تقدم أفضل إنتاج. فلم قامت أجهزة النفير خلال عهد حزب البعث بهذا العمل المجرم؟..
    هذه أيضاً، النقطة الثانية من الاتهام ضد الحزب وأجهزته المتسلطة على الحكم.
    3- حشد الألوية والوحدات المختلفة، في حدود ضيقة في الأرض، دون توفير الحماية الجوية لها..

    تعليق

    • لبيك إسلامنا
      3- عضو نشيط

      • 5 ماي, 2010
      • 330
      • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
      • مسلم

      #17
      إن المعروف بديهياً، في الحرب الحديثة، أن القوات الأرضية تكون شبه عاجزة عن تحقيق قتال ناجح –إلا في حدود ضيقة وحالات خاصة كالليل والالتحام مع العدو-، إن لم تكن تملك الحماية الجوية الكافية التي تمكنها من إجراء التحركات والمناورة، دون خوف من ضربات جوية خطرة.
      ولقد لجأ حزب البعث إلى حشد مجموعة ألوية في قطاع ضيق من أرض الجولان، كان يغص أصلاً بالقوات المدافعة، حتى اختلط الحابل بالنابل، وازدحمت الأرض بالرجال والسلاح والعتاد والآليات.. كل ذلك، أجراه حزب البعث، في غياب الطيران غياباً كاملاً عن سماء المعركة.. فكان ما كان من استنسار الطيران المعادي وتحقيق الفاجعة، التي دمرت العديد من وحدات الجيش، وأذلت رجولته وكرامته وسمعته، وأفقدته أجود أسلحته وعتاده.
      والسؤال الذي لا بد من طرحه.. لإيضاح الجريمة، هو عما فعلته قيادة البعثيين بالطيران السوري.
      إن من حقنا أن نسأل، بل واجبنا أن نصر ونلح في السؤال، أين كان الطيران السوري في تلك الحرب؟.
      إن كانت قيادة البعثيين لا تملك من الطيارين الذين تثق ببعثيتهم، من هو قادر على امتطاء صهوات الميغ والتصدي للميراج التي يقودها جبناء من يهود، فهل من حق تلك القيادة أن تخلي سماء البلاد من الطيران الذي تملكه وتكدسه في العنابر (الهنغارات) وتترك الطيارين القادرين على أداء دورهم، مسرحين مشردين، يرون الطائرات الإسرائيلية تحرث أجواء البلاد، وتحرق أرضها وتدمر قواها.. وهم معزولون عن التصدي لها، فكأن الواحد منهم مصارع جبار شلت ساقاه وقيدت بالأغلال رجلاه؟
      هذا من زاوية الطيران الذي غاب عند الحاجة إليه.
      وأما من الوجهة الأخرى، المقابلة، فكيف تقدم القيادة الفجة على إجراء ذلك الحشد وتحريك القوات في وضح النهار، وهي تعلم تمام العلم أنها عاجزة عن تحقيق حماية جوية لها؟
      أو ليس هذا وحده دليلاً كافياً على أن تلك القيادة لم تكن جادة في كل ما قامت به من إجراءات هزيلة ادعت أنها قامت بها استعداداً للحرب؟
      4- الهجوم الكاذب
      وأما فكرة الهجوم، ذلك الذي زعموا أنهم قاموا به أو ينوون فلنا عنده وقفة طويلة.
      إن ما نود تأكيده، ولفت الانتباه إليه، أن سياسة الهجوم لم تكن معتمدة في سورية (استراتيجية) القيادات السورية، منذ قامت الهدنة الدائمة عام 1949، وحتى يوم النكبة.
      إن سَوْق القيادات المتعاقبة في سوريا – مدنية وعسكرية- كان كله مبنياً على الدفاع والتشبث بالأرض- للحيلولة دون وقوع نكبة جديدة، لأن الجيش – في تقدير الخبراء العسكريين- لم يكن في يوم من الأيام قادراً على تحقيق تفوق يمكنه من خوض هجوم ناجح على الأرض المحتلة، لتصفية الكيان الإسرائيلي الدخيل، إن كل ما بني من سوق للدولة السورية –حتى خلال أيام الوحدة- كان قائماً على الدفاع وحده. دون التعرض للعدو بأعمال تتسم بالطابع الهجومي، مهما كان حجمه أو مداها.. لأن سياسة السَّوْق السوري بنيت على عقدتين أساسيتين كانتا تحكمان العقلية التي تعاقبت على القيادة السورية منذ نكبة 1948 وحتى حزيران 1967، وهما
      أولاً: أن الوضع السياسي الدولي لا يسمح –في زعمهم- بالتعرض للعدو الإسرائيلي بأية أعمال هجومية، محلية محدودة، أو عامة تهدف إزالة الورم الإسرائيلي الخبيث.
      وثانياً: إن القدرة القتالية الفنية ( في التسليح والمستوى التكنولوجي وأعمال إمداد القوات بكل احتياجاتها للحرب)، ستبقى دوماً عاجزة عن تحقيق التفوق القادر على دفع الجيش السوري لخوض حرب هجومية – خاطفة أو طويلة المدى – بهدف إزالة إسرائيل. وبتعبير آخر وأوضح: إن فكرة إزالة إسرائيل، وتحرير الوطن المسلوب وإعادته إلى أصحابه الشرعيين، لم تكن سوى شعارات تطرح للجماهير بغية الاستهلاك السياسي وكسب الأنصار والأتباع، بينما كانت العقليات التي حكمت البلاد، تؤمن وتردد في مجالسها الخاصة والسرية وحتى في مخاطباتها الرسمية(94) أن إزالة إسرائيل شيء غير ممكن.. وأن هذا مما لا يصح إعلانه للجماهير.. لذلك، فإن أفضل قيادة عرفتها البلاد، كانت تركز كل اهتماماتها حول صون الحدود، ورد العدو إذا ما حاول الزحف لابتلاع أرض جديدة، والتوسع على حساب مزيد من الأراضي السورية.
      وإننا حين نصر على هذا المفهوم الذي حكم السياسية السورية العليا، طيلة سنوات ما قبل حزيران العار، لسنا متجنين على أحد، ولا نغمط أحداً حقه أبداً.. بل، وإن الذي يؤكد بشكل قاطع ما ذهبنا إليه، هو إصرار القيادات المتعاقبة على زيادة التحصين، ورفع مستواه، حتى بلغ في عام 1961، مستوى من المنعة والقدرة والفعالية، جعل خبراء الدفاع في العالم، يصفونه بأنه التحصين الذي يستحيل اختراقه. وأنه قادر على الصمود حتى أمام ضربات ذرية صغيرة، أو قصف كيماوي تستعمل فيه أنواع متعددة من الغازات أو السوائل الكيمائية الفعالة.
      ولذلك.. فإننا حين سمعنا ادعاءات إذاعة حزب البعث، أنها قامت بالهجوم، واحتلت ودمرت، وأن قواتها قد وصلت إلى صفد.. كان الانطباع المنطقي لدينا، أنهم كاذبون دجالون.. يفترون الكذب على الله وعلى الأمة بمجموعها حتى في أدق ساعات الخطر التي مرت بها خلال تاريخها الحديث..
      وقد أكدت الأحداث والأخبار والحقائق التي نشرت أو أذيعت أو تسربت على ألسنة الصادقين المخلصين الذين كانوا هناك أيام تلك الحرب.. صحة تكذيبنا لهم، وأوضحوا لنا أنهم إنما كانوا يزايدون على الأمة حتى في اللحظة التي كانت جيوش العدو تحتل أرضها، وتشرد مزيداً من أبنائها وتدمر ما يعجز الحصر من عدتها وعتادها وتسليحها.
      وفيما اتخذته القيادة السورية البعثية من أعمال وأجرته من تحركات، من أجل "الهجوم الكاذب" تكمن أخطر نقطة في المؤامرة التي نفذوها.. وبها سلموه جولاننا الحصين، حبة القلب، ونور العين وضياءها..
      هذه الأعمال التي قامت بها القيادة البعثية، تميزت بعملين هما في الحقيقة أهم ما نفذته من إجراءات، ظاهرها ضد العدو وحقيقتها كانت لصالحه.
      فالعمل الأول، هو الهجوم الذي قامت به وحدات هزيلة من الحرس الوطني –وما أعد الحرس الوطني في يوم من الأيام إلا للإنذار وقتال التأخير- دخلت في الأرض المحتلة مسافة 2-3 كيلومترات، وهاجمت مستعمرة شرياشوف، فوجدتها خاوية على عروشها، قد أخلاها العدو منذ عدة أيام سبقت الحرب.
      والعمل الثاني، هو تقديم لواءين من الاحتياط، لاحتلال قاعدة الانطلاق –انظر تحديدها في فصل سابق- بحجة إجراء الهجوم على صفد.
      فما هي مكامن الخيانة في هذين العملين؟
      وما هي حقيقة الأهداف التي من أجلها نفذتها القيادة البعثية؟!
      أ- إن من المعلوم لكل من خدم في الجبهة (الجولان)، أن أكثر القطاعات احتمالاً أن تتعرض للهجوم المعادي، هما القطاعان: واسط، والأوسط. وذلك بسبب قرب المسافة ما بين القنيطرة والحدود في كل منهما..!
      ... ولقد كان قطاع واسط، أضعف قطاعات الجبهة تحصيناً وتدعيماً بالقوات، وذلك بسبب ضآلة المحاور الصالحة لحركة الآليات، ووعورة الأرض وعدم صلاحيتها لإجراء المناورة الهجومية (بالنسبة للعدو المهاجم).
      وأما القطاع الأوسط، فلقد كان محور جهد الجبهة والجيش، وكان أكثر القطاعات كثافة بالقوات والتحصينات، وأفضل القطاعات صلاحية لإجراء قتال دفاعي نموذجي (بالنسبة لنا)، يقدم العدو خلاله خسائر قد تفوق حدود التقديرات التي وضعت قبل إجراء أي قتال هناك..
      ب - ويأتي في الأهمية بعد هذين القطاعين، القطاع الشمالي، ومحور جهده هو طريق بانياس- مسعدة، وقد قام الجيش لذلك بتركيز فعال للمواقع الدفاعية على هذا المحور، والمحاور الأخرى، الصالحة للتقدم ضمن القطاع، بالإضافة إلى الملاغم التي جهزت لتضع العدو في موقف هو غاية في السوء، لا يملك حياله إلا أن يتراجع، أو يخضع فترة طويلة لنيراننا حتى يمكن له إصلاح التخريبات ومعاودة التقدم. أضف إلى ذلك: التركيز الشديد بحقول الألغام التي زرعت في كل ثغرة تصلح لتنفذ منها آليات العدو، حتى بلغ عمق بعض حقول الألغام أكثر من مائتي متر، وعرضها أكثر من كيلو متر. ومثل هذه المقاييس تعتبر نادرة في حقول الألغام التي تزرع في أرض غير صحراوية.
      جـ - ويأتي في النهاية، القطاع الجنوبي، وفيه محوران هامان:
      أولهما: هو محور الكرسي – (تل -69) – سكوفيا – فيق العال.
      وثانيهما: هو محور الحمة – كفر حارب – فيق - العال.
      ولو أن عدواً ما، حاول إجراء الهجوم – بقواه الرئيسية - على أي من هذين المحورين، لاعتبر مجنوناً أو أحمق أو جاهلاً، لأن أية قوات تحاول التقدم مستعملة أحد هذين المحورين أو كليهما، ستخضع لنيران من المدفعية – وحدها-كافية لتجعل من الأرض التي تقف عليها مقبرة لها، لأن المحورين المذكورين هما في غاية الوعورة والانحدار والتعرج، أضف إلى ذلك ما حضر عليهما من ملاغم وتخريبات، عدا المواقع الدفاعية الحصينة، وحقول الألغام.. ثم.. النيران المحضرة لكل وحدات المدفعية والهاون والطيران.
      ورغم كل هذا، وبما أن العدو لا يملك إمكانية تحقيق الكثافة البشرية التي تمكنه من تغطية القطاعات كلها في الامتدادات الطويلة للجبهة، فلقد توقع القادة المتعاقبون الذين أشرفوا على رسم السياسة الدفاعية للجولان، توقعوا أن يركز العدو كل همه على تحقيق خرق خاطف في أحد القطاعات، ومن ثم ينطلق من قطاع الخرق هذا إلى عمليات التطويق، ليشل القدرات الدفاعية للوحدات المتمركزة في باقي القطاعات، ويمنع عنها طرق إمدادها بالنجدات والمؤن.
      ولتلافي إمكانية حدوث مثل ذلك.. فقد حسبت القيادات المتعاقبة حساب عمليات التطويق هذه فأقامت مجموعة من المواقع والتجمعات القتالية، لتتحكم بالطرق التي سيركز العدو جهده للوصول إليها واستعمالها في عمليات الالتفاف والتطويق، لذلك نرى أن كثيراً من النقاط والتجمعات القتالية قد أقيمت لتسيطر على هذه الطرق وإحباط نوايا العدو.
      ومن أهم هذه المواقع والتجمعات:
      في القطاع الشمالي حرش مسعدة – بقعاتا - القلع.
      في قطاع واسط: تل شيبان.
      في الأوسط: معسكرات كفر نفاخ –نقطة استناد العليقة الشمالية (على طريق حفر- العليقة) معسكرات الخشنية وفيها تقيم كتيبة دبابات القطاع الأوسط التي كان لها واجب الدفاع عن الخشنية في حال عدم زجها في المعركة الدفاعية الأساسية.
      في الجنوبي: معسكر الجوخدار حيث تقيم فيه كتيبة دبابات القطاع الجنوبي ومنه تنطلق لشن الهجمات المعاكسة في اتجاه القنيطرة، وفي اتجاه الخشنية.
      وأما على الخط العرضاني الأقرب إلى الحدود، والواقع معظمه في منطقة الحيطة، فإننا نجد سلسلة من المواقع الهامة واجبها الدفاع في كل الاتجاهات، وإحباط محاولات التطويق أو الالتفاف التي قد يقوم بها العدو.. ومن أهم هذه المواقع (من الشمال إلى الجنوب) قنعبة، حفر، في الشمالي و217، علمين، تل المشنوق، تل 62، تل الأعور، في الأوسط. و-69 في الجنوبي.
      إذن... نستطيع أن نقول: إن القطاعين الهامين اللذين "يجب إخلاؤهما من القوات المدافعة، ليتمكن العدو من التقدم بحرية وراحة، هما القطاع الشمالي، والقطاع الأوسط.
      ونظراً لأن العدو، لا يمكن أن يعطي تفصيلات خطته لعملائه – مهما بلغوا من الأمانة له والحرص على خدمته – لذلك فقد أشار عليهم إخلاء هذين القطاعين، من القوات، فكان له ما أراد، وقامت القيادة البعثية بلعبتها الخطرة، فأخرجت القوات المدافعة عن أخطر مواقع القطاع الشمالي من مواقعها، وزجت بها في معركة هجومية صورية، أنهكتها، وخيبت ظنونها، فلما عادت لتحتل مواقعها، وجدت أن الخيانة قد صفت كل شيء، إذ هرب القادة، وانهزمت القوات، ودمرت مواقعها الدفاعية، فلم يبق أمامها إلا الفرار أو التمزق(95).. وبذلك خلت المواقع الأمامية الحصينة في القطاع الشمالي من حماتها.. وقيل للعدو الإسرائيلي، أقبل فالأرض مفتوحة أمامك.
      وأما في القطاع الأوسط.. فلكي تبلغ اللعبة القذرة غايتها، وتحقق أهدافها، اخترعت القيادة البعثية فكرة الهجوم على صفد، وأوكلت أمر تنفيذها إلى الألوية الاحتياطية الهزيلة، ثم بحجة ذلك الهجوم، سحبت القوات الأصيلة المرابطة للدفاع، من مواقعها التي تعرفها تماماً، وتتقن القتال فيها – بحكم التدريب والإقامة الطويلين- فكان إخلاء الأرض من حماتها بذلك الأسلوب المموه اللئيم، "أدق" عمل أدته القيادة البعثية، لخدمة أطماع الغزو الإسرائيلي.. التي لا تقف عند حد، وحتى وضع القوات الاحتياطية في ذلك الموقف، لم يخل من دقة في التآمر، وحرص على تنفيذ الجريمة بأكثر السبل ضمانة لبلوغها غايتها.
      فبالإضافة إلى كل المساوئ التي كانت تشل فعالية تلك الألوية الاحتياطية، كانت هناك فكرة خبيثة وخفية في هذا العمل، وملخصها أن القيادة لو أحلت محل القوات المدافعة الأصيلة، قوات نظامية مدربة، فإن هذا يشكل خطراً على مخططاتها المشتركة مع العدو لتسليم الأرض الحصينة.. لأن القوات المدربة جيداً، والمتماسكة في بنيانها، تعرف تماماً أن من الطبيعي أن ينقلب الهجوم بين لحظة وأخرى، إلى دفاع، فيمكنها – بحكم التدريب والمعرفة المسبقة - أن تدير قتالاً دفاعياً ناجحاً، يرد كيد العدو إلى نحره، ويخرب مخططات القيادة البعثية في التآمر.. فلجأت إلى إحلال القوات الاحتياطية المتنافرة غير المدربة، في ذلك الموقف العصيب، لتضمن عجزها عن خوض قتال دفاعي جيد وفعال في وجه العدو، وبذلك ضمنت للغزاة إخلاء الأرض ومواقعها من كل طاقة ذات فعالية قد تعترض سبيلهم.
      ويبقى في هذا الشرح، وضع قطاع واسط، الذي فيه أيضاً حصل الاختراق.
      ولقد سبق وقلنا أن هذا القطاع، هو – من حيث التحصين- أضعف قطاعات الجبهة، ولكن وعورة الأرض، وقلة الطرق الصالحة لتقدم الآليات، كانت البديل الأفضل لهذا الضعف، ورغم كل ذلك، فإن المقرر له أن يدافع عنه لواء بكامله مع كل أسلحة التعزيز.. فماذا فعلت القيادة البعثية بهذا القطاع؟
      أولاً: إن اللواء المقرر له أن يحتل قطاع واسط، ليدافع عنه لم ينقل إلى مكانه ذاك، واكتفت القيادة بالقوات الضئيلة المستعارة من الحرس الوطني ومن القطاع الشمالي، لاحتلال نقاطه ومواقعه الدفاعية.
      وثانياً: نرجح أنه كان في تقدير القوات الإسرائيلية والقيادة البعثية، أن هذا القطاع لن يصمد طويلاً، فلا يلبث أن تضعف مقاومته وينهار، وخاصة أن الطيران سينهك قواته قصفاً وإحراقاً، مع الضمانات الكافية بأن القيادة البعثية لن تفعل شيئاً لنجدته.. وهذا ما حصل فعلاً، منذ صباح الجمعة 9 حزيران.. فتم الاختراق فيه، وتقدمت القوات لاحتلاله متخذة تشكيلة الأنساق المتتابعة، خوفاً من بطولات تعترض سبيلها فتردها مدحورة مذمومة، رغم كل ضمانات حزب البعث، وأعماله التي كفلت لها تسليمها الجولان بدون قتال.
      ونريد الآن أن نسأل.. من أين هبطت فكرة الهجوم على القيادة البعثية، وهي تعلم أن جيشها ليس إلا مؤسسة بوليسية قادرة على قمع الشعب والهجوم على المقدسات والحرمات.. وليس لها أن تخوض أي قتال هجومي فعال داخل الأرض المحتلة؟!
      لماذا قررت القيادة البعثية إجراء الهجوم.. مع أنها لم يكن في سياستها وسَوْقها أنها قادرة على ذلك؟.
      إن الجيش السوري عشية حرب حزيران، كان في أسوأ حال عرفها منذ إعادة تشكيله عام 1955، ولم يكن أحسن حالاً منه خلال أعوام الضعف التي سبقت ذلك العام، وكانت القيادة البعثية تعلم ذلك..
      أفلا يكفي القيادة السورية البعثية، علماً بأحوال جيشها وعجزه عن خوض قتال ناجح ضد العدو الإسرائيلي، أن يعلن لها – منذراً - أحد كبار قادة الجيش السوري البعثي، اللواء فهد الشاعر، خلال محاكمته:
      "إن جيشاً يشتغل في السياسة ثماني عشرة ساعة، ويأكل وينام خمس ساعات، ويتدرب ساعة واحدة في اليوم.. إن هذا الجيش لن يرجى منه نفع ساعة المحنة"؟!
      القيادة البعثية كانت تعلم أن جيش العدو متفوق على جيشها في مختلف المجالات، وخاصة في حقل الطيران، وهي تعلم أن طيرانها عاجز عن حماية البلاد حتى من سرب جراد، لأنها شردت الطيارين، وخزنت الطائرات في عنابرها.. خوفاً من أن يستخدمها طيارون غير بعثيين ضدها، فتفقد مواقع الحكم التي تدير منها التآمر والخيانة لتسليم الأرض إلى عدو لا تقف له أطماع عند حدود.!
      فمن أين جاءتها فكرة الهجوم هذه.. رغم كل علمها بأنها عاجزة عن خوض أي هجوم؟ هنا سؤال خطير.. ستكشف الأيام تباعاً، جوانب من الإجابة عنه، لأن من غير المتيسر لنا كشفها كلها.. ونحن لا نملك الاطلاع على ما يدار ويحاك في دور السفارات والأقبية السرية.. ولكننا لا بد من أن نشير إلى مسؤولية الخبراء الروس.. في تلك الجريمة.
      نحن نقول: إن فكرة الهجوم – أصلاً- كانت مسرحية لتبرير سحب القوات المدافعة الأصلية، وإخلاء طريق القوات الإسرائيلية من كل مقاومة فعالة.
      ولكن.. لماذا أشار الخبراء الروس بوضع ألوية الاحتياط في مقدمة قوات الهجوم.. ذلك المزعوم؟!
      نحن لا نستطيع تبرئة الخبراء الروس من تلك الجريمة، لأنهم ليسوا حديثي عهد بالعمل في سوريا، وقد مضت عليهم سنوات عشر، يعملون خلالها في الجيش، يدربونه، ويطلعون على كل ما يخصه، حتى أصبحوا على علم بأدق التفصيلات عن سلاحه، وعتاده، وتعداده، والتغييرات التي أصابته، ومستويات تدريبه والقدرات القتالية لوحداته.
      وما داموا يعلمون كل تلك التفاصيل، أكثر من كثير من ضباط الجيش، وما داموا يعلمون أن مستوى الوحدات الاحتياطية لا يؤهلها لخوض هجوم فعال ضد دفاع محصن... فكيف لهم أن يشيروا بوضع هذه الوحدات في المقدمة بحجة أن من الأفضل ترك الوحدات النظامية للعمل في داخل إسرائيل، فتكون مرتاحة متماسكة.. ويمكن عندها لها أن تحقق استغلال الفوز؟!
      إن الخبراء الروس الذين دربوا جيشنا.. ليسوا أطفالاً أو حديثي عهد بالخدمة العسكرية.. إن أقل رتبة فيهم كانت رتبة العقيد.. وإن أقل واحد منهم، كان له اشتراك في الحرب العالمية الثانية عدا مئات المناورات التي خاضها في جيشه اشتراكاً مع جيوش الدول الشيوعية الأخرى.. وهؤلاء لهم من الخبرة والعلم العسكري ما جعلهم أهلاً لتدريب جيش ناشئ كجيشنا.. وهم يعلمون أن جميع جيوش الأرض، تضع أقوى وحداتها، وخيرة سلاحها وعتادها، في الهجوم الرئيسي، لتوجيه الضربة الأقوى والرئيسية، التي إن تمت بنجاح، فستزلزل دفاع عدوها، وتمهد لتشريد قواه ثم تدميرها.
      جميع جيوش العالم.. تزج بخيرة قواها لتحقيق الفوز منذ الضربة الأولى.. فكيف أشار أو قبل الخبراء الروس أن يزجو بالوحدات الفاقدة التماسك، والهزيلة التدريب.. والمعبأة أسوأ تعبئة عرفها تاريخ جيش ما- في مواجهة دفاع حصين متماسك متين.. بحجة ترك الوحدات العاملة، مرتاحة لتتابع التوغل في عمق دفاعات العدو؟!
      إننا لم نجد تفسيراً لهذا العمل، سوى التواطؤ، إما لصالح إسرائيل مباشرة، وهذا ما لا نملك إثباته فيكفينا أننا ننبه إليه.. وإما التواطؤ المأمورين به من قياداتهم، لترك الألوية "البعثية الاشتراكية"، سليمة لحماية الخط اليساري الثوري، من أية تحركات شعبية عارمة ضده، وخاصة في تلك الساعات التي برز خلالها جبن وضعف وتواطؤ الجيش البعثي – ومن ورائه حزبه وأجهزته الحاكمة- تجاه العدو الإسرائيلي، وخطره الآتي عبر الحدود.
      وإن الذي يؤكد ما ذهبنا إليه هنا –هو ما رأيناه من إصرار وسرعة مذهلة، قامت بها دولتهم –الاتحاد السوفياتي- في تعويض ما خسرت الدول الثورية العربية خلال مسرحية حزيران، وخاصة في حقل الطيران، بسبب فعاليته في شل قدرة أية تحركات قد تقوم بها الشعوب المنكوبة لإزالة الذين صنعوا لها النكبة.. بينما بقيت دول من الدول المنكوبة –غير اليسارية- تعاني حتى اليوم من النقص الخطير الذي لحق بقواتها عقب النكبة.. ذلك لأنه ليس في مصلحة روسيا نجدة هذه الدولة غير الثورية..!
      5- البلاغ رقم 66 بسقوط القنيطرة
      ومن الأمور الخطيرة جداً.. التي تميزت بها أيام الحرب (المسرحية)، هو تصرف القوات بعد الإعلان الكاذب عن سقوط القنيطرة.. وهذا ما يحتاج إلى مناقشة وتوضيح.
      أ- لنترك جانباً - ولفترة محدودة فقط - إصرارنا على أن بلاغ سقوط القنيطرة، قد أذيع قبل سقوطها بزمن غير قليل، فلقد سبق أن بينا ذلك بوضوح وأثبتنا أن القوات الإسرائيلية كانت ما تزال تشتبك بالمقاومات الفردية المعزولة، في تل شيبان، والقلع، وتل الفخار، وفي المنصورة وأماكن متفرقة أخرى.. حين أذيع البلاغ الكاذب ذاك..
      ولنفترض جدلاً أن البلاغ كان صحيحاً.. وأن القوات الإسرائيلية قد دخلت القنيطرة وقت البلاغ تماماً أو قبيله بزمن بسيط.. فلماذا تترك الوحدات الباقية مواقعها، وتفر كالفئران؟!
      إن نظرة واحدة إلى خريطة الجولان.. توضح أن سقوط القنيطرة، لا يشكل خطراً أو تهديداً مباشراً ضد باقي القوات المقيمة في القطاعات الأخرى، وخاصة الأوسط والجنوبي.
      إن القنيطرة تبتعد عن مواقع القوات الإسرائيلية في القطاع الأوسط، عشرين كيلومتراً، وعن مواقع القوات الرئيسية في الجنوبي خمسين كيلومتراً.. فهل يمكن أن يسمى احتلال العدو للقنيطرة، التفافاً أو تطويقاً ضد هذه القوات؟!
      إن التطويق لا يكون تطويقاً، إلا إذا استطاعت القوات عزل الوحدات المطوقة تماماً، والإحاطة بها من كل جانب، وقطع طرق انسحابها أو تموينها ونجدتها، ومن ثم تبدأ القوات المطوقة زحفها لتدمير القوة المطوقة، أو إجبارها على الاستسلام.
      وحتى في هذه الحالة – النادرة في الحروب - كثيراً ما تقوم القوة المطوقة بأعمال تتسم بطابع العنف والضراوة، بهدف فك الحصار، وفتح الطريق إما لانسحابها أو لتأمين وصول النجدات إليها..
      وفي حالتنا هذه التي نناقش، يرى الناظر إلى الخريطة أن قوات الجولان لم يتم تطويقها، وأن نجدة الجولان كانت ممكنة – وهذا ما سبق للقيادات أن وضعته في احتمالها- إما عن طريق قطنا – مزرعة بيت جن – مسعدة (من الشمال)، وإما من الطريق المختلفة المؤدية من حوران إلى القطاع الجنوبي، ثم الأوسط (من الجنوب)، وإما من الطرق المؤدية من دمشق إلى منطقة القنيطرة مباشرة (من الشرق).
      وكذلك يرى الناظر إلى الخريطة، أن مجال المناورة كان واسعاً جداً، فالأرض فسيحة، والطرق متوفرة والليل كفيل بالسماح للقوات السورية بإجراء التحركات اللازمة حتى تتم الالتحام مع العدو، لطرده، أو وقف زحفه على الأقل..!
      إذن.. فليس للقوات أي عذر في تركها لمواقعها، بحجة أنها سمعت بلاغ سقوط القنيطرة.. فظنت أنها قد طوقت.. أو أصبحت مهددة بالتطويق.
      هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخرى.. لا بد لنا من التذكير بأننا نوهنا في فصل سابق، أن المواقع الدفاعية –كل المواقع- قد حضرت، لتقوم بالدفاع في كل الاتجاهات (الدفاع الدائري)..
      فلو عدت معي أيها القارئ، إلى فصل (الإعداد المسبق)، لوجدت أن لكل سلاح قد جهزت مواقع رمي تكميلية، وأن الأسلاك الشائكة والألغام قد أحاطت بكل موقع من كل جانب، حماية له من نقطة ضعف.. وتسهيلاً له أن يقوم بالقتال في أي اتجاه يقع منه التهديد..
      إذن.. نستطيع القول: إنه حتى ولو قامت القوات الإسرائيلية بالزحف من القنيطرة إلى باقي القطاعات، لقتالها من أحد الجوانب أو الخلف.. فإن تلك القوات كان يجب أن تصمد، وتقاتل.. لأن ذلك من صلب مهماتها.. ولأن أكثر القوات (وخاصة قوات القطاعين الأوسط والجنوبي)، قد دربت مسبقاً، وخلال سنوات طويلة، على تلك المهمات القتالية المختلفة.

      تعليق

      • لبيك إسلامنا
        3- عضو نشيط

        • 5 ماي, 2010
        • 330
        • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
        • مسلم

        #18
        وأخيراً.. علينا أن نضيف، أن الأوامر المستمرة، الدائمة التي كانت تلقن لكل عسكري يدخل الجبهة (الجولان)، تنص على أن من واجبه الدفاع والقتال حتى الموت.. وأن لا انسحاب مهما كانت النتائج، فكيف استطاعت الشائعات التي راجت عن أوامر انسحاب أصدرتها القيادة.. أن تفعل فعل السحر في تلك النفوس المتخاذلة.. حتى تركت مواقعها وولت الدبر؟؟!!
        من كل ذلك.. نستطيع أن نؤكد أن أسباب الصمود والاحتفاظ بالأرض كانت متوافرة، فالأوامر الدائمة المسبقة بوجوب الدفاع حتى الموت، وإعداد المواقع للقتال في كل الاتجاهات، وتوفر إمكانية المناورة والضرب ضد العدو في كل أرض، وإمكانية إمداد ونجدة القوات عبر الطرق المختلفة.. ومناعة التحصين الذي كان قادراً على تأمين حماية كافية ضد الطيران الإسرائيلي.. ووفرة المواد التموينية من ذخيرة وطعام ومواد علاج، المكدسة في مستودعات القطاعات والوحدات...
        كل ذلك.. لم تستفد منه القوات، فما إن سمعت البلاغ المشؤوم.. حتى بادرت إلى ترك مواقعها- وحتى أسلحتها ووثائقها-.. ثم أسلمت السيقان للريح.. ميممة شطر إربد وحوران أو دمشق أو لبنان وهي تعتقد أنها لن تبلغ الأمن والسلامة إلا بخروجها من حدود الأرض التي تحمل الصبغة القتالية.. أرض الجولان..
        6- الهجمات المعاكسة:
        ويبدو لي الآن أن الحديث عنها قد أصبح أقل ضرورة مما كنت أعتقد، لأن ذلك لا يعدو كونه جزءاً من الحديث عن أعمال القوات، الذي تعرضنا عنه في الفقرة السابقة..
        ولكن ذلك لا يعني أننا نغفل مناقشة هذا الأمر الخطير.. وخاصة فيما يتعلق بالقيادة العامة وأعمالها.. فإن نحن سلمنا أن القوات المدافعة التي كانت تحتل الجولان، قد تخاذلت وجبنت في وجه العدو.. فلماذا لم تقم القيادة العامة بذلك الواجب.. وتبادر هي إلى الزج بالقوى الرئيسية التي تحت قيادتها، لسد الخرق الذي حصل ورد القوات المعادية، أو إيقافها ضد حدود ضيقة على الأقل؟..
        قد يتصدى متنطح وقح ليقول أن الطيران الإسرائيلي كان مسيطراً على جو البلاد كلها.. وهذا ما يمنع تحرك الوحدات لإجراء الهجوم المعاكس المطلوب..
        وأفضل رد على مثل هذا الادعاء، هو أن الذي يقوله جاهل، يتحدث بما ليس له به علم.. أو منافق مخادع والغ في الجريمة.. ويريد صرف الناس عن خطورتها..
        إن من الأسس العامة لقتال القوات، أن الطيران – مطلق طيران- يكون عاجزاً عن التدخل ضد قوات عدوه في حالة الالتحام بين الطرفين..
        وإن من أبسط قواعد التحركات العسكرية أن الليل يشكل أكبر عامل مساعد لتحرك القوات خفية عن أعين الرصد المعادي.. كما يقدم حماية كاملة للقوات خلال تحركها على الطرقات.. رغم إمكانية الطيران –أي طيران- استخدام المشاعل والقنابل المضيئة لكشف أعمال العدو أو تحركاته في منطقة من الأرض.. ولأن ذلك يبقى محدوداً ضمن مساحات معينة، وفي حدود ثوان أو دقائق معدودات.. وهذا لا يعين الطيران على القيام بهجوم ناجح في الليل ضد القوات الأرضية..
        ومن المعلوم كذلك أن الطرق المؤدية إلى منطقة واسط –القلع (قطاع الخرق)، أكثر من أن تحصى.. والقوات السورية تعلم تلك الطرق خير علم.. كما سبق لها أن مارست عليها مختلف أنواع التحركات والأعمال التدريبية.
        كان من الممكن إذن للقيادة –لو أنها أخلصت- أن تجري التحركات اللازمة، وتدفع بالقوات المكلفة إجراء الهجوم المعاكس في الليل، حتى تصل إلى خطوط الفتح المقررة لها ثم تقوم عند بزوغ أول ضوء، بتنفيذ الهجمات المعاكسة المطلوبة.. وبذلك تكون قد حققت واجبها وبقيت في مأمن من تدخل الطيران ضدها..!
        ولقد سبق وبينا أن شعبة العمليات أصدرت تلك الأوامر، وكان اللواء عواد باغ قد تدخل بنفسه لتحقيق ذلك الواجب الكبير.. ولكن؟.. لا رأي لمن لا يطاع.. فالسلطة الحزبية قد علت على السلطة القانونية العسكرية حتى في أسوأ لحظات المصير. وتطاولت عليها، ورفض القادة البعثيون تنفيذ تلك الأوامر، مستندين إلى سندهم وحماتهم في الحزب المجرم.. وبذلك كان مثل اللواء عواد باغ، كمثل ضابط عربي يصدر الأوامر لقوات سوفياتية مثلاً.. فهل لها أن تطيع؟!..
        7- الطعام
        ثم موضوع الطعام، ما حقيقته، وما هو السر الكامن في اختفائه، وكيف كان له أكبر الأثر في وقوع الكارثة.
        إننا نعلم أنه منذ بداية التوتر، ومع تصاعد احتمالات الصدام مع العدو، أخذت مظاهر الاستعداد "الكاذب" لذلك الصدام، تتلاحق، وتأخذ صوراً شتى. حسب كل ميدان من ميادين الاختصاص.
        ولقد كان من جملة مظاهر "الاستعداد".. قصة طعام الطوارئ.. قصة سحبه وما كان لذاك من آثار خطيرة.
        ولكي يمكن فهم هذه النقطة، ومدى خطورة اللعبة الخائنة التي ارتكبتها قيادة الحزب، لضمان تسليم الجولان، إلى العدو دونما مطلق مقاومة.. لكي يكون الأمر هذا واضحاً، نعود قليلاً إلى الوراء.. إلى نظام الطعام في الجولان.. خلال عمره قبل نكبته، ونكبة الأمة بضياعه.
        أ- إن إطعام القوات في الجبهة (الجولان)، كان مؤمناً بواسطة المطابخ، التي تؤمن الطعام الطازج في وقته، والتي كانت منتشرة في الجبهة، على مستويات مختلفة ومتعددة، بدءاً من المطابخ الميدانية المتنقلة، ومروراً بالمطابخ الثابتة للوحدات الصغرى المنعزلة.. حتى مستوى المطابخ الكبيرة التابعة للثكنات والمعسكرات، التي تضم وحدة كبيرة أو أكثر(96)..
        ولكن إلى جانب ذلك.. ومع احتمالات القتال – التي ما وجدت القوات في الجولان إلا لمواجهتها – المختلفة، والمتعددة الوجوه.. ومع احتمالات انقطاع التموين –لفترات مقدرة ومحسوبة- لجأت القيادة إلى نظام توزيع أطعمة الطوارئ.
        ب- وأطعمة الطوارئ.. عبارة عن أنواع من الخبز (المجفف أو البسكويت)، الذي يحتوي على غنى مركز بالفيتامينات الحيوية الضرورية، مع معلبات من لحم البقر، أو السردين.
        هذه الأطعمة، خصصت للاستهلاك في حالات انقطاع التموين.. وقد حددت الأوامر الحالات التي يسمح فيها باستهلاك أطعمة الطوارئ هذه أو جزء منها.. ثم علق تنفيذ هذه الأوامر (أي مدى انطباقية حالات تنفيذها، على الواقع اليومي الذي تواجهه القوات) بأوامر خاصة تصدر لهذا الغرض، من قيادة الجبهة.
        إذن.. نستطيع أن نفهم أن أطعمة الطوارئ هذه كانت من مواد التموين التي شدد الحرص عليها حتى أصبحت بمستوى الذخيرة من حيث الأهمية.. وهذا معلوم سببه.. لأن الجندي إذا جاع.. يصبح صعباً عليه أن يقاتل.
        جـ- وزيادة في الحيطة، ونظراً لأن وحدة القتال الأساسية التي بنيت عليها مواقع الدفاع في الجولان، هي "نقاط الاستناد" التي تدافع عنها "سرية مشاة" معززة أو مخففة.. وبسبب من طبيعة الأرض التي تفرض على نقاط الاستناد هذه أن تواجه احتمالات العزل أو التطويق، خلال الصدام المحتمل.. ونظراً لأن هذه الاحتمالات.. تجعل "آلياً" تلك النقاط مطالبة بأن تقاتل اعتماداً على قواها الذاتية، فترة محدودة، ريثما تتم نجدتها وكسر الحصار المفروض عليها.. لذلك.. فقد زودت هذه النقاط، بكل احتياجاتها التموينية.. التي تمكنها من القتال (منعزلة)، فترة من الزمن، كافية لإعطاء فرصة للوحدات الأخرى، لنجدتها.. وقد كان أضعف تقدير لهذه المهلة "48 ساعة".. وكانت أطعمة الطوارئ من جملة المواد التموينية التي زودت بها تلك الوحدات.. بل، وزودت بها حتى المواقع والمخافر الصغرى المنعزلة- بغض النظر عن حجم الوحدات المدافعة عنها-.
        وحتى في الكثير من النقاط والمواقع.. وخاصة التي كانت تواجه احتمالات الحصار أكثر من غيرها، بسبب انعزالها أو وعورة الأرض حولها، مما يسبب تأخر نجدتها.. حتى في تلك المواقع لم تترك أطعمة الطوارئ لدى قيادات السرايا أو قيادات تلك المواقع.. وإنما وزعت على المستويات الصغرى ضمنها.. حتى بلغ التوزيع في بعض الأمكنة مستوى الفرد.. حيث كنا نجد بعضاً من تلك المخافر والمواقع.. وقد زود الأفراد فيها بكل احتياجاتهم من الذخيرة والطعام (للطوارئ) ليواجه القتال منفرداً.. مع الاحتفاظ بنسبة معينة من هذه المواد التموينية، تحت تصرف القائد –على كل المستويات- ليتصرف به حيث تدعو الحاجة.
        د- وحرصاً على بقاء هذه الأطعمة دوماً بحالة ممتازة، وخوفاً من فسادها وتلفها.. فقد لجأت القيادات المتعاقبة إلى نظام رائع باستبدالها.. وكانت الأوامر الدائمة قد حددت ذلك النظام كما يلي:
        1- خصصت أياماً معينة من كل شهر، يكون فيها طعام القوات، جافاً، وتقوم الوحدات بالحصول عليه من مخزونها من أطعمة الطوارئ (حسب الجعالة القانونية المقررة).
        2- تقوم أجهزة الشؤون الإدارية في الوحدات، بتعويض ما استهلك فوراً (وفي اليوم نفسه وأحياناً بصورة مسبقة)، بغية الحفاظ على مخزون الوحدات من هذه الأطعمة متوازياً مع مخصصاتها القانونية – وحسب التعداد.
        ويكون هذا التعويض للوحدات، دوماً من مخزون القيادات في مستودعاتها.
        3- تقوم القيادات –في الوقت نفسه- بتعويض ما استهلك من مخزونها، بواسطة وحدات التموين المختلفة، وأحياناً –وحال الاضطرار- من الأسواق، وذلك لبقاء مخزون المستودعات متوازياً بصورة دائمة.
        هذا،... مع لفت الانتباه إلى أنه كان يؤخذ دوماً بعين الاعتبار في عملية الاستهلاك والتعويض، الترتيب الزمني لاستقدام هذه المواد وخزنها.. وأحياناً وقت صنعها –في بعض المعلبات التي كتب عليها تاريخ التعبئة.
        هذا النظام هو الذي سارت عليه الوحدات وقياداتها المتعاقبة، منذ إنشاء الوضع الدفاعي في الجولان، وحتى الأيام الأخيرة التي سبقت النكبة..
        ففي تلك الأيام، وبالتحديد منذ حوالي ثلاثة أسابيع قبل الحرب أصدرت قيادة الجبهة (قيادة أحمد المير..البعثي)، أمراً بسحب جميع أطعمة الطوارئ.. بحجة استبدال أطعمة جديدة بها.. (وهذا وضع انفردت به قيادة البعث بين جميع القيادات المتعاقبة).. وبذلك مرت الأيام الأخيرة التي سبقت الحرب... دونما تزويد للقوات المدافعة بأي نوع من أطعمة الطوارئ، واقتصر تزويدها بالطعام على الأسلوب اليومي المعتاد في تأمين الطبخ الطازج.
        ومرت الأيام تشعر بقرب الصدام يوماً بعد آخر.. وأطعمة الطوارئ الجديدة –التي ادعت قيادة البعثيين أنها ستقدمها بدل الأطعمة السابقة-، لم تصل إلى الوحدات.. حتى وقعت الواقعة.. وحصل الصدام.. وقام الطيران الإسرائيلي بقصفه المركز المنهك على قوات الجبهة.. مستهدفاً في جملة أعماله، المستودعات، ومراكز التموين..، وأماكن الطبخ، وآليات التموين المتحركة على الطرقات.. فانقطع بذلك مورد الطعام الوحيد عن القوات.. وبقيت طيلة أيام 9،8،7،6،5 حزيران، بلا طعام ولا ماء.. إلا ما استطاع العسكريون فرادى، الحصول عليه، إما من قرى مجاورة، أو من بقايا المخزونات (سابقاً) في مستودعات السرايا والوحدات الأمامية.
        هذا عن قوات الوضع الدفاعي.. الموجودة في الجولان، منذ ما قبل الحرب. بزمن طال أو قصر..
        أما قوات الهجوم: المزعوم.. فلقد كان الأمر لا يقل سوءاً إن لم يكن أسوأ..
        نحن نعلم.. أن من جملة ما يزود به كل مقاتل في الهجوم، طعام جاف يكفيه لمدة /24/ ساعة.. على أن تتكفل وحدته بأن تؤمن له بعدها وجبة واحدة على الأقل طازجة (ساخنة) ليستطيع الاستمرار في عمليات القتال المنهكة..
        ولكن القيادة البعثية، زجت بالألوية الاحتياطية في واجب هجومي، (مزعوم).. وحركتها لاحتلال قواعد الانطلاق تمهيداً لهجومها (الدجّال) دون أن تزوّدها بأي نوع من أطعمة الطوارئ.. بل استمر تأمين الطعام حتى صباح 5 حزيران، بالأسلوب نفسه الذي كانت تؤمن به أطعمة باقي الوحدات.. ولكن ما إن ابتدأ القتال.. وبدأ القصف الجوي المركز على هذه الوحدات وغيرها.. حتى انقطع التموين.. وأصبح حال القوات كحال أختها السابقة التي شرحنا عنها.. وأصبح الجميع في الجوع والظمأ والتعرض لقصف الطيران الإسرائيلي، سواء.
        وهنا.. يكمن أحد الأسرار المذهلة... التي تعطي تفسيراً عن السهولة التي دخلت بها قوات العدو، أرض الجولان المنيع.. دونما مقاومة تذكر..
        ذلك.. أن بقاء القوات في ذلك الوضع الغريب الشاذ. مدة تزيد عن أربعة أيام مع الليالي...، في حال مريع، من الجوع، والظمأ، إضافة إلى سوء التدريب، وسوء التعبئة، وفقدان السيطرة لدى القيادة، وفقدان الاتصالات.. إضافة إلى الخسائر التي تنزل بها كل يوم من تلك الأيام، بفعل الطيران المعادي.. والخيانات التي أخذت تصفي جيوب المقاومات الباسلة من خلفها..
        إن ذاك كله.. جعل القوات مشلولة عاجزة عن اتخاذ أي موقف جدي حازم ضد قوات العدو، لذلك ما إن بدأت الشائعات تسري عن أوامر الانسحاب.. حتى بدأ الهرب المذهل المخزي.. على نحو فصلناه فيما سبق وأعطيناه حقه من الشرح والتوضيح.. ثم ساهم في التعجيل بالكارثة، البيان الفاجر.. عن سقوط القنيطرة... المزعوم.
        ولقد رأيت بعض الذين كانوا في تلك الأيام هناك.. وعاشوا المأساة على مسرحها، وكانوا من ضحاياها.. ويا لهول ما وصفوا.. ويا لهول ما لاقوا.
        ولن أطيل في وصف ذلك الهول.. ولكن يكفي أن أنوه فقط، بأن أكثرهم أكل من أعشاب الأرض وخشاشها.. وأن قسماً منهم سطا (نعم سطا يسطو سطواً) على بعض القرى أو البيوت... والقسم الآخر كان يطرق الأبواب (حتى في دمشق)، بذل وانكسار يطلب رغيفاًً من الخبز، يقيم به أوده، في وقت كانت الرتب تحلي الكتف أو الذراع، واللباس العسكري لا زال يستر الجسد والرأس.. الذي لم يبرز منه إلا الوجه بعد أن غطت اللحية معظمه، أو شوهته الحروق، وغطاه تراكم الدخان والغبار مجبولين بالعرق والدم...
        8- الخسائر:
        ونعود مرة أخرى إلى الخسائر ونبدأ بالحديث عن الأنفس.. لأن الذي ثبت أن الخسائر فيها كانت قليلة لا توازي الربح الذي حصل عليه العدو، باحتلال الجولان.
        إن احتلال الجولان، لو تم بعد قتال صحيح، حقق فيه الطرفان أقصى الجهود، لفوز كل منهما بهدفه وإنجاز مهماته.. لكان اليوم كل من حشد من القوات الدفاعية للجيش السوري، بين قتيل وجريح وأسير، ولكانت الخسائر لدى الطرف الآخر- العدو تبلغ ضعف الخسائر السورية إن لم تقل أكثر..
        فالأوامر الصريحة بوجوب التشبث بالأرض، إضافة إلى متانة التحصين، وكثرة الموانع..، يقابلها في الطرف الآخر، إصرار لدى العدو على تحقيق أهدافه، تعززه إمكانات نارية هائلة كان أهمها الطيران الذي عمل بحرية ودقة..!
        إن هذا وذاك.. لو أنه جرى فعلاً كما يجب أن يجري لغطيت أرض الجولان بالجثث، تزيد على ما دمر من سلاح وعتاد، ويا ليت ذاك حصل.. إذن لكانت خسارة الأرض أقل فجيعة منها الآن.. ففي ذلك عزاء كبير، أن العدو لم يحتلها بسبب جبن القوات وتآمر قادتها..!
        ولكن هل ذاك يكفي،.. وهل يريح النفس أن نقول إن القوات قد انهزمت من وجه عدوها، ولم تؤد واجبها؟
        إن ما يلفت النظر، هو أن القوات الإسرائيلية، قد ظفرت أكثر من مرة بتجمعات من القوات الهاربة، أو بأرتال مشوهة متجرجرة تسحب أذيال الخزي والعار في رحلتها هروباً إلى أرض "الأمان".. فلماذا لم تقم بالفتك بهذه القوات الهاربة؟..
        هل هذا نبل من العدو.. أن لا يفتك بقوات محطمة مشردة بعد أن ألقت سلاحها وغادرت مواقعها مولية الدبر؟...
        إن تصرف العدو هذا.. يثير التساؤل حقاً، ويستحق وقفة فاحصة، للتعرف على الأهداف اللئيمة التي كان العدو يرميها بعمله هذا..
        وقبل أن نحاول التعرف على تلك الأهداف.. ومقدمة تقود إلى التعرف المقصود.. نؤكد أن موقف العدو من تلك القوات، لم يكن أصيلاً في طبعه، وإنما كان جزءاً من مخطط ذي أهداف بعيدة..
        ذلك أن العدو.. يقوم كل يوم في داخل الأرض المحتلة بعمليات الإبادة والتهجير، ضد كل الآمنين العزل، ويوقع فيهم أشد أنواع الإرهاب والوحشية.. مما لم تعرف له الإنسانية مثيلاً إلا في سجون حزب البعث العربي الاشتراكي..، شريك العدو.. والمنفذ الأول في المؤامرة.
        ونحن نرى كل يوم، ونسمع في اليوم مرات كثيرة.. عن الوحشية والعنف اللذين يمارسهما العدو، ضد أية وحدات أو أفراد من الفدائيين، حين وقوعهم في قبضته... كما أننا ما زلنا نذكر بأوضح ما تكون الذكرى.. وحشية العدو وحقده في القدس والكرامة وقلقيلية، وإصراره على إنزال أكبر الخسائر بالأرواح، قبل الممتلكات والعتاد..
        فلم إذن كان ذاك الموقف العجيب.. وقفته وحدات العدو من القوات السورية الهاربة الهائمة على وجهها في الاتجاهات الأربع وتفرعاتها؟!
        إننا لا نجد لذلك إلا تفسيراً واحداً، تتفرع عنه أهداف عديدة، قصد إليها كل من العدو الإسرائيلي، والحزب البعثي.
        إن التفسير الوحيد لذلك الموقف.. هو أن العدو –حين وضعت خطة تسليمه القنيطرة-، قد قام بإعطاء تعهدات والتزامات مؤكدة، بأن قواته "الظافرة" لن تتعرض إلى الأشخاص، شريطة أن تتخذ كل الإجراءات الكفيلة بسوق هؤلاء الأشخاص، (ويشكلون بمجموعهم الوحدات المقاتلة) إلى إلقاء السلاح والفرار من وجه قوات العدو المهاجمة..
        ... لقد نفذ العدو التزامه كأدق ما يمكن أن ينفذه آخر سواه.. وسلم الأشخاص من حقد القوات اليهودية..، فكانت الخسائر من القلة بحيث لا يليق ذكر عددها، نسبة إلى ضخامة الخسارة التي وقعت في السلاح والعتاد والأرض.. ونسبة إلى ما كان يجب أن يدور على تلك الأرض من قتال..!
        ولكن العدو المعروف بغدره، ونكثه المواعيد والمواثيق، وخيانة العهود وضرب الحائط "وغيره" بالالتزامات التي يعطيها، ماذا كان يهدف من حفاظه على التزاماته هذه حتى نفذها بدقة وأمانة؟
        هذا ما سنحاول تقصيه من خلال ما نعرف عن حزب البعث وإسرائيل، كعدوين لئيمين يكيدان لهذه الأمة في دينها ومستقبلها..!

        تعليق

        • لبيك إسلامنا
          3- عضو نشيط

          • 5 ماي, 2010
          • 330
          • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
          • مسلم

          #19
          - إنه لم يسبق أن جاء حكم إلى سوريا، قادر على تخريبها وتحضيرها لتقبل غزو العدو الإسرائيلي مثل حزب البعث.. وقد بينا ذلك في كثير من الإشارات العابرة أو المفصلة إلى هذا المعنى وأثبتناه..
          ب- ونتيجة منطقية لهذا... فإن العدو الإسرائيلي، لا ولم ولن يكون أحد أشد منه حرصاً على تثبيت حزب البعث في مواقع الحكم.. ثم مساعدته للامتداد حتى يشمل خطره كل جزء يشكل تهديداً –عاجلاً أو على المدى البعيد-، للوجود العدواني الإسرائيلي الغريب.
          جـ- وإذا قام العدو بتدمير القوات، وإلحاق خسائر في الأرواح كبيرة..- خلافاً لما قدم من التزامات مسبقة-، فإن لذلك نتائج خطيرة على مخططات العدو للمستقبل، وأهم هذه النتائج الخطيرة تقع في:
          أولاً: إن حزب البعث لن يعود يثق بالعدو الإسرائيلي، وفي ذلك خطر كبير على مستقبل العلاقات بينهما، وإذا خسر العدو مثل هذه الهيئة، فإن من الصعب عليه أن يحصل على أخرى مماثلة لها إلا بعد إعداد وجهود مضنية طويلة قد تثمر، وقد لا تعطي إلا النتائج المعكوسة.
          وثانياً: إن الخسائر الكبيرة في الأرواح، ستجعل معظم عائلات سورية، منكوبة موتورة، بمعدل قتيل أو أكثر في كل عائلة.. وفي ذلك ما يشكل أكبر الخطر على وجود الحزب الحاكم، لأن الجماهير المنكوبة بأبنائها.. لا تستطيع نسيان تلك الجراح بسهولة، فتصبح سهلة الانقياد لكل داع يدعوها إلى إسقاط حزب البعث الذي تعتقد أنه سبب كل نكباتها ومحناتها... والتي توجت أخيراً بمحنة حزيران العار..
          وثالثاً: إذا تم تدمير تلك القوات وتشتيتها، فماذا يبقى لحزب البعث ليحمي نفسه من غضبة الشعب المنكوب؟..
          إذن، لا بد من الإبقاء على الوحدات سليمة، شريطة أن تلقي سلاحها وتفر خارج الأرض التي يريد العدو استلامها... وليقم بعد ذلك حزب البعث، بإعادة تسليحها ليحمي نفسه ويثبت حكمه..
          د- إن عودة القسم الأكبر من القوات، سالماً، بعد أن رأى فظاعة القصف المعادي، وذاق أهوال الحرب، ثم استمتع بلذة النجاة.. فإن لهذا نتائج تفيد العدو على المستقبل البعيد وتقع في:
          أولاً: قدرة هذه القوات الهاربة على إشاعة روح الجبن والذلة والرعب من الحرب بنشرها بين سكان البلاد أخبار الحرب، وأهوال القتال.. ومع ما يرافق ذلك عادة من مبالغات وتهويل ينسجها خيال الجبان، ليبرر بصورة غير مباشرة، أمام سامعيه وناظريه فراره وتركه مكانه مولياً دبره.
          وثانياً: استعداد هذه القوات نفسها لتكرار الفرار والهزيمة في أي صدام مقبل مع العدو على غرار ما حدث في سيناء، خلال عامي، 1956، و1967... وهذا لعمري من أهم ما يحرص العدو عليه.. ويسعى لتحقيقه.
          وثالثاً: ستبقى هذه القوات في موقف ضعيف تجاه قيادتها... التي ستبقى تهددها بالجزاء والعقاب على الفرار... فتضطر للاستمرار في الخنوع الذليل للقيادة المتآمرة، وتستمر هذه في تنفيذ ما يرسم لها من أدوار ومراحل عمل جديدة.
          وأما عن الأسلحة والعتاد.. فقد كانت الخسائر فيها كبيرة جداًً.. ولكن الذي يلفت النظر، أن الخسائر وقعت ضمن حالتين لا ثالث لهما...
          1- الحالة الأولى: وتشمل الأسلحة التي دمرت نتيجة القتال، سواء منها ما دمرته الاشتباكات مع قوات العدو، وما دمره قصف الطيران والمدفعية الإسرائيليين... وفي كل منهما.. كانت الخسائر ذات قيمة خطيرة.. ولكن هذا أمر طبيعي، لا يحزن ولا يستحق منا أن ننفق شيئاً من الوقت وغيره في الأسف عليه...
          2- الحالة الثانية: وتشمل السلاح والعتاد الذي ترك سليماً على أرض الجبهة.. فاستفاد منه العدو أو سرقه المهربون، أو أكلته عوامل التلف الأخرى...
          هذا النوع من الخسائر، هو ما يستحق الوقوف عنده لكشف الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب المسكين المغلوب على أمره.
          .. إن من أهم المبادئ التي يتعلمها كل عسكري حتى تصبح جزءاً من حياته اليومية.. وجزءاً من ردود فعله الطبيعية عند حلول وقتها.. هو أن من واجب القوات –أية قوات- تدمير كل سلاح وعتاد لا تستطيع إنقاذه، حين تشعر أن الوضع أصبح يقضي بالانسحاب من موقع تتمركز فيه.. وذلك حرصاً على عدم السماح للعدو بالإفادة منه.
          ولقد كان أمام القوات التي انهزمت من الجولان متسع من الوقت، لسحب أسلحتها وعتادها.. أو تدميرها إذا هي شعرت أن الطيران الإسرائيلي لن يتيح لها حمل ذلك السلاح والعتاد.
          فلماذا تركت الأسلحة والعتاد.. في القسم الأعظم منها، هكذا... للعدو ليقوم بجمعها وتشكيل وحدات كاملة من جيشه مزودة بأسلحتنا هذه؟...
          لا بد من إجابة يطل بها يوماً ما، المسؤولون عن تلك القوات، وخاصة الضباط... لأن هذا يقع في دائرة واجباتهم خلال أعمال الانسحاب...
          ومثل هذا.. يقال عن المستودعات.. وخاصة مستودعات الوقود والذخيرة..
          إن تدمير مثل هذه المستودعات، لم يكن يحتاج لأكثر من يد لا ترتعش، تقوم بإشعال فتيل معد مسبقاً لمثل هذه الساعة، ثم تنسحب.. فتترك تلك المستودعات خراباً لا يجني منه العدو مطلق ربح.. ولكن تلك اليد، افتقدت في ساعة الحرج وغابت في اللحظة التي تعين عليها فيها الحضور لأداء الواجب.
          ويبقى في موضوع نقاشنا للخسائر، الآليات.
          الآليات بكل أنواعها، بدءاً من عربات الجيب وانتهاء بالدبابات الثقيلة، مروراً بالشاحنات ذوات الأحجام المختلفة، وعربات نقل الجند المدرعة.. وقاطرات المدافع، وحاملات الدبابات..
          هذه الآليات، كانت تشكل الثروة الآلية للجيش.. فدمرت.
          ولكن لماذا؟. وما أسباب حرص العدو على أن لا تفلت منه إحداها؟..
          وماذا كان على سائقيها وقادتهم أن يفعلوا للحيلولة دون أن يشملها التدمير بكاملها..؟
          وهل كان يمكن إنقاذ شيء منها، وإفلاته من قبضة الطيران الإسرائيلي؟..
          هذا ما نحاول الإجابة عليه.
          - إن حرص العدو على تدمير كل القوة الآلية للجيش لا يخرج عن حدود مخططه العام لتدمير الطاقات الفعالة في البلاد العربية.. وشل إمكاناتها، وإلحاق أكبر ما يمكن من خسائر باقتصادها..
          إن تدمير تلك الثروة الضخمة من الآليات التي يملكها الجيش، يحمل في أحشائه إصراراً لئيماً على إنهاك الشعب بالضرائب والتكاليف..
          إن من الطبيعي. أن تلجأ القيادة –أية قيادة- إلى تعويض ما خسرته في الحرب، وهذا بدوره يحمل الحكومة نفقات هائلة لا مورد قادر على تغطيتها إلا ما في البلاد من موارد، وما في أيدي الشعب من طاقات للبذل، فتفرض الضرائب الجديدة، ويطالب الشعب بمزيد من التضحيات.
          وما دامت القيادة المعنية هي حزب البعث ومتسلطوه على الحكم.. فإن ذلك يعني –استنتاجاً- أن مزيداً من الإذلال والإرهاق سينزل بالشعب كله، وفي هذا ما يحقق المزيد من إلهاء الشعب بقوت يومه.. عن التفكير بقضاياه الكبرى. والمبادرة لممارسة مسؤولياته في علاجها...!
          هذا من جانب العدو، وحزب البعث...
          ولكن ما الذي كان من جانب القوات نفسها من أسباب التدمير ذاك؟!!
          إن الفوضى التي دبت في القوات.. وسوء استخدام الطرق والأرض، وإصرار القادة على تحريك الأرتال في ظروف سيئة حقق فيها العدو أقصى تفوق في الجو،... ثم روح الهزيمة التي سيطرت على الجميع، والتسابق للخروج من حدود الجولان فراراً من الموت والدمار.. هذا كله كان السبب الأكبر في نزول الخسارة اللاحقة تلك..
          إن من أهم مبادئ الدفاع السلبي ضد الطيران.. التي تتعلمها كل القوات خلال حياتها.. ويؤكد في تلقينها وتعليمها – بصورة خاصة - على الضباط والسائقين، والمسؤولين عن تنظيم حركات النقل..
          إن من أهم هذه المبادئ هو مبدأ انتشار الآليات.
          إن انتشار الآليات.. يعني لكل مسؤول عن حماية القوات.. وبالنسبة للآليات ما يلي:
          1- بخصوص الآليات المتوقفة.. فإن ذاك يعني ويوجب نشرها ضمن أكبر مساحة ممكنة من الأرض... مع الإفادة من كل ما فيها من انحناءات وتضاريس، تقلل من إمكانية انقضاض الطائرات.. وتزيد من فعالية الأسلحة المضادة لها، شريطة أن لا يسبب الانتشار، فقدان سيطرة القادة على تلك الآليات..
          2- وأما بخصوص الأرتال المتحركة.. فإن واجبها يقضي عليها حين تتعرض للهجمات الجوية، أن تزيد الفواصل بين الآليات والوحدات.. وتزيد سرعتها.. وتحاول استعمال الطرق الفرعية أو الأرض على جانبي الطريق..،.. كل ذلك من أجل التقليل من تأثيرات الانقضاضات التي تقوم بها طائرات العدو..
          3- إضافة إلى كل ذلك.. فإنه علينا أن لا نغفل ما كان على تلك القوات من واجب التمويه والإخفاء وخاصة بالنسبة للآليات المتمركزة.. فهل حصل من ذلك شيء..
          إن النتائج التي حققها الطيران الإسرائيلي.. تدل بوضوح ودقة: على أن تلك المبادئ لم تطبق أو طبقت ولكن بشكل هزيل سخيف.. حتى بلغت الخسائر ذلك المبلغ الهائل.
          واستناداً إلى ما لدينا من معلومات عن الذي وقع، واستناداً إلى ما نعرفه من طبيعة الأرض – وخاصة في مناطق الجولان وما حولها من أرض سورية- فإننا نؤكد أن تلك المبادئ والأسس كانت بعيدة من المسؤولين عن الوحدات وآلياتها... بعد السماء من الأرض..
          إننا نؤكد أن الأراضي تلك كانت قادرة على إخفاء القسم الأعظم من الآليات، بما تحويه من انحناءات وتلال ومناطق مشجرة... لو أن المسؤولين عن الآليات وقادة الوحدات، استطاعوا أن يملكوا أنفاسهم، ويسيطروا على السائقين.
          إن واجب أولئك القادة، كان يقضي عليهم إجراء التحركات كلها في الليل.. بسبب انعدام الحماية الجوية لها..، ومن ثم.. الانتشار والتمركز في النهار.. مستفيدين من كل إمكانية تقدمها الأرض للاختفاء.. ومضيفين إلى ذلك ما يقضيه واجبهم من أعمال التمويه.
          إن الذي سجلته عدسات التصوير، وأفلام السينما والتلفزيون، وما نشرته الصحف الإسرائيلية والأجنبية، عن خسائر الجيش السوري في الجولان، يثبت – مع أشد الأسف - أن كل الخسائر الآلية تلك، قد وقعت على الطرقات المختلفة، ولم يكن على الأرض خارج الطرق، من الخسائر إلا ما يعادل من الجمل أذنه!
          فما حيلتنا بعد ذلك كله، مع جيش المراهقين.. جيش الجهلة.. الجيش الذي أثبت أنه أسوأ وأجبن المؤسسات التي أنفق عليها الشعب ثلثي موارده خلال عشرين عاماً.. ليحميه من خطر آت عبر الحدود.. فأسلمه لذاك الخطر، وأسلم "شجعانه" السيقان للريح؟!..
          الخلاصة
          ... وبما أن عهد تسليم مفاتيح الممالك أو الدول أو البلاد قد ولى، وأصبح من الخور في العصور القديمة(97)..! وبما أن التآمر والتواطؤ، قد بلغ مستويات رهيبة من الدقة والشمول والإخفاء، والتمويه عن أعين الشعوب..!
          وبما أن أجهزة التآمر والغدر، تملك القدرة العجيبة على التضليل وإخفاء حقائق الأحداث، وكوامن الدوافع إليها وإلباسها صوراً شتى متقنة الصنع، من الزيف الدعائي المضلل، الذي يهدف إلى تمويه المؤامرات، وإظهارها للناس على أنها ملاحم بطولات..!
          وبما أن حزب البعث.. قد بلغ مرحلة التفوق بين الأحزاب والهيئات العميلة، في التضليل الوقح، والقدرة على مجابهة الناس العارفين حقائق الأمور، بوجه صفيق لا يعرف معنى الخجل.. ثم يلح على أن أعماله كانت غاية في البطولة والأمانة ونبل القصد، وسلامة النية..!
          لكل ذلك.. وغيره أكثر منه.. نقول: إن مؤامرة تسليم الجولان، وما كان لها أن تنفذ بشكل فج وقح مفضوح.. بأن تسحب القيادة جيشها سلفاً أو بعد قتال صوري، وهو في كامل عدته وقواه.. ثم تقول للعدو، أقبل واستلم حصتك من الصفقة..
          إن هذا لا يمكن أن يحدث، وبهذه الوقاحة..
          غير أنه حدث.. وكانت الصورة التي حدث بها، أكثر لؤماً، وأدق حبكاً.. وأبرع في التضليل والخداع.
          ونظراً لهذا كله الذي ذكرنا.. فإننا نقول إن مؤامرة تسليم الجولان، قد نفذت بواسطة سلسلة من الإجراءات.. اتخذها حزب البعث، ليضمن وضع البلاد كلها، شعبها وجيشها وكل ما فيها من إمكانات.. على شفا الهزيمة المحققة.. وبأعمال نفذتها القيادة البعثية... لتكفل بها عجز الجيش، والشعب من ورائه، عن التصدي للعدو بقوة وضراوة فكان ما كان من هزيمة وكانت النكبة.
          ونستطيع أن نلخص الأعمال التي أقدم عليها حزب البعث –متواطئاً- ليكفل الهزيمة للأمة كلها، ولسورية خاصة.. بالأعمال التالية:
          أ- أعمال وإجراءات كبيرة على مستوى الأمة العربية:
          1- السعي بكل طريقة، وبكل وسيلة، وفي دأب لا يعرف الكلل، لتوريط المنطقة العربية كلها، في حرب غير متكافئة مع إسرائيل، تحدد هذه الأخيرة توقيتها وميادينها وحجم الأرباح التي يجب أن تجنيها منها، وكان ذلك.. في حرب المؤامرة (حرب حزيران العار).
          2- التهرب من كل عمل يهدف إلى توحيد الجهود العربية، لصد خطر العدو، ونسف كل محاولة قامت بها الجامعة العربية، أو بعض دولها.. لإنشاء قوات مشتركة، أو قيادة مشتركة تعطي الصلاحيات والقدرة على التصرف بحرية تامة، بكل ما تحت قيادتها من إمكانات..
          3- تسميم الجو العربي –حتى بين الشعوب العربية- بسموم الحقد والخلافات التافهة التي أورثت فقدان الثقة، وعمقت في القلوب أحقاداً لا يغسلها إلا الدم.
          4- ورغم اندلاع الحرب التي سعى الحزب إليها حتى بأظافره وأنوف قادته.. ورغم مطالبة القيادة الأردنية باشتراك الطيران السوري مع طيران الأردن في قصف المطارات والقواعد الإسرائيلية، خلال عودة الطائرات المعادية من هجومها على مصر (صباح 5حزيران)، وهي مجهدة، وقد نفد منها الوقود والذخيرة..
          هذه المطالبة التي كررتها القيادة الأردنية أكثر من ثلاث مرات.. وفي كل مرة كان الحزب يتهرب ويدعي أعذاراً واهية غريبة.. حتى أتاحت بتلكؤها هذا، لطائرات العدو أن تتزود من جديد بالوقود والذخيرة، وتستعيد سيطرتها المطلقة على سماء الحرب.
          5- ورغم كل تبجحات المسؤولين في حزب البعث، وخاصة في طبقة الحكام منه.. عن قواهم وطاقاتهم وقدراتهم وإمكاناتهم.
          ورغم كل ما أطلقوه من تهديدات لإسرائيل، بالتدمير، والطرد، والإذلال، و..إلخ.
          ورغم اندلاع الحرب، وانشغال القوات الإسرائيلية بكل ثقلها في جبهة سيناء والضفة الغربية.
          ورغم بروز الفرصة التاريخية لجيش سوريا، بالقيام بخرق سريع للقسم الشمالي من فلسطين، كان –لو نفذ- قادراً على تحويل وجهة الحرب نحو النصر، أو الإقلال من حجم الكارثة..
          رغم كل ذلك.. فإن سوريا (حزب البعث)، قد تأخرت عن الاشتراك الفعلي في الاشتباكات مدة 22 ساعة، كانت حاسمة في تاريخ أمتنا الحديث.
          6- ورغم كل ما أصاب البلاد المنكوبة من بلايا، وخسائر، وهزيمة نكراء، استمرت أجهزة الإعلام البعثية بإذاعة البلاغات الكاذبة عن "انتصاراتها" –الدونكيشوتية-، مما كان له أكبر الأثر في ترك المواطن العربي في كل مكان، مشلول التفكير، عاجزاً عن تصور حقيقة الأحداث، حتى ما كاد يتوقف القتال، لتنجلي أنباء الكارثة، فوقع العرب أجمعون في ذهول المفاجأة.. ولولا عناية الله، لكان ممكناً جداً في تلك الأيام أن تحصل إسرائيل على ما تريد من فرض شروط الغالب على المغلوب "نحن".
          ب- أعمال وإجراءات على مستوى الدولة في سوريا:
          1- تسريح الجيش، وإبداله بجيش غير اختصاصي، وغير مدرب، وغير متماسك ولا متمازج.. كانت فيه السيطرة الحقيقية للانتماء الحزبي، وفي وسطه بؤرة من الانتماء النصيري الطائفي المتعصب.
          2- تدمير الاقتصاد في البلاد، وتشريد رؤوس الأموال والخبرات الاقتصادية والمالية، حتى عادت سوريا في اقتصادياتها وسمعتها المالية الدولية عشرات السنين إلى الوراء.. إلى ما قبل عهد الاستقلال.
          3- تشريد كل الطاقات الفعالة المنتجة، وكل الكفاءات العلمية والفنية (التجارية والصناعية والزراعية) حتى اضطر كل أصحاب هذه الكفاءات إلى الهرب من بلادهم، والتفرق في أرجاء المعمورة، طلباً للأمن (وليس طلباً للربح).. وبذلك وضعت قيادة البعث، البلاد على حافة الحرب.. وهي في شبه إفلاس كامل.
          4- عدم إعلان التعبئة العامة، ومواجهة الحرب باحتياط جزئي غير مدرب، وترك القوى المدربة ذات الفعالية الممتازة، مشلولة مقيدة، ترى بأعينها الفاجعة، ويذوي شبابها وهي لا تملك الدفاع عن حدود البلاد ومقدساتها.
          5- تصنيف سكان البلاد إلى مواطنين من فئات متدرجة، مما ساهم في تمزيق أواصر المجتمع، وأشعر الفئات التي عوملت بظلم أنها دخيلة على الوطن، ففقدت حماسها للدفاع عنه.
          6- شن الحرب الضارية، وبكل الوسائل القذرة، على عقيدة الأمة وإيمانها (وخاصة شعب سوريا) وتربية جيش تافه فارغ الفكر والقلب، فكان منه ذلك الموقف المتداعي في وقت يطلب فيه الصمود.
          7- خنق الحريات، وملاحقة رجال الفكر، وحملة الأقلام، واستئجار طبقة من أشباه الكتبة، وأنصاف المثقفين، يروجون للضلالات والعمايات.. في حين عزل المفكرون المخلصون عن ميدان الحرب.. فكان وجه من أوجه النكبة.
          8- إشاعة الفوضى والانحلال في الأخلاق، وتشجيع السفلة على الاجتراء على مقدسات الشعب، ومعتقداته – وهذا من طبيعة كل حكم يقوم على الطغيان – في ظل حماية الدولة، وفي صور شتى... تراوحت بين التهتك والفجور في سلوك طبقات معينة يرعاها الحزب، وعلناً على مرأى من كل الشعب.. ومروراً بالبرامج والمقالات والأغاني والحفلات التي ترعاها الدولة وتنشرها أجهزتها الإعلامية، الرسمية وشبه الرسمية.. وانتهاءً بمفاخرة القادة والحكام والضباط بل وحتى رئيس الدولة.. بسلوكهم الفاجر، ولا أخلاقيتهم، التي بها يحكمون (في كل شأن من شؤون الحكم)..
          وليس أبلغ في الدلالة على هذا من مقالة تبجح بها واحد من رؤساء الدولة البعثيين (الفريق أمين الحافظ) أمام مؤتمر صحفي ضم مندوبين عن وكالات الأنباء وعدد من الصحف المنتشرة في العالم كله.. وقف خلالها يدافع عن سلوك ربيب الحزب الماجن.. سليم حاطوم، وأمثاله من ضباط الحزب، مع (....) أبرزهن الحزب ورعاهن، مثل المغنية "لودي شامية" وغيرها كثيرات(98)..
          9- عدم تسليح الشعب، بل ومحاربة كل محاولة من الشعب للتسلح، وتوزيع السلاح بلا حساب على المنظمات التابعة للحزب، مثل منظمة الحرس القومي، الذي أسموه فيما بعد: "الجيش الشعبي"، وهو يضم في صفوفه كل العاطلين عن العمل، والمنبوذين من المجتمع، والذين تربوا في الشوارع، أو في أوكار الفساد والرذيلة، فكان هذا "الجيش الشعبي" وسيلة إضافية لإذلال الشعب، وقمع حرياته، ونهب ثرواته، والاعتداء على كل مقدس وعزيز عنده.
          جـ- أعمال وإجراءات تتعلق بالجيش وبالوضع العسكري في الجبهة:
          1- تعبئة الاحتياط بأسوأ صورة من صور الإهمال والفوضى.
          2- دعوة الاحتياط دعوة جزئية مبنية على الاعتبارات الطائفية أو الطبقية البحتة.
          3- اختراع فكرة الهجوم، واتخاذ التحضيرات له بشكل تمثيلي، لتبرير سحب القوات الأصيلة من مواقعها الدفاعية وإخلاء المنطقة من كل الطاقات المقاتلة الفعالة.
          4- وبحجة الهجوم الكاذب.. وضعت الألوية الاحتياطية المهلهلة في الأنساق الأولى، لتتلقى الصدمة الأولى من العدو.. فكان الانهيار.
          5- سوء حال أجهزة الاتصالات اللاسلكية والهاتفية حتى وصلت الحال إلى درجة انعدام الاتصال تقريباً بين القادة ووحداتهم وجوارهم، فكانت تلك الفوضى الرهيبة التي عجلت بالكارثة.
          6- ممارسة أوضح صور عدم الثقة بالقوات، حين لجأت القيادة إلى تطويق الألوية الاحتياطية (التي كلفت الهجوم على صفد)، بكتائب الدبابات (البعثية الموثوقة)، لمنع تلك الألوية من أية محاولة لإسقاط الحكم المنحرف القائم في دمشق.
          وكذلك.. حين لم توزع الأسلحة على الألوية الاحتياطية إلا قريباً من قواعد الانطلاق "للهجوم" بـ 1-2كم.
          7- عدم نسف الملاغم.
          8- سوء التموين بالذخيرة.
          9- سحب أطعمة الطوارئ بحجة تبديلها.. فكان أن انقطع التموين وجاعت القوات خمسة أيام وعندها حصل الانهيار الرهيب.
          10- انعدام أعمال الإخلاء، الذي سبب انهيار المعنويات.
          11- فقدان المواد الطبية والعلاجية، رغم توفرها بكثرة لدى الجيش السوري.
          12- سحب القوات المدافعة الأصيلة –لإخلاء الأرض لقوات الهجوم –بشكل فوضوي سبب الزحام على الطرقات.. فكانت كارثة تدمير معظم هذه القوات (وخاصة عتادها وسلاحها).
          13- عدم تنفيذ الهجمات المعاكسة على مختلف المستويات، مما جعل العدو يتقدم بحرية وراحة بال، وكأنما هو ذاهب إلى نزهة عسكرية.
          14- انعدام أعمال الاستطلاع، التي كانت قادرة لو نفذت كما هو مقرر، على إمداد القيادة بأفضل وأحدث المعلومات، لتتيح لها اتخاذ القرارات التي تحقق أفضل النتائج.
          15- إجراء معظم التحركات نهاراً، وبدون حماية جوية، فكان لطيران العدو فرصة التسلي بضرب هذه الأرتال من القوى المتخاذلة.
          16- سحب أسلحة المقاومة الشعبية، وترك سكان منطقة الجولان عزلاً في وجه خصم متفوق.
          17- وجود أفراد منتشرين في صفوف الحزب والجيش، يعملون باتصال مباشرة مع شبكات التجسس، التي كان لها أثر كبير في إعطاء المعلومات الهامة في أوقاتها مسهلين بذلك للطيران المعادي حسن ضرب الأهداف بدقة عجيبة. ولا غرابة في هذا الأمر، فكوهين وشركاؤه هم خير مثال على ما نقول(99).
          18- ترحيل عائلات العسكريين، وهذا كانت له الآثار السيئة التي تميزت به:
          أ- تأجيج نار الحقد والحسد والشعور بالكراهية والتمييز بين العسكريين البعثيين، وبين باقي فئات الشعب.
          ب- إفقاد الجيش قسماً كبيراً من آلياته وقت حاجته إليها بسبب انشغالها بنقل متاع وأثاث البعثيين.
          جـ- إفقاد العسكريين، الحافز الأخير للصمود، لأن إبعاد النساء والعائلات عن ميدان القتال، يطمئن المقاتل إلى أن أهله بخير، فلا يعود يشعر بالحرج من الفرار أو التراجع دون مبرر.
          إن هذا العمل مخالف لكل أعرافنا وتقاليدنا القتالية، التي مارسناها وأعطت خير النتائج، منذ جاهليتنا الأولى، وفي صدر إسلامنا، وحتى في انسياحنا الفاتح عبر أرجاء العالم القديم. ففي الجاهلية، كانت أبرز صورة لوضع النساء والأطفال، ضمن إطار الحرب، هي معركة ذي قار.
          وفي صدر الإسلام، كانت أبرز صور تطبيق هذه القاعدة، هي اصطحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابة، النساء في كل غزوة خرجوا إليها.
          وخلال انسياحنا الفاتح، تكثر الصور وتتنوع، ولكن أبرزها كان في القادسية، ومن كرام النماذج فيها: الخنساء، وزوجة سعد بن أبي قاص، وغيرهن كثيرات.. وفي اليرموك، وكان من كرام النماذج فيها، خولة بنت الأزور وصواحباتها اللائي وقفن خلف الجيش، يرددن الفارين، ويلهبن حماسة الرجال على الصمود، فكانت تلك الملاحم الفريدة في تاريخ الإنسانية.
          أما حزب البعث.. الغريب الدخيل حتى على العربية، فقد رحل النساء والأطفال، وأبعدهم عن ميدان الحرب.. ليسهل الفرار على المقاتلين..!
          19- إعلان سقوط القنيطرة قبل سقوطها لتفويت الفرصة على كل محاولة للصمود والمقاومة.
          20- هروب القادة المسؤولين (وكلهم بعثيون)، وعلى رأسهم قائد الجيش، وقائد الجبهة.
          21- تحرك وحدات الدبابات هرباً إلى دمشق (لحماية الثورة)، وترك واجبها في دعم وتعزيز القوات المحاربة في الأنساق الأولى.
          22- إصدار الأوامر الشفوية، بإجراء الانسحاب (كيفياً)، مما كان له أكبر الأثر، في تحقيق الفرار والهروب الكبير، وترك كل الإمكانات التي كانت قادرة على وقف الجريمة عند حدود أقل مما هي الآن.
          23- عدم سحب الأسلحة والعتاد والوثائق أو تدميرها، وإنما تركت للعدو سليمة ليستفيد منها فوق كل فائدة حققها باستلام الأرض الحصينة.
          24- وأخيراً.. وما يعتبر أبلغ الأدلة وأوضحها وأكثرها إثباتاً لتواطؤ الحزب – كل الحزب - هو عدم محاكمة أي واحد من المسؤولين عن نكبة الجولان.
          الكل يعرف أن في الجيوش التي تحترم نفسها، يحاكم حتى الأبطال الشجعان إذا خالفوا الأوامر، وتفرض بحقهم عقوبات مختلفة، إلى جانب مكافآتهم على بطولاتهم، وذلك – فقط - لمخالفتهم الأوامر، لأن هذا – لو ترك دون محاسبة- فإنه يفتح الباب واسعاً أمام كل عسكري، أن يخالف أوامر قادته، أملاً في تحقيق بطولة أو موقف متميز بالشجاعة.. وفي هذا أبلغ الخطر على استمرار حياة الجيوش، وتحقيق مهماتها، وخاصة خلال الحروب.

          تعليق

          • لبيك إسلامنا
            3- عضو نشيط

            • 5 ماي, 2010
            • 330
            • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
            • مسلم

            #20
            أما في جيش حزب البعث، فإنه لم يحاكم أحد –وليس فقط الذين خالفوا الأوامر- بل الذين خانوا، أو انهزموا، أو رتبوا نكبة الجيش والبلاد.
            وأكثر من ذلك.. هناك من المجرمين من كوفئ، وعومل معاملة الأبطال، وهذا لا يمكن أن يقوم به إلا نظام حكم هو كله متواطئ مع العدو.
            إن أحمد سويداني، قائد الجيش.. استمر بعد النكبة قرابة ستة أشهر، قائداً للجيش، ثم أزيح، لأن القيادة "الخفية" بدأت ترى فيه منافساً خطراً على السلطة، ولم ينح بسبب مسؤوليته عن نكبة الجولان..
            وحتى لو كانت إزاحته عقوبة على مسؤولية ثبت أنها قسطه من نكبة الجولان.. فهل يجوز توقيع العقاب عليه، دون محاكمة علنية يطلع الشعب كله على جرائمه وجرائم أمثاله من خلالها؟
            أو ليس الإعدام عقوبة خفيفة، بالنسبة لما يستحق هذا المجرم وأمثاله من المسؤولين عن النكبة؟.
            وأحمد المير.. قائد الجبهة.. ماذا حل به؟
            بعد الحرب مباشرة.. عين عضواً في القيادة القومية للحزب، ثم نقل سفيراً لسوريا في إحدى العواصم.. فهل هذه عقوبة أم مكافأة؟.
            إن الحصول على منصب سفير، في الدول التي تحترم نفسها –لا يتاح لأي كان.. وله من الشروط والكفاءات والخبرات المطلوبة في الرامي إلى الحصول على هذا المنصب، ما لا يمكن توفره إلا في القلة النادرة من أبناء تلك الدول.. فكيف يلجأ حزب البعث,, إلى تعيين مجرمين متواطئين مع العدو، في سفارات سوريا، لدى دول العالم؟.. أو ليس هذا جزءاً من مخطط التخريب والتآمر الذي ينفذه حزب البعث على كل المستويات؟
            ووزير الدفاع.. اللواء حافظ الأسد.. الذي وقع بلاغ سقوط القنيطرة.. ماذا حل به؟..
            لقد رقي إلى رتبة الفريق.. واستمر في وزارة الدفاع.. وعزز سلطته وسيطرته على الجيش، فهل هذا كله عقوبة له على دوره في نكبة الجولان؟
            وعزت جديد، الذي رفض تنفيذ الهجوم المعاكس، وتحرك بلوائه إلى دمشق، ليحمي فلول الحزب من غضبة الشعب.. ماذا حل به؟
            لقد نقل من قائد اللواء السبعين، إلى تشكيل فرقي جديد، وهو يمارس عمله في منصبه، ويكتب في مجلة جيش الشعب، والمجلة العسكرية.. ويساهم بدور جديد وكبير في التقييم المضلل لنكبة الأمة، كما يساهم بدور فعال في حماية السلطة البعثية من الشعب.
            ورئيف علواني.. نقل إلى قيادة تشكيلات (الصاعقة) التي سموها (منظمة فدائية)، لينتقل بأعماله التخريبية خارج حدود سوريا.. وبين الأشقاء العرب..
            هذا غيض من فيض.. مما ناله بعض المسؤولين عن النكبة، والباقي مما نعرف، قد لا تتسع له مئات الصفحات، عدا عن الذي لا نعرف.. ولكن هذا وحده دليل دامغ على سقوط الحزب كله في وحل الجريمة والتواطؤ ضد مصلحة الأمة والبلاد.. وستكشف الأيام تباعاً، ملفات هذا التواطؤ، وإن غدا لناظره قريب.
            رأي:
            إن لنا في كل ما حدث، رأياً واضحاً، سنكشف عنه في ما يلي من سطور.
            إن رأينا الجازم، أن الذي حدث لا يمكن أن يكون إهمالاً وراءه نية حسنة، ولا سببه الجهل، أو عدم الخبرات، أو نقص الإمكانيات، أو.. أو.. إلخ.
            إن رأينا الجازم في هذا الموضوع، هو أن حزب البعث بكل أجهزته وأفراده وقادته وأجنحته، حزب متواطئ مع العدو، ويعتبر امتداداً للسلطة الإسرائيلية، داخل الأرض التي لا تحتلها جيوش إسرائيل.
            وفيما يلي، سنقدم الأدلة لإثبات هذا الرأي.
            1- من الملاحظ أن الخيانة والجريمة لم تقتصر على جانب واحد، أو مجال واحد، أو شخص أو أشخاص معدودين، وإنما شملت كل نواحي النشاط العسكري والإعلامي والسياسي الحزبي، والاقتصادي، والاجتماعي.. في كل الأعمال التي أقدم عليها حزب البعث، قبل وخلال وبعد الحرب.
            ولو كانت الخيانة أو الإهمال أو التواطؤ مقتصراً على جانب واحد، أو شخص أو أشخاص معدودين، لما كانت النكبة بهذه السهولة، وبهذا الاتساع والهول، ولبقيت جوانب أخرى من الجيش والبلاد، في امتناع عن أن تشملها الجريمة المدبرة.
            إن هذا الشمول في التواطؤ يجعلنا نجزم أن حزب البعث، قد أعد إطاراته الحزبية والقيادية، نفسياً وسلوكياً وفكرياً، لممارسة هذه الجريمة وأمثالها.. وهذا ما يضطر مفكري هذه الأمة إلى إعادة النظر مجدداً بتقييم الحزب، ودراسة نشأته وتطوره وحياته وسلوكه، وسير قادته، من أول يوم برز فيه هذا الحزب للوجود، وعلى يد مؤسسه الأول، ميشيل عفلق، وأضرابه من مثقفي الحزب الأوائل، وقادته المختلفين، الذين تلقوا –تقريباً كلهم- تعليمهم وثقافتهم (العالية) في دول الغرب المستعمر.
            2- إن سوريا، لم تكن تشكو قلة الإمكانات، وقلة ونقصاً في الخبرات.. وإن جيش سوريا، لو أتيحت له قيادة مخلصة صادقة، لكان قادراً على الوقوف برجولة في وجه الطغيان الإسرائيلي، يحطم غرور جيشه، ويذل قادته المتغطرسين، ويكشف جبن تلك القوات، وعجزها عن المجابهة الصادقة المتكافئة.
            أ- فمن حيث التسليح، كان لدى جيش سوريا أنواع من الأسلحة، لم تكن تحلم إسرائيل بامتلاك مثيلاتها، ومن أهمها:
            "المدفعية (122 مم طويل) ذات المدى الذي يبلغ 21 كيلو متراً، والدبابة (ت 54) المزودة بجهاز يتيح لها الرمي أثناء المسير، ومزودة بمنظار ليلي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، والدبابات البرمائية القادرة على اجتياز مسافات واسعة من المياه، والمدفع المضاد للدبابات (ب/10)، الذي يعتبر من أفضل أسلحة م/د في العالم، وقاذفات اللهب الثقيلة المضادة للدبابات، والمدفعية الصاروخية المحمولة على عربات، والتي يتألف كل مدفع منها من /32/ سبطانة، والقادرة على أن تدمر برشقة واحدة، مسافة 6كم2. والمدفعية م/ط عيار (100) مم الموجهة بالرادار، وقانصات الدبابات...إلخ.
            هذه الأسلحة، التي كان حلما لدى العدو أن يمتلك مثلها، رغم كل ما يدعونه من تفوق هذا العدو، لم تستطع أن تحقق شيئاً، لأنها كانت بأيد غير أمينة.
            ب- ومن حيث القوى البشرية، يكفي أن نعلم أن تعداد سوريا يزيد عن ضعف تعداد سكان إسرائيل بما يقارب المليون نسمة.
            جـ- ومن حيث الكفاءات، فإن سوريا تمتلك رصيداً ضخماً جداً من الضباط وضباط الصف والجنود، المتخصصين والمدربين، وأصحاب الخبرة الطويلة، بأمور الجيش.. كل هؤلاء سرحهم الحزب، ووضع الجيش في مواجهة العدو.. بشكل غير متكافئ، ليضمن الهزيمة لجيش البلاد، ويضمن تسليم الأرض المبيعة إلى القوات الإسرائيلية.
            د- وأما الخبرات الأجنبية، فلم تكن سوريا تشكو نقصاً فيها، فإن سوريا منذ عام 1947، استقدمت الأعداد الكبيرة من الخبراء الألمان والروس والتشيكوسلوفاكيين، وهؤلاء يدربون جيشها – وخاصة الروس- منذ عشر سنوات قبل النكبة، وكان لهم إشراف دقيق على رسم خطة تحصين الجولان، وخطة قتاله، وكان لهم فضل كبير في تدريب القوات السورية في مختلف الاختصاصات والميادين، وكانوا كلهم من أصحاب الخبرات الطويلة، وجلهم من الذين اشتركوا في حرب عالمية أو أكثر.
            هـ- وأما الطاقة المالية، فإن كل من يقول أن سوريا كانت فقيرة، فهو مغالط.
            إن سوريا تملك من الإمكانات الاقتصادية مقداراً وافراً، لو أحسن استغلاله وتوجيهه، كان قادراً على مد الجيش بكل احتياجاته لرد أيّ عدوان إسرائيلي مهما كان مدعماً ومعززاً وكبيراً..
            إن سوريا هي البلد الوحيد في العالم، الذي دفع 60-65% من موازنته العامة، لأغراض الدفاع وتنمية الجيش، استعداداً لمثل هذه الساعة..
            وفوق كل هذا.. فإن الشعب السوري لم يبخل بتضحية، فإنه فوق كل ما يدفع من ضرائب، كان يتقدم بالتبرعات السخية في كل مناسبة، بشكل يستدر دموع الإعجاب والفرح، لأريحية هذا الشعب الطيب واستعداده للبذل والتضحيات.. وخير دليل على ذلك، هو أسبوع التسلح في عام 1956، وحملات معونة الشتاء السنوية، ولكن كل تلك الطاقات والإمكانات، عطلها حزب البعث، وألغاها، ودمر القسم الأعظم منها، وشل الباقي.. فهل يمكن أن يكون هذا غير التواطؤ الجماعي، الذي على أساسه بني الحزب، وربي عناصره، ووضعت تحت تصرفه كل أجهزة التآمر، لضمان تنفيذ المخطط التآمري الرهيب؟
            3- ما من عهد من العهود المتعاقبة على حكم سوريا، إلا وكان له مؤيدون ومعارضون، إلا حزب البعث، فلم يكن له مؤيدون مطلقاً، ومنذ اليوم الأول، الذي برز فيه أن لحزب البعث موقعاً في السلطة التي نشأت عن مؤامرة 8 آذار 1963، وقف الشعب كله في جانب آخر، ضد حزب البعث، ومع مرور الأيام وتعاقب الأحداث، قام حزب البعث بتعميق الهوة بينه وبين الشعب، وبتأصيل روح العداء ضده في نفوس أبناء الشعب، حتى أصبح موقفه تماماً مثل موقف الكيان الإٍسرائيلي الدخيل في فلسطين، الذي لم يستطع، (ولن يستطيع أبداً) أن يزيل روح العداء تجاهه من قلوب العرب والمسلمين، مهما طال الزمن وتعاقبت السنون أو القرون.
            وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل إن حزب البعث، ضمن المجموعة العربية (على كل ما فيها من تفسخات وتنافر وأحقاد) كان – ولا يزال وسيبقى- أشبه بجسم غريب، غرس في جسم إنسان، فما كان من ذلك الجسم إلا أن قوقع الجيش الغريب، وعزله وكون حوله نسيجاً يحميه من سمومه، ثم أخذ يطلق الإفرازات بلا انقطاع، حتى تمكن له طرده والتخلص منه.
            أقول: إن حزب البعث، كان، ولا يزال، وسيبقى، حزباً كريهاً، دخيلاً، على الأمة بمجموعها، غير قادر على تألف قلوبها نحوه، واستمالة عطفها عليه وحبها له.
            إن حزب البعث كان، ولا يزال، وسيبقى عدواً من ألد أعداء الأمة، ومن أكثرهم حظاً في سعيها للتخلص منه ومن شروره وآثامه.
            ورغم كل ذلك...
            فإن حزب البعث.. استطاع أن يحتفظ بالسلطة ومواقع الحكم، أكثر من أي عهد سياسي عرفته سوريا منذ الاستقلال، وحتى اليوم.. فلماذا؟.
            أو ليس هذا وحده، دليلاً عقلياً – دونما حاجة للغوص على الوثائق والمستمسكات- على أن هذا الحزب ليس وحده في السلطة، وإنما هو امتداد لكيانات عدوانية متكالبة على هذه الأمة، تمده بكل أسباب البقاء والقوة، لتضمن به تنفيذ مخططاتها الإجرامية ضد هذه الشعوب المسكينة؟.
            هذا الحزب رغم كل ما يتمتع به من عداء الشعب، وعداء المجموعة العربية الأخرى له، ورغم كل المحاولات التي بذلت لإسقاطه، عسكرية كانت أم شعبية أم اقتصادية، ورغم دمغه محلياً وعربياً وعالمياً بالتواطؤ وتسليم البلاد إلى العدو، ورغم كل ما أصابه من تشرذم وتمزق، ورغم كل ما سفك من دماء أفراده بيد أفراده الآخرين.
            رغم كل ذلك.. فإن هذا الحزب، ما زال يحتفظ بالسلطة حتى اليوم، أو ليس في هذا وحده دليل كاف على أنه مدعم بكل قوى البغي المتآمرة على أمتنا، وأن إلى جانبه الثقل الأكبر من الإمكانيات التي تملكها أجهزة الدول الاستعمارية، تمده بالتوجيه والخبرات والمعلومات والطاقات والأموال التي تمكنه من البقاء في السلطة، كما تمد إسرائيل بأسباب البقاء والنماء والتأييد بمختلف صوره وطرائقه..؟؟!!
            وهل يمكن أن يكون هذا التأييد للحزب، بدون مقابل؟؟
            إن العقل لا يقبل هذا، وإن الفطرة السليمة، والتفكير النقي المخلص، يستطيعان فوراً أن يكشفا زيف ادعاءات الحزب، ويبرز لهما بوضوح وجلاء، أن هذه الإمكانات التي تمده بها الأجهزة الصهيونية والاستعمارية.. إنما هي مقابل جهود يبذلها في خدمة تلك المصالح والمطامع.. التي كان من أكبر صورها، تسليم الجولان..!
            هذه الأمور الثلاثة، بما فيها من تفرع، تشكل أدلتنا على ما أطلقنا من اتهام، بأن سقوط الجولان كان أمراً متفقاً عليه بين حزب البعث، والأجهزة الإسرائيلية.. وفي باقي سطور المناقشة (فصل نقاش الإثبات)، توضحيات لجوانب كثيرة من جوانب المؤامرة، والله أعلم بحقائق الأمور، وإياه ندعو أن يعين هذه الأمة على ما حل بها من نكبات ومحن.
            -2-
            ... ومن الجانب السياسي..
            رؤى متنوعة للمؤامرة...
            1- ... ويشاء الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.. أن يثبت لي وللأمة، صحة ما ذهبت إليه.. ويكشف جانباً من المؤامرة على لسان واحد من كبار المتآمرين.
            ففيما أنا منهمك في إعداد الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.. صدر للدكتور سامي الجندي، كتاب جديد بعنوان "كسرة خبز".. يفضح فيه جانباً كبيراً جداً من المؤامرة.. هو جانب الاتصالات واللقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين.. لإعداد مخطط الجريمة..!
            والدكتور سامي الجندي.. حين يصرح بهذا الأمر، فإن خطورة مثل هذا التصريح، تقع في كون الجندي هذا، رجلاً غير عادي، ومطلعاً على كثير من الخفايا والأسرار.. في أخطر فترة سبقت تنفيذ المؤامرة، فترة الإعداد لها ورسم خططها والتفاصيل والأدوار فيها.
            سامي الجندي ذاك، هو أولاً من الشرذمة الأولى التي أسست حزب البعث العربي الاشتراكي وساهم في كثير من أعماله التنظيمية، وصوغ عقيدته، والدعاية له.. ونشر أفكاره في المجالات التي يعشش فيها الحقد الطائفي، ممتزجاً بالكره والحسد الطبقيين.. وهما أهم مناخين تربى فيهما قادة حزب البعث.. وتكونت مقومات شخصياتهم..
            وسامي الجندي.. هو من الأوائل الذين شاركوا في حكم سورية باسم حزب البعث – صراحة - فكان عضواً في القيادة القطرية.. ثم وزيراً للإعلام.. ثم رشح أكثر من مرة لرئاسة الوزارة.. ولا ندري سبب رفضه.
            وسامي الجندي.. شارك في الأعمال والمؤسسات والمؤتمرات التي عقدت على مستوى الجامعة العربية، لمعالجة قضايا الأمة المصيرية.. وكان أبرز عمل له هو مشاركته في لجنة المتابعة التي انبثقت عن مؤتمرات القمة العربية..
            وسامي الجندي أخيراً.. سفير سوريا في فرنسا.. في باريس.. التي شهدت كثيراً من اللقاءات بين مسؤولين أو مبعوثين شخصيين غير رسميين، لمسؤولين عرب.. وبين جوانب مماثلة من جانب العدو..
            سامي الجندي هذا.. وبلهجة الـ(...) الذي خانه شركاؤه، فلبس زيفاً لبوس التقوى، وقرر فضح شركائه تمهيداً لتنصله من المسؤولية.. يقول في معرض حديثه عن الجولان:
            "لقد نبهت حكومتي منذ 1965 إلى أنها تنوي احتلاله (100) كنت أعارض دائماً في حرب مع إسرائيل أعرف فيها أننا خاسرون(101)..."
            ويتابع الجندي: "آرائي كلها دون استثناء كانت ضد الحرب، لم أخف أبداً أن الحكم يعد لهزيمة، ولا استرداد فلسطين.
            "نعم! نعم!.." لم تكن هناك أية بادرة للنصر، ولا أعني أنه كان يعد لهزيمة نفسه.. وإنما لهزيمة العرب الآخرين، كي يبقى (الثوري) الوحيد، سيد المناخ الثوري العربي.."
            ثم يقول: "وكنت مؤمناً –وما زلت- أن إسرائيل ليست حريصة على الاعتراف بها، ولو شاءت لحصلت عليه، لأنه يفقدها مبرر (الدفاع) عن نفسها، واحتلال أرض أخرى سنة 1970(102).
            "لم إذن اختارني الدكتور ماخوس لهذه المهمة، وهو لم يعدم الأشخاص ولا الوسيلة للاتصال بإسرائيل؟ ثارت أقاويل في باريس نفسها عن أمين منظمة الحزب التابعة لدمشق. وأنا – هنا بيت القصيد – متأكد من أن اتصالات جرت عن طريق أكثر من دولة "ثالثة" وفي أكثر من عاصمة.
            ثم يقول:" عندما نتتبع فصول معركة الجولان، نجد أن العسكريين الذين قاموا فعلوا دون أوامر، أما الذين صدرت إليهم فقد انسحبوا بناء على خطة.. ترى ما هي الخطة؟
            تم إخلاء الجولان من السكان منذ 5 حزيران.. لماذا؟
            لست بحاجة للقول أن إعلان سقوط القنيطرة قبل أن يحصل أمر يحار فيه كل تعليل نبنيه على حسن النية.. إن تداعي الأفكار البسيطة، يربط بين عدم وقف إطلاق النار والحدود سليمة(103)، والإلحاح بل الاستغاثة لوقفه بعد أن توغل الجيش الإسرائيلي في الجولان، ويخلص إلى الاستنتاج بوجود خطة.
            فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون (في باريس)، مندوب سورية في الأمم المتحدة (الدكتور جوج طعمة) يعلن سقوط القنيطرة، ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق، والمندوب الإسرائيلي يؤكد أن شيئاً من ذلك لم يحصل(104).
            إذن.. كانت هناك لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين.. وبوساطة أكثر من دولة ثالثة.. وقبل حرب حزيران التي نفذت فيها المسرحية اللئيمة..
            فما الذي دار في تلك الاجتماعات.. ومن الذي نفذ هذه اللقاءات؟!
            هذا جانب ستكشفه الأيام تباعاً.. وعلى الذين يعون، متابعته وتقصيه.. خشية أن يضيع بين الركام الهائل الذي تقذف به المطابع والإذاعات كل يوم..
            2- وتتحدث ألسنة المطلعين في أوساط السوريين. عن أمر لا يقل خطورة عن هذا الذي صرح به الجندي..
            يقول الملازم الأول: "...."(103)، عضو الوفد السوري إلى لجنة الهدنة المشتركة.. ما يلي:
            "إنه استدعي إلى مكتب الدكتور يوسف زعين، رئيس الوزارة البعثية، بتاريخ 9 حزيران 1967 الساعة العاشرة ليلاً.. فوجد عدداً من أفراد لجنة الرقابة الدولية في مكتب الزعين، برفقة السفير (....) في دمشق.. فكلف الضابط المذكور بالترجمة بين رئيس الوزارة ومخاطبيه..
            قال السفير: إذا لم تسحب القيادة السورية قواتها من الجولان.. فإن القوات الإسرائيلية لن ترتضي هدفاً يتوقف زحفها عنده إلا دمشق..
            وهنا سأل الزعين: وما هي الحدود التي تريد إسرائيل الوقوف عندها؟..
            أجاب السفير: هل عندكم خريطة؟..
            فأبرز الملازم الأول المذكور خريطته، وهنا وضع السفير عدداً من النقاط التي يجب أن يمر بها خط الحدود الجديد.. وتتوقف عنده القوات الإسرائيلية.. إذا قامت السلطات البعثية بسحب قواتها خارجاً عنه..
            ... وافق الدكتور زعين "يقول الملازم الأول المترجم".. ووعد السفير بتحقيق ما طلب.. وغادر الجميع مكتب رئاسة الوزراء على هذا الأمل..
            وفي الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي.. صدر بلاغ سقوط القنيطرة، على النحو الذي شرحناه وأوضحناه في أكثر من موضع..
            وفي الوقت نفسه كذلك ملأت جو الجولان الشائعات الخانقة.. عن أوامر الانسحاب المزعومة.. فكان الهروب الكبير.. ودخلت القوات الإسرائيلية أرضنا الكريمة.. راكبة إلى نزهة عسكرية.. دونما خوف من صدام حقيقي يشتتها أو يفنيها..!
            3-... وتأكيداً وتوضيحاً لهذه اللفتات السريعة نحو جوانب من الوجه السياسي للمؤامرة.. لا بد لي من أن أثبت ما قاله بعض المسؤولين البعثيين.. عقب وقوع الجريمة.
            أ- فأول هذه التصريحات الليئمة.. صدرت من الدكتور إبراهيم ماخوس.. وزير الخارجية البعثية، وكان ذاك في أروقة مجلس الأمن.. في دورته التي عقدها عقب حرب حزيران، لمناقشة ما حدث..
            كان المندوبون والمسؤولون العرب يتحدثون بذهول عن الذي وقع.. إلا ماخوس إياه.. ماخوس هذا.. يقول بلهجة الـ(...) .. حين تحاول تهوين المصيبة على عذراء فقدت شرفها في ساعة طيش.. طمعاً في جرها إلى وحل العهر لتشاركها العيش فيه.
            باللهجة هذه.. يقول ماخوس.. وأمام عدد كبير من المسؤولين العرب.. وجواباً على قول أحدهم: "إنها لفاجعة كبيرة.. نحمد الله أن إحدى العواصم لم تمس.." فأجاب ماخوس، بصفاقة عجيبة.. ".. هل في ذاك غرابة لو حصل؟ إن الغريب في الأمر أن العواصم لم تسقط.. وإننا من جهتنا –يقصد مسؤولي حزب البعث-.. كنا عاملين حسابنا على أن دمشق ستسقط بيد العدو..".
            ب- وفي إحدى الاجتماعات الحزبية التي أعقبت الجريمة.. يقول ماخوس أمام "الرفاق".. "لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي هو إسقاط الحكم التقدمي في سورية، وكل من يطالب بتبديل حزب البعث، عميل لإسرائيل..".
            جـ- وكذلك في أحد الاجتماعات البعثية وبعد أن هزت الجريمة ضمائر بعض الحزبيين المغرر بهم.. والذين لا زالت فيهم بقية من خير.. طلب بعضهم من المسؤولين توضيح ملابسات سقوط الجولان.. وأصروا على وجوب تقصي الحقائق حول إذاعة البلاغ الفاجر..
            وفي نطاق تلك التساؤلات.. وجه بعضهم سؤالاً حول هذا الموضوع إلى اللواء أحمد سويداني، قائد الجيش البعثي السوري يوم المحنة.. فأجاب:
            "أنا.. كمسؤول لم أستشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة.. وكمواطن.. سمعته من الإذاعة كغيري.."!
            فمن هي اليد الخفية التي وقعت ذلك البيان وأمرت بإذاعته؟ ستبدي ذلك الأيام.. مهما طال الوقت.. وإن غداً لناظره قريب!
            4- "... ظهر الخامس من حزيران(106) اتصل سفير دولة كبرى في دمشق بمسؤول كبير ودعاه إلى منزله لأمر عاجل وهام!! وتم الاجتماع في الحال، فنقل السفير للمسؤول السوري نص برقية عاجلة من حكومته، تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد قضى قضاء مبرماً على سلاح الجو المصري وأن المعركة بين العرب وإسرائيل قد اتضحت نتائجها منذ الساعة التاسعة من ذلك الصباح، وأن كل مقاومة أرضية ستورث خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات لا مبرر لها، وأن إسرائيل لا تنوي مهاجمة النظام السوري، بعد أن يستتب لها تأديب جمال عبد الناصر! وبانتهاء الزعيم المصري .. تتفتح الآفاق العربية أمام الثورية البعثية من المحيط إلى الخليج، وأن إسرائيل – من قبل ومن بعد - بلد اشتراكي يعطف على التجربة الاشتراكية البعثية.. خاصة البعثية العلوية، ويمكنها أن تتعايش وتتفاعل معها لمصلحة الكادحين في البلدين.. وقد يكون ذلك منطلقاً نحو تسوية نهائية على أسس الأخوة الاشتراكية، ولذا فمن مصلحة سوريا.. مصلحة الحزب ومكاسب الثورة، أن تكتفي بمناوشات بسيطة لتكفل لنفسها السلامة!
            وذهب المسوؤل السوري ليعرض ما سمعه لتوه على رفاق القيادة القومية والقيادة القطرية.. إلى آخر القيادات! وكانت الطائرات الإسرائيلية في تلك اللحظة تدمر المطارات السورية والطائرات الجاثمة – براحة - فوقها، مما أضفى على الموقف جو المأساة!
            وعاد الرسول السوري، غير بعيد، ليبلغ السفير استجابة الحزب والحكومة والقيادات، لمضمون البرقية العاجلة! وهكذا كان!..
            غير أن إسرائيل بعد أن أنهت العمليات الحربية في الجبهتين الجنوبية والشرقية، اتجهت بثقلها إلى الجبهة الشمالية، بعد أن مهدت لهذه الحركة المفاجئة بحرب نفسية، فسقط خط (ماجينو) السوري، دون قتال، وسحبت القوات الأمامية لحماية مكاسب الثورة.. وبطولات الحاكمين في دمشق!
            ... وقال معلق راديو دمشق ذلك المساء: "الحمد لله(107) لقد استطاعت قواتنا الباسلة حماية مكاسب الثورة أمام الزحف الإسرائيلي! الحمد لله الذي أفسد خطة العدو وقضى على أهدافه الجهنمية!.. إن إسرائيل لن تحقق نصراً يذكر، طالما أن حكام دمشق بخير!!
            وليت شعري، ما الذي كان يعيق إسرائيل عن المضي في فسحة إلى دمشق!.. لكنها لا تريد، ولن تريد، إذ ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن".
            5- "... ولما كنت أعتقد أن المبرر الوحيد لغلطة ترتكب هو الدرس الذي يمكن استخراجه منها، يهمني أن أوضح هنا – دون أن أحاول إلقاء مسؤولية الفشل المشترك على فريق معين- أن عاملين اثنين، أوصلانا – والنزاع في مستهله- إلى ما انتهينا إليه، وجعلانا ندفع الثمن غالياً.
            فمن جهة فوت علينا تأخر الطيران السوري في التدخل فرصة ذهبية، كان يمكن أن ننتهزها لقلب الموقف لمصلحة العرب، فلولا تردد السوريين، لكنا قد بدأنا عمليات القصف الجوي في وقت مبكر، ولاستطعنا اعتراض القاذفات المعادية وهي في طريق عودتها إلى قواعدها، بعد قصفها القواعد المصرية وقد فرغت خزاناتها من الوقود ونفدت ذخيرتها، وكان بإمكاننا حتى مفاجأتها وهي جاثمة في مطاراتها تملأ خزاناتها استعداداً لشن هجمات جديدة، فلو قُيّض لنا ذلك لتبدّل سير المعركة وتبدلت نتائجها..
            "الزمن وحده سيعطي تفسيراً لمسائل عديدة، لكن ما تأكدت منه هو أن الطيران السوري لم يكن مستعداً يوم 5 حزيران للحرب.."
            ".... لأننا كنا ننتظر السوريين، فبدون مساعدة طائراتهم الميغ لا يمكن أن يسفر قصف قواعد إسرائيل عن نتيجة مهمة، ومنذ الساعة التاسعة – من صباح الخامس من حزيران - اتصلت قيادة العلميات الجوية بالسوريين، فكان جوابهم أنهم بوغتوا بالأحداث. وأن طائراتهم ليست مستعدة، وأن مطارداتهم تقوم برحلة تدريبية. وطلبوا إمهالهم نصف ساعة، ثم عادوا وطلبوا إمهالهم ساعة، وفي العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين كرروا الطلب نفسه فوافقنا، وفي الحادية عشرة لم يعد بالإمكان الانتظار فأقلعت الطائرات العراقية من قاعدتها لتنضم إلى سلاحنا الجوي وتساهم في القيام بالمهمة المشتركة المنوطة بسلاح الطيران.
            وكان من نتيجة الاستمهال المذكور من جانب السوريين، أن عملياتنا الجوية لم تبدأ إلا بعد الحادية عشرة صباحاً..."(108).
            لنقارن بين هذا الكلام.. بل هذه الوقائع المخزية، وبين ما قاله المسؤولون البعثيون، قبيل الحرب.
            قالوا: "... إن طائرات سلاح الطيران السوري، قامت بعده رحلات استطلاعية فوق إسرائيل، كانت آخرها 14/5/1967 وعند الظهر..
            إن طائراتنا توغلت عشرات الكيلومترات في مهمة استطلاعية وقد انطلقت المدافع المضادة، وصواريخ (هوك) الإسرائيلية على الطائرات السورية التي قامت بمهمتها وعادت إلى قواعدها..
            إن سلاح الطيران السوري أصبح في المستوى الذي يمكنه من القيام بواجبه على أكمل وجه، وله مهمات محددة ومرسومة بموجب الخطة الموضوعة..
            إن سلاح الطيران السوري تطور تطوراً كبيراً بعد ثورة 23 شباط 1966 من حيث الكمية والنوع والتدريب، وأصبحت لديه زيادة كبيرة في عدد الطائرات(109)، وهي من أحدث الطائرات في العالم وأفضلها تسليحاً، كما ازداد عدد الطيارين وارتفع مستوى التدريب"(110).
            كان هذا التصريح قبل الحرب بنصف شهر بالتمام والكمال، فماذا جرى لسلاح الطيران هذا، الجاهز، القوي، المدرب، الـ..، الـ.. إلخ.. إلخ.. خلال نصف شهر، فقط، حتى فقد فاعليته وقعد كالأرنب الذي انخلع قلبه لمجرد رؤيته الثعلب متجهاً نحوه يريد افتراسه؟..
            ولكن.. تكفي الإشارات العابرة، التي تصدر من صحافة العالم المطلعة على أكثر مما نستطيع نحن الإطلاع عليه من بواطن الأمور..
            ولنسمع مجلة "تايم" وهي تقول:
            "... أنقذ الهجوم الإسرائيلي على سورية، خلال حرب حزيران، النظام البعثي المتطرف فيها.."(111).
            6- وفي الختام.. لا بد من لفت الانتباه على الذي يجري على خطوط وقف إطلاق النار كل يوم..
            فبعد أن استعرضنا أكثر من رواية للمؤامرة، وبعد أن نقلناها –على ذمة رواتها- ودونما التعرض لها بالتفصيل وبالإثبات أو النفي، لأن ذلك غير ممكن بما لدينا من دلائل وحيثيات.. لا بد لنا من أن نثبت –للتاريخ- موقف القوات المتحاربة على جبهات القتال، في مواجهة العدو.
            ففي الوقت الذي نرى فيه كل يوم تصعيداً متزايداً للصدام، وبالأسلحة المختلفة، وبالمستويات القتالية المتدرجة نحو الاتساع والشمول، على جبهتي مصر والأردن. مع إسرائيل(112).
            في هذا الوقت نجد الجو هادئاً هدوء عش زوجي في فترة شهر العسل، بين الإسرائيليين وقوات حزب البعث.. لا يعكره الخلافات البسيطة، كالخلافات التي تقع بين عروسين حول ما يجب أن يتعايشا، أو حول أفضل مكان يقضيان فيه السهرة.
            وفي الوقت الذي نجد اليوم –وكل يوم- عشرات الرجال ينطلقون من الجبهات المختلفة، لضرب الوجود الإسرائيلي الدخيل في كل جانب على أرضنا.. نرى الحدود "الجديدة" بين سوريا وإسرائيل، مغلقة في وجه كل التنظيمات الفدائية.. ومن يتحدث عن تحرير الجولان، أو العمل الفدائي على أرض الجولان.. يلقى مصيره الأسود على أيدي الجلادين من بني النصيرية المتسترين باسم حزب البعث.
            وزيادة في التضليل، الذي برع فيه حزب البعث، وتمادى في سلوك سبيله إلى أبعد مما يمكن لأحد أن يمضي.. ناسياً أن تضليله قد عاد عليه بأبشع فضيحة، جعلته يبدو أمام الناس سخيفاً كسخف النعامة حين تدفن في الرغام رأسها لتوهم الصياد بأنها ضللته.
            بمثل هذه الصفاقة والقحة.. يلجأ حزب البعث الحاكم.. المجرم إلى التضليل.. وإلى مطالبة غيره بمواقف الرجولة والبطولة التي عجز عنها.. حتى بدا مثل (...) تطالب الناس بأن يكونوا نساكاً...
            بمثل هذه الروح التي تنز بالحقد، وتفيض بمعاني الإجرام يطالب حزب البعث غيره من الدول بأن تفتح حدودها لحرية العمل الفدائي.. بل ويرسل مجموعات من مرتزقته، ليؤدوا بعض العمليات التمثيلية عبر حدود الأردن ولبنان، لذر الرماد في العيون، ولتحويل الأنظار عن قصوره وفجوره وصفاء عيشه مع قوات إسرائيل التي احتلت الجولان وتمتعت بخيراته.
            بهذه الروح.. يرسل حزب البعث أفراداً من وحداته النظامية متسترة باسم التنظيمات الفدائية "الصاعقة" ليشوهوا معنى الفداء، عبر حدود غيره من الدول.. بينما يغلق حدوده مع العدو في وجه كل تنظيم فدائي مناضل شريف، وكأنه لا يحكم بلاداً احتل العدو جزءاً منها.. وكأن تحرير تلك الأراضي – إن كان وارداً لدى حزب البعث كأمنية ليس إلا - يقع على كاهل غيره من الدول.. بينما هو يتمتع في الولوغ في الدماء والحرمات..
            إن مثل هذه الأفعال.. تقع كل يوم، تحت سمع وبصر الأمة العربية المنكوبة.. ثم يبح دعاة حزب البعث حلوقهم.. يطالبون الأمة العربية بالفداء.. ويدعون أنهم.. أهل الحرب وحدهم، وهم الذين ما حاربوا.. ولن يحاربوا(113).. بل يسعون لجر الأمة إلى نكبة رابعة تزيدها إذلالاً.. وتضاعف التعداد من أبنائها المشردين.. وتقدم للعدو أرضاً جديدة يثبت عليها وجوده اللقيط..!
            هذا موقف نسجله دونما زيادة في التفاصيل، فراغب الزيادة قادر عليها، ويجد ضالته في بطون الصحف.. وفيما تنقله كل يوم أجهزة الإعلام عبر إذاعات العالم.
            هذا موقف لا نجد فيه إلا الحرص على رعاية الوجود الصهيوني على أرضنا.. تباركه قيادة حزب البعث وتسهر على راحته أجهزته العسكرية والمدنية على السواء.
            ولكن هذا ليس هو – أبداً - موقف المخلصين من أبناء الشعب.. فإلى هؤلاء.. وخاصة الرابضين في المخافر الأمامية والمواقع المتقدمة.. نطير صرخة استغاثة، ونطلق صيحة إنذار.. أن اقتدوا بإخوانكم في الأردن ومصر.. واضربوا الوجود الصهيوني.. افتعلوا الحوادث أنتم.. لتجروه إلى مجزرة عقب مجزرة.. لا تتركوا له راحة أبداً.. فإن سكوتكم هذا.. ليس له تفسير أمام الله والأمة.. إلا أنه التواطؤ.. أو الخنوع الذليل، تفضيلاً لمصلحة الرتبة والراتب.. على كرامة الأمة ومصيرها ومستقبلها، وفي هذا لعمري من الجريمة ما يعدل التواطؤ.. إن لم نقل إنه يفوقه!

            تعليق

            • لبيك إسلامنا
              3- عضو نشيط

              • 5 ماي, 2010
              • 330
              • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
              • مسلم

              #21
              هوامش القسم الثاني
              (1) واجب اليوم: تعبير قتالي مستخدم في الجيش السوري، ويقصد بعه الواجب القتالي الذي يعطى لوحدة ما، لتنفيذه خلال يوم قتالي واحد ويبلغ طول اليوم القتالي عشر ساعات قتال، وللإيضاح مثلاً، يكون واجب اليوم مجموعة ألوية في الهجوم، احتلال المنطقة الدفاعية الثانية في دفاع العدو، والتي يبلغ فيها العمق ما بين خط الدفاع الرئيسي، ونهاية هذه المنطقة، حوالي 25 كيلو متراً.
              (2) المفروض أن يتم احتلال قاعدة الانطلاق ليلاً، وتعطى أوامر الهجوم النهائية عليها، وقبل انبثاق أول ضوء، تبدأ نيران التمهيد، ثم ينفذ الهجوم مع أول ضوء، وذلك تفادياً للقصف المعادي، الذي يشكل خطراً كبيراً على قوات الهجوم، وهي في مرحلة احتلال قواعد انطلاقها.
              (3) عرضانياً: هو الخط الموازي لجبهة المواجهة مع العدو.
              (4) طولانياً: هو الخط العمودي على خط المواجهة مع العدو.
              (5) في هذه المناسبة، يقودنا الواجب إلى استطراد بسيط نستوقف القارئ خلاله برهة لنذكره بأمور هامة سبق أن جرت في تاريخ الجيش والبلاد.. لتلقي ضوءاً ساطعاً يكشف جوانب خطيرة من البلوى التي نزلت بهذه الأمة.
              فلو عدنا إلى عام 1963 – أي قبل النكبة والعهار الأكبر بأربع سنوات تقريباً- وعلى وجه التقريب.. في شهر تشرين الأول من العام نفسه، صرح العقيد أحمد المير (و كان يومذاك برتبة مقدم) لإحدى الصحف اليسارية قائلاً: "لقد اشتاقت سلاسل الدبابات للنزول إلى دمشق، لسحق المؤامرات" وجاء هذا التصريح، بعد مالا يزيد عن أربعة أشهر على حادث 18 تموز الذي نفذه الناصريون بزعامة جاسم علوان، وهاجموا يومها الأركان العامة ودار الإذاعة وبعض المعسكرات الهامة، ثم فشلت المحاولة هذه، وأعقبتها موجة من أعمال الإعدام والإرهاب والاعتقالات.. وكان للواء السبعين المدرع، دور كبير جداً في إحباط تلك المحاولة، حيث نزلت الدبابات – فعلاً- بسلاسلها، لتنشر الرعب والإرهاب بحجة قمع المؤامرات، وحين صرح العقيد المذكور بذاك التصريح، كان قائداً لذلك اللواء الذي حوله الحزب الحاكم في سورية، من وحدة ضاربة ضد أعداء البلاد، إلى وحدة ضاربة ضد الشعب كله.
              وعقب حرب حزيران العار، عين العقيد هذا عضواً في القيادة القومية لحزب البعث، مكافأة له على دوره في (.. خدمة الحزب والثورة).
              وفي عام 1965 وعقب موجة من قرارات التأميم، أصدرتها السلطة في سوريا، وشملت عدداً من المؤسسات الصناعية والتجارية، قام (اللواء) أحمد سويداني – وكان يومذاك رئيساً لشعبة المخابرات، وبرتبة مقدم – قام بتدبير مؤامرة جر إليها الشعب كله وفي مقدمته طبقة التجار وقسم من علماء المسلمين، وحدثت يومها مجزرة الجامع الأموي في دمشق، وأعقبتها موجة رهيبة من الاعتقالات وأحكام الإعدام، وقام السويداني نفسه، بالإشراف على أعمال التعذيب والاضطهاد وإهانة علماء وفضلاء المجتمع، في ظل رئاسة وتشجيع الفريق أمين الحافظ رئيس الدولة يومذاك.
              هذان موقفان بارزان، لقائدين، هما أكبر قائدين مباشرين يجب أن يسألا، عن الذي حدث في الجبهة (الجولان) خلال حرب حزيران من عام 1967 – وقفاهما ضد الشعب الأعزل المغلوب على أمره.. أردنا أن نذكر بهما.. ليكونا نموذجين واضحين لمواقف كل رجال السلطة البعثيين وأتباعهم.. ضد الشعب كله.. ولإجراء المقارنة بينها وبين مواقف الأشخاص أنفسهم، ضد عدو البلاد الأخطر والأكبر، وفي هذا ما يغني عن كثير من البيان:
              1- نموذجان للرموز التي يتم بها التخاطب عبر الأجهزة اللاسلكية، وهما يرمزان إلى وزير الدفاع، وقيادة الجبهة وهذه الرموز اصطلاحية يتم تغييرها بين آونة وأخرى.
              (6) مثل عامي معروف في دمشق يستعمل للتعبير عن الحالات التي تعم فيها البلوى. فيستسلم المرء لها وهو يواسي نفسه بأنه ليس الوحيد الذي نزلت المصيبة به.

              (7) المقدم رئيف علواني، هو من أبرز الضباط البعثيين الذين ساهموا (بأيديهم) في أعمال القتل –التي سموها إعداماً- عقب محاولة الانقلاب 18 تموز التي قام بها الناصريون في عام 1963، وأحبطها اللواء السبعون بالاشتراك مع وحدات المغاوير بقيادة النقيبين سليم حاطوم وسليمان العلي.
              والنقيب رفعت الأسد هو – غالباً - شقيق (الفريق) حافظ الأسد، وقد كلف هذا الضابط منذ تخرجه من الكلية الحربية –وحتى اليوم- بحماية مطاري (المزة والضمير) العسكريين اللذين هما مرتكز قوة شقيقه (الفريق) حافظ أسد.
              (8) طلقة الخلاص، أو طلقة الرحمة، هي رصاصة واحدة، يطلقها آمر مفرزة الإعدام، على رأس المحكوم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص... وذلك بعد تنفيذ الحكم به.. وغايتها التعجيل بوفاته للتخفيف من آلامه وعذابه.
              (9) تحضيرات المدفعية للهجوم (رمايات التمهيد).
              (10) مجلة الحوادث، العدد رقم 604، تاريخ 7/6/1968، (عن كتاب المسلمون والحرب الرابعة).
              (11) انظر فصل: (نقاش الإثبات).
              (12) صحيفة الهامشمار الناطقة بلسان حزب "ماباي"، 7 تشرين الأول 1964.(عن كتاب المسلمون والحرب الرابعة)
              (13) من محاضرة ألقاها المستشار الأول للسفارة السوفياتية في تل أبيب على طلبة الجامعة العبرية، نشرتها صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية، 4 شباط 1965.
              (عن كتاب: المسلمون والحرب الرابعة – ص105).
              (14) الرواية هذه، هي –كما قالت النهار- خلاصة ما نشرت وسائل النشر في العالم الغربي، عن النكسة، ويبدو أن قسماً كبيراً من هذا الوصف، جاء من كتاب: "حرب الأيام الستة" لـ:"راندولف تشرشل". كما وأن النهار تقول بأن هذا الوصف مستمد من صحف غربية مختلفة.
              (15) مستعمرات إسرائيلية ثلاث تقع في مواجهة القطاع الشمالي (مقابل بانياس وتل العزيزيات)، وتشكل هذه المستعمرات الثلاث رؤوس مثلث قائم الزاوية، قاعدته 1كم، وارتفاعه 2كم تقريباً. وتل دان يقصد به (تل القاضي).
              (16) هي مستعمرة كعوش، في مواجهة القطاع الأوسط، وبالقرب من جسر بنات يعقوب على طريق جسر بنات يعقوب – صفد، ولا تبعد عن نهر الأردن أكثر من 500 متر، وتعتبر من المستعمرات المحصنة جيداً.
              (17) جنوب بحيرة طبريا بالقرب من سمخ وهي من أحصن المواقع الدفاعية الإسرائيلية على الخط الأول لتحصينات العدو في مواجهة الجبهة السورية.
              (18) هذا النوع من القنابل، يسمى في الجيش السوري:"قنابل المنثار"، وهو من أشد أنواع القنابل فعالية ضد الأشخاص، وضعيف الفعالية ضد العتاد، وتنفجر القنبلة منه على ارتفاع معين فوق الهدف، فتتناثر شظاياها على شكل مخروط قاعدته إلى الأسفل، ويستعمل ضد مرابض المدفعية (بأنواعها المختلفة)، وضد تجمعات المشاة الكبيرة.
              (19) هذه التسميات، أعطيت للألوية (6،15،2) التي كانت تحتل القطاعات الثلاث (الشمالي، الأوسط، الجنوبي)، وذلك بعد أن غيرت قيادة الجيش تلك التسميات، عقب حركة الثامن من آذار 1963. وأرجو ملاحظة هذه الناحية جيداً في تسميات الوحدات التي أستعملها أنا في هذا الكتاب، إذ أنها تسميات الوحدات التي كانت لها قبل حركة آذار المذكورة.

              (20) اللواء التسعين المذكور هنا هو لواء احتياطي، واسمه يوم الحرب (اللواء 123) وهو الذي كلف بالهجوم من القطاع الشمالي، وكانت قيادته في عين الحمراء شمال غرب القنيطرة. وأما فرق الدبابات التي يتحدث عنها الوصف، فهي في الحقيقة كتائب وليست فرقاً، لأن الفرقة تشكيل كبير جداً وأكبر من اللواء، ولا يمكن للواء مشاة أن يلحق به فرقة دبابات.
              وأما الـ "س يو 100"، فهي من خيرة الدبابات، وهي في الحقيقة قانصات للدبابات، و ذات تسليح فعال جداً، وذات قدرة حركية تتمتع بمرونة عالية ورمزها الأجنبي هو su100.
              وأخيراً، المقصود بـ"حوالي 30 دبابة عادية.."، هو تشكيل خاص من الدبابات كان يقوده الرائد رئيف علواني، وقد كلف بمهمة خاصة، وهي التمركز خلف الألوية الاحتياطية، ومراقبتها والتصدي لها فيما إذا حاولت كلها أو أجزاء منها، القيام بحركة تمرد أو عصيان، ضد القيادة البعثية، وهذا يكشف لنا جانباً من أخطر جوانب حياة الحزب مع الشعب، ويعكس لنا الرعب الذي يملك على الحزب كل حياته، ويوحي له بكل تصرفاته.. خوفاً من النقمة التي تغلي في صدور أبناء الشعب من كل الفئات والطبقات.
              ويجدر أن نذكر أن هذه الكتائب ومجموعات الدبابات، لم تقاتل، وإنما هربت إلى دمشق مع اللواء السبعين لحماية الثورة وذلك منذ بداية القتال الحقيقي مع قوات الغزو الإسرائيلي.
              (21) هي مستعمرة كفرسلط في مواجهة مخفر العقدة.
              (22) المقصود بها: زعورة.
              (23) هي دبابات البانزر (الوضع) ويقوم بخدمتها عناصر الحرس الوطني وهم من أبناء المنطقة ومن الفلسطينيين المقيمين في الجولان.
              (24) وصف شاعري خيالي، في محاولة فجة من القادة الإسرائيليين أو الصحفيين الأجانب الذين كتبوا هذا الكلام، لإبراز "شجاعة" القوات الإسرائيلية من خلال الاعتراف بصمود القوات السورية.
              ولكن الحقيقة، أن هذا يستحيل أن يحدث بسهولة في تلك المواقع، نظراً لما نعرفه من مناعة تحصينها، وبطولة الرجال الذين صمدوا فيها، وإنني أؤكد أن ذلك لم يحدث للأسباب الآتية:
              أ- ما دامت المقاومات الضارية قد انبعثت من الدبابات السورية الموجودة في الخنادق، فذلك معناه أن عناصر الدفاع في تلك الخنادق، لا زالوا في أماكنهم صامدين.
              ب- ومن المستحيل أن تتمكن قوة مهاجمة من المشاة، من الوصول إلى الدبابات قبل أن تشتبك مع عناصر المشاة المتمركزين حول الدبابات في الخنادق، وتقوم بالقضاء عليهم جميعاً.
              جـ- والذي تؤكده الروايات الإسرائيلية، أن النار السورية قد استمرت، ولكنها كانت "معقولة" وذلك بعد إسكات مدافع الدبابات. وما دامت النار السورية قد استمرت، فذلك معناه أن عناصر المقاومة لم يتم القضاء عليهم جميعاً، فكيف استطاع "شجعان" لعازار من الوصول إلى الدبابات؟.
              د- إن من الطبيعي أن الدبابات حين تقاتل (غالباً) تكون أبراجها مغلقة، فكيف استطاع جنود هذا... "اللعازار" أن يفتحوا أبراج الدبابات، ويلقوا قنابلهم اليدوية داخل الدبابات؟
              هـ- ومن الطبيعي أيضاً، أن عناصر الدبابات أنفسهم، حين يشعرون أن جنود العدو قد أصبحوا بينهم، أن يتركوا دباباتهم، ويخرجوا للالتحام مع جند العدو، أو يتحركوا بدباباتهم لتغيير مواقعها بعيداً عن الجنود المقتحمين ثم معاودة الاشتباك. ومعروف أن سرعة حركة الدبابة أكبر من سرعة حركة المشاة، فكيف يستطيع "اللعازاريون" أن يقضوا على الدبابات "بالقنابل اليدوية"؟.
              و- وأخيراً إن الدبابة ليست مجهزة بمدفع فقط... وإنما هي مجهزة أيضاً بأكثر من رشاش، واحد للدفاع ضد الطائرات، والآخر للدفاع ضد المشاة، وفي حال الالتحام مع العدو يتحول الرشاشان إلى القتال ضد المشاة.. فهل كان جنود "لعازار الذكي.." من الكثرة بحيث لم تعد رشاشات الدبابات وباقي القوات قادرة على حصدهم جميعاً، حتى تمكنوا من الوصول إلى الدبابات والقضاء عليها بقنابلهم "اليدوية الجيمسبوندية".
              إن كان هذا قد حصل، فيا فخراً لأولئك الجنود الأبطال، الذين صمدوا في أرضهم، وخلف مدافعهم ورشاشاتهم، حتى ماتوا شهداء أبراراً.. ويا فخراً لأمة قادرة أن تنجب مثل أولئك الرجال.. عناصر الحرس الوطني، الذين كانوا كلهم من أبناء الجولان، ومن أحبائنا الفلسطينيين الذين تطوعوا في الحرس الوطني، واستبسلوا في الدفاع عن تلك المواقع.
              وإن كان ذاك لم يحصل.. فيا عجباً لكتابنا، وخاصة العسكريين، كيف لا يتصدون للرد على أضاليل وغطرسات الضباط "اللعازاريين" وأذنابهم من رجال الصحافة والفكر الغربيين.. أمثال ".. ابن تشرشل العظيم"؟!!!
              (25) لعازار هذا، هو الجنرال دافيد لعازار قائد القوات التي هاجمت القطاع الشمالي.
              (26) إذن... فقد صمد عناصر تل العزيزيات.. وإن لهذا التل في قلوب الإسرائيليين أكثر من ذكرى مريرة، ويشكل عندهم عقدة في نفوسهم وقلوبهم، هي أكبر من حجمه... وذلك منذ حرب عام 1948، حيث أبيدت قوات كبيرة منهم، في أكثر من محاولة لاحتلاله، ولكنهم عادوا أذلاء خاسرين، واستمروا عشرين عاماً ينظرون إليه، ويحسون به كأنه شوكة في عيونهم، حتى أتيح لهم أن يحتلوه... وإنني أتوقع أن يكونوا الآن قد أزالوه من على وجه الأرض بجراراتهم وآلياتهم الكثيرة.. وذلك ليزيلوا ذكراه المريرة من نفوسهم الحاقدة حتى على ترابه.
              (27) إن هذا لغريب جداً أن يصدر من المدفعية السورية، وهو إن كان قد حصل، فهو يعزز الرأي القاتل، أن جيش سوريا في عهد الحزب، كان غير مؤهل لخوض الحرب، فكيف يمكن لمعلمي المدارس، أن يديروا قتال المدفعية، وهو من أصعب أنواع القتال وأدقها، وأكثرها اعتماداً على الاختصاص والمران وإتقان الرياضيات، وخاصة جداول اللوغاريتم، ودقة حساب الزوايا والأبعاد؟.
              إن مثل هذا الخطأ الكبير، يعزز رأينا في أن الضباط والقادة (وأكثرهم بعثيون)، قد هربوا عند بداية الاشتباك الحقيقي، وبقيت الأسلحة والمدافع، بأيدي الجنود وضباط الصف، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا قادرين على قيادة قتال المدفعية وإجراء المناورة الناجحة بنيرانها، فلم يبق أمامهم إلا أن يفرغوا كل غضبهم، في الرمي حسب عناصر الرمي الموضوعة مسبقاً على المدافع، والتي افتقدت ضباط الرصد المدفعي، وضباط إدارة النيران، وهذان النوعان من الضباط هما القادران على تحويل النار حيث يجب أن تحول، وتوجيهها إلى القوات المعادية لتدميرها وإيقاف زحفها. وليس لدينا مثال قادر على إبراز هذه الناحية الخطرة، أوضح من مثال الضابط السوري الذي كان في برج المراقبة المشترك على الحدود اللبنانية السورية، والذي أتت على وصفه رواية الضابط اللبناني التي نشرتها مجلة الحوادث، وتعرضنا لشرحها وتوضيحها في الصفحات السابقة.
              (28) اسم غريب، لا نعرفه لأية هيئة طبيعية في أرض القطاع الشمالي، وأنا أعتقد أن هناك خطأ في التسمية، ولعل المقصود به هو "تل الأحمر" الواقع أمام بانياس وعلى طريق: بانياس- مرجعيون، وهذا يؤكد ما سبق أن ذكرناه من أن الملاغم لم تنسف، وإلا فإن هذه القوات،ما كان لها أن تسلك هذا الطريق لو أن الملاغم نسفت.
              (29) إن هذا يؤكد لنا اشتراك اللواء الإسرائيلي الأول "غولاني" مع كتيبة الأقليات، كرأس حربة في الهجوم على الجولان، نظراً لأن هاتين الوحدتين، هما الوحيدتان في جيش إسرائيل، اللتان يشكل الخونة من العرب المتطوعين في جيش العدو، الملاك الأكبر لهما، وخاصة في مستوى الجنود وضباط الصف... أما ضباط هاتين الوحدتين، فإن معظمهم من الإسرائيليين.
              (30) إذن.. فإن الذين قاموا واستبسلوا، هم السكان، أما الجيش...؟!
              (31) ليس لها طريق إلا طريق الحمة، وإن كان هذا قد حصل فعلاً، فذلك معناه أن هذه القوات لم تجرؤ على دخول الأرض السورية من هذا الاتجاه إلا بعد التأكد من خلو الجبهة من القوات، لأنه لو كانت قد بقيت فيها قوات تقاتل فإن أبسط وحدة مدافعة في هذه المنطقة، قادرة على إحداث مجزرة رهيبة في القوات الإسرائيلية دون أن تصاب بأي أذى، بسبب شدة انحدار ووعورة الأرض، ولأن القوات (حتى المشاة منها)، لا يمكن لها أن تتحرك في هذه المنطقة إلا على الطريق، والطريق وحده، يشكل عقبة رهيبة في وجه أية قوة تتحرك عليه، كما أن ذاك يعزز قولنا بأن الملاغم لم تنسف، وإلا فإنها لو نسفت لما استطاع أحد من جنود العدو متابعة التقدم في تلك المنطقة إلا بعد فترة طويلة جداً، وجهد جبارة يحتاجها العمل لإعادة إصلاح الطريق المنسوف.
              (32) لم تثبت صحة هذا الادعاء، وإن الذي ثبت هو أن طائرات الهيلوكوبتر قد ألحقت سدنة الدبابات بوحداتهم قبل دخولها القنيطرة.
              (33) المقصود بها هي: الدرباشية في قطاع واسط، وهي من أقوى مواقع دفاع الجبهة، ويدافع عنها الحرس الوطني.
              (34) جريدة النهار البيروتية، عدد خاص صدر باسم "النكسة" ميلاد 1967 ورأس السنة 1968.
              (35) الحادث هذا دبرته المخابرات السورية كجزء من مخططها التخريبي في المنطقة.
              (36) من الضباط النادرين غير البعثيين، الذين أبقاهم حزب البعث في الجيش، نظراً لأنه لا يشكل أي تهديد للسلطة البعثية، فهو معروف بأنه مسالم لدرجة غريبة.
              (37) تبين فيما بعد أنها لم تتحرك للجبهة وإنما رابطت حول دمشق ولم تشترك في القتال.
              (38) انظر البراعة في الخداع.
              (39) التوقيت الصيفي
              (40) التوقيت الصيفي كذلك.
              (41) أرجو شدة الانتباه إلى الكذب والتهويش في كل ما صدر من إذاعة حزب البعث، ومقارنته مع الوقائع التي شرحتها سابقاً ومع النتائج التي نعيشها اليوم.
              (42) لاحظ أن البيان لم يوضح من الذي أسر الطيار الإسرائيلي هل هي قوات سورية، أم السلطات اللبنانية، ولاحظ التناقض في نص البلاغ، إذ يقول بإسقاط الطائرتين في أرض لبنان ثم يعلن أسر الطيار وبتلك السرعة الحازمة.
              (43) من المعروف أن أكذوبة تدخل القوات الأمريكية والبريطانية في هذه الحرب قد انكشفت فيما بعد، واضطر مروجوها إلى سحبها والاعتذار.
              راجع كتاب: حربنا مع إسرائيل، وهو حديث صحفيين فرنسيين مع الملك حسين.
              (44) من أبرز ما يفضح هذه الأكذوبة، هو أنه منذ أعلن عن اشتراك طيران أمريكي وإنجليزي في هذه الحرب، وحتى اليوم، لم يعلن أحد من هذه الأنظمة عن سقوط طائرة واحدة غير إسرائيلية، في حين أن الطائرات الإسرائيلية كانت –حسب البلاغات الرسمية- تتساقط مثل فراخ القطا الظامئ.. مع أن الطيران الإسرائيلي يحتوي على أنواع مماثلة لما لدى الطيران الأمريكي والإنجليزي، ولكن يبدو أنه حين وضعت الشارات الإسرائيلية عليها أصبحت لديها جاذبية للقذائف العربية (الثورية)، فتسقطها بالسهولة الغريبة التي أبرزتها البلاغات!..
              (45) الحقيقة أنه لا يوجد مقابل تل العزيزيات أية جسور ذات أهمية قتالية أو ذات ضخامة تجعل تدميرها يشكل عائقاً لتحركات القوات. وإنما هي كلها عبارة عن عبارات صغيرة فوق قنوات الري الموزعة توزيعاً كبيراً في المنطقة لإمداد برك تربية الأسماك المنتشرة بكثرة في سهل الحولة.
              (46) أسوأ أنواع الكذب والتضليل والمزايدة على مصير الأمة، حيث في هذا الوقت بالذات كانت قوات الجبهة قد انفرط عقدها، وهرب القادة وبدأ الانسحاب الكيفي والهروب من مواقع الواجب المقدس. كل ذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها قيادة حزب البعث لضمان شل المقاومة وتسليم الجولان دون قتال.
              (47) مجلس الأمن.
              (48) التوقيت الصيفي وهو يعادل الساعة 3،20 بتوقيت بيروت.
              (49) هكذا وافقوا على وقف القتال بعد أن ضمنوا أنه لم يبق في الجبهة قوات تقاتل إلا القليل.
              (50) هكذا ورد النص في اليوميات الفلسطينية، ولكني أعتقد جازماً بأن في هذه التسمية خطاً واضحاً، هو أنه لا يوجد في كل مواجهة الجولان، موقع إسرائيلي اسمه أم جنزير، ولكن يوجد "تل أبو خنزير" في سهل الحولة شمال كفرسلط بحوالي 1،5كم وفي مواجهة موقع البحريات (خان البحريات).
              وكذلك أعتقد أن كلمة (البحر) التي وردت يقصد بها (البحريات) وهو أحد مخافر الحرس الوطني الهامة في القطاع الشمالي، وهكذا يكون نص البلاغ معقولاً ومطابقاً لحقيقة تحركات القوات الإسرائيلية لاختراق الدفاع السوري.
              (51) بعد الظهر، وبالتوقيت المحلي الصيفي الذي يعادل 3،30 حسب توقيت عمان.
              (52) يشير البيان هذا إلى المقاومات الضارية في تل فخار، والقلع، وتل شيبان.
              (53) يشير البيان إلى الهجوم المعاكس، الذي كان مقرراً أن يقوم به اللواء السبعون المدرع مع ثلاثة ألوية مشاة (انظر فصل الإعداد المسبق)، ولكن الحقيقة أن هذا البلاغ كاذب، وأن الهجوم لم ينفذ، وفي الوقت هذا، الذي يدعي فيه البلاغ تنفيذ ذلك الهجوم (التعزيز لقواتنا بالمدرعات والدبابات..) كانت الدبابات السورية تتحرك نحو دمشق (لحماية الثورة)..
              (54) انظر لهجة الكذب في البلاغ.. "تمكنت قواتنا من احتلال مواقع دفاعية في القطاع الشمالي". كأن هذا القطاع والجولان كله لم يكن مزروعاً بالمواقع الدفاعية والقوات المدافعة.. وكأن القوات قواتنا.. كانت في هجوم ناجح ثم توقفت تحت ضغط العدو لأخذ مواقع دفاعية؟!
              (55) نطالب اليوم الأتاسي الذي لا زال رئيساً للدولة، بتحويل الدنيا إلى جحيم، في وجه الغزاة.. وبنسف هذا الهدوء المريب المخيم على الحدود "الجديدة" بين سوريا والقوات الإسرائيلية.
              (56) ألم تر هذا الانتصار الذي حققه حزب البعث، الفريد من نوعه في تاريخ هذه الأمة؟!
              (57) لاحظ التناقض، ففي الساعة 9،30 أعلن البلاغ: استولت القوات الإسرائيلية على مدينة القنيطرة. وفي الساعة 12،5 أي بعد ساعة ونصف، يعلن بلاغ آخر: أن قواتنا ما زالت حتى الآن تقاتل داخل المدينة وعلى مشارفها..!
              (58) إن هذا الوصف الإسرائيلي للمعركة كاذب، وجاهل وخيالي لأنه ما من مكان في الجبهة تستطيع فيه المدرعات الإسرائيلية مفاجأة القوات المدافعة من الخلف. (انظر الخرائط بهذا الكتاب وخاصة الخريطتين رقم 3و4).
              (59) حتى العدو يعترف أنه لم تكن لغارات طيرانه على قوات الجبهة جدوى كبيرة، فأنّى لهذه القوات من عذر في ترك مواقعها بحجة كثافة القصف الجوي؟!
              (60) يقصد بذلك وحدات "الحرس الوطني" المكلفة بالدفاع في منطقة الحيطة، انظر فصل "الإعداد المسبق".
              (61) تبعد بلدة سعسع عن دمشق مسافة 36 كم على طريق دمشق – قنيطرة، وتبعد عن القنيطرة 30 كم فقط.
              (62) قارن بين هذا الكلام، وبين تصريح اللواء حافظ أسد نفسه (وزير الدفاع) قبل الحرب، المنشور في هذا الكتاب. والذي أدلى به إلى جريدة الثورة السورية لتدرك نتائج التهويش والدجل.
              (63) وما دامت قطعاتنا قد أحبطت محاولة العدو لتطويقها ولم تمكنه من تنفيذ خطته، فلماذا تراجعت عن خط الدفاع الأول، وكيف وصل العدو إلى القنيطرة، ولماذا تراجعت "قطعاتنا" الواعية الباسلة إلى خط الدفاع الثاني، الذي يبعد عن القنيطرة 40-50 كيلومتراً، أي الذي يقع على مشارف دمشق؟؟ مطلوب جواب واضح من وزير الدفاع.
              (64) حتى هنا، الكذب والمزايدات، كان الله بعون هذه الأمة على الدجالين!.
              (65) ألا يخجلون من أنفسهم؟!.. أبعد كل ما حصل، يعدون أنهم انتصروا على إسرائيل؟!.. انظر فصل "نقاش الإثبات".
              (66) إن هذا يؤكد رواية الضابط اللبناني، ويؤكد ما ذكره من دخول القوات الرئيسية للعدو من هضبة المغاوير بعد تمهيد طريق فيها بواسطة الطيران والمدفعية والجرارات ويؤكد لنا كذلك أن الملاغم الموجودة على الطرق لم تنسف لأنها لو نسفت فستوقف القوات الغازية رغم دخولها الأرض السورية من مكان غير متوقع، لأن هذه القوات بعد اختراقها الحدود، عادت وأخذت الطريق الرئيسية (بانياس –مسعدة) لتتابع زحفها نحو مسعدة، ولو نسفت الملاغم على هذا الطريق، لوقعت الآليات المعادية في واد سحيق، هو "وادي العذارى" الذي يمتد من مسعدة إلى بانياس موازياً الطريق المذكورة.

              تعليق

              • لبيك إسلامنا
                3- عضو نشيط

                • 5 ماي, 2010
                • 330
                • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
                • مسلم

                #22
                67) من المؤكد أن الوزير يكذب.. وأن أوامر الانسحاب لم تصدر بشكل شريف ونبيل وبمظهرها العسكري القتالي المحترم وإنما هي دعوة إلى الفرار أطلقها أول من أطلقها الضباط البعثيون وتبعهم بذلك الاحتياطيون فباقي وحدات الجيش. وأن الذين يعرفون الجولان، ووضع القوات فيه، وخطة قتاله، يرفضون ما يدعيه حزب البعث وأجهزة إسرائيل من وجود إمكانية حدوث تطويق على نطاق واسع للقوات السورية في الجولان إلا إذا استطاعت القوات العدوة احتلال دمشق عبوراً من أراضي دولة مجاورة كالأردن أو لبنان، وهذا لم يحدث، ولكنها.. كلها ادعاءات كاذبة لتبرير الجريمة، وتغطية التخاذل المذل المهين وإن ما يؤكد قولنا بأن القوات لم تصمد، ولم تقاتل، بل فرت وتركت الأرض للعدو ينهبها، هو هذا العدد السخيف من الخسائر بالرجال، لأن وضع الجبهة لن يتيح لعدو احتلالها إلا أن يتمكن من إبادة وتدمير القسم الأعظم من القوات المدافعة فيها، وهذا ما لم يحدث، باعتراف المسؤولين البعثيين والمسؤولين الإسرائيليين على السواء!..
                (68) المساعد: هي رتبة من الرتب العليا في صنف ضباط الصف. وتعادل في الجيوش العربية الأخرى رتبة الوكيل.
                (69) وظيفة رئيس عمليات كتيبة أو رئيس قسم عمليات اللواء، يشغلها – حسب الملاك- ضابط برتبة عقيد. فإذا علمنا أن الضابط لا يصل إلى رتبة عقيد إلا بعد قضائه في الخدمة –على الأقل – عشرين عاماً، يخضع خلالها لسلسلة من الدورات والاختبارات تكاد لا تنتهي، ويحضر الآلاف من التمارين والمناورات "بجنود وبغير جنود"، ويخوض العدد المتيسر من المعارك – إن وجدت -..إلخ. ندرك أهمية هذه الوظيفة وخطورتها، والمستوى المسلكي الراقي المطلوب توفره في من يكلف القيام بها، وإذا علمنا أيضاً، أن الاحتياطيين الذين كلفوا القيام بواجبات هذه الوظائف، لم يقضوا في الخدمة العسكرية أكثر من ثلاث سنوات –متقطعة- على أبعد تقدير، ولم يحضروا من الدورات أكثر من دورة قائد فصيلة، أو دورة قائد سرية – في قليل جداً من الحالات-.
                إذا علمنا ذا وذاك.. ندرك أهمية الجريمة وخطورتها في تعيين أمثال هؤلاء الاحتياطيين لمثل هذه الوظائف، وخاصة، في فترة تكليف وحداتهم بواجبات قتالية خطيرة – هجوم على صفد، أو دفاع عن الجولان- في الوقت الذي ترك فيه الضباط المتخصصون- والذين أنفق الجيش على تدريبهم مئات الملايين من الليرات، اقتطعت من قوت الشعب.. ليعدهم لمثل هذه الساعة-هائمين على وجوههم في الشوارع، أو محاصرين في بيوتهم يتلقون أنباء الفاجعة بواسطة أجهزة "الترانزيستور". أو مشردين في أربع أركان الأرض، يبحثون عن لقمة العيش، يأكلونها بشرف وعزة نفس.. لا لشيء.. سوى أنهم غير بعثيين.. وسوى أنهم، لو تركوا على رأس وحداتهم، يقاتلون العدو الغازي.. لأشبعوه جراحاً وهزيمة.. تضيع عليه نشوة احتلال سيناء وضفة الأردن الغربية.
                (70) من الجمل السخيفة التي تتردد كل يوم كثيراً من المرات على ألسنة وأقلام أجهزة الإعلام البعثية.. خلال حديثهم عن "المؤامرات" التي تحكيها "الإمبريالية والرجعية وإسرائيل..".
                (71) مدفعية الهاوتزر: نوع من المدفعية، قصير السبطانة... قصير المدى نسبياً-، يرمي نوعاً من الرمي هو أقرب إلى المنحني.. وهو يكون عادة من عيارات مختلفة.. والموجود منه تحت تصرف قيادة الجبهة من عيار 122مم، ومداه الأقصى حوالي (11) كيلو متراً..
                (72) التسميات التي أوردتها، هي منذ عام 1960، وقد غيرتها القيادة عقب مؤامرة 8 آذار، ولكن الوحدات ظلت على حالها.
                (73) وهو مزود بدبابات (ت54) الروسية - التشيكوسلوفاكية... وهي من أجود الدبابات وأحدثها، وأقواها وتتفوق بكثير من المميزات على الدبابات الإسرائيلية (سنتوريون، وباتون) الإنكليزية والأمريكية الصنع.
                (74) ملاك هذا المنصب مقدم أو عقيد، ويجب أن يكون متبعاً –على الأقل- لسلسلة من الدورات التأهيلية، تشمل فيما تشمله دورات (الصاعقة، الطوبوغرافيا، قراءة الصورة الجوية، قائد كتيبة استطلاع أو مشاة، رئيس قسم استطلاع على مستوى جيش، وهذه لا يمكن له أن يتبعها إلا بعد اتباعه سلسلة من الدورات لوظيفة رئيس قسم استطلاع على مستوى لواء، فمجموعة ألوية.. ثم الجيش، ودورة لغة عبرية..إلخ).
                (75) ستون دبابة (حسب تشكيلات العدو القتالية) هي جمهرة مدرعة قوامها ما يقارب كتيبة ونصف الكتيبة.
                (76) تحسب الكثافة على أساس تقسيم عدد القوات على عدد الكيلومترات التي هي جبهة قتال الوحدة. فمثلاً.. يقال في تقرير رئيس قسم استطلاع لواء المشاة في الدفاع، والذي تبلغ جبهة دفاعه اعتيادياً حتى 3 كم، يقال إن كثافة قوات العدو هي على الشكل التالي: (كذا) سرية مشاة لكل1 كم. (كذا) دبابة (كذا) مدفع.. (كذا) مدفع م/د..إلخ) وعلى أساس هذه الحسابات يقوم القائد بتقدير موقفه واتخاذ قراره للقتال، وإجراء التعديلات حتى يحقق في مواجهة مهمته القتالية، كثافة مناسبة تمكنه من قيادة قتال ناجح.
                (77) بعد أن استعاد حزب البعث سيطرته على الأوضاع في سوريا، عقب الحرب.. وفي أحد الاجتماعات الحزبية التي عقدت في دمشق، سئل (اللواء) أحمد سويداني عن معلوماته حول ملابسات إذاعة بلاغ سقوط القنيطرة، فكان جوابه:" أنا كمسؤول، لم أستشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة... وكمواطن سمعته من الإذاعة كغيري".
                (78) وهنا تبرز إحدى نقاط الضعف في نظام التصنيف السابق. ولقد سبق لي أن أصدرت أوامر إلى وحدات القطاع الأوسط غايتها تعديل ذلك النظام والتخفيف من عبء الوثائق المتراكمة تحسباً لساعة كهذه الساعة. وسيرد شرح مفصل لهذا الموضوع في كتابنا القادم إن شاء الله.
                (79) إحدى التسميات التي أطلقها حزب البعث على التنظيمات المدنية المسلحة التابعة للحزب.
                (80 و81) بعد (الاستعذار) من صناع تلك الصيغ الكلامية، من فلاسفة "الثوريين".
                (82) هكذا أسموهم.. وهم والله قد أصبحوا لاجئين منكوبين.
                (83) لست أدري إن كان ذاك متعمداً منذ ما قبل الحرب بمدة كافية لتعطل الأجهزة، أو بسبب انشغال الجيش كله في أمور السياسة والحكم، وإهماله لواجباته خلال حياته اليومية. وسواء أكان ذا أم ذاك.. فإن الجريمة وقعت.. وفي ظل، وتحت رعاية.. بل وبتنفيذ دقيق قام به حزب البعث.
                ويذكرنا هذا بموقف مشابه لأجهزة الإشارة، كان لها قبيل معركة تل النيرب عام 1962، وسنشرح ذلك مفصلاً في كتاب قادم إن شاء الله.
                (84) الإخلاء: تعبير يدل على مجموعة من الأعمال تقوم بها عناصر أو وحدات خاصة، تهدف في مجموعها إلى سحب جميع أنواع الإصابات في الأفراد والعتاد والسلاح والآليات، وذلك لدفن الموتى، ومعالجة الجرحى أو لإصلاح السلاح والعتاد والآليات، أو رفع الحطام من طريق القوات حتى لا يضعف من قدراتها الحركية، ولا يسبب انهياراً في معنوياتها.
                (85) المصور المذكور كان معروفاً في القنيطرة باسم (المصور مزيد)، وهو من أبناء قرية مجدل شمس، ومحله معروف باسم (استوديو العروبة).
                (86) من أحدث الدبابات التي وصلت إلى الجيش، ومن مميزاتها قادرة على خوض مساحات واسعة من المياه (مستنقعات، بحيرات، أنهار عريضة).
                (87) من أسوأ النماذج التي قدمها حزب البعث لهذه الأمة المنكوبة، ومن أكثر الحزبيين تحيزاً وتعصباً وكرهاً لغير البعثيين، وهو أكبر المجرمين المسؤولين عن مجازر حماة في عام 1964، التي تم خلالها قصف المسجد الأكبر في المدينة بنيران الدبابات والطيران، وضرب بيوت الآمنين بالرشاشات ومدافع الدبابات.
                (88) النسق: إحدى التشكيلات التي تأخذها القوات في حالة الهجوم أو الدفاع، وعند التعرض للاشتباك، وتكون بنشر القوات عرضانياً على خط الجبهة.
                (89) المذخر: هو أحد سدنة السلاح الإجماعي، وواجبه تأمين نقل الذخيرة وتجهيزها في الأشرطة أو المخازن، وتقديمها إلى السلاح جاهزة للرمي.
                (90) خط الفتح، هو الخط الوهمي على الأرض، الذي تقوم القوات عليه بأخذ تشكيلات القتال، انتقالاً من تشكيلات المسير.
                هوامش فصل ثالث قسم ثاني
                (91) الصيغ الكلامية هذه وأمثالها هي من الصيغ التي استعملتها أجهزة الإعلام البعثية خلال فترة التهديد بالحرب.. منذ 27/5/1967.
                (92) انظر كتاب الوحدة العسكرية العربية الطبعة الثانية ص139.
                (93) عقب معركة تل النيرب التي جرت بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية في ليلة 16 -17/3 عام 1962، رفعت تقريراً مفصلاً إلى القيادة العامة، شعبة المخابرات، أوضحت فيه نتائج المعركة، والخسائر التي مني العدو بها، ثم ذيلت التقرير باقتراح مؤداه أن نجر العدو إلى مجزرة أخرى ننفذها فيه إلى أرضنا، وفي منطقة البطيحة بالذات، وذلك بافتعال سلسلة من التحرشات الصغيرة، تجعل العدو يقدم على عمل انتقامي كبير ضد قواتنا، يهدف فيه إلى إزالة عار تل النيرب الذي لحق بقواته، ورفع معنويات سكانه وخاصة في المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة.
                ويتابع الاقتراح قوله أن من واجب القوات السورية أن تكون مستعدة لذلك الهجوم الذي سنجره إليه، واقترحت لذلك إخفاء وحدات من الدبابات والقوات الراكبة في وديان منطقة البطيحة، استعداداً لساعة دخول قوات العدو في الهجوم –الذي سنجره إليه في تلك المنطقة-، ومتى حدث ذاك، تقوم القوات السورية بتطويق تلك القوات والفتك بها، بعد أن تعزلها نيران المدفعية عن خطوط انسحابها أو نجدتها، وبذلك تكون مجزرة للعدو جديدة، نحطم فيها معنوياته، ونكلفه ضحايا كبيرة جداً، ونظهره أمام العالم بأنه هو المعتدي –لأن الهجوم يجب أن يتم على أرضنا-، وبذلك نكسب ضده معركة دعائية جديدة، تشوه سمعته، وتكسبنا احترام الأشقاء العرب، وباقي شعوب العالم.
                ذهب هذا الاقتراح، وغاب أسبوعاً واحداً، ثم أعيد إلي، مع كتاب وقعه رئيس شعبة المخابرات –آنذاك- العقيد لوح محمد منصور، وفيه يقول:
                "يطلب إليكم الكف عن مثل هذه الاقتراحات، ونحيطكم علماً أن سياسة الدولة لا تتيح القيام بمثل هذه الأعمال".
                هذا، وسنطلع القارئ على تفاصيل من هذا النوع، وأكثر خطورة.. في كتاب قادم إن شاء الله.
                (94) ولكنها صمدت رغم كل ذلك، وظهرت فيها بطولات حيرت الأعداء.
                (95) سيرد شرح مفصل وممتع لهذا الأمر في كتاب قادم إن شاء الله.
                (96) على غرار تسليم مفاتيح غرناطة إلى الإسبان على يد آخر ملوك بني الأحمر، أبي عبد الله الصغير. والطريف في الأمر، إن علمية تسليم المفاتيح لم تنقرض، بل تحولت إلى تقليد احتفالي يطبق في احتفالات الاستقبال أو التكريم.. وذلك بتقديم مفاتيح المدنية، أو الولاية، أو المقاطعة.. أو.. أو.. إلخ. (وهي مصنوعة عادة من الخشب أو الحديد أو حتى الذهب) إلى الشخص المحتفى به، وذلك رمزاً للتكريم والحفاوة.
                ومن أطرف ما ترينا إياه هذه الأيام، أن مفتاح مدينة واحدة، أو مقاطعة أو.. إلخ، قد يعطى لأكثر من شخص واحد، في أكثر من مناسبة تكريم.
                وآخر مظهر عشناه من هذه المظاهر، هو تقديم مفاتيح مدينة القدس، في الفترة الأخيرة، إلى السيدة "فيروز" المغنية المشهورة، وذلك عرفاناً من "لجنة القدس" بالجميل، وتقديراً لهذه المغنية، التي "خدمت" قضية القدس بأغانيها أكثر مما "خدمها" كثيرون من السفراء والوزراء والمسؤولين العرب..؟!
                (97) كان ذلك في عام 1964، وفي مؤتمر صحفي عقد لإيضاح كثير من قضايا الدولة والأمة، وقد استشهد الحافظ المذكور – للدفاع عن الضباط الحزبيين الذين لاكت الألسنة سمعتهم - بالعديد من الأبيات الشعرية، مثل البيت:
                كتب القتل والقتال علينا وعلى الغايات جر الذيول.
                أو ليس هذا الذي نراه، تطبيقاً حرفياً لما أورده حكماء صهيون في (بروتوكولاتهم)، من: "تحكيم السفلة، في الشعوب الأممية" ليتسنى لأبناء صهيون "القفز على ظهور الحمير، لإنهاء سلطة الدول الأممية"؟؟
                (98) ومما يلفت النظر هنا، ويؤكد أن جواسيس العدو وعملاءه منتشرون في كل مكان، وعلى أعلى المستويات، هو أن شكراء كوهين أمثال صلاح الضلي، وسليم حاطوم، وأمين الحافظ حين سقطوا، لم يسقطوا بسبب صلتهم به، وإنما سقطوا بسبب تكتل أو انتماء سياسي معين، ضمن أحد أجنحة حزب البعث.. ورغم أن معظم هؤلاء الشركاء قد وقعوا – بعد سقوطهم- في يد السلطة الجديدة - عقب حركة 23 شباط - فإنهم لم يحاكموا، ولم يعد فتح ملف قضية كوهين، التي لفلفها عهد أمين الحافظ، فلو كان في المسؤولين الجدد، أقل مستوى من الإخلاص والنزاهة، أفلم يكن من أول القضايا التي يبادر إلى معالجتها بدقة وحذر وسرية، هي قضية الجاسوس الأول الذي رشح لعضوية القيادة القومية لحزب البعث، كما رشح أكثر من مرة ليصبح وزيراً في حكومة ذاك الحزب، ولم يمنعه من ممارسة الوزارة إلا رفض رؤسائه (في إسرائيل) حرصاً على بقائه صديقاً للجميع؟
                (99) ونريد أن نسأل الجندي ذاك.. "ومن أين لك أن تعلم لوحدك أن إسرائيل تنوي احتلال الجولان؟"
                كيف عرف الجندي بهذه النية المسبقة لإسرائيل قبل أن تحققها بعامين ونصف على الأقل، وفي وقت لم يكن يخطر ببال أكثر الناس إغراقاً في التشاؤم، أن الذي حصل سوف يحصل فعلاً؟
                والأغرب من هذا أن الجندي إياه. تكلم عن نوايا إسرائيل في احتلال الجولان قبل أعوام من وقوع الاحتلال، تكلم بهذا ليس بلهجة التنبؤ والتنجيم، بل بلهجة الجد "المحذرة المنبهة" وفي جلسات رسمية تعقدها حكومته للنظر في تصريف أمور البلاد.. فمن أين للجندي هذا، أن يتكلم بهذا التأكيد المسبق قبل أعوام من وقوع الفاجعة؟!
                ثم.. ألم يكن في حكومته من يسأله عن مصدر معلوماته ليتأكد من صحتها وأهميتها. أم أن حكومته كلها كانت في مستواه من الاطلاع والعلم "المسبقين"؟!
                (100) ومما يزيد في غرابة الأمر وخطورته أن الجندي هذا، يعترف، أنه كان يعارض في حرب مع إسرائب، رغم تأكيده لحكومته أنها ستحتل الجولان.
                عجباً والله.. ماذا كان يريد الجندي من سوريا أن تفعل إزاء نوايا العدو باحتلال الجولان، وعجزها عن الحرب للذود عنه؟ هل كان يريد أن تدخل إسرائيل الجولان، وذر الرماد في العيون ما دام لا مفر من احتلالها له، وعجزنا عن حربها؟.
                نريد المزيد يا دكتور.. وأنت الذي تصرح في كتابك أنك ممن يعرفون الكثير.. ولكنك لم تتكلم حتى الآن بما يبرئك، بل وقعت في الفخ الذي نصبته للشركاء.. فنحن نطالب – نيابة عن الأمة كلها – بالمزيد من هذا الذي تعرف، ففي المزيد الذي توضع سيكون توضيح أكثر لجوانب المؤامرة وأبعادها.. وكشف أهم عن الشركاء المستترين.. ويكون تأكيد جديد على ولوغ في الجريمة.. أو البراءة.. من يدري؟
                (101) وبلهجة التنبؤ ذاتها ولكنها – في هذه المؤامرة- مشاعة على الأمة العربية كلها.. وليست محصورة في كواليس السياسة.. يتنبأ سامي الجندي.. عن احتلال إسرائيل لأرض أخرى عام 1970.
                .. وما دامت نبوءات يا "متنبئ النكبات".. لا تخيب.. فلم لا تدلنا على الأرض الأخرى التي ستحتلها إسرائيل في عام 1970؟.. فنحصنها ونركز عليها الدفاع لنمنع نكبة رابعة؟..
                إني لأظن أن هذا غير مباح التفوه به.. بل مطلوب منكم إيقاع الرعب والهلع في قلوب العرب قبل وقوع الأحداث بوقت مناسب.. وها أنت تتكلم عن الاحتلال القادم بلهجة المقرر الجازم الذي لا جدال حول ما يقول.. لتعطي لأقوالك في ضمير العربي، صورة القدر الذي لا مرد له.. فيستسلم العرب.. وييأسوا.. وينتظروا مصيرهم بذل وخنوع، حتى يحين موعد الاحتلال القادم في عام 1970؟
                ثم.. أولست أنت نفسك الذي مهدت في كتاب سبق، وبعد النكبة مباشرة.. ".. بعد كل انتصار إسرائيلي يزداد عدد النازحين، وسيكونون ملايين بعد سنوات؟" (كتاب عرب ويهود ص25) ثم جئت الآن تحدد موعد "ازدياد عدد النازحين.. وتجعله في سنة 1970؟" ثم.. أنت لم تكتف بالإعلان، بل تقرر، في الصفحة نفسها: "الأمر الواقع يتطلب منا أن نقبل ما حدث، وما يمكن أن يحدث، أو أن نظل نواجه الذبح والتقتيل..؟" أرجو ملاحظة هذه!! :ما يمكن أن يحدث" وما بعدها) ثم.. تعلن يا جندي رغم كل ذلك.. "أني أرفض مع ذلك، ورغم كل ما حدث، أن أغمس ريشتي في محبرة الحقد!".
                لا.. وبالطبع ألف مرة لا يا جندي ويا أمثاله.. أنتم ترفضون "الحقد" على اليهود الغاصبين الدخلاء.. وتمارسون أبشع أنواع هذا الحقد على أبناء أمتكم.. العرب أمثالكم.. أبناء وطنكم ورفاق صباكم.. زملائكم في الدراسة والجامعات والعمل.. بل وحتى زملائكم في النضال الثوري السياسي!..
                .. ضد كل هؤلاء المقربين الأقرباء.. يمارسون الحقد والإرهاب والتقتيل والتشريد ودوس الحرمات والمقدسات، ثم يرفضون أن "يغمسوا ريشتهم في محبرة الحقد؟؟" حين يعالجون قضية المصير الأولى لهذه الأمة.. قضية الصراع بيننا ولبين اليهود الغزاة الدخلاء..!
                .. هل يمكن أن ترزأ أمة ما.. بأسوأ من هذا الذي نسمع ونرى كل يوم..!!
                ألا، خاب العرب.. إن لم يخيبوا ظن الذين أوحوا بهذه التنبؤات..!
                (102) قبل حصول الخرق يوم الجمعة 9 حزيران، وحيث كانت كل من مصر والأردن قد طلبنا وقف إطلاق النار.
                (103) النصوص هذه منقولة من كتاب "كسرة خبز" للدكتور سامي الجندي، الطبعة الثانية، صادر عن دار النهار للنشر، الصفحات 15،16،17.
                (104) لم تتح لي معرفة اسمه.. ولو عرفته لذكرته، لأن ذلك ليس سراً، فالضابط المقصود، هو الآن موقوف في سجن المزة العسكري في دمشق، فلقد سرح عقب الحرب، ثم أوقف لأنه بدأ يذيع بين الأوساط العسكرية المسرحة.. معلوماته عن هذا السر..!
                (105) النص هذا كله، منقول عن كتاب (المؤامرة ومعركة المصير) لسعد جمعة، أحد رؤساء الوزارة الأردنية السابقين، ص109-11، الطبعة الثالثة.
                (106) عادوا يحمدون الله ويذكرونه بخير، وهم الذين طالبوا قبل هذا بأربعين يوماً، بأن يوضع مع الأديان وأمور وأخرى، في متاحف التاريخ، انظر الصفحة(23).
                (107) من كتاب "حربنا مع إسرائيل". أحاديث للملك الحسين ملك الأردن مع اثنين من الصحافيين. ص(51-52) نشر دار النهار ببيروت.
                (108) حقاً أن لديهم زيادة كبيرة في عدد الطائرات، وهي مخزنة في العنابر، لأن جميع الإطارات الأصلية والرافدة لحزب البعث لم تستطع أن تقدم له خلال ربع قرن أكثر من عشرة طيارين نصفهم على الأقل موقوف عن الطيران لأسباب صحية، أو لأسباب عدم كفاءة كالفريق حافظ الأسد. بينما كان ولا زال معظم طياري سوريا مسرحين مشردين، ولذلك فإن الطائرات ستزيد حتماً عن حاجة حزب البعث إلى الطيارين!!!
                (109) جريدة الثورة، العدد الصادر بتاريخ 20 أيار 1967.
                (110) مجلة تايم، عدد 23 حزيران 1967، (عن كتاب المسلمون والحرب الرابعة) ص165.
                (111) وأخيراً لبنان..
                (112) كما وصفهم الرئيس جمال عبد الناصر في أحد خطاباته بعد حرب حزيران.

                تعليق

                • لبيك إسلامنا
                  3- عضو نشيط

                  • 5 ماي, 2010
                  • 330
                  • متخرجة من الجامعة و جالسة بالبيت عملا ب وقرن في بيوتكن
                  • مسلم

                  #23
                  الطبيب الشخصي للسادات يتحدث عن صفقة بيع الجولان لإسرائيل

                  بعد سنوات أكمل الجملة الناقصة التي رفض البوح بها

                  في كتابه الذائع الصيت الذي صدر قبل سنوات "عرفت السادات" ترك د.محمود جامع الطبيب الشخصي للرئيس المصري الراحل أنور السادات والصديق المقرب منه جدا، جملة ناقصة لم يكملها ولم يكشف عنها إلا قبل أيام قليلة.

                  في جملته الناقصة قال "السادات أفشى لي بسر خطير يتعلق بالجولان" ثم سكت بعد ذلك ورفض تكملة هذه الجملة إطلاقا رغم محاولات بعض الصحفيين". أخيرا تخلى عن ذلك الرفض وباح بالسر لصحيفة الوفد المصرية، حين قال إن الجولان بيعت بملايين الدولارات لاسرائيل في صفقة بينها وبين النظام السوري في ذلك الوقت.

                  العربية.نت اتصلت بالدكتور محمود جامع الذي يقيم حاليا في مدينة طنطا (حوالي 90 كم شمال القاهرة) لتسأله عن حقيقة هذه القصة التي دارت عام 1969 – حسب تصريحاته الصحفية أثناء مرافقته لوفد ترأسه السادات زار دمشق بتكليف من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

                  قال الدكتور محمود جامع لـ(العربية.نت): ما قلته كلام مؤكد وصريح. "لقد وضع السادات يده على كتفي وحكى لي عن تلك الصفقة التي أخبره بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وتخلى بموجبها الجيش السوري عن هضبة الجولان في حرب الأيام الستة في يونيه حزيران "1967.

                  لماذا لم يسربه السادات للاعلام؟

                  ويستغرب د. جامع من عدم تسريب القيادة المصرية في عهد السادات لهذا السر الخطير رغم العواصف التي تعرضت لها العلاقات المصرية آنذاك والحرب الاعلامية العنيفة بين الدولتين التي وصلت حدا لم تبلغه من قبل.
                  ثم واصل قائلا "لقد سمعت هذه القصة من السادات عام 1969 وهو يكاد يبكي لأنه كان يرى أن سقوط الجولان في أيدي القوات الاسرائيلية لم يكن بالأمر السهل، لولا تعليمات صدرت الى الجيش السوري بالانسحاب فورا حتى لا تتم محاصرتهم من الاسرائيليين، والغريب أن هذه التعليمات بثتها أيضا الاذاعة السورية، وحسب كلام السادات لي فان الجيش انسحب بسرعة بناء على ذلك دون أن يطلق رصاصة واحدة بعد أن تم ابرام الصفقة بواسطة رفعت الأسد شقيق الرئيس السوري السابق حافظ الأسد الذي كان وزيرا للدفاع، وقبض الثمن الذي وضع في حساب في سويسرا. وكان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت هو د. نور الدين الاتاسي الذي انقلب عليه فيما بعد حافظ الأسد".

                  سألته: ما هو الدور الذي قام به بالضبط رفعت الأسد فقال د.جامع "هو الذي قام بالاتصال بالموساد بالاتفاق مع شقيقه، وبعد ذلك أبرم صفقة التخلي عن الجولان".
                  وأضاف: "أخبرني السادات بهذا السر ونحن في سوريا ضمن وفد كلفه جمال عبدالناصر باستطلاع الموقف هناك حيث كان البعثيون يعيشون حالة انشقاق وكان ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث موجود في العراق وقتها".

                  السادات خشي اسقاط طائرته

                  ويضيف: السادات خشي من ان تسقط اسرائيل الطائرة الحربية التي حملتنا إلى دمشق بناء على وشاية من البعثيين في سوريا، ولذا فقد أمر الطيار بأن يأخذ مسارا غير معتاد، وكانت الطائرة من نوع "أنتينوف" حيث أقلعت من القاهرة وأخذت مسارها الى اسوان ثم دخلت الأجواء السعودية حتى وصلت لتبوك ومنها إلى العاصمة الأردنية عمان ثم أخيرا حطت في دمشق بعد طيران مستمر لمدة تقترب من 8 ساعات، وكنت على متنها مع السادات وياسر عرفات وحسن صبري الخولي وهو من كبار المسؤولين المصريين في ذلك الوقت".

                  وأضاف جامع: قضينا في سورية ثلاثة أيام، وكان السادات حريصا على أن يبلغهم بموعد عودته إلى القاهرة قبل اقلاعها بوقت قصير، ولما سألته عن السبب، أجاب: حتى لا يكون عندهم وقت لابلاغ الاسرائيليين فيسقطون الطائرة".

                  سألت جامع: إذا كان السادات يشك في النظام السوري إلى هذا الحد، ويرى أن حافظ الأسد باع الجولان، فلماذا نسق معه في حرب 1973 ولماذا لم يخش أن يفشوا موعد ساعة الصفر التي كانوا يعرفونها بلا شك؟
                  جدل لم يحسم حول الثغرة

                  أجاب: هذه بالطبع أسرارعسكرية لا أعرفها، لكن المعروف أن هناك من أبلغ رئيسة الحكومة الاسرائيلية وقتها جولدا مائير بموعد الحرب، إلا أنها وأركان حكومتها وجيشها وفي مقدمتهم وزير الدفاع موشيه ديان سخروا من ذلك ولم يصدقوه.
                  ومن وجهة نظره يرى أن المعادلة في حرب 1973 كانت مختلفة عنها في 1967 فقد كان الأسد رئيسا وكان شريكا للسادات في قرار الحرب، وكان الاتحاد السوفياتي هو القوة العظمى التي تدعمهما بالسلاح والعتاد وبالتالي لم يكن من السهل استراتيجيا أن تقبل هذه القوة هزيمة أخرى لسلاحها في مواجهة السلاح الأمريكي الذي تحارب به اسرائيل.

                  طرحت عليه السؤال بطريقة أخرى: كيف يدخل الأسد في هذه الحرب لتحرير الجولان التي تقول إنه تخلى عنها بموجب صفقة مع اسرائيل؟.. قال جامع: أنا حكيت تفاصيل ما سمعته من السادات شخصيا وقد سمعه هو بدوره من جمال عبدالناصر، بمعنى أنني مسئول عن مضمون هذه القصة التي كشفتها ، بالطبع لا أعرف ماذا دار قبل حرب 1973، لكل وقت آذان. لكن المعروف أن الجبهة المصرية في أثناء الحرب حصل فيها اختلال شديد تسبب في حدوث الثغرة وقد دار حول هذا الأمر جدل كثير.



                  دمشق قررت اعتقاله ثم تراجعت

                  وكشف محمود جامع أن السادات خشي أيضا من ان يصدر حافظ الأسد أوامر باعتقاله عندما زار دمشق لاطلاعهم على مبادرته بشأن زيارة اسرائيل. وقال إن السادات أخبره فيما بعد أن قرارا صدر في دمشق باعتقاله، ولكن حصل اختلاف في القيادة السورية بين البعثيين حول ذلك وردود الفعل المتوقعة عليه، فتم الغاء القرار.

                  واوضح "أن السادات حتى موته لم يكن يثق في حزب البعث الحاكم في سوريا "لم يكن يحبهم أبدا وكان يرى أن الاسرائيليين أكثر اخلاصا منهم".
                  أشهد الله على هذا السر

                  كان د.محمود جامع قد قال في حواره مع جريدة (الوفد) الذي أجراه الزميل أمير سالم ونشره على حلقتين: يشهد الله أنني أذيع هذا السر لأول مرة، كنت في صحبة السادات خلال زيارته لسوريا بتكليف من عبد الناصر في 1969 بهدف إجراء مباحثات مع الحكومة السورية برئاسة نورالدين الاتاسي واصطحبني السادات إلي هضبة الجولان ووقفنا علي حافة مرتفع كبير بالهضبة ونظر إلي بحزن كبير وقال: "يا محمود سأذيع لك سرا قاله لي عبدالناصر.. الجولان راحت ضحية صفقة تمت بين النظام السوري وإسرائيل في يونيو1967 . الجولان اتباعت بملايين الدولارات التي دخلت حساب رفعت الأسد الذي كان وسيطاً بين إسرائيل وشقيقه حافظ الأسد واقتسم رفعت قيمة الصفقة التي أودعت في حساب خاص ببنوك سويسرا، وقد صدرت أوامر بالانسحاب للقوات السورية ولم يطلق رصاصة واحدة وتم إرهاب الجنود المرابطين بالهضبة بأنهم سيتعرضون للحصار والإبادة من الجيش الإسرائيلي.

                  وأضاف جامع: "وقتها نظر إلي السادات وقال متسائلاً: يا محمود إن إسرائيل مهما بلغت قوتها لا تستطيع السيطرة علي متر واحد في الجولان لو دخلت حرباً حقيقية، وقال: يا محمود البعثيون خونة، واليهود أكثر وفاء منهم، وأنا متخوف منهم قد يخبرون إسرائيل بموعد إقلاع الطائرة التي ستعود بنا إلي القاهرة، مثلما أخبروها بخط سير طائرة عبدالحكيم عامر التي تم تفجيرها في الجو بصاروخ إسرائيلي بعد "وشاية" سورية وتدخلت الأقدار لإنقاذ عبدالحكيم الذي لم يكن موجودا بالطائرة، وكانت الطائرة التي توجهت بنا إلي سوريا قد سلكت مسارا غريباً، حيث انطلقت من القاهرة إلي أسوان ومنها للسعودية ثم اتجهت شمالاً إلي تبوك ثم عمان ومنها إلي دمشق واستغرقت 8 ساعات كاملة دون توقف، ولما حكي لي السادات قصة "الوشاية" أدركت أن مسار الرحلة الغريب كان للمناورة و"التمويه".

                  العربية نت.

                  بالفيديو: قصة بيع الجولان لليهود قبل 5يونيو يرويها الضابط خليل مصطفى.
                  http://www.4shared.com/document/BPdI..._________.html


                  ومن العجيب أن الطاغية حافظ الأسد قد أعلن عن سقوط الجولان في يوم 10 حزيران 1967م ، وفي نفس اليوم 10 حزيران من عام 2000م أعلن عن هلاك حافظ الأسد ، لقد هلك الخائن حافظ الأسد في نفس اليوم الذي خان فيه الأمة حيث سلم الجولان للصهاينة.

                  تعليق

                  • عبد مسلم
                    6- عضو متقدم

                    حارس من حراس العقيدة
                    • 28 أبر, 2008
                    • 991
                    • ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من ا
                    • عبد مسلم أعمل ان أكون عبدا مؤمنا طاعة لله وديانة له جل وعلا

                    #24
                    لا حول ولا قوة إلا باللهِ .
                    أستغفرُ اللهَ لِى وللمسلمينَ حتى يرضَى اللهُ وبعدَ رضاه، رضاً برضاه .
                    " ... وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّـى لِتَرْضَى"
                    اللَّهُمَّ اجعَل مِصرَ وأَهلَهَا وسَائِرَ بِلادِ المسلِميْنَه فِى ضَمانِكَ وأمانِكَ .

                    تعليق

                    • محب عيسى بن مريم
                      4- عضو فعال

                      حارس من حراس العقيدة
                      • 14 سبت, 2006
                      • 623
                      • ---
                      • مسلم

                      #25
                      اسرائيل تعرف ان من حاربها افي ال67 وال 73 لم يكونوا المسلمين الحقيقين ، بل فلول نظام نفعي وحزبي لا يؤمن بدين ولا قومية.. كانت الحرب بالنسبة لهم مجرد دعاية تبرر وجودهم وقمعهم للناس.. الآن اسرائيل تنظر بعين الخوف لم يحصل.. ولو استطاع المسلمون احداث التحول الحقيقي في المجتمع لاصبحنا خطرا حقيقيا عليها..

                      تعليق

                      عن الكاتب

                      تقليص

                      لبيك إسلامنا مسلم اكتشف المزيد حول لبيك إسلامنا

                      مواضيع ذات صلة

                      تقليص

                      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                      ابتدأ بواسطة عادل محمد, 13 ينا, 2015, 03:21-م
                      ردود 2
                      2,505 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة محب المصطفى
                      بواسطة محب المصطفى
                      ابتدأ بواسطة abanna, 4 ديس, 2008, 03:30-م
                      ردود 4
                      3,865 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة abanna
                      بواسطة abanna
                      ابتدأ بواسطة salafi_souri, 4 نوف, 2010, 01:37-ص
                      ردود 7
                      2,399 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة salafi_souri
                      بواسطة salafi_souri
                      ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 3 نوف, 2020, 11:58-ص
                      ردود 0
                      45 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة إبراهيم صالح
                      ابتدأ بواسطة نور الهداية, 11 فبر, 2011, 08:42-ص
                      ردود 16
                      7,867 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة العائدة إلى الله
                      ابتدأ بواسطة salafi_souri, 28 يول, 2010, 07:42-م
                      ردود 13
                      7,879 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة سدرة
                      بواسطة سدرة
                      ابتدأ بواسطة وليد المسلم, 27 يول, 2006, 05:00-م
                      رد 1
                      2,352 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة نصرة الإسلام
                      ابتدأ بواسطة داعيه لله, 2 فبر, 2013, 12:52-ص
                      ردود 15
                      5,465 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة صفي الدين
                      بواسطة صفي الدين
                      ابتدأ بواسطة BHR2010, 9 ماي, 2010, 01:56-م
                      ردود 0
                      1,094 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة BHR2010
                      بواسطة BHR2010
                      ابتدأ بواسطة ابن خليفة, 11 فبر, 2011, 01:56-ص
                      ردود 8
                      6,814 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة Riham
                      بواسطة Riham
                      ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 14 ديس, 2010, 04:20-م
                      ردود 2
                      2,829 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة مهدي بن زياد
                      بواسطة مهدي بن زياد
                      ابتدأ بواسطة الب ارسلان, 30 ماي, 2008, 10:23-م
                      ردود 0
                      1,375 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة الب ارسلان
                      بواسطة الب ارسلان
                      ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2019, 07:58-م
                      ردود 0
                      195 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                      ابتدأ بواسطة sara94, 18 فبر, 2012, 07:23-م
                      ردود 0
                      3,424 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة sara94
                      بواسطة sara94
                      ابتدأ بواسطة بحب دينى, 29 ماي, 2013, 08:36-ص
                      ردود 2
                      1,111 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة اسامة النميرى

                      مواضيع من نفس المنتدى الحالي

                      تقليص

                      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                      ابتدأ بواسطة ابنة صلاح الدين, 28 ديس, 2012, 03:13-م
                      ردود 106
                      18,013 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة نفس مطمئنة
                      بواسطة نفس مطمئنة
                      ابتدأ بواسطة إيمان أحمد, 12 ديس, 2015, 04:42-م
                      ردود 58
                      7,213 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة إيمان أحمد
                      بواسطة إيمان أحمد
                      ابتدأ بواسطة معاذ عليان, 7 سبت, 2008, 02:14-م
                      ردود 46
                      18,561 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                      ابتدأ بواسطة باحث سلفى, 14 ينا, 2011, 03:56-م
                      ردود 32
                      10,416 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة محب المصطفى
                      بواسطة محب المصطفى
                      ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 19 أكت, 2008, 09:58-م
                      ردود 30
                      14,501 مشاهدات
                      0 ردود الفعل
                      آخر مشاركة الفضة
                      بواسطة الفضة
                      يعمل...
                      أحمد - مساعد المنتدى

                      السلام عليكم، أنا أحمد. اكتب سؤالك وسأحاول مساعدتك.

                      📢 رسالة توست

                      من فضلك اختر مستوى الإجابة: