islam soldier: هل القرٱن الكريم مقتبس من شعر امية بن ابي الصلت؟
تعد شبهة اقتباس القرٱن الكريم من الشعر الجاهلي واحدة من اغرب الشبهات التي روج لها عدد من المستشرقين منذ بداية القرن العشرين وترجع غرابة هذه الشبهه الي امر هام وهو
لو كان القرٱن حقا اقتبس من شعر امية بن الصلت كان لابد ان يلاحظ العرب هذا الامر ويشيروا اليه فرغم كل الادعاءات والاباطيل التي حاولوا من خلالها محاربة الاسلام لم يقل احد من العرب ان القرٱن الكريم به معتقدات مأخوذه من شعر امية
والحقيقه انه من خلال دراسة الاشعار التي يزعم بعض المستشرقين المتعصبين انها مصدر من مصادر القرآن تبين ان هذه الاشعار منحولة ولا تمت بصلة لأمية بن ابي الصلت الثقفي وانها اشعار مكذوبة عليه فقد تم تأليفها بعد نزول القرٱن ونُسِبت اليه بعد وفاته بعشرات السنين
القرٱن الكريم وشعر امية بن ابي الصلت
في عام ١٩٠٣ ادعي المستشرق "كليمان هوار"انه اكتشف مصدر جديدا من مصادر القرٱن وهذا المصدر هو اشعار من نظم امية بن ابي الصلت (طه حسين 'في الشعر الجاهلي'مطبعة دار الكتب المصريه القاهره ١٣٤٤-١٩٢٦م ص٨٢)
(clement Huar,A History of arabic literature , William Heinemann ,london .1903 p.25)
وكرر هذه السخافات غيره من المستشرقين مثل المستشرق نيكلسون
راجع(. Nicholson , A Literary History of the Arabs , Cambridge University.press1979 .p150)
ونفس الاكذوبة رددها الماركسيون والعالمانيون في مصر امثال خليل عبد الكريم و سيد القمني والمستشار محمد العشماوي راجع(سيد القمني:الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الاسلاميه//خليل عبد الكريم:قريش من القبيلة الي الدولة المركزية//المستشار محمد العشماوي :الخلافة الإسلامية)
اولاَ من هو امية بن ابي الصلت:
امية بن ابي الصلت شاعر عربي مخضرم ادرك الجاهلية والاسلام،وكان من الحنفاء الرافضين لعبادة الاصنام ورأي الرسول صلي الله عليه وسلم وسمع منه سورة (يس)في مكة،فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه،فقال اشهد انه حق،قالوا:هل تتبعه؟قال حتي انظر في امره وخرج الي الشام.
وهاجر النبي الي المدينة ،وحدثت وقعة بدر ،فعاد امية من الشام يريد الاسلام ،فقال له قائل :يا ابا الصلت ما تريد؟قال:اريد محمداً قال وما تصنع ؟قال اؤمن به والقي اليه مقاليظ هذا الامر .قال اتدري من في القليب (قليب بدر حيث القي قتلي المشركين)؟قال:لا .قال:فيه عتبه بن ربيعه ،وشيبة بن ربيعة ،وهما ابنا خالك فامتنع عن الاسلام واقام في الطائف حتي مات في السنة التاسعة من الهجرة(البداية والنهاية لابن كثير مجلد٢صفحه٢٨٥)
قلت:امية اذن عاصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسمع منه القرآن وكاد ان يسلم لولا عصبيته لاقاربه وقد سمع النبي محمد صلى الله عليه وسلم شعر امية من الشريد بن سويد وقال"فلقد كاد يُسلم في شعره"(اخرجه مسلم ح٢٢٥٥)وقال النبي ص ذلك بسبب ان امية نظم أشعاره عن توحيد الله عز وجل لكن العجب من زعم المنصرين ان القرآن نقل من امية بينما يشهد امية علي صحة القرآن فيقول لكفار قريش:"اشهد أنه حق"(البداية والنهاية،ابن اكثير٢٨٥/٢)،فلم لا تقبلون شهادته التي تكذب دعواكم ؟كما ان معاصرة امية للنبي محمد ص تنفي الادعاء القائل بأني النبي نقل منه فلو كان النبي ينقل من شعر امية لاعلن امية ذلك ونشره بين العرب ولو كان صحيحا ما يقال عن النقل من شعر امية بن ابي الصلت الثقفي لما اسلم أهل بيته،فقد اتت اخته فارعة النبي ص مسلمة بعد فتح الطائف،(اخرجه ابو بكر الشيباني في الاحاد والمثاني ح(٣٤٧٩)
كما ان ابناء امية واحفاده اسلموا مثل ربيعة بن امية (الاصابة في تمييز الصحابه ،ابن حجر(٤٦١/٢) وحفيد امية القاسم بن ربيعة بن امية بن ابي الصلت الثقفي (الاكمال ابن ماكولا(٣٠٦/٦) كما اسلم وهب بن امية بن ابي الصلت(اسد الغابه في معرفة الصحابة،ابن الاثير٤٥٦/٥) وقد اسلمت قبيلة ثقيف كلها(اسد الغابة في معرفة الصحابة ،ابن الاثير ٥٩٦/٣) وهم ادري الناس بشعر امية فلو كانوا لاحظوا اي تشابه بين شعر امية والقرآن الكريم لما اسلموا وآمنوا بالقرآن
وقد رد الدكتور طه حسين علي هذه الاكذوبة قائلاً:"كان النبي وأمية متعاصرين .فلم يكون النبي هو الذي اخذ عن امية ولا يكون امية هو الذي اخذ عن النبي؟.......ونحن نعتقد ان هذا الشعر الذي يضاف الي امية بن ابي الصلت والي غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبي او جاءوا قبله انما انتحل انتحالا .انتحله المسلمون ليثبتوا -كما قدمنا-ان للاسلام قُدمة وسابقة في البلاد العربية ومن هنا لا نستطيع ان نقبل ما يضاف الي هؤلاء الشعراء والمتحنفين الا مع شئ من الاحتياط والشك غير القليل". (طه حسين 'في الشعر الجاهلي'مطبعة دار الكتب المصريه القاهره ١٣٤٤-١٩٢٦م ص٨٦)ونفس هذه النتيجه توصل اليها الدكتور جواد علي وهو يعد من اهم العلماء الذين نقضوا هذه الاكذوبة حيث افرد لمناقشة هذه الفرية عشرات الصفحات في موسوعته وخلص الي نتيجة هامة للغاية وهي ان"اخذ القرٱن من امية افتراض ليس من الممكن تصوره ،فعلي

قائله اثبات ان شعر امية في هذا الباب هو اقدم عهدا من القرٱن الكريم،وتلك قضية لا يمكن إثباتها ابدا .ثم ان قريشا ومن لف لفها ممن عارض الرسول لو كانوا يعلمون ذلك او يعرفونه ،لما سكتوا عنه ،ولقالوا انك تأخذ من امية ،........ثم ان امية نفسه لو كان يعلم ذلك او يظن ان محمدا انما اخذ منه ،لما سكت عنه وهو خصم له ،منافس عنيد،اراد ان تكون النبوة له،واذا بها عند شخص اخر ينزل عليه الوحي،ثم يتبعه الناس فيؤمنون بدعوته .اما هو فلا يتبعه احد .هل يعقل سكوت امية لو كان قد وجد اي ظن وان كان بعيدا يفيد ان الرسول قد اخذ فكرة منه،"(د.جواد علي ،المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام،جامعة بغداد١٤١٣ه/١٩٩٣الطبعة الثانيه الجزء السادس ص٤٩٢)وقد لاحظت ان من يروجون لهذه الشبهه يتناسون ان امية معاصر للرسول بل بعضهم يحاول جعله سابق للنبي محمد صلى الله عليه وسلم لان معاصرة امية للنبي تنفي تهمة اخذ القرٱن من شعر امية لان امية لو لاحظ وجود ادني تشابه بين اشعاره وايات القرٱن لكان هو اول من اشار لذلك الامر .
المستشرقون وشعر امية بن ابي الصلت
يعد القول بأن شعر امية منحول هو رأي كبار المستشرقين حيث يقول كارل بروكلمان "اكثر ما روي من شعره منحول عليه،ما عدا مرثيته لقتلي بدر التي منع النبي ص من انشادها.وزعم كليمنت هوار ان شعره كان من مصادر القرٱن .وهذا غير صحيح،ولكن الحق ما ذكره تور اندريه Tor Andraeوهو ان الاشعار التي نظر إليها هوار انما هي نظم جمع القصاص فيه ما استخرجه المفسرون من مواد القصص القرٱني ولابد ان تكون هذه الاشعار قد نحلت لأمية في عهد مبكر لا يتجاوز القرن الاول للهجرة "(كارل بروكلمان ،تاريخ الادب العربي الجزء الاول ترجمة د.عبدالحليم النجار دار المعارف الطبعه الخامسه ص ١١٣)وبالرجوع لدائرة المعارف الاسلاميه التي قام بإعدادها عدد من المستشرقين سنجدهم يقولون:"اما القول بأن محمد اقتبس شيئاً من قصائد أمية فهو زعم بعيد الاحتمال .....وقد ابان تور اندريا Tor Anree حديثاّ انه ليس بين قصائد أمية الدينية ما هو صحيح النسب اليه وانه يجب ان يعتبر من انتحال مفسري القرآن الأولين وهم القصاص كالسدي وابن عباس وغيرهما"(دائرة المعارف الكتابية المجلد الرابع مادة امية ص ٤٦٤/٤٦٣)ومن اقوي ادلة انتحال هذه الاشعار هو اسلام الصحابي الجليل ابو بكر الصديق رضي الله عنه فقد كان "ابوبكر نسابة راوية للشعر الجاهلي "(العصر الجاهلي د.شوقي ضيف دار المعارف الطبعه الثانية والعشرون ص١١٤) فلو كان هناك ادني تشابه بين شعر امية والقرآن الكريم لكان لاحظ ذلك بسهولة ويسر ويعد ايمانه بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانه بوحي القرآن الضربة القاضية لاسطورة اقتباس القرٱن من اشعار امية
..