أما آن لك أن تعتنق الإسلام ؟!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

في حب الله مسلم اكتشف المزيد حول في حب الله
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كلمة أخيرة عن قضيَّة المساواة بين الرَّجل والمرأة
    كلمة أخيرة عن قضيَّة المساواة بين الرَّجل والمرأة




    يقول اللَّه تعالى في القرآن الكريم في حديثه عن ولادة امرأة عمران للسَّيّدة مريم عليها السَّلام : { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ 36 } (3- آل عمران 36) .
    هذه الآية تحتوي على قاعدة عظيمة , لو فَهمها النَّاسُ وعملُوا بها لَانْحَلَّت أغلب مشاكلهم الزَّوجيَّة والاجتماعيَّة ! هذه القاعدة هي : وليس الذَّكَرُ كالأنثَى .
    معنى ذلك أنَّ المرأة , وإن انسلَختْ من جِلْدَتها , وإن قادت الباخرة أو لعبتْ كرة القدم , فستَبقى امرأة , لها خصائصها الأنثويَّة , وعواطفها الأنثويَّة , وحاجاتها الأنثويَّة . وليس في هذا تحقيرٌ لها أو تقليلٌ من دورها في المجتمع . أبدًا , إنَّها نصفُ المجتمع , والرَّجلُ هو النِّصفُ الآخر , الاثنان يتساويان في الإنسانيَّة ويتكاملان في الوظيفة الحياتيَّة .
    وقد أصبح من المعروف اليوم أنَّ المرأة تختلف عن الرَّجل , ليس فقط في الشَّكل الخارجي لجسدها , وإنَّما أيضًا في نفسيَّتها وميُولاتها وتصرُّفاتها اللاَّشعوريَّة . وربَّما سمعتِ سيِّدتي بقصَّة الرَّجل الذي خرجَتْ زوجتُه لتعمل , وجلس هو في البيت يقوم بشؤُونه , فأخذتْ ابنتُه الرَّضيعة تبكي ولم تقبل زجاجة الحليب . فلمَّا أخفقَتْ كلُّ محاولاته معها لإسكاتها , ضاق بها ذرعًا , فقذف بها بقوَّة على الأرض , فماتَتْ , ودخل هو إلى السِّجن !
    مِن الخطأ والشُّذوذ إذًا أن يُحاولَ الرَّجُلُ أن يتأنَّث أو تُحاول المرأةُ أن تَترجَّل ! وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنه , أنَّه قال : لَعنَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المتَشَبِّهين من الرِّجال بالنِّساء , والمتَشَبِّهات من النِّساء بالرِّجال . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 5 – ص 2207 – رقم الحديث 5546) .
    فكما أنَّ الأمَّ لا تستطيعُ أبدًا أن تُصبحَ أبًا , ولا الأب يستطيعُ أن يأخُذ دور الأمّ , فكذلك , ولكي يحصل توازنٌ في الأسرة والمجتمع , قسَّم الإسلامُ الأدوارَ والمهامّ بين الرَّجل والمرأة بِحَسَب ما يتوافق مع تركيبة كُلٍّ منهما الجسديَّة والنَّفسيَّة . وليس في هذا إهانة لِأيٍّ منهما , وإنَّما هو توزيعٌ طبيعي للمهامّ , مثلما تُوزَّع الأدوارُ بين الوزراء في الدَّولة : هذا مسؤول عن الشُّؤون الخارجيَّة , والآخر مسؤول عن الشُّؤون الدَّاخليَّة , كُلٌّ يعملُ في مجاله , وكُلٌّ يتشاور ويتعاون مع الآخر لكي يحصل التَّوازن .
    وقد عاش الرِّجالُ والنِّساء في المجتمعات الإسلاميَّة قُرونًا عديدة في سَلام , لا يُجادلُون في قاعدة : وليس الذَّكَرُ كالأنثَى , لأنَّهم لم يَرَوْا فيها تفضيلاً لأحد الطَّرفين على الآخر , وإنَّما رأَوْا فيها , بالعكس , تقسيمًا للمهامِّ بينهما مع مراعاة فطرة كلٍّ منهما .
    ولكن , ما أن بدأ الجدالُ حول هذه المسألة , حتَّى نشبتْ حربٌ ضروس بين المرأة والرَّجل , في المجتمعات الغربيَّة أوَّلاً ثمَّ انتقلت إلى المجتمعات العربيَّة , وأصبحت قضيَّةُ مساواة المرأة بالرَّجل في كلِّ شيء قَضيَّة مصيريَّة , فلا يعمل الرَّجلُ عملاً ولا يدخل ميدانًا إلاَّ ويجب أن تفعل المرأة مثله تَمَامًا ! وكانت النَّتيجة الطَّبيعيَّة لذلك أن كَثُرتْ الخلافات الزَّوجيَّة في البيت , وارتفعتْ نسبةُ البطالة في المجتمع .
    وبعد أن جرَّبت الحكوماتُ الغربيَّة جميع الحلول فلم تُفلح في التَّخفيف من حدَّة هذه البطالة , بدأت بعضُها في السَّنوات الأخيرة , في فرنسا وغيرها , تدعُو النِّساء أن يتفرَّغن لتربية أطفالهنَّ مقابل منحة يتقاضَيْنها شهريًّا , وذلك لكي يُفسحن المجال لِلرَّجل أن يجد عملاً .
    وبعد أن جرَّبت المجتمعاتُ الغربيَّة اختلاط الرَّجل بالمرأة في كلِّ مكان بدَعْوَى المساواة أيضًا , بدأت الآن تعلُو أصواتٌ , في أمريكا وغيرها , تدعُو إلى الفصل بين الطَّلبة والطَّالبات في المدارس بِحُجَّة أنَّ ذلك يُساعدهم على التَّركيز أكثر في الدِّراسة وتحقيق نتائج أفضل .
    وقد أكَّدتْ فعْلاً دراسات في بريطانيا أنَّ المدارس الغير مختلطة , الخاصَّة بالذّكور فقط أو بالإناث فقط , تحتلُّ المراكز الأولى في نسبة النَّاجحين . وفسَّر الباحثُون ذلك بأنَّ مِن بين الأسباب أنَّ الجوَّ في المدارس المختلطة يكون أكثر تكهربًا , لِشُعور كلٍّ من الجنسَيْن بوُجُوب استعمال أسلوب معيَّن في طرح الأسئلة , والجلوس بطريقة معيَّنة , والمبالغة في التَّشويش , لِكَي يلفت انتباه الجنس الآخر .
    وإذا كان الغربُ قد بدأ يدعُو إلى إنشاء مدارس غير مختلطة لتتحسَّن نتائج الطَّلبة الدِّراسيَّة , وإلى عودة المرأة إلى البيت للتَّخفيف من أزمة البطالة , فإنَّ من المؤسف والمضحك حقًّا أنَّ بعض الجمعيَّات النّسائيَّة في بعض البلدان العربيَّة ما زالتْ تَقيس تقدُّمَ المرأة بحسب عدد النِّساء العاملات في الجيش , وكم واحدة اقتحمت ميدان الشُّرطة , وكم واحدة تقود الطَّائرة ! وكلُّ هَمِّ هذه الجمعيَّات أن تقتحم المرأة كلَّ الميادين التي دخلها الرَّجل , حتَّى وإن اضطُرَّت إلى لعب الملاكمة والمصارعة مثله .

    ألم يَحن الوقتُ إذًا أن تعتزَّ المرأةُ بأنوثتها وتتوقَّف عن الجري وراء مُساواةٍ مَغلوطة بالرَّجل , لَمْ تَجْنِ من ورائها سوى التَّعب البدني في المواصلات والعمل , والتَّعب النَّفسي لِشُعورها على الدَّوام بالاضطهاد من طرف المجتمع , سواء في الأجر أو في فُرص الحصول على شُغل أو في المعاملة ؟! وكلَّما طالبتْ بِمَزيدٍ من المساواة بالرَّجل , كلَّما طالبها المجتمعُ بِمَزيدٍ من التَّذلُّل لهذا الرَّجُل , ومَزيدٍ من التَّنازلات عن حيائها وشرفها وعِفَّتها .
    ألَمْ يَحِن الوقتُ أن تُربِّي المرأةُ أطفالها بنفسها , وتغمرهم بحنانها وعطفها , عِوَضَ أن تَفرض عليهم نظامًا عسكريًّا في النَّوم والأكل , يتناسب مع أوقاتها هي , لا مع احتياجاتهم هم , وتقطع عليهم متعة الرّضاعة من صدرها منذ الشَّهر الثَّاني بِحُجَّة أنَّها يجب أن تعود إلى الشّغل ؟! وبعد أن كانت الأمُّ معروفة منذ قَديم العصور بأنَّها تُضحِّي بكلِّ شيء من أجل أطفالها , أصبحنا نعيش اليوم في عصْرٍ يُجبَرُ فيه الأطفالُ منذ ولادتهم أن يُضَحُّوا بكلِّ شيء من أجل أن تَعملَ أمَّهاتُهم !
    ألَمْ يَحِن الوقتُ أن تعتزَّ المرأةُ بأنوثتها , في لباسها , ومِشْيَتها , وكلامها , وعواطفها , مثلَما يَعتزُّ الرَّجُل برجُولته ؟!
    ألَمْ يَحِن الوقتُ أن تشعُر المرأةُ بالفخر أنَّها أرقّ من الرَّجل , وأكثر منه حنانًا وعطفًا وإيثارًا وتضحية , وأنَّ لها أعظم الشَّرف بأن لُقِّبَتْ بِمُرَبِّيَة أجيال ؟!
    ------------------------------------------------
    التالي بإذن الله تعالى:
    فتياتٌ يعتنقن الإسلام !
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:14 ص.

    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
    --------------------------------------
    اللهم ارزقني الشهادة
    اللهم اجعل همي الآخرة

    تعليق


    • فتياتٌ يعتنقن الإسلام !
      فتياتٌ يعتنقن الإسلام !




      نعم , في الوقت الذي تُشَنُّ فيه حملاتٌ ضارية هنا وهناك لِتَشويه صورة المرأة في الإسلام , نجدُ فتيات في ريعان الشَّباب يَدخُلن أفواجًا في هذا الدِّين العظيم , بعد أن درَسْنَه عن قُرب , واتَّضح لديهنَّ خطأ الأفكار التي كُنَّ يحملْنَها عنه . وسنكتفي هنا بسَرْد ثلاث قصص واقعيَّة :

      القصَّة الأولى في إسلام شابَّة أمريكيَّة اسمُها Sarah , تقول : الإسلام رائع , وهو الدِّين الوحيد الذي أحسستُ بشيء مَا يَجذبُني إليه لِأعتنقهُ بدلاً من اثنَتَيْ عشر ديانة درسْتُها لِأختار واحدة منها ! أكتبُ إليكم وأنا أبكي حُرْقَةً على عشرين عامًا من الكُفر باللَّه .
      بدأَتْ قصَّتي مع الإسلام عندما قابلتُ فتاةً مسلمة من السّعوديَّة , لَم يَزدْ عُمرها عن العشرين عامًا , طلَبتْ منِّي مساعدتَها في اللُّغة الإنجليزيَّة . في الأشهر الأولى من تدريسي لها , لَمْ أُظهِرْ أيَّ اهتمام بدِينها رغم حُبِّي الشَّديد لِعادات المسلمين . وأوَّل ما لفتَ نَظَري : التَّرابُط الأُسَري الذي حُرمْتُ منه منذ ولادتي .
      انقطعتُ عنها لِمُدَّة تَزيد عن الخمسة أشهر , ولكن كنتُ أساعدُها في بعض الأمور وقتَ الاختبارات . وطيلة مُدَّة انقطاعي عنها , كنتُ أفكِّرُ تفكيرًا عميقًا في تلك الفتاة التي ترتدي جلبابًا أسْوَدًا يُغطِّي سائر جسمها , وحتَّى وَجْهها الجميل . كان لَدَيْها أختان , وكانتَا تَهتمَّان بي وتُكْرماني , حتَّى أنَّني كنتُ أخجلُ في بعض الأحيان منهما .
      صديقاتي في الجامعة كُنَّ يَقُلْنَ لي : كيف وَجدْتِ المسلمات ؟ جاهلات , أليس كذلك ؟! فكنتُ أحزنُ لقولِهنّ , وأزدادُ حزنًا لِعَدم شُعورهنَّ بِمَا يدور بداخلي . كنتُ أشعر أنَّ المسلمين لديهم شيءٌ يُميِّزُهم عن الآخرين . فرغْمَ دعايات الإعلام المضَلِّلَة عنهم , إلاَّ أنَّنا , نحنُ الفتيات الأمريكيَّات , كُنَّا نُعجَبُ بِمَظهر المسلمات حتَّى ولو لم نُظهِرْ ذلك .
      في يوم ماطر , وكان يوم أحد , ذهبتُ إلى الكنيسة عَلِّي أجدُ إجابة عن حقيقة الإله . فدخلتُ غرفة فارغة عُلِّقَ فيها الصَّليب , وقلتُ : أيُّها الرَّبّ , أنا في مِحْنَة لا يعلمُها إلاَّ أنت . أيُّها الرَّبّ , ساعِدْني . أيُّها الرَّبّ , هل لديكَ ابن ؟ (تعالى اللَّه عَمَّا قلتُ) . أنت تَرى دموعي وتعلم حيرتي , أيُّ دين أتَّبعْ ؟ أحبُّ أن أكونَ مسلمة , أرتدي جلبابًا طويلاً وأمشي في الطُّرُقات , وأتزوَّج من رجل عربي لِأعيش كريمة حُرَّة .
      بكيتُ كثيرًا حتَّى أتَت الرَّاهبة , وكانت صديقتي , فقالت لي : أنتِ تبكين على يَسوع (المسيح) وكيف صَلَبُوه ؟ ازدادَ ألَمي في تلك اللَّحظة , وكنتُ مُتعَبَة جدّا نفسيًّا إلى درجة الانهيار , فلَم أتمالَك نَفسي وسقطتُ على الأرض , ووجَّهتُ يدي إلى الصَّليب وصرختُ قائلة : تكلَّمي يا Jane , هل ما نَعتقده في هذا الصَّليب صحيح ؟ أنا حائرة ! مَن هو الإله إن كنتِ تُؤمنين بأنَّ اللَّه ثالث ثلاثة ؟! لا أستطيع تحمُّل المزيد من الكذب , أخبريني بالحقيقة , أيُّ دين يجبُ أن أتَّبعْ , ولماذا ؟
      قاطَعتْني Jane وهي مذهولة , وقالتْ : نعم يا عزيزتي , لَكِ الحقُّ أن تسألي مثل هذه الأسئلة . أنا أيضًا تساءلْتُها آلافَ المرَّات ! ثمَّ أمسكَتْ يَدي وتابعتْ كلامها : ولكنِّي في كلِّ مرَّة أمسكُ الإنجيل وأنسَى كلَّ هذه الأسئلة التي يُلقيها الشَّيطانُ في أنفُسنا !
      تركتُ المكان , وخرجتُ هائمة على وجهي , لا أدري إلى أين أذهب . وفجأةً رأيتُ رجالاً يبدُو من لباسهم أنَّهم مسلمون , فأسرعتُ إليهم وقلتُ وأنا أبكي بحرارة : أرجوكم , أين أستطيع أن ألْتقي بصديقات مسلمات ؟ فقالُوا لي بصوت ملؤه الحنان والدِّفء : تعالي معنا , نحن ذاهبون إلى هناك للصَّلاة . قلتُ : لا , أريدُ الذَّهاب بِمُفردي , قولُوا لي أين هو المركز الإسلامي ؟
      فأعطَوْني العنوان , وذهبتُ إلى هناك , وقد كنتُ ألبسُ لباسًا قصيرًا . فلمَّا دخلتُ , شعرتُ بالإسلام يَسري في أعماقي , وشعرتُ بالخجل من لباسي عندما رأيتُ المسلمات مُتحجِّبات . فنظرتُ مِن حولي , فرأيتُ ملابس للصَّلاة موضوعة جانبًا , فأخذتُ إحداها وارتَديتُها .
      واستقبَلَتْني إحدى المسلمات قائلة : أهلاً بِكِ , هل ترغبين أن تعرفي شيئًا عن الإسلام ؟ قلتُ : نعم , أحبُّ ذلك , من فضلك . قالتْ : يسُرُّني ذلك , ولكن هل قرأتِ شيئًا عن الإسلام ؟ أجبتُ بتردُّد : نعم , قرأتُ الكثير , أنا مُدرِّسة إنجليزيَّة لِفتاة مسلمة من السّعوديَّة . قالتْ : حسنًا , يَسُرُّني لو تَزوريني في بيتي لِأعلِّمكِ شيئًا عن الإسلام . بكيتُ من الفرح وقلتُ : شكرًا , شكرًا . وكنتُ وقْتَها أتَحدَّثُ اللَّغة العربيَّة بصورة ضعيفة وجُمَل غير مَرَتَّبة .
      استمررتُ في الذَّهاب إلى منزل هذه المسلمة قرابة الشَّهرين , ثمَّ جاءني خبرٌ أليم بأنَّها تستعدُّ للسَّفر إلى بلَدها , ولذلك لن تتمكَّن من الاستمرار معي . وَدَّعتُها وأنا أبكي حُرْقة , وقد كنتُ لا أريد الذَّهاب دائمًا إلى المركز الإسلامي حتَّى لا ألْفتَ نَظر صديقاتي وأهلي .
      رجعتُ إلى بيتي , وسجدتُ كما رأيتُ المسلمات يَفعلن , ودعوتُ اللَّه وأنا أبكي قائلة : إلهي , ابعثْ لي مَنْ يُساعدُني . إلهي , إنِّي أحببتُ الإسلام وآمنتُ بك , فلا تحرمني أن أكون مسلمة ولو ليوم واحد قبل أن أموت .
      بعد حوالي شهر , كنتُ أقرأ يومًا كتابًا عن الإسلام , فنمتُ ثمَّ استيقظتُ على رنين جرس الهاتف , وكانت السَّاعة تُشير إلى الثَّامنة مساء . رفعتُ السَّمَّاعة , فإذا هي صديقتي السّعوديَّة , قالت لي : سارَّة , هل كنتِ نائمة ؟ قلتُ : نعم , ولكن لا يهمّ , كيف حالكِ أنت ؟ ثمَّ بكيتُ , فقالت لي : ما بكِ يا سارَّة ؟ هل هناك ما يؤلِمُك ؟ ما الأمر ؟ قلت لها : اسمعي يا صديقتي , أنا تعبتُ من الحيرة , أشعر أنَّ هناك أمرًا غريبًا يَسْري بداخلي , هل من الممكن أن آتي إلى منزلكِ اللَّيلة , أشعر أنَّ اليوم هو يومي الأخير ! قالتْ : تعلمين يا سارَّة أنَّ بيتي هو بيتُك , مرحبًا بكِ في كلِّ وقت .
      شعرتُ بحرارتي ترتفع , والصُّداع يزداد , وأكاد أختنق . كنتُ في كلِّ مرَّة أصلُ فيها إلى هذا القَدْر من الانهيار , أفكِّر في الانتحار . ولكن في هذه المرَّة , هناك شيء مُختَلف .
      ركبتُ سيَّارتي , وذهبتُ إلى بيت صديقتي , ففتح لي البابَ أخوها الكبير وقال : السَّلام عليكم يا سارَّة . رددتُ السَّلام كما علَّمَتْني صديقتي المسافرة , ولكن بطريقة أوحتْ إليه أنَّني خائفة من شيء مَا . ثمَّ قطعَ صمتَنا صوتُ صديقتي قائلة : مرحبًا , مرحبًا , تَفضَّلي يا سارَّة .
      دخلتُ إلى المنزل وفي داخلي الكثير , في داخلي نارٌ لَم تَهْدَأ منذ أسابيع , بل منذ أشهر , بل منذ خرجتُ إلى هذا العالَم ! جلستُ معها , وقدَّمَتْ لي القهوة العربيَّة التي هي من أجمل الأشياء في الضّيافة السّعوديَّة . شربتُ القهوة , وأحسستُ بالأمان الذي كنتُ أبحثُ عنه طيلة حياتي .
      تحدَّثتُ مع صديقتي عَمَّا يَدور بداخلي , وبعد حديث طويل قالت لي : هل أنتِ مستعدَّة لِأن تكوني مسلمة ؟ قلتُ : نعم , بل أريدُ ذلك . قالتْ : تأنَّيْ قبل اتِّخاذ هذا القرار الكبير . قلتُ : أنا أشعر أنَّ هذا الدِّين هو الدِّين الصَّحيح , بل ومتأكِّدة من ذلك , أسْرعي أختي وقولي لي كيف أصبح مسلمة ؟ قالتْ : الآن باستطاعتكِ أن تكوني مسلمة , فقط قولي : أشهد أن لا إله إلاَّ اللَّه وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول اللَّه . قلتُ : حسنًا , لَقِّنيني إيَّاها كلمة كلمة .
      ردَّدْتُ عاليًا , وقلبي يزداد نبضُه بسرعة كبيرة , ودموعي تنهمر : أشهدُ .. أن .. لا إله إلاَّ اللَّه .. وأشهدُ .. أنَّ .. محمَّدًا رسول اللَّه . ثمَّ نظرتُ إلى صديقتي وقلتُ بصوت عالٍ : أنا مسلمة ! أنا مسلمة جديدة ! اليوم وُلدتُ من جديد ! اليوم اسمي مسلمة , لنْ يُنادونني Sarah بعد اليوم , بل سيُنادونني مسلمة , وداعًا Sarah القديمة , وداعًا للقلق والحيرة , مِنَ اليوم لنْ أحتاج إلى التَّفكير في حلِّ مَتاهات التَّثليث , مِنَ اليوم أنا لستُ مذنبة , أنا مسلمة .
      بعد ذلك , رجعتُ إلى منزلي وأنا مرتاحة . لَم أستطع النَّوم , ليس لأنّي قلقة ومحتارة , بل لأنّي فرحة . وضعتُ البَوصلة لِأعرف اتَّجاه القبلة , وفرشتُ سجَّادة الصَّلاة , وصلَّيتُ أوَّل صلاة في الإسلام , صلاة العشاء لأنَّ وقتَها لم يَخرُج بعد . في السَّجدة الأخيرة , سجدتُ لِمُدَّة ثلاثين دقيقة وأنا أبكي فرحًا , ودعوتُ اللَّه أن يُساعدني ويُثبِّتني على طريق الحقّ .
      كان هذا اليوم 16-7-1999 م هو تاريخ ولادتي , واسمي مسلمة . مررتُ بأيَّام صعبة , وقد حان الوقتُ لِأرتاح وأكون مؤمنة بعد عشرين سنة من الضّياع . اتَّصلتُ بصديقتي المسافرة وأبلغتُها نبأ إسلامي , ففرحَتْ أشدَّ الفرح .
      ولم تنته قصّتي , فقد بقيَتْ صعوبة إخبار أهلي بإسلامي . فأخفيتُ عنهم الأمر حتَّى جاءت أعيادُ الميلاد , فارتديتُ حجابي , ودخل عَلَيَّ أبي وأمِّي وأخي الوحيد . فصاح أخي : Sarah , ما هذا ؟! قلتُ له والدُّموع تملأ عيناي : هذا حجاب , أنا مسلمة اليوم , اسمي مسلمة وليس Sarah . دهشَتْ أمِّي وشحبَ لونُ وجهها , وقالتْ : عزيزتي , هل جُنِنْتِ ؟! كيف ترضَين بالإسلام دينًا ؟! قلتُ : الإسلام ديني , ومحمَّد نَبيِّي , واللَّهُ ربِّي , والقرآن كتابي , وخديجة وعائشة قُدْوتَاي , وأمريكا بلادي , وأنتِ ما زلتِ أمِّي Mary , وأنتَ أيضًا أبي John , وأنتَ أخي الحبيب المدَلَّل Marc , أنتم عائلتي , لا شيء جديد سوى أنّي تغيَّرتُ , أصبحتُ مسلمة , وأنا الآن أكثر سعادة واستقرارًا , أشعر أنَّني إنسانة , أشعر أنَّني حُرَّة . واحتضنتُ أمِّي وأبي بقُوَّة , وقد ظهرَتْ عليهما علامات التَّأثُّر .
      فقالتْ أمِّي : لا تقلقي حبيبتي , ولكن ماذا عن الحجاب الذي تَرتدينه ؟! قلتُ : هذا هو لباسي , وأنا أحبُّه ولا أستطيع خلْعَه . قالتْ : ولكن , ماذا سيقول النَّاس ؟! سيقولون : آه ! لنْ نرى شعر Sarah الذَّهبي ! قلتُ : أمِّي , هذا لا يهمّ , المهمُّ أنِّي مسلمة .
      اجتزتُ الامتحان وحمدتُ اللَّه .
      هذه إذًا قصَّة سارَّة المسلمة كما رَوتْها بنفسها , وهي تطلبُ مِن كلِّ مَن يقرأها ويأخذ منها العبرة أن يدعو لها بالخير .
      اللَّهمَّ ثَبِّتها على الإسلام , واكتُبها من أصحاب جنَّة الفردوس , آمين .
      (نقلاً , مع تصرُّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع طريق الإسلام www.islamway.com) .

      القصَّة الثَّانية في إسلام شابَّة أمريكيَّة أيضًا , تقول : وُلدتُ في أسرة مسيحيَّة من البروتستانت , وكنتُ مواظبة على الذَّهاب معهم إلى الكنيسة كلّ يوم أحد . كنتُ أسمع من عائلتي أنَّ المسلمين يُحبُّون القتلَ وسَفكَ الدّماء , وأنَّهم في مُنتَهَى الغباء والإجرام , وأنَّه ليس عندهُم حُرِّيَّة ولا ديموقراطيَّة , وأنَّهم يَفتخرُون بِتَعَدُّد الزَّوجات ! فتكَوَّنتْ في ذهْني فكرةٌ سوداء عن الإسلام , مِلْؤُها الحقدُ والكراهيَّة , مع أنَّني لَم أقابِلْ مُسْلِمًا قَطُّ .
      خلال صيف سنة 1984 م , كنتُ أعمل في مطعم , فدخلَ شابٌّ طويلٌ أسمر اللَّون على وجهه ابتسامة . تقدَّمتُ إليه وقلتُ : تفضَّل بالجلوس هنا , ثمَّ أعطيتُه قائمة الأسعار . فطلبَ كوبًا من الشَّاي وفطورًا , ثمَّ قال : أرجوكِ , اطلُبي من الطَّبَّاخ ألاَّ يطبخَ البيض في نفس الإناء الذي يطبخ فيه الخنزير ! فقلتُ : هل لي أن أسألكَ : لِماذَا ؟ قال : لأنِّي مُسلم ! فتغيَّر لوني وغلَى دَمي , ولكنَّني تَمالكتُ أعصابي حتَّى لا يُلاحظ الزَّبائنُ شيئًا , ثمَّ ألقيتُ عليه قُنبُلَة : أنتم الذين تتزوَّجون أربع زوجات ؟! فأجاب بكلِّ هدوء : الإسلام هو الدِّينُ الوحيد الذي يقول : فإن لم تستطع العدلَ بينهنَّ , فواحدة فقط ! قلتُ : لا , لا , أريدُك أن تُثبِتَ لي صحَّة هذا الكلام ! فقال : إن شاء اللَّه .
      قلتُ : ومَن هو اللَّهُ عندكم ؟! قال : اللَّهُ الذي لا إلهَ إلاَّ هو ولا شريكَ له , ولَم يَلِدْ ولَم يُولَد ! فقلتُ : أنتم لكم ربٌّ غير المسيح ؟! قال : نعم , ولكنَّ الإجابة تحتاج إلى وقت . سأعود غدًا إن شاء اللَّه لأشرح لكِ ذلك ! كنتُ أغلي في داخلي وأنا أتساءلُ في حيرة : لِماذا لَم أرَ عليه الأشياء التي كنتُ أسمعُها عن المسلمين ؟!
      رجعتُ إلى بيتنا وأنا أفكِّر في ما حدث , وأنتظرُ الغد بفارغ الصَّبر . وجاء الغد , فذهبتُ إلى العمل وأنا أقول : لَن يأتي , هم جُبَناء ومجرمون ! وأخبرتُ زميلاتي بالموضوع , فأصبحْن ينظرنَ من حين لآخر إلى خارج المطعم , واحدة تقول : سوف يأتي , والأخرى تقول : لن يأتي . وفجأةً رأيتُه من الباب الزُّجاجي يَتَّجه نحو المطعم , وبيده كتابٌ وأوراق ! فقالت زميلاتي : لقد أتى ومعه الدَّليل ! وفي هذه اللَّحظة , لا أدري ماذا حدث لي , بردَت النَّارُ التي بداخلي وهدأْتُ ! ودخل الشَّابُّ وألقَى التَّحيَّة , وكلّ زميلاتي يَنظُرن إليه , ثمَّ جلسَ . فاستأذنتُ من المديرة أن أجلس إليه لبعض الوقت , فوافقَتْ .
      أحضرتُ إليه كوبًا من الشَّاي , ثمَّ جلستُ وسألتُه : كيف حالُك ؟ وكيف حالُ عَمَلك ؟ وما اسمك ؟ ومن أيِّ بَلَد أنت ؟ فقال متعجِّبًا : ألَم تطلُبي منِّي بالأمس أن أُحضر لَكِ الدَّليل ؟! قلتُ : لَن أسألَكَ عن الدَّليل ! قال : ولكنَّكِ لا تثقين في كلامي ! قلتُ : بلى , أثق بك ! فبدأ يُحدِّثُني عن اللَّه تعالى , ثمَّ شرح لي حقيقة المسيح عليه السَّلام كما جاءتْ في القرآن , وأنا أستمعُ وأقول في نفسي : هل هؤلاء هم الذين يُقالُ عنهم غدَّارون ويُحبُّون الدِّماء ؟! إنَّني لَم أرَ من هذا المسلم إلاَّ الصِّدق وحُسْنَ الحديث .
      ثمَّ فاجأني بقوله : إذا كان لديكِ طفلةٌ وأردتِ أن تشرحي لها قصَّة المسيح عليه السَّلام , فأيُّ القصَّتَيْن تختارين : التي تعَلَّمْتِها في الكنيسة أم التي سَمِعْتِها الآن ؟! فأجبتُ بدون تردُّد : بل أشرح لها القصَّة التي سَمعتُها منكَ الآن ! ثمَّ انتهَى اللِّقاءُ ووعدني بأن يأتني بكُتب تتحدَّث عن الإسلام .
      رجعتُ إلى بيتنا وقصَصْتُ على عائلتي ما حدث , وشرحتُ لهم حقيقة المسيح . ولَم أكدْ أنتهي من كلامي حتَّى تعالتْ أصواتُهم بالاستنكار , وهدَّدوني بالطَّرد من البيت وحرماني من كلِّ شيء إذا تمادَيْتُ في هذا التَّفكير , وأمروني بالابتعاد عن هذا الشَّابِّ لأنَّه حسب رأيهم شرّير ! حاولتُ أن أبيِّن لهم أنَّه على عكس ذلك تمامًا , ولكن دون جدوى .
      ثمَّ ساءت الأحوالُ بيني وبينهم , واتَّفقُوا على طردي فعلاً من البيت . فأخبرتُ الشَّابَّ بالأمر , فقال لي : إذًا , أتزوَّجُكِ إذا قبلْتِ ! فتسارعَتْ دقَّاتُ قلبي من وَقْع المفاجأة , ثمَّ قلتُ له : نعم , أُوافق .
      رجعتُ إلى البيت , وتحدَّثتُ مع والدتي في الموضوع , فصاحتْ قائلة : يا لَلْعار ! ابنتي الوحيدة تتزوَّج من مسلم ؟! ماذا أفعل ؟! ماذا أقول ؟!
      بعد أيَّام , لَم تَجد والدتي بُدًّا من الموافقة , فتزوَّجتُ من الشَّابِّ المسلم , وانتقلتُ معه إلى بيت الزَّوجيَّة . فرأيتُ منه الزَّوج المخلص الذي يعرفُ كيف يتعامَلُ مع زوجته . كان يُحضِرُ لي الكتب والأشرطة الإسلاميَّة , ولَم يغضبْ أبدًا أنَّني لَم أدخُل بعدُ في الإسلام , ولكن كلّ شيء فيه كان يدلُّ على أنَّه يتمنَّى أن يراني مسلمة .
      وبعد بضع سنوات من التَّفكير , اتَّخذتُ أهمَّ قرار في حياتي : أشهدُ أن لا إله إلاَّ اللَّه وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّه ! أخيرًا قلْتُها من أعماق قلبي , وظللتُ أبكي وأبكي . لا أدري إن كنتُ أبكي من الفرحة باعتناقي الإسلام , أم أبكي على السَّنوات التي ضاعتْ من عمري وأنا كافرة . أريدُ أن أصعد إلى أعلَى مكان في العالَم وأصرخ بأعلَى صوتي : لا إله إلاَّ اللَّه محمَّد رسولُ اللَّه . أريدُ أن يعرفَ كلُّ النَّاس أنَّني أصبحتُ مسلمة . أريد أن أذهبَ إلى كلِّ صديقاتي وأُخبرهُم عن روعة الإسلام . أنا مولودةٌ جديدة , أخرجتُ كلّ ما في قلبي من الشِّرْك , وسوف أملأه بِحُبّ اللَّه ورسوله .
      اتَّجهتُ إلى الدَّعوة في سبيل اللَّه , والحمد للَّه هدَى اللَّهُ على يَدَيَّ كثيرًا من صديقاتي إلى دينه . حاولتُ كثيرًا مع عائلتي , ولكن دون جدوى . تذكَّرتُ قول اللَّه تعالى : إنَّكَ لا تَهدي مَن أحبَبْتَ .
      (نقلاً , مع تصرّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع www.islamicweb.com) .

      القصَّة الثَّالثة في إسلام فتاة نصرانيَّة مصريَّة اسمُها سوسن هندي , تقول : نشأتُ في أسرة مسيحيَّة , وكنتُ الابنة الوحيدة لِوالديَّ بين أربعة ذكُور , فكنتُ مُدَلَّلة جدًّا . تعلَّقتُ بالإسلام منذ صغري , وذلك أنَّني في المرحلة الابتدائيَّة كنتُ المسيحيَّة الوحيدة في الفصل إلى جانب مسيحي آخر , وكنتُ مولَعة بحضور حصَّة الدِّين , حيثُ كان المدرِّس يأسرني بحديثه عن الإسلام بأسلوب جيِّد ومبسَّط . وفي المرحلة الإعداديَّة كنت شغوفة بقراءة كتاب الدِّين الإسلامي المقَرَّر في البرنامج , واستيعاب كلّ ما فيه . وعندما انتقلتُ إلى المرحلة الثَّانويَّة , كان كتاب " عبقريَّة عُمَر " (هو الخليفة الثَّاني عمر بن الخطَّاب) للأستاذ محمود العقَّاد رحمه اللَّه , نقطة تحوُّل في تفكيري .
      رغم تشبُّث أبي بمسيحيَّته وتردُّده على الكنيسة , إلاَّ أنَّ مكتبته الخاصَّة في البيت كانت تَضُمُّ العديد من الكتب الإسلاميَّة , فكنتُ أتسلَّل إليها في غيبته لِأشبع نَهمي من المعرفة . وقد كان غرضي من القراءة عن الدِّين الإسلامي مجرَّد حبِّ اطِّلاع , فقد كنتُ شديدة التَّعصُّب لمسيحيَّتي , مواظبة على الذَّهاب إلى الكنيسة . وكنتُ أشعر بالغيرة على عقيدتي وهي تتضاءل أمام الإسلام , وكنتُ أتَمنَّى أن أرى وقتَها في مسيحيَّتي مِن القيَم والمبادئ القويمة في العقيدة والشَّريعة والسُّلوك , ما وجدتُه في الإسلام .
      كان كلُّ همِّي في المرحلة الثَّانويَّة أن أستوعبَ " عبقريَّة عُمَر " المقَرَّر في البرنامج , لكي أحصُل على درجة جيِّدة في اللّغة العربيَّة التي أعشقُها , وأتمكَّن بالتَّالي من الالتحاق بكلِّيَّة الآداب , قسم اللُّغة العربيَّة . لَم أكُن أعلم أنَّ هذا القسم لا يَقبلُ إلاَّ الطَّلبة المسلمين , فلمَّا علمتُ بذلك حزنتُ . فأشار علَيَّ قِسٌّ شابٌّ أن ألتحقَ بقسم التَّاريخ , وقال لي : ستجدين في هذا القسم ما تبحثين عنه .
      كان هذا القِسُّ هو الوحيد الذي يَشعر بحيرتي في ما يخصُّ الدِّين , وكان يقول لي : إنِّي أراكِ تبحثين عن الحقيقة , أنتِ لستِ مُلزَمَة بنصوص الإنجيل التي تُقلِقك !
      ثمَّ تُوفِّيَ هذا القِسُّ , فحزنتُ جدّا على وفاته , ولَم أشكَّ لحظة واحدة أنَّه أسلم وكَتم إسلامه ! وزاد حزني أنَّ القِسَّ الذي حلَّ محلَّه كان على عكسه تمامًا , يَضيقُ بِمُحاورتي له , وكثيرًا ما يقولُ لي : إنَّكِ تُفسدين زميلاتك الشَّابَّات في الكنيسة .
      عندما التحقتُ بالجامعة , كنتُ قد فقدتُ الثِّقة في الأناجيل , بالرَّغم من أنَّها ساعدَتْني على الاهتداء إلى أنَّ الإسلام هو الدِّين الحقّ ! نعم , فقد كنتُ كثيرًا ما أُقارن نُصوصها بآيات القرآن الكريم , حتَّى اقتنعتُ أنَّه لا وَجه للمقارنة بينهما !
      كانت تدور بيني وبين الطَّلبة المسلمين حوارات ساخنة , ولكن برُوح سَمْحة , بحيثُ ما أن ينتهي النِّقاش حتَّى نعود أصدقاء . وفي سَنَتي الأخيرة , قررَّتُ أن تكون حواراتي مع أستاذ مسلم بالكلِّيَّة , كان على معرفة تامَّة بدينه في غير تعصُّب . وقبل امتحانات آخر السَّنة , فاجأتُه بعزمي على الدُّخول في الإسلام ! دهشتُ عندما طلب منِّي أن أتريَّث حتَّى أنتهي من الامتحانات , ولكنَّني أصررتُ على موقفي .
      فأسلمتُ , وانتقلتُ إلى بيت إحدى زميلاتي لأعيش في ضيافتها بعضَ الوقت , حتَّى أستطيع أن أُشْهِر إسلامي أمام النَّاس . لَمَّا سمعَتْ عائلتي بإسلامي جُنَّ جُنُونهم , وأبلغُوا عنِّي أنَّني مخطوفة ! فذهبتُ إلى الأجهزة المختصَّة وكتبتُ إقرارًا بأنَّني لستُ مخطوفة .
      ثمَّ تزوَّجتُ شابًّا مسلمًا ملتزمًا مِن الذين كنتُ أتَحاور معهم في الجامعة . لَم تتجاوز علاقتي به حدود الحوار , ولكنَّني كنتُ مُعجَبة بِحُسن أخلاقه وهدوء طبعه والتزامه بدينه . وما أن علمَ بإسلامي حتَّى تقدَّم لخطبتي , فقبلتُ على الفَور . ورحَّبتْ بي أسرتُه ترحيبًا شديدًا , وأحسستُ أنَّني سأكون في أمان بينها . حاولتُ أن أربطَ الصِّلة بعائلتي , ولكن دون جدوى . فنَصحني زوجي أن أبدأهُم بالزِّيارة , ففعلتُ وذهبتُ إلى والدي , فلَم يُرحِّبْ بي , وحذَّرني من زيارة أمِّي وأخوتي .
      الحمد للَّه , أنا الآن ربَّة بيت , أعيشُ مع زوجي وابنتَيَّ أسماء وإسراء , أكتبُ في بعض المجلاَّت الدِّينيَّة , وشُغلي الشَّاغل حاليًّا أن يظهر أوَّل كتاب لي وهو قصَّتي مع الإسلام .
      (نقلاً , مع تصرّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع طريق الإسلام www.islamway.com ) .
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:14 ص.

      وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
      وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
      @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
      --------------------------------------
      اللهم ارزقني الشهادة
      اللهم اجعل همي الآخرة

      تعليق


      • كلمة عن الحدود
        كلمة عن الحدود




        البابُ الثَّاني الذي يَدخلُ منه بعضُ النَّاس لِتشويه صورة الإسلام والتَّخويف من تطبيقه , هو باب الحدود . يقولون : إنَّ المسلمين إذا حكَموا , فستُقطَع الأيدي ويُرْجَم الرِّجالُ والنِّساء بلا شفقة ولا رحمة ! وحُجَّتُهم في ذلك أنَّ القرآن يأمر بقَطع يَد السَّارق ورَجْم الزَّاني المتزوِّج .

        وللرَّدِّ على هؤلاء , أريد في البداية أن ألاحظ أنَّ التَّوراة الموجودة اليوم بين أيدي اليهود فيها أيضًا تشريعاتٌ بقطع اليد , والرَّجم , والقتل !
        نعم , فقد جاء مثلاً في سفر التَّثنية : إذا تخاصمَ رجُلان , رجلٌ وأخوه , وتقدَّمت امرأةُ أحدهما لِتُخَلِّص رجُلَها مِن يَد ضارِبه ومَدَّتْ يَدها وأمسكَتْ بعَورته , فاقطَعْ يَدها ولا تُشْفِقْ عينُك . (سفْر التَّثنية - الإصحاح الخامس والعشرون 11 - 12) .
        وجاء في سفر الخروج بخصوص عقوبة مَن يَعْمل يوم السَّبت : وقال الرَّبُّ لِموسى : وأنتَ تكلِّمُ بني إسرائيل قائلا : سُبُوتي تَحفظونها لأنَّه علامةٌ بيني وبينكُم في أجيالكم , لِتعلَموا أنِّي أنا الرَّبُّ الذي يُقَدِّسُكم . فتَحفَظون السَّبْتَ لأنَّه مُقَدَّسٌ لكم . مَن دَنَّسهُ يُقتَلُ قتلا . إنَّ كلَّ مَن صنع فيه عملاً تُقطَع تلكَ النَّفسُ من بين شَعبها . سِتَّة أيَّام يُصنَع عمَل . وأمَّا اليومُ السَّابع فَفيه سَبْتُ عُطْلةٍ مُقَدَّسٌ للرَّبِّ . كلُّ مَن صنع عمَلاً في يوم السَّبْت يُقتَلُ قتْلاً . (سفْر الخروج - الإصحاح الحادي والثَّلاثون 12 - 15) .
        وجاء في سفر العدد : ولَمَّا كان بَنُو إسرائيل في البَرِّيَّة , وجدُوا رجلاً يَحتطِبُ حطبًا في يوم السَّبت . فقَدَّمَه الذين وجدوه يحتطبُ حطبًا إلى موسى وهارون وكلّ الجماعة . فوضعُوه في المحرس لأنَّه لَم يُعْلَن ماذا يُفعَلُ به . فقال الرَّبُّ لِموسى : قتلاً يُقتَلُ الرَّجُل . يَرجُمُه بحجارة كلُّ الجماعة خارج المحلَّة . فأخرجَه كلُّ الجماعة إلى خارج المحلَّة ورجَموه بحجارة , فماتَ كما أمَر الرَّبُّ موسى . (سفْر العدد - الإصحاح الخامس عشر 32 - 36) .
        فلماذا التَّحامُلُ إذًا على الإسلام فقط ؟‍!

        على كلِّ حال , سنتحدَّث عن الحدود , وسنبدأ بحديثٍ عظيم للنَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يُوَضِّح كلَّ شيء ! روى الإمام البخاري في صحيحه عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر رضي اللَّه عنه , أنَّ امرأةً سرقَتْ في عهد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في غزوة الفَتْح , ففزعَ قومُها إلى أسامة بن زيد يَسْتشفعُونه (أي يطلبون منه أن يَتدخَّل لهم لَدى النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , لأنَّ النَّبيّ كان يُحِبُّه ويحبُّ أباه كثيرًا) . فلمَّا كلَّمه أسامة فيها , تلوَّنَ وجهُ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وقال : أتُكَلِّمُني في حَدٍّ من حُدُود اللَّه ؟! فقال أسامة : استَغْفِرْ لي يا رسولَ اللَّه (لأنَّه عرفَ أنَّه ما كان يَنْبغي له أن يُناقِش في أوامر اللَّه) .
        فلَمَّا كان العَشِيُّ , قام رسولُ اللَّه خطيبًا (أي في المسلمين) , فأثْنَى على اللَّه بِما هو أهلُه , ثمَّ قال : أمَّا بعد , فإنَّما أهلك النَّاس قَبْلَكُم أنَّهم كانُوا إذا سرقَ فيهم الشَّريفُ تَركُوه , وإذَا سرقَ فيهم الضَّعيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ ! والذي نَفسُ محمَّد بِيَدِه , لَوْ أنَّ فاطمة بنت محمَّد سرقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها !
        ثمَّ أمرَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بتلْكَ المرأة , فقُطِعَتْ يَدُها . فحسُنَتْ تَوْبَتُها بعد ذلك وتزَوَّجتْ .
        قالتْ عائشة (زوجة النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم) : فكانتْ (أي المرأة) تأتي بعد ذلكَ , فأرفعُ حاجتَها إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 4 - ص 1566 - رقم الحديث 4053) .
        الحدودُ إذًا شَرَّعها اللَّهُ تعالى , وفرضَ على الحاكم إقامَتها على كلِّ شخص يَقترفُ أحد الذُّنوب التي تَسْتَوجبُ الحدَّ , سواء كان هذا الشَّخصُ رجلاً أو امرأة , غنيًّا أو فقيرًا , حاكمًا أو من عامَّة النَّاس . وبِمَا أنَّ اللَّه تعالى هو الذي وضعَ هذه الحدود , فلا بُدَّ أنَّ في تطبيقها مصلحة كلّ النَّاس , لأنَّه تعالى هو الذي خلَقَنا وهو أعلم بِمَا يصلُح لنا .
        وسنتحدَّثُ في هذا العنصر عن اثنَيْن من هذه الحدود , هما حَدُّ السّرقة وحَدُّ الزِّنا . يقول اللَّه تعالى في حَدِّ السَّرقة : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 38 فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 39 } (5- المائدة 38-39) .
        ويقول تعالى في حَدِّ الزِّنا : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 2 } (24- النّور 2) .
        وقد بيَّنَ لنا النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حَدَّ الزِّنا بأنَّه : جَلْدُ البِكْر (أي الغير مُتزوِّج) , سواء كان شابًّا أو شابَّة , ورَجْمُ المحصَن (أي المتزوِّج) , سواء كان رجلاً أو امرأة .
        ويجبُ التَّنبيه هنا إلى أنَّ الحدَّ لا يُقامُ إلاَّ بأمر القاضي , وذلك بعد أن يَستمع لِلمُدَّعي , والمدَّعَى عليه , والشُّهود . وإذا كان الحدُّ يَخصُّ الزِّنا , فلا بُدَّ أن يأتي المدَّعِي (ويُسمَّى القاذِف) بأربعة شُهداء يشهدُون أنَّهم رأوا بأعيُنهم عمليَّة الاتِّصال الجنسي , وليس فقط أنَّهم رأوا الرَّجلَ والمرأة يتعانقان أو مُلتحفَيْن بلحاف واحد .
        وإذا لم يأتِ المدَّعِي بالشُّهود , فإنَّه يُجلَد ولا تُقبَلُ شهادتُه في أيِّ شيء بعد ذلك ! يقول تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 4 إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 5 } (24- النّور 4-5) .
        وإذا كان الزَّوجُ هو المدَّعِي , فيجبُ أن يَحلفَ باللَّه إنَّه لَمِنَ الصَّادقين في ادِّعائه أنَّ زوجته زنَتْ برجُل آخر , وأنَّ عليه لعنة اللَّه إن كان من الكاذبين . وليس هذا فقط , بل يجبُ أيضًا أن تعترف الزَّوجةُ بالزِّنا , فعندئذ يُقام عليها الحدُّ , أو تَحلف باللَّه أنَّ زوجها كاذب وأنَّ عليها لعنة اللَّه إن كان صادقًا , فتُبرِّئ بذلك نفسها ! يقول اللَّه تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ 6 وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ 7 وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ 8 وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ 9 } (24- النّور 6-9) .
        وفي هذا دليلٌ على أنَّ حُرمة العبد عظيمةٌ عند اللَّه , لا يُمكنُ انتهاكُها بِمُجرَّد شهادة زُور مِن فاسق للإيقاع بغيره .
        وإذا كان الحدُّ يَخصُّ السَّرقة , فيجبُ أن تبلُغ قيمةُ المسروق نصابًا مُعيَّنًا , وأن يكون السَّارقُ بالغًا وسليم العقل . وإذا سرق الأبُ من مال ابنه فإنَّه لا يُعاقَب . وإذا أصابت مجاعةٌ بلدًا ما , فإنَّ حاكمها يُعطِّلُ العمل بالحدِّ .
        ويجبُ التَّنبيه أيضًا أنَّه , بالرَّغم من أنَّ السَّارق تُقطع يَدُه أو أنَّ الزَّاني المحصَن يُرجَم , إلاَّ أنَّ ذلك يتمُّ دون سبٍّ أو شَتْم ! فالغرضُ من إقامة الحدِّ هو تطبيق شرع اللَّه , وليس التَّنكيل بالمحدود والشَّماتة به وإنزال أقصَى العقوبات عليه بوَحشيَّة تامَّة ! وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عمران بن حُصَيْن رضي اللَّه عنه , أنَّ امرأةً من جُهَيْنَة أتتْ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهي حُبْلَى من الزِّنَا , فقالتْ : يا نَبيَّ اللَّه , أصَبْتُ حَدًّا (أي اقترفتُ ذنبًا عظيمًا يَستوجبُ إقامة الحدِّ علَيَّ) , فأَقِمْهُ عَلَيَّ ! فدَعَا نَبِيُّ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وَلِيَّها , فقالَ : أحْسِنْ إليها , فإذَا وضَعَتْ فَأتِنِي بها .
        ففعَل (أي أتَى بها ولِيُّها بعد أن ولَدَتْ) , فأمَرَ بها نَبيُّ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فَشُدَّتْ عليها ثيابُها , ثمَّ أمَر بها فرُجِمَتْ , ثمَّ صلَّى عليها (صلاة الجنازة) !
        فقال له عُمَر : تُصَلِّي عليها يا نَبيَّ اللَّه وقد زَنتْ ؟! فقال : لقد تابَتْ تَوْبةً لَو قُسِّمَتْ بينَ سَبْعينَ مِن أهل المدينَة لَوَسِعَتْهُم . وهلْ وجَدتَ توبةً أفضَلَ مِنْ أن جادَتْ بِنَفْسِها لِلَّه تعالَى ؟! (صحيح مسلم - الجزء 3 - ص 1324 - رقم الحديث 1696) .
        أمَّا ما ذكَرْناه من قوله تعالى في الآية الثَّانية من سورة النُّور , بخصوص الزَّانيَة والزَّاني : { ولا تأخُذْكُم بهمَا رأفةٌ في دين اللَّه } , فقد قال القرطُبي في تفسيره : أي لا تَمْتنعُوا عن إقامة الحدُود , شفَقةً على المحدُود .
        فالآية إذًا لا تحثُّ على التَّنكيل بالذي سيُقامُ عليه الحدُّ , وإنَّما تأمر بعَدم تعطيل العَمل بالحدود , لأنَّها فريضة من عند اللَّه مثل الصَّلاة والصَّوم .

        قد تقول سيِّدي : ولكنَّ قَطْع يَد السَّارق ورجْم الزَّاني فيهما قَسوةٌ وبشاعة , فلماذا لا يُعوَّضان مَثلا بالسّجن ؟
        أقول : لأنَّ الزِّنا والسَّرقة وشُرب الخمر , هي من المعاصي الكبيرة التي إذا انتشرتْ في المجتمع أفسدَتْهُ فسادًا عظيمًا , وقتلَتْ فيه كلَّ المبادئ والقِيَم والأخلاق . فإذا علِمَ المقدِمُ على هذه المعاصي أنَّه مُعرَّض لِأن يُرجَم حتَّى الموت , أو أن تُقطَع يدُه إذا انكشفَ أمرُه , أو أن يُجْلَد , فإنَّه يَرتدع . وإذا غلَبَتْهُ نفسُه وقام بالمعصية وأُقيم عليه الحدُّ , فإنَّ غيرَه يتَّعظ . أمَّا السّجن , فإنَّه لا يَردعُ في مثل هذه الأمور . ونحنُ نرى اليوم أنَّه كلَّما وقعَ التَّساهلُ في العقوبات , كلَّما زادت الجرائم .
        وعندما طُبِّقت الحدودُ في عصر النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , لَم يَرَ فيها المسلمونَ وَحشيَّةً ولا همجيَّة , بل رأوا فيها تَطهيرًا للمُذنب من ذنبه , وحفاظًا على المجتمع من الفساد . لهذا , كان البعضُ منهم يأتون بأنفسهم إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لِيُقيم عليهم الحدَّ , مثلما ذكرْنَا في قصَّة المرأة التي زنَتْ .
        وفي قصَّة أخرى , روى ابن ماجه في سُنَنه عن ثعلبة الأنصاري رضي اللَّه عنه , أنَّ عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فقال : يا رسولَ اللَّه , إنَّي سرقْتُ جَمَلاً لِبَني فُلان . فأرسلَ إليهم النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم (لِيَسألَهم إن كانَ قد سُرِقَ منهم جَمَل) , فقالُوا : إنَّا افْتَقَدْنا جَمَلاً . فأمرَ به النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم (أي أمَر بِالرَّجُل) , فقُطِعَتْ يَدُه .
        قال ثعلبة : أنا أنظرُ إليه حينَ وقعَتْ يَدُه , وهو يقول : الحمدُ لِلَّه الذي طَهَّرني مِنْكِ أن تُدْخِلِي جَسَدي النَّار ! (سنن ابن ماجة – الجزء 2 – ص 863 – رقم الحديث 2588) .

        ربَّما تقول : ولكن , كيف طوَّعتْ لِنَفس النَّبيِّ أن يأمُر برجْم المرأة , وقطْع يَد الرَّجل ؟! أليس في قلبه رحمة ؟!
        أقول : إنَّه يقوم بتَطبيق شرع اللَّه . وهذا لا يُنافي أنَّ قلْبه يتقطَّع ألَمًا , رحمةً بالذي يُقام عليه الحدُّ . وقد رأينا أنَّه صلَّى على المرأة بعد رَجْمها . فمثَلُه كَمثَل الوالد الذي يُؤدِّبُ ولَده إذا انحرف , ويَوَدُّ في نفس الوقت لو أنَّه لم يُضْطرَّ إلى تأديبه . ولو استجابَ لِعَواطفه ولم يُعاقبه , لَفَسد الولَد . وكمَثَل الأمِّ التي تَسقي ابنتَها المريضة دواء مرًّا , وتَوَدّ أنَّها لم تُضْطرَّ إلى فعل ذلك . وكمَثَل الطَّبيب الذي يَقطعُ الرِّجْلَ المصابة للمريض , حتَّى لا ينتقل الدَّاءُ إلى بقيَّة الجسد .

        أخيرًا , قد تقول سيِّدي : ومع ذلك , فإنَّ الرَّجم وقطع اليد هي عقوبات بدائيَّة ووحشيَّة , ليس من المقبول أن تُطَبَّق في عصر العلم والحضارة والرِّفق بالحيوان والدِّفاع عن حقوق الإنسان .
        أقول : ولكنَّ العقوبات المعمول بها في عصرنا هذا لم تَستطع الحدَّ من كثرة السَّرقات وحوادث الاغتصاب , فضلاً عن جرائم القتل وغيرها ! بينما لو طُبِّقَت حُدودُ اللَّه , لأصبحَ مُجَرَّد التَّفكير في شدَّة العقاب والفضيحة أمام النَّاس , كافٍ وحدَه لِيَزجرَ النَّاس عن ارتكاب هذه الأفعال الشَّنيعة .
        ولو سألتُكَ سيِّدي الكريم : لِنَفرِضْ أنَّكَ أنتَ الذي سُرِقَ مالُكَ أو اغتُصِبَتْ زوجتُكَ أو ابنتُك , لا قدَّر اللَّه . فَمَا رأيُكَ في قطع يَد الجاني أو رَجْمه ؟
        أغلبُ الظَّنِّ أنَّك ستنسَى الشَّفقة والرَّحمة , ولن ترضَى لهذا الجاني بأقلّ مِنْ هذه العقوبات , حتَّى ولو أُعطيتَ بدَلَ ذلكَ كلَّ كنوز الدُّنيا !
        ونحن نرى اليوم أنَّ الذين كانُوا يُطالِبُون بالأمس بإلغاء عقُوبة الإعدام مثلاً , ما أن يُقتَل أحد أبنائهم ظُلمًا ويُمَثَّل بِجَسده , حتَّى يُصبِحُوا لا يَرضَون بغير الإعدام شنقًا عقوبةً للقاتل .

        كفانَا إذًا شفقةً مغلُوطة على الزَّوج الذي يَزني بزوجة جاره , والسَّارق الذي يسرق عَرَقَ غيره , ولْنَتْرك الحكْمَ للَّه , فهو أعلم بِمَا يصلحُ لنا .
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:14 ص.

        وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
        وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
        @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
        --------------------------------------
        اللهم ارزقني الشهادة
        اللهم اجعل همي الآخرة

        تعليق


        • هل حقًّا أنَّ الإسلام انتشر بقوَّة السَّيف ؟!
          هل حقًّا أنَّ الإسلام انتشر بقوَّة السَّيف ؟!




          من الشُّبهات الأخرى التي يُروِّجُها بعضُ النَّاس لِتَشويه صورة الإسلام , قولُهم أنَّ هذا الدِّينَ لم يَنْتشر بالإقناع , وإنَّما انتشر بقوَّة السَّيف ! وحُجَّتُهم في ذلك أنَّ المسلمين الأوائل قامُوا بِحُروب عديدة خارج الجزيرة العربيَّة , واستولَوْا على بلدان كثيرة , ثمَّ أرغَموا أهلَها على الدُّخول في الإسلام !

          طبعًا , لا أظنُّكَ سيِّدي الكريم تُصدِّقُ هذه الشُّبهة ! فقد بَيَّنَّا سابقًا أنَّ الإسلام لا يُكرهُ أحدًا على الدُّخول فيه .
          وعلى كلِّ حال , سنردُّ على هذا الأمر , وسنبدأ بِسَرد ثلاث حوادث وقعتْ في عصر النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
          الحادثة الأولى رواها ابن حبَّان في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , قال : بعثَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم خَيْلاً قِبَلَ نَجْد , فجاءتْ برجُلٍ من بَني حنيفة يُقالُ له ثمامة بن أثال , سيِّد أهل اليَمامة . فربَطُوه بساريَة من سَواري المسجد (لكي لا يَهرب) . فخرجَ إليه رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فقال : ما عندكَ يا ثمامة ؟ قال : عندي يا محمَّد خَيْر : إن تَقْتُلْني تَقْتُلْ ذَا دَم , وإن تُنْعِمْ تُنْعِم على شاكِر , وإن كنتَ تُريدُ المالَ فَسَلْ تُعْطَ منه ما شئْتَ . فتركَهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حتَّى كانَ الغَد , ثمَّ قال له : ما عندكَ يا ثمامة ؟ قال : ما قلتُ لك (أي بالأمس) : إن تُنْعِمْ تُنْعِم على شاكِر , وإن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَم , وإن كنتَ تُريدُ المالَ فَسَلْ تُعْطَ منه ما شئْتَ . فتركَهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حتَّى كانَ بعد الغَد , فقال له : ما عندكَ يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلتُ لك : إن تُنْعِمْ تُنْعِم على شاكِر , وإن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَم , وإن كنتَ تُريدُ المالَ فَسَلْ تُعْطَ منه ما شئْتَ . فقال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم (أي لأصحابه) : أَطْلِقُوا ثمامة !
          فانطلقَ (ثمامة) إلى نَخْلٍ قريب من المسجد , فاغْتَسَل ثمَّ دخلَ المسجد فقال : أشْهَدُ أن لا إلَه إلاَّ اللَّه وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّه ! يا مُحَمَّد , واللَّهِ ما كانَ على الأرض وَجْهٌ أبْغَض إلَيَّ من وجْهِك , فقد أصبحَ وجْهُكَ أحَبّ الوجُوه كُلّها إلَيَّ ! واللَّهِ ما كانَ مِنْ دِينٍ أبْغَض إلَيَّ مِنْ دِينِك , فقد أصبحَ أحَبّ الدِّين كُلّه إلَيَّ ! واللَّهِ ما كانَ بَلَدٌ أبْغَض إلَيَّ مِنْ بَلَدك , فقد أصبحَ بَلَدُكَ أحَبّ البلاد إلَيَّ ! وإنَّ خَيْلَك أخذَتْني وأنا أريدُ العُمْرة , فَمَاذَا تَرى ؟ فبَشَّرهُ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وأَمَرَهُ أن يَعْتَمِر .
          فلَمَّا قَدمَ (ثمامة) مَكَّة , قال له قائل : صَبَوْت ؟! قال : لا , ولكن أسلمتُ مع محمَّد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فلاَ واللَّهِ لا تأتيكُم من اليَمامة حَبَّة حنْطَة حتَّى يأذَنَ فيها رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . (صحيح ابن حبّان – الجزء 4 – ص 42 – رقم الحديث 1239) .
          قال عبد الباقي أبو الحسين في كتابه مُعجم الصَّحابة : فقدم (ثمامة) اليمامة , فحَبسَ عنهم (أي لم يَعُد يُزوِّدُ أهلَ مكَّة المشركين بالحنطة) . فشقَّ ذلكَ عليهم , فكتَبُوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : إنَّكَ تأمُرُ بِصِلَة الرَّحِم , وإنَّ ثمامة قد حَبَسَ عنَّا الحمل . فكتبَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فحمل إليهم .

          الحادثة الثَّانية رواها الحلبي في كتابه السِّيرة الحلبيَّة , في حديثه عن الذين أَمر النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بقَتْلِهم عندما عاد إلى مكَّة مُنتصرًا بعد أن أخرجه قومُه منها , قال الحلبي : وأمَّا عكرمة بن أبي جهل رضي اللَّه عنه , فإنَّما أَمرَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بقتله لأنَّه كان أشدّ النَّاس , هو وأبوه , أذيَّةً للنَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , وكان أشدّ النَّاس على المسلمين . ولَمَّا بلَغهُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أهدرَ دمَهُ , فَرَّ إلى اليَمَن . فتَبِعَتْهُ امرأتُه أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام بعد أن أسلمَتْ , فوَجدَتْهُ في ساحل البحر يُريد أن يركبَ السَّفينة . فقالتْ له : يا ابن عمّ , جِئْتُكَ مِن عند أَوْصَل النَّاس وأبَرِّ النَّاس وخير النَّاس , لا تُهلِكْ نَفْسَكَ فقد استأمنْتُ لك . فجاء معها إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وقال : هذه زوجتي أخبَرَتْنِي أنَّكَ أمَّنْتَني , قال : صدقَتْ , إنَّكَ آمِنْ !
          فقال عكرمة : أشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحدهُ لا شريكَ له وأنَّكَ عبدُه ورسوله ! وطأطأَ رأسهُ من الحياء . فقال له النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يا عكرمة , ما تسألُني شيئًا أقدرُ عليه إلاَّ أعطيتكَ إيَّاه . قال : استَغْفِرْ لي كلَّ عداوة عادَيْتُكها , فقال صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : اللَّهمَّ اغْفِرْ لعكرمة كلَّ عداوة عادانيها أو منطق تكلَّم به .
          قال الحلبي : ثمَّ أصبح عكرمة من كبار الصَّحابة .

          الحادثة الثَّالثة رواها ابنُ إسحاق في كتابه السِّيرة النَّبويَّة , في حديثه عن فتح مكَّة أيضًا , قال : خرجَ صفوان بن أميَّة يُريد جدَّة لِيَركب منها إلى اليَمن . فقال عُمَيْر بن وهب : يا نَبيَّ اللَّه , إنَّ صفوان بن أميَّة سيِّد قومه , وقد خرج هاربًا منكَ لِيقذفَ نفسَه في البحر , فأمِّنْهُ صلَّى اللَّه عليك وسلَّم . قال : هو آمِن . قال : يا رسولَ اللَّه , فأعْطِني آيةً يَعرفُ بها أمانَك . فأعطاهُ عِمامته التي دخلَ بها مكَّة .
          فخرج بها عُمَيْر حتَّى أدركَ صفوان وهو يُريدُ أن يركبَ البحر . فقال : يا صفوان , فداكَ أبي وأمِّي , اللَّهَ اللَّهَ في نفسكَ أن تُهلكَها , فهذا أمانٌ من رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قد جئْتُكَ به . قال : وَيْحَك , اغْرُبْ عنِّي فلا تُكَلِّمْني ! قال : أيْ صفوان , فداكَ أبي وأمِّي , أفضلُ النَّاس , وأبَرُّ النَّاس , وأحلمُ النَّاس , وخيرُ النَّاس , ابنُ عمِّك , عِزُّه عِزُّك وشرفُه شرفُك ومُلْكُه مُلْكُك . قال : إنّي أخافُه على نفسي , قال : هو أحلَمُ من ذلكَ وأكرم .
          فرجع معه حتَّى وقف به على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فقال صفوان : إنَّ هذا يَزعُم أنَّكَ قد أمَّنْتَني , قال : صدَق , قال : فاجْعَلْني فيه بالخيار شَهْرَيْن , قال : أنتَ بالخيار فيه أربعة أشهُر .
          ثمَّ أسلم صفوان وحسُن إسلامه .

          باللَّهِ عليك سيِّدي الكريم , هل هذا دِينٌ يُحاربُ النَّاسَ لِيُكرهَهم على الدُّخول فيه ؟!
          أبدًا ! ولو كان كذلك , لَخرج المسلمُون مِن هذا الدِّين أفواجًا عند أوَّل فرصة أُتيحَتْ لهم ! لكنَّنا لم نسمع بهذا إطلاقًا . بل إنَّ التَّاريخ يشهدُ بعكس ذلك تَمامًا . فقد مرَّ المسلمون بفترات لَقُوا فيها الويلات من التَّتار وغيرهم , ومع ذلك لم يُفكِّرُوا , حتَّى مجرَّد التَّفكير , في إبدال دِينهم ! وما زالُوا حتَّى اليوم يُعانُون الظُّلم في كثير من البلدان , ومع هذا لم يزدهُم ذلكَ إلاَّ تشبُّثًا بالإسلام .
          أمَّا عن الحروب التي خاضها المسلمون الأوائل خارج الجزيرة العربيَّة , فلم تكُن مُوَجَّهة ضدَّ الشُّعوب , وإنَّما ضدَّ الملوك الذين يَمنعون المسلمين من إيصال دعوة الإسلام إلى عامَّة النَّاس . فالنَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , كما ذكَرْنا سابقًا , بُعِثَ بهذا الدِّين إلى النَّاس جميعًا وليس إلى قومه فقط . فكان لِزَامًا على المسلمين إذًا أن يَجُوبُوا الأرض شرقًا وغربًا ليُبَلِّغُوا الإسلام إلى النَّاس ويُحذِّرُوهم أنَّ اللَّه لن يقبلَ غيره دينًا . ولو سألتُكَ : ماذا تفعل لو علمْتَ أنَّ أخاكَ في أقصَى الأرض سيَحترقُ بالنَّار وهو لا يدري ؟ ستجيبُ بلا شَكّ بأنَّك ستعملُ كلَّ ما في وسعك لِتُخبره بذلك وتُحذِّره من الخطر الذي ينتظره .
          هذا تقريبًا ما فعلَه المسلمون الأوائل . ولَمَّا لَم يكُن في ذلك الوقت إذاعة ولا تلفزيون ولا أشرطة فيديُو ولا قنوات فضائيَّة ولا صُحف ولا مطابع , كان السَّبيلُ الوحيد لإيصال دعوة الإسلام إلى النَّاس هو أن يَخرجَ المسلمون من الجزيرة العربيَّة , ويذهبُوا بأنفُسهم إلى مختلف البلدان . لكنَّ أغلب هذه البلدان كانت تحت حُكْم الرُّوم والفُرْس الطُّغاة , ولم يكن هناك أدنى قَدْر من الحرِّيَّات . فكان لا بُدَّ على المسلمين إذًا أن يَخرجُوا بأسلحتهم وعتادهم الحربي , لكي يُدافعُوا عن أنفسهم إذا اعترض طريقَهم جنودُ الرُّوم أو الفرس , ولكي يَضمنُوا أيضًا لِمن يَدخُل في الإسلام أنَّه سوف يكون في حماية المسلمين , وبالتَّالي يُمكنُه أن يعبد ربَّه في بلَده كما يشاء , دون أن يخافَ بطشَ الملوك الجبابرة .
          فكانت إذًا الفتوحات الإسلاميَّة , ووصلت دعوةُ الإسلام إلى العديد من البلدان . وكان جُندُ المسلمين , عندما يصلُون إلى حدُود بَلَدٍ مَا , يَعرضُون على أهله الإسلام . فإن لم يرغبْ هؤلاء في الدّخول فيه , يتَّفقون معهم على مقدار جزْيَة يَدفعونها (أي يدفعُها أهلُ هذا البلد) إلى المسلمين مُقابل أن يَحمُوهم من هجمات أعدائهم عليهم .
          وحتَّى لا يذهبَ ظنُّك إلى أنَّ هذه الجزية هي أخذُ مال النَّاس بغير حقٍّ , استمعْ معي إلى ما رواه البلاذري في كتابه فتوح البُلدان , يقول : لَمَّا جمعَ هِرَقْل (ملك الرُّوم) للمسلمينَ الجمُوعَ , وبلغَ المسلمينَ إقبالهم إليهم لِوَقْعة اليرْمُوك , رَدُّوا على أهل حمص (وهي من مدن سوريا اليوم) ما كانُوا أخذُوا منهم من الخَراج (أي الجزْيَة) , وقالُوا : قد شُغِلْنا عن نُصْرَتكُم والدَّفع عنكم , فأنتُم على أمركُم .
          فقال أهلُ حِمْص : لَوَلايَتُكُم وعَدْلكُم أحَبّ إلينا مِمَّا كُنَّا فيه من الظُّلم والغشم , ولَنَدفعَنَّ جُنْدَ هِرَقْل عن المدينة مع عاملكُم ! ونهضَ اليهودُ فقالُوا : والتَّوراة , لا يدخُلُ عامِلُ هِرَقْل مدينةَ حِمْص إلاَّ أن نُغْلَب ونَجْهد !
          فأغلقُوا الأبوابَ وحرسُوها , وكذلكَ فعلَ أهلُ المدُن التي صُولِحَت من النَّصارى واليهود !

          نعم , هذا هو عدلُ الإسلام في الحرب والسِّلم , وهذه شهادةٌ مِمَّن جرَّب العيشَ تحت حماية المسلمين .
          بينما يكفي أن نقرأ توراة اليهود المحرَّفة , لِنلاحظَ الفَرق الكبير بين الجزية التي شرَّعها الإسلامُ مقابل حماية أهل البلد الذين وَقَّعُوا صُلحًا مع جيوش المسلمين , وبين ما تدعُو إليه هذه التَّوراة المحرَّفة من استعبادٍ للنَّاس وسفكٍ للدِّماء ! مِنْ ذلك ما جاء في سِفْر التَّثْنِيَة : حينَ تَقْرُبُ من مَدينة لِتُحاربَها , اسْتَدْعِها لِلصُّلْح . فإن أجابَتْكَ إلى الصُّلْح وفَتَحَتْ لَك , فكُلُّ الشَّعْب الموجُود فيها يكُون لَكَ للتَّسْخير ويُسْتَعْبدُ لكَ . (سِفْر التّثْنِيَة – الإصحاح العشرون 9 - 11) .
          وما جاء في سِفْر العَدَد : وسَبَى بَنُو إسرائيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وأطْفَالَهم , ونَهَبُوا جَميعَ بَهائِمهم وجَميعَ مَوَاشِيهم وكلَّ أملاكِهم . وأَحْرقُوا جَميعَ مُدُنِهِم بِمَسَاكِنِهم وجَميعَ حُصُونِهم بالنَّار . وأخَذُوا كُلَّ الغَنيمَة وكُلَّ النَّهْب من النَّاس والبَهائم . (سِفْر العَدَد – الإصحاح الحادي والثَّلاثون 9 – 17) .
          وقد ذكَرنا أمثلة أخرى في عنصر سابق .

          أخيرًا , لِتَعلَمْ سيِّدي الكريم أنَّ جيوش المسلمين لم تَصِلْ إلى كلِّ بلدان العالَم , ومع ذلك نجد اليوم في الصِّين الشُّيوعيَّة مثلاً حوالي عشرين مليون مسلم دخلُوا في الإسلام , ليس تحت قوَّة السَّيف , وإنَّما فقط لِمَا رأوه من أخلاق بعض التُّجَّار المسلمين , أو لِمَا سمعوه من بعض الدُّعاة عن الإسلام . فهل هؤلاء أيضًا أُكْرِهُوا على الدُّخول في هذا الدِّين ؟!
          واللَّهِ الذي لا إله غيرُه ليس هناك دِينٌ أقرب إلى العقل والمنطق والفطرة من الإسلام . وكلَّما توفَّر الجوُّ الملائمُ للحوار الهادئ , كلَّما دخل النَّاسُ في هذا الدِّين أفواجًا ! ويدلُّ على ذلك ما رواه ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري , عن الزُّهري أنَّه قال : لَم يكُن في الإسلام فتحٌ قبل فتح الحُدَيْبية أعظم منه (والحُدَيْبِيَة هو مكانٌ وقَّع فيه النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم معاهدة هُدنة بينه وبين كفَّار قُريْش) . ذلكَ أنَّه , لَمَّا أمِنَ النَّاسُ كلُّهم (ووضعت الحربُ أوزارَها) , كلَّمَ بعضُهم بعضًا وتفاوضُوا في الحديث والمنازعة , ولم يُكَلَّم أحدٌ في الإسلام يَعقلُ شيئًا إلاَّ بادرَ إلى الدّخول فيه . فلقد دخلَ في تلكَ السَّنتَيْن مثْلَ مَن كان دخلَ قبل ذلك أو أكثر !
          قال ابنُ هشام : ويدلُّ عليه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم خرجَ في الحُدَيْبِيَة في ألف وأربعمائة (مسلم) , ثمَّ خرج بعد سنتين إلى فتح مكَّة في عشرة آلاف .
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:13 ص.

          وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
          وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
          @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
          --------------------------------------
          اللهم ارزقني الشهادة
          اللهم اجعل همي الآخرة

          تعليق


          • هل الإسلام دينٌ عنصري ؟
            هل الإسلام دينٌ عنصري ؟




            إنَّه أبعد ما يكُون عن ذلك .
            ولو ألقَيْتَ سيِّدي الكريم نَظْرةً على المسلمين وهم يُؤدُّون الصَّلاة , الرُّكن الثَّاني من أركان الإسلام , جماعةً في المسجد , لَرأيْتَ المدير بجانب العامل , والأبيض بجانب الأسْوَد , والعربي بجانب الهندي , كلُّهم مُتلاصِقون بأكتافهم في صُفوف مُتشابهة ومستقيمة , يَركعُون ويسجُدون لِرَبٍّ واحد .
            ولو ألقَيْتَ نَظْرةً ثانيَة على المسلمين وهم يُؤدُّون الحَجّ , الرُّكن الخامس من أركان الإسلام , لَرأيْتَ ملايين المسلمين من مُختَلَف الأجناس والبُلدان , مُتزاحِمين في مكان واحد , لا فَرق بين غنيٍّ ولا فقير , كلُّهم بلباس واحد , ويُؤدُّون مَناسكَ واحدة .
            ولو بحثتَ في القرآن والسُّنَّة , لَوجدتَ فيها العديد من الآيات القرآنيَّة والأحاديث النَّبويَّة التي تدعُو إلى المساواة في الإنسانيَّة بين كلِّ النَّاس , بقَطْع النَّظر عن لونهم أو مركزهم الاجتماعي . مِن ذلك ما رواه الإمام أحمد في مُسْنَده عن أبي نضرة رضي اللَّه عنه , قال : حدَّثَني مَنْ سمع خُطبةَ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في وسط أيَّام التَّشريق , أنَّه قال : أيُّها النَّاس , ألاَ إنَّ ربَّكُم واحِد , وإنَّ أباكُم واحِد , ألاَ لا فَضْلَ لِعَرَبي على أعْجَمِي , ولا لِأعْجَمِي على عَرَبي , ولا لِأحْمَر على أسْوَد , ولا أسْوَد على أحْمَر إلاَّ بالتَّقْوَى . (وذكَر تَمام الحديث - مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 5 – ص 411 – رقم الحديث 23536) .
            ولَو قرأتَ في حياة المسلمين الأوائل , لَوجدتَ فيها تجسيدًا عمليًّا لهذه المساواة . مِن ذلك ما رواه ابنُ إسحاق في كتابه السِّيرة النَّبويَّة , أنَّ بلالاً الحبشي (وهو رجلٌ أسْوَد اللَّون) كان قبل إسلامه عبدًا عند أمَيَّة بن خَلَف , أحد سادات قُريْش . فلَمَّا أسلَم , عذَّبَه سَيِّدُه أُمَيَّة أشدَّ العذاب . فكان يُخرجُه إذا حَمِيَت الظَّهيرة , فيَطْرحُه على ظهره في بَطْحاء مكَّة , ثمَّ يأمرُ بالصَّخْرة العظيمة فتُوضَعُ على صَدْره , ثمَّ يقول له : لا تزالُ هكذَا حتَّى تَموت , أو تَكْفُر بِمُحَمَّد وتعبُد اللاَّتَ والعُزَّى (وهي أصنامٌ يعبُدُها كُفَّار قُرَيْش) . فيَقولُ بلال وهو في ذلك البَلاء : أحَدٌ , أحَد (أي بل أعبد اللَّهَ الواحد الأحد) .
            فمَرَّ به الصَّحابي الجليل أبو بكر الصِّدِّيق رضي اللَّه عنه يومًا وهم يَصنعون به ذلك , فقال لِأميَّة : ألا تَتَّقي اللَّهَ في هذا المسكين ؟! حتَّى مَتَى ؟! قال : أنتَ الذي أفسَدْتَه , فأنْقِذْهُ مِمَّا تَرى . قال : أفْعَل , عندي غُلامٌ أسْوَد أجْلَد منه وأقْوى , وهو على دِينك , أعطيكَه به . قال : قد قَبِلْتُ , قال : هو لك . فأعطاه أبو بكر غُلامَه ذاك , وأخذ بلالاً فأعْتَقه .
            وأصبح بلال بعد ذلك من كبار الصَّحابة , والمؤذِّن الدَّائم للصَّلاة في حياة النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
            يقول الإمام البخاري في رواية عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه : فكان عُمَر (بن الخطَّاب , الصَّحابي الجليل والخليفة الثَّاني للمسلمين) يقول : أبو بكْر سَيِّدُنا , وأعتَقَ سَيِّدَنا (يعني بلالاً) . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 3 – ص 1371 – رقم الحديث 3544) .

            فهل هذا دِينٌ عنصري ؟!
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:13 ص.

            وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
            وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
            @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
            --------------------------------------
            اللهم ارزقني الشهادة
            اللهم اجعل همي الآخرة

            تعليق


            • هل الإسلام دين العرب فقط ؟
              هل الإسلام دين العرب فقط ؟




              طبعًا لا !
              فالإسلام دِينُ اللَّه للبشريَّة جمعاء , والنَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بُعِثَ للنَّاس جميعًا , ولا نبيَّ بعده إلى قيام السَّاعة .
              ويكفي يا ابنَتي الفاضلة أن تتأمَّلي في وجوه المسلمين في موسم الحجّ وهم يُؤدُّون مناسكهم , لكي تتأكَّدي أنَّهم قدِمُوا من جميع القارَّات , وأنَّ فيهم الصِّيني والأفريقي والأوروبِّي والرُّوسي والبرازيلي وغيرهم .

              غير أنَّ بعض النَّاس أرادُوا إبعادَ غير العرب عن الدُّخول في الإسلام , فأشاعُوا بأنَّه دِينٌ خاصٌّ بالعرب فقط !
              ------------------------------------------------
              التالي بإذن الله تعالى:
              وماذا عن الدِّيانات الأخرى ؟!
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:13 ص.

              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
              --------------------------------------
              اللهم ارزقني الشهادة
              اللهم اجعل همي الآخرة

              تعليق


              • اللهم بارك في الأنامل التي سطرت هذه الحروف ....... جعل الله كل حرف في ميزان حسناتك أختى الحبيبة .. متابعين إن شاء الله ..
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:13 ص.
                اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                تعليق


                • المشاركة الأصلية بواسطة في حب الله مشاهدة المشاركة
                  هل حقًّا أنَّ الإسلام انتشر بقوَّة السَّيف ؟!




                  .................................................. ............... .
                  بارك الله فيكم وأثابكم

                  تعليق صغير :
                  أول آية فى القرآن ذكر فيها القتال هي الآية 190 من سورة البقرة والتى تقول :

                  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)

                  والمعنى واضح لكل ذى عين وعقل
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:13 ص.

                  تعليق


                  • بارك الله فيك أختي الحبيبة سارة

                    المشاركة الأصلية بواسطة _الساجد_ مشاهدة المشاركة
                    بارك الله فيكم وأثابكم

                    تعليق صغير :
                    أول آية فى القرآن ذكر فيها القتال هي الآية 190 من سورة البقرة والتى تقول :

                    وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)

                    والمعنى واضح لكل ذى عين وعقل
                    بارك الله فيكم أخي
                    مشاركة قيمة

                    فالله لا يحب المعتدين أبدا ولكنه يحب المحسنين المتقين
                    نسأل الله عز وجل أن نكون ممن يحبهم ويحبونه ويرضى عنهم ويرضونه
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                    وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                    وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                    @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                    --------------------------------------
                    اللهم ارزقني الشهادة
                    اللهم اجعل همي الآخرة

                    تعليق


                    • وماذا عن الدِّيانات الأخرى ؟!
                      وماذا عن الدِّيانات الأخرى ؟!




                      ربَّما تسألني سيِّدي الفاضل : ولكن ماذا عن الهندوسيَّة والبوذيَّة وبقيَّة الدِّيانات الموجودة فوق هذه الأرض ؟ لِماذَا لَم تتعرَّض لها بالتَّحليل والنَّقد كمَا فعلْتَ مع اليهوديَّة والمسيحيَّة ؟
                      أقول : لا أعتقد أنَّ هناك حاجة لذلك ! بل إنَّني كنتُ عازمًا في البداية أن أتحدَّث عن الإسلام فقط , دون التَّعرُّض للدِّيَانات الأخرى ! ولكن , بِما أنَّ اليهود والنَّصارى يؤمنون بنفس الإله الذي يُؤمن به المسلمون , وهو اللَّهُ تعالى , وَجَدتُ من اللِّزام عَلَيَّ دينيًّا وأخلاقيًّا أن أُنبِّههم إلى ما ذكَره اللَّهُ في القرآن الكريم مِن أنَّ عقائدهم وكُتُبَهم المقدَّسة قد دخلَ عليها تبديلٌ وتحريف بعد موت أنبيائهم .
                      أمَّا الدِّيانات الأخرى , فهي ليست ديانات سماويَّة , ولا يُؤمنُ أتباعُها باللَّه ولا بأنبيائه ولا بالبعث والحساب والجنَّة والنَّار . ونحنُ قد بَيَّنَّا طوال هذه الأجزاء , بالعلم والعقل والمنطق , أنَّ هذا الكون لا بُدَّ أن يكون وراءهُ خالقٌ عظيم , وأنَّ الأنبياء حقٌّ , وأنَّ كلَّ ما جاء في القرآن حقٌّ , وأنَّنا سَنُبعثُ من قبورنا للحساب , ثمَّ إلى جنَّة أو إلى نار .

                      لا فائدة إذًا من الوقوف عند الدِّيانات الأخرى , وسنكتفي على كلِّ حال بذكْر قصَّة إسلام رجُلٍ من سيريلانكا اسمُه محمَّد شان , كان هندوسيًّا ثمَّ انتقل إلى البوذيَّة ثمَّ إلى النَّصرانيَّة حتَّى اهتدى إلى الإسلام .
                      يقول محمَّد خان : أنْتَمي إلى عائلة مقدَّسة في الدِّيانة الهندوسيَّة بسيريلانكا , يَتمتَّع أفرادُها بثَراء واسع , كما أنَّهم يتعالَوْن عن بقيَّة النَّاس . وأذكُر وأنا صغيرٌ لَم أتجاوز العاشرة من العمر أنَّني لعبتُ مع أحد الأطفال , فلمَّا رآهُ والدي ضربَه ضربًا مبرِّحًا , لأنَّه تجاوز الفوارق الطَّبقيَّة التي لا تسمح بمثله أن يلعبَ مع مَن هو مثلي !
                      من ناحيَة الدِّيانة الهندوسيَّة , فقد كان لي مُعلِّمٌ مُوَكَّلٌ بتدريسي إيَّاها . وكان هذا المعلِّم يُمارسُ ما يُسَمَّى بالسِّحر الأسود , مثل المشْي حافِيًا على الجمر أو الزُّجاج المكسور , وإدخال المسامير في اللِّسان والخدِّ دون خروج دم أو الإحساس بألم . فكنتُ فيما بعد أمارسُ بدوري هذه الأعمال أمام عامَّة النَّاس , وكانُوا يعتقدُون أنَّني أستطيع القيام بها لأنَّني من عائلة مُقَدَّسة ! لكنَّ الحقيقة أنَّني كنتُ أستعينُ في ذلكَ بشَيَاطين الجِنِّ , وهذا مَا جعَلَني أتساءلُ عن صحَّة الدِّيانة الهندوسيَّة .
                      ثمَّ ازدادتْ تساؤلاتي وشكوكي عندما بلغتُ الخامسة عشر من عمري , وبدأتُ أتعجَّبُ من كثرة الآلهة عندنا , حيثُ كان في منزلنا حوالَيْ مائة وخمسينَ إلَهًا , كلُّ واحد منهم مسؤولٌ عن شيء معيَّن ! فكان هناك إله المطر , وإله القوَّة , وإله الحكمة , وإله الرِّزق ! وكلُّها لا تنفع ولا تضُرُّ ! فكنتُ أسألُ المعلِّم عن حقيقة هذه الآلهة , وأقول له بأنَّ عبادتَها لا تَتَماشى مع العقل والمنطق , فكان ينهرُني لذلك .
                      عندما بلغتُ الرَّابعة والعشرين من عمري , حدثَ أنَّ معلِّمي كان يقومُ يومًا بأعمال سحريَّة , فأمَرهُ الجنُّ الذي يتعامَل معه أن يُغادر ذلك المكان قبل السَّاعة الرَّابعة عصرًا . لكنَّه شربَ الخمر ثمَّ نامَ , ولَم يُغادر المكان في الموعد . فلَمَّا أفاق , وجد نفسَه قد فَقد القدرة على الكلام . ولَمَّا زُرتُه وسألْتُه عن السَّبب , أخبرني بالإشارة أنَّ ذلك كان عقابًا من الجِنِّ , وحذَّرَني منهم .
                      تحقَّقتُ عند ذلك من أنَّ الهندوسيَّة ديانةٌ باطلة , وأنَّها تقوم على استغلال عامَّة النَّاس وخِداعِهم بألعاب سحريَّة لإقناعهم بأنَّ الأشخاص الذين يَقومون بهذه الأعمال مُقَدَّسون , ويجبُ تقديم المال الكثير لهم .
                      فتركتُ هذه الدِّيانة , رغم القداسة التي كانت تتمتَّع بها عائلتي فيها , واعتنقتُ البوذيَّة لِمَا رأيتُ فيها من دعوةٍ للسَّلام والعدل . لكنَّني اكتشفتُ فيما بعد أنَّها لا تختلفُ كثيرًا عن الهندوسيَّة , خاصَّة في عبادة الأصنام , حيثُ أنَّ البوذيِّين يعبدون صنَم بوذا ‍.
                      وبعد حَوالَي أربع سنوات في البوذيَّة , تحوَّلتُ إلى المسيحيَّة , وذلكَ أنَّ والدتي دخلتْ في هذه الدِّيانة , فحوَّلَتْ كلَّ العائلة معها . أعجبَني في المسيحيَّة أنَّه ليس فيها عبادة أصنام , وأحببتُ المسيح عليه السَّلام لأنَّه قُدِّم لنا على أنَّه ابنُ اللَّه .
                      ثمَّ أُتيحَتْ لي فرصَةٌ للعمل في السّعوديَّة , فذهبتُ إلى هناك . فكنتُ أتحدَّثُ مع بعض زملائي في العمل بِغَرض دَعوَتهم إلى المسيحيَّة , وكان مِن بينهم مُسلِمٌ من الهند بارعٌ في النِّقاش . فكنتُ إذا قلتُ له عَشْر كلمات عن المسيح عليه السَّلام , رَدَّ عَلَيَّ بمائتَيْ كلمة عنه ! فاستغرَبْتُ من معرفَته الدَّقيقَة بِتَفاصيل حياة المسيح عليه السَّلام رَغْمَ أنَّه مُسلِم ! وزاد استغرابي عندما أخبرَني أنَّه يُؤمنُ بالمسيح نَبِيًّا مثل بقيَّة الأنبياء !
                      مِمَّا لَفتَ انتباهي بعد ذلك أنَّني وجدتُ المسلمينَ مُتعاونينَ فيما بينهم , ويتعاملُون مع بعضهم دون أيّ فوارق طَبَقيَّة مثل التي عند الهندوس . وأذكُر مرَّةً أنَّ أحد زملائي المسلمين دعاني مع آخرين للإفطار في رمضان , وكان مِن بين المدعُوِّين رجلٌ ثريٌّ جدًّا جلس بيننا وتناولَ الإفطار معنا على نفس الطَّاولة ! فقلتُ في نفسي : كُنَّا نعيشُ في سيريلانكا طَبقيَّةً شديدةً مع مَن هُم أقلّ منه مالاً وجاهًا , وهذا الرَّجُل يَستطيعُ أن يشتري سيريلانكا بأكمَلِها , ومع ذلكَ يَجلسُ معنا بهذه البساطة !
                      اشتريتُ مصحف قرآن , وبَحثتُ فيه عن الآيات التي تتحدَّثُ عن المسيح ومريم عليهما السَّلام , فتيَقَّنْتُ أنَّ هذا ليس كلام بَشَر . ولكنَّني لم أكُن قادرًا على اتِّخاذ قرار , فوضعتُ القرآن بجانب الإنجيل ودعوتُ الخالِقَ أن يُبَيِّن لي الطَّريق الحقّ .
                      وفي يوم , أتاني صديقي الهندي المسلم ودعاني لِحضُور محاضرة لِداعِيَة أمريكي , فرافَقْتُه . ولَمَّا بدأ المحاضرُ يتحدَّثُ عن المسيح عليه السَّلام وأمّه الطَّاهرة مريم , أخذ جسمي يرتعش , ومع نهاية المحاضرة آمنتُ أنَّ اللَّه تعالى هو الإله الحقّ .
                      فأسلمتُ والحمد للَّه , ودعوتُ اللَّه أن يشرح صدر زوجتي وابني وابنتي إلى هذا الدِّين , فأسلموا أيضًا بعد مدَّة . ثمّ شرحتُ لزوجَتي أهمِّيَّة ارتداء الحجاب , فاقتنعَتْ به وأصبحَتْ تَرتَديه بشَكْلٍ دائم . وهي الآن تقومُ بالدَّعوة في الحيِّ الذي نسكنُ فيه , وتُعطي درسًا أسبوعيًّا في منزلها . وكذلك ابنتي ارتدَت الحجابَ عن قناعة , لأنَّه أمرٌ ربَّاني وليس خوفًا منِّي , وأنا أتمنَّى أن يرزُقَها اللَّهُ زوجًا صالِحًا .
                      أعتقدُ أنَّ المرأة عندما تتَّبعُ تعاليمَ الإسلام بشكْلٍ صحيح , فإنَّها تنالُ درجةً عالِيَة من التَّكريم والتَّقدير . بينَما المرأةُ في الهندوسيَّة تُعامَلُ وكأنَّها أَمَةٌ مَملوكة , يَتمتَّعُ بها الرَّجل ويُسخِّرُها لِخدمَته , وليس لها حقوق , حتَّى أنَّها كانت في الماضي تُحرَقُ بالنَّار عندما يَموتُ زوجُها ! وفي البوذيَّة يُفرَضُ على الأرملَة لُبس الثِّياب البيض , وتُمنَع من الخروج من المنزل ! أمَّا في المسيحيَّة , فإنَّ المرأة تلبسُ ملابس مُحتَشَمة فقط عند الذَّهاب يوم الأحد إلى الكنيسة ! فهذه الحِشْمة ظاهريَّة فقط , وليسَتْ سلوكًا دائمًا .
                      ( نقلاً , مع تصرّف بسيط في سرد القصَّة , عن موقع موسوعة القصص الواقعيَّة www.gesah.net ) .
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                      وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                      وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                      @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                      --------------------------------------
                      اللهم ارزقني الشهادة
                      اللهم اجعل همي الآخرة

                      تعليق


                      • الإسلام عدلٌ وإحسان !
                        الإسلام عدلٌ وإحسان !




                        يقول اللَّه تعالى في القرآن الكريم : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90 } (16- النّحل 90) .
                        وروى الحاكم في مُسْتَدركه عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه , أنَّه قال بخصوص هذه الآية : هي أجمعُ آيةٍ في القرآن لِلْخَيْر والشَّرّ . (المستدرك على الصّحيحين – الجزء 2 – ص 388 – رقم الحديث 3358) .
                        نعم , فقد لَخَّصَ اللَّهُ تعالى فيها مُجْمَل الآداب الإسلاميَّة : عدلٌ في كلِّ شيء , وإحسانٌ لِكُلِّ النَّاس , وصِلَةٌ للأرحام والوقوف معهم عند الشَّدائد . وفي المقابل : عَدم قُرْب الفواحش , مثل الزِّنا وشرب الخمر , والابتعاد عن فِعْل ما يَسْتَنكِرُه كلُّ إنسان شريف ونَزيه , مثل الكذب والنَّميمة والغيبة , وعدم التَّعدِّي على حقوق أيِّ شخص , مهما كانت عقيدتُه . فهل هناك أسْمَى مِن هذه المعاني وأبْلَغ من هذا التَّعبير ؟!
                        واللَّهِ إنَّ العبدَ النَّزيه لا يَملِكُ إلاَّ أن يقفَ مبهُورًا أمام عَظَمة الخالِق وكمال تشريعاته . ويزدادُ انبهارًا وإعجابًا وهو يستمِعُ لهذا الخالِق يقول : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 40 } (42- الشّورى 40) .
                        ويقول : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ 126 } (16- النّحل 126) .
                        ويقول : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 45 } (5- المائدة 45) .
                        ففي هذه الآيات , شرَّع اللَّهُ تعالى القصاصَ لكي يأخذ المظلومُ حقَّه من الظَّالم بعد أن يحكُم القاضي بذلك , وهذا مُنتهَى العدل . ولكنَّه تعالى حثَّ المظلومَ في نفس الوقت على أن يتنازلَ عن تنفيذ العقوبة ويَعْفُو ويَصبر ويحتسب الأجر عند اللَّه , وهذا مُنتهَى الإحسان .
                        وقد روى الإمام أحمد عن أبي هُرَيْرة رضي اللَّه عنه , أنَّ رجُلاً شَتَم أبا بكْر , والنَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم جالس , فجعلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يَعجَب ويتبسَّم ! فلَمَّا أكْثَر (أي الرَّجُل) , رَدَّ عَلَيْه (أبو بكر) بعضَ قوله . فغضِبَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وقام . فلَحِقَهُ أبو بكْر , وقال : يا رسولَ اللَّه , كان يَشْتُمُني وأنتَ جالس , فلَمَّا ردَدْتُ عليه بعضَ قوله غَضِبْتَ وقُمْتَ ؟! فقال : إنَّه كانَ معَكَ ملَكٌ يَرُدُّ عنك , فلَمَّا ردَدْتَ عليه بعضَ قوله , وقعَ الشَّيطانُ , فلَمْ أكُنْ لِأقْعُدَ مع الشَّيطان . (مسند الإمام أحمد بن حنبل – الجزء 2 – ص 436 – رقم الحديث 9622) .

                        نعم , هذا هو الإسلام ! فهل يُمكن بعد هذا أن نُصدِّق أنَّه دِينُ إرهاب وتَقْتيل وسَفْكٍ لِلدِّماء ؟!
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                        وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                        وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                        @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                        --------------------------------------
                        اللهم ارزقني الشهادة
                        اللهم اجعل همي الآخرة

                        تعليق


                        • الإسلام روح وجسد !
                          الإسلام روح وجسد !




                          ولن تجد سيِّدي الكريم تشريعات تُوازن بدقَّة عجيبة بين جسد الإنسان وروحه إلاَّ في الإسلام ! وإذا كان عامَّةُ النَّصارى يعتبرُون أنَّ النَّصراني المثالي هو الذي يَهبُ نَفسه للكنيسة ويعتزلُ الحياةَ ويَمتنعُ عن الزَّواج , فإنَّ الإسلام يعتبرُ , بالعكس , أنَّ المسلم المثالي هو الذي يُطبِّقُ تعاليمَ دينه وهو بين النَّاس ! معنَى ذلك أنَّه يُصلِّي ويصومُ ويَحجُّ , ولكنَّه يدرسُ أيضًا ويعمل ويخرجُ للنُّزهة ويلعبُ مع أطفاله , وكلُّ ذلك في الإطار الذي رَسَمه له خالِقُه .
                          وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي , وكان من كُتَّاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , قال : لَقِيَني أبو بكر فقال : كيفَ أنتَ يا حنظلة ؟ قلتُ : نافقَ حنظلة ! قال : سُبحان اللَّه ! ما تقُول ؟! قلتُ : نكونُ عند رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يُذَكِّرُنا بالنَّار والجنَّة حتَّى كأنَّه رأي عَيْن , فإذا خَرجْنا من عند رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عافَسْنا الأزواجَ والأولاد والضَّيعات (أي انشَغَلْنا بها) , فَنَسينا كثيرًا . قال أبو بكر : فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَلْقَى مثل هذا ! فانطَلَقتُ أنا وأبو بكر حتَّى دخَلْنا على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , قلتُ : نافَقَ حنظلة يا رسولَ اللَّه ! فقال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : وما ذاكَ ؟! قلتُ : يا رسولَ اللَّه , نكونُ عندكَ تُذَكِّرُنا بالنَّار والجنَّة حتَّى كأنَّه رأي عَيْن , فإذا خَرجْنا من عندكَ عافَسْنا الأزواجَ والأولاد والضَّيعات , فَنَسينا كثيرًا . فقال رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : والذي نَفسي بِيَده , إن لَو تَدُومُونَ على ما تكُونونَ عندي وفي الذّكْر (وفي رواية للتّرمذي : لَو تَدُومونَ على الحال الذي تَقُومون بها من عندي) , لَصافَحَتْكُم الملائكَةُ على فُرُشِكُم وفي طُرُقِكُم , ولكن يا حنظلة : ساعةٌ وساعة , ثلاث مرَّات . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2106 – الحديث رقم 2750) .
                          وروى التّرمذي في سُننه عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه , قال : آخَى رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بين سَلْمان وبين أبي الدَّرداء , فزار سَلْمانُ أبا الدَّرداء , فرأى أمَّ الدَّرداء مُتبذِّلة , فقال : ما شأنُكِ مُتبذِّلة ؟ قالت : إنَّ أخاكَ أبا الدَّرداء ليس له حاجةٌ في الدُّنيا ! فلمَّا جاء أبو الدَّرداء , قَرَّب إليه طعامًا وقال : كُلْ , فإنِّي صائم . قال (أي سَلْمان) : ما أنا بِآكلٍ حتَّى تأكُل . فأكَل , فلَمَّا كان اللَّيلُ ذهبَ أبو الدَّرداء لِيَقوم (أي لِيُصلِّي صلاة تهجُّد , نافلة) , فقال له سَلْمان : نَمْ . فنام , ثمَّ ذهبَ يقوم , فقال له : نَمْ . فنام , فلمَّا كان عند الصُّبح قال له سَلْمان : قُم الآن . فقامَا فصَلَّيَا , فقال (أي ثمَّ قال سَلْمان) : إنَّ لِنَفْسِكَ عليكَ حقًّا , ولِرَبِّكَ عليكَ حقًّا , ولِضَيْفِكَ عليكَ حقًّا , وإنَّ لِأهلكَ عليكَ حقًّا , فأَعْطِ كلَّ ذي حَقٍّ حقَّه . فأتَيَا النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , فذَكَرَا ذلك , فقال له : صَدق سَلْمان . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 4 – ص 608 – رقم الحديث 2413) .

                          قد تقول سيِّدي : ولكنَّ المسلم لا يتمتَّع بملذَّات الحياة مثل غيره من النَّاس .
                          أقول : واللَّهِ إنَّه لفي لذَّةٍ من العيش , لَو عرفَها الملوكُ لَحسَدُوه عليها ! فإذا كان غَيْرُه يجدُ لذَّة عابرة في شُرب الخمر وأكل لحم الخنزير , لا يَجني من ورائها سوى الأمراض والمصائب , فالمسلمُ يجدُ لذَّة دائمة في آلاف الأطعمة والأشربة الأخرى . وإذا كان غيرُه يجدُ لذَّة عابرة في الزِّنا , لا يَجني من ورائها سوى الأمراض أيضًا وخراب البيوت , فالمسلم يجدُ لذَّة دائمة في تصريف طاقته الجنسيَّة مع زوجته فقط , مع ما في ذلك من حفاظٍ على أسرته من التَّفكُّك والضّياع .
                          وإذا كان غيرُه يظنُّ أنَّ السَّعادة تكمنُ في إشباع رغبات الجسد , فالمسلمُ مُتيقِّن من أنَّ السَّعادة الحقيقيَّة هي في تحقيق التَّوازن بين المادَّة والرُّوح . لذلك تراه حريصًا على أن يكونَ متَّصلاً باللّه في كلّ أعماله اليوميّة , فلا يبدأُ أيَّ عمل حتّى يذكُر اللَّهَ بالأذكار التي علَّمه إيَّاها نبيُّه محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , عند النُّهوض من النَّوم , وقبل وبعد الأكل والشُّرب , وعند لبس الثِّياب , وعند الخروج من البيت , وعند ركوب الحافلة أو السَّيَّارة , وعند بدء الدِّراسة أو العمل , وعند الرُّجوع إلى البيت , وحتَّى عند الجماع مع زوجته ! وملازمة هذه الأذكار تُشجِّعُه طبعًا على أن يجتهد في دراسته , ويُخلِص في عمَله , ويَصدُق في حديثه , ويُحسن معاملة غيره .
                          وإذا اعترضَتْهُ مشكلة أو حلَّتْ به مُصيبة أو أراد أن يبدأ مشروعًا مَا , فإنَّه يُسارعُ مباشرة إلى اللَّه , يبثُّ إليه همومه وأشجانه ويطلب منه العون والتّوفيق .
                          وإذا ارتكبَ معصيةً أو ظلَمَ أحدًا , فإنَّه يُسارعُ إلى اللَّه بالتَّوبة , وإلى الذي ظلَمَه ليَرُدَّ إليه حقَّه ويطلب منه السَّماح .
                          ثمَّ إنَّ إيمانَه باللَّه واليوم الآخر والحساب والجنَّة والنَّار , يدفعُه إلى فعل الخير ومساعدة الغير .

                          فهل هناك سيِّدي لذَّة عيش أكبر من هذه ؟ وهل هناك دِين يُوازن بين الجسد والرُّوح مثل الإسلام ؟
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                          وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                          وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                          @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                          --------------------------------------
                          اللهم ارزقني الشهادة
                          اللهم اجعل همي الآخرة

                          تعليق


                          • والإسلام عقل ومنطق !
                            والإسلام عقل ومنطق !




                            وواللَّهِ الذي لا إله غيرُه , لا يبحثُ إنسانٌ في هذا الدِّين العظيم بالعقل والمنطق , إلاَّ ويَصلُ إلى أنَّه الدِّين الحقّ . ولو خطَى بعد ذلك خطوة صادقة نحو اللَّه , لَشرح صدره إلى الدُّخول فيه .
                            ولو قرأتِ يا ابنتي الفاضلة في القرآن الكريم , لَوجدتِ فيه العديد من الآيات التي تخاطبُ العقل مباشرة , لِتُبَيِّن له بالحجَّة والبرهان أنَّ اللَّه موجود فعلاً , وأنَّه واحدٌ لا شريك له , وأنَّه هو الذي خلق الإنسان وكلّ شيء في هذا الكون , وأنَّه سيَبعثُ الأموات من القبور يوم القيامة ليُحاسبَهم على أفعالهم في الدُّنيا , ثمَّ إلى جنَّة أو إلى نار .
                            إليكِ بعض الأمثلة :
                            يقول اللَّه تعالى : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ 163 إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 164 } (2- البقرة 163-164) .

                            ويَردُّ اللَّهُ على مَن أنكر قُدرَته على إحياء الموتى يوم القيامة , فيقول تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ 77 وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ 78 قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ 79 الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ 80 أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ 81 إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 82 فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 83 } (36- يس 77-83) .

                            ويَذكُر اللَّهُ مُحاجَّة النَّبيِّ إبراهيم عليه السَّلام لِقومه الذين كانُوا يعبدون الأصنام , فيقول تعالى : { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ 66 أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ 67 } (21- الأنبياء 66-67) .

                            ويَردُّ اللَّهُ على اليهود والنَّصارى الذين زعَمُوا أنَّ إبراهيم عليه السَّلام كان على دينهم , فيقول تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ 65 هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ 66 مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 67 } (3- آل عمران 65-67) .

                            ويُنبِّهُنا اللَّهُ إلى أنَّ الشَّيطان عدُوٌّ لنا , وأنَّه قد أضلَّ أُناسًا كثيرًا قبلنا حتَّى أوقعهُم في النَّار , فيقول تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ 60 وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ 61 وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ 62 هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ 63 اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ 64 } (36- يس 60-64) .

                            ويُحذِّرنا اللَّهُ من مَغبّة الانخداع بنَعيم الدُّنيا الزّائل وتَفضيله على نعيم الآخرة الدّائم , فيقول تعالى : { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ 32 } (6- الأنعام 32) .

                            ويحثُّنا اللَّهُ على التَّدبُّر في آيات القرآن , فيقول تعالى : { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا 24 } (47- محمّد 24) .
                            ويقول تعالى في آية أخرى : { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا 82 } (4- النّساء 82) .
                            وواللَّهِ الذي لا إله غيرُه , لو تدبَّر الإنسانُ في القرآن الكريم وأعملَ فيه العقل والمنطق , لَوصلَ حَتْمًا إلى أنَّه وحيٌ من عند اللَّه , وأنَّ اللَّه إلهٌ واحد , وأنَّ الأنبياء عليهم السَّلام هم صَفْوَة البَشَر , وأنَّهم كلُّهم دَعَوْا إلى دينٍ واحد وهو الإسلام , إنَّما اختلفَت التَّشريعاتُ بينهم حتَّى أكملَها اللَّهُ لرسوله الكريم محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , خاتم الأنبياء والمرسلين , وأنَّ مَن ماتَ على غير هذا الدِّين فقد خسر كلَّ شيء .
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                            وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                            وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                            @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                            --------------------------------------
                            اللهم ارزقني الشهادة
                            اللهم اجعل همي الآخرة

                            تعليق


                            • كلمة عن الملائكة
                              كلمة عن الملائكة




                              هي مخلوقات كريمة تعبد اللَّه وحده ولا تعصيه في أيِّ شيء أبدًا , تعيشُ في السَّماء , وتتنقَّل بين السَّماء والأرض دون أن نستطيع رؤيَتها ولا أن نتخيَّل شكلها .
                              مِن هذه الملائكة : جبريل عليه السَّلام , أمين الوحي , الذي نزل بالقرآن من عند اللَّه على محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . يقول تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 195 } (26- الشّعراء 192-195) .

                              ومنها ملائكةٌ مُكَلَّفون بكتابة جميع أفعال العباد . يقول اللَّه تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ 10 كِرَامًا كَاتِبِينَ 11 يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ 12 } (82- الانفطار 10-12) .

                              ومنها ملائكةٌ يحرسُون العباد ويحفظونهم بأمر اللَّه من المصائب , حتَّى إذا جاء القَدَرُ خَلَّوْا عنهم . يقول تعالى : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ 11 } (13- الرّعد 11) .

                              ومنها ملائكةٌ مُكَلَّفون بِنَزع أرواح العباد عند الوفاة . يقول تعالى : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ 61 } (6- الأنعام 61) .

                              ومنها ملائكةٌ على أبواب جهنَّم , لا يَتركون أحدًا يخرج منها إلاَّ بإذن اللَّه . يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ 6 } (66- التّحريم 6) .

                              وهناك ملائكة آخرون لا يعلمُ عددهم إلاَّ اللَّه , مكلَّفون بأنواع أخرى من الأعمال .

                              ويجبُ على المسلم الإيمان بوجود الملائكة , والاعتقاد بِعُلُوِّ مكانتهم . يقول تعالى : { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ 98 } (2- البقرة 98) .
                              ------------------------------------------------
                              التالي بإذن الله تعالى:
                              كلمة عن الجنّ
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:12 ص.

                              وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                              وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                              @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                              --------------------------------------
                              اللهم ارزقني الشهادة
                              اللهم اجعل همي الآخرة

                              تعليق


                              • كلمة عن الجن
                                كلمة عن الجنّ




                                هي مخلوقات تعيش معنا فوق هذه الأرض , غير أنَّنا لا نستطيع رؤيَتها ولا أن نتخيَّل شكلها . وهي تتمتَّع بقُدُرات خارقة للعادة , مثل التَّنقُّل من بلد لِآخر في لحظات قليلة من الزَّمن .
                                ومِن الجنِّ مَن هو مسلم , ومنهم مَن هو كافر . يقول اللَّه تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ 29 قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ 30 يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 31 وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ 32 } (46- الأحقاف 29-32) .
                                ويقول تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا 1 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا 2 وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا 3 } (72- الجنّ 1-3) .

                                ومِن الجنِّ مَن سيكون مصيرُه إلى النَّار . يقول اللَّه تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ 179 } (7- الأعراف 179) .

                                والجنُّ ليس لهم سلطانٌ على الإنس , ولكن إذا اختار إنسانٌ أن يتعامل معهم , فإنَّه يُصبحُ أسيرًا لهم , ويستطيعُون عند ذلك إيذاءه في أيّ وقت , أو إلحاق الضَّرر بعائلته إذا امتنع عن تنفيذ مطالبهم . وإذا أطاعَهم في ما يُريدون , فإنَّهم يَقومون له بأعمال لا يقدر عليها البشر .
                                وكلُّ أعمال السِّحر والشَّعْوَذة , وإخبار النَّاس بتفاصيل دقيقة عن حياتهم بالاعتماد فقط على تاريخ ميلادهم , كلُّ ذلك ليس من قُدرات السَّاحر , وإنَّما من قُدرات الجنِّ الذين يتعامل معهم . غير أنَّ المُشاهِدَ لهذه الأعمال لا يرى الجنَّ , فينخدع ويَظُنُّ أنَّها من مُعجزات السَّاحر .

                                لكن انتبهي سيِّدتي الفاضلة : لا يعلمُ الغيبَ إلاَّ اللَّه ! حتَّى الملائكة والأنبياء لا يعلمون شيئًا عن الغيب . وعلى هذا , فإنَّ الجنَّ لا يستطيعُون التَّنبُّؤ بِما يمكن أن يحدث في المستقبل , ولا يستطيعُون تقديم خدمات في هذا المجال لِقُرنَائهم من الإنس . وكلُّ ما نَسمعه مِن مُشَعْوِذين من الإنس مِن تنبُّؤات , ليستْ إلاَّ خداعًا ودجَلاً , حتَّى ولو وافَقت الواقع أحيانًا , وليس لها أيّ صِلة بالعلم .
                                طبعًا , الإسلامُ يُحرِّم السِّحْر والشَّعْوَذة والتَّنجيم , وكلَّ أنواع التَّعاملات مع الجنِّ .
                                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 3 نوف, 2020, 02:11 ص.

                                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                                --------------------------------------
                                اللهم ارزقني الشهادة
                                اللهم اجعل همي الآخرة

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 ينا, 2024, 02:31 ص
                                رد 1
                                8 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 2 ديس, 2023, 12:11 ص
                                ردود 0
                                8 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 27 سبت, 2023, 04:05 ص
                                ردود 0
                                7 مشاهدات
                                1 معجب
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 12 سبت, 2023, 02:16 ص
                                ردود 0
                                7 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 1 سبت, 2023, 11:46 م
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X