هذه الحال ، لم تكن شاذة ولا نادرة .. لأنه - في ذلك الوقت - كان من أراد العلم - أي علم - فعليه بالعربية .. ولا عربية بلا قرآن ..
ويشبه هذا منذ ثلاثين سنة تقريبـًا ، حفظ أكثر النصارى لكثير من القرآن والحديث الشريف .. ليس فقط لأنها "مفروضة" عليهم ، ولكن لأنهم كانوا يعتبرون هذا من الثقافة العالية ..

وأما العبادات ، فكانت الشريعة الإسلامية مستحسنة إجمالاً حتى عند الكافرين بمصدرها الإلهي .. هم ينسبونها للنبي عليه الصلاة والسلام هربـًا من الاعتراف بمصدرها الإلهي .. لكنهم يجلونها ويوقرونها ويعرفون لها مزاياها ..

قال ابن تيمية رحمه الله :
(( فإن قدماء الفلاسفة كانوا يوجبون اتباع النواميس التي وضعها أكابر حكماء البلاد ، فلأن يوجبوا اتباع نواميس الرسل أولى ، فإنهم - كما قال ابن سينا - : " اتفق فلاسفة العالم على أنه لم يقرع العالم ناموس أفضل من هذا الناموس المحمدي " ، وكل عقلاء الفلاسفة متفقون على أنه أكمل وأفضل النوع البشري ))

وكان آخر حال ابن سينا - على إلحاده - الالتزام بشرائع العبادات المحمدية كالوضوء والصلاة ... إلخ ..

وكما كانوا - الفلاسفة والملاحدة - معجبين بالشرعة المحمدية ، كانوا أيضـًا معجبين باستطاعة النبي الأمي (عليه الصلاة والسلام) لحمل الناس عليها ، على اختلاف مشاربهم وبلادهم وثقافاتهم وأديانهم السابقة .. هذه من "عبقرية" نبينا عندهم ، يهربون بهذا من الاعتراف بنبوته صلى الله عليه وسلم.

والمقصود أن غير المسلمين - إجمالاً - كانوا مقرين بحسن الشرعة المحمدية، وبعبقرية صاحبها عليه الصلاة والسلام .. وعليه، فقد التزمها كثير منهم وإن كفر بمصدرها الإلهي .