بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم-

تقليص

عن الكاتب

تقليص

حفيدة عائشة رضى الله عنها اكتشف المزيد حول حفيدة عائشة رضى الله عنها
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم-

    العنوان بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم-
    المجيب د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى
    عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
    التاريخ 14/11/1424هـ



    السؤال

    قرأت هذا الحديث في مقدمة سنن الدارمي، وقد ذكر لي أن الدارمي من علماء الحديث، أفلا يدل على جواز التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم- خاصة وأن الذي أمرهم بذلك السيدة عائشة –رضي الله عنها-؟

    عن أبي الجوزاء أوس بن عبدالله قال: "قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة فقالت: "انظروا قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق.



    الجواب


    لا شك أن الدارمي –رحمه الله- من علماء الحديث ومن أصحاب الكتب المصنفة فيه، ولكن لا تلازم بين عدالة وإمامة الجامع للأحاديث في مصنف، وبين صحة كل ما ورد فيه؛ لأنه يذكر الأحاديث بأسانيدها، ويستطيع الباحث عن صحتها بعد ذلك أن يعرف هل هي صحيحة أو لا من خلال البحث؟

    فهذا الحديث أخرجه الدارمي في سننه رقم (92) باللفظ المذكور في السؤال،

    ولكن الحديث فيه علل من حيث الإسناد ومن حيث المتن، فأما من حيث الإسناد:

    1-فيه سعيد بن زيد، نقل العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه ضعيف، وأنه ليس بشيء، وضعفه يحيى بن سعيد.

    فإذا انفرد في مثل هذا الحديث فهذه علة قوية.

    2-فيه أبو النعمان: محمد بن الفضل الملقب بعارم، قال فيه الحافظ في التقريب: ثقة ثبت تغير في آخر عمره، وقد نص على اختلاطه البخاري وأبو حاتم والعقيلي والنسائي والدارقطني.

    3-فيه عمرو بن مالك النكري قال فيه ابن حبان:
    يخطئ ويغرب، وقال في الكامل في الضعفاء: منكر الحديث عن الثقات ويسرق الحديث، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام،
    وإن كان قد نقل في التهذيب من الطعن فيه ما يظهر للناظر أنه أدنى مرتبة من قوله صدوق له أوهام، والله أعلم.

    وأما من حيث المتن:

    1-ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على البكري، وما روي عن عائشة –رضي الله عنها- من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده،
    ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة –رضي الله عنها- لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم-،

    بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين البخاري (545) ومسلم (610) عن عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- صلى العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها،
    ولم تزل الحجرة كذلك في مسجد الرسول –صلى الله عليه وسلم-،
    ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد،
    ثم إنه بني حول حجرة
    عائشة –رضي الله عنها- التي فيها قبر جدار عال،
    وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف،
    وأما وجود الكوة في حياة عائشة –رضي الله عنها- فكذب بين، ولو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على
    أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله،وإنما فتحوا على القبر لتتنزل الرحمة عليه،
    ولم يكن بدعائه أو بعلمه، فإن الله –تعالى-
    يحب أن نتوسل إليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه –
    صلى الله عليه وسلم- ومحبته وطاعته وموالاته، فهذه هي الأمور التي يحب الله أن نتوسل بها إليه
    .


    2-أن هذا الأثر فيه غرابة؛ لأن فتح السقف على القبر كيف يكون له أثر في نزول المطر؟! فهل المقصود أن يكون القبر حينئذ أقرب إلى الله؟

    فكيف يقال هذا والنبي –صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند وفاته: "في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى"، كما في الصحيحين البخاري (4451) ومسلم (2192) من حديث عائشة –رضي الله عنها-؟ فمنزلته –عليه الصلاة والسلام- أعلى من أن يتصور أن يحول بينه وبين قربه من ربه سقف الحجرة فضلاً عن غيره.

    وإن كان المقصود أن ينزل المطر على قبره، فإذاً كان قبره بحاجة إلى تنزل الرحمة عليه كما أشار إلى ذلك ابن تيمية، مع أن تنزل المطر على قبره لا يظهر كونه سبباً للاستسقاء.

    3-أن من يستدل بهذا الأثر إنما يستدل به على التوسل بذات النبي –صلى الله عليه وسلم- كما هو وارد في السؤال أيضاً.

    وهذا الاستدلال لا يستقيم حتى مع صحة الأثر، ولو كان باتفاق الصحابة –رضي الله عنهم-، وذلك أن الأثر ليس فيه إلا فتح الكوى، فليس فيه أن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أمرتهم بالتوسل بذاته –عليه الصلاة والسلام- وقالت: قولوا: اللهم اسقنا بنبيك أو بجاهه ونحو ذلك.

    4-أن هذا الأثر -على فرض صحته- هو من قبيل الموقوف عن عائشة –رضي الله عنها
    وحينئذ فقد يكون اجتهاداً منها في هذه المسألة لم ينقل عن غيرها مثله،
    ومن استقرأ ما جاء عن الصحابة –رضي الله عنهم- تبين له أنهم لم يكونوا يتوسلون بذات النبي –صلى الله عليه وسلم-، مع أنهم أصدق الناس له حباً وأكملهم له اتباعاً،
    بل كانوا يتوسلون بدعائه –صلى الله عليه وسلم- في حياته،
    وأما بعد مماته فكانوا يدعون الله مباشرة،
    أو يطلبون ممن يرونه أصلح منهم وأتقى لله وأقرب إليه أن يدعو لهم كما في قصة عمر –رضي الله عنه- في توسله بالعباس –رضي الله عنه- حين قحطوا وذلك بطلب الدعاء منه، وهذا في البخاري (1010) من حديث أنس –رضي الله عنه-،
    وكذلك طلبه من أويس القرني أن يدعو له، وهذا في مسلم (2542)
    من حديث أُسير بن جابر –رضي الله عنه-، وكما طلب معاوية –رضي الله عنه- من يزيد بن الأسود أن يدعو في الاستسقاء.


    وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يتوسلون بذات النبي –صلى الله عليه وسلم-، إذ لو كانوا يرون التوسل به جائزاً ما عدلوا عنه إلى غيره،
    بل إن عمر –رضي الله عنه-
    وهو من هو في العلم والدين والفضل لم يتوجه إلى قبر المصطفى –
    عليه الصلاة والسلام- عند الاستسقاء، بل إنما طلب من العباس –رضي الله عنه- الدعاء، وكان هذا بمجمع من الصحابة –رضي الله عنهم-،
    ومع ذلك لم ينقل أن أحداًَ منهم أرشده إلى غير ما فعله (سبق تخريجه).


    فلو فرض ثبوت النقل عن أحد من الصحابة –رضي الله عنهم- بخلاف ذلك كما في هذا الأثر عن عائشة –رضي الله عنها- لو صح، وكما ورد في أثر آخر أيضاً لم يثبت عن عثمان بن حنيف –رضي الله عنه-
    فهذا لا يقاوم ما ثبت عن جمهورهم من ترك ذلك،
    وما زال بعض الصحابة –رضي الله عنهم- يقول القول ولا يوافق عليه

    سائرهم، كما كان ابن عمر –رضي الله عنهما- يغسل عينيه في الوضوء.

    وكما كان أبو هريرة –رضي الله عنه- يغسل ذراعيه حتى يبلغ الإبط، وكقول ابن عباس في العول وبعض مسائل الفرائض وغير ذلك.

    بل عائشة –رضي الله عنها- جاء عنها بعض مسائل لم يوافقها عليها سائر الصحابة –رضي الله عنهم- وعامة الأمة كثبوت المحرمية برضاع الكبير وغيرها.

    وقول الصحابي إنما يكون حجة حين يوافقه بقية الصحابة –رضي الله عنهم- فيصبح إجماعاً.
    أو لا ينقل عن غيره مخالفة له، أو لا يعرف له مخالف، فقوله حينئذ حجة عند طوائف من أهل العلم.


    5-أن هذا الأثر لو صح أو صح غيره مما يدل على التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، واعتقد الناظر صحة تلك الأدلة،
    وأنه لا معارض لها فينبغي حينئذ أن يقتصر على التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم- دون غيره، فإن إلحاق غيره به لا يصح بحال،
    ولا يمكن الاستدلال له بذات الأدلة؛ لما لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الخصوصية والمنزلة التي لا يشاركه -بل ولا يدانيه- فيها غيره.


    وهذا على فرض صحة الأدلة وسلامتها من المعارض، مع أنا قد بينا خلاف ذلك، وليس لأحد حين يتبين له الحق أن يحيد عنه إلى غيره، وقد تبين له ضعف دليله، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.



    المصدر :
    الإسلام اليوم
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 7 نوف, 2020, 07:59 م.





  • #2
    هل فتحت نافذة فوق قبر الرسول صلى الله عليه وسلم للاستسقاء ؟

    سؤال:

    أريد جوابا تفصيليا عن مدى صحة الحديث الذي يقول به الصوفيون ،
    من حديث عائشة التي تخبر فيه بفتح نافذة في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل نزول المطر؟



    الجواب:

    الحمد لله

    أولاً :

    الحديث المقصود يرويه أبو الجوزاء أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :

    ( قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَحْطاً شَدِيداً ، فَشَكَوْا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ :
    انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْعَلُوا مِنْهُ كِوًى إِلَى السَّمَاءِ
    حَتَّى لاَ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ . قَالَ : فَفَعَلُوا ، فَمُطِرْنَا مَطَراً حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ وَسَمِنَتِ الإِبِلُ ،
    حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ ، فَسُمِّىَ عَامَ الْفَتْقِ )
    .
    (كوى) جمع "كوة" وهي الفتحة .

    رواه الدارمي (1/56) رقم (92) تحت باب : ما أكرم الله تعالى نبيه بعد موته .

    قال الدارمي : حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال : . . . ثم ذكر الحديث .

    وهذا الأثر ضعيف ، لا يصح ، وقد بَيَّن العلامة الألباني ضعفه ، فقال في كتابه : "التوسل" (ص128) :



    "وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة لأمور ثلاثة :

    أولها : أن سعيد بن زيد وهو أخو حماد بن يزيد فيه ضعف .

    قال فيه الحافظ في "التقريب" : صدوق له أوهام . وقال الذهبي في "الميزان" : "قال يحيى بن سعيد : ضعيف .
    وقال السعدي : ليس بحجة ، يضعفون حديثه . وقال النسائي وغيره : ليس بالقوي .
    وقال أحمد : ليس به بأس ، كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه" .

    وثانيها : أنه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،
    ولو صح لم تكن فيه حجة ، لأنه يحتمل أن يكون من قبيل الآراء الاجتهادية لبعض الصحابة مما يخطئون فيه ويصيبون ،
    ولسنا ملزمين بالعمل بها .

    وثالثها : أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل يعرف بعارم وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره .

    وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي في "الاغتباط بمن رمي بالاختلاط"
    تبعا لابن الصلاح حيث أورده في ( المختلطين ) من كتابه "المقدمة"

    وقال : "والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ، ولا يقبل من أخذ عنهم بعد الاختلاط ،
    أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده" .

    قلت (الألباني) : وهذا الأثر لا يُدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده ، فهو إذن غير مقبول ، فلا يحتج به .


    وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرد على البكري" :

    "وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح ،
    ولا يثبت إسناده ، ومما يبين كذب هذا
    : أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان
    باقيا كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، بعضه مسقوف ، وبعضهم مكشوف ، وكانت الشمس تنزل فيه ،
    كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه
    وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء .

    بعد ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في
    إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم . .

    ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد ثم إنه بنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر
    جداراً عالياً وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف .

    وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بَيِّن" انتهى .

    ثانيا :

    ليس في هذا الحديث دليل لما يعتقده غلاة الصوفية من جواز الاستغاثة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ،
    فأنت لا تجد في الحديث شيئا يدل على ذلك من قريب أو من بعيد ، وغاية ما فيه إثبات كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ،
    كما وصفها الدارمي في "مسنده" في تبويب الحديث ، وهي بركة جسده الطاهر ، وقدره الشريف عند الله تعالى ،
    ولا يعني ذلك جواز أن يذهب المسلمون إليه ليستغيثوا به وهو في قبره ، والصحابة رضوان الله عليهم لم يفعلوا ذلك ،
    إنما كشفوا كوة من سقف حجرته ليواجه السماء ، ولم يطلب أحد منهم السقيا من النبي صلى الله عليه وسلم ،
    ولا خاطبوه بحاجتهم إلى ذلك .


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص/338) :

    " قصد القبور للدعاء عندها ،
    ورجاء الإجابة بالدعاء هناك رجاء أكثر من رجائها بالدعاء في غير ذلك الموطن :


    أمرٌ لم يشرعه الله ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين ،
    ولا ذكره أحد من العلماء والصالحين المتقدمين ،
    بل أكثر ما ينقل من ذلك عن بعض المتأخرين بعد المائة الثانية .

    وأصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات ،
    ودهمتهم نوائب غير ذلك ، فهلا جاءوا فاستسقوا واستغاثوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟!

    بل خرج عمر بالعباس فاستسقى به (أي بدعائه) ،
    ولم يستسق عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

    بل قد روي عن عائشة
    رضي الله عنها أنها كشفت عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لينزل المطر ،
    فإنه رحمة تنزل على قبره ، ولم تستسق عنده ، ولا استغاثت هناك" انتهى .


    وبهذا يظهر أنه لا حجة في هذا الأثر للصوفية على جواز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم ،
    أو التوسل بذاته أو جاهه إلى الله تعالى .
    والله أعلم .



    الإسلام سؤال وجواب
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 7 نوف, 2020, 07:59 م.




    تعليق


    • #3
      فتح الكوة فوق القبر الشريف


      ]روى الدارمي في سننه ، قال: حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: ((قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا. فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق)). سنن الدارمي (1ـ 56)


      ورواه إبراهيم الحربي "في الغريب" قال: حدثنا ابن أبي الربيع حدثنا عارم ، عن سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال : ((قحط الناس فشكوا إلى عائشة ، فقالت: انظروا إلى قبر النبي صلى الله عليه فاجعلوا منه كوا إلى السماء ، ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت فسمي عام الفتق)). غريب الحديث (3 ـ476)



      وهذه الأثر ضعيف جداً لأسباب:

      الأول:

      أن راويه عمرو بن مالك النكري ضعيف بمرة، قال ابن عدي في "الكامل" : منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث سمعت أبا يعلى يقول: عمرو بن مالك النكري: كان ضعيفا. " ثم قال بعد أن ساق له أحاديث: "ولعمرو غير ما ذكرت أحاديث مناكير. اهـ (6ـ1799 )

      وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام.

      الثاني:
      أن سعيد بن زيد الراوي عن عمرو فيه ضعف، قال يحيى بن سعيد: ضعيف. وقال السعدي: ليس بحجة يضعفون حديثه . وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي وقال أحمد : ليس به بأس كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه. كما في ميزان الاعتدال.

      وقال عنه الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام.

      الثالث:

      أبو الجوزاء أوس بن عبد الله ، قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة يرسل كثيراً.

      الرابع:

      أنه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،
      ولو صح لم تكن فيه حجة لأنه أمر يحتمل أن يكون من قبيل الرأي والاجتهاد لها رضي الله عنها ،
      وقول الصحابي ليس بحجة بإجماع أهل العلم.


      الخامس:

      أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل يعرف بعارم ، وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره.
      وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي في كتابه "الاغتباط بمن رمي بالاختلاط" تبعا لابن الصلاح حيث أورده في المختلطين
      من كتابه "المقدمة" وقال: (والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل من أخذ عنهم
      بعد الاختلاط أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده).


      قال الشيخ الألباني "رحمه الله":
      وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده فهو إذن غير مقبول فلا يحتج به.

      وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله" في (الرد على البكري):

      وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح ولا يثبت إسناده ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان باقيا كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعضه مسقوف وبعضهم مكشوف وكانت الشمس تنزل فيه

      كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء بعد ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم .

      ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد ثم إنه بني حول حجرة عائشة
      التي فيها القبر جدار عال وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينـزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف.


      وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين ولو صح ذلك لكان حجة ودليلا على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله
      بمخلوق ولا يتوسلون في دعائهم بميت ولا يسألون الله به وإنما فتحوا على القبر لتنـزل.

      وتغافل عن هذه العلة الغماري في (المصباح - 43) كما تغافل عنها من لم يوفق للإصابة ليوهموا الناس صحة هذا الأثر .

      وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.



      كتبه: أبو أحمد محمد أمجد البيطار ، غفر الله له ولوالديه.
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 7 نوف, 2020, 07:59 م.




      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة mohamed faid, 9 أغس, 2023, 04:37 ص
      ردود 0
      197 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة mohamed faid
      بواسطة mohamed faid
       
      ابتدأ بواسطة mohamed faid, 13 يول, 2023, 09:49 ص
      ردود 5
      295 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة mohamed faid
      بواسطة mohamed faid
       
      ابتدأ بواسطة mohamed faid, 6 يول, 2023, 05:11 ص
      ردود 0
      301 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة mohamed faid
      بواسطة mohamed faid
       
      ابتدأ بواسطة mohamed faid, 2 يول, 2023, 08:23 م
      ردود 0
      58 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة mohamed faid
      بواسطة mohamed faid
       
      ابتدأ بواسطة رمضان الخضرى, 29 يون, 2023, 01:16 ص
      ردود 6
      162 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة issammo
      بواسطة issammo
       
      يعمل...
      X