الخلق والنشوء بين ضلال النظريات وحقائق الإسلام

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    الخلق والنشوء
    بين ضلال النظريات
    وحقائق الإسلام
    ***

    داروين ونظريته حول خلق الإنسان[2 ]


    أما الأحياء التي نشأت بعد ذلك فجميعها من ذوات الفقارVertebrata وبذلك تكون الأحياء قد انقسمت إلى قسمين هما :

    [1] الفقاريات [ ذوات الفقار ] Vertebrata
    [2] اللافقاريات [ معدومة الفقار ] Invertebrates

    ظهر بعد ذلك أسماك متطورة تستطيع أن تعيش في الطين اللازب إذا ما غاص الماء في فصول الجفاف، وبدلاً من أن تتنفس بخياشيمها كبقية الأسماك فقد نشأ لها مع هذا التطور جهاز آخر هو عبارة عن رئات أولية تحولت عن مثانة السّبح (العوامة) فتدرعت بجهازين للتنفس وسميت تلك الأسماك "الأسماك ذات التّنفسـين Diploids".

    ومن ذوات التّنفسين تنشأت "البرمائيات Amphibians" وهي الكائنات البرية المائية مثل الضفادع Frogs وأمثالها، وتلك الكائنات البرية المائية تستطيع العيش على سطح اليابسة تماماً كما تستطيع العيش في الماء.

    ومن البرمائيات تنشأت "الزواحف Reptiles" أمثال: التماسيح Crocodiles والعظايا Lizards والحيّات Ophidians. ومن فرع الزّواحف تنشأت "الطيور Birds".

    ومن الزواحف تنشأت أيضاً "الثدييات – ذوات الثدي – Mammilla " التي تغذي صغارها بالحليب (اللبن) لـــذا سموها نسبة للحليب "اللبونات Mammals" ثمَّ استعيض عن هذا الإسم بآخر هو "الثدييات ذات البيوضEgg-laying Mammals"ومن الثدييات ذات البيوض تنشأت "الجلبانيات ذوات الكيس Pouched animals" مثل الكنغر Kangaroo وغيره.



    أمّا الجلبانيات فقد تفرع منها شُعَب متفرقة من الأحياء أهمها من وجهة النّظر البشرية " الصّعابير أو الليامير Lemurs " ومن تلك الصّعابير تنشأت:

    1. السّـعادين
    [ ذوات الذيول ]
    Tailed Monkeys
    2. القردة
    [ فاقدة الذيول ]
    Tailless Apes

    ومن نوع ما من الصّعابير نشأ "الإنسانMan ". أمّــــا من أيٍ من الشعوب العديدة التي تنشأت عن الصعابير تنشأ الإنسان بالتأكيد فأمر لا زال محوطاً بالشَّك عند داروين وزمرته من علماء التّطور ومن واضعي نظريات النّشوء والارتقاء عموماً!!! ولكن الرّاجح عندهم أنّ سلفاً من الأسلاف البشريّة المشـابهة للإنسان[1 ] والأرطان Orangutan[ 2] والجبن[3 ]. ثمَّ جاء "الإنسان Man ".[ 4]

    ويتقول بعضهم أنّ "الإنسان القردApe-man" وهو أحد الرّئيسات Primates المنقرضة يُعتبر حلقة متوسطة بين القردة العليا والإنسان الحديث. ويظهر من نظرياتهم أنّه من الصّعابير جاء "السّـغلDystrophy " وهو حيوان صغير من الرّئيسات في دماغه تلك البلديات التي على غرارها تشكل الدماغ البشري، ومما يذهب إليه بعضهم أنّ السغل قد يكون الأصل الذي نشأ منه الإنسان[5 ] !!!.




    .................................................. .................................................. .................................................. .............
    [1] القردة الشبيهة بالإنسان ( أشباه الإنسان ) anthropoid apes: مجموعة من الرئيسات العليا تشمل الغوريلا الشمبانزي وإنسان الغاب والجبّون، وهي قردة لا أذناب لها قادرة على السّير منتصبة القامة وبارعة في التّسلق.
    [2] الأرطان هو إنسان الغاب أو الاورانغوتان Orangutan وأحد " القردة الشبيهة بالإنسان ". موطنه الغابات السبخة في بعض مناطق بورينو وسومطره. يبلغ ارتفاع الذّكر البالغ منه 137 سنتيمتراً ويبلغ وزنه نحو 75 كيلو غراماً وهو ذو ذراعين مديدتين تكادان تبلغان الأرض حين يقف منتصباً ورجلين قصيرتين نسبياً وآذنين صغيرتين وشعر بني محمر. وإنسان الغاب شجري العادات يقتات بالثمار في المحل الأول.
    [3] الجبن: نوع من القردة من مجموعة أشباه الإنسان.
    [4] المرجع. صفحة ( 44 ) بتصرف
    5] المرجع. صفحة ( 44 ) بتصرف
    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ،
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #17
      الخلق والنشوء
      بين ضلال النظريات
      وحقائق الإسلام
      ***

      داروين ونظريته حول خلق الإنسان[3 ]



      ويجذم القائلون بنظرية داروين أنّهُ بالتّطور قد وُجدَت جميع الكائنات
      الحيّة، فخَرَجَ بعضها من بعض على طول الأحقاب الجيولوجيّة. ومما يتقوّلُ به علماء الفلك والجيولوجيا بأنّ الزّمن الذي انقضى منذ انفصال الأرض من السّديم الأصلي 2] حتى ظهور الإنسان يتراوح بين ثلاثة آلاف مليون سنة وبين خمسة عشر ألف مليون سنة، أي أنّ الفرق بين تقدير العلماء في قياس ذلك الزّمن يبلغ اثنى عشر ألف مليون سنة فقط[ 1]!!!.

      كان هذا تلخيصاً شاملاً لتسلسل الحياة بدءاً بالجبلة الأولى مروراً بالديدان والحشرات والبهائم والقرود وصولاً بالإنسان، كما يفترض ذلك داروين في نظريته، فهو يرى أنّه بالتطور وُجِدَت جميع الكائنات الحيّة إلى أن ظهر الإنسان، أمّا من أي القرود تنشأ الإنسان بالتأكيد – ذوات الذيول أم فاقدتها – فأمر لا يزال محوطاً بالشَّك لديهم!!! ولكن الراجح لديهم أنّ سلفاً من الأسلاف البشرية المشابهة للإنسان قد تطور عنه بالتأكيد الغوريلا والشمبانزي والأرطان ، ومن ثمَّ جاء بعدهم الإنسان ومن أحدهم.


      إنّ هذا التسلسل العجيب للحياة وتطورها قد رُسِمَ فيما أسموه "شـجرة الأحياء" نثبتها كما وردت – وبتصرف - في كتاب داروين "أصل الأنواع"[ 3] مع ملاحظتين:

      [1] رسمت شجرة الحياة من أسفل إلى أعلى وليس العكس، بناء على نظرية داروين "البقاء للأصلح" لذا فتقرأ من أسفل إلى أعلى وليس العكس.

      [2] يؤكد داروين صحّة ما ورد في نظريته حول الأصول الأولى للأحياء المتناهية والموغلة في القِدَم، في حين لا يستطيع التأكد من الأصول القريبة نوعاً، فالإنسان نشأ من الصعابير التي أنتجت القرود والسّعادين، وبالتأكيد فالإنسان قد نشأ من أحدهم، أمّا أيهم بالتأكيد على وجه التحديد؟ فلا يستطيع التأكيد!!!.

      نشـــــأة الحيـــــــاة

      تسرد كيفية نشأة الحياة دورية " عالم الفكر [4 ] كالتالي :
      (وكيفية ظهور الحياة ما زالت موضع دراسة وإن كانت الأبحاث الحديثة في الكيمياء الحيوية Biochemistry وعلم الخلية Cytology والفيروسـاتViruses قد ألقت بعض الضوء على هذه المشكلة، ولكن العلماء لم يصلوا بعد إلى حل لهذا السّر وربما لن يصلوا إليه إلى الأبد، وأقدم نظرية تفسّر نشـأة الحياة هي: "نظرية النّشوء الذّاتي أو التلقائي Spontaneous Generation" ، وتبعاً لهذه النظرية تنشأ الأنواع المختلفة من الحياة حتى المعقدة منها تلقائياً من مواد غير حيّة، فمثلاً كان الفيلسوف الإغريقي الشهير"أرسطوAristole " يعتقد أن البعوض والبراغيث نشأت من المواد المتحللة، ولكن تمكن الطبيب الإيطالي "ريدي Redi" في القرن السابع عشر والقسيس الإيطالي "سبالانزاني Spallanzani" في القرن الثامن عشر من إثبات خطأ هذه النظرية، ولكن بعد اكتشاف البكتيريا Bacteria ظلَّ العلماء يؤمنون بإمكانية نشوء هذه الكائنات الدّقيقة جداً تلقائياً من أي وسط عضويOriganic medium حتّى تمكن العالم البكتريولوجي الفرنسي الشهير "باستير Pasteur" من إثبات خطأ هذا الرّأي بالتجربة.

      والنّظرية الثانية هي " النظريّة الكونيّة Cosmozoic theory" التي تنادي بأنّ البذور أو الجراثيمApores الأولى للحياة وصلت إلى كوكبنا بطريقة ما من مكان آخر في الكـون. ولكنَّ هذه النّظرية غير مقنعة لسببين: الأوّل أنها لا تفـسر



      كيفية نشوء الحياة على الإطلاق تغير منشأها من الأرض إلى مكان بعيد وغير محدد من الكون، والسبب الثاني أنّ الجفاف الشديد والبرد القارس والإشعاع القوي الذي يتميز به الفضاء فيما بين الكواكب المختلفة لا يسمح إطلاقاً لبذور الحياة بأن تمر من كوكب إلى آخر.)[5 ]

      أمّا الآراء الحديثة لعلماء التّطور في كيفية نشوء الحياة وشرحها فهي معقدة وملخصها أنَّ حالة البحار البدائيّة من حيث درجة الحرارة والإشعاع والتركيب الكيميائي شجعت على تكوين وبقاء عدد كبير جداً من مركبات الكربونCarbon المختلفة، ثم بواسطة عدد لا يحصى من اتحادات هذه المركبات بعضها ببعض تكونت أجزاء فيزيائية كيماوية Physic-chemical لها طبيعة ثابتة نسبياً وتتميز بالصفات الأساسيّة للحياة معتقدين أنّ هذه الكائنات البدائيّة أو الأوليّة Proto-organisms كانت تشبه في أول مراحلها الجينGene الحامل للصفات الوراثية، بينما يؤكد علماء آخرون مقارنتها بالفيروس Virus يعيش عيشة حرّة، إنما هم متفقون أنّ أول الأشياء التي ظهرت على الأرض لم تظهر بصفة خلايا إنما بصورة أشياء هي أبسط من الخلايا بكثير يمكن تسميتها جزيئيات حيّة Living molecules، وأنّ الوقت الذي تحولت فيه تلك الجزيئيات الحيّة إلى مرحلة الخلية الواحدة مثل حيوان الأميبا Amoeba هو وقت طويل جداً نسبياً.[6 ]






      .................................................. .................................................. .................................................. .............
      [1] السّديم – الغيمة السديمية nebula) ): كتلة سحابية الشكل من غاز أو غبار أو كليهما معاً تكون في الفضاء الواقع بين النجوم وتتوهج بفعل أشعة النجوم المجاورة المنعكسة عليها.
      الفرضية السديمية ( nebular hypothels ): نظرية وضعها الرياضي الفرنسي لابلاس عام ( 1796 ). تقول بأنّ الشمس نشأت عن سديم غازي ضخم ساخن دوّار، بَرَدَ شيئاً فشيئاً ةتقلّص متخذاً شكل كُرة. ولقد كان من نتائج هذا التقلص أن انفصلت عن الشمس حَلقاتٌ عازية ما لبثت أن تقلصت بدَورها وشكلت الكواكب السّيارة، وهكذا نشأ النظام الشمسي. وقد أخذ علماء الفلك بهذه الفرضية طوال القرن التاسع عشر، حيث أهملت بعد التحول عنها واستبعادها.
      وفي نهاية القرن التاسع عشر أخذ العلماء بفرضية جديدة بدلها هي الفرضية الكويكبية Planetesimal hypothesis وهي فرضية طلع بها العالمان الأميركيان توماس تشمبرلين وفورست مولتون، عام ( 1906 ) لتفسير نشوء الكواكب السيارة. وهي تقول إنّ الشمس لم يكن لها في الماضي السحيق كواكب سيارة تدور حولها، وأنّ كتلاً ضخمة من المادة فُصلت عنها بفعل جاذبية نجم أكبر منها، وان هذه الكتل التي تسمى الكويكبات اتخذت لها مدرات اهليجية حول الشمس ثم اتحدت لتشكل ما يُعرف بالكواكب السيارة.
      [2] المرجع. صفحة ( 41 ).
      [3] المرجع. صفحة ( 41 ).
      [4] دورية ( عالم الفكر )، العدد الربع ، المجلد الثالث، صفحة (15)
      [5] المصدر السابق
      [6] المصدر السابق، صفحة ( 15-16)

      .................................................. .................................................. .................................................. .................
      منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
      حاتم ناصر الشرباتي
      الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر
      www.sharabati.org
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق


      • #18
        تطـــور الإنســـــان



        يتضمن سجل تطور الجنس البشري مجموعة من الأشكال اقتربت تدريجياً من هيئة الإنسان الحالي، ويمكن اعتبار إنسان جنوب أفريقيا القرد Australopithecus africanus أول نوع مشابه حقيقة للإنسان، ولقد عاش هذا النوع منذ حوالي مليون سنة وكان قصيراً نسبياً وبه شَبَه بالقرد الكبير من حيث شكل وصفات الجسم.

        ولقد اكتشفت عدة حفريات من هذا النوع في أفريقيا بواسطة العالم "دارت Dart". ويعتقد الآن معظم العلماء أنَّ هذا النوع يتميز بصفات عائلة الإنسان وعائلة القرود وبذلك لا يمكن اعتباره قرداً أو إنساناً، وكان حجم مخه يساوي تقريباً نصف حجم مخ الإنسان الحالي، وكان يستطيع أن يصطاد الحيوانات ليأكلها بواسطة أسلحة حجرية.

        أما النوع الذي يعتبر فعلاً إنساناً فيسمى "إنسـان كرومانيونCro-Magnon" الذي عاش 32000 سنة إلى 15000 سنة، ولقد كان هذا النوع طويلاً ومنتصب القامة والطّبع ذكياً نسـبياً. ولقد اكتشفت حفريات هذا النوع في كهوف بوسط فرنسـا، ولاحظ العلماء في هذه الكهوف وجود بقايا حضارة على هيئة أسلحة وعاج منحوت، بل أن هذا النوع كان يتمتع ببعض الموهبة الفنيّة لوجود رسومات وصور زيتية لحيوانات – انقرض معظمها الآن – على جدران الكهوف التي عاش فيها هذا النوع.

        ولقد اكتشف علماء الحفريات عدداً من الأنواع المتوسطة بين الرّجل القرد الأفريقي وإنسان كرومانيون أذكر منها الأنواع التالية :

        الإنسان القرد الجاوي :
        نسبة لجزيرة جاوه بإندونيسيا [ **** ape man ]
        إنســـان بكيــن :
        الذي اكتشفت بقاياه بالصين [ Pecking man ]
        إنســـان هايدلبرج :
        الذي اكتشفت حفرياته في ألمانيا [ Heidelberg man ]
        إنســـان نياندرثال :
        الذي اكتشف في وادي نياندرتال بألمانيا [ Neanderthal ]


        وما زالت الاكتشافات بخصوص هذا الموضوع تتوالى حتى وقتنا الحاضر
        أما الإنسان الحديث فيسمى "الإنسان العاقل Homo Sapiens"، وقد بدأ ظهوره منذ حوالي 12000 سنـة فقط والتغيرات التي أدت إلى تكوينه كانت عقليــّة أكثر منها جسمانيّة وبمعنى آخر أدّت العمليات التّطورية – بإرادة الله سبحانه وتعالى – إلى زيادة قوّة العقل وليست قوّة البدن، ولقد مكَّنَ ذكاء الإنسان من أن يكيّف نفسه حسب البيئة ويتحكم فيها وبذلك أصبح الإنسان الحيوان السّائد فوق الأرض في العصر الحديث.

        أما أول مكان ظهر فيه الإنسان الحديث فلا نستطيع تحديده حتى الآن، فبعض العلماء يعتقدون أنه ظهر أولاً في آسيا وبعضهم يقول أنها أفريقيا، وعلماء التّطور لا يقولون أنَّ الإنسان انحدر من القرد كما يعتقد العامّة من النّاس وإنما يعتقدون أنّ الإنسان والقرد كان لهما سّلَفٌ مشترك.



        وفي بداية هذا الشهر[ 2] أذاعت وكالات الأنباء ملخصاً لاكتشاف هام قام به "الدكتور ريتشارد ليكي" مدير المتحف الوطني في كينيا، فقد أعلن هذا العالم – في تقرير قدّمه إلى الجمعيّة الجغرافيّة الوطنيّة في واشنطون – أنّه اكتشف في جبل حجري بصحراء تقع شرق بحيرة رودلف في كينيا بقايا جمجمة وساق يرجع تاريخها إلى مليونين ونصف مليون عام، ولذلك تعتبر هذه البقايا أقدم أثر للإنسان الأول لأنها تمتد في قِدَمِها مليوناً ونصف مليون عام من أقدم أثر أمكن الحصول عليه حتى الآن.[3 ] وأكَّدَ ليكي أنّه بالرغم من أنّ هذه الجمجمة لا تشبه جماجم الإنسان الحديث ألا أنها تختلف كذلك عن جميع أشكال الجماجم التي عُثِرَ عليها للإنسان الأّول، والاكتشاف الجديد يبين أنّ المخلوق الإنساني المنتصب ذا الساقين لم يتطور عن المخلوق البدائي الذي يشبه القرد بل كان يعاصره منذ حوالي مليونين ونصف مليون عام، وذكرت الجمعيّة الجغرافيّة الأمريكيّة في تعليق لها أنّ نظرية هذا العالم تقوم على أساس أنّ الرجل القرد الأفريقي (وكان أساساً من أكلة النباتات) قد وصل إلى مرحلة تطورية مسدودة بينما استطاع الإنسان (الذي استخدم اللحم في غذائه) أن يبقى على قيد الحياة، ولـــذا اختتم ليكي تقريره قائلاً أنّ اكتشافه يمكن أن يقلب النظريات القائمة بشأن كيف ومتى تطور الإنسان عن أجداده فيما قبل التّاريخ.[4 ]


        <div align="center">الفصل الثامن
        كيف نشأ الإنسان

        كيف نشــأ الإنســـــان[5 ] </div>


        إنَّ ذلك لا يزال موضع شكٍّ عند داروين وأمثاله، ولكنَّ نظرتهم أنَّ أوالي البشر لم يكونوا على صورة الإنسـان الحالي بل كانوا أكثر مشابهة للقردة العليا كالغوريلا والشمبانزي والأرطان منهم إلى الإنسان الحالي، ومن أجل انهم أول ما عاشوا في الكهوف والمغاور وقد اغتذوا بالجذور والدَّرنات والجوز، واتخذوا من أدوات الدّفاع عن النّفس عصياً وأحجاراً صنعوها خبط عشواء. غير أنهم اصطنعوا بعد ذلك أدوات من الصوان جلبوها بالنحت - لتتفق مع أغراضهم - وتركوها غير مصقولة.

        واستمر الإنسان يستعمل تلك الأدوات الحجرية الغشيمة أزماناً طويلة، ولكن بمرور الزَّمن اكتسب قدرة على تحسين الصناعة، فأخذت أدواته ترتقي متدرجة مع تدرجه في سلم الارتقاء والتطور العضوي والذهني، وفي زمن ما عرف كيف يستعمل النّار أول ما رأى ناراً مشتعلة بسبب انقضاض صاعقة على الهشيم الجاف فاشتعلت ومضى محتفظاً بها يزكيها كلما كادت تخبو، ولكنه اهتدى بالصدفة بعد ذلك إلى الطَّريقة التي يوَلِّد بها النّار، وهي نفس الطَّريقة التي لا زال البدائيون يستعملونها إلى يومنا هذا. وقد كان لاستطاعته توليد النار أثر تطوري انقلابي في حياة الإنسان، حتى أنّه قد ألفت فيها الكثير من الحكايات والأساطير.

        لما استطاع الإنسان أن يحسّن من أدواته خرج للصّيد وطبخ لحم الحيوان بعد أن كان مقتصراً على الجذور والدّرنات والجوز، واتخذ من جلد الحيوان كساءاً. وكـان إنسـان الكهوف فناناً بطبعه فَخَلَّفَ آثاره الفنيّة منقوشةً على العاج والعظام


        والأحجار وغيرها، أو صَوَّرَها خطوطاً وتلويناً على جوانب الكهوف التي عاش فيها.

        بعد ستمائة ألف من السنين خطا الإنسان خطوة أخرى نحو التّقدم والارتقاء. على أنّ تقدير الأطوار النُشوئية التي تعاقبت على الإنسان بالسنين هو أمر ظني تقريبي صرف، وكلما تقدمت البحوث العلمية وكشوفات علماء الآثار والأحافير ردت الإنسان إلى عهد أبعد وأعرق موغل في القِدَم.

        كذلك تدرجت لديه القُدرَة على الكلام في مراحل لاحقة من التّطور استطاع أن ينقل إلى نسله عاداته الكلامية. ولما بلغ تلك الدَّرَجَةَ من القدرة على النُطق أصبح وجوده أثبت وعيشه أيسر مما كان في العهود السّابقة، غير أنّ أدواته كانت مصنوعة من الصّوان وغيره من الحجارة الصّلبة، بعد أن اتخذت صورة جديدة فصارت حديدة السنان ملساء الأسطح بعد أن صقلها وهذّبها واهتم بحسن مظهرها، واخترع القوس والسهام والصنانير والكلاليب التي اتخذها من قرون الأيائل. ونسج الملابس وصنع الفخار وزرع بعض أصناف الحنطة، كذلك فقد آلَفَ الكلب فكان لايلافه أثر بعيد في حياته وأسلوبها إذ اصبح له صديقاً ورفيقاً استعان به على الصيد ورَدِ عادية الذئاب والوحوش المهاجمة والتي كانت أعدى وألد وأضرى أعدائه في حياته البدائية.

        وبالتأكيد أن الإنسان قد آلف أنواعاً من الذئاب والوحوش في بداية الأمر انحدرت منها بطريق التطور جميع سلالات الكلاب التي نعرفها اليوم، فذئب جريح فاقد الحيلة والقدرة قد يرتد بالتأليف والتعليم والتدريب أليفاً بعد أن يعنى به ويتعهد ويساس من قبل إنسان بدائي يضمد جراحه ويعوله ويتعهده فيصبح النواة الأولى في تأليف أترابه من بني جلدته وعقيب ذلك اهتدى الإنسان إلى طريقة إيلاف الحصان والحمار ومن ثمَّ الجمال والقطط، فأضاف إلى قدراته في المسيرة التربوية قدرات أخرى ساعدته في أساليب الحياة والتغلب على الصعاب.



        ويؤكد العلماء أنَّ الإنسان منذ أن عمَّرَ هذه الأرض قد ترك آثاره المتحجرة في الطبقات الجيولوجية فلقد عثر العلماء على جماجم مطمورة في رواسب الكهوف والمغاور، وعلى عظام أخرى من الهيكل العظمي في رواسب الأنهار القديمة وفي المحاجر، ومن هذه الصور الأثرية استطاعوا أن يؤلفوا فكرة عن الصور التي لابست الإنسان في مراحل تطوره في تلك العصور الغابرة.

        بجوار تلك العظام التي خلفها الإنسان من هيكله العظمي – وهي قلية لأنها سريعة العطب والانحلال – فقد خَلَفَ الإنسان أدواته التي استعملها كالحراب والمدى والمطارق والإبر والكلاليب والسهام وغيرها... وهي في الأكثر مصنوعة من الصوان أو غيره من المواد الصلبة، وقد مضى على الإنسان زمن طويل وهو يستعمل تلك الآلات الحجرية قبل أن يهتدي إلى المعادن، ومن دراسة تلك الأدوات فقد بنى علماء التطور نظرياتهم المختلفة حول التّطور والعصور البشرية ونمط حياة الإنسان ونهضته ورقيه والأزمان والفترات التي مَرَّ بها.

        كان هذا هو ملخص لما ورد في كاتب داروين " اًصل الأنواع " في موضوع نشوء الإنسان . وهو ما يجمع عليه كافة التطوريين بالتركيز على الربط بين الأدوات المستعملة وبين نهضة الإنسان ورقيه وحضارته وأسلوب تفكيره . المطابق للفكرة الأساسية التي تبنتها الشيوعيــة بأن المادة هي أصل الموجودات وأن التّطور المادي تبعاً لوسائل الإنتاج هو المحرك الفعلي والوحيد للمجتمع وعلاقاته جميعاً ، واعتبار فكر الإنسان ووجة نظره نابعة وموجهـة مـن الأدوات التي يستعملهـا، وتدوينهم تاريخ نشأته وحضارته بالمصدر الوحيد المعتمد لديهم لذلك وهو ما يكتشفونه في المغاور والكهوف من أدوات استعملها في الحقبات التاريخية المنصرمة .



        .................................................. .................................................. .................................................. .............
        [1] جميع هذا البحث منقول عن مقال الدكتور علم الدين كمال، الأستاذ بكلية العلوم في جامعة القاهره، الوارد في دورية " عالم الفكر "، العدد الرابع،المجلد الثالث،الصفحات:(32-34)
        [2] نوفمبر عام 1972
        [3] ( الرجل الأفريقي الذي عاش منذ مليون عام ).
        [4]الدكتور علم الدين كمال، الأستاذ بكلية العلوم في جامعة القاهره، الوارد في دورية " عالم الفكر "، العدد الرابع،المجلد الثالث،الصفحات:(32-34)
        [5] المرجع، صفحة:(45-47) بتصرف، ومصادر أخرى.


        .................................................. .................................................. .................................................. .................
        .................................................. .................................................. .................................................. .................

        <div align="center">أهم الأحداث الجيولوجية حتى ظهور الإنسان وسيادته</div>[1 ]

        كان أهم الأحداث الجيولوجيَّة التي تعاقبت على مدى الدّهور والأزمنة ما يلي :

        [1] في الدهر القبكمبري بعصريه : زحف الجليد على معظم القارات .

        [2] في الدّهر القديم :
        1. في العصر السيولوري: ظهور البحار الضحلة في أمريكا الشمالية.
        2. في العصر الديفوني : ظهور جبال الالاباش .
        3. في عصر المسسبي : البحار الضحلة تغمر مساحات واسعة من اليابسة.


        [3] في الدّهر المتوسط :
        1. في العصر البنسلفاني (الكربوني) :
        زحف الجليد في معظم مناطق العالم ، ونشوء تشكيلات صخرية مشتمله على الفحم الحجري .
        2. في العصر البيرمي : زحف الجليد وتشكل الصخور الرَّملية .
        3. في العصر الترياسي : طقس دافئ شبه جاف .
        4. في العصر الجراسي : دفء الطقس وظهور سلاسل الجبال .

        [4] في العصر الحديث :
        1. في العصر الكريتشي : ظهور الصخور .
        2. في الدور الأيوسين : تقلب الطقس .
        3. في دور الأوليغوسين : دفء الطقس .
        4. في دور الميوسين : برودة الطقس وتكوين الهمالايا .
        5. في دور البيوسين : كثرة الشلالات .
        6. في دور البلوسيستين : امتداد الجليد وانحساره .
        7. في الدور الحديث : ظهور القارات الحديثة .



        <div align="center">أهم الأحداث البيولوجية حتى ظهور الإنسان وسيادته</div>[ 1]

        أما أهم الأحداث البيولوجية فكانت :

        [1] في الدهر القبكمبري :
        1. العصر العتيق : الحفريات لهذا العصر قليلة جداً .
        2. العصر الفجري : ظهور الحياة للمرة الأولى، لافقاريات رخوة ، طحالب

        [2] في الدهر القديم :
        1. في الدور الكامبري: تنوع الطحالب وانتشار اللافقاريات.
        2. في الدور الأردفيشي : ظهور الأسـماك البدائية لأول مرة، سيادة اللافقاريات البحرية.
        3. في العصر السيلوري: انتشار الأسماك ذوات الدروع، انتشار الحزازيات والنباتات الوعائية البذرية، ظهور بعض القشريات الكبرى والحيوانات البرية.
        4. في العصر الديفوني: ظهور النباتات معراة البذور، ظهور البرمائيات، سيادة الأسماك.
        5. في العصر المسسبي: سيادة السراخس والليكوبسيدات، انتشار أسماك القرش والبرمائيات.

        [3] في الدهر المتوسط:
        1. في العصر البنسلفاني: ظهور الزواحف البدائية والأشجار، سيادة البرمائيات في مستنقعات الفحم والغابات.
        2. في العصر البيرمي: استبدال البرمائيات بالزواحف ، انتشار الحشرات.
        3. في العصر الترياسي: ظهور الديناصورات البدائية والبرمائيات، سيادة الزواحف، ظهور الثدييات.

        4. في العصر الجراسي: ظهور الطيور البدائية، تشعب الحشرات، انتشار الزواحف والامويتبيس، استمرار ظهور الثدييات البدائية.

        [4] في الدهر الحديث:
        1. في العصر الكريتشي: سيادة النباتات، ظهور أكثر النباتات المزهرة، انتشار الزواحف والأمويبتس، انقراض الديناصورات.
        2. في دور البالوسين: ظهور الطيور الحديثة، تنوع الحيوانات ذات الحوافر، ظهور الثدييات المشيمية.
        3. في دور الأيوسين: ظهور الثدييات الحديثة وانتشارها.
        4. في دور الأوليغوسين: ظهور كثير من العائلات الحيوانية الحديثة، تطور سريع في الثدييات.
        5. في دور الميوسين: ظهور الحيوانات التي تتغذى على الأعشاب، ظهور القردة البدائية والحيات والماشية.
        6. في دور البيوسين: ظهور الحيوانات المفترسة الكبيرة، ظهور الكثير من الثدييات.
        7. في دور البيلوستين: بدأ ظهور الإنسان الأول، انقراض عدد كبير من الثدييات الكبيرة.
        8. أما أهم الأحداث البيولوجية في الدور الحديث فهو الإنسان والحيوانات العليا.






        .................................................. .................................................. .................................................. .............
        [1] هذا الفصل بالكامل منقول من كتاب ( البيولوجيا ) تأليف ريتشارد جولدزبي، الجزء الأول، وعن ( موسوعة المورد العربية )، منير البعلبكي، الجزأين الأول والثاني.




        .................................................. .................................................. .................................................. .................
        منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق


        • #19
          عصور التقدم البشري الأولى[1 ]

          بحسب تسلسل النظريات التطورية فالإنسان كان بدائياً "Primitive " ... بدائياً في تركيبه الحيواني، بدائياً في طريقة الإدراك والتمييز والتفكير، بدائياً في عدم استطاعته النطق والتعبير، بدائياً في كيفية استعمال الأدوات اللازمة، وبدائياً في أسلوب العيش.

          لقد تدرج الإنسان في الارتقاء والتطور خلال مراحل متعدده "عصور Periods " أخذت أسماء أدواته التي كان يستعملها، لأنَّ تطوره يسير طبقاً لوسائل الإنتاج التي كان يستعملها، فتطوره مربوط ربطاً حتمياً ولازماً بتطور أدواته،[ 2] بتطور أدواته، وأول تلك العصور كان "العصر الحجري Stone age" وهو أقدم عصر من عصور الثقافة البشرية، ويقسمه العلماء إلى أربع فترات هي :

          [1] العصر الحجري البدائي (الأيولتي = الظراني) Eolithic period وهو الفترة الأولى من العصر الحجري، يتميز باستخدام الإنسان الأدوات الحجرية البدائية إلى أبعد الحدود إذ كانت أدواته حجرية خشنة غير مهذبة، وقد عثر على مثال لها عالم إنجليزي اسمه "بنيامين هريسـون" في الحصى المتراكم في قيعان الأنهر القديمة في "كينت Kent "الواقعة في مقاطعة" "سسكس Sussex" في إنجلترا، وفي غيرها من البقاع.

          [2] العصر الحجري القديم (الباليوليثي) Paleolithic period وهي الفترة الثانية من العصر الحجري، يتميز باستعمال الأدوات الحجرية الخشنة والمهذبة على نحو بدائي.

          [3] العصر الحجري الوسيط (الميزوليثي) Mesolithic period وهي الفترة الثالثة من العصر الحجري، يتميز بظهور الكلب بوصفه أول حيوان أليف، وباستخدام القوس والنَّشاب والأدوات القاطعة ونشوء صناعة الفخار.

          [4] العصر الحجري الحديث ( النيوليثي ) Neolithic period وهي الفترة الأخيرة من العصر الحجري، بدأ حوالي العام (2000 ق.م) في الشـَّرق الأوسـط، وبعد ذلك في أماكن أخرى، وهو يتميز باختراع الزراعة وبصنع الأدوات الحجرية المتطورة نسبياً.

          على أنَّ تلك العصور لا يفصل بين العصر والعصر الآخر منها فواصل محددة متفق عليها زمنياً بل يتداخل بعضها ببعض، حيث عثر على أدوات من العصر الحجري البدائي في نفس المكان مع أدوات من العصر الحجري القديم، ومما يجزمون به ويؤكدونه أن العصر الحجري بأقسامه الأربعة قد سَبَقَهُ عصر أخر استعمل فيه الإنسان الأول العصي والحجارة الغشيمة[ 3] مما يقع عليه بصره خبط عشواء[4 ]. على أن تلك العصور لا تدل على عهود زمنية معينة أو محددة، إنما تدل علمياً على درجات ثقافية أستدل عليها بواسطة الآثار التي عُثِرَ عليها.

          ولما اكتشف الإنسان المعادن تسارع ارتقاؤه مستعملاً " النحاس الأحمر Copper"، في أول الأمر، إلآ أنه أنِسَ فيه الطّراوة مما لا يتفق ومتطلباته فمزجه بالقصدير ليخرج منه سبيكة "البرونز Bronze"، ولما اهتدى إلى البرونز وضرب مسارعاً إلى التقدم بدخوله في مطاوي "العصر البرونزي Bronze age" حوالي العام (3500 ق.م) بدأ يعيش في جماعات أكبر من تلك التي كان يعيش فيها من قبل، وكان قبل ذلك وفي أواخر العصر الحجري الحديث قد ترك العيش في الكهوف ونزع إلى العيش في الأكواخ، وتجاورت الأكواخ فتألفت منها مجموعات لتصبح كل مجموعة منها "قرية Village"، وظلَّ الإنسان يعيش في مجموعات قروية أزماناً متطاولة أقيم بعضها على جوانب أطراف البحيرات طلباً للأمن، وقد سميت تلك القرى "المرابي البُحَيرية Lake villages" – أي قرى الجيران –

          أما بحلول العصر البرونزي فقد تمادت بعض القرى في الكبر والنمو والتضخم فصارت "بلاداً Towns"، وكبرت البلاد لتصبح "مدائن Cites"، وكبرت المدائن أيضاً لتصبح "عواصم Capitals"، كما أن طبيعة العيش والتطور ومتطلبات الحياة المتطورة قد أحالت الأكواخ البسيطة إلى بيوت مضت في الاتساع والتّشكل حتى برزت تلك القصور العظيمة والبروج المطوحة التي تقع على أمثالها في حضارات مصر وأشور وأثينا ورومية.
          ولما اكتشف الإنسان "الحديد Iron" انتقل إلى "عصر الحديد Iron age" حيث صهر الحديد واستخدمه بدلاً من البرونز في صنع الأدوات والأسلحة، وذلك لتوفره ولندرة البرونز حيث الثاني أصلد، وكان ذلك قبيل العام (1000 ق.م) في آسيا الغربية ومصر.
          ولقد استغرق هذا التطور دهوراً تلو دهور، إذ أنه يتبع دائماً تطور المهارة والفراهة الهندسية والفكرة في تطويرات الحياة وزخارفها، ولما بلغت الجماعات القروية مبلغاً من الاتساع والكبر بدأ أفرادها يُغَيِرون نمط حياتهم فظهرت "الطبقات Classes"[ 5] لأول مرّة كالسـماك والقناص والمُحارب وجابل الصوان وغير ذلك، وكان أولئك – أصحاب الطبقات – الذين أقاموا العلاقات الاجتماعية[ ] والطبقات المدنية وما ترتب على ذلك من النظم التبادلية والتجارية، وكان ذلك أول نشوء الحضارات الكبرى في تاريخ البشر.[6 ]
          ويتكهن علماء التطور المعاصرون بأنه إذا كان الإنسان خلال تلك العصور والأحقاب المنصرمة منذ ظهور الإنسان الحديث قد عمل دائماً على تحسين أحواله والسَّيطرة على موارد الطعام والتحكم في الطبيعة وتسخيرها لصالحه، كما تمكن من ابتكار وسائل كثيرة ومتنوعة لتقوية روابطه الاجتماعية مما أدى إلى ظهور الحضارات العديدة السابقة عبر القرون الماضية، فالأغلب أنه سيستمر في مثابرته وجهاده تمهيدا للدخول في عصر جديد أو عصور جديدة متتالية يتميز كل منها بملامح وسمات خاصة. ويعتقدون أنَّ التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي سيكون أسرع وأوضح من التطور البيولوجي الذي يحتاج إلى عشرات الآلاف من
          السنين، ولكن هذا التطور الاجتماعي والثقافي سيكون في الوقت ذاته تطوراً موجهاً وسفيراً يستعين بخبرات الآلاف الطويلة من السنين الماضية .[ 7]

          لــذا فإن دراسة التطور البيولوجي والاجتماعي لا تقتصر دائماً على دراسة الماضي ولا تكتفي بالبحث عن المراحل التي مرَّ بها الكائن البشري خلال تاريخه الطويل، وإنما تمتد إلى دراسة الحاضر ومحاولة التّعرف على مستقبل الأجيال القادمة والتكهن بنوع التغيرات التي سوف تسود مستقبلاً.[8 ]
          ــــــــــــ الهامش ــــــــــــــــــــــــــــــ
          [1] المرجع، صفحه ( 47- 50 ) بتصرف.
          - موسوعة المورد العربية ، الجزء الثاني ، صفحة ( 765 – 766 ) .
          [2] يلاحظ أن ذلك مطابق تماماً للفكرة الأساسية التي تبنتها الشيوعية والقائلة بأن التطور المادي تبعاً لوسائل الإنتاج هو المحرك الفعلي والوحيد للمجتمع وعلاقاته جميعاً ، واعتبار أن فكره ووجهة نظره نابعة وموجهة من الأدوات التي يستعملها
          [3] الغشيمة : غير المصنعة .
          [4] العشوائية : عدم التقصد والتعمد .
          [5] مجموعة الأشخاص الذين يؤدون عملاً واحداً ، أو الذين تجمعهم مصالح مشتركة ، أو الذين يشتركون في وضع واحد أو في حالة واحدة في مجتمع من المجتمعات . والمقصود في الجملة هو المعنى الأول .
          [6] المقصود هنا العلاقات بين الناس في المجتمع الواحد ، وليس العلاقات الاجتماعية بمعناها الصحيح ، إذ أن الثانية تأخذ مفهوم اجتماع الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل ، ومعظم الباحثين لا ينتبهون إلى الفرق بين المعنيين ، وبما أن القول منقول عن من لا يميز الفرق – وهو المرجع - لذا فقد حرصت على نقل الفكرة بنفس الألفاظ التي وردت في المرجع مع التنويه للفرق بين المعنيين .
          [7] هناك فرق بين لفظي " الحضارة Civilization " و " المدنية Sciences " من ناحية المدلول، فالحضارة هي مجموع وجهات النظر عن الحياة ، في حين أن المدنية هي أشكال التقدم في العلوم والصناعات مما لا يتعلق بالثقافة ووجهات النظر عن الحياة مثل : علوم الكيمياء والهندسة والصناعات وغيره ، وهذا هو المقصود في الفقرة ، لذا كان الأولى أن يقال " نشوء المدنيات والعلوم " بدل " نشوء الحضارات . لذا اقتضى التنويه .
          [8] لورد تويدز ميور، في مقال له بعنوان "الجانب الآخر من التل".Lord Tweedsmuir- The other side of hill
          ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
          حاتم ناصر الشرباتي
          الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر
          يتبع إن شاء الله.........
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق


          • #20
            عصور التقدم البشري الأولى - 2 -


            أما العالم الاقتصادي الألماني " كارل بيشــر Karl Bucher " فقد ذهب إلى أن الاقتصاد البشري مَرَّ بثلاث مراحل قبل أن يصل إلى المرحلة الصناعية قي أوروبا في القرن التاسع عشر. وفي أولى تلك المراحل الثلاث كانت حياة الإنسان تعتمد إما على الجمع والالتقاط أو قنص الحيوان أو صيد السَّمك بحسب ظروف كل مجتمع على حدة، ثم انتقل الإنسـان بعد ذلك إلى مرحلة الرعي، وأخيراً وصل إلى مرحلة الحياة المستقرة التي تعتمد على الزراعة.[1 ]

            أما العالم الأمريكي " لويس مورجان Lewis Morgan" فيذكر في كتابه "المجتمع القديم Ancient Society " أن الإنسان قد مَرَّ بحقبتين كبيرتين هما "حقبة التَّوَحُش" و "حقبة البربرية" قبل أن يصل إلى "الحضارة الأوربية الحديثة". ثم يقسم كلاً من هاتين الحقبتين بعد ذلك إلى ثلاث مراحل أخرى هي "دنيا، وسطى، عليا". وبناء عليه يكون المجتمع الإنساني قد مرَّ بحسب تقسيمه بالمراحل التالية :


            أ*. مرحلة التوحش الدنيا: وتبدأ من طفولة البشرية.
            ب*. مرحلة التوحش الوسطى: وتبدأ باستخدام النار، وكان الإنسان يعتمد في أساسها على صيد السمك.
            ت*. مرحلة التوحش العليا: وتبدأ منذ اخترع الإنسان القوس والنشاب والسهام، وبذلك كانت حياته تقوم في الأغلب على القنص.
            ث*. مرحلة البربرية الدنيا: وتبدأ باختراع الأواني الفخارية.
            ج*. مرحلة البربرية الوسطى: التي تتميز بحفظ واستئناس الحيوانات، وزراعة الذرة ، والاعتماد على الرّي.
            ح*. مرحلة البربرية العليا: وتبدأ باكتشاف طريقة سبك الحديد، وبالتالي استخدام الآلات والأدوات الحديدية.
            خ*. وأخيراً وصلت الإنسانية إلى المرحلة السابعة والأخيرة وهي: "مرحلة الحضارة الصحيحة": التي تمتاز باكتشاف حروف الهجاء والكتابة، وتمتد حتى عصرنا الحالي.[ 2]

            أما فيما يتعلق بأدوات ووسائل العيش فيقول مورجان: أن الإنسان انتحل خمس طرائق في معاشه، ويرد اثنتين منها إلى حقبة التوحش، والثلاث الأخرى إلى البربرية، وأولى تلك الوسائل هي طريقة العيش الطبيعية عن طريق جمع الفواكه والبذور والجذور في المنطقة التي يسكنها الإنسان، والثانية هي صيد السمك. أما الوسائل الثلاث الأخرى فهي الاعتماد على زراعة الحبوب في الحدائق، والاعتماد على اللحم واللبن، ثم ممارسة الزراعة الواسعة في الجبال.[3 ]


            ويبدو كما يقول "ايفانز ريتشارد "[ 4]:

            ان معظم العلماء التطوريين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وأشهرهم:
             سير هنري مين، في كتابة "القانون القديم".
             تايلور، في كتابه "أبحاث في التاريخ القديم للجنس البشري".
             سير جون لبوك، في كتابه "أصل الحضارة ".
             ماكميلان، في كتابه الذي ظهر في مجلدين بعنوان "دراسات في التاريخ القديم".

            كانوا يذهبون إلى أن الشعوب البدائية التي لا توجد الآن، أو على الأصح التي كانت تعيش إلى أيامهم ، تمثل أدنى المراحل التي مرت بها البشرية، وأنه بناء على ذلك فإنَّ ترتيب الشعوب والمجتمعات التي توجد الآن حسب درجة تقدمها وارتقاءها إنما يعطينا صورة واضحة ومتكاملة عن كل المراحل التي مرَّ بها المجتمع الإنساني منذ وُجِدَ حتى الآن، وهذا يعني أن الاهتمام الزائد الذي كان يبديه هؤلاء العلماء بما كان يعرف حتى عهد قريب باسم "الشعوب البدائية" لم يكن اهتماماً بتلك الشعوب بذاتها وإنما لاستخدامها في إقامة نماذج ومُثُل افتراضية كانوا يعتقدون أنها تمثل التاريخ المبكر للجنس البشري عامة، ولذا فليس من الغريب أن نجد علماء ذلك العصر يكتبون ما كانوا يعتبرونه تاريخاً، لأنَّ العلوم والمعارف كانت تتجه في ذلك الوقت اتجاهاً تاريخياً في أساسه، وهي كلها مجهودات كانت تهدف دائماً إلى تفسير الشيء القريب بالشيء البعيد، أي قياس الحاضر بالغائب.

            ولقد أدت تلك الافتراضات والدَّعاوى بأن الشعوب البدائية تمثل أدنى المراحل التي مرَّت بها البشرية إلى الوقوع في كثير من الأخطاء نتيجة لإطلاقهم بعض الأحكام العامة غير الصحيحة والتي لا تستند في كثير من الأحيان إلى حقائق ووقائع مؤكدة)[5 ]

            فواضح إذن أن النظريات التي كان يضعها هؤلاء العلماء عن الماضي لم تكن تقوم على الحدس والتخمين فقط، وإنما كان يداخلها على ما يقول "ايفانز ريتشارد" كثير من العناصر التقويمية أيضاً !!!.6 ]، ويذهب "ايفانز ريتشـارد " إلى أن السبب الأول لكل ذلك الخلط لا يرجع إلى اعتقاد علماء القرن التاسع عشر في التقدم ورغبتهم في الوصول إلى طريقه يمكنهم بها أن يعرفوا كيف حدث ذلك التقدم، لأنهم كانوا يدركون تماماً أن النماذج التي يصفونها لم تكن سوى افتراضات لا يمكن تحقيقها، وانما كان ذلك الخلط يرجع في المحل الأول إلى الدعوى التي ورثها هؤلاء العلماء من عصر التنوير، ومؤداها أن المجتمعات أنساقٌ طبيعية أو كائنات عضوية تتطور بطريقة معينة وتمر أثناء تطورها بمراحل ضرورية يمكن ردها إلى مبادئ عامة أو قوانين.[7 ]

            أما "دوجالد ستيوات Dugald Stewart " فهو يطلق على أبحاث تاريخ الإنسـان التطوري "التاريخ الظني" أو "التاريخ التخميني" لمعرفة الصورة الأولى التي كانت عليها النّظم الاجتماعيّة، لإعادة تركيب تاريخ المجتمعات البشرية وتصنيفها من حيث درجة رقيها وترتيب مراحل الحضارة التي مرَّت بها تلك المجتمعات منذ نشأتها حتى الآن، وذلك حسب نظام عقلي دقيق يرسمون هم أنفسهم خطته ويحددون خطواته تجديداً تعسفيا، ولذلك فكثيراً ما كانوا يصلون إلى نتائج غريبة ومتناقضة.[ 8]

            بل كثيراً ما كان العلماء الذين يستخدمون نفس الوسيلة، ويتبعون نفس المنهج في دراسة نفس الموضوع يصلون إلى نتائج مختلفة كل الاختلاف. فبينما نجد "سير هنري مين H.S.Maine " مثلاً يذهب إلى أن العائلة الأبوية التي ينتسب إليها الأبناء إلى الأب هي الشَّكل الأول للنظام العائلي على الإطلاق . فإنَّ "باخوفن Bachofen " يدعي أنَّ الإنسانية عرفت أولاً بعد الإباحية المطلقة نظام العائلة الذي يرتكز على الانتساب إلى الأم قبل أن تصل إلى العائلة الأبوية. ومن الطريف أنَّ مين وباخوفن قد نشرا نتائج دراستيهما في نفس السنة أي عام (1861).[9 ]

            وللحقيقة فإنَّ فكرة التّطور بمعنى التَّقَدُم والارتقاء قد استغلت لإثبات ما يسمى بالتطورية الاجتماعية، إذ امتدت من أسلوب لفهم أصل الحياة والكون إلى فهم الإنسان والمجتمع عن طريق الاستعانة بما يعرف باسم "المماثلة البيولوجية Analogy" ومحاولة تصور المجتمع ككائن عضوي حي ومقارنة ما يحدث فيه من تغيرات وتطورات بما يحدث في الكائنات العضوية الأخرى ... ولقد تغلغلت الفكرة إلى كل مجالات العلوم التي أصبحت بمثابة ميادين لاختبار مدى صدق تلك النظرية، وتمثل ذلك بوجه خاص في الكتابات الأنثربيولوجية والسوسيولوجية[ 10] والتاريخية والاقتصادية وفي النظرة السياسية[ 11] ونتج عن ذلك تأسيس أو قيام ما يسمى "التطورية الاجتماعية Social Evolutionism " وما يسمى "الداروينية الاجتماعية Social Darwinism " ومع ذلك فإنَّ فكرة التَّطور بمعنى التّقدم والارتقاء، وكذلك فكرة التّقدم الاجتماعي لم يسلما من كثير من الانتقادات العنيفة التي وجهها إليها عدد من العلماء الرّافضون لها، إذ يرفض هؤلاء المعارضون أن يتصوروا المجتمع البشري يسير في ذلك الخط الذي يرسمه له أصحاب مدرسة التقدم، ويرون عكس ذلك تماماً أن الإنسان خُلق في الأصل على درجة عاليه نسبياً من الرّقي الثقافي، ولكن هذه الثقافة الأولى الرّاقية تعرّضت لبعض عوامل مضادة ولبعض الظروف غير المواتية التي دفعت بها إلى هوة التّدهور والتأخر والانحلال. فتاريخ الثقافة بدأ – في رأي أصحاب تلك المدرسة – بظهور جنس بشري متحضّر على سطح الأرض، ثم لم تلبث هذه الثقافة الأولى أن اتجهت وجهتين مختلفتين: إما نكـوص وتدهور وانحطاط ترتب عليها ظهور المجتمعات المتوحشة، وإما إلى تقدم وارتقاء ورفعة أدّت إلى ظهور الشعوب المتحضرة الرّاقية.

            ومن أكبر مشايعي هذه النظرية "الأسـقف هويتلي Whitely" – أسـقف كانتربري- إذ كتب في ذلك كتاباً بعنوان "مقال عن أصل الحضارة Essay on the origin of civilization " كان له دوي كبير في حينه، ويبني هويتلي كتابه على حجة استقاها من " نيبوهـر Niebuhr " أحد أعداء النظرية التقدمية المتطرفين. وكان نيبوهر يُنكِرُ بشدَّة إمكان نهضة الإنسان الأول وتقدمه وارتقائه من مرحلة متوحشة أولى إلى المراحل الأكثر تحضراً عن طريق التطور التلقائي الذاتي ودون تدخل أية عناصر أو عوامل أخرى خارجية، وكان يتحدى العلماء التقدميين في أن يأتوا بمثال واحد لشعب بدائي واحد أمكنه أن يرقى إلى مرحلة التّحضر من تلقاء نفسه. إنما البدائيون عنده وعند أتباع تدهور الثقافة الأولى هم سلالة متدهورة من شعب متحضر في الأصل .

            والحق الذي لا يُمارى فيه أنّ الله تعالى قد خلق آدم عليه السّلام وعَلّمه وأدَّبهُ ، لذا فآدم ومن سار على نهجه من نسله هم في قمَّة الثقافة والحضارة والتّقدم. وقد انحط وتدهور أقوام من عقب آدم نهجوا نهجاً مخالفاً لنهجه، فأرسل الله تعالى الأنبياء والرّسُل لهداية البشر وتقويم انحرافاتهم ولرفعهم إلى المستوى اللائق بهم كبشر، فآمن واستقام منهم أقوام، وكذبهم أقوام استحبوا وألفوا ما هم فيه من الانحراف والانحطاط والتدهور. فالرّسل وأتباعهم هم في قمّة الثقافة والتقدم والرقي، أصحاب الفكر المستنير والحضارة الراقية، ومن خالفهم فقد استحبّ العمى على الإبصار وسار أشواطاً بعيدة في طريق التّخلف والجهل والانحلال والانحدار والتدهور، وما دمنا نؤمن أنّ آدم عليه السّلام هو أول البشر فالأصل في بني الإنسان العلم والتحضر والثقافة والرقي. أما التوحش والبدائية والانحطاط فهي خلاف الأصل إذ وجدت في سلالات متدهورة من أمم وشعوب متحضرة أصلاً.

            وقد شايع نيبوهر في فكرته عدد من كبار العلماء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مثل "الكونت دي ميستر Count Josef De Maistre" ومن قبله "دي بر وسسDe Brosses" و "جوجيه Goguet".[ 12] إلا أنه يجب التنويه إلى إنّ عدداً غير قليل من التطوريين المعاصرين يُنكر أن يكون التنافس والصراع من وسائط ووسائل التقدم الاجتماعي، فكلمة الأصلح في رأيهم اصطلاح غير دقيق ومضلل، ولا يفيد بالضرورة الامتياز والسُّمو في الخصائص والقدرات والقوى في كلّ الأحوال، إذ قد يكون البقاء من نصيب الفرد الذي ينجب أكبر عدد من الذرية حتى وإن لم تكن لتلك الذّرية خصائص وقوى وقدرات متميزه.[13 ] وهذا معناه أنّ هؤلاء العلماء يميلون للتشكيك في الدور الذي يلعبه الانتخاب الطبيعي في التاريخ البشري والتهوين من أهميته وفاعليته، ومن هذه الناحية فإنهم ينظرون إلى الإنسان على أنّه حيوان حامل للثقافة وناقل لها عن طريق المحاكاة والتّعلم، وهما عمليتان تختلفان كل الاختلاف عن عملية نقل الخصائص والصفات الفيزيقية عن طريق التكاثر البيولوجي، وعليه فليس هناك ما يدعو إلى تفسير النظرية الاجتماعية تفسيراً بيولوجياً أو صياغتها في حدود مصطلحات وألفاظ البيولوجيا، وإن كان هذا لا يمنع من وجود بعض أوجه التشابه بين التطور البيولوجي والتطور الثقافي.[14 ]

            وعلى الرغم من أنّ جوليان هكسلي" عالم بيولوجي تطوري فانه يقف موقفاً مماثلاً لذلك، ويذهب إلى أنّ التنافس داخل النوع الواحد لا يمكن أن يكون مصدراً للتقدم التطوري خلافاً لنظرية سبنسر عن الصراع والتنافس.

            ــــــــــــــــــــــــــــ الهامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
            [1] تيلور، " نوابغ الفكر الغربي "، ترجمة دكتور أحمد أبو زيد،
            [2] المصدر السابق.
            [3] المصدر السابق.
            [4] المصدر السابق عن ريتشارد ايفانز، الانثربولوجيا الاجتماعية، ترجمة دكتور أحمد أبو زيد، الإسكندرية (1958)، صفحه:(66).
            [5] المصدر السابق، الصفحات ( 66 – 70 ) .
            [6] المصدر السابق.
            [7] المصدر السابق.
            [8] دورية، نوابغ الفكر الغربي، صفخه ( 24 ).
            - دورية " عالم الفكر " ، المجلد الثالث ، العدد الرابع ( 1972 ) ، صفحه ( 122 ) .
            [9] المرجع السابق.
            [10] الاجتماعية
            [11] - Hofstadter, R., Social Darwinism in American thought. pp 3-4.
            [12] Lewontin, R.C., The concept of Evolution in International. Encyclopedia of social science, En's “Evolution” -
            [13] المرجع السابق، صفحه ( 91 ).
            [14] المرجع السابق، صفخه ( 91 ).
            ــــــــــــــــــــــــ 91 > 97 ــــــــــــــــــــ

            منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
            حاتم ناصر الشرباتي
            الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر

            الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي
            www.sharabati.org

            يتبع إن شاء الله>>>>>>>>>>>>> على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي
            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق


            • #21
              على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي

              إنَّ داروين حاول جاهداً إثبات إنّ الإنسان نشأ من صورة دنيا هي أقرب إلى القردة العليا منها إلى أية صورة أخرى من صور الأحياء. ولإثبات ذلك فهو يرى أن من الحقائق التي لها دلالتها الواضحة القوية أن الإنسان مركب على نفس الغرار العام – وإن شئت فقل على نفس القالب – الذي انصبت فيه بقية الحيوانات ذوات الثدي " Mammilla "، كل العظام التي يتألف منها هيكله لها ما يماثلها في القرد أو السعدان أو الصيل Seal أو الخفاش " Ordinary bats " وكذلك عضلاته وأعصابه وأوعيته الدّموية وأمعاؤه، والدّماغ من أهم الأعضاء جميعاً لا يند عن ذلك القانون كما أبان المُشَرِّح هكسـلي وغيره من مشاهير المُشرّحين، ناسياً أو متجاهلاً أنّ دماغ الإنسان وحده من دون الأدمغة هو الدماغ الصالح للتفكير، في حين أن بقية الأدمغة هي أدمغة غير صالحة للربط والتفكير.[1 ] ويســتطرد الداروينيون في تبريراتهم الواهية فيقولون:

              ( قد يتقبل الإنسان من حيوانات أحط منه، كما ينقل إليها أمراضاً معينة مثل: السعار[2 ] والذيبة والزهري والكوليرا والهرس وغير ذلك، وهذه الحقيقة تقيم الدّليل على المشابهة بين الأنسجة والدّم سواء في التّركيب أم في التّكوين، على صورة من الوضوح والجلاء بحيث لا تبلغ إليها المقارنة بأقوى المجاهر أو أدق التحليلات الكيماوية)[3 ]

              أما السعادين "النسانيس" فهي عرضة للإصابة بنفس الأعراض غير المُعدية التي يتعرض لها الإنسان، ولقد عرف "ريخر" بعد أن عكف طويلاً على ملاحظة نوع منها وهو المسمى "الحَوْدَل الإزاري" في مواطنه أن هذا السعدان كثير الاستجابة للزكام "Coryza" بنفس أعراضه المعروفة، وأنّ الزكام إذا عاوده في فترات قريبة فقد يكون سبباً في إصابته بالسّل " Tuberculosis "، وتصاب تلك السعادين أيضاً بأمراض: مرض التهاب الأمعـاء "Enteritis "، الحمره "Schweinerotlauf" ومرض بياض العين "Albugina ocali". كما لاحظ أنّ صغارها قد تموت وهي تشقُّ أسنان اللّبن. وللعقاقير فيها نفس تأثيرها في الإنسان . وكثير من السعادين تهوى شرب القهوة والشاي والمشروبات الكحولية، وتدخن الطباق بلذة متناهية.[4 ]

              ويؤكد برهم أنّ سكان شرقي أفريقية يصطادون الرّبابيخ وهي جنس من السعادين الكبيرة بأن يَترُكوا بمقربة من مرابعها أوعية مفعمة ببوظة المريسة لتشرب منها حتى تثمل. ويستطرد برهم أنّه رأى بعض تلك السعادين وكانت مأسورة عنده في مثل هذه الحال، ووصف من تصرفاتها وسـلوكها وحركاتها ما يُضحِكُ وَيُسـَلي، وأردف قائلاً: أنها في صبيحة اليوم التالي كانت في خُمار شديد، كظيمة خائرة القوى، تُمْسِكُ رؤوسها المصدعة بيديها معبرة عن آلامها بما يثير الشفقة بها والعطف عليها، فإذا قدّمت لها المريسة أو الخمر ثانية عافتها وتنكرت لها ورفضتها، واستحبت شراب الليمون.[5 ] وعرف عن سعدان أمريكي من نوع الكهول خَمِرَ مَرَةً بشراب البراندي فعافه ولم يمسه مرة أخرى، ويعلق الكاتب على ذلك الحادث قائلاً (فكان بذلك أعقَلَ من أبناء آدم)[6 ]

              ويستدلون بأمثال تلك الحوادث على بساطتها بأنها تظهر إلى أي حد تصل المشابهة بين أعصاب الذّوق في الإنسان وبين أعصاب الذّوق في السعدان وعلى أي صورة من التماثل يتأثر الجهاز العصبي في كليهما، وقد قمت بتفسير وتعليل أسباب تلك الظواهر في فصل لاحقٍ من الكتاب تحت عنوان "الإدراك الفكري والتمييز الغريزي" فيمكن الرجوع إليه لمن شاء.[7 ]

              يغزو الإنسان طفيليات جوفيـة " Entozoan " كثيراً ما يكون لها آثاراً مهلكة، كما أنه يصاب بطفيليات خارجيـة "Entophyte"، وكلها ترتد إلى ذات الأجناس أو الفصائل التي تصيب غيره من الثدييات، وفي مرض الجرب "Scabies" تكون من نفس النَّوع في كليهما، ويتعرَّض الإنسان كما تتعرض الحيوانات والطيور وحتى الحشرات لحكم تلك السُّنَة الخفية التي تسبب مظاهر سوية في الأفراد كالحمل ونضوج حضانة بعض الأمراض ومداها، والجروح في الإنسان تلتئم بنفس الطريقة التي تلتئم بها في الحيوان، وكذلك الجذامير التي تتخلف بعد بتر بعض أطرافه وبخاصة في بداية الطور الجنيني كثيراً ما تكون حائزة للقدرة على التّجدد كما يشاهد في أحط صور الحيوان.[8 ]

              مما تقدم يذهبون إلى أنَّ علاقة الإنسان بما هو أدنى منه في عالم الحيوان هي علاقة تتجاوز وتتخطى حدُّ التّشابه الظاهري، بل تتخطى هذه العلاقة الظاهرية إلى علاقة النشأة والدّم والاستعداد الفسيولوجي، ويؤكد فون باير " Von Baer " أنه عندما يتقدم تخلّق الجنين البشري شيئاً ما تبدو أطرافه " اليدان والساقان " متخلقة على نفس الصورة السّوية التي تظهر بها أرجل العظايا "السّحالي" وذوات الثدي وأجنحة الطيور وأرجلها.[9 ] ويستندون في ذلك أيضأ إلى قول المُشَرِّح بيشوف حيث يقول: (إنَّ تلافيف الدّماغ في الجنين البشري عندما يبلغ الشهر السابع من العمر يكون مماثلاً من حيث النّماء والتكوين لدماغ الحبن[10 ] عند البلوغ ).[ 11] إلا أنَّ بيشوف نفسه يقول: (من المسَلّم به أن كل شق وكل طية في دماغ الإنسان لها ما يقابلها في الأرطان[ 12] وهو نوع من القردة، ولكن دماغيهما لا يتماثلان في أي طور من أطوار نمائهما، وذلك يعني عدم تماثلهما) إلى أن يخلص إلى نتيجة عدم تماثلهما ليبرهن على تفارقهما أصلاً، وذلك يعني عدم تماثل القدرات العاقلة في كليهما.[ 13]

              أمّا العالم الطبيعي الإنجليزي "توماس هنري هكسلي" وهو عالم تشريح أيضاً ومن أشهر من ناصر داروين في الترويج لمذهبه فيقول: (في مدارج متقدمة من تطور الجنين البشري تبدو الانحرافات التي تميزه عن جنين القرد، في حين أنَّ جنين القرد ينحرف عن جنين الكلب في تخلقه بمقدار ما ينحرف جنين الإنسان عن جنين القرد، وبالرغم مما في هذه الحقائق من الرّوعة البالغة فإنها حقائق ثابتة تؤيدها المشاهدة.)[14 ]

              أمّا العلامة "ويمان" فقد وجد أنّ إبهام القدم في جنين بشري طوله بوصة واحدة يكون أقصر من بقية الأصابع ويبرز منحرفاً عن القدم مكوناً في انحرافه زاويةٌ حادّة مقدارها كنفس مقدار نفس الزاوية التي ينحرف بها عن إبهام القدم في بقية الأصابع في الأيودات التي هي القردة بِأجناسـها الأربعـة المعروفـة "الغرلي، الشمزي، الأرطان والحبن). في حين أنَّ المشرح المعروف ريتشارد أوين له رأي آخر في ذلك وهو أن إبهام القدم في الإنسان وهو مركز الاتزان عند الوقوف والمشي ربما يكون أخصٌُّ تركيب تشريحي فيه.[ 15]

              وخلاصة القول في هذا الموضوع عند علاّمتهم هكسـلي حيث يتساءل: هل يتولد الإنسان بأسلوب غير الأسلوب الذي تتولد فيه الكلاب والطيور والضفادع والأسماك وغيرها من ذوات الفقار؟ فيجيب على تساؤلاته قائلاً: (إنه لا يتردد لحظة واحدة في القول بأن أسلوب التّولد البشري وبخاصة في خلال المدارج الأولى من تخلقة الجنيني مماثل تماماً للأسلوب الذي تتوالد فيه أجنّة غيره من الحيوانات التي تنزل عنه في سلم التطور، وأنّ الإنسان من حيث علاقته النشوئية أقرب إلى القردة من علاقة القردة بجنس الكلاب، أي أن الفرجة بين الكلاب والقردة تتسع بينما تضيق بين الإنسان والقردة العليا)[16 ]

              ــــــــــــــــ الهامش ـــــــــــــــــ

              [1] المرجع، صفحة ( 53 ).
              [2] السعار: داء الكَلَب.
              [3] المرجع، صفحه ( 53 ).
              [4] المرجع، صفحه ( 54 ).
              [5] المرجع، صفحه ( 54 ).
              [6] المرجع، صفحه ( 54 ).
              [7] الباب الخامس - الفصل الثاني .
              [8] المرجع، الصفحات ( 54 – 55 ).
              [9] المرجع، صفحه ( 55 ).
              [10] الحبن هو نوع من " القرود المشابهة للإنسان ".
              [11] المرجع، صفحه ( 56 ).
              [12] الأرطان: إنسان الغاب، وهو نوع من " القردة المشابهة للإنسان ".
              [13] المرجع ، الصفحات ( 53 – 56 ) .
              [14] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
              [15] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
              [16] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).


              ـــــــــــــــــ99- 103 ـــــــــــــــــ

              منقول من :
              موسوعة الخلق والنشوء
              حاتم ناصر الشرباتي
              الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

              www.sharabati.org
              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:12 م.
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #22
                على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي
                2. البهائم العجماء ، هل تشترك مع الإنسان في النّسَب والقرابة بالنشوء من أصل واحد؟

                أما داروين نفسه فيقول: (إنّ نظام العظام لهو نفسه في يد الإنسان وفي جناح الخفاش وفي زعنفة سلحفاة الماء وفي رجل الحصان، ونفس العدد من الفقرات هو في رقبة الزرافة ورقبة الفيل، وحقائق أخرى لا تعد كلها تغدو مفسرة واضحة في الحال على أساس نظرية التطور عن طريـق التحولات الطفيفة البطيئة المتتابعة. وكذلك تشـابه النظام بين جناح الخفاش ورجله رغم استعمالهما في غرضين مختلفيـن، وبين فك سرطان البحر ورجله، كلها يسهل فهمها على أساس

                التحول التدريجي للأشياء وللأجزاء أو الأعضاء التي كانت متشابهة في الأسلاف المبكرة في طائفة من الطوائف)[1 ]

                وتبريرات أخرى في نفس الموضوع لتأكيد الأصل المشترك الواحد: (إنَّ التراكيب في بعض الحيوانات لها أصل واحد، مثال ذلك الأطراف الخماسية الأصابع في جميع فقاريات اليابسة نجدها مبنية على نظام واحد وإن كانت تختلف أحياناً في الوظيفة التي تؤديها، ومثل تلك التراكيب تسمى بالتراكيب المتشابهة تركيبياً " homologous structures "، فجناح الخفاش ومجداف الحوت ورجل الكلب متشابهة تركيبياً وإن كانت تؤدي وظيفة واحدة هي المعاونة على الحركة ولكنها حركة تختلف من مثال لآخر، الأول في الطيران والثاني في السباحة والثالث في المشي، وتختلف أجنحة الحشرات عن أجنحة الطيور والخفافيش اختلافا تاماً في التراكيب ولكنها تتشابه في الوظيفة وهي معاونة الحيوان على الطيران، ومثل تلك التراكيب المتشابهة وظيفياً " analogous structures " وغني عن البيان أنها مختلفة الأصول، وهناك أمثلة لا حصر لها عن هذين النوعين من التراكيب.

                فالتعرف على التراكيب المتشابهة تركيبياً دليل قوي على التشابه الأساسي في التصميم، وهذا لا يمكن شرحه إلا بافتراض أنَّ الجماعات التي توجد بها هذه التراكيب لا بد أن تكون من اصل مشترك واحد.[2 ]

                عــوامــــل التطـــور[3 ]

                في سنة 1859 هاجم داروين بشدّة الاعتقاد بأنَّ كل نوع من الأنواع الحيّة قد خُلِقَ خَلْقاً مسـتقلاً Special creation، وأنَّ جميع الكائنات قد خُلِقَت من العدم، وأن الكائنات الموجودة هي ثابتة لم تتغيّر ولم تتطور، وأنها احتفظت على الدّوام بأشكالها التي خُلقت بها أولَ مرّة، فقد ادعي داروين أنّ الأنواع المختلفة نباتاً كانت أم حيواناً ومعها الإنسان إنما نشأت تدرجاً من طريق الاحتفاظ بمختلف التحولات التي تنشأ في أفراد كل منها، إلا أنّ هذا التَّحول قد استغرق أحقاباً طويلة وفقاً لما يقتضيه تأثير سنن طبيعية دائمة التأثير في طبائع الأحياء.

                سميت مقولة داروين تلك "نظرية التطور Evolution" ولقد شرح داروين أنَّ في مستطاع الإنسان أن يبتكر في السلالات الداجنة من صور مستحدثة بالانتخاب الاصطناعي Artificial selection وأنَّ في مكنة الطبيعة أن تستحدث مثله بالانتخاب الطبيعيNatural Selection، وإن كان الانتخاب الطبيعي أبطأ أثراً في تحول الأحياء بالانتخاب الصناعي.

                أمّا العوامل الطبيعية التي يؤدي فعلها إلى التّطور ونشوء الأحياء فحصرها في خمسة عوامل هي:

                1. الوراثة Heredity: ومحصلها أنَّ الشَّبه يأتي بمشابهه، فالسنانير لا تلد كلاباً بل سنانيراً، أي أنَّ صغار كل نوع تشابه آبائها، ذلك في النبات كما في الحيوان.

                2. التحولية "أي الاستعداد للتحول" Variability: وذلك أنَّ أفراد كل نوع تتشابه ولا تتماثل، أي لا تكون نسخة مطابقة لأصولها، فهي تشابه آبائها ولكن لا تماثلهم، ففي بطن من السنانير مثلاً لا تقع على اثنين متماثلين تماماً، وإن تشابه الجميع حتى في اللون فإنها تختلف في الظلال التي يمتد فيها اللون.

                3. التّوالد Nasality: وهو ناتج عن إسراف الطّبيعة، فإنَّ ما يولَد من النبات والحيوان أكثر مما يقدّر له البقاء، فالطبيعة تُسـرف في الإيجاد كما تسـرف في الإفناء، ومن هنا ينشأ العامل الرابع وهو:

                4. التناحر بين المخلوقات على البقاء Atuggle for existence : أو ما يسمى "تنازع البقاء Competition " وهو عامل غير منقطع الفعل ، فكل نبات أو حيوان يبرز في الوجود ينبغي له أن يسعى إلى الرّزق وأن يجالد في سبيل ذلك وأن يجاهد غيره ويصارعه على ضرورات الحياة مما ينشأ عن ذلك " بقاء الأصلح " :

                5. البقاء للأصلح Survival for the fittest: فالأفراد التي تتزود من بنائها بقوة أوفى أو حيلة أزكى أو تكون أقدر على مقاومة أفاعيل الطّبيعة تكون أكثر قابلية للبقاء، وإعقاب نسل فيه صفاتها التي مكنت له لها في الحياة.

                هذه هي العوامل التي تؤدي إلى الانتخاب الطبيعي مما يؤدي إلى تطور الأنواع مما يُحدث نشوء أنواع جديدة ذات قدرات وصفات مُحسّنة متطورة، ومما يذكر أنّ تلك العوامل هي المعتمدة في المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً والذي ينتمي إليه غالبية دعاة التّطور وهو المذهب الدارويني، في حين أنّ هناك مذاهب تطورية أخرى تخالف داروين في عوامل التّطور معتمدة غيرها كما ذكرنا في فصل سابق.[4 ]


                ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــ
                [ 1] المرجع، صفحه ( 765 ).
                [ 2] دكتور فؤاد خليل وآخرين، علم الحيوان العام، صفحة ( 1102 ).
                [3] المرجع، الصفحات ( 38 – 39 ).
                [4] الفصل الثالث، أشهر المذاهب التطورية

                ـــــــــــــــــ99- 102 ـــــــــــــــــ

                منقول من :
                موسوعة الخلق والنشوء
                حاتم ناصر الشرباتي
                الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر
                www.sharabati.org


                يتبع على حلقات ان شاء الله
                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق


                • #23
                  عــوامــــل التطـــور -2-

                  [align=justify]والانتخاب الطبيعي في نظر داروين هو مصاحب لفكرة التكيف مع البيئة أو التبايؤ "Adaptation " أو هو نتيجة حتمية لها، الذي هو عملية يتكيف بها الحيوان أو النبات مع محيطه وإلا خيف عليه من الانقراض، كما يُعرَّف بأنّه وجود صفة أو صفات وراثية تزيد من قدرة الفرد على البقاء والتناسل في بيئته، فهو تَكَيُف الكائن الحي مع بيئته التي يعيش فيها.[1 ]

                  والتكيف لا يشمل الشكل والتركيب فقط، بل يشمل الوظيفة أيضاً، فهم يقولون أنَّ الكائنات الحية تتكيف كل حسب ظروف البيئة التي تعيش بها، فمثلاً تختلف أشكال المناقير في الطيور لتلائم نوع الغذاء التي تقتات به، والأسماك تتكيف بطرق عديدة في الشكل والتركيب لتناسب الوسط المائي الذي تعيش به، وقد فسّرَ داروين التّكيف الذي لاحظه في الكائنات الحية بأنّه نتيجة للانتخاب الطبيعي. فالأفراد المتكيفة مع بيئتها قد انحدرت من أسلاف ذات صفات ملائمة للبيئة أكثر من باقي أفراد نوعها في تلك البيئة ونقلت بعامل الوراثة هذه الصفات إلى نسلها، وهكذا فالانتخاب الطبيعي ينتج أفراداً متكيفة مع بيئتها. لـــــذا فقد استحدثوا علماً منفرداً بذلك سموه "البيئيات" أو"علم الأحياء البيئي"[2 ] " ecology " "environmental biology" الذي هـو فـرع من علم الأحيـاء يعنى بعلاقـة المتعضيات[ 3] بعضها بالبعض الآخر وبعلاقتها بالبيئة الطبيعية، وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشاكل خاصة بالغذاء يضطر معها أفراد النوع إما إلى التكيف مع البيئة بالحد من التكاثر، أو إلى الهجرة إلى موطن آخر "emigration" أو البقاء بغير تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض "extinction". وفي محاولتهم لإثبات مقولة الانتخاب الطبيعي فقد قاموا بإجراء تجارب في المختبر اعتمدوها للتدليل على مقولتهم منها: ( وضع في طبق معين 100 مليون خلية بكتيريا من نوع معين هو Staphylococcus aurous وقد عُرِضَ الطبق لجرعة بنسلين مخففة، فكانت النتيجة أن ماتت معظم الخلايا وبقي أقل من 10 خلايا تناسلت وأعطت نسلاً استطاع جميعه أن يقاوم هذه الجرعة المخففة، أما عند مضاعفة تركيز البنسلين في الطبق فقد ماتت جميع أفراد البكتيريا المقاومة للجرعة المخففة تقريباً ولم يبق سوى أفراد قليلة جداً. وقد أعيدت تلك التجربة خمس مرات فكانت النتيجة الحصول على بكتيريا تستطيع مقاومة جرعة بنسلين أقوى من الجرعة التي استخدمت في الجرعة الأولى 2500 مرّة، والحقيقة أنّ هذه البكتيريا المقاومة للبنسلين هي من نسل الأفراد القليلة التي كانت تنتخب في كل جيل، أي أنَّ هذه البكتيريا المقاومة هي نتيجة الانتخاب الطبيعي، وليست هي التي قامت بتكوين المقاومَة ضد البنسلين.)[4 ]

                  ومثال آخر يوضح أثر الانتخاب الطبيعي هو الذباب وأحد المبيــدات الحشرية "D.D.T." الذي عندما استعمل لأول مرّة للقضاء على ذباب المنازل كان ناجحاً، على أننا ما لبثنا بعد عدة سنوات أن وجدنا أنّ ألذباب أصبحت له مناعــة


                  لتلك المادة، وتفسير ذلك أنه في السنة الأولى لاستعمال ذلك المبيد الحشري قتل تقريباً جميع الذباب ما عدا قليل لم يقتل بسبب اختلافات وراثية موجودة به مميزة عن غيره من بقية الأفراد وتضفي عليه مناعة ضد المبيد الحشري، فكانت النتيجة أن بقي هذا العدد القليل وتناسل فأنتج أفراداً ذات مقاومة، وعندما اسـتعمل ألـ " D.D.T. " بعد ذلك أصبح أقل تأثيراً وبقي الذباب المقاوم له بسـبب الانتخاب الطبيعي وماتت الأفراد القليلة غير المقاوِمَة، وكان كلما يستعمل آل " D.D.T. " يبقى عندنا أكثر الذباب المقاوم حتى أصبح معظم الذباب الموجود في المنازل مقاوماً لمادة أل " D.D.T" ويردون ذلك إلى أنّ الانتخاب الطبيعي هو الذي أنتج لنا الذباب المقاوم وليس مبيد أل "D.D.T.".[ 5]

                  ومثال آخر لوحظ في التلال الصغيرة ذات الرمال البيضاء، ففي نيو مكسيكيو شوهد أنَّ الحيوانات الموجودة عليها كالسحالي والحشرات والفئران كلها ذات لون أبيض تقريباً، بينما الحيوانات الموجودة حول تلك التلال حيث الرمال الحمراء كلها كانت ذات لون أحمر، أي أنَّ لون الحيوان يكون حسب لون الوسط الذي يعيش فيه، فيفسرون وجود الحيوانات بتلك الألوان في هذين الوسطين بالانتخاب الطبيعي أي من نتائجه، إذ أن كل وسط كان يحوى حيوانات ذات ألوان أخرى بالإضافة إلى المشابهة في ألوان تلك الحيوانات المخالفة للون الوسط لأنه يسهل رؤيتها من قبل أعدائها المفترسة، بينما بقيت الحيوانات ذات اللون المشابه للوسط لصعوبة رؤيتها من قبل أعدائها.[6 ]

                  هذه هي عوامل التطور في مذهب داروين وهو المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً، في حين أنَّ مذاهب أخرى ترجعها إلى عوامل أخرى، وأشهر تلك المذاهب هو مذهب لامارك الذي يردها إلى عاملين أو قانونين:


                  [1] قانون الاستعمال والإهمال. [2] قانون توارث الصفات المكتسبة.[7 ]

                  في حين أنَّ دي فريز مثلاً يُرجع التّطور إلى عامل واحد فقط هو "الطفرة Mutation" والتي تعني التّحول المفاجئ الذي يطرأ على المادة الوراثية في الكائن الحي تؤثر على الحامض النووي " DNA " الذي تتركب منه الجينات فيؤدي إلى نشوء مواليد جديدة ذات خصائص لم تكن لأي من الأبوين المنتجين.[8 ]

                  أما "مذهب أرسطو" فيرجع ذلك إلى قانون الخلق التلقائي "Spontaneous generation" والذي يطلق عليه أيضاً التّولد الذاتي "A biogenesis autogenesis" وهي نظرية حاولت أن تفسر نشوء الحياة من مادة غير حية، ووفقاً لهذه النظرية اعتقد بعض الناس بأن قطع الجِبْن وكِسر الخبز الملفوفة في أسمال بالية والملقاة في زاوية مظلمة كانت تولد بعض الفئران، وذلك بسبب ظهور تلك الفئران في تلك الأسمال البالية بعد أسابيع محدودة، وقد آمن كثيرون بتلك النظرية لأنه كان يقدم لهم تفسيراً لظهور اليرقات على اللحم الفاسد، حتى إذا كان القرن الثامن عشر أصبح واضحاً أنَّ المتعضيات العليا لا يمكن أن تنشأ من مواد غير حية، علماً بأن علمائهم لم يتركوا تلك المقولة نهائياً وبشكل حاسم، إذ أنّ مسألة نشوء المتعضيات المجهرية كالبكتيريا مثلاً لم تُحْسَم لديهم نهائياً إلا بعد أن اثبت باسـتور في القرن التاسع عشر أنَّ المتعضيات المجهرية تتكاثر أو تتوالد.[ 9]

                  ـــــــ الهامش ـــــــ

                  [1] د. عدنان بدران وآخرين، البيولوجيا، صفحه ( 125 ).
                  - موسوعة المورد العربية ، منير البعلبكي ، جزء ( 1 ) صفحه ( 296 ) .
                  [2] البيئيات، علم الأحياء البيئي: فرع من علم الأحياء يُعنى بعلاقة المتعضيات بعضها ببعضها الآخر، وبعلاقتها ببيئتها الطبيعية.ينقسم عادةً إلى فرعين رئيسيين: بيئيات الحيوان وبيئيات النبات. وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشكلات خاصة بالغذاء يُضطر معها أفراد النوع إلى اتخاذ واحد من ثلاثة سبل: التكيف مع البيئة للحد من التكاثر، أو الهجرة إلى موطن آخر، أو البقاء دون تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض. – علم البيئة البشري علاقة الإنسان ببيئته الطبيعية، كما يدرس مشكلات معقدة أخرى كالهجرة من الأرياف إلى المدن، ونشوء المجتمعات الصناعية، وغير ذلك من المسائل الناشئة عن التطور الاجتماعي المتسارع.
                  [3] المتعضي " Organism " : كائن حي مؤهل للعيش بالاستعانة بأعضاء منفصلة من حيث الوظيفة، ولكن بعضها يعتمد على البعض الآخر. والحيوانات والنباتات كلها متعضيات. وبعض المتعضيات بالغ الصغر إلى حَد يتعذر معه رؤيته بالعين المجردة، ومن أجل ذلك ندعوه " المتعضي ألمجهري microorganisms " -
                  [4] المصدر السابق، صفحه ( 126 ).
                  [5] المرجع السابق، صفحه ( 127 ) .
                  [6] المرجع السابق، صفحه ( 127 – 128 ) .
                  [7] المرجع السابق، صفحه ( 124 ) .
                  [8] المرجع السابق، صفحه ( 128 ). وموسوعة المورد العربية، المجلد الثاني، صفحه ( 740 ) .
                  [9] موسوعة المورد العربية، المجلد الأول، صفحه ( 348 ).[/CENTER]

                  منقول من :
                  موسوعة الخلق والنشوء
                  حاتم ناصر الشرباتي
                  الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر
                  www.sharabati.org


                  يتبع على حلقات ان شاء الله
                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق


                  • #24
                    الخَلــق والصُّدفــة العشوائيـــة[1 ]

                    يقول الفيلسوف "برتراند راسل": (ليس وراء الإنسان غاية أو تدبر، إنَّ نشأته وحياته وآماله ومخاوفه وعواطفه وعقائده ليست إلا نتيجة لاجتماع ذرات جسمه عن طريق المصادفة).[2 ]

                    أما هُكسلي فبسذاجة متناهية وتبريرات واهية تنم عن طيش ورعونة وعن خيال واسع فيقول: (لو جلست ستة من القرود على الآت كاتبة وظَلَت تضرب على حروفها لملايين السنين، فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير "!!!" فكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة لعمليات عمياء ظلَت تدور في المادة لبلايين السنين).[3 ] أما عالم البيولوجيا هيكل "Heckle " فقد تطاول أو تغابى حين قال في هرطقة متغابية: (ائتوني بالهواء والماء وبالأجهزة الكيماوية اللازمة وبالوقت وسأخلق الإنسان).[4 ]

                    أما تاريخ الخلق فيحدده جورج جامبوفي كتابه "تاريخ الأرض" وفقا لمعاييره واستنتاجاته وتصوراته كما يلي: (إنَّ الكون قد بدأ تطوره منذ بليون بليون سنه، أما الأرض فقد نشأت حديثا جداً إذ لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وظهرت الحياة على الأرض من بليون سنه، وظهرت الحيوانات البرمائية منذ 200 مليون سنه، أما الحيوانات الثديية التي يعتبر الإنسان أحد فروعها فقد بدأ ظهورها منذ 120


                    مليون سنه، والإنسان وهو أحدث الوافدين على الأرض إذ بدأ على صورته الإنسانية منذ 50 مليون سنه).[ 5] في حين أنَّ علماء الفلك والجيولوجيا والأحافير يقولون بأنَّ الزمن الذي انقضى منذ انفصال الأرض من السَّديم الأصلي حتى ظهور الإنسان يتراوح بين مليون سنة وبين خمسة عشر مليون سنة !!![6 ]

                    أمّا دي نواي فتقول تقديراته: (لا بُدّ أنّ الأرض لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وأنّ الحياة – في أي صورة من الصُّور – لم توجد إلا قبل بليون سنة عندما بردت الأرض).[7 ]

                    لقد فسّر التطوريون وجود هذا الكون بنظامه الفريد وقوانينه الدقيقة بواسطة "قانون الصدفة" الذي هو في رأي "سير جيمس جينز" ليس بكلام فارغ بل هو كما يعتقد ويجزم تماماً وبلى أدنى شك على "قوانين الصدفة الرياضية البحتةPurely mathematical Law of chance"[ 8]. لــذا فإنّ أحد العلماء الأمريكيين يعلق قائلاً: (إنّ نظرية الصدفة ليست افتراضاً إنما هي نظرية رياضية عُليا، وهي تطلق على الأمور التي لا تتوفر في بحثها معلومات قطعية، وهي تتضمن قوانين صارمة للتمييز بين الباطل والحق، وللتدقيق في مكان وقوع حادث من نوع معين، وللوصول إلى نتيجة هي معرفة مدى مكان وقوع ذلك الحادث عن طريق الصدفة).[9 ]

                    أما "أ. كريسي موريسون A.Cresy Morrison" الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ حجم الكرة الأرضية، وبعدها


                    عن الشمـس، ودرجة حرارة الشمس وأشعتها الباعثة للحياة، وسمك قشرة الأرض وكمية المـاء، ومقدار ثاني أكسيد الكربون وحجم النيتروجين، وظهـور الإنسـان وبقاءه على قيد الحياة، كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى، وعلى التصميم والقصد، كما تدل أيضاً على أنه طبقاً للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد، مرة في بليون مرة – إن كان يمكن أن يحدث هكذا – ولكن لم يحدث هذا بالتأكيد. وحين تكون الحقائق هكذا قاطعة، وحين نعترف كما ينبغي لنا بخواص عقولنا التي ليست مادية، فهل في الإمكان أن نعقل البرهان ونؤمن بمصادفة واحدة في بليون ونزعم أننا وكل ما عدانا نتائج المصادفة؟

                    لقد رأينا أنَّ هناك 999 999 999 فرصة ضد واحد أي ضد الاعتقاد بأنّ جميع الأمور تحدث مصادفة، والعلم لا ينكر الحقائق كما بيناها، وعلماء الحساب يقرون أن هذه الأرقام صحيحة، والآن تقابلنا مقاومة عنيدة من العقل البشري الذي يكره النزول عن أفكار مستقلة، لقد كان اليونان القدماء يعرفون أنّ الأرض كروية، ولكن مضى ألفا سنة ليؤمن الناس بصدق هذه الحقيقة.[ 10] إنّ الأفكار الجديدة تلقى معارضة وسخرية وذماً ولكن الحقيقة تبقى وتثبت.

                    وهنا أكرر القول بأنّ قصدي من هذه المعالجة للمصادفة هو أن أبين بطريقة علمية واضحة تلك الحدود الضيقة التي يمكن الحياة بينها أن توجَدَ على الأرض، وان اثبت بالبرهان القطعي الواقعي أنّ جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن أن توجد على كوكب واحد في وقت واحد بمحض المصادفة ).[11 ]


                    أما البروفيسور "أيودين كونكلين" فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ القول بأنَّ الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقي شبيه في مغزاه بأن تتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي في مطبعة).[ 12]

                    أما عالم الأعضاء الأمريكي "مارلين ب. كريدر" فيقول "(إنّ الإمكان الرياضي في توفر العلل اللازمة للخلق - عن طريق الصدفة - في نسبها الصحيحة هو ما يقرب من لا شيء).[ 13]، ويقول "جون كليفلاند كوثران"[ 14] في مقال له بعنوان "النتيجة الحتمية":
                    (إننا لنرى أنّ التطورات الهامة التي تمت في جميع العلوم الطبيعية خلال المائة سنة الماضية بما في ذلك الكيمياء قد حدثت بسبب استخدام الطريقة العلمية في المادة والطاقة. وعند استخدام هذه الطريقة تبذل كل الجهود للتخلص من كل احتمال من الاحتمالات الممكنة التي تجعل النتيجة التي نصل إليها راجعة إلى محض المصادفة. وقد أثبتت جميع الدراسات العلمية بصورة ثبتت في الماضي ولا تزال ثابتة في الحاضر أنّ سلوك أي جزء من أجزاء المادة مهما صغر أو تضائل حجمه لا يملك أن يكون سلوكاً عشوائياً، بل أنه على النقيض من ذلك يخضع لقوانين طبيعية محددة. وفي كثير من الأحيان يتم اكتشاف القانون قبل اكتشاف أسبابه أو فهم طريقة عمله بفترة طويلة من الزمن، ولكن بمجرد معرفة القانون وتحديد الظروف التي يعمل في ظلها يثق الكيمويون فيه كل الثقة، ويظل القانون عاملاً ومؤدياً إلى نفس النتائج.

                    >>>>> الهامش <<<<<

                    [1] صدفةُ. صادفهُ. مصادفة: لَقِيَهُ على غير موعد ولا توقع. والعشوائية: عدم التعمد والتقصّد.
                    [2] Limitations of science .
                    - الله يتجلى في عصر العلم ، صفحه ( 51 ) .
                    [3] كتاب " الإسلام يتحدى "، صفحه ( 72 ) نقلاً عن: The Mysterious Universe. pp. 3-4
                    [4] المصدر السابق، صفحه ( 78 ).
                    [5] جورج جامبو، تاريخ الأرض.
                    [6] المرجع، صفحه ( 44 ).
                    [7] الإسلام يتحدى، صفحه ( 76 )، نقلا عن: Human Destiny, pp. 30-36
                    [8] المصدر السابق، صفحه ( 73 )، نقلا عن: Mysterious Universe pp.3
                    [9] الإسلام يتحدى، صفحه ( 73 ( نقلا عن: The Evidence of Gad pp23.
                    [10] في حين أن كروية الأرض هي نظرية افتراضية وليست من الحقائق، فقد ثبت أنها بيضوية الشكل " دحي " كما وصفها القران الكريم " والأرض وما دحاها " – الشمس ( 6 ). – المؤلف -
                    [11] أ. كريسي موريسون في كتابه " العلم يدعو للإيمان " الصفحات ( 191 – 196 ). بحث المصادفة.
                    والكتاب ترجمة لكتابه " Man does not stand alone " أي " الإنسان لا يقوم وحدة.
                    [12] الإسلام يتحدى، صفحه ( 72 )، نقلا عن: The Evidence of God p. 174
                    [13] المصدر السابق، صفحه ( 77 ). نقلا عن: Ibid, p. 67.
                    [14] جون كليفلاند كوثران، هو من علماء الكيمياء والرياضة، حائز على دكتوراه من جامعة كورنل، رئيس العلوم الطبيعية - بجامعة دولت ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


                    منقول من :
                    موسوعة الخلق والنشوء
                    حاتم ناصر الشرباتي
                    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر


                    www.sharabati.org

                    يتبع على حلقات ان شاء الله
                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق


                    • #25
                      الخَلــق والصُّدفــة العشوائيـــة[2]


                      وليس من المعقول أن يكون لدى الكيماويين كل هذه الثقة في القوانين الطبيعية لو أنَّ سلوك المادة والطاقة كان من النوع العشوائي الذي تتحكم فيه المصادفة، وعندما يتم أخيراً إدراك الأسباب التي تجعل هذا القانون الطبيعي عاملاً وتفسر لنا حقيقته، فإنّ أي أثر لفكرة العشوائية أو المصادفة في سلوك المادة أو الطاقة سوف يندثر اندثاراً تاماً.

                      ومنذ مائة سنة تقريباً رتَّبَ العالم الروسي "مانداليف" العناصر الكيماوية تبعاً لتزايد أوزانها الذرية ترتيباً دورياً، وقد وجد أن العناصر التي تقع في قسم واحد تؤلف فصيلة واحدة ويكون لها خواص متشابهة، فهل يمكن إرجاع ذلك إلى مجرد المصادفة؟

                      وهل يمكن أن نفسر على أساس المصادفة ما توصل إليه العلماء السابقون من تفاعل ذرات عنصر (أ) مع ذرات عنصر (ب) وعدم تفاعلها مع عنصر (ج)؟ كلا. إنهم قد فسروا ذلك على أساس أنّ هناك نوعاً من الميل أو الجاذبية بين جميع ذرات عنصر (أ) وجميع ذرات عنصر (ب)، ولكن هذا الميل أو الجاذبية منعدم بين ذرات عنصر (أ) وبين ذرات عنصر (ج) ....... فهل يتصور عاقل أو يفكر أنَّ المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟. لا شك أنَّ الجواب سيكون سلبياً. بل إنّ المادة عندما تتحول إلى طاقة أو تتحول الطاقة إلى مادة فإنَّ ذلك يتم طبقاً لقوانين معينة، والمادة الناتجة تخضع لنفس القوانين التي تخضع لهل المادة المعروفة التي وُجدت قبلها.

                      وتدلنا الكيمياء على أنَّ بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فالمادة ليست أبدية[1 ]، ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية[2 ] إذ أنَّ لها بداية، وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أنَّ بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية بل

                      وُجدَت بصورة فجائية، وتستطيع العلوم أن تحدد الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، وعلى ذلك فإنَّ هذا العالَم المادي لا بُدّ أن يكون مخلوقاً، وهو منذ أن خُلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة بينها مكان.

                      فإذا كان هذا العالَمُ المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه أو يحدد القوانين التي يخضع لها فلا بدَّ أن يكون الخلق قد تمَّ بقدرة كائن غير مادي. وتدل الشواهد جميعاً على أنَّ الخالق لا بُدَّ له أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة. إلا أنَّ العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي دون أن يكون هناك إرادة. ولا بدَّ لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً. وعلى ذلك فإنَّ النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أنَّ لهذا الكون خالقاً فحسب، بل لا بُدَّ أن يكون هذا الخالق حكيماً عليماً قادراً على كل شيء حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره، ولا بد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود تتجلى آياته في كل مكان. وعلى ذلك فإنه لا مفر من التسليم بوجود الله خالق هذا الكون ومدبره وموجهه. إنَّ التّقدم الذي أحرزته العلوم منذ أيام "لورد كلفن" يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثيل ما قاله من قبل من أننا إذا فكرنا تفكيراً عميقاً فإنَّ العلوم سوف تضطرنا إلى الإيمان بالله ).[3 ]

                      أما "جورج هربرت بلونت" [4 ] فيقول في مقال له بعنوان "منطق الإيمان" :

                      (... فالأدلة الكونية تقوم على أساس أنَّ الكون متغير، وعلى ذلك لا يمكن أن يكون أبدياً، ولا بد من البحث عن حقيقة أبدية عليا، أما الأدلة التي يبنى على أدراك الحكمة فتقوم على أساس أنَّ هنالك غرضاً معيناً أو غاية وراء هذا الكون ولا بد


                      لذلك من حكيم أو مدبر، وتكمن الأدلة الإنسانية وراء طبيعة الإنسان الخلقية، فالشعور الإنساني في نفوس البشر إنما هو اتجاه مشروع أعظم.

                      ولما كان اشتغالي بالعلوم ينحصر في التحليل الفيزيائي، فإنَّ الأدلة التي يتجه إليها تفكيري تعتبر من النوع الذي يبحث عن حكمة الخالق فيما خلق. ولاكتشاف القوانين التي تخضع لها الظواهر المختلفة لا بُدَ من التسليم أولاً بأنَّ الكون أساسه النظام، ثم يتجه الباحث نحو كشف هذا النظام.... ولا يمكن أن يتصور العقل أنَّ هذا النظام قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم أو من الفوضى، وعلى ذلك فإنَّ المفكر لا بد وأن يصل ويسلم بوجود إله منظم لهذا الكون[5 ]، وعندئذ تصير فكرة الألوهية إحدى بديهيات الحياة، بل الحقيقة العظمى التي تظهر في هذا الكون والمطابقة بين الفرض والنتيجة تعد برهاناً على صحة هذا الفرض. والمنطق الذي نستخدمه هنا هو أنه إذا كان هنالك إله فلا بد أن يكون هنالك نظام، وعلى ذلك فما دام هنالك نظام فلا بد من وجود إله.... فإذا قارنا بين الشواهد التي يستدل بها المؤمنون على وجود الله، وتلك التي يستدل بها الملحدون في إنكار ذاته العلية، يتضح لنا أنَّ وجهة نظر الملحد تحتاج إلى تسليم أكثر مما تحتاج إليه وجهة نظر المؤمن، وبعبارة أخرى نجد المؤمن يقيم إيمانه على البصيرة، أما الملحد فيقيم إلحاده على العمى، وأنا مقتنع أن الإيمان يقوم على العقل، وأنَّ العقل يدعوا إلى الإيمان)[ 6]

                      أما "وحيد الدين خان" فيقول: ( ولو افترضنا أنَّ المادة وُجدَت بنفسها في الكون، وافترضنا أيضاً أنَّ تَجَمعها وتفاعلها كان من تلقاء نفسها – ولست أجد أساساً لأقيم عليه هذه الافتراضات – ففي تلك الحال أيضاً لن نظفر بتفسير الكون، فإنَّ صُدفَة أخرى تحول دون طريقنا، فلسوء الحظ أنَّ الرياضيات التي تعطينا نكتة


                      الصُدْفَة الثمينة هي نفسها التي تنفي أي مكان رياضي في وجود الكون الحالي بفعل قانون الصدفة).[7 ]

                      أما العالِم الطبيعي "إسحاق نيوتن" فيقول: (لا تشكوا في الخالق فإنه مما لا يعقل أن تكون المصادفات وحدها هي قاعدة الوجود)[8 ].

                      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــ
                      [1] الأبدي هو دائم الوجود.
                      [2] الأزلي هو ما لا أول له ولا آخِر.
                      [3] كتاب " الله يتجلى في عصر العلم " الصفحات ( 21 – 25 ). والكتاب هو النسخة العربية لكتاب: " The Evidence of God ".
                      [4] جورج هربرت بلونت: أستاذ الفيزياء التطبيقية، وكبير المهندسين بقسم البحوث الهندسية بجامعة كاليفورنيا.
                      [5] الكون: هو مجموعة الأجرام السماوية.
                      [6] المصدر السابق، الصفحات ( 78 – 83 ).
                      [7] وحيد الدين خان، كتاب "الإسلام يتحدى"، صفحه (73)، وهو النسخة العربية المترجمة للكتاب باللغة الأردية باسم: Jadeed Ka challenge. ؛ Ilmeَ
                      [8] العبادة في الإسلام، يوسف القرضاوي، صفحه ( 17 ).


                      منقول من :
                      موسوعة الخلق والنشوء
                      حاتم ناصر الشرباتي
                      الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

                      الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي
                      www.sharabati.org

                      يتبع على حلقات ان شاء الله
                      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق


                      • #26
                        الفصل الرابع عشر

                        هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟



                        تصور العلماء أنَّ "إنسان نياندرتال" كان وجهه يشبه وجه القرد حيث اختفى من أوروبا بطريقة غامضة!!! ومع الوقت اكتُشِفَت عشرات من قطع العظام في جنوب وشرق أفريقيا في محاولات مضنية للتعرف على الأجداد المفقودين في جب النشوء والارتقاء حيث تضاربت فيه الآراء، إلا أن إنسان نياندرتال كان جسمه براميلياً مكتنز اللحم كالإسكيمو وذو أنف عريض واسع ليدفيء الهواء البارد الذي كان يستنشقه في أصقاع أوروبا حيث كان يعيش في أواخر العصور الجليدية المتعاقبة.[1 ] ويعتبرون أنّ الإنسان الأول كان منتصب القامة، خرج من أفريقيا، وكان يصنع الآلة الصوانية كالفؤوس والأسلحة والمكاشط والشفرات الحادة. ويختلف إنسان نياندرتال عنه بأنفه العريض وضخامة عظام فكه وكبر حجم أسنانه الأمامية. لكنَّ العُلماء اكتشفوا فيما بعد عظاماً أقدم لها ملامح تشريحية مختلفة ولم يعد بعدها نياندرتال الجد الأول ... لهذا يظلُّ البحث جارياً عنه.[ 2]

                        والخطوات الأولى لسيناريو البشر منتصبي القامة أظهرتها – كما يَدَّعون – الحفائر التي اكتشفت في جنوب وشرق أفريقيا عندما عثر العلماء على آثار أقدام مطبوعة فوق رماد بركان قديم عندما عبرت الرئيسيات سهول تنزانيا في لاتولي منذ 3.6 مليون سنة، وهذا الاكتشاف جعل "فيونامارشال" يبذل كل جهوده للحفاظ على هذه البصمات القدمية لأنَّ علماء الوراثة من خلال تفسيرهم الجنيني اكتشفوا أنَّ الإنسان العاقل كان يعيش في أفريقيا وآسيا قبل ظهور "إنسان نياندرتال" لأنَّ أول إنسان ظهر منتصب القامة كان منذ نحو 1.5 مليون سنة في "بدو بأثيوبيا" و "ندوتو بتنزانيا" لأن ما وجد من عظامه كانت سميكة ومتينة عن ذي قبل مما يُمَكِنَهُ من الوقوف عليها بسهولة.[ 3]

                        أما الكاتب "ريك جو" وزميله المصور "كينيث جاريف" فقد سافرا مئات الأميال إلى تنزانيا وجنوب أفريقيا للتّعرف على الأسلاف ولمعرفة كيف خطا الإنسان أولى خطواته على قدميه فوق الأرض... وفي جنوب أفريقيا شاهد الكاتب حفائر معظمها اكتشف هناك بواسطة علماء جامعة جوهانسبرج، وقاموا من خلال دراستها باكتشاف الخطوات الأولى لأشباه الإنسان قبل أن يصبحوا بشراً وأوعزوا نسبه إلى القرد، كما أكدوا على أنَّ ثمة مجموعتين للبشريات قد ظهرتا خلال أربعة ملايين سنة، إحداها الجنس البشري الذي ظهر منذ 2.5 مليون سنة، وقالوا أن المجموعتين شملتا ظهور الإنسان الماهر والإنسان العاقل والإنسان منتصب القامة، لكنَّ العُلماء ما زالوا حائرين في كيف وأين حلَّ الجنس البشري محلَّ أشباهه الأوسترالوييثكيسين الذين كانوا يشبهون القردة بأمخاخها الصغيرة إلا أنهم كانوا يسيرون على أقدامهم.[ 4]

                        والأسترالوبيثكس أو"شبيه الإنسان" كان عالِم التَشريح "ريمون دارت" هو أول من ادعى اكتشاف أول حفرية لها عام 1925 بكهف "توانج" الحجري بجنوب أفريقيا..... وكانت لطفل عمره 2.5 مليون سنه، واعتبر علماء جنوب أفريقيا أنَّ طفل توانج هو الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان حيث أطلقوا عليه اسم "استرا لوبيثكس أفريكارتر" أي "قرد جنوب أفريقيا". وبعد توانج اكتشـف العلماء عظاماً لعدة أنواع من شبيـه الإنسـان منها " H.Repust" وأنواع عائلة "لوسـي" الشهيرة التي عمرها 3.18 مليون سنة والتي اكتشفت عظامها في موقع "جيدار بأثيوبيا" عام 1974، واعتبر العلماء وقتها أنَّ لوسي هي "أم البشر"، ومع هذا فقد أعلن عالما الحفائر الألمانيان "بيتر شميديت" و "مارتن هوسلر" بجامعة زيورخ أنَّ لوسي ليست
                        أم البشر كما يقال، بل ذكر كامل الذّكورة، وأكّد ذلك العالم "لوري هاجر" الذي شكك في أنوثتها مكذباً الادعاء بأنها أم البشر.[ 5] وقد اكتشف فريق جامعة بيركلي في بحيرة توركانا عظاماً عمرها 4.4 مليون سنة، واعتبر "هوايت" أنها لنوع آخر من أشـباه الإنسان سماه "راميدس" وقالوا أنّه همزة الوصل بين أسلافنا والشمبانزي.[ 6]

                        وفي عام 1994 أعلن علماء الحفائر بجنوب أفريقيا عن مكتشفاتهم الحفائرية لشبيه الإنسان "أفريكاتر" مما جعلهم يؤكدون أنَّ شبيه الإنسان وُجِدَ أولاً في جنوب أفريقيا وليس شرقها، ويعلق العالم "بيرجر" من جامعة جوهانسبرج بأنَّ خاصية المشي على قدمين نشأت في موقعين: أحدهما في شرق أفريقيا حيث عاش والموقع الثاني في جنوب أفريقيا حيث كان نوع "أفريكاتر" الذي لم يكن بدائياً لأنَّ إصبعه يشبه إصبع الإنسان...[7 ]

                        وقد نشرت دورية "العِلم" مقالاً تحت عنوان " متاهة البحث عن الجذور!!! علماء أستراليا يهدمون نظرية داروين.... القرد أصله إنسان ترك الأرض وتَسَلقَ الأشجار فحدث له التحول!!!" حيث قالت: (في جامعة كانبيرا أعلن علماء الأجناس الأستراليون أنَّ القرد أصلهُ إنسان وهدموا مؤخراً نظرية داوين وقلبوها، واعتبروا إنسان أسترالوبيتكس القديم جَدُ القرد الإنسان، ويقول الأستراليون أنَّ الإنسان انفصل منذ أربعة ملايين سنة، وهذا يخالف قول علماء أصول الإنسان من أنَّ الانفصال تم منذ ثمانية ملايين سنة، ويضيف الأستراليون في نظريتهم أنَّ القرد لم ينزل من فوق الشّجرة ليتطور لإنسان، لكنَّ الإنسان ترك الأرض وتسلق الأشجار وظلَّ هناك حتى أصبح قرداً)[ 8]
                        ــــــــــ
                        [1] مجلة العلم "، القاهرة – العدد 249 – يونيه 1997، صفحه ( 32 ).
                        [2] المرجع السابق . والمبحوث عنه المقصود في نهاية الفقرة هو: " الجد الأول للإنسان ".
                        [3] المرجع السابق.
                        [4] المرجع السابق، صفحه ( 33 ).
                        [5] المرجع السابق، الصفحات ( 33 – 34 ).
                        [6] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
                        [7] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
                        [8] المرجع السابق، صفحه ( 31 و 32 ).



                        منقول من :
                        موسوعة الخلق والنشوء
                        حاتم ناصر الشرباتي
                        الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

                        الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي



                        www.sharabati.org
                        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق


                        • #27
                          الفصل الرابع عشر
                          هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟
                          الحلقة الثانية

                          يؤكد دعاة فكرة التطور أن الإنسان من سلالة القرود، ويقولون أنّ الهوة بين الإنسان وبين الحيوان قد ملأها "إنسان ما قبل التاريخ" أو "الإنسان القرد" – الذي لم يوجد قط – وفي ذلك تقول دورية "العلوم":

                          (يتصور علماء التطور أجدادنا أجلافاً[ 1] وبلا ذنب، وهم أضخم بقليل من الإنسان القرد الذي يعيش في أيامنا هذه، وأنهم كانوا يتمتعون بعضلات وجه متحرك، ولكنهم لم يكونوا شديدي الذكاء، وكانوا يتسلقون الأشجار ويعيشون على الأكثر عليها كما يعيشون على وجه الأرض، وكانوا يستطيعون أن ينتصبوا انتصاباً غير تام، كما كانوا يمشون على أربع وعلى رجلين، ويبدو أنه لم تكن لهم لغة محكية.)[ 2]

                          أي أنّه كان هناك على زعمهم إنسان قردي ذو جسم حيواني وعقل غير ناضج، يجتمع فيه في آن واحد صفات بشرية وأخرى حيوانية، إنسان لا يعقل إلا قليلاً ولا يتمكن عن التعبير عما يجيش في صدره بالكلام، وهذا القول الافتراضي يحتاج إلى برهان يُثبته، والجواب هو ما قدمه "جان روستان" في كتابه "التطور": (مازال البحث جارياً، وسيظل مستمراً وقتاً طويلاً لمعرفة الصلات الحقيقية لكل هذه الأشكال... هل الإنسان ينحدر من قرد يشبه الإنسان القردي الذي نعرفه؟ أو أنه ينحدر من قرد دون ذلك، أو من حيوان بدائي لا يستحق حتى اسم قرد؟)[3 ]

                          يتضح مما تقدم أنَّ كل ذلك هو مجرد افتراضات وهرطقات لا تمت إلى الحقيقة بصلة ما دام من يقول بها لا يملك الدليل على صحتها، ومعنى ذلك أنه توجد صعوبة في إثبات تلك المقولــة بالبرهان الدامغ، لــذا فإنَّ الدوريـة نفسها تضيف قائلة : ( إنَّ إحدى الصعاب الرئيسية تكمن في ندرة وجود جماجم

                          إنسان في المستحثات ذات دلالة حقيقية ، وكل ما وجد من جماجــم حتى الآن في توابيـت كبيرة، وكل ما فيها من عظام لا علاقــة له بالجمجمة)[4 ]

                          أما الصعوبة الثانية فهي كما ذكرها "جوليان هكسلي" في كتابه "التطور على اعتبار أنه امتداد" حيث قال: (في أكثر الحالات يكون وصف النموذج الذي يقدمه العلماء الذين يكتشفونه ينطوي على أهمية خاصة، أو يحتل مكاناً مرموقاً في عالم نسبة الإنسان المباشر إلى الأجداد في مقابل نسبته إلى القرود. ولكن حظّ هذا القول من الواقع قليل، وفي حالة الكلام عن تطور الإنسان الأول قلما تكون الاستنتاجات مدعومة بدليل بسبب قلة الوثائق)[ 5]

                          نعم، إنَّهُ مجرد وهم علق بمخيلتهم، إنها هرطقة يريدون وبكل الوسائل والأساليب إلباسها ثوب الحقيقة، ولكن فإنه لا دليل لديهم لدعم تلك الهرطقة سوى رغبتهم في نشر تلك المقولة، إنهم يحاولون التأويل والتأليف كيفما اتفق ليوهموا أنفسهم قبل أن يوهموا الناس أنّ في جعبتهم الأدلة والبراهين، إنّ كل ما تقدم لم يثنهم عن هرطقتهم أنَّ الإنسان وما يسمى بالإنسان القردي هما توأمان من أبوين من القرود!!!

                          وفي إصرار عجيب تؤكد مجلة " العالم الحديث " تلك القرابة المزعومة قائلة: (إنَّ القرابة التي لا شكَّ فيها بين الإنسان والإنسان القردي تدل بصراحة أنَّ لهما جداً مشترَكاً، ولكن هذا الجد لم يوجد حتى الآن، وقد نجد صعوبة في التّعرُف عليه)[6 ]


                          يتضح مما تقدم بجلاء أنَّ دعاة التّطور المنادين بتطور الإنسان من الإنسان القردي والذي بدوره قد انحدر من نفس الجد – وهو القرد أو السعدان – إنما يهرقطون بسفاسف القول، إنه الوهم الذي هم فيه عاجزون عجزاً كاملاً إثباته بدليل أو بشبهة دليل يُرضون به أنفسهم قبل أن يُقنعوا غيرهم من الناس، وفي ذلك تعترف جريدة "ستر دي ايفننج بوست" أنه على الباحثين عن أصل الإنسان أن يستمروا في البحث حتى يكتشفوا أصول أجدادهم القرود!!![7 ]

                          وكما عجز داروين صاحب النظرية المشهورة أن يؤكد من هو جد الإنسان الأول – القرد أم السعدان – فإنَّ مؤلف كتاب "الإنسان الأول" يؤكد ذلك العجز صراحة حين يقول (من المؤسف أن تظل حتى الآن المرحلة الأولى من التطور الإنساني سراً غامضاً)[ 8]

                          وفي أسلوب ينم عن اللباقة تفسر دورية "العلوم" الأمريكية العجز في ذلك قائلة:

                          (إنَّ نوعية نسب أجداد الإنسان ما زالت نظرية محضة)[9 ] - أي ليست من الحقائق – وبنفس الأسلوب نجد أنَّ " علماء الإنسان القردي "قد وضعوا في مؤتمرهم المعقود سنة 1965 تواريخ اعتمدتها مجلة "نيو يورك تايمس" حيث قرروا: (إنَّ جهلنا بشجرة نسب الإنسان ما زالت حتى اليوم جهلاُ عجيباً فهناك ما زالت ثغرات.)[10 ] إلا أنهم مع ذلك وبتأكيد غريب مستهجن يدللون على وجود الإنسان القردي قائلين كما ورد في نفس المجلة: (منذ ما لا يقل عن ثلاثين مليون سنة بدأت تظهر الصفات التي تميّز الإنسان عن غيره من الحيوانات)[ 11] ويشير الجدول الذي اعتمدوه إلى التأكيد على أنّه في المقام الأول يوجد حيوان اسمه

                          "Proplio Pithecus" يشبه القرد المسمى "غيبون Gibbon "[12 ] والذي وجدت عظامه في مصر.


                          ـــــــــــــــــــــــــ

                          [1] الجلف: الجافي في خَلْقِهِ وَحُلُقِه ، شُبّه بجلف الشاة ، أي أنّ جوفه هواء لا عقل فيه ، قال سيبويه: الجلف جمعها أجلاف ، ويطلق على الأحمق أنه جلف لضعف عقله.
                          [2] خلق لا تطور، صفحه ( 95 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1965.
                          [3] المرجع السابق، نقلاً عن: ‘ كتاب " التطور Evolution "، جان روستان.
                          [4] المصدر السابق، صفحه ( 96 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1953.
                          [5] المصدر السابق، نقلا عن:Julian Huxley. Evolution as a Process
                          [6] المصدر السابق، صفحه ( 97 )، نقلاً عن: مجلة " العالم الحديث New Scientist " عدد 25 / 3 / 1965
                          [7] خلق لا تطور، صفحه ( 97 )، نقلاً عن: Saturday Evening Post
                          [8] المصدر السابق، نقلاً عن: كتاب " الإنسان الأول " Primates
                          [9] المصدر السابق، نقلاً عن: مجلة " العلوم Sciences " عدد شهر 11 سنة 1966.
                          [10] المصدر السابق، صفحه ( 98 )، نقلاً عن: مجلة " New York Times "، عدد 11 / 4 / 1965.
                          [11] المصدر السابق.



                          منقول من :
                          موسوعة الخلق والنشوء
                          حاتم ناصر الشرباتي
                          الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

                          الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي




                          www.sharabati.org
                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق


                          • #28
                            هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟
                            الحلقة الثالثة*



                            تلك كانت المرحلة الأولى من مراحل تطور وتحول الإنسان من قرد إلى إنسان، أمّا المرحلة الثانية فهي كما يقول جدولهم المعتمد: (إنَّ المرحلة الثانية كانت قبل 19 مليون سنة، وفيها ظهر حيوان تشبه أسنانه أسنان الإنسان والقردة)[1 ] لقد زعموا وجود بقايا من هذا الحيوان والذي أطلقوا عليه اسم "Dryopithecus"[ 2] في أفريقيا وفي أورازيا[3 ] وبعملية حسابية نجد أنّ الفرق بين الحيوان الأول وبين الحيوان الثاني هو فترة زمنية تقدر ب 11 مليون سنة ليس لدينا عنها أي علم في المستحاثات[ 4]. وتضيف المجلة (بعد انقراض الحيوان الثاني منذ نحو تسعة ملايين سنة لم نجد في الصخور أي معلومات خلال سبعة ملايين سنة)[5 ]. إلا أنَّ نفس المجلة وفي عدد آخر تستعمل الحكمة والتروي حتى يتم لهم الحصول على براهين مادية حيث تذكر: (إنَّ من الحكمــة ألا نؤكد بأنّ الصلة بين الإنسان القردي والإنسان تعتمد على شهادة المستحاثات بل ننتظر اكتشافات جديدة)[ 6]


                            وفي نِسْـبـَة نَسـَب الإنسان إلى الجَد الذي ادعته دورية نيويورك تايمس الذي هو "Propilio "[7 ] فإنَّ علماء تطور آخرين يرفضون ذلك النَّسَب، ويوصلون النَّسَب بالقرد المعروف باسم "غيبون" ويقولون بأنّه "Dryopith"[ 8]، مع رؤيتهم أنَّ أقدم أجداد الإنسان القردي هو حيوان "Ramapith"[9 ] أي أنَّ لكل منهم روايات توهمها كيفما اتفق!

                            وتدعي نفس المجلة أنه: (منذ نحو 12 مليون سنة أي في منتصف الطريق بعد ظهور الإنسان الأول "Dryopith" ظهرت مخلوقة جديدة أسمتها "Simiesque" لها ملامح الإنسان، اكتشفت في سلسلة جبال سيواليك)[ 10]

                            يتضح بداهة أنَّ الجَد المزعوم "رامابيت" والجَد الآخر "أوسترالوبيت" الذي هو "الإنسان القردي الأفريقي" الذي يطلقون عيه اسم "Australo Pithecus" وهو الجَد الثاني المزعوم في سلسلة النَّسَب توجد بينهما ثغرة عميقة، وفي هذا تقول جريدة "أخبار العلوم" في عددها الصادر بتاريخ 28/1/1967: (من المؤسف أن يكون بين آخر رامابيت وبين أول أوسترالوبيت ثغرة تمتد نحو عشرة ملايين سنة ليس لدينا عنها أي أثر للمستحاثات وهكذا فأننا أمام هذه المعطيات نجد الصخور صامتة لا تدلي بأي دليل منذ 12 مليون سنة وحتى عشرين مليون سنة قبل عصرنا هذا)[11 ]

                            والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل عاقل ويحتاج إلى إجابة مقنعة هو: من هو الجد رامابيت هذا، وما هي أوصافه، وما هو الدليل على أنَّ هذا المخلوق المدعى يتصل بنسب الأبوة إلى الإنسان؟


                            ويجيب العلماء على هذا السؤال في مجلة " Saturday evening post ":

                            ( لَعَلَّ الرامابيت كان الشمبانزي الصغير الذي يتمتع بأيد خفيفة وبخفة القرد، وقد يمكن أن يكون من أوائل المخلوقات التي عُرِفَت، ولكنه ليس بالمخلوق الأول في أُسرة الإنسان، وكان لا يقل ذكاء عن الشمبانزي الذي نعرفه الآن، وليس لدينا إلا فكرة عابرة عن صورة مقطوعة من فيلم طويل.)[12 ]

                            والذي نفهمه من هذا النّص والأوصاف التي يقدمها لنا علماء التطور بأنّ الرامابيت كان حيواناً من أُسرة القرد الإنساني المزعوم أو القردة كبيرة الحجم، أما ادعائهم أنَّه كان في سلسلة نسب الإنسان فإنَهُ وَهم وخيال واسع لا يتصل إلى الحقيقة بسبب، لا سيما وأنَّ علماء تطور آخرين لا يؤكدون أنه داخل في سلسلة التطور الإنساني، ومن ذلك ما يقوله "د. كلارك" صاحب كتاب "أدلة المستحاثات على تطور الإنسان" فقد ذكر في كتابه المذكور:

                            (يجوز لنا أن نتخيل صورة للمراحل التي تعترض بين أجدادنا المعروفة باسم "بيتوكويد Pithecoides" وبين "الأوسترالوبيت"، ولكن إذا انعدمت الأدلة الملموسة في المستحاثات تبقى الفكرة غير مقنعة.)[13 ]


                            لعلّ... . ربما .... قد نتخيل هناك ثغرات من الحكمة ألا نؤكد ....... قد نجد صعوبة في التأكد ........



                            وفي استعراض أقوالهم نجد أنه يغلب عليها ورود كلمات مثل: ( نتخيل. نظن. قَد. رُبَما. هناك ثغرات. من الحكمة ألا نؤكد، قلما تكون الاستنتاجات مدعومة بدليل. قد نجد صعوبة في التأكد. سِراً غامضاً. ما زالت محض نظرية. نتصور أنَّ. ما زال البحث جارياً... وهكذا) وهي كلها عبارات تشيكية لا تؤخذ على أنّ أصحابها قاطعون بصحتها، أو حتى أنّ لديهم ترجيحاً أو غلبة ظن بها، بل هي افتراضاتٌ وهمية لا أساس لها من الصّحة علقت بأذهانهم وطفقوا يألفون لها الأدلة التي عجزوا عن الإتيان بها، فلا يجوز أن يُكتفى بالتحدث عن سلسلة النّسَب النازلة عن الجَد الأكبر المشترك والمفترض افتراضاً بلا دليل حتى تنتهي إلى الأوسـترالوبيت المزعوم أيضاً في حين أنَّ تلك السلسلة ليست إلا هرطقات ونتيجة أوهام أتت من نزغ الشيطان، فلماذا يقبل عاقلٌ نظرية تقوم على تخيلات وأوهام لا تستند إلى أي دليل أو إثبات، وليس لها أي أثر في الواقع!!!

                            إنّ الأخذ بتلك النظرية أو ما يناقضها هو أمر عقائدي، فالعقيدة هي فكرة كلية شاملة عن الكون والحياة والإنسان، وعما قبل الحياة الدنيا وعما بعدها وهذا يعني تصديق جاذم مطابق للواقع عن دليل. وذلك يحتم علينا أنَّ كل ما نأخذه كعقيدة يجب أن يكون قد أتى بدليل عقلي يجذم به ويجذم بفساد وبطلان ما يخالفه، لذا فإن إعطاء نظريات عقائدية بلا دليل يمكن الجذم به هو أمر مرفوض قطعاً، كما هو مرفوض أيضاً الاعتقاد بنظريات أتت بعبارات تشكيكية لأن تلك العبارات تدل على عدم وجود القطع والجذم عند القائلين بها، بل تدل على الظن والتوهم مما لا يجوز أخذه في الاعتقاد، وبالتالي لا مكان لها لأن تصبح فكرة كلية شاملة.
                            ــــــــــــــــــــــــــ[*] منقول: موسوعة الخلق والنشوء ، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 122-125 )
                            [1] غيبون: قرد هندي ماليزي يتسلق الأشجار بخفة بسبب طول ذراعه.
                            [2] المصدر السابق.
                            [3] لا يوجد ترجمة عربية لهذا الاسم، ويختصر باسم " Droplio ".
                            [4] أورازيا : اصطلاح يطلق على قارتي آسيا وأوروبا .
                            [5] المستحاثات – علم الإحاثة - paleontology – هو علم مستحدث يبحث في أشكال الحياة في العصور الجيولوجية الغابرة، كما تمثلها الأحافير الحيوانية والنباتية، وقد نشأ هذا العلم في أوائل القرن التاسع عشر، قاصدين منه إلقاء الأضواء على المسائل النشوئية، وعلى مسائل تصنيف الحيوان والنبات والعوامل التي تحدد توزعها الجغرافي. أما الأحافير ( المستحجرات ) fossils: فهي بقايا أو آثار الحيوانات والنباتات التي هلكت أو بادت ودفنت في طبقات الأرض في أزمنة غابرة، وهي تكون عادة متحجرة في الصخور أو مطبوعة عليها.
                            [6] المصدر السابق.
                            [7] المصدر السابق: نقلا عن: المجلة ألأميركية، عدد تموز 1964.
                            [8] اختصار لكلمة: Propliopithecus.
                            [9] اختصار لكلمة: Dryopithecus.
                            [10] اختصار لكلمة: Ramapithcus.
                            *** لم تعتمد ترجمة عربية للأسماء الثلاثة السابقة ومثيلاتها.
                            [11] سلسلة جبال سيواليك أمام جبال همالايا في شمال غرب الهند.
                            [12] خلق لا تطور، صفحه ( 99 )، نقلاً عن: جريدة " أخبار العلوم " عدد 28 /1/1967.
                            [13] المصدر السابق، صفحه ( 100 )، نقلاً عن: مجلة " ستر دي ايفننج بوست ".
                            [14] المصدر السابق، نقلاً عن كتاب: " أدلة من المستحثات على تطور ألإنسان ".

                            الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي

                            www.sharabati.org
                            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق


                            • #29
                              كتاب ( موسوعة الخلق والنشوء )،
                              وأي كتاب من كتب د.حاتم ناصر الشرباتى
                              من خلال الموقع الشخصي من هنا :

                              http://sharabati.tripod.com/main.htm

                              أو من خلال : مكتبة العقاب

                              http://www.alokab.com/almaktaba/inde...on=file&id=524

                              الموقع الشخصي للدكتور / حاتم ناصر الشرباتي
                              www.sharabati.org
                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق


                              • #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة سيف الكلمة مشاهدة المشاركة
                                هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟
                                الحلقة الثالثة*
                                نعم اخي سيف الكلمة جزاك الله خيرا فقبل عددٍ من السنين كان الليبراليين والعلمانيين يضحكون على المسلمين حينما يقولون أن أصل الإنسان من تراب , وكانوا يميلون لنظرية داروين اليهودي , والتي تقول أن أصل الإنسان قرد , حتى ثبت مؤخراً علمياً أن الإنسان , يتكون من العناصر السبعة التي تتكون منها التربة , فسبحان الله الذي أبدع كل شيء ...
                                فليس كل ماينتجه الغرب , ومايدعيه من نظريات علمية , أو حقائق يكون صحيحاً , فلقد تعودنا أن الله سبحانه وتعالى أصدق كلاماً من هؤلاء , ونحن على نهجه , ولو خالف ذلك عقول المتغربين من أبناء الأمة..
                                وانطلق من هنا لاسالك عن قول الشيخ ابن باز رحمه الله الذي اجتهد بأن الأرض ساكنة قارة والشمس تدور عليها وهو بهذا يقول بقول القرآن الكريم وليس يقول بهذا الكلام من نفسه.

                                وإذا كان ذلك لايدخل رؤوس البعض فهذا شأنهم والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم عن الأرض (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا )
                                لكن البعض يصر على انّ المغزى من الآية أنّه يعني نستقر فيها نحن البشر، ولا يعني انها لا تتحرك ، والدليل هو الزلزال .

                                وقال سبحانه عن الشمس في كتابه (والشمس تجري لمستقرٍ لها)
                                ويقولون هذا يعني تدور حول نفسها ، كما تفعله العجلة ، وهذا ما اثبته علم الفلك المعاصر

                                وقال تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلكٍ يسبحون) يقولون وهذا دليل على انها تدور وتدور حول نفسها . وقال في الشمس والقمر (كل يجري إلى أجلٍ مسمى) ...يقولون يعني بسرعة ثابتة لا تتغير .

                                واقول من الأدلة على أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، قوله تعالى:

                                (وترى الشمس إذا طلعت تَّزَاوَرُ عن كهفِهم ذات الْيمينِ وإِذَا غربت تَّقرضهمْ ذَات الشِّمال).قال ،( وترى ) يعني ما نراه ، ولا يعني ما يحدث

                                وهنا يأتي السؤال المهم هل نعتمد على قول ابن باز هل اجتهد احد علمائنا الجدد في هذا؟
                                وماموقفكم من كل ما يثار حول هذه القضية خاصة وان ابن باز - رحمه الله - ينفي فيه دوران الارض حول الشمس ويثبت العكس
                                اسم الكتاب : " الادلة النقلية والحسية على امكان الصعود على الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الارض "
                                وجزاكم الله خيرا ايها الفاضل.
                                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:11 م.

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ يوم مضى
                                ردود 2
                                8 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الراجى رضا الله  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 07:21 م
                                ردود 0
                                85 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:58 م
                                رد 1
                                281 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة فؤاد النمر
                                بواسطة فؤاد النمر
                                 
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:50 م
                                رد 1
                                68 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:47 م
                                ردود 0
                                129 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                يعمل...
                                X