النظرية الداروينية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد المسلم مسلم اكتشف المزيد حول وليد المسلم
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    أفاقين وليسو علماء
    كارل ساغان ..
    ذلك الماكر المخادع ..
    وا أسفاه على من يُصدق هؤلاء الماكرين

    إن شعورا بالألم والحسرة يجتاح جوانبي وأنا أكتب هذا البحث الخطير الذي أسجل فيه حجم المكر والدهاء الذي تعرض له الدين على يد شخصيات حقيرة كرهت الدين بسبب ممارسات رجال الدين في الغرب فما كان منها إلا أن تمكر وتكذب كرد فعل تجاه تعسف رجالات الدين ولكن هذه التشكيكات قد وصلتنا نحن وللأسف تبناها السذج من العقول المسلمة وظنوا أنها طالما أتت من الغرب ففيها الحقيقة العلمية لا محالة ........

    وهل إنسان بلتداون منَّا ببعيد ؟؟؟؟؟؟
    ففي سنة 1912 صاح دُعاة التطور وهاجوا وماجوا لقد اكتشفوا إنسان بلتداون ( اكتشفوا منه جمجمة وفك )وقدَّروا عمره بين 500 ألف و750 ألف سنة وأنه الجد الاكبر للإنسان الحالي ...... وقام الفنانين بتصور الشكل كاملا وتم تقديم ما لا يقل عن خمسمائة رسالة دكتوراة بخصوص الأمر ........ وما أن يأتي عام 1950 ويتم وضع أجزاء من إنسان بلتداون للتحليل الكيميائي إلا وتظهر الخديعة الكبرى ..... إنه إنسان مُزور .... إنها تلفيقة كبرى لقد اكتشفوا أن الجمجمة مطلية بأملاح الحديد وأن الفك عمره بضعة سنوات وليس 500 ألف سنة !!!!!!! لماذا كذب العلماء ؟؟؟؟ لماذا قام دُعاة التطور بالتلفيق ؟؟؟؟؟ لماذا قاموا بهذه العملية الدنيئة من التزييف ؟؟؟ بل إن الأدوات البدائية المكتشفة مع المتحجرات هي مجرد أدوات بسيطة مقلَّدة، شُحذت بواسطة أدوات فولاذية..وفي التحليل المفصل الذي أتمه وينر سنة 1953، تم الكشف للجمهور عن هذا التزوير، إذ كانت الجمجمة تخص إنساناً عمره نحو خمسمئة سنة، في حين كانت عظمة الفك السفلي تخص قرداً مات مؤخراً، وقد تم ترتيب الأسنان على نحو خاص في شكل صف، ثم أُضيفت إلى الفك وتم حشو المفاصل لكي يبدو الفك شبيهاً بفك الإنسان... وفي أعقاب كل هذه الأحداث، تم نقل إنسان بيلتداون على عجل من المتحف البريطاني، بعدما عرض فيه لمدة تزيد عن أربعين سنة!

    وهل نسينا إنسان نبراسكا!!!!!!!!!!!
    في سنة 1922, أعلن هنري فيرفيلد أوسبرن، مدير المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، عن عثوره على ضرس متحجرة في غرب نبراسكا. وزعم البعض أن هذا الضرس يحمل صفاتٍ مشتركةً بين كل من الإنسان والقرد، . وقد أطلق على هذه الحفرية، التي أحدثت جدالاً مكثفاً، اسم إنسان نبراسكا، كما أُعطيت -في الحال- اسماً علمياً هو: هسبيروبايثيكوس هارولد(Hesperopithecus haroldcooki).
    واستناداً إلى هذا الضرس الأوحد، رُسمت إعادة بناء لرأس إنسان نبراسكا وجسده.!!!.. وأكثر من هذا، فقد تم رسم إنسان نبراسكا مع زوجته وأطفاله في شكل عائلة كاملة في محيط طبيعي!!!
    وفي سنة 1927 عُثر على أجزاء أخرى من الهيكل العظمي لإنسان نبراسكا.. ووفقاً لهذه الأجزاء المكتشفة حديثاً، لم يكن الضرس يخص لا إنساناً ولا قرداً.. وأدرك الجميع أنه يخصّ نوعاً منقرضاً من الخنازير الأمريكية البرية يسمى (prosthennops)، وبعد ذلك، تم على عجل إزالة كل رسوم الهسبيروبايثيكوس هارولدوعائلته من أدبيات التطور!

    http://www.kacr.or.kr/img/Nebraska_Man.jpg

    إنسان نبراسكا المزيف ونأسف لمن ألحد بسبب هذه الأمور فقد تبين أن هناك عالم كذاب مخادع قام بهذا الفخ لتضليل البشر

    وغيرها وغيرها الكثير والكثير من فضائح القوم .........

    كـــارل ساغان ذلك الماكر اللئيم
    كارل ساغان أحد الأعمدة التي يستند عليها الملاحدة وهو عالم فلك أمريكي شهير ..... مجرد المطالعة لكتاباته تعطيك إنطباعا سريعا عن شخصية الرجل المتعجرفة المتكبرة .... وانظر حتى لتقديمه لكتاب ستيفن هوكنغ، الذي صدر بعنوان (موجز تاريخ الزمن)...... وها هي زوجته تعلن على الملأ أن قتل الأجنة ليس فيه أي مانع أخلاقي فالجنين ما هو إلا طورا حيوانيا يظل ينمو حتى يصير إنسانا وهذه الماكرة التي تتهجم على قداسة النفس الإنسانية تُشير إلى أن الإنسان في المرحلة الجنينية لا يعدو أن يكون حيوانا تلك النظرية التي سقطت وصارت أضحوكة عند العلماء فهذه النظرية قد بُطُل إستعمالها منذ ما يربو على ثلث القرن تقريبا بل ويقول George Simpson بجامعة Harvard بالحرف الواحد أنه قد أُتفق على أن الحياة الجنينية لا علاقة لها أصلا بعملية التطور فالأمر نمو وليس تطور ..... فقد كانت هناك خرافة تقول أن الجنين في مرحلة معينة به خياشيم والأمر لا يعدو أن تكون تجاويف بالصدر ....!!!!

    إن هناك عداءا عجيبا بين مفكري الغرب ورجال الدين عندهم وهل ننسى فيكتور هوجو عندما كان على فراش الموت وأتاه قسيس فأمر بطرده خارج المنزل ..........!!!!!!!!! إنه عداء ندفع نحن ثمنه ..... يدفع ثمنه السُذج من المسلمين الذين يُصدقون الغرب..لكن ما دخلنا نحن بهؤلاء ؟؟؟ لماذا نُصر على إتباعهم لماذا نُصِّر على الدخول في جحر الضب الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لتتبعن سنة من كان قبلكم باعا بباع وذراعا بذراع وشبرا بشبر حتى لو دخلوا في جحر ضب لدخلتم فيه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن إذا .( حسن صحيح )) ..............
    لماذا لا نَشرُف بقرآننا ؟؟؟؟ لقد خلق القرآن من الهباء أُمة ضخمة واتسبقى على القرون جيلا من الناس ما كانوا ليدخلوا التاريخ أبدا لولا نهوض هذا الكتاب بهم .....
    إنني كما قلت سابقا للأسف إننا نِمنا في النور بينما غيرنا استيقظ في الظلام
    إن المسلمين ونقولها آسفين قد ظلموا الحق الذي توارثوا آياته في صحائفهم ..........
    إننا كان لابد أن نترك قيادة الأمم في هذا القرن .... كُنَّا سنظلم الإسلام الذي نحمله فنحن لا نستحق الآن فعلا أن نكون قادة ... إن الشرط الذي اشترطه الله علينا لنقود العالم قد خالفناه وتركناه بمنتهى الجهل والسفاهة لقد اشترط الله علينا للتكمين في الأرض أن {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (41) سورة الحـج ... هذا هو شرط التمكين نحن نستحق ما نحن فيه الآن وإلا لظلمنا الإسلام الذي نحمله .... إننا لو كنا قادة العالم الآن ونحن بهذا البعد عن الدين لما كان إذن للإسلام فضل علينا ...
    لكن أقسم بالله ثقوا ان الذين يحاولون أن يُطفئوا نور شموعنا سيبقون معنا في ظلام ... لأنه ليس لهم نور ‍‍‍‍‍‍‍ ..... وأنا أقصد نور الأمن الداخلي ... الأمن النفسي فشرط الأمن هو الإيمان {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام
    أتغدوا الهند خيرا من بلادي ******** وخيرا من بني قومي الهنود
    أما والله لو كنَّــا قرودا********* لما رضيت بعيشتنا القرود
    إنه لو قُدر أن مخترع القنبلة الذرية نشأ في بلادنا ... أقسم بالله لا أستبعد أن يرسب في إمتحان الفيزيـاء المكدسة للثانوية العامة .... إنه من الظلم أن يحمل الإسلام كل هذه الأثقال المنوعة من نواحي سلوكنا ..!
    إن الحديث ذو شجون والمكر والخداع الذي تتعرض له أمتنا لا يُحصى .... لكن المُحزن والمؤلم حقا أن المصفقين والمطبلين لهذا المكر هم من بني جدلتنا ويتكلمون بألسنتنا ...... إن هناك كُفرا أساسه الخيال أو الشعور الموقوت أو التأثر العاجل وإيجاد هذا الكفر سهل والإستمرار عليه مستحيل إلا لمرضى القلوب .... وهذا النوع من الكفر وقع فيه أغلب هؤلاء نسأل الله أن يردهم إلى دينهم ردا جميلا ...
    فماذا جنى العالم من جحده للألوهية إلا شقاء يرجم العالم بالدماء في أيام الحروب ويرجمه بالقلق في أيام السلام فهو بين الحرب الباردة والساخنة محطوم الأعصاب فارغ الفؤاد
    لا أنكر أن المسلمين في الفترة الحالية بحمد الله إلى خير لكن الضعف في القيادة .....
    (وبين أيدي الناس اليوم أجزاء من الفطرة التي شرح الإسلام فروعها وكل جزء منها بارز في حياة قطر من الأقطار بروزا جديرا بالإحترام ... إنني معجب برحابة الحرية الميسرة للفرد في العالم الغربي ومعجب بكفالة الضرورات المطلوبة للناس في العالم الشرقي ومعجب بطمأنينة القلب التي يخلقها اليقين في المجتمع الإسلامي غير ان الدين ليس واحدة فقط من هذه الحالات المبعثرة على جنبات العالم العريض إن حقيقة سماوية تشع ذلك الخير وتنصح الناس بجدواه ... إن من أشد الرزايا على الناس انقسام حقائق الفطرة بينهم وذهاب كل فريق منهم بشطر منقوص يكمله بوحي الشيطان ثم يعيش وكان بين يديه الحق كاملا ... )

    ** بعض الفقرات في هذا البحث من كتابات الشيخ الغزالي رحمه الله ...
    د. السرداب من التوحيد
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #17
      كشف شبهات الملاحدة : القول بالتطورأو النشوء الذاتي للمادة والحياة
      فضيلة الشيخ سليمان الخراشى

      وذلك؛ في قولهم : إن الحياة إنما هي من نتاج المادة دون أن يكون وراءها شيء، بل تطورت ذاتيًّا، ونشأت تلقائيًّا حسب قوانين المادة التطورية، هذا ما يسمونه أيضًا بالقوانين الطبيعية.
      هذه الشبهة مؤلفة من ثلاثة جوانب:
      الجانب الأول: القول بالتطور الذاتي، وهذا ما كان يقول به الشيوعيون في بداية أمرهم.
      الجانب الثاني: القول بنظرية النشوء والارتقاء، هذا ما مالوا إليه بعدما سمعوا أن داروين قد أظهر هذا القول كالفرضية أو النظرية، دعمًا لمواقفهم السابقة.
      الجانب الثالث: القول بنسبة الخلق والحياة إلى الطبيعة، فهذا وإن كانوا في حقيقة أمرهم لا يُبالون بجانب البحث عن الخالق أو المسبب، إلاَّ أنهم قالوا بهذا القول رغم إنكارهم لذلك في كتاباتهم هروبًا من الكنيسة، وإله الكنيسة.
      الجانب الأول: القول بالتطور الذاتي:
      الرد عليه بما يلي:
      إن هذا القول إنما هو محاولة تفسيرهم لظاهرة الحياة في المادة، فإنهم لمَّا أنكروا وجود الخالق – جلاَّ وعلا – لزمهم أن يقولون: إن المادة الأولى للكون التي هي عديمة الحياة والإحساس والإدراك والفكر، قد ارتقت بالتطور الذاتي حتى نشأت الحياة، التي هي أكمل وأرقى من مادة الكون الأولى، ثم نشأت بعد ذلك في الحياة: الإحساسات الراقية، حتى مستوى الفكر، ووعي ما في الكون عن طريقه، وبذلك استطاعت المادة أن تعي ذاتها، متمثلاً ذلك في الجهاز الراقي الذي أبدعته بالتطور الذاتي، وهو الدماغ.
      قبل مناقشة هذه المسألة: لابدّ من طرح سؤال وهو: ما هو الدليل العلمي على أن الروح والفكر والإحساس ثمرة من ثمرات المادة؟
      إن أدق ما قدمته الشيوعية من برهان على هذه الدعوى إلى الآن هو: أن الحياة تنشأ عن الحرارة ، والحرارة بدورها تنشأ من الحركة، أي أن: الحركة + حرارة = حياة.
      ونحن نلجأ إلى نفس الأسلوب الذي تسير عليه الماركسية لضبط سلامة معارفنا، وهو التطبيق العلمي لنرى هل الحركة + الحرارة = الحياة؟
      ولنتساءل من الذي جمع هاتين الظاهرتين إلى بعضهما (بجهد من تطبيقه الخاص) بهذه البساطة أو بما شاء من التعقيد الكيميائي فاستخرج منها حقيقة الحياة؟... وهنا لابدّ أن يُعاد إلى الأذهان خبر المؤتمر الذي عقده ستة من علماء الحياة في كلٍّ من الرِّق والغرب في نيويورك 1959م، وكان فيهم العالم الروسي (أوبارين) أستاذ الكيمياء الحيوية في أكاديمية العلوم السوفيتية، أملاً في فهم شيء عن أصل الحياة ومنشأها على ظهر الأرض، وإلى معرفة مدى إمكان إيجاد الحياة عن طريق التفاعل الكيميائي.
      لقد قرر المجتمعون في نهاية بحوثهم بالإجماع (أن أمر الحياة لا يزال مجهولاً، ولا مطمع في أن يصل إليه العلم يومًا ما، وأن هذا السرّ أبعد من أن يكون من مجرد بناء مواد عضوية معينة وظواهر طبيعية خاصة).
      ثم إن الحقيقة التي أجمع عليها العلماء حتى الآن – مسلمهم وكافرهم – أن العلم لا يدري إلى اليوم شيئًا عن الحياة والروح، فهل تجميع الحرارة والحركة ينتج حياة بهذه البساطة؟ إن مما لا شك فيه أن كلاًّ من الحركة والحرارة من أبرز خصائص الحياة، ولكن من المفروغ منه في قواعد المنطق أن خواص شيءٍ ما ليست تعبيرًا عن الجوهر الذاتي الذي يقوم به؛ فالماء مثلاً في حالة الغليان يتصف بكلٍّ من الحركة والحرارة، وهكذا أن الحركة والحرارة خصيصتان من خصائص الحياة الدالة عليها كالأيدروجين والكربون والأوزون والأوكسجين، وغير ذلك من عناصر الحياة الأساسية، أما جوهر الحياة ذاته فشيء آخر لا يقف عليه إنسان.
      ولهذا قال «انجلز»: (ليس في مكنة العلم الطبيعي حتى الوقت الراهن أن يؤكد شيئًا بخصوص أصل الحياة)، فهذا اعتراف منهم على أنهم ما وصلوا في خصوص الحياة إلى نتيجة علمية ثابتة، وإنما هذه الأقوال دعاوى كاذبة، وأحاجي فارغة تناقض حتى المبادئ العقلية.
      فالإنسان ليس من صنع المادة؛ لأن المصنوع لا يحيط بصانعه، والإنسان قد أحاط بصورة المادة وخرج بها إلى دائرة الأثير، بل إلى عمليات رياضية فكرية في قدرة الإنسان أن يحتويها، وهذا لا يأتي إلا إذا كان في طبيعة الإنسان شيء يعلو على مكونات المادة، شيء مفارق لكل خصائصها المعروفة.
      فمادة الكون الأولى، التي ليس فيها مركبات متقنة، وليس فيها حياة ولا إحساس ولا وعي، لا تستطيع أن ترقى إلى الكمال ارتقاءً ذاتيًّا، ولا تستطيع أيضًا أن تصنع أجزاءً فيها هي أكمل منها وأرقى، وذلك؛ لأن فاقد الشيء لا يُعطيه، وصنع الناقص لما هو أرقى منه نظير تحول العدم إلى الوجود تحولاً ذاتيًّا؛ لأن القيمة الزائدة قد كنت عدمًا محضًا، والعدم المحض لا يُخرجه إلى الوجود إلا قوة مكافئة له، أو أقوى منه، والمادة العمياء الصماء الجاهلة لم تكن أقوى ولا مكافئة لمادة حيّة مريدة ذات وعي وإحساس، بل هي أقل قيمة منها، فهي إذن عاجزة بداهة عن إنتاج ما هو خير منها.
      فهذه الدعوى – دعوى وجود الحياة نتيجة التطور الذاتي – كانت تقول بها الشيوعية في بداية أمرها، وكانت تقول: إن المادة تتطور من كمية إلى كيفية، ومصادفة يحدث في المادة شيء آخر، والحياة ما هي إلا نتيجة من نتائج هذه المصادفة في المادة في بعض مراحل تطورها، وتُمثل الشيوعية لها بالماء إذا زاد في غليانه يزيد في الحرارة، ولكن لما تصل الحرارة إلى 100% فإنه يصبح بخارًا، فأخذ شكلاً آخر في بعض تطورها، فيقال لهم: إن التطور في مثل هذه الأشياء أحدث شيئًا آخر ولكن ليس لذاتها، بل بفعل فاعل، ثم إن حدوث البخار من الماء شيء يمكن إثباته بالتجربة، فهل الحياة مثل هذا؟ هل يمكن إثبات الحياة في مادة ميتٍ ما على سبيل التجربة؟
      ثم إن هذا المبدأ من مبادئ الماركسية، لا يمكن أن يعتبر قانونًا عامًّا ينطبق على كل حركة تطور في الطبيعة، فالعلوم المادية الإنسانية لا تقرر به، وهو وإن صدق ببعض الأمثلة، فإنه لا يصدق بآلاف الأمثلة الأخرى.
      إن التراكم في الكم لا يقتضي دائمًا التطور في الكيف، ما لم يكن نظام ذلك الشيء يقتضي ذلك، إن الملاحظة تُثبت أن لكل حالة تطور في الكون شروطًا معينة في أنظمته وسننه الثابتة، فمتى استوفيت هذه الشروط تحقق التطور، فمثلاً:
      أ- بيضة الدجاجة الملّقحة إذا وجدت ضمن حرارة ذات مقدار معين، ورطوبة ذات مقدار معين، بدأ جنينها يتكون تدريجيًّا حتى يتكامل داخل القشرة، وفي نهاية ثلاثة أسابيع يكون قد تكامل، وبدأ ينقر القشرة من الداخل حتى يكسرها، وعندئذ يخرج من غُلافه إلى الهواء، ليبدأ رحلة حياته إلى الأرض.
      لقد حصل التطور، ولكن على خلاف المُدَّعَى في المبدأ الماركسي، فلا تراكم الحرارة هو الذي أحدث ظاهرة التغير، ولا تراكم الرطوبة، بل ثبات درجة الحرارة، وثبات درجة الرطوبة، قد ساعدا على تكوّن جنين البيضة تكونًا تدريجيًّا، ضمن الوقت المخصص في نظام الكون لتكامل تكوينه، ولو أن الحرارة تراكمت أكثر من المقدار المحدَّد في نظام التكوين لسُلقت البيضة، ولهلكت نواة جنينها، ولو زاد هذا التراكم لاحترقت البيضة.
      فنظام الكون هو نظام تحديد مقادير لكل شيء، ضمن خطط ثابتة، وليست تغيراته ثمرة تراكمات، هذه هي الحقيقة التي تدل عليها الملاحظات والتجارب العلمية، وهي التي أعلنها الله عز وجل بقوله: ]وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ[.
      إن هذا المثال كافٍ لنقض فكرة التراكم المدعاة في المبدأ الشيوعي، الذي يعتبرونه قانونًا شاملاً لكل تطور في الوجود، وهو أيضًا كافٍ لنقض فكرة التطور السريع المفاجئ، إذ الأمور تتطور في الغالب تطورًا تدريجيًّا.
      ب- والكائنات الحية تبدأ حركة بنائها منذ لحظة التقاء خلية لقاح الذكر بخلية بيضة الأنثى، ويسير بناء الكائن في نمو متدرج، حتى إذا استوفى الشروط اللازمة لظهور الحياة فيه دبَّت الحياة فيه، ثم يسير ضمن نظام نمو متدرج، حتى إذا استكمل نموه الجنيني، تمخضت عنه أمه فولدت، ثم يسير في نمو تدريجي أيضًا حتى يبلغ، ويتدرج في النماء حتى يكون شابًّا، فكهلاً، ثم يعود إلى طور الانحدار، فيصير شيخًا، فهرمًا، ثم يقضي أجله المقدر له، فيموت، فيتفسّخ جسمه، ويعود ترابًا كما بدأ من التراب، وقد يموت في أيّ مرحلة من المراحل السابقة، فينحدر ويعود إلى مثل مرحلة البدء، دون أن يمرّ في المراحل المعتادة للأحياء، وتخضع كل المراحل لنظام المقادير المحددة في كل شيء: في العناصر، وفي الصفات، وفي الزمان، وفي درجة الحرارة، وفي سائر ما يلزم لتكوين الحي، وإعداده لأداء وظائفه.
      هذا المثال الثاني كافٍ أيضًا لنقض كل ما قالوا في مبدأ التطور، ففكرة التراكم المقررة في المبدأ فكرة منقوضة، ذلك؛ لأن الأحياء تخضع لنظام المقادير المحددة سواء في جواهرها وأعراضها، ولا تخضع لفكرة التراكم الكمي، وفكرة التطور السريع المفاجئ المقررة في المبدأ الشيوعي منقوضة أيضًا؛ لأن الأحياء تسير وفق نظام البناء المتدرج، لا وفق التطور السريع المفاجئ، (أو الصدفة – كما يقولون-).
      فهذان المثالان من آلاف الأمثلة في نقض أقوال الشيوعية في القول بالتطور – على التفسير الذي يريدونه – وبنقض مبدأ التطور ينقض أيضًا مبدؤهم القائل بأن الحياة وظيفة من وظائف المادة، متى وصل تركيبها إلى وضع خاص بالتطور، فإن آخر ما توصلت إليه العلوم الإنسانية التي قام بها الغربيون والشرقيون الماركسيون، والتي أنفقوا في سبيلها ألوف الملايين، وعشرات السنين، قد انتهت إلى قرار علمي جازم هو أنه لا تتولد الحياة إلاّ من الحياة، وأن وسائل العلوم الإنسانية لا تملك تحويل المادة التي لا حياة فيها، إلى أدنى وأبسط خلية حية.
      وبما أن الوعي مرتبط بالحياة فهو مظهر من مظاهرها، وصِفة من صفاتها، فلا سبيل للمادة الميتة أن يكون الوعي أحد وظائفها، مهما كانت عالية التنظيم.
      فالعلوم الإنسانية، قد كفتنا مهمة إبطال هذا المبدأ من مبادئ الماركسية وسائر الماديين الملحدين.
      على أن مبدأهم هذا هو في الأساس ادعاء غير مقترن بأيّ دليلٍ عقلي أو علمي، وهو من لوازم مبدئهم الأول الباطل الذي يرون فيه أن المادة هي أساس الوجود وجوهره.
      الجانب الثاني: القول بنظرية النشوء والارتقاء:
      وكما سبق أن هذا ما مالوا إليه بعدما سمعوا أن داروين قد أظهر هذا القول، فوجدوا فيه غايتهم المنشودة، فقالوا بها دعمًا لمواقفهم السابقة، وقالوا: انتصرت المادة.
      يقول (جون لويس): (لقد حول داروين ما كان يجول بخاطر العديد من المفكرين إلى فكرة ممكنة مقنعة، وهي أن عالم الحيوان لم يوجد نتيجة خلق واحدة، بل هو ثمرة تغيرات ارتقائية عملت على تحويل الأنواع التي ظهرت في عصور مبكرة إلى الأشكال الأكثر تعقيدًا، والتي ظهرت في عصور متأخرة... والإنسان نفسه لم يُخلق بفعل خاص منفصل، بل هو ثمرة الارتقاء، ونظرية الارتقاء لا تستبعد قوى ما فوق الطبيعة من عملية الخلق فحسب، بل تضع بدل هذه القوى: تطور الحياة الطبيعي، وقد كان هذا تجديدًا مدهشًا).
      فهذا القول يُظهر لنا مدى تأثر الماديين بهذه النظرية الخبيثة، وسيأتي بيان مجمل لهذه النظرية مع الرد عليها فيما بعد.
      الجانب الثالث: القول بوجود الخلق من الطبيعة:
      سبق أن ذكرنا: أن المادة والطبيعة عندهم شيء واحد، ولكنهم لما وجدوا ضغوطًا من الكنائس البابوية المنحرفة قالوا: الخلق إنما هو من الطبيعة. فلينظر مدى صحة هذا القول، وهل الطبيعة تصلح أن تكون خالقًا؟
      في الحقيقة: إن هذه فرية راجت في عصرنا هذا، راجت حتى على الذين – يظنون أنهم – نبغوا في العلوم المادية، وعلل كثيرون وجود الأشياء وحدوثها بها، فقالوا: الطبيعة هي التي تُوجد وتحدثُ.
      وهؤلاء نوجه إليهم هذا السؤال: ماذا تريدون بالطبيعة؟ هل تعنون بالطبيعة ذوات الأشياء؟ أم تريدون بها السنن والقوانين والضوابط التي تحكم الكون؟ أم تريدون بها قوة أخرى وراء هذا الكون أوجدته وأبدعته؟
      فإننا نرى: أن الطبيعة في اللغة: السجية.
      أمَّا في عقول الناس اليوم فلها مفاهيم:
      المفهوم الأول: أنها عبارة عن الأشياء بذاتها، (الكون نفسه)، فالجماد والنبات والحيوان كل هذه الكائنات هي الطبيعة.
      وهو مفهوم غير دقيق وحكم غير سديد، فإن هذا القول يصبح ترديدًا للقول السابق بأن الشيء يوجد نفسه – بأسلوب آخر، أي أنهم يقولون: الكون خلق الكون، فالسماء خلقت السماء، والأرض خلقت الأرض، والكون خلق الإنسان والحيوان، هذا القول لا يخرج بالطبيعة بالنسبة لخلق الوجود عن تفسير الماء بالماء، والأشياء أوجدت ذاتها، فهي الحادث والمُحدِث، وهي الخالق والمخلوق في الوقت ذاته، وقد سبق بيان كون العقل الإنساني يرفض التسليم بأن الشيء يوجِد نفسه، كما أن الشيء لا يخلق شيئًا أرقى منه، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعًا ولا بصرًا، فكيف تخلق إنسانًا سميعًا بصيرًا عليمًا؟ هذا لا يكون، فبطلان هذا القول بيّن، فهو لا يخلو عن أمرين:
      1- إمّا ادعاء بأن الشيء وجد بذاته من غير سبب.
      2- وإمّا ازدواج الخالق والمخلوق في كائنٍ واحد، فالسبب عين المسبب، وهو مستحيل، بل هو من التهافت والتناقض بحيث لا يحتاج إلى الوقوف والشرح.
      فإن قالوا: خلق كل ذلك مصادفة، يقال: ثبت لدينا يقينًا أن لا مصادفة في خلق الكون – كما سيأتي-.
      وكان مما ساعد على انتشار هذا القول: نظرية التولد الذاتي، وكان من أدلتها: ما شاهده العلماء الطبيعيين من تكوّن (دود) على براز الإنسان أو الحيوان، وتكون بكتيريا تأكل الطعام فتفسده، فقالوا: ها هي ذي حيوانات تتولد من الطبيعة وحدها، وراجت هذه النظرية التي مكنّت للوثن الجديد (الطبيعة) في قلوب الضالين والتائهين بعيدًا عن هدي الله الحق، لكن الحق ما لبث أن كشف باطل هذه النظرية على يد العالم الفرنسي المشهور (باستير) الذي أثبت أن الدود المتكون والبكتيريا المتكونة المشار إليها لم تتولد ذاتيًّا من الطبيعة، وإنما من أصول صغيرة سابقة لم تتمكن العين من مشاهدتها، وقام بتقدير الأدلة التي أقنعت العلماء بصدق قوله، فوضع غذاء وعزله عن الهواء وأمات البكتيريا بالغليان، فما تكونت بكتيريا جديدة ولم يفسد الطعام، وهذه هي النظرية التي قامت عليها الأغذية المحفوظة (المعلبات).
      وبهذا يظهر بطلان هذا المفهوم للطبيعة جليًّا وبينًا.
      المفهوم الثاني: أن الطبيعة عبارة عن القوانين التي تحكم الكون؛ بمعنى أنها تعني صفات الأشياء وخصائصها، فهذه الصفات من حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة، وملاسة وخشونة، وهذه القابليات: من حركة وسكون، ونمو واغتذاء، وتزاوج وتوالد، كل هذه الصفات والقابليات: هي الطبيعة.
      إن هذا تفسير الذين يدَّعون العلم والمعرفة من القائلين بأن الطبيعة هي الخالقة، فهم يقولون: إن هذا الكون يسير على سُنن وقوانين تسيّره وتنظم أموره في كل جزئية، والأحداث التي تحدث فيه تقع وفق هذه القوانين، مثله كمثل الساعة التي تسير بدقة وانتظام دهرًا طويلاً، فإنها تسير بذاتها دون مسيّر.
      الردود:
      1- إن هذا القول ليس جوابًا، وإنما هو انقطاع عن الجواب، وذلك؛
      إن هؤلاء في واقع الأمر لا يُجيبون عن السؤال المطروح: من خلق الكون؛ ولكنهم يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمل الكون بها، هم يكشفون لنا كيف يعمل القوانين في الأشياء، ونحن نريد إجابة عن موجِد الكون وموجِد القوانين التي تحكمه.
      (كان الإنسان القديم يعرف أن السماء تُمطر، لكننا اليوم نعرف كل شيء عن عملية تبخر الماء في البحر، حتى نزول الماء على الأرض، وكل هذه المشاهدات صور للوقائع، وليست في ذاتها تفسيرًا لها، فالعلم لا يكشف لنا كيف صارت هذه الوقائع قوانين؟ وكيف قامت بين الأرض والسماء على هذه الصورة المفيدة المدهشة، حتى إن العلماء يستنبطون منها قوانين علمية؟
      إن ادعاء الإنسان بعد كشفه لنظام الطبيعة أنه قد كشف تفسير الكون ليس سوى خدعة لنفسه، فإنه قد وضع بهذا الادعاء حلقة من وسط السلسلة مكان الحلقة الأخيرة).
      2- الطبيعة لا تفسّر شيئًا (من الكون)، وإنما هي نفسها بحاجةٍ إلى تفسير، وذلك؛ (لو أنك سألت طبيبًا: ما السبب وراء احمرار الدم؟).
      لأجاب: لأن في الدم خلايا حمراء، حجم كل خلية منها 1/700 من البوصة.
      - حسنًا، ولكن لماذا تكون هذه الخلايا حمراء؟
      - في هذه الخلايا مادة تُسمّى (الهيموجلوبين)، وهي مادة تحدث لها الحمرة حين تختلط بالأكسجين في القلب.

      - هذا جميل، ولكن من أين تأتي هذه الخلايا التي تحمل (الهيموجلوبين)؟

      - إنها تُصنع في كبدك.

      - عجبًا! ولكن كيف ترتبط هذه الأشياء الكثيرة من الدم والخلايا والكَبِد وغيرها، بعضها ببعض ارتباطًا كليًّا وتسير نحو أداء واجبها المطلوب بهذه الدقة الفائقة؟

      - هذا ما نُسميه «بقانون الطبيعة».

      - ولكن ما المراد «بقانون الطبيعة» هذا يا سيادة الطبيب؟

      - المراد بهذا القانون هو: الحركات الداخلية العمياء للقوى الطبيعية والكيماوية.

      - ولكن لماذا تهدف هذه القوى دائمًا إلىنتيجة معلومة؟ وكيف تُنظم نشاطها حتى تطير الطيور في الهواء، ويعيش السمك في الماء، ويوجد إنسان في الدنيا، بجميع ما لديه من الإمكانيات والكفاءات العجيبة المثيرة؟

      - لا تسألني عن هذا ، فإن علمي لا يتكلم إلاَّ عن (ما يحدث)، وليس له أن يجيب: (لماذا يحدث؟).

      هكذا يتضح من هذه الأسئلة عدم صلاحية العلم الحديث لشرح العلل والأسباب وراء هذا الكون، وأن من أمعن النظر في تعبير الطبيعيين يجد أنها جميعها أفعال مبنية للمجهول؛ لجهلهم أو تجاهلهم الفاعل الحقيقي.
      3- إن مبدأ السببية متفق عليه بين المؤمنين والملحدين نظريًّا، فأين تطيقه عمليًّا؟ والمراد بالسببية هنا: أن الإنسان الذي أنعم الله عز وجل عليه بالعقل، منذ أن أشرقت أشعة عقله على الوجود بدأ يتساءل ولا يزال وسيبقى يتساءل عن بداية نشأته، وأين سينتهي مصيره؟ ويتساءل عن هذه الموجودات، والكائنات، كيف وجدت؟ ومن أوجدها؟ وما هي الأسباب الكامنة وراءها؟
      هذا المبدأ من المبادئ الثابتة التي لم تتغير على مدى التاريخ، وهو محل اتفاق بين المؤمنين والملحدين، أما المؤمنون فيقولون به نظريًّا وعمليًّا، وهذا أشهر من أن يقام عليه دليل، أمّا الملحدون، فهؤلاء أيضًا قالوا به نظريًّا، والدليل عليه ما يلي:
      يقول «سبركين وياخوت»: (نواجه دائمًا في نشاطنا سؤالاً عن علل هذه الظواهر أو تلك، وهو أحد الأسئلة التي تساعد على تبيّن الطبيعة الداخلية للظواهر التي تجري حولنا والتوصل إلى جوهرها، ولم يكن عبثًا؛ أن كتب الفيلسوف اليوناني «ديموقريطس» يقول: (لأفضّل أن أجد السبب الحقيقي ولو لظاهرة واحدة من أن أصبح قيصرًا على بلاد فارس). فإذن، ماذا تعني مقولتنا (السبب) و(النتيجة)؟ تعرف من الخبرة أنه (لا شيء) لا ينتج شيئًا، وكل ظاهرة لها ما يُولدها، وهو الذي يُسمّونه (السبب). السبب هو: ما يخلق وينتج ويولد ظاهرة أخرى، وما ينتج تحت تأثير السبب يُسمّى نتيجة أو فعلاً).
      فهذا المبدأ العام الذي اعترف به الماديون الملحدون وأخذوا به من الناحية النظرية هل طبقوه من الناحية العملية؟
      هذا ما سيتضح لنا عندما يطرح سؤال – وهو مثار خلاف جذري بين المؤمنين من جهة، وبين الماديين الملحدين من جهة أخرى- وهو:
      ما هو السبب الكامن وراء هذا الوجود من أرض وسماوات ونبات وحيوانات وإنسان وغيره من المخلوقات؟
      هذا السؤال نجد الإجابة عليه جاهزة وميسرة ومتوفرة عند الماديين، وهي أن هذا من الأمور الميتافيزيقية التي لا تهمنا بحالٍ من الأحوال، ولا نشغل عقولنا بها؛ لأنها أمور تافهة، والبحث عنها مضيعة للوقت، فكل شيء يخالف نظريتهم – ولو كان صحيحًا – لا يأخذون به ويصمونه بوصمة عار عندهم وهي إرجاعه إلى الميتافيزيقية، أو المثالية التي هي في عرفهم عدوة للعلم، فهم لا يعرفون إلا العالم المادّي، هذا العالم وجد، ولا خالق له، وبالتالي فليس له سبب أول أوجده.
      وقد كتب «لينين» بصدد المفهوم المادّي عند فيلسوف العهد القديم (هيراكليت) يقول في ترجمة حرفية: (العالم، وحدة الكل، لم يخلقه أي إله ولا أيّ إنسان، ولكن كان وسيبقى نارًا حية أزليًّا تشتعل وتنطفئ بموجب قوانين... هذا عرض جيد جدًّا لمبادئ المادية الجدلية).
      في هذا النص نرى أن «لينين» نفى السبب الأول في إيجاد العالم المادّي، وهذا نفي صريح للقانون الذي قرروه هم أنفسهم، حين وقفوا في تفسيره عند حدود معينة لم يتجاوزوها؛ لأن تجاوز هذه الحدود يؤدّي بهم إلى الاعتراف بخالق الكون، ومن ثَمَّ الاعتراف بالأديان، وهذا ما لا يرضونه.
      والمقصود: بيان كون تفسيرهم لمظاهر الكون في وجوده وتغيره بالطبيعة وعدم تفسيرهم للطبيعة إنما هو هروب منهم لقانون السببية – المعترف به لديهم – فإن تطبيقهم العملي لهذا القانون سيؤديهم حتمًا إلى الاعتراف بخالق للكون. وهذا ما لا يستيسغونه مطلقًا.
      وبهذا يظهر بطلان هذا المفهوم (الثاني) أيضًا للطبيعة، فما بقي إلاَّ أن يقولوا بالمفهوم الثالث حتمًا، وإن كانوا ينكرونه بشدة لما يترتب على الاعتراف به من إثبات وجود الله وبالتالي بمستلزمات هذا الإثبات التي هي عبادة الله وحده لا شريك له. وهذا المفهوم الثالث بيانه ما يلي:
      المفهوم الثالث: أن يقول: إن الطبيعة قوة أوجدت الكون، وهي قوة حيّة سميعة بصيرة حكيمة قادرة.. فإننا نقول لهم: هذا صواب وحق، وخطؤكم في أنكم سمّيتم هذه القوة (الطبيعة)، وقد دلتنا هذه القوة المبدعة الخالقة على الاسم الذي تستحقه وهو (الله)، وهو عرفنا بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فعلينا أن نُسمّيه بما سمّى به نفسه سبحانه وتعالى.
      قال ابن القيم: (وكأنّي بك أيها المسكين تقول: هذا كله من فعل الطبيعة، وفي الطبيعة عجائب وأسرار! فلو أراد الله أن يهديك لسألت نفسك بنفسك، وقلت: أخبريني عن هذه الطبيعة، أهي ذات قائمة بنفسها لها علم وقدرة على هذه الأفعال العجيبة؟ أم ليست كذلك؟ بل عرض وصفة قائمة بالمطبوع تابعة له محمولة فيه؟
      فإن قالت لك: بل من ذات قائمة بنفسها، لها العلم التام والقدرة والإرادة والحكمة، فقل لها: هذا هو الخالق البارئ المصوّر، فلم تسمّيه طبيعة؟!
      ويا لله! عن ذكر الطبائع يرغب فيها** فهلاّ سميتَه بما سمّى به نفسه على ألسن رسله ودخلتَ في جملة العقلاء والسعداء، فإن هذا الذي وصفته به الطبيعة صفته تعالى.
      وإن قالت لك: بل الطبيعة عرض محمول مفتقر إلى حامل، وهذا كله فعلها بغير علم منها ولا إرادة ولا قدرة ولا شعور أصلاً، وقد شوهد من آثارها ما شوهد!
      فقل لها: هذا ما لا يصدقه ذو عقل سليم، كيف تصدر هذه الأفعال العجيبة والحكم الدقيقة التي تعجز عقول العقلاء عن معرفتها وعن القدرة عليها ممّن لا فعل له ولا قدرة ولا شعور؟ وهل التصديق بمثل هذا إلاَّ دخول في سلك المجانين والمبرسمين.
      ثم قُل لها بعد: ولو ثبت لك ما ادعيت فمعلوم أنّ مثل هذه الصفة ليست بخالقة لنفسها ولا مبدعة لذاتها، فمن ربّها ومُبدعها وخالقها؟ ومن طبعها وجعلها تفعل ذلك؟ فهي إذن من أدل الدليل على بارئها وفاطرها وكمال قدرته وعلمه وحكمته، فلم يُجْدِيْكَ تعطيلك ربّ العالم جحدك لصفاته وأفعاله إلاَّ مخالفتك العقل والفطرة.
      ولو حاكمناك إلى الطبيعة لأريناك أنك خارج عن موجبها، فلا أنت مع موجب العقل، ولا الفطرة، ولا الطبيعة، ولا الإنسانية أصلاً، وكفى بذلك جهلاً وضلالاً، فإن رجعت إلى العقل وقلت: لا يوجد حكمة إلا من حكيم قادر عليم، ولا تدبير متقن إلاَّ من صانع قادر مدبّر عليم بما يريد قادر عليه، لا يُعجزه ولا يصعب عليه ولا يؤوده.
      قيل لك: فإذن أقررت – ويحك – بالخلاق العظيم الذي لا إله غيره ولا ربّ سواه، فدَع تسميته طبيعة أو عقلاً فعالاً أو موجبًا بذاته، وقل: هذا هو الله الخالق البارئ المصوّر ربّ العالمين، وقيوم السماوات والأرضين، وربّ المشارق والمغارب، الذي أحسن كل شيء خَلَقَه، وأتقن ما صنع، فما لك جحدت أسماءه وصفاته – بل وذاته – وأضفت صُنعه إلى غيره وخلقَه إلى سواه؟ مع أنك مضطر إلى الإقرار به وإضافة الإبداع والخلق والربوبية والتدبير إليه ولا بدّ، فالحمد لله رب العالمين.
      على أنك لو تأمّلت قولك: (طبيعة) ومعنى هذه اللفظة، لدلّك على الخالق الباري لفظها كما دلّ العقولَ عليه معناها؛ لأن (طبيعة) فعلية بمعنى مفعولة، أي مطبوعة، ولا يحتمل غير هذا ألبتة؛ لأنها على بناء الغرائز التي ركبت في الجسم ووضعت فيه كالسجية والغريزة، والبحيرة والسليقة، والطبيعة؛ فهي التي طبع عليها الحيوان وطبعت فيه.
      ومعلوم أن طبيعة من غير طابع لها محال، فقد دلَّ لفظ الطبيعة على الباري تعالى كما دلَّ معناها عليه.
      والمسلمون يقولون: إن الطبيعة خلق من خلق الله مسخر مربوب، وهي سنة في خليقته التي أجراها عليه، ثم إنه يتصرف فيها كيف شاء وكما شاء، فيسلبها تأثيرها إذا أراد، ويقلب تأثيرها إلى ضدّه إذا شاء؛ ليُريَ عباده أنه وحده البارئ المصوّر، وأنه يخلق ما يشاء، ]إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[. وإن الطبيعة التي انتهى نظر الخفافيش إليها إنما هي خلق من خلقه بمنزلة سائر مخلوقاته..).
      ) المرجع : رسالة : الشرك في القديم والحديث ، للأستاذ أبوبكر محمد زكريا ، 2 / 712-730) .
      عن منتدى التوحيد
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق


      • #18
        الإلحاد ونظرته للأنثى

        نظرية الانتقاء الجنسي

        نظرًا لفشل قانون الانتخاب الطبيعي في تفسير الكثير من المشاهدات العلمية، فقد تحول البحث إلى تبني نظرية جديدة تستوعب جميع المشاهدات والجوانب العلمية في مختلف العلوم الإنسانية والحيوية، من هنا كانت انطلاقة نظرية الانتقاء الجنسي.

        تعود هذه النظرية إلى أواخر القرن التاسع عشر، حين تنبه العالم دارون إلى أن قانون الانتخاب الطبيعي لا يتفق مع تواجد ذيل الطاووس، إذ أن هذا الذيل الضخم يعيق صاحبه عن الحركة بسرعة سواء في الهرب من مفترسيه أو لحاقًا بطعامه، فتحولت الملاحظة نحو الجانب الجمالي لهذا الذيل والذي يساعد صاحبه على إغراء الإناث وجذبهم إليه أكثر من نظرائه من الطواويس.

        عندها لم تعد فكرة البقاء للأصلح ( القوة والسلاح) هي الوحيدة المحددة لسير نظام التطور، بل صارت تسير جنبًا إلى جنب مع نظرية الانتقاء الجنسي، وأيما مشكلة ظهرت، كانت إحدى هذه النظريتين لها بالمرصاد.

        لقد ميز دارون بين تنافس الذكور على الإناث، وبين اختيار الأنثى للذكر، فالأولى تورث صفات القوة والأسلحة للأبناء (حيث أن الذكر الأقوى هو الذي يظفر بالأنثى)، والثانية تورث صفات الجمال للسلالة (لأن الإناث يفضلن الذكر الأكثر جاذبية).

        لقد كانت هذه الأفكار التي بذرها دارون في تفسير التنوع الشكلي والتطوري في الكائنات الحية مصدر انزعاج وهدف هجوم للكثير من الأشخاص، إذ أن فكرة كون الأنثى هي المسؤولة عن دفع عجلة التطور أمرًا غريبًا شاذًا هاجمه ألفرد راسل وفرويد ووالاس والمدرسة المندلية في الثلاثينات من القرن الماضي، وبقيت هذه النظرية شاذة مهملة منسية لغاية السبعينات من القرن المنصرم، حين ابتدأت بذورها بالنمو مجددًا. وتعد هذه النظرية هي الأولى في التاريخ التي تحقق نجاحًا بعد مائة سنة تقريبًا من وضعها !!

        فيشر (1920) كان أحد أنصار هذه النظرية، وعمل على تعديلها تحت مسمى (الانتقاء الجنسي المستمر)، حيث افترض وجود نوع من التغذية الراجعة المحفزة بين الصفات المحسَنة في الذكر وبين انتقاء الأنثى له، يعمل كل منهما على تقوية الآخر واستمراره، وقد هوجم فيشر أيضًا وهُمشت نظريته التي ما لبثت أن عادت بقوة في الثمانينات بعد أن وُجد انسجامها مع دراسات علم السلوك في الحيوانات.

        لقد وقفت هذه النظرية المدفونة من جديد وفرضت نفسها على كافة العلماء المؤيدين والمخالفين لها نظرًا لانسجامها مع العلوم الإنسانية والحيوية المختلفة، وأحدثت نوعًا من الثورة المعرفية السريعة وشكلت أساسًا يفسر –بشكل غريب- علم النفس والسلوكيات والعلوم الإنسانية وعلم المجتمع والأحياء والرئيسيات والتطور والوراثة كلها متجمعة !

        الانتقاء الجنسي في البشر
        Hominids

        كما أسلفنا، فقد كان الخلاف في هذه النظرية حول أيهما أرجح: التنافس الذكري؟ أم الاختيار الأنثوي، ولما مالت الكفة لصالح الأنثى، كان لزامًا علينا أن نعرف على ماذا يقوم الاختيار الأنثوي للجنس.

        يروي علماء التطور أننا (أسلافنا من الرئيسيات) جئنا نتيجة نوع من التزاوج يسمى متعدد الذكور- متعدد الإناث polymale polygyny، حيث يتكون القطيع من مجموعة من الذكور المتآلفين مع مجموعة من الإناث، وتكون السيادة للذكور الأقوى، بينما الذكور الأضعف يتولون حماية الإناث والأطفال، وتأتي أهمية الذكور الأقوياء في توريث صفات القوة والعنف وسيادة هذا التآلف.

        يتنافس أقوياء الذكور على ممارسة الجنس مع الإناث الشبقات oestrus females، حيث أن وجود هذا النوع من الإناث هو من أهم عوامل نقل الصفات، فهو يعطي حقلاً نموذجيًا للتنافس المنوي بين الذكور، وعددًا أكبر من الاتصالات الجنسية مما يزيد احتمال فرص الانتقاء لصفات القوة وتوريثها. فالعملية الجنسية تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، لذا فإن الذكر القوي يمكنه تفريغ حيوانته المنوية في الأنثى الشبقة مرة بعد مرة مع تحمله للطاقة المستهلكة، وكلما كانت الحيوانات المنوية "قوية" كلما زادت فرصة توريثها لتلك الصفات القوية! كما أن تناوب الذكور الأقوياء على هذه الشبقة يتيح الفرصة أمام الحيوانات المنوية المختلفة للتنافس فيما بينها ومن ثم الفوز لأقواها!

        هذا يمثل جانب التنافس الذكوري في نظرية الانتقاء الجنسي، والذي يتفق مع قانون الانتخاب الطبيعي المتمثل في البقاء للأصلح وتوريث صفات القوة والصلاح للنسل بين أعضاء متفاوتين في نفس النوع، ولنأتِ الآن للجانب الأنثوي من هذه النظرية والتي يقع عليها المسؤولية الكبرى في ظهورنا نحن البشر من أفراد وأشكال وصفات ومجتمعات!


        اختيار الأنثى للذكر

        يحظى البشر بصفة الازدواج الشكلي الجنسي sexual dimorphism، حيث يختلف الذكر عن الأنثى في حجم الجسم وشكله الخارجي (يضيف البعض القدرات الذهنية مع التحفظ عليها لوجود جدل كبير)، وهذه الخصيصة أتت من نظرية الانتقاء الجنسي.

        وقد احتوت بعضًا من عيوب الجانب الأول من النظرية، فتنافس الذكور لا يولي اهتمامًا بالأساس الذي ينتقي فيه الذكر الأنثى باستثناء الشبق، وهذا لا يورث إلا صفات القوة ولا يفسر ظهور البشر بشكلهم الحالي.
        كما أن استقراء سلوك الحيوانات والرئيسيات ينفي وجود الاغتصاب القهري للأنثى إلا في النذر اليسير، وهذا يناقض فكرة التنافس الذكوري الذي لا يفترض دورًا للأنثى باستثناء الشبق، فالأنثى الرافضة للاتصال الجنسي لا يمكن للذكر اغتصابها.

        لقد فسر دارون تطور الأعضاء التناسلية عن طريق الانتخاب الطبيعي فقط، فالقضيب الضخم يوفر حيوانات منوية بكمية أكبر وبنوعية أفضل من القضيب الصغير، إلا أن هذا التفسير خاطئ علميًا ولا علاقة لنوعية الحيوانات المنوية بحجم القضيب، مما دفع نظرية الانتقاء الجنسي للتدخل وتفسير تطور الأعضاء التناسلية بأنه نتيجة اختيار الأنثى! فالإناث كن يفضلن القضيب الضخم وهكذا وصلتنا القضبان الضخمة نسبيًا !

        ثم إن الإناث اللواتي يتمتعن بالرعشة عند النشوة الجنسية female orgasm، هن أفضل من غيرهن من الإناث، إذ أن هذه الرعشة تساعد على شفط الحيوانات المنوية إلى الداخل أكثر! وتحفظها من السقوط خارج جسمها إذا تحركت بعد ممارسة الجنس!

        كما أن الإناث اللواتي لهن بظر كبير الحجم أفضل من غيرهن وأكثر مساهمة في إعطاء السلالة التي منها نحن! فهذا البظر الكبير لا يشبعه إلا قضيب نظير له في الكبر! وبالتالي فإن الأنثى في الماضي كانت تختار الذكر ذو القضيب الضخم ليشبع رغبتها الجنسية ويوصلها إلى النشوة والرعشة المضاعِفة للفائدة، وكل هذا أدى إلى إيصال هذه الصفة الذكورية إلينا! وفي المقابل أوصلت إلى إناثنا الآن صفة الرعشة الجنسية والتي توجد في الجنس البشري ويندر وجودها في الأنواع الأخرى، وهذا مثال على نظرية فيشر في التغذية الرجعية المحفزة، فكلا الصفتين تدعمان بعضهما البعض.

        هذه بعض الأمثلة فقط على تفسير هذه النظرية لظهور صفاتنا نحن البشر واختلافها عن نظائرنا من الرئيسيات الأخرى، ولو أكملنا الكلام، فلن يزيدنا إلا اشمئزازًا.


        الانتقاء الجنسي وتطور العقل البشري


        لم تترك نظرية الانتقاء الجنسي المجال للنظرية الانتخاب الطبيعي بالاستمرار في تفسيرها لتطور الدماغ البشري وما لحقه من عمليات التفكير والحساب واللغة، فقد فشل الانتخاب الطبيعي في تعليل التطور المفاجئ للدماغ البشري والذي في فترة مليوني سنة تقريبًا تضاعف ثلاثة أضعاف حجمه الأصلي، ثم توقف هذا التطور فجأة مرة أخرى قبل مائة ألف سنة، بينما لم يحدث نفس الشيء لبقية الرئيسيات الأخرى والتي تعيش في نفس البيئة، فتولت نظرية فيشر المهمة مرة أخرى وفسرتها في ضوء التغذية المحفزة والتي –حسب ادعائهم- يمكنها تسريع توالد الصفات المحسنة ولأنها لا ترتبط بالظروف البيئية المحيطة.

        فالذكر الذي يتمتع بذكاء أكثر من قرنائه يحظى باهتمام الأنثى أكثر، إذ يمكنه خداعهن والحظوة بهن، أو إغراؤهن بطرق ذكية، أو توفير الحماية والطعام لهن بشكل أكبر من غيره، أو أن يكون مرشدًا لهن في التعامل مع المشاكل والمعارك والصيد والأمراض، أو أن يكون مسليًا لهن ويبتدع طرق جديدة في الممارسة الجنسية.

        كل هذا يندرج تحت مسمى الإبداع الجديد neophilia، وأرجو من القارئ ألا يظن أنني أمزح حين أقول له أن هذه الفكرة هي ما يبني عليه علماء النفس التطوري كل ما نحن عليه الآن من علوم الفنون والآداب والموسيقا والذكاء والتفكير والحساب والسياسة واللغة والأزياء والرقص والإباحية الجنسية!!! فهذه الإبداعات حكر على الإنسان، وكانت الإناث في الماضي يخترن الذكر الذي يسليهن ويعلمهن الشيء الجديد ويسمحن له بمزاولة الجنس ومن ثم يورثن هذا الإبداع!!!

        -----------------------------------------------

        هذه هي نظرية الانتقاء الجنسي بتلخيص سريع لأهم نقاطها وأفكارها وتفسيراتها لظهورنا نحن بني البشر واختلافنا عن باقي الأنواع من الرئيسيات والحيوانات وما يُلصق بها من تفسيرها لكافة العلوم الإنسانية والحيوية الحالية وما أحدثته من "ثورة" في عالم التطور! هذه هي البروباغندا التي نقرؤها في عناوين الأبحاث والمقالات في عالم التطور الحيوي والنفسي ولا نعرف عن تفاصيلها الكثير، هذا هو التفسير المادي لنا ولتواجدنا نحن البشر.

        وما أسهل نقد هذه الأفكار والـ"نظريات" إن صح تسميتها بذلك، فكما نرى ما يقوم به العلماء لا يتعدى إرخاء العنان لخيالهم وافتراض تفسيرات ساذجة للحقائق المشاهدة وجمعها في منظومة هشة يطلقون عليها اسم "نظرية" ويجعلونها تفسيرًا لكل شيء.

        إن ما نراه ونعرفه من "حب عذري" و "إتيكيت" لهو طارئ على هذه النظريات العظيمة التي فسرت كل جوانب حياتنا البشرية، فالأصل في التقاء الناس هو الجنس والجنس فقط، والاتصال الجنسي ليس إلا لترويج الحيوانات المنوية ونقلها للأجيال، بل إن من سخف كلام هؤلاء الـ"علماء" في الاستدلال على استمرار هذه النظرية هو أن المرأة التي تذهب إلى بنك الحيوانات المنوية لتخصيبها (في حالة عقم الرجل) تختار الحيوانات المنوية لرجل يتصف بالقوة والجمال والصفات المحسنة !!!!!

        هذا ما وددت إيضاحه في أن الفكر المادي لا يعطينا قيمة إنسانية مغايرة عن الحيوانات، وما نراه من "حب عذري" و"إيتيكيت" ليس إلا طارئًا على مسيرة التطور لا قيمة له ولا أساس له، فالأصل في التقاء البشر وتعارفهم ومحبتهم وعلاقاتهم هو الجنس فقط، بل وليس الاتصال الجنسي لوحده إنما توريث الصفات المرغوبة واستبعاد المكروهة،
        فأي فكر هذا في مقابل الفكر الديني
        الذي كرم الإنسان
        وميزه عن غيره من البهائم؟
        نقلا عن
        الجاحظ وهو داروين قبل إسلامه
        من منتدى التوحيد
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق


        • #19
          الخلق والنشوء
          بين ضلال النظريات
          وحقائق الإسلام

          بقلم : حاتم ناصر الشرباتي

          [ مُقـــدمـــــة]


          أحمد الله تعالى حمد الشاكرين وأتوب إليه وأستغفره، أحمده تعالى حمد الشاكرين القانتين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأصلي وأسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على هديه إلى يوم الدّين، رب اغفر لي ولوالديّ ولأساتذتي وأصحاب الفضل علي، وأنر قلبي واشرح لي صدري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، ووفقني لصالح الأعمال.

          إنّ أساس العقيدة في الإسلام قائم على إعطاء الأجوبة المقنعة لتساؤلات الإنسان عن أصل وحقيقة هذا الوجود، ويركز على حقائق ثابتة أولها الإيمان الراسخ بالله تعالى خالقا لهذا الوجود ومسيراً له، مشترطاً أن يكون هذا الإيمان آتياً عن طريق العقل وإعماله بالتفكير المستنير ليصل الإنسان عن طريقه أنّ وراء تلك الموجودات الثلاث ( الكون والحياة والإنسان ) خالقاً أوجدها من العدم وأنّ لهذه الحياة الدنيا ما قبلها وهو الله تعالى، وأنّ لها ما بعدها وهو يوم القيامة حيث يبعث الإنسان ليحاسب على ما قدمت يداه كما أوجب الإسلام الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته والملائكة والرّسل جميعاً ويوم القيامة والقدر خيره وشره من الله تعالى.

          أما الشيوعيّة فهي مبدأ مبني على المادة وليس العقل، لأنّ فكرتها الأساسية والتي تفرعت عنها كل أفكارها أنّ جميع الموجودات من كون وحياة وإنسان هي مادة فقط، وأنّ المادة هي أصل الموجودات وأنّ التّطور المادي تبعا لوسائل الإنتاج هو المحرك الفعلي والوحيد للمجتمع وعلاقاته جميعاً، وأن المادة أزلية واجبة الوجود لم يخلقها خالق، وأن ليس للمادة ما قبلها ولا يوجد بعدها شيْ، فهم ينكرون فكـرة الخلـق وبالتالي وجود خالق خلق الموجودات أي أنهم يرفضون الناحيــة

          الروحية في الأشياء من كونها مخلوقة لخالق ويعتبرون فكرة الناحية الروحية خطراً على الحياة، وبالتالي فالدّين عندهم إنما هو أفيون الشعوب المخدر لأمانيهم وتطلعاتهم وهو بالتالي من عوامل تخلف المجتمعات.

          أما نظرتهم للفكر فهي مادية أيضا، إذ هو عندهم انعكاس للواقع على الدّماغ كما تنعكس الصورة على صفحة المرآة، فالمادة عندهم هي أصل الفكر وأصل الحضارة، وهي أصل كل شيء ومن تطورها المادي توجد الأشياء ولا بد، هذه هي حتمية التّطور عندهم.

          لقد ضلّت الشيوعية الطريق لمصادمتها الفطرة التي جُبِلَ عليها الإنسان باعتمادها نظرية التّطور المادي تبعا لوسائل الإنتاج فأعمت نفسها عن حقيقة وجود خالق لهذا الكون، وأكثر ما روّج له الشيوعيون في دعم نظرياتهم حول إنكار الخلق كانت " نظريـة داروين " تلك النظريـة التي وافقت ما روجوا له من إنكار الخلق. ومع أن كثيرا ممن ابتدعوا تلك النظرية السّقيمة أو ساهم في نشرها والترويج لها قد كفر بها بعد أن أتاه اليقين واقتنع بزيفها، إلا أن نفرا ممن يستهويهم كلّ شاذ وغريب لا زال يتشدّق بها، لذا رأيت أن أقوم باستعراض تلك النظرية نقاشا ومناقشة ونقضا وأن أبين صحة وحقيقة نظرة الإسلام حول الخلق.

          لقد انهارت إمبراطورية الشيوعية وتفسخت أركانها لفساد عقيدتها القائمة على الإلحاد، فهي فكرة خيالية سقيمة لا تستند إلى الواقع وتتصادم مع الفطرة التي جُبل عليها الإنسان لجحودها وإنكارها وجود الخالق، فأي مبدأ هذا الذي ينهار بعد سبعين عاما من محاولة فرضه وتطبيقه ؟ إنه الباطل الذي يحمل جذور فنائه، لذا فليس من المستغرب أن ينهار هذا النظام وأن ينقلب رجاله ودعاته إلى الصّف المعارض له المطالب بالإجهاز عليه، فقد شهد العالم حديثا انهيار إمبراطورية الشيوعية المتمثلة بالاتحاد السوفييتي انهيارا منبئا بفشل ذريع إذ كان هذا الانهيار ناجما عن مصادمة الشيوعية لفطرة البشر وفساد وعقم أفكارها، ومن الأفكـــار

          والعقائد الفاسدة تلك كان عقيدة التّطور المادي وإنكار الخلق اللذان هما الأساس العقائدي عندهم.

          أمّا المبدأ الرأسمالي الديموقراطي فهو والشيوعية صنوان، إذ هو مبدأ كفر لا يرتكز على الإيمان بالله الخالق، لقد كان الأجدر أن يتهدم هذا النظام الفاشل لقيامه على عقيدة الكفر قبل قرينه إلا أن عمليات الترقيع والتجميل عملت على إطالة عمره وإن غدا لناظره قريب، فسيشهد العالم قريبا إن شاء الله انهيارا ثانيا سيدمر ويزيل كل إمبراطوريات الرأسمالية الديموقراطية وزوال حضارتهم واندثارها ولعنة الناس كافة لها لِما جرّت عليهم من ويلات ونكبات وانقلاب رجالها عليها وذلك لقيامها على أفكار وعقائد فاسدة، ولعجزها عن موافقة الفطرة الإنسانية، ولن ينسى البشر أن تلك الأنظمة كانت المغذي الناشر لكل فساد في العالم بما في ذلك أفكار التّطور ومعتقداته السّقيمة.

          نعــم، ستزول أنظمة الديموقراطية الفاسدة وتندرس وستصبح أثرا بعد عين لتفسح الطريق أمام نظام سماوي كامل شامل موافق لفطرة الإنسان لقيامه على الإيمان بالله تعالى خالقا ومدبراً، ويومها فقط ستعيش الإنسانية بالأمن والاستقرار والطمأنينة.


          لقد كُتب هذا البحث لأول مرّة مختصرا قبل أكثر من ثلاثين سنة ليقدم للجمعية الإسلامية في مخيم النصيرات بغزة، حيث نال المرتبة الأولى أمام الأبحاث المقدمة يومها، ومن يومها كنت أراقب وأراجع كل ما استجدّ من أبحاث في موضوع البحث فأرجع للبحث أجري عليه التعديلات والإضافات اللازمة على ضوء ما استجد من مواضيع وأبحاث.

          لقـد طُرِحت تساؤلات عدة في موضوع حياة الإنسان والتباين في وجهات النظر حوله بين الحكم الشرعي ورأي الطّب، وحول حكم أجهزة الإنعاش الطبية الحديثة ورفعها بعد الحكم بموت الإنسان طبيا خلافا لما يراه الحكم الشرعي بعـدم

          موت الإنسان، وهل يعتبر رفعها في مثل تلك الحالة قتلاً ؟ وتساؤلات أخرى حول موضوع نقل الأعضاء والتبرع بها قبل أو بعد الوفاة …. كما استجد موضوع أطفال الأنابيب بعد أن تجاوز الموضوع مرحلة الاختبارات ….. وأخيراً استجدت مسألة الاستنساخ البشري بعد أن نجح العلماء في مختبرات ( بي بي إل تيرابوتيكس B.B. L. Terabotix) الاسكتلندية في أول عملية استنساخ حيوان بالغ بإعلانهم ولادة النعجة "دللي" بطريق الاستنساخ ، ومن ثم تصريحات العالم الأمريكي (ريتشارد سيد) تصميمه على بدأ العمل في حقل الاستنساخ البشري والتوقعات بنجاح ذلك.

          لــذا فقد تمّ إجراء تعديلات وإضافات عدّة اقتضتها ما استجد من مواضيع. وحسبي أني قد بذلت الوُسع في ذلك، فمن وقف معي عند هذا الحد فقد اكتفى، ومن طلب المزيد فالباب مُشَرّعٌ أمامه، وعليه فقد قمت في نهاية الكتاب بتزويد القارئ بكشف حاوٍ لأسماء المراجع التي اعتمدتها وتلك التي اعتمدها غيري ممن سبقني إلى الكتابة في الموضوع، والتي يمكن لمن شاء الرجوع إليها رغبة في التَوَثق أو زيادة في الفائدة والتوسع.

          لقد آثرت في بحثي هذا أن تكون جميع مواضيعه مُدَعّمَة بالأدلة وموجزة في العبارة لتكون أبلغ في التأثير، وقد استدللت بأقوال وآراء علماء التّطور المادي المؤيدين لنظريات التّطور المادي المختلفة، وكذلك آراء المعارضين لها من العلماء والمفكرين مثبتا آرائهم كما وردت في كتبهم وأبحاثهم بالتفصيل أو بتصرف مني بالنّص حيث يقتضي الأمر ذلك، مشيرا لكل في موضعه.

          أما في الأبحاث المتعلقة بالفكر الإسلامي فقد تمّ الاستدلال بنصوص القرآن الكريم وما صحّ أو حَسُنَ عندي من الحديث مستبعدا أي حديث ضعيف أو موضوع، ثمّ آراء واجتهادات وتفسيرات مشاهير الفقهاء والمفسرين، إمّا حرفيا أو بتصرف مني بالنّص حيث يقتضي الأمر ذلك مشيرا لكل في موضعه.


          وإني إذ أتشرف بنشر بحثي المتواضع هذا وإخراجه من محبسه فلا أدعي لنفسي الفخر بالقيام بعمل فريد متميز، بل قد قمت بجمع ونقل وترتيب آراء من سبقني إلى ذلك حيث لم أعثر على بحث متكامل يفي هذا الموضوع الهام حقه باستكمال كافة جوانبه مضيفا وجهة نظري المعتمدة وترجيحي الرأي الأرجح في كل موضوع حيث تناولت نقاش كافة وجهات النّظر نقاشا هادفا ونقض ما يحتاج منها إلى ذلك موصلاً القارئ إلى الرأي الأرجح والأصح، فأتى الكتاب شاملاً وافياً خلافاً لكل ما نشر في الموضوع على ما أعلم.

          لقد تم تصنيف مواضيع البحث من خلال خمسة أبواب، كل باب منها يحوى عدّة فصول حسب ما يقتضيه طبيعة البحث.

          لقد جرى تقسيم الباب الأول وهو "نظريات التّطور المادي" إلى خمسة عشر فصلاً تبحث في التّطور ومذاهبه وتاريخ ومشاهير تلك المذاهب، وجرى فيه استعراض كافة المذاهب التّطورية علماً بأنه قد جرى التركيز بصورة خاصة على مذهب " داروين " وتفصيلاته باعتباره أشهرها.

          أما الباب الثاني وهو " نقض نظريات التّطور المادي " فقد جرى تقسيمه إلى خمسة فصول روعي فيه أن يكون شاملاً مستعرضاً آراء مشاهير العلماء في الموضوع.

          أما الباب الثالث وهو " الإسلام وخلق الإنسان " فقد جرى تقسيمه إلى ثلاث فصول تناولت وجهة نظر الإسلام حول خلق الإنسان، رُكز فيها على نصوص القرآن الكريم المصدر الأول في الأدلة الشرعية، كما حوى الفصل الثالث منها مواضيع: خلق آدم أبو البشر عليه السّلام وخلق زوجته حواء، وخلق عيسى بن مريم عليه السّلام، وقصة أصحاب الكهف والرقيم، وموضوع إعادة الحياة.

          أما الباب الرابع وهو "عملية الحمل والولادة وتكون الإنسان" فقد قسم إلى تسعة فصول تناولت مواضيع الزوجية والتكوين والحمل والولادة وأطوار الحمـل

          وكل ما يتعلق بخلق الإنسان حسب وجهة النظر الإسلامية، كما أُضيف إليه موضوع " من هو الأصلح للبقاء " رداً على أشهر أسس وقواعد نظريات التّطور بالصراع لبقاء الأصلح، كما أضيف إليه موضوع نسب الإنسان مرفقا بالنماذج والأمثلة.

          أمّا الباب الخامس فقد جرى تقسيمه إلى فصلين:
          الفصل الأول
          " الإدراك الفكري والتمييز الغريزي " والذي قُسّم إلى ستة فروع تناولت مواضيع التفكير وطرقه والتمييز الغريزي والفرق بينهما.

          الفصل الثاني
          " الحياة والموت والأحكام الشرعية المتعلقة بهما " وقد قُسِّم إلى ثمانية فروع تناولت مواضيع الحياة والموت وأجهزة الإنعاش الطبية ونقل الأعضاء وأطفال الأنابيب والاستنساخ البشري والأحكام الشرعية المتعلقة بكل تلك المواضيع، علما بان كل تلك المواضيع مرتبطة بموضوع الخلق والنشوء لارتباطها الوثيق بنشوء الإنسان وحياته.

          لــذا فإنّ هذا البحث المتواضع موجه لكل مهتم بمواضيع الخلق والنشوء وبشكل خاص فهو موجه:

           إلى كلّ من تقلّب وجهه في السّماء وأعمل عقله النير في التفكر في الموجودات الكونية، فتوصّل إلى حقيقة أنّ لكل تلك المخلوقات خالقاً أوجدها من العدم.
           وإلى كل من قصر عقله عن إدراك حقيقة هذه الحياة الدنيا فكفر أو ألحد أو تشكك
           وإلى كل من لا زال يبحث عن الحقيقة ليثبتها ببرهان قاطع.
           وإلى كل الباحثين عن الحقيقة بصدق وإخلاص ونزاهة.



          علهم يجدون في بحثي الذي سينشر على حلقات إن بقي في العمر بقية وما شاء الله هذا ضالتهم المنشودة، معيناً لهم على الوصول إلى الحق واليقين.

          لقد بذلت الوُسع في بحثي هذا :

           ليكون الكافي لمن رغب في الحقيقة.
           وليكون المرشد لمن نشد ضالته.
           وليكون الدليل لمن بحث عن أدلة توصله
           وليكون الجواب الشافي لكل حائر أو متسائل.
           وليكون الموسوعة الشاملة لبحث لم أجد في المكتبة كتاب أعطى هذا الموضوع حقه من كل الجوانب.
           وليكون المنارة للمبحرين المخلصين السائرين إلى الهدى بحزم وثبات، تنير لهم الطريق لتوصلهم إلى شاطئ النور والسلامة.

          فإن تحقق ما قصدت فالحمد والشكر لله تعالى وحده، وإن خفي علي شئ أدى إلى نقص، فأدعو الله تعالى الصفح والمغفرة وقد اقتضت حكمته تعالى استيلاء النقص على كافة البشر.

          يتبع
          التعديل الأخير تم بواسطة سيف الكلمة; 15 سبت, 2006, 11:29 م.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق


          • #20
            تابع

            الباب الأول

            الفصل الأول التطور

            التطـــور[1 ] Evolution

            إنّ التّطور يعني التحول أو الانتقال من حال إلى حال. جاء في "لسان العرب" :- ( الطّور هو التّارة – الحال – الحد بين ألشيئين، والجمع أطوار، والأطوار هي الحالات المختلفة والتارات والحدود واحدها طور )[ 2]، وهو في عرف علماء التطور "التحول من نوع حي إلى نوع حي آخر".

            أما جريدة " هوستن بوست Houston Post " فقد عرّفت التطور التعريف التالي: " أنه يعني ارتقاء الحياة من جهاز عضوي ذي خلية واحدة إلى أعلى درجات الارتقاء، وهو بالتالي: التغير الذي طرأ على الإنسان نتيجة حلقات من التغيرات العضوية خلال ملايين السنين."[3 ]

            ونظرية التّطور ترتكز على ثلاث قواعد رئيسية كما حددتها "الموسوعة العالمية"

            [1] إنّ الكائنات الحيّة تتبدل أشكالها جيلاً بعد جيل تبدلاً بطيئاً، وتنتج في النهاية أنسالاً تتمتع بصفات غير صفات أسلافها.


            [2] إنً هذا التّطور قديم وُجد يوم وُجدت الكائنات، وهو السّبب في وجود كلّ الكائنات الحيّة من حيوان ونبات في هذا الكون وتلك التي انقرضت، وهذا هو "التناسخReincarnation "[ ] الذي تقول به بعض الديانات.

            [3] إنّ جميع الكائنات الحية من حيوان ونبات مرتبط بعضه ببعض ارتباط صلة وقرابة، وكلها تجتمع عند الجد الأعلى للكائنات جميعا.[ 5]

            وفي وصف التّطور يقول الكاتب " بلات Platt " قي كتابه " نهر الحياة " ما يلي:
            ( حينما خرجت الكائنات الحيّة لتعيش فوق اليابسة انقلبت زعانفها أرجلاً وخياشيمها رئات وفلوسها جلوداً )[6 ]

            بقي أن نسأل: هل يحدث التّطور في عرفهم فجأة وبدون مقدمات أم أنه يحتاج إلى زمن معين، وإن احتاج إلى زمن فما هو الزمن اللازم للتّطور ؟. ويجيب على هذا التساؤل "دوبز هنسكي" الأستاذ في جامعة كولومبيا في كتابه "الوراثة وأصل الأنواع" قائلاً: ( إنّ التّطور يحتاج إلى نحو ملياري سنة وإن هناك عوامل فاعلة يمكن دراستها دراسة تجريبية )[7 ].

            يقول بعض علماء التّطور القدامى –وهم قليل- بأن هناك خالقاً هو الذي يحرك آلية التّطور لكن أكثر علماء التّطور وخاصة غير القدامى منهم يدّعون أن الحياة قد نشأت من مادة غير حيّة بدون أي تدخل الهي، أي أن المادة قد أوجدت نفسها بنفسها دون وجود خالق أوجدها، ويقف في مقدمة من قال بذلك " سير جولين هكسله " حيث يقول:

            ( إننـا نقبل كل أحداث التّطور، وتطور الحيـاة واقع وليس نظريـة وهـو أساس أفكارنا )[8 ]

            لكن هذا القول لم ينفرد به "هكسله" بل هو رأي مجمع عليه من كل العلماء المنادون بفكرة التطور المادي، فنفس الفكرة لكن بألفاظ أخرى قد وردت في كتاب "علم الحياة لك" حيث يقول:

            (إن كل علماء الحياة المحترمين يقرون بأن تطور الحياة على الأرض أمر واقع)[9 ]

            وفي تصريح لمدير إحدى الجامعات الأمريكية معبراً فيه عن رأي أكثرية الأساتذة المنادين بالتطور ورد ما يلي:

            ( لا بدّ أن يكون المرء قد اعتمد على فكرة مسبقة وتمسك بها حتى يجرؤ على أن يرفض الواقع، وإن كل من يفحص أدلة التّطور لا بدّ له من أن يعترف بأنها واقع تاريخي )[ 10]

            كما أن فريقا من رحال الآوكليروس يحملون نفس الرأي ويدعون له، وفي ذلك كتبت جريدة " ميلوكي جورنال Milwaukee Journal " (صرّح خوري كنيسة سان جاك الكاثوليكية مؤيداً التّطور بقوله: ليس هناك شكٌ بأن التّطور حقيقة واقعة)[11 ]


            لقد أصبحت فكرة التّطور مقبولة بصورة عامة في أوساط علماء الغرب، وذلك مما يمكن استنتاجه من أقواهم، ومن ذلك على سبيل المثال قول أحد رواد الفضاء نتيجة تجاربه خارج كبسولته، وقد علقت جريدة " نيويورك تايمس " الأمريكية في افتتاحية عددها الصادر بتاريخ 14 / 11 / 1966 على قوله بما يلي:
            ( إنّ كل ردود الفعل والغرائز المنطوية في أفكار الناس وأجسامهم بفعل ملايين السنين من التّطور العضوي الأرضي قد أخضعت لتجربة قاسية بتعريضها لوسط غريب ومختلف وأعني به الفضاء)[12 ]

            ويؤكد نقس الأقوال عالم تطوري شهير وهو "دوبز هنسكي " حيث يقول في كتابه " الأساس الحيوي لحرية الإنسان ": ( لقد ثبت بما لا يجعل مجال للشك حتى العقد الأخير من القرن التاسع عشر بأن التّطور أمر واقع )[ 13]

            وبنـاء عليه فالتّطور في نظر القائلين به " وهم كثير " هو حقيقة حتمية لا نقاش فيها ولا مجال لديهم للشك بها أو الطّعن بصحتها، وذلك يقتضينا دراسة تلك النّظرية بأدلتها ودراسة أقوال وأدلة من نادى بها وأقوال وأدلة من عارضها، ومن ثم نحكم على صحتها أو بطلانها على ضوء ذلك، خاصّة وأن غالبية وسائل الإعلام في بلادنا تروج لها، كما أصبحت مادة من المواد التي تفرضها دول المنطقة على طلابنا في المدارس والمعاهد والجامعات كجزء من التوجيه الثقافي الذي تفرضه عليهم سفارات وأجهزة الـدول الغربية بغطاء ما يسمى بالتعاون الثقافي، ويفرضه عليهم الكافر المستعمر تثبيتا لاستعماره الثقافي بواسطة مراكزه المتعددة وأشهرها "اليونسكو" والاتفاقات الثقافية وغيرها.

            .................................................. .................................................. .................................................. ...............
            1- البحث منقول بتصرف عن كتاب ( خلق لا تطور ) - د. احسان حقي.
            2- لسان العرب - ابن منظور - مجلد (4 ) صفحة 0 507 ).
            3- خلق لا تطور ، صفحة ( 13 ) نقلا عن: Hoston post
            4- التناسخ أو التقمص: هو اليمان بأن النفس البشرية تتقمص بعد موت صاحبها حسداً آخر ، سواء أكان هذا الجسد لإنسان أو حيوان أو نبات، وبذلك يكون لها وجود جديد أو أكثر من وجود. ومن أقدم من قال بالتناسخ الفيلسوف اليوناني " فيتاغورس " وبعض الديانات الشرقية كالهندوسية.
            5-world book encyclopedia
            6- le fleuv de la vie - Ruthe ford Platt
            7- Gennettics and the origin of species - Dobzhansky
            8- سير جوليان هكسله: من كبار علماء التطور، وكلمته المذكورة كان قد عبر فيها عن آراء زملائه في الكلمة التي القاها في البذكرى المؤية للداروينية والتي اقيمت في شيكاغو سنة 1959 .
            9-Biology for you - Vance Miller
            10 - New orlens times picayune
            11- Milwaukee journal
            12- جريدة " نيو يورك تايمز " 14 - 11 - 1966
            13- Dobznesky, genetics and the origin of species

            تاريخ المذاهب التطورية[ 1]

            إنّ مذهب التّطور بالنشوء والارتقاء هو مذهب قديم ترجع جذوره إلى آلاف السنين، فقد ظهر أثره في أقوال علماء بابل وأشور ومصر والإغريق، وقد أبدى بعض فلاسفة اليونان آراء يمكن وصفها بأنها تطورية، إلا أن أي من نظرياتهم لم تُقبل إذ كانت نشازاً بين الأصوات المنادية للإيمان وذلك نظراً لأنّ الإنسان مفطور على التدين الذي هو إحدى غرائزه الفطرية الرئيسية. وعلى سبيل المثال فقد تطرق من الفلاسفة اليونان لموضوع التّطور" اناكسمندر Anaximander " المولود سنة " 610 ق.م. " قائلاً : ( أما الإنسـان فظهر بعد الحيوانات كلها ، ولم يخلُ من التقلبات التي ظهرت عليه ، فخلق أول الأمر شنيع الصورة ناقص التركيب ، وأخذ يتقلب إلى أن حصل على صورته الحاضرة )[ 2]

            وفكرة التّطور هي فكرة مصاحبـة لفكرة الخلق التلقائي أو التّولد التلقائي أو التولد الذّاتي . (Spontaneous generation) التي هي إحدى النّظريات القديمة التي وضعت قديما لتفسير أصل نشأت الكائنات الحيّة وتقول بأن تلك الكائنات قد نشأت من تفاعل بين مواد غير حيّة . ويعود تاريخ جذور الاعتقاد بالخلق التلقائي إلى العصور الغابرة، فأرسطو[ 3] أشهر الفلاسفة الإغريق كان يؤمن بالخلق التلقائي، ( فقد لاحظ أن صغار أنواع بعض الأسماك ظهرت في برك كانت مياهها قد جفّت تماما ، فاعتقد أن صغار تلك الأسماك تنشأ من قطرات النّدى المتساقطة على أوراق

            الشّجر، وينشأ بعض آخر منها من العشب الأخضر والعشب الجاف أو من شعر الحيوانات أو من اللحم المتعفن أو من النفايات)[4 ]

            إنّ مثل تلك المعتقدات قد استندت على ملاحظات عابرة وغير دقيقة، إلا أنه نظرا لمنزلة أرسطو بين علماء العصور المظلمة كعالم ومعلم فقد ظلّت تعاليمه ونتاج أفكاره تسود خلال عهود العصور المظلمة ثمّ لعدة قرون بعد ما يسمى بعصر النّهضة. لقد ظلّ العلماء يتعلمون وينقلون عن أرسطو أكثر مما يحصلون عليه من تجاربهم واستنتاجاتهم العقلية، فقد كانت الملاحظة المباشرة والتجارب الخاصة وإعمال العقول في التّفكر من الموجودات النّادرة في تلك العصور، إذ كان السائد بينهم الانبهار والنّقل بلا تدبر عمن كان في نظرهم من المشاهير وكمثال عليه ننقل ما كتبه العالم فان هيلمونت Van Helmont في كتاب نُشر له عام 1652 متأثراً بمقولة أرسطو الآنفة الذكر: ( إنك إذا وضعت بعضاً من حبوب الحنطة مع قميص قذر في وعاء، فإنّ فئراناً تنشأ من تفاعل حبوب القمح مع القذر العالق بالقميص)[ 5]

            كما أن الاعتقاد كان سائدا عن نشأة يرقات الحشرات في اللحم المتعفن، مما أدى بالتالي إلى الاعتقاد بالخلق التلقائي، حيث أتى بعد ذلك من أثبت بالدليل فساد تلك التّرهات، وكان منهم الطبيب الإيطالي "فرانسيسكو ريديF. Redi " الذي بدت له تلك المعتقدات غير مقبولة، فقرر أن يختبر الأمر بنفسه، فقام بسلسلة من التجارب على لحوم وأسماك وحيات ميتة داخل دوارق زجاجية مكشوفة وأخرى مغطاة ، وبعد إخضاعها لعدة تجارب خرج بنتائج تجاربه التي نشرها، ومفادها: (انـه بعـد أن نشـأت الحيوانات والنباتات الأولى على أرضنا فإن جميع الكائنات


            الأخرى نشأت عن طريق التّكاثر، ولم يعد هناك خلق تلقائي)[6 ] إلا أن ريدي لم يتطرق إلى أصل النشأة الأولى للكائنات كما يوحي بذلك ما نشره.

            .................................................. ..................................................
            1- في تاريخ المذاهب التطورية وخاصة القديم منها، يمكن الإستزادة والإسهاب بالرجوع للمصادر التالية:
            - أوزبورن، من الإغريق إلى داروين0 مقدمة اسماعيل مظهر على كتاب داروين : " أصل الأنواع" 0 د.إحسان حقي، خلق لا تطور0 دائرة المعارف العربية للبستاني.
            2- دائرة المعارف العربية للبستاني.
            3- أرسطو ( 384 - 322 ق.م.) Aristotle هو الفيلسوف الإغريقي الشهير.
            4- د. عدنان بدران وآخرين، البيولوجيا، الصفحات 90- 93.
            5- المصدر السابق
            6-المصدر السابق ،الصفحات 95-97
            ..................................................
            منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

            يتبع
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق


            • #21
              تابع

              تاريخ المذاهب التطورية - 2 -


              أما العالم البيولوجي "لويس باستور Louis Pasteur " (1822 – 1859) وفي أثناء تجاربه وبحوثه المنصبة على محاولة دراسة عملية التخمر وعلاقة ذلك بالبكتيريا وتكاثرها بغرض استنباط طريقة لمنع الحليب وغيره من السوائل من التّعرض للفساد، خرج بإثبات قاطع بفساد مقولة الخلق التلقائي مثبتا أن كل المخلوقات بلا استثناء قد وُجدت بطريقة خلق مباشر ومتقصد، ونتيجة ذلك فقد قام بالدعوة إلى الإيمان بوجود خالق خلق الموجودات جميعا من العدم كما وسنّ قوانين التكاثر والتناسل وألزم المخلوقات به.[1 ]

              لقد أصبح تأييد نظرية الخلق التلقائي محصور في قلة قليلة من النّاس، إذ أصبح من الثابت غير المطعون به أن كل النباتات والحيوانات لا تنشـأ إلا بطريقة واحدة هي التّناسل والتكاثر الذي هو السّنة الوحيدة للنشـوء. وفي القرون الوسطي وجدت كتابات في "علم الحيوان" احتوى بعضها على وصفات لإبداع مخلوقات من الجماد مثل الذباب والنمل وحتى الفئران، كما أن كثير من الناس وبعض علماء البيولوجيا كانوا يعتقدون أن نوعا من أنواع الأوز ينشأ من حيوان قشري ذي صدفتين. كما كان يشاع في كثير من بلاد العالم عن وجود شجرة تنتج خرافا.[ 2] ويحاول مؤيدي فكرة التّطور المادي الاستناد إلى ما جاء في "رسائل إخوان الصفا" حيث جاء في إحدى رسائلهم :



              ( … وأمّا النخل فهو آخر مرتبة الحيوان مما يلي الحيوانية، وذلك أن النخل نبات حيواني لأن بعض أحواله وأفعاله مباين لأحوال الحيوان وأن كان جسمه نباتا)[ 3]

              ويستطردون في نفس الرّسالة:

              ( … وفي النبات نوع آخر فعله أيضا فعل النّفس الحيوانية وإن كان جسمه نباتيا وهو " الأكشون " وذلك أن هذا النّوع في النّبات ليس له أصل ثابت في الأرض كما يكون لسائر النبات وليس له أوراق كأوراقها، بل يلتف على الأشجار والزروع والبقول والحشائش ويمتص من رطوبتها، ويتغذى كما يفعل الدود )[ 4]

              وهم يستدلون بذلك على أن المشابهة بين حالات في النبات وحالات في الحيوان قد يجوز اعتبارها خطوة تخطوها الصّور الحيّة في سبيل دور انقلابي من النشوء والتّطور تتحول به صور الحيوان والنبات. ويستدل التطوريين العرب من رسائل إخوان الصفا أنهم كانوا من المنادين بنظرية النشوء والتطور لما توحي به الفقرة التالية من شرح للانقلاب ألنشوئي:

              ( … إن أدنى الحيوان وأنقصه هو الذي ليس له إلا حاسّة واحدة وهو الحلزون، وهو دودة في جوف أنبوبة نبتت في تلك الصخور التي تكون في سواحل البحار وشطوط الأنهار وليس لها سمع ولا بصر ولا شم ولا ذوق إلا اللمس فحسب … لأن الحكمة الإلهية لم تعط الحيوان عضو لا يحتاج إليه في وقتِ جَرِّ المنفعة أو دفع المضرّة … فهذا النوع حيواني نباتي، لأنه ينبت كما ينبت بعض النبات ومن أجل أنه ليس له إلا حاسة واحدة فهو أنقص عن الحيوان رتبة، وتلك الحاسّة هي التي يشاركه النّبات فيها وذلك أن النبات لم حسُ اللمس فحسب.)[5 ]


              ومن تحليلهم لتلك العبارة خلصوا إلى استنتاجات لها في نظرهم الشّأن الأكبر والمهم في مذاهب التكوين والنّشوء، خاصّة وأن علماء التّطور يذكرون في الحلزون فقدانه كلّ الحواس عدى حاسّة اللمس التي يشترك بها كلّ من الحيوان والنبات حقائق يثبنها علم الحيوان والتاريخ الطبيعي وهو من استدلالاتهم على اشتراك بعض الحيوان والنبات في بعض الصّفات العامة ومؤيداً لما ورد في الفصل الرابع من كتاب داروين "أصل الأنواع" في موضوع "الانتخاب الطبيعي"[6 ] في حين أن إخوان الصّفا يسمون تلك الظاهرة كما ورد في النّص السابق " حكمة إلهية "وداروين يطلق عليها "انتخاباً طبيعياً" .
              .................................................. .................................................. .

              1- المصدر السابق، ارجع للصفحات 90-101
              2- المصدر السابق
              3- المصدر السابق
              4-رسائل اخوان الصفا، الرسالة العاشرة، طبعة بومباي، 4:282 وما بعدها
              5- المصدر السابق
              6- المصدر السابق
              .................................................. ..................................................
              منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر

              تاريخ المذاهب التطورية - 3 -


              ويستندون كذلك إلى أقوال وردت في كتب " ابن مسكوية "[1 ] وهي " الفوز الأصغر" و" تهذيب الأخلاق " . كما يأولون بعض ما ورد في " مقدمة ابن خلدون " بتأويلات يذهبون بها إلى أن كلا الكاتبين كانا ممن حمل فكرة " النشوء والارتقاء " ودعى لها، كما يذهبون في ذلك نفس المذهب في استعرضهم لكتاب الجاحظ "الحيوان"، أمـــّا " أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه الخازن " المتوفى عام 421 هـ فيقول في كتابه" الفوز الأصغر " :

              ( إنّ أول أثر ظهر في عالمنا هذا نحو المركز بعد امتزاج العناصر الأولى أثر حركة النّفس في النبات ، وذلك أنه تميز عن الجماد بالحركة والإغتذاء وللنبات في قبول الأثر غرضاً كبيراً …. إن مرتبة النبات الأولى في قبول هذا الأثر الشريف هو لما نجم من الأرض ولم يحتج إلى بذور ولم يحفظ نوعه ببذر كأنواع الحشائش ، وذلك أنه في أفق الجماد ، والفرق بينهما هو هذا القدر اليسير من الحركة الضعيفة في قبول أثر النّفس).


              والنباتات المقصودة في هذا القول هي "الفطريات" أي النباتات التي تتكاثر بانقسام الخلايا الجرثومية التي يقول فيها علماء النبات في عصرنا هذا أنها قسم عظيم من أقسام العالَم النباتي تحتوي الفطريات والطّحالب وغيرها من النباتات البسيطة التركيب وهي " الثالوسيـات " والتي تدعى أيضاً " المشريات والبارضيات Thallophytic " وهي كما صنفها علماء النبات شعبـة من النباتات تشمل أكثر أشكال الحياة النباتية بدائية وتضم الأشنّة أو الطحالب والفطور التي لاجذور لها ولا سوق ولا أوراق، إذ هي جسم نباتي بسيط غير متخلّق الأعضاء وتتركب من خليّة واحدة أو من جرم من الخلايا المتصلة .

              ويستطرد ابن مسكويه قائلاً : ( … ولا يزال هذا الأثر يقوى في نبات آخر يليه في الشّرف والمرتبة إلى أن يصير له من القوّة في الحركة بحيث يتفرّع وينبسط ويتشعّب ويحفظ نوعه بالبذور ويظهر فيه أثر الحكمة أكثر مما يظهر في الأول، ولا يزال هذا المعنى يزداد شئ بعد شئ إلى أن يصير إلى الشـّجر الذي له سـاق وورق وثمر يحفظ نوعه ، وغراس يضعونها بها حسب حاجته إليها ، وهذا هو الوسط من المنازل الثلاث ) ويقصد بهذا مرتبة الحشائش والأعشاب. ويستطرد الكاتب قائلاً : ( إلا أنّ أول هذه المرتبة متصل بما قبله وواقع في أفقه ، وهوما كان من الشّجر على الجبال وفي البراري المنقطعة وفي الغياض وجزائر البحار ولا يحتاج إلى غرس بل ينبت لذاته وإن يحفظ نوعه بالبذور، وهو ثقيل الحركة بطئ النّشوء )

              أمّا المرتبة الثالثة : (ثم يتدرّج في هذه المرتبة ويقوى الأثر فيه ، ويظهر شرفه على ما دونه حتى ينتهي إلى الأشجار الكريمة التي تحتاج إلى عناية من استطابه التّربة إلى استعذاب الماء والهواء لاعتدال مزاجها وإلى صيانة ثمرها كالزيتون والرُمان والسفرجل والتفاح والتين وأشباهها). ومقصد ابن مسكويه بذلك "النباتات كاسيات البذور من مرتبة ذوات الفلقتين" حسب التقسيم الذي يجريه النباتيون الآن. ثم يتدرج بعد ذلك قائلاً: (إذا انتهى إلى ذلك – أي النبات – صار في الأفق الأعلى

              من النبات، وصار بحيث إذا زاد قبوله لهذا الأثر لم يبق له من صورة النبات، وقَبِلَ حينئذٍ صورة الحيوان) .

              بعد استطراد ابن مسكويه في مراتب النبات يأتي لذكر" النخل " ذاكراً حالات التّشابه التي ذكرها "إخوان الصفا" والتي مَرّ ذكرها إلى أن يصل إلى حركة النبات الانقلابية إلى الحيوان حيث يقول : (إنّ هذه المرتبة الأخيرة من النبات وإن كانت في شرفه فإنها لأول أفق الحيوان وهي أدنى مرتبة فيه وأخَسها وأول ما يرقى النبات في منزلته الأخيرة ويتميّز بها عن مرتبته الأولى، هو أن ينقلع من الأرض ولا يحتاج لإثبات عروقه فيها بما يحصل له من التّصرف بالحركة الاختيارية، وهذه المرتبة الأولى من الحيوان ضعيفة لضعف أثر الحس فيها، وإنما يظهر فيها بجهة واحدة أعني حساً واحداً هو الحس العام الذي يقال له حس اللمس كما في الصّدَف وأنواع الحلزون الذي يوجد على شواطئ الأنهار وسواحل البحار).

              كان هذا هو وصف لمراتب انتقال النبات من مرتبـة إلى أخرى كما يراها "ابن مسكويه" مطابقا لما ذكره دُعاة التّطور والنشوء من نشوء النبات من الجماد ونشوء الحيوان من النبات ونشوء الإنسـان من الحيوان، مستطرداً إلى الإنسان الناشئ من آخر سلسلة البهائم، حيث يقول في مراتب تدرج الإنسان : (مراتب القرود وأشباهها من الحيوان الذي قارب الإنسان في خلقة الإنسانية وليس بينها إلا اليسير الذي إذا تجاوزه صار إنساناً). ويوضح تسلسله للرُتب من الحيوانية إلى الإنسانية قائلاً في كتابه الثاني "تهذيب الأخلاق" :

              ( … ثم يصير من هذه المرتبة[ 2] إلى مرتبة الحيوان الذي يحاكي الإنسان من تلقاء نفسه من غير تعليم كالقرود وما أشبهها ، وتبلغ من ذكائها أن تستكفي من التأديب بأن ترى الإنسان يعمل عملاً فتعمل مثله من غير أن تحوج الإنسان إلى تعب بهـا

              ورياضة لها، وهذه غاية أفق الحيوان الذي تجاوزها وَقَبِلَ زيادة يسيره خرج منها عن أفقه وصار في أفق الإنسان الذي يقبل العقل التمييز والنُطق والآلات التي يستعملها والصّور التي تلائمها، فإذا بلغ هذه المرتبة تحرّك إلى المعارف واشتاق إلى العلوم وحدثت له قوى وملكات ومواهب من الله عز وجل يقتدر بها على الترقي والإمعان في هذه المرتبة كما كان ذلك في المراتب الأخرى التي ذكرناها، وأول هذه المراتب من الأفق الإنساني المتصل بآخر ذلك الأفق الحيواني، مراتب النّاس الذين يسكنون في أقاصي المعمورة من الأمم التي لا تتميز عن القرود إلا بمرتبة يسيرة، ثم تتزايد فيهم قوة التمييز والفهم إلى أن يصيروا إلى أواسط الأقاليم، فيحدث فيهم الذكاء وسرعة الفهم والقبول للفضائل، وإلى هذا الوضع ينتهي فعل الطبيعة التي وكلها الله عز وجل بالمحسوسات)

              هذا بعض ما ورد في كتب "ابن مسكوية" والتي يستشهد بها دعاة التّطور على قدم مذهبهم ، والملاحظ أن ابن مسكويه أيضا وكذلك "إخوان الصفا" يردون حدوث هذا التطور من المراتب النباتية إلى الحيوانية ومن ثم إلى صورة الإنسان إلى قوانين وسنن فرضها الله تعالى على المخلوقات وألزمها التّطور في نطاقها، فلا يردون ذلك إلى الصدفة العشوائية ولا إلى الخلق التلقائي.
              .................................................. ..................................................
              1- هو العلامة : أبي علي، أحمد بن محمد بن مسكويه الخازن، المتوفي سنة 421 هجرية.
              2- المقصود هنا مرتبة الحيوانات التي في نظره لمْ تُعْطَ الفهم وقوته إلاّ النذر اليسير ، وهي قبل مرتبة القرود التي أعطيت من قوة الفهم أكثر منها.
              .................................................. ..................................................
              منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

              تاريخ المذاهب التطورية - 4 -



              وأما استشهادهم بأقوال " ابن خلدون " فلما جاء في كتابه " مقدمة ابن خلدون " وبالتحديد لما ورد في المقدمة الثالثة منه في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير من أحوالهم ، وهذا نصه :

              ( وقد توهم بعض النسابين ممن لا علم لديه بطبائع الكائنات أن السودان وهم ولد حام بن نوح، اختصوا بلون السّواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله الرّق في عقبه، وينقلون في ذلك خرافات من القصص، ودعاء نوح على ابنه حام قد وقع في التـوراة وليس فيه ذكر السّواد ، وإنما دعا عليه بـأن


              يكون ولده عبيدا لولد أخوته لا غير . وفي القول بنسبة السودان إلى حام[1 ] غفلة عن طبيعة الحر والبرد وأثرهما في الهواء وبما يتكون فيه من الحيوانات ، وذلك أن هذا اللون شمل أهل الإقليم الأول والثاني من مزاج هوائهم للحرارة المتضاعفة في الجنوب ، فإن الشّمس تسامت رؤسهم مرّتين في كل سنة قريبة إحداهما من الأخرى فتطول المساتمة عامة الفصول ، فيكثر الضوء لأجلها ويلح القيظ الشديد وتسود جلودهم لإفراط الحر.)[2 ]

              فيستدلون من ذلك موافقة بين مذهبهم وبين رأي ابن خلدون إذ يتقولون أنه يرى ما يرون من أثر تأثير الطبيعة في الأحياء، وهذا ما ذهب إليه " لامارك " الذي اعتبر أن العادة تغير من صفات العضويات بمثل ما يغير الطقس ، وهذا القول هو من النظريات الأولية التي بنى عليها " لامارك " مذهبه في النشوء .

              أما في المقدمة الرّابعة من كتابه في أثر الهواء في أخلاق البشر فيقول : (ولما كان السودان ساكنين في الإقليم الحار واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم وأقليمهم ، فتكون أرواحهم بالقياس إلى أٍرواح أهل الإقليم الرابع أشد حراً فتكون أشد تفشيا ، فتكون أسرع فرحاً وسروراً وأكثر انبساطا ويجئ الطيش على أثر هده .وكذلك يلحق بهم قليلا أهل البلاد البحرية ، لما كان هوائها متضاعف الحرارة بما ينعكس عليه أضواء بسيط البحر وأشعته كانت حصتهم من توابع الحرارة في الفرح والخفة أكثر من بلاد التلول والجبال الباردة)[3 ]



              أما في مقدمته الخامسة والتي تبحث في أثر اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع فيقول : (وتجد مع ذلك هؤلاء الفاقدين للحبوب والأدم من أهل القفار أحسن حالاً في جسومهم من أهل التلال المنغمسين في العيش، فألوانهم أصفى وأبدانهم أنقى وإشكالهم أتم وأحسـن وأخلاقهم أبعد عن الانحراف وأذهانهم أثقب في المعارف والإدراكات.)[ 4]

              فيقارنون بين هذا وبين أثر التحولات التي تعتمد عليها بعض نظريات النشوء، زاعمين أنها من أقوى الأسباب في استحداث الضروب التي تحدث في الأنواع بمضيها متدرجـة في قبول تلك الصفـات حالاً بعد حال. وأتى مطابقاً لما يقولـه " أندورايت Andrewnit " من احتمال أن يكون لتغاير الأغذية أثر في تغاير الأشكال الظاهرة في الحيوانات ما جاء في ختام المقدمة الخامسة حيث يقول : (ومن تأثير الأغذية في الأبدان ما ذكره أهل الفلاحة وشاهده أهل التجربة أن الدجاج إذا غذيت بالحبوب المطبوخة في بعر الإبل واتخذ بيضها ثم حضنت عليه جاء الدجاج منها أعظم ما يكون، وقد يستغنون عن تغذيتها وطبخ الحبوب بطرح ذلك البعر مع البيض المحضن فيجئ دجاجها في غاية العظم، وأمثال ذلك كثير، فادا رأينا هده الآثار من الأغذية في الأبدان فلا شك أن للجوع أيضاً آثاراً على الأبدان، لأن الضدين على نسبة واحدة في التأثير وعدمه، فيكون تأثير الجوع في نقاء الأبدان من الزيادات الفاسدة والرطوبات المختلفة المخلة بالجسم والعقل كما كان الغداء مؤثرا في وجود دلك الجسم، والله محيط بعلمه.)[5 ]

              أما في مقدمته السادسة فيقول في "تفسير حقيقة النبوة" : (ثم أنظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ...... آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لا بذر له، وآخـر أفـق النبات مثل النخل والكرم متّصل بأول أفق الحيـوان مثل الحلـزون

              والصدف ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط. ومعنى الاتصال في هذه الكائنات أنّ آخر كل أفق منها مستعدٌ بالاستعداد القريب لأن يصير أول أفق الذي بعده، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التّكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والرّوية، ترتفع إليه من عالم القردة[6 ] الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك في أول أفق الإنسان بعده، وهذا غاية شهودنا.)

              كان هذا بعض ما ورد في "مقدمة بن خلدون" مما يعتبره دعاة التطور غير بعيد عما ذكره داروين في ملخصه التاريخي الذي وضعه لكتابه. أما "الجاحظ" فقد أورد في كتابه "الحيوان" مشاهدات يعتبرها باحثوهم من مقومات مذهب النشـوء، منها ما قاله في التلاقح وتزاوج الضروب وإنتاج الأنسال الجديدة، حيث قال في فصل "باب القول في الجعلان والخنافس" ما يلي : (والجعل يظل دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان كالنمل الذي يغبر دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان وذلك عند هلكته، والدعاميص قد تغبر حيناً بلا أجنحة، ثم تصير فراشاً وبعوضاً، وليس كذلك الجراد والذبان، لأن أجنحتها تنبت على مقدار من العمر ومرور الأيام، وزعم ثمامة عن يحيى بن خالد أن البرغوث قد يستحيل بعوضة، والجعل يحرس النيام فكلما قام منهم قائم فمضى لحاجته تبعه طمعاً في أنه إنما يريد الغائط.)[7 ]
              .................................................. ...............................................
              1- ينسب القلقشندي الشهير بابن غده في كتابه " سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب" صفحة ( 12 ) إلى حام بن نوح أنه أبو السودان بجميع أجناسهم - الحبشه والنوبة والزنج - ويقول: وكان حام حسن الصورة بهي الوجه ، فغير الله لونه وألوان ذريته من أجل دعوة أبيه ، لأنّه دعا عليه بتسويد الوجه وسواد ذريته وأن يكون أولاده عبيداً لأولاد سام ويافت.
              2- مقدمة أبن خلدون، سلسلة كتاب التحرير، طبعة 1376هـ / 1966م. ، صفحة ( 76 ) 0
              3- المرجع السابق، صفحة ( 78 ) 0
              4-المرجع السابق، صفحة ( 79 )
              5-المرجع السابق، صفحة ( 82 )
              6- هكذا وردت في نسخة: سلسلة كتاب التحرير، وفي نسخة: د. علي عبد الواحد وافي 0 إلاّ أنّها وردت في نسخة الطبعة الأميرية، صفحة ( 80 ) : ( عالم القدرة )
              7- كتاب " الحيوان " للجاحظ، نشر دار صعب - بيروت، جزء (3) ، صفحة (591) 0
              .................................................
              منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
              .................................................

              يتبع إن شاء الله.....
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #22
                تابع

                تاريخ المذاهب التطورية - 5 -



                ويرجع دعاة فكرة النشوء إلى "القزويني"[1 ] صاحب كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" حيث يستدلون لتأييد ما يدعون إليه بما جاء في صفحة (241) من كتابه : (فأول مراتب هذه الكائنات تراب وآخرها نفس ملكية طاهرة، فإن المعادن متصلة أولها بالتراب أو الماء وآخرها بالنبات، والنبات متصل

                أوله بالمعادن وآخره بالحيوان، والحيوان متصل أوله بالنبات وآخره بالإنسان، والنفوس الإنسانية متصلة أولها بالحيوان وآخرها بالنفوس الملكية، والله تعالى أعلم بالصواب.)[2 ]

                أما ما هو نوع هذا الاتصال فالفقرة التي سبقتها في نفس الموضوع تفسّر بجلاء تام ووضوح أن ما قصده القزويني لم يكن أبداً كما أولوه وفسروه حيث يقول: (... وأنها متّصلة بعضها ببعض بترتيب عجيب ونظام بديع تعالى صانعها عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً.)[3 ] وربما يكون ما جاء في نفس الكتاب بعنوان "في النبات" ما يكون أوضح في إبعاد القزويني عما يصفوه به من الهرطقة والكفر والسّفه حيث يقول:

                (النبات متوسط بين المعادن والحيوان، بمعنى خارج عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل إلى كامل الحسن والحركة اللتين إختص بهما الحيوان، لكنه يشارك الحيوان في بعض الأمور لأن الباري تعالى يخلق لكل شئ من الآلات ما يحتاج إليهما في بقاء ذاته ونوعه، وما زاد على ذلك تكون ثقلاً وكلاً عليه لا يخلفه، ولا حاجة للنبات للحس والحركة بخلاف الحيوان.)[4 ]


                إنّ أشهر وأقدم نظريات النشوء بالتطور الحديثة كانت نظرية العالم الإنجليزي "ايراسموس داروين Erasmus Darwin" وهو جد صاحب نظرية التطور الشهيرة والذائعة الصيت "تشارلس داروين Charles Darwin"، ثم نظرية "كونت بوفون Conte De Buffoon" وكان ملخص النظريتين ما يلي : (إن وجـود نباتات أو حيوانات تحت تأثير وسط معين يكسبها صفات جديدة، وهذه الصفة تنتقل إلى نسليهما فتحدث انقلابات هي عوامل التطور.)


                ثم تبعهم العالم الطبيعي الفرنسي "جان باتيست لامارك Jean Baptiste Lamark" الذي نشر كتاباً في تأييد نظرية وراثة الصفات المكتسبة مشترطاً وجود ضرورات كوسيلة للتطور.[5 ]

                وبعد ذلك ظهر أستاذ علم الحياة الألماني "اوغست وايزمن Augest Weissma" حيث حاول الوصول إلى نتيجة التطور بطريق الصفات المكتسبة، فحاول تربية فئران بلا ذنب بعد ان قطع أذناب فئراناً قبل تلاقحها .....)[ 6]

                إن العلماء المختصين استنادا لتحقيقاتهم العلمية وبعد إعمالهم عقولهم في تجاربهم، قد رفضوا وبصورة قاطعة نظرية التحول الوراثي للصفات المكتسبة، وأثبتوا فسادها بالأدلة العلمية، إلا أن تلك النظرية لم تتلاشى تماماً بالرغم من تحول الكثير عنها وقيامهم بنقضها ومهاجمتها، فقد بقي لها أنصار ومؤيدون ودعاة، منهم من حمل النظرية على علاتها، ومنهم من طفق يدعمها بأدلة ومنهم من حاول إدخال التحسينات عليها مع الإبقاء على أصلها.

                لقد أثار العالم الكيميائي السويدي "سفانت آرهينوس Savante Arrthenius " نظريته أن أصل الحياة قد أتى من الفضاء الخارجي (Panspermia) بطريق إنتقال وحدات شبه جرثومية من كوكب إلى آخر عن طريق الضغط الإشعاعي، وقد نُظر إلى تلك النظرية أنها قد تأثرت بقصص الخيال العلمية وأنه ليس لها أدلة تدعمها، وأنها هرطقة، لذا فلم ترد تلك النظرية في سياق التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية إلا نادراً.[7 ]



                أما "هيلر Heller " (1772–1844) وهو عالم فرنسي وصاحب النظرية الحاملة لاسمه فتقول نظريته بأن الأنواع المختلفة من الكائنات الحيّة تنشأ استجابة لظروف البيئة فظروف البيئة تتغير باستمرار مما يسبب تغيرات في الكائنات الحيّة، فإذا كانت التغيرات ملائمة للبيئة فإن الأفراد تعيش وتتكاثر مكونة نوعاً جديداً وإذا كانت التغيرات غير ملائمة فإن أفراد هذا النوع تهلك وتنقرض.)[8 ]

                أمـا في روسيا فقد ظهر فيها العالم البيولوجي الروسي "ايفان فـلاديميروفيتش ميتشورين Ivan Vladimirovich Michorin" (1855–1935) والذي رفض قانون الوراثة الذي وضعه الراهب "مندل Mendel "[9 ] ووضع مذهباً في التطور العضوي سمي "الميتشورينية Michurinism" نسبة له، وهو مذهب في التطور العضوي تعتبر شكلاً من أشكال اللاماركية، والذي يقول بأن الصفات المكتسبة تنتقل بالوراثة إلى الذرية.[10 ] وظهر بعده في روسيا من أتباع اللاماركية العالم البيولوجي "ترو فيم دينبوفيتش ليسينكو Trofim Denisovich Lysenko" (1898–1976) والذي عمل بتشجيع من ستالين على إنتاج أنماط جديدة من المحاصيل في فترة شكى الاتحاد السوفييتي خلالها من أزمة خطيرة في الإنتاج الزراعي (1927–1929) فوضع مذهبا في التطور العضوي نُسبَ إليه إذ أطلق عليه اسم "الليسينكورية Lysenkorism " وهو مذهب في التطور العضوي وضعه عام 1930، ويعتبر امتداداً وتطويراً لًٍ "الميتشورينية“ والمذهب يقوم على إنكار وجود المورثات (Genes) والهرمونات النباتية ودور الصبغيات (Chromosomes) المتخصص، ويقـوم على قاعدة أساسية هـي الوحدة بين المتعضي (Organism)


                وبيئته، مؤكداً أن جميع أجزاء المتعضي تُسْهم فيما ندعوه الوراثة وأن في إمكان البيئة أن تتحكم في هذه الوراثة.[ 11]

                لقد كتب الأستاذ "دوديسـويل Dowd swell" في كتابه "آلية التطور" المطبوع سنة 1960: (إن آخر جديد في النظرية اللاماركية[ 12] هو ما جرى في روسيا سنة 1948 تحت إشراف الأستاذ ليسينكو حيث استبعدت تلك النظرية من الميدان العلمي، ولكن استبعادها جرى على أسباب عقدية "أيدلوجية" أكثر من كونها علمية)[13 ] ثم أعقبت مجلة " تايم Time" ذاكرة الخبر التالي في عددها الصادر في تشرين ثاني سنة 1965 ما يلي: (إن الأستاذ ليسينكو أعفي من منصبه، وأن الشيوعيون أيضاً رفضوا هذه النظرية علمياً، لأن الوراثة تحددها "المولدات" وهذه تبقى ثابتة خلال الكائن الحي مدى حياته) والمولدات أو "المضادات Antigens" هي البروتينيات التي ينتجها الجسم في حال تسرب الأجسام الغريبة إليه ، وتدعى أيضاً "الأجسام المضادة Antibody " وهي تتميز بقدرتها على جعل الأجسام الغريبة عديمة الضرر.[14 ]

                إلا أن كلا المذهبين "الميتشورينيـة والليسينكووية" يصنفان ضمن قائمة المدرسة اللاماركية التي يطلقون عليها حديثاً اسم "اللاماركية المُحْدَثَةNeo Lamamrkism" وهي كل تلك النظريات التي نشأت عن اللاماركية في الشطر الأخير من القرن التاسع عشر والتي تعتمد على التأكيد على أثر البيئة المباشر في التطـور العضوي للحيوانات والنباتات . ومن أبرز دعاة تلك النظرية "الفريد ماتيو جيبـار Giard" (1846-1908) في فرنسـا و "إدوارد دينكر كوب Cope" (1840–1897) في الولايات المتحدة الأمريكية.[ 15]

                .................................................. .................................................. .................................................. .................
                (1) زكريا بن محمد بن محمود القزويني(600-682)، صاحب كتاب:" عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات.".
                (2) القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، طبعة دار الآفاق الجديدة- بيروت، صفحة (241).
                (3) المصدر السابق، صفحة (241).
                (4) المصدر السابق، صفحة (281).
                (5) [1] Jean Batiste De Mont: chevalier de Lamark.
                (6) يمكن الرجوع إلى الرد على تلك الطريقة إلى كتاب " علم الحياة " المطبوع سنة 1966 م.
                Milltown, Mark, A. Hall S. Lesser: Review text in Biology.
                (7) جولدزبي، البيولوجيا، جزء(1) ، صفحة (10-11)
                (8) المصدر السابق، صفحة (123).
                (9) ] غر يغور جوهان مندل Gregory Johann Mendel (1822 – 1884) راهب وعالم نبات نمساوي، يعد مؤسس علم الوراثة (genetics) أجرى في حديقة الدير الذي يقيم فيه تجارب على نباتي البازيلا والفول أدت إلى اكتشافه قواعد الوراثة الأساسية والتي يطلق عليها اسم (قوانين مندل) أو (المندلية) (Mendel's Laws ).
                (10) موسوعة المورد العربية – المجلد الثاني – صفحة ( 1182 ).
                (11) المصدر السابق، صفحة (1054).
                (12)[2] اللاماركية نسبة إلى عالم النبات "لاماركLamark" القائل بالتحول الفجائي، وهو صاحب كتاب (فلسفة الحيوان).
                [13] W.H. Dowdesweell: The mechanism of Evolution.
                (14) موسوعة المورد العربية، مجلد (1)، صفحة (388*)
                (15)المصدر السابق، مجلد (2)، صفحة (1025).
                منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

                تاريخ المذاهب التطورية - 6 -

                لقد وضع "هيربرت سبنسرHerbert Spenser " الأسس والبراهين المرتكزة عليها قواعد نظرية النشوء والارتقاء في أواخر القرن التاسع عشر، مؤكداً أن قانون الارتقاء عامة ينحصر في التغاير من حال التّجانس التركيبي إلى التنافر فيه، وتلك النظرية هي نفس "نظرية داروين" إلا أن النظرية قد نسبت إلى "شارلس روبرت وارنج داروين Charles Darwin" المولود سنة 1809 والمتوفى سنة 1882 وأخذت اسمه، فداروين كان أشهر وأجرأ من تكلم بها وكتب عنها، وكان أشهر الكتب التي اشتهرت في ذلك هو كتابه "أصل الأنواعThe Origin of Species " الذي ظهر سنة 1859م.

                بعد أن نشر داروين كتابه المذكور، نشر بعده عدة كتب في التطور والنباتات، وفكر أن يطبق نظريته على الإنسان، فأكب على المعلومات التي استجمعها يرتبها ويجمع بينها، ويستخلص منها النتائج التي قد يستطيع أن يثبت منها أن الإنسان ناشئ من صورة دنيا هي اقرب إلى القردة العليا منها إلى أي صورة من صور الأحياء. وقد فرغ من كتابة فصول كتابه الجديد في ثلاث سنوات، ونشره في شباط سنة 1871م، أي بعد 13 عاماً من نشر كتابه الأول "اصل الأنواع" فكان الكتاب الثاني "نشوء الإنسان Evolution of Man ".

                لقد ثارت عاصفة هوجاء حول الكتابين، وجرى معارضة ونقض الأفكار التي حوتها كتب داروين من قبل علماء وباحثين، إلا أنه بعد داروين والعاصفة التي ثارت حول نظريته نشر" اوزبورن Osborn "كتابه المعروف" من الإغريق إلى داروين From the Yreeks to Darwin " شارحاً تأريخ تدرج الفكر في التأمل في تطور الأشياء، محاولاً البرهنة على خطأ نظرية "الخلق المسـتقل Sjecal Creation"، واثبات نظرية داروين القائلة بتطور المخلوقات (Evolution).

                إلا أنّه حتى داروين الذي اشـتهرت النظرية باسـمه لم يكن أول من حاول البحث في نفـس الموضوع، ولم يكن مبتدعاً لنظرية جديدة ، فقد سـبقه العالم الفرنـسي "كونت بوفونConte de Buffoon" الذي كان أول من كتب في الموضوع بأسلوب علمي، وقد تبعه "لامارك Lamark " سنة (1809م) أي قبل ظهور كتاب داروين بخمسين سنه، وكان قد نشر كتابه "فلسفة الحيوان" ثم أتبعه كتاب "تأريخ الفقاريات الطبيـعي" فأيد في كلا الكتابين نظرية أن الأنواع جميعاً– بما فيها الإنسـان– ناشـئة من أنواع أخر، وركّز في بحوثه أن ضروب التحول في العالم العضوي وغيره ناشـئ عن سـنن طبيعية صرفة، وتوالى بعد ذلك العلماء والباحثين متجهين نفـس الاتجاه، وكان أشـهرهم قبل ظهور داروين:

                01 جفروي سانتيلير 1795 A.G. Sant Lieer
                02 د. ويلز 1813 D. Wills
                03 وليم هيربرت 1822 W. Heirbert
                04 جرانت 1826 Grant
                05 باتريك ماتيو 1831 Partik Matio
                06 فون بوخ ليوبولد 1836 V. B. Leopold
                07 فون باير 1837 Von Baer
                08 دوماليوس دالوى 1846 Domallius Daliwah
                09 رتشارد أوين 1849 Richard Owen
                10 هيربرت سبينسر 1858 Heirbert Spinser
                11 هوكر 1859 Sir Josef Dalton Hooker
                حتى ظهر داروين بكتابيه: الأول سنة 1859، والثاني سنة 1871، فكان ظهور داروين ونظريته أكثر ما شاع وأجرأه، إذ حاول إثبات فكرة التطور وإخراجها إلى حيز النظريات، لـذا فقد نسبت النظرية له واشتهرت باسمه .


                لم يكن داروين ونظريته آخر المطاف، بل لقد حمل الفكرة فلاسفة وعلماء وأدباء كثيرون بعده وروّجوا لها في كتبهم وفي محاضراتهم وفي جميع وسائل الإعلام، كان منهم " البروفيسـور ماندير A.E. Maunder " الذي يعلق على نظرية التطور العضوي قائلاً:

                (لقد ثبت صدق هذه النظرية حتى أننا نستطيع أن نعتبرها أقرب شئ إلى الحقيقة)[1 ] أما العالم التطوري الشهير " جورج سـمبسون Gaylord Simpson" فيقول : (إن نظرية النشـوء والارتقاء حقيقة ثابتة أخيراً وكلياً، وليسـت بقياس أو فرض بديل صيغ للبحث العلمي)[2 ]

                أما محرر "دائرة المعارف البريطانيـة" فيعتقد أن نظريـة الارتقاء في الحيوان حقيقة، وأن هذه النظرية قد حظيت بموافقة عامة بين العلماء والمثقفين بعد داروين.[3 ]

                أما " ر. س. ليل R.S.Lille " فيدلي برأيه قائلاً : (ظلّت نظرية الارتقاء تحصل على تأييد متزايد يوما بعد يوم بعد داروين حتى أنه لم يبق شك لدى المفكرين والعلماء في أن هذه هي الوسـيلة المنطقية الوحيدة التي تستطيع أن تفسّر عملية الخلق وتشرحها)[4] 4
                ولقد بلغ بِ "سير آرثر كيت" الذي يعتبر محامياً متحمساً للنظرية وأحد أبرز الشخصيات الداعية لها، أنّه لم يعتبرها مجرد ملاحظة أو نظرية أو تسلسل منطقي، بل لقد اعتبرها عقيدة حيث يقول : (ان نظرية الارتقاء هي عقيدة أساسية في المذهب العقلي)[ 5] وهو إذ يفسر إيمانه بتلك العقيدة يعترف بأنها عقيدة بلا أدلة ولا براهين!!! ملمحاً إلى الأسباب الخفية الدّافعة لاعتناقها : (إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين وستظل كذلك، والسبب الوحيد الذي في أننا نؤمن بها هو آن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر، وهذا غير وارد على الإطلاق)[6 ]

                أما الدارويني الملحد " جوليان هُكسـلي J.Huxley " فيقول عن النظرية :

                (هكذا يضع علم الحياة الإنسان في مركز مماثل لما أنعم عليه كسيد للمخلوقات كما تقول الأديان..... من المسلم به أن الإنسان في الوقت الحاضر سيد المخلوقات ولكن قد تحل محله القطة أو الفأر)[7 ] وهو يزعم بأن الإنسان قد اختلق فكرة "الله" إبان عصر عجزه وجهله، أما الآن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة بنفسه ولم يعد بحاجة إليه، فهو العابد والمعبود في آن واحد، إلى أن يقول : (بعد نظرية داروين لم يعد الإنسان يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً)[ 8]

                أما "د. هـ. سكوت" المشهور كدارويني شديد التّعصب فيقول : (إن نظرية النشوء جاءت لتبقى، ولايمكن أن نتخلى عنها ولو أصبحت عملاً من أعمال الاعتقاد)[ 9]


                أما الفيلسوف الملحد الشهير "برتراند راسل Bertrand Russell " فيشيد بالأثر الدارويني مركزاً على الناحية الميكانيكية في النظرية، حيث يقول : (إنّ الذي فعله جـاليلاي ونيوتن من أجل الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة)[10 ]

                لقد سُـخِرَ لنشـر نظريات التطور عموماً، ونظريــــة داروين تحديداً، معظم وســائل الإعلام العالمية، ونُشر حولها العديد من المقالات والأبحاث في الجرائد والمجلات والكتب والموســوعات، وقام بتدريسها أساتذة المدارس والمعاهد والجامعات، ورَوَجَت لها الجرائد والمجلات والإذاعات وكل وسـائل الإعلام، وتبنى شـرحها كثير من الأساتذة والعلماء في شـرق العالم وغربه على السواء، فانتشرت في أوروبا وانتقلت بعدها إلى جميع بقاع العالم، وما زالت تلك النظرية تُدَرَسَ في كثير من الجامعات العالمية، كما أنها قد وَجَدَت أتباعاً لها في العالم الإســلامي من الذين تربوا وتثقفوا تربية وثقافة غربية حيث درسوا في جامعات أوروبية وأمريكية، وبالأخص "جامعة السوربون" الفرنسية.
                .................................................. .................................................. ....(1) الاسلام يتحدى، صفحة (49)، نقلاً عن: p Ibid : 113
                (2) المصدر السابق، نقلا عن : Mening of Evolution p. 127
                (3) المصدر السابق، نقلاً عن : دائرة المعارف البريطانية (1958 )
                (4 ) المصدر السابق، نقلا عن: Organic Evolation P.150
                (5) المصدر السابق، نقلا عن: Revolt against reason P.112
                (6) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، صفحة (211)
                (7) المصدر السابق، صفحة ( 211 )
                (8)المصدر السابق، صفحة ( 212)
                (9) المصدر السابق، صفحة (212 )
                (10) المصدر السابق، صفحة ( 212 )
                .................................................. .................................................. ....
                منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

                يتبع
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق


                • #23
                  تابع

                  الخلق والنشوء
                  بين ضلال النظريات
                  وحقائق الإسلام
                  ***
                  أشهر المذاهب التطوريّة


                  إنّ أشهر من إقترن اسمه بفكرة التطور العضوي هو " تشـارلس داروين Charles Darwin " إلا أنه وكما أسلفنا في الفصل السابق لم يكن أول من ابتدع الفكرة، بل لقد سبقه إلى ذلك كثير من علماء الإغريق الأقدمين، مثل " أناكسيماندر Anaximander " و "أمـبيدوكلـس Ampedocles " و "أرسطو Aristole ". كما أن النظريات التطورية الحديثة تختلف إحداها عن الأخرى في المضمون وأحياناً تتضارب، وأشهر المذاهب التطورية هي :

                  "1" نظرية "لامارك" في الاستعمال وعدم الاستعمال :

                  لقد وضع هذه النظرية العالم الفرنسـي " لامارك Lamark " وافترض فيها تعرض البيئة للتغيير، وأن الاسـتعمال أو عدم الاسـتعمال قد تُبَدِل من صفات الأفراد، وافترض فيها أن الصفات التي يكتسـبها الفرد أثناء حياته تنتقل إلى ذريته بالوراثـة Heredity، وقد ضرب لذلك مثلاً عنق الزرافة، فهذا العنق وصل إلى درجة غير عادية من الطول، وَفُسِّرَ ذلك بأنّ الزرافة تمد عنقها لتصل إلى أوراق الشّجر العالية، ومن ثمّ زاد العنق تدريجياً في الطول، وازداد بتوالي الأجيال حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، ومن ناحية أخرى ضمرت أجنحة بعض الطيور نتيجة عدم استعمالها في الطيران.

                  من المعلوم أن النظرية اللاماركية في توارث الصفات المكتسبة قد جوبهت بالرّفض من علماء الأحياء لافتقارها إلى البرهان والأدلة، وقد سدَّد "وايزمان Weismann " ضربة إلى هذا المذهب بنظريته حول الخلايا الجرثومية.[ 1]


                  "2" نظرية داروين في الانتخاب الطبيعي :

                  وسنسهب في استعراض وشرح تلك النظرية قدر الإمكان في الفصل التالي، ومذهب داروين يعتمد ويرتكز على المشاهدات التالية:

                  01 التناحر بين المخلوقات على البقاء . Struggle for existence
                  02 البقاء للأصلح . Survival for the fittest
                  03 الوراثة وتأثيرها . Heredity
                  04 الانتخاب الطبيعي . Natural Selection
                  05 التجاوب أو الملائمة مع البيئة أو عدم الملائمة. Environmental
                  06 أصل الأنواع . The Origin of Species

                  هذا ولم يَدَّعِِِ داروين أن يكون شـرحه لقواعد نظريته التي نتجت عن تلك المشاهد ذات نهائية، إنما لمس منذ البداية ضعف وهزال الأدلة التي قَدَّمَها، وقد تنبأ أنّ كثيراً مما كتب قد يثبت أنه هراء، ولكنه يرجو أن يظلّ الهيكل ثابتاً.[ 2] وهذا ما حدث بالفعل إذ أنّ "يوهانسنJohannsen" (1855-1927) قد سَدَّدَ ضربة إلى البند الخامس من المشاهدات التي اعتمدها داروين، حيث أثبت أن الملائمة للبيئة أو عدمها ليستا مما يُوَرِث التطور العضوي، كما سَدَّدَ العالم الهولندي "هيجو دي فريز Hugo de Vries " (1848-1935) ضربة إلى المشاهدات الرئيسية التي اعتمدها داروين وهي "الانتخاب الطبيعي" في إثبات نشوء النّوع وارتقائه، وعزا ذلك إلى "الطفرةmutation " أو التنوع غير المستمر.[ 3]


                  "3" نظرية "وايزمان" حول البلازم الجرثومي:[ 4]

                  صاحب هذا المذهب هو عالم الأحياء "اوغست وايزمان August Weissman" (1834–1914)[ ] الذي حاول نقض النظرية اللاماركية عن طريق إثبات أن الصفات التي يرثها الفرد عن أبويه إنما تأتي عن طريق الخلايا الجرثومية ولا دخل للخلايا الجسمية فيها، وأن الخلايا الجرثوميـة لا تخضع لمؤثرات البيئـة التي تتطلب من بعض التراكيب استعمالاً أو إهمالاً، فالحداد مثلاً يستعمل ذراعيه كثيراً فتنمو عضلاتها ومن ثمّ تغلظان وتقويان، ولكنَّ ابنه إذا لم يمارس الحدادة حرفةً فلن يكون في قوّة أبيه الحدّاد، وتتلخص تلك النظرية بما يلي :

                  1. تنقسم خلايا الجسم الحي إلى نوعين: خلايا جسدية Somatic cells تحتوي على البلازم الجسدي، وخلايا جرثومية Germ cells تحتوي على البلازم الجرثومي .
                  2. تكمن الخلايا الجرثومية داخل الجسم ولكنها ليست جزءاً منه.
                  3. تنشأ الخلايا الجرثومية منحدرة مباشرة من الخلايا الجرثومية التي سبقتها.
                  4. البلازم الجرثومي في تسلسل مستمر ويقوم الجسد بصيانته.
                  5. تنشأ التنوعات عن امتزاج الصفات المختلفة المستمدة من الوالدين.
                  6. تنشأ الموجهات من البلازم الجرثومي، وتنتقل خلال الخلايا الجرثومية إلى الأجزاء المختلفة من الجسد النامي، ويتم بهذه الطريقة تنويع الكائن الحي.
                  7. لا ينشأ طراز جديد من الكائنات إلا نتيجة لطراز متغير من الخلية الجرثومية.

                  ومن ثمّ فان نظرية وايزمان تناقض تماماً نظريتي -لامارك وداروين-، إذ الأخيران يعتقدان أنّ مرد التّنوع هو الجسد ثم ينتقل إلى الخلايا الجرثومية، أما وايزمان فقد أبرز أهمية الوراثة في حدوث التطور مغفلاً تأثير البيئة.
                  .................................................. .................................................. ....
                  1- فؤاد خليل وآخرين، علم الحيوان العام، صفحة (1108).......
                  - د. مصطفى عبد العزيز وآخرين، النبات العام، صفحة (1001) .
                  2- المرجع ، الفصل السادس، باب مشكلات النظرية .
                  3- علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1002)
                  4- علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1001)
                  منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

                  الخلق والنشوء
                  بين ضلال النظريات
                  وحقائق الإسلام
                  ***
                  أشهر المذاهب التطوريّة -2-


                  "4" نظرية الطفرة أو " مذهب دي فريز"[ 1]

                  وضع عالم النبات الهولندي " هيجو دي فريز Hugo de Vreis " عام 1901م، نظريته حول "الطّفرة" في تفسـير نشـوء النّوع وارتقاؤه ناقضاً بذلك نظرية داروين واعتمادها "الانتخاب الطبيعي" والاختلافات الصغيره المستمرة الحادثة عن الاستعمال أو عدمه والتي اعتمد عليها كل من داروين ولامارك، وحاول إثبات أنّ التطور العضوي ناجم عن التنوع غير المستمر أو ما يسمى "الطفرة Mutation" التي تعني وجود تغيير مفاجئ أو تنوع مفاجئ يختلف به النتاج عن الأصل بشكل واضح، فيحدث في بعض الأحيان أن تظهر أنواع جديدة –لا يرجع نشوءها إلى تأثير عوامل البيئة – بل تنتقل الصفات الجديدة منها إلى ما يليها من أجيال حسب قوانين الوراثة المعروفة، وذلك ما يسمى بالطفرة.

                  "5" نظرية التّطور الكيماوي أو "مذهب اوبارين وهولدين"[2 ]

                  هناك نظرية أخرى عن أصل الحياة والنشوء ابتدعها في عشرينات القرن العشرين كل من العالم البيوكيميائي الروسي "الكسندر أوبارينAlexander Oparin " والعالم البيوكيميائي الإنجليزي " هولدين J.B.S.Haldne ". وتتلخص النظرية بأن الأشياء الحية قد نشأت عن طريق " التّطور الكيماوي Chemical Evolution "، فمن العناصر والمركبات البسيطة التي كانت موجودة في الجو القديم للأرض وبحارها تكونت جزئيات أكبر، ثم تبع ذلك تجميع لمركبات أكثر تعقيداً وفي النهاية ظهرت وحدة كيماوية كانت قادرة على وحدات مثلها، وهكذا فقد بدأت الحياة.

                  وملخص النظرية برمتها أن الحياة قد حصلت تبعاً للقوانين الفيزيائية، إذ تنفي أن هناك عملاً خاصاً بالخلق أو قوة غامضة وراءه، أو خارقاً للطبيعة.



                  وفي رأي أوبارين وهو من اشتهرت النظرية باسمه : (لا يوجد فرق أساسي بين الكائن الحي والمادة التي لا حياة فيها، وأن المجموعة المعقدة للظواهر والخصائص المميزة للحياة لا بدّ أنها ظهرت عن طريق تطور المادة)[3 ]

                  وقد حاول كل من "ستانلي ميلرStanley Miller " وأستاذه العالم الكيميائي "هـارولـد يوري Harold Urey " عام 1952 مساندة تلك النظرية ودعمها عن طريق إجراء تجارب معينة بتكوين جو مشابه للجو البدائي للأرض حيث اشتهرت تلك المحاولة باسم " تجربة ميلر Miller's Experiment "، إلا أن تلك النظرية وما رافقها من محاولات وتجارب لم تشتهر، لأن العلماء قد نظروا إلى كل من المحاولة والنظرية أنها لا زالت افتراضية.[ 4]، وقد أطلق على تلك النظرية اسم "نظرية أوبارين وهولدن The Oparin-Haldane theory".

                  نـرى من استعراض المذاهب الخمسة اختلافاً واضحاً فيما بين تلك المذاهب في تعليل حدوث التّطور، إلا أنّ كل تلك المذاهب قد اتفقت وأجمعت على حدوث التّطور العضوي، وأنها حقيقة ثابتة مع وجود الاختلاف البين في تعليل كيفية حدوث هذا التطور العضوي.

                  إن تلك المذاهب هي أشهر المذاهب التطورية – مع وجود غيرها – وكل أصحاب المذاهب التطورية قد دارت نظرياتهم في حدود تلك النظريات التي ذكرنا، مع أن أكثرهم كان أقرب إلى مذهب داروين. وكما أسلفنا فإن داروين لم يكن السّباق في ذلك وإن برز واشتهر بين العامة عن الجميع، فقد كان هناك من سبقه، كما كان هناك من زامنه، وكذلك من أتى بعده، لذا فسنستعرض باختصار أشهر من ارتبط اسمه بنظريات التطور العضوي، وهـــــم :


                  1. كونت بوفون : جورج لويس لكلارConte De Baffon عالم فرنسي ولد سنة 1707م، وتوفي في باريس سنة 1788م، له كتاب في التاريخ الطبيعي ظهر في عدة مجلدات من سنة 1749 ولغاية سنة 1788، أي سنة وفاته، وعالج الكثير من مشكلات الحيوان.

                  2. لامارك : جان باتيست بيير أنطوان ده مونت شيفالييه Jean Baptiste Lamark (1744–1829) عالم نباتي وبيولوجي فرنسي، درس الظواهر الجوية وعلم النبات، له كتاب في نباتات فرنسـا في ثلاثة مجلدات، وظهر كتابه "فلسـفة الحيوان" في باريس سنة 1808 في ثمانية مجلدات، وله أيضاً كتاب "تاريخ الفقاريات الطبيعي"، له مذهب في التـطـور العضوي يقول بأن التغيرات التي تكتسبها المتعضيات خلال حياتها تنتقل بالوراثة إلى الذرية، علاوة على قانون الاستعمال وعدمه بالنسبة لأعضائها، ويدعى هذا المذهب نسـبة لواضعه بِ "اللاماركية Lamarkism".

                  وفي الشطر الأخير من القرن التاسع عشر برزت عن اللاماركية مدرسة جديدة اطلق عليها اسم "اللاماركية المحدثه Neo-Lamarkism" قوامها التأكيد على أثر البيئة المباشـر في التطور العضوي للحيوانات والنباتات. ومن أبرز دعاة تلك النظرية "الفريد ماتيو جييار Girad "(1846–1908م) في فرنسا، و"إدوارد دينكر كوب Cope" (1840–1897) في الولايات المتحدة.

                  3. سفانت أرهينيوس Savant Arrthenius عالم كيميائي سويدي، أثار نظريه بأن أصل الحياة أتى من الفضاء الخارجيPanspermia بطريق انتقال وحدات شـبه جرثـومية من كوكب إلى آخر عن طريق الضغط الإشـعاعي، وَيُنْظَر إلى تلك النظرية أنها قد تأثرت كثيراً بقصص الخيال


                  العلمية، وأنه ليس لها من الأدلة ما يدعمها، وأنها مجرد هرطقة، لــذا فان تلك النظرية ترد فقط في سياق التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية.

                  4. وليم هايد وولاستون(1766–1828) W. H. Wollaston كيميائي وفيزيائي وفيلسوف إنجليزي، نبغ في الكيمائيات والبصريات، يُعَدُّ واحداً من أغزر العلماء إنتاجا وأبعدهم أثراً، أدّت دراساته للبلاتين إلى اكتشاف عنصرين شقيقين هما "البلاديومPalladium" عام 1803 و"الرّوديوم Rhodium" عام 1803 أيضاً.

                  وقد أكثر داروين من الاسـتشـهاد بأقوال " وولاستون " في أكثر من موضع من كتابه " أصل الأنواع " . ولا يخفى على كل من قرأ الكتاب أنّ داروين إنما وضع كتابه المذكور بمشاركة عدد ممن أشار إليهم من أمثال: وولاستون، الفريد والاس، وطسون ود. أساغري وآخرين .

                  5. هيللر (1772 – 1844 ) Heller عالم فرنسي. صاحب النظرية المعروفة باسمه والتي تقول بأنّ الأنواع المختلفة من الكائنات الحيّة تنشأ استجابة لظروف البيئة، والتي تتغير باستمرار مما يسبب تغيرات في الكائنات الحيّة، فإذا كانت التغيرات ملائمة للبيئـة فإنّ الأفراد تعيـش وتتكاثر مكونة نوعاً جديداً، وإذا كانت التغيرات غير ملائمة للبيئة فإنّ أفراد هذا النوع تهلك وتنقرض.

                  6. آتيين جفروي ( 1772 – 1844) A.G.Sant lieer عالم فرنسي. قدم إلى مصر سنة 1791 في بعث استعماري مرافقاً الكافر المستعمر نابليون بونابرت في غزوه الصليبي لمصر، ومكث بها حتى جلاء الغـزاة الكفـرة عنها سنة 1801م. من أشهر كتبه "فلسفة التشريح" سنة 1818 و "مبـادئ فلسفـة الحيـوان" سنة 1837 و"تـاريخ الثدييات" في ثلاثة مجلدات بين السنوات (1818 – 1842). وله رسالة نشـرها ابنه واعتمدها دعاة التطور تقول بأنّ الصور المتماثلة لم تكن منذ بدأ الخليقة على ما هي عليه الآن. وكان جل اعتماده في تعليل أسباب التحول على حالات الحياة أو البيئة المؤثرة.

                  1-علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1001)
                  2- وايزمان أو فايزمان أو فايتسمان.
                  3- علم الحيوان العام، صفحة (1110) -- النبات العام، صفحة ( 1002-1003)
                  4- جولدزبي- ريتشارد، البيولوجيا، الصفحات (12-25)، الجزء الأول، الترجمة العربية.
                  منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.

                  يتبع
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق


                  • #24
                    تابع

                    الخلق والنشوء
                    بين ضلال النظريات
                    وحقائق الإسلام
                    ***
                    أشهر المذاهب التطوريّة

                    7. سير جون ريتشاردسون ( 1782 – 1865 ) Sir J.Richardson عالم طبيعي درس الطب والجراحة، والتحق بالبعث القطبي الأول إلى القطب الشمالي بإمرة فراكلين (1819–1822) له أبحاث كثيره في التطور وفي حيوانات القطب الشمالي، ويعد ريتشاردسون من المشاهير في فكرة التطور، وقد أكثر دعاة التطور من الاستشهاد بأقواله، ونقل عنه داروين كثيراً في كتابه "أصل الأنواع".

                    8. سانتيلير : ايزيدور جفروي (1805–1861) E.G.Sant lie عالم فرنسي، ولد في باريس وتوفي فيها، من كبار علماء وظائف الأعضاء أخذ عن أبيه "أتيين" علم المواليد "التاريخ الطبيعي" ثم عكف على دراسة الأسباب الطبيعية التي تساعد على ظهور الشواذ الخلقية ونشـوئها، نشر العديد من المؤلفات في علم الحيوان وتاريخ العضويات الطبيعي. ومن أشهر كتبه: "تأريخ النظام الطبيعي في الإنسان والحيوان" سنة 1837. وكتاب "إيلاف الحيوانات النافعة واستيحاشها" سنة 1854.

                    حاول في خطبة ألقاها عام 1850، وظهرت في مجلة "عالم الحيوان" في يناير عام 1851 إثبات صحة اعتقاده في أنَّ الصفات النوعية تبقى ثابتة في كل نوع ما دام باقيا في بيئة تحفظ عليه مؤثرات ظروف واحدة وتتحول إذا اختلفت تلك الظروف، وأن ملاحظة الحيوانات البريـة


                    تثبت تحول الأنواع، وآن التجارب التي تناولت حيوانات أليفة أو حيوانات رجعت إلى الاستيحاش والبرية بعد إيلافها تزيد ذلك بياناً، وإن التجارب تثبت عدا ذلك، وانّ التحولات الناتجة قد يحتمل أن تكون ذات قيمة نوعية.

                    9. د. ويلز D.Wills هو أول من قرّر صراحة ولأول مرّة مبدأ الانتخاب الطبيعي في خطبة له ألقاها في "المجمع الملكي" عام 1813. إلا أنه أطلقها على السلالات البشرية وقصرها على بعض صفاتها دون البعض الآخر، وقام بنشر خطبته بعد أن نشر مقالتين له: الأولى في ظاهرة "النّدى" والثانية بعنوان "الرؤيا الفريدة" سنة 1818.

                    10. لايل : سير تشارلس (1797-1830) Sir Charles Lyall عالم جيولوجي بريطاني. قام بالاشتراك مع د.هـ وكر بالإطلاع على أفكار كل من "داروين ووولاس" وتشجيعهما على نشر نظريتهما وربما يكونا قد قاما بمهمة إعدادها بالاشتراك مع آخرين. أشهر كتبه : "مبادئ الجيولوجية" (1830)، نقض فيه مذهب "النكبات الجيولوجية Catastrophist" وأقام مذهبه في هذا العلم على أساس التطور التدريجي. انتخب سنة 1850 رئيساً للمجمع الجيولوجي ورئيساً لجماعة تقدم العلوم البريطانية في سنة 1864.

                    11. جرانتGrant أحد مشاهير نظرية التطور العضوي. له مقالات عدّه في موضوع الانتخاب العضوي نُشرت في الجرائد والمجلات في الأعوام (1826–1834م)، فقد نشر في مجلته المعروفة "جريدة أدنبرة الفلسفية" سنة 1826 (مجلد 14 صفحة 339) مُعْتَقَده في أنّ الأنواع متولدة من أنواع أخر، وأنها ارتقت بدوام تكيف الصفات، وجهر بذلك الرأي عينه في خطابه الخامس والخمسين الذي طبع في مجلة " اللانست" سنة 1834.


                    12. وليم هيربرت William Heirbert أسقف مانشستر، برز حوالي العام 1820 كداعية تطوري. ورد في كتابه المطبوع سـنة (1822) "مقـررات فـلاحة البساتين"، وفي كتابه "الفصيلة النرجسية" المطبوع عام 1837 صفحة (19) وصفحة (339) : (إنّ التجارب في فن زراعة الحدائق قد أثبت بما لا سبيل إلى دفعه أنّ في الأنواع النباتية مجموعة ضروب أرقى وأثبت صفات من غيرها) ثم أطلق نظريته على عالم الحيوان معتقداً أنّ أنواعاً خاصة من كل جنس قد خلقت أصلاً وبها قابلية التّشكل وأنها أُنتجَت بالمهاجنة ثم بالتحول عن الأنواع الحالية.

                    13. بــاتريك مـاتـيوPatrick Matio عالم جيولوجي ألماني. صاحب كتاب "خشب السفن البحرية والأشجار الخشبية" المطبوع سنة 1831. قال بنفس الأفكار التي وردت في كتاب "أصـل الأنواع"، ودعى لنفـس الأفكار التي حملها كل من "داروين وألفريد ولاس"، إلا أنّ أفكاره تلك قد وردت ضمن فصول شتى في سياق مواضيع كتابه، فظلّت أفكاره مجهولة حتى نبه إليها في "سجل جاردنز" في أبريل1860، ليس هناك فروق تذكر بين مذهبه ومذهب داروين – كما يقول الأخير – حيث يذكر في كتابه "أصل الأنواع": (وليست الفروق بين مذهبه ومذهبي بذات شأن، فالظاهر أنه يحدس أنّ العالم كان يخلوا من سكانه في أدوار متعاقبة ثم يعمر بعد ذلك، وأنه تعقيباً على ذلك تتولد صور أخرى جديدة من غير فطر عفني أو جرثومة سابقة. ولا أقطع أني فهمت بعض عباراته، غير أني تبينت أنه يعزو لفعل الحياة تأثيراً كبيراً كذلك قد وضحت له قدرة الانتخاب الطبيعي الفعالة كل الوضوح )[ ]


                    14. فون بوخ ليوبولدV.B.Leopold عالم ألماني. ولد في بروسيا عام 1774، وتوفي في برلين عام 1858. اشتهر كداعية تطور عام 1836 حيث يقول في كتابه "وصف جزر كناري الطبيعي": (إن الضروب تستحيل ببطء أنواعاً ثانية لا تكون بعد ذلك قابلة للمهاجنة) وقال بنفس الأفكار في كتبه الأخرى: "سياحة في نرويجولابلاند" (1810) - "سلاسل الجبال في روسيا" (1840) - "مقالات في العمونياتAmmonites ".

                    15. فون باير (1792 – 1872) Von Baer عالم طبيعي بروسي. تَخَصّصَ في علم الأجنّة، له نظريات في التطور الطبيعي الجنيني، أظهر في عام 1859 نظرية قائمة على سنن الاستيطان وانّ الصور المتباينة تبايناً كلياً في الوقت الحاضر متولدة من صورة سفلية واحدة. أشهر كتبه : "توالد الأسماك وتدرج وجودها" عام 1835 و "تطور الصور الأحيائية" عام 1837.


                    16. دالوي دوماليوس Daliwah Domallius جيولوجي صاحب رسـالة في التطور المقرون بتحول الصفات، عُرِفَ كصاحب مدرسة تطورية في عام 1831، وقد نشر هذه الرّسالة في العام 1846 مجدداً بيَّنَ فيها رأيه في أنّ القول بنشوء أنواع جديدة بالتسلسل المقرون بتحول الصفات أرجح من القول بأنها خُلقت مُستقلة، وقد أُثبِتَت تلك الرسالة في "سجل مجمع بروكسيل الملكي" (صفحة 581. جزء 13).

                    17. ريتشارد أوين (1820–1892) Richard Owenعالم إنجليزي من المبرزين في علوم التشريح والحيوان والأحفوريات، أشهر كتبه: "طبيعة الأطراف" (1849). "تشريح الفقاريات" زواحف جنوبي أفريقيا الأحفورية" (1861). يصنفه المؤرخون بين مشاهير دعاة التطور إلا أنّ المُراجِِعَ لنصوص كتبه وخطبه المتعددة يجد أن هذا العالم متأرجح بين نظرية الانتخاب الطبيعي والخلق المستقل، وفي ذلك يقول داروين: (… إنّ كثير من القراء يجدون

                    كما أجد في جدليات الأستاذ أوين من الغموض والتنافر ما يعذر فهمه عليهم ويعنتهم في التلفيق بين أطرافها.)[ ]

                    ومما يرجح القول بأنه ربما عدل عن دعوته لفكرة الانتخاب الطبيعي إلى الإيمان بالخلق لما ورد في خطبة له ألقاها في "الجمعية البريطانية" عام (1858): (إنَّ حالات مثل حالة "القطا الأحمر Red Grouse"، إذا وعاها العالِم بالحيوان ليستدل بها على خلق ذلك الطير خلقاً خاصاً واختصاصه بتلك الجزائر[ ] يظهر قصوره دائماً عن إدراك السّر الخفي في وجود ذلك الطير في تلك البقعة واختصاصها به دون بقاع الأرض كافة، مستنجداً بفضل اعترافه بذلك القصور، إنّ كلاً من الطير والجزائر مدينان بأصلهما لسبب خلاق عظيم الحول).
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق


                    • #25
                      رد فضيلة العلامة بن عثيمين رحمه الله
                      (( على مدعي أن أصل الإنسان قرد))

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      السؤال: هذه رسالة وردتنا من المرسل محمد عمر سلطان من العراق محافظة نينوى يقول إنني الطالب محمد سلطان أحد طلاب الصف الثاني المتوسط لقد درست في العام الماضي أصل منشأ الإنسان في كتاب التاريخ ويؤكد الكتاب أن الإنسان أصله قرد وتحول بمرور الزمن إلى إنسان فهل هذا صحيح أم يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم عن أصل القرد أهدونا وفقكم الله إلى الطريق لكي نسلكه مشكورين؟

                      الجواب

                      الشيخ: هذا القول ليس بصحيح أعني القول بأن أصل الإنسان قرد ولكن القائل به هو في الحقيقة قرد ممسوخ العقل وممسوخ البصيرة فجديرٌ أن نسميه هو قرداً وليس بإنسان حتى وهو على صورة إنسان.

                      السؤال: لكن ألا يمكن أن نقول هو قرد ممسوخ حقيقة لأنه يهودي؟

                      الشيخ: على كل حال ما قلته أولى ما قلته أنا كفاية هذا القول ليس بصحيح أن أصل الإنسان قرد واعتقاده كفر لأنه تكذيب للقرآن فإن الله تعالى بين أن خلق الإنسان أصله من طيب بخلق آدم عليه الصلاة والسلام وهو أبو البشر ثم جعل الله تعالى نسله من سلالة من ماء مهين والقرود المعروفة هي من جملة فصائل المخلوقات الأخرى فهي مخلوقات نشأت هكذا لطبيعتها أنشأها الله تبارك وتعالى على هذه الصفة كالحمير والكلاب والبغال والخيل والإبل والبقر والغنم والظباء والدجاج وغيرها ولا يجوز لأحد بل لا يجوز لدولة مسلمة تنتمي إلى الإسلام أن تقرر هذا في مدارسها بل يجب عليها أن ترفع ذلك من المدارس لأن الطالب إذا نشأ على هذا من صغره يصعب جداً أن يُخَلصَ منه بل ولا أرى من الجائز أن يقرر هذا في المدارس لأن وضع الشيء ثم محاولة اقتلاعه مفسدة لكن عدم وضعه بالكلية أولى من أن يوضع ثم يحاول اقتلاعه وإبطاله والواجب على الدول الإسلامية عموماً أن تعيد النظر في مناهجها ومقرراتها وأن تجعلها مستخلصة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يعيد الله تعالى إلى الأمة الإسلامية مجدها وعزها وكرامتها ويزول عنها كابوس الذل الذي أصابها اليوم حتى أصبحت في حال يرثى لها قد أقول في حال يرحمها عدوها لما بينها من تشتت والتفرق والذل والهوان بين دول العالم والواقع شاهد بذلك وما سببه إلا إعراضهم أو إعراض كثير منهم عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاج السلف الصالح الذي قال فيه الإمام مالك رحمه الله لم يُصلِح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها والله أسأله بمنه وكرمه أن يعيدنا جميعاً إلى الإسلام الحقيقي عقيدة وقولاً وفعلاً منهاجاً وشريعة حتى نعود إلى العز والمكانة الذي نصل إليها بتمسكنا بديننا

                      رحم الله شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق


                      • #26
                        رابط كتاب أليكترونى باسم
                        نظرية داروين فى المشرحة
                        يحتوى على مشاركات هذا الموضوع كاملة


                        http://aljoood.1.9.googlepages.com/Zz1.zip
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق


                        • #27
                          موضوع جيد

                          هدم نظرية التطور في عشرين سؤالا / هارون يحيى
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق


                          • #28
                            إضافة رقمية

                            معادلة بسيطة تقضي على نظرية داروين

                            https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=9360
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق


                            • #29
                              الزائدة الدودية .. تشهد بعظمة ووجود الله عز وجل .. وتهدم نظرية التطور

                              https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=8328
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق


                              • #30
                                الداروينية و القرد المؤلف ( و شهد شاهد من أهلها)

                                https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=9418
                                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                                وينصر الله من ينصره

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 3 يوم
                                ردود 3
                                16 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الراجى رضا الله  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 07:21 م
                                ردود 0
                                89 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:58 م
                                رد 1
                                283 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة فؤاد النمر
                                بواسطة فؤاد النمر
                                 
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:50 م
                                رد 1
                                70 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                ابتدأ بواسطة إبراهيم صالح, 25 أكت, 2020, 06:47 م
                                ردود 0
                                133 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة إبراهيم صالح  
                                يعمل...
                                X