نداء لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د/ربيع أحمد مسلم سلفي العقيدة اكتشف المزيد حول د/ربيع أحمد
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نداء لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم

    نداء لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعـده، وعلى آله وصحبه، أما بعد :

    فمما يؤسف القلب و يدمع العين أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- و نحن نيام رسول الإنسانية - الذي علم البشرية كيف تعبد ربها - يؤذى و يسب و نحن أحياء و لم نحرك ساكنا للإساءة إليه .

    أفيقوا أيها المسلمون ماذا ننتظر من الكفار بعد أن أساؤوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ؟!! و متى نستيقظ من سباتنا و نغضب لنبينا صلى الله عليه وسلم ؟!!! أرضينا بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل؟!!

    إلى كل من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي-إلى كل من يغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم و يفديه بالأب و الولد كيف يسب النبي صلى الله عليه وسلم و أنت حي أهكذا يثار المحب لإيذاء حبيبه هل لو كان أبوك أو أمك هو الذي أسيء به ماذا كنت فاعلا أيكفي مجرد الاستنكار ؟!!

    عظم وشناعة سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه :

    أيها الإخوة و الأخوات إن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه جريمة شنعاء قد زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ،ومما لاشك فيه عند المسلمين أن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه من أعظم المنكرات و الكبائر و الكفر ، والإساءة إليه ليست إساءة له وحده بل إساءة لله الذي أرسله و لدين الله الذي يبلغه و لمعتنقي دين الله الذين أرسل إليهم .

    يقول الدكتور وسيم فتح الله: «إنَّ سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جناية وجريمة فوق باقي الجنايات، وإن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم جريمة زائدة على جريمة الردة والكفر والحراب، وبدايةً لا بد من تحرير أوجه الحقوق المتعلقة بسب الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حرر ذلك ابن تيمية رحمه الله تحريراً نفيساً فقال:" إن سب النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به عدة حقوق:

    1. حق الله سبحانه: من حيث كفرَ - أي الساب - برسوله، وعادى أفضل أوليائه، وبارزه بالمحاربة، ومن حيث طعن في كتابه ودينه، فإن صحتهما موقوفةٌ على صحة الرسالة، ومن حيث طعن في ألوهيته؛ فإن الطعن في الرسول طعنٌ في المرسِل، وتكذيبه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى، وإنكارٌ لكلامه وأمره وخبره وكثيرٍ من صفاته.

    2. حق جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم: فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصاً أمته، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسِفارته، فالسب له أعظم عندهم مِن سبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسب جميعهم، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين.

    3. حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه: فإن الإنسان تؤذيه الوقيعةُ في عِرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب، بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصاً من يجب عليه أن يظهرَ للناس كمالُ عِرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه قد يكون أعظم عنده مِن قتله، فإن قتلَه لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره، كما أن موته لا يقدح في ذلك، بخلاف الوقيعة في عِرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النُفره عنه وسوء الظن به ما يُفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة.

    فعُلم بذلك أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة، وهذا ظاهرٌ إن شاء الله تعالى»[1] .

    وقد جعل الله سبحانه و تعالى مشاقته ومشاقة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللهَ وَرَسُولَهُ ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب﴾[2]

    وجعل الله سبحانه و تعالى محادته ومحادة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئك في الأذلين﴾[3]

    وجعل الله سبحانه و تعالى معصيته ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين﴾[4]

    وجعل الله سبحانه و تعالى إيذائه و إيذاء رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾[5]


    حكم سب النبي صلى الله عليه وسلم و الإساءة إليه:

    و قد أجمع المسلمون أن سب النبي أو إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر و ردة قال إسحاق بن راهويه : « أجمع المسلمون على أن من سَبَّ اللهَ، أو سب رسولَه صلى الله عليه وسلم ، أو دَفَعَ شيئاً مما أنزل الله عز وجل، أو قَتل نبياً من أنبياء الله عز وجل، أنه كافر بذلك و إن كان مُقِرّاً بكل ما أنزل الله »[6] .

    و قال محمد بن سحنون أحد فقهاء المالكية : « أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر »[7]

    و قال ابن تيمية : «إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً أو باطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل »[8].

    ومن الآيات القرانية الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ ولَئِن سَألْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخوُضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بَعْدَ إيْمَانِكُمْ ﴾[9] و الآية الكريمة نص في أن الإساءة و الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر ، و يدخل في معنى الآية السب بطريق الأولى

    و من الأحاديث الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ. فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَ اتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ ) [10].

    قال الخطابي :«وفيه بيان أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وذلك أن السب منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتداد عن الدين ولا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله ولكن إذا كان الساب ذمياً فقد اختلفوا فيه فقال مالك بن أنس من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلاّ أن يسلم وكذلك قال أحمد بن حنبل، وقال الشافعي يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه الذمة »[11].

    وجوب قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم:
    و قد أجمع أهل العلم على وجوب قتل من سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله ، أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له و الإزراء عليه أو التحقير لشأنه

    فحكم من أتى بذلك أن يقتل بلا استتابة ؛ لأنه آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يستوجب إهدار دمه إن كان مسلما، ونقض عهده وقتله إن كان ذميا كل ذلك حماية لعرضه صلى الله عليه وسلم وصونا لمكانته ومنزلته[12].

    قال ابن عثيمين رحمه الله :«من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإننا نقبل توبته إذا تاب ولكن نقتله لحق الرسول صلى الله عليه وسلم إنما في هذه الحال نقتله على أنه مسلم فنغسله ونكفنه ونصلى عليه وندفنه مع المسلمين فإن قال قائل كيف تقولون لا نقتل من سب الله إذا تاب ونقتل من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن المعلوم أن حق الله أعظم من حق الرسول وحرمة الله أعظم من حرمة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالجواب أن الله تعالى أخبرنا عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو حقه عز وجل و قد عفا عنه أما الرسول عليه الصلاة والسلام فإننا لا نعلم أيعفو عمن سبه أو لا و قد سبه أناس في حياته و عفا عنهم و لكن بعد موته لا ندري أيعفو أم لا فنقتله أخذاً لثأر الرسول صلى الله عليه وعلى آله و سلم»[13].

    و يجب أن ننتبه لأمر هام ألا وهو أن تنفيذ حد القتل لمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم يكون لجهات الاختصاص من قبل أولى الأمر في كل بلد وليس لعموم الناس, مما تكون مفسدته أعظم.


    [1]- إسعاف المؤمنين بنصرة خاتم المرسلين الدكتور وسيم فتح الله 58-59
    [2]- الأنفال الآية 13
    [3] - المجادلة الآية 20
    [4]- النساء الآية 14
    [5]- الأحزاب الآية 57
    [6]- الصارم المسلول لابن تيمية ص 12
    [7]- الشفا للقاضي عياض ص 429 .
    [8] - الصارم المسلول لابن تيمية ص 451
    [9]- التوبة الآية 65-66
    [10]- الحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود حديث رقم 3655
    [11] - معالم السنن للخطابي 3/296
    [12]- محبة الرسول بين الإتباع والابتداع لعبد الرءوف محمد عثمان ص 82
    [13]- فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين 2/19
    التعديل الأخير تم بواسطة في حب الله; 14 أكت, 2012, 03:14 م. سبب آخر: تعديل
    د. ربيع أحمد طبيب بشري قليل التواجد في المنتدى
    بعض كتاباتي على الألوكة
    بعض كتاباتي على المختار الإسلامي

  • #2
    نداء لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ج2

    لا يسقط القتل عن ساب النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة:

    إن ساب النبي صلى الله عليه وسلم لا يسقط عنه القتل بالتوبة لما يدخل من المعرة بالسب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو حق لآدمي لم يعلم إسقاطه .


    سب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من القتل و الزنا و شرب الخمر:

    وليعلم كل مسلم أن سب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من قتل المسلم، وأعظم من الزنا و شرب الخمر ؛ لأن السب كفر و ردة كما نص عليه أهل العلم ، وأما القتل أو الزنا أو شرب الخمر فهو كبيرة لا تخرج من الملة .


    نصرة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم:

    أيها الأخوة إن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾[1]فقد أخذ الله العهد على الأنبياء أن ينصروا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن يؤمنوا به، فما بالك بغيرهم من البشر؟!

    قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ: لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيَتَّبِعَنَّهُ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيَتَّبِعُنَّهُ وَيَنْصُرُنَّهُ »[2].

    وقال بعض أهل العلم : « إنما أخذ الميثاق على النبيين وأممهم، فاكتفى بذكر الأنبياء عن ذكر الأمم، لأن في أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على التابع »[3].

    و قال سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا ﴾[4] لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم والأمة، أو لهم على أن خطابه منزل منزلة خطابهم[5] ، وقوله تعالى {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} أي أرسلناه كذلك لتؤمنوا بالله ورسوله {وَتُعَزِّرُوهُ} بمعنى تنصروه {وَتُوَقِّرُوهُ} بمعنى تجلوه وتعظموه وهذه واجبة لله ولرسوله الإيمان و التعزير و التوقير[6] .

    والطعن والقدح فيمن يحمل الشريعة قدح في الشريعة التي يحملها والرد على من قدح في الشريعة ونصرة الشريعة أمر واجب فالرد على من قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم أمر واجب، والذي يطعن في النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليطعن فيه لولا الشريعة التي يحملها ويبلغها عن ربِّه تبارك وتعالى، فنُصْرته إذن من نصرة دين الله .


    نصر النبي صلى الله عليه وسلم خير لنا و سبب لفلاحنا:

    أيها الأخوة إن المسلم عندما ينصر النبي صلى الله عليه وسلم فإنما يسعى لخير نفسه، وإذا تقاعس عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم فلن يضر إلا نفسه و نصرة النبي من أسباب الفلاح قال تعالى : ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾[7]أي إن الذين آمنوا بالرسول الأمى حين بعث- من قوم موسى ومن كل أمة، وعزروه بأن منعوه وحموه من كل من يعاديه مع التعظيم والإجلال، لا كما يحمون بعض ملوكهم مع الكره والاشمئزاز، ونصروه باللسان والسّنان، واتبعوا النور الأعظم الذي أنزل مع رسالته وهو القرآن، أولئك هم المفلحون الفائزون بالرحمة والرضوان دون سواهم من حزب الشيطان الذين خذلهم الله فى الدنيا والآخرة [8].

    وفي الآية قد علَّق الله سبحانه و تعالى الفلاح بالنصرة، فمن لم ينصر النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس من المفلحين ، و تجنُّبَ الأمر الْمُوجب لعدم الفلاح واجبٌ ونحن بحاجة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلمو ليس النبي صلى الله عليه و سلم بحاجة لنصرنا له فالله قد تولى نصرة ، و قد نصر الله نبيه صلى الله عليه و سلم في وقت ليس معه أنصار و لا أعوان وهو في أمس الحاجة لها و لم يكن معه إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه .


    إن لم ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ناصره:

    أيها الإخوة أعود فأقول إن لم ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ناصره قال تعالى : ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾[9]أي: إن كنتم لَا تنصرونه وتخاذلتم عن نصرته فهو في غنى عنكم ولن يُخذل إذ قد نصره الله تعالى وهو في قلة من العدد، ولم يكن معه أحد[10]فالمعنى إن لم تنصروه أنتم فسينصره الله الذي نصره حين كان ثاني اثنين، حيث لم يكن معه أنصار ولا أعوان[11] .

    قال فخر الدين الرازي : « اعلم أَنَّ هَذَا ذِكْرُ طَرِيقٍ آخَرَ فِي تَرْغِيبِهِمْ[12] فِي الْجِهَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَنْفِرُوا بِاسْتِنْفَارِهِ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِنُصْرَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصُرُهُ بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ نَصَرَهُ وَقَوَّاهُ، حَالَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَهَهُنَا أَوْلَى »[13] .


    كفاية الله نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين به:

    أيها الأخوة لقد كفى الله سبحانه وتعالى نبيه المستهزئين به و السابين له في كل زمان و مكان فقال سبحانه : ﴿ فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين﴾[14]قال السعديرحمه الله : « هذا وعْدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أنْ لا يضره المستهزئون، وأنْ يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة»[15] .

    وإن كان سبب نزول الآية خاص فلفظ الآية عام و العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فقد كفى الله النبي صلى الله عليه وسلم المستهزئين به و عاقبهم في الدنيا قبل عقاب الآخرة و التاريخ خير شاهد على ذلك فكم من مستهزئ بالنبي صلى الله عليه وسلم قد انتقم الله منه و جعله عبرة لمن يعتبر وكم من ساب للنبي صلى الله عليه وسلم قد انتقم الله منه و جعله عبرة لمن يعتبر .

    وعنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ[16].

    وروى الحاكم والبيهقي في "الدلائل" أن لهب بن أبي لهب كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم سلط عليه كلبك) ، فخرج في قافلة يريد الشام فنزل منزلا فقال : إني أخاف دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا له : كلا . فحطوا متاعهم حوله وقعدوا يحرسونه ، فجاء الأسد فانتزعه فذهب به [17].

    وعندما مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فسلط الله على كسرى ولده شيرويه فقتله، و مزقالله ملك كسرى كل ممزق ، ولم يبق للأكاسرة ملك .

    وذكر المطري في كتابه «تاريخ المدينة» أن السلطان محمود رأى النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- في ليلة واحدة ثلاث مرات، وهو يقول له في كل واحدة منها: «يا محمود أنقذني من هذين الشّخصين» لشخصين أشقرين تجاهه، فاستحضر وزيره قبل الصبح فأخبره فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- ليس له غيرك، فتجهز .

    وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة و ما يتبعها من خيل وغير ذلك ، حتّى دخل المدينة على غفلة، فلما زار طلب الناس عامة للصدقة، وقال: لا يبقى بالمدينة أحد إلّا جاء، فلم يبق إلّا رجلان مجاوران من أهل الأندلس، نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب التي تعرف اليوم بدار العشرة- رضي الله عنهم-

    قالا: نحن في كفاية، فجدّ في طلبهما، حتّى جيء بهما، فلما رآهما قال للوزير: هما هذان، فسألهما عن حالهما وما جاء بهما، فقالا لمجاورة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- فكرر السؤال عليهما، حتّى أفضى إلى العقوبة، فأقرا أنهما من النصارى، وصلا لكي ينقلا النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- من هذه الحجرة الشريفة .

    ووجدهما قد حفرا نقبا تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي يجعلان التراب في بئر عندهما في البيت ، فضرب أعناقهما عند الشباك الذي في شرقي حجرة النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- خارج المسجد، ثم أحرقا، وركب متوجها إلى الشام راجعا ، فصاح به من كان نازلا خارج السور واستغاثوا وطلبوا أن يبني لهم سورا يحفظهم، فأمر ببناء هذا السور الموجود[18] .


    الطرق العملية لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم:

    أيها الأخوة علينا أن ننصر نبينا صلى الله عليه وسلم بكل الوسائل الشرعية المستطاعة كرفع الدعاوى القانونية ضد المجرمين الذين قاموا بعمل الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم في أمريكا ،و الضغط على الكنيسة الأرثوذكسية في مصر لإعلان موقف واضح صريح تجاه أقباط المهجر الذين قاموا بعمل هذا الفيلم و المطالبة بإصدار قانون دولى يجرم التعديات على المقدسات الإسلامية و الأنبياء فالتعديات على المقدسات الإسلامية و الأنبياء ليست من حرية التعبير في شيء .

    وعلينا أن نعرف العالم بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فلو عرفوا سيرته لم أساؤوا إليه فالإنسان عدوا ما يجهله و لو تعرف الغرب على حياة النبي صلى الله عليه وسلم من مصادرها الصحيحة بعيداً عن تدليس المستشرقين، وافتراء المضللين لتبيّن لهم الأمر .

    قال ابن حزم: (( إن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها تقتضي تصديقه ضرورة، وتشهد له بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، فلو لم تكن له معجزة غير سيرته صلى الله عليه وسلم لكفى ))[19] و التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون عن طريق إلقاء الخطب و الندوات العلمية و عن طريق الكتب و المجلات و الصحف وعن طريق مواقع الإنترنت .

    و علينا أن ننصر النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتنا و بلادنا بالتحلى بآدابه و التأسي بسنته و نشر سنته و دينه في مشارق الأرض ومغاربها .

    و لأن عجزنا عن إنكار الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم باليد فلا نعجز أن ننكر بالقلب واللسان والقلم وكل الوسائل المشروعة المتوفرة وألا نرد الإساءة بمحرم .

    هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد 12/10/2012م



    [1] - آل عمران الآية81
    [2] - تفسير القران العظيم 8/110
    [3]- زاد المسير في علم التفسير 1/299
    [4]- الفتح الآية 8-9
    [5] - تفسير البيضاوي 5/127
    [6]- أيسر التفاسير 5/97
    [7]- الأعراف الآية 57
    [8] - تفسير المراغي 9 /83
    [9]- التوبة من الآية 40
    [10]- زهرة التفاسير 0/3308
    [11]- صفوة التفاسير 1/498
    [12]- قلت يقصد الصحابة
    [13]- مفاتيح الغيب 16/49
    [14]- الحجر الآية 95
    [15]- تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص 435
    [16]- رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 3617
    [17] - قال الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي
    [18]- شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح العكري الحنبلي 6/380-381
    [19]- الفصل في الملل و النحل لابن حزم 2/92
    التعديل الأخير تم بواسطة في حب الله; 14 أكت, 2012, 03:09 م. سبب آخر: تنسيق
    د. ربيع أحمد طبيب بشري قليل التواجد في المنتدى
    بعض كتاباتي على الألوكة
    بعض كتاباتي على المختار الإسلامي

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 6 يول, 2023, 04:05 ص
    ردود 0
    54 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة mohamed faid, 28 أبر, 2023, 10:19 ص
    ردود 0
    77 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة mohamed faid
    بواسطة mohamed faid
     
    ابتدأ بواسطة رامي1346, 19 أبر, 2023, 04:46 ص
    ردود 0
    151 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة رامي1346
    بواسطة رامي1346
     
    ابتدأ بواسطة روح سقراط, 20 مار, 2023, 06:14 م
    ردود 4
    72 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة روح سقراط
    بواسطة روح سقراط
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 يول, 2022, 03:44 ص
    رد 1
    44 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    يعمل...
    X