إسماعيل أدهم؟ الملحد المنتحر الذي لا يعرفه أحد؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أبو المظفر السناري مسلم اكتشف المزيد حول أبو المظفر السناري
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إسماعيل أدهم؟ الملحد المنتحر الذي لا يعرفه أحد؟


    إسماعيل أدهم؟ الملحد المنتحر الذي لا يعرفه أحد؟
    ( 1911 - 1940 مـ / 1329 - 1359 هـ ).
    بقلم العبد الفقير: أبو المُظَفَّر السِّنَّاري.



    نحن الآن في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر تموز (يوليو) عام ألف وتسع مئة وأربعين للميلاد (23/1940 مـ) . الموافق عام ألف وثلاث مئة وتسعة وثلاثين للهجرة (1359هـ) .
    وبالتحديد: على شاطيء (جِلِيم) المطل على مياه البحر الأبيض المتوسط بمدينة الإسكندرية.
    حيث غَوَادي الرياح تُدَاعِبُ أمواج البحر المتراكمة المتراكبة، وشمسُ النهار قد سحبتْ رداءها وهي تُناغِي الأرض بمغادرة شواطئها بلا مُخَاتَلَة ولا مُوَارَبة.
    فهناك من تراه يتعلَّلُ باستنشاق النسائم، وتأخذه النشوةُ بِدَوْحِ الحَمائم.
    وآخر يبثُّ البحر قلقَ الأشواق، ويستبْكيِه لوعة الفراق.
    وثالثٌ قد جلس يلتمس البروق اللامعة، وراح يستطلع النجوم الطالعة.
    ورابع قعد يشكو التبَرُّمَ من العُذَّال، ومكث يعاود الذكريات وهو يبكي مُنَادَمَةَ الأطلال.
    وخامس جعل يبوح للرمال بلواعِج الأسَى والهَوَى، ويستعيدُ بدمعه تباريحَ الشوق والجَوَى!


    صورة طبيعية لشاطيء جليم ليلا.


    صورة لبعض الجسور الممتدة على شاطيء جليم.


    ثم سرعان ما انشقَّتِ الأرض عن رجل غريب الطَّوْر، بعيد الغَوْر، يسير على بعض الجسور القريبة التي تطلُّ على البحر، إنه شخص متوسط القامة، معتدل البنيان، يرتدي بذْلَةً ومِعْطَفًا يدلان على أنه ذو خبرٍ مسطور، ونبأ مذكور، وليس شخصًا من أفْناءِ الناس، ما هو بالنحيف ولا بالجسيم، يَمْشِي مُتَطَرِّحًا كأنه أخو سفرٍ يسْري به وهو لا يسري، وراكبُ موجٍ يجري به وهو لا يدري؟ قد سُدَّت دونه السبل فلا يعلم أين المذهب؟
    فإذا دنوتَ منه رأيتَه مَهْدُودَ الْقُوَى، مَحْلُولَ الْعُرَى، تبدو عَلَى وَجْهِهِ دَلائِلُ الْجَهْد، وأمارات الشقاء، فاللون منه شاحبْ، والحزن في وجه لاحِبْ، كأنما كان يبَكِي حَتَّى أَقَفَّتْ عَيْنُه، وتقَرَّحَ من الوجْدِ جَفْنُه، ما أشبهه برَجُل كَدُود، دَائِب الْعَمَل، لا يَقِفُ عَلَى سَاق، وَلا يَطْمَئِنُّ جَنْبُه إِلَى مَضْجَع؟ كأنه ما تَفَيَّأ ظِلال الرَّاحَة يومًا، ولا تقلَّبَتْ جوارحه بَيْن أَعْطَاف النَّعِيم!
    وفجأة وقف هذا الرجل وقفة المتعجِّل، ثم أخرج من جَيْبِ مِعْطَفِه حبَّاتٍ من (سُكَّر النَّبات) - وهو ضَرْبٌ من الحلوى معروف بمصر - وجعل يأكل منه، وربما ألقى ببعضها إلى جماعة من الصِّبْيَة الصغار ممن كان يلعب بين يديه، وهو ينظر إليهم وعلى وجهه ابتسامة كأنها مرسومة بِقَلَم، أو هي مِنْ أثَرِ وَرَم! ثم انقبض عنهم، وانزوَى بعيدًا عن جانبهم، واستقبل شُرْفْة الجسر فعَلاها، ثم رمى بنفسه وسط أمواجٍ مظلمةٍ متلاطمة!
    فغاب في جوفها كما تغيب الإبْرة في مُحيطٍ ماؤُهُ هادِر! كأنما سقط في لُجَّةِ بحرٍ راكدٍ لا يجري، وقائمٍ لا يسري، تُكَرْكِرُهُ الرياحُ العواصِف، وتَمْخَضُه الغَمامُ الذَّوَارِف! فاختفى أثره، وانقطع خبره.
    وهالَ الناسَ ما أبصروه، وأفزعهم ما شاهدوه؛ فتطوَّع جماعة من الشباب لنجْدَتِه؛ وَاسْتَقْصَوا فِي إخراجه الذَّرَائِع، وَاسْتَنْفَدوا في انتشاله الْوَسَائِلَ، فما استطاعوا له طلبًا، حتى ما وجدوا دون النجاة بأنفسهم من مخالب الموج مهربًا!
    وبعد ساعات من هذا الحادث المؤلم؛ تتكشَّفُ الأمواج عن جثة الرجل؛ ويلفظ به البحر على الشاطيء؛ فيعثر عليه رجال الإطفاء والشرطة؛ فيقوم بعضهم بالبحث في ملابسه للكشف عن حقيقته؛ فإذا به يستخرج من جيب معطفه ورقة مُبّلَّلَة فيها كلام مسطور؛ فتركها حتى جفَّتْ؛ ثم استقرأها فإذا هي رسالة من صاحبها إلى رئيس النيابة يقول فيها بأنه: (قد انتحر غرقًا؛ لكونه قد يئس من الدنيا، وزهد من العيش فيها!) ثم أوصى البوليس بأن: (يقوموا بحرق جسده، وتشريح رأسه، وعدم دفنه في مقابر المسلمين)!
    فلم يعبأ رئيس النيابة بتلك الوصية! وأمر بتشريح جثته؛ لإثبات كونه مات غريقًا منتحرًا، ولم يتعرض الطبيب الشرعي لتشريح رأسه؛ ثم سلمه لأهله فدفنوه في مقابر المسلمين!
    وفي صباح اليوم التالي: الخميس الخامس والعشرين من شهر تموز (يوليو) عام ألف وتسع مئة وأربعين للميلاد (23/1940 مـ) . الموافق عام ألف وثلاث مئة وتسعة وثلاثين للهجرة (1359هـ) .
    هبَّتِ الصحفُ والجرائد والمجلات تنْعَى وفاة العالِم النابغة، والأديب المتفنِّن، والفليسوف المتكلم، الشاب الدكتور: ( إسماعيل أحمد أدهم )، عضو أكاديمية العلوم الروسية، ووكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية، والحاصل على الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام (1931 مـ) ، والمدرِّسُ هناك للرياضيات في جامعة (سانت بطرسبرغ)، وصاحب المقالات العلمية والنقدية في المجلات الأدبية، ونوادي الحركة العربية في الإسكندرية وجمعية الثقافة المصرية. وذكرتْ الصحف خبر انتحاره غرقًا في مياه البحر الأبيض المتوسط، والعثور على جثته طافية على الماء قُبَالة شاطي (جليم) بالإسكندرية.
    وبمجرد ذيوع الخبر بين الناس: تهتز الأوساط الثقافية العربية، وتضطرب النوادي والملتقيات الأدبية؛ لهذا النبأ الأليم المحزن.
    ويكتب الأديب السوري سامي الكيالي- صديق إسماعيل أدهم- مقالة رثاء في مجلته: «الحديث الحلبية» جاء فيها:
    «شاب في حدود الثلاثين، مَغُولِيُ الوجه والسِّحْنة، تقرأ في وجهه سِيماء العلماء الذين أنهكهم الدرس وأضناهم التفكير... لقد عمل الدكتور في حقبة قصيرة ما يعمله العلماء الأفذاذ في سنوات طويلة، وكأنه عمل جهود أربعين سنة في أربع سنوات...» .
    ويسْطُر الأستاذ أحمد حسن الزيات الأديب الكبير في مجلته (الرسالة) كلمة تحت عنوان (نهاية أديب) يقول في مطلعها:
    (في الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر يوليه، لفَظَ البحر على ساحل "جليم" بالإسكندرية جثة كانت في رونق العمر. وإن بدا على محاسرها مسحةٌ من شفوف الهم وشحوب الألم. لم يكد يلقيها الموج الصاخب المتعاقب بالرمل المستوي المنضوح حتى أخذتها عيون الحرس الساحلي، فظنوها لأول وهلة ضحية من ضحايا الحرب الإنجليزية الإيطالية في هذا البحر المسجور العذاب والموت؛ ولكنهم علموا من بذلة الغرق ومعطفه وسلامة بدنه أنه مدني سقط في البحر أو أُلْقِيَ فيه. فلما فتَّشَه رجال الشرطة ليكشفوا عن هويته عثروا في جيب معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يقول فيه:
    "إنه قتل نفسه بالغرق يأسا من الدنيا وزهادة في العيش، ويوصي بأن يحرق جسده ويُشرَّح رأسه" .
    إذن هو رجل من رجال الفكر والرأي، جعل للحياة مثلا لم يحققه فهو يجتويها، ورأى في العقيدة رأيًا لم يرقه فهو لا يرتضيها، واعتقد أن في مخه عبقرية فهو يرجو أن يظهر بالتشريح خافيها. فهل تدري من هو؟
    هو الدكتور (إسماعيل أحمد أدهم) عضو أكاديمية العلوم الروسية، ووكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية، كما كان يخبر عن نفسه؛ وهو صاحب المقالات العلمية والنقدية في الرسالة والمقتطف، ومُنَشِّطُ الحركة الأدبية في الإسكندرية وجمعية الثقافة...) .


  • #2
    سبحان الله...هذا الرجل مع نبوغه أدرك ان لا معنى للحياه من دون موجد ومن دون اله يعبد!! لكنه أغتر بعقله وأراد أن يحصر الله -الذى وسع كرسيه السماوات والأرض- في عقله المحدود فذهل عقله ما وصل الى شىء!! فضاع صاحبه حاسبا الكون بلا اله يدير شؤنه فزهد الدنيا على مافيها وتركها ورحل الى حيث سيعرف الحقيقه
    وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ

    تعليق


    • #3
      شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

      تعليق


      • #4


        إسماعيل أدهم شخصية مُثيرة للجدل لدى كثير من الناس
        كان على قدر كبير جداً من الذكاء ووصل لمناصب رفيعة وهو لا يزال فى مقتبل العمر
        ولكن يا تُرى ما الذى قاده إلى الإلحاد ، وما الذى جعله يُنهى حياته هذه النهاية المأساوية طالما كان سعيداً بإلحاده كما كان يذكر فى كتاباته ؟؟

        أهم سبب قاد إسماعيل أدهم إلى الإلحاد أنه عاش ينهل من المرضى والمتشككين فى وجود الله حتى مرض مثلهم !!
        شأنه فى ذلك شأن
        ابن الرواندى الذى كان يُجالس الروافض والملاحدة وإن عوتب فى ذلك كان يقول إنما أريد أن أعرف أقوالهم إلى أن صار مُلحداً مثلهم

        إسماعيل أدهم وُلد لأب مُسلم وأم نصرانية وقد تعاهد زوج عمته تربيته وتنشئته نشأة إسلامية وحفظ القرآن وهو لا يزال فى العاشرة من عمره وقد قال هو بنفسه عن هذه التجربة
        " غير أنى خرجت ساخطاً على القرآن لأنه كلفنى جهداً كبيراً كنت فى حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسى "
        وكانت هذه هى بداية ثورته على الإسلام وتعالميه
        ثم يُتبع ما سبق بهذه الجملة
        " ولكنى كنت أجد من المسيحية غير ذلك "
        ذلك لأن شقيقتاه كانتا مسيحيتان وكانتا لا يُثقلان عليه بتعاليم الدين المسيحى وكانتا أيضاً تسخران من يوم القيامة والحساب والمعجزات وكان لكل هذا أثره فى نفس إسماعيل أدهم !
        وفى هذه الفترة قرأ نظرية داوين واقتنع بها وقرأ أيضاً مباحث ديكارت وهوبس وهيوم وعكف على دراسة مناهج المتشككين

        عّرف الإلحاد بأنه هو " الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه هو الكون فى ذاته وأن ثمة لا شىء وراء هذا العالم " وكان يقول
        " أنا مُلحد ونفسى ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحة إليه فأنا لا أفترق من هذه الناحية عن المؤمن المُتصوف فى إيمانه "
        ومن العجيب حقاً أنه على الرغم من إدعائه بأنه مطمئن لهذا الإلحاد إلا أنه كان شقياً تعيساً كعادة المُلحدين حتى وإن أظهروا التمرد وعكس ذلك وأكبر دليل على تعاسته هو انتحاره والرسالة التى تركها التى توحى بكم الصراعات التى كانت بداخله !!
        وكأنى بقول الله تعالى ينطبق عليه فى حالته هذه
        قال جل وعلا " ومَن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربِّ لمَ حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى "

        وقد أوصى بأن تُحرق جثته وتُشرح رأسه وعدم دفنه فى مقابر المسلمين ولكن أهله تسلموا الجثة وبكل أسف تم دفنه فى مقابر المسلمين
        عليه من الله ما يستحق فقد اختار لنفسه الشقاء فى الدنيا والآخرة

        كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذا الدعاء
        " اللهم يا مُقلب القلوب ثبت قلبى على دينك "
        نسأل الله سبحانه وتعالى الثبات وألا تُزغ قلوبنا بعد الهداية ..
        اللهم آمين يارب العالمين
        وَريحُ يوسفَ لا تَأتي نَسائمُها
        إِلا لِقلبٍ كانَ هواهُ يَعقوبا



        تعليق


        • #5
          شأنه فى ذلك شأن الذهبى الذى كان يُجالس الروافض والملاحدة وإن عوتب فى ذلك كان يقول إنما أريد أن أعرف أقوالهم إلى أن صار مُلحداً مثلهم
          أى ذهبى ؟!
          { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

          تعليق


          • #6
            قال تعالى

            ((
            وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))
            طه

            من هو اسماعيل ادهم ؟



            إسماعيل أحمد إسماعيل إبراهيم أدهم كاتب مصري ولدعام 1911م بالاسكندريه وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931 وعُيِّنَ مدرسًا للرياضيات في جامعة سان بطرسبرج ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقره وعاد إلى مصر سنة 1936. فألف كتابه المثير للجدل لماذا أنا ملحد ؟ انتحر عام 1940م


            ولد لأب مسلم وام نصرانيه ألمانيه تعاهد زوج عمته تعليمه وتربيته تربيه اسلاميه فحفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشره من عمره فقال في كتابه عن هذه التجربه ...غير أني خرجت ساخطا على القرآن لأنه كلفني جهدا كبيرا كنت في حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسي، وكان ذلك من أسباب التمهيد لثورةٍ نفسيةٍ على الإسلام وتعاليمه. ولكني كنت أجد من المسيحية غير ذلك، فقد كانت شقيقتاي، وقد نالتا قسطا كبيرا من التعليم في كلية الأمريكان بالأستانة، لاتثقلان عليّ بالتعليم الديني المسيحي. وكانتا قد درجتا على اعتبار أن كل ما تحتويه التوراة والإنجيل ليس صحيحا. وكانتا تسخران من المعجزات ويوم القيامة والحساب، وكان لهذاكله أثر في نفسيتي ".


            يقول إسماعيل أدهم:-وفي هذه الفترة قرأت لداروين أصل الأنواع وأصل الإنسان وخرجت من قرائتهما مؤمنابالتطور. وقرأت مباحث هكسلي وهيكل والسر ليل وبيجهوت وانكببت أقرأ في هذه الفترة لديكارت وهوبس وهيوم وكانت ، وأنا لم أتجاوز الثالثة عشرة من سنى حياتي .ولكني لم أكن أفهم كل ماأقرأه لهم . وخرجت من هذه الفترة نابذا نظرية الإرادة الحرة ، وكان لسبينوزاوأرنست هيكل الأثر الأكبر في ذلك


            وهكذا عاش صاحبنا ينهل من المرضى والشكاكين حتى مرض مثلهم واعتل قلبه مثلهم قال الذهبي رحمه الله فى ترجمة ابن الراوندي وكان يلازم الرافضه والملاحده .. فإذا عوتب قال : إنما أريد أن أعرف أقوالهم إلى أن صار ملحدا وحط على الدين والمله


            وقد عرَّف أدهم الإلحاد على النحو التالى: "الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم"، ومن رأيه أن "فكرة الله فكرة أولية،وقد أصبحت من مستلزمات الجماعات منذألفي سنة،ومن هنايمكننا بكل اطمئنان أن نقول أن مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها في عالم الفكرالإنساني لا يرجع لما فيها عناصر القوة الإقناعية الفلسفية، وإنما يعود لحالة يسميها علماء النفس التبرير.ومنهنا فإنك لا تجد لكل الأدلة التي تقام لأجل إثبات وجودالسبب الأول قيمة علمية أو عقلية. ونحن نعلم مع رجال الأديان والعقائد أن أصل فكرةالله تطورت عن حالات بدائية، وأنها شقت طريقها لعالم الفكر من حالات وهم وخوف وجهل بأسباب الأشياء الطبيعية. ومعرفتنا بأصل فكرة الله تذهب بالقدسية التي كنا نخلعهاعليها
            وحين يتكلم عن الإلحاد الذى انتهى إليه بعد دراسته للرياضيات فى روسيا يقول: "وكانت نتيجة هذه الحياة أني خرجت عن الأديان وتخليت عن كل المعتقدات وآمنت بالعلم وحده وبالمنطق العلمي،ولشد ما كانت دهشتي وعجبي أني وجدت نفسي أسعد حالا وأكثر اطمئنانا من حالتي حينما كنت أغالب نفسي للاحتفاظ بمعتقد ديني. وقد مكَّن ذلك الاعتقادَ في نفسي الأوساطُ الجامعيةُالتي اتصلتُ بها إذ درستُ مؤقتا فكرتي في دروس الرياضيات بجامعة موسكو سنة 1934... فأنا ملحد، ونفسي ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحة إليه،فأنا لا أفترق منهذه الناحية عن المؤمن المتصوف في إيمانه




            وكان أدهم يقول عن انتهائه إلى الإلحاد وتخليه عن الإيمان بالله: "إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة: منها ما هوعلمي بحت، ومنها ما هو فلسفي صرف، ومنها ما هو بين بين، ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي،ومنها ما يرجع لأسباب سيكلوجية، وليس من شأني في هذا البحث أن أستفيض في ذكر هذه الأسباب، فقد شرعتُ منذ وقت أضع كتابا عن عقيدتي الدينية والفلسفية، ولكن غايتي هناأن أكتفي بذكر السبب العلمي الذي دعاني للتخلي عن فكرة "الله


            لكن حاله لم تكن كما وصف بل كان شقيا تعيساً كعادة الملحدين اللذين هم أبعد الناس عن الشعور الحقيقى بالسعادة إنهم ناس ضائعون خائفون رغم كل شقشقتهم وتظاهرهم بالتحدى للخالق وحرصهم على إعلان التمرد وكيف يكون الإنسان سعيدا وهو يشعر بالخواء والوحشة من حوله وبالظلام والخوف يلفه من كل جانب ويرى نفسه فى أعماقه عاجزا ضعيفا مهما كان قويا صحيح البدن وغنيا كبيرالثراء ومهما كان حوله من الأصدقاء والمعارف؟ إن هذا كله لا يمكنه أن يعوّضه عن فقدان الإيمان بالله سبحانه الذى يمثل صمام الأمن الحقيقى فى كل الأوقات والاطمئنان الراسخ فى الحاضر والأمل المتين فى المستقبل: المستقبل القريب والمستقبل البعيد جميعا فها هو سارتر يقول في اعترافه الأخير لسيمون دوبوفوار: " أنا لا أشعر بأني مجرد ذرة غبار ظهرت فيهذا الكون وإنما ككائن حساس تم التحضير لظهوره وأحسن تكوينه أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجيء إلا من خالق..


            وهاهو الملحد بول كراوس ينتحر بعد اسماعيل ادهم بسنوات ليأتي انتحاره كنتيجه طبيعيه لتلك السعاده المزعومه


            حتى اسماعيل أدهم رمى نفسه في مياه المتوسط في تركيا وفقاً للوكيبديا وفي الاسكندريه وفقا لخير الدين الزركلي " وفي الثلاثين من عمره" لأنه لم يكن سعيدا على الإطلاق، بل كان شقيا تعيسا إلى الدرجة التى لم تعد لديه معها أيةمقدرة على التحمل والاستمرار فى الحياة فبَخَعَ نفسه بيده وانتحر ومعنى هذا؟ معناه أنه كان يكذب على نفسه وعلى الآخرين معا وبعدساعات من هذا الحادث المؤلم تتكشَّفُ الأمواج عن جثة الرجل ويلفظ به البحر على الشاطيء فيعثر عليه رجال الإطفاء والشرطة؛ فيقوم بعضهم بالبحث في ملابسه للكشف عن حقيقته فإذا به يستخرج من جيب معطفه ورقة من صاحبها إلى رئيس النيابة يقول فيها بأنه قد انتحر غرقًا؛ لكونه قد يأس من الدنيا وزهد من العيش فيهاثم أوصى رجال البوليس بأن: يقوموا بحرق جسده وتشريح رأسه وعدم دفنه في مقابرالمسلمين!


            فلم يعبأ رئيس النيابة بتلك الوصية! وأمر بتشريح جثته لإثبات كونه مات غريقًا منتحرًا ولم يتعرض الطبيب الشرعي لتشريح رأسه ثم سلمه لأهله فدفنوه في مقابر المسلمين" وبكل أسف "
            ولينعيه الأديب السوري سامي الكيالي- صديق إسماعيل أدهم في - مقالة رثاء في مجلته: «الحديث الحلبية» جاءفيها:
            «شاب في حدود الثلاثين، مَغُولِيُ الوجه والسِّحْنة،تقرأ في وجهه سِيماء العلماء الذين أنهكهم الدرس وأضناهم التفكير... لقد عمل الدكتور في حقبة قصيرة ما يعمله العلماء الأفذاذ في سنوات طويلة، وكأنه عمل جهودأربعين سنة في أربع سنوات...» .



            ويسْطُر الأستاذ أحمد حسن الزيات الأديب الكبير في مجلته الرسالة) كلمة تحت عنوان (نهاية أديب يقول في مطلعها:
            في الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر يوليه، لفَظَ البحرعلى ساحل "جليم" بالإسكندرية جثة كانت في رونق العمر. وإن بدا على محاسرها مسحةٌ من شفوف الهم وشحوب الألم. لم يكد يلقيها الموج الصاخب المتعاقب بالرمل المستوي المنضوح حتى أخذتهاعيون الحرس الساحلي، فظنوها لأول وهلةضحية من ضحايا الحرب الإنجليزية الإيطالية في هذا البحرالمسجورالعذاب والموت؛ولكنهم علموا من بذلة الغرق ومعطفه وسلامة بدنه أنه مدني سقط في البحر أو أُلْقِيَ فيه. فلما فتَّشَه رجال الشرطة ليكشفوا عن هويته عثروا في جيب معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يقول فيه:
            "إنه قتل نفسه بالغرق يأسا من الدنيا وزهادة في العيش،ويوصي بأن يحرق جسده ويُشرَّح رأسه" .



            إذن هو رجل من رجال الفكر والرأي،جعل للحياة مثلا لم يحققه فهويجتويها،ورأى في العقيدةرأيًا لم يرقه فهو لايرتضيها،واعتقد أن في مخه عبقريةفهو يرجو أن يظهر بالتشريح خافيها. فهل تدري من هو؟


            هوالدكتور (إسماعيل أحمد أدهم) عضو أكاديمية العلوم الروسية،ووكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية، كما كان يخبر عن نفسه؛ وهو صاحب المقالات العلمية والنقدية في الرسالة والمقتطف،ومُنَشِّطُ الحركة الأدبية في الإسكندرية وجمعية الثقافة...)


            ولكن ... لماذا ألحد اسماعيل أدهم ولماذا ألحد الملحدون ؟؟


            يقول الشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله تعالى في مذكرة التوحيد : أنه لم يكفر الملاحدة بالله تعالى إلا فرارا من الطاعة والالتزام ولا يضير الدعاة إلى الحق أن عدل عن طريقه المستقيم من انحرف مزاجه، أو غلبته شهوته، فخشي أن تحدَّالشريعة من نزعاته الخبيثة، وتحول دون وصوله إلى نزواته الدنيئة، أو أطغاه كبره وسلطانه، وخاف أن تذهب الشريعة بزعامته الكاذبة، وسلطانه الجائر، فوقف في سبيلها،ولج في خصامها بغيًا وعدوانًا



            قال تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةًضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَاوَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)
            إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

            من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
            إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
            فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
            ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
            لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
            ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
            لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
            ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
            ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
            أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
            ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عمر المختار مشاهدة المشاركة
              أى ذهبى ؟!
              أعتذر وبشدة :8338:
              قصدت
              ابن الرواندى
              أرجو من الإدارة التصحيح كى لا يحدث خلط ولكم جزيل الشكر
              وَريحُ يوسفَ لا تَأتي نَسائمُها
              إِلا لِقلبٍ كانَ هواهُ يَعقوبا



              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيرا أخى مسلم للأبد ..
                { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة قلب ينبض بحب الله مشاهدة المشاركة
                  أعتذر وبشدة :8338:
                  قصدت
                  ابن الرواندى
                  أرجو من الإدارة التصحيح كى لا يحدث خلط ولكم جزيل الشكر
                  لا بأس أخونا مسلم للأبد قام بنقل المقال صحيحا .. ولكن ليتك أخى مسلم تحذف بعض الجمل

                  التى يقول فيها عن الحاده ففيها اساءة للذات الالهية ..
                  { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

                  تعليق


                  • #10
                    انتحار ملحد
                    سليمان بن صالح الخراشي

                    في مساء الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1940م وجدت جثة "إسماعيل أدهم" طافية على مياه البحر المتوسط، "وقد عثر البوليس في معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يخبره بأنه انتحر لزهده في الحياة وكراهيته لها، وأنه يوصي بعدم دفن جثته في مقبرة المسلمين ويطلب إحراقها"(1) !! فمن هو إسماعيل هذا الذي آثر هذه النهاية المروعة ؟ !

                    يقول عنه صاحب الأعلام : "إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم باشا أدهم: عارف بالرياضيات، له اشتغال بالتاريخ، ولد بالإسكندرية وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وعين مدرساً للرياضيات في جامعة سان بطرنسبرج، ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك ! بأنقرة ، وعاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وكتب في مجلاتها، أغرق نفسه بالإسكندرية منتحراً"(2)

                    قلت: تأثر إسماعيل أدهم بالمد الشيوعي الإلحادي بسبب إدمانه قراءة إنتاج القوم حتى علقت أفكارهم بعقله وتمكنت من قلبه ؛ فألف إثر ذلك –كما سبق- رسالة سماها "لماذا أنا ملحد؟"(3) ! جاء فيها: قوله عن نفسه: "أسست جماعة لنشر الإلحاد بتركيا، وكانت لنا مطبوعات صغيرة أذكر منها: ماهية الدين، وقصة تطور الدين ونشأته… وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر الإلحاد الأمريكية، وكانت نتيجة ذلك تحويل اسم جماعتنا إلى المجمع الشرقي لنشر الإلحاد"(4) .

                    وقد رد على رسالته هذه: الدكتور أحمد زكي أبو شادي برسالة عنوانها: "لماذا أنا مؤمن؟"(5). ورد عليها: محمد فريد وجدي بمقالة عنوانها "لماذا هو ملحد؟"(6)

                    انتحر إسماعيل مظهر وله من العمر تسعة وعشرون سنة؛ أي في ريعان شبابه، فكانت نهايته نهاية مأساوية لشاب مسلم موهوب، قال عنه الأستاذ أحمد حسن الزيات : "كان شديد الذكاء.. واسع الثقافة"،(7) وقال عنه الأستاذ محمد عبد الغني حسن بأنه صاحب "ذهن متوقد لامع"(8) كان الأول على دفعته في البكالوريا(9)، ثم حاز الدكتوراه وألّف مؤلفات كثيرة، ودرّس، وكان يحسن التحدث بست لغات(10)، كل هذا وهو في هذا العمر الصغير.. إلا أنه بعدها اختار الكفر على الإيمان، وتدرج في مهاوي الضلال إلى أن وصل إلى آخر دركاته وهي الإلحاد –والعياذ بالله- لتكون خاتمته في تكلم الجثة الطافية على مياه البحر آيةً لمن خلفه من شباب الإسلام النابهين أن لا يفتروا بذكائهم ومواهبهم، فيخوضوا –لأجلها- ذات اليمين وذات الشمال واثقين –زعموا!- من أنفسهم، معرضينها للفتن والإنسلاخ من الدين؛ إما بإدمانهم العكوف على كتب أهل الضلال والحيرة والشك كشأن أدهم، أو بمصاحبتهم وألفتهم ومن يشككهم في دينهم ويهون عليهم الطعن فيه أو التحير من بعض شرائعه، مجانبين في ذلك أهل الإيمان ساخرين من نصائحهم، لازمينهم بالتحجر وضيق الأفق!، ومبتعدين رويداً رويداً عن الصراط المستقيم؛ خشية أن يقول قائلهم –ولو بعد حين- : "لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذين نهوني عنه، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لي.." (11) !

                    وإسماعيل أدهم مجرد أنموذج سقته للإعتبار بحاله حيث ارتد على دبره بعدما جاءه الهدى واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإلا فإن الأمثلة من تاريخنا القديم والحديث معلومة مشهورة .

                    فمن القديم مثلاً: ابن الراوندي الملحد الذي انتهى حاله إلى أن ألف كتاباً سماه "الدامغ" يزعم أنه يدمغ به القرآن !! دمغه الله. فهذا الرجل ذكر المؤرخون عنه أنه "كان في أول أمره حسن السيرة، كثير الحياء، ثم انسلخ من ذلك"(12) وذكروا –أيضاً- شيئاً من ذكائه وعقله، ولكن كما قال الذهبي في ترجمته "لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة من التقوى"(13)!

                    والذي يهمنا من ترجمته هو قول الذهبي عنه : "كان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم"(14) !! فكان نهاية هذا التهاون في الجلوس مع المبتدعة والملحدين أن أصبح واحدًا منهم، بل أجرأ على حرمات الله.

                    ومن الأمثلة المعاصرة : عبد الله القصيمي ، وحاله معلومة للكثيرين.

                    ومنها: الشاعر الكويتي فهد العسكر. فقد ذكر صاحبه عبد الله الأنصاري عنه أنه: "شب متديناً، يؤدي الصلاة مع والده في المسجد، ويحافظ على أدائها مع والده في كل فرض من الفروض، حتى صلاة الفجر، فقد كان والده يأخذه معه إلى المسجد وهو صغير السن؛ إلى أن تشرب الدين في عروقه ودمه"(15) ثم أصبح مؤذناً بعد ذلك(16). لكنه بعدها –كما يقول صاحبه الأنصاري- "أغرق في القراءة، واستمر في الإطلاع على مختلف الآراء والأفكار الأدبية والإجتماعية والسياسية… إلى أن تحول تحولاً كليًا في تفكيره، وفي نظرته إلى الحياة، وإلى بعض التقاليد والعادات الموروثة (17) ؛ ثم أخذ يتعاطى الخمرة التي تغزل بها كثيرًا في شعره، وهكذا، إلى أن أصبح منعزلاً في أفكاره وآرائه عن بيئته المتدينة، وعن المجتمع المحافظ" (18) .

                    قلت: فنصحه أهله وأقاربه وزجروه عن هذا المسلك المهلك، ولكنه أبى واستكبر، فهجروه واعتزلوه ونبذوه، فلزم العزلة والإنزواء ومعاقرة الخمر مع من هم على (مشربه) إلى أن أصابه الله بالعمى وهلك غير مأسوف عليه. وبعد وفاته لم يصل عليه أحدٌ من أهله (19)، وقاموا بحرق ما وجدوا من أشعاره التي تنضح بالكفر والاعتراض على شرع الله والاستخفاف بشعائره (20).

                    وسأورد أبياتًا له تدل على ذلك؛ لتعلم حال الرجل، وتعذر أهله وأقاربه على ما قاموا به . يقول العسكر (21):

                    ليلة ذكرياتها ملء ذهني ***** وهي في ظلمة الأسى قنديلي
                    ليلة لا كليلة القدر بل ***** خير وخيرٌ والله من ألف جيل
                    أنا ديني الهوى ودمعي نبيي ***** حين أصبو ووحيه إنجيلي
                    هذه كما قلت مجرد أمثلة للناكصين على أعقابهم بعد أن أبصروا الطريق، ممن قال الله فيهم { وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } وقال { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم } .

                    ومعرفة أسباب هذا الزيغ الذي يصيب قلوب البعض يحتاج إلى دراسة متعمقة تغور في تلك النماذج وما يماثلها لتستخرج أسبابًا مشتركة بينها؛ لكي توجد الحلول المناسبة الواقية من ذلك –بإذن الله-، فلعل الله ييسر من يقوم بذلك؛ لأهميته القصوى، لاسيما في زماننا هذا زمان المتغيرات. ويحضرني من ذلك على عجالةِ: أنني تلمحت في أحوال كثير من الزائغين ممن يمر بي ذكرهم فوجدتهم لا يخطئون واحدة من هذه الصفات:
                    1- الذكاء غير المنضبط بضوابط الشرع ، مما يجعل صاحبه يقتحم المهالك بدعوى الثقة في النفس !
                    2- الكِبر والإعجاب بالنفس، فتجد (الأنا) متضخمة عند هذا الصنف من الناس قبل زيغه. ومما يذكر عن القصيمي مثلاً أنه كان إذا ألف كتابًا ابتدأه بقصيدة له يثني فيها على نفسه وقدراته !
                    3- الشذوذ ومحبة تتبع الغرائب والنوادر قبل زيغه، كل هذا طلبًا (للشهرة) و(التميز).
                    4- التهاون في الجلوس مع المنحرفين فكرياً، بدعوى "الاستفادة" أو "الإطلاع" ! و"الصاحب ساحب" كما قيل. ورحم الله الأوزاعي لما قيل له إن فلاناً يقول: أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع. قال: هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل"(22)
                    5- عدم إخلاص النية في سلوك طريق الهداية، وإنما كان السلوك مشوباً بالمقاصد الدنيوية أو المجاملات التي سرعان ما تختفي مع طول الطريق الذي لن يصبر عليه إلا المخلصون.
                    6- عدم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من قول "اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك".

                    السياج الذي أقامه السلف :
                    لقد تنبه السلف لخطورة هذا الأمر الذي يُفسد قلوب ناشئة المسلمين، فلهذا جعلوا بينهم وبينه سياجاً واقياً استنبطوه من النصوص الشرعية (23)، يتضمن النهي عن مخالطة أهل البدع والإنحراف والبعد عن شبهاتهم وإنتاجهم (24) ؛ خشية أن يعلق شيء منها بقلب ضعيف فيتأثر به ويتشربه، فأعادوا وأكثروا حول هذا الموضوع في مصنفاتهم ومروياتهم نصحاً لأبناء المسلمين، فلا تكاد تجد مؤلفاً في العقيدة السلفية إلا ويتضمن فصولاً أو أبواباً في التحذير من أهل الزيغ والتنفير منهم ومن مسلكهم وإعراضهم عن الكتاب والسنة إلى زبالات البشر (25).

                    فمن ذلك: قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : "لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلب" (26).

                    ومن ذلك: قول عمرو بن قيس الملائي: "كان يُقال: لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك"(27)

                    ومن ذلك: قول الإمام أحمد وقد ذُكر عنده أهل البدع: "لا أحب لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم، وكل من أحب الكلام لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة؛ لأن الكلام لا يدعو إلى خير، عليكم بالسنن والفقه الذي تنتفعون به، ودعوا الجدال وكلام أهل البدع والمراء"(28) وذكر في مسنده –رحمه الله- حديث الدجال وقول النبي صلى الله عليه وسلم عنه: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فما يزال به بما معه من الشُبه حتى يتبعه"(29) فقس هذا –رعاك الله- بحال من يجالس أهل البدع والزيغ ويتضلع من كتبهم مدعياً أنه يثق بنفسه !! ساخرًا من تحذيرات أهل الإسلام.

                    فالسلف – رحمهم الله – نظروا إلى العلوم بهذه القسمة :
                    1 – العلم الشرعي النافع ؛ وهو علم الكتاب والسنة وما تفرع عنهما . وهو ماوردت النصوص بمدحه ومدح أهله،وذكر أجره العظيم لمن خلصت نيته .
                    2 – العلم ( الدنيوي ) المباح النافع ؛ كعلوم الزراعة والهندسة والصناعة ونحوها . وهذا العلم كلأ مباح لأهل الأرض كلهم ، هم شركاء فيه ، ومن بذل أسبابه حصله . كما قال تعالى { كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك } .
                    3 – العلم الضار ؛ وهو الذي لا نفع فيه في الدنيا ولا في الآخرة ، بل سيكون وبالاً على صاحبه ، وإن توهم البعض من المخدوعين خلاف ذلك ؛ كالسحر والتنجيم وعلم الكلام والفلسفة ونحوها . ومثله في زماننا : الكتابات الفكرية المنابذة للنصوص الشرعية .

                    والموفق لهذا التقسيم من وفقه الله .

                    نسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يثبتنا على الحق إلى أن نلقاه، وأن يهب لمتفوقي المسلمين الزكاء بعد أن من عليهم بالذكاء، فيكونوا قرة عين لأمتهم ، والله الموفق لكل خير .

                    ------------------------------------
                    الهوامش :
                    (1) مجلة الرسالة : السنة الثامنة، المجلد الثاني، ص 1241، والأعلام الشرقية (ص 860) .
                    (2) الأعلام للزركلي (1/310 بتصرف) . وله ترجمة في الأعلام الشرقية لزكي مجاهد (ص 858-860)، وفي تراجم عربية، لمحمد عبد الغني حسن .
                    (3) نشرها الدكتور أحمد الهواري ضمن الأعمال الكاملة لإسماعيل أدهم (3/80) وتراجم عربية، ص 189. وذيل الملل والنحل، لسيد كيلاني، ص 91.
                    (4) ذيل الملل والنحل، لسيد كيلاني، ص 91.
                    (5) مجلة الرسالة، 5 أغسطس 1940م، وانظر: الإسلام والغرب، لمحمد الخير عبد القادر، ص 61، وهوامش على دفتر التنوير، لجابر عصفور، ص136. وقد ذكر أن أبا شادي نشرها في مجلة "الإمام" (سبتمبر 1937م).
                    (6) نشرها الدكتور أحمد الهواري عقب رسالة إسماعيل مظهر، ضمن الأعمال الكاملة له (3/92).
                    (7) وحي الرسالة (2/218).
                    (8) تراجم عربية (ص 198) .
                    (9) الأعلام الشرقية (ص 858) .
                    (10) السابق (ص 859-860).
                    (11) القائل هو أبو المعالي الجويني –غفر الله له- وهو من هو ذكاء وتمرساً في علوم الكلام، ثم ختم ذلك بقوله : "وها أنذا أموت على عقيدة أمي" ! فهل من معتبر ؟ ! . (انظر: شرح الطحاوية، ص 245، ط التركي والأرنؤط).
                    (12) سير أعلام النبلاء (14/61).
                    (13) السابق (14/62).
                    (14) السابق (14/59).
                    (15) فهد العسكر، حياته وشعره، لصاحبه عبد الله الأنصاري، ص 54. مع التنبه إلى أن صاحبه هذا يعتذر له كثيرًا ويتهجم على معارضيه من أهل الإسلام.
                    (16) السابق، ص 25.
                    (17) بل أحكام الشريعة ! ولكنها المدافعة بالباطل !
                    (18) السابق، ص 56.
                    (19) السابق، ص 84.
                    (20) السابق، ص 75.
                    (21) السابق ، ص 148.
                    (22) الإبانة لابن بطة (2/456).
                    (23) انظرها في رسالة "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع" للدكتور إبراهيم الرحيلي (2/529-563).
                    (24) إلا لمن أراد الرد على هذا الإنتاج العفن ، وتحذير الأمة منه ، بعد أن يتزود بالعلم الشرعي النافع .
                    (25) انظر على سبيل المثال: "الشريعة" للآجري (3/574 وما بعدها)، و"أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي (2/114 وما بعدها)، و"الإبانة" لابن بطة (2/429 وما بعدها)، و"السنة" لعبد الله بن أحمد. (1/137 وما بعدها) و"البدع والنهي عنها" لابن وضاح، وغيرها.
                    (26) الإبانة، لابن بطة (2/438).
                    (27) السابق، (2/436).
                    (28) الآداب الشرعية، لابن مفلح (1/220).
                    (29) أخرجه أبو داود (4319)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

                    إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

                    من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
                    إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
                    فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
                    ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
                    لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
                    ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
                    لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
                    ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
                    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
                    أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
                    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

                    تعليق


                    • #11
                      يقول الدكتور جوس مانويل والباحثة أليساندرا فليشمان في بحثهما العلمي الموثق من مراجع الأمم المتحدة(A global perspective in theepidemiology of suicide)حرفيا :"إن نسبة الانتحار في الدول الإسلامية تكاد تقترب من الصفر،.................................".كما ذكروا في بحثهما أن أن أعلى نسبة للانتحار على الإطلاق كانت بين الملحدين واللادينيين ، ثم البوذيين ثم النصارى ثم الهندوس وأخيراً المسلمين الذين كانت نسبة الانتحار بينهم تقترب من الصفر".

                      تعليق


                      • #12

                        ملاحظات فى ترجمة هذا الملحد اسماعيل ادهم
                        يقال عنه عدة اشياء مثل
                        1_ أنه حاصل على دكتواره فى الرياضيات عام 1931
                        2 _ عُيِّنَ مدرسًا للرياضيات في جامعة سان
                        3_ وكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية ----
                        4_ ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقره
                        5_ عاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وكتب في مجلاتها
                        ملاحظات
                        1_ حسب ما ذكر عنه من نبوغ و تفوق العلمى لدرجة ان يقال انه حصل فى اربعة سنوات ما قد يحصله غيره فى اربعين عام
                        ومع هذا النبوغ و الذكاء الخارق لا يوجد للمذكور اى رسالة علمية او كتاب واحد فقط فى هذا الفن !
                        2_ هناك ادعاء اخر بأنه كان وكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية { طبعا كان مسئول عن قسم الشبهات , لكن ليس ليدحضها بل ليخوض فيها } و هذا الادعاء تحديدا أن دل على شئ
                        فهو بكل تأكيد يدلنا على شيئين فى غاية الاهمية
                        1_ الرجل كاذب من ساسه لراسه لانه لا يوجد فى روسيا فى هذا الوقت تحديدا بين اعوام 1930 و 1936 كيان اسمه المعهد الروسي للدراسات الإسلامية
                        2_ بل يوجد شئ اخر اسمه اسمه >معهد الإستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية في مدينة بطرسبورغ. وتأسست عام 1854
                        وطبعا لو كان الرجل صادق و كان يقصد هذا المعهد فعلى رأى المثل الجواب بيبان من عنوانه بدون تعليق اخر
                        3_ ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقره
                        لا يوجد اطلاقا فى تركيا شئ اسمه معهد أتاتورك بأنقره
                        يقوم بتدريس مادة الرياضيات تحديدا
                        بل المعروف ان اتاتورك قام بتأسيس جامعة أنقرة فى العشرينات من القرن الماضى
                        ملحوظة اخيرة
                        عاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وكتب في مجلاتها
                        هذا الكتاب الذى نشره اسماعيل ادهم هذا الملحد الكاذب لا يتعدى عن رسالة من 13 صفحة
                        و جرأته فى نشر هذا الكتاب فقط هى سبب شهرته فى هذا الوقت
                        هذا الرجل ليس معروف له أصل من فصل
                        مجهول ابن مجهول ظهر فى اواخر الثلاثنيات من القرن الماضى
                        و كل ما كتب عنه فهو بناءً على إدعاءه هو فقط بدون دليل يثبت أى ما يدعيه سواء
                        عن حقيقة اسلامه و حفظه للقرأن الكريم صغيرا و الاغرب حسب كلامه ان أختيه كانتا على الملة النصرانية مثل امه و ابوه مسلم متشدد { سمك لبن تمر هندى }
                        و فى النهاية لا يسعنى سوى ان اقول الله المستعان

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
                        ردود 25
                        153 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عادل خراط
                        بواسطة عادل خراط
                         
                        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 4 أكت, 2021, 08:23 م
                        ردود 7
                        84 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عادل خراط
                        بواسطة عادل خراط
                         
                        ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 28 سبت, 2020, 07:20 ص
                        ردود 3
                        467 مشاهدات
                        1 معجب
                        آخر مشاركة محمد24
                        بواسطة محمد24
                         
                        ابتدأ بواسطة eeww2000, 18 يول, 2020, 10:43 ص
                        ردود 3
                        167 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة سعدون محمد1
                        بواسطة سعدون محمد1
                         
                        ابتدأ بواسطة eeww2000, 6 فبر, 2020, 08:40 ص
                        ردود 2
                        230 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة eeww2000
                        بواسطة eeww2000
                         
                        يعمل...
                        X