الاوضاع الحالية في باكستان و ما ستؤول اليه

تقليص

عن الكاتب

تقليص

sara94 مسلم اكتشف المزيد حول sara94
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • sara94
    2- عضو مشارك
    • 9 سبت, 2011
    • 220

    الاوضاع الحالية في باكستان و ما ستؤول اليه

    الان سوف ادرج مقالين كل منهما يتحدث عن كتاب يقدم رؤية مناقضة للاخر نوعا ما عن الاوضاع في باكستان و ما ستؤول اليه
    احد المقالين متفائل و الاخر متشائم

    احدهما [ما بعد باكستان]
    و الاخر كتاب (الحرب على باكستان)
  • sara94
    2- عضو مشارك
    • 9 سبت, 2011
    • 220

    #2
    سوف ابدأ بالذي يقدم نظرة متفائلة و هذه النظرة هي التي اميل لها
    من لا يريد ان يقرأ المقالين فليقرأ هذا فقط



    قراءة في كتاب (الحرب على باكستان)
    كتب أ. جلال الشايب*

    "قاوم" خاص- حاول الكاتب أن يجيب على عدة تساؤلات مهمة خلال صفحات كتابه، منها: ما مقومات القوة والضعف في الدولة الباكستانية؟ وما أسباب تفاقم الوضع الداخلي الباكستاني ووصوله إلى هذه الدرجة من التوتر والصراعات؟ وهل الأمر يتعلق بطبيعة القوة المؤثرة الأكبر على الساحة الباكستانية، وهي المؤسسة العسكرية بتركيبتها الداخلية، وأهداف قادتها، وما هو مدى التزامهم الإسلامي أو حتى بمفردات الأمن القومي الباكستاني؟

    ------------------------------

    كانت المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية في السابق قد تعرضت فيها إلى ضربات موجعة ومؤلمة وخطيرة، إلا أنها في كل مرحلة كانت تقع فيها ويظن أعداؤها أنها غير قادرة على النهوض مرة أخرى؛ فإنها تعود وتستجمع قواها من جديد بسرعة فائقة لتنهض من جديد لتبرز مرة أخرى، وتعلو هامتها، وتشرق بقيمها وعقيدتها على الأمم والشعوب المتعطشة إلى منهج خالقها عبر رسالته الأخيرة إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
    وعلى مر هذا التاريخ الطويل كانت حواضر الإسلام هي التي تضطلع بالدور الأساسي في تغيير واقع المسلمين، وفي تحمل مسئولية حمل الراية بدءًا من مكة والمدينة، مرورًا ببغداد ودمشق والقاهرة، وظهرت بعد ذلك إستانبول، وأخيرًا في منتصف القرن العشرين ظهرت باكستان.
    وللإجابة على سؤال لماذا تعتبر باكستان حاضرة من حواضر الإسلام الآن؟ قام مركز البحوث والدراسات بمجلة البيان بإصدار كتاب "الحرب على باكستان" لمؤلفه الأستاذ "حسن الرشيدي" مدير وحدة البحوث والدراسات بالمركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة.
    وقد حاول المؤلف دراسة التطورات المحتملة لحالة الحرب التي تعيشها باكستان منذ عام 2001م وحتى عام 2010م، وأثرها على النظام السياسي الباكستاني، وقد اختار هذه الفترة بالذات بالرغم من أن التاريخ السياسي الباكستاني - في أمة نشأت في منتصف القرن الماضي فقط - كان تاريخًا دراميًّا شديد التطور، زاخم بالأحداث والصراعات والحروب، ولكن وتيرة الصراعات داخل وخارج باكستان في العشر سنوات الأخيرة قد تزايدت، وشهدت مستويات غير مسبوقة من الصراع.
    وحاول الكاتب أن يجيب على عدة تساؤلات مهمة خلال صفحات كتابه، منها: ما مقومات القوة والضعف في الدولة الباكستانية؟ وما أسباب تفاقم الوضع الداخلي الباكستاني ووصوله إلى هذه الدرجة من التوتر والصراعات؟ وهل الأمر يتعلق بطبيعة القوة المؤثرة الأكبر على الساحة الباكستانية، وهي المؤسسة العسكرية بتركيبتها الداخلية، وأهداف قادتها، وما هو مدى التزامهم الإسلامي أو حتى بمفردات الأمن القومي الباكستاني؟ هل هناك صراع مكتوم بين أجهزة الجيش من مخابرات وقيادة أركان وغيرها من فرق الجيش الرئيسة؟ وهل هناك اختلاف بين هذه الأجهزة في علاقتها بالإسلاميين؟.
    فجاء كتاب "الحرب على باكستان" في تمهيد، وثلاثة أبواب متفرعة إلى مباحث، وخاتمة.

    أوجز الكاتب في تمهيد الكتاب بحديثه عن تاريخ وكيفية تكوين الدولة الباكستانية عبر تتبع سريع لتاريخ مسلمي الهند، وعلاقتهم بالهندوس، والاحتلال البريطاني، وأسباب اختيارهم الانفصال عن الهندوس لحظة الاستقلال، ويشار إلى أن الكاتب لم يقم بسرد مجرد قصص تاريخي، وإنما تتبع الأحداث؛ لاستخلاص السنن والقوانين التاريخية، والتي على ضوئها يمكن فهم وإدراك جزء كبير من الأحداث الحالية.

    فأكد المؤلف على أن ما يعنينا في التاريخ هو استنباط دلائل وخصائص تاريخية لا يزال يتمتع بها الباكستانيون والهنود من مختلف الملل والأديان في شبه القارة تلك حتى يومنا هذا، ولازالت تلك الخصائص تؤثر على الأزمة التي تمر بها باكستان الآن، مُقسمًا الحديث عن كيفية تكوين الدولة الباكستانية إلى مراحل، هي:

    أولاً: دخول الإسلام الهند.

    ثانيًا: مرحلة الدول الإسلامية.

    ثالثًا: مرحلة السيطرة البريطانية وانفصال باكستان.

    رابعًا: قيام باكستان.

    · الباب الأول: الجيش الباكستاني:

    وتحت عنوان "الجيش الباكستاني" جاء الباب الأول من الكتاب، ليخصصه المؤلف لتحليل الدور الذي يقوم به العسكر في السياسة الباكستانية؛ وذلك في خمسة فصول؛ كان أولها: أنماط النخب العسكرية وعلاقتها بالسياسة. وقد حصر الكاتب الخصائص العامة التي تميز الجيش عن غيره من البنى الأخرى المكونة للدولة، وهي خصائص مشتركة بين كل الجيوش، وتعتبر أحد الأسباب المفسرة لظاهرة تدخل الجيش في الحياة السياسية، وهي: «احتكار العنف الشرعي داخل المجتمع، والانضباط والطاعة التامة للأوامر، والتفوق التكنولوجي، وامتلاك المعلومات».
    كما حدد أنماطا ثلاثة للنخب العسكرية في دول العالم المختلفة؛ وهم: النمط الغربي، ونمط المتسلط، ثم نمط المتسلط الخفي.

    - تاريخ النخبة العسكرية الباكستانية وخصائصها:

    وللوقوف على أين تقع النخبة العسكرية الباكستانية من هذه الأنماط الثلاثة؟، جاء الفصل الثاني من الباب الأول للكتاب؛ حيث حمل عنوان "تاريخ النخبة العسكرية الباكستانية وخصائصها"، وفيه أرجع الكاتب الأصول التاريخية للمؤسسة العسكرية الباكستانية إلى ما قبل الاستقلال عام 1947م إلى المدرسة البريطانية؛ نظرًا لاحتلال بريطانيا الهند، وتشابه بنية وهيكلة الجيش الباكستاني بصورة كبيرة مع بنية الجيش الهندي البريطاني في نهاية القرن التاسع عشر.
    ثم رجح المؤلف تصنيف الجيش الباكستاني على طريقين: إداري وعملياتي:
    فمن حيث العملياتي يتكون الجيش الباكستاني من عشر فرق عسكرية، بينما يتكون الهيكل الإداري للجيش الباكستاني من جنرالين للقيادة: الأول رئيس هيئة أركان الجيش، والآخر رئيس لجنة قيادة الأركان المشتركة التي تتكون من قادة الفيالق العشرة.
    ولم يستطرد هذا الفصل في التاريخ، بينما قام برصد تدخل الجيش الباكستاني المباشر في السياسة الداخلية والخارجية في باكستان، ومدى تأثيره في عمليات صنع القرار، فقام بعملية رصد سنوات ممارسة العسكريين للحكم المباشر في باكستان، مشيرًا إلى أنها بلغت ما يقرب من خمسة وثلاثين عامًا في دولة عمرها واحد وستين عامًا، أي أكثر من نصف عمرها تقريبا وهي محكومة بحكم عسكري مباشر. فضلا عن أن النصف الآخر من عمر تلك الدولة والذي حكمه مدنيون كان للعسكر دور قوي في السياسة من وراء الكواليس.
    وأرجع الكاتب تأثير العسكرية القوي في الحياة السياسية الباكستانية لعدة عوامل، منها: الظلم الذي صاحب قيام دولة باكستان، والخوف من طغيان الهند، ورغبتها في استعادة باكستان، وضمها مرة أخرى إليها، ثم فساد الطبقة السياسية وانتهازيتها وضعف فكرها الاستراتيجي.

    - المخابرات الباكستانية:

    ثم ناقش الفصل الثالث من هذا الباب؛ دور المخابرات الباكستانية، محددًا في بدايته دور المخابرات بصفة عامة وطبيعة عملها، وآلية عمل المخابرات والتي ذكر أنها تتضمن شقين: نظري، وعملي، ثم ذكر الوظائف الرئيسية لكل شق بصفة كلية.
    وقد استعرض الدور الذي تلعبه المخابرات الباكستانية في الحياة السياسية الباكستانية، وخاصة أنه ألفت النظر إلى أن الدور الذي تلعبه تلك المؤسسة الاستخباراتية كأحد أهم مؤسسات الجيش الباكستاني مشكوكًا فيه باعتباره دورًا مزدوجًا حسب وصف بعض الجهات الغربية.
    ثم تحدث المؤلف عن تكوين جهاز المخابرات الباكستاني، ذاكرا أن أهم ثلاث وكالات للمخابرات في باكستان هي: خدمة المخابرات الداخلية (ISI) والمخابرات العسكرية (MI) ومكتب المخابرات (IB). وتختص كل هيئة بمسئوليات محددة، ولكنها تلتقي جميعًا في هدف واحد هو حماية الأمن القومي الباكستاني، وفي حالة أي نشاط داخلي أو خارجي يمسّ الأمن القومي الباكستاني يحدث تشابك ملحوظ في أنشطة الهيئات الثلاث.

    - الخلافات داخل الجيش الباكستاني :

    وجاء الفصل الرابع تحت عنوان "الخلافات داخل الجيش الباكستاني"، فبما أن المؤسسة العسكرية تضطلع بدور سياسي وخطير في الحياة السياسية الباكستانية، وهذا الدور يؤثر ويتأثر بتطورات إقليمية ودولية خطيرة تتداخل مع استراتيجيات إقليمية ودولية؛ فإن الخلافات واردة داخل هذه المؤسسة، ولكن الخطورة تكمن في أن تتطور هذه الخلافات إلى محاولة المخالفين الاحتكام إلى لغة القوة لتسوية هذه الخلافات، وهنا تكون الطامة الكبرى.
    واستعرض الكاتب تاريخ أهم حلقات التمرد ومحاولات الانقلاب، والتي قام بها أفراد أو مجموعات من الجيش الباكستاني تعطي انطباعًا أن هناك داخل المؤسسة العسكرية من في استطاعته التمرد، سواء ضد سياسيين كانوا متوافقين مع قادة عسكريين أو ضد قادة عسكريين مباشرة، مُستعرضًا أسباب هذه الانقسامات، وأهما: اختلاف التوجهات والأسس الفكرية بين ضباط الجيش أنفسهم.
    إلا أنه وعلى الرغم من ذلك في أن البعض يرى أنه إذا كان هناك تفلتًا في جهاز المخابرات(ISI)؛ فهي دائمًا تكون تحت السيطرة المباشرة لكبار القادة، وأن أي حديث عن هذه الخلافات يصبّ في مسألة تتعلق بتوزيع أدوار وتخفيف الضغوط الخارجية.

    - نظرة الجيش الباكستاني للولايات المتحدة:

    ثم جاء الفصل الخامس ليحمل نظرة الجيش الباكستاني للولايات المتحدة؛ فعلى الرغم مما تناقلته الصحف الأمريكية حول أن القادة العسكريين الباكستانيين القدامى يحبونهم، لأنهم يفهمون الثقافة الأمريكية جيدًا، ويعلمون أن أمريكا ليست عدو باكستان. إلا أن مشاعر الكره والغضب والإحباط من الولايات المتحدة في سلك الضباط الباكستانيين تنامت مع الوقت؛ نتيجة للسياسات الأمريكية المتقلبة في باكستان، والتي ثبت لهؤلاء الضباط أنها تتبع المصلحة الأمريكية فقط لا غير.
    واختتم المؤلف باب الكتاب الأول بتأكيده على أنه وبالرغم من الزلازل السياسية والعسكرية التي تحيط بباكستان، وبالرغم من تفجر الأوضاع داخلها؛ فإن العسكريين حافظوا على تماسك الدولة الباكستانية، واحتفظوا بسلاحهم النووي وقوتهم العسكرية.

    · الباب الثاني: الحركات الإسلامية:

    ناقش الباب الثاني من الكتاب؛ التيارات الفكرية الإسلامية في باكستان، مُصنفا إياها في ثلاثة مباحث مختلفة، حمل كل تيار مبحثًا منفصلا، فبدأ بالمبحث الأول وهو (التيار الديوبوندي): وذكر أنه تأسس في الخامس عشر من محرم عام 1283 هجرية، متمثلة في "جامعة دار العلوم" في مدينة ديوبند، والتي جاء إنشاؤها بعد أن قضى الإنجليز على الثورة الإسلامية في الهند عام 1857م؛ فكان تأسيسها ردَّ فعلٍ قوي لوقف الزحف الغربي ومدنيته المادية على شبه القارة الهندية لإنقاذ المسلمين من مخاطر هذه الظروف.
    ولقد كانت المدرسة الديبوندية في مجملها مدرسة بسيطة من ناحية استيعابها للفكر السياسي، وإدراكها للواقع العالمي والإقليمي المعقد؛ لذلك شاب تعاملها مع الواقع المحلي كثيرًا من التخبط والاضطراب، وبالرغم من جهودها العلمية، وإسهامها في الجهاد ودورها الريادي في الحفاظ على الهوية الإسلامية في شبه القارة الهندية، لكن عدم إدراك كثير من شيوخها لهذا الواقع المعقد، وكيفية التعامل معه بقواعد شرعية جعلهم في كثير من المواقف أشبه بحلفاء للخط الرسمي، سواء كان هندوسيًّا في الهند، أو نخبة علمانية حاكمة في باكستان.

    - السلفية في باكستان:

    ثم كان المبحث الثاني الذي فَصَّل وجود "السلفية في باكستان"، معرفًا إياها أول الأمر، ثم مُحددًا لماهيتها، واضعا حدودًا منهجية لتحديد إطارها العام.
    وأُرجع بعض الباحثين تاريخ السلفية في شبه القارة الهندية إلى العهد الإسلامي الأول؛ حيث دخل الإسلام على يد التجار والمجاهدين العرب الذين وصلوا إلى مقاطعات السند ومالابار وكجرات على سواحل البحر الهندي؛ فكانت هناك مراكز للحديث في بلاد السند وملتان وفد إليها المحدّثون من العرب والعجم.
    وتعتبر بداية العمل المؤسسي الحقيقي للسلفية في الهند كانت في عام 1906م حين قرر علماء أهل الحديث برئاسة شيخ الإسلام أبي الوفا ثناء الله الأمرتسري تشكيل جمعية لهم تقوم على نشر الدعوة على منهج الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، ومقاومة الحركات الهدامة، ومواجهة تحديات العصر تحت اسم مؤتمر أهل الحديث لعموم الهند.
    ثم شهد عام 1992م أول انخراط فِعلي للحركة السلفية في باكستان في العمل السياسي العام، ولكن هذا أدى إلى تشتتها إلى عدة فرق أهمها: جمعية أهل الحديث المركزية، وجمعية أهل الحديث الموحدة، وجمعية غرباء أهل الحديث، وجمعية أهل الحديث (مجموعة إلهي).
    وفي ختام هذا المبحث أكد المؤلف على أن السلفية لم تسلم في باكستان من ظاهرة التشرذم والانقسام التي تحياها في المنطقة العربية، وبرغم استنكاف غالبية فصائلها عن العمل السياسي؛ فإنه حتى الفصيل الذي شارك في العملية السياسية لم يستطع إضافة شيء ملموس إلى العمل الإسلامي، أو يقدم رؤية مبدعة،

    - الجماعة الإسلامية في باكستان:

    وللحديث عن التيار الثالث في باكستان؛ أفرد الكاتب المبحث الثالث، حيث جاء بعنوان "الجماعة الإسلامية في باكستان"، والتي ظهرت بزعامة أبو الأعلى المودودي ضرورةً لمسلمي الهند، ولا زال لهذه تأثيرها الفكري داخل باكستان، وإن كان ملحوظًا أكثر خارجها.
    وصحيح أن الجماعة الإسلامية قد استقلت وإلى حد كبير عن تأثيرات السلطة وتوجيهاتها وتوجهاتها، خلافًا لبعض التنظيمات والتيارات الأخرى، ولكنها عجزت حتى الآن على أن تصبح رقمًا لا يمكن تجاوزه في الحياة السياسية الباكستانية.

    - الجماعات الجهادية:

    ولما انتهى الكاتب من ذكر التيارات الإسلامية السالفة الذكر؛ كان لابد من ذكر الجماعات الإسلامية الجهادية في باكستان، وخاصة أن الرافد الجهادي علامة واتجاهًا للصحوة الإسلامية في العالم، وليس في باكستان فحسب.
    ولهذا جاء الفصل الثاني من باب هذا الكتاب الثاني، متضمنًا المعنى السابق، حاملاً عنوان "الجماعات الجهادية"، ولقد خطت هذه الجماعات لنفسها دورًا مميزًا في الأحداث التي شهدتها هذه الدولة، خاصة منذ انتهاء الحرب السوفييتية في أفغانستان، وتصاعد هذا الدور بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
    وقد ركز الكتاب في هذه المسألة على الانبثاق الجهادي المعاصر في باكستان، وقسم ذلك إلى نوعين من الجماعات الجهادية، أو التي تتبنى الخيار العسكري على خلفية إسلامية.
    فهناك الجماعات التي لم تجعل الحكومة الباكستانية هدفًا لها؛ وهي التي لم تتخذ من إصلاح الداخل طريقًا، بل ركزت جلّ جهودها على مساندة أشقائهم في البلدان المجاورة والذين تعرضوا إلى هجمات الأعداء عليهم في أفغانستان وكشمير، وحتى الهند، وهذا النوع وجد مساندة ودعمًا من قِبَل جهاز المخابرات الباكستاني.
    وهناك نوع آخر وضع بين أهدافه أو على قمتها تطبيق الشريعة في باكستان؛ لذلك جاء الاصطدام سريعًا بالنظام الباكستاني، ودخل معها في شبه حرب عصابات، بل أصبح مستهدفًا أمريكيًّا بعد أن رفع النظام الغطاء عنه، ويأتي على قمة هذه التجمعات ما بات يُعرف باسم طالبان باكستان.

    وقد حدد الكاتب بنية ونشاطات وأهداف حركة طالبان الباكستانية، مستشهدًا بتصريح الملا فقير محمد الذي حصرها في ثلاثة أهداف:

    الأول: دفع وصد اعتداءات القوات الباكستانية على المناطق القبلية وإخوانهم المسلمين.

    الثاني: مساعدة إخوانهم المجاهدين في أفغانستان.

    الثالث: تطبيق الشريعة في باكستان.

    وقد انعكس هذا التجمع على عمليات طالبان باكستان، وتساءل الكاتب عن من يقاتل حقيقة في منطقة القبائل؟، وقسمها مجيبا حسب الإقليم الذي نشأت فيه أو سيطرت عليه أو كانت أكثر عملياتها في أراضيه، إلى جنوب وزيرستان، وشمال وزيرستان، والبنجاب، وباجور، ومهمند، وكورام، وأوراكزاي، وخيبر، ودارة آدام خيل، ووادي سوات.
    وعن الموقف الباكستاني من طالبان باكستان، يقول الكاتب: مع نشوء الحركة لم تحاول الدولة في دخول في صدام مباشر مع هذه الحركة لعدة عوامل منها: تصاعد الغضب الشعبي العارم من جراء الهجمات الأمريكية على باكستان، وتخلي الحكومة الباكستانية عن دعم طالبان الأفغانية، ومنها أيضًا أن تاريخ منطقة القبائل لا يبشر بأي حسم في التعامل معها، أما السبب الأقوى فهو اعتقاد قيادة الجيش الباكستاني أن قمع الباكستانيين المساندين لطالبان أفغانستان هو بمثابة تقديم خدمة مجانية بلا مقابل للولايات المتحدة.
    إلا أنه وبمرور الوقت بدأت الولايات المتحدة تشعر بالعجز عن هزيمة طالبان الأفغانية؛ فزادت الإدارة الأمريكية من ضغوطها على باكستان تارة، وهو مما حدا بالجيش الباكستاني أن يقوم بقصقصة أجنحة طالبان باكستان بإتباع أسلوب التحايل والتفرقة بين اهدافه الطالبانية، فعمل على تأليب القيادات، وزرع التنافس والانشقاق مستغلاً ضعف خبراتهم القيادية واندفاعهم وحماستهم.
    ومع كل تلك العمليات التي يقوم بها الجيش إلا أنه قد ظهر غير قادر على وقف أنشطة طالبان باكستان، فلقد أثبتت من خلال عملياتها المستمرة ضد مؤسسات الجيش أن قدراتها العسكرية والتخطيطية لا تزال تعمل بالرغم من الضربات والاعتقالات التي تعرضت لها.

    · الباب الثالث "الاستراتيجية الأمريكية في باكستان":

    لما كان من الطبيعي عند الحديث عن مشاكل باكستان عدم تجاهل القوة الأبرز على الساحة العالمية، والذي يعدها كثير من المحللين القوة الأولى في ترتيب النظام الدولي لما تتمتع به من خصائص لا يتوفر في مثيلاتها من الدول الأخرى، سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري أو التكنولوجي أو غيرها من مستويات القوة.
    وهو ما وفره الكاتب في الباب الثالث من كتابه "الحرب على باكستان"، وجاء تحت عنوان "الاستراتيجية الأمريكية في باكستان"، ولقد جاء الباب في أربعة فصول، حمل الرابع منهم ثمانية مباحث.
    وتظهر تلك الاستراتيجية جلية في مقولة الرئيس الأمريكي أوباما أثناء اجتماع في المكتب البيضاوي في 25 نوفمبر من عام 2009م قرب نهاية مراجعة الاستراتيجية الأمريكية في باكستان، حيث قال (نريد أن نوضح للشعب أن السرطان في باكستان).
    ويذكر المؤلف الجليل أننا وبالتأمل في العلاقة الأمريكية الباكستانية؛ فسنجد أنه لم تشهد علاقة بين بلدين هذا الكمّ من الغموض والتذبذب، كما تشهده تلك العلاقة فكثير من المحللين يصفونها بالتحالف والتبعية الباكستانية لأمريكا؛ بينما يعدها آخرون نوعًا من ألعاب القط والفأر بين البلدين.
    ولقد وضع الكاتب مبدأ عند الشروع في هذه العلاقة؛ حيث حدد أنه عند التعامل مع العلاقات بين البلدين لابد من السير في خط علمي للوصول إلى حقيقة تلك العلاقات، لذا قام في البداية بوضع مفاهيم لمعنى الاستراتيجية، ثم حصر عناصر دراسة أي استراتيجية للدول والجماعات والمنظمات في: الواقع الحالي للدولة المراد دراسة استراتيجيتها، والهدف الأعلى أو الغاية التي تريد تحقيقها، والمسارات والخيارات أمامها للوصول إلى هذا الهدف، والفكر السياسي الذي يحدّد الغايات والمسارات، والعقبات التي تعوق عمل هذه المسارات، والمحفزات والتي تشجّع سيرها في تلك المسارات، والبيئة الدولية والإقليمية والمحلية التي تنطلق فيها، وتتعامل معها هذه الاستراتيجية.
    وعلي ما سبق فإننا بتطبيق ودمج العناصر السابقة على استراتيجية الولايات المتحدة تجاه باكستان نستطيع أن نجمل أهم العناصر التي تلزمنا للاقتراب من هذه الاستراتيجية، وهي:

    أولاً: خصائص الفكر السياسي الأمريكي.

    ثانيًا: الأهداف العليا للولايات المتحدة والمسارات الاستراتيجية لتطبيقها.

    ثالثًا: نظريات الجغرافيا الاستراتيجية؛ حيث تعطينا من منظور الولايات المتحدة تصورًا للبيئة الإقليمية والدولية.

    رابعًا: موقع باكستان في هذه الاستراتيجيات.

    ولقد فصل الكاتب ذلك في فصول أربعة حواها هذا الباب من الكتاب.

    - خصائص الفكر السياسي الأمريكي:

    ناقش في الفصل الأول "خصائص الفكر السياسي الأمريكي"، وأكد على أنه هو أحد أقدم فروع العلوم السياسية، ويصطلح كثير من المفكرين والمتخصصين في الشأن الأمريكي على أن هناك ما يعرف بثلاثية: الثروة، والدين، والقوة. وهذه الثلاثية هي التي يجري على أساسها تفسير أي سلوك اجتماعي، وما يتفرع عنه من سلوك سياسي تسير وَفْقَه السياسة الأمريكية.
    فغطرسة القوة الأمريكية هي الرغبة الجامحة في فرض السطوة والاستحواذ على مقدرات وقدرات وممتلكات الآخر، وإخضاعه واستعباده بأي شكل من الأشكال.
    والدين يمثل جانبًا كبيرًا في التكوين النفسي للأمريكيين؛ فالتجارب التي مر بها المهاجرون البروتستانت من أوروبا إلى أمريكا قارنوا بينها وبين التجارب التي مر بها اليهود القدماء، عندما فروا من ظلم فرعون إلى أرض فلسطين.

    - الأهداف العليا للولايات المتحدة، ومسارات التطبيق:

    وفي الفصل الثاني من هذا الباب يناقش المؤلف الأهداف العليا للولايات المتحدة، والمسارات الاستراتيجية لتطبيقها، فلقد ذكر أن الباحث عن الاستراتيجية الأمريكية في العالم لا ينبغي عليه تغافل أهداف هذه الاستراتيجية؛ لأن على ضوئها يتضح له مرتكزاتها؛ ولقد استشهد الكاتب بمؤلف جاري هارت عام 2006م (القوة الرابعة: الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين)، وكذا أقوال زلماي خليل زادة حيث أن حدد هدفًا رئيسًا للولايات المتحدة، وهي المحافظة على الزعامة العالمية، ولذلك يجب أن تتبع عدة استراتيجيات أهمها:

    - الحفاظ على التحالفات القائمة بينها وبين الدول الديمقراطية أو ذات الاقتصاديات الغنية.

    - منع الهيمنة المعادية على المناطق الحساسة.

    - منع عودة الهيمنة الروسية والنزعة التوسعية الصينية مع تعزيز التعاون بين هاتين الدولتين.

    - الحفاظ على التفوق العسكري الأمريكي.

    - الحفاظ على القوة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية.

    - التعقل في استخدام القوة.

    - كسب التأييد المحلي للزعامة الأمريكية.

    - الجيوستراتيجي والتمدد الأمريكي:

    ويتناول الفصل الثالث الجيوستراتيجي والتمدد الأمريكي، مُعرفًا فيه المصطلحات المستخدمة؛ ثم مُلفتًا الأنظار إلى محاولة الجغرافيين الأمريكان للإدلاء بدلوهم في نظريات هذا العلم السياسي بما يتفق مع الأهداف التوسعية الأمريكية، وفي نفس الوقت مراعاة ظروف جغرافية بلدهم، فخرجوا بعدة نظريات مختلفة تتفق وغاياتهم الاستعمارية.

    - باكستان في الاستراتيجية الأمريكية :

    أما في الفصل الرابع، فلقد اهتم الكاتب بمكانة "باكستان في الاستراتيجية الأمريكية"، وفصل في الأمر جيدًا حيث أورده في ثمانية مباحث مختلفة؛ بدأ بمقدمة أكد فيها على هدف الاستراتيجية الأمريكي الأساسي؛ والذي يتمثل في أن بسط الهيمنة يتطلب إخضاع قلب العالم، ومن ثم تحقيق السيطرة الكونية، ولما كانت باكستان جزء من الشرق الأوسط الذي تخصه الولايات باستراتيجية تلك التي تقوم على تحقيق ثلاثيتها: (القوة، والمال، والدين) من خلال حروبها الشرق أوسطية في العراق، وأفغانستان، والحرب على الإرهاب وقواعدها المنتشرة في تلك المنطقة، وذلك يمثل بُعد القوة، ثم بتأييدها لإسرائيل، وضمان أمنها، وهذا هو البعد الديني في سياستها الشرق أوسطية، وأخيرًا حرصها في هيمنتها على منابع النفط ومسارات نقله مما يمثل بعد المال في هذه الاستراتيجية.
    فإذا أعاقت باكستان تلك الأهداف؛ فإنها بلا شك تمثل تحديًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة يجب عليها أن تتعامل معه، وعليه فإن باكستان عالقة بشكل عنيف وبارز مع الولايات المتحدة في حروبها، سواء التي في أفغانستان أو مع الإرهاب.
    ويرسم لنا تاريخ العلاقات بين البلدين صورة حقيقية عن طبيعة الأهداف والاستراتيجيات الأمريكية تجاه باكستان.
    ولقد مرت الاستراتيجيات الأمريكية تجاه باكستان بثلاث مراحل، أولها: مرحلة الحرب الباردة، والتي اعتمدت فيها الولايات المتحدة على باكستان نظرًا لقربها من الاتحاد السوفييتي الذي شكّل في هذه المرحلة العدو الأساسي للولايات المتحدة، ودعمت الحكومات المتعاقبة لهذه الدولة.
    ثم مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وبعد انهيار حلف وارسو وسقوط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي؛ أحدث تغيرًا أساسيًّا في الرؤية الأمريكية لعلاقاتها الدولية؛ فكانت بداية التحول في زيارة الرئيس كلينتون إلى الهند؛ حيث اتسمت زيارته لها بالحرارة؛ بينما اتسمت زيارته لباكستان بالبرود. وأصبح من الواضح أن هوى الولايات المتحدة يميل نحو الهند، دون باكستان.
    ثم تأتي مرحلة ما بعد ضربات 11 سبتمبر، وفيها برز الاحتياج الأمريكي مرة أخرى إلى باكستان بعد الضربات التي تلقتها الولايات المتحدة في عقر دارها؛ حيث إن باكستان هي الراعي الأول لطالبان الحاكمة لأفغانستان، والتي يتواجد فيها قيادات القاعدة، فكان السبيل الأنجع للقضاء عليها هو فكّ عرى التحالف بين باكستان وطالبان، ومن ثَم يسقط الملاذ الآمن لطالبان وبالتالي للقاعدة.
    ومع تولي أوباما سدة الرئاسة في البيت الأبيض في أوائل عام 2009م يمكن ملاحظة التغيير والتركيز في الاستراتيجية الأمريكية تختلف عن إدارة بوش، وقد برز هذا التغير في ثلاثة محاور أساسية: مباحثات الحوار الاستراتيجي، مزج القضية الأفغانية بالباكستانية فيما يعرف باستراتيجية أفباك، ومشروع كيري لوجار. ولقد تناول الكاتب شرح ذلك بالتفصيل.

    - الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في باكستان :

    بدأ الحديث في المبحث الأول للفصل الرابع؛ حول الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في باكستان، وخاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م وارتفاع أصوات أمريكية تطالب بضرورة معاقبة باكستان على مساندة دوائر في الجيش الباكستاني، حتى بلغت حدًّا غير مسبوق بضرورة إعلان الحرب المباشر على باكستان بعد حدوث تفجيرات تايمز سكوير في شهر مايو 2010م.
    وقد جمع الكاتب عدة مستويات للتدخل العسكري الأمريكي في باكستان، منها: إطلاق الصواريخ من طائرات بدون طيار، والتي أصبحت استراتيجية ثابتة للولايات المتحدة، ثم المستوى المخابراتي: التي حاولت فيه القيادة العسكرية الأمريكية تعويض نقص الجنود لديها في ساحة الحرب، وكذلك لتجنب الآلة الإعلامية الملاحقة لتجاوزات جيشها في مناطق الاحتلال، وذلك بالتعاقد مع شركات استخبارية مثل بلاكووتر لتنفيذ عدد من المهام العسكري وذات الطابع الاستخباري.
    ويعد التدخل العسكري المباشر هو المستوى الثالث للتدخل الأمريكي في باكستان، رغم أن الولايات المتحدة حريصة على عدم الولوج في هذا، ولكنها في الآونة الأخيرة اضطرت إلى تجريب الزجّ بقوات لها في الساحة الباكستانية.

    - الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان، ودور باكستان فيها:

    وفي المبحث الثاني يتناول الكاتب الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان، ودور باكستان فيها، فأفغانستان تعتبر مأزق أوباما الأساسي في العالم، ولقد توصلت إدارة أوباما في النهاية أن الحلقة الأهم من حل معضلتها في أفغانستان هو اللعب بالورقة الباكستانية، فعملت على توحيد مسرح اللعب ليشمل كل من الدولتين.
    هذا الارتباط بين الدولتين له بُعده الجغرافي؛ حيث إن الحدود الأفغانية الباكستانية تبلغ 1640 ميلاً، وبها 300 معبر غير رسمي.
    لذلك ظل الجدل محتدمًا داخل إدارة بوش، ومن بعدها إدارة أوباما حول أولويات العمل من أفغانستان، أم من باكستان، هل نسميها إف باك أم باك إف؟
    إن المشكلة الكبرى التي اكتشفها الأمريكيون متأخرين، سواء في الأيام الأخيرة لإدارة بوش أو في بدايات أوباما، إنه كان من الخطأ الذهاب إلى أفغانستان في عام 2001م، والدخول في هذا المستنقع الذي لا يبدو منه خلاص أمريكي قريب قبل حل المعضلة الباكستانية، والتي تتمثل بشكل أساسي في النظرة الاستراتيجية الباكستانية لأفغانستان، وأنها تمثل امتدادًا استراتيجيًّا لها، وهذا النظرة متعمقة بصورة أساسية لدى العسكريين الباكستانيين، وهم اللاعب الأخطر في توجهات باكستان.
    ونظرًا للإرث الطويل من عدم الثقة المتبادل بين الأمريكيين والباكستانيين؛ فإننا لا نعتقد بذلك بل نظن أنه يأتي في إطار إثبات القوة الباكستانية، وقدرتها على إمساك الورقة الأفغانية، وأن بوسع الولايات المتحدة الانسحاب بعد أن تترك لباكستان هذه الورقة، وبذلك تضمن بقاء أفغانستان كامتداد استراتيجي لها في صراعها مع الهند.

    - استخدام الورقة الهندية:

    وذكر الكاتب في المبحث الثالث من هذا الفصل استخدام الورقة الهندية بالنسبة في الاستراتيجية الأمريكية، وخاصة أن صانعي السياسة في الولايات المتحدة يدركون معضلة أن باكستان لن تتعاون في تنفيذ الأهداف الأمريكية إلا إذا أدركت الولايات المتحدة المخاوف الأمنية الباكستانية ناحية الهند، ولكن المأزق الحقيقي يكمن في أن الهند حليف أمريكي أساسي في منطقة جنوب آسيا، ولاعب قوي يقف أمام الصعود الصيني في العالم، كما أن الهند باتت قطبًا كبيرًا من أقطاب الاقتصاد العالمي، وهو ما يزيد من الإشكالية الأمريكية.

    - ورقة المساعدات الاقتصادية:

    وفي المبحث الرابع يتم التأكيد على أن ورقة المساعدات الاقتصادية؛ هي أحد الأوراق الأمريكية المهمة التي تلعب بها ليس مع باكستان فحسب، ولكن مع المجتمع الدولي ككل، فالاقتصاد الأمريكي هو الأول والمهيمن في العالم.
    ومن أجل تحقيق ذلك الهدف؛ فإنه لا بد من تحقيق الأمن من خلال هزيمة طالبان، ومن ثَم لا بد من جذب أو إغراء مناطق القبائل من خلال منحهم مشاريع سياسية أو اجتماعية من التي يحددونها مع التنمية المطلوبة من خلال تطبيق مشروعات الإغراء هذه، والتي تتضمن بنية تحتية وتنمية اقتصادية.، وذلك لقطع الطريق على تمدد نفوذ ما تطلق عليهم متشددين،

    - الدعم العسكري:

    ويناقش المبحث الخامس الدعم العسكري لباكستان؛ ويتجلى ذلك في تصريح أوباما "إن المناطق القبلية مترامية الأطراف ووعرة، وكثيرًا ما تكون غير خاضعة لسلطة الدولة. وهذا هو السبب الذي يجعلنا نركز على المساعدات العسكرية والعتاد والتدريب والدعم التي تحتاج إليه باكستان من أجل القضاء على الإرهاب.. لا بد لنا من أن نعزز تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري على طول الحدود".
    من هذا المنطلق الذي كشف عنه الرئيس أوباما تحاول أمريكا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر استثمار مساعداتها العسكرية لباكستان كورقة ضغط لتعديل سلوك النظام الباكستاني بما يتوافق مع التطلعات الأمريكية، وخاصة ما يتعلق منها بمحاربة الإرهاب.

    - حرب الأفكار:

    ويساهم المبحث السادس لهذا الفصل في مسالة حرب الأفكار، في إبراز الجانب الخطير من حرب الأفكار التي تشنها الولايات المتحدة على كل من أفغانستان وباكستان والذي يتمثل في إنشاء المدارس العلمانية، وإنتاج برامج تليفزيونية باللغة الإنجليزية موجهة لأطفال باكستان،ونشر الفساد داخل المجتمع الباكستاني عن طريق نشر الفساد الهندي؛ من خلال غزو الأفلام الهندية.

    - تشكل النظام السياسي الباكستاني وفق الرؤية الأمريكية:

    ولقد بذلت أمريكا كل ما في وسعها لتشكل النظام السياسي الباكستاني وفقا لرؤيتها، وهو ما وضحه الكاتب في مبحث هذا الفصل السابع، فلقد دأبت الأدبيات السياسية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية على استخدام مصطلح تغيير النظام.
    فبعد الحادي عشر من سبتمبر حسمت الولايات المتحدة خياراتها بالنسبة لتغيير الأنظمة وتحركت صوب هذا المنحى في منطقة الشرق الأوسط.. المنطقة التي أفرزت هؤلاء الذين وجّهوا لها ضربة عسكرية في عقر دارها؛ فكان لا بد من تغيير نمط البيئة السياسية، والتي أفرزت هؤلاء الإرهابيين.

    - توجيه الإنذارات وتوسيع دائرة الاهتمام:

    وفي المبحث الثامن والأخير لهذا الفصل بَيّن الكاتب فيه أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة جعلت النظام الباكستاني تحت الضغط المعنوي الدائم؛ عن طريق إطلاق التهديدات المباشرة وغير المباشرة، وتسريب سيل من التقارير لوسائل الإعلام المختلفة، فهناك مثلاً التحذير من الاستيلاء على السلاح النووي الباكستاني عبر تسريب الأنباء في الصحف الأمريكية، وعن وجود قوات خاصة أمريكية تتدرب للسيطرة على مجمع كهوتا الذي يضم المفاعل النووي الباكستاني.
    ولقد تنوعت أساليب هذه التهديدات، فمنها إطلاق التصريحات، وخاصة تلك التي تفيد بوجود تعاون بين المخابرات الباكستانية والجماعات الجهادية، ومنها كذلك نشر الأبحاث والتقارير الصحفية التي تهدد باكستان، ومنها أيضا: استغلال بعض الأحداث المرتبطة بباكستان لتوجيه اللوم إليها، وافتعال بعض المشكلات للضغط بها على النظام الباكستاني، وأيضا الاستعانة بكل عناصر القوة والدبلوماسية الأمريكية.
    وفي خاتمة الباب الثاني أكد الكاتب أن هناك هدفين أساسين تريدهما الولايات المتحدة من باكستان، ويمكن تصنيفهما ضمن الأهداف الأمريكية الكبرى الآن، وهما: ضمان تعاون باكستان في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، واستمرار الدعم الباكستاني لقوات الناتو في أفغانستان.

    · خاتمة:

    ولقد وقف مؤلف كتاب "الحرب على باكستان" في خاتمته على تقسيم الأطراف اللاعبة في البيئة الباكستانية، محددا إياها: بالجماعات الإسلامية، وهي الفاعل الرئيس في البيئة الداخلية، تضغط باتجاه مطالب أهمها: تطبيق الشريعة في باكستان، بل أيضًا العودة للخلافة الإسلامية، كما تطالب بمناصرة طالبان أفغانستان في حربها لاسترداد أفغانستان من احتلال الناتو، ومن ثَم توفير ملاذات آمنة لجماعات المقاومة تلك، ومن مطالبها أيضًا استرداد كشمير.
    وفي نفس الوقت تضغط الولايات المتحدة، وهي الفاعل الرئيس في البيئة الخارجية، لتحقيق عدة مطالب منها: انسحاب آمن للقوات الأمريكية من أفغانستان، مع ضمان عدم وجود تأثير للقاعدة على النظام الذي سيتشكل في كابول، كما تريد الولايات المتحدة القضاء على الملاذات الآمنة للقاعدة ومناصريها في منطقة القبائل، كذلك ترغب أمريكا في استتباب الأمن في منطقة جنوب آسيا، وأمن حليفتها الكبرى الهند.
    ويحاول النظام الباكستاني، مواجهة مطالب البيئة الداخلية والخارجية بعدة استراتيجيات أهمها: توجيه الحالة الإسلامية الباكستانية في اتجاه توحيد البلاد ضد الفوضى العرقية والمذهبية، كما يستخدم عددًا من الجماعات الإسلامية؛ كي يخوض بها حربًا بديلة ليحقق بها أهدافه، سواء لاسترداد كشمير أو لجعل أفغانستان ظهيرًا استراتيجيًّا للدولة الباكستانية، وفي نفس الوقت يستخدم مزيجًا من سياسات القمع والتهدئة والصفقات مع بعض هذه الجماعات، والتي تقاوم استراتيجيته تلك.
    وإزاء المطالب الأمريكية يتبع النظام الباكستاني أسلوبًا مراوغًا؛ ولذلك يقوم بتوفير الحماية لطالبان أفغانستان، ودعم الحركات المجاهدة في كشمير، وذلك بصورة سرية، بينما في العلن يجاهر بمساندة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب، كما عمل على إجهاض الخطة الأمريكية بتغيير ركائز القوى داخل النظام.

    · سيناريوهات المستقبل:

    ثم عمل الباحث على إيجاد سيناريوهات لمستقبل تلك العلاقات؛ مرجحًا أن احتمالات المستقبل، كالتالي:

    أولا:

    على الصعيد الأمريكي: باتت الإدارة الأمريكية على قناعة أن مفتاح حل أزمتها في أفغانستان يوجد في باكستان، ولكي تنسحب بهدوء من أفغانستان، ولا تعود هذه البلاد مرة أخرى بيئة لنمو الجماعات التي تهدد أمن أمريكا؛ يجب عليها استرضاء الجيش الباكستاني، وأن تعهد إليه بأمر هذه الأرض؛ بحيث يستطيع أن ينصب نظام موالٍ له في أفغانستان، وتتعهد باكستان هي نفسها أمام أمريكا بعدم عودة القاعدة مرة أخرى في أفغانستان.
    وهذا السيناريو هو الخيار الوحيد للولايات المتحدة بجانب مراقبتها للدولة الباكستانية وحرصها على توغل الليبرالية الغربية في مفاصل هذه الدولة.

    ثانيا:

    على الصعيد الباكستاني: فقد تركت الهزيمة السوفييتية في نهاية الثمانينيات، ومن ثَم انسحابها من أفغانستان، وما لابسها من ظروف أثرًا غائرًا في داخل النظام الباكستاني لا يزال موجودًا حتى هذه اللحظة، وهو ما جعل استراتيجية الجيش تبنى على ثلاثة أسس مهمة:
    الأول: ضرورة اتخاذ أفغانستان ظهيرًا استراتيجيًّا لباكستان في صراعها للبقاء، خاصة أمام عدوها الهندي اللدود.
    والثاني: إن إمكانية انسحاب قوة كبرى من أرض استولت عليه يمكن تحقيقها بواسطة حرب عصابات يمكن أن تُشَنّ عليها، وبذلك يمكن تطبيق النموذج الأفغاني في كشمير؛ حيث يمكن إجبار الهند على سحب قوتها من هناك.
    الثالث: هي عدم الثقة في الولايات المتحدة بعد أن تخلت عن أفغانستان وباكستان، بل وتثور حولها الشبهات في اغتيال ضياء الحق.
    لذلك ستواصل القيادة العسكرية نهجها، وهو الصبر حتى تخرج أمريكا من أفغانستان، ومقابلة الضغوط الأمريكية بمحاولة الالتفاف حولها بقدر الإمكان، وفي نفس الوقت إخضاع الحركة الإسلامية، وبالأخص المسلحة منها، بجميع الوسائل سواء السياسية والعسكرية حتى تنضوي في الاستراتيجية الباكستانية.
    وفي العموم جاء الكتاب مليئًا بالمعلومات والبيانات، جامعاً تلك المعلومات بالطرق والمناهج العلمية، بين الوصفية والتاريخية والتحليلية، وهي مستقاة من المراجع التي نجدها في نهاية الكتاب من كتب وتقارير ومجلات ووثائق، فجاء البحث شاملاً، واضعًا لنفسه مكانة في المكتبة السياسية.

    · كاتب وصحفي مصري.

    "حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"
    http://ar.qawim.net/index.php?option...13&Itemid=1426

    تعليق

    • sara94
      2- عضو مشارك
      • 9 سبت, 2011
      • 220

      #3
      هذا المقال يقدم ما يمكن ان يكون خاتمة مأساوية لباكستان و هو التفكيك


      [ما بعد باكستان]

      - نظرة تاريخية
      - الفتح الإسلامي
      - فكرة قيام الدولة الباكستانية
      - الدين وأهميته في الدولة الباكستانية
      - العلاقة مع الهند
      - العلاقة مع أفغانستان
      - عوامل البقاء وعوامل الانهيار في باكستان
      - عوامل الانهيار في باكستان فهي كثيرة منها
      - ماذا بقي لباكستان من عوامل البقاء
      - المعادلة الخاطئة
      - باكستان والتفكيك القادم
      - سيناريو ما بعد باكستان
      - الباكستاني بعد التفكيك


      بقلم الأخ
      [ أبو عبيدة / عبد الله العدم ]
      - حفظه الله –


      مجموعـة الأنصار البريديـة
      1431هـ //2009م

      إن السياسات الطيبة ليست ضماناً أكيداً للنجاح، ولكن السياسات السيئة ضمان محقق للفشل.. داوت أيزنهاور القائد العام لجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية لفترتين متتاليتين ملخصاً تجربته العسكرية والسياسية، والذي يعنينا من هذه المقولة هو شقها الثاني: لكن السياسات السيئة ضمان محقق للفشل، لأنه يجسد الحالة الباكستانية بشقيها العسكري والمدني منذ اتخاذ الجنرال برويز مشرف قراره بالوقوف مع الولايات المتحدة في حربها على ما يسمى " الإرهاب" وحتى كتابة هذه الأسطر ، فالناظر في حال باكستان اليوم يدرك مدى التخبط الذي تعيشه المؤسسة العسكرية ورديفتها في الحكم المؤسسة الرئاسية برئاسة السارق زرداري، وعمق الهاوية التي تهوي إليها البلاد تحت ظل ستة عشر جنرالاً يحكمون في روالبندي، مما سيقود البلاد إلى التفكك والتشرذم وذلك في أحسن أحوالها إن لم تبتلعها جارتها المتربصة وعدوتها اللدودة الهند وتصبح أثراً بعد عين، وهذا بيان ذلك والله وحده المستعان .
      نظرة تاريخية:
      تشكل باكستان بجغرافيتها اليوم القسم الأكبر من الحضارة القديمة التي عرفت باسم حضارة وادي نهر السند هذه الحضارة التي قامت قبل ما يقرب من 4500 سنة قبل الميلاد واستمرت لما يقرب من 800 عام، ثم اندثرت ليتعاقب على حكمها واستيطانها بعد ذلك أقوام مختلفة، حيث حلَّ فيها الآريون القادمون من أواسط آسيا واستوطنوا البنجاب وغيره من أقاليم الهند، ثم أخضعها الفرس لحكمهم في القرن السادس قبل الميلاد لتصبح جزءاً من الإمبراطورية الأخمينية ، ثم غزاها الاسكندر الأكبر اليوناني ليضمها إلى ملكه، ولم يلبث فيها كثيراً حتى غزاها إمبراطور ماوريا تشاندراجوبتا، وهكذا تعاقب على حكمها وإخضاعها الكثير من الممالك والأمم منهم دولة باكتريا اليونانية وشيدوا فيها مملكة كبيرة، ثم أعقبهم في حكمها الإسكاثيون القادمون من أفغانستان، ثم البارثيون القادمون من شرق بحر قزوين، ثم هزمهم الكوشان القادمون من أواسط آسيا وأقاموا فيها مملكة استمرت مئات السنين، ثم خضع قسم منها للمملكة جبتا ، ثم أخضعها لحكمهم قبائل الهون القادمة من أواسط آسيا.

      الفتح الإسلامي:

      بدأت طلائع الفتح الإسلامي تفد على بلاد السند في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبقيت محدودة قاصرة على أطراف بلاد السند، ولم تأخذ بلاد الهند نصيبها من الفتح ونشر الإسلام في ربوعها إلا في عهد الدولة الأموية، فقد أحجم عثمان رضي الله عنه عن إرسال المسلمين إليها خوفاً على الجند وذلك لاتساع البلاد الهندية وبعدها.
      تولى الحجاج الأموي مسؤولية فتح بلاد السند فأرسل الجيوش الجرارة لفتحها واستطاع محمد بن القاسم الثقفي رحمه الله من كسر شوكة جيوش السند بقيادة الملك داهر البرهمي، وأخضع تلك البلاد لحكم الإسلام، وما لبث أهلها أن دخلوا في دين الله في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
      وفي عهد السلطان الفاتح محمود الغزنوي رحمه الله اكتمل فتح بلاد الهند الغربية وأذل الله على يديه ملوك الهند، وكانت فتوحاته من أعظم الفتوحات ومملكته في بلاد الهند من أعظم الممالك.
      ثم تعاقب على حكم بلاد الهند الملوك الأفغان والأتراك وكان آخرهم المغول المسلمين الذين تعاونوا مع الإنجليز في آخر عهدهم لصد الحملة البرتغالية عن بلاد الهند وكانت الخطيئة الكبرى آنذاك، حيث مهدوا بذلك لاحتلال الإنجليز لشبه القارة الهندية وكان ذلك في أوائل القرن الثامن عشر واستمر حكم الانجليز لها حتى سنة 1947 حيث تم الاستقلال.

      فكرة قيام الدولة الباكستانية:

      بغض النظر عن الأسباب الحقيقية والدوافع التي كانت وراء فكرة قيام الدولة الباكستانية المستقلة عن بلاد الهند، فقد قامت هذه الدولة بتشجيع بريطاني مستور بحزب الرابطة الإسلامية الذي تأسس في عام 1930 وتزعمه القادياني محمد علي جناح ( قائد أعظم )، وذلك بعد صراع مرير مع الهندوس، حيث رأى كثير من مسلمي الهند حتمية إقامة وطن لهم مستقل عن الهند وذلك لتعذر العيش المشترك مع الهنادكة، وعارض آخرون منهم أبو الكلام آزاد وأبو الأعلى المودودي رحمهم الله، وانتصرت الدعوة الرامية في اتجاه الانفصال، وسرعان ما أعلن عن قيام الدولة الباكستانية التي تعني بلاد الأطهار وذلك في سنة 1947 وجيء بمحمد علي جناح القادياني (زعيم الاستقلال ) الذي تربى بأحضان الإنجليز واعتلى سدة الحكم في باكستان.

      الدين وأهميته في الدولة الباكستانية:

      انطلقت فكرة إنشاء الدولة الباكستانية من تصور إيماني ومنظور وفكر إسلامي، فقد كان الدافع والمحرك لقيام هذه الدولة هو الإسلام، مع أن مؤسسها إسماعيلي علماني ليبرالي خدع العامة من المسلمين السذج، قد استخلفته بريطانيا قبيل رحيلها كحال بقية الحكام الذين حكموا بلاد المسلمين بُعيد رحيل الجيوش الصليبية عنها.
      ومع أن الإسلام بريءٌ من هذه الدولة حيث بقي رسماً على ورق، إلا أنه كان له الدور الأكبر في تماسك باكستان الغربية ووحدتها على الرغم من انفكاك باكستان الشرقية ( بنغلاديش) عنها، وذلك بمساندة هندية لاستئثار باكستان الغربية بالحكم وقيادة الجيش وغير ذلك مما هو معروف لمتابع الشأن الباكستاني، وهذا مرشحٌ للحدوث في أقاليم أخرى من باكستان فليس هناك ما يمنع ذلك الآن إلا قوة الجيش التي بدأت بالتآكل والاضمحلال.
      فالجامع والقاسم المشترك لباكستان ليس هو العرق الواحد، وليست هي اللغة المشتركة، إنما هو الإسلام وقد تفطن لذلك مؤسسها الهالك عندما قال في إحدى خطبه بعد الاستقلال: إذا أردتم لهذا البلد الاستمرار فالقاسم المشترك الإسلام ولا بد من نشر العربية وتقوية صلاتنا بالبلاد العربية ، حيث إن الدين يجمع العرقيات أما غيره من اللغة ونحوها فلا يمكن لأن اللغة مختلفة فيما بين -العرقيات الباكستانية.
      فالذي جمع القوميات والأعراق المختلفة التي تُكَوِّن بمجموعها ما يعرف اليوم بباكستان هو الإسلام، وعلى ذلك نشأت الأجيال وتربت، فلا يمكن لباكستان الاستمرار من غير هذا الغطاء الذي يضمن لها البقاء والاستمرارية.

      العلاقة مع الهند:

      منذ أن استقلت باكستان وهي في صراع وجود مع جارتها الهند التي خاضت معها ثلاثة حروب انتهت بهزيمة الجيش الباكستاني بشكل أو بآخر، وكانت نتيجة حربين من تلك الحروب انفصال باكستان الشرقية واحتفاظ الهند بالقسم الأكبر من كشمير.
      والاعتقاد السائد في أوساط المسلمين في باكستان أن الهند لم يهدأ لها بال ولن يقر لها قرار إلا باسترجاع باكستان إلى الدولة الأم الهند، وهذا أمرٌ ليس خفي فتصريحات الساسة الهنود تُعبر عن ذلك بكل صراحة فهذا نهرو رئيس الوزراء السابق يقول إن هدف الهند النهائي هو قيام وحدة بين باكستان والهند ومعنى هذا عودة باكستان للحكم الهندوسي، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فقد قال موهان بهاجوات رئيس المنظمة البرلمانية الهندوسية: إن عدداً كبيراً من مسلمي اليوم كانوا في يوم من الأيام يدينون بالهندوسية ومن الممكن إعادتهم مرة ثانية إلى كنف الهندوسية.
      والواقع يقول أن الهند متفوقة على باكستان مادياً وبشرياً وعسكرياً، وليس أمام باكستان سوى الرادع النووي – هذا إن بقي الحال على ما هو - لثنيها عن ابتلاعها خاصة في ظل هذه الظروف حيث باكستان منقسمة على أمرها لا تلوي على شيء متخبطة في سياساتها، وأيضاً في ظل إضعاف القبائل البشتونية المدد الحقيقي للمسلمين عبر التاريخ في شبه القارة الهندية والذين سادوها لمئات السنين.

      العلاقة مع أفغانستان:

      العلاقة مع الأفغان علاقة متجذرة من قبل أن توجد باكستان في خريطة الحاضر، فملوك باكستان والهند في كثير من حقب الزمان كانوا من بلاد الأفغان، بل الذين فتحوا القسم الأكبر منها ونشروا الإسلام في ربوعها قدموا من تلك البلاد، وفي الحاضر القريب تعتبر أفغانستان بالنسبة لباكستان العمق الاستراتيجي الذي هي بدونه لقمة سائغة للهندوس، وبالتالي فإن إضعاف العنصر البشتوني في أفغانستان والمتمثل الآن في حركة طالبان هو إضعاف لباكستان بل هو إذنٌ بانهيار الدولة الباكستانية، خاصة إذا علمنا أن التحالف الشمالي المسيطر الآن في كابل وهو من القومية الطاجيكية حليفاً استراتيجياً للهند وخصماً عنيداً لباكستان تغذيه أحقاد السنين، وتأكيداً للوجود الهندي وإعلاناً للعلاقة المتينة التي تجمع الطرفين الهندي والتحالف الشمالي، فقد شيدت الهند بعض القواعد العسكرية والمطارات فوق التراب الأفغاني، ولا شك أن هذا التعاون والتحالف يستهدف باكستان بطريقة أو بأخرى، ومن هنا ندرك حجم الخسارة ومدى الخطر الذي أوقعت باكستان نفسها فيه بتحالفها الغير محسوب مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثَمَّ العمل على إسقاط نظام حركة طالبان الإسلامية في كابل.

      عوامل البقاء وعوامل الانهيار في باكستان:

      إن عوامل البقاء والاستمرار في دولة باكستان المتعددة القوميات تنحصر في عدة عوامل أهمها: العامل الأول قد أشرنا إليه وهو العامل الديني الذي يجمع هذه القوميات في بوتقة واحدة ويصهر نسيجها القومي ليشكل منه باكستان، وهو بمكان من الأهمية لا يمكن الاستغناء عنه إذا أراد عقلاء هذا البلد الاستمرار لباكستان كدولة.
      أما العامل الآخر والمهم أيضاً فهو الجيش القوة الوحيدة القادرة على الحفاظ على وحدة وتماسك الدولة الباكستانية، وهو الحائل الوحيد بينها وبين التمزق والتشتت، فإذا ما ضعف هذا الجيش فإن فرص التفكك والانهيار تأخذ طريقها إلى ما تبقى من باكستان.
      ومن المعلوم أن الدول الفتية المتعددة القوميات تبقى ما دام نظام الحكم قوياً متماسكاً وإذا ما ضعفت القبضة الحديدية التي تسير الأمور وتقود الناس، فإن الزوال والفناء والتفكك يجد طريقه بسهولة إلى هذه الدول، والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك، وهذا بخلاف الدول القائمة على القومية الواحدة التي تستطيع الصبر ولو لمدة طويلة على مساوئ الحكم غير الصالح، والإدارة غير الحكيمة ذات العواقب الوخيمة، ذلك لأن سوس الأعراق المختلفة لا ينخر في عظمها فتتحمل لفترة طويلة حتى يأذن الله بزوالها لفسادها.
      والعامل الثالث في بقائها هو علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية الشريان الذي يمد باكستان بدماء البقاء، وهذا العامل ليس عاملٌ أبدي، بل هو تحالف عرضي متوقف على وجود المنفعة الأمريكية في محاربة "الإرهاب"، فإذا انتفت المنفعة قلبت الولايات المتحدة لباكستان ظهر المجن، هذا إن لم تسارع هي بتفكيك هذه الدولة كما هو مخطط لها في عقول ساسة البيت الأبيض، وقد أكد على هذا الأمر الرئيس الأمريكي عندما قال: إن صداقتنا مع باكستان سوف تستمر إلى الوقت الذي تكون فيه مصالحنا ومصالح باكستان مشتركة.
      وهذا التحالف الوهمي ليس كمثيله القائم مع الجارة الهند العدو اللدود لها، فالأول تحالف جمع بينه المصالح المؤقتة وهو قائم على الاستعباد والخضوع لإرادة الولايات المتحدة ، أما الثاني التحالف مع الهند فهو تحالف استراتيجي في نظر الساسة الأمريكان مبني على تبادل المنافع والندية في التعامل لما تشكله الهند من قوة اقتصادية وبشرية هائلة، وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وذلك من خلال تصريحات الساسة الأمريكان، وأوضح من ذلك مقارنة بسيطة بين زيارة رؤساء الولايات المتحدة للمنطقة، فبينما يقضي الرئيس الأمريكي في الهند بضعة أيام يقضي مقابلها في باكستان بضعة ساعات لذر الرماد في العيون.
      زد على ذلك أن الهند الوثنية أقرب إلى الغرب النصراني من باكستان المسلمة وإن تزيت بزي العلمانية البغيضة وارتمت بأحضان الغرب ليرضى عنها، ولكن يبقى الشعب الذي يعيش فيها شعبٌ مسلمٌ فيه الحياة ولا بد أن ينتفض يوماً من الأيام.

      أما عوامل الانهيار في باكستان فهي كثيرة منها:

      العامل الأول: فقدان الروح الإسلامية واللحمة الدينية التي هي شرط أساس في بقاء باكستان كدولة، فقد انتهجت العصبة الحاكمة سواء المدنية منها أو العسكرية سياسة هوجاء في التعامل مع أبناء الإسلام في هذا البلد المسلم، فهدمت بهذه السياسة الخرقاء الركن الركين الجامع لمكونات هذه الدولة، ألا وهو الإسلام وتمثلت تلك السياسة بما يلي:
      1- مساندتهم للحملة الصليبية الأمريكية في القضاء على دولة الإسلام في أفغانستان.
      2- مطاردتهم للغيورين على هذا الدين، وقتلهم وأسرهم وتسليم الكثير منهم للصليبيين.
      3- ارتكابهم للمجازر البشعة بحق الصالحين من هذا البلد ومثال ذلك ما حصل في لأل مسجد ( المسجد الأحمر ).
      4- جعل باكستان مسرحاً للجيش الأمريكي يصول فيها ويجول، بل فتح فيها المكاتب الخاصة لأجهزة استخباراته، ولشركات القتل المستأجرة كبلاك ووتر السائرة الجائلة تنشر القتل والدمار في أسواق بيشاور وغيرها.
      إلى غير ذلك من السياسات المجرمة التي أدت بمجموعها إلى تعريت حقيقة هذه الدولة وأظهرتها بمظهرها دون تزييف وتلميع وتزويق، وبانت لكل ذي لبِّ أنها دولة محاربة لله ورسوله وللمسلمين، وعوناً للكفار على المؤمنين، وبذلك هفت عوامل البقاء الروحي لهذه الدولة.
      العامل الثاني : معاداة القسم الأقوى والسند الحقيقي في الحفاظ على باكستان ألا وهو القبائل البشتونية الأبية، هذا الظهر القوي التي هي من دونه لقمة سائغة للهندوس المتربصين بها، والتاريخ شاهد على ذلك فالذي هبَّ للدفاع عن كشمير والحفاظ على قسم منها بيد باكستان هم أبناء هذه القبائل، وقد حذر الجنرال حميد جل رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجيش الباكستاني قبل سنوات من مغبة معاداة القبائل البشتونية واستعدائها، لأن معنا ذلك هو دخولهم بحرب ليس لها نهاية مع من ألف القتل والقتال.
      العامل الثالث : الفقر والجوع الذي يضرب البلاد حيث أن ما يقرب من 42 مليونا يعيشون تحت خط الفقر، ومن المعلوم أن المواطن العادي الذي لا يجد في الدولة ما يسد حاجاته الأساسية من مسكن ومطعم وعلاج يفقد الانتماء الوطني لهذا البلد الذي يحيى فيه، وهذا الفقر والعوز ينمي الدوافع الكامنة في الثورة في أحسن الأحوال، وفي أسوئها قبول أي حكم حتى لو كان حكماً هندوسياً.
      العامل الرابع: النزعة الانفصالية التي بدت تدب في أوصال الأقليات الناقمة على العنصر البنجابي المستحوذ على خيرات البلاد، والمستفيد الوحيد من بقاء باكستان كدولة بكيانها الحالي، فهناك البلوش المطالبين بإقامة دولة خاصة بهم وقد عقدوا المؤتمرات للتعبير عن مشاعرهم بالانفصال، وهناك المهاجرون من الهند الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان السند، وهناك البشتون المطالبون بالعودة إلى الوطن الأم أفغانستان، ولا شك أن عدوتها الأبدية الهند تدفع بهذا الاتجاه من أجل تفكيك البلاد ومن ثم ابتلاع ما تبقى منها أي إقليمي البنجاب والسند.

      ماذا بقي لباكستان من عوامل البقاء:

      بناءً على ما تقدم ذكره نستطيع أن نقول: أنه لم يبق لباكستان من عوامل البقاء في ظل هذه السياسة التي انتهجها أرباب الحكم فيها سوى قوة الجيش، ومؤسساتها الأمنية المتمثلة بـisi وهذه القوة الباطشة التي تُخضع الأقاليم لحكم البنجاب بقوة السيف بدأت بالتلاشي والاضمحلال بفعل استعدائها لقومية البشتون وطليعتهم المقاتلة الطالبان، وخوضها حرباً لا فائدة منها سوى فقد الهيبة، وتجرئ الناس على الجيش الذي كان مقدساً لوقت قريب، حيث تذهب ثلاثة أرباع الناتج القومي الباكستاني في سبيل خدمته والمحافظة عليه، والتاريخ يقول أنه لم تدخل دولة ما حرباً طويلة الأمد وخرجت منها منتصرة، وخاصة إذا قاتلت خصماً عنيداً صاحب عقيدة يتبع أسلوب حروب العصابات القائمة على الاستنزاف المادي والبشري والمعنوي للطرف الآخر.
      وعامل البقاء الآخر - وإن كان محدود التأثير - المتبقي هو الدعم الغربي النصراني لهذه الدولة للحيلولة دون سقوطها وتمزقها، ولكن يبقى هذا العامل مرهونٌ ببقاء " الإرهابيين" فإن ذهب الإرهابيون ذهب معهم الوجود الباكستاني من الخريطة.
      المعادلة الخاطئة:

      راهن الساسة الباكستانيون في الحرب الكونية الرابعة " الحرب على الإرهاب" على الوقوف مع الصليبية التي تقودها الولايات المتحدة، وظنوا بذلك أنهم يرتكبوا أهون الشرين، لأن البديل عن الوقوف إلى جانب الصليبية هو الوقوف مع المجاهدين، وهذا يعني بالنسبة لباكستان كما يزعمون العودة بباكستان إلى العصر الحجري، وتجريدها من قوتها النووية كما هدد بذلك الأمريكان، والحقيقة التي لا يشوبها الوهم أن أمريكا لم يكن بمقدورها أكثر من فرض حصار اقتصادي كان مفروضاً بطريقة أو بأخرى على باكستان قبل الحادي عشر من سبتمبر، وورقة الهند واللعب فيها في ذلك الوقت كانت مستبعدة لامتلاك باكستان الرادع النووي.
      وأيَّاً كان الأمر فلم يدر بخلد العسكر الباكستاني الحاكم في إسلام آباد تبعات هذا الموقف على المدى المتوسط والبعيد، وربما كانوا يدركوا - وهو غالب الظن عندي- تبعات هذا الموقف من الناحية الإستراتيجية على الوجود الباكستاني على خارطة العالم، فالطالبان والعنصر البشتوني المكون لها في الأغلب هم الظهر والعمق الاستراتيجي لباكستان بغض النظر عن النظرة الطالبانية بكفر الدولة الباكستانية أقصد حُكامها.
      نعم راهن الباكستانيون على ارتكاب أهون الشرين حسب اعتقادهم الخاطئ من الناحية الشرعية والسياسية ووقفوا مع الصليبيين، ولو اقتصر الأمر على ذلك ظناً منهم أن ما حلَّ بالسوفيات من قبل وما حلَّ بالأمم التي غزت أفغانستان هو ما سيحل بالولايات المتحدة الأمريكية مع الأيام، لمعرفتهم بطبيعة الشعب والأمة الأفغانية لكان بنظرهم ارتكاب أهون الشرين – مع رفضنا لذلك جملة وتفصيلاً- ولكن الذي حصل أن الجنرالات في روالبندي تحت الضغط الأمريكي - وهو كائن لا محال بحسب طبيعة الأشياء- أوعزوا للجيش الباكستاني بأن يستهدف أبناء باكستان في الحزام القبلي ويقدم أبناء القاعدة والطالبان قرابين لآلهتهم أمريكا، وبذلك أصبح الجيش الباكستاني في وضع لا يحسد عليه أبداً، فهو من ناحية يقتل أبناء القبائل البشتونية الحمى الحقيقي لباكستان على مرِّ التاريخ، ومن ناحية أخرى يضعف القبائل بحيث لا يمكن لها أن تكون عوناً للبنجاب في حالة الحرب مع الهند المتربصة بها، ومن ناحية ثالثة يستعدي العنصر البشتوني الذي لا ينسى ثأره أبداً، ومن ناحية رابعة يعمق الخلاف والانقسام مع القومية البنجابية المتحكمة والمتنفذة في الدولة، والتي يشكل الجنود الباكستانيين الغالبية المطلقة منها، ومن ناحية خامسة وهو الذي منَّ الله به على المسلمين إحياء روح الجهاد في أبناء القبائل الباكستانية، وتعرية الدولة الباكستانية المرتدة للعامة من الناس، وظهور جماعات جهادية بنجابية " طالبان البنجاب" ترى قتال الجيش الباكستاني من أوجب الواجبات، وهذا ما كان ليكون لولا الحملة الباكستانية على المجاهدين، ومن ناحية سادسة استنزاف الجيش الباكستاني وموارد الدولة التي كانت يجب تُحفظ للصراع المرير مع الهند، واستنزاف الجيش بحرب طويلة سيؤدي لا محالة إلى تفكك البلاد بين قومياتها المختلفة المكونة لهذا البلد.

      باكستان والتفكيك القادم:

      إن عمر باكستان الافتراضي قد أوشك على الانتهاء، وقد تُسارع الأحداث كما هو متوقع بتعجيل انتهائه، فالفوضى الأمنية التي تحياها باكستان اليوم، وامتلاك باكستان للسلاح النووي، والدعوات الغربية إلى تقسيم باكستان، ووجود الهند الوثنية كبديل لباكستان في خدمة المصالح الغربية، كل هذا يدفع باتجاه تقسيم باكستان، ويدلل على أن باكستان في طريقها إلى الزوال إن لم يتدارك العقلاء في هذه البلاد الأمر، وإن كانت الأمور قد خرجت عن السيطرة والله أعلم وهذا بيان الذي ذكرنا:
      الفوضى الأمنية: من أهم الأسباب التي سوف تودي بالكيان الباكستاني هي الفوضى الأمنية التي تشهدها باكستان اليوم بسبب الحرب على المجاهدين في مناطق القبائل، واستهداف كل ما هو إسلامي في البلاد، هذه الحرب التي يسعر حماها الطغمة الشيعية الحاكمة برئاسة زرداري بدوافع خارجية وجنرالات المال بدوافع شخصية ومذهبية، مع العلم أن معظم حكام باكستان على طول تاريخها هم من الشيعة الذين يمثلون ما يقرب من 10% من السكان، عدا ثلاثة منهم وهم أيوب خان وضياء الحق ونواز شريف ممن حُسبوا على أهل السنة، ولست أدري كيف غَفل أهل السنة في باكستان عن هذا الأمر الذي يتهدد وجودهم بشكل لا يدع مجالاً للشك!؟ وكيف نسوا أو تناسوا أن المجاهدين في مناطق القبائل هم الطليعة التي تقاتل دونهم وتمنع الهندوس من ابتلاعهم!؟
      وهذه الفوضى يذكي حماها فضلاً عن السابق ذكرهم شركات القتل المستأجرة كبلاك ووتر التي ما فتأت تضرب في الأسواق الباكستانية لتغذي الحقد وتثير النزعات بين مختلف الأعراق المكونة لباكستان، مما يسهل عملية الانقضاض على المنشآت النووية الباكستانية تحت غطاء دولي بحجة الحفاظ عليها من الوقوع بأيدي الإرهابيين.
      امتلاك باكستان للسلاح النووي: فبدل أن يكون هذا السلاح نعمة على المسلمين في باكستان، وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أصبح عاملاً من عوامل الدفع في تفكيكها والقضاء عليها، وتمزيقها لتتقاسمها الدول المجاورة.
      فمن المعلوم أن الدول الغربية لن ترضى للمسلمين أن يمتلكوا السلاح النووي، وحتى لو كان هذا السلاح بيد المرتدين عباد الصليب، خشيت وقوعه بيد الجهاديين في يوم من الأيام واستخدامه ضدها، وحتى تبقى الهند الوثنية وإسرائيل اليهودية في منأى عن هذا الخطر الذي لا يبقي ولا يذر في حال استخدامه، لذلك قد تدفع الولايات المتحدة الأمريكية والهند وإسرائيل باكستان لحرب أهلية أو طائفية مذهبية، تنشر الفوضى الخلاقة في ربوعها، ومن ثمَّ تكون لها غطاءاً لتدخلها في باكستان ووضع يدها على السلاح النووي – هذا إن لم تكن فعلت ذلك- ويكون هذا الفعل تحت غطاء أممي كالعادة، ومن ثم تفقد باكستان سلاح الردع النووي في مواجهة الهند المتفوقة عليها مادياً وبشرياً وجغرافياً، مما يعني ابتلاع الهند للسند والبنجاب بمباركة أممية، ولا شك أن بوادر هذه الحرب وتلك الفوضى لائحة للعيان، يبصرها كل متابع للشأن الباكستاني الداخلي.
      وهذا الذي ذكرنا لا يحتاج للكثير من القوات الأمريكية وذلك في ظل انعدام السيادة الباكستانية على تراب الوطن الباكستاني، حيث باعها الساسة والجنرالات لمن يملأ جيوبهم أكثر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
      وقد تسربت بالفعل تسريبات صحفية هنا وهناك تفيد أن القوات الخاصة الأمريكية ووحدة خاصة إسرائيلية تعرف بالوحدة (262) على أتم الاستعداد للتدخل في باكستان والاستيلاء على سلاحها النووي، أو السيطرة عليه في حال حدوث فوضى في البلاد، أو في حال وصول الإسلاميين إلى السلطة.
      وما دور الشركات الأمنية في باكستان عن هذا الأمر ببعيد فشركة بلاك ووتر التي تضرب في الأسواق لإثارة الفوضى الخلاقة في باكستان، قد تعطي ذريعة للتدخل الغربي تحت غطاء أممي، ومن ثم وضع السلاح النووي الباكستاني تحت إشراف الغرب النصراني لحرمان باكستان من هذا الرادع الاستراتيجي الذي يحول بينها وبين أن تبتلعها الهند.
      الدعوات الغربية: تسعى الأمم الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة على تجزأت وتفكيك باكستان للحد من خطر وجودها على المصالح الغربية، فباكستان وجارتها أفغانستان هي اليوم في نظر الغرب النصراني تعتبر مركزاً لانبعاث الصحوة الجهادية العالمية وهذا الانبعاث هو الخطر الأكبر الذي يهدد المصالح الأمريكية واليهودية في العالم، وتعتبر بنظر الساسة الغربيين أيضاً أنها الحاضن لحركة طالبان التي أنتجت القاعدة وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهي بمدارسها الدينية التي تعد بالآلاف ميداناً خصباً لإنتاج الإرهابيين الذين يعكرون صفو الحضارة الغربية، ومناطقها الشمالية الغربية بقبليتها القاسية ما زالت عصية على الاحتواء الغربي فهي تشكل ميدان جذب لكل من يسعى للتغير والنهوض بالأمة.
      والذي يدفع الدول الغربية إلى هذا التفكير اليوم هو أن التقسيم والتفكيك يوفر على الدول الغربية التدخل العسكري المباشر، بما يعني ذلك من تبعات وخيمة رأى الغرب النصراني بعضاً من آثارها في العراق وأفغانستان، ويجنبهم الأزمات الداخلية والمصاريف المهلكة لأعظم اقتصاد، زد على ذلك أن العقلية الغربية تحبذ التعامل مع أكثر من مركز للقرار لسهولة السيطرة والتحكم وفرض الإرادة السياسية عملاً بالمثل القائل "فرق تسد"، وهذا يفسر لنا التقسيم الغربي للدول الإسلامية والعربية وإقامة أوطان لم تكن في يوم من الأيام بهذا الكيان المتعارف عليه اليوم.
      ومراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية الغربية ما فتأت تدفع بهذا الاتجاه، من أجل الخروج من الأزمات التي لا يظهر في المدى القريب أو المتوسط أي انفراج لها بل هي من سيء على الغرب النصراني إلى أسوء، وقد أثار هذه النوايا بشكل واضح الكثير من مفكري الغرب ومنهم على سبيل المثال الخبير الاستراتيجي الأمريكي أنطوني إتش كورديسمان و رالف بيتر الكولونيل المتقاعد من الجيش الأمريكي، الذي سبق له أن عمل في سلاح المدرعات وشعبة الاستخبارات العسكرية، وهو ما يزال على صلة وثيقة بمراكز الأبحاث التي يشرف عليها البنتاغون، ومن الجدير ذكره أن مقترحات مراكز الأبحاث الغربية تجد طريقها في كثير من الأحيان إلى التنفيذ، بل هي التي تسوغ عقليات كثير من أصحاب الأمر في البنتاغون وغيره من مراكز صنع القرار الأمريكي على وجه الخصوص.
      وبالفعل فقد تم تداول في الآونة الأخيرة خريطة سياسية جديدة للمنطقة أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية وقد بدت فيها باكستان مقسمة إلى ثلاث دول ، وقد أثارة هذه الخريطة ردود غضب واسعة في الأوساط الباكستانية.
      الهند البديل القادم: تطرح الهند نفسها بقوة للغرب النصراني على أنها بديل لباكستان يمكن الاعتماد عليه في المنطقة " شرطي المنطقة " ، وقد عرضت خدماتها على الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة بعد الحادي عشر من سبتمبر برسالة أرسلها فاجبايي رئيس الوزراء للرئيس السابق بوش، وهذا الطرح لا يأتي من فراغ فالهند تطمح في أن تكون صاحبة النفوذ الأقوى في المنطقة، بل تسعى بقيادة حزب بهارتيا جاناتا صاحب التوجهات اليمينية المتطرفة إلى إقامة دولة الهندوس الكبرى، ولم تأل جهداً في التحريض على ضرب باكستان بسبب دعمها المباشر للجهاديين في كشمير، ولا شك أن هذا الطرح يجد استحساناً لدى الغرب خاصة إذا علمنا أن الهند بوثنيتها ستكون طرفاً مؤثراً يتصدى للأصولية الإسلامية المتنامية في شبه القارة الهندية، وطرفاً مُوجهاً للوقوف بوجه الصين وتطلعاتها، زد على ذلك أن الهند دولة يمكن أن تقوم بنفس الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة والغرب في مكافحة "الإرهاب الجهادي" المتمثل بالطالبان والقاعدة في منطقة أفغانستان والحزام القبلي في باكستان، ومن المعلوم تاريخياً أن أبناء الهند على السواء هندوساً ومسلمين وسيخاً كانوا هم الغالبية العظمى التي تتشكل منها الجيوش البريطانية التي كانت تحارب بهم سواء كانت حربهم مع المسلمين أو مع أبناء دينهم النصراني في تنافسهم على المصالح، ولقد قاتلت هذه الجيوش المسلمين في أفغانستان قتالاً شديداً، إذ يحدثنا التاريخ أن أكبر كارثة حلة في الجيش البريطاني في تاريخ حروبه في بلاد الأفغان وشبه القارة الهندية، كانت في ممر جلال آباد المؤدي إلى بيشاور، حيث قتل ما يقرب من خمسة عشر ألف جندي بريطاني كان القسم الأعظم منهم من الهنود، ولم ينج من تلك المذبحة سوى الدكتور برايدون الإنجليزي، فالهند لا شك دولة يمكن أن تكون بديلاً لباكستان المتقلبة، بل بديلاً للوجود الباكستاني ككل.

      سيناريو ما بعد باكستان:

      من الصعوبة بمكان التنبؤ بالمستقبل ووضع سيناريو يقيني لما سيكون عليه الوضع بعد زوال باكستان وتمزقها، ولكن من قراءة الأحداث وتحليلها ومعرفة الواقع المعاش وما يتم تسريبه في وسائل الإعلام الغربية بين الفينة والأخرى، نستطيع أن نضع تصور قد يكون أقرب للحقيقة والواقع، بحيث ينتفع به أصحاب الرأي والعقل والأمر، ويكون القارئ على دراية وإطلاع بما قد تؤول إليه الأحداث، والله وحده المستعان.
      لا شك عندي أن قوة حركة طالبان باكستان في تنامي وازدهار، وكل يوم تزداد قوةً إلى قوتها وأنصاراً إلى أنصارها، رغم الهجمات الشرسة التي يشنها الجيش الباكستاني المرتد على معاقلها بين الفينة والأخرى، وهي بمكان تستطيع أن تملأ الفراغ الذي سيخلفه التفكك الباكستاني، ولكن الواقع العالمي المحيط بها أكبر من إمكانياتها، ومن قدرتها على الاستمرار في السيطرة على الأرض، على الأقل في الظروف الراهنة، لذلك سأستبعد فكرة محافظتها على الكيان الباكستاني بشكله الحالي ليس لشيء سوى أن النظام العالمي الجديد كما ذكرت لم يترك لها حرية ذلك، وكل ما تستطيعه والحالة تلك هو الاحتفاظ بالحزام القبلي البشتوني الذي بطبيعته مُوالٍ بأكثريته للطالبان.
      وبناءً على استبعاد حركة طالبان باكستان من هذه المعادلة فأول الصور التي يمكن أن يصير إليه الكيان...

      الباكستاني بعد التفكيك هو ما يلي:

      أولا: أن تبتلع الهند إقليمي السند والبنجاب وما تبقى من كشمير وتضمهم إلى الوطن الأم على حسب تعبيرهم، ومن ثم يصبح المسلمون في هذه الأقاليم رعايا الدولة الهندية، كبقية المغلوب على أمرهم من المسلمين - نسأله سبحانه وتعالى اللطف بنا وبالمسلمين- وكل هذا بمباركة الغرب النصراني وتشجيعه لهذه الخطوة ويكون هذا بعد تجريد باكستان من إمكانياتها النووية، وسيتبع ذلك هجرة الملايين من الباكستانيين إلى المناطق المجاورة خاصة إلى إقليم سرحد وأفغانستان.
      ثانياً: فصل إقليمي بلوشستان وسرحد عن باكستان، والإبقاء على إقليمي السند والبنجاب والجزء المتبقي من كشمير على حالهم كدولة مستقلة ولكن تحت النفوذ والهيمنة الهندوسية، وذلك بعد تجريدها من قوتها العسكرية.
      ثالثاً: اقتطاع الجزء البلوشي الباكستاني وضمه إلى القسم البلوشي الآخر في إيران ومن ثم إنشاء الدولة البلوشية المستقلة.
      رابعاً: إرجاع إقليم سرحد البشتوني إلى الوطن الأم أفغانستان، حيث يتوق الكثير من أبناء هذا الإقليم للعودة إلى وطنهم الأم وبهذا يندفع جهاد طلبة باكستان عن باكستان، وينحصر نشاطهم في أفغانستان فقط، وبتسوية ما يمكن أن يتوقف نشاطهم الجهادي حسب المفهوم الغربي المجانب للصواب.
      خامساً: انفصال إقليم سرحد عن بقية باكستان وإعطائه حكم الدولة المستقلة من أجل القضاء على الحركة الطالبانية المنتشرة في ربوعه، وإشغالها عن باكستان بحروب قبلية داخلية ما بين مؤيد للطالبان ومعارض لحكمها، وبذلك تنشغل عن الجهاد بحروب جانبية.
      هذا من الناحية السياسية والجغرافية أما من الناحية الميدانية العملية وما يفرضه الأمر الواقع فنستطيع أن نلخص ذلك بما يلي:
      أولاً : إشعال الحرب الطائفية والمذهبية بين فئات الشعب الباكستاني، مما سيؤول بباكستان إلى أن تصبح عبارة عن عدة كنتونات يتم فرزها حسب المذهب أو العرق، بحيث يتجمع الشيعة في مركز ثقل ويشكلوا لهم دولة تساندها إيران المتربصة، وكذلك أهل السنة الأحناف الديوبنديين، والمهاجرون من الهند في كراتشي، وقس على ذلك بقية الطوائف والأعراق التي تمتلئ بها باكستان، وفي هذه الحالة سينشط عمل المجاهدين بدرجة كبيرة، ويتسع بشكل كبير جداً حيز الحركة لديهم، فالفوضى الأمنية لا شك في صالحهم على كل الصعد.
      ثانياً: دفع الهند أو على الأقل تجنيد أبنائها لمحاربة المجاهدين، وإشغال الطالبان بقتال الوثنية الهندية، وبذلك يدخلوا صراعاً لا يعرف له مدى على الأقل في المستقبل المنظور، إلى أن يتسنى للغرب إيجاد مخرج لهم من أفغانستان.
      ثالثاً: غزو القوات الأمريكية والغربية لباكستان من أجل ملء الفراغ وهذا الخيار مستبعد جداً مع ما تقوم به الولايات المتحدة من توسيع لسفارتها في إسلام آباد، ووجود الآلاف من الخبراء العسكريين، وهو وضع يذكر ببداية الغزو الأمريكي لفيتنام، ولكن الحال اليوم مختلف والبلاد مختلفة والخصم الذي سَيُقَابَل مختلف، والضائقة الاقتصادية تترنح بها الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تمنعها من ذلك، والتجربة أثبتت عدم قدرة الولايات المتحدة على خوض حربين في آن واحد، كل هذا وغيره الكثير لا شك يمنعها من الإقدام على مثل هذه الخطوة، إلا إذا جُنَّ الأمريكان وهذا أمرٌ وارد.
      رابعاً: غزو أمريكي وغربي محدود لبعض أقاليم باكستان كغزو إقليمي سرحد وبلوشستان حيث الثقل الجهادي في هذين الإقليمين، وبما يمثلان من عمق استراتيجي للطلبة في أفغانستان، وهذا أيضاً ليس في صالح الأمريكان، حيث سيؤدي هذا الفعل إلى تأجيج نار الجهاد في المنطقة، فتكون الولايات المتحدة بهذا الفعل كالمستجير بالرمضاء من النار، ولكن حظوظ القيام بهكذا خطوة أمرٌ وارد غير مستبعد، كخيار أخير أمام القيادة الأمريكية ، والله سبحانه وتعالى أجل و أعلم.
      نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ المسلمين مما يحاك لهم، وأن يبرم لهم أمر رشد يعز به أهل الإيمان و الجهاد ويذل به أهل الكفر والإلحاد إنه قريب مجيب الدعاء.
      http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=377137

      تعليق

      • بن حزم شعبوت
        موقوف
        • 19 أكت, 2011
        • 162

        #4
        شوفي الآن التاريخ يعيد نفسه
        ما فعلته القومية البريطانية
        هو ما تفعله قوى الاستكبار بأدواتها بالصين
        الهند كانت دولة واحدة عرفت إزدهارا و عدالة و نماءا و حتى نوع من الاستقلال الذاتي الداخلي لأديان أخرى يوم كانت خاضعة للحكم الاسلامي
        ازدهرت العلوم الاسلامية و انتشرت العربية و كثر رجال الحديث و رجال الشريعة
        بدل هم يثقفوا الناس و يقولوا لهم شوفوا كيف كنا و شوف أين الاحتلال أوصلنا و ينظروا كي يعودا
        قالوا لك لا نديرو دولتنا و رسموا دولة رموا كلمة الشريعة في دستورها فلا شريعة و لا دستور
        قانون الغاب القوي يتحكم و يستغل الضعيف
        فزادت الازمات و لا ننسى الحروب القومية كاشمير بنغال باكستان راحت فيها مئات الألوف الأنفس

        و الآن الهند اللي متقدمة اقتصاديا و تنمويا
        فين باكستان بعيدة عشرات السنين.

        الخطأ نفسه يكرره اليوم من يقولون الايغور
        بدل يتعلموا الدين يلتزموا به أخلاقيا
        و يحاولوا ينفذوا الى مراكز القوة في الدولة
        ضحت عليهم قوى ايغورية علمانية قومية
        و قاللولك نديرو دولة
        فلا دولة ايديروها و لا شيء يحققوه و لا نتيجة
        بندام يستنى يفكر مليح و يعمل مليح و ينظر الى البعيد

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة BRAVEHEART1, منذ 4 يوم
        ردود 35
        32 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة BRAVEHEART1
        بواسطة BRAVEHEART1
        ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ 5 يوم
        ردود 0
        7 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د تيماء
        بواسطة د تيماء
        ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ 2 أسابيع
        ردود 0
        21 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د تيماء
        بواسطة د تيماء
        ابتدأ بواسطة د تيماء, 16 مار, 2024, 02:41 ص
        ردود 0
        18 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د تيماء
        بواسطة د تيماء
        ابتدأ بواسطة د تيماء, 12 فبر, 2024, 07:30 م
        ردود 0
        25 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د تيماء
        بواسطة د تيماء
        يعمل...