هل لم يكن التحدي القرآني في اللغة ؟؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد غالب لا ديني اكتشف المزيد حول وليد غالب
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل لم يكن التحدي القرآني في اللغة ؟؟

    من بديهيات الإسلام أن معجزة القرآن الكبرى هى في لغته وبلاغته، وأن القرآن قد تحدى العرب أن يأتوا بسورة مثل القرآن في بلاغته..


    ولكن بشيء من التعمق والربط بين المسائل، يتبين أن التحدي لم يكن في اللغة بل كان في الهدي، وأن فكرة "إعجاز القرآن اللغوي" لم تكن معروفة في قرن الإسلام الأول.


    ، يقول المستشرق نولدكه في كتابه "تاريخ القرآن" ص50، 51:



    ((ومن المعروف أن المسلمين حتى اليوم يرون في هذه الحادثة برهاناً لا يُدحض على أن القرآن كتاب إلهي، تقصر كل مهارة بشرية عن مجاراته. فقد كانت بلاد العرب حينئذ تعج بالخطباء، ولم يستطع أحد منهم أن يجيب على تحدي محمد. ويُعرض هذا الرأي الذي ترتبط به بعض المسائل التي يُثار فيها الجدل، في كتب كثيرة في إعجاز القرآن. لكننا إذا تفحصنا تحدي محمد عن كثب اكتشفنا أنه لم يتحد خصومه أن يأتوا بما يضاهي القرآن من ناحية شعرية أو خطابية، بل بما يضاهيه من حيث الجوهر. وهذا ما لم يكن في وسع أعدائه بطبيعة الحال. فكيف لهم أن يدافعوا عن الإيمان القديم بالآلهة، وكانوا على اقتناع شديد به، بالطريقة نفسها التي دافع فيها ذاك عن وحدة الله وما يتعلق بها من عقائد؟ هل كان بإمكانهم أن يجعلوا الآلهة تتكلم؟ لم يكن هذا ليكون إلا سخرية أو سخافة. أو هل كان لهم أن يتحمسوا لوحدة الله ويناضلوا ضد نبوءة محمد؟ في هذه الحال لن يكون في وسعهم إلا نسخ القرآن الذي أرادوا أصلاً أن يأتوا بما يضاهيه؛ والمثال يُقارن بالأصل. إن إيمان محمد كان إيماناً أصيلاً تجاه قومه، وخلق لنفسه تعبيراً أصيلاً عنه، ولم يكن بإمكانهم تقليده. وزادت حيرة أسلوبه في صعوبة ذلك بقدر غير يسير.))




    إذاً فقد تنبه نولدكه إلى أن التحدي لم يكن في اللغة، ولكنه عرض رأيه دون أن يدعمه بالدلائل..


    لذلك أقوم في هذا الموضوع بعرض الدلائل التي لا تترك مجالاً للشك في أن التحدي لم يكن في اللغة وأن الإعجاز اللغوي لم يكن معروفاً عند النبي وأصحابه..


    الدلائل هى:



    1- الأحرف السبعة والقراءة بالمعنى.


    أجاز النبي للناس من خلال رخصة الأحرف السبعة أن يستبدلوا مفردات القرآن بما يوافقها في المعنى بل وحتى إن اختلف المعنى ولكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى التناقض، وضرب مثالاً على ذلك بتبديل خواتم الآي حين قال: " لَيْسَ مِنْهَا إِلاَّ شَافٍ كَافٍ إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ". (سنن أبي داود حديث رقم 1479 وصححه الألباني)



    نزول القرآن على سبعة أحرف هو خبر متواتر ورد عن 21 صحابياً (انظر الإتقان للسيوطي 1/129)، إلا أن العلماء قد اختلفوا في المراد من الأحرف السبعة حتى وصلت أقوالهم إلى أربعين قولاً ينقض بعضها بعضاً ويرد بعضها على بعض حتى لم يسلم قول واحد من النقد القوي. (راجع مناهل العرفان للزرقاني ص123 وما بعدها، والمدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة ص174-200)


    إن الذي أوقع العلماء في هذا التخبط الكبير هو رفضهم للمفهوم الأبسط والأوضح لروايات الأحرف السبعة وذلك بسبب اعتقادهم المسبق بإعجاز القرآن اللغوي وبالقدسية الحرفية الكبيرة التي جعلوها لشكل النص القرآني.


    التفسير الصحيح للأحرف السبعة هو: تغيير النص إلى أوجه مختلفة من المعاني أقصاها سبعة، بشرط ألا يحدث تناقض.


    ومن قبل أن يظهر حديث الأحرف السبعة كان النبي لا يهمه شكل النص بل يهمه المضمون، ولدينا حادثتان تجلى فيهما ذلك بوضوح، وذلك مع كاتبين من كتبة القرآن ارتدا عن الإسلام، جاء في مسند أحمد:


    12236 - ... عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يَعْنِى عَظُمَ - فَكَانَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُمْلِى عَلَيْهِ غَفُوراً رَحِيماً فَيَكْتُبُ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ لَهُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ « اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ ». وَيُمْلِى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ اكْتُبْ سَمِيعاً بَصِيراً فَيَقُولُ اكْتُبِ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ. فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ مَا شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ ».


    تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين اهـ


    وجاء في صحيح مسلم:
    4086 - ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ... وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الَّذِى كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. اهـ

    ولكن لماذا ارتد ابن أبي سرح؟ تخبرنا روايات أخرى بذلك، منها ما أورده الطبري في مقدمة تفسيره 1/54:


    ((حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .))اهـ




    هاتان الحادثتان تكتسبان أهميتهما الخاصة في أنهما لا مكان للرخصة والتيسير فيهما كما هو الحال مع الأحرف السبعة، بل على العكس تماماً النبي هنا يدون القرآن أي الصيغة النهائية والرسمية له، ومع ذلك لا يمانع أن يبدل الكاتب بين خواتم الآي، ما يدل دلالة قاطعة على أن النبي كان لا يهمه شكل النص بل روحه ومضمونه، وكل هذا قبل ظهور الأحرف السبعة.


    تمكن الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه (تاريخ القرآن) ص80-81 من تحديد الوقت الذي قيل فيه حديث الأحرف السبعة لأول مرة وذلك في السنة التاسعة للهجرة، وهى السنة التي شهدت اندفاع العرب من كل أنحاء شبه الجزيرة نحو المدينة، يعلنون إسلامهم.


    وهذا يوضح لك حقيقة الأمور: فمنذ البدء كان النبي لا يهتم بشكل النص، ولكن لم يكن بعد قد جعل من ذلك قانوناً يجهر به ، فلم يمارسه إلا على نطاق ضيق، ومن ضمن هذا النطاق ما حصل مع الصحابيين المرتدين،


    وبعد غزو مكة وهزيمة ثقيف، توالت الوفود على النبي، وحصلت طفرة في أعداد الداخلين في الإسلام، وحين رأى النبي الطفرة في أعداد الداخلين وتنوع مناطقهم وألسنتهم المختلفة عن اللسان القرشي، اجتمع ذلك مع أمية عموم العرب وتعويلهم على الذاكرة وصعوبة الالتزام بحرفية نص طويل وواجب التلاوة على كل مسلم, وأن العديدين يفدون على المدينة ثم يعودون لمدنهم ولا يملكون إلا صدورهم حافظاً للقرآن، بسبب كل ذلك رأى النبي أنه قد حان الوقت لتحويل ما في نفسه إلى تشريع يجهر به ويبلّغ كل الناس أن العبرة بالروح ولا بأس أن يغير المرء في ألفاظ القرآن طالما لم يمس التغيير روح النص، فقال محمد بأن القرآن أُنزل على ((سبعة أحرف ليس منها الا شاف كاف ان قلت غفورا رحيما أو قلت سميعا عليما أو عليما سميعا فالله كذلك ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب)) (مسند أحمد رقم 21187 ، تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين)



    وقد أشارت رواية إلى دور أمية العرب في إقرار الأحرف السبعة كما جاء في أحد أحاديثها على لسان النبي وهو يطلب التيسير على أمته: « يَا جِبْرِيلُ إِنِّى بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلاَمُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِى لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ » (الترمذي 3196)



    ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه من تأويل الأحرف السبعة ما ورد عن أكابر علماء القرون الأولى في سياق الخلاف حول جواز رواية الحديث النبوي بالمعنى، حيث تشدد في ذلك قوم ومنعوا رواية الحديث إلا بتمام ألفاظه دون تغييرها، بينما ذهب الأكثرية إلى جواز ذلك، ووما استدلوا به على ذلك أن القراءة بالمعنى تجوز في القرآن فكيف هو الحال مع الحديث؟


    جاء في "قواعد التحديث" للقاسمي ص221 في حديثه عن رواية الحديث بالمعنى:

    ((وجعل رجل يسأل يحيى بن سعيد القطان عن حرف في الحديث على لفظه فقال له يحيى يا هذا ليس في الدنيا أجل من كتاب الله تعالى قد رخص للقراءة فيه بالكلمة على سبعة أحرف فلا تشدد)) اهـ
    وجاء فيه:
    ((وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في ((معرفة الصحابة)) والطبراني في ((الكبيرة)) من حديث عبد الله بن سليمان بن أكثم الليثي قال قلت يا رسول الله إني إذا سمعت منك الحديث لا أستطيع أن أرويه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفاً فقال ((إذا لم تحلوا حراماً ولم يحرموا حلالاً وأصبتم المعنى فلا بأس)) فذكرت ذلك للحسن فقال ((لولا هذا ما حدثنا)) وقد استدل الشافعي لذلك بحديث ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) اهـ


    ومن أوضح ما جاء في هذا الباب شهادة مهمة من التابعي الكبير ابن شهاب الزهري القرشي الذي وُلد عام 58هـ والذي هو أول من جمع الحديث، ورأى عشرة من الصحابة، وله عدد كبير من الأحاديث في الصحيحين وغيرهما، جاء في صحيح مسلم:


    1939 -... عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِى حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ بَلَغَنِى أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إِنَّمَا هِىَ فِى الأَمْرِ الَّذِى يَكُونُ وَاحِدًا لاَ يَخْتَلِفُ فِى حَلاَلٍ وَلاَ حَرَامٍ. اهـ


    ويوضح الزهري ذلك جيداً فيما نقله عنه القاسمي في سياق حديثه عن رواية الحديث بالمعنى ص222: ((وأسند عن أويس قال ((سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث وإذا أصيب معنى الحديث فلم يحل به حراما ولم يحرم حلالا فلا بأس)) . اهـ


    وقد اعترف أبو بكر الباقلاني في (الانتصار للقرآن) 1/370-372 بأن السماح للقارئ بأن يقرأ بالمعنى كان موجوداً في حياة النبي، إلا أنه نُسخ ومُنع بعد ذلك كما يقول.


    تجدر الإشارة هنا إلى أن أخبار إباحة تبديل خواتم الآي هى أخبار متواترة وردت عن سبعة من الصحابة.



    وقد مارس النبي القراءة بالمعنى في مواضع عديدة، منها على سبيل المثال قول النبي:

    ((إذا أتاكم من ترضون خلقه و دينه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض)) (المستدرك على الصحيحن للحاكم)

    فالجزء الأخير من قول النبي هو مأخوذ من هذه الآية: الأنفال/73 (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ).


    لاحظ كيف أبدل النبي آخر كلمة من الآية بكلمة أخرى توافقها في المعنى حيث قال (وفساد عريض).



    وطبعاً لم يقتصر الأمر على النبي فقط، فقد جاء مثل ذلك عن الصحابة، ومن أهم هذه الأمثلة:


    جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم:

    3684 - ... عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قرأ رجل عنده { إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم } فقال أبو الدرداء : قل طعام الأثيم فقال الرجل : طعام اليثيم فقال أبو الدرداء : قل طعام فاجر.
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه

    تعليق الذهبي قي التلخيص : على شرط البخاري ومسلم. اهـ


    وكذلك ((أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا ) ، فقال له رجل : إنما نقرؤها ( وأقوم قيلا (1) ) ، فقال : « إن أقوم ، وأصوب ، وأهيأ ، وأشباه هذا واحد » اهـ (مسند أبي يعلى رقم 3913)

    ولقوة الروايتين الأخيرتين، أقر الإمام في النحو ابن جني والإمام في التفسير واللغة الزمخشري أقرا بأن الصحابة قد قرأوا بالمعنى، قال ابن جني بعد أن أورد الرواية عن أنس بن مالك:
    ((قال أبو الفتح: هذا يؤنس بأن القوم كانوا يعتبرون المعاني، ويخلدون إليها، فإذا حصلوها وحصنوها سامحوا أنفسهم في العبارات عنها.)) المحتسب 2/336
    وقال الزمخشري بعد أن أورد الخبر السابق عن ابن مسعود ((وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها)) (تفسير الكشاف، الرحمن/44)


    وفي كثير من القراءات التي وردت عن الصحابة نجد أثر القراءة بالمعنى جلياً فيها، جاء في كتاب المصاحف لابن أبي داود ص284 وصححه المحقق:


    ... عن الأسود، عن عمر، أنه كا يقول: (مالك يوم الدين) ، وكان يقرأ: (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين).


    ... عن الأسود وعلقمة أنهما صلَّيا خلف عمر فقرأ بهذا. اهـ


    و مع أبي حنيفة، تصل القراءة بالمعنى إلى أوجها حين يرى جواز أن يقرأ الفارسي القرآن في صلاته باللغة الفارسية! المبسوط للسرخسي1/98 (من موقع الإسلام ترقيم غير موافق للمطبوع).



    2- نسخ التلاوة.


    تواترت الأخبار في حصول نسخ لتلاوة العديد من الآيات، وقد كان شائعاً عند الصحابة أن الآية التي يُنسخ حكمها لا تُكتب بعد ذلك، ولذلك استغرب عبد الله بن الزبير أثناء كتابة المصحف العثماني استغرب من إدخال آية منسوخة الحكم إلى المصحف مطالباً عثمان بحذفها.


    جاء في صحيح البخاري:


    4536 - ... قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِى فِى الْبَقَرَةِ ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) إِلَى قَوْلِهِ ( غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى ، فَلِمَ تَكْتُبُهَا أو تَدَعُهَا. قال يَا ابْنَ أَخِى لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ .


    لو كان النبي وأصحابه يعتبرون كل آية من القرآن معجزة بنظمها لما وُجد على الإطلاق شيء اسمه "نسخ تلاوة" حتى للآيات المنسوخة الحكم، فهى وإن انتهى العمل بها، إلا أن الإعجاز ما يزال سارياً عليها، وحذف مثل هذه هو إنقاص من معجزة القرآن، فكيف إذا علمنا بأن نسخ التلاوة قد طال آيات غير منسوخة الحكم مثل ما نزل في قتلى بئر معونة؟، بل وما بالك إذا علمت بأن نسخ التلاوة قد طال مقداراً كبيراً من القرآن بحيث أن سورة الأحزاب كانت بحجم سورة البقرة؟ - هذا على فرض صحة التفسير الإسلامي التقليدي لهذه الروايات بأنها تشير إلى نسخ التلاوة - .



    3- غياب أي أثر لهذا التحدي.


    لو كان مثل هذا التحدي قد حصل، لكانت فضيحة كبرى لقريش بكل المقاييس، ولكان له تأثير كبير على مستويات كثيرة، ولجاءتنا روايات عن ذلك، ولذكرها الشعراء في شعرهم كحسان بن ثابت وغيره ممن أكثروا في هجاء المشركين دون أن يذكروا شيئاً عن فضيحة عجزهم عن إجابة التحدي على الرغم من كونهم من أرباب الفصاحة. ولكن يمضي القرن الإسلامي الأول دون أي إشارة على حصول هذا التحدي أو أي من تبعاته. ونجد السيرة تنقل لنا نصوص الكثير من جدالات النبي مع قومه في مكة واحتجاجه عليهم دون أن يذكر شيئاً عن أنه تحداهم وعجزوا عن إجابة التحدي، (انظر لأحد هذه الحوارات الطويلة في سيرة ابن هشام 2/132-136)، لم يذكر لهم التحدي لأن التحدي لم يكن في اللغة، ولأن التحدي كان ذا طبيعية تعجيزية كما بيّن نولدكه في الاقتباس السابق. أقصى ما لدينا هو روايات عن إعجاب بعض المشركين ببلاغة القرآن مثل القول الشهير من الوليد بن المغيرة "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة".. إلا أن هذه هذه الروايات غاية ما تثبته هو أنهم وجدوا القرآن بليغاً.. وكون القرآن نص بليغ فهذا شيء لا ينكره أحد، ولكن أين ذلك من إثبات أن التحدي وقع في البلاغة وأن القرآن لا يقدر أحد من البشر على الإتيان بمثله؟.




    إن كان التحدي لم يكن في اللغة، فكيف نشأ القول بذلك؟


    الإجابة بسيطة، القول بذلك نشأ ببساطة لأن طبيعة القرآن نفسه شكلت أرضية خصبة لمثل هذا الإدعاء، فلغة القرآن أصلاً متميزة بشكل فريد فلا هو بالنثر ولا هو بالشعر، وعالي البلاغة. إن تميز القرآن اللغوي العالي هو حقيقة ثابتة، لذلك فلا مانع قوي عند المسلمين من القول بأن لغة القرآن معجزة، وبتالي وقع فيها التحدي. ومنها وجد القول بكون الإعجاز هو في اللغة وجد له حاضناً قوياً، فانتشر هذا القول حتى صار صوته لا يعلو عليه صوت.


    فالذين أتوا بهذا الإدعاء نظروا إلى آيات التحدي، وحين أرادوا أن يعرفوا فيم وقع التحدي نظروا إلى أهم ما يميز القرآن وهو لغته وبلاغته فقالوا بأن التحدي قد وقع فيه..



    شكراً للجميع.
    التعديل الأخير تم بواسطة (((ساره))); 8 يون, 2009, 10:15 م. سبب آخر: تغيير عنوان الموضوع من صيغة تقرير إلى استفهام !

  • #2
    فاتني أن أضيف هذا الدليل:

    تفسير القرآن بالقرآن

    تفسير القرآن بالقرآن هو الخطوة الأولى المعتمدة لدى المفسرين، يليها بعد ذلك الاعتماد على الآثار واللغة وغيرها، وهذا الأسلوب في التفسير أصيل يرجع إلى النبي نفسه كما في الخبر بعد أن نزلت آية "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" اشتد ذلك على أصحاب محمد قائلين من منا لم يظلم؟ فأجابهم النبي بأن المقصود من الظلم هنا هو الشرك، مستدلاً بقول القرآن "إن الشرك لظلم عظيم"..
    نستطيع أن نطبق ذات الأسلوب لنصل إلى التفسير الصحيح للتحدي القرآني..
    آيات التحدي في القرآن هى:
    وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة
    قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء
    فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) الطور
    أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) هود

    هذه الآيات تطلق تحدياً عاماً غير واضح الملامح، فهل توجد آيات أخرى في القرآن بينت المراد بهذا التحدي؟
    في الحقيقة توجد آية واضحة وصريحة وتحسم هذا الإشكال بكل سلاسلة، وهى:
    فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) القصص
    التعديل الأخير تم بواسطة فارس الميـدان; 8 يون, 2009, 11:35 ص. سبب آخر: تكبير الخط

    تعليق


    • #3
      وأن فكرة "إعجاز القرآن اللغوي" لم تكن معروفة في قرن الإسلام الأول :
      1- الوليد بن المغيرة من القرن الاول:

      الوليد بن المغيرة ...... (إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه).


      2- عتبة بن ابي ربيعة , من القرن الاول:

      عتبة بن أبي ربيعة وكان من أساطين البيان ... قال: " والله لقد سمعت من محمد قولاً ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة... و الله ليكونن لقوله الذي سمعته نبأ عظيم".


      3- كفار قريش ... في القرن الاول :

      "ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون، بل جاء بالحق وصدق المرسلين"




      4- أنيسٌ أخو أبي ذرٍ .... في القرن الاول:

      روى مسلم في صحيحه ... (أن أُنَيساً أخا أبي ذر قال لأبي ذر: لقيتُ رجلاً بمكة على دينك، يزعُمُ أن الله أرسله، قلتُ: فما يقول الناس، قال : يقولون شاعر، كاهن، ساحر ـ وكان أنيس أحد الشعراء ـ قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون).



      5- أخيراً ننهي بشهادة الله عز وجل بتفوق هذا الكتاب في لغته وفي كل شيء:
      ( الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )

      أحسن صيغة تفضيل جامعة شاملة لكل حسن ..


      فيكون هذا الكِتابُ أحسن في نظمه , لغته واسلوبه , ورسالته , أحسن في حكمه وأحكامه, في وعده ووعيده .... الخ.


      ____

      لا تتسرع مرة أخرى يا عزيزي , فالهالك نولدكه كان سطحي متهافت متهالك , ولربما يشفع له جهله بالعربية وافتقاره للتعمق في التراث الإسلامي , لكِن الأعجب أن يدور من لسانه العربية مثلك في رحاه , كيف لك ذلِك , عجباً أن تحمل علمك من نولدكه وأقل زنديق عربيٍ ملحد أقوى منه , وهذا يعني إما إفلاسا منك أو إعلاما بحقيقةِ مستواك ..!!


      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
      *******************
      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
      ********************
      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

      تعليق


      • #4
        الإعجاز القرآني شامل جامع ... يعجز البشر والجن عن الإتيان بمثل هذا القرآن ... وأولى سمات القرآن لغته العربية الفصحى "اللسان العربي الفصيح" ....انظر دليل الإعجاز اللغوي, وغير اللغوي, اعجاز جامع : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا".


        أما زعمك حين قلت:
        ولكن بشيء من التعمق والربط بين المسائل، يتبين أن التحدي لم يكن في اللغة بل كان في الهدي،

        فهذا زعم متهافت ساقِط حين تزعم أن التحدي كان في الهدي وليس في اللغة ....!

        تعالى نختبر هذا الزعم والإدعاء .... ولنرى مثالاً بكفار قريش حين تليت عليهم آياته .. ماذا قالوا ؟!

        (قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ)

        فرد عليهم الله عز وجل (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)

        فقالوا : (إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ)

        إلى هنا قد تزعم أن المراد لازال هو الهدي لا اللغة ...


        والآن ننسفه نسفاً ... بقول الله تعالى رداً على زعمهم أنه افتراء :
        فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ


        الله عزّ وجل عطاهم الخيار أن يؤلفوا ويفتروا وينسجوا ما يريدون , بل ويدعوا من استطاعوا ليساعدهم وليصيغ لهم ولو آية واحدة او سورة مفتراة مكذوبة, والإفتراء والكذِب ليْس هدياً يا عزيزي ... إذاً هو الإعجاز بكافة نواحيه ...

        لم يطلب الله منهم ان يكتبوا تعاليما ..

        لم يطلب الله منهم أن يؤلفوا هدياً ...

        بل أمرهم أن يصيغوا افتراءاً , وياتوا به مثل القرآن إن استطاعوا ...!!!!



        تقولون: قصة مكذوبة , تأليف؟!!

        لا مشكلة ألف واخترع قصة وآتنا بها كما أتى القرآن ...!!!

        التحدي لم يكن في الهدي هذه المرة يا عزيزي ... التحدي واضِحٌ معجز في لغته

        "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
        رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
        *******************
        موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
        ********************
        "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
        وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
        والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
        (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

        تعليق


        • #5
          12236 - ... عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يَعْنِى عَظُمَ - فَكَانَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُمْلِى عَلَيْهِ غَفُوراً رَحِيماً فَيَكْتُبُ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ لَهُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ « اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ ». وَيُمْلِى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ اكْتُبْ سَمِيعاً بَصِيراً فَيَقُولُ اكْتُبِ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ. فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ مَا شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ ».
          تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين اهـ
          وجاء في صحيح مسلم:
          4086 - ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ... وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الَّذِى كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. اهـ

          ولكن لماذا ارتد ابن أبي سرح؟ تخبرنا روايات أخرى بذلك، منها ما أورده الطبري في مقدمة تفسيره 1/54:
          ((حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .))اهـ
          هاتان الحادثتان تكتسبان أهميتهما الخاصة في أنهما لا مكان للرخصة والتيسير فيهما كما هو الحال مع الأحرف السبعة، بل على العكس تماماً النبي هنا يدون القرآن أي الصيغة النهائية والرسمية له، ومع ذلك لا يمانع أن يبدل الكاتب بين خواتم الآي، ما يدل دلالة قاطعة على أن النبي كان لا يهمه شكل النص بل روحه ومضمونه، وكل هذا قبل ظهور الأحرف السبعة.

          الرد على الشبهة :


          أولاً : ذِكْر أكثر المرويات التي تحدّثت عمّا وقع من عبدالله بن سعد رضي الله عنْه حال رِدّتِه :

          فقصة عبدالله ابن أبي سرح ، وحقيقة ما فعل هي مما اتفق عليها أهل العلم، واستفاضت عندهم استفاضة يستغنى عن رواية الآحاد ، وذلك أثبت وأقوى مما رواه الواحد العدل، فنذكر إن شاء الله تعالى جميع ما رُوِي بخصوص مافعل , و هو ارتِدادُه و زعْمه أنه يوحى إليْه وأنه كان يُغيِّر في الوحي كيفما شاء .. وقد روى ابن عدي في الكامِل أن من فعل ذلِك هو عبدالله ابن خطل الذي قُتِل يوْم فتْحِ مكة , وهذا كذِب موضوع , لأن الرواية جاءت من طريق أصرم بن حوْشب وكان يضع الأحاديث , وذكره ابن الجوزي في الموضوعات , ولِذا فالصواب هو ما استفاضت به الروايات أن القائِل هو عبدالله بن أبي سرْح وليس بن خطل... ونشرع الآن بِحول الله في ذِكْر أكثر هذه الرِوايات :






          الرِِّواية الأولى :
          7657- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ، قَوْلَهُ: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ " ، قال:"نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْقُرَشِيِّ، أَسْلَمَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا أَمْلَى عَلَيْهِ " سَمِيعًا عَلِيمًا " كَتَبَ: عَلِيمًا حَكِيمًا، وَإِذَا قَالَ: " عَلِيمًا حَكِيمًا " كَتَبَ: سَمِيعًا عَلِيمًا، فَشَكَّ وَكَفَرَ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ".[1]


          الرِّواية الثانية :
          7660- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ، قَالَ: " وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ " ، قال:"نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ الْقُرَشِيِّ، كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنْ كَانَ اللَّهُ يُنْزِلُهُ، فَقَدْ أَنْزَلْتُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: " سَمِيعًا عَلِيمًا " ، فَقُلْتُ أَنَا: عَلِيمًا حَكِيمًا".[2]


          الرِواية الثالِثة - إسنادُهُا صحيح :
          عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يومُ فتحِ مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وسماهم وابن أبي سرح فذكر الحديث قال وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عِند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله , بَايْع عبدالله، فرفع رأسه، فنظر إليه، ثلاثاً، كلُّ ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال: "أما كان فيكم رَجُلٌ رَشِيد يقومُ إلى هذا حيث رآني كَفَفَتُ يَدِي عن بيعته فيقتله" فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أوْمَأْت إلينا بعينك، قال: "إنه لا يَنْبَغِي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأُعْيُن" ".[3]رواه أبو داود بإسناد صحيح و صححه الألباني.


          الرِواية الرابِعة - إسنادُهُا صحيح :
          4359 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أحمد بن المفضل حدثنا أسباط بن نصر قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله ابن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك قال إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين .رواه أبوداود وصححه الألباني".[4]


          الرِواية الخامِسة - حسن الإسناد :
          4358 حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم .".[5] تحقيق الألباني :حسن الإسناد
          الرِواية السادِسة - إسنادُها صحيح:

          4080 - أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ إِلَى قَوْلِهِ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَنُسِخَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الَّذِي كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.".[6] صححه الألباني.



          الرِواية السابِعة - إسنادُها صحيح:
          4067 - أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار قال حدثني أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي السرح فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ها هنا فقال عكرمة والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتى محمدا صلى الله عليه و سلم حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما فجاء فأسلم وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان فلما دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه و سلم قال يا رسول الله بايع عبد الله قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين ..".[7] قال الشيخ الألباني : صحيح


          الرِواية الثامِنة :
          عن عفان ابن مسلم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل ابن أبي سرح يوم الفتح، و فَرْتَنَى، و ابن الزِّبَعْرَي، وابن خَطَل، فأتاه أبو برزة وهو متعلق بأستار الكعبة فَبَقَرَ بطنه، وكان رجلٌ من الأنصار قد نذر إن رأى ابن أبي سرح أن يقتله، فجاء عثمان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فشفع له إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخذ الأنصاري بقائم السيف ينظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - متى يومئ إليه أن يقتله، فشفع له عثمان حتى تركه، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: "هَلاَّ وَفَّيْتَ بِنَذْرِك؟" فقال: يا رسول الله وضَعْتُ يدي على قائم السيف أنتظر متى تومئ فأقتله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الإيماء خيانة ليس لنبي أن يُومئ"...".[8]


          الرِواية التاسِعة :

          وكذلِك أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره قال حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء" إلى قوله:" تجزون عذاب الهون" . قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه:"سميعًا عليمًا"، كتب هو:"عليمًا حكيمًا"، وإذا قال:"عليمًا حكيمًا" كتب:"سميعًا عليمًا"، فشكّ وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! قال محمد:"سميعًا عليمًا" فقلت أنا:"عليمًا حكيمًا" ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي. "[9]


          الرِواية العاشِرة :

          وقال محمد بن إسحاق في رواية ابن بُكير عنه: قال أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر و عبدالله بن أبي بكر بن حَزْم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ حين دخل مكة، وفَرَّقَ جيوشه ـ أمرهم أن لا يقتلوا أحداً إلا من قاتلهم، إلا نفراً قد سماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُموهُمْ تَحْتَ أَسْتَارِ الكَعْبَةِ" عبدالله بن خطل، و عبدالله بن سعد ابن أبي سرح، وإنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم، فكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي، فرجع مشركاً، ولحق بمكة، فكان يقول لهم: إني لأُصرِّفه كيف شئت، إنه ليأمرني أن أكتب له الشيء فأقول له: أو كذا وكذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "عليم حكيم" فيقول: أو أكتب عزيز حكيم؟ فيقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم كلاهما سواء"..[10]


          الرِواية الحادية عشر - إسنادُهُ ليس بِثِقة
          وقد أخرجها ابن جرير فقال حدثنا الحُسين, قال حدثنا حجاج , عن ابن جريج , عن عِكرمة [11] " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله قال نزلت في عبد الله بن سعد بي أبي سرح كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فيملي عليه عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم ثم يقرأ عليه فيقول نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق بقريش"[12] ,

          وعن هذه الرواية قال ابن تيمية رحِمهُ الله

          " أن ابن أبي سرح كان يتكلم بالإسلام , وكان يكتب لرسول الله , في بعض الأحيان فإذا أملى عليه " عزيز حكيم " كتب " غفور رحيم " فيقول رسول الله , هذا أو ذاك سواء ..." الحديث , هذا الإسناد ليس بثقة ."[13]


          الرِواية الثانية عشر :
          وقال ابن إسحاق في رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني بعض علمائنا أن ابن أبي سرح رجع إلى قريش فقال: والله لو أشاء لقلت كما يقول محمد وجئت بمثل ما يأتي به، إنه ليقول الشيء وأصْرِفه إلى شيء، فيقول: أصَبْتَ، ففيه أنزل الله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيءٌ } الآية. فلذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله.[14]

          الرِواية الثالِثة عشر - غير صحيحة .

          رواها ابن سعد في طبقاتِه عن عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، قال: ذلك عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وقوله تعالى : ( ولكن من شرح بالكفر صدراً ) عبد الله بن أبي سرح .[15] ومن المستبعد أن تصح هذه الرواية ؛ لأن الآية مكية وقصة ابن أبي سرح مدنية .


          الرِواية الرابِعة عشر :
          « ، ثم قال : { وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ الله } ، فلا أحد أيضاً أظلم منه ، نزلت فى عبدالله بن سعد بن أبى سرح القرشى ، من بنى عامر بن لؤى ، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة ، كان يتكلم بالإسلام ، وكتب للنبى صلى الله عليه وسلم يوماً سورة النساء ، فإذا أملى عليه النبى صلى الله عليه وسلم : { غَفُوراً رَّحِيماً } ، كتب : { عَلِيما حَكِيماً } ، وإذا أملى عليه : { سَمِيعاً بَصِيراً } كتب : { سَمِيعاً عَلِيماً } ، فقال لقوم من المنافقين : كتبت غير الذى أملى علىَّ ، وهو ينظر إليه فلم يغيره ، فشك عبدالله بن سعد فى إيمانه ، فلحق بمكة كافراً ، فقال لهم : لئن كان محمد صادقاً فيما يقول : لقد أنزل علىَّ كما أنزل عليه ، ولئن كان كاذباً ، لقد قلت كما قال ، وإنما شك لسكوت النبى صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه ، فلم يغير ذلك ، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يكتب ."[16]



          رواية (15) في فتوح البلدان
          "قال لقريش: أنا آتي بمثل ما يأتي به محمد. وكان يملي عليه الظالمين، فيكتب: الكافرين، يملي عليه سميع عليم، فيكتب: غفور رحيم وأشباه ذلك. فأنزل الله: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا، أو قال أوحي إليّ، ولم يوح إليه شيء. ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله. فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله بقتله، فكلمه فيه عثمان بن عفان، فأمر رسول الله بتركه".[17]



          الرِواية السادِسة عشر - اسناده ضعيف :
          قال ابن إسحاق: حدثني شُرَحْبيل بن سعد أن فيه - يعني عبدالله بن سعد - نزلت: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيءٌ وَمَنْ قَالَ سَأٌنزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ الله } فلما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مكة فَرَّ إلى عثمان بن عفان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فغيبه عنده حتى اطمأن أهل مكة، فأتى به رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فاستَأْمَن له، فصمت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - طويلاً وهو واقف عليه، ثم قال: "نعم"، فانصرف به، فلما ولّى قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "مَا صَمَتُّ إلاَّ رَجَاءَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَقْتُلَهُ"، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله ألا أومأت إليَّ فأقتله، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ النَّبِيَّ لاَ يَقْتُلُ بِالإِشَارَةِ".[18]



          الرِواية السابِعة عشر :
          وقال ابن إسحاق في رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني بعض علمائنا أن ابن أبي سرح رجع إلى قريش فقال: والله لو أشاء لقلت كما يقول محمد وجئت بمثل ما يأتي به، إنه ليقول الشيء وأصْرِفه إلى شيء، فيقول: أصَبْتَ، ففيه أنزل الله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيءٌ } الآية. فلذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله.[19]



          الرِواية الثامِنة عشر :
          قال ابن إسحاق عن ابن أبي نَجِيح قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عهد إلى أمرائه من المسلمين ـ حين أمرهم أن يدخلوا مكة ـ أن لا يقاتلوا إلا أحداً قاتلهم، إلا أنه قد عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وُجِدوا تحت أستار الكعبة منهم عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله لأنه كان أسلم وكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي؛ فارتد مشركاً راجعاً إلى قريش، فقال: والله إني لأصرفه حيث أريد، إنه ليملي عليَّ فأقول: أو كذا أو كذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يملي عليه فيقول: "عزيز حكيم" أو "حكيم عليم"، [فكان] يكتبها على أحد الحرفين، فيقول: "كلٌّ صواب".[20]



          الرِواية التاسِعة عشر :
          وروينا في مغازي معمر عن الزهري في قصة الفتح قال: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر أصحابه بالكفِّ، وقال: "كُفُّوا السِّلاَح إِلاَّ خزاعة من بكر ساعة"، ثم أمرهم فكفوا، فأمن الناس كلهم إلا أربعة: ابن أبي سَرْح، وابن خَطَل، و مِقْيَس الكناني، وامرأة أخرى، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي لَم أُحِرِّم مَكةَ ولكنَّ اللهَ حَرَّمَهَا، وَ إنها لَمْ تحلَّ لأَحَدٍ مِن قَبْلي، وَلا تحلُّ لأَحد بَعْدي إلَى يَومِ القيامةِ، وإنَّما أحلَّها الله [لِي] سَاعة مِن نَهَار" قال: ثم جاء عثمان بن عفان بابن أبي سرح فقال: بايعه يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عنه ثم جاءه من ناحيةٍ أخرى فقال: بايعه يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عنه، ثم جاءه أيضاً فقال: بايعه يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمد يده، فبايعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد أعرضت عنه، وإني لأظن بعضكم سيقتله" فقال رجل من الأنصار: فهلاَّ أومضت إليَّ يا رسول الله، فقال: "إن النبي لا يُومِضُ" فكأنه رآه غدراً."[21]


          الرِواية العِشرون :
          وفي مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: و أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفوا أيديهم فلا يقاتلوا أحداً إلا من قاتلهم، وأمرهم بقتل أربعة منهم: عبدالله بن سعد بن أبي سرح والحُوَيْرِث بن نقيد وابن خَطَل ومقيس بن صبابة أحد بني ليث، وأمر بقتل قينتين لابن خطل تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: ويقال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل النفر أن يقتل عبدالله بن أبي سرح، وكان ارتد بعد الهجرة كافراً، فاختبأ حتى اطمأن الناس، ثم أقبل يريد أن يبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عنه ليقوم رجلٌ من أصحابه فيقتله، فلم يقم إليه أحد، ولم يشعروا بالذي في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهم: لو أشرتَ إليَّ يا رسول الله ضربت عنقه، فقال: "إن النبي لا يفعل ذلك" ويقال: أجاره عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة وقتلت إحدى القينتين، و[كَمِنت] الأخرى حتى استؤمن لها وذكر محمد بن عائذ في مغازيه هذه القصة مثل ذلك.[22]

          الرِواية الحادِيَةُ و العشرون :
          وذكر الواقدي عن أشياخه قالوا: وكان عبدالله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فربما أملى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سميع عليم" فيكتب: "عليم حكيم" فيقرأه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "كذاك قال الله"، ويقره، فافتتن وقال: ما يدري محمد ما يقوله، إني لأكتب له ما شئتُ، هذا الذي كتبت يوحى إليَّ كما يوحى إلى محمد، وخرج هارباً من المدينة إلى مكة مرتداً، فأهدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دمه يوم الفتح، فلما كان يومئذٍ جاء ابن أبي سرح إلى عثمان بن عفان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فقال: يا أخي إني والله اخترتك، فاحبسني هاهنا واذهب إلى محمد فكلمه فيَّ، فإن محمداً إن رآني ضرب الذي فيه عيناي، إن جرمي أعظم الجرم، وقد جئت تائباً، فقال: عثمان بل اذهب معي، قال عبدالله: والله لئن رآني ليضربن عنقي، ولا يُنْظِرُني، قد أهدر دمي، وأصحابه يطلبوني في كل موضع، فقال عثمان: انطلق معي فلا يقتلك إن شاء الله، فلم يَرُعْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بعثمان آخذاً بيد عبدالله بن سعد ابن أبي سرح واقفَين بين يديه، فأقبل عثمان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أُمُّه كانت تحملني وتمشيه، وتُرضعني وتفطِمُه، وكانت تلطفني وتتركه ، فَهَبْه لي، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل عثمان كلما أعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهه استقبله فيعيد عليه هذا الكلام، وإنما أعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه؛ لأنه لم يُؤمِّنه، فلما رأى أن لا يقوم أحد وعثمان قد أَكَبَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل رأسه وهو يقول: يا رسول الله بايعه فِداك أبي وأمي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم"، ثم التفت إلى أصحابه فقال: "ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله"، أو قال: الفاسق، فقال عباد بن بشر: ألا أَوْمَأْت إليَّ يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق إني لأتبع طَرْفَكَ من كل ناحية رجاء أن تشير إليَّ فأضرب عنقه، ويقال: قال هذا أبو اليَسَر، ويقال: عمر بن الخطاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لاَ أَقْتُلُ بالإشَارَةِ".وقائل يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذٍ: "إِنَّ النَّبَِيَّ لا تَكُونُ لهُ خَائِنَةُ الأَعْيُن".[23]



          الرِواية الثانية والعشرون :

          عن ابن جرير الطبري في تفسيره قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة ".[24]





          __________________________

          [1] تفسير ابن أبي حاتم الرازي (7657) .
          [2] تفسير ابن أبي حاتم الرازي (7660) .
          [3] سنن ابي داود , 3/11.
          [4] سنن ابي داود , 4/225
          [5] سنن ابي داود , 4/225
          [6] سنن النسائي , 7/123.
          [7] سنن النسائي , 7/105- 106.
          [8] طبقات ابن سعد 2/141.
          [9] تفسير الطبري 11/534 .
          [10] الصارم المسلول في ساب الرسول , لابن تيمية.
          [11] تفسير الطبري 11/533
          [12] لباب النقول 1/91.
          [13] الصارم المسلول (124)
          [14]الصارم المسلول في ساب الرسول , لابن تيمية.

          [15] طبقات ابن سعد 3/250
          [16] تفسير مُقاتِل بن سُليمان (تُوفي 150 هـ ).
          [17] فتوح البلدان 1/459.
          [18] الصارم المسلول في ساب الرسول , لابن تيمية.
          [19] نفسه
          [20] نفسه
          [21] نفسه
          [22] نفسه
          [23] نفسه
          [24] تفسير الطبري 1/54 , 17/301
          "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
          رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
          *******************
          موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
          ********************
          "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
          وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
          والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
          (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

          تعليق


          • #6
            ثانِياً : بيان اأن هذا الإفتِراء على رسول الله لم يفعله ابن أبي سرْح وحده بل حدث من نصراني آخر من بني النجار فذهب إلى قوْمِهِ و فعل ما فعل ابن أبي سرْح , و اتهم الرسول عِنْدهُم بأنه صلى الله عليْهِ وسلّم لا يعرِف من الوحي إلا ما قد كتبهُ هو له ..!




            فافترى هذا الكاتب هذه الفرية على رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم , فقَصَمَه الله وعاقبه عقوبة خارجة عن العادة ليتبين لكل أحد افتراؤه؛ إذ كان مثل هذا يوجب في القلوب المريضة رَيْباً بأن يقول القائل: كاتبه أعلم الناس بباطنه وبحقيقة أمره، وقد أخبر عنه بما أخبر، فمِنْ نَصْر الله لرسوله أن أظهر فيه آية يبين بها أنه مفترِ.




            فروى البخاري في "صحيحه" عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رجلاً نصرانياً، فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فعاد نصرانياً، فكان يقول: لا يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لَفَظَتْه الأرض، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابه، نَبَشُوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له و أعمقوا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه.


            ورواه مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: كان منّا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فعرفوه، قالوا: هذا [قد] كان يكتب لمحمد، فأُعجِبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فَوَارَوْهُ، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا له فحفروا له فوَاروْه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، (ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها)، فتركوه منبوذاً.



            ورواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حُمَيْد عن أنس أن رجلاً كان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قرأ البقرة وآل عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا، يعني عَظُم، فكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُمْلي عليه: "غفوراً رحيماً" فيكتب: "عليماً حكيماً"، فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب كذا وكذا، اكتب كيف شئت"، ويُمْلي عليه: "عليماً حكيماً" فيكتب: "سميعاً بصيراً"، فيقول: "اكتب كيف شئت"، فارتدَّ ذلك الرجل عن الإسلام، فلحق بالمشركين، وقال: أنا أعلمكم بمحمدٍ إن كنت لأكْتُبُ ما شئت، فمات ذلك الرجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الأَرْضَ لا تَقْبَلُهُ" قال أنس: فحدثني أبو طَلْحَة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجلُ، فوجده مَنْبُوذاً، قال أبو طلحة: ما شأنُ هذا الرجلِ؟ قالوا: قد دَفَنَّاه مراراً فلم تقبله الأرض"، فهذا إسناد صحيح.



            فهذا الملعون الذي افترى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما كان يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مراراً، وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذباً؛ إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب؛ إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد.
            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
            *******************
            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
            ********************
            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

            تعليق


            • #7
              ثالِثاً : سرد لما فعلَهُ عبدالله ابن أبي سرْح و النصراني كما يظهر من الروايات الإثين والعشرين السابِقة :



              مما سبق يتبيّن لنا أن عبدالله بن سعد بن أبي سرح , والنصراني ...قد افتريا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يُتَمِّم له الوحي ويكتب له ما يريد، فيوافقه عليه ، و[أنه] يُصَرَّفه حيث شاء، وبغير ما أمره به من الوحي، فيُقرُّه على ذلك، و زعم أنه سيُنْزِل مثل ما انزل الله؛ إذْ كان قد أوحي إليه في زعمه كما أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الطعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى كتابه، والافتراء عليه بما يوجب الريب في نبوته قدر زائد على مجرد الكفر [به] والردة في الدين، وهو من أنواع السبِّ.

              و سب الله و أنبياء الله و سب رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم موجِب للقتل وغضب الله عز وجل .. فأحدُهُما وهو النصراني من بني النجّار قد مات كافِراً وظهرت فيه آية الحق بين ظهراني قوْمِهِ فلفظتْهُ الأرض ... و أخرجه القبر من جوفه بعد أن دفنوه قومه مِراراً وأنتنت ريحُه ...!!

              و الآخر وهو عبدالله بن أبي سرْح قد تاب بعد الفتْحِ و آمن واستنجد بعُثمان أخاه من الرضاعة فآواه و أخذ له من رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم العفْو , وكان يُريد رسول الله أن يُقام عليْه حد الله و إن تاب , لأن التوبة لا تجُب الحد (فالقاتِل وإن تاب يُقتل ) و (الزاني وإن تاب يُجْلد أو يُرْجم ) , ولِذا كان الرسول صلى الله عليْه وسلّم أحرْص على أن يُقام عليْهِ الحد و لو تاب و آمن , ولكِن لأن النبي صلى الله عليْهِ وسلم محال كل انبياء الله , فالنبي لا يومىء ولا يخون , ولا يغدُر ولِذا كان العفو عنْه فهيهات أن يُقام حد الله بغدر نبي ..!! , وهكذا أخذ عبدالله ابن أبي سرْح التوبة والأمان و فوق ذلِك كانت إرادة الله بأن سقط عنه الحد بعد إيمانِه ..
              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
              *******************
              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
              ********************
              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

              تعليق


              • #8
                [align=right]
                رابِعاً : الرد على فرية ابن أبي سرح والنصراني و إثبات ان ما قالهُ ابن أبي سرْح كان محْض افتِراء :
                [/CENTER]

                [align=right]



                واعلم أن افتراء ابن أبي سرح والكاتب الآخر النصراني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يتعلم منهما افتراء ظاهر. وكذلك قوله: "إني لأصرفه كيف شئت، إنه ليأمرني أن أكتب له الشيء فأقول له: أو كذا وكذا؟ فيقول: نعم" فهذه فرية ظاهرة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُكْتِبه إلا ما أنزله الله، ولا يأمره أن يُثْبتَ قرآناً إلا ما أوحاه الله [إليه]، و لا ينصرف له كيف شاء، بل يتصرف كما يشاء الله. وكذلك قوله: "إني لأكتب له ما شئت، هذا الذي كتبت يوحى إليَّ كما يوحى إلى محمد، وإن محمداً إذا كان يتعلم مني فإني سأنزل مثل ما أنزل [الله] فرية ظاهرة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يُكتبه ما شاء و لا كان يُوحى إليه شيء. [1]
                [/CENTER]








                الأدِلّة على أن ابن أبي سرْح والنصراني قد افتريا على الله الكذِب :






                [align=right]
                1- الدليل الأول : أن النصراني وابن أبي سرح حين افتريا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك كُلّه لم يحدُث أي ردة جماعية نتاجاً لهذا الأمر , خاصة وأن الوحي كان عياناً بياناً بين المُسلِمين , ولو ظهر أي قدح جلي طعن في نُبُوّتِهِ صلى الله عليْهِ وسلم لكان ذلِك مُعوِّلاً لافتِضاح أمره وانتِهاء نُبُوّتِهِ , واشتِهار الرِّدة بين الناس


                2- الدليل الثاني : لو أنهما هما من كانا يكتُبان الوحي بإملائِهِما .. فلِما لم يتوقّف الوحي على رسول الله برِدّتِهِما , ولما لم يرتد إثْر ذلِك المُسلِمون من الأنصار و المهاجِرة ؟!!....


                3- الدليل الثالِث : لو كان ابن أبي سرْح صادِقاً , لكان أولى الناس بتصديقِهِ هو أخوه وهب بن سعد بن أبي سرْح , بل إنه هاجر من مكة إلى المدينة , و شهِد أحدا والخندق والحديبية وخيبر وقتل يوم مؤتة شهيدا في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان يوم قُتِل بن أربعين سنة. [2]


                4- الدليل الرابِع : افتِرائه حين يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له ... وهذا كاف لإنهاء الشُبْهة أصلاً , لأن :
                [align=right]
                1- الأصل في القرآن هو الحِفظ في الصدور , فأمة مُحمّد ليس كغيْرِهِم من الأمم بل أناجيلُهُم في صُدورِهِم , وكِتابُهُم لا يغْسِلُهُ الماء ... لأنه منقول شِفاهاً و حِفظاً في الصدور , ولأن المُعوّل عليْه هو المنطوق و المحفوظ في الصدر , وليس المكتوب المحفوظ في الكُتُب . وهكذا ينتقِل القرآن من صدر الحافِظ المُتقِن لمن يخلُفُه من الحفظة المُتقِنين . ولِذا فلو ضاعت كل المصاحِفِ وكُل الكِتابات وفُقِدت أو تلاعب بها أحد مهما فعل , يظل القرآن الكريم باقٍ لا يضيع , يقول الإمام العلامة ابن الجزري[3] رحِمهُ الله:
                [/CENTER]
                " إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة منّ الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إن ربي قال لي قم من قريش فانذرهم فقلت له رب إذاً يثلغوا[4] رأسي حتى يدعوه خبزة فقال : إني مبتليك ومبتلٍ بك ومُنْزِلٌ عليك كِتاباً لا يغسله الماء تقْرؤه نائماً ويقظان فابعث جنداً أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك"[5].[6]
                [/CENTER]

                [align=right]

                وهكذا فقد شرَّف الله أمة الإسلام بخصيصة لم تكن لأحد من أهل الْملل قبلهم ، فأخبر تعالى أن القرآن محفوظ في صدورِهِم لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤوه في كل حال كما جاء في نعت أمته عن وهب بن منبه [7]"أناجيلهم في صدورهم" [8] . وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه لا في الكتب ولا يقرؤونه كله إلا نظراً - من الصُحُف والأوراق المخطوطة - لا عن ظهر قلب.[9]
                و قد حصل في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث حفظ القرآنَ الكريمَ عن ظهر قلبٍ النبيُّ صلى الله عليه وسلم , وجمعٌ من أصحابه ، وحفِظوه جميعاً بالسماع وليس من المكتوب .. وهذا أمر قد ضمنه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقول الله تعالى :"إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ"[10]. , و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِه تعالى " لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ! إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ "[11]، قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ.[12] كل هؤلاء تلقوا القرآن الكريم بالسماع و الحِفظ في الصدور وليس بالكتابة والتأليف في الأوراق.
                وراجِع في ذلِك هذا الرابِط :
                2- و لأن الله عزّ وجل وعد رسوله بأن يُقْرِئه القرآن فلا ينساه , قال تعالى "سنُقْرِئُك فَلا تنْسَى"
                3- ولأن الله عزّ وجل هباه بعرض القرآن عليْه كل عام ليطمئِن به , ولينسخ ما نُسِخ منه , فكانت العُرضة كل عام إلى أن كان عام وفاتِه عرض جبريل عليْهِ القرآن مرّتيْن . فلو أن كاتِباً أخطأ أو كتب غير ما أمْلي له فإن ذلِك لا علاقة له بالوحي الذي يُنقل سماعاً وشفاهاً ويُعارِضه جبريل بِهِ و يُلقيه على صدْرِه صلى الله عليْه وسلم شفاهاً من لدُن عزيز حكيم.
                وقد كُتِبت المصاحِف على العُرضة الأخيرة ولم تُكتب على ما كتبه ابن أبي سرْح او غيرُهُ من الكتبة فالحاكِم و الشاهِد على المكتوب هو المحفوظ وليس العكس :
                " قال أبو عبد الرحمن السلمى (13) كانت قراءة أبى بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة كانوا يقرءون القراءة العامة وهى القراءة التى قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم العُرضة الأخيرة على جبريل مرتين في العام الذى قبض فيه وكان زيد قد شهد العُرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات ولذلك اعتمده الصِّدِّيق في جمعه وولاه عثمان كتابة المصحف " (14)

                4- و إن غيّر في المكتوب فكيْف يُغيِّر مافي الصدور خاصة وأن النبي صلى الله عليْهِ وسلّم كان يُقرِِء صحابتَهُ القرآن شِفاهاً ؟!!...وهم بِدورِهِم تواتر الإقراء بينهم ... فكانوا يُحفِّظون ويٌقرِئون بعضهم شِفاهاً , وسماعاً , وهكذا انتقل الوحي بينهم شِفاهاً و بالتواتُر , فكيف يؤثِّر ماكتبهُ ابن أبي سرْح في شيء إن كان سرعان ما ينتقِل من فم الرسول صلى الله عليْهِ وسلم إلى صدورِهِم وهو لم يُقْرِئْهُم قط من المكتوب ؟!!!.... بل كان يُقرِئُهُم جماعات بحيث يتواتر بينهم الوحي , فلا يكون هناك مجال للتواطؤ جميعاً على التأليف والكذِب فيه ... و التواتر هو ما تلقاه الجماعة عن الجماعة , بمال يستحيل معه تواطؤهُم على الكذِب .. فكانوا يتلقون الوحي من فم رسول الله ثم يُعلِّمون إخوانهم من المُسلِمين الجُدد تماما كما أخذوه من الرسول وليس كما هو مكتوب في الرق والعسب و اللخاف ..!!
                وهكذا فكان الرجُل يتعلم القرآن على يد المُسلِمين ولم يُشترط أن يتعلّم على يد كاتِب ...!! , وكان صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم يحرص أن يتعلم كل من التحق بدار الإسلام بالْمدينة القرآن، فكان يختار لهم من يعلِّمهم: فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم يُشْغَلُ، فَإِذَا قَدِمَ رَجُلٌ مُهَاجِرٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ.[15]
                إذاً فلم يتأتى الحِفظ و يُضمن صِحّتُه إلا بالتواتر: وأمر الله النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: {يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}[16] ، أما البلاغ العام فإنما هو بالتواتر[17] وقد حصل. ولذلك وجب على الأمة أن تحفظه فى عدد التواتر على الأقل فى مجموعها، وضمن الله تعالى تحقق ذلك حيث قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[18]. وقد أجمعت الأمة على أن المراد بقوله تعالى: لحافظون. أى حفظه على المكلفين للعمل به ، وحراسته من وجوه الغلط والخلط [19]، وهذا الحفظ إنما يتحقق بالتواتر [20] ولا حصر للأدلة الدالة على أن القرآن جمع بهذا المعنى، وعلى هذا المستوى[21].
                و شتان ما بين التواتر القرآني و التواتر في الحديث :
                وتواتر القرآن الكريم كان بالتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و يتميز عن غيره من أنواع التواتر بأنه تواتر باللفظ وكيفية الأداء والنطق بالكلمة والحرف على الهيئة المروية من ترقيق وتفخيم, وأما التواتر في الحديث فيكون باللفظ والمعنى دون ما ذكرنا من كيفية الأداء ومخرج الحرف وصفته... فأخذ الصحابة عن رسول الله صلى الله عليْه وسلّم كيف ينطِقون الحرف وكيف يؤدونه وكيف يمدونه وكيفية تجويده من إدغام وإخفاء ومد وإمالة وغيرها وهذا ما يستحيل ان يُظْهِره المكتوب , ولا يتأتى إلا بالسماع فقط ....


                6- ثم إن قوْله : ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له ... نقول أنه كاف لإنهاء الشُبْهة أصلاً , لأن رسول الله صلّى الله عليْهِ وسلّم كان يُراجع مع الكتبة ما كتبوه ... فيُقوِّم ما أخطئوا فيه , ولِذا فلو كان رسول الله لا يدْري ما كتبوا لما راجع ولما قوّم ما أخطئتْهُ أيْديهِم !!! .. ودليلُنا في ذلِك .. ما قد ورد عن زيد بن ثابت انه قال كنت اكتب الوحى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يملى على فإذا فرغت قال اقرأه فأقرؤه فان كان فيه سقط أقامه.[22]
                5- الدليل الخامِس : لنُمسِك بيدِنا ما قد جاء في الرواية الثامِنة عشر وفيها , "..... فارتد مشركاً راجعاً إلى قريش، فقال: والله إني لأصرفه حيث أريد، إنه ليملي عليَّ فأقول: أو كذا أو كذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يملي عليه فيقول: "عزيز حكيم" أو "حكيم عليم"، [فكان] يكتبها على أحد الحرفين، فيقول: "كلٌّ صواب".

                وهنا نأتي على بُطلان شُبهتِهِ تماماً بِحوْل الله تعالى , فإن علِمنا أن القرآن أنْزِل على سبعةِ أحرُف [23] , وعلِمنا أن النبي رخّص لِأمّتِهِ أن يقرأوا بما تيسّر لهم تيسيراً من الله عليْهِم , وإن عرفنا أن الرسول صلى الله عليْهِ وسلّم قبل العُرضة الأخيرة وقبل أن تنْسخ هذه العُرضة من القرآن كان قد رخّص للامة القِراءة بما تيسّر لهم فجاء في مُسند أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أًَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ، إِن قُلْتَ: عَزِيز حَكِيم أو غَفُور رَحِيم فَهُوَ كَذَلِكَ، مَا لَم يُخْتَمْ آيةُ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ أَوْ آيةُ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ" ( الحديث صحيح على شرط الشيخين ).[24] , فظهر مِن هذه الرِواية هو أن هذا كان ترخيص من الله عز وجلّ لأمة محمد تخفيفاً عليْهِم كما جاء في الحديث الصحيح : ثم نُسِخ بعْد ذلِك بالعُرضة الأخيرة , ولكِن أبن أبي سرْح حين عاد إلى قوْمِهِ نسب إلى نفْسِهِ ما أثبته الرسول , وادّعى كذِباً أنه يُغيِّر ما يحلو له ... وسنُثبِت مِن كلِماتِه بُطلان ذلِك أيضاً بعد قليل في الدليل السادِس .


                ومما سبق بيان واضِح جلي أن كلا الحرفين عزيز حكيم أو غفور رحيم كان قد نزل، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأهما ولِذا فحتى قولُه أن النبي كان يقول له: "اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ مِنْ هَذَينِ الحَرْفَينِ فَكُلٌّ صَوَاب" , فيه دليل على أنه لم يؤلِّف شيئاً مِن عِندِه وأنه كان رُخصة من رسول الله صلى الله عليْهِ وسلم لهم في أول الأمر , إلى أن نُسِخت فيما بعد , وهذا كان من رحمة الله بِأمّتِهِ في بدء الإسلام , فقد جاء في الحديث الصحيح في سُنن الترمذي عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمْ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ "[25]




                والأحاديث في ذلك منتشرة تدلُّ على أن من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن أن تختم الآية الواحدة بعدة أسماء من أسماء الله على سبيل البدل يُخَيَّر القارئ في القراءة بأيهما شاء، ولو صحّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُخَيِّرُه أن يكتب ما شاء من تلك الحروف فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم كلاهما سواء"؛ فهذا لا يعني إلا أن الآية نزلت بالحرفين كما أوضحناه أعلاه ، وربما كتب هو أحد الحرفين المُنزّلَيْن ثم قرأه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقرَّه عليه؛ لأنه مُنزّل و قد نزل كذلك أيضاً، وخَتْمُ الآي بمثل: { سميع عليم } و { عليم حكيم } و { غفور رحيم } أو بمثل: { سميع بصير } أو { عليم حكيم } أو { عليم حليم } كثيٌر في القرآن، وكان نزول الآية على عدة من هذه الحروف أمراً معتاداً , وأثبتنا أن الرسول صرّح بالتيسير فيهم للأمة في أول الأمر , ثم إن الله نسخ بعض تلك الحروف لما كان جبريل يُعارض النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن في كل رمضان... ثم أخيراً



                في العرضة الأخيرة وكانت العرضة الأخيرة هي حرف زيد بن ثابت الذي يقرأ الناس به اليوم، وهو الذي جَمَع عثمانُ والصحابة رضي الله عنهم أجمعين عليه الناس...[26]


                وليس أدل على ذلِك من أن ابن عباس ذكر هذه القصة عن عبدالله بن أبي سرْح في الناسخ والمنسوخ، وكذلك ذكرها الإمام أحمد في كتابه في "الناسخ والمنسوخ"، لتضمنها نسخ بعض الحروف، وروي فيها وجه آخر رواه الإمام أحمد في "الناسخ والمنسوخ"[27] :
                حدثنا مسكين بن بُكير ثنا مُعان قال: وسمعت أبا خلفٍ يقول: كان ابن أبي سرح كتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فكان ربما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن خواتم الآي { تعملون } و { تفعلون } ونحو ذا، فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتُبْ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ" قال: فيوفِّقه الله للصواب من ذلك، فأتى أهل مكة مرتداً، فقالوا: يا ابن أبي سرح كيف كنت تكتب لابن أبي كبشة القرآن؟ قال : اكتبه كيف شئتُ، قال: فأنزل الله في ذلك: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أوْ قَالَ أُوْحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إلَيْه شَيء } الآية كلها.قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: "مَن أَخَذَ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ حَيْثُمَا وُجِد، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِقاً بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ".
                ففي هذا الأثر دليل أنه كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حرفين كِلاهما صحيح ومُنزّل مِن عِنْد الله , وأنه كان يُخايِر بينهما وكِلاهُما صحيح جائِز ....ولِذا فكان صلى الله عليْهِ وسلّم يقول له: "اكْتُبْ أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ" فيوفقه الله للصواب، فيكتب أحب الحرفين إلى الله، إن كان كلاهما منزلاً، أو يكتب ما أنزله الله فقط إن لم يكن الآخر مُنْزَلاً، وكان هذا التخيير من النبي - صلى الله عليه وسلم - توسعةً لأن الله قد أنزلهما.[28]



                وهكذا تبيّن مما سبق أن عبدالله بن أبي سرْح زوّر في حقيقة الترخيص الإ‘لهي , وحين عاد إلى قوْمِه ادّعى لِنفسِهِ ما ليس له , وزعم أنه هو من يُغيِّر وكيفما أراد ... وهكذا استغل حاجة النبي صلى الله عليْهِ وسلّم إلى من يكتب له لقلة الكُتَّاب في الصحابة، وعدم حضور الكُتاب منهم في وقت الحاجة إليهم، و قد كان الغالب على العرب الأمية حتى إن كان الجو العظيم يطلب فيه كاتب فلا يوجد، وكان أحدهم إذا أراد [كتابة وثيقة أو كتاب] وجد مشقة حتى يحصل له كاتب، فإذا اتفق للنبي - صلى الله عليه وسلم - من يكتب انتهز الفرصة في كتابته، فإذا زاد كاتب أو نقص تركه لحرصه على كتابة ما يمليه.

                [/CENTER]








                و الآن ننتقِل إلى الدليل السادِس ... وهو إثبات أن ما قاله ابن أبي سرْح كان محْض افتِراء :







                [align=right]
                أولاً : تقدم عنه أنه قال لعثمان قبل أن يقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن جرمي اعظم الجرم، وقد جئت تائباً"، كما جاء في الرواية الحادية والعِشرون أعلاه.... وهذا اعتِراف صريح مِنه بانه أجرم ولم يكُن على حق فيما ادّعاه ... ولا نحتاج لأكثر مِن ذلِك ...!!




                ثانياً : كذلك فبعد إسلاِمه و عفو الرسول عنه , فإنه كان يفِر منه حتى لا يراه الرسول , ونتسائل هل لو كان على صواب فيما ادّعاه , هل كان ليفر من رسول الله؟!!... أم كان ليظهر أمامه ويكفيه أن يراه الرسول من باب التبكيت ؟!!... بل إنه كان يتخفّى من جُرم كذِبِه على الرسول و وحي الله ... لقد قال عثمان لرسول الله : إنه يفر منك كلما رآك، فقال صلى الله عليْهِ وسلّم : "ألَمْ أُبَايِعْهُ و أُومِنْهُ؟" قال: بلى، ولكنه يتذكر عظيم جرمه في الإسلام، فقال: "الإِسْلاَمُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ"




                ____________________
                [1]ابن تيمية الصارم المسلول
                [2]الطبقات الكُبرى 3/407 .


                [/CENTER]
                [align=right]


                [3] محمد بن محمد بن محمد ، شمس الدين الدين أبو الخير ، المعروف بابن الجزري، الدمشقي ، علم من أعلام القراء، ولد ونشأ في دمشق سنة : 751هـ، من أشهر مؤلفاته: النشر في القراءات العشر، غاية النهاية في طبقات القراء، منظومة الطبية في القراءات العشر، والدرة المضيئة في القراءات الثلاث، المقدمة الجزرية في التجويد، و منجد المقرئين , توفي في شيراز من مدن إيران الحالية عام 833ه ، غاية النهاية : 2 / 247، الأعلام: 7 / 45.
                [4] أي يشدخوه ويشجوه كما يشدخ الخبز أي يكسر، شرح النووي على مسلم 17 / 198، والنهاية في غريب الحديث 1 / 220 .
                [5] صحيح مُسلِم , كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة والنار ,4/1741.
                [6] النشر في القراءات العشر , لابن الجزري 1/ 6.
                [7] تابعي ثقة، ولد سنة 34 هـ، وأخذ عن ابن عباس وابن عمر وأبي سعيد وغيرهم من الصحابة، كان إخباريًّا قصاصًا، غزير العلم بالإسرائليات وصحائف أهل الكتاب، ومن الْمشهورين بالعبادة والوعظ، تولي قضاء صنعاء. توفي سنة 110 هـ، وقيل سنة 113 هـ، وقيل سنة 114 هـ. سير أعلام النبلاء (4/544)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/150).
                [8] رواه البيهقي في دلائل النبوة باب صفة رسول اللهفي التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب، وصفة أمته (1/379).
                [9]مجموع الفتاوى لابن تيمية 13/ 400 , 4/421, النشر 1/6.
                [10]القيامة:17.
                [11] الآيتان 16،17 من سورة القيامة.
                [12] رواه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الوحي، باب 4، صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (1/39) ح 5.
                [13]
                [14] البرهان في علوم القرآن 1/237
                [15]رواه أحمد في مسنده باقي مسند الأنصار (6/443) ح 22260.
                [16] المائدة:67
                [17] البرهان الزركشى 2 /135 مطبعة دار المعرفة بدون تاريخ.
                [18] الحجر:9.
                [19] البرهان الزركشى 2 /135 مطبعة دار المعرفة بدون تاريخ.
                [20] التواتر لغة :هو اسم فاعل مشتق من التواتر ـ أي التتابع ـ تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله . ,و اصطلاحا:ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم علي الكذب ." " تيسير مصطلح الحديث", د/ محمود الطحان, في تعريف التواتر صـ 19 .. وقال صاحب كتاب المختصر في علم الحديث :"والخبر المتواتر: ما بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطأهم على الكذب، ويدوم هذا فيكون أوله كآخره، ووسطه كطرفيه، كالقرآن، وكالصلوات الخمس." صـ1
                [21] القراءات (دراسات فيها وتحقيقات). د/عبد الغفور مصطفى.
                [22] مجمع الزوائد 1: 152.
                [23] الأحرف السبعة ما كانت إلا للتيسير على الامة , فقد جاء في الصحيح قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ) متفق عليه وهذا لفظ البخاري عن عمر , و عليْهِ فإن القراءة بالأحرف السبعة ليست واجبة، ولو أوجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأمة القراءة بها جميعًا لوجب نقل كل حرف منها نقلًا متواترًا تقوم به الحجة ولكنهم لم يفعلوا ذلك فدل هذا على أن القراءة بها من باب الرخصة. وأن الواجب هو تواتر النقل ببعض هذه الأحرف السبعة. وهذا هو ما كان...[24] الحديث صحيح على شرط الشيخين , مسند أحمد تحقيق شعيب الأرناؤوط 5/124 (21187).
                [25] سنن الترمذي 5/ 194 , 2944 و رواه أحمد وأبو داود والترمذي والطبري بإسناد صحيح،
                [26] ابن تيمية الصارم المسلول مع إعادة الصياغة.
                [27] نفسه
                [28] نفسه


                [/CENTER]



                "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                *******************
                موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                ********************
                "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                تعليق


                • #9
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  جزاك الله خيراً أستاذنا الحبيب الذي كنا نفتقده كثيرأ "د/أمير عبدالله"
                  ما شاء الله يا دكتور .. ردك كالعادة شامل و قاطع .. جزاك الله عنا خيراً و زادك علماً و فضلاً ..
                  و كعادة زميلنا وليد .. لا يكف هجومه عن القرآن .. كلما رد من جانب مهزوماً .. عاد من جانب آخر ليلقى نفس المصير ...
                  أما لهذا الموضوع من آخر يا ضيفنا ؟
                  ألن تتجرد للحق أبداً ؟ أكل ما يهمك هو ابطال القرآن، ليتوافق مع "لادينيتك" و أن الأديان كلها عندك باطلة ؟
                  يا زميل انته عما أنت فيه .. اني لك ناصح .. و الله لا يشاد هذا الدين أحد الا غلبه .. و أنت لن تأتي بما لم تستطعه الأوائل ..
                  وقد ثبت أنهم حاولوا محاكاة نظمه .. فعجزوا .. و كان ماكتبوه سبة لهم و عار عليهم يتندر به و يستهزئ به كلما ذكر الحمقى أو الكاذبين الدجالين ..
                  فلا تدعي ان ذلك انما كان لأن التحدي أصلاً لم يكن قائماً كما ترمي .. و أظن أن فيما ذكره لك الدكتور أمير الكفاية ..و زيادة ..

                  و يا زميل ...

                  من أعجب ادعائاتك قولك بأن اعجاز القرآن كان في الهدى فقط دون اللغة ..
                  ما تقصد باللغة ؟ القرآن عربي و يخاطب العرب.. و لن يكلمهم بما لا يفهمونه ..
                  أم لعلك تقصد البلاغة و الفصاحة .. فما البلاغة و ما الفصاحة ؟

                  البلاغة : حسن البيان و قوة التأثير
                  و عند علماء اللغة : مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.

                  والفصاحة : البيان و سلامة الألفاظ من الايهام و سوء التأليف.
                  و كلام فصيح : سليم واضح يدرك السمع حسنه و العقل دقته.

                  فهل تنازع في شيء من ذلك ؟!

                  أتريد أن تأتي بعد أن أفسد تتابع السنين و القرون لغتك، و أفسدت العجمة ذوقك و لسانك، أن تستشهد بكلام أعجمي على عدم فصاحة القرآن ؟
                  لماذا اذا اتهموه بالشعر و قوله ؟ لماذا حاول الدجاجلة و المتنبئون محكاة نظم القرآن، بدل من أن يكتفوا بمحاكاة الهدى ؟
                  و لماذا كان التحدي بـ ولو أن يأتوا بسورة واحدة فقط من مثله ؟
                  (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
                  (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
                  الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

                  (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
                  (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8

                  تعليق


                  • #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    رد مهوووووووووووووووووووووول جعله الله في ميزان حسنات الدكتور العزيز
                    لربما يأتي يوم على الأخ وليد ليقرء من غير تحزُّب للا دينيته
                    و ها أنت يا أخ غالب تجهد نفسك صبح مساء لتجد قشُّة تتعلق بها في بحر تتلاطم أمواجه من اللادينية و كلما و جدت ما حسبته كذلك سخُّر الله لك من ينسفها أو لا تعتبر؟؟

                    تعليق


                    • #11
                      شكرا جزيلا أستاذ وليد غالب
                      على أنك كنت سببا فى عودة قوية لدكتورى الحبيب أمير عبد الله
                      و قد تخيلتك لن تعود بعد المناظرة الأولى التى
                      أنزلقت قدماك فيها مع الدكتور أمير عبد الله

                      أما عن موضوعك عن أن اعجاز القرآن ليس لغويا

                      فأنت نسيت أن تكتب كلمة فقط

                      فإعجاز القرآن ليس لغويا فقط و إنما علمى و بيانى و اخلاقى و روحانى

                      و إليك اعجازا بلاغيا أتحداك انت يا وليد غالب أن تؤلف مثله رغم علمك باللغة ا لعربية و معرفتك بالقراءة والكتابة بالعربية

                      و عليك أن تبين إن كنت مقتنعا بأنها اعجازا ليس من صنع البشر أم أنك غير مقتنع لسبب أو لأخر
                      و نرى فصاحتك

                      فها أنت اليوم فى ظروف أفضل من ذى قبل
                      فالنبى صلى الله عليه وسلم كان وسط فطاحلة الشعر
                      و عظماء اللغة
                      تحداهم رغم أنه لا يقرأ ولا يكتب

                      المشكلة الأكبر أنه بدأ التحدى على عمر الأربعين و لم يكن له من قبل أى تجربة فى الشعر أو الأدب العربى

                      إذن أنت فى ظروف أفضل اليوم


                      فأرنا قدرتك

                      يتبع...
                      يتبع بألاية التى أتحداك بها


                      ملحدون في الجنة

                      لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

                      تعليق


                      • #12
                        الآيات الكريمة تحكى فى قصة يوسف عليه السلام

                        و الحوار بين سيدنا يعقوب و أبناؤه حينما تآمروا لكى يبعدوا يوسف عن أبيه

                        فدار الحوار التالى

                        قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ


                        قال المتفلسفون

                        كيف يخاف يعقوب على يوسف أن يموت من الذئب بينما فسر حلم يوسف فى البداية بسجود اخوته له؟؟


                        و لماذا يخاف عليه من الذئب؟؟ بينما يعلم أنه سيعيش لفترة أخرى ؟؟؟

                        لنرى ما هو الإعجاز اللغوى الذى أتحدث عنه و أتحدى به الأستاذ وليد غالب فى تبيين ان كان إلهيا أم بشريا


                        الرد


                        استخدم اخوة يوسف لام التوكيد اثناء حديثهم مع أبيهم حينما قالوا

                        قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ


                        و ذلك للتشديد وا لتوكيد على أنهم سيحرصون عليه أشد الحرص

                        كما أعادوا استخدام لام التوكيد فى الآية التالية

                        أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

                        و لنرى مدى دقة الوصف القرآنى ارد النبى يعقوب
                        حين قال

                        قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ

                        قال إنى ليحزننى أن تذهبوا به باستخدام لام التوكيد
                        لأنه حزين جدا لفراق يوسف
                        و متأكد من فراقه

                        بينما فى النصف الثانى من لآية قال


                        وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ

                        بدون لام التوكيد هذه المرة

                        فهل هى مصادفة من يعقوب؟؟

                        ام مصادفة من نبينا محمد صلى الاه عليه وسلم ؟؟؟


                        فى انتظار الرد


                        ملحدون في الجنة

                        لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

                        تعليق


                        • #13
                          جزاكم الله كل خير

                          د أمير عبد الله

                          رد وافى على كل من يفترى على الإسلام والقرأن الكريم
                          إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

                          من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
                          إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
                          فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
                          ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
                          لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
                          ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
                          لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
                          ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
                          ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
                          أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
                          ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

                          تعليق


                          • #14

                            الدكتور الفاضل أمير..
                            بالنسبة لردك الأول والذي سردت فيه أقوال بعض من عبروا عن إعجابهم بلغة القرآن، فقد سبق أن قلتُ في مقالتي:
                            أقصى ما لدينا هو روايات عن إعجاب بعض المشركين ببلاغة القرآن مثل القول الشهير من الوليد بن المغيرة "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة".. إلا أن هذه هذه الروايات غاية ما تثبته هو أنهم وجدوا القرآن بليغاً.. وكون القرآن نص بليغ فهذا شيء لا ينكره أحد، ولكن أين ذلك من إثبات أن التحدي وقع في البلاغة وأن القرآن لا يقدر أحد من البشر على الإتيان بمثله؟.
                            يا عزيزي تفوق القرآن البلاغي وجماله لا ينكره إلا مكابر أو عديم ذوق.. فلا غرابة أبداً أن نجد من مشركي مكة من امتدح لغة القرآن..
                            أما الالتباس الذي انتاب أهل مكة في محاولتهم تصنيف ما جاء به النبي فمنهم من يقول هو سحر ومنهم من يقول كهانة ومنهم من يقول شعر.. فهذا أيضاً لا غرابة في وقوعه فنمط القرآن العجيب ما يزال يثير الاختلاف حتى يومنا هذا فمنهم من يقول بأن القرآن أقرب إلى النثر ومنهم من يقول بأنه أقرب إلى الشعر، وحتى طه حسين قال "القرآن ليس بنثر ولا بشعر، القرآن قرآن"!..
                            فأقصى ما تفيده هذه الروايات التي سقتها هو: أن القرآن بليغ، وأن نمط نظم القرآن يصعب تحديده.
                            وكلاهما لا ينكرهما عارف!..
                            5- أخيراً ننهي بشهادة الله عز وجل بتفوق هذا الكتاب في لغته وفي كل شيء:
                            ( الله نزَّلأحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )

                            أحسن صيغة تفضيل جامعة شاملة لكل حسن
                            ..

                            فيكون هذا الكِتابُ أحسن في نظمه , لغته واسلوبه , ورسالته , أحسن في
                            حكمه وأحكامه, في وعده ووعيده .... الخ.
                            فهل هذا يعني أن التحدي قد وقع أيضاً في "رسالته، وحكمه وأحكامه، ووعده ووعيده"؟؟
                            التحدي كان مخصوصاً بشيء معين، هو اللغة كما تعتقد أنت، وهو الهدي كما أعتقد أنا.
                            على كل حال.. قد تكون هذه الروايات تعزيزاً لما تطرحه، ولكنها لا ترتقي لمرتبة الدليل، خاصة حين ننظر إلى الصورة بأكملها وتحديداً قضية الأحرف السبعة وأن النبي كان يجيز القراءة بالمعنى.. وهذا ما كنت أنتظر الرد عليه، ولكني وجدتك تتجاوز أمر الأحرف السبعة إلى روايتي ابن أبي سرح والنصراني من بني النجار..
                            من الأفضل أن ننتهي أولاً من أمر الأحرف السبعة..



                            فهذا زعم متهافت ساقِط حينتزعم أن التحدي كان في الهدي وليس في اللغة ....!

                            تعالى نختبر هذا الزعم والإدعاء .... ولنرى مثالاً
                            بكفار قريش حين تليت عليهم آياته .. ماذا قالوا ؟!

                            (قَالُواْ قَدْ
                            سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ)

                            فرد عليهم الله عز وجل
                            (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)

                            فقالوا
                            : (إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ)

                            إلى
                            هنا قد تزعم أن المراد لازال هو الهدي لا اللغة ...


                            والآن ننسفه نسفاً ... بقول الله تعالى رداً على زعمهم أنه افتراء
                            :
                            فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ
                            مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
                            الله عزّ وجل عطاهم الخيار أن يؤلفوا ويفتروا وينسجوا ما يريدون , بل ويدعوا من استطاعوا ليساعدهم وليصيغ لهم ولو آية واحدة او سورة مفتراة مكذوبة, والإفتراء والكذِب ليْس هدياً يا عزيزي ... إذاً هو الإعجاز بكافة نواحيه ...

                            لم يطلب الله منهم ان يكتبوا تعاليما
                            ..

                            لم يطلب الله منهم أن يؤلفوا هدياً
                            ...

                            بل أمرهم أن يصيغوا افتراءاً , وياتوا به مثل
                            القرآن إن استطاعوا ...!!!!
                            تفسيرك للآية متأثر بالفكرة المسبقة لديك بوقوع التحدي في لغة القرآن، ولكن لو نظرنا إلى الآية بعيداً عن الآراء المسبقة، ستجد أن وصف "مفتراة" هو بالتأكيد منطبق على أي شيء سيأتي به المشركون لأنه حتماً ليس من عند الله!، فمفترى هنا تعني "مفترى على الله"، انظر إلى بداية الآية "أم يقولون افتراه" أي: أن المشركين يقولون بأن محمداً افترى القرآن!! ماذا يقصدون بالافتراء هنا؟؟ هل يقصدون شيئاً غير أنه "افتراه على الله" وأن القرآن هو من عند محمد لا من عند الله؟؟..
                            ابتدأت الآية بذكر هذا الاتهام، ثم كنوع من المقابلة وصفت السور المطلوب الإتيان بها بأنها "مفتراة" لأن السور حتماً لن تكون من عند الله..
                            وهاهو الطبري يؤكد ذلك:
                            ((فقل لهم: يأتوا بعشر سُور مثل هذا القرآن "مفتريات"، يعني مفتعلات مختلقات، إن كان ما أتيتكم به من هذا القرآن مفترىً ، وليس بآية معجزةٍ كسائر ما سُئلته من الآيات، كالكنز الذي قلتم: هَلا أنزل عليه ؟ أو الملك الذي قلتم: هلا جاء معه نذيرًا له مصدقًا !.)) (تفسير الطبري 15/260)

                            قام الدكتور مشكوراً بعرض روايات حادثة ابن أبي سرح والنصراني من بني النجار، فعلق على روايات النصراني بـ:

                            فهذا الملعون الذي افترى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما كان يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مراراً، وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذباً؛ إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب؛ إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد.


                            العقوبة التي تعرض لها النصراني – على فرض وقوع هذا الشيء- فهى حصلت لأنه ليس مثل أي مرتد، بل كان أمره كبيراً عند الصحابة كما قال أنس بن مالك نفسه في الرواية الثالثة التي نقلتها: " أن رجلاً كان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قرأ البقرة وآل عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا، يعني عَظُم"، فهو كان صحابياً ومن كتبة القرآن ومن المجدين في القرآن، وبعد ذلك ارتد، وهذا ما أثار سخط النبي عليه متوعداً إياه بهذه العاقبة.

                            و سب الله و أنبياء الله و سب رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم موجِب للقتل وغضب الله عز وجل .. فأحدُهُما وهو النصراني من بني النجّار قد مات كافِراً وظهرت فيه آية الحق بين ظهراني قوْمِهِ فلفظتْهُ الأرض ... و أخرجه القبر من جوفه بعد أن دفنوه قومه مِراراً وأنتنت ريحُه ...!!

                            و الآخر وهو عبدالله
                            بن أبي سرْح قد تاب بعد الفتْحِ و آمن واستنجد بعُثمان أخاه من الرضاعة فآواه و أخذ له من رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم العفْو , وكان يُريد رسول الله أن يُقام عليْه حد الله و إن تاب , لأن التوبة لا تجُب الحد (فالقاتِل وإن تاب يُقتل ) و (الزاني وإن تاب يُجْلد أو يُرْجم ) , ولِذا كان الرسول صلى الله عليْهش وسلّم أحرْص على أن يُقام عليْهِ الحد و لو تاب و آمن


                            أما موقف النبي مع ابن أبي سرح، فابن أبي سرح كان مسلماً من كتبة القرآن، وهذا يجعله من فئة خاصة، وفوق ذلك ارتد، وهذا بحد ذاته يبيح دمه، ولكنه أيضاً فعل شيئاً مهماً كان له الدور الرئيسي في غضب محمد الكبير منه، وهو ما رواه الطبري في تفسيره (11/534):
                            ((حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء" إلى قوله:" تجزون عذاب الهون" . قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه:"سميعًا عليمًا"، كتب هو:"عليمًا حكيمًا"، وإذا قال:"عليمًا حكيمًا" كتب:"سميعًا عليمًا"، فشكّ وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! قال محمد:"سميعًا عليمًا" فقلت أنا:"عليمًا حكيمًا" ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار. فأخذوهم فعُذِّبوا حتى كفروا، وجُدِعت أذن عمار يومئذ. (2) فانطلق عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما لقي، والذي أعطاهم من الكفر، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولاه، فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا }

                            فهو إذن كاتب للقرآن ارتد وعاد إلى قومه وقام بوشاية أدت إلى تعذيب اثنين من أصحاب محمد، فنزل عليه بسبب ذلك قرآن.. وبذلك نستطيع أن نتفهم سخط النبي الشديد على ابن أبي سرح، أما إن كان لما قاله ابن أبي سرح عن كتابة القرآن أي دور، فقد يكون له لأن ابن أي سرح قال: "إن كَانَ مُحَمَّدٌ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ"، ولذلك نزلت فيه الآية " " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ "

                            وهذا طبعاً ادعاء كبير "أنه قد أوحي إليه" .


                            الأدِلّة على أن ابن أبي سرْح والنصراني قد افتريا على الله الكذِب :


                            1- الدليل الأول : أن النصراني وابن أبي سرح حين افتريا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك كُلّه لم يحدُث أي ردة جماعية نتاجاً لهذا الأمر , خاصة وأن الوحي كان عياناً بياناً بين المُسلِمين , ولو ظهر أي قدح جلي طعن في نُبُوّتِهِ صلى الله عليْهِ وسلم لكان ذلِك مُعوِّلاً لافتِضاح أمره وانتِهاء نُبُوّتِهِ , واشتِهار الرِّدة بين الناس



                            هما تحدثا بذلك بعد أن عادا إلى قومهما وبعد أن غادرا دار الإسلام، ثم ما الذي يجبر أصحاب محمد أن يصدقوا بما زعماه؟ وهل إيمان أصحاب محمد بهذا المقدار من الضعف لتحصل ردة جماعية بسبب ادعاءات اثنين؟؟.. لكن يبدو أنه بعد نزول الأحرف السبعة وإباحة القراءة بالمعنى اقتنع بعض الصحابة بحصول هاتين الحادثتين كما سيتبين لاحقاً من قول أنس بن مالك.

                            2- الدليل الثاني : لو أنهما هما من كانا يكتُبان الوحي بإملائِهِما .. فلِما لم يتوقّف الوحي على رسول الله برِدّتِهِما , ولما لم يرتد إثْر ذلِك المُسلِمون من الأنصار و المهاجِرة ؟!!....
                            هما ادعيا فقط تغيير خواتم الآي لا الإتيان بآيات كاملة.

                            3- الدليل الثالِث : لو كان ابن أبي سرْح صادِقاً , لكان أولى الناس بتصديقِهِ هو أخوه وهب بن سعد بن أبي سرْح , بل إنه هاجر من مكة إلى المدينة , و شهِد أحدا والخندق والحديبية وخيبر وقتل يوم مؤتة شهيدا في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان يوم قُتِل بن أربعين سنة. [2]


                            مسائل ترك الإيمان أو الاستمرار عليه تعود لاعتبارات كثيرة جداً ، وإن ارتد شخص لأنه رأى النبي لا يمانع تبديل خواتم الآي فهذا لا يعني أن أخاه سيرتد!.
                            ثم إن أنس بن مالك أولى عندي من وهب.. فالرواية بحد ذاتها تثبت مصداقية ما أخبر به النصراني، فالخبر ينقله أنس بن مالك، ومسألة تغييره في نص القرآن ذكرها أنس على أنها حقيقة وليست من ادعائه، وإلا فكيف يُعقل أن يذكر مثل هذه "الفرية العظيمة" دون أن يسبقها بـ "زعم" أو "ادعى" أو حتى بـ"قال"، بل يذكرها بنفس الطريقة التي ذكر بها الحقائق الأخرى في الرواية؟ انظر في نص الرواية من مسند أحمد:
                            12236 - عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يَعْنِى عَظُمَ - فَكَانَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُمْلِى عَلَيْهِ غَفُوراً رَحِيماً فَيَكْتُبُ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ لَهُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ « اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ ». وَيُمْلِى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ اكْتُبْ سَمِيعاً بَصِيراً فَيَقُولُ اكْتُبِ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ.فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ مَا شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ ».
                            تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين اهـ

                            أما دليلك الرابع المنقسم إلى ستة أجزاء، فتحدثت في الجزء الأول عن أن المعول في حفظ القرآن هو حفظ الصدور لا الكتابة، ولكن فاتك أن النبي كان يأمر بكتابة الآيات فور نزولها - كما في بعض الروايات كرواية نزول آية "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" - ، وهذا يعني أنه في الفترة المدنية كان القرآن يُدوَّن أولاً ثم تُنشر الآيات ويحفظها الحفاظ، وعليه فإن الآيات التي كتبها الكاتبان هى على الأرجح مما كان حديث النزول ومما لم يكن معلوماً إلا لقلة - النبي والذين كانوا معه لحظة نزول الآيات - . لذلك لا غرابة أن يقوما بتغيير خواتم الآي بعد إذن النبي ثم تمضي هذه التغييرات على أنها قرآن، وكما أشرت أنت بنفسك في الجزء السادس:

                            6- ثم إن قوْله : ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له ... نقول أنه كاف لإنهاء الشُبْهة أصلاً , لأن رسول الله صلّى الله عليْهِ وسلّم كان يُراجع مع الكتبة ما كتبوه ... فيُقوِّم ما أخطئوا فيه , ولِذا فلو كان رسول الله لا يدْري ما كتبوا لما راجع ولما قوّم ما أخطئتْهُ أيْديهِم !!! .. ودليلُنا في ذلِك .. ما قد ورد عن زيد بن ثابت انه قال كنت اكتب الوحى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يملى على فإذا فرغت قال اقرأه فأقرؤه فان كان فيه سقط أقامه.[22]


                            إذاً الكاتب بعد أن يكتب فإنه يعرض ما كتب على النبي، لدينا في الروايات أن الكاتبين كانا يسألان النبي عن الخاتمة التي يريدها للآية فيقول لهما: أيهما شئت، إذاً التغييرات التي يفعلونها هى من ضمن اختيارات محددة ومسموحة من النبي ولذلك بعد أن يختار الكاتب النهاية التي شاءها، فإنه يعرض ما كتبه على النبي الذي يسمع حينها الصيغة النهائية للآية ، فينقل النبي الآية مشافهة إلى أصحابه وتصبح اختيارات الكتبة هى القرآن الرسمي حفظاً وكتابة.

                            5- الدليل الخامِس : لنُمسِك بيدِنا ما قد جاء في الرواية الثامِنة عشر وفيها , "..... فارتد مشركاً راجعاً إلى قريش، فقال: والله إني لأصرفه حيث أريد، إنه ليملي عليَّ فأقول: أو كذا أو كذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يملي عليه فيقول: "عزيز حكيم" أو "حكيم عليم"، [فكان] يكتبها على أحد الحرفين، فيقول: "كلٌّ صواب".

                            وهنا نأتي على بُطلان شُبهتِهِ تماماً بِحوْل الله تعالى , فإن علِمنا أن القرآن أنْزِل على سبعةِ أحرُف [23] , وعلِمنا أن النبي رخّص لِأمّتِهِ أن يقرأوا بما تيسّر لهم تيسيراً من الله عليْهِم , وإن عرفنا أن الرسول صلى الله عليْهِ وسلّم قبل العُرضة الأخيرة وقبل أن تنْسخ هذه العُرضة من القرآن كان قد رخّص للامة القِراءة بما تيسّر لهم فجاء في مُسند أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أًَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ، إِن قُلْتَ: عَزِيز حَكِيم أو غَفُور رَحِيم فَهُوَ كَذَلِكَ، مَا لَم يُخْتَمْ آيةُ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ أَوْ آيةُ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ" ( الحديث صحيح على شرط الشيخين ).[24] , فظهر مِن هذه الرِواية هو أن هذا كان ترخيص من الله عز وجلّ لأمة محمد تخفيفاً عليْهِم كما جاء في الحديث الصحيح : ثم نُسِخ بعْد ذلِك بالعُرضة الأخيرة , ولكِن أبن أبي سرْح حين عاد إلى قوْمِهِ نسب إلى نفْسِهِ ما أثبته الرسول , وادّعى كذِباً أنه يُغيِّر ما يحلو له ... وسنُثبِت مِن كلِماتِه بُطلان ذلِك أيضاً بعد قليل في الدليل السادِس .


                            وقعت هنا في خطأ كبير، فالعبارة التي وردت في الرواية "[فكان] يكتبها على أحد الحرفين" ، "الحرفين" هنا لا تشير إلى حرفين من الأحرف السبعة، فالحرف لغة تعني الجهة، فقول الراوي "على أحد الحرفين" يعني بها "على أحد الجهتين" أو "على أحد الشكلين"، ومما سيحسم هذا الأمر هو ما سيأتي لاحقاً من الأحرف السبعة لم تكن قد نزلت أصلاً في وقت حادثة ابن أبي سرح.
                            الآن هنا أجد التباساً في أقوالك، ففي السابق كنت تنافح وتؤكد على أن الكاتبين كانا يكذبان، ولكن هنا نجدك تعزو ما حصل معهما من تبديل للخواتم بأنه كان كان تبديلاً بين الأحرف السبعة، وهذا يعني أنك أصبحت مقراً على ما قالوه من قيامهم بمثل هذا التبديل، وبذلك أحتاج لتوضيح: ماهو بالضبط الشيء الذي كذبا به؟؟ فكل ما قالوه بأنهم اختاروا الخواتيم التي أرادوها من بين المجموعة التقليدية للخواتيم "سميع عليم، عزيز حكيم، غفور رحيم"، فإن أصبح ذلك عندك من الأحرف السبعة، فأين أصبحت الكذبة؟ هل هى فقط في قول ابن أبي سرح بأنه قد أوحي إليه إن كان قد أوحي إلى محمد؟؟ أم في قول النصراني "ما يدري محمد غير ما كتبت له"؟؟ هو إن كان يعني بمقولته هذه شيئاً غير تبديل خواتم الآية فمعك حق أن تكذبه، ولكنه يقصد أنه كان يختار الخاتمة التي يريدها لأن النبي كان لا يمانع من ذلك.. وأنت الآن تقر بأنها من الأحرف السبعة.. فأين ما كذبوا به تحديداًً؟

                            ومما سبق بيان واضِح جلي أن كلا الحرفين عزيز حكيم أو غفور رحيم كان قد نزل، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأهما ولِذا فحتى قولُه أن النبي كان يقول له: "اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ مِنْ هَذَينِ الحَرْفَينِ فَكُلٌّ صَوَاب" , فيه دليل على أنه لم يؤلِّف شيئاً مِن عِندِه وأنه كان رُخصة من رسول الله صلى الله عليْهِ وسلم لهم في أول الأمر , إلى أن نُسِخت فيما بعد , وهذا كان من رحمة الله بِأمّتِهِ في بدء الإسلام , فقد جاء في الحديث الصحيح في سُنن الترمذي عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمْ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ
                            "
                            .....
                            وهكذا تبيّن مما سبق أن عبدالله بن أبي سرْح زوّر في حقيقة الترخيص الإ‘لهي , وحين عاد إلى قوْمِه ادّعى لِنفسِهِ ما ليس له , وزعم أنه هو من يُغيِّر وكيفما أراد ...


                            هذا التأويل منك لا يستقيم إطلاقاً لسبب بسيط جداً وهو:
                            هل يعقل أن اثنين من كتبة القرآن لم يكونا على علم بمسألة الأحرف السبعة فيرتدا بسبب تبديل خواتم الآي؟؟؟؟؟؟
                            أن حادثة ابن أبي سرح حصلت قبل فتح مكة، والأحرف السبعة نزلت بعد فتح مكة كما قال عبد الصبور شاهين في كتابه "تاريخ القرآن" ص80-81، حيث اعتمد في ذلك على رواية البخاري في اختلاف عمر بن الخطاب وحكيم بن حزام في القراءة، يقول عبد الصبور:

                            ((لقد سنحت لنا التفاتة إلى حديث عمر بن الخطاب، وقد ورد فيه ذكر الصحابي هشام بن حكيم بن حزام، وأبوه حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، وبالنظر في ترجمة هذين الصحابيين وُجد أنهما أسلما يوم فتح مكة، وهذه معلومة فريدة لم ينظر فيها أحد ممن نصبوا لمعالجة هذه القضية من قبل. إن معنى ذلك:
                            أولاً: أن واقعة الاختلاف بين عمر وهشام في سورة الفرقان قد حدثت بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة (في آخر رمضان).
                            ثانياً: أنه ليس بمعقول أن يحدث شيء من هذا قبل انتقال هشام إلى المدينة، وتلقّيه بعض سور القرآن عن رسول الله وقد عاد الرسول إلى المدينة أوائل سنة تسع للهجرة، وهناك تلقّى هشام عن الرسول تعاليم الدين، وبعض القرآن.
                            ثالثاً: أن عمر قبل ذلك التاريخ لم يكن يعلم شيئاً عما يسمى بالأحرف السبعة، ومن باب أولى بقية الصحابة، فليس معقولاً أن يكون أمر بهذه الخطورة قد حدث من قبل ثم لا يعلم بخبره في إبّانه صحابي مثل عمر، فهو ليس سراً، بل لم يكن من شأن النبي أن يكتم هذا السر – لو كان – عن أقرب الناس إليه؛ عمر بن الخطاب.
                            رابعاً: ومن هذا كله نستنتج أن الإذن بقراءة القرآن على أحرف سبعة كان خلال السنة التاسعة للهجرة، وهى السنة التي شهدت اندفاع العرب من كل أنحاء شبه الجزيرة نحو المدينة، يعلنون إسلامهم، وهو ما يسجله القرآن في قوله في سورة النصر (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) وتلك الظروف سبق أن وصفناها في حديثنا عن المرحلة المدنية بعامة.
                            خامساً: ونستنتج أيضاً ان هذا الإذن لم يمارس تأثيره في قراءة الناس إلا أقل من عامين في حياة النبي، أي: خلال سنة تسع، وسنة عشر للهجرة، حتى لحق النبي بالرفيق الأعلى في ربيع الأول سنة إحدى عشرة على المشهور. ومعنى ذلك بداهة أن الوحي القرآني استمر ينزل على قلب النبي واحداً وعشرين عاماً على حرف واحد، وأن المجتمع كله كان يقرأ القرآن طيلة هذه المدة من حياة النبي على حرف واحد، وأن إقراء هذه المدة من حياة النبي كان على حرف واحد، وأن تدوين ما كان ينزل من القرآن كان أيضاً على حرف واحد، لا شك في هذا أبداً، بعد أن وضحت لنا المعالم التاريخية السابقة.
                            ونتيجة أخرى لا تقل أهمية، وهى مرتبة على هذا: أن كمية الوحي التي نزلت في إطار هذا الإذن كانت قليلة، فلم ينزل في السنة التاسعة إلا سور قليلة، منها: سورة التوبة، وسورة النصر، وآيات متناثرة من سور أخرى، كآية (اليوم أكملت لكم دينكم) من المائدة، والآيات الأخيرة في الربا والمداينة من سورة البقرة وغيرها.)) اهـ.

                            أما دليلك السادس فقد سبق الرد عليه.
                            شكراً جزيلاً لك.







                            تعليق


                            • #15
                              ما شاء الله لا قوة إلا بالله ... بارك الله فيكم د.أمير ... عرض ممتاز ومادة علمية أكثر من رائعة ... شكرًا جزيلًا ..

                              الزميل الفاضل " وليد غالب " للأسف ردودك تفتقر للموضوعية ...قل الحق ولو على نفسك ولا تكابر في الحق !!!

                              فلو أن كاتِباً أخطأ أو كتب غير ما أمْلي له فإن ذلِك لا علاقة له بالوحي الذي يُنقل سماعاً وشفاهاً ويُعارِضه جبريل بِهِ و يُلقيه على صدْرِه صلى الله عليْه وسلم شفاهاً من لدُن عزيز حكيم.
                              لا يتدخل الكتاب في النص القرآني بأقوال مثل "أظن" أو " أقول لكم أنا لا الرب " وغيرها من الفراغات والكلمات الغير مفهومة المعنى بالأناجيل ... بمعنى أدق لو كان هذا حدث لأصبح هناك أكثر من قرآن بأسماء كتابه !!!
                              وهذا لم ولن يحدث ..
                              القرآن في العالم أجمع واحد ونصوصه واحدة - لا أتحدث عن التراجم التي تيسر الفهم لمن لا يتحدث العربية ولكن أتحدث عن النص القرآني الذي نزل بالعربية ومازال بالعربية وسيبقى بالعربية إلى أن تقوم الساعة ...

                              اتقوا الله وقولوا الحق ولو على أنفسكم ... لم الكبر في الحق ..؟!!!



                              اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة محمد خالد, منذ 4 أسابيع
                              رد 1
                              34 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة خادم للجناب النبوى الشريف, 22 أكت, 2023, 06:48 ص
                              ردود 0
                              35 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة خادم للجناب النبوى الشريف  
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 28 أغس, 2023, 07:58 ص
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 18 ماي, 2023, 07:38 م
                              ردود 0
                              35 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              ابتدأ بواسطة Aiman93, 24 يون, 2022, 11:04 ص
                              رد 1
                              27 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عاشق طيبة
                              بواسطة عاشق طيبة
                               
                              يعمل...
                              X