تابع...لماذا أسلم الراهب؟!!
3.مزامير داود:
في الفصل الخامس والعشرون من انجيل برنابا يدور حوار رائع بين برنابا والمسيح
حينئذ قال الكاتب : يا معلم ان كلامك لحق ولذلك قد تركنا كل شيء لنتبعك، فقل كيف يجب علينا أن نبغض جسدنا ، الانتحار غير جائز ولما كنا أحياء وجب علينا أن نقيته ، أجاب يسوع : احفظ جسدك كفرس تعش في أمان ، لأن الطعام يعطى للفرس بحساب والعمل بلا حساب ، ويلجم باللجام ليسير بحسب إرادتك ،ويكبل لكي لا يزعج أحدا ويحبس في مكان حقير ويضرب عندما لا يكون مطيعاً ، فهكذا افعل إذا أنت يا برنابا تحيا دائماً مع الله ، ولا تكن مستاءاً لكلماتي، لأن داود النبي فعل هذا الشيء نفسه إذ يعترف قائلا: (اني كفرس عندك واني دائما معك ) ... ثم يختتم المسيح الحوار بهذا التساؤل الرائع لبرنابا..
ألا قل لي أيهما أفقر؟ الذي يقنع بالقليل أم الذي يشتهي الكثير ؟
والجواب بالطبع الذي لا يقنع بما أعطاه الله من النعم ويطمع دوماً بالمزيد هو الذي يعيش في فقردائم ...
وهذا المثل الذي ضربه المسيح في برنابا يحكيه القرآن الكريم في أبلغ وأروع صورة في سورة العاديات.. يقول تعالى:
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
فقد أقسم الله بالخيل العاديات التي يركبها الفرسان في الحروب وأقسم بصوت الخيل ليس بالصهيل بل "الضبح" وهو صوت لا يخرج الا اذا احترق صدر الخيل بالأنفاس من شدة عدوها وسرعتها ثم أقسم بضرب أرجلها في الحجر حتى تقدح مع الحجر فنرى الشرر يخرج تحت أرجلها وهي تغير على العدو في الفجر ذاهبة في مهمة شاقة وليس الى نزهة وليتها مع هذا الحال تتنفس هواءاً صافيا! بل ممزوجا بغبار المعركة حارقاً صدرها وهي تتوسط جمع المعركة وسط رماح تطير وسيوف وأسهم ... تصنع كل ذلك غير آبهة حتى بحياتها لأجل إرضاء سيدها وقائدها الذي يطعمها ويرعاها ...
ثم يأتي جواب القسم(إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ )
ليذكرنا بجحود الانسان ونكرانه مع النعم التي أنعم عليه بها ربه مقارنة بما يصنع الخيل إرضاءا لسيده الذي بالكاد يرعاه ويطعمه أقل القليل.. كلمات قليلة لكن معانيها تحرك الجبال قبل القلوب!
ومع وضوح المثل المذكور في برنابا وبراعة التصوير القرآني يسترعي انتباهنا الشاهد الذي ذكره المسيح في برنابا ليوضح المثل حين قال:
لأن داود النبي فعل هذا الشيء نفسه إذ يعترف قائلا: (اني كفرس عندك واني دائما معك )
وحين تنقب عن هذا القول على لسان داود في أسفار العهد القديم فلن تجد نصاً بهذه الصورة .. ولكن بعد عناء البحث مرة أخرى ستجد نصاً مبتوراً ومشوهاً في المزامير وتحديداً مز 73 : 21 – 22
ترجمة الفانديك:
21. لأَنَّهُ تَمَرْمَرَ قَلْبِي وَانْتَخَسْتُ فِي كُلْيَتَيَّ.
22. وَأَنَا بَلِيدٌ وَلاَ أَعْرِفُ. صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.
الترجمة اليسوعية
21. لقد قسا قلبي ووخزت كليتاي
22. وأنا غبي ولا علم لي وقد صرت عندك كالبهيمة
لم يفهم القوم المراد من النص فقد ترجموها وفسروها أن الانسان من قسوة قلبه قد صار غبياً كالبهيمة!!
ولا نلومهم فالنص مشوه وغير واضح مقارنة بصورته الرائقة التي ذكرها برنابا ..
وحول هذا المعنى تدور كل ترجمات الكتاب المقدس بل ان كثير من الترجمات تترجمها " كنت غبياً وجاهلاً، تصرفت كحيوان (بري) متوحش اتجاهك" !!
أو " كنت غبياً وجاهلاً، تصرفت كحيوان (بري) متوحش قبلك (قبل معرفتك) " !!
AMP
Then I was senseless and ignorant;I was like a beast before You.
CSB
I was stupid and didn’t understand; I was an unthinking animal toward you.
CJB
I was too stupid to understand; I was like a brute beast with you.
DARBY
Then I was brutish and knew nothing; I was [as] a beast with thee.
GNV
So foolish was I and ignorant: I was a beast before thee
GNT
I was as stupid as an animal; I did not understand you.
HCSB
I was stupid and didn’t understand; I was an unthinking animal toward You.
ICB
I was senseless and stupid. I acted like an animal toward you.
ISV
Then, I was too stupid and didn’t realize I was acting like a wild animal with you.
JUB
But I was ignorant and did not understand; I was as a beast before thee.
KJV
So foolish was I, and ignorant: I was as a beast before thee.
AKJV
So foolish was I, and ignorant: I was as a beast before thee.
LSB
Then I was senseless and ignorant; I was like an animal before You.
LEB
then I was brutish and ignorant. With you I was like the beasts.
VOICE
But I didn’t know the truth; I have been acting like a stupid animal toward You.
Then I was senseless and ignorant;I was like a beast before You.
CSB
I was stupid and didn’t understand; I was an unthinking animal toward you.
CJB
I was too stupid to understand; I was like a brute beast with you.
DARBY
Then I was brutish and knew nothing; I was [as] a beast with thee.
GNV
So foolish was I and ignorant: I was a beast before thee
GNT
I was as stupid as an animal; I did not understand you.
HCSB
I was stupid and didn’t understand; I was an unthinking animal toward You.
ICB
I was senseless and stupid. I acted like an animal toward you.
ISV
Then, I was too stupid and didn’t realize I was acting like a wild animal with you.
JUB
But I was ignorant and did not understand; I was as a beast before thee.
KJV
So foolish was I, and ignorant: I was as a beast before thee.
AKJV
So foolish was I, and ignorant: I was as a beast before thee.
LSB
Then I was senseless and ignorant; I was like an animal before You.
LEB
then I was brutish and ignorant. With you I was like the beasts.
VOICE
But I didn’t know the truth; I have been acting like a stupid animal toward You.
وبالرغم من أن اللفظة العبرية الواردة في المزمور בְּהֵמָה Behemoth والتي تعني ببساطة كما في العربية بهيمة أو أحد أنواع ماشية المزرعة التي يمتلكها المزارع كالبقر والأغنام والعجول بل وحيوانات المزرعة الأخرى التي يستخدمها الانسان في الركوب والتنقل كالخيل والبغال والحمير
Strong's Hebrew: 929. בְּהֵמָה (behemah) -- a beast, animal, cattle
.. الا أن نصاً غامضاً في سفر أيوب استخدم اللفظة ذاتها (أيوب 15: 40)
«هُوَذَا بَهِيمُوثُ الَّذِي صَنَعْتُهُ مَعَكَ يَأْكُلُ الْعُشْبَ مِثْلَ الْبَقَرِ. 16هَا هِيَ قُوَّتُهُ فِي مَتْنَيْهِ، وَشِدَّتُهُ فِي عَضَلِ بَطْنِهِ.17 يَخْفِضُ ذَنَبَهُ كَأَرْزَةٍ. عُرُوقُ فَخِذَيْهِ مَضْفُورَةٌ. 18عِظَامُهُ أَنَابِيبُ نُحَاسٍ، جِرْمُهَا حَدِيدٌ مَمْطُولٌ.19 هُوَ أَوَّلُ أَعْمَالِ اللهِ. الَّذِي صَنَعَهُ أَعْطَاهُ سَيْفَهُ."
فراح المفسرين المولعين بالخرافات يفسرون هذا البهيموت الوارد في سفر أيوب بأنه وحش ضخم غير مألوف فمنهم من اقترح أنه فرس النهر ومنهم من اعتقد أنه الفيل ومنهم من شطح بخيالاته للاعتقاد بأنه حيوان أسطوي أو أحد أنواع الديناصورات المنقرضة!!
Strong's Hebrew: 930. בְּהֵמוֹת (Behemoth) -- Behemoth
وبالرغم من غرابة النص الوارد في سفر أيوب (15 :40) الا أنني لا أجد ما يمنع من تأويل البهيموت الوارد في النص على أنه فرس أو ثور بمواصفات وطبيعة مختلفة وبنية قوية .. تماما مثل الخيول النارية التي صعد بها ايليا إلى السماء.
بقى أن نشير إلى أنه بالفعل قد تم استخدام اللفظ العبري ذاته للدلالة على الحصان أو البغل الذي يركبه صاحبه فقد ورد في نحميا 2: 12 – 14
"ثُمَّ قُمْتُ لَيْلًا أَنَا وَرِجَالٌ قَلِيلُونَ مَعِي، وَلَمْ أُخْبِرْ أَحَدًا بِمَا جَعَلَهُ إِلهِي فِي قَلْبِي لأَعْمَلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعِي بَهِيمَةٌ إِلاَّ الْبَهِيمَةُ الَّتِي كُنْتُ رَاكِبَهَا. وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ الْوَادِي لَيْلًا أَمَامَ عَيْنِ التِّنِّينِ إِلَى بَابِ الدِّمْنِ، وَصِرْتُ أَتَفَرَّسُ فِي أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ الْمُنْهَدِمَةِ وَأَبْوَابِهَا الَّتِي أَكَلَتْهَا النَّارُ. وَعَبَرْتُ إِلَى بَابِ الْعَيْنِ وَإِلَى بِرْكَةِ الْمَلِكِ، وَلَمْ يَكُنْ مَكَانٌ لِعُبُورِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي تَحْتِي.
فالبهيمة هنا لا يمكن تفسيرها الا حصان أو حمار مثلاً
وأخيراً إذا أردنا أن نتأكد من دقة نص المزمور في برنابا مقارنة بالترجمات المشوهة الحالية للنص ذاته فما علينا سوى البحث في تراث القرون الأولى لعلنا نجد أحداً من الآباء الأوائل قد فهم هذا النص بصورة مشابهة للشاهد الوارد في برنابا .. ولحسن الحظ فقد وجدنا ضالتنا..
القديسة الأم سنكليتيكي (القرن الرابع الميلادي):
*"صرت كبهيمٍ عندك، ولكنني دائمًا معك". بمعنى إنني أتبعك كحيوان مطيع، فلا اضطرب بسبب طبيعة الطريق. لتقودني على الدوام سواء كان الطريق قصيرًا أو طويلًا أو صعبًا. إنه لن يجعلني مضطربًا سواء كان ضيقًا أو منحدرًا أو شديد الانحدار. فإنني أقول لنفسي، ما دمت صالحًا ستقودني حسنًا...
لهذا لن أنفصل عن صحبتك، وإنما دائمًا أنا معك، أقتدي إثر خطواتك مطيعًا اللجام، وأسير أينما ذهبت بي سواء كان الطريق سهلًا أو وعرًا، واسعًا أو ضيقًا. فإنني أتشجع بحكمتك وأتكل على صلاحك. إنني أعرف أن ما تفعله صالح ونبيل .
يبدو كلما عدنا بالزمن الى الماضي نجد النصوص تتقارب مع برنابا وكلما ابتعدنا بالزمن الى الأمام تباعدت شواهد برنابا مع النصوص الحالية..
الخلاصة:
بينما تتوه الترجمات المختلفة في معاني مشوهة للنص في مز73: 21 – 22
فبعضها يترجم النص " بسبب قسوة قلبي صرت غبيا وجاهلاً كالبهيمة أمامك "
وبعض الترجمات الأخرى " بسبب قسوة قلبي كنت غبي وجاهلاً صرت كوحش اتجاهك"
وترجمات ثالثة " بسبب قسوة قلبي وتمرمره كنت غبياً وجاهلاً كحيوان وحشي قبلك (قبل معرفتك).
والحق أن كل هذه الترجمات مشوهة والمعنى المراد بكل بساطة ووضوح هو
" تمرد قلبي فازدادت أوجاعي بسبب جهلي وعنادي وكان علي أن أكون معك كالفرس المطيع المنقاد لسيده"
وهو المعنى الذي أوضحه برنابا .. والذي صوره القرآن الكريم ببراعة واعجاز في سورة العاديات..
يتبع باذن الله...،،،
تعليق